60112312345678912345

الإحصائيات

سورة العصر
ترتيب المصحف103ترتيب النزول13
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.22
عدد الآيات3عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول112تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
القسم: 17/17_
سورة الهمزة
ترتيب المصحف104ترتيب النزول32
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.45
عدد الآيات9عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول100تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الدعاء: 2/3_
سورة الفيل
ترتيب المصحف105ترتيب النزول19
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.33
عدد الآيات5عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول105تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الاستفهام: 5/6_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (3) عدد الآيات (3)

القَسَمُ بالعصرِ أنَّ الإنسانَ في هلاكٍ وخسرانٍ، إلا من اتَّصفَ بأربعِ صفاتٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (9) عدد الآيات (9)

العذابُ الشَّديدُ لكلِّ مغتابٍ للنَّاسِ طعَّانٍ فيهم، الذي كان همُّه جمعَ المالِ، يظنُّ أنَّه بهذا المالِ ضَمِنَ الخلودَ في الدُّنيا والإفلاتَ من الحسابِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (5) عدد الآيات (5)

قصَّةُ أصحابِ الفيلِ لمَّا جاءَ أَبْرَهَةُ الأشرمُ والي اليمنِ من قِبلِ مَلكِ الحبشةِ لهدمِ الكعبةِ، فأرسلَ اللهُ عليهِم طيرًا ترمِيهم بحجارةٍ فهَلكُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة العصر

حقيقة الربح والخسارة في الحياة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • رسالة السورة::   السورة تدور حول: أن من يتعب نفسه في أن يبني بيتًا من الرمل سيضيع عمله هباءًا منثورًا؛ لأنه لن يتم له بناء حتى ينهدم ما انبنى، وهكذا يظل حتى ينتهي الزمن، فلا هو الذي ظفر ببناء، ولا هو الذي سلم من العناء. هذا حال الإنسان الذي يشقى في الدنيا، ويكدح ويتعب، وفي الأخير يذهب تعبه هدرًا كان لم يكن، ويقع في الخسران.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «العصر».
  • • معنى الاسم ::   العصر: هو الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بالقسم بالعصر.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية الزَّمَنِ الذي هو مزرعة الآخرةِ: ﴿وَالْعَصْرِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن كل إنسان خاسر إلا من وفقه الله للخير: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن للنجاة شروطًا من حققها حصلت له، وهي العلم والعمل والدعوة والصبر: ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾
  • • علمتني السورة ::   هتف العلم بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة العصر من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة العصر من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة العصر منهج حياة، قال الشَّافِعي: لو مَا أنْزَلَ الله على خلقِهِ إلا هذه السُّورة لَكَفَتْهُم.
    • سورة العصر آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بالقسم، وعددها 17 سورة.
    • سورة العصر هي إحدى ثلاث سور هن أقصر السور بحسب عدد الآيات (3 آيات فقط)، وهذه السور هي: العصر والكوثر والنصر.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نعرف قيمة الوقت، ونستغله في طاعة الله: ﴿وَالْعَصْرِ﴾ (1).
    • أن نسعى في دفع الخسارة عنا بأن نحافظ على أوقاتنا ونستغلها فيما يرضي الله: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ (2).
    • أن نسعى في تحقيق شروط النجاة بتعلم العلم وتعليمه والدعوة إليه ثم الصبر على الأذى في سبيل ذلك: ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (3).
    • أن نحرص على العمل بما علمناه ليكون علمنا نافعًا؛ فعلامة انتفاع العبد بالعلم: أن يظهر أثره بالامتثال: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ (3).
    • أن نمتثل أمر الله سبحانه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ (3).
    • أن نحرص على التحلي بالصبر، وألّا نترك الخير لأذية تلحق بنا، فالصبر محمود العاقبة: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (3).
سورة الهمزة

وعيد المتعالين الساخرين بالدين وأهله (تحطيم المستكبرين)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   الهمز واللمز في الناس أمر محرّم في دين الله، فكيف يهنأ بال وتطمئن نفس من كان من أصحاب الهمز واللمز، وديدنه إيذاء المسلمين بقوله وفعله، يتعالى عليهم بماله، ويحتقر من هم دونه، ألا يعلم أن ميزان التفاضل هو التقوى؟ هل مالك منج لك من عذاب الله إن خالفت أمره وجانبت طريق الهدى؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الهمزة».
  • • معنى الاسم ::   همز: غمز، والهُمَزَة: هو الهَّماز، الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم ويعيبهم.
  • • سبب التسمية ::   لورود اللفظ في أول آية.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ»، و«سُورَةُ الْحُطَمَةِ»؛ لِوُقُوعِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِيهَا.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الهمزة أن همز الناس ولمزهم من كبائر الذنوب؛ فقد توعد الله عليه بالعذاب: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   تذكَّر همزًا أو لمزًا فعلتَه، ثمَّ استغفِر اللهَ: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الانشغال بجمع المال والتفاخر به مدعاة لبغي الإنسان وتطاوله على الناس: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من أعمى المال بصيرته انقلبت عليه الأمور، فيظن أن ماله مخلده في الدنيا، وغفل عمن هلكوا قبله من أصحاب الأموال كقارون وغيره: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الهمزة من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الهمزة من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اعتبر الإمام الطحاوي سورتي (الهمزة والمسد) من سور العذاب؛ وذلك لافتتاحها بالدعاء بالهلاك على أشخاص اتصفوا بصفات سيئة، وبيان سبب هلاكهم ووصف عذابهم.
    • كل سورة ذُكرت فيها كلمة (كلا) فهي مكية، وقد ذُكرت هذه الكلمة 33 مرة في 15 سورة، وجاءت جميعها في النصف الآخر من المصحف، وأول سورة ذكرت فيها هي سورة (مريم)، وآخر سورة هي سورة (الهمزة).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نعلم أن الهمز واللمز والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والصالحين والمجاهدين ليس من خصال المؤمن وإنما من سمات الكفار والمنافقين في كل عصر: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ (1).
    • ألّا يكون همنا في الدنيا هو جمع المال فقط وتعداده والتفاخر بذلك، بل ليكن همنا عبادة الله سبحانه: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾ (2).
    • أن نؤمن بأننا محاسبون عن كل عمل نعمله، وأن المال الذي نجمعه لا يضمن لنا الخلود في الدنيا أو الإفلات من الحساب يوم القيامة: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ (3).
    • أن نحرص على اتقاء النار الحاطمة بالتقلّل من الدنيا والإقبال على الأخرة: ﴿كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ (4).
    • أن نتعظ بذكر النار وأحوالها وشدة عذابها، فنفعل المأمور ونترك المحظور: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ (5- 7).
    • أن نؤمن بأبدية النار وأن أهلها من الكفار لا يخرجون منها: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ (8، 9).
سورة الفيل

قدرة الله على حماية بيته الحرام تذكيرًا وامتنانًا

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   • سورة الفيل تدور حول قدرة الله على حماية بيته الحرام، تذكيرًا وامتنانًا. • سورة الفيل تخبرنا أن الكون كله ملك الله تعالى، وأنه تعالى قادر على إنزال العذاب على كل ظالم، في كل عصر وكل حين. • إن كيد أعداء الله ضعيف لا يؤثر ولا يدوم؛ لأنه ضال، ولأن قدرة الله الغالبة تقف دونه. • سورة الفيل: سورة مكية تتحدث حول قصة أصحاب الفيل الذين قصدوا الكعبة المشرفة لهدمها وحدثت هذه القصة في العام الذي ولد فيه أشرف الخلق سيدنا محمد، وهي سورة فيها عبرة لكل طاغية متكبر متجبر في كل العصور والأزمان، فكل من طغى وتجبّر على الله تعالى سيكون عقابه ومصيره كمصير أبرهة وجيشه لما حاولوا هدم الكعبة المشرّفة وسيكون كيدهم في تضليل.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الفيل».
  • • معنى الاسم ::   الفيل: حيوان ضخم معروف.
  • • سبب التسمية ::   لذكر قصة الفيل فيها، ولم يذكر اسم الفيل في غير هذه السورة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ أَلَمْ تَرَ»، و«سُورَةُ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن قدرة الله غالبة ومشيئته نافذة، فإذا أراد شيئًا كان: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن كيد الكفار ومكرهم مهما عظم فإن الله سيبطله: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن لله جنودًا لا يعلمها إلا هو، وهو تعالى يسلط أضعف خلقه على أضخم مخلوقاته وأقواهم دون أن يملك أحد دفعه: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾
  • • علمتني السورة ::   الله هو الناصر وحده؛ وإﻻ فكيف يغلب طير فيلًا: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الفيل من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الفيل من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الفيل تشبه سورة نوح من حيث أن القصة فيها شملت جميع آياتها.
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نعظم مكانة الكعبة البيت الحرام في نفوسنا، إذ صد الله سبحانه عنها أعداءه وأهلكهم: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ (1).
    • ألّا نكيد لمسلم ولا لغيره بغير حق، فإن كيد أهل الباطل في ضياع: ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ (2).
    • أن نتقي غضب الله وعقوبته؛ فإنها قد تأتي من حيث لا نحتسب: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ (3).
    • أن نعظم بيت الله ولا نتعدى فيه فيعاقبنا الله بانتهاك حرمته: ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ﴾ (4).
    أن نعز أنفسنا بتعبيدها لله سبحانه، ونجتنب إذلالها بالمعاصي: ﴿ فَجَعَلَهُمۡ كَعَصۡفٖ مَّأۡكُولِۭ ﴾ (5).

تمرين حفظ الصفحة : 601

601

مدارسة الآية : [1] :العصر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالْعَصْرِ

التفسير :

[1] أقسم الله بالدهر؛ لما فيه من عجائب قدرة الله الدالَّة على عظمته

أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل والنهار، محل أفعال العباد وأعمالهم

تفسير سورة العصر

مقدمة وتمهيد

1- سورة «العصر» وتسمى سورة «والعصر» من السور المكية عند جمهور المفسرين، وكان نزولها بعد سورة «الانشراح» وقبل سورة «العاديات» فهي السورة الثالثة عشرة في ترتيب النزول.

وقيل هي مدنية، والمعول عليه الأول، لأنه المنقول عن ابن عباس وابن الزبير وغيرهما، وعدد آياتها ثلاث آيات.

2- وقد اشتملت على بيان من هم أهل الخسران، ومن هم أهل السعادة.

قال الآلوسى: وهي على قصرها جمعت من العلوم ما جمعت، فقد روى عن الشافعى أنه قال: لو لم ينزل من القرآن غير هذه السورة لكفت الناس، لأنها شملت جميع علوم القرآن.

وأخرج الطبراني في الأوسط، والبيهقي في الشعب عن أبى حذيفة- وكانت له صحبة- أنه قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا، حتى يقرأ أحدهما على الآخر، سورة «والعصر» ثم يسلم أحدهما على الآخر ... أى: عند المفارقة .

وللعلماء أقوال متعددة في المقصود بالعصر هنا فمنهم من يرى أن المقصود به: الدهر كله، لما فيه من العبر التي تدل دلالة واضحة على عظيم قدرة الله- تعالى-، ولما فيه من الأحداث التي يراها الناس بأعينهم، ويعرفونها عن غيرهم ...

فهم يرون ويسمعون كم من غنى قد صار فقيرا، وقوى قد صار ضعيفا، ومسرور قد أصبح حزينا ... ورحم الله القائل:

أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كر الغداة ومر العشى

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَالْعَصْرِ أى: الدهر، قال ابن عباس وغيره.

فالعصر مثل الدهر ... وأقسم به- سبحانه- لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها ...

ومنهم من يرى أن المقصود به: وقت صلاة العصر، وقد صدر صاحب الكشاف تفسيره لهذه الآية بهذا الرأى فقال: أقسم- سبحانه- بصلاة العصر لفضلها، بدليل قوله- تعالى-: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى - وهي صلاة العصر-، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» ولأن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم ومكاسبهم آخر النهار ... .

ومنهم من يرى أن المراد بالعصر هنا: عصر النبوة. لأفضليته بالنسبة لما سبقه من عصور.

وقد رجح الإمام ابن جرير القول الأول فقال: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن ربنا أقسم بالعصر، والعصر اسم الدهر، وهو العشى، والليل والنهار ....

تفسير سورة العصر وهي مكية .

ذكروا أن عمرو بن العاص وفد على مسيلمة الكذاب [ لعنه الله ] وذلك بعد ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل أن يسلم عمرو فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة ؟ قال لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة . فقال : وما هي ؟ فقال : " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " ففكر مسيلمة هنيهة ثم قال : وقد أنزل علي مثلها . فقال له عمرو : وما هو ؟ فقال : يا وبر يا وبر ، إنما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حفز نقز . ثم قال : كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب .

وقد رأيت أبا بكر الخرائطي أسند في كتابه المعروف ب " مساوي الأخلاق " ، في الجزء الثاني منه ، شيئا من هذا أو قريبا منه .

والوبر : دويبة تشبه الهر ، أعظم شيء فيه أذناه ، وصدره وباقيه دميم . فأراد مسيلمة أن يركب من هذا الهذيان ما يعارض به القرآن ، فلم يرج ذلك على عابد الأوثان في ذلك الزمان .

وذكر الطبراني من طريق حماد بن سلمة ، عن ثابت عن عبد الله بن حصن [ أبي مدينة ] ، قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا ، لم يتفرقا إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر " سورة العصر " إلى آخرها ، ثم يسلم أحدهما على الآخر .

وقال الشافعي رحمه الله : لو تدبر الناس هذه السورة ، لوسعتهم .

العصر : الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم ، من خير وشر .

وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : هو العشي ، والمشهور الأول .

القول في تأويل قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه: وَالْعَصْرِ (1)

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( وَالْعَصْرِ ) فقال بعضهم: هو قسم أقسم ربنا تعالى ذكره بالدهر، فقال: العصر: هو الدهر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَالْعَصْرِ ) قال: العصر: ساعة من ساعات النهار.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ( وَالْعَصْرِ ) قال: هو العشيّ.

والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن ربنا أقسم بالعصر ( وَالْعَصْرِ ) اسم للدهر، وهو العشيّ والليل والنهار، ولم يخصص مما شمله هذا الاسم معنى دون معنى، فكلّ ما لزِمه هذا الاسم، فداخل فيما أقسم به جلّ ثناؤه.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ أهميةُ الزَّمَنِ الذي هو مزرعةُ الآخرةِ.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ على معنى أن العصر وقت العصر الذي هو آخر النهار فيه دلالة على سرعة انقضاء الزمن وذهابه، بعثًا للنفوس على استغلاله.
وقفة
[1] عَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ» [الطبراني في الأوسط 5/215/ 5124، وصححه الألباني].
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ العصر الحقيقي هو عصر الإسلام والإيمان، لا عصر الحضارة المادية والثورة التقنية والإعلامية.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ ما السر في القسم بالعصر دون الدهر؛ لأن العصر دال على قيمة الزمن وأهميته.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ أول مرحلة لاستثمار حياتك معرفة قيمة الوقت الذي تعيشه وأنه زمن لن يعود، وسيكون لك أو عليك.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ هو عصر الإنسان ودهره الذي يعيشه، عظمه الله فأقسم به، فهل نعظمه ونستثمره بما ينفعنا فيا حسرة على أعمار تذهب سدى.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ بعض البشر حياتهم خسارة.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ الله قد أقسم بالعصر (الذي هو الزمان) على أن الإنسان لفي خسر، إشارة إلى أن هذه الخسارة تأتي حتمًا مع الزمان، وليست خسارة مال يعوَّض، ولا خسارة حبيب يُنسى، إنها لخسارة الحياة نفسها.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ سورة العصر على اختصارها هي من أجمع سور القرآن للخير بحذافيره، والحمد لله الذي جعل كتابه كافيًا عن كل ما سواه شافيًا من كل داء هاديًا إلى كل خير.
وقفة
[1] ﴿وَالْعَصْرِ﴾ خص الله العصر بالقسم لأهمية الصلاة فيه, فهي الصلاة الوسطي التي نوه بها في قوله: ﴿حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وقوموا لله قانتين﴾ [البقرة: 238].
وقفة
[1] أهمية الزمن الذي هو مزرعة الآخرة ﴿وَالْعَصْرِ﴾.
وقفة
[1] كم يقسم الله تعالى بالزمن في القرآن! ﴿والعصر﴾، والضحى، والليل، والشمس، فإن لم يكن هذا دليل على أهمية الوقت في حياتنا وعدم وتضييعه فماذا يكون؟!
وقفة
[1، 2] ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ أجل والله, إنك لفي نقص وخسر أيها الإنسان, ما أضعت عمرك في اللهو والعصيان, فأدرك نفسك قبل أن يفجأك الأجل, ولات حين مندم.
وقفة
[1، 2] تدبر سورة العصر: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ ثم استثنى من الخسران من اتصف بصفات أربع، فهم الرابحون، وليس من تلك الصفات تحقق نتائج ما يتواصون به من الحق، وإنما الغاية تواصيهم بذلك، وصبرهم على ما يصيبهم، وفقه هذه الحقيقة للانتصار، من أعظم عوامل الثبات والاطراد والتفاؤل.

الإعراب :

  • ﴿ وَالْعَصْرِ:
  • الواو واو القسم حرف جر. العصر: اسم مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. أقسم بصلاة العصر لفضلها.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بالقَسَم بالعصرِ على أنَّ الإنسانَ في هلاكٍ وخسرانٍ، قال تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

والعصر:
وقرئ:
بكسر الصاد، وهى قراءة سلام.

مدارسة الآية : [2] :العصر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ

التفسير :

[2] على أن بني آدم لفي هَلَكة ونقصان. ولا يجوز للعبد أن يقسم إلا بالله؛ فإن القسم بغير الله شرك.

أن كل إنسان خاسر، والخاسر ضد الرابح.

والخسار مراتب متعددة متفاوتة:

قد يكون خسارًا مطلقًا، كحال من خسر الدنيا والآخرة، وفاته النعيم، واستحق الجحيم.

وقوله- سبحانه-: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ... جواب القسم، والمراد بالإنسان:

جنسه ويدخل فيه الكافر دخولا أوليا. والخسر مثل الخسران، كالكفر بمعنى الكفران ...

أى: إن جنس الإنسان لا يخلو من خسران ونقصان وفقدان للربح في مساعيه وأعماله طوال عمره، وإن هذا الخسران يتفاوت قوة وضعفا.

فأخسر الأخسرين هو الكافر الذي أشرك مع خالقه إلها آخر في العبادة، وأقل الناس خسارة هو المؤمن الذي خلط عملا صالحا بآخر سيئا ثم تاب إلى الله- تعالى- توبة صادقة.

وجاء الكلام بأسلوب القسم، لتأكيد المقسم عليه، وهو أن جنس الإنسان في خسر.

وقال- سبحانه- لَفِي خُسْرٍ للإشعار بأن الإنسان كأنه مغمور بالخسر، وأن هذا الخسران قد أحاط به من كل جانب، وتنكير لفظ «خسر» للتهويل. أى: لفي خسر عظيم.

فأقسم تعالى بذلك على أن الإنسان لفي خسر أي في خسارة وهلاك.

وقوله: ( إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) يقول: إن ابن آدم لفي هلَكة ونقصان.

وكان عليّ رضى الله عنه يقرأ ذلك: ( إنَّ الإنْسانَ لَفِي خُسْر وإنه فيه إلى آخر الدهر ).

حدثني ابن عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، قال: سمعت عليا رضى الله عنه يقرأ هذا الحرف ( وَالْعَصْرِ وَنَوَائِب الدَّهْرِ، إنَ الإنْسانَ لَفِي خُسْرٍ، وإنه فيه إلى آخر الدهر ) .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي &; 24-590 &; خُسْر ) ففي بعض القراءات ( وإنه فيه إلى آخر الدهر ).

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، أن عليا رضى الله عنه قرأها( وَالْعَصْرِ وَنَوَائِب الدَّهْرِ، إنَّ الإنْسانَ لَفِي خُسْر ).

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) إلا من آمن.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿إِنَّ الإِنسانَ لَفي خُسرٍ﴾ تعلمنا أن دخول (ال) على الكلمة يعنى العموم، وهذا أمر مخيف أن نعلم أن عموم الناس فى خسران وهلاك، لكن يأتى الاستثناء كبشارة فى الآية التالية، فتأملوا.
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: 103، 104] الخسارة ليست بالكفر فقط، بل بالغفلة عن طاعة الله والتفريط فيها ﴿يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 56].
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ الخسارة الحقيقية خسارة الدين فيا لخسارة أصحاب الأموال الذين صرفتهم أموالهم عن طاعة الله!
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ خسران من لم يتصفوا بالإيمان وعمل الصالحات، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
لمسة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ تنكير (خُسْرٍ) يفيد العموم والمبالغة في حيازته للخسارة.
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ مهما كان عليه الإنسان من تطور مادي وتقدم حضاري فهو خاسر؛ إلا من آمن وعمل صالحًا.
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ للإِشعار بأن الإِنسان كأنه مغمور بالخسر، وأن هذا الخسران قد أحاط به من كل جانب، وتنكير لفظ خسر للتهويل، أى: لفي خسر عظيم.
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ الإنسان منغمس في الخسر، والخسر محيط به من كل جانب إلا من اتصف بهذه الصفات الأربع: العلم، العمل، الدعوة، الصبر عليه.
لمسة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ (في) الظرفية تشعر بأن الإنسان محاط بالخسران، يتجدد خسره مرة بعد أخرى، إلا من انتزع نفسه من هذا الواقع البئيس.
وقفة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ أشد أنواع الخسارة التى لا تعوض: خسارة النفس بالله، قل لى أيّ شئ يعوض ذلك؟ وحتى لا تخسر نفسك؛ تدبر سورة العصر ففيها الربح كله.
لمسة
[2] ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ المرادُ بالِإنسان الجنسُ، فالاستثناءُ بعده متَّصل، وقيل: المرادُ به أبو جهل فالاستثناء منقطع.
لمسة
[2] تأمل قوله: ﴿لَفِي خُسْرٍ﴾ مبالغة في انغماسه في الخسارة؛ لأن (في) للظرفية المفيدة التمكن من الشيء.
وقفة
[2 ،3] إذا قرأت: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ فتفطن للناجين من الخسارة وادع الله أن تكون منهم: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الْإِنْسانَ:
  • جواب القسم وهو حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل ولهذا كسرت همزتها لانها واقعة في جواب القسم ووجود اللام في خبرها.الانسان: اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ لَفِي خُسْرٍ:
  • اللام لام التوكيد- المزحلقة-. في خسر: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» اي لفي خسران. والجملة من أنّ مع اسمها وخبرها جواب قسم محذوف لا محل لها من الاعراب.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد القَسَمِ؛ جاء هنا جوابُ القَسَمِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خسر:
1- بالسكون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة ابن هرمز، وزيد بن على، وهارون، عن أبى بكر عن عاصم.

مدارسة الآية : [3] :العصر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..

التفسير :

[3] إلا الذين آمنوا بالله وعملوا عملاً صالحاً، وأوصى بعضهم بعضاً بالاستمساك بالحق، والعمل بطاعة الله، والصبر على ذلك.

وقد يكون خاسرًا من بعض الوجوه دون بعض، ولهذا عمم الله الخسار لكل إنسان، إلا من اتصف بأربع صفات:

الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.

والعمل الصالح، وهذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله وحق عباده، الواجبة والمستحبة.

والتواصي بالحق، الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي:يوصي بعضهم بعضًا بذلك، ويحثه عليه، ويرغبه فيه.

والتواصي بالصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.

فبالأمرين الأولين، يكمل الإنساننفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة، يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح [العظيم].

وقوله- سبحانه-: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ... استثناء مما قبله، والمقصود بهذه الآية الكريمة تسلية المؤمنين الصادقين ... وتبشيرهم بأنهم ليسوا من هذا الفريق الخاسر.

وقوله- تعالى-: وَتَواصَوْا فعل ماض، من الوصية وهي تقديم النصح للغير مقرونا بالوعظ.

و «الحق» : هو الأمر الذي ثبتت صحته ثبوتا قاطعا ...

و «الصبر» : قوة في النفس تعينها على احتمال المكاره والمشاق ...

أى: أن جميع الناس في خسران ونقصان ... إلا الذين آمنوا بالله- تعالى- إيمانا حقا، وعملوا الأعمال الصالحات، من صلاة وزكاة وصيام وحج ... وغير ذلك من وجوه الخير، وأوصى بعضهم بعضا بالتمسك بالحق، الذي على رأسه الثبات على الإيمان وعلى العمل الصالح ... وأوصى بعضهم بعضا كذلك بالصبر على طاعة الله- تعالى-، وعلى البلايا والمصائب والآلام ... التي لا تخلو عنها الحياة.

فهؤلاء المؤمنون الصادقون، الذين أوصى بعضهم بعضا بهذه الفضائل ليسوا من بين الناس الذين هم في خسران ونقصان، لأن إيمانهم الصادق وعملهم الصالح ... قد حماهم من الخسران ...

قال بعض العلماء: وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على الوعيد الشديد، وذلك لأنه- تعالى- حكم بالخسارة على جميع الناس، الا من كان متصفا بهذه الأشياء الأربعة، وهي:

الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فدل ذلك على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور، وأنه كما يجب على الإنسان أن يأتى من الأعمال ما فيه الخير والنفع، يجب عليه- أيضا- أن يدعو غيره إلى الدين، وينصحه بعمل الخير والبر، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يثبت على ذلك، فلا يحيد عنه، ولا يزحزحه عن الدعوة إليه ما يلاقيه من مشاق ... .

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من أصحاب هذه الصفات.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم " وتواصوا بالحق " وهو أداء الطاعات وترك المحرمات.

( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) يقول: إلا الذين صدّقوا الله ووحَّدوه، وأقرّوا له بالوحدانية والطاعة، وعملوا الصالحات، وأدّوا ما لزمهم من فرائضه، واجتنبوا ما نهاهم عنه من معاصيه، واستثنى الذين آمنوا من الإنسان، لأن الإنسان بمعنى الجمع، لا بمعنى الواحد.

وقوله: ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) يقول: وأوصى بعضهم بعضا بلزوم العمل بما أنـزل الله في كتابه، من أمره، واجتناب ما نهى عنه فيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) والحق: كتاب الله.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) قال: الحقّ كتاب الله.

حدثني عمران بن بكار الكلاعي، قال: ثنا خطاب بن عثمان، قال: ثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح السكوني، حمصيّ لقيته بإرمينية، قال: سمعت الحسن يقول في ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) قال: الحقّ: كتاب الله.

وقوله: ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) يقول: وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على العمل بطاعة الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) قال: الصبر: طاعة الله.

حدثني عمران بن بكار الكُلاعي، قال: ثنا خطاب بن عثمان، قال: ثنا عبد الرحمن بن سنان أبو روح، قال: سمعت الحسن يقول في قوله: ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) قال: الصبر: طاعة الله.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) قال: الصبر: طاعة الله.

آخر تفسير سورة والعصر

التدبر :

وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ الإيمان أعمال القلوب، والأعمال الصالحة أعمال جوارح.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ يشمل: تعليم التوحيد والشريعة، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما أعظمها من كلمة!
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ التواصي على الشيء يدل على مشقته، ولذلك حفت الجنة بالمكاره، والمؤمن ضعيف بنفسه، قوي بإخوانه.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ ولم يقل: (وتعاونوا)؛ التواصي: يتضمن حرصًا وتآزرًا واتفاقًا كما يدل عليه قوله: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾ [الذاريات: 53].
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ فيها ما يُشعر بأهمية العمل المتعدي نفعه للآخرين، كتعليم العلم، والنصح والإرشاد، وأن لا يقتصر خير الإنسان على نفسه.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ يشمل التواصي بالصبر على: فعل الطاعات، ترك المحرمات، الدعوة إلى ذلك، الأذى في ذلك.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ ختم الأعمال بالصبر؛ لكونه جامعًا لما قبله، وجميع ما سبق محتاج إليه، ولذلك كان الصبر شطر الإيمان.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ من لوازم القيام بالحق وقوع الابتلاء، فاقتضى ذلك التواصي بالصبر، استعدادًا لحدوث الأذى، والثبات عند وقوعه.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبرِ﴾ فقط الأمر يتطلب أربع نقاط: الإيمان، الأعمال الصالحة، التواصى بالحق، التواصى بالصبر.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ في زمن الفتن نحتاج إلى من يوصينا بالثبات، ويذكرنا بسورة العصر.
لمسة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ ال التعريف في قوله: ﴿الصَّالِحَاتِ﴾ تعريف الجنس مراد به الاستغراق؛ أي عملوا جميع الأعمال الصالحة التي أمروا بعملها بأمر الدين، وعَمل الصالحات يشمل ترك السيئات.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ فبالأمرين الأولين يكمل الإنسان نفسه، وبالأمرين الأخيرين يكمل غيره، وبتكميل الأمور الأربعة يكون الإنسان قد سلم من الخسار، وفاز بالربح العظيم.
تفاعل
[3] ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[3] ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ بالإيمان والعمل الصالح يرتقي الإنسان بنفسه, وبالتواصي بالحق والصبر يرتقي بغيره, وباجتماع الأربعة يسلم من الخسار, ويظفر بالثمار.
وقفة
[3] عندما أنصحك لست أقول لك: (أنا خير منك)، وانما أقول لك: (أنا أتمنى لك الخير) ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات اتواصل بالحق اتواصل بالصبر﴾.
لمسة
[3] تأمل صيغة الجمع: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، بعد قوله: (إن الإنسان) دون (الناس) مما يؤكد فضيلة الاجتماع وأثره على المسلم.
وقفة
[3] مهما كنت أربعة ما لم تكن عندك فأنت خاسر، خاسر، خاسر: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
وقفة
[3] من علامات الأخوة الصالحة التواصي بالحق والصبر ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
وقفة
[3] ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ تلازم الإيمان والعمل.
وقفة
[3] ﴿آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ مجتمعان سويًّا، لا يترك أحدهما الآخر.
وقفة
[3] ﴿وتواصوا بالحق﴾ لماذا نجعل النصيحة فقط من الكبار للصغار، أو من الأبرار للفجار؟ الله جعل النصيحة من الجميع للجميع.
وقفة
[3] ﴿وتواصوا بالحق﴾ التواصي بالحق يقتضي أن تحرص علي صحبة الأخيار؛ امتثالًا لأمر النبي صلي الله عليه وسلم، قَالَ: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ» [أبو داود 4832، وحسنه الألباني].
وقفة
[3] ﴿وَتَواصَوا بِالحَقِّ وَتَواصَوا بِالصَّبرِ﴾ التواصى المقبول لا يكون إلا بالحق، وفى الحق.
وقفة
[3] ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ قرن الله بين التواصي بالحق والتواصي بالصبر؛ إعلاءً لشأن الصبر، وتنويهًا بعظيم قدره، وبيانًا لجزيل ثوابه.
وقفة
[3] ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ التواصي على الحق لا يغني عن التواصي عن الصبر.
وقفة
[3] ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ أي: على المصائب والأقدار، وأذى من يؤذي ممن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر.
وقفة
[3] ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ قال الرازي: «ودلت الآية على أن الحق ثقيل، وأن المحَن تلازمه، فلذلك قرن به التواصي بالصبر».
وقفة
[3] أمران متلازمان: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، لابد من التواصي بالحق والصبر؛ فالتواصي بالحق بدون الصبر، كما يفعله الذي يعبد الله على حرف، والتواصي بالصبر بدون الحق كقول الذين قالوا: ﴿أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ﴾ [ص: 6] كلاهما موجب للخسران.
وقفة
[3] نحتاج للنصح، ونحتاج لإرشاد بعضنا البعض، لكي نعبر سويًّا من هذه الدنيا ونحن آمنون مؤمنون: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
وقفة
[3] ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، ﴿وَاصْبِرْ﴾ [يونس: 109]، ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ﴾ [إبراهيم: 12]، ﴿بِمَا صَبَرْتُمْ﴾ [الرعد: 24]، ﴿وَاصْبِرُوا﴾ [الأعراف: 128، الأنفال: 46، ص: 6]، ﴿اصْبِرُوا﴾ [آل عمران: 200]، ﴿وَاصْبِرْ﴾ [هود: 115، النحل: 127]، ﴿لَمَّا صَبَرُوا﴾ [السجدة: 24]، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [البلد: 17]، ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ﴾ [البقرة: 45]، وسياقات أخرى غزيرة تذكرنا بأن الصبر هو راحلة هذا الطريق.
وقفة
[1-3] ماذا لو رأيت طالبًا أثناء امتحان مدته 3 ساعات، انشغل بقراءة الجريدة التى أتى بها لتحميه من الشمس، ثم قام ليصلح التختة التي يمتحن عليها -وهو شيء ضروري ليستطيع الكتابة- حتى إذا بقيت نصف ساعة بدأ الإجابة؟ كان يمكنه الانتقال لتخته أخرى، وإن لم يوجد غيرها كان يكفيه ما يجعلها مؤهلة للامتحان عليها، ولا عذر له إطلاقًا في الانشغال بقراءة الأخبار في الجريدة، أليس هذه بالضبط هي سياسة (حرق الوقت) في العمل ومتابعة الأخبار، الفيسيوك ... إلخ التي نتبعها في حياتنا التي هي زمن امتحاننا!
وقفة
[1-3] قال الشافعي رضي الله عنه: «لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم»، وبيان ذلك أن المراتب أربع، باستكمالها يحصل للشخص غاية كماله، إحداها: معرفة الحق. الثانية: عمله به. الثالثة: تعليمه من لا يحسنه. الرابعة: صبره على تعلمه والعمل به وتعليمه. فذكر تعالى المراتب الأربع في هذه السورة.
وقفة
[1-3] المقصد العام للسورة هو بيان حقيقة الخسارة والربح للإنسان وأسبابها.

الإعراب :

  • ﴿ إِلَّا الَّذِينَ:
  • اداة استثناء. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مستثنى بإلا وهو استثناء متصل لانه مستثنى من «الانسان» لانه بمعنى «جمع» لانه اسم جنس في معنى «الأناسي» و «الناس» والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ آمَنُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب اعرابها.الصالحات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ:
  • تعرب اعراب «وَعَمِلُوا» وعلامة بناء الفعل الضمة او الفتحة المقدرة على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دالة عليها. بالحق: جار ومجرور متعلق بتواصوا اي يوصي بعضهم بعضا بالخير كله من توحيد الله وطاعته واتباع كتبه ورسله.
  • ﴿ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ:
  • معطوفة بالواو على «تواصوا بالحق» وتعرب اعرابها.اي يوصي بعضهم بعضا بالصبر على الطاعات وعن المعاصي وعلى ما يبلو الله به عباده.

المتشابهات :

البلد: 17﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
العصر: 3﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد القَسَم على أنَّ الإنسانَ في هلاكٍ وخسرانٍ؛ استثنى اللهُ من الخُسران من اتَّصفَ بأربعِ صفاتٍ من بني الإنسان، قال تعالى:
﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بالصبر:
وقرئ:
بكسر الباء، إشماما، ورويت عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [1] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ

التفسير :

[1] شر وهلاك لكل مغتاب للناسِ، طعَّان فيهم.

{ وَيْلٌ} أي:وعيد، ووبال، وشدة عذاب{ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز:الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز:الذي يعيبهم بقوله.

تفسير سورة الهمزة

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الهمزة» من السور المكية، وكان نزولها بعد سورة «القيامة» وقبل سورة «المرسلات» وعدد آياتها تسع آيات.

2- ومن أهم أغراضها: التهديد الشديد لمن يعيب الناس، ويتهكم بهم، ويتطاول عليهم، بسبب كثرة ماله، وجحوده للحق.

وقد ذكروا أن هذه السورة الكريمة نزلت في شأن جماعة من أغنياء المشركين، منهم: الوليد ابن المغيرة، وأمية بن خلف، وأبى بن خلف ... كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويشيعون الأقوال السيئة عنهم.

وهذا لا يمنع أن السورة الكريمة تشمل أحكامها كل من فعل مثل هؤلاء المشركين، إذ العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.

والويل: لفظ يدل على الذم وعلى طلب العذاب والهلكة ... وقيل: اسم لواد في جهنم.

والهمزة من الهمز، بمعنى الطعن في أعراض الناس، ورميهم بما يؤذيهم ...

واللّمزة من اللمز، بمعنى السخرية من الغير، عن طريق الإشارة باليد أو العين أو غيرهما.

قال الجمل: الهمزة واللمزة: هم المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة الباغون العيب للبريء، فعلى هذا هما بمعنى واحد.

وقيل: الهمزة الذي يعيبك في الغيب، واللمزة الذي يعيبك في الوجه وقيل: العكس.

وحاصل هذه الأقوال يرجع إلى أصل واحد، وهو الطعن وإظهار العيب، ويدخل في ذلك من يحاكى الناس في أقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا منه ... .

ولفظ «ويل» مبتدأ وساغ الابتداء به مع كونه نكرة، لأنه دعاء عليهم، وقوله: لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ خبره، وهمزة ولمزة وصفان لموصوف محذوف.

أى: عذاب شديد، وخزي عظيم، لكل من يطعن في أعراض الناس، ويغض من شأنهم، ويحقر أعمالهم وصفاتهم، وينسب إليهم ما هم برآء منه من عيوب.

والتعبير بقوله: هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ يدل على أن تلك الصفات القبيحة، كانت عادة متأصلة فيهم، لأن اللفظ الذي بزنة فعلة- بضم الفاء وفتح العين- يؤتى به للدلالة على أن الموصوف به ديدنه ودأبه الإتيان بهذا الوصف، ومنه قولهم: فلان ضحكة: إذا كان يكثر من الضحك.

كما أن لفظ «فعلة» - بضم الفاء وسكون العين- يؤتى به للدلالة على أن الموصوف به، يكثر أن يفعل به ذلك، ومنه قولهم: فلان ضحكة، إذا كان الناس يكثرون الضحك منه.

فسير سورة ويل لكل همزة لمزة وهي مكية .

الهماز : بالقول ، واللماز : بالفعل . يعني : يزدري بالناس وينتقص بهم . وقد تقدم بيان ذلك في قوله : ( هماز مشاء بنميم ) [ القلم : 11 ] .

قال ابن عباس : ( همزة لمزة ) طعان معياب . وقال الربيع بن أنس : الهمزة ، يهمزه في وجه ، واللمزة من خلفه . وقال قتادة : يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعن عليهم .

وقال مجاهد : الهمزة : باليد والعين ، واللمزة : باللسان . وهكذا قال ابن زيد . وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : همزة : لحوم الناس .

ثم قال بعضهم : المراد بذلك الأخنس بن شريق . وقيل غيره . وقال مجاهد : هي عامة .

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)

يعني تعالى ذكره بقوله:

( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) الوادي يسيل من صديد أهل النار وقيحهم,( لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) : يقول: لكل مغتاب للناس, يغتابهم ويبغضهم, كما قال زياد الأعجم:

تُــدلِي بــوُدِّي إذا لاقَيْتَنِـي كَذِبـا

وَإنْ أُغَيَّــبْ فـأنتَ الهـامِزُ اللُّمَـزَهْ (1)

ويعني باللمزة: الذي يعيب الناس, ويطعن فيهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا مسروق بن أبان, قال: ثنا وكيع, عن رجل لم يسمه, عن أبي الجوزاء, قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء هم الذين بدأهم الله بالويل ؟ قال: هم المشاءون بالنميمة, المفرقون بين الأحبة, الباغون أكبر العيب.

حدثنا أبو كريب, قال: ثنا وكيع, عن أبيه, عن رجل من أهل البصرة, عن أبي الجوزاء, قال: قلت: لابن عباس: من هؤلاء الذين ندبهم الله إلى الويل ؟ ثم ذكر نحو حديث مسروق بن أبان.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: الهمزة يأكل لحوم الناس, واللمزة: الطعان.

وقد رُوي عن مجاهد خلاف هذا القول, وهو ما حدثنا به أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) قال: الهمزة: الطعان, واللمزة: الذي يأكل لحوم الناس.

حدثنا مسروق بن أبان الحطاب, قال: ثنا وكيع, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

ورُوي عنه أيضا خلاف هذين القولين, وهو ما حدثنا به ابن بشار, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: أحدهما الذي يأكل لحوم الناس, والآخر الطعان. وهذا يدلّ على أن الذي حدث بهذا الحديث قد كان أشكل عليه تأويل الكلمتين, فلذلك اختلف نقل الرواة عنه فيما رووا على ما ذكرت.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) أما الهمزة: فأكل لحوم الناس, وأما اللمزة: فالطعان عليهم.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, قال: الهمزة: آكل لحوم الناس: واللمزة: الطعان عليهم.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن خثيم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: ويل لكلّ طعان مغتاب.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية, قال: الهمزة: يهمزه في وجهه, واللمزة: من خلفه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه, ويأكل لحوم الناس, ويطعن عليهم.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الهمزة باليد, واللمزة باللسان.

وقال آخرون في ذلك ما حدثني به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: الهمزة: الذي يهمز الناس بيده, ويضربهم بلسانه, واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم.

واختلف في المعنى بقوله: ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ) فقال بعضهم: عني بذلك: رجل من أهل الشرك بعينه, فقال بعض من قال هذا القول: هو جميل بن عامر الجُمَحِيّ. وقال آخرون منهم: هو الأخنس بن شريق.

* ذكر من قال: عُنِي به مشرك بعينه.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: مشرك كان يلمز الناس ويهمزهم.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن رجل من أهل الرقة قال: نـزلت في جميل بن عامر الجمحي.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, في قوله ( هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: ليست بخاصة لأحد, نـزلت في جميع بني عامر; قال ورقاء: زعم الرقاشي.

وقال بعض أهل العربية: هذا من نوع ما تذكر العرب اسم الشيء العام, وهي تقصد به الواحد, كما يقال في الكلام, إذا قال رجل لأحد: لا أزورك أبدا: كل من لم يزرني, فلست بزائره, وقائل ذلك يقصد جواب صاحبه القائل له: لا أزورك أبدا.

وقال آخرون: بل معنيّ به, كل من كانت هذه الصفة صفته, ولم يقصد به قصد آخر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو. قال: ثنا أبو عاصم, قاله: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) قال: ليست بخاصة لأحد.

والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله عمّ بالقول كلّ همزة لمزة, كلّ من كان بالصفة التي وصف هذا الموصوف بها, سبيله سبيله كائنا من كان من الناس.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ تحريم الهَمْز واللَّمْز في الناس.
وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ الذي يهمز الناس بفعله ويلمزهم بقوله، فالهماز: الذي يعيب الناس ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله.
وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ من لمز الناس أصيب بعقدة النقص؛ فيرى كماله في ماله فيبتلى بالبخل فيتسلط الناس بلمزه من بوابة بخله، والحياة دين.
وقفة
[1] همزة، لمزة، ألقاب لنفوس وضيعة.
عمل
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ تذكَّر همزًا أو لمزًا فعلتَه، ثمَّ استغفِر اللهَ.
وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ ذكرت الآية الكريمة أن أشهر صفات اللماز هي جمع المال وتعديده, ومن لطائف ذكر هذه الصفة تحديدًا: أن من لمز الناس أصيب بعقدة النقص, فيري كماله في ماله فيبتلي بالبخل فيتسلط الناس بلمزه من بوابة بخله, والحياة دين فكما تدين تدان وكما تلمز تلمز.
وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ الهماز: بالقول، واللماز: بالفعل، فتوعَّد الله كل من يزدري الناس، وينتقص بهم انتقاصًا بين أيديهم أو من وراء ظهورهم.
وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ أي كثير الهَمْز واللمْزُ، والهَمْزُ: اللَّمْسُ باليد أو نحوها، واللَّمْزُ: العيبُ، وقيل: هما بمعنى، فالثاني تأكيدٌ للأول، وقيل: الأول المغتابُ، والثاني القتَّاتُ أي النمَّام، وقيل: الأول العيَّابُ في الوجه، والثاني العيَّابُ في القفا، وقيل: الأول يكون بالعين، والثاني باللسان، وقيل عكسه.
تفاعل
[1] ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
عمل
[1] سورتان بدأت بـ (الويل): ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: 1]، ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾، الأولى: في أموال الناس، والثانية: في أعراض الناس؛ فلا تقترب منهما.
وقفة
[1] ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: 1] من يبخس الناس أموالهم ويغشُّهم، ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ من يتطاول على أعراض الناس وسمعتهم.
وقفة
[1] ويلٌ، ثم ويلٌ، ثم ويلٌ لمن ظلم الناس وتعدَّى على حقوقهم وأعراضهم وتستر بغطاء الدين لذلك ﴿ويلٌ لكل هُمزةٍ لُمَزة﴾.
عمل
[1] تذكَّر همزًا أو لمزًا فعلته، ثم استغفر الله ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾.
عمل
[1] ﴿وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ (هُمَزَةٍ) وهو أن يعيب أحدٌ أحدًا بالإِشارة بالعين أو بالشِّدق أو بالرأس بحضرته أو عند توليه، فاحترسوا.
وقفة
[1] ﴿وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ (هُمَزَةٍ) وهو أن يعيب أحدٌ أحدًا بالإِشارة بالعين أو بالشِّدق أو بالرأس بحضرته أو عند توليه.
وقفة
[1] ﴿وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ وتذكر معها: ﴿وَتَحسَبونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظيمٌ﴾ [النور: ١٥]
عمل
[1] سورتان تبدأ بـ (الويل): ﴿وَيلٌ لِلمُطَفِّفينَ﴾ وهى في أموال الناس، والثانية: ﴿وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾، وهى تخوض في أعراضهم؛ فلا تقترب منهما.
وقفة
[1] ﴿وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ هذان الوصفان من معاملة أهل الشرك للمؤمنين يومئذ، ومَن عامَلَ من المسلمين أحدًا من أهل دينه بمثل ذلك؛ كان له نصيب من هذا الوعيد.

الإعراب :

  • ﴿ وَيْلٌ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة وهو نكرة وجاز الابتداء به لانه قريب من المعرفة وقيل هو في الاصل مصدر لا فعل له معناه تحسر وقيل هو واد في جهنم وقيل اسم معنى كالهلاك ويرفع رفع المصادر لافادة معنى الثبات وقيل جاء نكرة لانه متضمن معنى الفعل الدعاء. لان معنى «الويل» الهلاك والعذاب.
  • ﴿ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف. همزة:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. لمزة: بدل منه اي من «همزة» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة والهمزة الذي يهمز الناس اي يغتابهم. واللمزة الذي يطعن الناس والهاء دخلت للمبالغة في الذم فالهامز المغتاب واللامز العياب.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بوعيد كلِّ مغتابٍ للنَّاسِ طعَّانٍ فيهم، قال تعالى:
﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

همزة لمزة:
1- بفتح الميم، فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بسكونها، فيهما، وهى قراءة الباقين.

مدارسة الآية : [2] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ

التفسير :

[2] الذي كان همُّه جمع المال وتَعْداده.

ومن صفة هذا الهماز اللماز، أنه لا هم له سوى جمع المال وتعديده والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات وصلة الأرحام، ونحو ذلك،

وقوله- سبحانه-: الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ زيادة تشنيع وتقبيح للهمزة اللمزة ...

ومعنى «عدده» : جعله عدته وذخيرته، وأكثر من عده وإحصائه لحرصه عليه، والجملة الكريمة في محل نصب على الذم.

أى: عذاب وهلاك لكل إنسان مكثر من الطعن في أعراض الناس، ومن صفاته الذميمة أنه فعل ذلك بسبب أنه جمع مالا كثيرا، وأنفق الأوقات الطويلة في عده مرة بعد أخرى، حبا له وشغفا به وتوهما منه أن هذا المال الكثير هو مناط التفاضل بين الناس.

وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي جَمَعَ- بتشديد الميم- وهو مبالغة في جَمَعَ بتخفيف الميم.

وقوله : ( الذي جمع مالا وعدده ) أي : جمعه بعضه على بعض ، وأحصى عدده كقوله : ( وجمع فأوعى ) [ المعارج : 18 ] قاله السدي وابن جرير .

وقال محمد بن كعب في قوله : ( جمع مالا وعدده ) ألهاه ماله بالنهار ، هذا إلى هذا ، فإذا كان الليل ، نام كأنه جيفة .

وقوله: ( الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ )

يقول: الذي جمع مالا وأحصى عدده, ولم ينفقه في سبيل الله, ولم يؤد حق الله فيه, ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأه من قرّاء أهل المدينة أبو جعفر, وعامة قرّاء الكوفة سوى عاصم: " جَمَّعَ" بالتشديد, وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والحجاز, سوى أبي جعفر وعامة قرّاء البصرة, ومن الكوفة عاصم, " جَمَعَ" بالتخفيف, وكلهم مجمعون على تشديد الدال من ( وَعَدَّدَهُ ) على الوجه الذي ذكرت من تأويله. وقد ذكر عن بعض المتقدمين بإسناد غير ثابت, أنه قرأه: " جَمَعَ مَالا وَعَدَدَهُ" تخفيف الدال, بمعنى: جمع مالا وجمع عشيرته وعدده. هذه قراءة لا أستجيز القراءة بها, بخلافها قراءة الأمصار, وخروجها عما عليه الحجة مجمعة في ذلك.

وأما قوله: ( جَمَعَ مَالا ) فإن التشديد والتخفيف فيهما صوابان, لأنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار, متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾ الانشغال بالمال سبب من أسباب الضلال، فطوبى لمن لم يشغله ما ضمن له عما خلق له.
وقفة
[2] ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾ المقصود الذم على إمساك المال عن سبيل الطاعة.
وقفة
[2] ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾ قال الإمام محمد عبده: «أي أن الذي يحمل هذا الهمزة اللمزة على الحط من أقدار الناس، هو جمعه المال وتعديده، فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه، انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة، بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه».
وقفة
[2] أشد السكرات سكرة المال؛ ﻷنها تعمي بصيرة صاحبها عن كونه زائلًا، وتوهمه بأن المال هو الذي سيطيل بقاءه ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾.
عمل
[2] تصدَّق بشيء من مالك ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾.
عمل
[2] لا تغتر بالمال فيلهيك عن عبادة الله ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾.
وقفة
[2] قال محمد بن كعب القرظي: «﴿الذي جمع مالا وعدده﴾ ألهاه ماله بالنهار يجمع هذا إلي هذا, فإذا كان الليل نام كأنه جيفة منته, فمتي يقوم بحق الله عليه؟».

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو والجملة الاسمية «هو الذي» في محل جر صفة- نعت- لهمزة لان النكرة لا توصف بالمعرفة وقيل يجوز ان يكون في محل جر صفة لكل همزة لمزة اي يكون نعتا وهو معرفة لمنعوت نكرة او يكون بدلا منه في محل جر اي بدلا من كل همزة او يكون في محل نصب على الذم اي اعني الذي .... والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ جَمَعَ مالًا:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. مالا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَعَدَّدَهُ:
  • معطوفة بالواو على «جمع» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به اي جعله عدة لحوادث الدهر او عدة مرة بعد مرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ عيبَه وطعنَه في النَّاس؛ ذكرَ هنا ما دعاه إلى الحط من أقدار النَّاس، وهو جمعه للمال، قال تعالى:
﴿ الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جمع:
قرئ:
1- مشدد الميم، وهى قراءة الحسن، وأبى جعفر، وابن عامر، والأخوين.
2- بتخفيفها، وهى قراءة باقى السبعة.
وعدده:
1- بشد الدال الأولى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة الحسن، والكلبي.

مدارسة الآية : [3] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ

التفسير :

[3] يظن أنه ضَمِنَ لنفسه بهذا المال الذي جمعه، الخلود في الدنيا والإفلات من الحساب.

{ يَحْسَبُ} بجهله{ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} في الدنيا، فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر.

وقوله- تعالى-: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ، صفة أخرى من صفاته القبيحة، والجملة يصح أن تكون مستأنفة استئنافا بيانيا، جوابا لسؤال مقدر، كأنه قيل: ما باله يجمع المال ويهتم به؟ فكان الجواب: يحسب أن ماله أخلده.

ويصح أن تكون حالا من فاعل «جمع» أى: هذا الجاهل المغرور جمع المال وعدده، حالة كونه يظن أن ماله يخلده في الدنيا، ويجعله في مأمن من حوادث الدهر.

قال الأستاذ الإمام محمد عبده: أى أن الذي يحمل هذا الهمزة اللمزة على الحط من أقدار الناس، هو جمعه المال وتعديده ... فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه، انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة، بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه ... ويظن أن ما عنده من المال، قد حفظ له حياته التي هو فيها، وأرصدها عليه، فهو لا يفارقها إلى حياة أخرى، يعاقب فيها على ما كسب من سيئ الأعمال ....

وقوله : ( يحسب أن ماله أخلده ) أي : يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟ ( كلا ) أي : ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب

وقوله: ( يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ )

يقول: يحسب أن ماله الذي جمعه وأحصاه, وبخل بإنفاقه, مخلده في الدنيا, فمزيل عنه الموت. وقيل: أخلده, والمعنى: يخلده, كما يقال للرجل الذي يأتي الأمر الذي يكون سببا لهلاكه: عطب والله فلان, هلك والله فلان, بمعنى: أنه يعطب من فعله ذلك, ولما يهلك بعد ولم يعطب; وكالرجل يأتي الموبقة من الذنوب: دخل والله فلان النار.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ أي أوصله إلى رتبة الخلد في الدنيا، فأحب ذلك المال كما يحب الخلود، وأقبل على التوسع في الشهوات والأعراض الزائلات عمل من يظن أنه لا يموت، وفيه تعريض بأنه لا يفيد الخلد إلا الأعمال الصالحة المسعدة في الدار الآخرة.
وقفة
[3] ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ يطول أمل الإنسان مع كثرة ماله يظن أن البقاء يطول مع الثراء، والله لا يُطيل عمر الغني لغناه، ولا يُقصِّر عمر الفقير لفقره.
وقفة
[3] ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ كلما زاد المال طال الأمل، وكلما طال الأمل ساء العمل، إلا من كان غنيًّا شاكرًا، وقليل ما هم.
وقفة
[3] ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ لن يطيل عمرك غناك، ولن يقصره فقرك؛ فلا تشغلك سكرة المال عن سكرة الموت.
وقفة
[3] ﴿يَحسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخلَدَهُ﴾ عجبًا لمن يظن ذلك، ألم يقرأ الآية: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ﴾ [الرعد: 38]؟!
وقفة
[3] ﴿يَحسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخلَدَهُ﴾ لن يفرق الموت بين صاحب المال ومن لا يملك درهمًا ولا دينارًا.
وقفة
[3] ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ من علامات الغفلة أن يتوهم المرء أن ماله هو الذي يبقيه عزيزًا في قومه ذا مكانة رفيعة، ولو عقل لأدرك أن المال بلا أخلاق كالجسد بلا روح.
وقفة
[3] في قوله تعالى: ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ تصوير لشدة حبه للمال؛ حين يظن أن لا حياة له بلا مال، فلذلك يحفظه من النقصان ليبقى حيًّا، ومن كان كذلك استحق الوعيد بالويل في أول السورة؛ لأنه بهذا عبدٌ للمال على الحقيقة، وفي الحديث الصحيح: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ» [البخاري 2886]، وبهذا ينكشف لك سر من أسرار ما تتناقله الصحف بين الحين والآخر من أخبار الانتحار بسبب الفقر أو الخسائر المالية.

الإعراب :

  • ﴿ يَحْسَبُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
  • ﴿ أَنَّ مالَهُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ماله: اسم «ان» منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والجملة الفعلية «اخلده» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ أَخْلَدَهُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «ان» وما في حيزها اي معموليها من اسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي «يحسب» اي ان المال تركه خالدا في الدنيا لا يموت. والجملبة الفعلية «يحسب» وما بعدها لا محل لها من الاعراب لانها بدل من صلة «الذي».

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ حالَه؛ بَيَّنَ هنا خطأه في ظَنِّه، قال تعالى:
﴿ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ

التفسير :

[4] ليس الأمر كما ظن، ليُطرحنَّ في النار التي تهشم كل ما يُلْقى فيها.

{ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ} أي:ليطرحن{ فِي الْحُطَمَةِ}

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك سوء عاقبة هذا الجاهل المغرور فقال: كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ، وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ.

و «كلا» حرف زجر وردع، والمراد به هنا إبطال ما توهمه هذا المغرور من حسبانه أن ماله سيخلده. والنبذ: الطرح للشيء والإلقاء به مع التحقير والتصغير من شأنه.

والحطمة من الحطم، وهو كسر الشيء بشدة وقوة، ويقال: رجل حطمة، إذا كان شديدا في تحطيمه وكسره لغيره، والمراد بالحطمة هنا: النار الشديدة الاشتعال: التي لا تبقى على شيء إلا وأحرقته.

أى: كلا ليس الأمر كما زعم هذا الهمزة اللمزة، من أن ماله سيخلده، بل الحق أنه والله ليطرحن بسبب أفعاله القبيحة في النار التي تحطم كل شيء يلقى فيها، والتي لا يعرف مقدار شدتها واشتعالها إلا الله- تعالى-.

أي ليلقين هذا الذي جمع مالا فعدده في الحطمة وهي اسم طبقة من أسماء النار لأنها تحطم من فيها.

وقوله: ( كَلا ) يقول تعالى ذكره: ما ذلك كما ظنّ, ليس ماله مخلِّده,

ثم أخبر جلّ ثناؤه أنه هالك ومعذب على أفعاله ومعاصيه, التي كان يأتيها في الدنيا, فقال جل ثناؤه: ( لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ) يقول: ليُقذفنّ يوم القيامة في الحطمة, والحطمة: اسم من أسماء النار, كما قيل لها: جهنم وسقر ولظى, وأحسبها سميت بذلك لحطمها كلّ ما ألقي فيها, كما يقال للرجل الأكول: الحطمة. ذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: " لَيُنْبَذَانِّ فِي الحُطَمَةِ" يعني: هذا الهمزة اللمزة وماله, فثنَّاه لذلك.

التدبر :

وقفة
[4] ﴿كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ (كلا) حرف زجر وردع، والمراد به هنا إبطال ما توهمه هذا المغرور من حسبانه أن ماله سيخلده، والنبذ: الطرح للشئ والإِلقاء به مع التحقير والتصغير، لأن الكافر كان يعتقد أنه من أهل الكرامة.

الإعراب :

  • ﴿ كَلَّا:
  • حرف ردع وزجر لا عمل له. اي ردع له على حسبانه وردا لمقالته.
  • ﴿ لَيُنْبَذَنَّ:
  • اللام لام التوكيد. ينبذن: فعل مضارع مبني للمجهول مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ونون التوكيد الثقيلة لا عمل
  • ﴿ فِي الْحُطَمَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بينبذن اي ليرمين او يتركن في جهنم التي من شأنها ان تحطم كل ما يلقى فيها

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     وبعد أن توعد اللهُ من هذه صفاته، وبَيَّنَ ما حمله على ارتكاب ذلك، من ظَنِّه أن مالَه يضمن له الأمان من الموت؛ أعقبَ ذلك بتفصيل ما أعدَّ له من هذا العذاب المحتوم، قال تعالى:
﴿ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لينبذن:
1- بضمير الواحد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- لينبذان، بضمير الاثنين: الهمزة، وماله، وهى قراءة على، والحسن، بخلاف عنه، وابن محيصن، وحميد، وهارون، عن أبى عمرو.
فى الحطمة:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- الحاطمة، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [5] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ

التفسير :

[5] وما أدراك -أيها الرسول- ما حقيقة النار؟

[وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} تعظيم لها، وتهويل لشأنها.

فالمقصود بالاستفهام فى قوله - تعالى - : ( وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحطمة ) تهويل أمر هذه النار ، وتفظيع شأنها ، وبيان أن كنهها لا تدركه عقول البشر . .

قال "وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة" قال ثابت البناني تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء ثم يقول لقد بلغ منهم العذاب ثم يبكي وقال محمد بن كعب تأكل كل شيء من جسده حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقه ترجع على جسده.

وقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ) يقول: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما الحطمة.

التدبر :

وقفة
[5] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾ تهويل أمر هذه النار، وتفظيع شأنها، وبيان أن كنهها لا تدركه عقول البشر.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ
  • تعرب اعراب الآية الكريمة الثالثة من سورة «الحاقة».

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ الحُطَمَةِ؛ هَوَّلَها هنا، فقال تعالى:
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الحطمة:
انظر: الآية: 4.

مدارسة الآية : [6] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ

التفسير :

[6] إنها نار الله المشتعلةُ الشديدةُ اللَّهب

{ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} التي وقودها الناس والحجارة

وقوله- سبحانه-: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ بيان للحطمة وتفصيل لأمرها بعد إبهامها.

أى: الحطمة هي نار الله- تعالى- الشديدة الإحراق، وأضيفت إلى الله- تعالى- لزيادة الترويع والتخويف منها، لأن خالقها- عز وجل- هو الذي لا يعجزه شيء.

تأكل كل شيء من جسده حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقه ترجع على جسده.

ثم أخبره عنها ما هي, فقال جل ثناؤه: هي ( نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ ) يقول: التي يطلع ألمها ووهجها القلوب; والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى، حُكي عن العرب سماعا: متى طلعت أرضنا; وطلعت أرضي: بلغت.

التدبر :

وقفة
[6] ﴿نارُ اللَّهِ الموقَدَةُ﴾ إضافة (نارُ) إلى اسم الجلالة؛ للترويع بها، بأنها نار خلقها القادر على خلق الأمور العظيمة.
وقفة
[6، 7] الأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، والمهلكات الدامغة، والمخازي الفاضحة، والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين، المنخرطة بصاحبها في سلك الشياطين، وهي الأبواب المفتوحة إلى: ﴿نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾.
تفاعل
[6، 7] ﴿نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ:
  • بدل من «الحطمة» او خبر مبتدأ محذوف تقديره هي. الله لفظ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.الموقدة: صفة- نعت- لنار الله مرفوعة مثلها بالضمة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     وبعد أن هَوَّلَها؛ بَيَّنَها هنا، ووَصَفَها بثلاث صفات، وهي: ١- أنَّها مستعرة، قال تعالى:
﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ

التفسير :

[7]التي من شدة حرِّها تنفُذ من الأجسام إلى القلوب.

{ الَّتِي} من شدتها{ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} أي:تنفذ من الأجسام إلى القلوب.

وقوله- تعالى-: الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ صفة أخرى من صفات هذه النار، وقوله: تَطَّلِعُ من الاطلاع، بمعنى الوصول إلى الشيء بسرعة، والكشف عن خباياه، والنفاذ إلى منتهاه.

أى: سيلقى بهذا الشقي في نار الله- تعالى- الموقدة، التي تصل إلى أعماق الأفئدة والقلوب، فتحيط بها، وتنفذ إليها، فتحرقها إحراقا تاما.

وخصت الأفئدة التي هي القلوب بالذكر، لأنها ألطف ما في الأبدان وأشدها تألما بأدنى أذى يصيبها، أو لأنها محل العقائد الزائفة، والنيات الخبيثة، ومنشأ الأعمال السيئة، التي استحق هذا الهمزة اللمزة بسببها العقاب الشديد.

قال "وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة" قال ثابت البناني تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء ثم يقول لقد بلغ منهم العذاب ثم يبكي وقال محمد بن كعب تأكل كل شيء من جسده حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقه ترجع على جسده.

ثم أخبره عنها ما هي, فقال جل ثناؤه: هي ( نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ ) يقول: التي يطلع ألمها ووهجها القلوب; والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى، حُكي عن العرب سماعا: متى طلعت أرضنا; وطلعت أرضي: بلغت.

التدبر :

وقفة
[7] ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ وخص الأفئدة مع كونها تغشى جميع أبدانهم؛ لأنها محل العقائد الزائغة، أو لكون الألم إذا وصل إليها مات صاحبها؛ أي إنهم في حال من يموت وهم لا يموتون.
وقفة
[7] ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ لما كانت أفئدتهم محل الاعتقادات الباطلة، ومنطلق الهمز واللمز للمؤمنين؛ كان جزاؤهما التحطيم والإحراق بنار الله الموقدة، وهذا هو الدواء الشافي تجاه كتب ومحفوظات أهل الأهواء، بإتلافها وإحراقها وتأديب حامليها؛ حماية للأمة من شرها وشرهم.
وقفة
[7] ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ أي تشرف على الأفئدة، وخص الأفئدة؛ لأن الألم إذا وصل إلى الفؤاد، مات صاحبه، فأخبر سبحانه أنهم في حال من يموت، لكنهم لا يموتون.
وقفة
[7] ﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾ تَعْلَمُ مقدار ما يستحقه كل واحد من أهل النار من العذاب، وذلك بعلامة أطلعها الله عليها في كل عبد دخل النار.

الإعراب :

  • ﴿ الَّتِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ثانية للنار والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. على الافئدة: جار ومجرور متعلق بتطلع اي تعلو القلوب وتغليها وتشتمل عليها. والافئدة جمع «فؤاد» وهي اوساط القلوب.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ٢- أنَّها تنفذ من أجسام النَّاس إلى قلوبهم، قال تعالى:
﴿ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [8] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ

التفسير :

[8] إنها عليهم مطبَقة

ومع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها، ولهذا قال:{ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} أي:مغلقة

ثم وصف- سبحانه- هذه النار بصفة ثالثة فقال: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ أى: إن هذه النار من صفاتها- أيضا- أنها مطبقة ومغلقة عليهم بحيث لا يستطيعون الخروج منها، فقوله مُؤْصَدَةٌ اسم مفعول من قولك أوصدت الباب، إذا أغلقته بشدة، بحيث لا يستطاع الخروج منه ...

وقوله : ( إنها عليهم مؤصدة ) أي : مطبقة كما تقدم تفسيره في سورة البلد .

وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا علي بن سراج ، حدثنا عثمان بن خرزاذ ، حدثنا شجاع بن أشرس ، حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي صالح عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنها عليهم مؤصدة ) قال : " مطبقة " .

وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الله بن أسيد ، عن إسماعيل بن خالد ، عن أبي صالح ، قوله ، ولم يرفعه .

وقوله: ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الحطمة التي وصفت صفتها عليهم, يعني: على هؤلاء الهمازين اللمازين ( مُؤْصَدَةٌ ) : يعني: مطبقة; وهي تهمز ولا تهمز; وقد قُرئتا جميعا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا طلق, عن ابن ظهير, عن السديّ, عن أبي مالك, عن ابن عباس في (مُؤْصَدَة): قال: مطبقة.

حدثني عبيد بن أسباط, قال: ثني أبي, عن فضيل بن مرزوق, عن عطية, في قوله: ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) قال: مطبقة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد, قال: في النار رجل في شعب من شعابها ينادي مقدار ألف عام: يا حنان يا حنان, فيقول رب العزة لجبريل: أخرج عبدي من النار, فيأتيها فيجدها مطبقة, فيرجع فيقول: يا ربّ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) فيقول: يا حبريل فكها, وأخرج عبدي من النار, فيفكها, ويخرج مثل الخيال, فيطرح على ساحل الجنة حتي يُنبت الله له شعرا ولحما ودما.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله: ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) قال: مطبقة.

حدثنا أبو كريب, قال: ثنا وكيع, عن مضرِّس بن عبد الله, قال: سمعت الضحاك ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) قال: مطبقة.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) قال: عليهم مغلقة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) : أي مطبقة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ) قال: مطبقة, والعرب تقول: أوصد الباب: أغلق.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿إِنَّها عَلَيهِم مُؤصَدَةٌ﴾ أي: مغلقة البواب لا يُرجى لهم فرج عياذًا بالله! تأمل لو أن إنسانًا كان في حجرة أو في سيارة، ثم اتقدت النيران فيها، وليس له مهرب ولا مخرج، ما حاله؟ حسرة عظيمة لا يمكن أن يماثلها حسرة! والله تعالى أخبرنا بهذا لا لمجرد تلاوته، بل لنحذر من هذه الأوصاف الذميمة الواردة في هذه السورة (سورة الهمزة).
وقفة
[8] ﴿إِنَّها عَلَيهِم مُؤصَدَةٌ﴾ لما حَرَمَ الفقراء والمحتاجين وأغلق الخزائن على الأموال؛ كان جزاءه أن أغلق الله عليه النار.
وقفة
[8] ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾ تَيئِيسٌ لهم من الخروج.
وقفة
[8] ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾ نفتح الأبواب والنوافذ عند اشتداد الحر، لعل نسمة هواء تبرِّد الجو، لكن أبواب النار غدًا مغلقة، فلا يُخفَّف عن أهلها العذاب، مهما طرقوا على الأبواب.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان». على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخبر «ان». مؤصدة:خبر «ان» مرفوع بالضمة اي ان النار عليهم مطبقة اي مقفلة

المتشابهات :

البلد: 20﴿ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ
الهمزة: 8﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ٣- أنَّها على المُعَذَّبين فيها مغلقة، فقال تعالى:
﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الهمزة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ

التفسير :

[9] في سلاسل وأغلال مطوَّلة؛ لئلا يخرجوا منها.

{ فِي عَمَدٍ} من خلف الأبواب{ مُمَدَّدَةٍ} لئلا يخرجوا منها{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} .

[نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العفو والعافية].

وقوله- تعالى-: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ صفة رابعة من صفات هذه النار الشديدة الاشتعال.

وقوله عَمَدٍ- بفتحتين- جمع عمود كأديم وأدم، وقيل: جمع عماد، وقيل: هو اسم جمع لعمود، وليس جمعا له، والمراد بها: الأوتاد التي تشد بها أبواب النار.

وقرأ بعض القراء السبعة: في عمد بضمتين جمع عمود كسرير وسرر.

والممددة: الطويلة الممدودة من أول الباب إلى آخره.

أى: أن هذه النار مغلقة عليهم بأبواب محكمة، هذه الأبواب قد شدت بأوتاد من حديد، تمتد هذه الأوتاد من أول الأبواب إلى آخرها. بحيث لا يستطيع من بداخلها الفكاك منها.

وبذلك نرى السورة الكريمة قد توعدت هؤلاء المغرورين الجاهلين، الطاعنين في أعراض الناس ... بأشد ألوان العقاب، وأكثره إهانة وخزيا لمن ينزل به.

نسأل الله- تعالى- أن يعيذنا من ذلك.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

( في عمد ممددة ) قال عطية العوفي : عمد من حديد . وقال السدي : من نار . وقال شبيب بن بشر ، عن عكرمة عن ابن عباس : ( في عمد ممددة ) يعني : الأبواب هي الممدوة .

وقال قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود : إنها عليهم مؤصدة بعمد ممدة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : أدخلهم في عمد فمدت عليهم بعماد ، وفي أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب .

وقال قتادة : كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار . واختاره ابن جرير .

وقال أبو صالح : ( في عمد ممددة ) يعني القيود الطوال . آخر تفسير سورة " ويل لكل همزة لمزة "

وقوله: ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: ( فِي عَمَدٍ ) بفتح العين والميم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: " فِي عُمُدٍ" بضم العين والميم. والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء, ولغتان صحيحتان. والعرب تجمع العمود: عُمُدا وعَمَدا, بضم الحرفين وفتحهما, وكذلك تفعل في جمع إهاب, تجمعه: أُهُبا, بضم الألف والهاء, وأَهَبا بفتحهما, وكذلك القضم, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم: (إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة ) أي مغلقة مطبقة عليهم, وكذلك هو في قراءة عبد الله فيما بلغنا.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن قتادة, في قراءة عبد الله: " إنها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٍ بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ".

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما دخلوا في عمد, ثم مدت عليهم تلك العمد بعماد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) قال: أدخلهم في عمد, فمدت عليهم بعماد, وفي أعناقهم السلاسل, فسدّت بها الأبواب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد ( فِي عَمَدٍ ) من حديد مغلولين فيها, وتلك العمد من نار قد احترقت من النار, فهي من نار ( مُمَدَّدَةٍ ) لهم.

وقال آخرون: هي عمد يعذّبون بها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) كُنَّا نحدَّث أنها عمد يعذّبون بها في النار, قال بشر: قال يزيد: في قراءة قتادة: ( عَمَدٍ ) .

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سعيد, عن قتادة ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) قال: عمود يعذبون به في النار.

وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: معناه: أنهم يعذّبون بعمد في النار, والله أعلم كيف تعذيبه إياهم بها, ولم يأتنا خبر تقوم به الحجة بصفة تعذيبهم بها, ولا وضع لنا عليها دليل, فندرك به صفة ذلك, فلا قول فيه, غير الذي قلنا يصحّ عندنا, والله أعلم.

آخر تفسير سورة الهمزة

التدبر :

وقفة
[9] ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ حتى ييئسوا من الخروج، بإطباق الأبواب عليهم، وتمدد العمد للأيذان بالخلود إلي غير نهاية.

الإعراب :

  • ﴿ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بمؤصدة بمعنى موثقين بأعمدة وهي جمع عمود. ممددة: صفة- نعت- لعمد مجرورة مثلها بالكسرة اي ممتدة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنها مغلقة؛ بَيَّنَ هنا شدةَ إطباق النَّار على أهلها وإحكامها عليهم؛ ليستقر في قلوبهم اليأس من الخلاص منها، قال تعالى:
﴿ فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عمد:
قرئ:
1- بضمتين، وهى قراءة الأخوين، وأبى بكر.
2- بضم العين وسكون الميم، وهى قراءة هارون، عن أبى عمرو.
3- بفتحهما، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [1] :الفيل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ..

التفسير :

[1] ألم تعلم -أيها الرسول- كيف فعل ربك بأصحاب الفيل:أبرهةَ الحبشيِّ وجيشِه الذين أرادوا تدمير الكعبة المباركة؟

أي:أما رأيت من قدرة الله وعظيم شأنه، ورحمته بعباده، وأدلة توحيده، وصدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ما فعله الله بأصحاب الفيل، الذين كادوا بيته الحرام وأرادوا إخرابه، فتجهزوا لأجل ذلك، واستصحبوا معهم الفيلة لهدمه، وجاءوا بجمع لا قبل للعرب به، من الحبشة واليمن، فلما انتهوا إلى قرب مكة، ولم يكن بالعرب مدافعة، وخرج أهل مكة من مكة خوفًا على أنفسهم منهم.

تفسير سورة الفيل

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الفيل» وسماها بعضهم سورة «ألم تر ... » من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها خمس آيات، وكان نزولها بعد سورة «قل يا أيها الكافرون» ، وقبل سورة «القيامة» فهي السورة التاسعة عشرة في ترتيب النزول من بين السور المكية.

2- ومن أهم مقاصدها تذكير أهل مكة بفضل الله- تعالى- عليهم، حيث منع كيد أعدائهم عنهم، وعن بيته الحرام، وبيان أن هذا البيت له مكانته السامية عنده- تعالى-، وأن من أراده بسوء قصمه الله- تعالى-، وتبشير النبي صلى الله عليه وسلم بأنه- سبحانه- كفيل برعايته ونصره على أعدائه، كما نصر أهل مكة على أبرهة وجيشه، وتثبيت المؤمنين على الحق، لكي يزدادوا إيمانا على إيمانهم، وبيان أن الله- سبحانه- غالب على أمره.

3- وقصة أصحاب الفيل من القصص المشهورة عند العرب، وملخصها: أن أبرهة الأشرم الحبشي أمير اليمن من قبل النجاشيّ ملك الحبشة، بنى كنيسة بصنعاء لم ير مثلها في زمانها ... وأراد أن يصرف الناس من الحج إلى بيت الله الحرام، إلى الحج إليها ... ثم جمع جيشا عظيما قدم به لهدم الكعبة ... فأهلكه الله- تعالى- وأهلك من معه من رجال وأفيال ...

وكانت ولادته صلى الله عليه وسلم في هذا العام ...

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ ... للتقرير بما تواتر نقله وعلمه صلى الله عليه وسلم وعلمه غيره علما مستفيضا ... حتى إن العرب كانوا يؤرخون بتلك الحادثة، فيقولون: هذا الأمر حدث في عام الفيل، أو بعده أو قبله ... والمراد بالرؤية هنا: العلم المحقق.

وعبر- سبحانه- عن العلم بالرؤية، لأن خبر هذه القصة- كما أشرنا كان من الشهرة بمكان، فالعلم الحاصل بها مساو في قوة الثبوت للرؤية والمشاهدة.

والمعنى: لقد علمت- أيها الرسول الكريم- علما لا يخالطه ريب أو لبس، ما فعله ربك بأصحاب الفيل، الذين جاءوا لهدم الكعبة، حيث أهلكناهم إهلاكا شنيعا، كانت فيه العبرة والعظة، والدلالة الواضحة على قدرتنا، وعلى حمايتنا لبيتنا الحرام.

وأوقع- سبحانه- الاستفهام عن كيفية ما أنزله بهم، لا عن الفعل ذاته، لأن الكيفية أكثر دلالة على قدرته- تعالى- وعلى أنه- سبحانه- لا يعجزه شيء.

وفي التعبير بقوله: فَعَلَ رَبُّكَ ... إشارة إلى أن هذا الفعل لا يقدر عليه أحد سواه- سبحانه- فهو الذي ربي نبيه صلى الله عليه وسلم وتعهده بالرعاية، وهو الكفيل بنصره على أعدائه، كما نصر أهل مكة، على جيوش الحبشة ... وهم أصحاب الفيل.

ووصفوا بأنهم «أصحاب الفيل» لأنهم أحضروا معهم الفيلة، ليستعينوا بها على هدم الكعبة، وعلى إذلال أهل مكة.

تفسير سورة الفيل وهي مكية .

هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش ، فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل ، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود ، فأبادهم الله ، وأرغم آنافهم ، وخيب سعيهم ، وأضل عملهم ، وردهم بشر خيبة . وكانوا قوما نصارى ، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا مما كان عليه قريش من عبادة الأوثان . ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه في ذلك العام ولد على أشهر الأقوال ، ولسان حال القدر يقول : لم ننصركم - يا معشر قريش - على الحبشة لخيريتكم عليهم ، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرفه ونعظمه ونوقره ببعثة النبي الأمي محمد صلوات الله وسلامه عليه ، خاتم الأنبياء .

وهذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار والتقريب ، قد تقدم في قصة أصحاب الأخدود أن ذا نواس - وكان آخر ملوك حمير وكان مشركا - هو الذي قتل أصحاب الأخدود ، وكانوا نصارى ، وكانوا قريبا من عشرين ألفا ، فلم يفلت منهم إلادوس ذو ثعلبان ، فذهب فاستغاث بقيصر ملك الشام - وكان نصرانيا - فكتب له إلى النجاشي ملك الحبشة ; لكونه أقرب إليهم ، فبعث معه أميرين : أرياط وأبرهة بن الصباح أبا يكسوم في جيش كثيف ، فدخلوا اليمن فجاسوا خلال الديار ، واستلبوا الملك من حمير ، وهلك ذو نواس غريقا في البحر . واستقل الحبشة بملك اليمن وعليهم هذان الأميران : أرياط وأبرهة فاختلفا في أمرهما وتصاولا وتقاتلا وتصافا ، فقال أحدهما للآخر : إنه لا حاجة بنا إلى اصطدام الجيشين بيننا ، ولكن ابرز إلي وأبرز إليك ، فأينا قتل الآخر استقل بعده بالملك . فأجابه إلى ذلك فتبارزا - وخلف كل واحد منهما قناة - فحمل أرياط على أبرهة فضربه بالسيف ، فشرم أنفه وفمه وشق وجهه ، وحمل عتودة مولى أبرهة على أرياط فقتله ، ورجع أبرهة جريحا ، فداوى جرحه فبرأ ، واستقل بتدبير جيش الحبشة باليمن . فكتب إليه النجاشي يلومه على ما كان منه ، ويتوعده ويحلف ليطأن بلاده ويجزن ناصيته . فأرسل إليه أبرهة يترقق له ويصانعه ، وبعث مع رسوله بهدايا وتحف ، وبجراب فيها من تراب اليمن ، وجز ناصيته فأرسلها معه ، ويقول في كتابه : ليطأ الملك على هذا الجراب فيبر قسمه وهذه ناصيتي قد بعثت بها إليك . فلما وصل ذلك إليه أعجبه منه ، ورضي عنه ، وأقره على عمله . وأرسل أبرهة يقول للنجاشي : إني سأبني لك كنيسة بأرض اليمن لم يبن قبلها مثلها . فشرع في بناء كنيسة هائلة بصنعاء رفيعة البناء ، عالية الفناء ، مزخرفة الأرجاء . سمتها العرب القليس ; لارتفاعها ; لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها . وعزم أبرهة الأشرم على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة ، ونادى بذلك في مملكته ، فكرهت العرب العدنانية والقحطانية ذلك ، وغضبت قريش لذلك غضبا شديدا ، حتى قصدها بعضهم ، وتوصل إلى أن دخلها ليلا . فأحدث فيها وكر راجعا . فلما رأى السدنة ذلك الحدث ، رفعوا أمرهم إلى ملكهم أبرهة وقالوا له : إنما صنع هذا بعض قريش غضبا لبيتهم الذي ضاهيت هذا به ، فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة ، وليخربنه حجرا حجرا .

وذكر مقاتل بن سليمان أن فتية من قريش دخلوها فأججوا فيها نارا ، وكان يوما فيه هواء شديد فأحرقته ، وسقطت إلى الأرض .

فتأهب أبرهة لذلك ، وصار في جيش كثيف عرمرم ; لئلا يصده أحد عنه ، واستصحب معه فيلا عظيما كبير الجثة لم ير مثله ، يقال له : محمود ، وكان قد بعثه إليه النجاشي ملك الحبشة لذلك . ويقال : كان معه أيضا ثمانية أفيال . وقيل : اثنا عشر فيلا . وقيل غيره ، والله أعلم . يعني ليهدم به الكعبة بأن يجعل السلاسل في الأركان ، وتوضع في عنق الفيل ، ثم يزجر ليلقي الحائط جملة واحدة . فلما سمعت العرب بمسيره أعظموا ذلك جدا ، ورأوا أن حقا عليهم المحاجبة دون البيت ، ورد من أراده بكيد . فخرج إليه رجل [ كان ] من أشراف أهل اليمن وملوكهم ، يقال له " ذو نفر " فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله ، وما يريد من هدمه وخرابه . فأجابوه وقاتلوا أبرهة فهزمهم لما يريده الله عز وجل من كرامة البيت وتعظيمه ، وأسر " ذو نفر " فاستصحبه معه . ثم مضى لوجهه حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخشعمي في قومه : شهران وناهس فقاتلوه ، فهزمهم أبرهة ، وأسر نفيل بن حبيب ، فأراد قتله ثم عفا عنه ، واستصحبه معه ليدله في بلاد الحجاز . فلما اقترب من أرض الطائف خرج إليه أهلها ثقيف وصانعوه خيفة على بيتهم ، الذي عندهم ، الذي يسمونه اللات . فأكرمهم وبعثوا معه " أبا رغال " دليلا . فلما انتهى أبرهة إلى المغمس - وهو قريب من مكة - نزل به وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل وغيرها ، فأخذوه . وكان في السرح مائتا بعير لعبد المطلب . وكان الذي أغار على السرح بأمر أبرهة أمير المقدمة ، وكان يقال له : " الأسود بن مفصود " فهجاه بعض العرب - فيما ذكره ابن إسحاق - وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة ، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش ، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدوه عن البيت . فجاء حناطة فدل على عبد المطلب بن هاشم ، وبلغه عن أبرهة ما قال ، فقال له عبد المطلب : والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك من طاقة ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه ، وإن يخلي بينه وبينه ، فوالله ما عندنا دفع عنه . فقال له حناطة : فاذهب معي إليه . فذهب معه ، فلما رآه أبرهة أجله ، وكان عبد المطلب رجلا جميلا حسن المنظر ، ونزل أبرهة عن سريره ، وجلس معه على البساط ، وقال لترجمانه : قل له : حاجتك ؟ فقال للترجمان : إن حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي . فقال أبرهة لترجمانه : قل له : لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ، لا تكلمني فيه ؟! فقال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل ، وإن للبيت ربا سيمنعه . قال : ما كان ليمتنع مني ! قال : أنت وذاك .

ويقال : إنه ذهب مع عبد المطلب جماعة من أشراف العرب فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عن البيت ، فأبى عليهم ، ورد أبرهة على عبد المطلب إبله ، ورجع عبد المطلب إلى قريش فأمرهم بالخروج من مكة والتحصن في رءوس الجبال ، تخوفا عليهم من معرة الجيش . ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده ، وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة :

لاهم إن المرء يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك

قال ابن إسحاق : ثم أرسل عبد المطلب حلقة الباب ، ثم خرجوا إلى رءوس الجبال .

وذكر مقاتل بن سليمان أنهم تركوا عند البيت مائة بدنة مقلدة ، لعل بعض الجيش ينال منها شيئا بغير حق ، فينتقم الله منه .

فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله - وكان اسمه محمودا - وعبأ جيشه ، فلما وجهوا الفيل نحو مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنبه ثم أخذ بأذنه وقال ابرك محمود ، وارجع راشدا من حيث جئت ، فإنك في بلد الله الحرام " . ثم أرسل أذنه ، فبرك الفيل . وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل . وضربوا الفيل ليقوم فأبى . فضربوا في رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم ، فأبى ; فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك .

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تنظر يا محمد بعين قلبك, فترى بها( كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) الذين قَدِموا من اليمن يريدون تخريب الكعبة من الحبشة ورئيسهم أبرهة الحبشيّ الأشرم .

التدبر :

وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ لم ير بنفسه ﷺ ، ولكن إخبار الله له كالرؤية بالعين المجردة تمامًا بتمام.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ لم يكن الفيل معروفًا عند العرب، فلذلك قلَّ أن يُذكر في كلامهم، وأول فيل دخل بلاد العرب هو الفيل المذكور في هذه السورة.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ هذه السورة رد على الملحدين، كيف؟ لأن الملحدين ذكروا في الزلازل والرياح والصواعق -وسائر الأشياء التي عذب الله تعالى بها الأمم- أعذارًا ضعيفة، أما هذه الواقعة، فلا تجرى فيها تلك الأعذار؛ لأنه ليس في شيء من الطبائع والحيل أن تقبل طير معها حجارة، فتقصد قومًا دون قوم فتقتلهم.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ ما الحكمة من إهلاك أصحاب الفيل، وعدم إهلاك من يقصد الكعبة في آخر الزمان؟ لأن قصة أصحاب الفيل مقدمة لبعثة الرسول ﷺ التي يكون فيها تعظيم البيت، أما في آخر الزمان؛ فإن أهل البيت إذا أهانوه وأرادوا فيه بإلحاد بظلم، ولم يعرفوا قدره، حينئذ يسلط الله عليهم من يهدمه حتى لا يبقى على وجه الأرض.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ اغتروا بحجم الفيل؛ فسحقتهم حصاة من طير.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ ذكر مقام الربوبية دون مقام الألوهية؛ لأن المقام مقام حماية ودفاع ونعمة وفضل، وهو ما يستدعي مقام الربوبية، كما أن رب الأسرة يحمي أسرته ويرعى مصالحهم، وأضاف ضمير المخاطب (الكاف) للنبي ﷺ فقال (رَبُك) دلالة على عظم مكانته عند ربه، وتسلية له، وتثبيتًا لقلبه.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ الله حمى البيت؛ وحرمة المؤمن عند الله أعظم من البيت.
وقفة
[1] ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ لم يتكرر في القرآن ذكر إهلاك أصحاب الفيل كبقية القصص لوجهين: 1- أن هلاك أصحاب الفيل لم يكن لأجل تكذيب رسول من الله. 2- أن لا يتخذ من المشركين غرورًا بمكانة لهم عند الله كغرورهم بقولهم المحكي في قوله تعالى: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [ التوبة: 19 ].
وقفة
[1] قف متدبرًا لهذه الآية: ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾ ففيها تبكيت لكفار مكة، وإيماء إلى عجز آلهتهم عن الدفاع عن الكعبة عندما جاء أبرهة لهدمها، فالذي حماها هو ربك وليست أربابهم، فأي آلهة تلك التي لا تدافع عن البيت العظيم، بل ولا عن نفسها ومن يعبدها! فالأجدر أن يقال لهم ولها كما قال إبراهيم: ﴿أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنبياء: 67].
وقفة
[1] يهلك الله الظالم في ذروة طغيانه؛ حتى لا يُركَن للظَلمة، ويعتبر أصحاب القلوب، قال ﷻ لنبيه: ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾.
وقفة
[1] إذا تدبرت سياق قصة أصحاب الفيل أدركت أن من أعظم الحِكَم في تولي الله الدفاع عن بيته حتى لا تكون للمشركين يد على بيته، ولا سابقة في حمايته، بحميتهم الجاهلية، حتى إذا ما دعاهم النبي ﷺ لم يكن لهم سبب للاعتزاز بحماية بيت الله، ولذا ستفهم التعجب الذي بدئت به السورة: ﴿أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصحابِ الفيلِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • الالف ألف تقرير في لفظ استفهام وقيل الف توبيخ بلفظ استفهام والاستفهام تقرير للمخاطب وهو الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلم) وفيه تعريض بالمشركين على سبيل التوبيخ. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره- الالف- حرف العلة وبقيت الفتحة دالة عليه والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت والجملة الاستفهامية بعده في محل نصب مفعول به للفعل «ترى».
  • ﴿ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ:
  • اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال والعامل فيه «فعل» وهو توبيخ بلفظ استفهام واصل آخره- الفاء- السكون فتحت لالتقاء الساكنين فعل ماض مبني على الفتح. ربك: فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِأَصْحابِ الْفِيلِ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل. الفيل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

ابراهيم: 24﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
الفجر: 6﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ
الفيل: 1﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأصْحابِ الفِيلِ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. نَزَلَتْ في قِصَّةِ أصْحابِ الفِيلِ وقَصْدِهِمْ تَخْرِيبَ الكَعْبَةِ، وما فَعَلَ اللَّهُ تَعالى بِهِمْ مِن إهْلاكِهِمْ وصَرْفِهِمْ عَنِ البَيْتِ، وهي مَعْرُوفَةٌ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بذكرِ أصحابِ الفيلِ، لمَّا جاءَ أَبْرَهَةُ الأشرمُ والي اليمنِ من قِبلِ مَلكِ الحبشةِ لهدمِ الكعبةِ، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

"تر:
وقرئ:
1- بسكون، وهو جزم بعد جزم، وهى قراءة السلمى.
2- ترأ، بهمزة مفتوحة مع سكون الراء، وهى لغة لتيم."

مدارسة الآية : [2] :الفيل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ

التفسير :

[2] ألم يجعل ما دبَّروه من شر في إبطال وتضييع؟

أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ للتقرير- أيضا- أى: لقد جعل الله- تعالى- مكر أصحاب الفيل وسعيهم لتخريب الكعبة، في تَضْلِيلٍ أى: في تخسير وإبطال وتضييع، بأن تبرهم- سبحانه- تتبيرا ودمرهم تدميرا.

والكيد: إرادة وقوع الإضرار بالغير في خفية، وسمى- سبحانه- ما فعله أبرهة وجيشه كيدا، مع أنهم جاءوا لهدم الكعبة جهارا نهارا ... لأنهم كانوا يضمرون من الحقد والحسد والعداوة لأهل مكة، أكثر مما كانوا يظهرونه، فهم- كما قال- تعالى-: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ، وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ....

والمقصود بالتضليل هنا: التضييع والإبطال. تقول: ضللت كيد فلان، إذا جعلته باطلا ضائعا.

بأن الله سبحانة أهلكهم ودمرهم وردهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرا.

( أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ )

يقول: ألم يجعل سعي الحبشة أصحاب الفيل في تخريب الكعبة ( فِي تَضْلِيلٍ ) يعني: في تضليلهم عما أرادوا وحاولوا من تخريبها.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ هذا منهج إلهي مطرد، وسنة ربانية جارية تجاه كل جبار ومفسد في الأرض تدبر هذه الآيات وأمثالها تدرك حقيقة: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس:81]، ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف: 152]، ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: 18]، فلم الانهزام أمام الباطل؟ ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81].
وقفة
[2] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ من نصر الله لعباده: أن يضيع ويضل مكر الماكرين؛ فلا مقارنة بين المكائد والحقائق.
وقفة
[2] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ بين لزملائك أن الكافرين مهما تجبروا وطغوا فإن مكرهم منقلب عليهم.
وقفة
[2] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ كادوا بيت الله، فأضل الله سعيهم وتدبيرهم، وكل من كاد أولياء الله، سيضله الله.
وقفة
[2] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ من عدل الله الخفي أن ما من كيد أو أمر يدبره البعض في غير وجه حق إلا ويقلب علي عكس مقصودهم.
وقفة
[2] ﴿أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ﴾ الظلم عائد لا محالة وبالًا على صاحبه، فلا تظلم ولا تتجبر.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ:
  • اعربت. يجعل: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. في تضليل: جار ومجرور متعلق بيجعل وهو في مقام المفعول الثاني ليجعل لان المعنى ألم يصير كيدهم في تضييع.

المتشابهات :

الفيل: 2﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ
المرسلات: 25﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا
النبإ: 6﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلۡأَرۡضَ مِهَٰدٗا
البلد: 8﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ لَّهُۥ عَيۡنَيۡنِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ خبرَهم؛ ذكرَ ما فعلَ بهم، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الفيل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ

التفسير :

[3] وبعث عليهم طيراً في جماعات متتابعة

أرسل الله عليهم طيرًا أبابيل أي:متفرقة.

ثم بين- سبحانه- مظاهر إبطاله لكيدهم فقال: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ.

والطير: اسم جمع لكل ما من شأنه أن يطير في الهواء، وتنكيره للتنويع والتهويل، والأبابيل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وقيل هو جمع إبّالة، وهي حزمة الحطب الكبيرة، شبهت بها الجماعة من الطير في تضامنها وتلاصقها.

أى: لقد جعل الله- تعالى- كيد هؤلاء المعتدين في تضييع وتخسير ... بأن أرسل إليهم جماعات عظيمة من الطير، أتتهم من كل جانب في تتابع، فكانت سببا في إهلاكهم والقضاء عليهم ... وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ.

وأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان.

وقوله: ( وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ) يقول تعالى ذكره: وأرسل عليهم ربك طيرا متفرقة, يتبع بعضها بعضا من نواح شتي; وهي جماع لا واحد لها, مثل الشماطيط والعباديد ونحو ذلك. وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى, أنه لم ير أحدا يجعل لها واحدا. وقال الفرّاء: لم أسمع من العرب في توحيدها شيئا. قال: وزعم أبو جعفر الرُّؤاسِيّ, وكان ثقة, أنه سمع أن واحدها: إبالة. وكان الكسائي يقول: سمعت النحويين يقولون: إبول, مثل العجول. قال: وقد سمعت بعض النحويين يقول. واحدها: أبيل.

وبنحو الذي قلنا في الأبابيل: قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا سوّار بن عبد الله, قال: ثنا يحيى بن سعيد, قال: ثنا حماد بن سلمة, عن عاصم بن بهدلة, عن زرّ, عن عبد الله, في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: فرق.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى وعبد الرحمن, قالا ثنا حماد بن سلمة, عن عاصم, عن زرّ, عن عبد الله, قال: الفِرَق.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: يتبع بعضُها بعضا.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: هي التي يتبع بعضها بعضا.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثني عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل, أنه قال في: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: هي الأقاطيع, كالإبل المؤَبَّلة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القُمِّيّ, عن جعفر, عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: متفرّقة.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, قال: ثنا الفضل, عن الحسن ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: الكثيرة.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسرائيل, عن جابر, عن ابن سابط, عن أبي سلمة, قالا الأبابيل: الزُّمَر.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ( أَبَابِيلَ ) قال: هي شتى متتابعة مجتمعة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قال: الأبابيل: الكثيرة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة قال: الأبابيل: الكثيرة.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) يقول: متتابعة. بعضها على أثر بعض.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد; في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: الأبابيل: المختلفة, تأتي من ها هنا, وتأتي من ها هنا, أتتهم من كلّ مكان.

وذُكر أنها كانت طيرا أُخرجت من البحر. وقال بعضهم: جاءت من قبل البحر.

ثم اختلفوا في صفتها, فقال بعضهم: كانت بيضاء.

وقال آخرون: كانت سوداء.

وقال آخرون: كانت خضراء, لها خراطيم كخراطيم الطير, وأكفّ كأكفّ الكلاب.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ابن عون, عن محمد بن سيرين, في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: قال ابن عباس: هي طير, وكانت طيرا لها خراطيم كخراطيم الطير, وأكفّ كأكفّ الكلاب.

حدثني الحسن بن خلف الواسطي, قال: ثنا وكيع وروح بن عبادة, عن ابن عون, عن ابن سيرين عن ابن عباس, مثله.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن ابن عون, عن ابن عباس, نحوه.

حدثنا يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حسين, عن عكرمة, في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: كانت طيرا خرجت خضرا, خرجت من البحر, لها رءوس كرءوس السباع.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن عبيد بن عمير ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: هي طير سود بحرية, في مناقرها وأظفارها الحجارة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن عبيد بن عمير: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: سود بحرية, في أظافيرها ومناقيرها الحجارة.

قال: ثنا مهران, عن خارجة, عن عبد الله بن عون, عن ابن سيرين, عن ابن عباس قال: لها خراطيم كخراطيم الطير, وأكفّ كأكفّ الكلاب.

حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعى, قال: ثنا فضيل بن عياض, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, في قوله: ( طَيْرًا أَبَابِيلَ ) قال: طير خُضْر, لها مناقير صُفْر, تختلف عليهم.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن عبيد بن عمير, قال: طير سود تحمل الحجارة في أظافيرها ومناقيرها.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ الله الناصر وحده؛ وإﻻ فكيف يغلب طير فيلًا؟!
وقفة
[3] ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ (أَبَابِيلَ): أي جماعاتٍ جماعاتٍ، وقيل: لا واحد له، وقيل: واحدُه إبَّالٌ، وإبَّالةٌ، أو أَبُّولٌ، أو أَبِّيلٌ.
وقفة
[3] ما اللمسة البيانية في ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ﴾ ولم يقل: (أرسل إليهم)؟ (على) تفيد الاستعلاء، واستعمال (على) في القرآن عجيب، فيه استعلاء وتسلّط، ولذلك العذاب يأتي بـ (على): ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [المؤمنون: 77]، ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ لم يقل: (أرسل إليهم)، ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ﴾ [الأعراف: 133]، في الغالب ما تأتي (على) مع العقوبات.
وقفة
[1-3] ﴿ﱽ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ﴾ من حكم الله في إرسال الطير على الفيلة؛ ليعلم المؤمن أن الله ينصر من يشاء بما يشاء.
وقفة
[1-3] جاء أبرهة ليهدم الكعبة بأضخم الحيوانات (الفيل)؛ فسلط الله عليه أصغرها (الطير).
وقفة
[1-3] كل من أراد الحق بسوء؛ فإن الله تعالي يجعل كيده في نحره, وسعيه إلي خسران وتباب.
وقفة
[3، 4] ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ﴾ أبرهة وجنوده ملؤوا الدنيا غطرسة وعتوًّا, فأهلكهم الله بأضعف جنده، بجماعات من الطير رمتهم بطين يابس ﴿وما يعلم جنود ربك إلا هو﴾ [المدثر: 31].
وقفة
[3، 4] ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ﴾ من سنن الله الماضية في خلقه: أن عاقبة المتجبرين المحادين لله ورسوله إلي غاية الإزراء والتحقير, أولم تروا أصحاب الفيل كيف تقطعت أجسادهم وتفرقت كتفرق أجزاء الروث؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ:
  • معطوفة بالواو على «يجعل» وتعرب اعرابها لان «أَلَمْ يَجْعَلْ» بمعنى «جعل». على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بأرسل.
  • ﴿ طَيْراً أَبابِيلَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أبابيل: صفة- نعت- لطيرا منصوبة مثلها بالفتحة ولم تنون لانها ممنوعة من الصرف على وزن مفاعيل اي جماعات.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنَّه أبطلَ كيدَهم؛ فَصَّلَ هنا تدبيرَه في إبطالِ كيدِهم، قال تعالى:
﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الفيل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ

التفسير :

[4]تقذفهم بحجارة من طين متحجِّر.

تحمل حجارة محماة من سجيل، فرمتهم بها، وتتبعت قاصيهم ودانيهم، فخمدوا وهمدوا.

وجملة: «ترميهم بحجارة من سجيل» بيان لما فعلته تلك الطيور بإذن الله- تعالى-، وهي حال من قوله طَيْراً، والسجيل: الطين اليابس المتحجر ...

قال بعض العلماء: قوله: تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ أى: من طين متحجر محرق.

أو بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون في السجيل، وهو الديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار، كما أن السجيل هو الديوان الذي كتبت فيه أعمالهم. واشتقاقه من الإسجال بمعنى الإرسال.

وعن عكرمة: كانت ترميهم بحجارة معها كالحمّصة، فإذا أصاب أحدهم حجر منها، خرج به الجدري، وكان ذلك أول يوم رئي فيه الجدري بأرض العرب.

وقال ابن عباس: كان الحجر إذا وقع على أحدهم نفط جلده أى: احترق-، فكان ذلك أول الجدري. وقيل: إن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام.

وقال ابن جزى في تفسيره: إن الحجر كان يدخل من رأس أحدهم ويخرج من أسفله.

ووقع في سائرهم الجدري والأسقام، وانصرفوا وماتوا في الطريق متفرقين، وتمزق أبرهة قطعة قطعة .. .

مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها : حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، أمثال الحمص والعدس ، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك ، وليس كلهم أصابت . وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق ، ويسألون عن نفيل ليدلهم على الطريق هذا . ونفيل على رأس الجبل مع قريش وعرب الحجاز ، ينظرون ماذا أنزل الله بأصحاب الفيل من النقمة ، وجعل نفيل يقول :

أين المفر ؟ والإله الطالب والأشرم المغلوب غير الغالب

قال ابن إسحاق : وقال نفيل في ذلك أيضا :

ألا حييت عنا يا ردينا نعمناكم مع الإصباح عينا

ردينة لو رأيت - ولا تريه لدى جنب المحصب - ما رأينا

إذا لعذرتني وحمدت أمري ولم تأسي على ما فات بينا

حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجارة تلقى علينا

فكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا !

وذكر الواقدي بأسانيده أنهم لما تعبئوا لدخول الحرم وهيئوا الفيل ، جعلوا لا يصرفونه إلى جهة من سائر الجهات إلا ذهب [ فيها ] فإذا وجهوه إلى الحرم ربض وصاح . وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل وينهره ويضربه ، ليقهر الفيل على دخول الحرم . وطال الفصل في ذلك . هذا وعبد المطلب وجماعة من أشراف مكة ، منهم المطعم بن عدي وعمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم ومسعود [ بن عمرو ] الثقفي ، على حراء ينظرون إلى ما الحبشة يصنعون ، وماذا يلقون من أمر الفيل ، وهو العجب العجاب . فبينما هم كذلك ، إذ بعث الله عليهم طيرا أبابيل ، أي قطعا قطعا صفرا دون الحمام ، وأرجلها حمر ، ومع كل طائر ثلاث أحجار ، وجاءت فحلقت عليهم ، وأرسلت تلك الأحجار عليهم فهلكوا .

وقال محمد بن كعب : جاءوا بفيلين فأما محمود فربض ، وأما الآخر فشجع فحصب .

وقال وهب بن منبه : كان معهم فيلة ، فأما محمود - وهو فيل الملك - فربض ، ليقتدي به بقية الفيلة ، وكان فيها فيل تشجع فحصب ، فهربت بقية الفيلة .

وقال عطاء بن يسار ، وغيره : ليس كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة ، بل منهم من هلك سريعا ، ومنهم من جعل يتساقط عضوا عضوا وهم هاربون ، وكان أبرهة ممن يتساقط عضوا عضوا ، حتى مات ببلاد خثعم .

قال ابن إسحاق : فخرجوا يتساقطون بكل طريق ، ويهلكون على كل منهل ، وأصيب أبرهة في جسده ، وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة ، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون .

وذكر مقاتل بن سليمان : أن قريشا أصابوا مالا جزيلا من أسلابهم ، وما كان معهم ، وأن عبد المطلب أصاب يومئذ من الذهب ما ملأ حفرة .

وقال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة : أنه حدث أن أول ما رؤيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام ، وأنه أول ما رؤي به مرائر الشجر الحرمل ، والحنظل والعشر ، ذلك العام .

وهكذا روي عن عكرمة من طريق جيد .

قال ابن إسحاق : فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان فيما يعد به على قريش من نعمته عليهم وفضله ، ما رد عنهم من أمر الحبشة ، لبقاء أمرهم ومدتهم ، فقال : ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ) ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) [ سورة قريش ] أي : لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها ، لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه .

قال ابن هشام : الأبابيل الجماعات ، ولم تتكلم العرب بواحدة . قال : وأما السجيل ، فأخبرني يونس النحوي وأبو عبيدة أنه عند العرب : الشديد الصلب . قال : وذكر بعض المفسرين أنهما كلمتان بالفارسية ، جعلتهما العرب كلمة واحدة ، وإنما هو سنج وجل يعني بالسنج : الحجر ، والجل : الطين . يقول : الحجارة من هذين الجنسين : الحجر والطين . قال : والعصف : ورق الزرع الذي لم يقضب ، واحدته عصفة . انتهى ما ذكره .

وقد قال حماد بن سلمة : عن عاصم ، عن زر عن عبد الله - وأبو سلمة بن عبد الرحمن - : ( طيرا أبابيل ) قال : الفرق .

وقال ابن عباس والضحاك : أبابيل يتبع بعضها بعضا . وقال الحسن البصري وقتادة : الأبابيل : الكثيرة . وقال مجاهد : أبابيل : شتى متتابعة مجتمعة . وقال ابن زيد : الأبابيل : المختلفة ، تأتي من هاهنا ، ومن هاهنا ، أتتهم من كل مكان .

وقال الكسائي : سمعت [ النحويين يقولون : أبول مثل العجول . قال : وقد سمعت ] بعض النحويين يقول : واحد الأبابيل : إبيل .

وقال ابن جرير : [ حدثنا ابن المثنى ] حدثني عبد الأعلى ، حدثني داود عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ; أنه قال في قوله : ( وأرسل عليهم طيرا أبابيل ) هي : الأقاطيع ، كالإبل المؤبلة .

وحدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس : ( وأرسل عليهم طيرا أبابيل ) قال : لها خراطيم كخراطيم الطير ، وأكف كأكف الكلاب .

وحدثنا يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين عن عكرمة في قوله : ( طيرا أبابيل ) قال : كانت طيرا خضرا خرجت من البحر ، لها رءوس كرءوس السباع .

وحدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن مهدي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير : ( طيرا أبابيل ) قال : هي طير سود بحرية ، في منقارها وأظافيرها الحجارة .

وهذه أسانيد صحيحة .

وقال سعيد بن جبير : كانت طيرا خضرا لها مناقير صفر ، تختلف عليهم .

وعن ابن عباس ومجاهد وعطاء : كانت الطير الأبابيل مثل التي يقال لها عنقاء مغرب . رواه عنهم ابن أبي حاتم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن عبيد بن عمير ، قال : لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل ، بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر ، أمثال الخطاطيف . كل طير منها تحمل ثلاثة أحجار مجزعة : حجرين في رجليه وحجرا في منقاره . قال : فجاءت حتى صفت على رءوسهم ، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها ، فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره ، ولا يقع على شيء من جسده إلا وخرج من الجانب الآخر . وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا .

وقال السدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( حجارة من سجيل ) قال : طين في حجارة : " سنك - وكل " وقد قدمنا بيان ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا .

وقوله: ( تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ )

يقول تعالى ذكره: ترمي هذه الطير الأبابيل التي أرسلها الله على أصحاب الفيل, بحجارة من سجيل.

وقد بيَّنا معنى سجيل في موضع غير هذا, غير أنا نذكر بعض ما قيل من ذلك في هذا الموضع, من أقوال مَنْ لم نذكره في ذلك الموضع.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن السديّ, عن عكرمة, عن ابن عباس ( حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: طين في حجارة.

حدثني الحسين بن محمد الذارع, قال: ثنا يزيد بن زُرَيع, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن عكرمة, عن ابن عباس ( تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: من طين.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن السدي, عن عكرمة, عن ابن عباس ( حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: سنك وكل.

حدثني الحسين بن محمد الذارع, قال: ثنا يزيد بن زريع, عن عمارة بن أبي حفصة, عن عكرمة, في قوله: ( تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: من طين.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن شرقي, قال: سمعت عكرمة يقول: ( تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: سنك وكل.

حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا حصين, عن عكرمة, قال: كانت ترميهم بحجارة معها, قال: فإذا أصاب أحدهم خرج به الجُدَرِيّ, قال: كان أوّل يوم رُؤى فيه الجدريّ; قال: لم ير قبل ذلك اليوم, ولا بعده.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن موسى بن أبي عائشة, قال: ذكر أبو الكُنود, قال: دون الحِمَّصة وفوق العدسة.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن موسى بن أبي عائشة, قال: كانت الحجارة التي رُمُوا بها أكبر من العدسة; وأصغر من الحِمَّصَةِ.

قال: ثنا أبو أحمد الزُّبيريّ, قال: ثنا إسرائيل, عن موسى بن أبي عائشة, عن عمران, مثله.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن السديّ, عن عكرِمة, عن ابن عباس: سجِّيل بالفارسية: سنك وكل, حَجَر وطين.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسرائيل, عن جابر بن سابط, قال: هي بالأعجمية: سنك وكل.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: كانت مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه, وحجر في منقاره, فجعلت ترميهم بها.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: هي من طين.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: هي طير بيض, خرجت من قِبَل البحر, مع كلّ طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه, وحجر في منقاره, ولا يصيب شيئا إلا هشَمه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الحارث بن يعقوب أن أباه أخبره أنه بلغه أن الطير التي رمت بالحجارة, كأنت تحملها بأفواهها, ثم إذا ألقتها نَفِط لها الجلد.

وقال آخرون: معنى ذلك: ترميهم بحجارة من سماء الدنيا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال: السماء الدنيا, قال: والسماء الدنيا اسمها سجيل, وهي التي أنـزل الله جلّ وعزّ على قوم لوط.

قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال, أنه بلغه أن الطير التي رمت بالحجارة, أنها طير تخرج من البحر, وأن سجيل: السماء الدنيا. وهذا القول الذي قاله ابن زيد لا نعرف لصحته وجها في خبر ولا عقل, ولا لغة, وأسماء الأشياء لا تدرك إلا من لغة سائرة, أو خبر من الله تعالى ذكره.

كان السبب الذي من أجله حلَّت عقوبة الله تعالى بأصحاب الفيل, مسير أبرهة الحبشيّ بجنده معه الفيل, إلى بيت الله الحرام لتخريبه.

وكان الذي دعاه إلى ذلك فيما حدثنا به ابن حميد, قال: ثنا سلمة بن الفضل, قال: ثنا ابن إسحاق, أن أبرهة بنى كنيسة بصنعاء, وكان نصرانيا, فسماها القليس; لم يُر مثلها في زمانها بشيء من الأرض; وكتب إلى النجاشيّ ملك الحبشة: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة, لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولستُ بمُنتهٍ حتى أصرف إليها حاجّ العرب (2) . فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك للنجاشي, غضب رجل من النَّسأة أحد بني فقيم, ثم أحد بني مالك, فخرج حتى أتى القُليس, فقعد فيها, ثم خرج فلحق بأرضه, فأخبر أبرهة بذلك, فقال: من صنع هذا ؟ فقيل: صنعه رجل من أهل هذا البيت, الذي تحجّ العرب إليه بمكة, لما سمع من قولك: أصرف إليه حاجّ العرب, فغضب, فجاء فقعد فيها, أي أنها ليست لذلك بأهل; فغضب عند ذلك أبرهة, وحلف ليسيرنّ إلى البيت فيهدمه, وعند أبرهة رجال من العرب قد قَدِموا عليه يلتمسون فضله, منهم محمد بن خُزَاعي بن حِزَابة الذَّكواني, ثم السُّلَمي, في نفر من قومه, معه أخ له يقال له قيس بن خزاعي; فبينما هم عنده, غَشِيهم عبد لأبرهة, فبعث إليهم فيه بغذائه, وكان يأكل الخُصَى; فلما أتى القوم بغذائه, قالوا: والله لئن أكلنا هذا لا تزال تسبُّنا به العرب ما بقينا, فقام محمد بن خزاعي, فجاء أبرهة فقال: أيها الملك, إن هذا يوم عيد لنا, لا نأكل فيه إلا الجنُوب والأيدي, فقال له أبرهة: فسنبعث إليكم ما أحببتم, فإنما أكرمتكم بغذائي, لمنـزلتكم عندي.

ثم إن ابرهة توج محمد بن خُزَاعِي, وأمَّره على مضر, وأمره أن يسير في الناس, يدعوهم إلى حج القُلَّيس, كنيسته التي بناها, فسار محمد بن خزاعي, حتى إذا نـزل ببعض أرض بني كنانة, وقد بلغ أهل تهامة أمره, وما جاء له, بعثوا إليه رجلا من هذيل يقال له عُرْوة بن حياض الملاصي, فرماه بسهم فقتله; وكان مع محمد بن خزاعي أخوه قيس بن خزاعي, فهرب حين قُتل أخوه, فلحق بأبرهة فأخبره بقتله, فزاد ذلك أبرهة غضبا وحنقا , وحلف ليغزونّ بني كنانة, وليهدمنّ البيت.

ثم إن أبرهة حين أجمع السير إلى البيت, أمر الحُبْشان فتهيأت وتجهَّزت, وخرج معه بالفيل, وسمعت العرب بذلك, فأعظموه, وفُظِعوا به, ورأوا جهاده حقا عليهم, حين سمعوا أنه يريد هدم الكعبة, بيت الله الحرام, فخرج رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم, يقال له ذو نَفْر, فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب, إلى حرب أبرهة, وجهاده عن بيت الله, وما يريد من هدمه وإخرابه, فأجابه من أجابه إلى ذلك, وعَرَض له, وقاتله, فهزم وتفرق أصحابه, وأُخِذَ له ذو نفر أسيرا; فلما أراد قتله, قال ذو نفر: أيها الملك لا تقتلني, فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي; فتركه من القتل, وحبسه عنده في وثاق. وكان أبرهة رجلا حليما.

ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له, حتى إذا كان بأرض خثعم, عرض له نفيل بن حبيب الخثعميّ في قبيلتي خثعم: شهران, وناهس, ومن معه &; 24-611 &; من قبائل العرب, فقاتله فهزمه أبرهة, وأُخِذ له أسيرا, فأتي به; فلما همّ بقتله, قال له نفيل: أيها الملك لا تقتلني, فإني دليلك بأرض العرب, وهاتان يداي لك على قبيلتي خثعم: شهران, وناهس, بالسمع والطاعة; فأعفاه وخلَّى سبيله, وخرج به معه, يدله على الطريق; حتى إذا مرّ بالطائف, خرج إليه مسعود بن معتب في رجال ثقيف, فقال: أيها الملك, إنما نحن عبيدك, سامعون لك مطيعون, ليس لك عندنا خلاف, وليس بيتنا هذا بالبيت الذي تريد - يعنون اللات - إنما تريد البيت الذي بمكة - يعنون الكعبة - ونحن نبعث معك من يدلك, فتجاوز عنهم, وبعثوا معهم أبا رغال; فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنـزله المغمِّس, فلما أنـزله به مات أبو رغال هناك, فرَجَمت العرب قبره, فهو القبر الذي ترجم الناس بالمغمِّس.

ولما نـزل أبرهة المغمس, بعث رجلا من الحبشة, يقال له الأسود بن مقصود, على خيل له حتى انتهى إلى مكة, فساق إليه أموال أهل مكة من قريش وغيرهم, وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم, وهو يومئذ كبير قريش وسيدها; وهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان معهم بالحرم من سائر الناس بقتاله, ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به, فتركوا ذلك, وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة, وقال له: سل عن سيد هذا البلد وشريفهم, ثم قل له: إن الملك يقول لكم: إني لم آت لحربكم, إنما جئت لهدم البيت, فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم, فإن لم يُرِد حربي فأتني به.

فلما دخل حناطة مكة, سأل عن سيد قريش وشريفها, فقيل: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَيّ, فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة, قال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه, وما لنا بذلك من طاقة; هذا بيت الله الحرام, وبيت خليله إبراهيم عليه السلام - أو كما قال - فإن يمنعه فهو بيته وحرمه, وإن يُخْلِ بينه وبينه, فو الله ما عندنا له من دافع عنه, أو كما قال; فقال له حناطة: فانطلق إلى الملك, فإنه قد أمرني أن آتيه بك. فانطلق معه عبد المطلب, ومعه بعض بنيه, حتى أتى العسكر, فسأل عن ذي نفر, وكان له صديقا, فدل عليه, فجاءه وهو في محبسه, فقال: يا ذا نفر, هل عندك غَنَاء فيما نـزل بنا ؟ فقال له ذو نفر, وكان له صديقا: وما غناء رجل أسير في يدي ملك, ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا! ما عندي &; 24-612 &; غناء في شيء مما نـزل بك, إلا أن أنيسا سائق الفيل لي صديق, فسأرسل إليه, فأوصيه بك, وأعظم عليه حقك, وأساله أن يستأذن لك على الملك, فتكلمه بما تريد, ويشفع لك عنده بخير, إن قدر على ذلك. قال: حسبي, فبعث ذو نفر إلى أنيس, فجاء به, فقال: يا أنيس إن عبد المطلب سيد قريش, وصاحب عير مكة, يطعم الناس بالسهل, والوحوش في رءوس الجبال, وقد أصاب الملك له مئتي بعير, فاستأذن له عليه, وانفعه عنده بما استطعت, فقال: أفعل.

فكلَّم أنيس أبرهة, فقال: أيها الملك, هذا سيِّد قريش ببابك, يستأذن عليك, وهو صاحب عير مكة, يُطعم الناس بالسهل, والوحوش في رءوس الجبال, فأْذَنْ له عليك, فليكلمك بحاجته, وأحسن إليه. قال: فأذن له أبرهة, وكان عبد المطلب رجلا عظيما وسيما جسيما; فلما رآه أبرهة أجلَّه وأكرمه أن يجلس تحته, وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه, فنـزل أبرهة عن سريره, فجلس على بساطه, فأجلسه معه عليه إلى جنبه, ثم قال لترجمانه: قل له ما حاجتك إلى الملك ؟ فقال له ذلك الترجمان, فقال له عبد المطلب: حاجتي إلى الملك أن يردّ عليّ مئتي بعير أصابها لي; فلما قال له ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك, ثم زهدت فيك حين كلَّمتَني, أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك, وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك, قد جئت لهدمه فلا تكلمني فيه ؟ قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل, وإن للبيت ربا سيمنعه, قال: ما كان ليمنع مني, قال: فأنت وذاك, أردد إليّ إبلي.

وكان فيما زعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطب إلى أبرهة, حين بعث إليه حناطة, يعمر بن نفاثة بن عديّ بن الديل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة, وهو يومئذ سيِّد بني كنانة, وخويلد بن واثلة الهُذَليّ وهو يومئذ سيد هُذَيل, فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة, على أن يرجع عنهم, ولا يهدم البيت, فأبي عليهم, والله أعلم.

وكان أبرهة, قد ردّ على عبد المطلب الإبل التي أصاب له, فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش, فأخبرهم الخبر, وأمرهم بالخروج من مكة, والتحرزّ في شعف الجبال والشعاب, تخوّفا عليهم من مَعَرّة الجيش; ثم قام عبد المطلب, فأخذ بحلقة الباب, باب الكعبة, وقام معه نفر من قريش يدعون الله, ويستنصرونه على أبرهة وجنده, فقال عبد المطلب, وهو آخذ حلقة باب الكعبة:

يــا رَبِّ لا أرْجُــو لَهُــمْ سِـوَاكا

يــا رَبِّ فــامْنَعْ مِنْهُــم حِماكـا

إنَّ عَــدُوَّ الْبَيْــتِ مَــنْ عادَاكـا

امْنَعْهُـــمُ أنْ يُخَـــربُوا قُرَاكــا (3)

وقال أيضا:

لا هُــــمَّ إنَّ العَبْــــدَ يَـــمْ

نَـــعُ رَحْلَــهُ فــامْنَع حِــلالكْ

لا يَغْلِبَــــــنَّ صَلِيبُهُــــــمْ

ومِحَـــالُهُمْ غَـــدْوا مِحَـــالكْ

فَلَئِــــنْ فَعَلْــــتَ فَرُبَّمَــــا

أوْلــى فــأمْرٌ مــا بَــدَا لَــكْ

وَلئِــــنْ فَعَلْــــتَ فإنَّــــهُ

أمْـــرٌ تُتِـــمُّ بِـــهِ فِعَــالكْ (4)

وقال أيضا:

وكُــنْتُ إذَا أتــى بــاغٍ بِسَــلْمٍ

نُرَجِّــي أن تَكُــونَ لَنَــا كَـذلِكْ

فَوَلَّــوْا لَــمْ يَنـالُوا غَـيْرَ خِـزْيٍ

وكــانَ الحَــيْنُ يُهْلِكُــهُمْ هُنَـالكْ

وَلَــمْ أسْـمَعْ بـأرْجَسَ مِـنْ رِجـالٍ

أرَادُوا العِــزَّ فــانْتَهَكُوا حَــرامَكْ

جَــــرُّوا جُـــمُوعَ بِلادِهِـــمْ

والْفِيــلَ كَــيْ يَســبُوا عِيَــالكْ (5)

ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة, وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شَعَف الجبال, فتحرّزوا فيها, ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها; فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة, وهيأ فيله, وعبأ جيشه, وكان اسم الفيل محمودا, وأبرهة مُجْمِعٌ لهدم البيت, ثم الانصراف إلى اليمن. فلما وجَّهوا الفيل, أقبل نفيل بن حبيب الخثعميّ, حتى قام إلى حنبه, ثم أخذ بأذنه فقال: أبرك محمود, وارجع راشدا من حيث جئت, فإنك في بلد الله الحرام; ثم أرسل أذنه, فبَرَك الفيل, وخرج نُفَيل بن حبيب يشتدّ حتى أصعد في الجبل. وضربوا الفيل ليقوم فأبى, وضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم, فأبى, فأدخلوا محاجن لهم في مراقه, فبزغوه بها ليقوم, فأبى, فوجَّهوه راجعا إلى اليمن, فقام يهرول, ووجَّهوه إلى الشام, ففعل مثل ذلك, ووجهوه إلى المشرق, ففعل مثل ذلك, ووجهوه إلى مكة فبرك, وأرسل الله عليهم طيرا من البحر, أمثال الخطاطيف, مع كل طير ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره, وحجران في رجليه مثل الحمص والعدس, لا يصيب منهم أحدا إلا هلك, وليس كلهم أصابت, وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا, ويسألون عن نفيل بن حبيب, ليدلهم على الطريق إلى اليمن, فقال نُفَيل بن حبيب حين رأى ما أنـزل الله بهم من نقمته:

أيْــنَ المَفَــرُّ والإلَــهُ الطَّــالِبْ

والأشْــرَمُ المَغْلُـوبُ غَـيْرُ الْغَـالِبْ (6)

فخرجوا يتساقطون بكلّ طريق, ويهلكون على كلّ منهل, فأصيب أبرهة في جسده, وخرجوا به معهم, فسقطت أنامله أنملة أنملة, كلما سقطت أنملة أتبعتها مِدّة تَمُثُّ قيحا ودما, حتى قَدِموا به صنعاء, وهو مثل فرخ الطير, فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن يعقوب بن عتبة بن المُغيرة بن الأخنس, أنه حدّث, أن أوّل ما رُؤيت الحصبة والجدريّ بأرض العرب ذلك العام, وأنه أوّل ما رؤي بها مُرار الشجر: الحرملُ والحنظلُ والعُشرُ ذلك العام.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) أقبل أبرهة الأشرم من الحبشة يوما ومن معه من عداد أهل اليمن, إلى بيت الله ليهدمه من أجل بيعة لهم أصابها العرب بأرض اليمن, فأقبلوا بفيلهم, حتى إذا كانوا بالصَّفَّاح برك; فكانوا إذا وجَّهوه إلى بيت الله ألقى بجرانه على الأرض, وإذا وجهوه إلى بلدهم انطلق وله هرولة, حتى إذا كان بنخلة اليمانية بعث الله عليهم طيرا بيضا أبابيل. والأبابيل: الكثيرة, مع كلّ طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه, وحجر في منقاره, فجعلت ترميهم بها حتى جعلهم الله عزّ وجلّ كعصف مأكول; قال: فنجا أبو يكسوم وهو أبرهة, فجعل كلما قدم أرضا تساقط بعض لحمه, حتى أتى قومه, فأخبرهم الخبر ثم هلك.

------------------------

الهوامش:

(2) في سيرة ابن هشام طبعة الحلبي الأولى ( 1 : 45 ) حج العرب .

(3) هذان البيتان ينسبان إلى عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم زعموا أنه قالهما في حرب الفيل . وقد ذكرهما الثعلبي المفسر في العرائس المعروف بقصص الأنبياء ( طبعة الحلبي 442 ) .

(4) بعض هذه الأبيات ينسب إلى عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان رئيس مكة وهو القائم بأمر البيت ، قالها عند قصد الحبشة لغزو مكة ، وهدم الكعبة . وقد أورد ابن إسحاق منها ثلاثة أبيات ، وهي :

لا هُــــمَّ إنَّ الْعَبْـــدَ يَـــمْـ

ـنَــعُ رَحْلَــهُ فــامْنَعْ حِــلالكْ

لا يَغْلِبَـــــنَّ صَلِيبُهُــــــمْ

ومِحَـــالُهُمْ غَـــدْوًا مِحـــالَكْ

إنْ كُـــنْتَ تـــارِكَهُمْ وقِـــبْ

لَتَنــا فــأمْرٌ مــا بَــدَا لَــكْ

قال ابن هشام : هذا ما صح له منها . وقال السهيلي في الروض الأنف تعليقًا على قول عبد المطلب هذا : وفي الرجز بيت ثالث لم يقع في الأصل ، وهو قوله :

وانْصُـــر عــلى آلِ الصَّــلِيـ

ـبِ وعابِدِيـــهِ اليَـــوْمَ آلـــكْ

وقوله : حلالك : هم القوم الحالون في المكان . ا هـ . وقيل : إن البيت الثالث مما رواه الواقدي ، ولم يروه ابن إسحاق . ا هـ .

(5) الأبيات الثلاثة الأولى من بحر الوافر . أما البيت الرابع فليس منها لأنه من مجزوء الرجز ، كالأبيات السابقة ، فهو أحرى أن يلحق بها . ولكنها هكذا جاءت مختلطة في الأصل ، وهذا من إفساد الناسخين ، والله أعلم . وينبغي أن تكون قافية هذه الأبيات الكاف ؛ لا اللام ، لأن الشاعر لم يلتزم اللام في البيت الثالث ، ولو لزمها لجاز أن تكون هي القافية .

(6) البيت نسبه الثعلبي المفسر في ( العرائس ) إلى نفيل بن حبيب الخثعمي 443 وقال السهيلي في الروض الأنف ( 1 : 45 ) : ونفيل الذي ذكر : هو نفيل بن عبد الله بن جزء بن عامر بن مالك ... بن خثعم ، كذلك نسبه البرقي . وفي الكتاب : نفيل بن حبيب ، يريد بالكتاب كتاب السيرة لمحمد بن إسحاق ، وقد ورد اسم نفيل في قصة الفيل .

التدبر :

وقفة
[4] ﴿تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ﴾ جاء عن جماعة من الصحابة والتابعين أنها قدر الحمص، إذا كتب الله العذاب فكل شيء يقتل.
تفاعل
[4، 5] ﴿تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ تَرْمِيهِمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية لطيرا وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على «طيرا» وهو اسم جمع مذكر انث على المعنى و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به
  • ﴿ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ:
  • جار ومجرور متعلق بترميهم. من: حرف جر بياني. سجيل: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة لحجارة اي من طين مطبوخ كما يطبخ الآجر

المتشابهات :

هود: 82﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ
الحجر: 74﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ
الفيل: 4﴿تَرْمِيهِم حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا تَشَوَّفَ السّامِعُ إلى فِعْلِ الطَّيْرِ بِهِمْ؛ قال تعالى:
﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :الفيل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ

التفسير :

[5] فجعلهم به محطمين كأوراق الزرع اليابسة التي أكلتها البهائم ثم رمت بها.

وصاروا كعصف مأكول، وكفى الله شرهم، ورد كيدهم في نحورهم، [وقصتهم معروفة مشهورة] وكانت تلك السنة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصارت من جملة إرهاصات دعوته، ومقدماترسالته، فلله الحمد والشكر.

وقوله- سبحانه- فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ بيان للآثار الفظيعة التي ترتبت على ما فعلته الحجارة التي أرسلتها الطيور عليهم بإذن الله- تعالى-.

والعصف: ورق الزرع الذي يبقى في الأرض بعد الحصاد وتعصفه الرياح فتأكله الحيوانات. أو هو التبن الذي تأكله الدواب.

أى: سلط الله- تعالى- عليهم طيرا ترميهم بحجارة من طين متحجر، فصاروا بسبب ذلك صرعى هالكين، حالهم في تمزقهم وتناثرهم كحال أوراق الأشجار اليابسة أو التبن الذي تأكله الدواب.

وهكذا نرى السورة الكريمة قد ساقت من مظاهره قدرة الله- تعالى- ما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم، وثباتا على ثباتهم، وما يحمل الكافرين على الاهتداء إلى الحق، والإقلاع عن الشرك والجحود لو كانوا يعقلون.

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من عباده الشاكرين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( فجعلهم كعصف مأكول ) قال سعيد بن جبير : يعني التبن الذي تسميه العامة : هبورا . وفي رواية عن سعيد : ورق الحنطة . وعنه أيضا : العصف : التبن . والمأكول : القصيل يجز للدواب . وكذلك قال الحسن البصري .

وعن ابن عباس : العصف : القشرة التي على الحبة ، كالغلاف على الحنطة .

وقال ابن زيد : العصف : ورق الزرع ، وورق البقل ، إذا أكلته البهائم فراثته ، فصار درينا .

والمعنى : أن الله ، سبحانه وتعالى ، أهلكهم ودمرهم ، وردهم بكيدهم وغيظهم لم ينالوا خيرا ، وأهلك عامتهم ، ولم يرجع منهم بخير إلا وهو جريح ، كما جرى لملكهم أبرهة ، فإنه انصدع صدره عن قلبه حين وصل إلى بلده صنعاء ، وأخبرهم بها جرى لهم ، ثم مات . فملك بعده ابنه يكسوم ، ثم من بعده أخوه مسروق بن أبرهة ، ثم خرج سيف بن ذي يزن الحميري إلى كسرى فاستغاثه على الحبشة ، فأنفذ معه من جيوشه فقاتلوا معه ، فرد الله إليهم ملكهم ، وما كان في آبائهم من الملك ، وجاءته وفود العرب للتهنئة .

وقد قال محمد بن إسحاق : حدثنا عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة ، عن عائشة قالت : لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين ، يستطعمان ورواه الواقدي عن عائشة مثله . ورواه أيضا عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت : كانا مقعدين يستطعمان الناس ، عند إساف ونائلة ، حيث يذبح المشركون ذبائحهم .

قلت : كان اسم قائد الفيل : أنيسا .

وقد ذكر الحافظ أبو نعيم في كتاب " دلائل النبوة " من طريق ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن عقيل بن خالد ، عن عثمان بن المغيرة قصة أصحاب الفيل ، ولم يذكر أن أبرهة قدم من اليمن ، وإنما بعث على الجيش رجلا يقال له : شمر بن مفصود ، وكان الجيش عشرين ألفا ، وذكر أن الطير طرقتهم ليلا فأصبحوا صرعى .

وهذا السياق غريب جدا ، وإن كان أبو نعيم قد قواه ورجحه على غيره . والصحيح أن أبرهة الأشرم الحبشي قدم مكة كما دل على ذلك السياقات والأشعار . وهكذا روى ابن لهيعة ، عن الأسود ، عن عروة : أن أبرهة بعث الأسود بن مفصود على كتيبة معهم الفيل ، ولم يذكر قدوم أبرهة نفسه ، والصحيح قدومه ، ولعل ابن مفصود كان على مقدمة الجيش ، والله أعلم .

ثم ذكر ابن إسحاق شيئا من أشعار العرب ، فيما كان من قصة أصحاب الفيل ، فمن ذلك شعر عبد الله بن الزبعري :

تنكلوا عن بطن مكة إنها كانت قديما لا يرام حريمها

لم تخلق الشعرى ليالي حرمت إذ لا عزيز من الأنام يرومها

سائل أمير الجيش عنها ما رأى ؟ فلسوف ينبي الجاهلين عليمها

ستون ألفا لم يؤوبوا أرضهم بل لم يعش بعد الإياب سقيمها

كانت بها عاد وجرهم قبلهم والله من فوق العباد يقيمها

وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري المري :

ومن صنعه يوم فيل الحبو ش ، إذ كل ما بعثوه رزم

محاجنهم تحت أقرابه وقد شرموا أنفه فانخرم

وقد جعلوا سوطه مغولا إذا يمموه قفاه كليم

فسول أدبر أدراجه وقد باء بالظلم من كان ثم

فأرسل من فوقهم حاصبا يلفهم مثل لف القزم

تحث على الصبر أحبارهم وقد ثأجوا كثؤاج الغنم

وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي ، ويروى لأمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة :

إن آيات ربنا باقيات ما يماري فيهن إلا الكفور

خلق الليل والنهار فكل مستبين حسابه ، مقدور

ثم يجلو النهار رب رحيم بمهاة شعاعها منشور

حبس الفيل بالمغمس حتى صار يحبو ، كأنه معقور

لازما حلقه الجران كما قطر من ظهر كبكب محدور

حوله من ملوك كندة أبطال ملاويث في الحروب صقور

خلفوه ثم ابذعروا جميعا كلهم عظم ساقه مكسور

كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنيفة بور

وقد قدمنا في تفسير " سورة الفتح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أطل يوم الحديبية على الثنية التي تهبط به على قريش ، بركت ناقته ، فزجروها فألحت ، فقالوا : خلأت القصواء ، أي : حرنت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل " ثم قال : " والذي نفسي بيده ، لا يسألوني اليوم خطة يعظمون فيها حرمات الله ، إلا أجبتهم إليها " . ثم زجرها فقامت . والحديث من أفراد البخاري .

وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة : " إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب " . آخر تفسير سورة " الفيل " .

وقوله: ( فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ )

يعني تعالى ذكره: فجعل الله أصحاب الفيل كزرع أكلته الدواب فراثته, فيبس وتفرّقت أجزاؤه; شبَّه تقطُّع أوصالهم بالعقوبة التي نـزلت بهم, وتفرّق آراب أبدانهم بها, بتفرّق أجزاء الروث, الذي حدث عن أكل الزرع.

وقد كان بعضهم يقول: العصف: هو القشر الخارج الذي يكون على حبّ الحنطة من خارج, كهيئة الغلاف لها.

*ذكر من قال: عُني بذلك ورق الزرع:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) قال: ورق الحنطة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) قال: هو التبن.

وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, قال: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) : كزرع مأكول.

حدثني محمد بن عمارة الأسدي, قال: ثنا زريق بن مرزوق, قال: ثنا هبيرة, عن سلمة بن نُبَيط, عن الضحاك, في قوله ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) قال: هو الهبور بالنبطية, وفي رواية: المقهور.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) قال: ورق الزرع وورق البقل, إذا أكلته البهائم فراثته, فصار رَوْثا.

*ذكر من قال: عني به قشر الحبّ:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) قال: البرّ يؤكل ويُلقى عصفه الريح والعصف: الذي يكون فوق البرّ: هو لحاء البرّ.

وقال آخرون في ذلك بما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, عن حبيب بن أبي ثابت: ( كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) قال: كطعام مطعوم.

آخر تفسير سورة الفيل

التدبر :

وقفة
[5] ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ أي: تمزقت أجسادهم كالزرع الذي حطمته الدواب, لم يحمل أبرهة هم الطيور لكن الفعل فعل الله.
وقفة
[5] ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ دفاع الله عن بيته الحرام، وهذا من الأمن الَّذي قضاه الله له.
وقفة
[5] كم في هذه السورة من دلالة على قدرة الله وعظمته؟ طيور صغيرة ألقت حجارة بحجم الحمصة، على رجال، وأفيال عظيمة، فصارت إلى ما قاله الله: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾؛ أي: كزرع أكلته الدواب ووطئته بأقدامها حتى تفتت.
وقفة
[5] تأمل هذا الأسلوب البديع: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ فلم يقل: (كروث الدواب)؛ لتعلم حسن الخطاب وأدب الألفاظ، وهو منهج مطرد في القرآن، كما في قصة امرأة العزيز: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا﴾ [يوسف: 24]، فلتتدبر هذه الآيات وأمثالها ونلتزم بها؛ لنكون من أولئك الذين ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾ [الحج: 24].
عمل
[3-5] ﴿وَأَرسَلَ عَلَيهِم طَيرًا أَبابيلَ * تَرميهِم بِحِجارَةٍ مِن سِجّيلٍ * فَجَعَلَهُم كَعَصفٍ مَأكولٍ﴾ قد يأتى القصاص من حيث لا تدرى ولا تحتسب؛ فأبشر.

الإعراب :

  • ﴿ فَجَعَلَهُمْ:
  • معطوفة بالفاء على «ارسل» وتعرب اعرابها و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان لان «جعلهم» بمعنى «صيرهم» وهو مضاف. عصف:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. مأكول: صفة- نعت- لعصف مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة اي كورق الشجر او الزرع اذا اكل اي وقع فيه الأكال وقيل هو دقاق التبن المبلول.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ولَمَّا تَسَبَّبَ عَنْ هَذا المَرْمى هَلاكَهُمْ؛ ذكرَ هنا ما فعلته الحجارة التي أرسلتها الطيور عليهم بإذن الله، قال تعالى:
﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مأكول:
1- بسكون الهمزة، وهو الأصل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الهمزة، إشباعا لحركة الميم، وهو شاذ، وهى قراءة أبى الدرداء، فيما نقل ابن خالويه.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف