30162636465666768697071727374

الإحصائيات

سورة الكهف
ترتيب المصحف18ترتيب النزول69
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.50
عدد الآيات110عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول13تبدأ في الجزء15
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 4/14الحمد لله: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (62) الى الآية رقم (66) عدد الآيات (5)

وصولُ موسى عليه السلام وفتاه إلى المكانِ المحدَّدِ، فوجدا الخَضِرَ عليه السلام ، فطلبَ موسى عليه السلام في تواضعٍ ولطفٍ أن يتبعَه ليتعلمَ منه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (67) الى الآية رقم (76) عدد الآيات (10)

وافقَ الخَضِرُ عليه السلام ، وشَرَطَ شَرطًا، ثُمَّ انطَلقَا يمشيانِ على ساحلِ البحرِ فمرَّتْ سفينةٌ، فلمَّا ركِبَا قَلَعَ الخَضِرُ لوحًا من ألواحِ السفينةِ فاعترضَ موسى عليه السلام ، ثُمَّ رأى الخَضِرُ غلامًا فقتلَه فاعترضَ موسى عليه السلام مرَّةً أُخرى.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الكهف

العصمة من الفتن/ الزينة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • والآن مع تفصيل أوسع قليلًا::   • قصة أصحاب الكهف (فتنة الدين). • قصة صاحب الجنتين (فتنة المال). • قصة موسى مع الخضر (فتنة العلم). • قصة ذي القرنين (فتنة السلطة).
  • • ما علاقة سورة الكهف بالعصمة من الفتن؟:   • القصة الأولى (أصحاب الكهف): هي قصة شباب آمنوا بالله، لكن القرية التي عاشوا فيها كانت محكومة من ملك ظالم غير مؤمن، فعرضوا إسلامهم على الناس ورفض الناس دعوتهم، وبدأوا بالدعوة إلى الله فكُذِّبوا واضطهدوا، فأوحى الله إليهم أن يأووا إلى الكهف، وأيدهم الله بمعجزات عظيمة فهم قد ناموا في الكهف، ثم استيقظوا بعد 309 سنين، ووجدوا أن الناس جميعًا قد آمنوا وأنهم أصبحوا في مجتمع جديد كله إيمان. • القصة الثانية (صاحب الجنتين): قصة رجل أنعم الله عليه، فنسي واهب النعمة فطغى وتجرأ على ثوابت الإيمان بالطعن والشك. • القصة الثالثة (موسى مع الخضر): عندما سأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يكل العلم إليه تعالى، فأوحى الله إليه بأن هناك من هو أعلم منه، فارتحل حتى التقي بالخضر، وهناك حدثت 3 مواقف:  السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام، وكان سبب ذلك وجود ملك ظالم يسلب كل سفينة صالحة يراها.  الغلام الذي قتله الخضر، وكان سبب ذلك أنه كان سيرهق أبويه المؤمنين لعصيانه وعقوقه.  الجدار الذي أقامه الخضر لغلامين يتيمين، وكان تحته كنز مدفون لهما ولو لم يقم الجدار لما حفظ لهما كنزهما.  والرسالة في هذه المواقف: أن يتعلم المؤمن أن الله تعالى يقدر أمورًا قد لا نعلم الحكمة منها والخير المقدر فيها. • القصة الرابعة (ذي القرنين): الملك العادل الذي ينشر الحق والعدل والخير في الأرض، ويملك كل الأسباب المادية التي تسهل له التمكين والنجاح في الحياة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الكهف»، و«سورة أصحاب ‏الكهف».
  • • معنى الاسم ::   الكهف: كالمغارة في الجبل، إلا أنه أوسع منها، فإذا صغر فهو غار.
  • • سبب التسمية ::   لورود ‏قصة ‏أصحاب ‏الكهف فيها، ولم يرد هذا اللفظ إلا في هذه السورة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   كيفية التعامل مع الفتن.
  • • علمتني السورة ::   خطورة الكلمة، فالبعض يطلق الكلام على عواهنه دون النظر في عواقب كلامه: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ليؤمنوا؛ حتى يكاد أن يهلك نفسه لذلك: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الجليس الصالح خير من الوحدة، لكن الوحدة خير من الجليس السوء: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
    • عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ».
    • عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ فَقَالَ: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ؛ فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ».
    • عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَن نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَن قَرَأَ سُورَةَ اَلْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لَهُ نُورًا مِنْ مُقَامِهِ إَلَى مَكَّة، وَمَنْ قَرَأَ بِعَشْر آياتٍ منْ آخِرِهَا فَخَرَجَ الدَّجُّالُ لَم يُسَلُّطْ عَلَيْهِ».
    • عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الكهف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • يستحب قراءتها يوم الجمعة لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
    • الآيات العشر الأولى من السورة عاصمة لمن حفظها من فتنة المسيح الدجال لحديث أَبِى الدَّرْدَاءِ.
    • انتصفت عدد كلمات القرآن في هذه السورة، فالكلمة التي تقع في وسط القرآن على مذهب الجمهور هي كلمة ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ ( 19).
    • هي إحدى سور خمس بُدِئت بـ «الحمد لله» وهذه السور هي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر الفتن، ونحصن أنفسنا منها.
    • أن ننتبه لأقوالنا، فرب كلمة تخرج من الفم ترجح كفة السيئات: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (5).
    • ألا نصرف مشاعرنا وحزننا لمن لا يستحق: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (6).
    • أن نحسن العمل، فالله قال: ﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (7)، ولم يقل سُبحانه أكثر وأدوم! بل أحسن، أي: إخلاص النية واتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
    • أن نلجأ إلى الله ونسأله الرحمة والرشاد دائمًا: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (10).
    • ألا نغتر كثيرًا بصلاح حالنا، وشدة استقامتنا! فالقلوب تتقلب، والقلوب تتفلت، والقلوب تزيغ، والمثبت هو الله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ (14).
    • ألا نخوض فيما لا طائل وراءه، فوقت المسلم ثمين، فماذا يزيدنا لو عرفنا عدد الفتية؟ أو أسماءهم؟ أو أعمارهم؟: ﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ﴾ (22)، إنما الفائدة المرجوة في أفعالهم وثباتهم على المبدأ، وفرارهم بدينهم يحافظون عليه، وحذرهم في تصرفاتهم.
    • أن نرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله؛ لأن النسيان منشأه من الشيطان، وذكر الله تعالى يطرد الشيطان، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان؛ فذكر الله سبب للذكر: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَدًا﴾ (24).
    • ألا نستعجل؛ فقد يحتاج التغيير بالكامل إلى ٣٠٩ سنة!: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ (25).
    • أن نلزم كل تقي نقي: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ (28).
    • أن نستعيذ بالله من أن نتكبر بسبب ما وهبنا الله من النعم, ونسأل الله أن يجعلها عونًا لنا على عبادته: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ (34).
    • أن نحذر الكبر والخيلاء، وكلما تعالينا واستكبرنا على خلق الله نتذكر: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ (37).
    • ألا نجعل المال والبنين مشغلة لنا عن عمل الصالحات: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (46).
    • أن ننتبه لكلماتنا، ونراقب حركاتنا؛ فهناك كتاب: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ (49).
    • أن نستخدم الترغيب والترهيب في دعوتنا إلى الله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ (56).
    • أن نحمل الزاد والطعام في السفر كما فعل موسى وتلميذه يوشع بن نون عليهما الصلاة والسلام: ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ (62).
    • أن نربط بين خطئنا وعذرنا؛ لأنه أرفق بصحبتنا: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ (63). • ألا نغتر بعلمنا: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ﴾ (66).
    • أن ننكر المنكر كما أنكر موسى أفعال الخضر عليهما السلام، وظن أنها منكر: ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ (71)، ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ (74).
    • ألا نعاندْ، إذا أخطَأنا اعتذرنا: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ (73)، فثقافةُ الاعتذارِ لا يعرفُ قيمتَهَا إلَّا الكبارُ.
    • أن نعمل أعمالًا صالحة يصل نفعها إلى الآخرين: ﴿يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ (77).
    • أن نجتهد في دفع الظلــم عن المظلومين أو الضعفاء: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ (79).
    • ألا نحزن على فوات شيء من الدنيا، فقد أعطاها الله ذا القرنين، وحرمها كثيرًا من الأنبياء وهم أفضل منه: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ (84).

تمرين حفظ الصفحة : 301

301

مدارسة الآية : [62] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا ..

التفسير :

[62] فلما فارقا المكان الذي نسيا فيه الحوت وشعر موسى بالجوع، قال لخادمه:أحضر إلينا طعامَ أوَّل النهار، لقد لقينا من سفرنا هذا تعباً.

فلما جاوز موسى وفتاه مجمع البحرين، قال موسى لفتاه:{ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ْ} أي:لقد تعبنا من هذا السفر المجاوز فقط، وإلا فالسفر الطويل الذي وصلا به إلى مجمع البحرين لم يجدا مس التعب فيه، وهذا من الآيات والعلامات الدالة لموسى، على وجود مطلبه، وأيضا فإن الشوق المتعلق بالوصول إلى ذلك المكان، سهل لهما الطريق، فلما تجاوزا غايتهما وجدا مس التعب

ثم بين- سبحانه- ما كان منهما بعد ذلك فقال: فَلَمَّا جاوَزا أى: المكان الذي فيه مجمع البحرين.

«قال» موسى- عليه السلام- لفتاه يوشع بن نون «آتنا غداءنا» أى: أحضر لنا ما نأكله من هذا الحوت المشوى الذي معنا: ثم علل موسى- عليه السلام- هذا الطلب بقوله: لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً أى: تعبا وإعياء.

واسم الإشارة «هذا» مشار به إلى سفرهما المتلبسين به.

قالوا: ولكن باعتبار بعض أجزائه، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لم يجد موسى شيئا من التعب حتى جاوز المكان الذي أمر به» .

وقوله : ( فلما جاوزا ) أي المكان الذي نسيا الحوت فيه ، ونسب النسيان إليهما وإن كان يوشع هو الذي نسيه ، كقوله تعالى : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) [ الرحمن : 22 ] ، وإنما يخرج من المالح في أحد القولين .

فلما ذهبا عن المكان الذي نسياه فيه مرحلة ) قال ) موسى ( لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) أي : الذي جاوزا فيه المكان ( نصبا ) يعني : تعبا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62)

يقول تعالى ذكره: ( فَلَمَّا جَاوَزَا ) موسى وفتاه مجمع البحرين، (قال) موسى (لفتاه) يوشع ( آتِنَا غَدَاءَنَا ) يقول: جئنا بغدائنا وأعطناه، وقال: آتنا غداءنا، كما يقال: أتى الغداء وأتيته، مثل ذهب وأذهبته، ( لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ) يقول: لقد لقينا من سفرنا هذا عناء وتعبا ، وقال ذلك موسى، فيما ذُكر، بعد ما جاوز الصخرة، حين ألقي عليه الجوع ليتذكر الحوت، ويرجع إلى موضع مطلبه.

التدبر :

وقفة
[62] ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ الجوع ألم وشدة، ولكن بسببه تذكر الفتى مكان فقدانه للحوت الدال على الخضر، سبحانه يؤلمك ليحبوك!
وقفة
[62] ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ في هذا دليل على جواز الإخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض، وأن ذلك لا يقدح في الرضا، ولا في التسليم للقضاء، لكن إذا لم يصدر ذلك عن ضجر ولا سخط .
وقفة
[62] ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ أن المعونة تنزل على العبد على حسب قيامه بالمأمور به، وأن الموافق لأمر الله يُعان ما لا يُعان غيره.
وقفة
[62] تأمل هذه القصة المشتملة على الرحلة في طلب العلم؛ ففيها من العبر الكثير ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾.
وقفة
[62] اليأس يأتي بعده الفرج سنة إلهية، مثالها قوله: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾، ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا﴾ [65].
وقفة
[62] ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ غداءنا! أشعر من يعملون معك بوحدة الغاية والهدف، لا تجعلهم يشعرون إنهم يعملون من أجلك، بل من أجلكم معًا.
وقفة
[62] ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ استحباب إطعام الإنسان خادمَه من مأكله، وأكلهما جميعًا؛ لأن ظاهر قوله: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعًا.
وقفة
[62] في قوله تعالى: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ دليل على اتخاذ الزاد في الأسفار، وهو رد على الجهلة الأغمار، الذين يقتحمون الصحاري والقفار، زعمًا منهم أن ذلك هو التوكل على الله الواحد القهار، هذا موسى نبي الله وكليمه من أهل الأرض قد اتخذ الزاد مع معرفته بربه، وتوكله على رب العباد.
عمل
[62] إذا كنت مع خادمك لوحدكما فليطعم معك ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾، ولم يقل: (آتني غدائي).
وقفة
[62] قال موسى لخادمه: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾، ولم يقل: (آتني غدائي)، تأمل إنها أخلاق الأنبياء، تواضع، كرم، رفق، ورحمة، يشارك خادمه في الطعام، هو نبي لله.
وقفة
[62] ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ اشتكى التعب وطلب الطعام، لا راحة لجائع.
وقفة
[62] ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ إنهـا أخلاق الأنبياء.
وقفة
[62] ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ أخبره أنك مرهق، متعب، أشعره أنه إنسان يعيش مع إنسان، لغة الأوامر جافة؛ وتكون رطبة بمثل ذلك.
عمل
[62] ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ لم يقل موسى: (لقد لقيت)، بل: (لقينا) استشعر تعب رفيقه ونصبه مع تعبه، حين تكون متعبًا لا تنسى تعب الرفاق.
وقفة
[62] ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ الارتحال لطلب العلم.
وقفة
[62] ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ كل أسفارنا في هذه الحياة لا تخلو من التعب، قد تستوقفنا بعض العقبات التي تلزمنا أن نلتف من حولها لنبلغ وجهتنا، وننعم بتحقيق أهدافنا، لو كانت الدنيا دار هناء لكان الأنبياء أحق بها.
وقفة
[62] ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ الله قدير على أن يجمع موسى بالخضر بلا نصب ولا سفر، لكن طريق العلم طريق التعب والتضحيات.
وقفة
[62] ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ جواز سفر الاثنين والثلاثة أولى، وأما الواحد: عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ» [البخاري 2998].
وقفة
[62] في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾ دليل على جواز الإخبار بما يجده الإنسان من الألم والأمراض، وأن ذلك لا يقدح في الرضا، ولا في التسليم للقضاء، ما لم يصدُرُ ذلكَ عن ضَجرٍ أو سَخطٍ.
وقفة
[62] ألا تشعر بارتياح عميق لقول موسى عليه السلام: ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾؛ لهذا يمكن أن نعبر عن آلامنا دون أن يكون ذلك ضجرًا.
وقفة
[62، 63] تأمل هذا الأدب الرفيع والخلق السامي بين موسى وفتاه عليهما السلام، فموسى يعامله كرفيق لا خادم: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا﴾، وفتاه يحمل نفسه المسئولية وحده: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾، مع أن الحقيقة أنهما (نسيا حوتهما) جميعًا، إنها أخلاق الأنبياء!

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا جاوَزا:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. وحذف مفعول «جاوزا» بتقدير: فلما جاوزا الموعد او مجمع البحرين.
  • ﴿ قالَ لِفَتاهُ:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي موسى.لفتاه: جار ومجرور متعلق بقال. وعلامة جر الاسم: الكسرة المقدرة على الالف للتعذر والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ آتِنا غَداءَنا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.آت: فعل امر مبني على حذف آخره-حرف العلة-والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-في محل نصب مفعول به اول. غداء: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَقَدْ لَقِينا:
  • اللام: لام الابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. لقي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين- مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً:
  • جار ومجرور متعلق بلقي. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر صفة -نعت-للسفر. نصبا: أي تعبا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     لما سارا وفارقا المكان الذي نسيا فيه الحوت؛ شعر موسى عليه السلام بالجوع والتعب؛ فطلب من فَتاهُ الغداءَ، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [63] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى ..

التفسير :

[63] قال له خادمه:أتذكر حين لجأنا إلى الصخرة التي استرحنا عندها؟ فإني نسيت أن أخبرك ما كان من الحوت، وما أنساني أن أذكر ذلك لك إلا الشيطان، فإن الحوت الميت دبَّتْ فيه الحياة، وقفز في البحر، واتخذ له فيه طريقاً، وكان أمره مما يُعْجَبُ منه.

قال له فتاه:{ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ْ}

أي:ألم تعلم حين آوانا الليل إلى تلك الصخرة المعروفة بينهما{ فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان ْ} لأنه السبب في ذلك{ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ْ} أي:لما انسرب في البحر ودخل فيه، كان ذلك من العجائب.قال المفسرون:كان ذلك المسلك للحوت سربا، ولموسى وفتاه عجبا، فلما قال له الفتى هذا القول، وكان عند موسى وعد من الله أنه إذا فقد الحوت، وجد الخضر، فقال موسى:{ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ْ}

وقوله- سبحانه-: قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ حكاية لما رد به يوشع على موسى- عليه السلام- عند ما طلب منه الغداء.

والاستفهام في قوله أَرَأَيْتَ للتعجب مما حدث أمامه من شأن الحوت حيث عادت إليه الحياة، وقفز في البحر، ومع ذلك نسى يوشع أن يخبر موسى عن هذا الأمر العجيب.

أى: قال يوشع لموسى- عليه السلام-: تذكر وانتبه واستمع إلى ما سألقيه عليك من خبر هذا الحوت، أرأيت ما دهانى في وقت أن أوينا ولجأنا إلى الصخرة التي عند مجمع البحرين، فإنى هناك نسيت أن أذكر لك ما شاهدته منه من أمور عجيبة، فقد عادت إليه الحياة، ثم قفز في البحر.

وقال إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ دون أن يذكر مجمع البحرين، زيادة في تحديد المكان وتعيينه. وأوقع النسيان على الحوت دون الغداء الذي طلبه منه موسى، للإشعار بأن الغداء الذي طلبه موسى منه، هو ذلك الحوت الذي فقداه.

وقوله وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ جملة معترضة جيء بها لبيان ما يجرى مجرى السبب في وقوع النسيان منه.

وقوله أَنْ أَذْكُرَهُ بدل اشتمال من الهاء في «أنسانيه» .

أى: وما أنسانى تذكيرك بما حدث من الحوت إلا الشيطان الذي يوسوس للإنسان، بوساوس متعددة، تجعله يذهل وينسى بعض الأمور الهامة.

وقوله وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً معطوف على قوله فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ.

أى: نسيت أن أخبرك بأن الحوت عند ما أوينا إلى الصخرة عادت إليه الحياة، واتخذ طريقه في البحر اتخاذا عجيبا، حيث صار يسير فيه وله أثر ظاهر في الماء، والماء من حوله كالقنطرة التي تنفذ منها الأشياء.

وعلى هذا تكون جملة، «واتخذ سبيله في البحر عجبا» ، من بقية كلام يوشع للتعجب مما حدث من الحوت، حيث عادت إليه الحياة بقدرة الله- تعالى-، واتخذ طريقه في البحر بتلك الصورة العجيبة.

وقيل: إن هذه الجملة من كلام الله- تعالى- لبيان طرف آخر من أمر هذا الحوت العجيب، بعد بيان أمره قبل ذلك بأنه اتخذ سبيله في البحر سربا.

ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح، لأن سياق الآية يدل عليه، لذا اكتفى به بعض المفسرين دون أن يشير إلى غيره.

قال الامام الرازي: قوله وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً فيه وجوه:

الأول: أن قوله عَجَباً صفة لمصدر محذوف، كأنه قيل: واتخذ سبيله في البحر اتخاذا عجبا، ووجه كونه عجبا، انقلابه من المكتل وصيرورته حيا وإلقاء نفسه في البحر.

الثاني: أن يكون المراد منه ما ذكرنا من أنه- تعالى- جعل الماء عليه كالطاق وكالسراب.

الثالث: قيل إنه تم الكلام عند قوله وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ ثم قال بعده:

عَجَباً والمقصود منه تعجب يوشع من تلك الحالة العجيبة التي رآها، ثم من نسيانه لها..

قال : ( أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) قال قتادة : وقرأ ابن مسعود : [ " وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان ] ؛ ولهذا قال : ( واتخذ سبيله ) أي : طريقه

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)

يقول تعالى ذكره: قال فتى موسى لموسى حين قال له: آتنا غداءنا لنطعم: أرأيت إذا أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت هنالك ( وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ ) يقول: وما أنساني الحوت إلا الشيطان ( أَنْ أَذْكُرَهُ ) فأن في موضع نصب ردّا على الحوت، لأن معنى الكلام: وما أنساني أن أذكر الحوت إلا الشيطان سبق الحوت إلى الفعل، وردّ عليه قوله ( أَنْ أَذْكُرَهُ ) وقد ذكر أن ذلك في مصحف عبد الله: وما أنسانيه أن أذكره إلا الشيطان.

حدثني بذلك بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ، حدثني العباس بن الوليد قال: سمعت محمد بن معقل، يحدّث عن أبيه، أن الصخرة التي أوى إليها موسى هي الصخرة التي دون نهر الذئب (1) على الطريق ( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) يعجب منه.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) قال: موسى يعجب من أثر الحوت في البحر ودوراته التي غاب فيها، فوجد عندها خضرا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله : ( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) فكان موسى لما اتخذ سبيله في البحر عجبا، يعجب من سرب الحوت.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) قال: عجب والله حوت كان يوكل منه أدهرا، أيّ شيء أعجب من حوت كان دهرا من الدهور يؤكل منه، ثم صار حيا حتى حشر في البحر.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: جعل الحوت لا يمسّ شيئا في البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يعجب من ذلك.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا الحسن بن عطية، قال: ثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) قال: يعني كان سرب الحوت في البحر لموسى عجبا.

------------------------

الهوامش:

(1) في ( عرائس المجالس للثعلبي المفسر ، طبعة الحلبي ص 218 ) : دون نهر الزيت .

التدبر :

وقفة
[63] ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ استحباب كون خادم الإنسان ذكيًّا فطنًا كَيِّسًا ليتم له أمره الذي يريده.
لمسة
[63] ‏﴿أَرَأَيْتَ﴾ صيغتها صيغة سؤال وحقيقتها تعجب، يعجّبه من هذا الشيء، أرأيت إلى كذا؟ بمعنى اعجب من أمري؛ لأنه سيذكر له أمرًا عجبًا.
وقفة
[63] ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ نسي يوشع بن نون عليه السلام، أهم ما يحتاجون إليه في رحلة صعبة؛ لا تلم أحدًا على النسيان.
وقفة
[63] ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ قد يبتليك الله بالنسيان؛ ليسوق لك خيرًا لا تتوقعه.
وقفة
[63] موسى عفا عن خادمه حين نسى ﴿فإنّي نسيتُ الحوت﴾، ثم الخضر عفا عن موسى حين نسى ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ [73]، سترى بعينيك آثار إحسانك.
وقفة
[63] ﴿فإنّي نسيتُ الحوت﴾ أضاعوا الحوت ‏فوجدوا الخضر، ‏يبتليك الله بالنسيان ‏ليسوق لك خيرًا لا تتوقعه، ‏النسيان عطاءٌ من الله.
وقفة
[63] ﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ من حق رفاقك عليك حين تخطئ، أن تظهر شيئًا من الحَرج والاعتذار.
وقفة
[63] أشياء كثيرة في هذه الحياة لَمْ تُوْجَد لتَبقى معك، لها وقتُها وأجلُها المسمَّى، بل إن فقدانَها ﴿فإنّي نسيتُ الحوت﴾ قد يكونُ إيذانًا بِبابٍ واسع من العطاء ينتظرُك ﴿فَوَجَدا﴾ [65].
وقفة
[63] ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾ أي أن الحوت وهو مشوي عادت له الحياة، وقفز في البحر، وهو شيء عجيب.
عمل
[63] ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ اربط بين خطئك وعذرك؛ لأنه أرفق بصحبتك.
وقفة
[63] ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ تقديم العذر مع ذكر الخطأ؛ أبلغ في القبول والتماس الصفح.
وقفة
[63] ‏﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ حين يكون النسيان فوات لأمر فيه خير فاعلم أنه من الشيطان.
وقفة
[63] ﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره.
تفاعل
[63] ﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
وقفة
[61-63] قال سبحانه مخبرًا عن قصة موسى مع فتاه: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾، وقال سبحانه وتعالى بعد ذلك على لسان الغلام:﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾، ولعلنا نتساءل لماذا جاءت ﴿سَرَبًا﴾ في الوصف الأول، وجاءت ﴿عَجَبًا﴾ في الوصف الثاني؟ في قصة موسى والخضر جاء وصف رجوع الحوت إلى البحر في سياق إخبار الله ﴿سَرَبًا﴾، وفي وصف الفتى: ﴿عَجَبًا﴾، لعل ذلك؛ لأن الوصف الأول هو وصف الله سبحانه للأمر، وخروج السمكة حية بعد أن كانت ميتة، ودخولها في البحر: أمر هين ويسير على الخالق، أما بالنسبة لمخلوق كغلام موسى، فإنه أمر في غاية العجب، لذلك قال: ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.وما بعده في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ أَرَأَيْتَ:
  • بمعنى «اخبرني» الالف الف تعجب او تقرير وتنبيه في لفظ‍ استفهام.رأى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب. التاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. ومفعوله محذوف بتقدير: أرأيت ما دهاني. او أرأيت ما حدث.
  • ﴿ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ:
  • اذ: ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بأرأيت. أوى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. الى الصخرة: جار ومجرور متعلق بأوينا. وجملة أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «اذ».
  • ﴿ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ:
  • الفاء استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».نسيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. الحوت: مفعول به منصوب بالفتحة. وجملة نَسِيتُ الْحُوتَ» في محل رفع خبر ان.
  • ﴿ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها.انسى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. النون للوقاية لا محل لها. الياء ضمير المتكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به اول والهاء ضمير متصل مبني على الضم-على الاصل-في محل نصب مفعول به ثان. الا: اداة حصر لا عمل لها. الشيطان: فاعل مرفوع بالضمة
  • ﴿ أَنْ أَذْكُرَهُ:
  • ان حرف مصدري ناصب. اذكره: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب بدل من الضمير-الهاء-في-انسانيه-وهو بدل اشتمال. بتقدير: وما انساني ذكره الا الشيطان.
  • ﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً:
  • تعرب إعراب «واتخذ سبيله في البحر سربا» الواردة في الآية الكريمة الحادية والستين. اي واتخذ سبيله سبيلا عجبا وهو كونه شبيه السرب. او قال عجبا في آخر كلامه تعجبا من حاله في رؤية تلك العجيبة ونسيانه لها او مما رأى من المعجزتين. '

المتشابهات :

الكهف: 61﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَـ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا
الكهف: 63﴿وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [63] لما قبلها :     لما طلبَ موسى عليه السلام من فتاه الغداء؛ ردَّ عليه هنا، بأنه نسي أن يخبره بأن الحوت عادت إليه الحياة، وسقط في البحر، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وما أنسانيه:
وقرئ:
بإمالة السين، عن الكسائي.
أن أذكره:
وقرئ:
أن أذكركه، وهى قراءة عبد الله، وكذا هى فى مصحفه.
واتخذ:
قرئ:
واتخاذ، على المصدر، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [64] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ..

التفسير :

[64] قال موسى:ما حصل هو ما كنا نطلبه، فإنه علامة لي على مكان العبد الصالح، فرجعا يقصان آثار مشيهما حتى انتهيا إلى الصخرة.

تفسير الآيتين 64 و 65:ـ

{ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ْ} أي:نطلب{ فَارْتَدَّا ْ} أي:رجعا{ عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ْ} أي رجعا يقصان أثرهما إلى المكان الذي نسيا فيه الحوت فلما وصلا إليه، وجدا عبدا من عبادنا، وهو الخضر، وكان عبدا صالحا، لا نبيا على الصحيح.

آتيناه [رحمة من عندنا أي:أعطاه الله رحمة خاصة بها زاد علمه وحسن عمله{ وَعَلَّمْنَاهُ ْ}]{ مِنْ لَدُنَّا ْ} [أي:من عندنا] عِلْمًا، وكان قد أعطي من العلم ما لم يعط موسى، وإن كان موسى عليه السلام أعلم منه بأكثر الأشياء، وخصوصا في العلوم الإيمانية، والأصولية، لأنه من أولي العزم من المرسلين، الذين فضلهم الله على سائر الخلق، بالعلم، والعمل، وغير ذلك، فلما اجتمع به موسى قال له على وجه الأدب والمشاورة، والإخبار عن مطلبه.

وهنا يحكى القرآن ما يدل على أن موسى- عليه السلام- قد أدرك أنه تجاوز المكان الذي حدده له ربه- تعالى- للقاء العبد الصالح فقال: قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ، فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً.

أى قال موسى لفتاه: ذلك الذي ذكرته لي من أمر نسيانك لخبر الحوت هو الذي كنا نبغيه ونطلبه، فإن العبد الصالح الذي نريد لقاءه موجود في ذلك المكان الذي فقدنا فيه الحوت.

فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً أى: فرجعا من طريقهما الذي أتيا منه، يتتبعان آثارهما لئلا يضلا عنه، حتى انتهيا عائدين مرة أخرى إلى موضع الصخرة التي فقد الحوت عندها.

وقصصا: من القص بمعنى اتباع الأثر. يقال: قص فلان أثر فلان قصا وقصصا إذا تتبعه.

( في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغ ) أي : هذا الذي نطلب ( فارتدا ) أي : رجعا ( على آثارهما ) أي طريقهما ( قصصا ) أي : يقصان أثر مشيهما ، ويقفوان أثرهما .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)

يقول تعالى ذكره: ف (قال) موسى لفتاه (ذلك) يعني بذلك: نسيانك الحوت ( مَا كُنَّا نَبْغِ ) يقول: الذي كنا نلتمس ونطلب، لأن موسى كان قيل له صاحبك الذي تريده حيث تنسى الحوت.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ) قال موسى: فذلك حين أخبرت أني واجد خضرا حيث يفوتني الحوت.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: حيث يفارقني الحوت.

وقوله: ( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) يقول: فرجعا في الطريق الذي كانا قطعاه ناكصين على أدبارهما يمصان آثارهما التي كانا سلكاهما.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال : ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، قوله: (قَصصًا) قال: اتبع موسى وفتاه أثر الحوت، فشقا البحر راجعين.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: ( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) قال: اتباع موسى وفتاه أثر الحوت بشقّ البحر، وموسى وفتاه راجعان وموسى يعجب من أثر الحوت في البحر، ودوراته التي غاب فيها.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: رجعا عودهما على بدئهما( فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا )

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : ( ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) : " أيْ يَقُصَّانِ آثارَهما حتى انْتَهَيا إلى مَدْخَلِ الحوُت ".

التدبر :

وقفة
[64] ﴿ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ هذا غاية ما يريد، حيث لما سمع موسى بالخضر، لم يقر له قرارًا حتى لقيه وطلب منه متابعته وتعليمه.
وقفة
[64] ﴿قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ ربما كان الرجوع إلى الخلف أكثر نفعًا من التقدم إلى الأمام.
عمل
[64] ﴿فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ ابحث في طريق طلبك للعلم عن علماء قد ابتعدوا عن الأضواء.
وقفة
[62-64] ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ تدبر قصة موسى مع فتاه وخادمه؛ تجد كرم الخلق، ولطافة المعاملة، وحسن الصحبة: يخبره بتفاصيل مسيره، ويشركه في طعامه، ويعذره في خطئه، بل يدخل السرور على نفسه إذهابًا لروعه: ﴿ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ ، وتأمل واقع كثير من الناس مع خدمهم، بل مع أبنائهم وطلابهم تدرك أين هم من أخلاق النبوة.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ ذلِكَ:
  • ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. والاشارة الى امر الحوت او اشارة الى اتخاذه سبيلا. اي ذلك الذي كنا نطلب.
  • ﴿ ما كُنّا نَبْغِ:
  • أي ذلك ما كنا نطلب: ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. و «كنا» فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».نبغ: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة في الوصل اتباعا لخط‍ المصحف. وهي ضمير المتكلمين مبني على السكون. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. وجملة «نبغي» في محل نصب خبر «كان».والجملة الاسمية «هو ما كنا نبغي» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلك».وجملة كُنّا نَبْغِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَارْتَدّا:
  • اي فرجعا: الفاء استئنافية. ارتدا: فعل ماض مبني على الفتح والالف ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل-الف الاثنين-,
  • ﴿ عَلى آثارِهِما:
  • جار ومجرور متعلق بارتدا. والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الميم: عماد. والالف علامة التثنية لا محل لها. بمعنى يتبعان آثارهما او يقصان آثارهما.
  • ﴿ قَصَصاً:
  • مصدر-مفعول مطلق-منصوب بالفتحة بمعنى: يقصان آثارهما قصصا. او يتبعان آثارهما تتبعا ويجوز ان يكون نصبها على الحال بتقدير:فارتدا مقتصين. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     ولَمَّا علم موسى عليه السلام ما كان من أمر الحوت؛ قال: «هذا ما كنا نطلب»، ثم رجعا، قال تعالى:
﴿ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نبغ:
قرئ:
1- بغير ياء فى الوصل، وإثباتها أحسن، وهى قراءة أبى عمرو، والكسائي، ونافع.
2- أما الوقف فالأكثر فيه طرح الياء، اتباعا لرسم المصحف.
3- وأثبتها فى الحالين ابن كثير.

مدارسة الآية : [65] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ ..

التفسير :

[65] فوجدا هناك عبداً صالحاً من عبادنا هو الخَضِر عليه السلام -وهو نبي من أنبياء الله توفاه الله-، آتيناه رحمة من عندنا، وعَلَّمْناه مِن لدنَّا علماً عظيماً.

تفسير الآيتين 64 و 65:ـ

{ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ْ} أي:نطلب{ فَارْتَدَّا ْ} أي:رجعا{ عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ْ} أي رجعا يقصان أثرهما إلى المكان الذي نسيا فيه الحوت فلما وصلا إليه، وجدا عبدا من عبادنا، وهو الخضر، وكان عبدا صالحا، لا نبيا على الصحيح.

آتيناه [رحمة من عندنا أي:أعطاه الله رحمة خاصة بها زاد علمه وحسن عمله{ وَعَلَّمْنَاهُ ْ}]{ مِنْ لَدُنَّا ْ} [أي:من عندنا] عِلْمًا، وكان قد أعطي من العلم ما لم يعط موسى، وإن كان موسى عليه السلام أعلم منه بأكثر الأشياء، وخصوصا في العلوم الإيمانية، والأصولية، لأنه من أولي العزم من المرسلين، الذين فضلهم الله على سائر الخلق، بالعلم، والعمل، وغير ذلك، فلما اجتمع به موسى قال له على وجه الأدب والمشاورة، والإخبار عن مطلبه.

ثم حكى القرآن ما تم لهما بعد أن عادا إلى مكانهما الأول فقال: فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً.

أى: وبعد أن عادا إلى مكان الصخرة عند مجمع البحرين مرة أخرى وجدا «عبدا من عبادنا» الصالحين. والتنكير في «عبدا» للتفخيم، والإضافة في «عبادنا» للتشريف والتكريم.

آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا أى: هذا العبد الصالح منحناه وأعطيناه رحمة عظيمة من عندنا وحدنا لا من عند غيرنا: واختصصناه بها دون غيره.

وهذه الرحمة تشمل النعم التي أنعم الله- تعالى- بها عليه- كنعمة الهداية والطاعة وغيرهما.

وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً أى: وعلمناه من عندنا لا من عند غيرنا علما خاصا، لا يتيسر إلا لمن نريد تيسيره ومنحه له.

والمراد بهذا العبد: الخضر- عليه السلام- كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة.

ومن العلماء من يرى أنه كان نبيا، ومنهم من يرى أنه كان عبدا صالحا اختصه الله بلون معين من العلم اللدني.

أخرج البخاري وغيره عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما سمى الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء» .

ويرى المحققون من العلماء أنه قد مات كما يموت سائر الناس. وإلى ذلك ذهب الإمام البخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم وغيرهم.

ويرى آخرون أنه حي وسيموت في آخر الزمان.

قال ابن القيم: إن الأحاديث التي يذكر فيها أنه حي كلها كذب، ولا يصح في ذلك حديث واحد. وهذه المسألة من المسائل التي فصل العلماء الحديث عنها. فارجع إلى أقوالهم فيها إن شئت .

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك، ما دار بين موسى والخضر- عليهما السلام- بعد أن التقيا فقال- تعالى-:

( فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما ) وهذا هو الخضر ، عليه السلام ، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . بذلك قال البخاري :

حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو بن دينار ، أخبرني سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل . قال ابن عباس : كذب عدو الله ، حدثنا أبي بن كعب - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم ؟ قال : أنا . فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه ، فأوحى الله إليه : إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك . فقال موسى : يا رب ، وكيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتا ، تجعله بمكتل ، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم . فأخذ حوتا ، فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون عليهما السلام ، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رءوسهما فناما ، واضطرب الحوت في المكتل ، فخرج منه ، فسقط في البحر واتخذ سبيله في البحر سربا ، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء ، فصار عليه مثل الطاق . فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت ، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما ، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه : ( آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمره الله به . قال له فتاه : ( أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ) قال : " فكان للحوت سربا ولموسى وفتاه عجبا ، فقال : ( ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا ) . قال : " فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة ، فإذا رجل مسجى بثوب ، فسلم عليه موسى ، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام! . قال : أنا موسى . قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم ، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا . ( قال إنك لن تستطيع معي صبرا ) ، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه ، لا تعلمه أنت ، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه . فقال موسى : ( ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ) قال له الخضر : ( فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ) .

فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوه ، فعرفوا الخضر ، فحملوهم بغير نول ، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم ، فقال له موسى : قد حملونا بغير نول ، فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟ لقد جئت شيئا إمرا . ( قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ) قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كانت الأولى من موسى نسيانا " . قال : وجاء عصفور فنزل على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة ، [ أو نقرتين ] فقال له الخضر : ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر .

ثم خرجا من السفينة ، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان ، فأخذ الخضر رأسه [ بيده ] فاقتلعه بيده فقتله ، فقال له موسى : ( أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ) ؟ ! قال : " وهذه أشد من الأولى " ، ( قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ) قال : مائل . فقال الخضر بيده : ( فأقامه ) ، فقال موسى : قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا ، ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما " .

قال سعيد بن جبير : كان ابن عباس يقرأ : " وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا " وكان يقرأ : " وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين " .

ثم رواه البخاري عن قتيبة ، عن سفيان بن عيينة . . . فذكر نحوه ، وفيه : " فخرج موسى ومعه فتاه يوشع بن نون ، ومعهما الحوت حتى انتهيا إلى الصخرة ، فنزلا عندها - قال : فوضع موسى رأسه فنام - قال سفيان : وفي حديث غير عمرو قال : وفي أصل الصخرة عين يقال لها : الحياة ، لا يصيب من مائها شيء إلا حيي : فأصاب الحوت من ماء تلك العين ، قال ، فتحرك وانسل من المكتل ، فدخل البحر ، فلما استيقظ قال موسى لفتاه : ( آتنا غداءنا ) كذا قال : وساق الحديث . ووقع عصفور على حرف السفينة ، فغمس منقاره في البحر ، فقال الخضر لموسى : ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره وذكر تمامه بنحوه .

وقال البخاري أيضا : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام بن يوسف ، أن ابن جريج أخبرهم قال : أخبرني يعلى بن مسلم وعمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير - يزيد أحدهما على صاحبه - وغيرهما قد سمعته يحدث عن سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته ، إذ قال : سلوني . فقلت : أي أبا عباس ، جعلني الله فداك ، بالكوفة رجل قاص ، يقال له : " نوف " يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل - أما عمرو فقال لي : قال : كذب عدو الله! وأما يعلى فقال لي : قال ابن عباس : حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " موسى رسول الله ، ذكر الناس يوما ، حتى إذا فاضت العيون ، ورقت القلوب ، ولى فأدركه رجل فقال : أي رسول الله ، هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا . فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله ، قيل : بلى قال : أي رب ، وأين ؟ قال : بمجمع البحرين . قال : أي رب ، اجعل لي علما أعلم ذلك به " . قال لي عمرو : قال : حيث يفارقك الحوت ، وقال لي يعلى : خذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح . فأخذ حوتا فجعله في مكتل ، فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني حيث يفارقك الحوت ، قال ما كلفت كبيرا . فذلك قوله : ( وإذ قال موسى لفتاه ) يوشع بن نون ، ليست عند سعيد بن جبير ، قال : " فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه : لا أوقظه ، حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره ، وتضرب الحوت حتى دخل البحر ، فأمسك الله عنه جرية الماء حتى كأن أثره في حجر " . [ قال : فقال لي عمرو : هكذا كأن أثره في حجر ] ، وحلق بين إبهاميه والتي تليهما : ( لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) قال : " وقد قطع الله عنك النصب " ليست هذه عند سعيد - أخبره ، فرجعا فوجدا خضرا . قال : قال عثمان بن أبي سليمان : على طنفسة خضراء على كبد البحر . قال سعيد بن جبير : مسجى بثوب ، قد جعل طرفه تحت رجليه ، وطرفه تحت رأسه ، فسلم عليه موسى ، فكشف عن وجهه ، وقال : هل بأرض من سلام ؟ من أنت ؟ قال أنا موسى . قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم . قال : فما شأنك ؟ قال : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا . قال : يكفيك التوراة بيدك ، وأن الوحي يأتيك! . يا موسى ، إن لي علما لا ينبغي لك أن تعلمه ، وإن لك علما لا ينبغي لي أن أعلمه . فأخذ طائر بمنقاره من البحر [ فقال : والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر ] ، حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل هذا الساحل إلى هذا الساحل الآخر عرفوه ، فقالوا : عبد الله الصالح ؟ . قال فقلنا لسعيد : خضر ؟ قال : نعم . لا نحمله بأجر . فخرقها ، ووتد فيها وتدا . قال موسى : ( أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا ) . قال مجاهد : منكرا . قال : ( ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ) كانت الأولى نسيانا ، والوسطى شرطا ، والثالثة عمدا ( قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا ) . حتى لقيا غلاما فقتله . قال يعلى : قال سعيد ، وجد غلمانا يلعبون ، فأخذ غلاما كافرا ظريفا فأضجعه ، ثم ذبحه بالسكين ، فقال : ( أقتلت نفسا زكية ) لم تعمل بالحنث . وابن عباس قرأها ( زكية ) - " زاكية " مسلمة ، كقولك : غلاما زكيا فانطلقا ، فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه ، قال [ سعيد ] بيده هكذا ، ورفع يده فاستقام - قال يعلى : حسبت أن سعيدا قال : فمسحه بيده فاستقام - قال : ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا ) قال سعيد : أجرا نأكله ( وكان وراءهم ملك ) وكان أمامهم ، قرأها ابن عباس : " أمامهم ملك " يزعمون عن غير سعيد أنه هدد بن بدد ، والغلام المقتول اسمه - يزعمون - جيسور ( ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) فأردت إذا هي مرت به أن يدعها بعيبها ، فإذا جاوزه أصلحوها فانتفعوا بها . ومنهم من يقول : سدوها بقارورة . ومنهم من يقول : بالقار . ( فكان أبواه مؤمنين ) وكان كافرا ، ( فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ) . أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه ( فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة ) كقوله : ( أقتلت نفسا زكية ) ، ( وأقرب رحما ) : هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر . وزعم غير سعيد بن جبير أنهما أبدلا جارية . وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد : إنها جارية .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : خطب موسى ، عليه السلام ، بني إسرائيل فقال : ما أحد أعلم بالله وبأمره مني . فأمر أن يلقى هذا الرجل . فذكر نحو ما تقدم بزيادة ونقصان ، والله أعلم .

وقال محمد بن إسحاق ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب فقال بعضهم : يا أبا العباس ، إن نوفا ابن امرأة كعب ، يزعم عن كعب أن موسى النبي الذي طلب العالم إنما هو موسى بن ميشا ؟ قال سعيد : فقال ابن عباس : أنوف يقول هذا ؟ قال سعيد : فقلت له : نعم ، أنا سمعت نوفا يقول ذلك . قال : أنت سمعته يا سعيد ؟ قال : قلت : نعم . قال : كذب نوف . ثم قال ابن عباس : حدثني أبي بن كعب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن موسى بني إسرائيل سأل ربه فقال : أي رب ، إن كان في عبادك أحد هو أعلم مني ، فدلني عليه . فقال له : نعم ، في عبادي من هو أعلم منك . ثم نعت له مكانه وأذن له في لقيه . فخرج موسى ومعه فتاه ، ومعه حوت مليح ، قد قيل له : إذا حيي هذا الحوت في مكان ، فصاحبك هنالك ، وقد أدركت حاجتك . فخرج موسى ومعه فتاه ، ومعه ذلك الحوت يحملانه ، فسار حتى جهده السير ، وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء ، وذلك الماء ماء الحياة ، من شرب منه خلد ، ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي . فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي ( فاتخذ سبيله في البحر سربا ) فانطلقا فلما جاوز منقلبه قال : موسى لفتاه : ( آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ) قال الفتى - وذكر - : ( أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ) . قال ابن عباس : فظهر موسى على الصخرة حتى إذا انتهيا إليها ، فإذا رجل متلفف في كساء له ، فسلم موسى ، فرد عليه العالم ثم قال له : ما جاء بك إن كان لك في قومك لشغل ؟ . قال له موسى : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا ( قال إنك لن تستطيع معي صبرا ) وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علم ذلك - فقال موسى : بلى . قال : ( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) ؟ أي : إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل ، ولم تحط من علم الغيب بما أعلم . ( قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ) وإن رأيت ما يخالفني ، قال : ( فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء ) [ وإن أنكرته ] ( حتى أحدث لك منه ذكرا ) : فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس ، يلتمسان من يحملهما ، حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة ، لم يمر بهما من السفن أحسن ولا أكمل ولا أوثق منها . فسألا أهلها أن يحملوهما ، فحملوهما ، فلما اطمأنا فيها ولججت بهما مع أهلها ، أخرج منقارا له ومطرقة ، ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها . ثم أخذ لوحا فطبقه عليها ، ثم جلس عليها يرقعها ، فقال : له موسى - ورأى أمرا أفظع به - : ( أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ) أي : بما تركت من عهدك ، ( ولا ترهقني من أمري عسرا ) . ثم خرجا من السفينة فانطلقا ، حتى أتيا أهل قرية ، فإذا غلمان يلعبون خلفها ، فيهم غلام ليس في الغلمان غلام أظرف منه ولا أثرى ولا أوضأ منه ، فأخذه بيده ، وأخذ حجرا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله ، قال : فرأى موسى أمرا فظيعا لا صبر عليه ، صبي صغير قتله لا ذنب له قال : ( أقتلت نفسا زكية ) أي صغيرة ( بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا ) أي : قد أعذرت في شأني . ( فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض ) ، فهدمه ثم قعد يبنيه ، فضجر موسى مما يراه يصنع من التكليف ، وما ليس عليه صبر ، قال : ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا ) أي : قد استطعمناهم فلم يطعمونا ، وضفناهم فلم يضيفونا ، ثم قعدت تعمل من غير صنيعة ، ولو شئت لأعطيت عليه أجرا في عمله ؟ . قال : ( هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) - وفي قراءة أبي بن كعب : " كل سفينة صالحة " - وإنما عبتها لأرده عنها ، فسلمت حين رأى العيب الذي صنعت بها . ( وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ) أي : ما فعلته عن نفسي ، ( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ) وكان ابن عباس يقول : ما كان الكنز إلا علما .

وقال العوفي ، عن ابن عباس قال : لما ظهر موسى وقومه على مصر ، أنزل قومه ، فلما استقرت بهم الدار ، أنزل الله : أن ذكرهم بأيام الله فخطب قومه ، فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة ، وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون ، وذكرهم هلاك عدوهم ، وما استخلفهم الله في الأرض ، وقال : كلم الله نبيكم تكليما ، واصطفاني لنفسه ، وأنزل علي محبة منه ، وآتاكم الله من كل ما سألتموه ؛ فنبيكم أفضل أهل الأرض ، وأنتم تقرءون التوراة ، فلم يترك نعمة أنعمها عليهم إلا وعرفهم إياها . فقال له رجل من بني إسرائيل : هم كذلك يا نبي الله ، قد عرفنا الذي تقول ، فهل على الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله ؟ قال : لا . فبعث الله جبرائيل إلى موسى ، عليهما السلام ، فقال : إن الله [ عز وجل ] يقول : وما يدريك أين أضع علمي ؟ بلى . إن على شط البحر رجلا هو أعلم منك - قال ابن عباس : هو الخضر - فسأل موسى ربه أن يريه إياه ، فأوحى إليه : أن ائت البحر ، فإنك تجد على شط البحر حوتا ، فخذه فادفعه إلى فتاك ، ثم الزم شط البحر ، فإذا نسيت الحوت وهلك منك ، فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب . فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه ، سأل فتاه عن الحوت ، فقال له فتاه وهو غلامه : ( أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ) لك ، قال الفتى : لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك موسى ، فرجع حتى أتى الصخرة ، فوجد الحوت ، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى ، وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء يتبع الحوت ، وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس ، حتى يكون صخرة ، فجعل نبي الله يعجب من ذلك ، حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر ، فلقي الخضر بها فسلم عليه ، فقال الخضر : وعليك السلام ، وأنى يكون السلام بهذه الأرض ؟ ومن أنت ؟ قال : أنا موسى . فقال الخضر : أصاحب بني إسرائيل ؟ [ قال : نعم ] فرحب به وقال : ما جاء بك ؟ قال جئتك ( على أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا ) يقول : لا تطيق ذلك . قال موسى ( ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ) قال : فانطلق به ، وقال له : لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه ، فذلك قوله : ( حتى أحدث لك منه ذكرا )

وقال الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس : أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى ، فقال ابن عباس : هو خضر . فمر بهما أبي بن كعب فدعاه ابن عباس فقال : إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه ، فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بينا موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال : تعلم مكان رجل أعلم منك ؟ قال : لا ؛ فأوحى الله إلى موسى بلى عبدنا خضر . فسأل موسى السبيل إلى لقيه فجعل الله له الحوت آية وقيل له : إذا فقدت الحوت [ فهو ثمة ] فارجع ، فإنك ستلقاه . فكان موسى يتبع أثر الحوت في البحر . فقال فتى موسى لموسى : ( أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت ) قال موسى ( ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا ) فوجدا عبدنا خضرا فكان من شأنهما ما قص الله في كتابه .

القول في تأويل قوله : ( فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ) يقول: وهبنا له رحمة من عندنا( وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) يقول: وعلمناه من عندنا أيضا علما.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) : أي من عندنا علما. وكان سبب سفر موسى صلى الله عليه وسلم وفتاه، ولقائه هذا العالم الذي ذكره الله في هذا الموضع فيما ذكر ، أن موسى سئل: هل في الأرض ، أعلم منك؟ فقال: لا أو حدّثته نفسه بذلك، فكره ذلك له، فأراد الله تعريفه أن من عباده في الأرض من هو أعلم منه، وأنه لم يكن له أن يحتم على ما لا علم له به، ولكن كان ينبغي له أن يكل ذلك إلى عالمه.

وقال آخرون: بل كان سبب ذلك أنه سأل الله جلّ ثناؤه أن يدله على عالم يزداد من علمه إلى علم نفسه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا يعقوب، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عباس، قال ": سأل موسى ربه وقال: ربّ أيّ عبادك أحبّ إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني ، قال: فأيّ عبادك أقضي؟ قال: الذي يقضي بالحقّ ولا يتبع الهوى ، قال: أي ربّ أيّ عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علم نفسه، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى، أو تردّه عن رَدى ، قال: ربّ فهل في الأرض أحد؟ (2) قال: نعم ، قال: رب، فمن هو؟ قال: الخضر ، قال: وأين أطلبه؟

قال: على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت، قال: فخرج موسى يطلبه ، حتى كان ما ذكر الله، وانتهى إليه موسى عند الصخرة، فسلم كلّ واحد منهما على صاحبه، فقال له موسى: إني أريد أن تستصحبني، قال : إنك لن تطيق صحبتي، قال: بلى، قال: فإن صحبتني فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ...إلى قوله: لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قال: فكان قول موسى في الجدار لنفسه، ولطلب شيء من الدنيا، وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله، قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا فأخبره بما قال أما السفينة وأما الغلام وأما الجدار، قال: فسار به في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحور، وليس في الأرض مكان أكثر ماء منه، قال: وبعث ربك الخُطَّاف فجعل يستقي منه بمنقاره، فقيل لموسى: كم ترى هذا الخطاف رَزَأَ (3) من هذا الماء؟ قال: ما أقلّ ما رَزَأ، قال: يا موسى فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء ، وكان موسى قد حدّث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه، أو تكلم به، فمن ثَم أمِرَ أن يأتي الخضر.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: خطب موسى بني إسرائيل، فقال: ما أحد أعلم بالله وبأمره مني، فأوحى الله إليه أن يأتي هذا الرجل.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة أنه قيل له: إن آية لقيك إياه أن تنسى بعض متاعك ، فخرج هو وفتاه يوشع بن نون، وتزودا حوتا مملوحا، حتى إذا كانا حيث شاء الله، ردّ الله إلى الحوت روحه، فسرب في البحر، فاتخذ الحوت طريقه سربا في البحر، فسرب فيه فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ... حتى بلغ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا فكان موسى اتخذ سبيله في البحر عجبا، فكان يعجب من سرب الحوت.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: لما اقتص موسى أثر الحوت انتهى إلى رجل، راقد قد سجى عليه ثوبه فسلم عليه موسى فكشف الرجل عن وجهه الثوب وردّ عليه السلام وقال: من أنت؟ قال: موسى، قال: صاحب بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: أوَما كان لك في بني إسرائيل شغل؟ قال: بلى ، ولكني أمرت أن آتيك وأصحبك، قال: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ، كما قصّ الله، حَتَّى بلغ فلما رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا صاحب موسى قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا يقول: نكرا قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ .

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: إن نوفا يزعم أن الخضر ليس بصاحب موسى، فقال: كذب عدوّ الله. حدثنا أبيّ بن كعب، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ مُوسَى قامَ في بَنِي إسْرَائِيلَ خَطِيبا فَقِيلَ: أيُّ النَّاس أعْلَمُ؟ فَقالَ: أنا، فعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إلَيْهِ، فقالَ: بَلَى عَبْدٌ لي عِنْدَ مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، فَقالَ: يا رَبّ كَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ: تَأْخُذُ حُوتا، فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ قالَ لِفَتاهُ: إذَا فَقَدْتَ هَذَا الحُوتَ فَأَخْبِرْنِي، فانْطَلَقَا يَمْشيانِ عَلى ساحِلِ البَحْرِ حتى أتَيا صَخْرَةً، فَرَقَدَ مُوسَى، فاضْطَرَبَ الحُوتُ فِي المِكْتَلِ، فَخَرَجَ فَوَقَعَ فِي البَحْرِ، فأمْسَكَ اللهُ عَنْهُ جرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَصَارَ للْحُوتِ سَرَبا وكانَ لَهُما عَجَبا ، ثُمَّ انْطَلَقا، فَلَمَّا كانَ حِينَ الغَدِ، قالَ مُوسَى لِفَتاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ، قال: وَلمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حتى جاوَزَ حَيْثُ أمَرَهُ اللهُ قالَ: فَقالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قال: فقال: ( ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ) .

قال: يَقُصَّانِ آثارَهما، قال: فآتيَا الصَّخْرَةَ، فإذَا رَجُلٌ نائمٌ مُسَجًى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَقالَ: وأنَّي بأرْضِنَا السَّلامُ؟ فَقالَ: أنا مُوسَى، قال: مُوسَى بَنِي إسْرائِيلَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: يا مُوسَى، إنّي عَلى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ الله ؛ عَلَّمَنِيهِ اللهُ لا تعْلَمُهُ، وأنْتَ عَلى عِلْمٍ من عِلْمِهِ عَلَّمَكَهُ لا أعْلَمُهُ، قالَ: فإنّي أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ، قال: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ، فانْطَلَقا يَمْشِيان عَلى السَّاحِل، فَعُرِفَ الخَضِرُ، فَحُمِلَ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلى حَرْفِها فنَقَرَ، أو فَنَقَر فِي المَاءِ، فَقالَ الخَضِرُ لِمُوسَى: ما نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إلا مِقْدَارَ ما نَقَرَ أوْ نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ مِنَ البَحْرِ". أبو جعفر الطبري يشكّ، وهو في كتابه نَقَر، قال: " فَبَيْنَما هُوَ إذْ لَمْ يَفْجَأهُ مُوسَى إلا وَهُوَ يَتِدُ وَتدًا أوْ يَنـزعُ تَخْتا مِنْها، فَقالَ لَهُ مُوسَى: حُمِلْنا بغَيرِ نَوْلٍ وتخْرِقُها لِتُغْرِقَ أهْلَها؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ، قال: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ، قالَ: لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ، قالَ: وكانَتِ الأوَلى منْ مُوسَى نِسْيانا ، قالَ: ثُمَّ خَرَجا فانْطَلَقا يَمْشِيانِ، فَأبْصَرَا غُلاما يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأخَذَ برأْسه فَقَتَلَهُ، فَقالَ لَهُ مُوسَى : أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّهً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شيئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا . قالَ: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ، فَلَم يَجِدَا أحَدًا يُطْعِمُهُمْ ولا يَسْقِيهِمْ، فَوَجَدَا فِيها جِدَارًا يُرِيدُ أن يَنْقَضّ، فأقامَهُ بِيَدِهِ، قالَ: مَسَحَه بِيَدِهِ ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: لَمْ يُضَيِّفُونا وَلمْ يُنـزلُونا، لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ، قالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَوَدِدْتُ أنَّهُ كانَ صَبَرَ حتى يَقُصَّ عَلَيْنا قَصَصهُم ".

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، قال: جلست فأسْنَدَ ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب، فقال بعضهم: يا أبا العباس، إن نوفا ابن امرأة كعب يزعم عن كعب، أن موسى النبيّ الذي طلب العالم، إنما هو موسى بن ميشا ، قال سعيد ، قال ابن عباس: أنوف يقول هذا؟ قال سعيد: فقلت له نعم، أنا سمعت نوفا يقول ذلك، قال: أنت سمعته يا سعيد؟ قال: قلت: نعم، قال: كذب نوف ، ثم قال ابن عباس: حدثني أبيّ بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ مُوسَى هُوَ نَبِي بَنِي إسْرَائِيلَ سألَ رَبَّهُ فَقالَ: أيْ رَبّ إنْ كانَ في عِبادِكَ أحَدٌ هُوَ أعْلَمُ مِنِّي فادْلُلْنِي عَلَيْهِ، فقَالَ لَهُ : نَعَمْ فِي عِبادِي مَنْ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ، ثُمَّ نَعَتَ لَهُ مَكانَهُ، وأذنَ لَهُ فَي لُقِيِّهِ ، فَخَرَجَ مُوسَى مَعَهُ فَتاه وَمَعَه ، حُوتٌ مَلِيحٌ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: إذَا حَيِيَ هَذَا الحُوتُ فِي مَكان فصاحبُك هُنالكَ وَقَدْ أدْرَكْتَ حاجَتَكَ ، فخَرَجَ مُوسَى وَمَعَهُ فَتَاهُ، وَمَعَهُ ذلكَ الحُوتُ يَحْمِلانِهِ، فَسارَ حتى جَهدَهُ السَّيْرُ، وانْتَهَى إلى الصَّخْرَةِ وَإلى ذلكَ المَاءِ، ماء الحَياةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ خَلَد. ولا يُقارِبُهُ شَيْءٌ مَيِّتٌ إلا حَييَ ، فَلَمَّا نـزلا وَمَسَّ الحُوتَ المَاءُ حَيِيَ، فاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبا ، فانْطَلَقا، فَلَمَّا جاوَزَا مُنْقَلَبَهُ قالَ مُوسَى: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ، قالَ الفَتى وَذَكَرَ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا قال ابن عباس: فظهر موسى على الصخرة حين انتهيا إليها، فإذا رجل متلفف في كساء له، فسلم موسى، فردّ عليه العالم، ثم قال له: وما جاء بك؟ إن كان لك في قومك لشغل؟ قال له موسى: جئتك لتعلمني مما علمت رشدا، قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ، وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علِّم ذلك، فقال موسى: بلى قال : وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا : أي إنما تعرف ظاهر ما ترى من العدل، ولم تُحط من علم الغيب بما أعلم قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا وإن رأيت ما يخالفني، قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ وإن أنكرته حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، يتعرّضان الناس، يلتمسان من يحملهما، حتى مرّت بهما سفينة جديدة وثيقة لم يمرّ بهما من السفن شيء أحسن ولا أجمل ولا أوثق منها، فسألا أهلها أن يحملوهما، فحملوهما، فلما اطمأنا فيها، ولجت بهما مع أهلها، أخرج منقارا له ومطرقة، ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى خرقها، ثم أخذ لوحا فطبقه عليها، ثم جلس عليها يرقعها. قال له موسى ورأى أمرا فظع به : أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ : أي ما تركت من عهدك وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ثم خرجا من السفينة، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية فإذا غلمان يلعبون خلفها، فيهم غلام ليس في الغلمان أظرف منه، ولا أثرى ولا أوضأ منه، فأخذه بيده، وأخذ حجرا، قال: فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله، قال: فرأى موسى أمرا فظيعا لا صبر عليه، صبيّ صغير لا ذنب له قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ أي صغيرة بغير نفس لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا : أي قد أعذرت في شأني فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فهدمه، ثم قعد يبنيه، فضجر موسى مما رآه يصنع من التكليف لما ليس عليه صبر، فقال: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا أي قد استطعمناهم فلم يطعمونا، وضفناهم فلم يضيفونا، ثم قعدت في غير صنيعة، ولو شئت لأعطيت عليه أجرا في عمله قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا * أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ، وفي قراءة أبيّ بن كعب: كلّ سفينة صالحة، وإنما عبتها لأردّه عنها، فسلمت حين رأى العيب الذي صنعت بها. وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْـزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْـزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي : أي ما فعلته عن نفسي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا فكان ابن عباس يقول: ما كان الكنـز إلا علما.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن الحسن بن عُمارة، عن أبيه، عن عكرِمة قال: قيل لابن عباس: لم نسمع لفتى موسى يذكر من حديث، وقد كان معه (4) ، فقال ابن عباس فيما يذكر من حديث الفتى قال: شرب الفتى من الماء فخلِّد، فأخذه العالم فطابق به سفينة، ثم أرسله في البحر، فإنها لتموج به إلى يوم القيامة، وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه فشرب.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا قال: لما ظهر موسى وقومه على مصر أنـزل قومه مصر ، فلما استقرت بهم الدار أنـزل الله عليه أن وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ فخطب قومه، فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة، وذكَّرهم إذ أنجاهم الله من آل فرعون، وذكَّرهم هلاك عدوّهم، وما استخلفهم الله في الأرض، وقال: كلم الله نبيكم تكليما، واصطفاني لنفسه، وأنـزل عليّ محبة منه، وآتاكم الله من كل ما سألتموه، فنبيكم أفضل أهل الأرض، وأنتم تقرءون التوراة، فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا ذكرها، وعرّفها إياهم، فقال له رجل من بني إسرائيل: هم كذلك يا نبي الله، قد عرفنا الذي تقول، فهل على الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله ؟ قال : لا فبعث الله جبرئيل إلى موسى عليهما السلام، فقال: إن الله يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى إن على شطّ البحر رجلا أعلم منك ، فقال ابن عباس: هو الخَضِر، فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى الله إليه أن ائت البحر، فإنك تجد على شطّ البحر حُوتا، فخذه فادفعه إلى فتاك، ثم الزم شطّ البحر، فإذا نسيت الحوت وهَلك منك، فثَمَّ تجد العبد الصالح الذي تطلب ، فلما طال سفر موسى نبيّ الله ونصب فيه، سأل فتاه عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سَرَبا، فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتى الصخرة، فوجد الحوت يضرب في البحر، ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدّم عصاه يفرُج بها عن الماء يتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمسّ شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبيّ الله يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخَضِر بها فسلم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام، وأنى يكون هذا السلام بهذه الأرض، ومن أنت؟ قال: أنا موسى، فقال له الخضر: أصاحبُ بني إسرائيل؟ قال: نعم فرحب به، وقال: ما جاء بك؟ قال: جئتك على أن تعلمني مما علمت رُشدا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا قال: لا تطيق ذلك، قال موسى: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قال: فانطلق به وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبيِّن لك شأنه، فذلك قوله: أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فركبا في السفينة يريدان البرّ، فقام الخضر فخرق السفينة، فقال له موسى أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا ذُكِر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لما قطع البحر وأنجاه الله من آل فرعون، جمع بني إسرائيل، فخطبهم فقال: أنتم خير أهل الأرض وأعلمه، قد أهلك الله عدوكم، وأقطعكم البحر، وأنـزل عليكم التوراة ، قال: فقيل له: إن ها هنا رجلا هو أعلم منك ، قال: فانطلق هو وفتاه يوشع بن نون يطلبانه، وتزوّدا سمكة مملوحة في مِكتل لهما، وقيل لهما: إذا نسيتما ما معكما لقيتما رجلا عالما يقال له الخضر ، فلما أتيا ذلك المكان، ردّ الله إلى الحوت روحه، فسرب له من الجسر حتى أفضى إلى البحر، ثم سلك فجعل لا يسلك فيه طريقا إلا صار ماء جامدا ، قال: ومضى موسى وفتاه ، يقول الله عز وجل: فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا * قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ... ثم تلا إلى قوله: ( وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ) فلقيا رجلا عالما يقال له الخَضِر، فذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّمَا سُمِيَ الخَضِرُ خَضِرًا لأنهُ قَعَدَ على فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ، فاهْتَزَّتْ بِهِ خَضراء ". (5)

حدثني العباس بن الوليد، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأوزاعيّ، قال: ثنا الزهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس أنه تمارى هو والحرّ بن قيس بن حِصْن الفزاريّ في صاحب موسى، فقال ابن عباس: هو خَضِر، فمرّ بهما أبيّ بن كعب، فدعاه ابن عباس فقال: إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بَيْنا مُوسَى في مَلأ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إذْ جاءَهُ رَجُلٌ فَقالَ: تَعْلَمُ مَكانَ أحَدٍ أعْلَمُ مِنْكَ؟ قال مُوسَى: لا فَأوْحَى اللهُ إلى مُوسَى: بَلى عَبْدُنا خَضِرٌ، فَسأَل مُوسَى السَّبِيلَ إلى لُقِيِّه، فجَعَلَ اللهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وقِيلَ لَهُ: إذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فارْجِعْ فإنَّكَ سَتَلْقاهُ، فكانَ مُوسَى يَتْبَعُ أثَرَ الحُوتِ في البحُرِ، فَقال فتَى مُوسَى لِمُوسَى: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ ، قالَ مُوسَى: ذلكَ ما كُنَّا نَبْغِ، فارْتَدَّا على آثارِهِما قَصَصًا، فَوَجَدَا عَبْدَنا خَضِرًا، وكانَ مِنْ شأْنِهما ما قَصَّ اللهُ في كِتابِهِ".

حدثني محمد بن مرزوق، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا عبد الله بن عمر النميري، عن يونس بن يزيد، قال: سمعت الزهريّ يحدّث، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس، أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى، ثم ذكر نحو حديث العباس، عن أُبيّ بن كعب، عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

------------------------

الهوامش:

(2) أي أعلم ، فتنبه .

(3) رزأ ، أصاب أو نقص .

(4) الذي في الدر بدل هذا : لم نسمع : يعني موسى يذكر من حديث فتاه ، وقد كان . . . إلخ .

(5) في ( عرائس المجالس للثعلبي المفسر ص 220 طبعة الحلبي ) : فإذا هي تهتز تحته خضراء .

التدبر :

وقفة
[65] ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ﴾ الرحمة منك يا ألله هى الحياة.
وقفة
[65] ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ﴾ بحسب ما فيك من ذل العبودية لربك بقدر ما يعطيك من العلم.
وقفة
[65] ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ لا غنى للعبد عن رحمة الله، مهما بلغ من العلم ما بلغ.
وقفة
[65] ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ في أبعد البلاد لكنه من أقرب العباد إلى الله.
وقفة
[65] ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ العلم والرحمة قرينان، فأعلم الناس أرحمهم بالناس.
وقفة
[65] ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ إن من أعظم ما يصف به الله بشر مهما علت مرتبته هي العبودية.
وقفة
[65] عندما اختار الله معلمًا لنبيه موسى عليه السلام مدح هذا المعلم بقوله: ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾، فقدم الرحمة على العلم؛ ليدل على أن من أخص صفات المعلم: الرحمة، وأن هذا أدعى لقبول تعليمه، والانتفاع به.
عمل
[65] سل الله تعالى أن يرزقك الرحمة بالخلق والعلم بالخالق؛ فإن أعلم الناس بربه هو أرحمهم بخلقه ﴿فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾.
وقفة
[65] ﴿عَبْدًا﴾ ما قال: (بشرًا) أو (إنسانًا)؛ لأنه يريد أن يربطه بالعبودية لله تعالى، وهي أسمى المراتب للبشر، ﴿مِنْ عِبَادِنَا﴾ إكرامًا له أنه من عبادنا.
وقفة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا﴾ لا تضيق بقلبك إن كان رحيمًا معطاءً وتعتبره سببًا لغدر الآخرين بك ووجعك، فالقلب الرحيم إنما هو عطية من الله.
وقفة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا﴾ الرحمة هنا: النعمة.
وقفة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ قدم الرحمة على العلم، فمن أوتي (الرحمة) فقد (تهيأ) للعلم.
وقفة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ إذا غابت الرحمة حضر الجهل.
لمسة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ قرن بين العلم والرحمة، فالعلم يورث رحمة الخلق ويستجلب رحمة الرب.
وقفة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ إذا غابت الرحمة؛ فاعلم أن هناك جهلًا قد سكن القلوب وإن سُمِّيَ باسم العلم.
وقفة
[65] ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾ إن ازددت رحمة فقد ازددت علمًا، القاسي ناقص علم.
وقفة
[65] العالِم رحمة للأمة، والجاهل نقمة عليها ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾.
تفاعل
[65] قل الآن: «اللهم آتني رحمة من عندك، وعلمني من لدنك علمًا»؛ تأولًا لقول: ﴿آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾.
وقفة
[65] ﴿ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ﴾ إن أعجبك نباهة أحدهم، وسعة معرفته ورسوخ علمه؛ فعليك أن تتأكد أن ذلك ليس ذكاء منه أو فطنة، بل منة إمتنها الله عليه.
وقفة
[65] السماع والقراءة والتأمل أسباب فقط، ومؤتي العلم هو الله سبحانه ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَوَجَدا:
  • الفاء عاطفة. وجدا: فعل ماض مبني على الفتح والالف-ضمير الاثنين-مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَبْداً مِنْ عِبادِنا:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من عباد: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من عبدا. و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ آتَيْناهُ رَحْمَةً:
  • الجملة في محل نصب صفة ثانية لعبدا. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول. رحمة: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. والرحمة هنا: اي الوحي والنبوة. وعبدا من عبادنا: هو الخضر سمّي صاحب موسى عليه السّلام.
  • ﴿ مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ:
  • جار ومجرور متعلق بآتينا او بصفة محذوفة من «رحمة».و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وعلمناه: معطوفة بالواو على «آتيناه» وتعرب مثلها.
  • ﴿ مِنْ لَدُنّا عِلْماً:
  • جار ومجرور متعلق بعلمنا او بحال محذوفة من «علما» لأنه قدم عليه. و «لدن» اسم مبني على السكون في محل جر بمن. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة بمعنى مِنْ عِنْدِنا». علما:مفعول به ثان منصوب بالفتحة بمعنى: علم الغيب. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [65] لما قبلها :     ولَمَّا رجع موسى عليه السلام وفتاه، ووصلا إلى المكانِ المحدَّدِ؛ وجدا الخَضِرَ عليه السلام، قال تعالى:
﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لدنا:
وقرئ:
بتخفيف النون، وهى لغة، وبها قرأ أبو زيد، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [66] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ ..

التفسير :

[66] فسلَّم عليه موسى، وقال له:أتأذن لي أن أتبعك؛ لتعلمني من العلم الذي علمك الله إياه ما أسترشد به وأنتفع؟

{ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ْ} أي:هل أتبعك على أن تعلمني مما علمك الله، ما به أسترشد وأهتدي، وأعرف به الحق في تلك القضايا؟ وكان الخضر، قد أعطاه الله من الإلهام والكرامة، ما به يحصل له الاطلاع على بواطن كثير من الأشياء التي خفيت، حتى على موسى عليه السلام

أى: قال موسى للخضر- عليهما السلام- بعد أن التقيا «هل أتبعك» أى: هل تأذن لي في مصاحبتك واتباعك. بشرط أن تعلمني من العلم الذي علمك الله إياه: شيئا أسترشد به في حياتي، وأصيب به الخير في ديني.

فأنت ترى أن موسى- عليه السلام- قد راعى في مخاطبته للخضر أسمى ألوان الأدب اللائق بالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- حيث خاطبه بصيغة الاستفهام الدالة على التلطف، وحيث أنزل نفسه منه منزلة المتعلم من المعلم، وحيث استأذنه في أن يكون تابعا له، ليتعلم منه الرشد والخير.

قال بعض العلماء: في هذه الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم، وإن تفاوتت المراتب،ولا يظن أن في تعلم موسى من الخضر ما يدل على أن الخضر كان أفضل من موسى، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول، إذا اختص الله- تعالى- أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر، فقد كان علم موسى يتعلق بالأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها، وكان علم الخضر يتعلق ببعض الغيب ومعرفة البواطن..

يخبر تعالى عن قيل موسى ، عليه السلام لذلك [ الرجل ] العالم ، وهو الخضر ، الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى ، كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر ، ( قال له موسى هل أتبعك ) سؤال بتلطف ، لا على وجه الإلزام والإجبار . وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم . وقوله : ( أتبعك ) أي : أصحبك وأرافقك ، ( على أن تعلمني مما علمت رشدا ) أي : مما علمك الله شيئا ، أسترشد به في أمري ، من علم نافع وعمل صالح .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)

يقول تعالى ذكره : قال موسى للعالم: ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي ) من العلم الذي علمك الله ما هو رشاد إلى الحقّ، ودليل على هدى؟

التدبر :

وقفة
[66] ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ﴾ تعلم لله، سيأتي الله بعظيم ينتفع بعلمك، ولو كنت خلف البحار.
وقفة
[66] ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ﴾ يقولها نبي لعبد صالح، حقًا إنه أعظم تواضع وحسن أدب في طلب العلم.
وقفة
[66] ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ سؤال تلطف، لا على وجه الإلزام والإجبار، وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم.
وقفة
[66] ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير؛ فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارًّا، أو ليس فيه فائدة؛ ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.
وقفة
[66] ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يَتَمَهَّر فيه ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
وقفة
[66] ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب.
وقفة
[66] ﴿قالَ لَهُ موسى هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمتَ رُشدًا﴾ لا بد لها من استئذان (هَل أَتَّبِعُكَ).
وقفة
[66] ﴿قالَ لَهُ موسى هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمتَ رُشدًا﴾ لا تطلب من العلم إلا ما ستحصِّل منه الرشد، والرشد هو تمام العقل؟
وقفة
[66] ﴿قالَ لَهُ موسى هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمتَ رُشدًا﴾ تأمل هذا الأدب من موسى عليه السلام مع أن موسى أفضل منه! فعلى طالب العلم أن يتلطف مع شيخه وأستاذه.
وقفة
[66] لا يحصل العلم بلقاء عابر، وإنما بملازمة ومتابعة العلماء قال موسى ﷺ للخضر: ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.
وقفة
[66] ولاية الله تنال بأمور؛ منها: مصاحبة أوليائه، ومصاحبة أوليائه تحتاج إلى حسن الخلق ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.
عمل
[66] اقرأ كتابًا يتعلق بأدب طالب العلم، وتأمل فيه، وامتثل ما فيه ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.
وقفة
[66] من آداب الطالب مع معلمه أن يكون تبعًا له في الطاعة بالمعروف مع تلقي العلم عنه ﴿قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾.
وقفة
[66] من هدي الأنبياء ملازمة العالم للاستفادة من قوله وفعله وسمته ﴿قالَ لَهُ موسى هَل أَتَّبِعُكَ عَلى أَن تُعَلِّمَنِ مِمّا عُلِّمتَ رُشدًا﴾.
لمسة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ﴾ هذا السؤال المؤدب، يريد إذنًا منه بالاتِّباع، مع أنه يعرف أن له موعدًا مع هذا الرجل، وأنه سيتعلم منه، وجعل من نفسه ابتداءً تابعًا، وهذا أدب التعلم في الإسلام.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ جاء موسى إلى الخضر بأمر من ربه تعالى، ومع ذلك تأدب في خطابه معه، قوة مشروعيتك لا تعنى تخطي الأدب.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾، ﴿فانطلقا﴾ [71]، لا يليق التراخي بطالب العلم.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ العلم يؤتى، ولا يأتي.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ عادة العقلاء معرفة الهدف من أي مشروع يقدمون عليه.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ فيها دليل على أن المتعلم تبع للعالم، ولو تفاوتت المراتب، أين هذا الأدب من بعض الطلبة والسائلين الذين يظهرون ترفعًا واستغناءًا عمن يسألونه بسبب تقارب السن، أو القرابة، أو لغير ذلك من الأسباب؟
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ بدأه بعد السلام بالاستئذان على متابعته، وأنه لا يتبعه إلا بإذنه، وقوله: (عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ) يبين أنه لم يأتِ ليمتحن ولا ليتعنَّت، إنما جاء متعلمًا مستزيدًا.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ الذل للمعلِّم وإظهار الحاجة إلى تعليمه من أنفع شيء للمتهلم.
وقفة
[66] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ لا ينبغي للرجل وإن صار في طبقة العلماء الأفاضل أن يستنكف من تعلم ما ليس عنده.
وقفة
[66] في قول موسى للخضر: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ التأدب مع المعلم، وخطابه بألطف خطاب، وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقاره إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هو وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدًّا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه،من أنفع شيء للمتعلم.
وقفة
[66] قول موسى للخضر: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ نموذج لطالب العلم الجاد والأدب مع العلماء، فموسى عليه السلام نبي مرسل، ولم تكن تلك المنزلة لتمنعه أن يتعلم ممن أقل منهن بل قطع الفيافي والقفار، ولم يتعاظم على العلم، وذهب في سبيله واجتهد حتى وصل.
وقفة
[66] في رحلة موسى والخضر سأل موسى عليه السلام الخضر أن يعلِّمه ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ﴾؛ بادر موسى حتى تطيب نفس الخضر عند تعلميه.
وقفة
[66] لو كان أحد يكتفي من العلم بشيء؛ لاكتفى موسى عليه السلام، ولكنه قال: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ .
وقفة
[66] ﴿عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾لم يجئ موسى ممتحِنًا،ولا متعنتًا وإنما جاء متعلمًا مستزيدًا علمًا إلى علمه.
عمل
[66] ﴿مِمَّا عُلِّمْتَ﴾، ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [65]، ﴿قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [النحل: 27] لا تغتر بعلمك؛ إنما هو شيء أوتيته وعُلمته،ليس لك منه شيء.
وقفة
[66] ﴿مِمَّا عُلِّمْتَ﴾ إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى, والإقرار بذلك، وشكر الله عليها.
لمسة
[66] ﴿مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ قدّم الجار والمجرور للإهتمام والعناية بهذا الذي عُلِّمه؛ لأنه حريص على العلم، ويعلم أنه سيكون رشدًا.
وقفة
[66، 67] لما جاء موسى مُقْبِلًا على‏الخضر، راغبًا بملازمته:‏ ﴿هل أَتّبِعُك على أن تُعلّمن﴾ ‏لم يرسم له الخضرُ صورةً‏ مثالية حالمة عن الواقع‏، بل كان صادقًا معه:‏ ﴿إنّك لن تستطيع معي صبرا﴾ حاجتُنا للصدق والحقيقة والصراحة -وإن كانت مُرة- أكبر بكثير من أي شيء آخر.
وقفة
[66، 67] لا علم بلا صبر، الأكثر صبرًا أكثر علمًا ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾.
وقفة
[66، 67] ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ مهما كانت قُوة صبْر الإنسَان فإنه لا يستطيع تحمل الصَّبر دون علم سابق لدواعي هذا الصَّبر، فالأكثَرُ صَبرًا دائمًا يكونُ أكثرَ عِلمًا.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ لَهُ مُوسى:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية لعبدا. قال:فعل ماض مبني على الفتح. له: جار ومجرور متعلق بقال. موسى:فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ:
  • هل: حرف استفهام لا محل له. اتبع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بمعنى: هل تقبل ان اتبعك.
  • ﴿ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ:
  • على: حرف جر. ان: حرف مصدري ناصب. تعلم:فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. النون: نون الوقاية لا محل لها. والياء المحذوفة اتباعا لخط‍ المصحف ضمير المتكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. و «ان» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بعلى. بتقدير: تعليمي.والمعنى: على شرط‍ تعليمي فحذف المضاف المجرور بعلى وحل المضاف إليه -المصدر المؤول-محله. وجملة «تعلمني» صلة «ان» لا محل لها. والجار والمجرور «على تعليمي» متعلق بأتبعك. وحذف مفعول «تعلمني» الثاني اختصارا وهو «علما» أي تعلمني علما «لأنه معلوم من السياق».
  • ﴿ مِمّا عُلِّمْتَ:
  • جار ومجرور متعلق بتعلمني و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. علمت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل. وجملة «علمت» صلة الموصول لا محل لها. وقد عدي الفعل الى مفعول واحد لان معناه: تعلمت الحساب او بمعنى: مما افاض الله عليك.
  • ﴿ رُشْداً:
  • صفة-نعت-للمفعول به الثاني. لتعلمني. بتقدير: علما ذا رشد منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [66] لما قبلها :     ولَمَّا وجدا الخَضِرَ عليه السلام؛ طلبَ موسى عليه السلام منه في تواضعٍ ولطفٍ أن يتبعَه ليتعلمَ منه، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رشدا:
قرئ:
1- بفتحتين، وهى قراءة الحسن، والزهري، وأبى بحرية، وابن محيصن، وابن مناذر، ويعقوب، وأبى عبيد، واليزيدي، وكذا هى قراءة أبى عمرو، من السبعة.
2- بضم الراء وإسكان الشين، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [67] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ ..

التفسير :

[67] قال له الخَضِر:إنك -يا موسى- لن تطيق أن تصبر على اتباعي وملازمتي.

فقال الخضر لموسى:لا أمتنع من ذلك، ولكنك{ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ْ} أي:لا تقدر على اتباعي وملازمتي، لأنك ترى ما لا تقدر على الصبر عليه من الأمور التي ظاهرها المنكر، وباطنها غير ذلك

ثم حكى- سبحانه- ما رد به الخضر على موسى فقال: قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً.

أى: قال الخضر لموسى إنك يا موسى إذا اتبعتنى ورافقتنى، فلن تستطيع معى صبرا، بأى وجه من الوجوه.

قال ابن كثير: أى: إنك لا تقدر يا موسى أن تصاحبني، لما ترى من الأفعال التي تخالف شريعتك، لأنى على علم من علم الله- تعالى- ما علمك إياه، وأنت على علم من علم الله- تعالى- ما علمني إياه، فكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه، وأنت لا تقدر على صحبتي» .

فعندها ) قال ) الخضر لموسى : ( إنك لن تستطيع معي صبرا ) أي : أنت لا تقدر أن تصاحبني لما ترى [ مني ] من الأفعال التي تخالف شريعتك ؛ لأني على علم من علم الله ، ما علمكه الله ، وأنت على علم من علم الله ، ما علمنيه الله ، فكل منا مكلف بأمور . من الله دون صاحبه ، وأنت لا تقدر على صحبتي .

القول في تأويل قوله تعالى( قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا )

يقول تعالى ذكره: قال العالم: إنك لن تطيق الصبر معي، وذلك أني أعمل بباطن علم علَّمنيه الله، ولا علم لك إلا بظاهر من الأمور، فلا تصبر على ما ترى من الأفعال، كما ذكرنا من الخبر عن ابن عباس قَبلُ من أنه كان رجلا يعمل على الغيب قد علم ذلك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[67] ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ أي: إنك لا تقدر على مصاحبتي؛ لما ترى مني من الأفعال التي تخالف شريعتك.
وقفة
[67] ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ وفي هذا أصل من أصول التعليم: أن ينبِه المعلمُ المتعلمَ بعوارض موضوعات العلوم الملقنة؛ لاسيما إذا كانت في معالجتها مشقة.
وقفة
[67] ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ قيلت لنبي من أولي العزم من الرسل؛ والدرس هنا: ستظل بعض حكمة الله في الأحداث غائبة عنك، مهما علا شأنك وقوي إيمانك.
وقفة
[67] ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ تكررت كلمة (صبر) بتصريفاتها في قصة موسى والخضر عليهما السلام سبع مرات؛ لتدرك أنه لا علم بلا صبر.
وقفة
[67] قد يصدر عن الشيخ عتاب ليرى مقدار تحمل الطالب وعلو همته ﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾.
وقفة
[67] ﴿إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ حكم عليه بعادة الخلق في عدم الصبر عما يخرج من الاعتياد، وهو أصل في الحكم بالعادة.
وقفة
[67] دور المُعلّم (الخضر) في المبادرة بالنصيحة مع بيان السبب: ﴿إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ ثم وضّح له العلّة.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة المؤولة بعده في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان».لن: حرف نصب ونفي واستقبال. تستطيع: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: انت. وجملة لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً» في محل رفع خبر «ان» اي قال يا موسى انك لن تصبر.
  • ﴿ مَعِيَ صَبْراً:
  • مع: ظرف مكان متعلق بتستطيع وهو مضاف والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة. صبرا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 67﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
الكهف: 72﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
الكهف: 75﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [67] لما قبلها :     ولَمَّا طلبَ موسى عليه السلام من الخَضِر عليه السلام أن يتبعَه ليتعلمَ منه؛ ردَّ الخَضِرُ عليه السلام بأن لن يستطيع، قال تعالى:
﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [68] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ ..

التفسير :

[68] وكيف لك الصبر على ما سأفعله من أمور تخفى عليك مما علمنيه الله تعالى؟

{ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ْ} أي:كيف تصبر على أمر،ما أحطت بباطنه وظاهره ولا علمت المقصود منه ومآله؟

وقوله: وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً تعليل لعدم استطاعة الصبر معه.

أى: وكيف تصبر يا موسى على أمور ستراها منى. هذه الأمور ظاهرها أنها منكرات لا يصح السكوت عليها، وباطنها لا تعلمه لأن الله لم يطلعك عليه؟

فالخبر بمعنى العلم. يقال: خبر فلان الأمر يخبره: أى: علمه. والاسم الخبر، وهو العلم بالشيء، ومنه الخبير، أى: العالم.

وكأن الخضر يريد بهذه الجملة الكريمة أن يقول لموسى: إنى واثق من أنك لن تستطيع معى صبرا، لأن ما سأفعله سيصطدم بالأحكام الظاهرة، وبالمنطق العقلي، وبغيرتك المعهودة فيك، وأنا مكلف أن أفعل ما أفعل، لأن المصلحة الباطنة في ذلك، وهي تخفى عليك.

( وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ) فأنا أعرف أنك ستنكر علي ما أنت معذور فيه ، ولكن ما اطلعت على حكمته ومصلحته الباطنة التي اطلعت أنا عليها دونك .

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68)

يقول عزّ ذكره مخبرا عن قول العالم لموسى: وكيف تصبر يا موسى على ما ترى مني من الأفعال التي لا علم لك بوجوه صوابها، وتقيم معي عليها، وأنت إنما تحكم على صواب المصيب وخطأ المخطئ بالظاهر الذي عندك، وبمبلغ علمك، وأفعالي تقع بغير دليل ظاهر لرأي عينك على صوابها، لأنها تبتدئ لأسباب تحدث آجلة غير عاجلة، لا علم لك بالحادث عنها، لأنها غيب، ولا تحيط بعلم الغيب خبرا يقول علما ،

التدبر :

وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ درس آخر نستفيده من مطلع الرحلة وهو؛ أنه لا أحد أكثر من أن يستفيد ولا أحد أقل من أن يُفيد؛ فموسى تعلَّم ممن هو أقل منزلةً منه الخضر.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ معرفتك بالشرع والواقع هما وقود صبرك وثباتك عند النوازل!
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ قد لا يتحمل الإنسان حقائق الأمور مهما بلغت منزلته من العلم يقول الخضر لموسى.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ كلما زاد علمك وإحاطتك بحقائق الأشياء ومآلاتها عظم صبرك وحلمك.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ دراستنا للمخاطر والعقبات المتوقعة في طريقنا يساعدنا على الصبر عليها.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ كلما زاد الإنسان علمًا زاد صبرًا، ومن قل علمه قل صبره وضاق صدره.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ لا ينبغي لطالب العلم أن يطلب علمًا دقيقًا لم يتهيأ له بأدواته؛ فلن يصبر عليه، إنما العلم مراحل.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ لا صبر للإنسان على تعلم ما لم يدرك حقيقته وعاقبته، ولذلك تجد أصحاب التخصص أكثر صبرًا ونجاحًا.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ معرفة المآلات من أعظم ما يعين على الصبر، ويخفف المتاعب، ويذلل الصعوبات.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ مظهر من مظاهر أدب المعلِّم مع تلميذه، حيث التمس له العُذْر مقدَّمًا إن اعترض عليه.
وقفة
[68] تقدير الكبير ومشاورته لا يتعارض مع استقلال التفكير، فالإفادة من خبرته من صفات أولى الأحلام والعقول الراجحة ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ مقتضى الآية: لو اطلعتم على الغيب لارتضيتم الواقع.
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ الأمر إذا لم تخبر المأمور بعلته يثقل على النفس تنفيذه، فإذا أمرت ولدك بشيء فأخبره بعلته؛ ليسهل عليه.
وقفة
‏[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ السَّفينةُ التي لو لم تُثقب لسُلِبتْ؛ ‏يبتلي الله بالصغيرة لينجي من الكبيرة،‏ والغلام الذي لو لم يُقتل لأشقى والديه؛‏ في أخذ الله عطاء،‏ والجدار الذي لو لم يُقم لضاع مال اليتيمين، ‏أي وفاء هذا يا رب! ‏مع كل ثقبٍ‏ وكل فقد ‏وكل نعمة‏ ردد: «اللهم صبرًا على ما لم نحط به خبرًا».
وقفة
[68] ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ قال الخضرُ هذا الكلام لأنه يعلم يقينًا أن الأنبياء لا يسكتون إذا شاهدوا المنكرات.
وقفة
[68] من أخطاء بعض الشباب -بل بعض طلاب العلم- اقتصارهم على ما في بطون الكتب، وإهمال خبرات من سبقهم علمًا وتجربة، ومن تدبر القرآن رأى عنايته بهذا الأمر، تدبر: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: 59]، و﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ وتحقق ما توقعه الخضر، ولذا استفاد موسى من ذلك، فقال للنبي ﷺ في حديث فرض الصلاة: «إِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ». [البخاري 3887].

الإعراب :

  • ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ:
  • الواو استئنافية. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. تصبر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ عَلى ما لَمْ:
  • جار ومجرور متعلق بتصبر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى. لم: حرف نفي وجزم وقلب.
  • ﴿ تُحِطْ‍ بِهِ خُبْراً:
  • تحط‍: فعل مضارع مجزوم بلم. وحذفت ياؤه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. وجملة لَمْ تُحِطْ‍» صلة الموصول لا محل لها والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به. التقدير: لم تحطه اي لم تختبره. به: جار ومجرور متعلق بتحط‍.خبرا: تمييز منصوب بالفتحة او مفعول مطلق منصوب لانه مصدر بمعنى «لم تخبره خبرا اي اختبارا» بمعنى لم تخبره ولم تفهم حقيقته. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [68] لما قبلها :     ولَمَّا ردَّ الخَضِرُ عليه السلام على موسى عليه السلام بأن لن يستطيع؛ ذكرَ هنا علة عدم استطاعة الصبر معه، قال تعالى:
﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خبرا:
وقرئ:
بضم الباء، وهى قراءة الحسن، وابن هرمز.

مدارسة الآية : [69] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ ..

التفسير :

[69] قال له موسى:ستجدني إن شاء الله صابراً على ما أراه منك، ولا أخالف لك أمراً تأمرني به.

فقال موسى:{ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ْ} وهذا عزم منه، قبل أن يوجد الشيء الممتحن به، والعزم شيء، ووجود الصبر شيء آخر، فلذلك ما صبر موسى عليه السلام حين وقع الأمر.

ولكن موسى- عليه السلام- الحريص على تعلم العلم النافع، يصر على مصاحبة الرجل الصالح، فيقول له في لطف وأدب، مع تقديم مشيئة الله- تعالى-: سَتَجِدُنِي- إِنْ شاءَ اللَّهُ- صابِراً، وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً.

أى: قال موسى للخضر سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً معك، غير معترض عليك، ولا أعصى لك أمرا من الأمور التي تكلفني بها.

وقدم موسى- عليه السلام- المشيئة، أدبا مع خالقه- عز وجل- واستعانة به- سبحانه- على الصبر وعدم المخالفة.

( قال ) له موسى : ( ستجدني إن شاء الله صابرا ) أي : على ما أرى من أمورك ، ( ولا أعصي لك أمرا ) أي : ولا أخالفك في شيء . فعند ذلك شارطه الخضر

القول في تأويل قوله : ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا ) على ما أرى منك وإن كان خلافا لما هو عندي صواب ( وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ) يقول: وأنتهي إلى ما تأمرني، وإن لم يكن موافقا هواي.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[69] عندما أمر الله رسوله ﷺ -في سورة الكهف- ألا يقول لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا بعد أن يقول: إن شاء الله، بيَّن له القدوة في فعل أخيه موسى حين قال: ﴿قالَ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ﴾.
وقفة
[69] من أعظم ما يحتاجه طالب العلم مع شيخه: الصبر في طلبه، والأدب مع شيخه، وقد جمعها الله في قول موسى عليه السلام للخصر: ﴿قالَ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ صابِرًا وَلا أَعصي لَكَ أَمرًا﴾.
عمل
[69] ﴿قالَ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ صابِرًا وَلا أَعصي لَكَ أَمرًا﴾ قَدِّم المشيئة؛ فكله بأمر الله.
وقفة
[69] وحتى يطمئن الخضر لصدق وحرص موسى عليه السلام في طلبه العلم؛ قدّم له موسى عرضين: الصبر ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرًا﴾؛ والطاعة ﴿وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾، وفي هذا إعتراف من موسى بفضل المُعلِّم على تلميذه، مع أن موسى عليه السلام أعلى منزلة منه في النبوة والرسالة، حيث الخضر نبيًّا فقط لا رسولًا.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.اي قال موسى. والجملة بعده في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ سَتَجِدُنِي:
  • السين حرف استقبال-تسويف-للقريب. تجد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. النون:للوقاية. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ إِنْ شاءَ اللهُ:
  • الجملة اعتراضية لا محل لها من الاعراب. ان: حرف شرط‍ جازم. شاء: فعل ماض فعل الشرط‍ مبني على الفتح في محل جزم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه.
  • ﴿ صابِراً وَلا أَعْصِي:
  • صابرا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. اعصي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. وجملة لا أَعْصِي» في محل نصب لانها معطوفة على منصوب «صابرا» بمعنى:ستجدني صابرا وغير عاصي. ويجوز ان تكون لا محل لها من الاعراب معطوفة على «ستجدني».
  • ﴿ لَكَ أَمْراً:
  • جار ومجرور متعلق بأعصي. أمرا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 69﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا
القصص: 27﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
الصافات: 102﴿قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [69] لما قبلها :     وبعد ذِكرِ علة عدم استطاعة الصبر؛ أصر موسى عليه السلام على تعلم العلم، ومصاحبة الخَضِر عليه السلام، قال تعالى:
﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [70] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي ..

التفسير :

[70] فوافق الخَضِر وقال له:فإنْ صاحَبتني فلا تسألني عن شيء تنكره، حتى أبيِّن لك من أمره ما خفي عليك دون سؤال منك.

فحينئذ قال له الخضر:{ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ْ} أي:لا تبتدئني بسؤال منك وإنكار، حتى أكون أنا الذي أخبرك بحاله، في الوقت الذي ينبغي إخبارك به، فنهاه عن سؤاله، ووعده أن يوقفه على حقيقة الأمر.

وهنا يحكى القرآن الكريم أن الخضر، قد أكد ما سبق أن قاله لموسى، وبين له شروطه إذا أراد مصاحبته، فقال: قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً.

أى: قال الخضر لموسى على سبيل التأكيد والتوثيق: يا موسى إن رافقتنى وصاحبتنى، ورأيت منى أفعالا لا تعجبك، لأن ظاهرها يتنافى مع الحق. فلا تعترض عليها، ولا تناقشني فيها، بل اتركني وشأنى، حتى أبين لك في الوقت المناسب السبب في قيامي بتلك الأفعال، وحتى أكون أنا الذي أفسره لك.

قالوا: «وهذا من الخضر تأديب وإرشاد لما يقتضى دوام الصحبة، فلو صبر موسى ودأب لرأى العجب .

ثم تحكى السورة بعد ذلك ثلاثة أحداث فعلها الخضر ولكن موسى لم يصبر عليها، بل اعترض وناقش، أما الحادث الأول فقد بينه- سبحانه- بقوله:

( قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء ) أي : ابتداء ( حتى أحدث لك منه ذكرا ) أي : حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني .

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، عن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه - عز وجل - فقال : رب ، أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني . قال فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى . قال أي رب ، أي عبادك أعلم ؟ قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى . قال : أي رب هل في أرضك أحد أعلم مني ؟ قال : نعم . قال : فمن هو ؟ قال الخضر . قال : فأين أطلبه ؟ قال على الساحل عند الصخرة ، التي ينفلت عندها الحوت . قال : فخرج موسى يطلبه ، حتى كان ما ذكر الله ، وانتهى موسى إليه عند الصخرة ، فسلم كل واحد منهما على صاحبه . فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني قال إنك لن تطيق صحبتي . قال : بلى . قال : فإن صحبتني ( فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ) قال : فسار به في البحر حتى انتهى إلى مجمع البحور ، وليس في الأرض مكان أكثر ماء منه . قال : وبعث الله الخطاف ، فجعل يستقي منه بمنقاره ، فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال : ما أقل ما رزأ! قال : يا موسى فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء . وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه ، أو تكلم به ، فمن ثم أمر أن يأتي الخضر . وذكر تمام الحديث في خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإصلاح الجدار ، وتفسيره له ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)

يقول تبارك وتعالى: قال العالم لموسى: فإن اتبعتني الآن فلا تسألني عن شيء أعمله مما تستنكره، فإني قد أعلمتك أني أعمل العمل على الغيب الذي لا تحيط به علما( حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) يقول: حتى أحدث أنا لك مما ترى من الأفعال التي أفعلها التي تستنكرها أذكرها لك وأبين لك شأنها، وأبتدئك الخبر عنها.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ) يعني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[70] ﴿فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي﴾ بزيادة الياء ليدل على أن طالب العلم ينبغى عليه ملازمة شيخه، ولا يفارقه؛ ليكمل انتفاعه به.
وقفة
[70] ﴿فلا تسألنِ ما ليس لك به علم﴾ [هود: 46]، في هود سؤال واحد جاء اللفظ: ﴿فلا تسألنِ﴾ [هود: 46] بحذف الياء، ﴿فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ﴾ في الكهف ثلاثة أسئلة جاء اللفظ: (فلا تسألني) بإثبات الياء، والزيادة في المبني تدل على الزيادة المعنى.
عمل
[70] ﴿فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ لا تستعجل في الحكم على مايخالف رأيك أو فهمك أو تصورك، فهناك زوايا قد تخفى عليك ويعلمها غيرك.
لمسة
[70] ﴿فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ كلمة (شيء) نكرة تدل على أن الخضر اشترط على موسى اشتراط العالم على الطالب ألا يبدأه بالسؤال، مهما رأى شيئًا غريبًا غير مفهوم حتى يبدأه العبد الصالح بالحديث عنه، ووافق موسى على الشرط.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الفاء: استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم حرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين. اتبعتني: فعل ماض فعل الشرط‍ مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون للوقاية لا محل لها والياء ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم مسبوق بنهي مقترن بالفاء في محل جزم بإن. الفاء: رابطة لجواب الشرط‍.لا: ناهية جازمة.تسأل: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والنون للوقاية والياء ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به. عن شيء: جار ومجرور متعلق بتسألني.
  • ﴿ حَتّى أُحْدِثَ لَكَ:
  • حتى: حرف غاية وجر. احدث: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. لك: جار ومجرور متعلق بأحدث. و «ان» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بلا تسألني وجملة أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً» صلة «ان» المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ مِنْهُ ذِكْراً:
  • جار ومجرور متعلق بأحدث. ذكرا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى فلا تسألني عن شيء تراني اعمله حتى اكون انا البادئ باخبارك. '

المتشابهات :

هود: 46﴿إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
الكهف: 70﴿قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [70] لما قبلها :     ولَمَّا رأى الخَضِرُ عليه السلام إصرار موسى عليه السلام على مصاحبته؛ اشترط عليه شَرطًا، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فلا تسألنى:
قرئ:
1- بالهمزة وسكون اللام وتشديد النون، وهى قراءة نافع، وابن عامر.
2- بفتح السين واللام، من غير همز، مشددة النون، ورويت عن أبى جعفر.
3- بالهمز وسكون اللام وتخفيف النون، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [71] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي ..

التفسير :

[71] فانطلقا يمشيان على الساحل، فمرت بهما سفينة، فطلبا من أهلها أن يركبا معهم، فلما ركبا قَلَعَ الخَضِر لوحاً من السفينة فخرقها، فقال له موسى:أَخَرَقْتَ السفينة؛ لتُغرِق أهلَها، وقد حملونا بغير أجر؟ لقد فعلت أمراً منكراً.

{ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ْ} أي:اقتلع الخضر منها لوحا، وكان له مقصود في ذلك، سيبينه، فلم يصبر موسى عليه السلام، لأن ظاهره أنه منكر، لأنه عيب للسفينة، وسبب لغرق أهلها، ولهذا قال موسى:{ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ْ} أي:عظيما شنيعا، وهذا من عدم صبره عليه السلام

وقوله: فَانْطَلَقا بيان لما حدث منهما بعد أن استمع كل واحد منهما إلى ما قاله صاحبه.

أى فانطلق موسى والخضر- عليهما السلام- على ساحل البحر، ومعهما يوشع بن نون، ولم يذكر في الآية لأنه تابع لموسى.

ويرى بعضهم أن موسى- عليه السلام- صرف فتاه بعد أن التقى بالخضر.

أخرج الشيخان عن ابن عباس: أنهما انطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول: أى أجر، .

وقوله: حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها بيان لما فعله الخضر بالسفينة.

أى: فانطلقا يبحثان عن سفينة، فلما وجداها واستقرا فيها، ما كان من الخضر إلا أن خرقها. قيل: بأن قلع لوحا من ألواحها.

وهنا ما كان من موسى إلا أن قال له على سبيل الاستنكار والتعجب مما فعله: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها ... أى: أفعلت ما فعلت لتكون عاقبة الراكبين فيها الغرق والموت بهذه الصورة المؤلمة؟

لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً، والإمر: الداهية. وأصله كل شيء شديد كبير، ومنه قولهم:

إن القوم قد أمروا. أى: كثروا واشتد شأنهم. ويقال: هذا أمر إمر، أى: منكر غريب.

أى: قال موسى للخضر بعد خرقه للسفينة: لقد جئت شيئا عظيما، وارتكبت أمرا بالغا في الشناعة. حيث عرضت ركاب السفينة لخطر الغرق.

يقول تعالى مخبرا عن موسى وصاحبه ، وهو الخضر ، أنهما انطلقا لما توافقا واصطحبا ، واشترط عليه ألا يسأله عن شيء أنكره حتى يكون هو الذي يبتدئه من تلقاء نفسه بشرحه وبيانه ، فركبا في السفينة . وقد تقدم في الحديث كيف ركبا في السفينة ، وأنهم عرفوا الخضر ، فحملوهما بغير نول - يعني بغير أجرة - تكرمة للخضر . فلما استقلت بهم السفينة في البحر ، ولججت أي : دخلت اللجة ، قام الخضر فخرقها ، واستخرج لوحا من ألواحها ثم رقعها . فلم يملك موسى ، عليه السلام ، نفسه أن قال منكرا عليه : ( أخرقتها لتغرق أهلها ) . وهذه اللام لام العاقبة لا لام التعليل ، كما قال الشاعر : لدوا للموت وابنوا للخراب

( لقد جئت شيئا إمرا ) قال مجاهد : منكرا . وقال قتادة عجبا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)

يقول تعالى ذكره: فانطلق موسى والعالم يسيران يطلبان سفينة يركبانها، حتى إذا أصاباها ركبا في السفينة، فلما ركباها، خرق العالم السفينة، قال له موسى: أخرقتها بعد ما لَجَجنا في البحر ( لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) يقول: لقد جئت شيئا عظيما، وفعلت فعلا مُنكرا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) : أي عجبا، إن قوما لججوا سفينتهم فخرقتها، كأحوج ما نكون إليها، ولكن علم من ذلك ما لم يعلم نبيّ الله موسى ذلك من علم الله الذي آتاه، وقد قال لنبيّ الله موسى عليه السلام: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا .

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) يقول: نُكرا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ) قال: منكرا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله ، والإمر: في كلام العرب: الداهية ، ومنه قول الراجز:

قَــدْ لَقِــيَ الأقْـرَانُ مِنِّـي نُكْـرًا

دَاهِيَــــةٌ دَهْيـــاءَ إدَّا إمـــرًا (6)

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: أصله: كل شيء شديد كثير، ويقول منه: قيل للقوم: قد أمروا: إذا كثروا واشتدّ أمرهم ، قال: والمصدر منه : الأمَرَ، والاسم: الإمْر.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ) فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين ( لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا ) بالتاء في لتُغرِق، ونصب الأهل، بمعنى: لتُغرِق أنت أيها الرجل أهل هذه السفينة بالخرق الذي خرقت فيها. وقرأه عامة قرّاء الكوفة: ( لِيَغْرَقَ( بالياء أهلها بالرفع، على أن الأهل هم الذين يغرقون.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متفقتا المعنى وإن اختلفت ألفاظهما، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب.

وإنما قلنا: هما متفقتا المعنى، لأنه معلوم أن إنكار موسى على العالم خرق السفينة إنما كان لأنه كان عنده أن ذلك سبب لغرق أهلها إذا أحدث مثل ذلك الحدث فيها فلا خفاء على أحد معنى ذلك قرأ بالتاء ونصب الأهل، أو بالياء ورفع الأهل.

------------------------

الهوامش:

(6) البيت : من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن ) 1 : 409 قال في تفسير قوله تعالى : " جئت شيئا إمرا " أي داهية نكرا عظيمة . وفي آية أخرى شيئا إدا . قال : " قد بقى الأقران . . . البيت " . وفي ( اللسان : إمرا ) : الأخفش : يقال : أمر أمره يأمر أمرا ( الفعل كفرح يفرح ) أي اشتد . والاسم : الإمر بكسر الهمزة . قال الراجز : " قد لقي . . . البيت " ويقال : عجبا . وأمرا إمرا : منكر ، وفي التنزيل العزيز : " لقد جئت شيئا إمرا " قال أبو إسحق : أي جئت شيئا عظيما من المنكر . وقيل : الإمر بالكسر ، الأمر العظيم الشنيع . وقيل : العجيب . قال : ونكرا أقل من قوله : إمرا ؛ لأن تغريق من في السفينة أنكر من قتل نفس واحدة . قال ابن سيده : وذهب الكسائي إلى أن معنى إمرا : شيئا داهيا منكرا عجبا ، واشتقه من قولهم : أمر القوم : إذا أكثروا . ا هـ .

التدبر :

وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا﴾، ﴿فَانطَلَقَا﴾، ﴿فَانطَلَقَا﴾، علمتني سورة الكهف أن النجاح يحتاج إلى انطلاق.
وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا﴾ موسى والخضر للتعليم والتعلم، للعلم لا بد من عزيمة وانطلاق.
لمسة
[71] ﴿فَانطَلَقَا﴾ الكلام صار بالمثنى، ولم يقل: (فانطلقوا)، معناه أنه إلى هذا الحد فتى موسى لم يعد معه، وموسى عليه السلام صار كأنما هو فتى لهذا الرجل، وهو التابع.
وقفة
[71] دروس الخضر لموسى كلها عملية، تأمل: ﴿فَانطَلَقَا﴾، ﴿السَّفِينَةِ﴾، ﴿قَرْيَةٍ﴾.
وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ﴾ محاضرات العلماء في السفينة، في الطريق، في الزحام، حيث الصدام مع الحياة والمواجهة لتحدياتها.
وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ في خرق السفينة نجاتهم؛ كثيرًا ما يرحمك الرحمن من طريق تكرهه.
وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ فشل مشروعك قد يكون العيب الذي يحصل في حياتك وهو سر نجاحك ونجاتك من أمر قد يدمر حياتك.
وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتُعَلق بها الأحكام الدنيوية في الأموال والدماء وغيرها.
وقفة
[71] ﴿فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ ومما يدل على أن موسى عليه السلام إنما حمله على المبادرة بالإنكار، الالتهاب والحمية للحق، أنه قال حين خرق السفينة: (أخرقتها لتُغرق أهلها)، ولم يقل: (لتغرقنا)، فنسي نفسه واشتغل بغيره، في الحالة التي كل أحد فيها يقول: (نفسي نفسي) لا يلوي على مال ولا ولد، وتلك حالة الغرق، فسبحان من جبَلَ أنبياءه وأصفياءه على نصح الخلق والشفقة عليهم والرأفة بهم، صلوات الله عليهم أجمعين وسلامه.
وقفة
[71] قوله تعالى: ﴿فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ فيه دلالة على أن قلوب المؤمنين مجبولة على إنكار المنكر، وغير مالكة للصبر على احتماله؛ لأن موسى عليه السلام وعد الخضر أن يصبر على ما يراه منه، فلما رأى ما رأى أنكره عليه.
وقفة
[71] ﴿حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ كان في خرق السفينة نجاتهم! كثيرا ما يرحمك الله من طريق تكرهه.
وقفة
[71] ﴿حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ قد يكون في خرق سفينتك نجاتك.
وقفة
[71] ﴿حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ قد يرحمك الرحمن من طريق تكرهه.
وقفة
[71] ﴿حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ قد يجعل نجاتك من أمر لا تتوقعه.
لمسة
[71] ﴿السَّفِينَةِ﴾ السبب في تعريف السفينة حسب التفاسير: أن الخضر وموسى لم يجدا سفينة لما جاءا إلى الساحل، ثم جاءت سفينة مارَّة فنادوهما فعرفا الخضر فحملوهما بدون أجر، ولهذا جاءت السفينة معرَّفة؛ لأنها لم تكن أية سفينة.
وقفة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ الظاهر ابتلاء، والواقع فرج، لله ألطاف خفية لا تدركها عقولنا.
وقفة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ (الظاهر): ابتلاء، و(الواقع): فرج، مدهش عندما تظن أن الله ابتلاك، ثم تكتشف أنه أنقذكَ من البلاء، كم خرقتْ الأيام لنا من سُفن، فاشتكينا وبكينا! ولم نعلم إلا بعد سنوات أن الله نجانا بها من ضرر أكبر.
وقفة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ فلعل ما تعدُّه مصيبة هو فرج.
وقفة
‌‌‌‌[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ ما أجمل لطف موسى بأهل السفينة! ‏وما أجمل لطف الله الخفي بهم!
لمسة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ لم يقل: (لتغرقنا)؛ فالعظماء لا يحرِّكهم الضرر الواقع عليهم بقدر ما تهمهم مصالح الأمة!
اسقاط
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ ولم يقل: (لتغرقنا) إذا كنت تحمل هم الأمة أكثر من همك؛ فأنت عظيم.
وقفة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ كم أوقعتْنا العجلةُ في إصدارِ الأحكامِ الخاطئةِ على النَّاسِ!
وقفة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ قد يكون العيب الذي يحصل في حياتك رحمة من الله وسبب في نجاتك.
وقفة
[71] ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ کم خرقت لنا في بحر الحياة سفن، فنجانا الرحمن بها من شر أكبر وضرر أعظم! ولم تعرف ذلك إلا بعد حين.
لمسة
[71] حتى لا تغرق السفينة بأهلها: ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾، تأمل قوله: ﴿أَهْلَهَا﴾، هكذا يكون المصلحون خوف على المجتمع قبل أنفسهم.
وقفة
[71] بادر موسى بالإنكار التهابًا وحميةً للحق فقال: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾، ولم يقل: (لتغرقنا) فنسي نفسه، واشتغل بغيره في الحالة التي كل أحد فيها يقول: (نفسي، نفسي)، لا يلوي على مال ولا ولد، وتلك حالة الغرق، فسبحان من جبل أنبياءه وأصفياءه على نصح الخلق، والشفقة عليهم والرأفة بهم!
وقفة
[71] نفس الشئ تراه من منظور واحد فوضى واضطرابًا ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾، وتراه من زاوية أخرى إتسامًا وإنتظامًا ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ﴾ [79]، فاللهم بصرنا بمواطن النظام بين كل ذاك الإضطراب.
وقفة
[71] ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ المؤمن حقًّا لا يمكن أن يرى المنكر فلا ينكره، ولو بقلبه.
وقفة
[71] قال موسى للخضر لما خرق السفينة: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ وقال له لما قتل الغلام: ﴿ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ﴾ [74]، فما الفرق بينهما؟ الأمر أهون من النكر، وقد لا يكون منكرًا كالنكر، وإنما يتعجب منه ومن الغرض منه، والنكر هنا أشد؛ لأنه فعل منكر قد وقع وهو قتل الغلام بخلاف خرق السفينة فإنها لم تغرق بذلك.
وقفة
[71] ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ الاعتراض على المعلم ومناقشته مشروع من حيث الأصل لولا الشرط الذي عقده موسى على نفسه.
وقفة
[71] ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ النفس المؤمنة جُبلت على إنكار المنكر وعدم تحمله.
عمل
[71، 72] ﴿قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا﴾، ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾، لا تتراجع عند أول خطأ في طريقك، وكن مصرًا على هدفك مهما وجدت من مواقف.

الإعراب :

  • ﴿ فَانْطَلَقا حَتّى إِذا:
  • الفاء استئنافية. انطلقا: فعل ماض مبني على الفتح والالف ضمير الاثنين مبني على السكون في محل رفع فاعل. حتى: حرف غاية وابتداء لا عمل له. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه اداة شرط‍ غير جازمة.
  • ﴿ رَكِبا فِي السَّفِينَةِ:
  • الجملة في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «اذا».ركبا: تعرب اعراب «انطلقا».في السفينة: جار ومجرور متعلق بركبا.
  • ﴿ خَرَقَها:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم-جزاء الشرط‍ -لا محل لها. خرق:فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.و«ها» ضمير الغائبة يعود على السفينة مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.بمعنى: فاعترض عليه موسى قائلا.
  • ﴿ أَخَرَقْتَها:
  • الالف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. خرقت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير الغائبة مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ لِتُغْرِقَ أَهْلَها:
  • اللام حرف جر للتعليل. تغرق: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. اهل: مفعول به منصوب بالفتحة و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. و «ان» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأ خرقت وجملة «تغرق اهلها» صلة «ان» المصدرية المضمرة لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لَقَدْ جِئْتَ:
  • اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. جئت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب. والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ شَيْئاً إِمْراً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. إمرا: أي عظيما: صفة-نعت- لشيئا منصوب مثله بالفتحة. بمعنى: لقد ارتكبت امرا عظيما بعملك هذا. '

المتشابهات :

الكهف: 71﴿ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا
الكهف: 74﴿ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ
الكهف: 77﴿ فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     وبعد الاتفاق على الشرط؛ انطَلقَا يمشيانِ على ساحلِ البحرِ فمرَّتْ سفينةٌ، فلمَّا ركِبَا قَلَعَ الخَضِرُ لوحًا من ألواحِ السفينةِ فاعترضَ موسى عليه السلام، قال تعالى:
﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لتغرق:
قرئ:
1- بالياء والراء وسكون الغين، و «أهلها» بالرفع، وهى قراءة زيد بن على، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، وحمزة، والكسائي، وخلف، وأبى عبيد، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهانى.
2- بالتاء المضمومة وإسكان الغين وكسر الراء، و «أهلها» بالنصب، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بالتاء المضمومة وفتح الغين وشد الراء، وهى قراءة الحسن، وأبى رجاء.

مدارسة الآية : [72] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن ..

التفسير :

[72] قال له الخَضِر:لقد قلت من أول الأمر:إنك لن تستطيع الصبر على صحبتي.

{ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ْ} أي:فوقع كما أخبرتك، وكان هذا من موسى نسيانا

وهنا أجابه الخضر بقوله: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً أى: ألم أقل لك سابقا إنك لن تسطيع مصاحبتي، ولا قدرة لك على السكوت على تصرفاتي التي لا تعرف الحكمة من ورائها؟

فعندها قال له الخضر مذكرا بما تقدم من الشرط : ( ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا ) يعني وهذا الصنيع فعلته قصدا ، وهو من الأمور التي اشترطت معك ألا تنكر علي فيها ، لأنك لم تحط بها خبرا ، ولها داخل هو مصلحة ولم تعلمه أنت .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72)

يقول عزّ ذكره: (قَالَ) العالم لموسى إذ قال له ما قال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا على ما ترى من أفعالي ، لأنك ترى ما لم تُحِط به خبرا ، قال له موسى: ( لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) فاختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: كان هذا الكلام من موسى عليه السلام للعالِم معارضة، لا أنه كان نسي عهده، وما كان تقدّم فيه حين استصحبه بقوله: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا .

* ذكر من قال ذلك: حُدثت عن يحيى بن زياد، قال: ثني يحيى بن المهلب، عن رجل، عن سعيد بن جبير، عن أبيّ بن كعب الأنصاريّ في قوله: ( لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) قال: لم ينس، ولكنها من معاريض الكلام.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تؤاخذني بتركي عهدك، ووجه أن معنى النسيان: الترك.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[72] قوله: ﴿ألم أقل إنك﴾ وبعده: ﴿ألمْ أقُلْ لكَ إنَّكَ﴾ [75]؛ لأن الإنكار في الثانية أكثر، وقيل أكد التقدير الثاني بقوله: (لك)، كما تقول لمن توبخه: (لك أقول وإياك أعني)، وقيل: بَيَّنَ في الثاني المقول له لما لم يبين في الأول.
وقفة
[72] أول كلمة قالها الخضر لموسي: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾، وآخر كلمة: ﴿تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا﴾ [82]، العلم كله صبر.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ أَلَمْ أَقُلْ:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ألم: الهمزة همزة تقرير بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. أقل: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا.
  • ﴿ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-أعربت في الآية الكريمة السابعة والستين. '

المتشابهات :

الكهف: 67﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
الكهف: 72﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
الكهف: 75﴿قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولَمَّا اعترضَ موسى عليه السلام؛ لامه الخَضِرُ عليه السلام، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [73] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ..

التفسير :

[73] قال موسى معتذراً:لا تؤاخذني بنسياني شرطك عليَّ، ولا تكلفني مشقةً في تعلُّمي منك، وعاملني بيسر ورفق.

{ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ْ} أي:لا تعسر علي الأمر، واسمح لي، فإن ذلك وقع على وجه النسيان، فلا تؤاخذني في أول مرة. فجمع بين الإقرار به والعذر منه، وأنه ما ينبغي لك أيها الخضر الشدة على صاحبك، فسمح عنه الخضر.

ولكن موسى- عليه السلام- رد معتذرا لما فرط منه وقال: لا تُؤاخِذْنِي أيها العبد الصالح، بما نسيت، أى: بسبب نسياني لوصيتك في ترك السؤال والاعتراض حتى يكون لي منك البيان. وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً أى: ولا تكلفني من أمرى مشقة في صحبتي إياك.

يقال: أرهق فلان فلانا. إذا أتعبه وأثقل عليه وحمله مالا يطيقه.

والمراد: التمس لي عذرا بسبب النسيان، ولا تضيق على الأمر، فإن في هذا التضييق ما يحول بيني وبين الانتفاع بعلمك.

وكأن موسى- عليه السلام- الذي اعتزم الصبر وقدم المشيئة، ورضى بشروط الخضر في المصاحبة.. كأنه قد نسى كل ذلك أمام المشاهدة العملية، وأمام التصرف الغريب الذي صدر من الخضر دون أن يعرف له سببا.

وهكذا الطبيعة البشرية تلتقي في أنها تجد للتجربة العملية وقعا وطعما، يختلف عن الوقع والطعم الذي تجده عند التصور النظري.

فموسى- عليه السلام- وعد الخضر بأنه سيصبر ... إلا أنه بعد أن شاهد مالا يرضيه اندفع مستنكرا.

أما الحادث الثاني الذي لم يستطع موسى أن يقف أمامه صامتا، فقد حكاه القرآن في قوله:

( قال ) أي موسى : ( لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا ) أي : لا تضيق علي وتشدد علي ؛ ولهذا تقدم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كانت الأولى من موسى نسيانا " .

القول في تأويل قوله تعالى ( قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ )

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال : ثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) : أي بما تركت من عهدك.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن موسى سأل صاحبه أن لا يؤاخذه بما نسي فيه عهده من سؤاله إياه على وجه ما فعل وسببه لا بما سأله عنه، وهو لعهده ذاكر للصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن ذلك معناه من الخبر، وذلك ما حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا ابن عيينة . عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) قال: كانَتِ الأوَلى مِنْ مُوسَى نِسْيانا.

وقوله: ( وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ) يقول: لا تُغْشِني من أمري عسرا، يقول: لا تضيق علي أمري معك، وصحبتي إياك.

التدبر :

عمل
[73] ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ لا تتراجع عند أول خطأ في طريقك، وكن مصرًا على هدفك، مهما وجدت من مواقف.
وقفة
[73] ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ ثقافةُ الاعتذارِ لا يعرفُ قيمتَهَا إلَّا الكبارُ.
عمل
[73] ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ لا تعاندْ، إذا أخطَأتْ فاعتذرْ.
وقفة
[73] ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ النسيان لا يقتضي المؤاخذة، ولا يدخل تحت التكليف، ولا يتعلق به حكم.
عمل
[73] يا طالب العلم: لا تتراجع في طلبك للعلم بسبب خطأ أو تعثر ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ .
عمل
[73] حروف (العتب) هي نفس حروف (التعب) فاستحضر في نفسك دائمًا أن كثرة العتب وسيلة مواصلة الشعور بالتعب فانتبه ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾.
وقفة
[73] موسى عفا عن خادمه حين نسى ﴿فإنّي نسيتُ الحوت﴾ [63]، ثم الخضر عفا عن موسى حين نسى ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾، سترى بعينيك آثار إحسانك.
اسقاط
[73] ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ الاعتذار عن الخطأ والرجوع إلى الحق فضيلة نبوّية، لا يستنكف عنها إلا من تأخذه العزة بالإثم.
وقفة
[73] ﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ ملامة الرفيق من أول زلة من العسر.
لمسة
[73] ﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾ ما الفرق بين الإرهاق والعسر؟ الإرهاق هو أن تحمِّل الإنسان فوق ما يطيق، والعسر هو ضد اليسر.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ لا تُؤاخِذْنِي:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لا: ناهية جازمة. تؤاخذ: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والنون نون الوقاية لا محل والياء ضمير المتكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ بِما نَسِيتُ:
  • جار ومجرور متعلق بتؤاخذ. وما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. نسيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.وجملة «نسيت» صلة الموصول لا محل لها والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به.والتقدير: بالذي نسيته. او بشيء نسيته. ويجوز ان تكون «ما» مصدرية. فتكون «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء والتقدير بنسياني العهد. وجملة «نسيت» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي:
  • معطوفة بالواو على لا تُؤاخِذْنِي» وتعرب اعرابها. من أمري: جار ومجرور متعلق بحال من «عسرا» والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ عُسْراً:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة. بمعنى: ولا تغشني من أمري عسرا بالمؤاخذة فتعسر علي متابعتك. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     وبعد اللوم؛ اعتذر موسى عليه السلام بالنسيان، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا ..

التفسير :

[74] فقبل الخَضِر عذره، ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصرا غلاماً يلعب مع الغلمان، فقتله الخَضِر، فأنكر موسى عليه وقال:كيف قتلت نفساً طاهرة لم تبلغ حدَّ التكليف، وَلَمْ تَقْتُلْ نفساً، حتى تستحق القتل بها؟ لقد فَعَلْتَ أمراً منكراً

{ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا ْ} أي:صغيرا{ فَقَتَلَهُ ْ} الخضر، فاشتد بموسى الغضب، وأخذته الحمية الدينية، حين قتل غلاما صغيرا لم يذنب.{ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ْ} وأي:نكر مثل قتل الصغير، الذي ليس عليه ذنب، ولم يقتل أحد؟! وكانت الأولى من موسى نسيانا، وهذه غير نسيان، ولكن عدم صبر

أى: فانطلق موسى والخضر للمرة الثانية بعد خروجهما من السفينة، وبعد أن قبل الخضر اعتذار موسى.

حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً في طريقهما، ما كان من الخضر إلا أن أخذه فَقَتَلَهُ.

وهنا لم يستطع موسى- عليه السلام- أن يصبر على ما رأى، أو أن يكظم غيظه، فقال باستنكار وغضب: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً أى: طاهرة بريئة من الذنوب بِغَيْرِ نَفْسٍ.

أى: بغير أن ترتكب ما يوجب قتلها، لأنها لم تقتل غيرها حتى تقتص منها. أى: أن قتلك لهذا الغلام كان بغير حق.

لَقَدْ جِئْتَ أيها الرجل «شيئا نكرا» أى: منكرا عظيما. يقال. نكر الأمر، أى:

صعب واشتد. والمقصود: لقد جئت شيئا أشد من الأول في فظاعته واستنكار العقول له.

يقول تعالى : ( فانطلقا ) أي : بعد ذلك ، ( حتى إذا لقيا غلاما فقتله ) وقد تقدم أنه كان يلعب مع الغلمان في قرية من القرى ، وأنه عمد إليه من بينهم ، وكان أحسنهم وأجملهم وأوضأهم فقتله ، فروي أنه احتز رأسه ، وقيل : رضخه بحجر . وفي رواية : اقتطفه بيده . والله أعلم .

فلما شاهد موسى ، عليه السلام ، هذا أنكره أشد من الأول ، وبادر فقال : ( أقتلت نفسا زكية ) أي صغيرة لم تعمل الحنث ، ولا حملت إثما بعد ، فقتلته ؟ ! ( بغير نفس ) أي : بغير مستند لقتله ( لقد جئت شيئا نكرا ) أي ظاهر النكارة .

القول في تأويل قوله تعالى : فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)

يقول تعالى ذكره: ( فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ ) العالم، ف (قال) له موسى: ( أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ).

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة: ( أقَتَلْتَ نَفْسا زَاكِيَةً ) وقالوا معنى ذلك: المطهرة التي لا ذنب لها، ولم تذنب قطّ لصغرها ، وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة: (نَفْسا زَكِيَّةً ) بمعنى: التائبة المغفور لها ذنوبها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال : ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ) والزكية : التائبة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً ) قال: الزكية: التائبة.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر " أقتلت نفسا زاكية " قال: قال الحسن: تائبة، هكذا في حديث الحسن وشهر زاكية.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( نَفْسًا زَكِيَّةً ) قال: تائبة.

* ذكر من قال: معناها المسلمة التي لا ذنب لها : حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني يعلى بن مسلم، أنه سمع سعيد بن جبير يقول: وجد خضر غلمانا يلعبون، فأخذ غلاما ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين ، قال: وأخبرني وهب بن سليمان عن شعيب الجبئي قال: اسم الغلام الذي قتله الخضر: جيسور (قال أقتلت نفسا زاكية ) قال: مسلمة. قال: وقرأها ابن عباس: (زكية) كقولك: زكيا.

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل الكوفة يقول: معنى الزكية والزاكية واحد، كالقاسية والقسية، ويقول: هي التي لم تجن شيئا، وذلك هو الصواب عندي لأني لم أجد فرقا بينهما في شيء من كلام العرب.

فإذا كان ذلك كذلك، فبأيّ القراءتين قرأ ذلك القارئ فمصيب، لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار بمعنى واحد.

وقوله: ( بِغَيْرِ نَفْسٍ ) يقول: بغير قصاص بنفس قتلت، فلزمها القتل قودا بها ، وقوله: ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ) يقول: لقد جئت بشيء منكر، وفعلت فعلا غير معروف.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ) والنُّكْرُ أشدّ من الإمر.

التدبر :

وقفة
[74] ﴿حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ﴾ لماذا قتل الخضر الغلام، أليس القتل محرم؟ الجوال: قتله الخضر بوحي، وبيّن لموسى أنه لو كبر لأرهق أبويه بسبب كفره وطغيانه، وأنكر عليه موسى بناء على الأصل، وهو حرمة القتل.
وقفة
[74] ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ لا يستطيع أن يرى الخطأ ولا ينكره.
وقفة
[74] ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ المؤمن مجبول على إنكار المنكر ولا يصبر عليه، لأن موسى وعد الخضر أن يصبر على ما يراه، فلما رأى منكرًا أنكر عليه.
لمسة
[74] ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا﴾ استدل بهذه الآية طائفة من العلماء على أن الغلام كان بالغًا، واستدل آخرون بنفس الآية على أنه لم يكن بالغًا؟! الذين قالوا: إنه لم يبلغ، فاستدلوا بوصف النفس بأنها: ﴿ﳞ﴾؛ أي: لم تذنب، واحتج من قال: إنه بالغ، بقوله: ﴿ﳟ ﳠ﴾؛ فهذا يقتضي أنه لو كان عن قتل نفس لم يكن به بأس، وهذا يدل على أنه بالغ، وإلا فلو كان لم يحتلم لم يجب قتله بنفس، ولا بغير نفس.
تفاعل
[74] ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ نفوس الصغار زكية لم تدنسـها الذنوب، اللهم طهِّر نفوسنا وأصلح فساد القلوب.
وقفة
[74] ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ إنه لا يعرف الغلام! لكن نفوس الأطفال كلها زكيَّة.
وقفة
[74] ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ قال ﷺ: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى، لَوْلاَ أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ» [مسلم 2380]، فالعلم لا يفتح كنوزه إلا للصابرين المثابرين.
وقفة
[74] ﴿لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا﴾ لم تكن هذه نسيانًا ولكن مشهد الطفل القتيل يقتضي التضحية برحلة العلم.
لمسة
[74] قال: ﴿غُلَامًا﴾، ولم يقل: (صبيًّا)؛ فكلمة غلام يقصد بها جنس الذكر منذ أن يولد إلى أن يراهق، والصبي هو الذي يصبو إلى الجنس الآخر، والغلام هو الذي يغتلم، يعني يصل إلى سنٍّ يشتهي الأنثى تفاؤلًا مثلما سمَّت العرب فاطمة تفاؤلًا بأنها ستكبر وتلد وتُرضِع وتفطم، وسمَّت عائشة بأنها ستعيش، ولم تحدد لنا السورة سن هذا الغلام لكن من يُرهِق أبويه طغيانًا وكفرًا ويُخشى أن يستمر في هذا لا شك أنه كان بالغًا أوكان قريبًا من مرحلة البلوغ، هذا من خلال الجو العام ﴿فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ [80] يعني أن يزيد في هذا.

الإعراب :

  • ﴿ فَانْطَلَقا حَتّى إِذا لَقِيا غُلاماً:
  • اعربت في الآية الكريمة الحادية والسبعين. غلاما: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَقَتَلَهُ:
  • معطوفة بالفاء على «لقيا».قتله: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير الغائب مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بمعنى: قتله من غير ترو واستكشاف حال.
  • ﴿ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً:
  • تعرب اعراب قالَ أَخَرَقْتَها» الواردة في الآية الكريمة الحادية والسبعين. نفسا: مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.زكية: صفة-نعت-لنفسا منصوبة مثلها بالفتحة المنونة بمعنى نفسا طاهرة.
  • ﴿ بِغَيْرِ نَفْسٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نفسا».نفس: مضاف إليه مجرور بالكسرة اي بغير قتل نفس ارتكبته فحذف «قتل» وحلت «نفس» محله.
  • ﴿ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً:
  • أعربت في الآية الكريمة الحادية والسبعين.و«نكرا» اي منكرا. وقيل: معناه: جئت شيئا انكر من الاول. '

المتشابهات :

الكهف: 71﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا
الكهف: 74﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     وبعد الاعتذار؛ انطَلقَا، فرأى الخَضِرُ غلامًا فقتلَه؛ فاعترضَ موسى عليه السلام للمرة الثانية، قال تعالى:
﴿ فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

زكية:
وقرئ:
1- بغير ألف وبتشديد الياء، وهى قراءة زيد بن على، والحسن، والجحدري، وابن عامر، والكوفيين.
2- زاكية، بالألف، وهى قراءة ابن عباس، والأعرج، وأبى جعفر، وشيبة، وابن محيصن، وحميد، والزهري، ونافع، واليزيدي، وابن مسلم، وزيد بن بكر عن يعقوب، والتمار عن رويس عنه، وأبى عبيد، وابن جبير الأنطاكى، وابن كثير، وأبى عمرو.
نكرا:
1- بإسكان الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- برفعها، حيث كان منصوبا، وهى قراءة نافع، وأبى بكر، وابن ذكوان، وأبى جعفر، وشيبة، وطلحة، ويعقوب، وأبى حاتم.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف