ترتيب المصحف | 21 | ترتيب النزول | 73 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 10.00 |
عدد الآيات | 112 | عدد الأجزاء | 0.50 |
عدد الأحزاب | 1.00 | عدد الأرباع | 4.00 |
ترتيب الطول | 22 | تبدأ في الجزء | 17 |
تنتهي في الجزء | 17 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
الجمل الخبرية: 4/21 | _ |
إبراهيمُ عليه السلام يحطِّمُ الأصنامَ إلا كبيرَهم، فقالُوا: مَنْ فَعَلَ هذا؟ فأجابَهم بأنَّ الفاعلَ هو كبيرُهم فاسألوه، فألزمَهم بحجَّتِه، وأقرُّوا بأنَّهم هم الظَّالمُونَ بعبادةِ من لا ينطقُ بكلمةٍ.
قريبًا إن شاء الله
إبراهيمُ عليه السلام يعيبُ على قومِه عبادةَ ما لا ينفعُهم ولا يضرُهم، فأرادُوا حرقَهُ بالنَّارِ، ولكن اللهَ جعلَ النَّارَ بردًا وسلامًا عليه، ونجَّاه ولوطًا ابنَ أخيهِ، ووهبَ له إسحاقَ ويعقوبَ، =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
فلما تولوا مدبرين، ذهب إليها بخفية{ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ْ} أي كسرا وقطعا، وكانت مجموعة في بيت واحد، فكسرها كلها،{ إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ ْ} أي إلا صنمهم الكبير، فإنه تركه لمقصد سيبينه، وتأمل هذا الاحتراز العجيب، فإن كل ممقوت عند الله، لا يطلق عليه ألفاظ التعظيم، إلا على وجه إضافته لأصحابه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كتب إلى ملوك الأرض المشركين يقول:"إلى عظيم الفرس ""إلى عظيم الروم "ونحو ذلك، ولم يقل "إلى العظيم "وهنا قال تعالى:{ إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ ْ} ولم يقل "كبيرا من أصنامهم "فهذا ينبغي التنبيه له، والاحتراز من تعظيم ما حقره الله، إلا إذا أضيف إلى من عظمه.
وقوله:{ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ْ} أي ترك إبراهيم تكسير صنمهم هذا لأجل أن يرجعوا إليه، ويستملوا حجته، ويلتفتوا إليها، ولا يعرضوا عنها ولهذا قال في آخرها:{ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ ْ}
وقد نفذ إبراهيم ما توعد به الأصنام، فقد انتهز فرصة ذهاب قومه بعيدا عنها فحطمها، قال تعالى- فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ.
والفاء في قوله: «فجعلهم» فصيحة. والجذاذ القطع الصغيرة جمع جذاذة من الجذ بمعنى القطع والكسر.
أى: فولوا مدبرين عن الأصنام فجعلها بفأسه قطعا صغيرة، بأن حطمها عن آخرها- سوى الصنم الأكبر لم يحطمه بل تركه من غير تكسير. لعلهم إليه يرجعون فيسألونه كيف وقعت هذه الواقعة وهو حاضر، ولم يستطع الدفاع عن إخوته الصغار؟!!.
ولعل إبراهيم- عليه السلام- قد فعل ذلك ليقيم لهم أوضح الأدلة على أن هذه الأصنام لا تصلح أن تكون آلهة، لأنها لم تستطع الدفاع عن نفسها، وليحملهم على التفكير في أن الذي يجب أن يكون معبودا، إنما هو الله الخالق لكل شيء، والقادر على كل شيء.
قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ لبيان وجه الكسر واستبقاء الكبير، وضمير «إليه» عائد إلى إبراهيم، أى: لعلهم يرجعون إلى إبراهيم، فيحاجهم ويبكتهم.
وعن الكلبي: أن الضمير للكبير، أى: لعلهم يرجعون إلى الكبير، كما يرجع إلى العالم في حل المشكلات فيقولون له: ما لهؤلاء مكسورة، وما لك صحيحا، والفأس في عنقك أو في يدك؟ وحينئذ يتبين لهم أنه عاجز لا ينفع ولا يضر، ويظهر أنهم في عبادته على جهل عظيم.. .
وعاد القوم إلى أصنامهم بعد تركهم إياها لفترة من الوقت، فوجدوها قد تحطمت إلا ذلك الكبير، فأصابهم ما أصابهم من الذهول والعجب، ويصور القرآن الكريم ذلك فيقول:
وقوله : ( فجعلهم جذاذا ) أي : حطاما كسرها كلها ( إلا كبيرا لهم ) يعني : إلا الصنم الكبير عندهم كما قال : ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) [ الصافات : 93 ] .
وقوله : ( لعلهم إليه يرجعون ) ذكروا أنه وضع القدوم في يد كبيرهم ، لعلهم يعتقدون أنه هو الذي غار لنفسه ، وأنف أن تعبد معه هذه الأصنام الصغار ، فكسرها .
وقوله ( فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَهُمْ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي ( فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ) (1) بمعنى جمع جذيذ، كأنهم أرادوا به جمع جذيذ وجذاذ، كما يجمع الخفيف خفاف، والكريم كرام.
وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب قراءة من قرأه (جُذَاذا) بضمّ الجيم، لإجماع قرّاء الأمصار عليه، وأن ما أجمعت عليه فهو الصواب، وهو إذا قرئ كذلك مصدر مثل الرُّفات، والفُتات، والدُّقاق لا واحد له، وأما من كسر الجيم فإنه جمع للجذيذ، والجذيذ: هو فعيل صُرِف من مجذوذ إليه، مثل كسير وهشيم، والمجذوذة: المكسورة قِطَعا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ) يقول: حُطاما.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (جُذَاذًا) كالصَّريم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا ) : أي قطعا.
وكان سبب فعل إبراهيم صلوات الله عليه بآلهة قومه ذلك، كما حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط عن السديّ أن إبراهيم قال له أبوه: يا إبراهيم إن لنا عيدا لو قد خرجت معنا إليه قد أعجبك ديننا، فلما كان يوم العيد، فخرجوا إليه، خرج معهم إبراهيم، فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه وقال: إني سقيم، يقول: أشتكي رجلي فتواطئوا رجليه وهو صريع؛ فلما مضوا نادى في آخرهم، وقد بقي ضَعْفَى الناس ( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ) فسمعوها منه، ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة، فإذا هنّ في بهو عظيم، مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى بعض، كل صنم يليه أصغر منه، حتى بلغوا باب البهو، وإذا هم قد جعلوا طعاما، فوضعوه بين أيدي الآلهة، قالوا: إذا كان حين نرجع رجعنا، وقد باركت الآلهة في طعامنا فأكلنا، فلما نظر إليهم إبراهيم، وإلى ما بين أيديهم من الطعام قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ فلما لم تجبه، قال مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فأخذ فأس حديد، فنقر كلّ صنم في حافتيه، ثم علَّق الفأس في عنق الصنم الأكبر، ثم خرج، فلما جاء القوم إلى طعامهم نظروا إلى آلهتهم قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ .
وقوله ( إِلا كَبِيرًا لَهُمْ ) يقول: إلا عظيما للآلهة، فإن إبراهيم لم يكسره، ولكنه فيما ذكر علق الفأس في عنقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( إِلا كَبِيرًا لَهُمْ ) قال: قال ابن عباس، إلا عظيما لهم عظيم آلهتهم، قال ابن جُرَيْج، وقال مجاهد: وجعل إبراهيم الفأس التي أهلك بها أصنامهم مُسْندة إلى صدر كبيرهم الذي تَرَك.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: جعل إبراهيم الفأس التي أهلك بها أصنامهم مسندة إلى صدر كبيرهم الذي ترك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أقبل عليهنّ كما قال الله تبارك وتعالى ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ثم جعل يكسرهنّ بفأس في يده، حتى إذا بقي أعظم صنم منها ربط الفأس بيده، ثم تركهنّ، فلما رجع قومه، رأوا ما صنع بأصنامهم، فراعهم ذلك وأعظموه وقالوا: من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين، وقوله ( لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) يقول: فعل ذلك إبراهيم بآلهتهم ليعتبروا ويعلموا أنها إذا لم تدفع عن نفسها ما فعل بها إبراهيم، فهي من أن تدفع عن غيرها من أرادها بسوء أبعد، فيرجعوا عما هم عليه مقيمون من عبادتها إلى ما هو عليه من دينه وتوحيد الله، والبراءة من الأوثان.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ) قال: كادهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون.
------------------------
الهوامش :
(1) في العبارة هنا قصور ، ولعل بها سقطا ، وسيوضحها المؤلف في كلامه الآتي بعدها . والحاصل أن قراءة عامة القراء " جذاذا " بضم الجيم ، قيل هو مفرد كحطام ، وقيل من الجمع العزيز . وقرأ ابن وثاب وجماعة بالكسر ، وهو جذيذ ، ونظيره كريم وكرام .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
جذاذا:
1- بضم الجيم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الكسائي، وابن محيصن، وابن مقسم، وأبى حيوة، وحميد، والأعمش، فى رواية.
3- بفتحها، وهى قراءة ابن عباس، وأبى نهيك، وأبى السمال.
وهى لغات، وأجودها الضم.
التفسير :
فحين رأوا ما حل بأصنامهم من الإهانة والخزي{ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ْ} فرموا إبراهيم بالظلم الذي هم أولى به حيث كسرها ولم يدروا أن تكسيره لها من أفضل مناقبه ومن عدله وتوحيده، وإنما الظالم من اتخذها آلهة، وقد رأى ما يفعل بها
أى: وحين رجع القوم من عيدهم ورأوا ما حل بأصنامهم «قالوا» على سبيل التفجع والإنكار: «من فعل هذا» الفعل الشنيع «بآلهتنا» التي نعظمها «إنه» أى هذا الفاعل «لمن الظالمين» لهذه الآلهة. لإقدامه على إهانتها وهي الجديرة بالتعظيم- في زعمهم-، ولمن الظالمين لنفسه حيث سيعرضها للعقوبة منا.
( قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ) أي : حين رجعوا وشاهدوا ما فعله الخليل بأصنامهم من الإهانة والإذلال الدال على عدم إلهيتها ، وعلى سخافة عقول عابديها ( قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ) أي : في صنيعه هذا .
يقول تعالى ذكره: قال قوم إبراهيم لما رأوا آلهتهم قد جذّت، إلا الذي ربط به الفأسَ إبراهيم: من فعل هذا بآلهتنا؟ إن الذي فعل هذا بآلهتنا لمن الظالمين! أي لمن الفاعلين بها ما لم يكن له فعله
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ْ} أي:يعيبهم ويذمهم، ومن هذا شأنه لا بد أن يكون هو الذي كسرها أو أن بعضهم سمعه يذكر أنه سيكيدها{ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ْ}
قالُوا أى: بعضهم وهم الذين سمعوا من إبراهيم قوله: «وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين» . سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ والمراد بالذكر هنا: الذكر بالسوء والذم.
أى: سمعنا فتى يذكرهم بالنقص والذم والتهديد بالكيد، وهذا الفتى يقال له إبراهيم، ولعله هو الذي فعل بهم ما فعل.
( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ) أي : قال من سمعه يحلف أنه ليكيدنهم : ( سمعنا فتى ) أي : شابا ( يذكرهم يقال له إبراهيم )
قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن قابوس [ عن أبيه ] ، عن ابن عباس قال : ما بعث الله نبيا إلا شابا ، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب ، وتلا هذه الآية : ( قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ) .
( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) يقول: قال الذين سمعوه يقول وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ سمعنا فتى يذكرهم بعيب يقال له إبراهيم.
كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ ) قال ابن جُرَيج: يذكرهم يعيبهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قوله ( سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) سمعناه يسبها ويعيبها ويستهزئ بها، لم نسمع أحدا يقول ذلك غيره، وهو الذي نظن صنع هذا بها.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فلما تحققوا أنه إبراهيم{ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ ْ} أي:بإبراهيم{ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ ْ} أي بمرأى منهم ومسمع{ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ْ} أي:يحضرون ما يصنع بمن كسر آلهتهم، وهذا الذي أراد إبراهيم وقصد أن يكون بيان الحق بمشهد من الناس ليشاهدوا الحق وتقوم عليهم الحجة، كما قال موسى حين واعد فرعون:{ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ْ}
وهنا تشاوروا فيما بينهم وقالوا. إذا كان الأمر كذلك: فَأْتُوا بِهِ وأحضروه عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ أى: أمام أعينهم ليتمكنوا من رؤيته على أتم وجه لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ مساءلتنا له، ومواجهتنا إياه بالعقوبة التي يستحقها على فعله هذا، أو يشهدون عليه بأنه هو الذي حطم الأصنام.
قال ابن كثير: وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم، أن يتبين في هذا المحفل العظيم، كثرة جهلهم، وقلة عقلهم، في عبادة هذه الأصنام، التي لا تدفع عن نفسها ضرا، ولا تملك لها نصرا..» .
وقوله : ( قالوا فأتوا به على أعين الناس ) أي : على رءوس الأشهاد في الملإ الأكبر بحضرة الناس كلهم ، وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم أن يتبين في هذا المحفل العظيم كثرة جهلهم وقلة عقلهم في عبادة هذه الأصنام التي لا تدفع عن نفسها ضرا ، ولا تملك لها نصرا ، فكيف يطلب منها شيء من ذلك؟ .
وقوله ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) يقول تعالى ذكره : قال قوم إبراهيم بعضهم لبعض: فأتوا بالذي فعل هذا بآلهتنا الذي سمعتموه يذكرها بعيب ويسبها ويذمها على أعين الناس؛ فقيل: معنى ذلك: على رءوس الناس. وقال بعضهم: معناه: بأعين الناس ومرأى منهم، وقالوا: إنما أريد بذلك أظهروا الذي فعل ذلك للناس كما تقول العرب إذا ظهر الأمر وشهر: كان ذلك على أعين الناس، يراد به كان بأيدي الناس.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) فقال بعضهم : معناه : لعلّ الناس يشهدون عليه، أنه الذي فعل ذلك، فتكون شهادتهم عليه حجة لنا عليه، وقالوا إنما فعلوا ذلك لأنهم كرهوا أن يأخذوه بغير بينة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) عليه أنه فعل ذلك.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) قال: كرهوا أن يأخذوه بغير بيِّنة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لعلهم يشهدون ما يعاقبونه به، فيعاينونه ويرونه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: بلغ ما فعل إبراهيم بآلهة قومه نمرود، وأشراف قومه، فقالوا: ( فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ) : أي ما يُصْنع به، وأظهر معنى ذلك أنهم قالوا: فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون عقوبتنا إياه، لأنه لو أريد بذلك ليشهدوا عليه بفعله كان يقال: انظروا من شهده يفعل ذلك، ولم يقل: أحضروه بمجمع من الناس.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فحين حضر الناس وأحضر إبراهيم قالوا له:{ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا ْ} أي:التكسير{ بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ْ} ؟ وهذا استفهام تقرير، أي:فما الذي جرأك، وما الذي أوجب لك الإقدام على هذا الأمر؟.
وجاءوا بإبراهيم- عليه السلام- وقالوا له على سبيل الاستنكار والتهديد: «أأنت فعلت هذا» التكسير والتحطيم «بآلهتنا» التي نعبدها «يا إبراهيم» ؟
قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا " يعني الذي تركه لم يكسره.
يقول تعالى ذكره: فأتوا بإبراهيم، فلما أتوا به قالوا له: أأنت فعلت هذا بآلهتنا من الكسر بها يا إبراهيم؟ فأجابهم إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا وعظيمهم، فاسألوا الآلهة من فعل بها ذلك وكسرها إن كانت تنطق، أو تعبر عن نفسها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فقال إبراهيم والناس شاهدون:{ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ْ} أي:كسرها غضبا عليها، لما عبدت معه، وأراد أن تكون العبادة منكم لصنمكم الكبير وحده، وهذا الكلام من إبراهيم، المقصد منه إلزام الخصم وإقامة الحجة عليه، ولهذا قال:{ فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ ْ} وأراد الأصنام المكسرة اسألوها لم كسرت؟ والصنم الذي لم يكسر، اسألوه لأي شيء كسرها، إن كان عندهم نطق، فسيجيبونكم إلى ذلك، وأنا وأنتم، وكل أحد يدري أنها لا تنطق ولا تتكلم، ولا تنفع ولا تضر، بل ولا تنصر نفسها ممن يريدها بأذى.
وهنا يرد عليهم إبراهيم- عليه السلام- بتهكم ظاهر، واستهزاء واضح فيقول: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا يعنى الذي تركه بدون تحطيم، فإن كنتم لم تصدقوا قولي فَسْئَلُوهُمْ عمن فعل بهم ذلك إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ أى: إن كانوا ممن يتمكن من النطق أجابوكم وأخبروكم عمن فعل بهم ما فعل.
فأنت ترى أن إبراهيم- عليه السلام- لم يقصد بقوله هذا الإخبار بأن كبير الأصنام هو الذي حطمها، أو سؤالهم للأصنام عمن حطمها، وإنما الذي يقصده هو الاستهزاء بهم، والسخرية بأفكارهم، فكأنه يقول لهم: إن هذه التماثيل التي تعبدونها من دون الله. لا تدرى إن كنت أنا الذي حطمتها أم هذا الصنم الكبير، وأنتم تعرفون أنى قد بقيت قريبا منها بعد أن وليتم عنها مدبرين، وإذا كان الأمر كذلك فانظروا من الذي حطمها إن كانت لكم عقول تعقل؟
قال صاحب الكشاف: هذا- أى قول إبراهيم لهم: بل فعله كبيرهم هذا- من معاريض الكلام، ولطائف هذا النوع لا يتغلغل فيها إلا أذهان الخاصة من علماء المعاني.
والقول فيه أن قصد إبراهيم- عليه السلام- لم يكن إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم، وإنما قصد تقريره لنفسه، وإثباته لها على أسلوب تعريضي، يبلغ فيه غرضه من إلزامهم الحجة وتبكيتهم.
وهذا كما لو قال لك صاحبك، وقد كتبت كتابا بخط رشيق- وأنت شهير بحسن الخط-: أأنت كتبت هذا؟ وصاحبك أمى لا يحسن الخط، ولا يقدر إلا على خربشة فاسدة- أى كتابة رديئة- فقلت له: بل كتبته أنت، كان قصدك بهذا الجواب، تقرير أن هذه الكتابة لك. مع الاستهزاء به.. «1» .
وهذا التفسير للآية الكريمة من أن إبراهيم- عليه السلام- قد قال لقومه ما قال على سبيل الاستهزاء بهم، هو الذي تطمئن إليه قلوبنا، وقد تركنا أقوالا أخرى للمفسرين في معنى الآية، نظرا لضعف هذه الأقوال بالنسبة لهذا القول.
( فاسألوهم إن كانوا ينطقون ) وإنما أراد بهذا أن يبادروا من تلقاء أنفسهم ، فيعترفوا أنهم لا ينطقون ، فإن هذا لا يصدر عن هذا الصنم ، لأنه جماد .
وفي الصحيحين من حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم ، عليه السلام ، لم يكذب غير ثلاث : ثنتين في ذات الله ، قوله : ( بل فعله كبيرهم هذا ) وقوله ( إني سقيم ) قال : " وبينا هو يسير في أرض جبار من الجبابرة ومعه سارة ، إذ نزل منزلا فأتى الجبار رجل ، فقال : إنه قد نزل بأرضك رجل معه امرأة أحسن الناس ، فأرسل إليه فجاء ، فقال : ما هذه المرأة منك؟ قال : هي أختي . قال : فاذهب فأرسل بها إلي ، فانطلق إلى سارة فقال : إن هذا الجبار سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني عنده ، فإنك أختي في كتاب الله ، وأنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرك ، فانطلق بها إبراهيم ثم قام يصلي . فلما أن دخلت عليه فرآها أهوى إليها ، فتناولها ، فأخذ أخذا شديدا ، فقال : ادعي الله لي ولا أضرك ، فدعت له فأرسل ، فأهوى إليها ، فتناولها فأخذ بمثلها أو أشد . ففعل ذلك الثالثة فأخذ ، [ فذكر ] مثل المرتين الأوليين فقال ادعي الله فلا أضرك . فدعت ، له فأرسل ، ثم دعا أدنى حجابه ، فقال : إنك لم تأتني بإنسان ، وإنما أتيتني بشيطان ، أخرجها وأعطها هاجر ، فأخرجت وأعطيت هاجر ، فأقبلت ، فلما أحس إبراهيم بمجيئها انفتل من صلاته ، قال : مهيم؟ قالت : كفى الله كيد الكافر الفاجر ، وأخدمني هاجر " قال محمد بن سيرين وكان : أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث قال : فتلك أمكم يا بني ماء السماء
ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما أُتِي به واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود (قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) غضب من أن يعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها، فكسرهن.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا )... الآية، وهي هذه الخصلة التي كادهم بها.
وقد زعم بعض من لا يصدّق بالآثار، ولا يقبل من الأخبار إلا ما استفاض به النقل من العوامّ، أن معنى قوله ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) إنما هو: بل فعله كبيرهم هذا إن كانوا ينطقون فاسألوهم، أي إن كانت الآلهة المكسورة تنطق، فإن كبيرهم هو الذي كسرهم، وهذا قول خلاف ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لم يكذب إلا ثلاث كذبات كلها في الله، قوله ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) وقوله إِنِّي سَقِيمٌ وقوله لسارة: هي أختي ، وغير مستحيل أن يكون الله تعالى ذكْره أذن لخليله في ذلك، ليقرِّع قومه به، ويحتجّ به عليهم، ويعرّفهم موضع خطئهم، وسوء نظرهم لأنفسهم، كما قال مؤذّن يوسف لإخوته أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ولم يكونوا سرقوا شيئا.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فعله:
وقرئ:
مشدد اللام، بمعنى: لعله، وهى قراءة ابن السميفع.
التفسير :
{ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ ْ} أي:ثابت عليهم عقولهم، ورجعت إليهم أحلامهم، وعلموا أنهم ضالون في عبادتها، وأقروا على أنفسهم بالظلم والشرك،{ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ْ} فحصل بذلك المقصود، ولزمتهم الحجة بإقرارهم أن ما هم عليه باطل وأن فعلهم كفر وظلم، ولكن لم يستمروا على هذه الحالة
وقوله- سبحانه-: فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ بيان للأثر الذي أحدثه رد إبراهيم- عليه السلام-.
أى: أنهم بعد أن قال لهم إبراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ، أخذوا في التفكر والتدبر، فرجعوا إلى أنفسهم باللوم، وقال بعضهم لبعض إنكم أنتم الظالمون، حيث عبدتم مالا يستطيع الدفاع عن نفسه أو حيث تركتم آلهتكم بدون حراسة.
يقول تعالى مخبرا عن قوم إبراهيم حين قال لهم ما قال : ( فرجعوا إلى أنفسهم ) أي : بالملامة في عدم احترازهم وحراستهم لآلهتهم ، فقالوا : ( إنكم أنتم الظالمون ) أي : في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها
يقول تعالى ذكره: فذكروا حين قال لهم إبراهيم صلوات الله عليه بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ في أنفسهم، ورجعوا إلى عقولهم، ونظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنكم معشر القوم الظالمون هذا الرجل في مسألتكم إياه وقيلكم له من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم، وهذه آلهتكم التي فعل بها ما فعل حاضرتكم فاسألوها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ) قال: ارعوَوْا ورجعوا عنه يعني عن إبراهيم، فيما ادّعوا عليه من كسرهنّ إلى أنفسهم فيما بينهم، فقالوا: لقد ظلمناه وما نراه إلا كما قال.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ ) قال: نظر بعضهم إلى بعض ( فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ).
وقوله ( ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ ) يقول جلّ ثناؤه: ثم غُلبوا في الحجة، فاحتجوا على إبراهيم بما هو حجة لإبراهيم عليهم، فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء الأصنام ينطقون.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم قالوا: يعني قوم إبراهيم، وعرفوا أنها، يعني آلهتهم لا تضرّ ولا تنفع ولا تبطش: ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ) : أي لا تتكلم فتخبرنا من صنع هذا بها، وما تبطش بالأيدي فنصدّقك، يقول الله ( ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ ) في الحجة عليهم لإبراهيم حين جادلهم، فقال عند ذلك إبراهيم حين ظهرت الحجة عليهم بقولهم: ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ).
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ولكن{ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ ْ} أي:انقلب الأمر عليهم، وانتكست عقولهم وضلت أحلامهم، فقالوا لإبراهيم:{ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ْ} فكيف تهكم بنا وتستهزئ بنا وتأمرنا أن نسألها وأنت تعلم أنها لا تنطق؟ .
ولكن هذا الأثر، وهذا اللوم لأنفسهم، لم يلبث إلا قليلا حتى تبدد، بسبب استيلاء العناد والجحود عليهم، فقد صور القرآن حالهم بعد ذلك فقال: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ.
وقوله: نُكِسُوا فعل مبنى للمجهول من النكس، وهو قلب الشيء من حال إلى حال، وأصله: قلب الشيء بحيث يصير أعلاه أسفله.
أى: ثم انقلبوا من لومهم لأنفسهم لعبادتهم لما لا يقدر على دفع الأذى عنه، إلى التصميم على كفرهم وضلالهم، فقالوا لإبراهيم على سبيل التهديد: لقد علمت أن هذه الأصنام لا تنطق، فكيف تأمرنا بسؤالها؟ إن أمرك هذا لنا لهو دليل على أنك تسخر بعقولنا، ونحن لن نقبل ذلك، وسننزل بك العقاب الذي تستحقه.
وقد شبه القرآن الكريم عودتهم إلى باطلهم وعنادهم، بعد رجوعهم إلى أنفسهم باللوم، شبه ذلك بالانتكاس، لأنهم بمجرد أى خطرت لهم الفكرة السليمة، أطفأوها بالتصميم على الكفر والضلال، فكان مثلهم كمثل من انتكس على رأسه بعد أن كان ما شيا على قدميه، فيا له من تصوير بديع لحالة من يعود إلى الظلام، بعد أن يتبين له النور.
والجملة الكريمة لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ جواب لقسم محذوف، معمول لقول محذوف، والتقدير: ثم نكسوا على رءوسهم قائلين: والله لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
ولم يملك إبراهيم إزاء انتكاسهم على رءوسهم، إلا أن يوبخهم بعنف وضيق، - وهو الحليم الأواه المنيب- وقد قابلوا تأنيبه لهم بتوعده بالعذاب الشديد، ولكن الله- تعالى- نجاه من مكرهم، قال- تعالى-:
( ثم نكسوا على رءوسهم ) أي : ثم أطرقوا في الأرض فقالوا : ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) قال قتادة : أدركت القوم حيرة سوء فقالوا : ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) .
وقال السدي : ( ثم نكسوا على رءوسهم ) أي : في الفتنة .
وقال ابن زيد : أي في الرأي .
وقول قتادة أظهر في المعنى; لأنهم إنما فعلوا ذلك حيرة وعجزا; ولهذا قالوا له : ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) ، فكيف تقول لنا : سلوهم إن كانوا ينطقون ، وأنت تعلم أنها لا تنطق
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قال الله ( ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ ) أدركت الناس حَيرة سَوْء.
وقال آخرون: معنى ذلك: ثم نكسوا في الفتنة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ ) قال: نكسوا في الفتنة على رءوسهم، فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
وقال بعض أهل العربية: معنى ذلك: ثم رجعوا عما عرفوا من حجة إبراهيم، فقالوا: لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
وإنما اخترنا القول الذي قلنا في معنى ذلك، لأن نَكَس الشيء على رأسه: قلبه على رأسه وتصيير أعلاه أسفله؛ ومعلوم أن القوم لم يقلبوا على رءوس أنفسهم، وأنهم إنما نُكست حجتهم، فأقيم الخبر عنهم مقام الخبر عن حجتهم، وإذ كان ذلك كذلك، فنَكْس الحجة لا شك إنما هو احتجاج المحتجّ على خصمه بما هو حجة لخصمه، وأما قول السديّ: ثم نكسوا في الفتنة، فإنهم لم يكونوا خرجوا من الفتنة قبل ذلك فنكسوا فيها.وأما قول من قال من أهل العربية ما ذكرنا عنه، فقول بعيد من الفهوم، لأنهم لو كانوا رجعوا عما عرفوا من حجة إبراهيم، ما احتجوا عليه بما هو حجة له، بل كانوا يقولون له: لا تسألهم، ولكن نسألك فأخبرنا من فعل ذلك بها، وقد سمعنا أنك فعلت ذلك، ولكن صدقوا القول فقالوا ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) وليس ذلك رجوعا عما كانوا عرفوا، بل هو إقرار به.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
نكسوا:
وقرئ:
1- بتشديد الكاف، مبنيا للمفعول، وهى قراءة أبى حيوة، وابن أبى عبلة، وابن مقسم، وابن الجارود، والبكراوى، كلاهما عن هشام.
2- بتخفيف الكاف، مبنيا للفاعل، أي: نكسوا أنفسهم، وهى قراءة رضوان بن المعبود.
التفسير :
فقال إبراهيم - موبخا لهم ومعلنا بشركهم على رءوس الأشهاد، ومبينا عدم استحقاق آلهتهم للعبادة-:{ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ْ} فلا نفع ولا دفع.
أى: قال إبراهيم لقومه بعد أن ضاق بهم ذرعا: أتتركون عبادة الله الذي خلقكم، وتعبدون غيره أصناما لا تنفعكم بشيء من النفع، ولا تضركم بشيء من الضر، ثم يضيف إلى هذا التبكيت لهم، الضجر منهم، فيقول: أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.
فعندها قال لهم إبراهيم لما اعترفوا بذلك : ( أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم ) أي : إذا كانت لا تنطق ، وهي لا تضر ولا تنفع ، فلم تعبدونها من دون الله .
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لقومه: أفتعبدون أيها القوم ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم، وأنتم قد علمتم أنها لم تمنع نفسها ممن أرادها بسوء، ولا هي تقدر أن تنطق إن سئلت عمن يأتيها بسوء فتخبر به، أفلا تستحيون من عبادة ما كان هكذا.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق ( قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ )... الآية، يقول يرحمه الله: ألا ترون أنهم لم يدفعوا عن أنفسهم الضرّ الذي أصابهم، وأنهم لا ينطقون فيخبرونكم من صنع ذلك بهم، فكيف ينفعونكم أو يضرّون.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
المائدة: 76 | ﴿قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ |
---|
الأنبياء: 66 | ﴿قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ْ} أي:ما أضلكم وأخسر صفقتكم، وما أخسكم، أنتم وما عبدتم من دون الله، إن كنتم تعقلون عرفتم هذه الحال، فلما عدمتم العقل، وارتكبتم الجهل والضلال على بصيرة، صارت البهائم، أحسن حالا منكم.
و «أف» اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر. وأصله صوت المتضجر من استقذار الشيء.
واللام في قوله لَكُمْ لبيان المتضجر لأجله.
أى: سحقا وقبحا لكم، ولما تعبدونه من أصنام متجاوزين بها عبادة الله- تعالى- عن جهل وسخف وطغيان.
أَفَلا تَعْقِلُونَ ما أنتم فيه من ضلال واضح، فترجعون عنه إلى عبادة الواحد القهار.
( أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ) أي : أفلا تتدبرون ما أنتم فيه من الضلال والكفر الغليظ ، الذي لا يروج إلا على جاهل ظالم فاجر؟ فأقام عليهم الحجة ، وألزمهم بها; ولهذا قال تعالى : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ) الآية [ الأنعام : 83 ] .
وقوله ( أُفٍّ لَكُمْ ) يقول: قُبحا لكم وللآلهة التي تعبدون من دون الله، أفلا تعقلون قبح ما تفعلون من عبادتكم ما لا يضرّ ولا ينفع، فتتركوا عبادته، وتعبدوا الله الذي فطر السماوات والأرض، والذي بيده النفع والضرّ.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 67 | ﴿ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ﴾ |
---|
الأحقاف: 17 | ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أف:
انظر: الإسراء، الآية: 23.
التفسير :
فحينئذ لما أفحمهم، ولم يبينوا حجة، استعملوا قوتهم في معاقبته، فـ{ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ْ} أي:اقتلوه أشنع القتلات، بالإحراق، غضبا لآلهتكم، ونصرة لها. فتعسا لهم تعسا، حيث عبدوا من أقروا أنه يحتاج إلى نصرهم، واتخذوه إلها
وعند ما وصل إبراهيم في توبيخهم وتبكيتهم إلى هذا الحد أخذتهم العزة بالإثم، شأنهم في ذلك شأن كل طاغية جهول، يلجأ إلى القوة الغاشمة بعد أن تبطل حجته، فقالوا فيما بينهم:
حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.
أى: قال بعضهم لبعض بعد أن عجزوا عن مقارعة الحجة بالحجة، وبعد أن رأوا إبراهيم قد أفحمهم بمنطقه الحكيم: حَرِّقُوهُ أى: بالنار، فإنها أشد العقوبات.
قيل: إن الذي اقترح عليهم ذلك هو رئيسهم: نمرود بن كنعان. وقيل: هو رجل من الفرس اسمه: هينون.
وقوله: وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ.. بيان لسبب تحريقه بالنار.
أى: حرقوه بالنار من أجل الانتصار لآلهتكم التي حطمها في غيبتكم إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.
أى: إن كنتم بحق تريدون أن تنصروا آلهتكم نصرا يرضيها، فأحرقوه بالنار.
قال صاحب الكشاف: أجمعوا رأيهم- لما غلبوا- بإهلاكه، وهكذا المبطل إذا قرعت شبهته بالحجة وافتضح. لم يكن أحد أبغض إليه من المحق ولم يبق له مفزع إلا مناصبته العداء، كما فعلت قريش برسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين عجزوا عن المعارضة.
والذي أشار بإحراقه: نمروذ. وعن ابن عمر: رجل من أعراب العجم. واختاروا المعاقبة بالنار لأنها أهول ما يعاقب به وأفظعه، ولذلك جاء: «لا يعذب بالنار إلا خالقها» .
لما دحضت حجتهم ، وبان عجزهم ، وظهر الحق ، واندفع الباطل ، عدلوا إلى استعمال جاه ملكهم ، فقالوا : ( حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ) فجمعوا حطبا كثيرا جدا - قال السدي : حتى إن كانت المرأة تمرض ، فتنذر إن عوفيت أن تحمل حطبا لحريق إبراهيم - ثم جعلوه في جوبة من الأرض ، وأضرموها نارا ، فكان لها شرر عظيم ولهب مرتفع ، لم توقد قط نار مثلها ، وجعلوا إبراهيم ، عليه السلام ، في كفة المنجنيق بإشارة رجل من أعراب فارس من الأكراد - قال شعيب الجبائي : اسمه هيزن - فخسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، فلما ألقوه قال : " حسبي الله ونعم الوكيل " ، كما رواه البخاري ، عن ابن عباس أنه قال : " حسبي الله ونعم الوكيل " قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها محمد حين قالوا : ( إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) [ آل عمران : 173 ] .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا ابن هشام ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي جعفر ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما ألقي إبراهيم ، عليه السلام ، في النار قال : اللهم ، إنك في السماء واحد ، وأنا في الأرض واحد أعبدك " .
ويروى أنه لما جعلوا يوثقونه قال : لا إله إلا أنت سبحانك لك الحمد ، ولك الملك ، لا شريك لك .
وقال شعيب الجبائي : كان عمره ست عشرة سنة . فالله أعلم .
وذكر بعض السلف أنه عرض له جبريل وهو في الهواء ، فقال : ألك حاجة؟ فقال : أما إليك فلا [ وأما من الله فبلى ] .
وقال سعيد بن جبير - ويروى عن ابن عباس أيضا - قال : لما ألقي إبراهيم جعل خازن المطر يقول : متى أومر بالمطر فأرسله؟ قال : فكان أمر الله أسرع من أمره
يقول تعالى ذكره: قال بعض قوم إبراهيم لبعض: حرّقوا إبراهيم بالنار ( وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) يقول: إن كنتم ناصريها، ولم تريدوا ترك عبادتها.
وقيل: إن الذي قال ذلك رجل من أكراد فارس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ( حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) قال: قالها رجل من أعراب فارس، يعني الأكراد.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيب الجبئي، قال: إن الذي قال حرّقوه " هيزن " فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أجمع نمرود وقومه في إبراهيم فقالوا( حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) أي لا تنصروها منه إلا بالتحريق بالنار إن كنتم ناصريها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال: تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر، فقال: أتدري يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار؟ قال: قلت لا قال: رجل من أعراب فارس. قلت: يا أبا عبد الرحمن، أو هل للفرس أعراب؟ قال: نعم الكرد هم أعراب فارس، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يوسف: 10 | ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ |
---|
الحجر: 71 | ﴿قَالَ هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ |
---|
الأنبياء: 68 | ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فانتصر الله لخليله لما ألقوه في النار وقال لها:{ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ْ} فكانت عليه بردا وسلاما، لم ينله فيها أذى، ولا أحس بمكروه.
وقوله تعالى: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ.. مسبوق بكلام محذوف يفهم من سياق القصة.
والتقدير: وأحضر قوم إبراهيم الحطب، وأضرموا نيرانا عظيمة، وألقوا بإبراهيم فيها، فلما فعلوا ذلك، قلنا: يا نار كوني- بقدرتنا وأمرنا- ذات برد، وذات سلام على إبراهيم، فكانت كما أمرها الله- تعالى-، وصدق- سبحانه- إذ يقول: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .
قال الله : [ عز وجل ] ( يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) قال : لم يبق نار في الأرض إلا طفئت .
وقال كعب الأحبار : لم ينتفع [ أحد ] يومئذ بنار ، ولم تحرق النار من إبراهيم سوى وثاقه .
وقال الثوري ، عن الأعمش ، عن شيخ ، عن علي بن أبي طالب : ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) [ قال : بردت عليه حتى كادت تقتله ، حتى قيل : ( وسلاما ) ] ، قال : لا تضريه .
وقال ابن عباس ، وأبو العالية : لولا أن الله عز وجل قال : ( وسلاما ) لآذى إبراهيم بردها .
وقال جويبر ، عن الضحاك : ( كوني بردا وسلاما على إبراهيم ) قال : صنعوا له حظيرة من حطب جزل ، وأشعلوا فيه النار من كل جانب ، فأصبح ولم يصبه منها شيء حتى أخمدها الله - قال : ويذكرون أن جبريل كان معه يمسح وجهه من العرق ، فلم يصبه منها شيء غير ذلك .
وقال السدي : كان معه فيها ملك الظل .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا مهران ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن المنهال بن عمرو قال : أخبرت أن إبراهيم ألقي في النار ، فقال : كان فيها إما خمسين وإما أربعين ، قال : ما كنت أياما وليالي قط أطيب عيشا إذ كنت فيها ، وددت أن عيشي وحياتي كلها مثل عيشي إذ كنت فيها .
وقال أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة قال : إن أحسن [ شيء ] قال أبو إبراهيم - لما رفع عنه الطبق وهو في النار ، وجده يرشح جبينه - قال عند ذلك : نعم الرب ربك يا إبراهيم .
وقال قتادة : لم يأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار ، إلا الوزغ - وقال الزهري : أمر النبي صلى الله عليه وسلم : بقتله وسماه فويسقا .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثني عمي ، حدثنا جرير بن حازم ، أن نافعا حدثه قال : حدثتني مولاة الفاكه بن المغيرة المخزومي قالت : دخلت على عائشة فرأيت في بيتها رمحا . فقلت : يا أم المؤمنين ، ما تصنعين بهذا الرمح؟ فقالت : نقتل به هذه الأوزاغ ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم حين ألقي في النار ، لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار ، غير الوزغ ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم " ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله .
وقوله ( قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) في الكلام متروك اجتزئ بدلالة ما ذكر عليه منه، وهو: فأوقدوا له نارا ليحرقوه ثم ألقوه فيها، فقلنا للنار: يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وذُكر أنهم لما أرادوا إحراقه بنوا له بنيانا، كما حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ قال: فحبسوه في بيت، وجمعوا له حطبا، حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول: لئن عافاني الله لأجمعنّ حطبا لإبراهيم، فلما جمعوا له، وأكثروا من الحطب (2) حتى إن الطير لتمرّ بها فتحترق من شدة وهجها، فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان، فرفع إبراهيم صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء، فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة: ربنا، إبراهيم يحرق فيك، فقال: أنا أعلم به، وإن دعاكم فأغيثوه، وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السماء: اللهم أنت الواحد في السماء، وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض أحد يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل، فقذفوه في النار، فناداها فقال ( يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) فكان جبريل عليه السلام هو الذي ناداها.
وقال ابن عباس: لو لم يتبع بردها سلاما لمات إبراهيم من شدّة بردها، فلم يبق يومئذ نار في الأرض إلا طفئت، ظنت أنها هي تعنى، فلما طُفئت النار نظروا إلى إبراهيم، فإذا هو رجل آخر معه، وإذا رأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق، وذكر أن ذلك الرجل هو ملك الظلّ، وأنـزل الله نارا فانتفع بها بنو آدم، وأخرجوا إبراهيم، فأدخلوه على الملك، ولم يكن قبل ذلك دخل عليه.
حدثني إبراهيم بن المقدام أبو الأشعث، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي، قال: ثنا قتاده، عن أبي سليمان، عن كعب، قال: ما أحرقت النار من إبراهيم إلا وثاقه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) قال: ذُكر لنا أن كعبا كان يقول: ما انتفع بها يومئذ أحد من الناس، وكان كعب يقول: ما أحرقت النار يومئذ إلا وثاقه.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن شيخ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) قال: بردت عليه حتى كادت تقتله، حتى قيل: وسلاما، قال: لا تضرّيه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، قال: أخبرنا إسماعيل، عن المنهال بن عمرو، قال: قال إبراهيم خليل الله: ما كنت أياما قطّ أنعم مني من الأيام التي كنت فيها في النار.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: لمَّا ألقي إبراهيم خليل الله صلى الله عليه وسلم في النار، قال الملك خازن المطر: رب خليلك إبراهيم، رجا أن يؤذن له فيرسل المطر، قال: فكان أمر الله أسرع من ذلك فقال ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) فلم يبق في الأرض نار إلا طُفئت.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن الحارث، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: إن أحسن شيء قاله أبو إبراهيم لما رفع عنه الطبق وهو في النار، وجده يرشح جبينه، فقال عند ذلك: نعم الربّ ربك يا إبراهيم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجَبَسِي، قال: ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ستّ عشرة سنة، وذبح إسحاق وهو ابن سبع سنين، وولدته سارة وهي ابنة تسعين سنة، وكان مذبحه من بيت إيلياء على ميلين، ولما علمت سارة بما أراد بإسحاق بُطِنت يومين، وماتت اليوم الثالث، قال ابن جُرَيج: قال كعب الأحبار: ما أحرقت النار من إبراهيم شيئا غير وثاقه الذي أوثقوه به.
حدثنا الحسن، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا معتمر بن سليمان التيمي، عن بعض أصحابه قال: جاء جبريل إلى إبراهيم عليهما السلام وهو يوثق أو يقمَّط ليلقى في النار، قال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال: أمَّا إليك فلا.
قال: ثنا معتمر، قال: ثنا ابن كعب، عن أرقم: أن إبراهيم قال حين جعلوا يوثقونه ليلقوه في النار: لا إله إلا أنت سبحانك ربّ العالمين، لك الحمد، ولك الملك لا شريك لك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، في قوله ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) قال: السلام لا يؤذيه بردها، ولولا أنه قال: وسلاما لكان البرد أشدّ عليه من الحرّ.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله (بَرْدًا) قال: بردت عليه (وَسَلاما) لا تؤذيه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) قال: قال كعب: ما انتفع أحد من أهل الأرض يومئذ بنار، ولا أحرقت النار يومئذ شيئا إلا وثاق إبراهيم.
وقال قتادة: لم تأت يومئذ دابة إلا أطفأت عنه النار، إلا الوزغ.
وقال الزهري: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، وسماه فُوَيسقا.
------------------------
الهوامش :
(2) سقطت من هذا الخبر عبارة ذكر نحوها الثعلبي المفسر في عرائس المجالس ، وهي : أشعلوا النار في كل ناحية بالحطب ، فاشتعلت النار ، حتى إن كان الطير ليمر بها فيحترق . . . الخ .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا ْ} حيث عزموا على إحراقه،{ فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ْ} أي:في الدنيا والآخرة، كما جعل الله خليله وأتباعه، هم الرابحين المفلحين.
وتحولت النار إلى برد وسلام على إبراهيم، وأراد الكافرون به كيدا، أى إحراقا بالنار «فجعلناهم» بإرادتنا وقدرتنا «الأخسرين» حيث لم يصلوا إلى ما يريدون، ولم يحققوا النصر لآلهتهم، بل رد الله- تعالى- كيدهم في نحورهم.
وقال- سبحانه- فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ بالإطلاق لتشمل خسارتهم كل خسارة سواء أكانت دنيوية أم أخروية.
وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات آثارا منها: أن إبراهيم- عليه السلام- حين جيء به إلى النار، قالت الملائكة: يا ربنا ما في الأرض أحد يعبدك سوى إبراهيم، وأنه الآن يحرق فأذن لنا في نصرته!! فقال- سبحانه-: إن استغاث بأحد منكم فلينصره. وإن لم يدع غيرى فأنا أعلم به، وأنا وليه، فخلوا بيني وبينه، فهو خليلي ليس لي خليل غيره.
فأتى جبريل- عليه السلام- إلى إبراهيم، فقال له: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم!! فقال له جبريل: فلم لا تسأله؟ فقال إبراهيم- عليه الصلاة والسلام-: حسبي من سؤالى علمه بحالي.. .
وقوله : ( وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ) أي : المغلوبين الأسفلين; لأنهم أرادوا بنبي الله كيدا ، فكادهم الله ونجاه من النار ، فغلبوا هنالك .
وقال عطية العوفي : لما ألقي إبراهيم في النار ، جاء ملكهم لينظر إليه فطارت شرارة فوقعت على إبهامه ، فأحرقته مثل الصوفة .
وقوله ( وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا ) يقول تعالى ذكره: وأرادوا بإبراهيم كيدا( فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ ) يعني الهالكين.
وقد حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ ) قال: ألقوا شيخا منهم في النار لأن يصيبوا نجاته، كما نجي إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فاحترق.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 70 | ﴿وَ أَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ |
---|
الصافات: 98 | ﴿فَـ أَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا ْ} وذلك أنه لم يؤمن به من قومه إلا لوط عليه السلام قيل:إنه ابن أخيه، فنجاه الله، وهاجر{ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ْ} أي:الشام، فغادر قومه في "بابل "من أرض العراق،{ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ْ} ومن بركة الشام، أن كثيرا من الأنبياء كانوا فيها، وأن الله اختارها، مهاجرا لخليله، وفيها أحد بيوته الثلاثة المقدسة، وهو بيت المقدس.
ثم بين- سبحانه- نعما أخرى أنعم بها على إبراهيم فقال: وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ.
والضمير في قوله: وَنَجَّيْناهُ يعود إلى إبراهيم. و «لوطا» هو ابن أخيه، وقيل:
ابن عمه.
والمراد بالأرض التي باركنا فيها: أرض الشام على الصحيح وعدّى نَجَّيْناهُ بإلى، لتضمينه معنى أخرجناه.
أى: وأخرجناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها، بأن جعلناها مهبطا للوحى، ومبعثا للرسل لمدة طويلة، وبأن جعلناها كذلك عامرة بالخيرات وبالأموال وبالثمرات للأجيال المتعاقبة.
والآية الكريمة تشير إلى هجرة إبراهيم ومعه لوط- عليهما السلام- من أرض العراق التي كانا يقيمان فيها، إلى أرض الشام، فرارا بدينهما. بعد أن أراد قوم إبراهيم أن يحرقوه بالنار، فأبطل الله- تعالى- كيدهم ومكرهم، ونجاه من شرهم.
وقد أشار- سبحانه- إلى ذلك في آيات أخرى منها قوله- تعالى-: فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.. .
يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم ، أنه سلمه الله من نار قومه ، وأخرجه من بين أظهرهم مهاجرا إلى بلاد الشام ، إلى الأرض المقدسة منها ، كما قال الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب في قوله : ( إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) قال : الشام ، وما من ماء عذب إلا يخرج من تحت الصخرة .
وكذا قال أبو العالية أيضا .
وقال قتادة : كان بأرض العراق ، فأنجاه الله إلى الشام ، [ وكان يقال للشام : عماد دار الهجرة ، وما نقص من الأرض زيد في الشام ] وما نقص من الشام زيد في فلسطين . وكان يقال : هي أرض المحشر والمنشر ، وبها ينزل عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وبها يهلك المسيح الدجال .
وقال كعب الأحبار في قوله : ( إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ) إلى حران .
وقال السدي : انطلق إبراهيم ولوط قبل الشام ، فلقي إبراهيم سارة ، وهي ابنة ملك حران ، وقد طعنت على قومها في دينهم ، فتزوجها على ألا يغيرها .
رواه ابن جرير ، وهو غريب [ والمشهور أنها ابنة عمه ، وأنه خرج بها مهاجرا من بلاده ] .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : إلى مكة; ألا تسمع قوله : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ) [ آل عمران : 96 ] .
يقول تعالى ذكره: ونجينا إبراهيم ولوطا من أعدائهما نمرود وقومه من أرض العراق ( إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) وهي أرض الشأم، فارق صلوات الله عليه وقومه ودينهم وهاجر إلى الشأم.
وهذه القصة التي قص، الله من نبأ إبراهيم وقومه تذكير منه بها قوم محمد صلى الله عليه وسلم من قريش أنهم قد سلكوا في عبادتهم الأوثان، وأذاهم محمدا على نهيه عن عبادتها، ودعائهم إلى عبادة الله مخلصين له الدين، مسلك أعداء أبيهم إبراهيم، ومخالفتهم دينه، وأن محمدا في براءته من عبادتها وإخلاصه العبادة لله، وفي دعائهم إلى البراءة من الأصنام، وفي الصبر على ما يلقى منهم في ذلك سالك منهاج أبيه إبراهيم، وأنه مخرجه من بين أظهرهم كما أخرج إبراهيم من بين أظهر قومه حين تمادوا في غيهم إلى مهاجره من أرض الشأم، ومسلٍّ بذلك نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عما يلقى من قومه من المكروه والأذى، ومعلمه أنه منجيه منهم كما نجى أباه إبراهيم من كفرة قومه.
وقد اختلف أهل التأويل في الأرض التي ذكر الله أنه نجَّى إبراهيم ولوطا إليها، ووصفه أنه بارك فيها للعالمين، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسين بن حريث المروزي أبو عمار، قال: ثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) قال: الشأم، وما من ماء عذب إلا خرج من تلك الصخرة التي ببيت المقدس.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن فرات القزاز، عن الحسن، في قوله ( إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) قال: الشام.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) كانا بأرض العراق، فأنجيا إلى أرض الشأم، وكان يقال للشأم عماد دار الهجرة، وما نقص من الأرض زيد في الشأم، وما نقص من الشأم زيد في فلسطين، وكان يقال: هي أرض المحشر والمنشر، وبها مجمع الناس، وبها ينـزل عيسى ابن مريم، وبها يهلك الله شيخ الضلالة الكذّاب الدجال.
وحدثنا أبو قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رأيْتُ فِيما يَرَى النَّائِمُ كأنَّ الملائِكَةَ حَمَلَتْ عَمُودَ الكِتابِ فَوَضَعَتْه بالشَّأْمِ، فأوَّلْتُه أن الفِتَنَ إذَا وَقَعَتْ فإنَّ الإيمَانَ بالشَّأْمِ".
وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبه: " إنَّهُ كائِنٌ بالشَّأْمِ جُنْدٌ، وبالعِراقِ جُنْدٌ، وباليَمَنِ جُنْدٌ، فقال رجل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم خر لي، فقال: عَلَيْكَ بالشَّأمِ فإنَّ اللهَ قَدْ تكَفَّلَ لي بالشَّأمِ وأهْلِهِ، فَمَنْ أبَى فَلْيَلْحَقْ بأمِنْهِ وَلْيَسْق بِقَدَرِهِ".
وذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا كعب ألا تحوّل إلى المدينة فإنها مُهاجَر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضع قبره، فقال له كعب: يا أمير المؤمنين، إني أجد في كتاب الله المنـزل، أن الشام كنـز الله من أرضه، وبها كنـزه من عباده.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) قال: هاجرا جميعا من كُوْثَى إلى الشام.
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: انطلق إبراهيم ولوط قِبَل الشأم، فلقي إبراهيم سارة، وهي بنت ملك حَرّان، وقد طعنت على قومها في دينهم، فتزوّجها على أن لا يغيرها (3) .
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: خرج إبراهيم مهاجرا إلى ربه، وخرج معه لوط مهاجرا، وتزوج سارة ابنة عمه، فخرج بها معه يلتمس الفرار بدينه، والأمان على عبادة ربه، حتى نـزل حرّان، فمكث فيها ما شاء الله أن يمكث، ثم خرج منها مهاجرا حتى قدم مصر، ثم خرج من مصر إلى الشام، فنـزل السبع من أرض فلسطين، وهي برّية الشام، ونـزل لوط بالمؤتفكة، وهي من السبع على مسيرة يوم وليلة، أو أقرب من ذلك، فبعثه الله نبيا صلى الله عليه وسلم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) قال: نجاه من أرض العراق إلى أرض الشام.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، أنه قال في هذه الآية ( بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) قال: ليس ماء عذب إلا يهبط إلى الصخرة التي ببيت المقدس، قال: ثم يتفرّق في الأرض.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) قال: إلى الشأم.
وقال آخرون: بل يعني مكة وهي الأرض التي قال الله تعالى ( الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ).
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) يعني مكة ونـزول إسماعيل البيت. ألا ترى أنه يقول: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ .
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا ما اخترنا من القول في ذلك لأنه لا خلاف بين جميع أهل العلم أن هجرة إبراهيم من العراق كانت إلى الشام، وبها كان مقامه أيام حياته، وإن كان قد كان قدم مكة وبنى بها البيت وأسكنها إسماعيل ابنه مع أمه هاجر، غير أنه لم يقم بها، ولم يتخذها وطنا لنفسه، ولا لوط، والله إنما أخبر عن إبراهيم ولوط أنهما أنجاهما إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين.
------------------------
الهوامش :
(3) في ابن كثير : على أن يفر بها .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأنبياء: 71 | ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ |
---|
الأنبياء: 81 | ﴿وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيۡءٍ عَٰلِمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَوَهَبْنَا لَهُ ْ} حين اعتزل قومه{ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ْ} ابن إسحاق{ نَافِلَةً ْ} بعدما كبر، وكانت زوجته عاقرا، فبشرته الملائكة بإسحاق،{ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ْ} ويعقوب، هو إسرائيل، الذي كانت منه الأمة العظيمة، وإسماعيل بن إبراهيم، الذي كانت منه الأمة الفاضلة العربية، ومن ذريته، سيد الأولين والآخرين.{ وَكُلَا ْ} من إبراهيم وإسحاق ويعقوب{ جَعَلْنَا صَالِحِينَ ْ} أي:قائمين بحقوقه، وحقوق عباده
وقوله- تعالى- وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً.. بيان لنعمة أخرى من النعم التي أنعم الله- سبحانه- بها على إبراهيم.
والنافلة: الزيادة على الأصل. ولذا سميت صلاة السنن نافلة، لأنها زيادة على الصلوات المفروضة. وإسحاق هو ابن إبراهيم. ويعقوب هو ابن إسحاق.
فلفظ «نافلة» حال من يعقوب أى: ووهبنا لإبراهيم يعقوب حال كونه زيادة على إسحاق. وَكُلًّا من المذكورين وهم إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب.
جَعَلْنا صالِحِينَ أى: جعلناهم أفرادا صالحين، بأن وفقناهم لما نحبه ونرضاه، وشرفناهم بالنبوة والرسالة.
وقوله : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) قال عطاء ، ومجاهد : عطية .
وقال ابن عباس ، وقتادة ، والحكم بن عيينة : النافلة ولد الولد ، يعني : أن يعقوب ولد إسحاق ، كما قال : ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) [ هود : 71 ] .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : سأل واحدا فقال : ( رب هب لي من الصالحين ) [ الصافات : 100 ] ، فأعطاه الله إسحاق وزاده يعقوب نافلة . ( وكلا جعلنا صالحين ) أي : الجميع أهل خير وصلاح
يقول تعالى ذكره: ووهبنا لإبراهيم إسحاق ولدا ويعقوب ولد ولده، نافلة لك.
واختلف أهل التأويل في المعني بقوله (نَافِلَةً) فقال بعضهم: عنى به يعقوب خاصة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) يقول: ووهبنا له إسحاق ولدا، ويعقوب ابن ابن نافلة.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) والنافلة: ابن ابنه يعقوب.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) قال: سأل واحدا فقال رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فأعطاه واحدا، وزاده يعقوب، ويعقوب ولد ولده.
وقال آخرون: بل عنى بذلك إسحاق ويعقوب، قالوا: وإنما معنى النافلة: العطية، وهما جميعا من عطاء الله أعطاهما إياه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان. عن ابن جُرَيج، عن عطاء، في قوله ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) قال: عطية.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ) قال: عطاء.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
قال أبو جعفر: وقد بيَّنا فيما مضى قبل، أن النافلة الفضل من الشيء يصير إلى الرجل من أيّ شيء كان ذلك، وكلا ولديه إسحاق ويعقوب كان فضلا من الله تفضل به على إبراهيم، وهبة منه له، وجائز أن يكون عنى به أنه آتاهما إياه جميعا نافلة منه له، وأن يكون عنى أنه آتاه نافلة يعقوب، ولا برهان يدلّ على أيّ ذلك المراد من الكلام، فلا شيء أولى أن يقال في ذلك مما قال الله ووهب الله له لإبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة.
وقوله ( وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ) يعني عاملين بطاعة الله، مجتنبين محارمه، وعنى بقوله: (كُلا) إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
مريم: 49 | ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ |
---|
الأنعام: 84 | ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا﴾ |
---|
الأنبياء: 72 | ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾ |
---|
العنكبوت: 27 | ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء