4354567891011

الإحصائيات

سورة فاطر
ترتيب المصحف35ترتيب النزول43
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.70
عدد الآيات45عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول37تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 7/14الحمد لله: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (4) الى الآية رقم (8) عدد الآيات (5)

تسليةُ النَّبي ﷺ بأنَّه كانَ قبلَه أنبياءٌ كُذِّبوا، ثُمَّ التَّحذيرُ من الدُّنيا والشيطانِ، وبيانُ جزاءِ الكافرينَ وجزاءِ المؤمنينَ، وأنَّ الضَّلالَ والهُدى بيدِ اللهِ فلا تأسَفْ على مَن كَفَرَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (9) الى الآية رقم (11) عدد الآيات (3)

بعدَ الإخبارِ عن جزاءِ الكافرينَ وجزاءِ المؤمنينَ، أقامَ اللهُ هنا الأدلَّةَ على البعثِ بإحياءِ الأرضِ بعدَ موتِها، وبخلقِ الإنسانِ ومرورِه في أطوارٍ مختلفةٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فاطر

التذكير بنعم الله وعظمته/ الاستسلام لله سبيل العزّة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة فاطر تشبه سورة النحل::   سورة فاطر تشبه سورة النحل في إحصاء عدد كثير من النعم، وبيان فضل الله على خلقه، وقد خاطبت السورة الناس بصفة عامة 3 مرات: 1- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (3). 2- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ (5). 3- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (15). • ففي النداء الأول تسأل السورة عن مصدر النعم، وفي النداء الثالث تبين فقر الناس إلى ربهم وغناه عنهم.
  • • ومن نعم الله التي ذكرتها السورة::   1- نعمة خلق السماوات والأرض: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (1). 2- نعمة إرسال الملائكة بالخير: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ...﴾ (1) 3- نعمة خلق الإنسان: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ...﴾ (3). 4- نعمة الرزق: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (3). 5- نعمة الهداية: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ...﴾ (8) 6- نعمة الإنذار والإعذار: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (24). 7- نعمة إهلاك الظالمين: ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (26). 8- نعمة القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ...﴾ (29). 9- نعمة الفوز بالجنان والنجاة من النار: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ...﴾ (33). 10- نعمة الاستخلاف في الأرض: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (39). 11- نعمة الآثار المبثوثة والعبر الناطقة: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ (44). 12- نعمة الإمهال والحلم: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (45).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «فاطر».
  • • معنى الاسم ::   فاطر: خالق ومبدع على غير مثال سبق، والفطرة: الابتداء والاختراع.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بهذا الوصف لله تعالى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الملائكة»؛ لأنه وقع في أولها وصف للملائكة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الاستسلام لله هو سبيل العزّة.
  • • علمتني السورة ::   التذلل لله تعالى والخضوع له؛ فهو الغني ونحن الفقراء إليه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
  • • علمتني السورة ::   لأأن المسلم له ثلاثة أحوال: ظالم لنفسه: يرتكب المعاصي، مقتصد: مقتصر على ما يجب عليه متجنب المعاصي، سابق بالخيرات: يؤدي ما فرض الله عليه متجنب للمعاصي ويكثر من النوافل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   رحمة الله بعباده وإمهالهم؛ فإذا ارتكبت معصية فبادر بالتوبة والعمل الصالح: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة فاطر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي آخر خمس سور -بحسب ترتيب المصحف- افتتحت بـ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، وهي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
    • سورة فاطر لها نسق خاص في موضوعها وسياقها، أقرب ما يكون إلى نسق سورة الرعد، فهي تشترك مع سورة الرعد في بيان قدرة الله وصفاته من خلال الآيات الكونية، ومجادلة الكفار وإبطال عقيدتهم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نكثر من حمد الله على نعمه الكثيرة.
    • أن نستسلم لله دومًا، فهذا سبيل العزة والرفعة في الدنيا.
    • أن نكثر من شكر نعم الله بالقول والفعل والعمل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ (3).
    • أن نحذر من الدنيا؛ فإنها دار الغرور: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ (5).
    • أن نحذر من اتباع الشيطان ونستعذ بالله منه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ (6).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ (8).
    • أن نحذر من دعاء غير الله، والتبرك بالأولياء والصالحين: ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ (14).
    • أن نحسن سريرتنا وعلانيتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (38).
    • ألا نسلم عقولنا لغيرنا ونتبعه دون علم: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ... بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ (40).
    • أن نستبشر ولا نخف؛ فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (43).

تمرين حفظ الصفحة : 435

435

مدارسة الآية : [4] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ ..

التفسير :

[4] وإن يكذبك قومك -أيها الرسول- فقد كُذِّب رسل مِن قبلك، وإلى الله تصير الأمور في الآخرة، فيجازي كُلّاً بما يستحق. وفي هذا تسلية للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

{ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} يا أيها الرسول، فلك أسوة بمن قبلك من المرسلين،{ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} فأهلك المكذبون، ونجى اللّه الرسل وأتباعهم.{ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}

قال الآلوسى: قوله: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ تسلية له صلّى الله عليه وسلم بعموم البلية، والوعد له صلّى الله عليه وسلّم والوعيد لأعدائه.

والمعنى: وإن استمروا على أن يكذبوك فيما بلغت إليهم من الحق المبين.. فتأس بأولئك الرسل في الصبر، فقد كذبهم قومهم فصبروا على تكذيبهم. فجملة فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ قائمة مقام جواب الشرط، والجواب في الحقيقة تأس. وأقيمت تلك الجملة مقامه، اكتفاء بذكر السبب عن ذكر المسبب..

وجاء لفظ الرسل بصيغة التنكير، للإشعار بكثرة عددهم، وسمو منزلتهم.

أى: وإن يكذبك- أيها الرسول الكريم- قومك، فلا تحزن، ولا تبتئس، فإن إخوانك من الأنبياء الذين سبقوك، قد كذبهم أقوامهم، فأنت لست بدعا في ذلك.

ومن الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ. .

وقوله- عز وجل-: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ..

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يزيد في تسليته صلّى الله عليه وسلّم فقال: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ.

أى: وإلى الله- تعالى- وحده ترجع أمور الناس وأحوالهم وأعمالهم وأقوالهم. وسيجازى- سبحانه- الذين أساءوا بما عملوا، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.

يقول : وإن يكذبك - يا محمد - هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد ، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة ، فإنهم كذلك جاءوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم ، ( وإلى الله ترجع الأمور ) أي : وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء .

القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (4)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وإن يكذبك يا محمد هؤلاء المشركون بالله من قومك فلا يحزننك ذاك، ولا يعظم عليك، فإن ذلك سنة أمثالهم من كفرة الأمم بالله، من قبلهم وتكذيبهم رسل الله التي أرسلها إليهم من قبلك، ولن يعدو مشركو قومك أن يكونوا مثلهم، فيتبعوا في تكذيبك منهاجهم ويسلكوا سبيلهم (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجعُ الأمُورُ) يقول تعالى ذكره: وإلى الله مرجع أمرك وأمرهم، فمُحِل بهم العقوبة، إن هم لم ينيبوا إلى طاعتنا في اتباعك والإقرار بنبوتك، وقبول ما دعوتهم إليه من النصيحة، نظير ما أحللنا بنظرائهم من الأمم المكذبة رسلها قبلك، ومنجيك وأتباعك من ذلك، سنتنا بمن قبلك في رسلنا وأوليائنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ) يعزي نبيه كما تسمعون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[4] ﴿وَإِن يُكَذِّبوكَ فَقَد كُذِّبَت رُسُلٌ مِن قَبلِكَ﴾ هى تسلية له ﷺ بعموم البلية، والوعد له ﷺ، والوعيد لأعدائه.
وقفة
[4] تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بذكر أخبار الرسل مع أقوامهم ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ﴾.
لمسة
[4] ﴿كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ﴾ جاء لفظ (رُسُلٌ) بصيغة التنكير؛ للإشعار بكثرة عددهم، دلالة على أنها سنة جارية.
وقفة
[4] من العَزاءِ للداعيةِ أنَّ الإعراضَ والتكذيبَ وقعَ للرُّسلِ من قبله ﴿كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ﴾.
عمل
[4] ﴿وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ لا تلجأ لغير الله، فمن أنزل حاجته بالله قُضيت، ومن أنزل حاجته بغير الله وُكل إليه.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. يكذبوك: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم بإن والفاء واقعة في جواب الشرط‍. كذبت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب والفعل مبني للمجهول. رسل: نائب فاعل مرفوع بالضمة. وقد أنث الفعل على اللفظ‍ بمعنى جماعة الرسل. وقد جاء جزاء الشرط‍ سابقا للشرط‍ لان المعنى: وان يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك. فوضع-فقد كذبت رسل- موضع «فتأس» استغناء بالسبب عن المسبب: اي بالتكذيب عن التأسي.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من رسل والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَإِلَى اللهِ:
  • الواو استئنافية. إلى الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجع.لأن المعنى: الأمور مردها الى الله.
  • ﴿ تُرْجَعُ الْأُمُورُ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الأمور: نائب فاعل مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

آل عمران: 184﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ
الأنعام: 147﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ
يونس: 41﴿ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ
الحج: 42﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَثَمُودُ
فاطر: 4﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ
فاطر: 25﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     وبعد مخاطبة النَّاس؛ خاطبَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم؛ ليبين له أن الكفار لو انصرفوا عن التوحيد وشكر نعمة الله عليهم بإرسالك إليهم، واستمروا على تكذيبهم، فلا عليك، فلست بدعًا من الرسل، فقد كذب أقوام آخرون رسل الله قبلك، قال تعالى :
﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ..

التفسير :

[5] يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب والعقاب حق ثابت، فلا تخدعنَّكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها، ولا يخدعنَّكم بالله الشيطان.

يقول تعالى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بالبعث والجزاء على الأعمال،{ حَقٌّ} أي:لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع،{ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له،{ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}

ثم وجه- سبحانه- نداء ثانيا إلى الناس. بين لهم فيه أن البعث حق، وأن من الواجب عليهم أن يستعدوا لاستقبال هذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح فقال- تعالى- يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ....

أى: إن ما وعدكم الله- تعالى- به من البعث والحساب والثواب والعقاب، حق لا ريب فيه، وما دام الأمر كذلك، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أى: فلا تخدعنكم بمتعها، وشهواتها، ولذائذها، فإنها إلى زوال وفناء، ولا تشغلنكم هذه الحياة الدنيا من أداء ما كلفكم- سبحانه- بأدائه من فرائض وتكاليف.

وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ أى: ولا يخدعنكم عن طاعة ربكم، ومالك أمركم الْغَرُورُ.

أى: الشيطان المبالغ في خداعكم، وفي صرفكم عن كل ما هو خير وبر.

فالمراد بالغرور هنا: الشيطان الذي أقسم بالأيمان المغلظة، بأنه لن يكف عن إغواء بنى آدم، وعن تزيين الشرور والآثام لهم.

فالمقصود بالآية الكريمة تذكير الناس بيوم القيامة وما فيه من أهوال. وتحذيرهم من اتباع خطوات الشيطان، فإنه لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر.

ثم قال : ( يا أيها الناس إن وعد الله حق ) أي : المعاد كائن لا محالة ، ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) أي : العيشة الدنيئة بالنسبة إلى ما أعد الله لأوليائه وأتباع رسله من الخير العظيم فلا تتلهوا عن ذلك الباقي بهذه الزهرة الفانية ، ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) وهو الشيطان . قاله ابن عباس . أي : لا يفتننكم الشيطان ويصرفنكم عن اتباع رسل الله وتصديق كلماته فإنه غرار كذاب أفاك . وهذه الآية كالآية التي في آخر لقمان : ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) [ لقمان : 33 ] . قال مالك ، عن زيد بن أسلم : هو الشيطان . كما قال : يقول المؤمنون للمنافقين يوم القيامة حين يضرب ( بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور ) [ الحديد : 13 ، 14 ] .

وقوله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ) يقول تعالى ذكره لمشركي قريش المكذبي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: يا أيها الناس إن وعد الله إياكم بأسه على إصراركم على الكفر به، وتكذيب رسوله محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وتحذيركم نـزول سطوته بكم على ذلك، حق، فأيقنوا بذلك وبادروا حلول عقوبتكم بالتوبة والإنابة إلى طاعة الله والإيمان به وبرسوله ( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) يقول: فلا يغرنكم ما أنتم فيه من العيش في هذه الدنيا ورياستكم التي تترأسون بها في ضعفائكم فيها عن اتباع محمد والإيمان ( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) يقول: ولا يخدعنكم بالله الشيطان، فيمنيكم الأماني، ويعدكم من الله العدات الكاذبة، ويحملكم على الإصرار على كفركم بالله.

كما حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس في قوله ( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ) يقول: الشيطان.

التدبر :

وقفة
[5] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ فإذا كان وعده حقًا؛ فتهيؤوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع.
وقفة
[5] ﴿يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ﴾ تأمل حال كثير من الناس، وهم في غفلة عن هذا الوعد الحق.
وقفة
[5] من أيقن الحساب والنشور لا تغره شهوات ولا يقرب الشبهات ﴿يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا﴾.
وقفة
[5] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ قال سعيد بن جُبير: «غرور الحياة الدنيا: أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة، حتى يقول: ﴿يا ليتني قدمت لحياتي﴾ [الفجر: 24]».
وقفة
[5] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ ‏ربما اتكل بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيـا، وأنه لا يغير ما به، ويظن أن ذلك من محبة الله له، وأنه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك، فهذا من الغرور.
وقفة
[5] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ وقد تضمنت الآية غرورين: غرورًا يغتَرُّه المرء من تلقاء نفسه، ويزيِّن لنفسه من المظاهر الفاتنة التي تلوح له في هذه الدنيا ما يتوهمه خيرًا، ولا ينظر في عواقبه؛ بحيث تخفى مضارُّه في باديء الرأي، ولا يظنُّ أنه من الشيطان، وغرورًا يتلقاه ممن يغرّه وهو الشيطان، وكذلك الغرور كله في هذا العالم: بعضه يمليه المرء على نفسه، وبعضه يتلقاه من شياطين الإِنس والجن.
وقفة
[5] ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ﴾ فـبِـمَ ستلقاه؟
وقفة
[5] ﴿إنَّ وعد الله حقٌّ﴾ أي لاشكَّ فيه، وهذا مما يُعين على الصبر؛ فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع بل سيجده كاملًا؛ هان عليه ما يلقاه من المكاره ، ويسَّر عليه كل عسير، واستقل من عمله كل كثير.
وقفة
[5] ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ من الطبيعي أن ترى السفينة في الماء، لكن من الخطر أن ترى الماء في السفينة؛ فكن أنت في قلب الدنيا ولا تجعل الدنيا في قلبك.
وقفة
[5] ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ الناس ثلاثة أقسام: قسم قليل العقل سخيف الرأي، يغتر بالدنيا، فيقصر في عمل الآخرة. وقسم ثاني يوسوس له شيطان الإنس أو شيطان الجن، فيزين له الدنيا، فيغرون بها على حساب الآخرة. والقسم الثالث: لا يغترون بالدنيا، ولا يغرون بمن يزين في عيونهم الدنيا، جعلنا الله وإياكم منهم.
وقفة
[5] ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ يعني الشيطان، قال سعيد بن جُبير: «هو أن يعمل المعصية ويتمنى المغفرة».
وقفة
[5] ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ وقفة واحدة في المقبرة ستخبرك ما هي الدنيا ومدى حقارتها.
تفاعل
[5] ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ قل: «اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همي، ولا مبلغ علمي ولا إلى النار مصيري».
تفاعل
[5] ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
وقفة
[5، 6] ﴿ولا يغرنكم بالله الغَرور﴾، ﴿وما الحياة الدنيا إلا متاع الغُرور﴾ [الحديد: 20] (الغرور) بفتح الغين هو الشيطان ألا ترى بعد الآية: ﴿إن الشيطان لكم عدو﴾، وبضم الغين هي الدنيا بزخرفها وزينتها وملذاتها.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُور
  • هذه الآية الكريمة أعربت في سورة لقمان في الآية الثالثة والثلاثين.'

المتشابهات :

لقمان: 33﴿وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ
فاطر: 5﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     وبعد النداء الأول للناس؛ يأتي هنا النداء الثاني للناس، يبين اللهُ لهم أن البعث حق، وأن الواجب عليهم أن يستعدوا لاستقبال هذا اليوم بالإِيمان والعمل الصالح، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الغرور:
1- بفتح الغين، وهو الشيطان، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة أبى حيوة، وأبى السمال.

مدارسة الآية : [6] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ ..

التفسير :

[6]إن الشيطان لبني آدم عدو، فاتخذوه عدوّاً ولا تطيعوه، إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.

}الْغَرُورُ} الذي هو{ الشَّيْطَانُ} الذي هو عدوكم في الحقيقة{ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} أي:لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائما لكم بالمرصاد.

{ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد.

ثم أكد- سبحانه- هذا التحذير بقوله: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ يا بنى آدم، عداوة قديمة وباقية إلى يوم القيامة.

وما دام الأمر كذلك فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا أى: فاتخذوه أنتم عدوا لكم في عقائدكم. وفي عباداتكم. وفي كل أحوالكم، بأن تخالفوا وسوسته وهمزاته وخطواته..

وقوله: إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ تقرير وتأكيد لهذه العداوة.

أى: اتخذوا- يا بنى آدم- الشيطان عدوا لكم، لأنه لا يدعو أتباعه ومن هم من حزبه إلى خير أبدا، وإنما يدعوهم الى العقائد الباطلة. والأقوال الفاسدة، والأفعال القبيحة التي تجعلهم يوم القيامة من أهل النار الشديدة الاشتعال..

ثم بين تعالى عداوة إبليس لابن آدم فقال : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) أي : هو مبارز لكم بالعداوة ، فعادوه أنتم أشد العداوة ، وخالفوه وكذبوه فيما يغركم به ، ( إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) أي : إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب السعير ، فهذا هو العدو المبين . فنسأل الله القوي العزيز أن يجعلنا أعداء الشيطان ، وأن يرزقنا اتباع كتابه ، والاقتفاء بطريق رسوله ، إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير . وهذه كقوله : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] .

[ وقال بعض العلماء : وتحت هذا الخطاب نوع لطيف من العتاب كأنه يقول : إنما عاديت إبليس من أجل أبيكم ومن أجلكم ، فكيف يحسن بكم أن توالوه ؟ بل اللائق بكم أن تعادوه وتخالفوه ولا تطاوعوه ] .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)

يقول تعالى ذكره: (إِنَّ الشَّيْطَانَ) الذي نهيتكم أيها الناس أن تغتروا بغروره إياكم بالله ( لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ) يقول: فأنـزلوه من أنفسكم منـزلة العدو منكم واحذروه بطاعة الله واستغشاشكم إياه حذركم من عدوكم الذي تخافون غائلته على أنفسكم، فلا تطيعوه ولا تتبعوا خطواته، فإنه إنما يدعو حزبه، ينعي شيعته ومن أطاعه، إلى طاعته والقبول منه، والكفر بالله ( لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) يقول: ليكونوا من المخلدين في نار جهنم التي تتوقد على أهلها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ) فإنه لحق على كل مسلم عداوته، وعداوته أن يعاديه بطاعة الله (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ) وحزبه: أولياؤه ( لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) أي: ليسوقهم إلى النار فهذه عداوته.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) وقال: هؤلاء حزبه من الإنس، يقول: أولئك حزب الشيطان، والحزب: ولاته الذين يتولاهم ويتولونه وقرأ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَـزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ .

التدبر :

عمل
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ لا تحزن، فالمعركة كر وفر، والأيام دول، يوم لك ويوم عليك، وكل ما احتله الشيطان بالذنب تستعيده بالتوبة.
عمل
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ تذكَّرْ هذه العداوةَ دائمًا، فمن استشعرَ العداوةَ لزِمَ الحذرَ.
عمل
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ لا تحزن؛ فالمعركة كر وفر، والأيام دول، ويوم لك ويوم عليك، وكل ما احتله الشيطان بالذنب تستعيده بالتوبة.
وقفة
[6] اتخاذ الشيطان عدوًّا باتخاذ الأسباب المعينة على التحرز منه؛ من ذكر الله، وتلاوة القرآن، وفعل الطاعة، وترك المعاصي﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ والأمر باتخاذه عدوًّا تنبيه على استفراغ الوسع في محاربته، ومجاهدته، كأنه عدو لا يفتر ولا يقصر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ من دلائل الآية: لا يكفي علمنا بعداوة الشيطان حتي نتخذة عدوًّا لنا, ولذلك ثمرات منها: الحذر منه في كل الأحيان, نسبة الشرور له.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ التنبيه الإلهي على الخطر قبل وقوعه يربي في النفس المناعة المطلوبة، ويحصنها ضد الأمراض لتأخذ نصيبها من المناعة اللازمة.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ من استشعر العداوة لزم الحذر.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ عداوة الشيطان لما كانت جبليَّة لا يرجى زوالها مع من يعفو عنه، لم يأمر الله إلا باتخاذه عدوًّا؛ لأنه إذا لم يتخذ عدوًّا لم يراقب المسلم مكائده ومخادعته، ومن لوازم اتخاذه عدوًّا: العملُ بخلاف ما يدعو إليه؛ لتجنب مكائده، ولمقته بالعمل الصالح.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيطانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذوهُ عَدُوًّا﴾ هى عداوة قديمة يا ابن آدم، وباقية إلى يوم القيامة.
وقفة
[6] الكثير يعلم بأن الشيطان عدوّ ﴿إن الشيطان لكم عدو﴾، لكن القليل من يطبق ﴿فاتخذوه عدوا﴾.
وقفة
[6] ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ آية تختصر لك الصراع بين الشيطان والإنسان.
عمل
[6] تذكر عداوة الشيطان لك كل صباح ومساء، واستعذ بالله منه، وكن على حذر ﴿إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُۥ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾.
وقفة
[6] ﴿فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ فلا يحفز النفس على بذل غاية الجهد مثل الإحساس بالعداوة والصراع، ولا يستخرج منها أقصى ما تستطيع مثل الحرب، فهي آية تأمرنا برد العداوة بمثلها، وابتداء العدو بالهجوم قبل أن يفترسنا.
وقفة
[6] ﴿فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ أمر مخيف أن نتعامل مع عدو يكن لنا أقصى مشاعر الحقد والعداوة والبغضاء، ولا يرضى لنا بأقل من النار؛ يرانا ولا نراه، نغفل عنه ولا يغفل عنا، ما هذا الطيش؟!
تفاعل
[6] ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الشيطان:اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لكم: جار ومجرور متعلق بحال من «عدو».والميم علامة جمع الذكور. عدو: خبر «ان» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا:
  • الفاء سببية او استئنافية للتعليل. اتخذوه: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول. عدوا:مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ:
  • كافة ومكفوفة. يدعو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل. حزبه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وفاعل يدعو ضمير مستتر جوازا تقديره «هو».
  • ﴿ لِيَكُونُوا:
  • اللام حرف جر للتعليل. يكونوا: فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والالف فارقة. وجملة «يكونوا مع خبرها» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيدعو
  • ﴿ مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «يكون».السعير:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     وبعد التحذير من خداع الشيطان؛ بَيَّنَ اللهُ هنا عداوة الشيطان لابن آدم، وهي عداوة قديمة وباقية إلى يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ..

التفسير :

[7] الذين جحدوا أنَّ الله هو وحده الإله الحق وجحدوا ما جاءت به رسله لهم عذاب شديد في الآخرة، والذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات لهم عفو من ربهم، وتجاوز عن ذنوبهم بعد سَتْرها عليهم، ولهم أجر كبير، وهو الجنة.

ثم ذكر أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين، وذكر جزاء كل منهما، فقال:{ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي:جحدوا ما جاءت به الرسل، ودلت عليه الكتب{ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} في نار جهنم، شديد في ذاته ووصفه، وأنهم خالدون فيها أبدا.

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا} بقلوبهم، بما دعا اللّه إلى الإيمان به{ وَعَمِلُوا} بمقتضى ذلك الإيمان، بجوارحهم، الأعمال{ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، يزول بها عنهم الشر والمكروه{ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} يحصل به المطلوب.

ثم بين- سبحانه- أقسام الناس يوم القيامة فقال: الَّذِينَ كَفَرُوا بكل ما يجب الإيمان به لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بسبب كفرهم وفسوقهم عن أمر خالقهم- عز وجل- واتباعهم للشيطان..

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الأعمال الصَّالِحاتِ لَهُمْ من ربهم مَغْفِرَةٌ عظيمة وَأَجْرٌ كَبِيرٌ لا يعلم مقداره إلا الله- تعالى-.

لما ذكرالله تعالى أن أتباع إبليس مصيرهم إلىعذاب السعير ، ذكر بعد ذلك أن الذين كفروا لهم عذاب شديد ; لأنهم أطاعوا الشيطان وعصوا الرحمن ، وأن الذين آمنوا بالله ورسله ) وعملوا الصالحات لهم مغفرة ) أي : لما كان منهم من ذنب ، ( وأجر كبير ) على ما عملوه من خير .

القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)

يقول تعالى ذكره: (الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله ورسوله (لَهُمْ عَذَابٌ) من الله (شَدِيدٌ) وذلك عذاب النار. وقوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا) يقول: والذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله وانتهوا عما نهاهم عنه (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) من الله لذنوبهم (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وذلك الجنة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وهي الجنة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[7] ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ قال ثابت البناني: «بلغني أنه ما من قوم جلسوا مجلسًا، فيقومون قبل أن يسألوا الله الجنة، ويتعوذوا بالله من النار؛ إلا قالت الملائكة: المساكين أغفلوا العظيمتين».
وقفة
[7] بعد التحذير من طاعة الشيطان يلوح في الأذهان سؤال: ما جزاء من أطاع الشيطان وما جزاء من عصاه؟ فالجواب: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾، ويرى بعضهم أنها ابتدائية، ذكرت فذلكة لما تقدم من الكلام.
وقفة
[7] المقابلة بين جزاء الأبرار والفجار: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾، وكذلك بين: ﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ... وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ [12] والمقابلة من المحسنات البديعية.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا:فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها
  • ﴿ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر «الذين».اللام: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. شديد: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا:
  • معطوفة بالواو على الَّذِينَ كَفَرُوا» وتعرب اعرابها وحذفت الصلة الجار بمعنى: آمنوا بربهم.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب اعرابها.الصالحات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. التقدير: الاعمال الصالحات فحذف المفعول الموصوف واقيمت الصفة مقامه.
  • ﴿ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ:
  • تعرب اعراب لَهُمْ عَذابٌ». وأجر: معطوفة بالواو على «مغفرة» وتعرب اعرابها. كبير: صفة-نعت-لأجر مرفوعة مثلها بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     وبعد بيان عداوة الشيطان لابن آدم؛ ذكرَ اللهُ هنا أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين، وذكر جزاء كل منهما، قال تعالى: ( الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) ولَمَّا ذكَرَ اللهُ جزاءَ الذين أطاعوا الشَّيطانِ؛ ذكَرَ هنا جزاءَ الذين خالفوا الشَّيطانِ، فقال
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [8] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ..

التفسير :

[8] أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان فرآه حسناً جميلاً، كمَن هداه الله تعالى، فرأى الحسن حسناً والسيِّئ سيئاً؟ فإن الله يضل مَن يشاء من عباده، ويهدي من يشاء، فلا تُهْلك نفسك حزناً على كفر هؤلاء الض

يقول تعالى:{ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ} عمله السيئ، القبيح، زينه له الشيطان، وحسنه في عينه.

{ فَرَآهُ حَسَنًا} أي:كمن هداه اللّه إلى الصراط المستقيم والدين القويم، فهل يستوي هذا وهذا؟

فالأول:عمل السيئ، ورأى الحق باطلا، والباطل حقا.

والثاني:عمل الحسن، ورأى الحق حقا، والباطل باطلا، ولكن الهداية والإضلال بيد اللّه تعالى،{ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ} أي:على الضالين الذين زين لهم سوء أعمالهم، وصدهم الشيطان عن الحق{ حَسَرَاتٍ} فليس عليك إلا البلاغ، وليس عليك من هداهم شيء، والله [هو] الذي يجازيهم بأعمالهم.{ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}

ثم بين- سبحانه- الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر، والمطيع، والعاصي، فقال:

أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ...

والاستفهام للإنكار. و «من» موصولة في موضع رفع على الابتداء. والجملة بعدها صلتها، والخبر محذوف لدلالة الكلام عليه، وزُيِّنَ من التزيين بمعنى التحسين. وقوله سُوءُ عَمَلِهِ أى: عمله السيئ، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف.

والمعنى: أفمن زين له الشيطان عمله السيئ، فرآه حسنا، كمن ليس كذلك؟ كلا إنهما لا يستويان في عرف أى عاقل، فإن الشخص الذي ارتكب الأفعال القبيحة التي زينها له الشيطان، أو نفسه الأمارة بالسوء، أو هواه.. مصيره إلى الشقاء والتعاسة.

أما الشخص الذي خالف الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء، والهوى المردى.. فمصيره إلى السعادة والفلاح.

وقد صرح- سبحانه- بالأمرين في آيات منها قوله- تعالى- أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ؟

وجملة فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ تعليل لسببية التزيين لرؤية القبيح حسنا..

أى: هؤلاء الذين يعملون الأعمال السيئة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لا قدرة لك على هدايتهم- أيها الرسول الكريم- فإن الله- تعالى- وحده، هو الذي يضل من يشاء إضلاله، ويهدى من يشاء هدايته.

والفاء في قوله- تعالى-: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ للتفريع. والحسرات جمعه حسرة، وهي أشد ما يعترى الإنسان من ندم على أمر قد مضى وانتهى والجار والمجرور «عليهم» متعلق بقوله «حسرات» .

أى: إذا كان الأمر كما أخبرناك- أيها الرسول الكريم- فامض في طريقك وبلغ رسالة ربك، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولا تهلك نفسك هما وغما وحزنا من أجل هؤلاء الذين أعرضوا عن الحق، واعتنقوا الباطل، وظنوا أنهم بذلك يحسنون صنعا..

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يزيد في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقال- تعالى-:

إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ.

أى: إن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء مما يفعله هؤلاء الجاهلون من أفعال قبيحة، وسيجازيهم يوم القيامة بما يستحقونه من عقاب.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ .

وقوله- سبحانه-: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً.

وبعد هذه التسلية من الله- تعالى- لرسوله صلّى الله عليه وسلّم وبعد هذا التحذير من وسوسة الشيطان ومن خداعه، وبعد هذا البيان لسوء عاقبة الكافرين، وحسن عاقبة المؤمنين، بعد كل ذلك.. ساقت السورة الكريمة ألوانا من نعم الله- تعالى- على عباده، ومن رحمته بهم، نرى ذلك في الرياح وفي السحب، وفي البحار والأنهار، وفي الليل نهار، وفي الشمس القمر.. وفي غير ذلك من النعم الظاهرة والباطنة في هذا الكون.

قال- تعالى-:

ثم قال : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ) يعني : كالكفار والفجار ، يعملون أعمالا سيئة ، وهم في ذلك يعتقدون ويحسون أنهم يحسنون صنعا ، أي : أفمن كان هكذا قد أضله الله ، ألك فيه حيلة ؟ لا حيلة لك فيه ، ( فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) أي : بقدره كان ذلك ، ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) أي : لا تأسف على ذلك فإن الله حكيم في قدره ، إنما يضل من يضل ويهدي من يهدي ، لما له في ذلك من الحجة البالغة ، والعلم التام; ولهذا قال : ( إن الله عليم بما يصنعون ) .

وقال ابن أبي حاتم عند هذه الآية : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني - أو : ربيعة - عن عبد الله بن الديلمي قال : أتيت عبد الله بن عمرو ، وهو في حائط بالطائف يقال له : الوهط ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله خلق خلقه في ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره ، فمن أصابه من نوره يومئذ فقد اهتدى ، ومن أخطأه منه ضل ، فلذلك أقول : جف القلم على ما علم الله عز وجل " .

ثم قال : حدثنا يحيى بن عبدك القزويني ، حدثنا حسان بن حسان البصري ، حدثنا إبراهيم بن بشر حدثنا يحيى بن معين حدثنا إبراهيم القرشي ، عن سعد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " الحمد لله الذي يهدي من الضلالة ، ويلبس الضلالة على من أحب " .

وهذا أيضا حديث غريب جدا .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)

يقول تعالى ذكره: أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر به، وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان، فرآه حسنًا فحسب سيئ ذلك حسنًا، وظن أن قبحه جميل، لتزيين الشيطان ذلك له. ذهبت نفسك عليهم حسرات، وحذف من الكلام: ذهبت نفسك عليهم حسرات اكتفاء بدلالة قوله (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) منه، وقوله (فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) يقول: فإن الله يخذل من يشاء عن الإيمان به واتباعك وتصديقك، فيضله عن الرشاد إلى الحق في ذلك، ويهدي من يشاء، يقول: ويوفق من يشاء للإيمان به واتباعك والقبول منك، فتهديه إلى سبيل الرشاد ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) يقول: فلا تهلك نفسك حزنًا على ضلالتهم وكفرهم بالله وتكذيبهم لك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) قال قتادة والحسن: الشيطان زيَّن لهم ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) أي: لا يحزنك ذلك عليهم؛ فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.

حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) قال: الحسرات الحزن، وقرأ قول الله يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ووقع قوله ( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) موضع الجواب، وإنما هو منبع الجواب، لأن الجواب هو المتروك الذي ذكرت، فاكتفى به من الجواب لدلالته على الجواب ومعنى الكلام.

واختلفت القراء في قراءة قوله ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) فقرأته قراء الأمصار سوى أَبي جعفر المدني (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ) بفتح التاء من " تذهب " و " نفسك " برفعها. وقرأ ذلك أَبو جعفر (فَلا تُذْهِبَ) بضم التاء من " تذهب " و " نفسك " بنصبها، بمعنى: لا تذهب أنت يا محمد نفسك.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار؛ لإجماع الحجة من القراء عليه.

وقوله ( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن الله يا محمد ذو علم بما يصنع هؤلاء الذين زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، وهو محصيه عليهم، ومجازيهم به جزاءهم.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ﴾ أعظمُ البلاءِ أن يبتلي اللهُ الإنسانَ بالشرِّ، ويُحبِّبه إلى قلبِه فينشُره؛ لتكثرَ سيئاتُه ويموتَ عليه.
وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ قال قتادة: منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين، نعوذ بالله من زيغ البصيرة.
وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ لا شيء أسوأ من العمل السيء إلا الاعتقاد أنه حسن !
وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ كان من دعاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه: «اللهم أرنا الحق حقًا فنتبعه، والباطل باطلًا فنجتنبه، ولا تجعل ذلك علينا متشابهًا فنتبع الهوى».
وقفة
[8] ﴿أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا﴾ ما أشدَّها من آية! أن يجتهد المرء ويكون اجتهاده وبالًا عليه، اللهم أرنا الحق حقًّا، وارزقنا اتباعه.
وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ مجرد الاستحسان لا يعبر بالضرورة عن الحق، وإنما معيارُ الحقِ (الوحيُ).
وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ قال سعيد بن جبير: «نزلت في أصحاب الأهواء والبدع»، قال قتادة: «منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم».
وقفة
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ الآية الكريمة تجيب علي سؤال يطرأ علي الذهن وهو: لِمَ يستمر العاصي بعصيانه؟ لأنه يري عمله حسنًا في عينه, وهذا يدل علي أن العين لها فطرة فطرها الله عليها، فإن عصى الله فسدت العين فرأت سوء العمل حسنًا.
وقفة
[8] بقدر ضعف الإيمان ونقص الإخلاص؛ ستبدو الأشياء التي حرَّم الله جميلة في العين والقلب، مهما كان قبحها في الواقع: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾، والذي زينها هو الشيطان؛ إذ تعهد بذلك أمام ربه: ﴿لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: 39-40].
وقفة
[8] في أشد حالات ضلال الإنسان حين ﴿زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾، نعوذ بالله من العمى.
وقفة
[8] الاغترار بالدنيا سبب الإعراض عن الحق ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾.
وقفة
[8] ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا﴾، ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾ [الأنعام: 70] قال ابن عباس: «الضلالة لها حلاوة في قلوب أهلها».
وقفة
[8] قد تستحسن الرأي وهو ضلال، وتظن به الهدى، وهو هوى! قال تعالى: ﴿أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا﴾.
وقفة
[8] قد يعجب الإنسان من استمرار بعض الناس على خطأ ظاهر، كيف خفي عليه؟ لكن يزول عجبه حين يقرأ: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ﴾، فحريٌّ بالعبد أن يسأل ربه أن يريه الحق حقًّا والباطل باطلاً، وأن يدخله في عباده المهتدين.
عمل
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ الزم السنة والدليل الصحيح، واحذر البدعة واتباع الهوى والعاطفة؛ حتى لا تكون ممن زين له سوء عمله فرآه حسنًا.
تفاعل
[8] ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ قل: «اللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، والباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه».
عمل
[8] لا تحزن على أصحاب الشهوات والشبهات: ﴿أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون﴾، وليكن حزنك على تقصير نفسك بحق الله تجاه ما يفعلون.
تفاعل
[8] ﴿فَإِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ﴾ استعذ بالله من الضلال.
وقفة
[8] لا تتفكر بثبات الضال على ضلاله فتنهزم، ولكن تفكر بقدرة الله على صرفه عن حقٍ يراه أمامه ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات﴾.
تفاعل
[8] ﴿وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ ادعُ الله الآن أن يهديك إلى الصراط المستقيم.
وقفة
[8] ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ قد يتألم قلبك لحال البعض ممن ألغوا عقولهم وأخمدوا نور الإيمان بأيديهم، فما حيلتك معهم.
عمل
[8] ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ لا تحزن عند اكتشاف ما يكنه البعض لك، وكيف قابلوا إحسانك بالإساءة، بل اشكر القدر الذي وضح لك المخفي.
وقفة
[8] ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ ليس الكفارُ أهلًا للحزن عليهم؛ إذْ لا حُزن على الأعداء.
عمل
[8] ﴿فلا تذهب نفسك عليهم حسرات﴾ عليك النصح والإرشاد ما استطعت، فمنك لهم الدعاء وعلى الله الهداية والجزاء.
وقفة
[8] الحزن الشديد مؤلم، يَذْهَبُ بالنفس، يقتَطع جزءً من الروح ﴿فلا تذهب نفسُك عليهم حسرات﴾.
وقفة
[8] بالغوا في ذلك أيَّما مبالغة، نصبوا له الكمائن ليقتلوه ويتخلصوا منه، ومع ذلك يقول الله عن مشاعره ﷺ نحوهم: ﴿فلا تذهب نفسك عليهم حسرات﴾.
عمل
[8] ﻻ يغلبنك التحسر على شخص لبس لبوس اﻹسلام وهو يتحدث بحديث الكفر؛ فإن الله قد سلى نبيه بقوله: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَمَنْ:
  • الهمزة حرف استفهام لفظا وحرف تقرير معنى. والفاء زائدة. من:اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ خبره محذوف بمعنى:أفمن زين له سوء عمله من هذين الفريقين كمن لم يزين له. وقال الزمخشري: وذكر الزجاج ان المعنى: أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرة. فحذف الجواب لدلالة-فلا تذهب نفسك-عليه. او أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله فحذف لدلالة-فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء
  • ﴿ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. له:جار ومجرور متعلق بزين. سوء: نائب فاعل مرفوع بالضمة. عمله:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: زين له الشيطان عمله الشيء
  • ﴿ فَرَآهُ حَسَناً:
  • الفاء استئنافية للتسبب. رآه: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول لان المعنى: فتخيله لانها ليست «رأى» البصرية. حسنا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ:
  • الفاء استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.الله لفظ‍ الجلالة: اسمها منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يضل:فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وجملة «يضل» وما بعدها في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ مَنْ يَشاءُ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.يشاء: تعرب اعراب «يضل».وجملة «يشاء» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. وحذف المفعول لانه معلوم بمعنى: من يشاء اضلاله.
  • ﴿ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ:
  • معطوفة بالواو على يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ» وتعرب اعرابها وعلامة رفع «يهدي» الضمة المقدرة على الياء للثقل.
  • ﴿ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ:
  • الفاء واقعة في جواب «من» لانها مضمنة معنى الشرط‍.لا: ناهية جازمة. تذهب: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره. نفسك: فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بمعنى: لا تذهب نفسك اي لا تهلك نفسك.
  • ﴿ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى.والجار والمجرور متعلق بتذهب. حسرات: مفعول له-لاجله-بمعنى «للحسرات» منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. ويجوز ان تكون «حسرات» حالا اي مصدرا في موضع الحال من نفسك كأنها كلها صارت حسرات لفرط‍ التحسر.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل للاستئناف او للتعليل. الله لفظ‍ الجلالة: اسمها منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. عليم: خبر «ان» مرفوع بالضمة. بما: الباء: حرف جر. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بعليم.
  • ﴿ يَصْنَعُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد -الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به.التقدير: بما يصنعونه. ويجوز ان تكون «ما» مصدرية. فتكون الجملة الفعلية صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلقا بعليم.'

المتشابهات :

النور: 30﴿ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
فاطر: 8﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     وبعد تَقسيم النَّاسِ إلى فَريقَينِ: فَريقٌ انطَلَت عليه مَكايدُ الشَّيطانِ، واغتَرُّوا بغُرورِه، وفريقٌ أخَذوا حِذْرَهم منه، ثمَّ تَقسيمُهم إلى كافرٍ مُعذَّبٍ، ومُؤمِنٍ مُنْعَمٍ عليه؛ بَيَّنَ اللهُ هنا استِحقاقَ حِزبِ الشَّيطانِ عذابَ السَّعيرِ، ثم تَسلية النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على مَن لم يَخلُصوا مِن حَبائلِ الشَّيطانِ، قال تعالى:
﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أفمن:
وقرئ:
أمن، بغير «فاء» ، وهى قراءة طلحة.
زين:
1- بالبناء للمجهول، ورفع «سوء» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل، ونصب «سوء» ، وهى قراءة عبيد الله بن عمير.
فلا تذهب نفسك:
1- مبنيا للفاعل، و «نفسك» فاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تذهب من «أذهب» ، و «نفسك» نصب، وهى قراءة أبى جعفر، وقتادة، وعيسى، والأشهب، وشيبة، وأبى حيوة، وحميد، والأعمش، وابن محيصن.

مدارسة الآية : [9] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ ..

التفسير :

[9] واللهُ هو الذي أرسل الرياح فتحرك سحاباً، فسقناه إلى بلد جدب، فينزل الماء فأحيينا به الأرض بعد يُبْسها فتخضر بالنبات، مثل ذلك الإحياء يحيي الله الموتى يوم القيامة.

يخبر تعالى عن كمال اقتداره، وسعة جوده، وأنه{ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} فأنزله اللّه عليها{ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}

فحييت البلاد والعباد، وارتزقت الحيوانات، ورتعت في تلك الخيرات،{ كَذَلِكَ} الذي أحيا الأرض بعد موتها، ينشر الله الأموات من قبورهم، بعدما مزقهم البلى، فيسوق إليهم مطرا، كما ساقه إلى الأرض الميتة، فينزله عليهم فتحيا الأجساد والأرواح من القبور، ويأتون للقيام بين يدي الله ليحكم بينهم، ويفصل بحكمه العدل.

قال أبو حيان- رحمه الله- لما ذكر- سبحانه- أشياء من الأمور السماوية، وإرسال الملائكة، أتبع ذلك بذكر أشياء من الأمور الأرضية كالرياح وإرسالها، وفي هذا احتجاج على منكري البعث، دلهم على المثال الذي يعاينونه، وهو وإحياء الموتى سيان. وفي الحديث أنه قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: كيف يحيى الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟ فقال: «هل مررت بوادي أهلا محلا- أى مجدبا لا نبات فيه- ثم مررت به يهتز خضرا؟ فقالوا: نعم، فقال:

فكذلك يحيى الله الموتى، وتلك آيته في خلقه» .

فقوله- تعالى-: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته- عز وجل- ومن سعة رحمته بعباده.

وقوله: فَتُثِيرُ من الإثارة بمعنى التهييج والتحريك من حال إلى حال.

أى: والله- تعالى- وحده، هو الذي أرسل الرياح، فجعلها بقدرته النافذة تحرك السحب من مكان إلى مكان، فتذهب بها تارة إلى جهة الشمال، وتارة إلى جهة الجنوب، وتارة إلى غير ذلك.

وقوله: فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ بيان للحكمة من هذه الإثارة. والمراد بالبلد الميت:

الأرض الجدباء التي لا نبات فيها. والضمير في فَسُقْناهُ يعود إلى السحاب.

وقوله: فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها أى: فأحيينا بالمطر النازل من السحاب الأرض الجدباء، فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.

فالضمير في قوله بِهِ يعود إلى المطر، لأن السحاب يدل عليه لما بينهما من تلازم، ويصح أن يعود إلى السحاب لأنه سبب نزول الأمطار.

وقال- سبحانه- فَتُثِيرُ بصيغة المضارع. استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على قدرة الله- تعالى-، والتي من شأنها أن تغرس العظات والعبر في النفوس.

وقال- سبحانه-: فَسُقْناهُ فَأَحْيَيْنا بنون العظمة، وبالفعل الماضي، للدلالة على تحقق قدرته ورحمته بعباده.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: فإن قلت: لم جاء فَتُثِيرُ على المضارعة دون ما قبله وما بعده؟.

قلت: ليحكى الحال التي تقع فيها إثارة الرياح للسحاب، وتستحضر تلك الصور البديعة الدالة على القدرة الربانية، وهكذا يفعلون بكل فعل فيه نوع تمييز وخصوصية..

ولما كان سوق السحاب إلى البلد الميت، وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها، من الدلائل على القدرة الباهرة قيل: فسقنا، وأحيينا، معدولا بهما عن لفظ الغيبة، إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه.. .

والكاف في قوله- تعالى-: كَذلِكَ النُّشُورُ بمعنى مثل، وهي في محل رفع على الخبرية. أى: مثل ذلك الإحياء الذي تشاهدونه للأرض بعد نزول المطر عليها، يكون إحياء الأموات منكم.

قال الإمام الرازي: فإن قيل ما وجه التشبيه بقوله: كَذلِكَ النُّشُورُ؟ فالجواب من وجوه:

أحدها: أن الأرض الميتة لما قبلت الحياة اللائقة بها، كذلك الأعضاء تقبل الحياة.

ثانيها: كما أن الريح يجمع القطع السحابية، كذلك يجمع- سبحانه- بين أجزاء الأعضاء..

ثالثها: كما أنا نسوق الريح والسحاب إلى البلد الميت، كذلك نسوق الروح والحياة إلى البدن الميت .

والنشور: الإحياء والبعث بعد الموت. يقال: أنشر الله- تعالى- الموتى ونشرهم، إذا أحياهم بعد موتهم. ونشر الراعي غنمه، إذا بثها بعد أن آواها.

كثيرا ما يستدل تعالى على المعاد بإحيائه الأرض بعد موتها - كما في [ أول ] سورة الحج - ينبه عباده أن يعتبروا بهذا على ذلك ، فإن الأرض تكون ميتة هامدة لا نبات فيها ، فإذا أرسل إليها السحاب تحمل الماء وأنزله عليها ، ( اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ) [ الحج : 5 ] ، كذلك الأجساد ، إذا أراد الله سبحانه بعثها ونشورها ، أنزل من تحت العرش مطرا يعم الأرض جميعا فتنبت الأجساد في قبورها كما ينبت الحب في الأرض; ولهذا جاء في الصحيح : " كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب ، منه خلق ومنه يركب " ; ولهذا قال تعالى : ( كذلك النشور ) .

وتقدم في " الحج " حديث أبي رزين : قلت : يا رسول الله ، كيف يحيي الله الموتى ؟ وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : " يا أبا رزين ، أما مررت بوادي قومك محلا ثم مررت به يهتز خضرا ؟ " قلت : بلى . قال : " فكذلك يحيي الله الموتى " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9)

يقول تعالى ذكره: والله الذي أرسل الرياح فتثير السحاب للحيا والغيث ( فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ ) يقول: فسقناه إلى بلد مجدب الأهل، محل الأرض، داثر لا نبت فيه ولا زرع ( فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) يقول: فأخصبنا بغيث ذلك السحاب الأرض التي سقناه إليها بعد جدوبها، وأنبتنا فيها الزرع بعد المحل (كَذَلِكَ النُّشُورُ) يقول تعالى ذكره: هكذا يُنْشِر الله الموتى بعد بلائهم في قبورهم، فيحييهم بعد فنائهم، كما أحيينا هذه الأرض بالغيث بعد مماتها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل قال: ثنا أَبو الزعراء عن عبد الله قال: يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون، فليس من بني آدم إلا وفي الأرض منه شيء، قال: فيرسل الله ماءً من تحت العرش؛ منيًّا كمني الرجل، فتنبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك، كما تنبت الأرض من الثرى، ثم قرأ ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ ...) إلى قوله (كَذَلِكَ النُّشُورُ) قال: ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض، فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا ) قال: يرسل الرياح فتسوق السحاب، فأحيا الله به هذه الأرض الميتة بهذا الماء، فكذلك يبعثه يوم القيامة.

التدبر :

لمسة
[9] ﴿وَاللَّـهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ لماذا (فَتُثِيرُ) بصيغة المضارع، بينما (فَسُقْنَاهُ)، (فَأَحْيَيْنَا) بصيغة الماضي؟! والجواب: كي تستحضر دائمًا هذه الصورة البديعة للسحاب المثار الدالة على قدرة الله، بينما جاءت: (فَسُقْنَاهُ)، (فَأَحْيَيْنَا) بالفعل الماضي مع نون العظمة، للدلالة على قدرة الله البالغة ورحمته الواسعة بعباده.
لمسة
[9] ﴿وَاللَّهُ الَّذي أَرسَلَ الرِّياحَ فَتُثيرُ سَحابًا فَسُقناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحيَينا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِها﴾ وهكذا كتاب الله يحيي القلوب الميتة.
وقفة
[9] قال الرازى: «فإن قيل ما وجه التشبيه بقوله: ﴿كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾؟ فالجواب من وجوه: أحدها: أن الأرض الميتة لما قبلت الحياة اللائقة بها، كذلك الأعضاء تقبل الحياة. ثانيها: كما أن الريح يجمع القطع السحابية، كذلك يجمع سبحانه بين أجزاء الأعضاء. ثالثها: كما أنا نسوق الريح والسحاب إلى البلد الميت، كذلك نسوق الروح والحياة إلى البدن الميت».

الإعراب :

  • ﴿ وَاللهُ الَّذِي:
  • الواو استئنافية. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذين: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي. والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ الاول «الله».والجملة الفعلية بعده صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أَرْسَلَ الرِّياحَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي الله. الرياح: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَتُثِيرُ سَحاباً:
  • الفاء حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. تثير: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.سحابا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى تحرك السحاب بعد سكون.
  • ﴿ فَسُقْناهُ:
  • الفاء عاطفة. سقناه: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وجيء بالفعل «سقناه» والفعل «أحيينا به» معدولا بهما عن لفظ‍ الغيبة الى ما هو ادخل في الاختصاص وادل عليه وهو المتكلم
  • ﴿ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ:
  • جار ومجرور متعلق بسقناه. ميت: صفة لبلد مجرورة مثلها بالكسرة اي نتيجة الجدب بمعنى الى ارض ليس بها نبات.
  • ﴿ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ:
  • معطوفة بالفاء على «سقناه» وتعرب اعرابها. به:جار ومجرور متعلق بأحيينا. الأرض: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: ارضها. اي ارض البلد الميت.
  • ﴿ بَعْدَ مَوْتِها:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بأحيينا. موت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ كَذلِكَ النُّشُورُ:
  • الكاف: اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف للخطاب. والاشارة الى ما قبله بمعنى: مثل تلك الكيفية اي مثل احياء الموات نشور الاموات. النشور: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى:احياء الاموات. بمعنى: مثل احياء الارض بعد موتها احياء الاموات وبعثهم'

المتشابهات :

الروم: 48﴿ اللَّـهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ
فاطر: 9﴿وَ اللَّـهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     وبعد الإخبار عن جزاءِ الكافرينَ وجزاءِ المؤمنينَ؛ أقامَ اللهُ هنا الأدلَّةَ على البعثِ: الدليل الأول: إحياء الأرضِ بعد موتِها، قال تعالى :
﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ..

التفسير :

[10] من كان يطلب عزة في الدنيا أو الآخرة فليطلبها من الله، ولا تُنال إلا بطاعته، فلله العزة جميعاً، فمن اعتز بالمخلوق أذلَّه الله، ومن اعتز بالخالق أعزه الله، إليه سبحانه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه. والذين يكتسبون السيئات لهم عذاب شديد، ومكر أولئك يَهْ

أي:يا من يريد العزة، اطلبها ممن هي بيده، فإن العزة بيد اللّه، ولا تنال إلا بطاعته، وقد ذكرها بقوله:{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} من قراءة وتسبيح وتحميد وتهليل وكل كلام حسن طيب، فيرفع إلى اللّه ويعرض عليه ويثني اللّه على صاحبه بين الملأ الأعلى{ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} من أعمال القلوب وأعمال الجوارح{ يَرْفَعُهُ} اللّه تعالى إليه أيضا، كالكلم الطيب.

وقيل:والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون رفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة، فهي التي ترفع كلمه الطيب، فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يرفع له قول إلى اللّه تعالى، فهذه الأعمال التي ترفع إلى اللّه تعالى، ويرفع اللّه صاحبها ويعزه.

وأما السيئات فإنها بالعكس، يريد صاحبها الرفعة بها، ويمكر ويكيد ويعود ذلك عليه، ولا يزداد إلا إهانة ونزولا، ولهذا قال:{ والعمل الصالح يرفعه وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} يهانون فيه غاية الإهانة.{ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} أي:يهلك ويضمحل، ولا يفيدهم شيئا، لأنه مكر بالباطل، لأجل الباطل.

ثم بين- سبحانه- أن العزة الكاملة إنما هي لله- تعالى- وحده فقال: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً....

والمراد بالعزة: الشرف والمنعة والاستعلاء، من قولهم: أرض عزاز، أى: صلبة قوية.

ومَنْ شرطية، وجواب الشرط محذوف. وقوله: فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً تعليل للجواب المحذوف.

والمعنى من كان من الناس يريد العزة التي لا ذلة معها. فليطع الله وليعتمد عليه وحده فلله- تعالى- العزة كلها في الدنيا والآخرة، وليس لغيره منها شيء.

وفي هذا رد على المشركين وغيرهم ممن يطلبون العزة من الأصنام أو من غيرها من المخلوقات قال- تعالى-: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا. كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا .

وقال- سبحانه-: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً .

قال القرطبي ما ملخصه: يريد- سبحانه- في هذه الآية، أن ينبه ذوى الأقدار والهمم، من أين تنال العزة ومن أين تستحق، فمن طلب العزة من الله- تعالى- وجدها عنده، - إن شاء الله-، غير ممنوعة ولا محجوبة عنه.. ومن طلبها من غيره وكله إلى من طلبها عنده. وقال صلّى الله عليه وسلّم مفسرا لهذه الآية: «من أراد عز الدارين فليطع العزيز» ، ولقد أحسن القائل.

وإذا تذللت الرقاب تواضعا ...منا إليك فعزها في ذلها

فمن كان يريد العزة لينال الفوز الأكبر، فليعتز بالله- تعالى-، فإن من اعتز بغير الله، أذله الله، ومن اعتز به- سبحانه أعزه .

ولا تنافى بين هذه الآية وبين قوله- تعالى-: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ لأن العزة الكاملة لله- تعالى- وحده، أما عزة الرسول صلّى الله عليه وسلّم فمستمدة من قربه من الله- تعالى-، كما أن عزة المؤمنين مستمدة من إيمانهم بالله- تعالى- وبرسوله صلّى الله عليه وسلم.

والخلاصة أن هذه الآية الكريمة ترشد المؤمنين إلى الطريق الذي يوصلهم إلى السعادة الدنيوية والأخروية. ألا وهو طاعة الله- تعالى-، والاعتماد عليه والاعتزاز به.

وقوله- سبحانه-: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ حض للمؤمنين على النطق بالكلام الحسن، وعلى الإكثار من العمل الصالح.

ويَصْعَدُ من الصعود بمعنى الارتفاع إلى أعلى والعروج من مكان منخفض إلى مكان مرتفع. يقال صعد في السلم ويصعد صعودا إذا ارتقاه وارتفع فيه.

والْكَلِمُ اسم جنس جمعى واحده كلمة.

والمراد بالكلم الطيب: كل كلام يرضى الله- تعالى- من تسبيح وتحميد وتكبير. وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وغير ذلك من الأقوال الحسنة.

والمراد بصعوده: قبوله عند الله- تعالى- ورضاه عن صاحبه، أو صعود صحائف هذه الأقوال الطيبة.

والمعنى: إليه- تعالى- وحده، لا إلى غيره يصعد الكلم الطيب، أى: يقبل عنده، ويكون مرضيا لديه، أو إليه- وحده- ترفع صحائف أعمال عباده، الصادقين فيجازيهم بما يستحقون من ثواب، والعمل الصالح الصادر عن عباده المؤمنين يرفعه الله- تعالى- إليه، ويقبله منهم، ويكافئهم عليه.

فالفاعل لقوله يَرْفَعُهُ ضمير يعود على الله- تعالى-، والضمير المنصوب يعود إلى العمل الصالح أى: يرفع الله- تعالى- العمل الصالح إليه، ويقبله من أصحابه.

ومنهم من يرى أن الفاعل لقوله يَرْفَعُهُ هو العمل الصالح. والضمير المنصوب يعود إلى الكلم الطيب. أى: أن العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب. بأنه يجعله مقبولا عند الله- تعالى-.

ومنهم من يرى العكس. أى: أن الكلم الطيب هو الذي يرفع العمل الصالح.

قال الشوكانى ما ملخصه: ومعنى: وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب. كما قال الحسن وغيره. ووجهه أنه لا يقبل الكلم الطيب إلا من العمل الصالح وقيل: إن فاعل يَرْفَعُهُ هو الكلم الطيب، ومفعوله العمل الصالح. ووجهه أن العمل الصالح لا يقبل إلا مع التوحيد والإيمان وقيل: إن فاعل يَرْفَعُهُ ضمير يعود إلى الله- تعالى-.

والمعنى: أن الله- تعالى- يرفع العمل الصالح على الكلم الطيب، لأن العمل يحقق الكلام. وقيل: والعمل الصالح هو الذي يرفع صاحبه..

ويبدو لنا أن أرجح هذه الأقوال، أن يكون الفاعل لقوله يَرْفَعُهُ هو الله- تعالى-، وأن الضمير المنصوب عائد إلى العمل الصالح لأن الله- تعالى- هو الذي يقبل الأقوال الطيبة، وهو- سبحانه- الذي يرفع الأعمال الصالحة ويقبلها عنده من عباده المؤمنين.

ثم بين- تعالى- بعد ذلك سوء عاقبة الذين يمكرون السوء فقال: وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ، وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ.

والمكر: التدبير المحكم. أو صرف غيرك عما يريده بحيلة. وهو مذموم إن تحرى به صاحبه الشر والسوء- كما في الآية الكريمة، ومحمود إن تحرى به صاحبه الخير والنفع والسَّيِّئاتِ جمع سيئة وهي صفة لموصوف محذوف.

وقوله يَبُورُ أى: يبطل ويفسد، من البوار: يقال: بار المتاع بوارا إذا كسد وصار في حكم الهالك.

أى: والذين يمكرون المكرات السيئات من المشركين والمنافقين وأشباههم، لهم عذاب شديد من الله- تعالى-، ومكر أولئك الماكرين المفسدين، مصيره إلى الفساد والخسران، لأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

ويدخل في هذا المكر السيئ ما فعله المشركون مع الرسول صلّى الله عليه وسلّم في دار الندوة، حيث بيتوا قتله، ولكن الله- تعالى- نجاه من شرورهم، كما دخل فيه غير ذلك من أقوالهم القبيحة، وأفعالهم الذميمة، ونياتهم الخبيثة.

وقوله : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) أي : من كان يحب أن يكون عزيزا في الدنيا والآخرة ، فليلزم طاعة الله ، فإنه يحصل له مقصوده; لأن الله مالك الدنيا والآخرة ، وله العزة جميعها ، كما قال تعالى : ( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) [ النساء : 139 ] .

وقال تعالى : ( ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا ) [ يونس : 65 ] ، وقال : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) [ المنافقون : 8 ] .

قال مجاهد : ( من كان يريد العزة ) بعبادة الأوثان ، ( فإن العزة لله جميعا ) .

وقال قتادة : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) أي : فليتعزز بطاعة الله عز وجل .

وقيل : من كان يريد علم العزة ، لمن هي ، ( فإن العزة لله جميعا ) ، حكاه ابن جرير .

وقوله : ( إليه يصعد الكلم الطيب ) يعني : الذكر والتلاوة والدعاء . قاله غير واحد من السلف .

وقال ابن جرير : حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي ، أخبرني جعفر بن عون ، عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ، عن عبد الله بن المخارق ، عن أبيه المخارق بن سليم قال : قال لنا عبد الله - هو ابن مسعود - إذا حدثناكم حديثا أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله : إن العبد المسلم إذا قال : " سبحان الله وبحمده ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، تبارك الله " ، أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه ، ثم صعد بهن إلى السماء فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن ، حتى يجيء بهن وجه الرحمن عز وجل ، ثم قرأ عبد الله : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) .

وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أخبرنا سعيد الجريري ، عن عبد الله بن شقيق قال : قال كعب الأحبار : إن ل " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر " لدويا حول العرش كدوي النحل ، يذكرن بصاحبهن ، والعمل الصالح في الخزائن .

وهذا إسناد صحيح إلى كعب الأحبار ، رحمه الله ، وقد روي مرفوعا .

قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير ، حدثنا موسى - يعني ابن مسلم الطحان - عن عون بن عبد الله ، عن أبيه - أو : عن أخيه - عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الذين يذكرون من جلال الله ، من تسبيحه وتكبيره وتحميده وتهليله ، يتعاطفن حول العرش ، لهن دوي كدوي النحل ، يذكرون بصاحبهن ألا يحب أحدكم ألا يزال له عند الله شيء يذكر به ؟ " .

وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي بشر بكر بن خلف ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن موسى بن أبي [ عيسى ] الطحان ، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن أبيه - أو : عن أخيه - عن النعمان بن بشير ، به .

وقوله : ( والعمل الصالح يرفعه ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الكلم الطيب : ذكر الله ، يصعد به إلى الله ، عز وجل ، والعمل الصالح : أداء فرائضه . ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه ، رد كلامه على عمله ، فكان أولى به .

وكذا قال مجاهد : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب . وكذا قال أبو العالية ، وعكرمة ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، والسدي ، والربيع بن أنس ، وشهر بن حوشب ، وغير واحد [ من السلف ] .

وقال إياس بن معاوية القاضي : لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام .

وقال الحسن ، وقتادة : لا يقبل قول إلا بعمل .

وقوله : ( والذين يمكرون السيئات ) : قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وشهر بن حوشب : هم المراءون بأعمالهم ، يعني : يمكرون بالناس ، يوهمون أنهم في طاعة الله ، وهم بغضاء إلى الله عز وجل ، يراءون بأعمالهم ، ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) [ النساء : 142 ] .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم المشركون .

والصحيح أنها عامة ، والمشركون داخلون بطريق الأولى ، ولهذا قال : ( لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور ) ، أي : يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنهى ، فإنه ما أسر عبد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه ، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله رداءها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . فالمرائي لا يروج أمره ويستمر إلا على غبي ، أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم ، بل يكشف لهم عن قريب ، وعالم الغيب لا تخفى عليه خافية .

القول في تأويل قوله تعالى : مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)

اختلف أهل التأويل في معنى قوله ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ) فقال بعضهم: معنى ذلك: من كان يريد العزة بعبادة الآلهة والأوثان فإن العزة لله جميعًا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قول الله ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ ) يقول: من كان يريد العزة بعبادته &; 20-444 &; الآلهة فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا.

وقال آخرون: معنى ذلك من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ) يقول: فليتعزز بطاعة الله.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: من كان يريد علم العزة لمن هي، فإنها لله جميعًا كلها أي: كل وجه من العزة فلله.

والذي هو أولى الأقوال بالصواب عندي قول من قال: من كان يريد العزة فبالله فليتعزز، فلله العزة جميعًا، دون كل ما دونه من الآلهة والأوثان.

وإنما قلت: ذلك أولى بالصواب لأن الآيات التي قبل هذه الآية، جرت بتقريع الله المشركين على عبادتهم الأوثان، وتوبيخه إياهم، ووعيده لهم عليها، فأولى بهذه أيضًا أن تكون من جنس الحث على فراق ذلك، فكانت قصتها شبيهة بقصتها، وكانت في سياقها.

وقوله ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) يقول تعالى ذكره: إلى الله يصعد ذكر العبد إياه وثناؤه عليه (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) يقول: ويرفع ذكر العبد ربه إليه عمله الصالح، وهو العمل بطاعته، وأداء فرائضه والانتهاء إلى ما أمر به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: أخبرني جعفر بن عون عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن عبد الله بن المخارق عن أبيه المخارق بن سليم قال: قال لنا عبد الله: إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب الله، إن العبد المسلم إذا قال: سبحان الله وبحمده، الحمد لله لا إله إلا الله، والله أكبر، تبارك الله، أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحيه ثم صعد بهن إلى السماء، فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحيي بهن وجه الرحمن، ثم قرأ عبد الله ( وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ).

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلية، قال: أخبرنا سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق قال: قال كعب: إن لسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لدويًّا حول العرش كدوي النحل يذكرن بصاحبهن والعمل الصالح في الخزائن.

حدثني يونس، قال: ثنا سفيان عن ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب الأشعري قوله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) قال: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب.

حدثني علي، ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) قال: الكلام الطيب: ذكر الله، والعمل الصالح: أداء فرائضه، فمن ذكر الله سبحانه في أداء فرائضه حمل عليه ذكر الله فصعد به إلى الله، ومن ذكر الله، ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) قال: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) قال: قال الحسن وقتادة: لا يقبل الله قولا إلا بعمل، من قال وأحسن العمل قبل الله منه.

وقوله (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ) يقول تعالى ذكره: والذين يكسبون السيئات لهم عذاب جهنم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثني سعيد، عن قتادة قوله ( وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) قال: هؤلاء أهل الشرك.

وقوله (وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) يقول: وعمل هؤلاء المشركين يبور، فيبطل فيذهب؛ لأنه لم يكن لله، فلم ينفع عامله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) أى: يفسد.

حدثني يونس قال: أخبرنا سفيان عن ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب (وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) قال: هم أصحاب الرياء.

حدثني محمد بن عمارة قال: ثنا سهل بن أبي عامر قال: ثنا جعفر الأحمر عن شهر بن حوشب في قوله (وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) قال: هم أصحاب الرياء.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ) قال: بار فلم ينفعهم ولم ينتفعوا به، وضرهم.

التدبر :

وقفة
[10] ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾ فليطلبها من مصدرها، الذي ليس لها مصدر غيره، ليطلبها عند الله واجدها، فليس شيء منها عند أحد سواه.
وقفة
[10] ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ دليل على أن التماس العز لا يكون إلا بطاعة الله، وأن ملتمس العز بغيرها لا يزداد إلا ذلًّا.
وقفة
[10] ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ الآية تحتمل ثلاثة معان: أحدها -وهو الأظهر-: من كان يريد نيل العزة فليطلبها من عند الله؛ فإن العزة كلها لله، والثاني: من كان يريد العزة بمغالبة الإسلام؛ فللَّه العزة جميعًا، فالمغالب له مغلوب، والثالث: من كان يريد أن يعلم لمن العزة فليعلم أن العزة لله جميعًا.
عمل
[10] ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ يا من يريد العزة؛ اطلبها ممن هي بيده، فإن العزة بيد اللّه، ولا تنال إلا بطاعته.
وقفة
[10] ﴿مَن كانَ يُريدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَميعًا﴾ والمراد بالعزة: الشرف والمنعة والاستعلاء، من قولهم: أرض عزاز، أى: صلبة قوية
وقفة
[10] من أعزه الله لن يخفضه أحد، ومن اعتز بغير الله ذل ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾.
وقفة
[10] ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ من أطاع الله فقد والاه فيما أطاعه فيه، وله من العز بحسب طاعته، ومن عصاه فقد عاداه فيما عصاه فيه، وله من الذل بحسب معصيته.
وقفة
[10] ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ من أراد العزة فعليه بالكلم الطيب والعمل الصالح.
وقفة
[10] العزَّة لله لا تُنال إلا بطاعة الله ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
وقفة
[10] من أراد أن يعزه الله فعليه بوصية الله عز وجل: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
وقفة
[10] تحركات البشر كلها بحث عن العزة من بعضهم، ولكن تختلف أساليبهم ﴿من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾.
وقفة
[10] كلما زاد الإنسان طاعةً لله زاد عزَّة، وكلما زاد معصيةً زاد ذلة ﴿من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ من جمال الكلم الطيب وصعوده: أنه يقع في سمع الله قبل أذن السامع.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ لا أحد يعترضه أو يمنعه من كل أحد مهما كانت لغاتهم أو أحوالهم إليه بلا واسطة أو ترجمان.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ حتى ولو لم يُقدِّر الآخرون طيبة كلماتك وصدق عباراتك، يكفيك أنها تصعد لـِربك وتزف إلى سماواته العلا!
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ سوف تصعد كلماتك الطيبة وتخترق كل الحجب، ستصعد من الأقبية والزوايا وظلام الليل، ستحطم القيود، وتفل من الحجاب.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ كلماتك الطيبة تصعد لربك سبحانه، حتى ولو لم يقدرها الآخرون.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ القراءة، التسبيح، التحميد، وكل كلام طيب يرفع إلى اللّه ويعرض عليه ثم يثني اللّه على صاحبه بين الملأ الأعلى.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ فكما يصعد له الكلم المنطوق، يصعد له الكلم المكتوب، وهو أنفع وأدوم، رياض الصالحين نموذجًا.
عمل
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ الكلمة الطيبة لا تضيع، ولا تسقط في الأرض، بل تصعد إلى الله مباشرة؛ فكن طيبًا لا يقول إلا طيبًا.
عمل
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ لا تحزنْ إذا ارْتقيت بكلَامِك الحسَن مع النَّاس ولم تَجِد لها مكانًا في قلوبِ بَعضِهم، فيكفِيك أنَّها تصعدُ إلى الله.
عمل
[10]‏ ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ اختر من كلماتك وألفاظك أطيبها، فإن لم تجد لها في قلوب الآخرين مهبطًا؛ فيكفي أنها إلى ربك تصعد!
عمل
[10] لا تحزن إنْ لم يحتف أهل الأرض بأحرفك الجميلة، وكلماتك الصادقة، فهناك في السماء من يسمعها ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾.
وقفة
[10] لكل كلمة أذن، رب كلمة تلد ألف! ورب كلمة تغير مجرى حياة! ورب كلمة يصحبها الله بالتوفيق ما لم تتصور ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾.
عمل
[10] اطمئن؛ فالموعظه الحسنة والكلام الطيب يصعد الي الله ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾.
لمسة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ الضمير في قوله: ﴿يَرْفَعُهُ﴾ يحتمل عوده علي ﴿الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾؛ ومن لطائف ذلك: أن القول الطيب لا يرفع إلا بعمل يصدقه.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ ثبوت صفة العلو لله تعالى.
لمسة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ في الكلام الطيب قال (يصعد)، وفي العمل قال (يرفعه)، لأن العمل ثقيل.
عمل
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ لا تأسفنَّ على كلمةٍ طيبةٍ قلتها أو عملٍ صالحٍ فعلته؛ فيكفيك أنَّهُ لله يصعد.
وقفة
[10] ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ قال الحسن: «يُعْرض القول على الفعل، فان وافق القول الفعل قُبل، وإن خالف رُدَّ».
وقفة
[10] كل قول -ولو كان طيبًا- لا يصدقه عمل لا يرفع إلى الله، ولا يحظى بقبوله، ودليل ذلك: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ أي: العمل الصالح يرفع الكلم الطيب، وهذا يبين لك سرًّا من أسرار قبول الخلق لبعض الواعظين، وإعراضهم عن آخرين.
وقفة
[10] قال وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: «مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر»، وعنه قال: «العمل الصالح يبلغ الدعاء» ثم تلا هذه الآية: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
وقفة
[10] لا يزال عمل العبد يرتفع لربه حتى يرفع الله ذكره: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
وقفة
[10] قَرنَ الله ﷻ الإيمان بـ ﴿الْعَمَلُ الصَّالِحُ﴾ في أكثر من 200 آية في كتابه؛ لتعلم أن الإيمان بلا عمل كالشجر بلا ثمر.
وقفة
[10] ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا﴾ [الأحقاف: 19] حجمك عند الله بحجم عملك الصالح .
عمل
[10] أمط الأذى عن الطريق، أو ساعد محتاجًا بجهدك أو بمالك؛ ابتغاء وجه الله ﴿وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
تفاعل
[10] ﴿لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ مَنْ كانَ:
  • اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه-جزائه-في محل رفع خبر «من».كان:فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بمن. واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على «من».
  • ﴿ يُرِيدُ الْعِزَّةَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان».يريد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. العزة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: الشرف.
  • ﴿ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً:
  • الجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. العزة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. جميعا: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة او توكيد للعزة بمعنى كلها.
  • ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال. اليه:جار ومجرور متعلق بيصعد. يصعد: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكلم:فاعل مرفوع بالضمة. وهو جمع «كلمة».الطيب: صفة-نعت-للكلم مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ:
  • الواو استئنافية. والجملة الاسمية بعدها مستأنفة لا محل لها من الاعراب. العمل: مبتدأ مرفوع بالضمة. الصالح:صفة-نعت-للعمل مرفوعة مثلها بالضمة. يرفعه: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «يرفعه» في محل رفع خبر المبتدأ. واختلف المفسرون حول معنى هذا القول الكريم. فبعضهم قال: المعنى: الكلم الطيب: التوحيد او بمعنى لا إله الا الله، وقيل الرافع الكلم، والمرفوع العمل لانه لا يقبل الا من موحد. وقال بعضهم:العمل الصالح يرفع العمل الطيب. وقيل: الرافع هو الله تعالى والمرفوع العمل. ويجوز ان تكون الواو عاطفة و «العمل» فاعلا لفعل محذوف جوازا هو من جنس الفعل الموجود بعده. ويكون الفعل الموجود بعده مفسرا له.
  • ﴿ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يمكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. السيئات: صفة-نعت-للمصدر.بمعنى يمكرون المكرات السيئات او اصناف المكر السيئات لان الفعل «مكر» لازم غير متعد. فالكلمة منصوبة وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة لانها ملحقة بجمع المؤنث السالم. او تكون على معنى: يعملون. اي يعملون السيئات بمعنى: المنكرات
  • ﴿ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين».اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. شديد: صفة -نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ وَمَكْرُ أُولئِكَ:
  • الواو عاطفة. مكر: مبتدأ مرفوع بالضمة. اولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل جر بالاضافة والكاف للخطاب. والاشارة الى الذين مكروا تلك المكرات.
  • ﴿ هُوَ يَبُورُ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الاول «مكر».هو:ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ثان. يبور: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يبور» في محل رفع خبر «هو» ويجوز ان تكون «هو» ضمير فصل او عماد لا محل لها اي زائدة فتكون الجملة الفعلية «يبور» في محل رفع خبر المبتدأ مَكْرُ أُولئِكَ» والمعنى: لله مكر اولئك يفسد او يبطل. او مكر اولئك هو خاصة يكسد ويفسد دون مكر الله.'

المتشابهات :

فاطر: 10﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ
النساء: 139﴿أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَـ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا
يونس: 65﴿وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّـهِ جَمِيعًا ۚ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أن علاجَ خداع الشيطان وغروره للإنسان، يتمثل في اتخاذه عدوًّا؛ بَيَّنَ سبحانه هنا أن علاج الغرور بالدنيا، والافتنان بها يكمُن في الركون إلى الله، والاعتزاز بجنابه، قال تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) ولَمَّا بَيَّنَ ما يُحصِّلُ العِزَّةَ مِن الحِكمةِ؛ بَيَّنَ ما يَكسِبُ الذِّلَّةَ، ويُوجِبُ النِّقمةَ مِن رَديءِ الهِمَّةِ، قال تعالى: ( وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) ولَمَّا تَوعَّدهم اللهُ بالعذابِ الشَّديدِ على مَكرِهم؛ أنبَأَهم هنا أنَّ مَكرَهم لا يَرُوجُ، وأنَّ اللهَ سَيُبطِلُه، فلا يَنتفِعون منه في الدُّنيا، ويُضَرُّون بسَببِه في الآخرةِ، قال تعالى:
﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يصعد:
1- مبنيا للفاعل، من «صعد» ، و «الكلم» مرفوع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يصعد، من «أصعد» ، على البناء للمفعول، وهى قراءة على، وابن مسعود، والسلمى، وإبراهيم.
والعمل الصالح:
1- برفعهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بنصبهما، على الاشتغال، وهى قراءة عيسى، وابن أبى عبلة.

مدارسة الآية : [11] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ ..

التفسير :

[11] واللهُ خلق أباكم آدم من تراب، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم جعلكم رجالاً ونساءً. وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، وما يعمَّر من مُعَمَّر فيطول عمره، ولا يُنْقَص من عمره إلا في كتاب عنده، وهو اللوح المحفوظ، قبل أن تحمل به أمُّه وقبل أن تضعه.

يذكر تعالى خلقه الآدمي، وتنقله في هذه الأطوار، من تراب إلى نطفة وما بعدها.

{ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} أي:لم يزل ينقلكم، طورا بعد طور، حتى أوصلكم إلى أن كنتم أزواجا، ذكرا يتزوج أنثى، ويراد بالزواج، الذرية والأولاد، فهو وإن كان النكاح من الأسباب فيه، فإنه مقترن بقضاء اللّه وقدره، وعلمه،{ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} وكذلك أطوار الآدمي، كلها بعلمه وقضائه.

{ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} أي:عمر الذي كان معمرا عمرا طويلا{ إِلَّا} بعلمه تعالى، أو ما ينقص من عمر الإنسان الذي هو بصدد أن يصل إليه، لولا ما سلكه من أسباب قصر العمر، كالزنا، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، ونحو ذلك مما ذكر أنها من أسباب قصر العمر.

والمعنى:أن طول العمر وقصره، بسبب وبغير سبب كله بعلمه تعالى، وقد أثبت ذلك{ فِي كِتَابٍ} حوى ما يجري على العبد، في جميع أوقاته وأيام حياته.

{ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي:إحاطة علمه بتلك المعلومات الكثيرة، وإحاطة كتابه فيها، فهذه ثلاثة أدلة من أدلة البعث والنشور، كلها عقلية، نبه اللّه عليها في هذه الآيات:إحياء الأرض بعد موتها، وأن الذي أحياها سيحيي الموتى، وتنقل الآدمي في تلك الأطوار.

فالذي أوجده ونقله، طبقا بعد طبق، وحالا بعد حال، حتى بلغ ما قدر له، فهو على إعادته وإنشائه النشأة الأخرى أقدر، وهو أهون عليه، وإحاطة علمه بجميع أجزاء العالم، العلوي والسفلي، دقيقها وجليلها، الذي في القلوب، والأجنة التي في البطون، وزيادة الأعمار ونقصها، وإثبات ذلك كله في كتاب. فالذي كان هذا [نعته]يسيرا عليه، فإعادته للأموات أيسر وأيسر. فتبارك من كثر خيره، ونبه عباده على ما فيه صلاحهم، في معاشهم ومعادهم.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك دليلا آخر على صحة البعث والنشور، وعلى كمال قدرته- تعالى- فقال: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ أى: خلقكم ابتداء في ضمن خلق أبيكم آدم من تراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ وأصلها الماء الصافي أو الماء القليل الذي يبقى في الدلو أو القربة، وجمعها: نطف ونطاف. يقال: نطفت القربة إذا قطرت.

والمراد بها هنا: المنى الذي هو مادة التلقيح من الرجل للمرأة.

ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً أى: أصنافا ذكرانا وإناثا، كما قال- تعالى-: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً. أو المراد: ثم جعلكم تتزاوجون، فالرجل يتزوج المرأة، والمرأة تتزوج الرجل. وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ أى: لا يحصل من الأنثى حمل، كما لا يحصل منها وضع لما في بطنها، إلا والله- تعالى- عالم به علما تاما لأنه- سبحانه- لا يخفى عليه شيء.

وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ والمراد بالعمر الشخص الذي يطيل الله- تعالى- عمره.

والضمير في قوله مِنْ عُمُرِهِ يعود إلى شخص آخر، فيكون المعنى: ما يمد- سبحانه- في عمر أحد من الناس، ولا ينقص من عمر أحد آخر، إلا وكل ذلك كائن وثابت في كتاب عنده- تعالى- وهذا الكتاب هو اللوح المحفوظ، أو صحائف أعمال العباد أو علم الله الأزلى.

ومنهم من يرى أن الضمير في قوله مِنْ عُمُرِهِ يعود إلى الشخص ذاته وهو المعمر فيكون المعنى: وما يمد الله- تعالى- في عمر إنسان، ولا ينقص من عمره بمضى أيام حياته، إلا وكل ذلك ثابت في علمه- سبحانه-.

قال بعض العلماء: وقد أطال بعضهم الكلام في ذلك ومحصله: أنه اختلف في معنى مُعَمَّرٍ فقيل: هو المزاد عمره بدليل ما يقابله من قوله ولا ينقص، وقيل: المراد بقوله مُعَمَّرٍ من يجعل له عمر. وهل هو شخص واحد أو شخصان؟

فعلى رأى من قال بأن المعمر، هو من يجعل له عمر يكون شخصا واحدا بمعنى انه يكتب عمره مائة سنة- مثلا-، ثم يكتب تحته مضى يوم، مضى يومان، وهكذا فكتابة الأصل هي التعمير.. والكتابة بعد ذلك هو النقص كما قيل:

حياتك أنفاس تعدّ فكلما ... مضى نفس منها انتقصت به جزءا

والضمير حينئذ راجع إلى المذكور. والمعمر على هذا هو الذي جعل الله- تعالى- له عمرا طال هذا العمر أو قصر.

وعلى رأى من قال بأن المعمر هو من يزاد في عمره، يكون من ينقص في عمره غير الذي يزاد في عمره فهما شخصان. والضمير في «عمره» على هذا الرأى يعود إلى شخص آخر، إذ لا يكون المزيد في عمره منقوصا من عمره..».

وقد رجح ابن جرير- رحمه الله- الرأى الأول وهو أن الضمير في قوله مِنْ عُمُرِهِ يعود إلى شخص آخر- فقال: وأولى التأويلين في ذلك عندي بالصواب، التأويل الأول، وذلك أن ذلك هو أظهر معنييه، وأشبههما بظاهر التنزيل.

واسم الإشارة في قوله إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يعود إلى الخلق من تراب وما بعده.

أى: إن ذلك الذي ذكرناه لكم من خلقكم من تراب، ثم من نطفة.. يسيروهين على الله- تعالى- لأنه- سبحانه- لا يعجزه شيء على الإطلاق.

وقوله : ( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ) أي : ابتدأ خلق أبيكم آدم من تراب ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، ( ثم جعلكم أزواجا ) أي : ذكرا وأنثى ، لطفا منه ورحمة أن جعل لكم أزواجا من جنسكم ، لتسكنوا إليها .

وقوله : ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ) أي : هو عالم بذلك ، لا يخفى عليه من ذلك شيء ، بل ( ما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام : 59 ] . وقد تقدم الكلام على قوله تعالى : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام [ وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير ] المتعال ) [ الرعد : 8 ، 9 ] .

وقوله : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) أي : ما يعطى بعض النطف من العمر الطويل يعلمه ، وهو عنده في الكتاب الأول ، ( ولا ينقص من عمره ) الضمير عائد على الجنس ، لا على العين; لأن العين الطويل للعمر في الكتاب وفي علم الله لا ينقص من عمره ، وإنما عاد الضمير على الجنس .

قال ابن جرير : وهذا كقولهم : " عندي ثوب ونصفه " أي : ونصف آخر .

وروي من طريق العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) ، يقول : ليس أحد قضيت له طول عمر وحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد قضيت ذلك له ، فإنما ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت لا يزاد عليه ، وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ للعمر ، ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتبت له ، فذلك قوله : ( ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ) ، يقول : كل ذلك في كتاب عنده .

وهكذا قال الضحاك بن مزاحم .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه : ( ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) قال : ما لفظت الأرحام من الأولاد من غير تمام .

وقال عبد الرحمن في تفسيرها : ألا ترى الناس ، يعيش الإنسان مائة سنة ، وآخر يموت حين يولد فهذا هذا .

وقال قتادة : والذي ينقص من عمره : فالذي يموت قبل ستين سنة .

وقال مجاهد : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) أي : في بطن أمه يكتب له ذلك ، لم يخلق الخلق على عمر واحد ، بل لهذا عمر ، ولهذا عمر هو أنقص من عمره ، وكل ذلك مكتوب لصاحبه ، بالغ ما بلغ .

وقال بعضهم : بل معناه : ( وما يعمر من معمر ) أي : ما يكتب من الأجل ( ولا ينقص من عمره ) ، وهو ذهابه قليلا قليلا الجميع معلوم عند الله سنة بعد سنة ، وشهرا بعد شهر ، وجمعة بعد جمعة ، ويوما بعد يوم ، وساعة بعد ساعة ، الجميع مكتوب عند الله في كتاب .

نقله ابن جرير عن أبي مالك ، وإليه ذهب السدي ، وعطاء الخراساني . واختار ابن جرير [ القول ] الأول ، وهو كما قال .

وقال النسائي عند تفسير هذه الآية الكريمة : حدثنا أحمد بن يحيى بن أبي زيد بن سليمان ، سمعت ابن وهب يقول : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سره أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أجله فليصل رحمه " .

وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود ، من حديث يونس بن يزيد الأيلي ، به .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله أبو مسرح ، حدثنا عثمان بن عطاء ، عن مسلمة بن عبد الله ، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : ذكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها ، وإنما زيادة العمر بالذرية الصالحة يرزقها العبد ، فيدعون له من بعده ، فيلحقه دعاؤهم في قبره ، فذلك زيادة العمر " .

وقوله : ( إن ذلك على الله يسير ) أي : سهل عليه ، يسير لديه علمه بذلك وبتفصيله في جميع مخلوقاته ، فإن علمه شامل لجميع ذلك لا يخفى منه عليه شيء .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)

يقول تعالى ذكره: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ) أيها الناس (مِنْ تُرَابٍ) يعني بذلك أنه خلق أباهم آدم من تراب؛ فجعل خلق أبيهم منه لهم خلقًا(ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) يقول: ثم خلقكم من نطفة الرجل والمرأة (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا) يعني أنه زوج منهم الأنثى من الذكر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ) يعني آدم (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) يعني ذريته (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا) فزوج بعضكم بعضًا.

وقوله ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ ) يقول تعالى ذكره: وما تحمل من أنثى منكم أيها الناس من حمل ولا نطفة إلا وهو عالم بحملها إياه ووضعها وما هو؟ ذكر أو أنثى؟ لا يخفى عليه شيء من ذلك.

وقوله ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم: معناه: وما يعمر من معمر فيطول عمره، ولا ينقص من عمر آخر غيره عن عمر هذا الذي عمر عمرًا طويلا(إِلا فِي كِتَابٍ) عنده مكتوب قبل أن تحمل به أمه، وقبل أن تضعه، قد أحصى ذلك كله وعلمه قبل أن يخلقه، لا يزاد فيما كتب له ولا ينقص.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ...) إلى (يَسِير) يقول: ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر، وقد قضيت ذلك له، وإنما ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه، وليس أحد قضيت له أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر، ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه فذلك قوله ( وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ ) يقول: كل ذلك في كتاب عنده.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: من قضيت له أن يعمر حتى يدركه الكبر، أو يعمر أنقص من ذلك، فكل بالغ أجله الذي قد قضى له، كل ذلك في كتاب.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ ) قال: ألا ترى الناس؛ الإنسان يعيش مائة سنة، وآخر يموت حين يولد؟ فهذا هذا، فالهاء التي في قوله (ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمْرِهِ) على هذا التأويل، وإن كانت في الظاهر أنها كناية عن اسم المعمر الأول، فهي كناية اسم آخر غيره، وإنما حسن ذلك لأن صاحبها لو أظهر لظهر بلفظ الأول، وذلك كقولهم: عندي ثوب ونصفه، والمعنى: ونصف الآخر.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما يعمر من معمَّر ولا ينقص من عمره بفناء ما فني من أيام حياته، فذلك هو نقصان عمره، والهاء على هذا التأويل للمعمر الأول، لأن معنى الكلام: ما يطول عمر أحد، ولا يذهب من عمره شيء، فيُنقَص إلا وهو في كتاب عند الله مكتوب، قد أحصاه وعلمه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني أَبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس قال: ثنا عبثر قال: ثنا حصين عن أَبي مالك في هذه الآية ( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ ) قال: ما يقضي من أيامه التي عددت له إلا في كتاب.

وأولى التأويلين في ذلك عندي الصواب التأويل الأول، وذلك أن ذلك &; 20-449 &; هو أظهر معنييه، وأشبههما بظاهر التنـزيل.

وقوله (إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) يقول تعالى ذكره: إن إحصاء أعمار خلقه عليه يسير سهل، طويل ذلك وقصيره، لا يتعذر عليه شيء منه.

التدبر :

وقفة
[11] ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾ قال الزمخشري: «یعلم عدد أيام الحمل وساعاته، ويعلم أحواله من الخداج (النقصان) والتمام، والذكورة والأنوثة، والحسن والقبح، وغير ذلك».
وقفة
[11] تأمل هذه الآية: ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾، قف قليلًا، وتفكر! كم في هذه اللحظة من أنثى آدمية وغير آدمية؟ وكم من أنثى تزحف، وأخرى تمشي، وثالثة تطير، ورابعة تسبح! هي في هذه اللحظة تحمل أو تضع حملها؟ إنها بالمليارات! وكل ذلك لا يخفى على الله تعالى! فما أعظمه من درس في تربية القلب بهذه الصفة العظيمة: صفة العلم!
وقفة
[11] ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ﴾ ماذا الذي يزيد في العمر؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يُعَمِّرْنَ الدِّيَارَ وَيَزِدْنَ فِي الأَعْمَارِ» [أحمد 6/159، وصححه الألباني].
وقفة
[11] ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمّر﴾ زار أحدهم قريبًا له تجاوز الـ ٩٠ سنة، وسأل له طول العمر، فنظر إليه نظرة عتاب وقال: «سل الله لي حسن الخاتمة، ذهب الهناء، وجاء العناء، رحل الأصدقاء، وجاء الغرباء، كثر المال، وقلَّ الانتفاع، ضعف الجهد، وكثرت الحاجة إلى المساعد، أعيش غريب: الوجه، واليد، واللسان».
وقفة
[11] عن کعب أنه قال حين طعن عمر رضي الله عنه: «لو أن عمر دعا الله لأخر في أجله»، فقيل لكعب: «أليس قد قال الله: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34]»، قال: «فقد قال الله: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ﴾».
وقفة
‌‏[11] ﴿مِن مُّعَمَّرٍ﴾ أي من أحدٍ، وسمَّاه مُعَمَّرًا بما يصَيرُ إليه.
وقفة
[11] ﴿وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ ما الذي ينقص من العمر؟! قال السعدي: «من أسباب قصر العمر: الزنا وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، ونحو ذلك».

الإعراب :

  • ﴿ وَاللهُ خَلَقَكُمْ:
  • الواو استئنافية. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خلقكم: فعل ماض مبني على الفتح والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة «خلقكم» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ مِنْ تُرابٍ:
  • الجار والمجرور في محل نصب تمييز لانه بيان لضمير المخاطبين «كم» في «خلقكم».
  • ﴿ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ:
  • ثم: حرف عطف يدل على التراخي. من نطفة: معطوفة على مِنْ تُرابٍ» وتعرب اعرابها. جعلكم: معطوفة على «خلقكم» بحرف العطف «ثم» وتعرب مثلها.
  • ﴿ أَزْواجاً:
  • مفعول به ثان لجعل منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لان المعنى:صيركم ازواجا. والمعنى: الله خلقكم اي خلق اصلكم وهو آدم اي خلقكم بخلق آدم من تراب مباشرة ثم من الماء القليل والمراد به هنا ماء الرجل ثم صيركم ازواجا اي ذكرا وانثى او اصنافا من الذكران والاناث اي زوج بعضكم بعضا.
  • ﴿ وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. تحمل:فعل مضارع مرفوع بالضمة. من: حرف جر زائد. انثى: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه فاعل وعلامة الرفع او الكسر مقدرة على الالف للتعذر وحذفت الصلة. اي وما تحمل انثى في بطنها.
  • ﴿ وَلا تَضَعُ إِلاّ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. تضع: معطوفة على «تحمل» وتعرب اعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.اي ولا تلد انثى ما تحمله من جنين في بطنها وحذف المفعول والصلة لانه معلوم من سياق القول. الا: اداة حصر لا عمل لها.
  • ﴿ بِعِلْمِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير: الا معلومة له او الا مقرونا بعلمه او الا عالما به والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ:
  • معطوفة بالواو على ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى» وتعرب اعرابها. والفعل مبني للمجهول. و «معمر» اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه نائب فاعل. بمعنى: وما يمد في عمر احد. او وما يعمر من احد وانما سماه معمرا بما هو سائر اليه. او بتأويل: ولا يطول عمر انسان.
  • ﴿ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ:
  • معطوفة بالواو على ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ» وتعرب اعرابها. و «لا» زائدة لتأكيد النفي اي ولا يقصر او بمعنى: وما تقبض من روحه قبل الوقت المقرر والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والفعل مبني للمعلوم مرفوع بالضمة. و «عمره»: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل.
  • ﴿ إِلاّ فِي كِتابٍ:
  • الا: اداة حصر لا عمل لها. في كتاب: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير: الا هو مقدر في كتاب اي في لوح محفوظ‍.ويجوز ان تكون «الا» اداة استثناء والمستثنى محذوفا دل عليه المعنى. بتقدير: الا تعميرا او نقصا مقررا في كتاب.
  • ﴿ إِنَّ ذلِكَ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» واللام للبعد والكاف حرف خطاب.بمعنى: ان علم ذلك المذكور كله.
  • ﴿ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ:
  • جار ومجرور متعلق بالخبر. يسير: خبر «ان» مرفوع بالضمة بمعنى: سهل او قليل او هين.'

المتشابهات :

النحل: 70﴿ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ
فاطر: 11﴿ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا
الصافات: 96﴿ وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     الدليل الثاني: خلق الإنسانِ ومروره في أطوارٍ مختلفةٍ، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولا ينقص:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للفاعل، وهى قراءة يعقوب، وسلام، وعبد الوارث، وهارون، وكلاهما عن أبى عمرو.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف