43612131415161718

الإحصائيات

سورة فاطر
ترتيب المصحف35ترتيب النزول43
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.70
عدد الآيات45عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول37تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 7/14الحمد لله: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (14) عدد الآيات (3)

بعدَ أدلَّةِ البعثِ أوردَ اللهُ هنا أدلَّةَ الوحدانيةِ والقدرةِ: البحارُ وما فيها، وتعاقبُ الليلِ والنهارِ، وتسخيرُ الشمسِ والقمرِ، ثُمَّ توبيخُ من يدعُونَ ما لا يسمعُ، ولو سمعَ ما استجابَ، ثُمَّ =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (15) الى الآية رقم (18) عدد الآيات (4)

= بَيَّنَ اللهُ هنا حكمةَ العبادةِ، فنحنُ المحتاجُونَ إلى اللهِ، وهو غَنِىٌّ عنَّا وعن عبادتِنا، ثُمَّ بيانُ المسؤوليةِ الشخصيةِ فلا يُسأَلُ إنسانٌ عن ذنبِ غيرِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فاطر

التذكير بنعم الله وعظمته/ الاستسلام لله سبيل العزّة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة فاطر تشبه سورة النحل::   سورة فاطر تشبه سورة النحل في إحصاء عدد كثير من النعم، وبيان فضل الله على خلقه، وقد خاطبت السورة الناس بصفة عامة 3 مرات: 1- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (3). 2- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ (5). 3- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (15). • ففي النداء الأول تسأل السورة عن مصدر النعم، وفي النداء الثالث تبين فقر الناس إلى ربهم وغناه عنهم.
  • • ومن نعم الله التي ذكرتها السورة::   1- نعمة خلق السماوات والأرض: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (1). 2- نعمة إرسال الملائكة بالخير: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ...﴾ (1) 3- نعمة خلق الإنسان: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ...﴾ (3). 4- نعمة الرزق: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (3). 5- نعمة الهداية: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ...﴾ (8) 6- نعمة الإنذار والإعذار: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (24). 7- نعمة إهلاك الظالمين: ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (26). 8- نعمة القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ...﴾ (29). 9- نعمة الفوز بالجنان والنجاة من النار: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ...﴾ (33). 10- نعمة الاستخلاف في الأرض: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (39). 11- نعمة الآثار المبثوثة والعبر الناطقة: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ (44). 12- نعمة الإمهال والحلم: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (45).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «فاطر».
  • • معنى الاسم ::   فاطر: خالق ومبدع على غير مثال سبق، والفطرة: الابتداء والاختراع.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بهذا الوصف لله تعالى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الملائكة»؛ لأنه وقع في أولها وصف للملائكة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الاستسلام لله هو سبيل العزّة.
  • • علمتني السورة ::   التذلل لله تعالى والخضوع له؛ فهو الغني ونحن الفقراء إليه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
  • • علمتني السورة ::   لأأن المسلم له ثلاثة أحوال: ظالم لنفسه: يرتكب المعاصي، مقتصد: مقتصر على ما يجب عليه متجنب المعاصي، سابق بالخيرات: يؤدي ما فرض الله عليه متجنب للمعاصي ويكثر من النوافل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   رحمة الله بعباده وإمهالهم؛ فإذا ارتكبت معصية فبادر بالتوبة والعمل الصالح: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة فاطر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي آخر خمس سور -بحسب ترتيب المصحف- افتتحت بـ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، وهي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
    • سورة فاطر لها نسق خاص في موضوعها وسياقها، أقرب ما يكون إلى نسق سورة الرعد، فهي تشترك مع سورة الرعد في بيان قدرة الله وصفاته من خلال الآيات الكونية، ومجادلة الكفار وإبطال عقيدتهم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نكثر من حمد الله على نعمه الكثيرة.
    • أن نستسلم لله دومًا، فهذا سبيل العزة والرفعة في الدنيا.
    • أن نكثر من شكر نعم الله بالقول والفعل والعمل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ (3).
    • أن نحذر من الدنيا؛ فإنها دار الغرور: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ (5).
    • أن نحذر من اتباع الشيطان ونستعذ بالله منه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ (6).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ (8).
    • أن نحذر من دعاء غير الله، والتبرك بالأولياء والصالحين: ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ (14).
    • أن نحسن سريرتنا وعلانيتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (38).
    • ألا نسلم عقولنا لغيرنا ونتبعه دون علم: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ... بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ (40).
    • أن نستبشر ولا نخف؛ فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (43).

تمرين حفظ الصفحة : 436

436

مدارسة الآية : [12] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ ..

التفسير :

[12] وما يستوي البحران:هذا عذب شديد العذوبة، سَهْلٌ مروره في الحلق يزيل العطش، وهذا مِلْح شديد الملوحة، ومِن كلٍّ من البحرين تأكلون سمكاً طريّاً شهيَّ الطعم، وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمَرْجان تَلْبَسونها، وترى السفن فيه شاقات المياه؛ لتبتغوا من فضله من

هذا إخبار عن قدرته وحكمته ورحمته، أنه جعل البحرين لمصالح العالم الأرضي كلهم، وأنه لم يسوِّ بينهما، لأن المصلحة تقتضي أن تكون الأنهار عذبة فراتا، سائغا شرابها، لينتفع بها الشاربون والغارسون والزارعون، وأن يكون البحر ملحا أجاجا، لئلا يفسد الهواء المحيط بالأرض بروائح ما يموت في البحر من الحيوانات ولأنه ساكن لا يجري، فملوحته تمنعه من التغير، ولتكون حيواناته أحسن وألذ، ولهذا قال:{ وَمِنْ كُلٍ} من البحر الملح والعذب{ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} وهو السمك المتيسر صيده في البحر،{ وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} من لؤلؤ ومرجان وغيرهما، مما يوجد في البحر، فهذه مصالح عظيمة للعباد.

ومن المصالح أيضا والمنافع في البحر، أن سخره اللّه تعالى يحمل الفلك من السفن والمراكب، فتراها تمخر البحر وتشقه، فتسلك من إقليم إلى إقليم آخر، ومن محل إلى محل، فتحمل السائرين وأثقالهم وتجاراتهم، فيحصل بذلك من فضل اللّه وإحسانه شيء كثير، ولهذا قال:{ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}

ثم ذكر- سبحانه- نوعا آخر من أنواع بديع صنعه، وعجيب قدرته، فقال:

وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ، هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ ...

والماء العذب الفرات: هو الماء السائغ للشرب، الذي يشعر الإنسان عند شربه باللذة وهو ماء الأنهار. وسمى فراتا لأنه يفرت العطش، أى: يقطعه ويزيله ويكسره.

والماء الملح الأجاج: هو الشديد الملوحة والمرارة وهو ماء البحار. سمى أجاجا من الأجيج وهو تلهب النار، لأن شربه يزيد العطشان عطشا وتعبا.

قالوا: والآية الكريمة مثل للمؤمن والكافر. فالبحر العذب: مثل للمؤمن، والبحر الملح:

مثل للكافر.

فكما أن البحرين اللذين أحدهما عذب فرات سائغ شرابه. والآخر ملح أجاج.

لا يتساويان في طعمهما ومذاقهما. وإن اشتركا في بعض الفوائد- فكذلك المؤمن والكافر، لا يتساويان في الخاصية العظمى التي خلقا من أجلها، وهي إخلاص العبادة لله الواحد القهار، وإن اشتركا في بعض الصفات الأخرى كالسخاء والشجاعة- لأن المؤمن استجاب لفطرته فآمن بالحق، أما الكافر فقد عاند فطرته، فأصر على الكفر.

وقوله: وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا بيان لبعض النعم التي وهبها- سبحانه- لعباده من وجود البحرين.

أى: ومن كل واحد منهما تأكلون لحما طريا، أى: غضا شهيا مفيدا لأجسادكم، عن طريق ما تصطادونه منهما من أسماك وما يشبهها.

قال بعض العلماء. وفي وصفه بالطراوة، تنبيه إلى أنه ينبغي المسارعة إلى أكله، لأنه يسرع إليه الفساد والتغيير. وقد أثبت الطب أن تناوله بعد ذهاب طراوته من أضر المأكولات فسبحان الخبير بشئون خلقه..

وفيه- أيضا- إيماء إلى كمال قدرته- تعالى- حيث أوجد هذا اللحم الطري النافع في الماء الملح الأجاج الذي لا يشرب.

وقد كره العلماء أكل الطافي منه على وجه الماء، وهو الذي يموت حتف أنفه في الماء فيطفو على وجهه، لحديث جابر بن عبد الله، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «ما نضب عنه الماء فكلوه. وما لفظه الماء فكلوه، وما طفا- على وجه الماء- فلا تأكلوه» .

فالمراد من ميتة البحر في حديث: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» ما لفظه البحر لا ما مات فيه من غير آفة».

وقوله- تعالى-: وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها بيان لنعمة ثانية من النعم التي تصل إلى الناس عن طريق البحرين.

والحلية- بكسر الحاء-: اسم لما يتحلى به الناس، ويتزينون بلبسه، وجمع حلية: حلى وحلى- بكسر الحاء وضمها- يقال: تحلت المرأة إذا لبست الحلي.

أى: ومن النعم التي تصل إليكم عن طريق البحرين، استخراجكم منهما ما ينفعكم، وما تتحلى به نساؤكم، كاللؤلؤ والمرجان وغيرهما.

والتعبير بقوله: وَتَسْتَخْرِجُونَ يشير إلى كثرة الإخراج. فالسين والتاء للتأكيد. كما يشير بأن من الواجب على المسلمين، أن يباشروا بأنفسهم استخراج ما في البحرين من كنوز نافعة، وأن لا يتركوا ذلك لأعدائهم.

وأسند- سبحانه- لباس الحلية إلى ضمير جمع الذكور، فقال تَلْبَسُونَها على سبيل التغليب، وإلا فإن هذه الحلية يلبسها النساء في الأعم الأغلب من الأحوال.

قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: تَلْبَسُونَها أى: تلبسها نساؤكم وأسند الفعل إلى ضمير الرجال، لاختلاطهم بهن، وكونهم متبوعين، أو لأنهم سبب لتزينهن فإن النساء يتزين- في الغالب- ليحسن في أعين الرجال..» .

وقال بعض العلماء: وفي الآية دليل قرآنى واضح على بطلان دعوى بعض العلماء من أن اللؤلؤ والمرجان، لا يستخرجان إلا من البحر الملح خاصة» .

وقوله- تعالى- وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ بيان لنعمة ثالثة من نعمه- تعالى- عن طريق وجود البحار في الأرض.

وأصل المخر: الشق. يقال مخرت السفينة البحر إذا شقته وسارت بين أمواجه، ومخر الماء الأرض إذا شقها.

أى: وترى- أيها العاقل- ببصرك السفن في كل من البحرين مَواخِرَ أى تشق الماء بمقدماتها، وتسرع السير فيه من جهة إلى جهة..

والضمير في قوله فِيهِ يعود إلى البحر الملح، لأن أمر الفلك فيه أعظم من أمرها في البحر العذب، وإن كانت السفن تجرى في البحرين.

ويجوز أن يكون الضمير في قوله فِيهِ يعود إلى جنس البحر. أى: وترى السفن تشق كل بحر، لتسير فيه من مكان إلى مكان..

واللام في قوله- تعالى-: لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام السابق.

أى: أوجدنا البحرين، وسخرناهما لمنفعتكم، لتطلبوا أرزاقكم فيهما، وهذه الأرزاق هي من فضل الله- تعالى- عليكم، ومن رحمته بكم، ولعلكم بعد ذلك تشكروننا على آلائنا ونعمنا، فإن من شكرنا زدناه من خيرنا وعطائنا.

يقول تعالى منبها على قدرته العظيمة في خلقه الأشياء المختلفة : وخلق البحرين العذب الزلال ، وهو هذه الأنهار السارحة بين الناس ، من كبار وصغار ، بحسب الحاجة إليها في الأقاليم والأمصار ، والعمران والبراري والقفار ، وهي عذبة سائغ شرابها لمن أراد ذلك ، ( وهذا ملح أجاج ) ، وهو البحر الساكن الذي تسير فيه السفن الكبار ، وإنما تكون مالحة زعاقا مرة ، ولهذا قال : ( وهذا ملح أجاج ) ، أي : مر .

ثم قال : ( ومن كل تأكلون لحما طريا ) يعني : السمك ، ( وتستخرجون حلية تلبسونها ) ، كما قال تعالى : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) [ الرحمن : 22 ، 23 ] .

وقوله : ( وترى الفلك فيه مواخر ) أي : تمخره وتشقه بحيزومها ، وهو مقدمها المسنم الذي يشبه جؤجؤ الطير - وهو : صدره .

وقال مجاهد : تمخر الريح السفن ، ولا يمخر الريح من السفن إلا العظام .

وقوله : ( لتبتغوا من فضله ) أي : بأسفاركم بالتجارة ، من قطر إلى قطر ، وإقليم إلى إقليم ، ( ولعلكم تشكرون ) أي تشكرون ربكم على تسخيره لكم هذا الخلق العظيم ، وهو البحر ، تتصرفون فيه كيف شئتم ، وتذهبون أين أردتم ، ولا يمتنع عليكم شيء منه ، بل بقدرته قد سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ، الجميع من فضله ومن رحمته .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)

يقول تعالى ذكره: وما يعتدل البحران فيستويان؛ أحدهما عذب فرات، والفرات: هو أعذب العذب، وهذا ملح أجاج يقول: والآخر منهما ملح أجاج وذلك هو ماء البحر الأخضر، والأجاج: المر وهو أشد المياه ملوحة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) والأجاج: المر.

وقوله ( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا ) يقول: ومن كل البحار تأكلون لحمًا طريًّا، وذلك السمك من عذبهما الفرات وملحهما الأجاج (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) يعني: الدر والمرجان تستخرجونها من الملح الأجاج، وقد بيَّنا قبل وجه (تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً) وإنما يستخرج من الملح، فيما مضى بما أغنى عن إعادته.(وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) يقول تعالى ذكره: وترى السفن في كل تلك البحار مواخر تمخر الماء بصدورها، وذلك خرقها إياه إذا مرت واحدتها ماخرة، يقال منه: مَخَرت تَمْخُر وتمخَر مخرًا، وذلك إذا شقت الماء بصدورها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا) أي: منهما جميعًا(وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا) هذا اللؤلؤ(وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) فيه السفن مقبلة ومدبرة بريح واحدة.

حدثنا علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ) يقول: جواريَ.

وقوله (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يقول: لتطلبوا بركوبكم في هذه البحار في الفلك من معايشكم، ولتتصرفوا فيها في تجاراتكم، وتشكروا الله على تسخيره ذلك لكم، وما رزقكم منه من طيبات الرزق وفاخر الحلي.

التدبر :

وقفة
[12] قال أكثر المفسرين: المراد من الآية ضرب المثل في حق الكفر والإيمان، أو الكافر والمؤمن، فالإيمان لا يشبه بالكفر في الحسن والنفع؛ كما لا يتشابه البحران: العذب الفرات والملح الأجاج.
وقفة
[12] ﴿هذا عَذبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلحٌ أُجاجٌ﴾ أرى مقارنة بين المؤمن والكافر، حقًّا لا يستويان.
وقفة
[12] ﴿وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ من كل واحد من العذب والملح تأكلون لحمًا طريًّا، وتستخرجون حلية وتلبسونها وهي اللؤلؤ والمرجان، ومن العجيب أن العلماء اكتشفوا حديثًا لآلئ رائعة الجمال في محار المياه العذبة التي تعيش في بريطانيا، وخاصة في أنهار ويلز وإسكتلندا.
وقفة
[12] ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ سبحان من جذب قلوب الشاردین عنه إليه بكثرة الإنعام، وأعانهم على شکرها بتذكيرهم بها في آيات القرآن، كي لا تضيع سدى في خضم النسيان!
وقفة
[12] ﴿مَواخِرَ﴾ فى كلمة واحدة وصف الله سبحانه جل شأنه حركة الفلك فى الماء، ورأيت فيها: القوة، الثبات، شق الموج على جانبى الفلك، السرعة، الإتزان.
وقفة
[12] ﴿لِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ﴾ كل هذه النعم لم توجد بالصدفة، إنما هى فقط فضل الله لكل الناس.

الإعراب :

  • ﴿ وَما يَسْتَوِي:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. يستوي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.
  • ﴿ الْبَحْرانِ:
  • فاعل مرفوع بالالف لانه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. ضرب سبحانه البحرين العذب والمالح مثلين للمؤمن والكافر.او بمعنى: لا يستوي الاسلام والكفر. وفي القول الكريم تشبيه واضح
  • ﴿ هذا عَذْبٌ فُراتٌ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.عذب: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. فرات: صفة-نعت-او بدل من عذب مرفوعة مثلها بالضمة. بمعنى طيب حلو. والجملة الاسمية في محل رفع صفة للبحرين
  • ﴿ سائِغٌ شَرابُهُ:
  • الجملة الاسمية بدل من عَذْبٌ فُراتٌ». سائغ: خبر هذا مرفوع بالضمة. شرابه: فاعل لاسم الفاعل «سائغ» أي بفعله وهو أيضا مرفوع بالضمة. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والمعنى: هذا بحر طيب حلو يكسر العطش مريء سهل انحداره او مدخله الى الحلق لعذوبته.
  • ﴿ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ:
  • معطوفة بالواو على هذا عَذْبٌ فُراتٌ» وتعرب اعرابها بمعنى: ملح مر يحرق بملوحته.
  • ﴿ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ:
  • الواو استئنافية. من كل: جار ومجرور متعلق بتأكلون. بمعنى: ومن كل واحد من البحرين اي ومن كل واحد منهما.او من كل منهما. فحذفت الاضافة ولهذا نونت «كل».تأكلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً:
  • لحما: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. طريا: صفة-نعت-للحما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة والواو عاطفة. تستخرجون حلية: تعرب اعراب تَأْكُلُونَ لَحْماً».
  • ﴿ تَلْبَسُونَها:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت-لحلية. تلبسون:تعرب اعراب «تأكلون» و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والمراد باللحم الطري «السمك» و «الحلية» اللؤلؤ والمرجان.
  • ﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ:
  • الواو استئنافية. ترى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. الفلك:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: السفن.
  • ﴿ فِيهِ مَواخِرَ:
  • جار ومجرور متعلق بترى. مواخر: حال من «الفلك» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-صيغة منتهى الجموع ثالث حروفه ألف بعده حرفان بمعنى وترى السفن جواري في الملح شاقات المياه. والكلمة جمع «ماخرة».
  • ﴿ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ:
  • اللام حرف جر للتعليل. تبتغوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. من فضله: جار ومجرور متعلق بتبتغوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والمعنى: لتطلبوا من فضل الله وان لم يجر له سبحانه ذكر في الآية الكريمة لدلالة المعنى عليه.وجملة «تبتغوا» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بما قبله من نعمة الله سبحانه وعطائه. أو يكون المصدر في محل نصب مفعولا لأجله.
  • ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
  • الواو عاطفة لان المعنى بتقدير: لتبتغوا ولتشكروا لان حرف الرجاء «لعل» مستعار لمعنى الارادة. وسلك به مسلك لام التعليل فجاء على تقدير لتبتغوا ولتشكروا. لعل: حرف مشبه بالفعل من اخوات «ان» والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تشكرون: تعرب اعراب «تأكلون».والجملة الفعلية «تشكرون» في محل رفع خبر «لعل» وحذف مفعولها لانه معلوم. اي لعلكم تشكرون نعمته وعطاءه.'

المتشابهات :

الفرقان: 53﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا
فاطر: 12﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     الدليل الثالث: الماء العذب والماء المالح، وما فيهما من نعم، قال تعالى:
﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سائغ:
1- اسم فاعل من «ساغ» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- سيغ، بالتشديد، على وزن «فعل» ، كسيد، وهى قراءة عيسى، وأبى عمرو، وعاصم.
3- سيغ، بالتخفيف، ورويت عن عيسى أيضا.
ملح:
1- بكسر الميم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الميم وكسر اللام، وهى قراءة أبى نهيك، وطلحة.
قال أبو الفضل الرازي: وهى لغة شاذة.

مدارسة الآية : [13] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ ..

التفسير :

[13] واللهُ يُدخل من ساعات الليل في النهار، فيزيد النهار بقَدْر ما نقص من الليل، ويُدخل من ساعات النهار في الليل، فيزيد الليل بقَدْر ما نقص من النهار، وذلَّل الشمس والقمر يجريان لوقت معلوم، ذلكم الذي فعل هذا هو الله ربكم له الملك كله، والذين تعبدون من دون

ومن ذلك أيضا، إيلاجه تعالى الليل بالنهار والنهار بالليل، يدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، كلما أتى أحدهما ذهب الآخر، ويزيد أحدهما وينقص الآخر، ويتساويان، فيقوم بذلك ما يقوم من مصالح العباد في أبدانهم وحيواناتهم وأشجارهم وزروعهم.

وكذلك ما جعل اللّه في تسخير الشمس والقمر، الضياء والنور، والحركة والسكون، وانتشار العباد في طلب فضله، وما فيهما من تنضيج الثمار وتجفيف ما يجففوغير ذلك مما هو من الضروريات، التي لو فقدت لَلَحِقَ الناس الضرر.

وقوله:{ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} أي:كل من الشمس والقمر، يسيران في فلكهما ما شاء اللّه أن يسيرا، فإذا جاء الأجل، وقرب انقضاء الدنيا، انقطع سيرهما، وتعطل سلطانهما، وخسف القمر، وكورت الشمس، وانتثرت النجوم.

فلما بين تعالى ما بيَّن من هذه المخلوقات العظيمة، وما فيها من العبر الدالة على كماله وإحسانه، قال:{ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ} أي:الذي انفرد بخلق هذه المذكورات وتسخيرها، هو الرب المألوه المعبود، الذي له الملك كله.

{ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} من الأوثان والأصنام{ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} أي:لا يملكون شيئا، لا قليلا ولا كثيرا، حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء، وهذا من تنصيص النفي وعمومه، فكيف يُدْعَوْنَ، وهم غير مالكين لشيء من ملك السماوات والأرض؟

ثم بين- سبحانه- نعما أخرى تتجلى في الليل وفي النهار، وفي الشمس والقمر، فقال:

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى..

أى: ومن مظاهر فضله عليكم، ورحمته بكم، أنه أوجد لكم الليل والنهار بهذا النظام البديع، بأن أدخل أحدهما في الآخر، وجعلهما متعاقبين، مع زيادة أحدهما عن الآخر في الزمان، على حسب اختلاف المطالع، والمغارب، وأوجد- أيضا- بفضله ورحمته الشمس والقمر لمنفعتكم، وكل واحد منهما يسير بنظام بديع محكم، إلى الأجل والوقت الذي حدده الله- تعالى- لانتهاء عمر هذه الدنيا..

والإشارة في قوله: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ... تعود إلى الخالق والموجد لتلك الكائنات العجيبة البديعة، وهو الله- عز وجل-.

أى: ذلكم الذي أوجد كل هذه المخلوقات لمنفعتكم، هو الله- تعالى- ربكم وهو وحده الذي له ملك هذا الكون، لا يشاركه فيه مشارك، ولا ينازعه في ملكيته منازع وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ أى: والذين تعبدونهم من دون الله- تعالى-، وتصفونهم بأنهم آلهة.

ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ والقطمير: القشرة البيضاء الرقيقة الملتفة على النواة.

أو هو النقطة في ظهر النواة، ويضرب مثلا لأقل شيء وأحقره.

أى: والذين تعبدونهم من دون الله- تعالى- لا يملكون معه- سبحانه- شيئا، ولو كان هذا الشيء في نهاية القلة والحقارة والصغر، كالنكتة التي تكون في ظهر النواة.

وهذا أيضا من قدرته التامة وسلطانه العظيم ، في تسخيره الليل بظلامه والنهار بضيائه ، ويأخذ من طول هذا فيزيده في قصر هذا فيعتدلان . ثم يأخذ من هذا في هذا ، فيطول هذا ويقصر هذا ، ثم يتقارضان صيفا وشتاء ، ( وسخر الشمس والقمر ) أي : والنجوم السيارات ، والثوابت الثاقبات بأضوائهن أجرام السماوات ، الجميع يسيرون بمقدار معين ، وعلى منهاج مقنن محرر ، تقديرا من عزيز عليم .

( كل يجري لأجل مسمى ) أي : إلى يوم القيامة .

( ذلكم الله ربكم ) أي : الذي فعل هذا هو الرب العظيم ، الذي لا إله غيره ، ( والذين تدعون من دونه ) أي : من الأنداد والأصنام التي هي على صورة من تزعمون من الملائكة المقربين ، ( ما يملكون من قطمير ) .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء وعطية العوفي ، والحسن ، وقتادة وغيرهم : القطمير : هو اللفافة التي تكون على نواة التمرة ، أي : لا يملكون من السماوات والأرض شيئا ، ولا بمقدار هذا القطمير .

القول في تأويل قوله تعالى : يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13)

يقول تعالى ذكره: يدخل الليل في النهار وذلك ما نقص من الليل أدخله في النهار فزاده فيه، ويولج النهار في الليل وذلك ما نقص من أجزاء النهار زاد في أجزاء الليل فأدخله فيها.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) زيادة هذا فى نقصان هذا، ونقصان هذا في زيادة هذا.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) يقول: هو انتقاص أحدهما من الآخر.

&; 20-451 &; وقوله ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى ) يقول: وأجرى لكم الشمس والقمر نعمة منه عليكم، ورحمة منه بكم؛ لتعلموا عدد السنين والحساب، وتعرفوا الليل من النهار.

وقوله (كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى ) يقول: كل ذلك يجري لوقت معلوم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمًّى ) أجل معلوم، وحد لا يقصر دونه ولا يتعداه.

وقوله (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ) يقول: الذي يفعل هذه الأفعال معبودكم أيها الناس الذي لا تصلح العبادة إلا له، وهو الله ربكم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) أي: هو الذي يفعل هذا.

وقوله (لَهُ الْمُلْكُ) يقول تعالى ذكره: له الملك التام الذي لا شىء إلا وهو في ملكه وسلطانه.

وقوله ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) يقول تعالى ذكره: والذين تعبدون أيها الناس من دون ربكم الذي هذه الصفة التي ذكرها في هذه الآيات الذي له الملك الكامل، الذي لا يشبهه ملك، صفته (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) يقول: ما يملكون قشر نواة فما فوقها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل &; 20-452 &; .

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا عوف عمن حدثه عن ابن عباس في قوله (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) قال: هو جلد النواة.

حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (مِنْ قِطْمِيرٍ) يقول: الجلد الذي يكون على ظهر النواة.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) يعني: قشر النواة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله (مِنْ قِطْمِيرٍ) قال: لفافة النواة كسحاة البيضة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) والقطمير: القشرة التي على رأس النواة.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال: ثنا مروان بن معاوية، عن جويبر عن بعض أصحابه في قوله (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) قال: هو القِمَع الذي يكون على التمرة.

حدثنا ابن بشار قال: ثنا أبو عامر قال: ثنا مرة عن عطية قال: القطمير: قشر النواة.

التدبر :

وقفة
[13] ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ تسخير البحر، وتعاقب الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر: من نعم الله على الناس، لكن الناس تعتاد هذه النعم فتغفل عنها.
وقفة
[13] ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ آفة المرء النسيان، واعتیاد رؤية النعم يمنع العبد من شكر الكريم المنان، فشكرًا لآيات القرآن أن ذكرتنا وانتشلتنا من بئر النسيان.
وقفة
[13] تميل القلوب إلى تعظيم الأكثر ملكًا، ولكن في ملك الله يستوي المالك والمملوك ﴿ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾.
وقفة
[13] ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾ أي: لا يملكون شيئًا؛ لا قليلًا ولا كثيرًا، حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء، فكيف يُدعَوْن وهم غير مالكين لشيء من ملك السماوات والأرض؟!
وقفة
[13] ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾ القطمير: القشرة الرقيقة التي تكون بين التمرة والنواة، فلا الأصنام، ولا غير الأصنام يملك من الدنيا هذا الشيء الحقير، فكيف تتذللون لهم بالطلب یا مساكين؟!
وقفة
[13] ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾ لماذا سلب الله صفة الملك عن الأصنام، بينما لم يذكر سلب وصف الخلق عنها؟ والجواب من وجهين: أحدهما: أن كل المشركين كانوا معترفين بأن لا خالق لهم إلا الله، لكنهم كانوا يقولون: إن الله فوض بعض الأمر إلى الأصنام، فقال لهم الله: لا ملك لهذه الأصنام، ولا ملكها الله شيئًا. وثانيهما: أنه يلزم من عدم الملك عدم الخلق؛ لأن من خلق شيئًا ملکه، فإذا لم يملك قطميرًا، فما خلق قليلًا ولا كثيرًا.
وقفة
[13] ﴿وَالَّذينَ تَدعونَ مِن دونِهِ ما يَملِكونَ مِن قِطميرٍ﴾ ألا يشعرون بضآلة ما يعبدون بعد آيات عدة عن ملك لا نهائى لرب قدير، عجبًا لهم وأين عقولهم؟ ألا يشعرون بحقارة ما تملك آلهتهم، يملكون اللاشئ بالفعل (قِطميرٍ).
وقفة
[13، 14] ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ ولما كشف حال الأصنام في الدنيا بما فيه تأييس من انتفاعهم بها، كشف أمرها في الآخرة بأن تلك الأصنام ينطقها الله؛ فتتبرأ من شركهم؛ أي: تتبرأ من أن تكون دعت له، أو رضيت به.
عمل
[13، 14] احذر من دعاء غير الله تعالى ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ:
  • ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.اللام للبعد والكاف للخطاب والميم علامة الجمع. بمعنى: ذلكم الجاعل لذلك كله هو الله ربكم. الله لفظ‍ الجلالة: خبر مبتدأ محذوف تقديره «هو» مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الاسمية «هو الله» في محل رفع خبر لاسم الاشارة. ربكم: خبر ثان مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. او تكون كلمة «ربكم» بدلا من لفظ‍ الجلالة بتقدير: هو ربكم. ويجوز ان يكون لفظ‍ الجلالة «الله» صفة-نعتا-لذلكم او بدلا منه او عطف بيان له و «ربكم» خبرا لذلكم. وهذا هو حكم الاعراب الا ان المعنى يأباه. فالوجه الاول اصح.
  • ﴿ لَهُ الْمُلْكُ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثالث لاسم الاشارة اي خبر بعد خبر-اخبار مترادفة-.له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. الملك:مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم اشارة مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى: «تعبدون».وجملة «تدعون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بتدعون او بحال محذوفة من «الذين» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ما: نافية لا عمل لها.يملكون: تعرب اعراب «تدعون» وجملة ما يَمْلِكُونَ» في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» بمعنى لا يملكون.
  • ﴿ مِنْ قِطْمِيرٍ:
  • حرف جر زائد للتأكيد. قطمير: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لانه مفعول به بمعنى: لا يملكون شيئا. و «القطمير» هي القشرة الرقيقة للنواة. وقيل النقطة البيضاء في ظهر النواة.'

المتشابهات :

آل عمران: 27﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ
الحج: 61﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٞ
لقمان: 29﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
فاطر: 13﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     الدليل الرابع: تعاقب الليلِ والنهارِ. الدليل الخامس: تسخير الشمسِ والقمرِ، قال تعالى:
﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تدعون:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
- بياء الغيبة، وهى قراءة عيسى، وسلام.

مدارسة الآية : [14] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ ..

التفسير :

[14] إن تدعوا -أيها الناس- هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم، ويوم القيامة يتبرؤون منكم، ولا أحد يخبرك -أيها الرسول- أصدق من الله العليم الخبير.

ومع هذا{ إِنْ تَدْعُوهُمْ} لا يسمعوكم لأنهم ما بين جماد وأموات وملائكة مشغولين بطاعة ربهم.{ وَلَوْ سَمِعُوا} على وجه الفرض والتقدير{ مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} لأنهم لا يملكون شيئا، ولا يرضى أكثرهم بعبادة من عبده، ولهذا قال:{ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} أي:يتبرأون منكم، ويقولون:{ سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ}

{ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} أي:لا أحد ينبئك، أصدق من الله العليم الخبير، فاجزم بأن هذا الأمر، الذي نبأ به كأنه رَأْيُ عين، فلا تشك فيه ولا تمتر. فتضمنت هذه الآيات، الأدلة والبراهين الساطعة، الدالة على أنه تعالى المألوه المعبود، الذي لا يستحق شيئا من العبادة سواه، وأن عبادة ما سواه باطلة متعلقة بباطل، لا تفيد عابده شيئا.

ثم أكد- سبحانه- هذا المعنى وقرره فقال: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ....

أى: إن هذه المعبودات الباطلة لا تملك من شيء مع الله- تعالى-، بدليل أنكم إن تدعوهم لنفعكم، لن يسمعوا دعاءكم، وإن تستغيثوا بهم عند المصائب والنوائب، لن يلبوا استغاثتكم..

وَلَوْ سَمِعُوا على سبيل الفرض والتقدير مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ لأنهم لا قدرة لهم على هذه الاستجابة لعجزهم عن ذلك.

وَيَوْمَ الْقِيامَةِ الذي تتجلى فيه الحقائق، وتنكشف الأمور يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ.

أى: يتبرءون من عبادتكم لهم، ومن إشراككم إياهم العبادة مع الله- تعالى-، فضلا عن عدم استجابتهم لكم إذا دعوتموهم لنصرتكم.

وَلا يُنَبِّئُكَ أى: ولا يخبرك بهذه الحقائق التي لا تقبل الشك أو الريب.

مِثْلُ خَبِيرٍ أى: مثل من هو خبير بأحوال النفوس وبظواهرها وببواطنها. وهو الله- عز وجل-، فإنه- سبحانه- هو الذي يعلم السر وأخفى.

وبهذا نرى الآيات الكريمة، قد طوفت بنا في أرجاء هذا الكون، وساقت لنا ألوانا من نعم الله- تعالى- على الناس، كالرياح، والسحاب، والأمطار والبحار، والليل والنهار، والشمس والقمر ... وهي نعم تدل على وحدانية المنعم بها، وعلى قدرته- عز وجل- وفي كل ذلك هداية إلى الحق لكل عبد منيب.

ثم وجه- سبحانه- نداء ثالثا إلى الناس، نبههم فيه إلى فقرهم إليه- سبحانه-، وإلى غناه عنهم، وإلى مسئولية كل إنسان عن نفسه، وإلى وظيفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم الذي أرسله إليهم، وإلى الفرق الشاسع بين الإيمان والكفر، وإلى سوء مصير المكذبين، فقال- تعالى-:

ثم قال : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ) يعني الآلهة التي تدعونها من دون الله لا يسمعون دعاءكم ; لأنها جماد لا أرواح فيها ( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) أي : لا يقدرون على ما تطلبون منها ، ( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) ، أي : يتبرءون منكم ، كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ] ، وقال : ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) [ مريم : 81 ، 82 ] .

وقوله : ( ولا ينبئك مثل خبير ) أي : ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه ، مثل خبير بها .

قال قتادة : يعني نفسه تبارك وتعالى ، فإنه أخبر بالواقع لا محالة .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)

قوله ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) &; 20-453 &; يقول تعالى ذكره: إن تدعوا أيها الناس هؤلاء الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا يسمعوا دعاءكم؛ لأنها جماد لا تفهم عنكم ما تقولون ( وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) يقول: ولو سمعوا دعاءكم إياهم، وفهموا عنكم أنها قولكم، بأن جعل لهم سمع يسمعون به، ما استجابوا لكم؛ لأنها ليست ناطقة، وليس كل سامع قولا متيسرًا له الجواب عنه، يقول تعالى ذكره للمشركين به الآلهة والأوثان: فكيف تعبدون من دون الله من هذه صفته، وهو لا نفع لكم عنده، ولا قدرة له على ضركم، وتدعون عبادة الذي بيده نفعكم وضركم، وهو الذي خلقكم وأنعم عليكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) أي: ما قبلوا ذلك عنكم، ولا نفعوكم فيه.

وقوله ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) يقول تعالى ذكره للمشركين من عبدة الأوثان: ويوم القيامة تتبرأ آلهتكم التي تعبدونها من دون الله من أن تكون كانت لله شريكًا في الدنيا.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) إياهم ولا يرضون ولا يقرون به.

وقوله (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) يقول تعالى ذكره: ولا يخبرك يا محمد عن آلهة هؤلاء المشركين وما يكون من أمرها وأمر عَبَدَتها يوم القيامة؛ من تبرئها منهم، وكفرها بهم، مثل ذي خبرة بأمرها وأمرهم، وذلك الخبير هو الله الذي لا يخفى عليه شيء كان أو يكون سبحانه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل &; 20-454 &; .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) والله هو الخبير أنه سيكون هذا منهم يوم القيامة.

التدبر :

وقفة
[14] سفه عقول المشركين حين يدعون أصنامًا لا تسمع ولا تعقل ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾.
وقفة
[14] ﴿إِن تَدعوهُم لا يَسمَعوا دُعاءَكُم وَلَو سَمِعوا مَا استَجابوا لَكُم﴾ فالمشكلة ليست فى آذانهم، إنما فى قلوب طُمست من فرط البعد عن الحق.
وقفة
[14] ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ يحيي الله بقدرته الأصنام يوم القيامة؛ حتى تنطق وتخبر أنها لم تكن أهلًا للعبادة.
وقفة
[14] ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ لما كان مستغربًا أن ينطق الخشب والحجر يوم القيامة، ويكذب عابده، وهو مما يرفضه العقل لولا أن الله أخبر به، ختم الله الآية بألا أحد ينبأك بهذا الخبر أصدق من الله العليم الخبير، فاجزم بحصول هذا لأنه واقع لا محالة ولا تشك فيه مثقال ذرة.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ تَدْعُوهُمْ:
  • حرف شرط‍ جازم. تدعوا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين اي الاوثان في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يسمعوا: فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. دعاءكم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. اي بمعنى لا تسمع الاوثان دعاءكم لانها جماد فهم صم.
  • ﴿ وَلَوْ سَمِعُوا:
  • الواو عاطفة. لو: حرف شرط‍ غير جازم. سمعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة وحذف مفعولها. اي ولو سمعوا دعاءكم او ولو سمعوه.
  • ﴿ مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب بمعنى: ولو سمعوه على سبيل الفرض لما اجابوكم لتبرئهم منكم.وحذفت اللام الواقعة في جواب «لو».استجابوا: تعرب اعراب «سمعوا» و «لكم» جار ومجرور متعلق باستجابوا والميم علامة جمع الذكور و «ما» نافية لا عمل لها.
  • ﴿ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ:
  • الواو استئنافية. يوم: ظرف زمان-مفعول فيه-منصوب على الظرفية متعلق بيكفرون وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. القيامة:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بشرككم: جار ومجرور متعلق بيكفرون والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى: ويكفرون باشراككم اياهم.
  • ﴿ وَلا يُنَبِّئُكَ:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. ينبئك: فعل مضارع مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح-ضمير المخاطب-في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى: ولا يخبرك بالامر.
  • ﴿ مِثْلُ خَبِيرٍ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. خبير: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: ولا يخبرك بالامر مخبر هو مثل خبير عالم به.اي ان هذا الذي اخبرتكم به من حال الاوثان هو الحق لاني خبير.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد ما سبق من الأدلة على وحدانية الله وقدرته واستحقاقه العبادة؛ بَيَّنَ سبحانه هنا حالَ هؤلاء الذين يدعونهم من دون الله بأنهم لا ينفعون ولا يضرون، قال تعالى: ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) ولَمَّا كُشِفَ حالُ الأصْنامِ في الدُّنيا بما فيه تَأْييسٌ من انتِفاعِهِم بها فيها؛ كُمِّلَ كَشْفُ أمْرِها في الآخِرةِ بأنَّ تلك الأصْنامَ يُنطِقُها اللهُ، فتَتبرَّأَ من شِركِهم، قال تعالى:
﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء ..

التفسير :

[15] يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء، لا تستغنون عنه طرفة عين، وهو سبحانه الغنيُّ عن الناس وعن كل شيء من مخلوقاته، الحميدُ في ذاته وأسمائه وصفاته، المحمود على نِعَمه؛ فإن كلَّ نعمة بالناس منه، فله الحمد والشكر على كلِّ حال.

يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه:

فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.

فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.

فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.

فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.

فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.

فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.

فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.

فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها.

{ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} أي:الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.

ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].

وقوله- تعالى-: يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ ... نداء منه- سبحانه- للناس، يعرفهم فيه حقيقة أمرهم، ولأنهم لا غنى لهم عن خالقهم- عز وجل-.

أى: يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله- تعالى- في كل شئونكم الدنيوية والأخروية وَاللَّهُ- تعالى- وحده هو الغنى، عن كل مخلوق سواه، وهو الْحَمِيدُ أى:المحمود من جميع الموجودات، لأنه هو الخالق لكل شيء، وهو المنعم عليكم وعلى غيركم بالنعم التي لا تحصى.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم عرف الفقراء؟ قلت: قصد بذلك أن يريهم أنه لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم، لأن الفقر مما يتبع الضعف، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر، وقد شهد الله- سبحانه- على الإنسان بالضعف في قوله: وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ولو نكر لكان المعنى: أنتم بعض الفقراء».

وجمع- سبحانه- في وصف ذاته بين الغنى والحميد، للإشعار بأنه- تعالى- بجانب غناه عن خلقه، هو الذي يفيض عليهم من نعمه، وهو الذي يعطيهم من خيره وفضله، ما يجعلهم يحمدونه بألسنتهم وقلوبهم.

قال الآلوسى: قوله الْحَمِيدُ أى: المنعم على جميع الموجودات، المستحق بإنعامه للحمد، وأصله المحمود، وأريد به ذلك عن طريق الكناية، ليناسب ذكره بعد فقرهم، إذ الغنى لا ينفع الفقير إلا إذا كان جوادا منعما، ومثله مستحق للحمد، وهذا كالتكميل لما قبله..».

يخبر تعالى بغنائه عما سواه ، وبافتقار المخلوقات كلها إليه ، وتذللها بين يديه ، فقال : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ) أي : هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات ، وهو الغني عنهم بالذات; ولهذا قال : ( والله هو الغني الحميد ) أي : هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له ، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ، ويقدره ويشرعه .

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)

يقول تعالى ذكره: يا أيها الناس أنتم أولو الحاجة والفقر إلى ربكم فإياه فاعبدوا، وفي رضاه فسارعوا، يغنكم من فقركم، وتُنْجِح لديه حوائجكم (وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ) عن عبادتكم إياه وعن خدمتكم، وعن غير ذلك من الأشياء؛ منكم ومن غيركم (الْحَمِيدُ) يعني: المحمود على نعمه؛ فإن كل نعمة بكم وبغيركم فمنه، فله الحمد والشكر بكل حال.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ نحن ننصدم في الناس، ليس لأنهم سيئون بالضرورة، لكن لأنهم سيظلون فقراء، إنهم عاجزون عن تقديم ما نأمله منهم.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ نحن فقراء يا صديقي، لا تنتظر منا الكثير، نحن لا نملك إلا القليل، والقليل فقط من أي شيء، نريد منك قليلًا من التسامح أيها الفقير أيضًا.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه: 1- فقراء في إيجادهم؛ فلولا إيجاده إياهم لم يوجدوا. 2- فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح التي لولا إعداده إياهم بها لما استعدوا لأي عمل كان. 3- فقراء في إمدادهم بالأقوات، والأرزاق، والنعم الظاهرة والباطنة؛ فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور لما حصل لهم من الرزق والنعم شيء. 4- فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد؛ فلولا دفعه عنهم وتفريجه لكرباتهم وإزالته لعسرهم لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.
عمل
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ كلُّ من حولكَ شركاءُ معكَ في الفقرِ، أرحْ نفسكَ من البحثِ عن شيءٍ عندهم.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ الافتقار إلى الله صفة لازمة للبشر، والغنى صفة كمال لله.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ الفقر لله أن تستغني به وحده.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ لما افتقروا إلى الله اغتنوا به عن كل أحد.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ هذه بشارة من ربنا: نحن أغنياء عن كل أحد، عن كل شئ، فقراء فقط إلى الله.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ أرأيتَ فقرًا أفضل من غنى؟ إنه الفقر إلى ﷲ، كلما زاد فقرك لربك زاد توفيقه لك.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ ولهذا: فالله لنا يمثل كل شيء.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ إلى (الله) فقط، نحن من يصنع الحاجة في قلوبنا لغيره، لم يخلقنا لنفتقر لأحد في أي شيء سواه.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ الفقير إلى الله هو من استغني بالله عن الناس، فصار أغنى الناس.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ كَتَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «يَا أَخِي، مَنْ اسْتَغْنَى بِاَللَّهِ اكْتَفَى، وَمَنْ انْقَطَعَ إلَى غَيْرِهِ تَعَنَّى». تَعَنَّى: تعب.
عمل
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ أنت لا تحتاج الى شهود ولا بينة، ربك يعلم أنك فقير حقًّا؛ ارفع طلبك فقط.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ قرر السلف أن كل باب من أبواب العبادة مزدحم بالعباد؛ إلا باب الافتقار، فالناس عليه قليل.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ فالفقير يحتاج إليه كي يغنيه، والمريض يحتاج إليه كي يشفيه، وهذا المضطر وصاحب الكربة يحتاج إليه كي ينجيه.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾ فقراء إلى رحمته، فقراء إلى عفوه، فقراء إلى فضله وكرمه، اللهم اغننا بك عن كل من سواك.
وقفة
[15] من استغنى بالله أغناه، ومن افتَقر إليه رزقه ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ﴾.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ محتاجون إلى ربنا الغني في كل لحظة، وكل حركة، وكل أمر، ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله.
وقفة
[15] ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ﴾ نعم، علمنا وشهدنا بحالنا، الفقير الضعيف إليك يا أرحم الراحمين؛ فارحمنا.
وقفة
[15] ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ﴾ رددها كثيرًا لكيلا يصيبك الغرور.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ آية كلما سمعتها عرفت حقيقتي، وعرفت ربي.
وقفة
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ الفقر إلى الله عز وجل هو عين الغني به، فأفقر الناس إلى الله أغناهم به، وأذلهم له أعزهم، وأضعفهم بين يديه أقواهم، وأجهلهم عند نفسه أعلمهم بالله.
عمل
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ ابق قويًا عزيزًا غنيًّا أمام الآخرين، ‏ثم اذهب ‏وعِش ضعفك وفقرك كاملًا أمام الله.
عمل
[15] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُإِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ أثبت فقرنا إليه، ثم دلنا عليه، فهو الغنى فلنطلب منه كل شئ، والحميد فلنحمده على كل شئ.
عمل
[15] ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ﴾ نعم نحن فقراء بالمال وبحاجة إلى الله، فقراء بالعلم وبحاجة إلى الله، فقراء بالحكمة وبحاجة إلى الله، فقراء بالقوة وبحاجة إلى الله، فقراء في كل شيء وبحاجة إلى الله؛ فاطلب من الله حاجتك دائمًا.
وقفة
[15] العبد له في كل نفس ولحظة وطرفة عين عدة حوائج إلى الله، لا يشعر بكثير منها، فأفقر الناس إلى الله من شعر بهذه الحاجات، وطلبها من معدنها بطريقها: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
وقفة
[15] الله سبحانه أقرب إلى القلوب المنكسرة له ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
عمل
[15] إذا رأيت فقيرًا لا تتجاوزه، جنيه واحد ينفعه ولا يضرك، وغدًا لا تجده وقد يجدك، وتذكر فقرك بين يدي الله ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
وقفة
[15] توبة رافضي: قال: «لما تأملت: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ﴾، قلت: علي فقير، والأئمة فقراء، فلماذا ندعوهم من دون ﷲ؟! فظهر لي الحق وارتاحت نفسي».
وقفة
[15] ﴿أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ بدأ بفقر الناس قبل غناه سبحانه؛ لأن من عرف ذاته البشرية على الحقيقة عرف ربه على الكمال.
عمل
[15] لا تتشبث بأحد من الخلق، فكلهم على حدٍ واحد، لهم وصف واحد وهو الفقر ﴿وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
وقفة
[15] ﴿هو الغني الحميد﴾ قرن بين الغنى والحمد؛ لأن كل غني لا يحمد إلا إذا أعطى، أما الله فيحمد حتى على المنع.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ:
  • اعربت في الآية الكريمة الثالثة. انتم:ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الفقراء: خبره مرفوع بالضمة.
  • ﴿ إِلَى اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «الفقراء» بمعنى الفقراء المحتاجون الى فضل الله.
  • ﴿ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ:
  • الواو عاطفة. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. هو: مبتدأ ثان وهو ضمير منفصل في محل رفع. الغني الحميد: خبران للمبتدإ «هو».والجملة الاسمية هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» في محل رفع خبر المبتدأ الاول «الله».ويجوز ان تكون «هو» ضمير فصل او عماد لا محل لها من الاعراب. ويكون الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» خبرين للفظ‍ الجلالة. ويجوز ان يكون «الحميد» صفة-نعتا-للغني. والمعنى: والله هو الغني عنكم وعن شكركم المحمود لانه جدير بذلك.'

المتشابهات :

الحج: 64﴿وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
لقمان: 26﴿لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
فاطر: 15﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
الحديد: 24﴿وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
الممتحنة: 6﴿لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِيهِمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أدلة وحدانية الله وقدرته واستحقاقه العبادة، وأن ما يعبد من دون الله لا ينفع ولا يضر؛ يأتي النداءُ الثالثُ لعموم البشر، والمشركين على وجه الخصوص؛ لتذكيرهم بنعم الله عليهم، وأن جميع الناس محتاجون إلى اللهِ، وهو غَنِىٌّ عنَّا وعن عبادتِنا، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ ..

التفسير :

[16] إن يشأ الله يُهْلكْكم أيها الناس، ويأت بقوم آخرين يطيعونه ويعبدونه وحده.

{ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} يحتمل أن المراد:إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بغيركم من الناس، أطوع للّه منكم، ويكون في هذا تهديد لهم بالهلاك والإبادة، وأن مشيئته غير قاصرة عن ذلك.

ويحتمل أن المراد بذلك، إثبات البعث والنشور، وأن مشيئة اللّه تعالى نافذة في كل شيء، وفي إعادتكم بعد موتكم خلقا جديدا، ولكن لذلك الوقت أجل قدره اللّه، لا يتقدم عنه ولا يتأخر.

وقوله- سبحانه-: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ بيان لمظهر من مظاهر غناه عن الناس.

أى: إن يشأ- سبحانه- يهلككم ويزيلكم من هذا الوجود، ويأت بأقوام آخرين سواكم، فوجودكم في هذه الحياة متوقف على مشيئته وإرادته.

وقوله تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" أي لو شاء لأذهبكم أيها الناس وأتى بقوم غيركم.

القول في تأويل قوله تعالى : إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16)

يقول تعالى ذكره: إن يشأ يهلكُّم أيها الناس ربكم، لأنه أنشأكم من غير ما حاجة به إليكم (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) يقول: ويأت بخلق سواكم يطيعونه ويأتمرون لأمره وينتهون عمَّا نهاهم عنه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ) أي: ويأت بغيركم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16، 17] ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ أهون شيء على الله أن يستبدَلكم بقوم آخرين إن أنتم عصيتموه وما أطعتموه.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة عشرة من سورة ابراهيم.'

المتشابهات :

النساء: 133﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا
الأنعام: 133﴿وَرَبُّكَ ٱلۡغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحۡمَةِۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ
فاطر: 16﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
ابراهيم: 19﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّه الغنيُّ على الإطلاقِ؛ ذكَرَ هنا ما يدُلُّ على استِغنائِه عن العالَم، وأنَّه ليس بمُحتاجٍ إليهم، لا يضره من أعرضَ عن الإسلام، ولو شاء لأبادهم، وأتى بخلقٍ جديدٍ يوحدونه، قال تعالى:
﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

التفسير :

[17] وما إهلاككم والإتيان بخلق سواكم على الله بممتنع، بل ذلك على الله سهل يسير.

{ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} أي:بممتنع، ولا معجز له.

واسم الإشارة في قوله وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ يعود على الإذهاب بهم، والإتيان بغيرهم.

وما ذلك الذي ذكرناه لكم من إفنائكم والإتيان بغيركم، بعزيز، أى: بصعب أو عسير أو ممتنع على الله- تعالى-، لأن قدرته- تعالى- لا يعجزها شيء.

ولهذا قال تعالى: "وما ذلك على الله بعزيز" وما هذا عليه بصعب ولا ممتنع.

وقوله (وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) يقول: وما إذهابكم والإتيان بخلق سواكم على الله بشديد، بل ذلك عليه يسير سهل، يقول: فاتقوا الله أيها الناس، وأطيعوه قبل أن يفعل بكم ذلك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ وَما ذلِكَ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية بمنزلة «ليس» عند الحجازيين ونافية لا عمل لها عند بني تميم. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» على اللغة الاولى. ومبتدأ على اللغة الثانية واللام للبعد والكاف للخطاب.
  • ﴿ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بالخبر. بعزيز: الباء حرف جر زائد للتأكيد. عزيز: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على اللغة الاولى على انه خبر «ما» ومرفوع محلا على اللغة الثانية على انه خبر المبتدأ «ذلك» بمعنى: وليس ذلك على الله بصعب او غير ممكن.'

المتشابهات :

ابراهيم: 20﴿ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ
فاطر: 17﴿ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أنه لو شاء لأباد من أعرضَ عن الإسلام، وأتى بخلقٍ جديدٍ يوحدوه؛ بَيَّنَ هنا أنه لو شاء ذلك لكان هينًا عليه، قال تعالى:
﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ..

التفسير :

[18] ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى، وإن تَسْأل نفسٌ مثقَلَة بالخطايا مَن يحمل عنها مِن ذنوبها لم تجد من يَحمل عنها شيئاً، ولو كان الذي سألتْه ذا قرابة منها من أب أو أخ ونحوهما. إنما تحذِّر -أيها الرسول- الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب، وأدَّوا الصلاة حق أ

ويدل على المعنى الأخير، ما ذكره بعده في قوله:{ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي:في يوم القيامة كل أحد يجازى بعمله، ولا يحمل أحد ذنب أحد.{ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} أي:نفس مثقلة بالخطايا والذنوب، تستغيث بمن يحمل عنها بعض أوزارها{ لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} فإنه لا يحمل عن قريب، فليست حال الآخرة بمنزلة حال الدنيا، يساعد الحميم حميمه، والصديق صديقه، بل يوم القيامة، يتمنى العبد أن يكون له حق على أحد، ولو على والديه وأقاربه.

{ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} أي:هؤلاء الذين يقبلون النذارة وينتفعون بها، أهل الخشية للّه بالغيب، أي:الذين يخشونه في حال السر والعلانية، والمشهد والمغيب، وأهل إقامة الصلاة، بحدودها وشروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها، لأن الخشية للّه تستدعي من العبد العمل بما يخشى من تضييعه العقاب، والهرب مما يخشى من ارتكابه العذاب، والصلاة تدعو إلى الخير، وتنهى عن الفحشاء والمنكر.

{ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} أي:ومن زكى نفسه بالتنقِّي من العيوب، كالرياء والكبر، والكذب والغش، والمكر والخداع والنفاق، ونحو ذلك من الأخلاق الرذيلة، وتحلَّى بالأخلاق الجميلة، من الصدق، والإخلاص، والتواضع، ولين الجانب، والنصح للعباد، وسلامة الصدر من الحقد والحسد وغيرهما من مساوئ الأخلاق، فإن تزكيته يعود نفعها إليه، ويصل مقصودها إليه، ليس يضيع من عمله شيء.

{ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} فيجازي الخلائق على ما أسلفوه، ويحاسبهم على ما قدموه وعملوه، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

ثم بين- سبحانه- أن كل نفس تتحمل نتائج أعمالها وحدها فقال: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى.

وقوله: تَزِرُ من الوزر بمعنى الحمل. يقال: فلان وزر هذا الشيء إذا حمله. وفعله من باب «وعد» ، وأكثر ما يكون استعمالا في حمل الآثام.

وقوله وازِرَةٌ: صفة لموصوف محذوف. أى: ولا تحمل نفس آثمة، إثم نفس أخرى، وإنما كل نفس مسئولة وحدها عن أفعالها وأقوالها التي باشرتها، أو تسببت فيها.

وقوله: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى مؤكد لمضمون ما قبله، من مسئولية كل نفس عن أفعالها.

وقوله: مُثْقَلَةٌ صفة لموصوف محذوف، والمفعول محذوف- أيضا- للعلم به.

وقوله حِمْلِها أى: ما تحمله من الذنوب والآثام، إذ الحمل- بكسر الحاء- ما يحمله الإنسان من أمتعة على ظهره أو رأسه أو كتفه.

والمعنى: لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، وإن تطلب نفس مثقلة بالذنوب من نفس أخرى، أن تحمل عنها شيئا من ذنوبها التي أثقلتها، لا تجد استجابة منها، ولو كانت تلك النفس الأخرى من أقربائها وذوى رحمها.

قال- تعالى-: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً ...

وقال- سبحانه-: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هلا قيل: ولا تزر نفس وزر أخرى؟ قلت: لأن المعنى أن النفوس الوازرات لا ترى واحدة منهن إلا حاملة وزرها، لا وزر غيرها.

فإن قلت: كيف توفق بين هذا، وبين قوله: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ؟

قلت: تلك الآية في الضالين المضلين، وأنهم يحملون أثقال إضلالهم لغيرهم، مع أثقالهم، وذلك كله أوزارهم، ما فيها شيء من وزر غيرهم.

فإن قلت: فما الفرق بين معنى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وبين معنى: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ..؟

قلت: الأول في الدلالة على عدل الله- تعالى- في حكمه، وأنه- تعالى- لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها.

والثاني: في أنه لا غياث يومئذ لمن استغاث.. وإن كان المستغاث به بعض قرابتها من أب أو ولد أو أخ ...

فإن قلت: إلام أسند كان في قوله وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى؟ قلت: إلى المدعو المفهوم من قوله: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ.

فإن قلت: فلم ترك ذكر المدعو؟ قلت: «ليعم ويشمل كل مدعو..» .

وقوله- تعالى-: إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ.

كلام مستأنف مسوق لبيان من هم أهل للاتعاظ والاستجابة للحق.

أى: أنت- أيها الرسول الكريم- إنما ينفع وعظك وإنذارك. أولئك العقلاء الذين يخشون ربهم- عز وجل- دون أن يروه، أو يروا عذابه، والذين يؤدون الصلاة في مواقيتها بإخلاص وخشوع واطمئنان.

ثم حض- سبحانه- على تزكية النفوس وتطهيرها فقال: وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ أى: ومن تطهر من دنس الكفر والفسوق والعصيان. وحصن نفسه بالإيمان، والعمل الصالح، والتوبة النصوح، فإن ثمرة تطهره إنما تعود إلى نفسه وحدها، وإليها يرجع الأجر والثواب، والله- تعالى- إليه وحده مصير العباد لا إلى غيره.

فالجملة الكريمة دعوة من الله- تعالى- للناس، إلى تزكية النفوس وتطهيرها من كل سوء، بعد بيان أن كل نفس مسئولة وحدها عن نتائج أفعالها، وأن أحدا لن يلبى طلب غيره في أن يحمل شيئا عنه من أوزاره.

وقوله : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) أي : يوم القيامة ، ( وإن تدع مثقلة إلى حملها ) أي : وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها إلى أن تساعد على حمل ما عليها من الأوزار أو بعضه ، ( لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) ، أي : ولو كان قريبا إليها ، حتى ولو كان أباها أو ابنها ، كل مشغول بنفسه وحاله ، [ كما قال تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) ] [ عبس : 34 - 37 ] .

قال عكرمة في قوله : ( وإن تدع مثقلة إلى حملها ) الآية ، قال : هو الجار يتعلق بجاره يوم القيامة ، فيقول : يا رب ، سل هذا : لم كان يغلق بابه دوني . وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة ، فيقول له : يا مؤمن ، إن لي عندك يدا ، قد عرفت كيف كنت لك في الدنيا ؟ وقد احتجت إليك اليوم ، فلا يزال المؤمن يشفع له عند ربه حتى يرده إلى [ منزل دون ] منزله ، وهو في النار . وإن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة ، فيقول : يا بني ، أي والد كنت لك ؟ فيثني خيرا ، فيقول له : يا بني إني قد احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى . فيقول له ولده : يا أبت ، ما أيسر ما طلبت ، ولكني أتخوف مثل ما تتخوف ، فلا أستطيع أن أعطيك شيئا ، ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة - أو : يا هذه - أي زوج كنت لك ؟ فتثني خيرا ، فيقول لها : إني أطلب إليك حسنة واحدة تهبينها لي ، لعلي أنجو بها مما ترين . قال : فتقول : ما أيسر ما طلبت . ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا ، إني أتخوف مثل الذي تتخوف ، يقول الله : ( وإن تدع مثقلة إلى حملها ) الآية ، ويقول الله : ( لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ) [ لقمان : 33 ] ، ويقول تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) رواه ابن أبي حاتم رحمه الله ، عن أبي عبد الله الطهراني ، عن حفص بن عمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، به .

ثم قال : ( إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ) أي : إنما يتعظ بما جئت به أولو البصائر والنهى ، الخائفون من ربهم ، الفاعلون ما أمرهم به ، ( ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ) أي : ومن عمل صالحا فإنما يعود نفعه على نفسه ، ( وإلى الله المصير ) أي : وإليه المرجع والمآب ، وهو سريع الحساب ، وسيجزي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

وقوله ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) يقول تعالى ذكره: ولا تحمل آثمة إثم أخرى غيرها(وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) يقول تعالى: وإن تسأل ذاتُ ثِقَل من الذنوب من يحمل عنها ذنوبها وتطلب ذلك لم تجد من يحمل عنها شيئًا منها ولو كان الذي سألته ذا قرابة من أب أو أخ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) يقول: يكون عليه وزر لا يجد أحدًا يحمل عنه من وزره شيئًا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد ( وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ ) كنحو (لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا) إلى ذنوبها(لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) أي: قريب القرابة منها، لايحمل من ذنوبها شيئًا، ولا تحمل على غيرها من ذنوبها شيئا(وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ، ونصب " ذَا قُرْبَى " على تمام " كان " لأن معنى الكلام: ولو كان الذي تسأله أن يحمل عنها ذنوبها ذا قربى لها. وأنثت " مثقلة " لأنه ذهب بالكلام إلى النفس، كأنه قيل: وإن تدع نفس مثقلة من الذنوب إلى حمل ذنوبها، وإنما قيل كذلك لأن النفس تؤدي عن الذكر والأنثى كما قيل: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ يعني بذلك: كل ذكر وأنثى.

وقوله ( إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنما تنذر يا محمد الذين يخافون عقاب الله يوم القيامة من غير معاينة منهم لذلك، ولكن لإيمانهم بما أتيتهم به، وتصديقهم لك فيما أنبأتهم عن الله، فهؤلاء الذين ينفعهم إنذارك ويتعظون بمواعظك، لا الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قول: ( إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ) أي: يخشون النار.

وقوله (وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) يقول: وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها على ما فرضها الله عليهم.

وقوله (وَمَنْ تَزَكَّى فإِنَّمَا يَتَزكَّى لِنَفْسِهِ) يقول تعالى ذكره: ومن يتطهر من دنس الكفر والذنوب بالتوبة إلى الله، والإيمان به، والعمل بطاعته. فإنما يتطهر لنفسه، وذلك أنه يثيبها به رضا الله، والفوز بجنانه، والنجاة من عقابه الذي أعده لأهل الكفر به.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ) أي: من يعمل صالحًا فإنما يعمله لنفسه.

وقوله (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) يقول: وإلى الله مصير كل عامل منكم أيها الناس، مؤمنكم وكافركم، وبركم وفاجركم، وهو مجازٍ جميعكم بما قدم من خير وشر على ما أهل منه.

التدبر :

عمل
[18] ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ اجْعَل العدل منهجَك ولا تجعل نِزَعاتِك النَّفسيةَ سبيلًا لظلم غيرِك، فلَا تَأخُذ أحدًا بجريرةِ غيره.
وقفة
[18] هل يعذب الميت بكاء أهله عليه؟! ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الميت لا يعذب بذلك إلا إذا وصى بذلك فنفذت وصيته؛ وأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب بذلك؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾، وحملوا حديث: «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» [البخاري 1286] على ما إذا وصى بذلك.
وقفة
[18] هؤلاء الذين يدعونك إلى السوء؛ لن تجدهم حولك يوم القيامة، ولن يحمل أحدهم عنك مثقال ذرَّة ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾.
وقفة
[18] ﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ أغلى الناس لن يحمل عنك ذنبك، فذنوبك مسؤوليتك وحدك.
وقفة
[18] ﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ قال ابن عباس: «يَلقَى الأب والأم ابنه فيقول: يا بني احمل عني بعض ذنوبي، فيقول: لا أستطيع؛ حسبي ما عليَّ».
وقفة
[18] ﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ قال الفُضيل بن عِياض: «يعني الوالدة تلقي ولدها يوم القيامة، فتقول: يا بني، ألم يكن بطني لك وعاء؟! ألم يكن لك ثديي سقاء؟! فيقول: بلى يا أماه، فتقول: يا بني، قد أثقلتني ذنوبي فاحمل عني ذنبًا واحدًا، فيقول: يا أماه، إليك عني، فإني اليوم عنك مشغول».
وقفة
[18] ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ﴾ لا ينفع التخويف إلا لصاحب الخوف، أي الذين يخشون ربهم في خلواتهم، وعند غيبتهم عن العيان، غير مرائين أحدًا.
عمل
[18] لا يتمرد أحد على أوامر الله في العَلَن، إلا وقد سبق ذلك تمرده عليها في السر ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ﴾.
وقفة
[18] ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ إنما تبلغ الموعظة مداها لمن جمع بين عمل الباطن: (يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ)، وعمل الظاهر: (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ).
عمل
[18] احرص على الاتعاظ والاستفادة من الوعظ والتذكير؛ تكن من أهل خشية الله تعالى ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾.
وقفة
[18] ﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ﴾ المعنى: أن الإنذار لا ينفع إلا الذين يخشون ربهم، وليس المعنى اختصاصهم بالإنذار.
وقفة
[18] ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ﴾ أنتَ المستفيدُ حين تُقبِل على نفسِك فتطهّرها، وتطلب زكاتَها.
وقفة
[18] ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ﴾ تزكية النفس عائدة إلى العبد؛ فهو يحفظها إن شاء أو يضيعها.
وقفة
[18] ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ﴾ إنما تعامل الله لتربح عليه، فتزكيتك لنفسك، وعملك لمصلحتك، فالجنة تتهيأ لك، والحور تشتاق إليك.
وقفة
[18] صفقات رابحة تلك التي تكون في تزكية النفس؛ لأن المستفيد الأول هو أنت يا صاحب المجاهدة ﴿ومن تزكَّى فإنما يتزكَّى لنفسه﴾.
وقفة
[18] ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ﴾ [فصلت: 46]، ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ [الإسراء: ١٥]، ﴿وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ﴾، ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ [العنكبوت: ٦]، أي شيء أبلغ من هذا الحشد من الآيات في تربية القرآن لأهله ليعتنوا بتربية نفوسهم، وتعبيدها لرب العالمين؟!
وقفة
[18] ﴿وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ أنت وحدك ستقطف ثمار عملك، كلما تعبت في تربية نفسك وإصلاحها وتزكيتها؛ كلما زادت سعادتك.
عمل
[18] اقرأ كتابًا عن أعمال القلوب وأهميتها ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ﴾.
عمل
[18] تصدق بشيء من مالك، أو قم هذه الليلة بصلاة، أو اقرأ القرآن الكريم ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ﴾.
تفاعل
[18] ﴿وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ﴾ قل: «اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها؛ أنت وليها ومولاها».
وقفة
[18] ﴿وإلى الله المصير﴾ مهما شرَّقت وغرَّبت، ومهما هاجرت وفررت من ماضيك وحاضرك؛ ستحط رحالك يومًا ما عند الذي إليه المآل والمصير.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. تزر: فعل مضارع مرفوع بالضمة. وازرة: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وِزْرَ أُخْرى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أخرى: صفة -نعت-لموصوف محذوف. اي وزر نفس اخرى مجرورة وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الالف للتعذر وكذلك «وازرة» فهي صفة-نعت- لموصوف محذوف اي: ولا تزر نفس وازرة فحذف الفاعل الموصوف واقيمت الصفة مقامه. بمعنى: ولا تحمل نفس آثمة اثم نفس اخرى لان كل نفس يوم القيامة لا تحمل الا وزرها الذي اقترفته. اي لا تؤخذ نفس بذنب نفس او لا تأثم آثمة.
  • ﴿ وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ:
  • الواو استئنافية. ان؛ حرف شرط‍ جازم. تدع: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره-حرف العلة- وحذف الفاعل الموصوف واقيمت الصفة مقامه بمعنى: وان تناد نفس مثقلة بالاوزار اي بالآثام. مثقلة: صفة-نعت-للفاعل الموصوف مرفوعة بالضمة.
  • ﴿ إِلى حِمْلِها:
  • جار ومجرور متعلق بتدع و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة بمعنى الى تخفيف حملها. فحذف المضاف المجرور وحل المضاف اليه محله. ومفعول «تدعو» محذوف اختصارا لأنه معلوم.
  • ﴿ لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يحمل: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بان لانه جواب الشرط‍ وعلامة جزمه السكون. منه: جار ومجرور متعلق بيحمل. شيء: نائب فاعل مرفوع بالضمة بمعنى: لا يحمل احد منه شيئا عنها.
  • ﴿ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى:
  • الواو حالية. لو: مصدرية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على معنى «احد» اي ان «كان» اسند الى المدعو المفهوم من قوله تعالى- وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ - والمعنى: ان المثقلة اذا دعت احدا الى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان مدعوها ذا قربى. ذا: خبر «كان» منصوب بالالف لانه من الاسماء الخمسة وهو مضاف. قربى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الالف للتعذر بمعنى ولو كان المدعو قريبا لها لان كل انسان منشغل بنفسه. وجملة كانَ ذا قُرْبى» صلة «لو» المصدرية لا محل لها من الاعراب و «لو» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال من المسند الى «كان» وهو الانسان المدعو. التقدير: مفروضا كونه ذا قربى
  • ﴿ إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ:
  • كافة ومكفوفة. تنذر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت والمخاطب هو الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلّم). الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به
  • ﴿ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.يخشون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِالْغَيْبِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «يخشون» اي يخشون ربهم غائبين عن عذابه او غائبين عن الناس. أي في خلواتهم مع انفسهم.
  • ﴿ وَأَقامُوا الصَّلاةَ:
  • الواو عاطفة. اقاموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.الصلاة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وقد عطف الماضي على المضارع لانه محمول على المعنى لان المعنى: الذين خشوا ربهم واقاموا الصلاة. او على تقدير: وقد اقاموا الصلاة فتكون الواو في هذا التقدير عاطفة على حال. والجملة الفعلية بعدها في محل نصب. والوجه الثاني اصح لانه معطوف على حال.
  • ﴿ وَمَنْ تَزَكّى:
  • لواو استئنافية: من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه-جزائه-في محل رفع خبر «من».تزكى: فعل ماض فعل الشرط‍ في محل جزم بمن مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اي تطهر بفعل الطاعات وترك المعاصي.
  • ﴿ فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم والفاء واقعة في جواب الشرط‍.انما: كافة ومكفوفة. يتزكى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لنفسه: جار ومجرور متعلق بيتزكى والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ:
  • الواو استئنافية. الى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. المصير: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها من الاعراب'

المتشابهات :

الأنعام: 164﴿وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
الإسراء: 15﴿وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا
فاطر: 18﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ
الزمر: 7﴿وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
النجم: 38﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد هذا التهديد؛ طمأن اللهُ هنا المؤمنين، فبَيَّنَ أن من لم يرتكب جُرمًا ولم يكتسب إثمًا لا تناله عقوبة، فالجزاء شخصي، كل نفس مسئولة عن أقوالها وأفعالها، قال تعالى:
﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا يحمل:
1- بالياء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- لا تحمل، بفتح التاء وكسر الميم، وهى قراءة أبى السمال، عن طلحة، وإبراهيم بن زاذان، عن الكسائي.
تزكى ... يتزكى:
1- الأول فعل ماض، والثاني فعل مضارع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يزكى ... يزكى، بالياء وشد الزاى، فيهما، مضارعان، وهى قراءة إلياس، عن أبى عمرو.
3- ازكى ... يزكى، بإدغام التاء فى الزاى، واجتلاب همزة الوصل مع الأول فى الابتداء.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف