258192021222324

الإحصائيات

سورة ابراهيم
ترتيب المصحف14ترتيب النزول72
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات6.80
عدد الآيات52عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.70
ترتيب الطول33تبدأ في الجزء13
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 8/29آلر: 4/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (21) عدد الآيات (3)

لمَّا بَيَّنَ هلاكَ الكفارِ في الدُّنيا وعذابَهم في الآخرةِ بَيَّنَ هنا أنَّ خالقَ السماواتِ والأرضِ قادرٌ أن يُهلكَهم ويأتي بآخرينَ، ثُمَّ حوارُ الأتباعِ والمتبوعينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (22) الى الآية رقم (23) عدد الآيات (2)

لمَّا ذكرَ اللهُ المناظرةَ بينَ الأتباعِ والمتبوعينَ من كفرةِ الإنسِ، أتبعَها بالمناظرةِ بينَ الشيطانِ وبينَ أتباعِه من الإنسِ، وتبرؤه منهم، ثُمَّ بيانُ مصيرِ الكافرينَ، ومصيرِ المؤمنينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (24) الى الآية رقم (24) عدد الآيات (1)

لمَّا ذَكَرَ مصيرَ الكافرينَ ومصيرَ المؤمنينَ ضَرَبَ هنا =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة ابراهيم

نعمة الإيمان ونقمة الكفر/ الدعوة إلى التوحيد والشكر

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ما هي أعظم نعم الله عليك؟:   كثير من الناس إذا سئل: ما هي أعظم نعم الله عليك؟ سيجيب بالأمور المادية (المال أو البيت أو الأولاد أو الزوجة أو الوظيفة ...)، وفي المقابل إذا سئل عن أعظم مصيبة، سيجيب بالأمور الدنيوية وخسارة المال وضياع التجارة. فتأتي "سورة إبراهيم" لتصحّح هذا المفهوم وتوضح أن أعظم نعمة هي نعمة الإيمان، وأن أسوأ مصيبة هي مصيبة الكفر والبعد عن الله تعالى. وإبراهيم عليه السلام : هو نموذج لإنسان عرف أنَّ نعمة الله هي الإيمان وقدرها وشكرها، ووظف باقي ما أنعم به الله عليه لخدمة الدين
  • • إنه إبراهيم::   الخليل، المصطفى، الحليم، الأواه، المنيب، الشاكر، الأمة، الموقن، المخلص، الخيِّر.
  • • إنه إبراهيم::   أبو الأنبياء، شيخ الحنفاء، شيخ المستسلمين لرب العالمين.
  • • إنه إبراهيم::   ثاني أعظم إنسان في تاريح البشرية.
  • • إنه إبراهيم::   الذي سبق أن مررنا به في رحلتنا المباركة مع كتاب الله (في السور السابقة): • إبراهيم الذي اختبره الله بتكاليف فقام بها خير قيام: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: 124]. • إبراهيم الذي ﴿قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾، فقال: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 131]. • إبراهيم الذي وقف أمام النمرود يقول له: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: 258]. • إبراهيم الذي سأل ربه ليطمئن قلبه، وينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾ [البقرة: 260]. • إبراهيم الحنيف المسلم: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 67]. • إبراهيم الذي اتخذه الله خليلًا: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: 125]. • إبراهيم الموقن: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: 75]. • إبراهيم الأواه الحليم: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: 114]. • إبراهيم الحليم الأواه المنيب: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾ [هود: 75].
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «إبراهيم».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام .
  • • سبب التسمية ::   لتضمنها قصة إسكانه ولده إسماعيل بمكة، وشكره لله على ما أنعم عليه.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن أعظم نعمة هي نعمة الإيمان، وأن أسوأ مصيبة هي مصيبة الكفر والبعد عن الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن الغاية من إنزال القرآن هي دعوة الناس إلى التوحيد وشكر الله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن شكر النعم باللسان والقلب والجوارح سببٌ لزيادتها: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   الحياء من الله، فمن تخطئ بحقه لا يرغب في رؤية وجهك، إلا الله، مع أنك شارد عنه بأخطائك إلا أنه يناديك ليصفح عنك: ﴿يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة إبراهيم من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • السورة لخصت دعوة جميع الأنبياء، ورد أقوامهم عليهم، وبيان عاقبة أقوامهم في 6 آيات (الآيات: 9-14)، وقد كانت تذكر قصص الأنبياء مفصلة كما في سورتي الأعراف وهود، وإبراهيم هو أبو الأنبياء؛ فناسب أن تختص هذه السورة باسمه.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نشكر الله علي أعظم نعمة؛ نعمة الإيمان به.
    • أن نحذر من سلب النعم.
    • ألا نقف على أي باب، إنما نطرق باب من بيده مفاتيح كل شيء: ﴿اللَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ (2).
    • أن نكثر من شكر الله على نعمه باللسان والقلب والجوارح: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (7).
    • أن نلقِ بِحِمْلِنا كله على الله؛ ونَسِرْ في طريق التوكل: ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (11).
    • أن نراجع أعمالنا قبل أن نخسرها يوم القيامة، هل تسرب إليها رياء أو شرك أو بدعة؟: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ (18).
    • أن نطمئن؛ حقوقنا لنْ تَضيعَ، فغدًا الضَّعيفُ والقَويُّ، الظَّالمُ والمَظلومُ، كلُّهُم سَيقِفونَ أمامَ اللهِ للحِسابِ: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ (21).
    • أن نصبر على الطاعات، وعن المعاصي قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه صبرٌ أو جزع: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ﴾ (21).
    • ألا نأمن الشيطان، ونكثر من الاستعاذة بالله منه؛ فإنه سبب كل بلاء: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ (22).
    • أن نجلس مع أنفسنا جلسة محاسبة، ونراجع ما مضى من أعمالنا: ﴿ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم﴾ (22).
    • ألا نستبدل تحية أهل الجنة (السلام) بغيرها من التحيات: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ (23).
    • ألا نتوقف عن غرس الكلمات الطيبة، فستبقى تؤتي أثرها كل حين، كل حين، يا للبركة: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ (25).
    • ألا نتسخط على قضاء الله، بل نسلم، وافق هوانا أم لم يوافق، فلله الحكمة: ﴿وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ﴾ (27).
    • أن نستشعر مراقبة الله لنا في السر والعلن: ﴿وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّـهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ (38).
    • ألا نجمع بين الوظيفتين!: ﴿ رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ ﴾ (40).
    • أن نستغفر لإخواننا الأحياء والأموات: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ (41).

تمرين حفظ الصفحة : 258

258

مدارسة الآية : [19] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ ..

التفسير :

[19] ألم تعلم أيها المخاطب -والمراد عموم الناس- أن الله أوجد السموات والأرض على الوجه الصحيح الدال على حكمته، وأنه لم يخلقهما عبثاً، بل للاستدلال بهما على وحدانيته، وكمال قدرته، فيعبدوه وحده، ولا يشركوا به شيئاً؟ إن يشأ يذهبكم ويأت بقوم غيركم يطيعون الله.

ينبه تعالى عباده بأنه{ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقَّ} أي:ليعبده الخلق ويعرفوه، ويأمرهم وينهاهم وليستدلوا بهما وما فيهما على ما له من صفات الكمال، وليعلموا أن الذي خلق السماوات والأرض -على عظمهما وسعتهما- قادر على أن يعيدهم خلقا جديدا، ليجازيهم بإحسانهم وإساءتهم، وأن قدرته ومشيئته لا تقصر عن ذلك ولهذا قال:{ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}

يحتمل أن المعنى:إن يشأ يذهبكم ويأت بقوم غيركم يكونون أطوع لله منكم، ويحتمل أن المراد أنه:إن يشأ يفنيكم ثم يعيدهم بالبعث خلقا جديدا، ويدل على هذا الاحتمال ما ذكره بعده من أحوال القيامة.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك، بعض مظاهر قدرته التي لا يعجزها شيء فقال- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ، إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ، وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ .

والخطاب في قوله أَلَمْ تَرَ ... لكل من يصلح له بدون تعيين. والاستفهام للتقرير.

والرؤية مستعملة في العلم الناشئ عن النظر والتفكير والتأمل في ملكوت السموات والأرض.

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى- أَلَمْ تَرَ ... هذا التعبير قد يذكر لمن تقدم علمه فيكون للتعجب، وقد يذكر لمن لا يكون كذلك، فيكون لتعريفه وتعجيبه، وقد اشتهر في ذلك حتى أجرى مجرى المثل في هذا الباب، بأن شبه من لم ير الشيء بحال من رآه في أنه لا ينبغي أن يخفى عليه، وأنه ينبغي أن يتعجب منه، ثم أجرى الكلام معه، كما يجرى مع من رأى، قصدا إلى المبالغة في شهرته وعراقته في التعجب ... » .

والمعنى ألم تعلم- أيها العاقل- أن الله- تعالى- خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ. أى: خلقهما بالحكمة البالغة المنزهة عن العبث، وبالوجه الصحيح الذي تقتضيه إرادته، وهو- سبحانه- إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أى- يهلككم أيها الناس وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ سواكم، لأن القادر على خلق السموات والأرض وما فيهما من أجرام عظيمة، يكون على خلق غيرهما أقدر، كما قال- تعالى- لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ... .

يقول تعالى مخبرا عن قدرته على معاد الأبدان يوم القيامة ، بأنه خلق السموات والأرض التي هي أكبر من خلق الناس ، أفليس الذي قدر على خلق هذه السموات ، في ارتفاعها واتساعها وعظمتها وما فيها من الكواكب الثوابت والسيارات ، والحركات المختلفات ، والآيات الباهرات ، وهذه الأرض بما فيها من مهاد ووهاد وأوتاد ، وبراري وصحاري وقفار ، وبحار وأشجار ، ونبات وحيوان ، على اختلاف أصنافها ومنافعها ، وأشكالها وألوانها; ( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ) [ الأحقاف : 33 ] ، وقال تعالى : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ) [ يس : 77 - 83 ] .

وقوله : ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد)

قال أبو جعفر : يقول عز ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر ، يا محمد ، بعين قلبك ، (1) فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحق منفردًا بإنشائها بغير ظهير ولا مُعين ( إن يشأ يذهبكم ويَأت بخلق جديد ) ، يقول: إن الذي تفرد بخلق ذلك وإنشائه من غير معين ولا شريك ، إن هو شاء أن يُذْهبكم فيفنيكم ، أذهبكم وأفناكم ، (2) ويأتِ بخلق آخر سواكم مكانكم ، فيجدِّد خلقهم .

-----------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير " الرؤية " فيما سلف 5 : 485 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(2) انظر تفسير " الإذهاب " فيما سلف 14 : 161 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[19] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ يعترض على الله بعقله، وإذهابه هو وعقله لا يكلف شيئًا.
وقفة
[19] ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أي: هو قادر على الإفناء كما قدر على إيجاد الأشياء؛ فلا تعصوه، فإنَّكم إن عصيتموه (يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) أفضل وأطوع منكم.
وقفة
[19] ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ زوالنا جميعًا لا يكلف شيئًا، وتزول معنا تلك الاعتراضات على شرعه المنزل.
وقفة
[19، 20] ﴿إن يشأ يُذهبكم ويأت بخلق جديد * وما ذلك على الله بعزيز﴾ يعترض على الله بعقله، وإذهابه هو وعقله لا يكلف شيئًا.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • الهمزة همزة تقرير وتعجيب بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره-حرف العلة-والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب. والمستقبل في ألم تر بمعنى الماضي.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «أن» منصوب للتعظيم بالفتحة. خلق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه وجملة خَلَقَ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ» في محل رفع خبر «أنّ» السموات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم والأرض معطوفة بالواو على السموات منصوبة مثلها وعلامة نصبها: الفتحة و «أنّ» وما بعدها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «تر».
  • ﴿ بِالْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر محذوف أي بتقدير: خلقا متلبسا بالحق.
  • ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. يشأ: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه: السكون والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يذهبكم: جواب الشرط‍ -جزاؤه-تعرب اعراب «يشأ» والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ:
  • ويأت: معطوفة بالواو على «يذهبكم» وتعرب اعراب «يذهب» وعلامة جزم الفعل حذف آخره «حرف العلة».بخلق: جار ومجرور متعلق بيأت. جديد: صفة لخلق مجرورة مثلها بالكسرة. '

المتشابهات :

النساء: 133﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا
الأنعام: 133﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ
ابراهيم: 19﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
فاطر: 16﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     لمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل هلاكَ الكفارِ في الدُّنيا وعذابَهم في الآخرةِ؛ بَيَّنَ هنا أنَّ خالقَ السماواتِ والأرضِ قادرٌ أن يُهلكَهم ويأتي بآخرينَ، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تر:
وقرئ:
بسكون الراء، على إجراء الوصل مجرى الوقف، وهى قراءة السلمى.
خلق:
قرئ:
1- خالق، اسم فاعل، وجر «الأرض» ، وهى قراءة الأخوين.
2- خلق، فعلا ماضيا، و «الأرض» بالفتح، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [20] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

التفسير :

[20] وما إهلاككم والإتيان بغيركم بممتنع على الله، بل هو سهل يسير.

{ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} أي:بممتنع بل هو سهل عليه جدا،{ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}{ وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}

وقوله- سبحانه- وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ معطوف على ما قبله، ومؤكد لمضمونه. أى: إن يشأ- سبحانه- يهلككم- أيها الناس- ويأت بمخلوقين آخرين غيركم، وما ذلك الإذهاب بكم، والإتيان بغيركم بمتعذر على الله، أو بمتعاص عليه، لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء، ولا يحول دون نفاذ قدرته حائل.

وشبيه بهذا قوله- تعالى- يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ .

وقوله- تعالى-: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ .

وقوله- تعالى-: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً .

وقوله " وما ذلك على الله بعزيز " أي : بعظيم ولا ممتنع ، بل هو سهل عليه إذا خالفتم أمره ، أن يذهبكم ويأتي بآخرين على غير صفتكم ، كما قال تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ) [ فاطر : 15 - 17 ] وقال : ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) [ محمد : 38 ] ، وقال : ( ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) [ المائدة : 54 ] وقال : ( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ) [ النساء : 133 ] .

( وما ذلك على الله بعزيز ) ، يقول: وما إذهابكم وإفناؤكم وإنشاء خلقٍ آخر سواكم مكانَكُم ، على الله بممتنع ولا متعذّر ، لأنه القادر على ما يشاء. (3)

* * *

واختلفت القرأة في قراءة قوله: ( ألم تر أن الله خلق ) .

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (خَلَقَ) على " فعَل ".

* * *

وقرأته عامة قرأة أهل الكوفة: " خَالِقُ" ، على " فاعل " .

* * *

وهما قراءتان مستفيضتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.

-----------------------

الهوامش :

(3) انظر تفسير " عزيز " فيما سلف : 511 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ﴾ إن تعاظم في نفسك ما ترجو فردد هذه اﻵية، فالذي أوجد هذا الكون بما فيه ﻻ يعجزه أن يجعل (أمنيتك) ماثلة أمام عينك.
وقفة
[20] في نفسك حاجة ترسمها بأحلامك تتمناها في يقظتك، فقط ارفع كفك للسماء وتذكر: ﴿وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما ذلِكَ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية بمنزلة «ليس» عند الحجازيين. ولا عمل لها. عند بني تميم. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغتين.
  • ﴿ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بعزيز الباء حرف جر زائد. عزيز: اي كبير: مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه خبر «ذلك» أو منصوب محلا على أنه خبر «ما». '

المتشابهات :

ابراهيم: 20﴿ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ
فاطر: 17﴿ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ بِعَزِيزٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل أنه قادر على إِذهاب كل النَّاس والإِتيان بغيرهم؛ بَيَّنَ هنا أن هذا ليس بعسير على الله، فهو لا يعجزه شئ، قال تعالى:
﴿ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء ..

التفسير :

[21] وخرجت الخلائق من قبورهم، وظهروا كلُّهم يوم القيامة لله الواحد القهار؛ ليحكم بينهم، فيقول الأتباع لقادتهم:إنَّا كنَّا لكم في الدنيا أتباعاً، نأتمر بأمركم، فهل أنتم -اليوم- دافعون عنا مِن عذاب الله شيئاً كما كنتم تَعِدوننا؟فيقول الرؤساء:لو وفَّقنا ال

{ وَبَرَزُوا} أي:الخلائق{ لِلَّهِ جَمِيعًا} حين ينفخ في الصور فيخرجون من الأجداث إلى ربهم فيقفون في أرض مستوية قاع صفصف، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ويبرزون له لا يخفى [عليه] منهم خافية، فإذا برزوا صاروا يتحاجون، وكل يدفع عن نفسه، ويدافع ما يقدر عليه، ولكن أني لهم ذلك؟

فيقول{ الضُّعَفَاءُ} أي:التابعون والمقلدون{ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} وهم:المتبوعون الذين هم قادة في الضلال:{ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} أي:في الدنيا، أمرتمونا بالضلال، وزينتموه لنا فأغويتمونا،{ فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} أي:ولو مثقال ذرة،{ قَالُوا} أي:المتبوعون والرؤساء{ أغويناكم كما غوينا} و{ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ} فلا يغني أحد أحدا،{ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا} من العذاب{ أَمْ صَبَرْنَا} عليه،{ مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} أي:من ملجأ نلجأ إليه، ولا مهرب لنا من عذاب الله.

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك جانبا من الحوار الذي يدور يوم القيامة بين الضعفاء والمستكبرين، بين الأتباع والمتبوعين ... فقال- تعالى-: وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً، فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً، فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ....

وقوله وَبَرَزُوا من البروز بمعنى الظهور، مأخوذ من البراز وهو الفضاء الواسع، الذي يظهر فيه الناس بدون استتار. أى: وخرج الكافرون جميعا من قبورهم يوم القيامة، وظهروا ظهورا لا خفاء معه، لكي يحاسبهم- سبحانه- على أعمالهم في الدنيا.

وقال- سبحانه- وَبَرَزُوا بلفظ الفعل الماضي مع أن الحديث عن يوم القيامة، للتنبيه على تحقق وقوع هذا الخروج، وأنه كائن لا محالة.

وعبر- سبحانه- بهذا التعبير، مع أنهم لا يخفون عليه سواء أبرزوا أم لم يبرزوا، لأنهم كانوا في الدنيا يستترون عن العيون عند اجتراحهم السيئات ويظنون أن ذلك يخفى على الله- عز وجل-.

ثم بين- سبحانه- ما يقوله الضعفاء للمستكبرين في هذا الموقف العصيب فقال:

فَقالَ الضُّعَفاءُ وهم العوام والأتباع الذين فقدوا نعمة التفكير، ونعمة حرية الإرادة، فهانوا وذلوا..

قال هؤلاء الضعفاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا وهم السادة المتبوعون الذين كانوا يقودون أتباعهم إلى طريق الغي والضلال.

إِنَّا كُنَّا لَكُمْ- أيها السادة- تَبَعاً جمع تابع كخادم وخدم.

أى: إنا كنا في الدنيا تابعين لكم، ومنقادين لأمركم، في تكذيب الرسل، وفي كل ما تريدونه منا.

والاستفهام في قوله- سبحانه- فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ للتقريع والتفجع.

ومغنون من الإغناء بمعنى الدفاع والنصرة.

قال الشوكانى: «يقال: أغنى عنه إذا دفع عنه الأذى، وأغناه إذا أوصل إليه النفع» .

أى: فهل أنتم- أيها المستكبرون- دافعون عنا شيئا من عذاب الله النازل بنا، حتى ولو كان هذا الشيء المدفوع قليلا؟ إن كان في إمكانكم ذلك فأظهروه لنا، فقد كنتم في الدنيا سادتنا وكبراءنا، وكنتم تزعمون أنكم أصحاب الحظوة يوم القيامة.

قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: أى فرق بين «من» في «من عذاب الله» وبينه في «من شيء» ؟

قلت: الأولى للتبيين، والثانية للتبعيض، كأنه قيل: هل أنتم مغنون عنا بعض الشيء الذي هو عذاب الله؟ ويجوز أن يكونا للتبعيض معا بمعنى: هل أنتم مغنون عنا بعض شيء، هو بعض عذاب الله؟ أى: بعض بعض عذاب الله» .

ثم حكى- سبحانه- رد المستكبرين على المستضعفين فقال: قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ ...

أى: قال المستكبرون- بضيق وتحسر- في ردهم على المستضعفين: لو هدانا الله- تعالى- إلى الإيمان الموصل إلى النجاة من هذا العذاب الأليم «لهديناكم» إليه، ولكن ضللنا عنه وأضللناكم معنا، واخترنا لكم ما اخترناه لأنفسنا، ولو كنا نستطيع النفع لنفعنا أنفسنا.

ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ.

والجزع: حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده لشدة اضطرابه وذهوله.

يقال: جزع فلان يجزع جزعا وجزوعا، إذا ضعف عن حمل ما نزل به ولم يجد صبرا.

والمحيص: المهرب والمنجى من العذاب. يقال: حاص فلان عن الشيء يحيص حيصا ومحيصا، إذا عدل عنه على جهة الهرب والفرار.

أى: مستو عندنا الجزع مما نحن فيه من عذاب، والصبر على ذلك، وليس لنا من مهرب أو منجى من هذا المصير الأليم.

فالآية الكريمة تحكى أقوال الضعفاء يوم القيامة، وهي أقوال يبدو فيها طابع الذلة والمهانة كما هو شأنهم في الدنيا، كما تحكى رد المستكبرين عليهم، وهو رد يبدو فيه التبرم والتفجع والتأنيب من طرف خفى لهؤلاء الضعفاء، والتسليم بالواقع الأليم الذي لا محيص لهم عنه.

قال الإمام ابن كثير: «قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله- تعالى-، تعالوا نبك ونتضرع إلى الله، فبكوا وتضرعوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر، تعالوا حتى نصبر، فصبروا صبرا لم ير مثله، فلم ينفعهم ذلك. فعند ذلك قالوا: سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ .

يقول : ( وبرزوا [ لله ] ) أي : برزت الخلائق كلها ، برها وفاجرها لله وحده الواحد القهار ، أي : اجتمعوا له في براز من الأرض ، وهو المكان الذي ليس فيه شيء يستر أحدا .

( فقال الضعفاء ) وهم الأتباع لقادتهم وسادتهم وكبرائهم الذين استكبروا عن عبادة الله وحده لا شريك له ، وعن موافقة الرسل ، فقالوا لهم : ( إنا كنا لكم تبعا ) أي : مهما أمرتمونا ائتمرنا وفعلنا ، ( فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء ) أي : فهل تدفعون عنا شيئا من عذاب الله ، كما كنتم تعدوننا وتمنوننا ؟ فقالت القادة لهم : ( لو هدانا الله لهديناكم ) ولكن حق علينا قول ربنا ، وسبق فينا وفيكم قدر الله ، وحقت كلمة العذاب على الكافرين ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) أي : ليس لنا خلاص مما نحن فيه إن صبرنا عليه أو جزعنا منه .

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إن أهل النار قال بعضهم لبعض : تعالوا ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة ببكائهم وتضرعهم إلى الله - عز وجل - تعالوا نبك ونتضرع إلى الله فبكوا وتضرعوا ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا : تعالوا ، فإنما أدرك أهل الجنة الجنة بالصبر ، تعالوا حتى نصبر فصبروا صبرا لم ير مثله ، فلم ينفعهم ذلك ، فعند ذلك قالوا ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص )

قلت : والظاهر أن هذه المراجعة في النار بعد دخولهم إليها ، كما قال تعالى : ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد ) [ غافر : 47 ، 48 ] وقال تعالى : ( قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ) [ الأعراف : 38 ، 39 ] ، وقال تعالى : ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ) [ الأحزاب : 66 - 68 ] .

وأما تخاصمهم في المحشر ، فقال تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) [ سبأ : 31 - 33 ] .

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله: ( وبرزوا لله جميعًا ) ، وظهر هؤلاء الذين كفروا به يوم القيامة من قبورهم ، فصاروا بالبَراز من الأرض (4) (جميعًا) ، يعني كلهم (5) ( فقال الضعفاء للذين استكبروا ) ، يقول: فقال التُّبَّاع منهم للمتبوعين ، وهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن إخلاص العبادة لله واتباع الرسل الذين أرسلوا إليهم (6) ( إنَّا كنا لكم تَبَعًا ) ، في الدنيا .

* * *

و " التبع " جمع " تابع " ، كما الغَيَب جمع " غائب ".

* * *

وإنما عنوا بقولهم: ( إنا كنا لكم تبعًا ) ، أنهم كانوا أتباعهم في الدنيا يأتمرون لما يأمرونهم به من عبادة الأوثان والكفر بالله ، وينتهون عما نهوهم عنه من اتّباع رسل الله ( فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء ) ، يعنون: فهل أنتم دافعون عنَّا اليوم من عذاب الله من شيء. (7)

* * *

وكان ابن جريج يقول نحو ذلك:

20638 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله: ( وقال الضعفاء ) ، قال: الأتباع ( للذين استكبروا ) ، قال: للقادة.

* * *

قوله: ( لو هدانا الله لهديناكم ) ، يقول عز ذكره: قالت القادةُ على الكفر بالله لتُبَّاعها: ( لو هدانا الله ) ، يعنون: لو بَيَّن الله لنا شيئًا ندفع به عَذَابَه عنا اليوم ( لهديناكم ) ، لبيَّنا ذلك لكم حتى تدفعوا العذابَ عن أنفسكم ، ولكنا قد جزعنا مِن العذاب ، فلم ينفعنا جزعُنا منه وصَبْرُنا عليه (8) ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) ، يعنون: ما لهم من مَراغٍ يرُوغون عنه . (9)

* * *

يقال منه: " حاص عن كذا " ، إذا راغ عنه ، " يَحِيصُ حَيْصًا ، وحُيُوصًا وحَيَصَانًا ". (10)

* * *

20639 - وحدثني المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن الحكم ، عن عُمَر بن أبي ليلى ، أحد بني عامر ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني ، أو ذُكِر لي أن أهل النار قال بعضهم لبعضٍ: يا هؤلاء ، إنه قد نـزل بكم من العذاب والبلاء ما قد ترون ، فهلمَّ فلنصبر ، فلعل الصَّبر ينفعنا ، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا . قال: فيُجْمعون رأيهم على الصَّبر . قال ، فصبروا ، فطال صبرهم ، ثم جزعوا فنادوا: ( سواءٌ علينا أجزِعْنَا أم صبرنَا ما لنا من محيص ) ، أي من منجًى. (11)

20640 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) ، قال: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا ، فإنما أدركَ أهل الجنة الجنَّةَ ببكائهم وتضرُّعهم إلى الله ، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله ! قال: فبكوا ، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: تعالوا ، فإنَّما أدرك أهل الجنة الجنّةَ بالصبر ، (12) تعالوا نصبر ! فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله ، فلم ينفعهم ذلك ، فعند ذلك قالوا: ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) .

----------------------------

الهوامش :

(4) انظر تفسير " برز " فيما سلف 5 : 354 / 7 : 324 / 8 : 562 .

(5) انظر تفسير " الجميع " فيما سلف 15 : 212 .

(6) انظر تفسير " الضعفاء " فيما سلف 14 : 419 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

وتفسير " الاستكبار " فيما سلف 15 : 155 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(7) انظر تفسير " الإغناء " فيما سلف 166 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(8) انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة ( هدي ) .

(9) في المطبوعة : " مزاغ " ، و " يزوغون " ، و " زاغ " ، كل ذلك بالزاي ، والذي في المخطوطة صواب محض .

(10) انظر تفسير " الحيص " فيما سلف 9 : 226 .

(11) الأثر : 20639 - " الحكم " ، هو " الحكم المكي " ، شيخ لعبد الله بن المبارك توقف الإمام البخاري في أمره . وقال ابن أبي حاتم : هو مجهول . قال البخاري : " الحكم المكي ، عن عمر بن أبي ليلى ، سمع منه ابن المبارك ومحمد بن مقاتل . وروى مروان ، يعني ابن معاوية ، عن الحكم بن أبي خالد ، مولى بني فزارة ، عن عمر بن أبي ليلى . قال الحسن بن علي ، وعن الحكم بن أبي خالد ، عن الحسن ، عن جابر ، في الجنة ، فلا أدري هذا من ذاك " . وكأن هذا إشارة إلى هذا الخبر نفسه .

وذكر في ترجمة " الحكم بن ظهير الفزاري " : " حدثنا محمد بن عبد العزيز ، قال حدثنا مروان ، عن الحكم بن أبي خالد ، مولى بني فزارة ، عن عمر بن أبي ليلى النميري ... " ، وقال مثل ما قال في ترجمة " الحكم المكي " . ثم ترجم " الحكم بن أبي خالد " ، ولم يذكر فيه شيئًا من هذا .

وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على ترجمة " الحكم المكي " ، ولم يذكر فيه " الحكم بن أبي خالد " .

وقال ابن حجر في التهذيب : " قال ابن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : كان مروان بن معاوية يغير الأسماء ، يعمي على الناس ، يقول : حدثنا الحكم بن أبي خالد ، وإنما هو الحكم بن ظهير " .

وانظر هذا الذي ذكرت في الكبير للبخاري 1/2/336 ، 339 ، 342 ، وابن أبي حاتم 1/2/131 ، وميزان الاعتدال 1 : 273 ، ولسان الميزان 2 : 341 ، وتهذيب التهذيب .

و " عمر بن أبي ليلي " ، قال البخاري في الكبير 3/2/190 : " روى عنه الحكم المكي ، وقال بعضهم : " عمر بن أبي ليلى ، أخو بني عامر ، سمع محمد بن كعب ، قوله " . وزاد البخارى في ترجمة " الحكم بن ظهير " في نسبته " النميري " ، كما سلف قريبًا . وقال مثل ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/1/131 ، وزاد عن أبيه فقال : " سمعته يقول : هو مجهول " ، وفي ميزان الاعتدال 2 : 268 قال : " قلت حدث عنه ابن أبي فديك والواقدي " ، وزاد ابن حجر في لسان الميزان 4 : 224 قال : " وذكره ابن حبان في الثقات " .

وكان في المطبوعة : " عمرو بن أبي ليلى " ، غير ما هو ثابت في المخطوطة على الصواب .

و " محمد بن كعب القرظي " ، تابعي ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا كثيرة لا تعد .

وهذا الخبر تالف ، لما علمت من أمر " الحكم المكي " وجهالته ، فإن كان هو " الحكم بن ظهير الفزاري " ، فهو متروك كما سلف مرارًا كثيرة .

(12) تلعب الناشر بالكلام فجعله : " فما أدرك أهل الجنة الجنة إلا بالصبر " ، فجعل " فإنما " " فما " ثم زاد " إلا " ! فاعجب لما فعل .

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ﴾ مع كونه سبحانه عالمًا بهم لا تخفى عليه خافية من أحوالهم، سواء برزوا أم لم يبرزوا؟ والحكمة في ذلك: لأنَّهم كانوا يستترون عن العيون عند فعلهم للمعاصي، ويظنون أن ذلك يخفى على الله تعالى، فالكلام خارج على ما يعتقدونه هم.
اسقاط
[21] ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ ألَا تطْمَئنُّ الآنَ؟! فغدًا الضَّعيفُ والقَويُّ، الظَّالمُ والمَظلومُ، كلُّهُم سَيقِفونَ أمامَ اللهِ للحِسابِ، حقُّكَ لنْ يَضيعَ.
وقفة
[21] ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ كانوا يخفون فواحشهم ويظنون أنَّها تخفى عن الله، فإذا هم يوم القيامة ينكشفون، وإنما ذكر البروز بلفظ الماضي لتحقق وقوعه.
وقفة
[21] ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ الضعفاء والأقوياء، الفقراء والأغنياء، السُّوقة والشُرفاء، هناك للجميع موقفٌ عظيم.
وقفة
[21] ﴿وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ موقف الضعفاء من المتكبرين يوم القيامة يجعلك لا تجامل أحدًا في أمر الدين، ويحملك على اتباع الشرع لا الأشخاص.
وقفة
[21] ﴿وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ فيها بيان أن الضعيف هو ضعيف الفكر والرأي والإرادة، الذي يجعل نفسه تبعا للطغاة المستكبرين في التفكير والاعتقاد والسلوك.
لمسة
[21] ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ - (ضعفاء) بالتنكير مرة بالألف: ﴿وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار﴾ [البقرة: 266]، وهم ورثته الصبية قليلي المال فالتنكير لوصف حالهم فهو ضعف مادي ومعنوي. - (الضعفاء) بالتعريف مرة بالألف: ﴿ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون﴾ [التوبة: 91]، وهم العجزة الذين لا قوة لهم فهو ضعف معنوي، والتعريف لاستغراق الضعف. - (الضعفؤا) بالتعريف مرتين بالواو: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾، ﴿وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفؤا للذين استكبروا﴾ [غافر: 47]، وهذا ضعف مكانة لا ضعف مادي ولا معنوي.
وقفة
[21] ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ بيان سوء عاقبة التابع والمتبوع إن اجتمعا على الباطل.
وقفة
[21] ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ ضعفهم هؤلاء هو الذي جعل أولئك (يستكبرون عليهم)، فعلى قدر ضعف الضعيف يتكبر المستكبر.
لمسة
[21] ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ ما الفرق بين أتباع وأشياع؟ الأشياع: هم أتباع الرجل على جماعة واحدة، واستعملها الله تعالى عامة للمتقدم والمتأخر، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾ [الصافات: 75]، ثم قال: ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ﴾ [الصافات: 83] أي من شيعة نوح، أين إبراهيم من نوح؟ صحيح الفروع مختلفة لكن أصل الرسالة واحدة، ويقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ [القمر: 51]، المخاطَب زمن الرسول ﷺ أشياعهم الأمم السابقة. الأتباع: هم أنصار الرجل من كانوا معه فقط ولا يستعمل للمتأخر: ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ [إبراهيم: 21]، التبع يكون معه، وفي القرآن لم يستعمل التبع إلا من كان مع الرسول وقتها، نحن أشياع سيدنا محمد ﷺ لكن أتباعه الذين معه وقتها، فالأشياع أعمّ من التبع.
وقفة
[21] ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ أسوأ حماقة يرتكبها الشخص أن يكون تابعًا لغيره مكبرًا جمهوره، اتبع منهج الله واترك الأشخاص.
وقفة
[21] ﴿قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ من بركة الهداية أنها لا تتحجر فقط على الشخص، بل كأن لها جاذبية تجذب المحيطين بك فيتأسون بأفعالك وسمتك.
وقفة
[21] ﴿قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ الهداية لا ترتجى من حائر فضلًا عن ضال، كالضوء لا يرجى من خشبة!
عمل
[21] ﴿قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ دعهم قبل أن تسمعها منهم غدًا.
عمل
[21] ﴿قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّـهُ لَهَدَيْنَاكُمْ﴾ أكثر ما يتمناه المشركون يوم القيامة: الهداية، فاحرص عليها في الدنيا ما دمت تقدر عليها.
عمل
[21] ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ﴾ اصبر على الطاعات، وعن المعاصي قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه صبرٌ أو جزع.

الإعراب :

  • ﴿ وَبَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاً:
  • الواو: استئنافية. برزوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة أي برزوا من قبورهم. لله: جار ومجرور متعلق ببرزوا جميعا حال منصوب بالفتحة و «برزوا» بمعنى «ويبرزون» يوم القيامة، وإنما جيء بلفظ‍ الماضي لأن ما أخبر به سبحانه لصدقه كأنه قد كان ووجد. ونحوه: ونادى أصحاب الجنة. ونادى اصحاب النار. ونظائر له.
  • ﴿ فَقالَ الضُّعَفاءُ:
  • الفاء: استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الضعفاء: فاعل مرفوع بالضمة وقد كتبت الكلمة بواو قبل الهمزة على لفظ‍ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو.
  • ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا:
  • اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام. استكبروا: تعرب إعراب «برزوا» وهي صلة الموصول لا محل لها والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول- أي فقال الضعفاء منهم للذين استكبروا في الدنيا. و «للذين» متعلق بقال.
  • ﴿ إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة بإنّ: ضمير متصل في محل نصب اسمها. كان: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع اسم «كان». لكم: جار ومجرور في محل نصب حال من «تبعا» والميم علامة جمع الذكور. تبعا: خبر «كان» منصوب بالفتحة أي تابعين جمع تابع على تبع كقولهم: خادم وخدم أو ذوي تبع أي كنا تابعين لمذاهبكم.
  • ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا:
  • الفاء: استئنافية. هل: حرف استفهام لا محل لها. أنتم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مغنون: خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. عن: حرف جر و «نا» ضمير متصل في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بمغنون.
  • ﴿ مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ:
  • من: حرف جر للتبيين. عذاب: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة من حرف جر-تبعيضية-شيء: مجرور بمن وعلامة جره الكسرة بمعنى هل أنتم دافعون عنا بعض الشيء الذي هو عذاب الله؟ ويجوز أن تكون في محل نصب مفعولا به أي تكون مِنْ شَيْءٍ» للتبعيض معا بمعنى: بعض الشيء هو بعض عذاب الله أي بعض بعض عذاب الله.
  • ﴿ قالُوا:
  • تعرب إعراب «برزوا» بمعنى فأجابوهم قائلين ..
  • ﴿ لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ:
  • لو: حرف شرط‍ غير جازم. هدى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «نا» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة اللام: واقعة في جواب «لو».هدى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف: ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. والجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب بمعنى: لو هدانا الله في الدنيا لهديناكم.
  • ﴿ سَااءٌ عَلَيْنا:
  • سواء: خبر مقدم مرفوع بالضمة. علينا: جار ومجرور متعلق بسواء علينا الآن.
  • ﴿ أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا:
  • الهمزة: همزة التسوية. جزعنا: تعرب إعراب «هدينا» وجملة «جزعنا» بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر بتقدير: جزعنا. أم: حرف عطف. صبرنا: معطوفة على «جزعنا» وتعرب إعرابها. والجملة بتأويل مصدر في محل رفع معطوف على المصدر المؤول من الجملة الأولى. والتقدير: جزعنا أم صبرنا سواء علينا.
  • ﴿ ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ:
  • ما: نافية لا عمل لها. لنا: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. من: حرف جر زائد. محيص: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر بمعنى: لا منجى أو مهرب لنا. '

المتشابهات :

ابراهيم: 21﴿وَبَرَزُوا لِلَّـهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ
غافر: 47﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل عذاب الكُفَّارِ، وأنَّ أعمالَهم تصيرُ مُحبَطةً باطِلةً؛ ذكرَ هنا جانبًا من الحوار الذي يدور يوم القيامة بين الضعفاء والمستكبرين (الأتباع والمتبوعين)، قال تعالى:
﴿ وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وبرزوا:
وقرئ:
مبنيا للمفعول، وبتشديد الراء، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [22] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ ..

التفسير :

[22] وقال الشيطان -بعد أن قضى الله الأمر وحاسب خَلْقه، ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-:إن الله وعدكم وعداً حقّاً بالبعث والجزاء، ووعدتكم وعداً باطلاً أنه لا بَعْثَ ولا جزاء، فأخلفتكم وعدي، وما كان لي عليكم من قوة أقهركم بها على اتباعي، ولا كا

أي:{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ} الذي هو سبب لكل شر يقع ووقع في العالم، مخاطبا لأهل النار ومتبرئا منهم{ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ} ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.{ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} على ألسنة رسله فلم تطيعوه، فلو أطعتموه لأدركتم الفوز العظيم،{ وَوَعَدْتُكُمْ} الخير{ فَأَخْلَفْتُكُمْ} أي:لم يحصل ولن يحصل لكم ما منيتكم به من الأماني الباطلة.

{ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} أي:من حجة على تأييد قولي،{ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} أي:هذا نهاية ما عندي أني دعوتكم إلى مرادي وزينته لكم، فاستجبتم لي اتباعا لأهوائكم وشهواتكم، فإذا كانت الحال بهذه الصورة{ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} فأنتم السبب وعليكم المدار في موجب العقاب،{ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ} أي:بمغيثكم من الشدة التي أنتم بها{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} كل له قسط من العذاب.

{ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} أي:تبرأت من جعلكم لي شريكا مع الله فلست شريكا لله ولا تجب طاعتي،{ إِنَّ الظَّالِمِينَ} لأنفسهم بطاعة الشيطان{ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} خالدين فيه أبدا.

وهذا من لطف الله بعباده ،أن حذرهم من طاعة الشيطان وأخبر بمداخله التي يدخل منها على الإنسان ومقاصده فيه، وأنه يقصد أن يدخله النيران، وهنا بين لنا أنه إذا دخل النار وحزبه أنه يتبرأ منهم هذه البراءة، ويكفر بشركهم{ ولا ينبئك مثل خبير}

واعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنه ليس له سلطان، وقال في آية أخرى{ إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} فالسلطان الذي نفاه عنه هو سلطان الحجة والدليل، فليس له حجة أصلا على ما يدعو إليه، وإنما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي.

وأما السلطان الذي أثبته فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه يُؤزّهم إلى المعاصي أزّا، وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته والالتحاق بحزبه، ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك ما يقوله الشيطان لأتباعه يوم القيامة، فقال- تعالى-:

وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ، إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ... والمراد بالشيطان هنا: إبليس- لعنه الله-.

قال الفخر الرازي: «وأما الشيطان فالمراد به إبليس لأن لفظ الشيطان مفرد فيتناول الواحد، وإبليس رأس الشياطين ورئيسهم، فحمل اللفظ عليه أولى. ولا سيما وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الخلق وقضى بينهم، يقول الكافر: قد وجد المسلمون من يشفع لهم فمن يشفع لنا، ما هو إلا إبليس، فهو الذي أضلنا، فيأتونه ويسألونه فعند ذلك يقول هذا القول..» .

والمراد بقوله- سبحانه- لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أى: حين تم الحساب، وعرف أهل الجنة ثوابهم، وعرف أهل النار مصيرهم، كل فريق في المكان الذي أعده الله تعالى له.

والمقصود من حكاية ما يقوله الشيطان للكافرين في هذا اليوم. تحذير المؤمنين من وسوسته وإغوائه، حتى ينجوا من العذاب الذي يحل بأتباعه يوم القيامة.

والمراد بالحق في قوله إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ: الصدق والوفاء بما وعدكم به على ألسنة رسله.

والمراد بالإخلاف في قوله وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ الكذب والغدر وعدم الوفاء بما مناهم به، من أمانى باطلة.

قال- تعالى-: يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً . وإضافة الوعد إلى الحق من إضافة الموصوف إلى الصفة أى إن الله- تعالى- وعدكم الوعد الحق الذي لا نقض له، وهو أن الجزاء حق، والبعث حق، والجنة حق، والنار حق، ووعدتكم وعدا باطلا بأنه لا بعث ولا حساب.. فأخلفتكم ما وعدتكم به، وظهر كذبى فيما قلته لكم. ثم أضاف إلى ذلك قوله- كما حكى القرآن عنه-: وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ...

والسلطان: اسم مصدر بمعنى التسلط والقهر والغلبة.

أى: وما كان لي فيما وعدتكم به من تسلط عليكم، أو إجبار لكم، لكني دعوتكم إلى ما دعوتكم إليه من باطل وغواية، فانقدتم لدعوتى واستجبتم لوسوستى عن طواعية واختيار.

فالاستثناء في قوله «إلا أن دعوتكم» استثناء منقطع، لأن ما بعد حرف الاستثناء ليس من جنس ما قبله، وبعضهم يرى أن الاستثناء متصل.

قال الجمل: «وفي هذا الاستثناء وجهان: أظهرهما: أنه استثناء منقطع، لأن دعاءه ليس من جنس السلطان وهو الحجة البينة، والثاني: أنه متصل لأن القدرة على حمل الإنسان على الشيء تارة تكون بالقهر، وتارة تكون بتقوية الداعية في قلبه بإلقاء الوساوس إليه. فهو نوع من التسلط» .

وقوله فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ زيادة في تأنيبهم وفي حسراتهم على انقيادهم له.

أى: فلا تلوموني بسبب وعودي إياكم. ولوموا أنفسكم، لأنكم تقبلتم هذه الوعود الكاذبة بدون تفكر أو تأمل، وأعرضتم عن الحق الواضح الذي جاءكم من عند ربكم، ومالك أمركم.

ثم ينفض يده منهم، ويخلى بينهم وبين مصيرهم السيئ فيقول: ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ. أى: ما أنا بمغيثكم ومنقذكم مما أنتم فيه من عذاب، وما أنتم بمغيثي مما أنا فيه من عذاب- أيضا- فقد انقطعت بيننا الأواصر والصلات..

قال القرطبي ما ملخصه: «والصارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النصرة والمعاونة، والمصرخ هو المغيث لغيره ... قال أمية بن أبى الصلت:

ولا تجزعا إنى لكم غير مصرخ ... وليس لكم عندي غناء ولا نصر

ويقال: صرخ فلان أى استغاث يصرخ صرخا وصراخا وصرخة..

ومنه: استصرخني فلان فأصرخته، أى استغاث بي فأغثته.. .

وجملة «إنى كفرت بما أشركتمون من قبل..» مستأنفة، لإظهار المزيد من التنصل والتبري من كل علاقة بينه وبينهم.

و «ما» في قوله «بما أشركتمون» الظاهر أنها مصدرية..

قال الآلوسى ما ملخصه: «وأراد بقوله إِنِّي كَفَرْتُ أى: إنى كفرت اليوم «بما أشركتمون من قبل» .

أى: من قبل هذا اليوم، يعنى في الدنيا و «ما» مصدرية و «من قبل» متعلق بأشركتمون.

والمعنى: إنى كفرت بإشراككم إياى لله- تعالى- في الطاعة، لأنهم كانوا يطيعون الشيطان فيما يزينه لهم من عبادة غير الله- تعالى-، ومن أفعال الشر..

ومراد اللعين: أنه إن كان إشراككم لي مع الله- تعالى-، هو الذي أطمعكم في نصرتي لكم ... فإنى متبرئ من هذا الشرك، فلم يبق بيني وبينكم علاقة ... فالكلام محمول على إنشاء التبري منهم يوم القيامة..

ثم قال: وجوز غير واحد أن تكون «ما» موصولة بمعنى من، والعائد محذوف، و «من قبل» متعلق بكفرت. أى: إنى كفرت من قبل- حين أبيت السجود لآدم- بالذي أشركتمونيه. أى: جعلتموني شريكا له في الطاعة وهو الله- عز وجل- ...

والكلام على هذا إقرار من اللعين بقدم كفره، وبسبق خطيئته فلا يمكنه أن يقدم لهم عونا أو نصرا ... .

وجملة «إن الظالمين لهم عذاب أليم» في موقع التعليل لما تقدم، والظاهر أنها ابتداء كلام من جهته- تعالى-: لبيان سوء عاقبة الظالمين.

ويجوز أن تكون من تتمة كلام إبليس- الذي حكاه القرآن عنه-، ويكون الغرض منها قطع أطماعهم في الإغاثة أو النصر، وتنبيه المؤمنين في كل زمان ومكان إلى عداوة الشيطان لهم وتحذيرهم من اتباع خطواته.

قال الشيخ الشوكانى- رحمه الله- ما ملخصه: «لقد قام الشيطان للكافرين في هذا اليوم مقاما يقصم ظهورهم، ويقطع قلوبهم، فأوضح لهم أولا: أن مواعيده التي كان يعدهم بها في الدنيا باطلة معارضة لوعد الحق من الله- تعالى- وأنه أخلفهم ما وعدهم به ...

ثم أوضح لهم ثانيا: بأنهم قبلوا قوله بما لا يتفق مع العقل، لعدم الحجة التي لا بد للعاقل منها في قبول قول غيره.

ثم أوضح لهم ثالثا: بأنه لم يكن منه إلا مجرد الدعوة العاطلة عن البرهان، الخالية عن أيسر شيء مما يتمسك به العقلاء.

ثم نعى عليهم رابعا: ما وقعوا فيه، ودفع لومهم له، وأمرهم بأن يلوموا أنفسهم، لأنهم هم الذين قبلوا الباطل البحت الذي لا يلتبس بطلانه على من له أدنى عقل.

ثم أوضح لهم خامسا: بأنه لا نصر عنده ولا إغاثة ... بل هو مثلهم في الوقوع في البلية..

ثم صرح لهم سادسا: بأنه قد كفر بما اعتقدوه فيه وأثبتوه له، وهو إشراكه مع الله- تعالى- فتضاعفت عليهم الحسرات، وتوالت عليهم المصائب.

وإذا كانت جملة «إن الظالمين لهم عذاب أليم» من تتمة كلامه- كما ذهب إليه البعض- فهو نوع سابع من كلامه الذي خاطبهم به، فيكون قد أثبت لهم الظلم، وذكر لهم جزاءه» .

يخبر تعالى عما خطب به إبليس [ لعنه الله ] أتباعه ، بعدما قضى الله بين عباده ، فأدخل المؤمنين الجنات ، وأسكن الكافرين الدركات ، فقام فيهم إبليس - لعنه الله - حينئذ خطيبا ليزيدهم حزنا إلى حزنهم وغبنا إلى غبنهم ، وحسرة إلى حسرتهم ، فقال : ( إن الله وعدكم وعد الحق ) أي : على ألسنة رسله ، ووعدكم في اتباعهم النجاة والسلامة ، وكان وعدا حقا ، وخبرا صدقا ، وأما أنا فوعدتكم وأخلفتكم ، كما قال الله تعالى : ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ) [ النساء : 120 ] .

ثم قال : ( وما كان لي عليكم من سلطان ) أي : ما كان لي عليكم فيما دعوتكم إليه من دليل ولا حجة على صدق ما وعدتكم به ، ( إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) بمجرد ذلك ، هذا وقد أقامت عليكم الرسل الحجج والأدلة الصحيحة على صدق ما جاءوكم به ، فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتم فيه ، ( فلا تلوموني ) اليوم ، ( ولوموا أنفسكم ) فإن الذنب لكم ، لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل ، ( ما أنا بمصرخكم ) أي : بنافعكم ومنقذكم ومخلصكم مما أنتم فيه ، ( وما أنتم بمصرخي ) أي : بنافعي بإنقاذي مما أنا فيه من العذاب والنكال ، ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل )

قال قتادة : أي بسبب ما أشركتمون من قبل .

وقال ابن جرير : يقول : إني جحدت أن أكون شريكا لله ، عز وجل .

وهذا الذي قاله هو الراجح كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ] ، وقال : ( كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) [ مريم : 82 ] .

وقوله : ( إن الظالمين ) أي : في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل ) لهم عذاب أليم )

والظاهر من سياق الآية : أن هذه الخطبة تكون من إبليس بعد دخولهم النار ، كما قدمنا . ولكن قد ورد في حديث رواه ابن أبي حاتم - وهذا لفظه - وابن جرير من رواية عبد الرحمن بن زياد : حدثني دخين الحجري ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا جمع الله الأولين والآخرين ، فقضى بينهم ، ففرغ من القضاء ، قال المؤمنون : قد قضى بيننا ربنا ، فمن يشفع لنا ؟ فيقولون : انطلقوا بنا إلى آدم - وذكر نوحا ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى - فيقول عيسى : أدلكم على النبي الأمي . فيأتوني ، فيأذن الله لي أن أقوم إليه فيثور [ من ] مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط ، حتى آتي ربي فيشفعني ، ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ، ثم يقول الكافرون هذا : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فمن يشفع لنا ؟ ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا ، فيأتون إبليس فيقولون : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فقم أنت فاشفع لنا ، فإنك أنت أضللتنا . فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ، ثم يعظم نحيبهم ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ) .

وهذا سياق ابن أبي حاتم ، ورواه ابن المبارك عن رشدين بن سعد ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن دخين عن عقبة ، به مرفوعا .

وقال محمد بن كعب القرظي ، رحمه الله : لما قال أهل النار : ( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص ) قال لهم إبليس : ( إن الله وعدكم وعد الحق ) الآية ، فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم ، فنودوا : ( لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون ) [ غافر : 10 ] .

وقال عامر الشعبي : يقوم خطيبان يوم القيامة على رءوس الناس ، يقول الله لعيسى ابن مريم : ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) إلى قوله : ( قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ) [ المائدة : 116 ، 119 ] ، قال : ويقوم إبليس - لعنه الله - فيقول : ( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) الآية .

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: وقال إبليس ، (13) ( لما قُضِي الأمر ) ، يعني لما أدخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ ، واستقرّ بكل فريق منهم قرارهم ، (14) إن الله وعدكم ، أيها الأتباعُ ، النارَ ، ووعدتكم النُّصْرة ، فأخلفتكم وعدي ، ووفى الله لكم بوعده ( وما كان لي عليكم من سلطان ) ، يقول: وما كان لي عليكم ، فيما وعدتكم من النصرة ، من حجة تثبت لي عليكم بصدق قولي (15) ( إلا أنْ دعوتكم ) . وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول ، كما تقول: " ما ضربْتُه إلا أنه أحمق " ، ومعناه: ولكن (دعوتكم فاستجبتم لي ) . يقول: إلا أن دعوتكم إلى طاعتي ومعصية الله ، فاستجبتم لدعائي (16) ( فلا تلوموني ) ، على إجابتكم إياي ( ولوموا أنفسكم ) ، عليها ( ما أنا بمُصْرِخِكم ) ، يقول: ما أنا بمُغِيثكم ( وما أنتم بمصرخِيَّ ) ، ولا أنتم بمُغيثيَّ من عذاب الله فمُنْجِيَّ منه ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، يقول: إني جَحدْت أن أكون شريكًا لله فيما أشركتمون فيه من عبادتكم (من قبل) في الدنيا ( إن الظالمين لهم عذاب أليم ) ، يقول: إن الكافرين بالله لهم عذاب " أليم " ، من الله موجِع . (17)

* * *

يقال: " أصْرَختُ الرجلَ" ، إذا أغثته " إصراخًا " ، و " قد صَرَخ الصَّارخ ، يصرُخ ، ويَصْرَخ ، قليلة ، وهو الصَّرِيخ والصُّراخ ". (18)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

20641 - حدثني محمد بن المثنى قال ، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا داود ، عن عامر في هذه الآية: ( ما أنا بمُصْرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، قال: خطيبان يقومان يومَ القيامة ، إبليسُ وعيسى ابن مريم . فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول . وأما عيسى عليه السلام فيقول: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ،[سورة المائدة : 117 ].

20642 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن الشعبي قال : يقوم خطيبان يوم القيامة ، أحدهما عيسى ، والآخر إبليس . فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول: ( إن الله وعدكم وعد الحق ) ، فتلا داود حتى بلغ: ( بما أشركتموني من قبل ) ، فلا أدري أتمَّ الآية أم لا؟ وأما عيسى عليه السلام فيقال له: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، فتلا حتى بلغ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سورة المائدة : 116 - 118 ] .

20643 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا علي بن عاصم ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر قال ، يقوم خطيبان يوم القيامة على رءوس الناس ، يقول الله عز وجل: يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلى قوله هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ، [سورة المائدة : 116 - 119 ] . قال: ويقوم إبليس فيقول: ( وما كان لِيَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ ) ، ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمُغيثيَّ.

20644 - حدثنا الحسين قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثني خالد ، عن داود ، عن الشعبي ، في قوله: ( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ) ، قال: خطيبان يقومان يوم القيامة ، فأما إبليس فيقول هذا ، وأما عيسى فيقول: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ .

20645 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن رشدين بن سعد قال ، أخبرني عبد الرحمن بن زياد ، عن دخين الحجري ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكر الحديث ، قال: يقول عيسى: ذلكم النبيُّ الأميّ. فيأتونني ، فيأذن الله لي أن أقوم ، فيثور من مجلسي من أطيب ريح شَمَّها أحدٌ ، حتى آتي ربي فيشفعني ، ويجعل لي نُورًا إلى نور ، من شَعَر رأسي إلى ظفر قدمي ، ثم يقول الكافرون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فقم أنت فاشفع لنا ، فإنكَ أنت أضللتنا . فيقوم ، فيثورُ من مجلسه أنتنُ ريح شَمَّها أحدٌ ، ثم يعظم لجهنّم ، (19) ويقول عند ذلك: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) ، الآية. (20)

20646 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن ، في قوله: ( وما كان لي عليكم من سلطانٍ ) ، قال: إذا كان يوم القيامة ، قام إبليس خطيبًا على منبر من نار ، فقال: ( إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم ) ، إلى قوله: ( وما أنتم بمصرخيّ ) ، قال: بناصريَّ ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، قال: بطاعتكم إياي في الدنيا.

20647 - حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، أخبرنا ابن المبارك عمن ذكره قال ، سمعت محمد بن كعب القرظي ، قال في قوله: ( وقال الشيطان لما قُضِيَ الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ) ، قال: قام إبليس يخطبهُم فقال: ( إن الله وعدكم وعد الحق ) ، إلى قوله: ( ما أنا بمصرخكم ) ، يقول: بمغنٍ عنكم شيئًا ( وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، قال: فلما سمعوا مقالته مَقَتُوا أنفسهم ، قالا فنودوا: لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ، الآية[سورة غافر : 10 ] .

20648 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سَعيد ، عن قتادة ، قوله: ( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ) ، ما أنا بمغيثكم ، وما أنتم بمغيثي قوله: ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، يقول: عصيت الله قبلكم.

20649 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: ( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) ، قال: هذا قولُ إبليس يوم القيامة ، يقول: ما أنتم بنافعيّ وما أنا بنافعكم (إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) قال: شركته ، عبادته.

20650 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسين قال: حدثنا ورقاء جميعًا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: ( بمصرخيّ ) ، قال: بمغيثيّ.

20651 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله.

20652 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله.

20653 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله.

20654 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس قال : ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيَّ.

20655 - حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد قال : خطيبُ السَّوْء الصادق إبليس ، (21) أفرأيتم صادقًا لم ينفعه صِدقهُ : ( إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان ) ، أقهركم به ( إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) ، قال: أطعتموني ( فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ) ، حين أطعتموني ( ما أنا بمصرخكم ) ، ما أنا بناصركم ولا مغيثكم ( وما أنتم بمصرخيّ ) ، وما أنتم بناصريّ ولا مغيثيّ لما بي ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل إنّ الظالمين لهم عذاب أليم ) .

20656 - حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد قال ، حدثنا ابن المبارك ، عن الحكم ، عن عُمَر بن أبي ليلى أحدِ بني عامر قال : سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول: ( وقال الشيطان لما قضي الأمر ) ، قال: قام إٍبليس عند ذلك ، يعني حين قال أهل جهنم: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ، فخطبهم ، فقال: ( إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم ) ،إلى قوله: ( ما أنا بمصرخكم ) ، يقول: بمُغْنٍ عنكم شيئًا ( وما أنتم بمصرخيَّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) . قال: فلما سمعوا مقالته مَقَتُوا أنفسهم ، قال: فنودوا: لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ ،الآية [سورة غافر : 10 ] . (22)

---------------------------

الهوامش :

(13) انظر تفسير " الشيطان " فيما سلف 1 : 111 ، 112 ، 296/ 12 : 51 .

(14) انظر تفسير " القضا " فيما سلف : 107 ، ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(15) انظر تفسير " السلطان " فيما سلف : 537 ، تعليق : 7 ، والمراجع هناك .

(16) انظر تفسير الاستجابة " فيما سلف : 416 . تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(17) انظر تفسير " الإشراك " و " أليم " فيما سلف من فهارس اللغة ( شرك ) ( ألم ) .

(18) " يَصْرَخُ " بفتح الراء ، وكذلك هي مضبوطة في المخطوطة ، ومضارع " صرخ " بفتح الراء لم أجد من نص عليه في المعاجم ، فهذا موضع زيادة .

(19) في المطبوعة " يعظم نحيبهم " ، غير ما اتفقت عليه المخطوطة ، والدر المنثور ، وابن كثير . وهو ما أثبت ، وأنا في شك من الكلمة ، وظني أنها " يُقَطِّمُ لجهنَّم " ، من قولهم " قَطَّم الشارب " إذا ذاق الشراب فكرهه ، وزوى وجهه ، وقطب .

(20) الأثر : 20645 - " رشدين بن سعد المصري " ، رجل صالح ، أدركته غفلة الصالحين ، فخلط في الحديث ، فليس يبالي عمن روى ، وهو ضعيف متروك ، عنده معاضيل ومناكير ، مضى مرارًا آخرها رقم : 17729 .

و " عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني الإفريقي " ، رجل صالح ، ولكنه منكر الحديث ، وإن وثقه بعضهم ، قال أبو الحسن بن القطان . كان من أهل العلم والزهد بلا خلاف بين الناس ، ومن الناس من يوثقه ، ويربأ به عن حضيض رد الرواية ، والحق فيه أنه ضعيف ، لكثرة روايته المنكرات ، وهو أمر يعتري الصالحين " ، مضى أيضًا مرارًا آخرها رقم : 14337 .

و " دخين الحجري " ، هو " دخين بن عامر الحجري " ، " أبو ليلي المصري " ، روى عن عقبة بن عامر ، وعنه عبد الرحمن بن زياد ، ذكره ابن حبان في الثقات . مترجم في التهذيب ، والكبير 2/1/234 ، وابن أبي حاتم 1/2/442 .

وهذا خبر ضعيف الإسناد ، لا يقوم . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 74 ، وزاد نسبته إلى ابن المبارك في الزهد ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، وابن عساكر وقال : أخرجوه بسند ضعيف ، ونقله عن ابن أبي حاتم ، ابن كثير في تفسيره 4 : 557 .

(21) في المطبوعة : " إبليس الصادق " ، أخر وقدم بلا داع مفهوم.

(22) الأثر : 20656 - " الحكم المكي " ، و " عمر بن أبي ليلى " ، انظر ما سلف تعليقًا على الرقم : 20639 ، وهو تتمة ذاك الخبر . وكان في المطبوعة هنا أيضًا " عمرو بن أبي ليلي " .

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ﴾ دائمًا ألاعيب الشيطان لا يدركها البعض إلا بعد فوات الأوان؛ لأنه بالغالب يدخل عليهم بصفة الخير!
وقفة
[22] ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ﴾ فقام فيهم إبليس لعنه الله يومئذ خطيبًا؛ ليزيدهم حزنًا إلى حزنهم، وغبنًا إلى غبنهم، وحسرة إلى حسرتهم.
وقفة
[22] ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾ بيان أن الشيطان أكبر عدو لبني آدم، وأنه كاذب مخذول ضعيف، لا يملك لنفسه ولا لأتباعه شيئًا يوم القيامة.
وقفة
[22] ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾ اعتراف إبليس أن وعد الله تعالى هو الحق، وأن وعد الشيطان إنما هو محض الكذب.
وقفة
[22] ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّـهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾ حكى الله تعالى عنه ما سيقوله في ذلك الوقت ليكون تنبيهًا للسامعين، وحثًا لهم على النظر في عاقبتهم، والاستعداد لما لا بد منه، وأن يتصوروا ذلك المقام الذي يقول فيه الشيطان ما يقول؛ فيخافوا، ويعملوا ما ينفعهم هناك.
وقفة
[22] حذار من وعود الشيطان؛ سيتبرأ منها كلها يوم القيامة ﴿وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ﴾.
وقفة
[22] ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ﴾ الشيطان ليس له سلطان على الإنسان، لكن المشكلة بنا نحن، فنحن ليس لنا سلطة على أنفسنا.
وقفة
[22] ﴿إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ﴾ [الحشر: 16] هذا أقصى ما يملك الشيطان؛ الوسوسة، وفي نهاية المطاف: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ﴾، ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ﴾ [الحشر: 16].
وقفة
[22] ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته والالتحاق بحزبه؛ ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا، وعلى ربهم يتوكلون.
عمل
[22] ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ لا تأمن الشيطان، وأكثِر من الاستعاذة بالله منه؛ فإنَّه سبب كل بلاء.
وقفة
[22] ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ واعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنَّه ليس له سلطان، وقال في آية أخرى: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النحل: 100]، فالسلطان الذي نفاه عنه هو سلطان الحُجة والدليل، فليس له حُجة أصلًا على ما يدعو إليه، وإنَّما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي، وأما السلطان الذي أثبته فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه؛ يؤزهم إلى المعاصي أزًا.
عمل
[22] ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ... فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم﴾ أمرك بيدك، لا بيد الشيطان؛ فعُذ بالله منه، واحذره، واستعن بالله قبل أن يقضى الأمر.
عمل
[22] ﴿فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم﴾ اجلس مع نفسك جلسة محاسبة، وراجع ما مضى من عملك.
لمسة
[22] صرخ: يعني استغاث، صنع فعل الصراخ، وأصرخ: بمعنى أغاثه وأزال الصراخ، الهمزة هي همزة السلب، أي تسلب الحكم الأول، مثل جار بمعنى ظلم، وأجار بمعنى رفع الجور، قَسَط بمعنى جار وظلم، وأقسط أزال القسط وأزال الظلم، ﴿مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ لا تستطيعون أن تعينوني وتزيلوا صراخي، ولا أنا أزيل صراخكم.
وقفة
[22] ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ الظالم عندما يظلم لا يعترف بجوره، فيرى أنه يمارس حقه الطبيعي! فكم تسبب من ألم لذلك عذابه سيكون أليمًا.
تفاعل
[22] ﴿إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الْأَمْرُ:
  • الواو: عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الشيطان: فاعل مرفوع بالضمة. لما: بمعنى «حين» اسم شرط‍ غير جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية خافض لشرطه متعلق بالجواب. وجواب «لما» محذوف لتقدم معناه. التقدير: لما قضي الأمر قال الشيطان لهم. قضي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الأمر: نائب فاعل مرفوع بالضمة. وجملة قُضِيَ الْأَمْرُ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «لمّا» بمعنى: لمّا قطع الأمر وفرغ منه أي من أمر هؤلاء الكفرة.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «إنّ» منصوب للتعظيم بالفتحة. وعد: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف: ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «وعدكم» في محل رفع خبر «إنّ» وعد: منصوب على المصدر مفعول مطلق وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الحق: مضاف اليه مجرور بالكسرة بمعنى وعدكم الله وعدا لا مناص من انجازه وهو البعث والجزاء على الأعمال فوفى لكم بما وعدكم.
  • ﴿ وَوَعَدْتُكُمْ:
  • الواو عاطفة. وعدة: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف: ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. أي ووعدتكم خلاف ذلك.
  • ﴿ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي:
  • معطوفة بالفاء على «وعدتكم» وتعرب إعرابها. الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لي: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» مقدم.
  • ﴿ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ:
  • جار ومجرور والميم علامة جمع الذكور. من: حرف جر زائد. سلطان: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه اسم «كان» مؤخر والجار والمجرور «عليكم» متعلق بصفة مقدمة من «سلطان»
  • ﴿ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ:
  • بمعنى: فما كان لي عليكم من تسلط‍ غير أني دعوتكم. إلاّ: أداة استثناء. أن: مصدرية. دعوتكم: تعرب إعراب «وعدتكم» و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مستثنى بإلا. التقدير: إلاّ دعائي اياكم الى الضلالة بوسوستي. وهو استثناء منقطع لأن الدعاء ليس من جنس السلطان.
  • ﴿ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي:
  • الفاء: سببية. استجبتم: تعرب إعراب «وعدة» والميم علامة جمع الذكور. لي: جار ومجرور متعلق باستجاب بمعنى فأطعتموني وجملة «دعوتكم» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ فَلا تَلُومُونِي:
  • الفاء: تعليلية. لا: ناهية جازمة. تلوموني: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون. النون للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ:
  • الواو: استئنافية. لوموا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أنفس: مفعول به منصوب بالفتحة. الكاف: ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الميم للجمع.
  • ﴿ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ:
  • ما: نافية تعمل عمل «ليس» عند الحجازيين ولا عمل لها عند بني تميم. أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ. الباء: حرف جر زائد للتوكيد. مصرخ: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر «أنا» الكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والميم علامة الجمع.
  • ﴿ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ:
  • معطوفة بالواو على ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ» وتعرب إعرابها بمعنى: ما أنا بمغيثكم اليوم من عذاب الله وما أنتم بمغيثي منه. يقال: استصرخه فأصرخه: أي استغاث به فأغاثه. والياء ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة وقد فتحت الياء لأنها جاءت بعد ياء الجمع.
  • ﴿ إِنِّي كَفَرْتُ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ».كفرت: في محل رفع خبر «إنّ» تعرب اعراب «وعدة» بمعنى تبرأت.
  • ﴿ بما أشركتموني من قبل:
  • جار ومجرور متعلق بكفرت. ما: مصدرية. أشركتموني: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل الميم علامة جمع الذكور. الواو لاشباع الميم. النون للوقاية والكسرة دالة على ضمير المتكلم الياء المحذوفة. اختصارا وهي ضمير متصل في محل نصب مفعول به. من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. وجملة «أشركتموني» صلة «ما» المصدرية لا محل لها. وشبه الجملة «من قبل متعلق بأشركتموني» يعني كفرت اليوم باشراككم إيّاي من قبل هذا اليوم أي من قبل أن أهبط‍ إلى الأرض بإشراككم إياي بالله فانا هالك معكم أي مثلكم. ويجوز أن يتعلق مِنْ قَبْلُ» بكفرت و «ما» موصولة بمعنى: كفرت من قبل حين أبيت السجود لآدم بالذي أشركتمونيه وهو الله تعالى.
  • ﴿ إِنَّ الظّالِمِينَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الظالمين: اسم «إنّ» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.
  • ﴿ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
  • الجملة: في محل رفع خبر «إنّ» اللام: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. أليم: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة. '

المتشابهات :

ابراهيم: 22﴿إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
الشورى: 21﴿وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل مُحاورةَ الأتباعِ والمتبوعينَ من كفرةِ الإنسِ؛ ذكَرَ هنا مُحاورةَ الشَّيطانِ وأتباعِه مِن الإنسِ، وتبرؤه منهم؛ وذلك لاشتراكِ المتبوعين والشَّياطينِ في التلبُّسِ بالإضلالِ، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ..

التفسير :

[23] وأُدخل الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري مِن تحت أشجارها وقصورها الأنهار، لا يخرجون منها أبداً -بإذن ربهم وحوله وقوته- يُحَيَّوْن فيها بسلام من الله وملائكته والمؤمنين.

ولما ذكر عقاب الظالمين ذكر ثواب الطائعين فقال:{ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي:قاموا بالدين، قولا، وعملا، واعتقادا{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} فيها من اللذات والشهوات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،{ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} أي:لا بحولهم وقوتهم بل بحول الله وقوته{ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} أي:يحيي بعضهم بعضا بالسلام والتحية والكلام الطيب.

وبعد هذا الحديث عن سوء عاقبة الكافرين.. بين- سبحانه- ما أعده للمؤمنين من ثواب جزيل، وأجر عظيم فقال- تعالى-:

وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ.

أى: وأدخل الله- تعالى- في هذا اليوم، وهو يوم القيامة، الذين آمنوا بكل ما يجب الإيمان به، وعملوا الأعمال الصالحة، أدخلهم- سبحانه- جنات تجرى من تحت ثمارها وأشجارها الأنهار، حالة كونهم خالدين فيها خلودا أبديا لا موت معه ولا تعب.

وجاء التعبير بصيغة الماضي لتحقيق الوقوع، وتعجيل البشارة، وقوله، بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أى: بإرادته- سبحانه- وتوفيقه وهدايته لهم.

وقوله تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ أى: تحيتهم في الجنة سلام لهم من خالقهم- عز وجل- ومن الملائكة، ومن بعضهم لبعض.

كما قال- تعالى-: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ .

وكما قال- تعالى-: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ.. .

وكما قال- سبحانه-: وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً .

وبذلك نرى الآيات الكريمة قد بينت بأبلغ أسلوب بوار أعمال الذين كفروا، وسوء أحوالهم يوم القيامة، كما بينت حسن عاقبة المؤمنين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.

وبعد أن بين- سبحانه- حال السعداء والأشقياء يوم القيامة، أتبع ذلك بضرب مثل لهما زيادة في التوضيح والتقرير فقال- تعالى-:

ثم لما ذكر تعالى مآل الأشقياء وما صاروا إليه من الخزي والنكال . وأن خطيبهم إبليس ، عطف بحال السعداء وأنهم يدخلون يوم القيامة جنات تجري من تحتها الأنهار سارحة فيها حيث ساروا وأين ساروا ) خالدين فيها ) ماكثين أبدا لا يحولون ولا يزولون ، ( بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام ) كما قال تعالى : ( حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم ) [ الزمر : 73 ] ، وقال تعالى : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ) [ الرعد : 23 ، 24 ] وقال تعالى : ( ويلقون فيها تحية وسلاما ) [ الفرقان : 75 ] ، وقال : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) [ يونس : 10 ] .

قال أبو جعفر : يقول عز ذكره: وأدخل الذين صدقوا الله ورسوله ، فأقرُّوا بوحدانية الله وبرسالة رُسله. وأنّ ما جاءت به من عند الله حق ( وعملوا الصالحات ) ، يقول: وعملوا بطاعة الله . فانتهوا إلى أمر الله ونهيه (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) ، بساتين تجري من تحتها الأنهار (خَالِدِينَ فِيهَا) ، يقول ماكثين فيها أبدًا (23) (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) ، يقول: أُدخلوها بأمر الله لهم بالدخول(تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) ، (24) وذلك إن شاء الله كما:-

20657 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال ، قوله: (تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) ، قال: الملائكة يسلِّمون عليهم في الجنة.

* * *

وقوله: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) ، يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر ، يا محمد ، بعين قلبك ، (25) فتعلم كيف مثَّل الله مثَلا وشبَّه شبَهًا (26) (كَلِمَةً طَيِّبَةً) ، ويعني بالطيبة: الإيمانَ به جل ثناؤه ، (27) كشجرة طَيّبة الثمرة ، وترك ذكر " الثمرة " استغناء بمعرفة السَّامعين عن ذكرها بذكر " الشَّجرة ". وقوله: ( أصلها ثابت وفرعها في السماء) ، يقول عز ذكره: أصلُ هذه الشجرة ثابتٌ في الأرض " وفرعها " ، وهو أعلاها في " السماء " ، يقول: مرتفع علُوًّا نحوَ السماء. وقوله: ( تؤتي أكُلَهَا كل حين بإذن ربّها ) ، يقول: تطعم ما يؤكل منها من ثمرها كلّ حين بأمرِ ربها (28) (ويضرب الله الأمثال للناس ) ، يقول: ويمثِّل الله الأمثال للناس ، ويشبّه لهم الأشباهَ (29) ( لعلهم يتذكرون ) ، يقول: ليتذكروا حُجَّة الله عليهم ، فيعتبروا بها ويتعظوا ، فينـزجروا عما هم عليه من الكفر به إلى الإيمان. (30)

* * *

وقد اختلف أهل التأويل في المعنى بالكلمة الطيبة .

فقال بعضهم: عُني بها إيمانُ المؤمن.

* ذكر من قال ذلك:

------------------------

الهوامش :

(23) قوله : " يقول : ماكثين فيها أبدًا " ، ساقط من المطبوعة .

(24) انظر تفسير ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة ( أمن ) ، ( صلح ) ، ( جنن ) ، ( نهر ) ، ( خلد ) ، ( أذن ) .

وانظر تفسير " التحية " فيما سلف 8 : 586 .

(25) انظر تفسير " الرؤية " فيما سلف : 556 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(26) انظر تفسير " ضرب مثلا " فيما سلف 1 : 403 .

(27) انظر تفسير " الطيب " فيما سلف 13 : 165 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(28) انظر تفسير " الأكل " فيما سلف : 472 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك .

وتفسير " الإذن " فيما سلف من فهارس اللغة ( أذن ) .

(29) انظر تفسير "ضرب مثلا" فيما سلف 1:403.

(30) انظر تفسير " التذكر " فيما سلف من فهارس اللغة ( ذكر ) .

وانظر القول في " لعل " في مباحث العربية .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23] ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ هنا نهاية تعبك من هموم الدنيا ونكد البشر، هنا نهاية رحلة المأساة وعذاب الفكر والبدن.
وقفة
[23] ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ هذه أسعد اللحظات في الدنيا والآخرة: لحظة دخول الجنة، جاء التعبير بصيغة الماضي لتأكيد الحدوث، وتعجيل البشارة للمؤمنين.
وقفة
[23] ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ كان في شرف استقبال المؤمنين وفد من الملائكة المقربين، فقاموا بإدخالهم الجنة حتى أوصلوهم إلى قصورهم فيها.
تفاعل
[23] ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ۖ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[23] ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ يسلم بعضهم على بعض، وتسلم الملائكة عليهم.
عمل
[23] ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ لا تستبدل تحية أهل الجنة (السلام) بغيرها من التحيات.
وقفة
[23] ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ سلِم أهل الجنة من آفات الدنيا الحسية؛ فلا أمراض ولا أوجاع، ومن آفاتها المعنوية؛ فلا هموم ولاغموم، ولا شك أن السلامة من هذه الآفات من أعظم نعيم الجنات، لا سيما إذا حصل بعد هذه السلامة الفوز بالملذات المادية والروحية في دار السعادة الأبدية.
وقفة
[23] السلام تحية أهل الجنان إذا التقوا ببعض: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾، والتلاعن سمة أهل النار: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [الأعراف: 38].

الإعراب :

  • ﴿ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا:
  • الواو: استئنافية. ادخل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة: الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة. الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب اعرابها. الصالحات: أي الاعمال الصالحات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • جنات: تعرب اعراب «الصالحات» والجملة بعدها: في محل نصب صفة-نعت-لها. تجري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت: جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال من الأنهار بتقدير كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الأنهار فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ خالِدِينَ فِيها:
  • حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ:
  • بإذن: جار ومجرور متعلق بأدخل. أي أدخلتهم الملائكة الجنة بإذن الله وأوامره. ربّ: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. فيها: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. سلام: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية فِيها سَلامٌ» في محل رفع خبر «تحيتهم». '

المتشابهات :

يونس: 10﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّـهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ
ابراهيم: 23﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد ذكرِ عذاب الكافرين؛ جاء ذكرُ نعيم المؤمنين، قال تعالى:
﴿ وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأدخل:
قرئ:
1- بهمزة المتكلم، مضارع «أدخل» ، وهى قراءة الحسن، وعمرو بن عبيد.
2- ماضيا مبنيا للمجهول، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [24] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ ..

التفسير :

[24] ألم تعلم -أيها الرسول- كيف ضرب الله مثلاً لكلمة التوحيد «لا إله إلا الله» بشجرة عظيمة، وهي النخلة، أصلها متمكن في الأرض، وأعلاها مرتفع علوّاً نحو السماء؟

يقول تعالى:{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَة} "وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وفروعها{ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} وهي النخلة{ أَصْلُهَا ثَابِتٌ} في الأرض{ وَفَرْعُهَا} منتشر{ فِي السَّمَاءِ}

والخطاب في قوله أَلَمْ تَرَ ... للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح للخطاب، والاستفهام للتقرير، والرؤية مستعملة في العلم الناشئ عن التأمل والتفكر في ملكوت السموات والأرض.

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ ... هذا التعبير قد يذكر لمن تقدم علمه فيكون للتعجب، وقد يذكر لمن ليس كذلك، فيكون لتعريفه وتعجيبه، وقد اشتهر في ذلك حتى أجرى مجرى المثل في ذلك، بأن شبه من لم ير الشيء بحال من رآه في أنه لا ينبغي أن يخفى عليه، ثم أجرى الكلام معه كما يجرى مع من رأى، قصدا إلى المبالغة في شهرته وعراقته في التعجب» .

والمثل: يطلق على القول السائر المعروف للماثلة مضربه لمورده.

وقوله مَثَلًا انتصب على أنه مفعول به لضرب، وقوله كَلِمَةً بدل منه أو عطف بيان.

والمراد بالكلمة الطيبة: كلمة الإسلام، وما يترتب عليها من عمل صالح، وقول طيب.

قال الآلوسى ما ملخصه: «والمراد بالشجرة الطيبة- المشبه بها- النخلة عند الأكثرين وروى ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعكرمة والضحاك وابن زيد..

وأخرج عبد الرزاق والترمذي وغيرهما عن شعيب بن الحجاب قال: كنا عند أنس، فأتينا بطبق عليه رطب، فقال أنس لأبى العالية: كل يا أبا العالية، فإن هذا من الشجرة التي ذكرها الله- تعالى- في كتابه أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ....

وأخرج الترمذي- أيضا- والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه عن أنس قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من بسر- أى بطبق من تمر لم ينضج بعد فقال: «مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة ... قال: هي النخلة» .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنها شجرة جوز الهند.

وأخرج ابن حرير وابن ابى حاتم أنها شجرة في الجنة، وقيل كل شجرة مثمرة كالنخلة، وكشجرة التين والعنب والرمان وغير ذلك ثم قال:

وأنت تعلم أنه إذا صح الحديث ولم يتأت حمل ما فيه على التمثيل لا ينبغي العدول عنه» .

وكأن الإمام الآلوسى بهذا القول يريد أن يرجح أن المراد بالشجرة الطيبة النخلة، لتصريح الآثار بذلك.

وقد رجح ابن جرير- أيضا- أن المراد بها النخلة فقال ما ملخصه: «واختلفوا في المراد بالشجرة الطيبة، فقال بعضهم: هي النخلة ... وقال آخرون: هي شجرة في الجنة ...

وأولى القولين بالصواب في ذلك قول من قال هي النخلة، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك..» .

والمعنى: ألم تر- أيها المخاطب- كيف اختار الله- تعالى- مثلا، ووضعه في موضعه اللائق به، والمناسب له، وهذا المثل لكلمتى الإيمان والكفر، حيث شبه- سبحانه- الكلمة الطيبة وهي كلمة الإسلام، بالشجرة الطيبة، أى النافعة في جميع أحوالها، وهي النخلة.

ثم وصف- سبحانه- هذه الشجرة بصفات حسنة فقال: أَصْلُها ثابِتٌ.

أى: ضارب بعروقه في باطن الأرض فصارت بذلك راسخة الأركان ثابتة البنيان.

وَفَرْعُها أى: أعلاها وما امتد منها من أغصان، مشتق من الافتراع بمعنى الاعتلاء فِي السَّماءِ أى: في جهة السماء من حيث العلو والارتفاع، وهذا مما يزيد الشجرة جمالا وحسن منظر.

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( مثلا كلمة طيبة ) شهادة أن لا إله إلا الله ، ( كشجرة طيبة ) وهو المؤمن ، ( أصلها ثابت ) يقول : لا إله إلا الله في قلب المؤمن ، ( وفرعها في السماء ) يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء .

وهكذا قال الضحاك ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة وقتادة وغير واحد : إن ذلك عبارة عن المؤمن ، وقوله الطيب ، وعمله الصالح ، وإن المؤمن كالشجرة من النخل ، لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت ، وصباح ومساء .

وهكذا رواه السدي ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : هي النخلة .

وشعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس : هي النخلة .

وحماد بن سلمة ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بقناع بسر فقال : " ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة " قال : " هي النخلة " .

وروي من هذا الوجه ومن غيره ، عن أنس موقوفا وكذا نص عليه مسروق ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة وغيرهم .

وقال البخاري : حدثنا عبيد بن إسماعيل ، عن أبي أسامة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أخبروني عن شجرة تشبه - أو : كالرجل - المسلم ، لا يتحات ورقها [ ولا ولا ولا ] تؤتي أكلها كل حين " . قال ابن عمر : فوقع في نفسي أنها النخلة ، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان ، فكرهت أن أتكلم ، فلما لم يقولوا شيئا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي النخلة " . فلما قمنا قلت لعمر : يا أبتا ، والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة . قال : ما منعك أن تكلم ؟ قال : لم أركم تتكلمون ، فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا . قال عمر : لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا .

وقال أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : صحبت ابن عمر إلى المدينة ، فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا - قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بجمار . فقال : " من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم " . فأردت أن أقول : هي النخلة ، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم ، [ فسكت ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي النخلة " أخرجاه .

وقال مالك وعبد العزيز ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه : " إن من الشجر شجرة لا يطرح ورقها ، مثل المؤمن " . قال : فوقع الناس في شجر البوادي ، ووقع في قلبي أنها النخلة [ فاستحييت ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي النخلة ] " أخرجاه أيضا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبان - يعني ابن زيد العطار - حدثنا قتادة : أن رجلا قال : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور! فقال : " أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا ، فركب بعضها على بعض أكان يبلغ السماء ؟ أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء ؟ " . قال : ما هو يا رسول الله ؟ قال : " تقول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، وسبحان الله ، والحمد لله " ، عشر مرات في دبر كل صلاة ، فذاك أصله في الأرض وفرعه في السماء " .

وعن ابن عباس ( كشجرة طيبة ) قال : هي شجرة في الجنة .

20658 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله: (كَلِمَةً طَيِّبَةً) ، شهادةُ أن لا إله إلا الله (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) ، وهو المؤمن (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) ، يقول: لا إله إلا الله ، ثابتٌ في قلب المؤمن (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) ، يقول: يُرْفَع بها عملُ المؤمن إلى السماء.

20659 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس: ( كلمة طيبة ) ، قال: هذا مَثَلُ الإيمان ، فالإيمان الشَّجرة الطيبة ، وأصله الثابت الذي لا يزول الإخلاصُ لله ، وفرعُه في السماء ، فَرْعُه خشْية الله.

20670 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال مجاهد: ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمةً طيبة كشجرة طيبة ) ، قال: كنخلة قال ابن جريج ، وقال آخرون: " الكلمة الطيبة " ، أصلها ثابت ، هي ذات أصل في القلب (31) ( وفرعها في السماء ) ، تَعْرُجُ فلا تُحْجَب حتى تنتهي إلى الله.

* * *

وقال آخرون: بل عُنِي بها المؤمن نفسُه.

* ذكر من قال ذلك:

20671 - حدثني محمد بن سعد قال ، ثني أبي قال ، ثني عمي قال ، ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) ، ، يعني بالشجرة الطيبة المؤمنَ ، ويعني بالأصل الثابت في الأرض ، وبالفرع في السماء ، يكون المؤمن يعمَلُ في الأرض ، ويتكلَّم ، فيبلغ عمله وقولُه السَّماءَ وهو في الأرض.

20672 - حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي في قوله: ( ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ) ، قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرُج منه كلام طيبٌ وعمل صالح يَصْعَد إليه.

20673 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس قال : " أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي الأرْضِ" ، وكذلك كان يقرؤها. قال : ذلك المؤمنُ ضُرِبَ مثله . قال : الإخلاصُ لله وحده وعبادته لا شريك له ، قال: ( أصلها ثابت ) ، قال: أصل عمله ثابتٌ في الأرض (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) ، قال: ذكرُه في السماء.

* * *

واختلفوا في هذه " الشجرة " التي جعلت للكلمة الطيبة مثلا .

فقال بعضهم: هي النخلة.

* ذكر من قال ذلك:

20674 - حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك في هذا الحرف: (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) ، قال: هي النخلة.

20675 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا أبو قطن قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن أنس ، مثله.

20676 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال ، سمعت أنس بن مالك يقول: (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) ، قال: النخل. (32)

20677 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد قالا حدثنا ابن علية قال ، حدثنا شعيب قال ، قال خرجت مع أبي العاليةِ نريد أنس بن مالك ، قال : فأتيناه ، فدعا لنا بقِنْوٍ عليه رُطَبٌ ، (33) فقال: كلوا من هذه الشجرةِ التي قال الله عز وجل: ( ضربَ الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) ، وقال الحسن في حديثه: " بقِنَاع ". (34)

20678 - حدثنا خلاد بن أسلم قال ، أخبرنا النضر بن شميل قال ، أخبرنا حماد بن سلمة قال ، أخبرنا شعيب بن الحبحاب ، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بقِناع بُسْر ، (35) فقال: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) قال: هي النخلة.

20679 - حدثنا سوّار بن عبد الله قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتِى بقِناع فيه بُسْر ، فقال: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) قال: " هي النخلة. قال شعيب ، فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كانُوا يقولون.

20680 - حدثني المثنى قال ، حدثنا حجاج قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن شُعيب بن الحَبْحاب قال : كنا عند أنس ، فأُتينا بطَبَق ، أو قِنْع ، عليه رُطب ، فقال: كل يا أبا العالية ، فإن هذا من الشَّجرة التي ذكر الله جلّ وعزّ في كتابه: ( ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلُها ثابت ) .

20681 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا مهدي بن ميمون ، عن شعيب بن الحبحاب قال ، كان أبو العالية يأتيني ، فأتاني يومًا في منـزلي بعد ما صلَّيت الفجر ، فانطلقتُ معه إلى أنس بن مالك ، فدخلنا معه إلى أنس بن مالك ، فجيءَ بطبق عليه رُطَب فقال أنس لأبي العالية: كل ، يا أبا العالية ، فإن هذه من الشجرة التي قال الله في كتابه: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثَابِتٍ أَصْلُهَا ) ، قال: هكذا قرأها يومئذ أنس. (36)

20682 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا طلق قال ، حدثنا شريك ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، مثله. (37)

20683 - حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا عبد الغفار بن القاسم ، عن جامع بن أبي راشد ، عن مُرَّة بن شراحيل الهمداني ، عن مسروق: ( كشجرة طيبة ) ، قال: النخلة.

20684 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ح وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن [قال ، حدثنا ورقاء جميعًا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( كشجرة طيبة )، قال : كنخلة.

20685 - حدثنا الحسن ] (38) قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ح وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل جميعًا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله.

20686 - حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا إسرائيل ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، مثله.

20687 - حدثني المثنى قال ، حدثنا مُعَلَّى بن أسد قال ، حدثنا خالد قال ، أخبرنا حصين ، عن عكرمة في قوله: ( كشجرة طيبة ) قال: هي النخلة ، لا تزالُ فيها منفعةٌ.

20688 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله: ( كشجرة طيبة ) ، قال: ضرب الله مثل المؤمن كمثل النخلة (تؤتي أكلها كل حين).

20689 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله: ( مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة ) ، كنا نُحَدَّث أنها النخلة .

20690 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( كشجرة طيبة ) ، قال: يزعمون أنها النخلة.

20691 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، قال: هي النخلة.

20692 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن عبيد قال ، حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله: ( وفرعها في السماء ) ، قال: النخل. (39)

20693 - حدثنا الحسن (40) قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثنا خالد ، عن الشيباني ، عن عكرمة: ( تؤتي أكلها كل حين ) ، قال: هي النخلة.

20694 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال ، قال شعيب بن الحبحاب ، عن أنس بن مالك: " الشجرة الطيبة " ، النخلة.

وقال آخرون: بل هي شجرة في الجنة.

* ذكر من قال ذلك:

20695 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا أبو كدينة قال ، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قول الله جلّ وعَزّ : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) ، قال: هي شجرة في الجنة. (41)

* *

قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب في ذلك قولُ من قال: هي " النخلة " ، لصحَّة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما:-

20696 - حدثنا به الحسن بن محمد قال ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال ، صحبتُ ابنَ عمر إلى المدينة ، فلم أسمعه يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثًا واحدًا قال ، كنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتي بجُمَّار فقال: من الشَّجر شجرةٌ مَثَلُها مثلُ الرَّجُل المسلم. فأردت أن أقول " هي النخلة " ، فإذا أنا أصغرُ القوم ، فسكتُّ ، [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة] . (42)

20697 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان ، عن يوسف بن سَرْج ، عن رجل ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل تدرُون ما الشجرة الطيبة ؟ قال ابن عمر: فأردت أنْ أقول " هي النخلة " ، فمنعني مكان عُمَر ، فقالُوا: الله ورسوله أعلم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النَّخْلة. (43)

20698 - حدثنا الحسن ، فال: حدثنا يحيى بن حماد قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا لأصحابه: إن شجرةً من الشجر لا تَطرحُ ورقَها مثل المؤمن؟ قال: فوقع الناس في شجر البَدْو ، ووقع في قلبي أنها النخلة ، فاستحييت ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. (44)

20699 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا عاصم بن علي قال ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي قال ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ من الشجر شجرةً لا يسقط ورَقها ، وهي مثل المؤمن ؛ فتحدثوني ما هي ؟ فذكر نحوه. (45)

20700 - حدثنا الحسن قال، حدثنا علي قال، حدثنا يحيى بن سعد قال، حدثنا عبيد الله قال، حدثني نافع، عن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبروني بشجرة كمثل الرجل المسلم، تُؤتي أكلها كل حين، لا يتحاتُّ ورقها؟ قال: فوقع في نفسي أنها النَّخلة، فكرهت أن أتكلم وثّمَّ أبو بكر وعمر، فلما لم يتكلموا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. (46)

20701 - حدثنا الحسن قال ، حدثنا محمد بن الصباح قال ، حدثنا إسماعيل ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه. (47)

------------------------

الهوامش:

(31) في المطبوعة : " في ذات أصل " ، وهو خطأ بلا ريب .

(32) الآثار : 20674 - 20676 - هذا خبر صحيح الإسناد ، من طرقه الثلاث ، موقوفًا على أنس . وانظر التعليق على الآثار التالية .

(33) " القنو " ، بكسر فسكون ، وجمعه " أقناء " و " قنوان " بكسر فسكون ، وهو العذق عذق النخلة ، بما فيه من الرطب ، وهو " الكباسة " ، بكسر الكاف .

(34) " القناع " ، بكسر القاف ، و " القنع " ، بكسر فسكون ، هو الطبق الذي يؤكل عليه الطعام ، أو الذي تؤكل فيه الفاكهة ، ويقال هو للرطب خاصة . و " البسر " . بضم فسكون ، التمر قبل أن يرطب ، وهو ما لم يلون ولم ينضج ، فإذا نضج فقد أرطب ، فهو رطب .

(35) " القناع " ، بكسر القاف ، و " القنع " ، بكسر فسكون ، هو الطبق الذي يؤكل عليه الطعام ، أو الذي تؤكل فيه الفاكهة ، ويقال هو للرطب خاصة . و " البسر " . بضم فسكون ، التمر قبل أن يرطب ، وهو ما لم يلون ولم ينضج ، فإذا نضج فقد أرطب ، فهو رطب .

(36) الآثار : 20677 - 20681 - حديث شعيب بن الحبحاب ، عن أنس ، مروي هنا من خمس طرق : من طريقين مرفوعًا ، من رواية حماد بن سلمة ، عن شعيب ، ( 20678 ، 20679 ) ، ثم من رواية حماد عن شعيب أيضًا موقوفًا ، ( 20680 ) ، ثم من طريقين موقوفًا ، من رواية ابن علية ، عن شعيب ، ومهدي بن ميمون عن شعيب . ( 20677 ، 20681 ) .

فالمرفوع ، أخرجه الحاكم في المستدرك 2 : 352 ، وقال : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه " ، وأخرجه الترمذي في تفسير هذه السورة . مطولا ، عن طريق أبي الوليد ، عن حماد بن سلمة ، عن شعيب ، ثم قال : " حدثنا قتيبة ، حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك نحوه بمعناه ، ولم يرفعه ، ولم يذكر قول أبي العالية ( 20679) . وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة .. وروى غير واحد مثل هذا موقوفًا . ولا نعلم أحدًا رفعه غير حماد بن سلمة . ورواه معمر ، وحماد بن زيد ، وغير واحد ، ولم يرفعوه . حدثنا أحمد بن عبدة الضبي . حدثنا حماد بن زيد ، وعن شعيب بن الحبحاب . عن أنس بن مالك . نحو حديث عبد الله بن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب ، ولم يرفعه " .

وخرج المرفوع السيوطي في الدر المنثور 4 : 76 ، ، وزاد نسبته إلى النسائي ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وابن مردويه ، وذكره . ابن كثير في تفسيره 4 : 561 .

(37) الأثر : 20682 - " طلق " ، هو " طلق بن غنام بن طلق النخعي " ، سلف برقم : 20000 ، روى عنه أبو كريب .

و " شريك " ، هو " شريك بن عبد الله النخعي " القاضي ، روى عنه طلق ، مضى مرارًا كثيرة .

وأمام هذا الخبر علامة في المخطوطة هكذا " .. " للدلالة على الشك ، وصدق فإنه لم يمض ذكر خبر عبد الله بن مسعود قبل ذلك ، فيقول : " مثله .. وقد نقله ابن كثير في تفسيره 4 : 559 ، فقال : هكذا رواه السدي ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : " هي النخلة " ، وكذلك السيوطي في الدر المنثور 4 : 76 ، فأخشى أن يكون سقط قبل هذا الخبر خبر فيه نص كلام ابن مسعود

(38) ما بين القوسين ، من منتصف الخبر السالف ، إلى هذا الموضع ، ساقط من المطبوعة .

(39) في المطبوعة : " النخلة " .

(40) في المطبوعة : " قال حدثنا الحسن " ، زاد ما لا مكان له .

(41) الأثر : 20695 - " أبو كدينة " ، " يحيى بن المهلب البجلي " ، ثقة ، ربما أخطأ ، يعتبر به ، سلفت ترجمته : 4193 ، 5994 ، 9745 .

و " قابوس بن أبي ظبيان الجنبي " ، ضعيف ، كان رديء الحفظ ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له ، فربما رفع المراسيل ، وأسند الموقوف ، مضى برقم : 9745 ، 10682 ، 16679 .

وأبوه " أبو ظبيان " ، اسمه " حصين بن جندب الجنبي " ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى برقم : 9745 ، 10683 ، 16679 .

(42) الأثر : 20696 - إسناده صحيح ، رواه من هذه الطريق أحمد في مسنده رقم : 4599 ، ورواه أحمد أيضًا من طريق شريك ، عن سلمة بن كهيل . عن مجاهد ، مطولا ومختصرًا ( 5647 ، 5955 ) ورواه البخاري في صحيحة ( الفتح 1 : 151 ) ، ومسلم في صحيحة ( 17 : 152 ) من ثلاث طر ق : من طريق أيوب ، عن أبي الخليل الضبعي ، عن مجاهد ، ومن طريق سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، ومن طريق ابن نمير ، عن أبيه ، عن سيف ، عن مجاهد .

وكان أمام الخبر في المخطوطة حرف ( ط ) ، إشارة إلى ما فيه من النقص الذي أثبته عن مسند أحمد ، ووضعته بين قوسين .

(43) الأثر : 20697 - " سليمان " ، هو " سليمان بن طرخان التيمي " ، مضى مرارًا كثيرة . و " يوسف بن سرج " ، بالجيم ، نص على ذلك عبد الغني ، في المؤتلف والمختلف : 69 ، والذهبي في المشتبه : 356 ، روى حديثًا مرسلا ، روى عنه سليمان التيمي ، مترجم في الكبير للبخاري 4/2/373 وابن أبي حاتم 4/2/223 : وكأنهما أشارا إلى هذا الخبر .

وكان في المطبوعة هنا : " سرح " بالحاء ، وكذلك في المخطوطة ، وإن كانت تغفل أحيانًا بعض النقط .

(44) الأثر : 20698 - " عبد العزيز " ، هو " عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون " ، أحد الأعلام ، روى له الجماعة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 3/2/12 ، وابن أبي حاتم 2/2/386 .

وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده : 6052 ، من طريق عبد العزيز الماجشون ، عن عبد الله ابن دينار ، مطولا ، ورواه من طريق مالك " عن عبد الله بن دينار ، مطولا : 5274 . ورواه البخاري في صحيحة من هذه الطريق ( الفتح 1 : 203 ) ، ورواه من طريق إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله بن دينار ( الفتح 1 : 133 ، 134 ) ، ومن طريق سليمان بن بلال عن عبد الله ( الفتح 1 : 136 ) . ورواه مسلم في صحيحه ( 17 : 153 ) من طريق إسماعيل بن جعفر ، عن عبد الله .

وانظر التعليق على الخبر التالي .

(45) الأثر : 20699 - " عبد العزيز بن مسلم القسملي " ، صالح الحديث ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 3/2/28 ، وابن أبي حاتم 2/2/394 ، وهذه طريق أخرى للخبر السالف .

(46) الأثر : 20700 - " يحيى بن سعيد بن فروخ " ، القطان ، الحافظ ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا كثيرة .

و " عبيد الله " ، هو " عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب " ، مضى مرارًا . وهذا حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه ( الفتح 1 : 286 ) مطولا ، من طريق عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة ، عن عبيد الله بن عمر ، ورواه مسلم في صحيحة ( 17 : 155 ) عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أسامة .

وسيأتي من طريق أخرى .

(47) الأثر : 20701 - " محمد بن الصباح الدولابي " ، البزاز ، روى له الجماعة، مضى برقم : 20514 .

و " إسماعيل " ، هو " إسماعيل بن زكريا الخلقاني الأسدي " ، لقبه " شقوصا " ، روى له الجماعة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1/1/355 ، وابن أبي حاتم 1/1/170 .

التدبر :

وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ صوتك ليس مجرد موجة صوتية؛ إنه نبتة في حقل الحياة.
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ أجمع المفسرون على أن الكلمة الطيبة هي: (لا إله إلا الله).
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ لا تطيب الكلمات بشيء مثل: أن يراد بها وجه الله.
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ آية ارتق بها في اختيار الكلم الطيب الذي يبقى أثره، ويسمو بصاحبه.
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ الشجرة الطيبة التي احتاجت عمرًا لتنبت وتنمو وتثمر، كلمتك الطيبة العابرة مثلها.
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ الكلمة الطيبة تلفظ في الأرض، ولكنها تصعد إلى السماء؛ استحضر هذا الفضل العظيم عندما تتكلم.
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ فالكلمة الطيبة: التوحيد، وهي كالشجرة، والأعمال ثمارها في كل وقت.
عمل
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ اقرأ شرحًا لكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وشروطها، وأركانها، وتأمل في معانيها.
لمسة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ تشبيه كلمة التوحيد بالشجرة الطيبة الثمر، العالية الأغصان، الثابتة الجذور.
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ»، فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «هِيَ النَّخْلَةُ» [البخاري 62].
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ قال ابن القيم: «الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها، فإذا قطع عنها السقي أوشك أن تيبس، فهكذا شجرة الإسلام في القلب، إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح، والعود بالتذكر على التفكر، وبالتفكر على التذكر، وإلا أوشك أن تيبس».
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ من أوجه تشابه العبد مع الشجرة؛ قال ابن القيم: «الغرس والزرع النافع قد أجرى الله سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب، ليس من جنسه، فإن تعاهده ربه (صاحبه) ونقاه وقلعه، کمل الغرس والزرع واستوی وتم نباته، وكان أوفر لثمرته وأطيب وأزكي، وإن تركه أوشك أن يغلب على الغراس والزرع، ويضعف الأصل، ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة، ومن لم يكن له فقه نفس في هذا ومعرفة به، فإنه يفوته ربح کبير».
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ قال البغوي: «والحكمة في تمثيل الإيمان بالشجرة هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء: عرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال؛ وكذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان».
وقفة
[24] ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ لو طهرت قلوبنا! قال ابن القيم بعد أن أورد عدة فوائد من هذه الآية: «فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من الأسرار والحكم، ولعلها قطرة من بحر، بحسب أذهاننا الواقفة، وقلوبنا المخطئة، وعلومنا القاصرة، وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار، وإلا فلو طهرت منا القلوب، وصفت الأذهان، وزكت النفوس، وخلصت الأعمال، وتجردت الهمم للتلقي عن الله ورسوله لشاهدنا من معاني كلام الله وأسراره وحكمه ما تضمحل عنده العلوم، وتتلاشى عنده معارف الخلق».
وقفة
[24] يتدبر قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ من يفخر ويثق ويصبر ويرى النصر.
عمل
[24] اقرأ شرحًا لكلمة التوحيد: «لا إله إلا الله»، وشروطها، وأركانها، وتأمل في معانيها ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى ٱلسَّمَاءِ﴾.
وقفة
[24] قال شُعيب بن الحَبْحاب: كنا عند أنس، فأُتينا بطَبَق عليه رطب، فقال: كُل يا أبا العالية، فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله في كتابه: ﴿ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾.
وقفة
[24] سورة إبراهيم سميت باسم إمام الموحدين، وفيها كلمة التوحيد: ﴿مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً ...﴾، وفيها دعاء إبراهيم بالثبات على التوحيد: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ [35]، وختمت بإعلان التوحيد: ﴿وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ﴾ [52].
وقفة
[24] ﴿مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ الكلمات التي تذهب بعيدًا في أعماقنا، وتضرب بجذورها في كل ذراتنا، وتتشبث بكل شراييننا.
اسقاط
[24] ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ لعلك ما زلت تتذكر رسالة أرسلها لك صديق منذ خمسين سنة، ما زلت تتذكرها بحروفها؛ الكلمات الطيبة تذهب جذورها بعيدًا عن أعماقنا.
وقفة
[24] ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ الكلام الطيب ثمرته بعد حين، فلا تستعجل الثمر.
وقفة
[24] ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ تشبيهها بالشجرة فيه أن: (الكلمة الطيبة ستنبت يومًا).
وقفة
[24] ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ الشجرة الحلوة ثمارها حلوة، والكلمة الحلوة ثمارها حلوة، أيضًا ووقعها بالنفس طيب، وقد ترفعك عند ربك.
وقفة
[24] ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ الشجرة الطيبة لا تثمر في (الأرض العقيمة)، فتحر في كلامك كما تتحرى في زرعك.
وقفة
[24] من أمثال الترغيب بالخير في القرآن الكريم: ١- ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل﴾ [البقرة: 261]. ٢- ﴿كلمة طيبة كشجرة طيبة﴾.
وقفة
[24] ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ... وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ العلو ممدوح حتى في الأشجار.
وقفة
[24] من أسباب عدم ثبات كثير من الناس على سلوكياتهم المشروعة: أنهم التزموها عادة أعظم من تربيتهم عليها عبادة، والعادات يتم تغيرها تحت تأثير التحولات في الأمم والمجتمعات والأسر، أما العبادات المبنية على المنهج الحق فهى: ﴿كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء﴾.
عمل
[24] ألزم نفسك جاهدًا بالكلمة الطيبة، فهي التي تقف صامدة أمام رياح فلتات اللسان المهلكة؛ ﻷن الكلمة الطيبة ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾.
اسقاط
[24] الشجرة تغير من أوراقها وليس من جذورها لتأتي بالجميل، وكذلك أنت غيّر من أساليبك وليس من مبادئك لتحقق أهدافك ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾.
وقفة
[24، 25] ﴿كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾، ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ في ضرب الأمثال تقريب للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة، ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان ويتضح غاية الوضوح، وهذا من رحمته وحسن تعليمه.
وقفة
[24، 25] ﴿مثلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾، ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ هذا مثل للمؤمن: يتجدد عطاؤه كل حين.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ:
  • ألم تر: أعربت في الآية الكريمة التاسعة عشرة. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال.
  • ﴿ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً:
  • ضرب: فعل ماض مبني على الفتح. الله: لفظ‍ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. مثلا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: ضرب الله لكم وصفا للكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة.
  • ﴿ كَلِمَةً طَيِّبَةً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة والعامل مضمر بتقدير: جعل كلمة طيبة ويجوز أن يكون منصوبا بضرب. أي ضرب كلمة طيبة مثلا بمعنى جعلها مثلا طيبة: صفة-نعت-لكلمة منصوبة مثلها بالفتحة.
  • ﴿ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ:
  • الكاف حرف للتشبيه. شجرة: اسم مجرور بالكاف وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بخبر مبتدأ محذوف بمعنى: هي كشجرة طيبة أي فالكلمة الطيبة كشجرة زكية نامية و «طيبة» صفة-نعت- لشجرة مجرورة مثلها بالكسرة.
  • ﴿ أَصْلُها ثابِتٌ:
  • الجملة: في محل جر صفة ثانية لشجرة. أصل: مبتدأ مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ثابت: خبر «أصلها» مرفوع بالضمة. أي راسخ في الأرض.
  • ﴿ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ:
  • فرعها: معطوفة بالواو على «أصلها» وتعرب اعرابها أي وأعلاها أو بمعنى وغصنها والجار والمجرور فِي السَّماءِ» متعلق بخبر «فرعها». '

المتشابهات :

ابراهيم: 24﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
الفجر: 6﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ
الفيل: 1﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولمَّا ذَكَرَ اللهُ عز وجل عذابَ الكافرين ثم نعيم المؤمنين؛ ضَرَبَ هنا مَثلاً لكلمةِ التَّوحيدِ ثم مَثلاً لكلمةِ الكفرِ، ضربَ اللهُ مثلًا لكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) بشجرة طيبة، أى نافعة في جميع أحوالها، وهي النخلة، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف