527272829303132333435363738394041424344

الإحصائيات

سورة النجم
ترتيب المصحف53ترتيب النزول23
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.50
عدد الآيات62عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.10
ترتيب الطول58تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
القسم: 4/17_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (27) الى الآية رقم (32) عدد الآيات (6)

بعدَ توبيخِ المشركينَ لعبادتِهم الأصنامَ وَبَّخَهُم هنا مرةً أُخرى لقولِهم: الملائكةُ بناتُ اللهِ، وأوضحَ أنَّها دعوى بلا دليلٍ، ثُمَّ ذكرَ جزاءَ المسيئينَ، وجزاءَ المحسنينَ وأوصافَهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (33) الى الآية رقم (42) عدد الآيات (10)

لمَّا ذَكَرَ اللهُ جزاءَ أهلِ الإساءةِ والإحسانِ، وبَّخَ هنا كلَّ من تولَّى عن طاعتِه، وذَكَّرَه بما في صحفِ إبراهيمَ وموسى، ثُمَّ تقريرُ مبدأِ المَسؤوليةِ الفرديةِ، ألاَّ يتحمَّلَ أحدٌ ذنبَ غيرِهِ، ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة النجم

صدق الوحي مقابل الظن والهوى عند المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الطريق الأول: طريق الوحي::   السورة تبين لنا أن العلوم والمعرفة بالله لها طريقان: طريق الوحي الذي جاء به النبي ﷺ، وطريق الظنون والأوهام.
  • • الطريق الثاني: طريق الظنون والأوهام::   • طريق الوحي هو الحق وهو الصدق؛ لأنه من الله إلى رسوله الكريم ﷺ: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ﴾ (3-5)، فطريق الوحي الذي ينقله جبريل عن رب العزة جل وعلا هو أوثق الطرق للعلم والمعرفة. • ثم تعرض السورة طرفًا من حادثة المعراج؛ لأنها حادثة كان فيها معرفة ورؤية حقيقية وليست مقتصرة على الإخبار والنقل: ﴿وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ ...﴾ (13-14). • وكأنها تقول للكافرين: كيف تكذبون رسول الله ﷺ، وقد رأى في هذه الحادثة من آيات ربه الكبرى؟!: ﴿مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ ءايَـٰتِ رَبّهِ ٱلْكُبْرَىٰ﴾ (17-18)، كيف تكذبون رجلًا مصدر علمه ومعرفته رب العزة سبحانه وتعالى؟! • إياكم أن يكون في النفس شك أو ريب في صدق هذا الوحي الذي هو من عند الله تعالى.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «النجم».
  • • معنى الاسم ::   النجم: أي الجرم الذي يبدو للناظرين لامعًا في جو السماء ليلًا، وجمعه: نجوم.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بالقسم بالنجم، وقد ورد هذا اللفظ في عدة سور من القرآن.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن العلوم والمعرفة بالله لها طريقان: طريق الوحي الذي جاء به النبي ﷺ، وطريق الظنون والأوهام.
  • • علمتني السورة ::   أن الله يقسم بما شاء من مخلوقاته: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ﴾ (1)، أما نحن فلا نقسم إلا بالله.
  • • علمتني السورة ::   أن السنة وحي من الله: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾
  • • علمتني السورة ::   : أعظمُ لقبٍ تُقدِّم به نفسَك، وأفخمُ توقيع تُذيِّل به خطاباتِك، هو أنَّك: عبدُ اللهِ: ﴿فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «سَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ (وَالنَّجْمِ)، قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    • وسورة النجم من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة النجم من المفصل.
    • سورة النجم من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة النجم مع سورة الرحمن، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • احتوت السورة على السجدة الـ 13 من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف- في الآية (62)، وهي أول سجدة نزلت من القرآن الكريم لحديث ابن مسعود السابق.
    • ذكرت سورة الإسراء رحلة الإسراء، بينما ذكرت سورة النجم رحلة المعراج المكملة لرحلة الإسراء، كما في الآيات (12-18).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نلزم طريق الوحي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ونبتعد عن طريق الظنون والأوهام.
    • أن ندافع عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاللهُ دافع عنه، أفلا ندافع عنه نحن؟!: ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ﴾ (2).
    • أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كمال أدبه، حيث لم يَزغْ بصره وهو في السماء السابعة: ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ﴾ (17).
    • أن نسأل الله الهدى والتقى والعفاف والغنى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ﴾ (23).
    • أن نحذر من حولنا من الوقوع في الكبائر: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ (32).
    • أن نحدث الناس عن سعة مغفرة الله، ونحذرهم من القنوط من رحمته: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ (32).
    • ألا نمدح أنفسنا؛ فالله أعلم بأحوالنا: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ (32).
    • أن نكون من المحسنين مع الله في عبادتنا، ومع الخلق في معاملتنا: ﴿وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ (31).
    • أن نعمل لنجاة أنفسنا الآن، ولا ننتظر أحدًا يوزِّع عنا مصحفًا أو يحفر لنا بئرًا بعد وفاتِنا: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ (39).
    أن نسجد سجودَ التِّلاوةِ عند قراءة آخرِ سورةِ النَّجمِ: ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا ۩﴾ (62).

تمرين حفظ الصفحة : 527

527

مدارسة الآية : [27] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ..

التفسير :

[27] إن الذين لا يصدِّقون بالحياة الآخرة من كفار العرب ولا يعملون لها ليسمُّون الملائكة تسمية الإناث؛ لاعتقادهم جهلاً أن الملائكة إناث، وأنهم بنات الله.

يعني أن المشركين بالله المكذبين لرسله، الذين لا يؤمنون بالآخرة، وبسبب عدم إيمانهم بالآخرة تجرأوا على ما تجرأوا عليه، من الأقوال، والأفعال المحادة لله ولرسوله، من قولهم:{ الملائكة بنات الله} فلم ينزهوا ربهم عن الولادة، ولم يكرموا الملائكة ويجلوهم عن تسميتهم إياهم إناثا.

ثم عادت السورة إلى ذم الكافرين الذين وصفوا الملائكة بصفات لا تليق بهم. فقال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وما فيها من حساب وجزاء وثواب وعقاب ... لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى، أى: ليصفون الملائكة بوصف الإناث فيقولون: الملائكة بنات الله كما قال- تعالى-: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ، سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ .

ولفظ: «الملائكة» هنا في معنى استغراق كل فرد، أى: ليسمون كل واحد منهم ويصفونه بصفة الأنوثة.

يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى ، وجعلهم لها أنها بنات الله ، كما قال : ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ) [ الزخرف : 19 ] ; ولهذا قال :

وقوله ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا ) يقول تعالى ذكره: وكم من ملك في السموات لا تغني: كثير من ملائكة الله, لا تنفع شفاعتهم عند الله لمن شفعوا له شيئا, إلا أن يشفعوا له من بعد أن يأذن الله لهم بالشفاعة لمن يشاء منهم أن يشفعوا له ويرضى, يقول: ومن بعد أن يرضى لملائكته الذين يشفعون له أن يشفعوا له, فتنفعه حينئذ شفاعتهم, وإنما هذا توبيخ من الله تعالى ذكره لعبدة الأوثان والملأ من قريش وغيرهم الذين كانوا يقولون مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى فقال الله جلّ ذكره لهم: ما تنفع شفاعة ملائكتي الذين هم عندي لمن شفعوا له, إلا من بعد إذني لهم بالشفاعة له ورضاي، فكيف بشفاعة من دونهم, فأعلمهم أن شفاعة ما يعبدون من دونه غير نافعتهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[27] ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ﴾ بسبب عدم إيمانهم بالآخرة تجرؤوا على ما تجرؤوا عليه من الأقوال والأفعال المحادة لله ولرسوله، من قولهم: الملائكة بنات الله.
وقفة
[27] ﴿إِنَّ الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمّونَ المَلائِكَةَ تَسمِيَةَ الأُنثى﴾ التولى عن الحق والطريق المستقيم يوقعك فى أخطاء ومخالفات جسيمة.
وقفة
[27، 28] ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَىٰ * وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ اعتقدوا أن الملائكة إناث، وأنهم بنات الله، وما لهم به من علم، فلم يشاهدوا خلق الملائكة، ولم يخبرهم به رسول، ولم يقرأوه في كتاب.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان».
  • ﴿ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يؤمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالآخرة: جار ومجرور متعلق بيؤمنون.
  • ﴿ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان» واللام لام التوكيد -المزحلقة-.يسمون: تعرب اعراب «يؤمنون».الملائكة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى:
  • مفعول به في موضع المصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الانثى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الالف للتعذر.'

المتشابهات :

الإسراء: 10﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا
المؤمنون: 74﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ لَنَٰكِبُونَ
النمل: 4﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَهُمۡ يَعۡمَهُونَ
النجم: 27﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ تَسۡمِيَةَ ٱلۡأُنثَىٰ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد توبيخِ المشركينَ لعبادتِهم الأصنامَ؛ وَبَّخَهُم هنا مرةً أُخرى لقولِهم: الملائكةُ بناتُ اللهِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ..

التفسير :

[28]وما لهم بذلك من علم صحيح يصدِّق ما قالوه، ما يتبعون إلَّا الظن الذي لا يجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق.

والحال أنه ليس لهم بذلك علم، لا عن الله، ولا عن رسوله، ولا دلت على ذلك الفطر والعقول، بل العلم كله دال على نقيض قولهم، وأن الله منزه عن الأولاد والصاحبة، لأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأن الملائكة كرام مقربون إلى الله، قائمون بخدمته{ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} والمشركونإنما يتبعون في ذلك القول القبيح، وهوالظن الذي لا يغني من الحق شيئا، فإن الحق لا بد فيه من اليقين المستفاد من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة.

وقوله- سبحانه: وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ... رد عليهم فيما قالوه، وتجهيل لهم فيما زعموه، والجملة حال من ضمير «ليسمون» .

أى: إنهم ليصفون الملائكة بالأنوثة، والحال أنهم لا علم لهم بتكوين هؤلاء الملائكة، أو بصفتهم.. وإنما يتبعون الظن الباطل في أقوالهم وأحكامهم..

.. وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً أى: وإن الظن الباطل، والاعتقاد الخاطئ لا يغنى في معرفة الحق شيئا، حتى ولو كان هذا الشيء قليلا، لأن العقائد السليمة، لا تبنى على الظنون والأوهام، وإنما تبنى على الحقائق الراسخة والعلوم الثابتة.

وأظهر- سبحانه- لفظ الظن هنا، مع تقدم ذكره لتكون الجملة مستقلة بنفسها، ولتكون- أيضا- بمثابة المثل الذي يقال في الموضع الذي يناسبه.

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة، قد وبخت المشركين على شركهم بأسلوب منطقي سليم، حيث ساقت لهم الحقائق في أسلوب يغلب عليه طابع الموازنة والمقارنة، والاستشهاد بالواقع، ووضع أيديهم على أماكن الدواء، لو كانوا ممن يريدونه، ويبحثون عنه.

وبعد هذا البيان الحكيم الذي يحق الحق، ويبطل الباطل، أمر الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم أن يمضى في طريقه الذي رسمه- سبحانه- له، وأن يترك حساب هؤلاء الضالين لله- تعالى- الذي يجازى كل نفس بما كسبت، والذي يعلم السر وأخفى، والذي رحمته وسعت كل شيء ... فقال- تعالى-:

( وما لهم به من علم ) أي : ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه ، بل هو كذب وزور وافتراء ، وكفر شنيع . ( إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ) أي : لا يجدي شيئا ، ولا يقوم أبدا مقام الحق . وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث " .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى (27)

يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يصدّقون بالبعث في الدار الآخرة, وذلك يوم القيامة ليسمون ملائكة الله تسمية الإناث, وذلك أنهم كانوا يقولون: هم بنات الله.

وبنحو الذي قلنا في قوله ( تَسْمِيَةَ الأنْثَى ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( تَسْمِيَةَ الأنْثَى ) قال: الإناث.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[28] ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾ خطورة التقوُّل على الله بغير علم.
وقفة
[28] أصل انحراف الأفكار والعقائد: أنها تُبنى على ظنون لا على حقائق ﴿وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا﴾.
وقفة
[28] ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾ تخيل معي رجلًا لا يدري أين يتجه، استوت لديه المرجحات، فلم يعد يدري أين الهدى، ذلك هو الظن فهل تتبعه.
وقفة
[28] ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ من القواعد الفقهية: (اليقين لا يزول بالشك)، ومن تطبيقاتها قول النبي ﷺ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَىْءٌ أَمْ لاَ؟ فَلاَ يَخْرُجَنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» [مسلم 362]، قال النووي: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يُحكم ببقائها على أصولها، حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها».
وقفة
[28] ﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ يُخبر الله عن عظمته وقدرته، ذلك لتتعرف عليه معرفة توجب تعظيمه وتورث قلبك طاعته وشكره وذكره.
وقفة
[28] ﴿إِن يَتَّبِعونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغني مِنَ الحَقِّ شَيئًا﴾ أى يتبعون في ذلك القول القبيح، وهو الظن الذي لا يغني من الحق شيئًا، فإن الحق لا بد فيه من اليقين المستفاد من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة.
وقفة
[28] قوله تعالى: ﴿إن يتبعون إلا الظن﴾ [23]، وبعده: ﴿إن يتبعون إلا الظن﴾ ليس بتكرار؛ لأن الأول متصل بعبادتهم اللات والعزى ومناة، والثاني بعبادتهم الملائكة، ثم ذم الظن فقال: ﴿وإن الظن لا يغني من الحق شيئا﴾.
وقفة
[28] أغلب الناس يحكمون عليك من وحي الظنون لا من وحي الحقائق، وانتظار الإنصاف ممن يبرهن عقله لظنه ضرب من الجنون ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾.
وقفة
[28] ﴿وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغني مِنَ الحَقِّ شَيئًا﴾ مهما زادت الغيوم، ومهما طال الظلام؛ فالنور آتٍ آتٍ.

الإعراب :

  • ﴿ وَما لَهُمْ بِهِ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. به: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «علم» لانه متعلق بصفة مقدمة له. المعنى: بذلك وبما يقولون.
  • ﴿ مِنْ عِلْمٍ:
  • من: حرف جر زائد لتوكيد معنى النفي. علم: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على انه مبتدأ مؤخر.
  • ﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ:
  • اعربت في الآية الكريمة الثالثة والعشرين.
  • ﴿ وَإِنَّ الظَّنَّ:
  • الواو عاطفة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الظن:اسم «ان» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ لا يُغْنِي:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان».لا: نافية لا عمل لها.يغني: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى: لا ينفع.
  • ﴿ مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً:
  • جار ومجرور متعلق بيغني او بحال محذوفة من «شيئا» لانه متعلق بصفة مقدمة له. شيئا: نائب عن مفعول مطلق-مصدر- محذوف او صفة له. اي اغناء شيئا.'

المتشابهات :

النساء: 157﴿وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا
الكهف: 5﴿ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ
النجم: 28﴿ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     وبعد أن وَبَّخَهُم لقولِهم: الملائكةُ بناتُ اللهِ؛ أوضحَ هنا أنَّها دعوى بلا دليلٍ، قال تعالى:وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ولَمَّا نفى عِلْمَهم؛ تشَوَّفَ السَّامِعُ إلى الحامِلِ لهم على ذلك، فقال تعالى: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ولَمَّا كانوا كالقاطِعينَ بأنَّ ذلك يَنفَعُهم؛ أكَّدَ بقَولِه تعالى:
﴿ وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ..

التفسير :

[29] فأعْرِضْ عمَّن تولَّى عن ذكرنا، وهو القرآن، ولم يُرِدْ إلا الحياة الدنيا.

ولما كان هذا دأب هؤلاء المذكورين أنهملا غرض لهم في اتباع الحق، وإنما غرضهم ومقصودهم، ما تهواه نفوسهم، أمر الله رسوله بالإعراض عمن تولى عن ذكره، الذي هو الذكر الحكيم، والقرآن العظيم، والنبأ الكريم، فأعرض عن العلوم النافعة، ولم يرد إلا الحياة الدنيا، فهذا منتهى إرادته، ومن المعلوم أن العبد لا يعمل إلا للشيء الذي يريده،

والفاء في قوله: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا للإفصاح..

وأصل الإعراض: لفت الوجه عن الشيء، لأن الكاره لشيء يعرض بصفحة خده عنه.

والمراد به هنا: ترك هؤلاء المشركين، وعدم الحرص على إيمانهم، بعد أن وصلتهم دعوة الحق ... أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- من أن هؤلاء المشركين، ما يتبعون في عقائدهم إلا الظن الباطل، وإلا ما تشتهيه أنفسهم..

فاترك مجادلتهم ولا تهتم بهم، بعد أن بلغتهم رسالة ربك ... فإنهم قوم قد أصروا على عنادهم. وعلى الإدبار عن وحينا وقرآننا الذي أنزلناه إليك، ولم يريدوا من حياتهم إلا التشبع من زينة الحياة الدنيا، ومن شهواتها ومتعها..

ومن كان كذلك فلن تستطيع أن تهديه، لأنه آثر الغي على الرشد، والضلالة على الهداية.

وجيء بالاسم الظاهر في مقام الإضمار، فقيل: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا ولم يقل: فأعرض عنهم.. لبيان ما تؤذن به صلة الموصول من علة الأمر بالإعراض عنهم، وهي أنهم قوم أعرضوا عن الوحى، ولم يريدوا سوى متع دنياهم، وأما ما يتعلق بالآخرة فهم في غفلة عنه.

وقوله : ( فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ) أي : أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره .

وقوله : ( ولم يرد إلا الحياة الدنيا ) أي : وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا ، فذاك هو غاية ما لا خير فيه . ولذلك قال :

وقوله ( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ) يقول تعالى: وما لهم يقولون من تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى من حقيقة علم ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ ) يقول: ما يتبعون في ذلك إلا الظنّ, يعني أنهم إنما يقولون ذلك ظنا بغير علم.

وقوله ( وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) يقول: وإن الظنّ لا ينفع من الحق شيئا فيقوم مقامه .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا﴾ أعْرِض عمَّن أعرَض عن مولاه، قبل أن يُعرض عنك مولاك.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ من آثار الإعراض عن ذكر الله محبتك للحياة الدنيا وإرادتك لها.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أعرض عن كل سناب أو حساب لا يذكرك بربك، ولا يعرض لك إلا لعاعة الدنيا، فيزينها في قلبك.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ فقدُ الإخلاص يرديك إلى ظلمات الجهل، فأصلح سريرتك تنلِ العلم.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ بعد أن وصف مداركهم الباطلة وضلالهم فَرَّع عليه أمرَ نبيه ﷺ بالإِعراض عنهم؛ ذلك لأن ما تقدم من وصف ضلالهم كان نتيجة إعراضهم عن ذكر الله -وهو التولِّي عن الذكر- فحق أن يكون جزاؤهم عن ذلك الإِعراض إعراضًا عنهم.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أي: هذا منتهى علمهم وغايته، وأما المؤمنون بالآخرة المصدقون بها أولو الألباب والعقول فهمتهم وإرادتهم للدار الآخرة، وعلومهم أفضل العلوم وأجلها، وهو العلم المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
عمل
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ من استكبر عن قبول الحق وتولي؛ فلا تعره اهتمامك, ولا يصيبنك لأجله هم ولا غم, فإن يكن فيه خير يأت به الله.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ ما زاد تعلق العبد بالدنيا إلا زاد قلبه انصرافًا عن ذكر ربه.
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ ما الذي تأمله ممن لا هم له إلا الحياة الدنيا وعرضها الزائف الزائل؟!
وقفة
[29] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ من قصر عمله وهمته علي ما يصلح به دنياه دون أخراه خاب وخسر.
وقفة
[29] ليس للسفيه طالب الدنيا من ردٍّ لسفاهته مثل الإعراض ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾.
وقفة
[29] في الأثر الإلهي إن أدنى ما أنا صانع بالعالم إذا أحب الدنيا أن أمنع قلبه حلاوة ذكري وتصديق ذلك في القرآن ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ هوان وحقارة الدنيا وعلومها وحياتنا خلاف ذاك.
وقفة
[29] ابحث عن حلقة قرآن أو حلقة علم واجلس فيها ولو قليلًا ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾.
وقفة
[29] ﴿وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ أعظم أسباب التولي عن الذكر: حصر إرادة العبد في تحصيل دنياه.
وقفة
[29، 30] ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُ مِّنَ الْعِلْمِ﴾ العقول التي تلغى الآخرة في حديثها هذه وصية الله فيها.
عمل
[29، 30] ﴿وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ﴾ اجعل في قائمة أدعيتك: «وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا, وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا» [الترمذى 3502، وحسنه الألباني].

الإعراب :

  • ﴿ فَأَعْرِضْ:
  • الفاء استئنافية. اعرض: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ عَنْ مَنْ:
  • حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق بأعرض.
  • ﴿ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنا:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.تولى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن ذكر: جار ومجرور متعلق بتولى و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اي فأعرض عن دعوة من رأيته معرضا عن ذكر الله وعن الآخرة.
  • ﴿ وَلَمْ يُرِدْ:
  • الواو عاطفة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يرد: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا:
  • اداة حصر لا عمل لها. الحياة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الدنيا: صفة-نعت-للحياة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الالف للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     وبَعْدَ أنْ بَيَّنَ اللهُ ضَلالَهم، وأنَّه لا غَرَضَ لهم في اتِّباعِ الحَقِّ، وإنَّما غَرَضُهم ومَقصودُهم ما تَهواه نُفوسُهم؛ أمَرَ رَسولَه ﷺ بالإعراضِ عمَّن توَلَّى عن ذِكْرِه، ولم يُرِدْ إلَّا الحياةَ الدُّنيا، قال تعالى:
﴿ فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ ..

التفسير :

[30]ذلك الذي هم عليه هو منتهى علمهم وغايتهم. إن ربك هو أعلم بمن حادَ عن طريق الهدى، وهو أعلم بمن اهتدى وسلك طريق الإسلام.وفي هذا إنذار شديد للعصاة المعرضين عن العمل بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، المؤثرين لهوى النفس وحظوظ الدنيا على الآخرة

فسعيهم مقصور على الدنيا ولذاتها وشهواتها، كيف حصلت حصلوها، وبأي:طريق سنحت ابتدروها،{ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي:هذا منتهى علمهم وغايته، وأما المؤمنون بالآخرة، المصدقون بها، أولو الألباب والعقول،

فهمتهم وإرادتهم للدار الآخرة، وعلومهم أفضل العلوم وأجلها، وهو العلم المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم بمن يستحق الهداية فيهديه، ممن لا يستحق ذلك فيكله إلى نفسه، ويخذله، فيضل عن سبيل الله، ولهذا قال تعالى:{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} فيضع فضله حيث يعلم المحل اللائق به.

وقوله: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ تسلية له صلى الله عليه وسلم عما أصابه منهم، وتحقير لهم ولأفكارهم، وتهوين من شأنهم.. أى: ذلك الذي تراه منهم من التولي عن قرآننا، ومن الحرص على عرض الحياة الدنيا، منتهى علمهم، ولا علم سواه ...

فاسم الإشارة «ذلك» يعود إلى المفهوم من الكلام السابق وهو توليهم عن القرآن الكريم، وتكالبهم على الحياة الدنيا..

وفي هذه الجملة المعترضة ما فيها من تحقير أمرهم، ومن الازدراء بعلمهم الذي أدى بهم إلى إيثار الشر على الخير، والعاجلة على الآجلة ...

وقوله- سبحانه-: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ... تعليل للأمر بالإعراض عنهم، والإهمال لشأنهم، وتسلية أخرى له صلى الله عليه وسلم.

أى: امض- أيها الرسول الكريم- في طريقك، وأعرض عن هؤلاء الجاحدين المعاندين، الذين أصروا على عدم الاستجابة لك، بعد أن سلكت معهم كل وسيلة تهديهم إلى الحق ... إن ربك- أيها الرسول الكريم- هو أعلم بمن أصر من الناس على الضلال، وهو- سبحانه- أعلم بمن شأنه الاهتداء، والاستجابة للحق..

والمراد بالعلم هنا لازمه، أى: ما يترتب عليه من ثواب وعقاب، ثواب للمؤمنين، وعقاب للكافرين.

وكرر- سبحانه- قوله هُوَ أَعْلَمُ لزيادة التقرير، والمراد بمن ضل: من أصر على الضلال، وبمن اهتدى: من عنده الاستعداد لقبول الحق والهداية.

وقدم- سبحانه- من ضل على من اهتدى هنا، لأن الحديث السابق واللاحق معظمه عن المشركين، الذين عبدوا من دون الله- تعالى- أصناما لا تضر ولا تنفع..

وضمير الفصل في قوله- سبحانه- هُوَ أَعْلَمُ لتأكيد هذا العلم، وقصره عليه- سبحانه- قصرا حقيقيا، إذ هو- تعالى- الذي يعلم دخائل النفوس، وغيره لا يعلم.

( ذلك مبلغهم من العلم ) أي : طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه .

وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة [ رضي الله عنها ] قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له " وفي الدعاء المأثور : " اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا " .

وقوله : ( إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ) أي : هو الخالق لجميع المخلوقات ، والعالم بمصالح عباده ، وهو الذي يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته ، وهو العادل الذي لا يجور أبدا ، لا في شرعه ولا في قدره .

وقوله ( فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فدع من أدبر يا محمد عن ذكر الله ولم يؤمن به فيوحده.

وقوله ( وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) يقول: ولم يطلب ما عند الله في الدار الآخرة, ولكنه طلب زينة الحياة الدنيا, والتمس البقاء فيها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[30] ﴿ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ﴾ أي إنما يبصرون أمر دنياهم ويجهلون أمر دينهم، قال الفراء: صغَّرهم وازدرى بهم؛ أي ذلك قدر عقولهم ونهاية علمهم أن آثروا الدنيا على الآخرة.
وقفة
[30] ﴿ذلِكَ مَبلَغُهُم مِنَ العِلمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اهتَدى﴾ العلاقة عكسية بين الجهل والهداية؛ فكلما ازددت جهلًا ابتعدت عن الطريق الصحيح.
لمسة
[30] ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَىٰ﴾ هذا سبب إعراضك عنهم وإهمال شأنهم، وهي بمثابة تسلية للنبي ﷺ، فالله يعلم من سيعرض، ومن سيقبل عليه، وما يترتب على ذلك من ثواب وعقاب، وكرر قوله: (هُوَ أَعْلَمُ) مع ضمير (هو) لتأكيد علم الله وقصره عليه؛ لأنه وحده الذي يعلم خفايا القلوب ودخائل النفوس، وغيره لا يعلم.
عمل
[30] تذكر أن الله تعالى هو العليم بكل من ضل أو اهتدى ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَىٰ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب. مبلغ: خبر «ذلك» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة
  • ﴿ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ:
  • جار ومجرور متعلق بمبلغهم اي طلبهم للحياة الدنيا غاية ما يبلغونه من العلم. وبقية الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة الخامسة والعشرين بعد المائة من سورة «النحل».
  • ﴿ بِمَنِ اهْتَدى:
  • تعرب اعراب بِمَنْ ضَلَّ» وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الالف للتعذر وكسر آخر «من» لالتقاء الساكنين. والجملة الاسمية ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ» اعتراضية لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

النجم: 30﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَىٰ
الأنعام: 117﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
النحل: 125﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
القلم: 7﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
القصص: 56﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ رَسولَه ﷺ بالإعراضِ عنهم؛ صَغَّرَ سُبْحانَهُ شَأْنَهم وحَقَّرَ أمْرَهم، قال تعالى:ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وبعد أن أمَرَ اللهُ رَسولَه ﷺ بالإعراضِ عنهم، وكان الرسولُ ﷺ شديدَ المَيلِ إلى إيمانِ قَومِه، وكان رُبَّما هَجَس في خاطِرِه أنَّ في الذِّكرى بَعْدُ مَنفعةً، ورُبَّما يُؤمِنُ مِن الكافِرينَ قَومٌ آخَرونَ مِن غَيرِ قِتالٍ؛ فقال له تعالى:
﴿ ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [31] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا ..

التفسير :

[31] ولله سبحانه وتعالى ملك ما في السموات وما في الأرض؛ ليجزي الذين أساؤوا بعقابهم على ما عملوا من السوء، ويجزي الذي أحسنوا بالجنة،

يخبر تعالى أنه مالك الملك، المتفرد بملك الدنيا والآخرة، وأن جميع من في السماوات والأرض ملك لله، يتصرف فيهم تصرف الملك العظيم، في عبيده ومماليكه، ينفذ فيهم قدره، ويجري عليهم شرعه، ويأمرهم وينهاهم، ويجزيهم على ما أمرهم به ونهاهم [عنه]، فيثيب المطيع، ويعاقب العاصي، ليجزي الذين أساؤوا العمل السيئات من الكفر فما دونه بما عملوا من أعمال الشر بالعقوبة البليغة

{ وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا} في عبادة الله تعالى، وأحسنوا إلى خلق الله، بأنواع المنافع{ بِالْحُسْنَى} أي:بالحالة الحسنة في الدنيا والآخرة، وأكبر ذلك وأجله رضا ربهم، والفوز بنعيم الجنة

ثم بين- سبحانه- ما يدل على شمول ملكه لكل شيء فقال: وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ... أى: ولله- تعالى- وحده جميع ما في السموات وما في الأرض خلقا، وملكا، وتصرفا ...

واللام في قوله: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا، وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى متعلقة بمحذوف يدل عليه الكلام السابق.

أى: فعل ما فعل- سبحانه- من خلقه للسموات والأرض وما فيهما، ليجزي يوم القيامة، الذين أساءوا في أعمالهم بما يستحقونه من عقاب، وليجزي الذين أحسنوا في أعمالهم بما يستحقونه من ثواب.

وقوله: بِالْحُسْنَى صفة لموصوف محذوف، أى: بالمثوبة الحسنى التي هي الجنة.

يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض ، وأنه الغني عما سواه ، الحاكم في خلقه بالعدل ، وخلق الخلق بالحق ، ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) أي : يجازي كلا بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)

يقول تعالى ذكره: هذا الذي يقوله هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة في الملائكة من تسميتهم إياها تسمية الأنثى ( مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) يقول: ليس لهم علم إلا هذا الكفر بالله, والشرك به على وجه الظنّ بغير يقين علم.

وكان ابن زيد يقول في ذلك, ما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن &; 22-531 &; وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ قال: يقول ليس لهم علم إلا الذي هم فيه من الكفر برسول الله, ومكايدتهم لما جاء من عند الله, قال: وهؤلاء أهل الشرك.

وقوله ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ) يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد هو أعلم بمن جار عن طريقه فى سابق علمه, فلا يؤمن, وذلك الطريق هو الإسلام ( وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ) يقول: وربك أعلم بمن أصاب طريقه فسلكه في سياق علمه, وذلك الطريق أيضا الإسلام.

التدبر :

لمسة
[31] ﴿وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ لِمَ عدل عن المطابقة، فلم يقل: (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أساءوا بإساءتهم) كما قال: (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)؟! لأن السيئات مذمومة شرعًا، فكره مجرد إعادة لفظها، وأعيدت باللفظ الأعم وهو العمل، وأما الحسنات فمستحبة ومندوب إليها، فاستعملت بأخص لفظها.
وقفة
[31] ﴿لِيَجزِيَ الَّذينَ أَساءوا بِما عَمِلوا وَيَجزِيَ الَّذينَ أَحسَنوا بِالحُسنَى﴾ الجزاء من جنس العمل.
وقفة
[31] ﴿لِيَجزِيَ الَّذينَ أَساءوا بِما عَمِلوا وَيَجزِيَ الَّذينَ أَحسَنوا بِالحُسنَى﴾ الله سبحانه عدل.
وقفة
[31] ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ تأمل الجزائين: عدل لا يُتجاوز، وإكرام لا ينقطع.
وقفة
[31] ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ ما أعظم رحمة الله بخلقه! وما أوسع فضله عليهم! يجازي المسيئين بالعدل, ويكافئ المحسنين بالفضل!
وقفة
[31] ﴿وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ سماهم الكريم محسنين مع اقترافهم للمم.
تفاعل
[31] ﴿وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[31، 32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ باجتنابهم الكبائر يصدق عليهم اسم المحسنين، ووعدهم بالحسنى ﴿وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلِلّهِ ما:
  • الواو استئنافية. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.
  • ﴿ فِي السَّماواتِ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره «استقر».وجملة «استقر في السماوات» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَما فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على ما فِي السَّماواتِ» وتعرب اعرابها. اي ولله ما استقر او وجد في الارض
  • ﴿ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ:
  • اللام لام التعليل حرف جر. يجزي: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. وجملة لِيَجْزِيَ الَّذِينَ» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب. وان المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بقوله لا تغني شفاعتهم شيئا او متعلق بقوله هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى» لان نتيجة العلم بالضال والمهتدي جزاؤهما.
  • ﴿ أَساؤُا بِما:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الباء: حرف جر و «ما»: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأساءوا.
  • ﴿ عَمِلُوا:
  • تعرب اعراب «أساءوا» اي بعقاب ما عملوا من السوء او بسبب ما عملوا من السوء.
  • ﴿ وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا:
  • معطوفة بالواو على لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ بِالْحُسْنَى:
  • جار ومجرور متعلق بيجزي وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الالف المقصورة للتعذر اي بالمثوبة الحسنى وهي الجنة او بسبب الاعمال الحسنى فحذف الموصوف وحلت الصفة محله.'

المتشابهات :

آل عمران: 109﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ
آل عمران: 129﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ
النساء: 126﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا
النساء: 131﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ
النساء: 132﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا
النجم: 31﴿ وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا
البقرة: 284﴿ لِّلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ
لقمان: 26﴿ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَر اللهُ أنَّه أعلَمُ بمَن ضَلَّ وبمَنِ اهتَدَى، وكان هذا رُبَّما أوهَمَ أنَّ مَن ضَلَّ على هذه الحالةِ ليس في قَبضَتِه؛ نفى ذلك هنا، وبَيَّنَ سَعَةَ قُدْرَتِهِ وعَظِيمَ مُلْكِهِ، قال تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ليجزى ... ويجزى:
وقرئا:
بالنون، فيهما، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [32] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ..

التفسير :

[32]وهم الذين يبتعدون عن كبائر الذنوب والفواحش إلا اللمم، وهي الذنوب الصغار التي لا يُصِرُّ صاحبها عليها، أو يلمُّ بها العبد على وجه الندرة، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات، يغفرها الله لهم ويسترها عليهم، إن ربك واسع المغفرة، هو أعلم بأحوالكم

{ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} أي:يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات، التي يكون تركها من كبائر الذنوب، ويتركون المحرمات الكبار، كالزنا، وشرب الخمر، وأكل الربا، والقتل، ونحو ذلك من الذنوب العظيمة،{ إِلَّا اللَّمَمَ} وهي الذنوب الصغار، التي لا يصر صاحبها عليها، أو التي يلم بها العبد، المرة بعد المرة، على وجه الندرة والقلة، فهذه ليس مجرد الإقدام عليها مخرجا للعبد من أن يكون من المحسنين، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات، تدخل تحت مغفرة الله التي وسعت كل شيء، ولهذا قال:{ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} فلولا مغفرته لهلكت البلاد والعباد، ولولا عفوه وحلمه لسقطت السماء على الأرض، ولما ترك على ظهرها من دابة. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر"[وقوله:]{ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} أي:هو تعالى أعلم بأحوالكم كلها، وما جبلكم عليه، من الضعف والخور، عن كثير مما أمركم الله به، ومن كثرة الدواعي إلى بعضالمحرمات، وكثرة الجواذب إليها، وعدم الموانع القوية، والضعف موجود مشاهد منكم حين أنشاكمالله من الأرض، وإذ كنتم في بطون أمهاتكم، ولم يزل موجودا فيكم، وإن كان الله تعالى قد أوجد فيكم قوة على ما أمركم به، ولكن الضعف لم يزل، فلعلمه تعالى بأحوالكم هذه، ناسبت الحكمة الإلهية والجود الرباني، أن يتغمدكم برحمته ومغفرته وعفوه، ويغمركم بإحسانه، ويزيل عنكم الجرائم والمآثم، خصوصا إذا كان العبد مقصوده مرضاة ربه في جميع الأوقات، وسعيه فيما يقرب إليه في أكثر الآنات، وفراره من الذنوب التي يتمقت بها عند مولاه، ثم تقع منه الفلتة بعد الفلتة، فإن الله تعالى أكرم الأكرمين وأرحم الراحمينأرحم بعباده من الوالدة بولدها، فلا بد لمثل هذا أن يكون من مغفرة ربه قريبا وأن يكون الله له في جميع أحواله مجيبا، ولهذا قال تعالى:{ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} أي:تخبرون الناس بطهارتها على وجه التمدح

{ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [فإن التقوى، محلها القلب، والله هو المطلع عليه، المجازي على ما فيه من بر وتقوى، وأما الناس، فلا يغنون عنكم من الله شيئا].

وقوله: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ.. صفة لقوله: الَّذِينَ أَحْسَنُوا أو بدل منه.

والمراد بكبائر الإثم: الآثام الكبيرة، والجرائم الشديدة، التي يعظم العقاب عليها. كقتل النفس بغير حق، وأكل أموال الناس بالباطل..

والفواحش: جمع فاحشة، وهي ما قبح من الأقوال والأفعال كالزنا، وشرب الخمر ...

وعطفها على كبائر الإثم من باب عطف الخاص على العام، لأنها أخص من الكبائر، وأشد إثما.

واللمم: ما صغر من الذنوب، وأصله: ما قل قدره من كل شيء: يقال: ألم فلان بالمكان، إذا قل مكثه فيه. وألم بالطعام: إذا قل أكله منه.. وقيل: اللمم، مقاربة الذنب دون الوقوع فيه، من قولهم: ألم فلان بالشيء، إذا قاربه ولم يخالطه..

وجمهور العلماء على أن الاستثناء هنا منقطع، وأن اللمم هو الذنوب الصغيرة، كالنظرة الخائنة ولكن بدون مداومة، والإكثار من الممازحة..

قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: «واللمم» : صغائر الذنوب، ومحقرات الأعمال، وهذا استثناء منقطع..

قال الإمام أحمد: عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم، مما قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» .

وعن مجاهد أنه قال في هذه الآية إِلَّا اللَّمَمَ الذي يلم بالذنب ثم يدعه، كما قال الشاعر:

إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأى عبد لك ما ألما

ومن العلماء من يرى أن الاستثناء هنا متصل، وأن المراد باللمم ارتكاب شيء من الفواحش، ثم التوبة منها توبة صادقة نصوحا..

فعن الحسن أنه قال: اللمم من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر، ثم لا يعود ... .

ويبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب، لأن العلماء قسموا الذنوب إلى كبائر وصغائر، وأن اللمم من النوع الثاني الذي لا يدخل تحت كبائر الإثم والفواحش.

قال صاحب الكشاف: واللمم: ما قل وصغر ... والمراد به الصغائر من الذنوب، ولا يخلو قوله- تعالى- إِلَّا اللَّمَمَ من أن يكون استثناء منقطعا.. كأنه قيل: كبائر الإثم غير اللمم .

وليس المقصود من قوله- تعالى-: إِلَّا اللَّمَمَ فتح الباب لارتكاب صغائر الذنوب، وإنما المقصود فتح باب التوبة، والحض على المبادرة بها، حتى لا ييأس مرتكب الصغائر من رحمة الله- تعالى- وحتى لا يمضى قدما في ارتكاب هذه الصغائر، إذ من المعروف أن ارتكاب الصغائر، قد يجر إلى ارتكاب الكبائر.

كذلك من المقصود بهذا الاستثناء أن لا يعامل مرتكب الصغائر، معاملة مرتكب الكبائر.

هذا، وقد أفاض الإمام الآلوسي في الحديث عن الكبائر والصغائر، فقال: والآية عند الأكثرين دليل على أن المعاصي منها الكبائر، ومنها الصغائر..

وأنكر جماعة من الأئمة هذا الانقسام، وقالوا: سائر المعاصي كبائر.

ثم قال: واختلف القائلون بالفرق بين الكبائر والصغائر في حد الكبيرة فقيل: هي كل ما لحق صاحبها عليها بخصوصها وعيد شديد، بنص كتاب أو سنة..

وقيل: كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين، ورقة الديانة.

واعتمد الواحدي أنه لا حد لها يحصرها ويعرفها العباد به، وقد أخفى الله- تعالى- أمرها ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه، رجاء أن تجتنب الكبائر.. .

وقوله- سبحانه-: إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ... تعليل لاستثناء اللمم، وتنبيه على أن إخراجه عن حكم المؤاخذة، ليس لخلوه عن الذنب في ذاته، بل لسعة رحمة الله ومغفرته.

أى: إن ربك- أيها الرسول الكريم- واسع المغفرة والرحمة، لعباده الذين وقعوا فيما نهاهم عنه- سبحانه- ثم تابوا إليه توبة صادقة نصوحا.

ثم بين- سبحانه- أن هذه الرحمة الواسعة، صادرة عن علم شامل للظواهر والبواطن،فقال: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ، إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ....

والظرف «إذ» متعلق بقوله أَعْلَمُ والأجنة: جمع جنين، ويطلق على ما يكون بداخل الأرحام قبل خروجه منها.

وسمى بذلك، لأنه يكون مستترا في داخل الرحم، كما قال- تعالى-: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ...

أى: هو- سبحانه- أعلم بكم من وقت إنشائه إياكم من الأرض، ضمن خلقه لأبيكم آدم، ومن وقت أن كنتم أجنة في بطون أمهاتكم، يعلم أطواركم فيها، ويرعاكم برحمته، إلى أن تنفصلوا عنها.

وقال- سبحانه- فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ مع أن الجنين لا يكون إلا في بطن أمه، للتذكير برعايته- تعالى- لهم، وهم في تلك الأطوار المختلفة من وقت العلوق إلى حين الولادة، وللحض على مداومة شكره وطاعته.

وقوله- تعالى-: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى تحذير من التفاخر بالأعمال والأحساب والأنساب، لأنه- سبحانه- لا يخفى عليه شيء من أحوال الناس، والفاء للتفريع على ما تقدم. أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من عدم مؤاخذتى إياكم على اللمم، فإن ذلك بسبب سعة رحمتي، فلا تمدحوا أنفسكم بأنكم فعلتم كذا وكذا من الأفعال الحسنة، بل اشكروني على سعة رحمتي ومغفرتي، فإنى أنا العليم بسائر أحوالكم، الخبير بالظواهر والبواطن للأتقياء والأشقياء.

قالوا: والآية نزلت في قوم من المؤمنين، كانوا يعملون أعمالا حسنة، ثم يتفاخرون بها.

قال صاحب الكشاف: قوله: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ... أى فلا تنسبوها إلى زكاء العمل، زيادة الخير. وعمل الطاعات، أو إلى الزكاء والطهارة من المعاصي، ولا تثنوا عليها واهضموها فقد علم الله الزكي منكم والتقى أولا وآخرا، قبل أن يخرجكم من صلب آدم، وقبل أن تخرجوا من بطون أمهاتكم.

وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء، فأما من اعتقد أن ما عمله من العمل الصالح، من الله وبتوفيقه وتأييده. ولم يقصد به التمدح، لم يكن من المزكين لأنفسهم، لأن المسرة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر لله- تعالى-.

وقال الآلوسى: والمراد النهى عن تزكية السمعة أو المدح للدنيا، أو التزكية على سبيل القطع، وأما التزكية لإثبات الحقوق ونحوه- كالإخبار عن أحوال الناس بما يعلم منهم وجربوا فيه من ثقة وعدالة فهي جائزة.

وبعد هذا التوجيه الحكيم للنفوس البشرية، والبيان البديع لمظاهر رحمة الله- تعالى- بعباده بعد ذلك أخذت السورة في الحديث مرة أخرى عن الكافرين. وفي الرد على شبهاتهم، وفي بيان مظاهر قدرته- تعالى- فقال- سبحانه-:

ثم فسر المحسنين بأنهم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ، أي : لا يتعاطون المحرمات والكبائر ، وإن وقع منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم ، كما قال في الآية الأخرى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) [ النساء : 31 ] . وقال هاهنا : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) . وهذا استثناء منقطع ; لأن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال .

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر ، وزنا اللسان النطق ، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " .

أخرجاه في الصحيحين ، من حديث عبد الرزاق ، به .

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن ثور حدثنا معمر ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ; أن ابن مسعود قال : " زنا العينين النظر ، وزنا الشفتين التقبيل ، وزنا اليدين البطش ، وزنا الرجلين المشي ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه ، فإن تقدم بفرجه كان زانيا ، وإلا فهو اللمم " . وكذا قال مسروق ، والشعبي .

وقال عبد الرحمن بن نافع - الذي يقال له : ابن لبابة الطائفي - قال : سألت أبا هريرة عن قول الله : ( إلا اللمم ) قال : القبلة ، والغمزة ، والنظرة ، والمباشرة ، فإذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل ، وهو الزنا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إلا اللمم ) إلا ما سلف . وكذا قال زيد بن أسلم .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد أنه قال : في هذه الآية : ( إلا اللمم ) قال : الذي يلم بالذنب ثم يدعه ، قال الشاعر :

إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك ما ألما ؟ !

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قول الله : ( إلا اللمم ) قال : الرجل يلم بالذنب ثم ينزع عنه ، قال : وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون :

إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك ما ألما ؟ !

وقد رواه ابن جرير وغيره مرفوعا .

قال ابن جرير : حدثني سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا زكريا بن إسحاق ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) قال : هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب وقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك ما ألما ؟ !

وهكذا رواه الترمذي ، عن أحمد بن عثمان أبي عثمان البصري ، عن أبي عاصم النبيل . ثم قال : هذا حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث زكريا بن إسحاق . وكذا قال البزار : لا نعلمه يروى متصلا إلا من هذا الوجه . وساقه ابن أبي حاتم والبغوي من حديث أبي عاصم النبيل ، وإنما ذكره البغوي في تفسير سورة " تنزيل " وفي صحته مرفوعا نظر .

ثم قال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا يونس ، عن الحسن ، عن أبي هريرة - أراه رفعه - : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) قال : " اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود ، واللمة من السرقة ثم يتوب ولا يعود ، واللمة من شرب الخمر ثم يتوب ولا يعود " ، قال : " ذلك الإلمام " .

وحدثنا ابن بشار ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن الحسن في قول الله : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) قال : اللمم من الزنا أو السرقة أو شرب الخمر ، ثم لا يعود .

وحدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن في قول الله : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون : هو الرجل يصيب اللمة من الزنا ، واللمة من شرب الخمر ، فيجتنبها ويتوب منها .

وقال ابن جرير ، عن عطاء ، عن ابن عباس : ( إلا اللمم ) يلم بها في الحين . قلت : الزنا ؟ قال : الزنا ثم يتوب .

وقال ابن جرير أيضا : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : ( اللمم ) الذي يلم المرة .

وقال السدي : قال أبو صالح : سئلت عن ( اللمم ) فقلت : هو الرجل يصيب الذنب ثم يتوب . وأخبرت بذلك ابن عباس فقال : لقد أعانك عليها ملك كريم . حكاه البغوي .

وروى ابن جرير من طريق المثنى بن الصباح - وهو ضعيف - عن عمرو بن شعيب ; أن عبد الله بن عمرو قال : ( اللمم ) : ما دون الشرك .

وقال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن عطاء ، عن ابن الزبير : ( إلا اللمم ) قال : ما بين الحدين : حد الدنيا وعذاب الآخرة . وكذا رواه شعبة ، عن الحكم ، عن ابن عباس ، مثله سواء .

وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( إلا اللمم ) كل شيء بين الحدين : حد الدنيا وحد الآخرة ، تكفره الصلوات ، وهو اللمم ، وهو دون كل موجب ، فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته في الدنيا ، وأما حد الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار ، وأخر عقوبته إلى الآخرة . وكذا قال عكرمة ، وقتادة ، والضحاك .

وقوله : ( إن ربك واسع المغفرة ) أي : رحمته وسعت كل شيء ، ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها ، كقوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ الزمر : 53 ] .

وقوله : ( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض ) أي : هو بصير بكم ، عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي تصدر عنكم وتقع منكم ، حين أنشأ أباكم آدم من الأرض ، واستخرج ذريته من صلبه أمثال الذر ، ثم قسمهم فريقين : فريقا للجنة وفريقا للسعير . وكذا قوله : ( وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ) قد كتب الملك الذي يوكل به رزقه وأجله وعمله ، وشقي أم سعيد .

قال مكحول : كنا أجنة في بطون أمهاتنا ، فسقط منا من سقط ، وكنا فيمن بقي ، ثم كنا مراضع فهلك منا من هلك . وكنا فيمن بقي ثم صرنا يفعة ، فهلك منا من هلك . وكنا فيمن بقي ثم صرنا شبابا فهلك منا من هلك . وكنا فيمن بقي ثم صرنا شيوخا - لا أبا لك - فماذا بعد هذا ننتظر ؟ رواه ابن أبي حاتم عنه .

وقوله : ( فلا تزكوا أنفسكم ) أي : تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم ، ( هو أعلم بمن اتقى ) ، كما قال : ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا ) [ النساء : 49 ] .

وقال مسلم في صحيحه : حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء قال : سميت ابنتي برة ، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا الاسم ، وسميت برة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تزكوا أنفسكم ، إن الله أعلم بأهل البر منكم " . فقالوا : بم نسميها ؟ قال : " سموها زينب " .

وقد ثبت أيضا في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا خالد الحذاء ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : مدح رجل رجلا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ويلك ! قطعت عنق صاحبك - مرارا - إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة فليقل : أحسب فلانا - والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحدا - أحسبه كذا وكذا ، إن كان يعلم ذلك " .

ثم رواه عن غندر ، عن شعبة ، عن خالد الحذاء ، به . وكذا رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه ، من طرق عن خالد الحذاء ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، وعبد الرحمن قالا : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث قال : جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه ، قال : فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب ويقول : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب .

ورواه مسلم وأبو داود من حديث الثوري ، عن منصور ، به .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ

يقول تعالى ذكره ( وَلِلَّهِ ) مُلك ( مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ ) من شيء. وهو يضلّ من يشاء, وهو أعلم بهم ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا ) يقول: ليجزي الذين عصوه من خلقه, فأساءوا بمعصيتهم إياه, فيثيبهم بها النار ( وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) يقول: وليجزي الذين أطاعوه فأحسنوا بطاعتهم إياه في الدنيا بالحسنى وهي الجنة, فيثيبهم بها.

وقيل: عُنِي بذلك أهل الشرك والإيمان.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الله بن عياش, قال: قال زيد بن أسلم في قول الله ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا ) المؤمنون.

وقوله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ ) يقول: الذين يبتعدون عن كبائر &; 22-532 &; الإثم التي نهى الله عنها وحرمها عليهم فلا يقربونها, وذلك الشرك بالله, وما قد بيَّناه في قوله إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ .

وقوله ( وَالْفَوَاحِشَ ) وهي الزنا وما أشبهه, مما أوجب الله فيه حدّا.

وقوله ( إِلا اللَّمَمَ ) اختلف أهل التأويل في معنى " إلا " في هذا الموضع, فقال بعضهم: هي بمعنى الاستثناء المنقطع, وقالوا: معنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش, إلا اللمم الذي ألمُّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام, فإن الله قد عفا لهم عنه, فلا يؤاخذهم به.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) يقول: إلا ما قد سلف.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: المشركون إنما كانوا بالأمس يعملون معناه, فأنـزل الله عزّ وجلّ( إِلا اللَّمَمَ ) ما كان منهم في الجاهلية. قال: واللمم: الذي ألموا به من تلك الكبائر والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام, وغفرها لهم حين أسلموا.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن ابن عياش, عن ابن عون, عن محمد, قال: سأل رجل زيد بن ثابت, عن هذه الآية ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) فقال: حرم الله عليك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الله بن عياش قال: قال زيد بن أسلم في قول الله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: كبائر الشرك والفواحش: الزنى, تركوا ذلك حين دخلوا في الإسلام, فغفر الله لهم ما كانوا ألموا به وأصابوا من ذلك قبل الإسلام.

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب ممن يوجه تأويل " إلا " في هذا الموضع إلى هذا الوجه الذي ذكرته عن ابن عباس يقول في تأويل ذلك: لم يؤذن لهم في اللمم, وليس هو من الفواحش, ولا من كبائر الإثم, وقد يُستثنى الشيء من الشيء, وليس منه على ضمير قد كفّ عنه فمجازه, إلا أن يلمَّ بشيء ليس من الفواحش ولا من الكبائر, قال: الشاعر:

وَبَلْـــــدَةٍ ليْسَ بِهـــــا أَنِيسُ

إلا اليَعـــــــــافيرُ وإلا الْعِيسُ (1)

واليعافير: الظباء, والعيس: الإبل وليسا من الناس, فكأنه قال: ليس به أنيس, غير أن به ظباء وإبلا. وقال بعضهم: اليعفور من الظباء الأحمر, والأعيس: الأبيض.

وقال بنحو هذا القول جماعة من أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الأعمش, عن أبي الضحى, أن ابن مسعود قال: زنى العينين: النظر, وزنى الشفتين: التقبيل, وزنى اليدين: البطش, وزنى الرجلين: المشي, ويصدّق ذلك الفرْج أو يكذّبه, فإن تقدّم بفرجه كان زانيا, وإلا فهو اللمم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: وأخبرنا ابن طاوس, عن أبيه, عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنى أَدْرَكَهُ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَى الْعَيْنَينِ النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى وَتَشْتَهي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ".

حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق في قوله ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: إن تقدم كان زنى, وإن تأخر كان لَمَمًا.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا منصور بن عبد الرحمن, قال: سألت الشعبيّ, عن قول الله ( يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: هو ما دون الزنى, ثم ذكر لنا عن ابن مسعود, قال: " زنى العينين: ما نظرت إليه, وزنى اليد: ما لمستْ, وزنى الرجل: ما مشتْ والتحقيق بالفرج.

حدثني محمد بن معمر, قال: ثنا يعقوب, قال: ثنا وهيب, قال: ثنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم بن عمرو القاريّ, قال: ثني عبد الرحمن بن نافع الذي يقال له ابن لُبابة الطائفيّ, قال: سألت أبا هُريرة عن قول الله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: القُبلة, والغمزة, والنظْرة والمباشرة, إذا مسّ الختان الختان فقد وجب الغسل, وهو الزنى.

وقال آخرون: بل ذلك استثناء صحيح, ومعنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إلا أن يلمّ بها ثم يتوب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: أخبرنا زكريا بن إسحاق, عن عمرو بن دينار, عن عطاء, عن ابن عباس ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: هو الرجل يلمّ بالفاحشة ثم يتوب; قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إِنْ تَغْفِــرْ اللَّهُــمَّ تَغْفِــرْ جَمَّــا

وَأَيُّ عَبْــــدٍ لَـــكَ لا أَلَمَّـــا (2)

حدثني ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال ثنا شعبة, عن منصور, عن مجاهد, أنه قال في هذه الآية ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: الذي يلم بالذنب ثم يدعه, وقال الشاعر:

إِنْ تَغْفِــرْ اللَّهُــمَّ تَغْفِــرْ جَمَّــا

وَأَيُّ عَبْــــدٍ لَـــكَ لا أَلَمَّـــا

حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا يونس, عن الحسن, عن أبي هُريرة, أراه رفعه: ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: اللَّمة من الزنى, ثم يتوب ولا يعود, واللَّمة من السرقة, ثم يتوب ولا يعود; واللَّمة من شرب الخمر, ثم يتوب ولا يعود, قال: فتلك الإلمام.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن عوف, عن الحسن, &; 22-536 &; في قول الله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: اللَّمة من الزنى أو السرقة, أو شرب الخمر, ثم لا يعود.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن أبي عديّ عن عوف, عن الحسن, في قول الله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: اللمة من الزنى, أو السرقة, أو شرب الخمر ثم لا يعود.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: قد كان أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولون: هذا الرجل يصيب اللمة من الزنا, واللَّمة من شرب الخمر, فيخفيها فيتوب منها.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس ( إِلا اللَّمَمَ ) يلمّ بها فى الحين, قلت الزنى, قال: الزنى ثم يتوب.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, قال: قال معمر: كان الحسن يقول في اللَّمم: تكون اللَّمة من الرجل: الفاحشة ثم يتوب.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن إسماعيل, عن أبي صالح, قال: الزنى ثم يتوب.

قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن قتادة, عن الحسن ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: أن يقع الوقعة ثم ينتهي.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن عطاء, عن ابن عباس قال: اللَّمم: الذي تُلِمُّ المرَّةَ.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, قال: أخبرني يحيى بن أيوب, عن المثنى بن الصباح, عن عمرو بن شعيب, أن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: اللمم: ما دون الشرك.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عامر, قال: ثنا مرّة, عن عبد الله بن القاسم, في قوله ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: اللَّمة يلم بها من الذنوب.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, في قوله ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: الرجل يلمّ بالذنب ثم ينـزع عنه. قال: وكان أهل الجاهلية يطوفون بالبيت وهم يقولون:

إِنْ تَغْفِــرْ اللَّهُــمَّ تَغْفِــرْ جَمَّــا

وَأَيُّ عَبْــــدٍ لَـــكَ لا أَلَمَّـــا

وقال آخرون ممن وجه معنى " إلا " إلى الاستثناء المنقطع: اللمم: هو دون حدّ الدنيا وحد الآخرة, قد تجاوز الله عنه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن جابر, عن عطاء, عن ابن الزبير ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: ما بين الحدّين, حدّ الدنيا, وعذاب الآخرة.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, عن شعبة, عن الحكم, عن ابن عباس أنه قال: اللمم: ما دون الحدّين: حدّ الدنيا والآخرة.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن شعبة, عن الحكم وقتادة, عن ابن عباس بمثله, إلا أنه قال: حدّ الدنيا, وحدّ الآخرة.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا شعبة, عن الحكم بن عُتَيبة, قال: قال ابن عباس: اللمم ما دون الحدين, حد الدنيا وحد الآخرة.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي، عن أبيه, عن ابن عباس قوله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) قال: كلّ شيء بين الحدّين, حدّ الدنيا وحدّ الآخرة تكفِّره الصلوات, وهو اللمم, وهو دون كل موجب; فأما حدّ الدنيا فكلّ حدّ فرض الله عقوبته في الدنيا; وأما حدّ الآخرة فكلّ شيء ختمه الله بالنار, وأخَّر عقوبته إلى الآخرة.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا الحسين, عن يزيد, عن عكرمة, في قوله: ( إِلا اللَّمَمَ ) يقول: ما بين الحدين, كل ذنب ليس فيه حدّ في الدنيا ولا عذاب في الآخرة, فهو اللمم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) واللمم: ما كان بين الحدّين لم يبلغ حدّ الدنيا ولا حدّ الآخرة موجبة, قد أوجب الله لأهلها النار, أو فاحشة يقام عليه الحدّ في الدنيا.

وحدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن قتادة, قال: قال بعضهم: اللمم: ما بين الحدّين: حدّ الدنيا, وحدّ الآخرة.

حدثنا أبو كُريب ويعقوب, قالا ثنا إسماعيل بن إبراهيم, قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة عن ابن عباس, قال: اللمم: ما بين الحدّين: حدّ الدنيا, وحدّ الآخرة.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, قال: قال الضحاك ( إِلا اللَّمَمَ ) قال: كلّ شيء بين حدّ الدنيا والآخرة فهو اللمم يغفره الله.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال " إلا " بمعنى الاستثناء المنقطع, ووجّه معنى الكلام إلى ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) بما دون كبائر الإثم, ودون الفواحش الموجبة للحدود في الدنيا, والعذاب في الآخرة, فإن ذلك معفوّ لهم عنه, وذلك عندي نظير قوله جلّ ثناؤه: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا فوعد جلّ ثناؤه باجتناب الكبائر, العفو عما دونها من السيئات, وهو اللمم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الْعَينانِ تَزْنِيَانِ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجلانِ تَزْنِيَانِ، وَيُصَدّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ "، وذلك أنه لا حد فيما دون ولوج الفرج في الفرج, وذلك هو العفو من الله في الدنيا عن عقوبة العبد عليه, والله جلّ ثناؤه أكرم من أن يعود فيما قد عفا عنه, كما رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم واللمم في كلام العرب: المقاربة للشيء, ذكر الفرّاء أنه سمع العرب تقول: ضربه ما لمم القتل (3) يريدون ضربا مقاربا للقتل. قال: وسمعت من آخر: ألمّ يفعل في معنى: كاد يفعل.

-------------------

الهوامش :

(1) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 231 ) قال عند قوله تعالى : ( يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) : لم يؤذن لهم في اللمم ، وليس هو من الفواحش ولا من كبائر الإثم ، وقد يستثنى الشيء من الشيء وليس منه على ضمير قد كف عنه ، فمجازه : إلا أن يلم ملم بشيء ، ليس من الفواحش والكبائر قال : " وبلد ليس بها أنيس ... البيتين " . واليعافير الظباء ، والعيس : الإبل ، وليسا من الناس ، فكأنه قال : ليس بها أنيس غير أن بها ظباء وإبلا . وقال بعضهم : اليعفور من الظباء : الأحمر ، والأعيس : الأبيض من الظباء أ . هـ . وقال العيني في فرائد القلائد : قاله جران العود النميري ، واسمه عامر بن الحارث . والشاهد في " إلا اليعافير " فإنه استثناء من قوله أنيس ، على الإبدال ، مع أنه منقطع ، على لغة بني تميم ، وأهل الحجاز يوجبون النصب " أي في الاستثناء المنقطع " . وهو جمع يعفور ، وهو ولد البقرة الوحشية ، والعيس جمع عيساء ، وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة أ . هـ . وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 316 ) قوله " إلا اللمم " : يقول : إلا المتقارب من صغير الذنوب . قال وسمعت من بعض العرب : ألم يفعل : في معنى كاد يفعل ، وذكر الكلبي بإسناده أنها النظرة في غير تعمد ، فهي لمم ، وهي مغفورة ، فإن أعاد النظر فليس بلمم ، هو ذنب أ . هـ .

(2) البيت لأمية بن أبي الصلت ( اللسان : لمم ) قال : والإلمام واللمم : مقاربة الذنب . وقيل : اللمم : ما دون الكبائر من الذنوب . وفي التنزيل العزيز: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم " . وألم الرجل ، من اللمم ، وهو صغار الذنوب . وقال أمية : " إن تغفر اللهم ... البيتين " . ويقال : هو مقاربة المعصية من غير مواقعة . وقال الأخفش : اللمم : المقارب من الذنوب . وقال : ابن بري : الشعر لأمية بن أبي الصلت ، قال : وذكر عبد الرحمن ( ابن أخي الأصمعي ) عن عمه ، عن يعقوب ( ابن السكيت ) عن مسلم بن أبي طرفة الهذلي قال : مر أبو خراش ( الهذلي الشاعر ) يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول :

لا هــم هــذا خــامس إن تمــا

أتمـــه اللـــه وقـــد أتمـــا

إن تغفــر اللهــم تغفــر جمــا

وأي عبــــد لـــك لا ألمــــا

(3) هذه العبارة مما رواه الفراء عن العرب ، قال في معاني القرآن : وسمعت العرب ... إلخ ، وما صلته ، يريد ضربا مقاربا للقتل .

التدبر :

وقفة
[32] ﴿الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش﴾ أليست الفواحش من الكبائر؟ الجواب: بلى، وهذا -والله أعلم- من باب ذكر الخاص بعد العام؛ لزيادة التنبيه والاهتمام.
وقفة
[32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار، فإذا صارت الصغائر كبائر بالمداومة عليها، فلا بد للمحسنين من اجتناب المداومة على الصغائر؛ حتى يكونوا مجتنبين لكبائر الإثم والفواحش.
وقفة
[32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ ليس المقصود هنا فتح الباب لارتكاب الصغائر، بل فتح باب التوبة منها، حتى لا ييأس مرتكب الصغائر من رحمة الله، فيمضي قدمًا في ارتكابها، فتجره إلى الكبائر، وحتى لا يعامل مرتكب الصغيرة معاملة مرتكب الكبائر.
عمل
[32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ حذار من الصغائر! قال ابن عطاء: «وأضرُّ ما يُخاف عليك: محقرات الذنوب؛ لأن الكبائر ربما استعظمتها فتُبتُ منها، واستحقرت الصغائر فلم تتُب منها».
وقفة
[32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ ما الفارق بين الكبيرة والصغيرة؟ الكبيرة ما رتَّب الشارع على فعله حدًّا شرعيًّا من ضرب أو سجن أو نحوه، أو ما لُعن فاعله، أو ماتوعَدهم عليه، والصغيرة ما عدا ذلك.
تفاعل
[32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ قل: «اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي وكره إليَّ الكفر والفسوق والعصيان».
وقفة
[32] ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ انقسام الذنوب إلى: كبائر وصغائر.
وقفة
[32] ﴿الَّذينَ يَجتَنِبونَ كَبائِرَ الإِثمِ وَالفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾ كل ابن آدم خطاء ولا معصوم الإ الأنبياء، ولكن الفرق شاسع بين مرتكب الكبائر وبين من يأت باللمم.
عمل
[32] ابحث عن كبيرة من الكبائر موجودة في بلدك، وحذر بعض من تعرف منها ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾.
وقفة
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ فمن ضيقها فقد تدخَّل بما لا يعنيه.
وقفة
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ آية تفتح لنا باب التوبة وسعة المغفرة، لو بلغت الذنوب عنان السماء والمجرَّة.
وقفة
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ فلولا مغفرته لهلكت البلاد والعباد، ولولا عفوه لسقطت السماء على الأرض، ولما ترك على ظهرها من دابة.
وقفة
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ منطوق الآية: أن مغفرة الله واسعة, فمن ضيقها فقد تدخَّل بما لا يعنيه, ومن حسن إسلام المرء تركة مالا يعنيه.
عمل
[32] ﴿إن ربك واسع المغفرة﴾ إذا كثرت ذنوبك وكاد الشيطان أن يقنطك في رحمة الله؛ فتذكر هذه الآية، وسارع إلى التوبة قبل فوات الاوان.
وقفة
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ المَغفِرَةِ﴾ لا ينبغي للمسلم أن يختم رمضان إلا بحسن الظن بربه، فإنه عفوٌ يحب العفو.
وقفة
[32] ﴿إن ربّك واسع المغفرة﴾ إن أحرقتْ الذنوب قلبك؛ أطفئ لهيبها بهذه الآية.
وقفة
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ المَغفِرَةِ﴾ اسم الله (الواسع) أحب أن ادعو به فى كل أمورى، فهو سبحانه جل شأنه واسع العلم، واسع الرزق، واسع المغفرة، واسع الحكمة، واسع الرحمة، واسع الهيمنة.
عمل
[32] ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾، ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 53]، تحدث عن سعة مغفرته وحَذِّر من القنوط من رحمته، فسبحان الغفور الرحيم.
عمل
[32] إذا تكالبت عليك الذنوب؛ فتذكر أن لك ربًّا رحيمًا قال عن نفسه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾.
عمل
[32] تعرف على سعة مغفرة الله ورحمته من هذه السورة ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾.
وقفة
[32] إن حَجَبتْ جبال الذنوب رؤية جنة التوبة، زلزلها بقول الله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾.
وقفة
[32] ألا ليت بعض الذين ينادون باستيراد أفكار الغرب والشرق أن يقرأ قول الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾، سبحانك ما أحكمك!
عمل
[32] ﴿هو أعلم بكم﴾ من أنشأك هو أعلم بطبيعتك وضعفك، وهو أعلم بحالك حين أسأت وحالك حين أحسنت، وهو من سيقيمك، فاطمأن.
عمل
[32] يا من افتخرت بعملك ومالك وعلمك وجاهك وجمالك تذكر: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾، فلنتذكر ضعفنا.
وقفة
[32] ﴿وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ للمرء جنة في الدنيا هي بطن أمِّه حيث تأتيه المسببات بدون فعل السبب.
وقفة
[32] ﴿وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ قال مكحول: «كنا أجنة في بطون أمهاتنا فسقط منا من سقط وكنا فيمن بقي، ثم صرنا رضعًا فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي، ثم صرنا يفعة فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي، ثم صرنا شبابًا فهلك منا من هلك وكنا فيمن بقي، ثم صرنا شيوخًا فما بعد هذا ننتظر؟!».
وقفة
[32] ﴿وَإِذ أَنتُم أَجِنَّةٌ في بُطونِ أُمَّهاتِكُم﴾ من نطفة من ماء مهين لشخص متكبر ظالم يظن نفسه خير الناس ﴿فلا تُزَكّوا أَنفُسَكُم﴾.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ لو يعلمُ الذي يمدحُ نفسَه بما يشعرُ به السَّامعون له؛ لما مدحها.
عمل
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ لا تتكلم عن نفسك، فكثرة الكلام عن النفس يخفيها ثم يهينها ثم ينهيها.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ رحمة من الله نهانا عن ذلك، فلنقتلع هذه الرغبة من نفوسنا، ما سمعت قط رجلًا يثني على نفسه فيرفعه ذلك.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ لا تمدحوها ولا تثنوا عليها، فإنه أبعد من الرياء وأقرب إلى الخشوع، هو أعلم بمن اتقى، أي أخلص العمل واتقى عقوبة الله.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ لو كان مدح الإنسان لنفسه فيه مصلحة له لأذن الله بها، لكنها تضره، اقتلع كل رغبة لمدح ذاتك تلميحًا أو تصريحًا.
عمل
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ قليلًا من التواضع في الألقاب التي نطلقها على أنفسنا وعلى بعضنا! ولنتذكر نبينا مدحه ربه أنه (عبد).
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ إن الله أعلم بعباده, فلا حاجة إلي أن تعلن بعملك وتجهر بفضلك, فالزكي من زكاه ربه لا من زكي نفسه.
عمل
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾ إن وجدت نفسك علي خير وطاعة؛ فإياك أن تغتر فيصيبك العجب بعملك, ولكن ازدد لله تواضعا وشكرًا, واسأله دوام الثبات.
وقفة
[32] ميزان دقيق يمنع اليأس ويمنع الإغترار، قال أبو بكر الصديق: «إن الله يغفر الكبائر؛ فلا تيأسوا، ويعذب على الصغائر؛ فلا تغتروا ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾».
عمل
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ لا تتكلم عن نفسك، فليست العبرة بما (تقول)، وإنما بما (تعمل).
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمَّيْتُ ابْنَتِى بَرَّةَ، فَقَالَتْ لِى زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِى سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ هَذَا الاِسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ»، فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: «سَمُّوهَا زَيْنَبَ» [مسلم 2142].
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ قال ابن عباس t: «ما من أحد من هذه الأمة أزكيه غير رسول الله ﷺ».
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ قال الكلبي ومقاتل: «كان الناس يعملون أعمالًا حسنة ثم يقولون: صلاتنا وصيامنا وحجنا وجهادنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾»، أي: بر وأطاع وأخلص العمل لله تعالى.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ إن كنت متقيًا لله، فالله أعلم بك، ولا حاجة لأن تقول لله: إني فعلتُ وعملتُ!
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ ليست العبرة بما تعلن، وإنما بما تُكِنُّ.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ الآية الكريمة نهت عن تزكية النفس, وأرجعت الأمر للتقوي, فمن لطائفها: ليست العبرة بما تعلن؛ وإنما بما تُكِنُّ وتضمر.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ ما يضر المؤمن سوء ظنِ الناس به، إن كان الله قد كتبه من المتقين ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾.
عمل
[32] ﴿فلا تُزَكّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقى﴾ قلها لنفسك مرارًا وتكرارًا قبل أن تقلها لغيرك.
عمل
[32] ﴿فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى﴾ اعمل بصمت ولا تتفاخر، واحرص على أن تأتيك التزكية ممن يعلم صدق سريرتك وصلاح نفسك.
وقفة
[32] فينا نزعة تلقائية صاخبة تدفعنا للثناء على أنفسنا تلميحًا أو تصريحًا عندما نراجع أنفسنا نشعر أن ما فعلناه كان سخيفًا ومضحكًا قال تعالى: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾.
وقفة
[32] ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ قال ابن الجوزي: «ما رأيت مسلمًا إلا وظننته خيرًا منى».
وقفة
[32] قد يسئ بعض الناس بك الظن، وقد يظنك آخرون أطهر من ماء الغمام، ولن ينفعك هؤلاء أو يضرك أولئك، المهم حقيقتك وما يعلمه الله عنك ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾.
وقفة
[32] لا تحكم على الظاهر ! ربما أظهر الله لك حسنة ليس لك غيرها وربما أظهر لأخيك سيئة ليس له غيرها ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾.
وقفة
[32] مهما كانت أعمالكم وعباداتكم ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ﴾؛ لأن حقيقة ما في القلوب لا يعلمه إلا الله ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾.
وقفة
[32] تربية للنفوس مهما بلغت من علم وعبادة وصلاح ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾، كم نحتاج إليها كثيرًا!
وقفة
[32] إن لم يكن مؤهلًا لتقييم نفسه وتزكيتها: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾، فمن باب أولى لاحق له بتقييم غيره.
عمل
[32] تحدث عن نفسك، امدح علمك وفهمك وحكمتك وغناك وقدرتك، لكن الله متكفل أن يجعلك يومًا في حجمك الحقيقي ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾.
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ وحده الله من يعلم نواياك بعملك، أعمِلته لأجله أم رجاءَ ثناء الناس عليك؛ فكيف تتسلَّط على نوايا الآخرين؟!
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ إذا زكاك المزكون وأثنى عليك المثنون؛ فتذكر هذه الآية، وتذكر أيضًا أنهم يرون ظاهرًا جميلًا، وقد ستر الله قبيح عملك وسريرتك.
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ الموفق لا يخوض في نوايا الناس.
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ قال مكحول عالِم أهل الشام في عصره: «رأيت رجلًا يبكي في صلاته فاتَّهمته بالرِّياء، فحُرِمت البُكاء سنة».
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ ولو اختلفت ظُنون العالمين بك، علاقتك الجيِّدة مع الله كفيلة بنشر ذِكرك الجميل، ولو رغموا.
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ فإن التقوى محلها القلب، والله هو المطلع عليه، المجازي على ما فيه من بر وأما الناس فلا يغنون عنكم شيئا.
وقفة
[32] ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ﴾ لن تحتاج إلى تزكية أحدٍ ما دامت سيرتُك هي من يُزكِّيك أو يُعرِّيك، فمن زكاك بالصدق فلن يُخفي عيوبك، ومن ذمَّك بالكذب فلن يطمس فضائلك، فإن الله تعالى يعلم النوايا والخفايا والضمائر والسرائر.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من الَّذِينَ أَحْسَنُوا» الواردة في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ يَجْتَنِبُونَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.الاثم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والفواحش:معطوفة بالواو على كَبائِرَ الْإِثْمِ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ إِلاَّ اللَّمَمَ:
  • اداة استثناء. اللمم: مستثنى بإلا استثناء منقطعا منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي الا صغائر الذنوب بمعنى: ولكن اللمم يغفر باجتناب الكبائر ويجوز ان تكون إِلاَّ اللَّمَمَ» في محل نصب صفة لكبائر بمعنى غير اللمم.
  • ﴿ إِنَّ رَبَّكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك: اسمها منصوب بالفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ:
  • خبر «ان» مرفوع بالضمة. المغفرة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة
  • ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.أعلم: خبر «هو» مرفوع بالضمة. بكم: جار ومجرور متعلق بأعلم والميم علامة جمع الذكور بمعنى: هو أعلم بأحوالكم منكم.
  • ﴿ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بأعلم. أنشأ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. من الارض:جار ومجرور متعلق بأنشأكم. اي خلقكم من الطين. وجملة أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ:
  • معطوفة بالواو على «اذ» الاولى وتعرب اعرابها. انتم:ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أجنة: خبر «أنتم» مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من أجنة.امهاتكم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فَلا تُزَكُّوا:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. لا: ناهية جازمة. تزكوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة اي فلا تمدحوا أنفسكم او فلا تبرءوها.
  • ﴿ أَنْفُسَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «كم» اعربت في «امهاتكم».
  • ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى:
  • تعرب اعراب هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى» الواردة في الآية الكريمة الثلاثين.'

المتشابهات :

الشورى: 37﴿وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ
النجم: 32﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أبُو بَكْرِ بْنُ الحارِثِ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو الشَّيْخِ الحافِظُ، قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ وهْبٍ، قالَ: أخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الحارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ثابِتِ بْنِ الحارِثِ الأنْصارِيِّ قالَ: كانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ إذا هَلَكَ لَهم صَبِيٌّ صَغِيرٌ: هو صِدِّيقٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقالَ: ”كَذَبَتْ يَهُودُ، ما مِن نَسَمَةٍ يَخْلُقُها اللَّهُ تَعالى في بَطْنِ أُمِّهِ إلّا أنَّهُ شَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ“ . وأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عِنْدَ ذَلِكَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿هُوَ أعْلَمُ بِكم إذْ أنشَأكُم مِّنَ الأرْضِ وإذْ أنتُمْ أجِنَّةٌ في بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ﴾ . إلى آخِرِها. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     ولَمَّا وَعَدَ اللهُ الَّذين وَقَع منهم الإحسانُ؛ وصَفَهم هنا فقال تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ولَمَّا كان المُلوكُ لا يَغفِرونَ لِمَن تكَرَّرَتْ ذُنوبُه إليهم وإنْ صَغُرَت، فكان السَّامِعُ يَستَعظِمُ أن يَغفِرَ مَلِكُ المُلوكِ سُبحانَه مِثْلَ هذا؛ عَلَّلَ ذلك بقَولِه تعالى: إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ولَمَّا كان مِن عادةِ مَن سَلِمَ مِنَ الذُّنوبِ أن يَفتَخِرَ على مَن قارَفَها -لِما بُنِيَ الإنسانُ عليه مِن محبَّةِ الفَخرِ- وكان حالُه قد يَتبدَّلُ، فيَسبِقُ عليه الكِتابُ فيَشقَى؛ سَبَّبَ عن ذلك قَولَه تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى

التفسير :

[33] أفرأيت -أيها الرسول- الذي أعرض عن طاعة الله

إلى آخر السورة يقول تعالى:{ أَفَرَأَيْتَ} قبح حالة من أمر بعبادة ربه وتوحيده، فتولى عن ذلك وأعرض عنه؟

ذكر المفسرون روايات في سبب نزول قوله- تعالى-: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى. وَأَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى منها: أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس إليه ووعظه، فهمّ أن يدخل في الإسلام. فعاتبه رجل من المشركين، وقال له: أتترك ملة آبائك؟ ارجع إلى دينك، واثبت عليه، وأنا أتحمل عنك كل شيء تخافه في الآخرة، لكن على أن تعطيني كذا وكذا من المال.

فوافقه الوليد على ذلك، ورجع عماهم به من الدخول في الإسلام، وأعطى بعض المال لذلك الرجل، ثم أمسك عن الباقي، وبخل به، فأنزل الله- تعالى- هذه الآيات.. .

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَرَأَيْتَ ... للتعجيب من حال هذا الإنسان، الذي أعرض عن الحق، بعد أن عرف الطريق إليه.

أى: أفرأيت- أيها الرسول الكريم- حالا أعجب من حال هذا الإنسان الذي تولى عن الهدى، ونبذه وراء ظهره، بعد أن قارب الدخول فيه.

يقول تعالى ذاما لمن تولى عن طاعة الله : ( فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ) [ القيامة : 31 ، 32 ] ،

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ رَبَّكَ ) يا محمد ( وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) : واسع عفوه للمذنبين الذين لم تبلغ ذنوبهم الفواحش وكبائر الإثم. وإنما أعلم جلّ ثناؤه بقوله هذا عباده أنه يغفر اللمم بما وصفنا من الذنوب لمن اجتنب كبائر الإثم والفواحش.

كما حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) قد غفر ذلك لهم.

وقوله ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ ) يقول تعالى ذكره: ربكم أعلم بالمؤمن منكم من الكافر, والمحسن منكم من المسيء, والمطيع من العاصي, حين ابتدعكم من الأرض, فأحدثكم منها بخلق أبيكم آدم منها, وحين أنتم أجنة في بطون أمهاتكم, يقول: وحين أنتم حمل لم تولدوا منكم, وأنفسكم بعدما (4) صرتم رجالا ونساء.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأول.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ ) قال: كنحو قوله وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ .

وحدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فى قوله ( إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأرْضِ ) قال: حين خلق آدم من الأرض ثم خلقكم من آدم, وقرأ ( وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ) .

وقد بيَّنا فيما مضى قبل معنى الجنين, ولِمَ قيل له جنين, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) يقول جل ثناؤه: فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي.

كما حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, قال: سمعت زيد بن أسلم يقول ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) يقول: فلا تبرئوها.

وقوله ( هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) يقول جلّ ثناؤه: ربك يا محمد أعلم بمن خاف عقوبة الله فاجتنب معاصيه من عباده.

--------------------

الهوامش :

(4) كذا وردت هذه العبارة الأخيرة في الأصل ، وهي غامضة من أول قوله " منكم وأنفسكم ... إلخ " ولعل صوابها : فلا تزكوا أنفسكم بعد ما صرتم رجالا ونساء .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[33] الاستفهام فى: ﴿أَفَرَأَيْتَ﴾ للتعجيب من حال هذا الإنسان، الذى أعرض عن الحق، بعد أن عرف الطريق إليه.
وقفة
[33] ﴿أَفَرَأَيتَ الَّذي تَوَلّى﴾ نعم رأينا، ونسألك اللهم ثباتًا حتى نلقاك.
وقفة
[33، 34] ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ﴾ نزلت في الوليد بن المغيرة، كان قد سمع قراءة النبي ﷺ، فهم أن يسلم، فعاتبه رجل من المشركين، وقال له: أتترك ملة آبائك؟ ارجع إلى دينك، وأنا أتحمل عنك كل شيء تخافه في الآخرة، لكن على أن تعطيني كذا وكذا من المال، فوافقه الوليد على ذلك، ورجع عن الإسلام، وأعطى بعض ماله لذلك الرجل، ثم أمسك عن الباقي، وبخل به، فأنزل الله تعالى هذه الآيات.
وقفة
[33، 34] ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ﴾ من وثق بربه جادت نفسه بالعطاء, وهشت للكرم والسخاء, ومن ضعف يقينه بخلت نفسه وشحت يده.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَرَأَيْتَ:
  • الالف الف تقرير وتنبيه بلفظ‍ استفهام والفاء زائدة-تزيينية-.رأيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ الَّذِي تَوَلّى:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.تولى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «تولى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: اعرض عن اتباع الحق اي الاسلام.'

المتشابهات :

مريم: 77﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا
النجم: 33﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّىٰ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أفَرَأيْتَ الَّذِي تَوَلّى﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ والسُّدِّيُّ والكَلْبِيُّ والمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ: نَزَلَتْ في عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ، كانَ يَتَصَدَّقُ ويُنْفِقُ في الخَيْرِ، فَقالَ لَهُ أخُوهُ مِنَ الرَّضاعَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي سَرْحٍ: ما هَذا الَّذِي تَصْنَعُ ؟ يُوشِكُ ألّا يَبْقى لَكَ شَيْءٌ. فَقالَ عُثْمانُ: إنَّ لِي ذُنُوبًا وخَطايا، وإنِّي أطْلُبُ بِما أصْنَعُ رِضا اللَّهِ عَلَيَّ، وأرْجُو عَفْوَهُ. فَقالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أعْطِنِي ناقَتَكَ بِرَحْلِها وأنا أتَحَمَّلُ عَنْكَ ذُنُوبَكَ كُلَّها. فَأعْطاهُ وأشْهَدَ عَلَيْهِ، وأمْسَكَ عَنْ بَعْضِ ما كانَ يَصْنَعُ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أفَرَأيْتَ الَّذِي تَوَلّى * وأعْطى قَلِيلًا وأكْدى﴾ . فَعادَ عُثْمانُ إلى أحْسَنِ ذَلِكَ وأجْمَلِهِ.وقالَ مُجاهِدٌ وابْنُ زَيْدٍ وابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةِ عَطاءٍ وغَيْرِهِ: نَزَلَتْ في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ، وكانَ قَدِ اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلى دِينِهِ، فَعَيَّرَهُ بَعْضُ المُشْرِكِينَ، وقالَ لَهُ: لِمَ تَرَكْتَ دِينَ الأشْياخِ وضَلَّلْتَهم وزَعَمْتَ أنَّهم في النّارِ ؟ قالَ: إنِّي خَشِيتُ عَذابَ اللَّهِ. فَضَمِنَ لَهُ إنْ هو أعْطاهُ شَيْئًا مِن مالِهِ ورَجَعَ إلى شِرْكِهِ أنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ عَذابَ اللَّهِ، فَأعْطى الَّذِي عاتَبَهُ بَعْضَ ما كانَ ضَمِنَ لَهُ ثُمَّ بَخِلَ ومَنَعَهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآياتِ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ جَهْلَ المُشرِكينَ في عِبادةِ الأصنامِ عَلى العُمُومِ؛ خَصَّ بِالذَّمِّ واحِدًا منهم، قال تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى

التفسير :

[34]وأعطى قليلاً مِن ماله، ثم توقف عن العطاء وقطع معروفه؟

فإن سمحت نفسه ببعض الشيء، القليل، فإنه لا يستمر عليه، بل يبخل ويكدى ويمنع.

فإن المعروف ليس سجية له وطبيعةبل طبعه التولي عن الطاعة، وعدم الثبوت على فعل المعروف، ومع هذا، فهو يزكي نفسه، وينزلها غير منزلتها التي أنزلها الله بها.

وَأَعْطى قَلِيلًا من العطاء وَأَكْدى أى ثم قطع هذا العطاء.

قال صاحب الكشاف: وَأَكْدى أى: وقطع عطيته وأمسك، وأصله إكداء الحافر، وهو أن تلقاه كديه، وهي صلابة كالصخر فيمسك عن الحفر ... .

والمراد به هنا: ذمه بالبخل والشح، بعد ذمه بالتولى عن الحق.

( وأعطى قليلا وأكدى ) قال ابن عباس : أطاع قليلا ثم قطعه . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وقتادة ، وغير واحد . قال عكرمة وسعيد : كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئرا ، فيجدون في أثناء الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل ، فيقولون : " أكدينا " ، ويتركون العمل .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33)

يقول تعالى ذكره: أفرأيت يا محمد الذي أدبر عن الإيمان بالله, وأعرض &; 22-541 &; عنه وعن دينه, وأعطى صاحبه قليلا من ماله, ثم منعه فلم يعطه, فبخل عليه.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت في الوليد بن المغيرة من أجل أنه عاتبه بعض المشركين, وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه, فضمن له الذي عاتبه إن هو أعطاه شيئا من ماله, ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الآخرة, ففعل, فأعطى الذي عاتبه على ذلك بعض ما كان ضمن له, ثم بخل عليه ومنعه تمام ما ضمن له.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَأَكْدَى ) قال الوليد بن المغيرة: أعطى قليلا ثم أكدى.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ) ... إلى قوله ( فَهُوَ يَرَى ) قال: هذا رجل أسلم, فلقيه بعض من يُعَيِّره فقال: أتركت دين الأشياخ وضَلَّلتهم, وزعمت أنهم في النار, كان ينبغي لك أن تنصرهم, فكيف يفعل بآبائك, فقال: إني خشيت عذاب الله, فقال: أعطني شيئا, وأنا أحمل كلّ عذاب كان عليك عنك, فأعطاه شيئا, فقال زدني, فتعاسر حتى أعطاه شيئا, وكتب له كتابا, وأشهد له, فذلك قول الله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) عاسره ( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) نـزلت فيه هذه الآية.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( أَكْدَى ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان الشيباني, عن ثابت, عن الضحاك, عن ابن عباس ( أَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) قال: أعطى قليلا ثم انقطع.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) يقول: أعطى قليلا ثم انقطع.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) قال: انقطع فلا يُعْطِي شيئا, ألم تر إلى البئر يقال لها أكدت.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَأَكْدَى ) : انقطع عطاؤه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن طاوس وقتادة, في قوله: ( وَأَكْدَى ) قال: أعطى قليلا ثم قطع ذلك.

قال: ثنا ابن ثور, قال: ثنا معمر, عن عكرمة مثل ذلك.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَكْدَى ) أي بخل وانقطع عطاؤه.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَأَكْدَى ) يقول: انقطع عطاؤه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَكْدَى ) عاسره, والعرب تقول: حفر فلان فأكدى, وذلك إذا بلغ الكدية, وهو أن يحفر الرجل في السهل, ثم يستقبله جبل فيُكْدِي, يقال: قد أكدى كداء, وكديت أظفاره وأصابعه كديا شديدا, منقوص: إذا غلظت, وكديت أصابعه: إذا كلت فلم تعمل شيئا, وكدا النبت إذا قلّ ريعه يهمز ولا يهمز. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: اشتق قوله: أكدى, من كُدْية الركِيَّة, وهو أن يحفِر حتى ييأس من الماء, فيُقال حينئذ بلغنا كُدْيتها.

التدبر :

وقفة
[34] ﴿وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ﴾ قد يعطي البخيل الشحيح، ولكن ما أسرع أن يعود لسجيته وإقتاره وبخله.
وقفة
[34] ﴿وَأَعْطَىٰ قَلِيلًا وَأَكْدَىٰ﴾ قال ابن عباس: «وأكدى: كدَّره بمنه».
وقفة
[34] ﴿وَأَكْدَىٰ﴾ انقطع وترك، لو استمر بإعطاء القليل لنفعه.
وقفة
[34] ﴿وَأَكْدَىٰ﴾ انقطع وترك, ومن فوائد ذلك: الاستمرار بالقيل أيسر وأنفع من الكثير المنقطع.
وقفة
[34] ﴿وَأَكْدَىٰ﴾ إشارة إلى البخل وقطع العطاء، يقال: أكدى الذي يحفر، إذا اعترضته كدية، أي: حجر لا يستطيع إزالته.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَعْطى قَلِيلاً:
  • معطوفة بالواو على «تولى» وتعرب اعرابها. قليلا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
  • ﴿ وَأَكْدى:
  • معطوفة بالواو على «أعطى» وتعرب اعرابها بمعنى وقطع عطيته وأمسك.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     وبعد ذَمِّه بالإعرض عن الحقِّ؛ ذَمَّه هنا بالبخل، قال تعالى:
﴿ وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى

التفسير :

[35] أعند هذا الذي قطع عطاءه علم الغيب أنه سينفَد ما في يده حتى أمسك معروفه، فهو يرى ذلك عِياناً؟ ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة؛ بخلاً وشُحّاً.

{ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} الغيب ويخبر به، أم هو متقول على الله، متجرئ على الجمع بين الإساءة والتزكيةكما هو الواقع، لأنه قد علم أنه ليس عنده علم من الغيب، وأنه لو قدر أنه ادعى ذلك فالإخبارات القاطعة عن علم الغيب التي على يد النبي المعصوم، تدل على نقيض قوله، وذلك دليل على بطلانه.

أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى أى: أعند هذا الإنسان الذي أعرض عن الرشد، علم الغيوب المستترة عن الأعين والنفوس، فهو وحده يراها، ويطلع عليها ويعلم أن في إمكان الغير أن يحمل عنه أوزاره وذنوبه يوم القيامة؟.

كلا، إنه لا علم عنده بشيء من ذلك، وإنما هو قد ارتد على أعقابه، لانطماس بصيرته.

بعد أن قارب الرشد والصواب.

فالاستفهام في قوله: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ ... للنفي والإنكار.

وقدم- سبحانه- الظرف «عنده» وهو مسند، على «علم الغيب» وهو مسند إليه، لإفادة الاهتمام بهذه العندية التي من أعجب العجب ادعاؤها، وللإشعار بأنه بعيد عنها بعد الأرض عن السماء.

والفاء في قوله: فَهُوَ يَرى للسببية، ومفعول يَرى محذوف.

أى: فهو بسبب معرفته للعوالم الغيبية، يبصر رفع العذاب عنه، ويعلم أن غيره سيتكفل بافتدائه من هذا العذاب.

ثم وبخه- سبحانه- على جهالته وعدم فهمه فقال: أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى، وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى، أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى....

وقوله : ( أعنده علم الغيب فهو يرى ) أي : أعند هذا الذي قد أمسك يده خشية الإنفاق ، وقطع معروفه ، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده ، حتى قد أمسك عن معروفه ، فهو يرى ذلك عيانا ؟ ! أي : ليس الأمر كذلك ، وإنما أمسك عن الصدقة والمعروف والبر والصلة بخلا وشحا وهلعا ; ولهذا جاء في الحديث : " أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا " ، وقد قال الله تعالى : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) [ سبأ : 39 ] .

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ) ... إلى قوله ( فَهُوَ يَرَى ) قال: هذا رجل أسلم, فلقيه بعض من يُعَيِّره فقال: أتركت دين الأشياخ وضَلَّلتهم, وزعمت أنهم في النار, كان ينبغي لك أن تنصرهم, فكيف يفعل بآبائك, فقال: إني خشيت عذاب الله, فقال: أعطني شيئا, وأنا أحمل كلّ عذاب كان عليك عنك, فأعطاه شيئا, فقال زدني, فتعاسر حتى أعطاه شيئا, وكتب له كتابا, وأشهد له, فذلك قول الله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) عاسره ( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) نـزلت فيه هذه الآية.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( أَكْدَى ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان الشيباني, عن ثابت, عن الضحاك, عن ابن عباس ( أَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) قال: أعطى قليلا ثم انقطع.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) يقول: أعطى قليلا ثم انقطع.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) قال: انقطع فلا يُعْطِي شيئا, ألم تر إلى البئر يقال لها أكدت.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَأَكْدَى ) : انقطع عطاؤه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن طاوس وقتادة, في قوله: ( وَأَكْدَى ) قال: أعطى قليلا ثم قطع ذلك.

قال: ثنا ابن ثور, قال: ثنا معمر, عن عكرمة مثل ذلك.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَكْدَى ) أي بخل وانقطع عطاؤه.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَأَكْدَى ) يقول: انقطع عطاؤه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَكْدَى ) عاسره, والعرب تقول: حفر فلان فأكدى, وذلك إذا بلغ الكدية, وهو أن يحفر الرجل في السهل, ثم يستقبله جبل فيُكْدِي, يقال: قد أكدى كداء, وكديت أظفاره وأصابعه كديا شديدا, منقوص: إذا غلظت, وكديت أصابعه: إذا كلت فلم تعمل شيئا, وكدا النبت إذا قلّ ريعه يهمز ولا يهمز. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: اشتق قوله: أكدى, من كُدْية الركِيَّة, وهو أن يحفِر حتى ييأس من الماء, فيُقال حينئذ بلغنا كُدْيتها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[35] ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾ فهو يرى أن عذاب غد يتلقاه عنه غيره، أو يرى ألا بعث غدًا ولا جزاء؛ لذا فهو مطمئن لضلاله، مستريح لكفره.
وقفة
[35] ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾ من سمات أهل الباطل: الجرأة في اقتحام عالم الغيب, والخوض فيما لا علم لهم به.

الإعراب :

  • ﴿ أَعِنْدَهُ:
  • الهمزة همزة استفهام. عنده: مفعول فيه-ظرف مكان-منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر محذوف مقدم والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ عِلْمُ الْغَيْبِ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الغيب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ فَهُوَ يَرى:
  • الفاء استئنافية. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يرى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر. وجملة «يرى» في محل رفع خبر «هو» بمعنى فهو يعلم وحذف مفعولها اختصارا. اي فهو يعلم ان ما قاله الَّذِي تَوَلّى» من احتمال اوزاره حق. اي تحمل ذنوبه وعذابه بدلا عنه. وفاعل «يرى» ضمير مستتر جوازا تقديره هو.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد ذَمِّه؛ وَبَّخَه هنا، قال تعالى:
﴿ أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [36] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي ..

التفسير :

[36] أم لم يُخَبَّر بما جاء في أسفار التوراة

{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} هذا المدعي{ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى}

و «أم» هنا للإضراب الانتقالى من ذمه على إعراضه وبخله، إلى ذمه على جهله وحمقه، وصحف موسى: هي التوراة التي أنزلها- سبحانه- عليه.

وصحف إبراهيم: هي الصحف التي أوحى الله- تعالى- إليه بما فيها، وقد ذكر سبحانه ذلك في قوله تعالى: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى.

وخصت صحف هذين النبيين الكريمين بالذكر، لأنها كانت أشهر من غيرها عند العرب، وكانوا يسألون أهل الكتاب من اليهود عما خفى عليهم من صحف موسى.

وقدم- سبحانه- هنا صحف موسى، لاشتهارها بسعة الأحكام التي اشتملت عليها، بالنسبة لما وصل إليهم من صحف إبراهيم.

وأما في سورة الأعلى فقدمت صحف إبراهيم على صحف موسى لوقوعهما بدلا من الصحف الأولى، وصحف إبراهيم أقدم من صحف موسى، فكان الإتيان بهما على الترتيب الزمنى أنسب بالمقام.

وقوله : ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ) قال سعيد بن جبير ، والثوري أي بلغ جميع ما أمر به .

وقال ابن عباس : ( وفى ) لله بالبلاغ . وقال سعيد بن جبير : ( وفى ) ما أمر به . وقال قتادة : ( وفى ) طاعة الله ، وأدى رسالته إلى خلقه . وهذا القول هو اختيار ابن جرير ، وهو يشمل الذي قبله ، ويشهد له قوله تعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما ) [ البقرة : 124 ] فقام بجميع الأوامر ، وترك جميع النواهي ، وبلغ الرسالة على التمام والكمال ، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماما يقتدى به في جميع أحواله وأفعاله وأقواله ، قال الله تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 123 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( وإبراهيم الذي وفى ) قال : " أتدري ما وفى ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار " .

ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير ، وهو ضعيف .

وقال الترمذي في جامعه : حدثنا أبو جعفر السمناني ، حدثنا أبو مسهر ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء وأبي ذر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل ، أنه قال : " ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار ، أكفك آخره " .

قال ابن أبي حاتم رحمه الله : حدثنا أبي ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن قائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) [ الروم : 17 ] حتى ختم الآية . ورواه ابن جرير عن أبي كريب ، عن رشدين بن سعد ، عن زبان ، به .

وقوله ( أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ) يقول تعالى ذكره: أعند هذا الذي ضمن له صاحبه أن يتحمل عنه عذاب الله في الآخرة علم الغيب, فهو يرى حقيقة قوله, ووفائه بما وعده.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[36] ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ﴾ وهي التوراة، وكان اليهود يعرفونها، وكان العرب يسألون اليهود عما خفي عليهم من صحف موسي؛ ولذا استشهد الله بها لشهرتها.
وقفة
[36] ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ﴾ قدَّم الله صحف موسى، لاشتهارها بكثرة الأحكام التي اشتملت عليها، بالنسبة لما وصل إليهم من صحف إبراهيم، وأما في سورة الأعلى، فقدَّم صحف إبراهيم على صحف موسى لوقوعها بدلا من الصحف الأولى، وصحف إبراهيم أقدم من صحف موسى، فكان الإتيان بهما على الترتيب الزمني أنسب.
وقفة
[36، 37] ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ﴾ الثوابت لا يغيرها مرور الزمن.

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما:
  • ما: حرف اضراب بمعنى «بل» وهي «أم» المنقطعة حرف عطف. لم: حرف نفي وجزم وقلب. ينبأ: فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو اي أم لم يخبر. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بينبأ.
  • ﴿ فِي صُحُفِ مُوسى:
  • جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره وجد او جاء. وجملة «وجد في صحف موسى» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. موسى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة المقدرة للتعذر على الالف بدلا من الكسرة لانه اسم ممنوع من الصرف للعجمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا كان هذا الَّذي تولَّى قد يظُنُّ أنَّ عَمَلَ غَيرِه يَنفَعُه، وَبَّخَه هنا على جهالته وعدم فهمه، قال تعالى:
﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى

التفسير :

[37]وصحف إبراهيم الذي وفَّى ما أُمر به وبلَّغه؟

[وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} أي:قام بجميع ما ابتلاه الله به، وأمره به من الشرائع وأصول الدين وفروعه

وحذف- سبحانه- متعلق «ووفّى» ليتناول كل ما يجب الوفاء به، كمحافظته على أداء حقوق الله- تعالى-، واجتهاده في تبليغ الرسالة التي كلفه- سبحانه- بتبليغها، ووقوفه عند الأوامر التي أمره- تعالى- بها، وعند النواهي التي نهاه عنها ...

وأن في قوله- تعالى-: أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى مخففة من الثقيلة.

واسمها ضمير الشأن محذوف، والجملة بدل من صحف موسى وإبراهيم.

وقوله تَزِرُ من الوزر بمعنى الحمل.. وقوله وازِرَةٌ صفة لموصوف محذوف. أى:

نفس وازرة.

والمعنى: إذا كان هذا الإنسان المتولى عن الحق.. جاهلا بكل ما يجب العلم به من شئون الدين، فهلا سأل العلماء عن صحف موسى وإبراهيم- عليهما السلام- ففيها أنه لا تحمل نفس آثمة حمل أخرى يوم القيامة.

وقوله : ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ) قال سعيد بن جبير ، والثوري أي بلغ جميع ما أمر به .

وقال ابن عباس : ( وفى ) لله بالبلاغ . وقال سعيد بن جبير : ( وفى ) ما أمر به . وقال قتادة : ( وفى ) طاعة الله ، وأدى رسالته إلى خلقه . وهذا القول هو اختيار ابن جرير ، وهو يشمل الذي قبله ، ويشهد له قوله تعالى : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما ) [ البقرة : 124 ] فقام بجميع الأوامر ، وترك جميع النواهي ، وبلغ الرسالة على التمام والكمال ، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماما يقتدى به في جميع أحواله وأفعاله وأقواله ، قال الله تعالى : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 123 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( وإبراهيم الذي وفى ) قال : " أتدري ما وفى ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " وفى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار " .

ورواه ابن جرير من حديث جعفر بن الزبير ، وهو ضعيف .

وقال الترمذي في جامعه : حدثنا أبو جعفر السمناني ، حدثنا أبو مسهر ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء وأبي ذر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل ، أنه قال : " ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار ، أكفك آخره " .

قال ابن أبي حاتم رحمه الله : حدثنا أبي ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن قائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى : ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ) [ الروم : 17 ] حتى ختم الآية . ورواه ابن جرير عن أبي كريب ، عن رشدين بن سعد ، عن زبان ، به .

ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال :

وقوله ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ) يقول تعالى ذكره: أم لم يُخَبَّرْ هذا المضمون له, أن يتحمل عنه عذاب الله في الآخرة, بالذي في صحف موسى بن عمران عليه السلام .

التدبر :

وقفة
[37] ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ وفَّى ما أُمر به، إبراهيم عليه السلام قدوة حتى في إتقان العمل.
وقفة
[37] ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ من الذي يمدح هنا؟! ومن يطيق هذا المدح، وفَى في كل ما أمره الله به، فإبراهيم عليه السلام قدوتنا في إتقان العمل وإتمامه، على أكمل وجه، حتى مدحه الله عليه.
وقفة
[37] ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ تأمل وصف ربنا لأحد خلقه، عمل بكل ما طلب منه.
وقفة
[37] ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ ما هي الصفة التي تستحق الذكر في سيرتك؟
اسقاط
[37] ﴿وَإِبراهيمَ الَّذي وَفّى﴾ هل وفيت ما عليك؟

الإعراب :

  • ﴿ وَإِبْراهِيمَ الَّذِي:
  • معطوف بالواو على «موسى» ويعرب اعرابه وعلامة جره الفتحة الظاهرة بدلا من الكسرة لانه اسم ممنوع من الصرف للعجمة.الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة-نعت-لابراهيم.
  • ﴿ وَفّى:
  • فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وجملة «وفى» صلة الموصول لا محل لها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا قَدَّمَ كِتابَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ لِكَوْنِهِ أعْظَمَ كِتابٍ بَعْدَ القُرْآنِ، مَعَ أنَّهُ مَوْجُودٌ بَيْنَ النّاسِ يُمْكِنُ مُراجَعَتُهُ، قال تعالى:
﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وفى:
1- بتشديد الفاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة أبى أسامة الباهلي، وسعيد بن جبير، وأبى مالك الغفاري، وابن السميفع، وزيد بن على.

مدارسة الآية : [38] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى

التفسير :

[38] أنه لا تؤخذ نفس بمأثم غيرها، ووزرها لا يحمله عنها أحد،

وفي تلك الصحف أحكام كثيرة من أهمها ما ذكره الله بقوله:{ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىوَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}

أي:كل عامل له عمله الحسن والسيئ، فليس له من عمل غيره وسعيهم شيء، ولا يتحمل أحد عن أحد ذنبا

قال الآلوسى: وقوله: أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أى: أنه لا تحمل نفس من شأنها الحمل، حمل نفس أخرى.. ولا يؤاخذ أحد بذنب غيره. ليتخلص الثاني من عقابه. ولا يقدح في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» فإن ذلك وزر الإضلال الذي هو وزره لا وزر غيره .

( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) أي : كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنما عليها وزرها ، لا يحمله عنها أحد ، كما قال : ( وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى ) [ فاطر : 18 ]

وقوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) يقول: وإبراهيم الذي وفى من أرسل إليه ما أرسل به.

ثم اختلف أهل التأويل في معنى الذي وفى, فقال بعضهم: وفاؤه بما عهد إليه ربه من تبليغ رسالاته, وهو ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء, عن عكرمة, عن ابن عباس ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: كانوا قبل إبراهيم يأخذون الوليّ بالوليّ, حتى كان إبراهيم, فبلغ ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) لا يؤاخذ أحد بذنب غيره.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن جابر, عن مجاهد, عن عكرمة ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قالوا: بلغ هذه الآيات ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: وفّى طاعة الله, وبلَّغ رسالات ربه إلى خلقه.

وكان عكرمة يقول: وفَّى هؤلاء الآيات العشر ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ... حتى بلغ وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى .

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) وفَّى طاعة الله ورسالاته إلى خلقه.

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي, قال: ثنا أبو بكير, عن أبي حصين, عن سعيد بن جبير, في قوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: بلَّغ ما أمر به.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: بلَّغ.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: وفى: بلغ رسالات ربه, بلَّغ ما أُرسل به, كما يبلغ الرجل ما أُرسل به.

التدبر :

وقفة
[38] ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾ القرآن يعلمنا الإنصاف.
وقفة
[38] ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾ دخل رجل على الحجاج مقيَّدًا يشكو أنه يُعاقب بعصيان عاص من عشيرته، فأجابه الحجاج مبررًا الفعل شعرًا: «ولرُبَّ مأخوذ بذنب عَشيرة ... ونجا المقارف صاحب الذنب»، قال الرجل: «أصلح الله الأمير، ولكني سمعت الله عز وجل يقول: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ﴾ [يوسف: ۷۹]»، فقال الحجاج: «فكوا قيده، وأعيدوا له ما أخذتموه منه»، ومُر مناديًا ينادي: «صدق الله، وكذب الشاعر».
وقفة
[36-38] في كتاب الأذكياء لابن الجوزي: أخذ زياد بن معاوية رجلًا من الخوارج، فأفلت منه، فأخذ خاله، فقال: إن جئت بأخيك وإلا ضربت عنقك، قال: أرأيت إن جئتُ بكتاب من أمير المؤمنين تخلي سبيلي؟! قال: نعم، قال: فأنا آتيك بكتاب من العزيز الرَّحيم، وأقيم عليه شاهدين: إبراهيم وموسى عليهما السلام: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَىٰ * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ قال زياد: خلوا سبيله، هذا رجل لقن حجَّته.
وقفة
[38، 39] قاعدة قرآنية: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾

الإعراب :

  • ﴿ أَلاّ:
  • اصلها: ان: مخففة من «أنّ» الثقيلة. والمعنى أنه لا تزر واسمها ضمير الشأن المحذوف. لا: نافية لا عمل لها. و «أن» وما بعدها في محل جر بدل من بِما فِي صُحُفِ مُوسى» الواردة في الآية الكريمة السادسة والثلاثين.او في محل رفع خبر مبتدأ محذوف التقدير: هو أنّه لا تزر. او على تقدير: المكتوب في صحف موسى وابراهيم ان لا تزر وازرة
  • ﴿ تَزِرُ وازِرَةٌ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. وازرة: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة أَلاّ تَزِرُ اازِرَةٌ» في محل رفع خبر «أن» بمعنى: لا تحمل نفس آثمة فحذف الفاعل الموصوف واقيمت الصفة مقامه.
  • ﴿ وِزْرَ أُخْرى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اخرى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الالف للتعذر. اي وزر وازرة اخرى فحذف الموصوف وحلت الصفة محله بمعنى: لا تحمل عنها جملها من الاثم. وقال الاخفش: لا تأثم آثمة بإثم اخرى'

المتشابهات :

الأنعام: 164﴿قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيۡءٖۚ وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
الإسراء: 15﴿وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا
فاطر: 18﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
الزمر: 7﴿وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
النجم: 38﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     وبعد ذِكرِ صُحُفِ مُوسى وإِبراهيمَ، كأن قائلًا قال: ما في صحفهما؟ فقيل له:
﴿ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا ..

التفسير :

[39]وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر إلَّا ما كسب هو لنفسه بسعيه.

وفي تلك الصحف أحكام كثيرة من أهمها ما ذكره الله بقوله:{ أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىوَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}

أي:كل عامل له عمله الحسن والسيئ، فليس له من عمل غيره وسعيهم شيء، ولا يتحمل أحد عن أحد ذنبا

وقوله- تعالى-: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ... معطوف على ما قبله، لبيان عدم إثابة الإنسان بعمل غيره، إثر بيان عدم مؤاخذته بذنب سواه.

أى: كما أنه لا تحمل نفس آثمة حمل نفس أخرى، فكذلك لا يحصل الإنسان إلا على نتيجة عمله الصالح، لا على نتيجة عمل غيره.

فالمراد بالسعي في الآية. السعى الصالح، والعمل الطيب، لأنه قد جاء في مقابلة الحديث عن الأوزار والذنوب.

( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) أي : كما لا يحمل عليه وزر غيره ، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه . ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ، ومن اتبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى ; لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ; ولهذا لم يندب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته ولا حثهم عليه ، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء ، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ، ومنصوص من الشارع عليهما .

وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : من ولد صالح يدعو له ، أو صدقة جارية من بعده ، أو علم ينتفع به " ، فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله ، كما جاء في الحديث : " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه " . والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه ، وقد قال تعالى : ( إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم ) الآية [ يس : 12 ] . والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا من سعيه وعمله ، وثبت في الصحيح : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا " .

وقال آخرون: بل وفَّى بما رأى في المنام من ذبح ابنه, وقالوا قوله ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) من المؤخر الذي معناه التقديم; وقالوا: معنى الكلام: أم لم ينبأ بما في صحف موسى ألا تزر وازرة وزر أخرى, وبما في صحف إبراهيم الذي وفى.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي عن أبيه, عن ابن عباس في قوله ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) يقول: إبراهيم الذي استكمل الطاعة فيما فعل بابنه حين رأى الرؤيا, والذي في صحف موسى ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ... إلى آخر الآية.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني ابن لهيعة, عن أبي صخر, عن القُرَظَيّ, وسُئل عن هذه الآية ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: وفى بذبح ابنه.

وقال آخرون بل معنى ذلك: أنه وفى ربه جميع شرائع الإسلام.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبَويه, قال: ثنا عليّ بن الحسن, قال: ثنا خارجة بن مُصْعبٍ, عن داود بن أبي هند, عن عكرمة عن ابن عباس قال: الإسلام ثلاثون سهما. وما ابتلي بهذا الدين أحد فأقامه إلا إبراهيم, قال الله ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) فكتب الله له براءة من النار.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) ما فُرِض عليه.

وقال آخرون: وفى بما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخبر الذي

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا رشدين بن سعد, قال: ثني زيان بن فائد, عن سهل بن معاذ, عن أنس, عن أبيه, قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "

أَلا أُخْبِرُكُمْ لِمَ سَمَّى اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ الَّذِي وَفَّى؟ لأنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ".

وقال آخرون: بل وفى ربه عمل يومه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا الحسن بن عطية, قال: ثنا إسرائيل, عن جعفر بن الزبير عن القاسم, عن أبي أُمامة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: " أتدرون ما وَفَّى "؟ قالوا الله ورسوله أعلم, قال: وفَّى عَمَل يَوْمِهِ أرْبَعَ رَكعَات في النَّهارِ".

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: وفى جميع شرائع الإسلام وجميع ما أُمر به من الطاعة, لأن الله تعالى ذكره أخبر عنه أنه وفى فعم بالخبر عن توفيته جميع الطاعة, ولم يخصص بعضا دون بعض.

فإن قال قائل : فإنه خصّ ذلك بقوله وفي ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) فإن ذلك مما أخبر الله جل ثناؤه أنه في صحف موسى وإبراهيم, لا مما خصّ به الخبر عن أنه وفى. وأما التوفية فإنها على العموم, ولو صحّ الخبران اللذان ذكرناهما أو أحدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم نَعْدُ القول به إلى غيره ولكن في إسنادهما نظر يجب التثبت فيهما من أجله.

وقوله ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) فإن من قوله ( أَلا تَزِرُ ) على التأويل الذي تأوّلناه في موضع خفض ردّا على " ما " التي في قوله ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى ) يعني بقوله ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) غيرها, بل كل آثمة فإنما إثمها عليها.

وقد بيَّنا تأويل ذلك باختلاف أهل العلم فيه فيما مضى قبل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عبيد المحاربيّ , قال: ثنا أبو مالك الجَنْبي, قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد, عن أبي مالك الغفاريّ في قوله ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) إلى قوله مِنَ النُّذُرِ الأُولَى قال: هذا في صحف إبراهيم وموسى.

وإنما عُني بقوله ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الذي ضَمِن للوليد بن المغيرة أن يتحمل عنه عذاب الله يوم القيامة, يقول: ألم يُخْبَرْ قائل هذا القول, وضامن هذا الضمان بالذي في صحف موسى وإبراهيم مكتوب: أن لا تأثم آثمة إثم أخرى غيرها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[39] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ اعمل لنجاة نفسك الآن، ولا تنتظر أحدًا يوزِّع عنك مصحفًا أو يحفر لك بئرًا بعد وفاتِك.
وقفة
[39] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ لا ما يحلم ويتخيل ويتمنى.
وقفة
[39] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ الأبناء تبعوا الآباء في الآخرة كما كانوا تبعًا لهم في الدنيا، وهذه التبعية هي من كرامة الآباء وثوابهم الذي نالوه بسعيهم، وأما كون الأبناء لحقوا بهم في الدرجة بلا سعي منهم، فهذا ليس هو لهم، وإنما هو للآباء؛ أقر الله أعينهم بإلحاق ذريتهم بهم في الجنة.
وقفة
[39] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ بعض العلماء يرى أن القربات لا يجوز إهداؤها للأحياء ولا للأموات استدلالا بهذه الآية، قال السعدي: «وفي هذا الاستدلال نظر، فإن الآية إنما تدل على أنه ليس للإنسان إلا ما سعي بنفسه، وهذا حق لا خلاف فيه، وليس فيها ما يدل على أنه لا ينتفع بسعي غيره، إذا أهداه ذلك الغير له، كما أنه ليس للإنسان من المال إلا ما هو في ملكه وتحت يده، ولا يلزم من ذلك، أن لا يملك ما وهبه له الغير من ماله الذي يملكه».
وقفة
[39] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾ قال شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية: «من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله، فقد خرق الإجماع، وذلك باطل من وجوه كثيرة: أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره، وهو انتفاع بعمل الغير. ثانيها: أن النبي ﷺ يشفع لأهل الموقف في الحساب، ثم لأهل الجنة في دخولها. ثالثها: أنه ﷺ يشفع لأهل الكبائر في الخروج من النار، وهذا انتفاع بسعي الغير. رابعها: أن الملائكة يستغفرون ويدعون لمن في الأرض، وذلك منفعة بعمل الغير. خامسها: أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرًا قط -أي من المؤمنين- بمحض رحمته، وهذا انتفاع بغير عملهم. سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم، وذلك انتفاع بمحض عمل الغير. سابعها: قال الله تعالى في قصة الغلامين اليتيمين: ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا﴾ [الكهف: 82] فانتفعا بصلاح أبيهما، وليس من سعيهما. ثامنها: أن الميت ينتفع بالصدقة عنه، وبالعتق، بنص السنة والإجماع، وهو من عمل الغير. تاسعها: أن الحج المفروض يسقط عن الميت، بحج وليه بنص السنة، وهو انتفاع بعمل الغير. عاشرها: أن الحج المنذور أو الصوم المنذور، يسقط عن الميت بعمل غيره، وهو انتفاع بعمل الغير. حادي عشر: المدين قد امتنع ﷺ من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة، وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب، وانتفع بصلاة النبي ﷺ، وهو من عمل الغير. ثاني عشر: أن النبي ﷺ: قال لمن صلى وحده: «أَلاَ رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّىَ مَعَهُ» [أبو داود 574، وصححه الألباني]، فقد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير. ثالث عشر: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الغير، إذا قضاها عنه قاضي، وذلك انتفاع بعمل الغير. رابع عشر: أن من عليه تبعات ومظالم، إذا حلل منها سقطت عنه، وهذا انتفاع بعمل الغير. خامس عشر: أن الجار الصالح ينفع في المحيا وفي المات -كما جاء في الأثر- وهذا انتفاع بعمل الغير. سادس عشر: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم، وهو لم يكن معهم، ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له، والأعمال بالنيات، فقد انتفع بعمل غيره. سابع عشر: الصلاة على الميت، والدعاء له في الصلاة، انتفاع للميت بصلاة الحي عليه، وهو عمل غيره. الثامن عشر: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد، وكذا الجماعة بكثرة العدد، وهو انتفاع للبعض بالبعض. تاسع عشر: أن الله تعالى قال لنبيه: ﴿وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: 33]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ﴾ [الفتح: 25]، فقد رفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض، وذلك انتفاع بعمل الغير. تمام العشرين: أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يمونه الرجل، فإنه ينتفع بذلك من يخرج عنه، ولا سعى له فيها. ومن تأمل العلم وجد انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى، فكيف يجوز أن تتأول الآية الكريمة، على خلاف صريح الكتاب والسنة، وإجماع الأمة».
وقفة
[39] ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ لا نسب، ولا مال، ولا ثناء الآخرين، فقط ما قدمت من خير أو شر، فقط ما تعلق به قلبك وسعى لفعله، اللهم سعيًا يرضيك.
وقفة
[39] ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ الأماني رؤوس أموال المفاليس؛ فاعمل قبل أن يُحال بينك وبين العمل، فمن ذَا يصلي عنك بعد الموت؟ ومن ذَا يتصدق لك عقب الرحيل؟ ومن ذَا يصوم عنك خلف المغادرة؟
وقفة
[39] ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ لا أحد يجمع لك الحسنات! حسناتك أنت من يجمعها؛ فاجتهد لنيل الدرجات العلى من الجنة.
عمل
[39] ﴿وأن ليس للإنسان إﻻ ما سعى﴾ بادر بالخير ﻵخرتك؛ فليس لك من اﻷعمال إﻻ ما قدمت اﻵن.
وقفة
[39] ﴿وأن ليس للإنسان إﻻ ما سعى﴾ حتي يتيقن العبد من غرض عمله عيانا يوم الحساب؛ فإن ذلك يحفزه إلي الإكثار من الصالحات؛ طمعًا بفضل الله ومضاعفته أجور العباد.
وقفة
[39] سيجازى الإنسان على عمله إن خيرًا أو شرًا ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾.
عمل
[39] اعمل ولا تقل: (أبي شيخ، وأمي داعية)، اعمل ولا تقل: (لعل أخي الصالح يشفع لي)، اعمل فالحق جل وعلا يقول: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾.
وقفة
[39] مبدأ ثابت: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾؛ لا مكان للحظ هنا.
عمل
[39، 40] ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾ اسع في أفعال الخير وستجد ثمرة سعيك، اللهم استعملنا في طاعتك، وبارك لنا في كل عمل نعمله.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنْ:
  • الواو عاطفة. أن: مخففة من «أنّ» الثقيلة داخلة على فعل ماض متضمن الدعاء واسمها ضمير الشأن المحذوف وخبرها جملة فعلية فعلها جامد بمعنى أنّه ليس للانسان في الآخرة الا سعيه اي ما عمله في دنياه.
  • ﴿ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ:
  • فعل ماض ناقص مبني على الفتح من اخوات «كان».للانسان: جار ومجرور متعلق بخبرها المقدم.
  • ﴿ إِلاّ ما سَعى:
  • اداة حصر لا عمل لها. ما: مصدرية. سعى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «سعى» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع اسم «ليس».التقدير: إلا سعيه.والجملة الفعلية لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى» في محل رفع خبر «أن».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا نَفَى أن يَضُرَّه إثمُ غَيرِه؛ نَفَى أن يَنفَعَه سَعيُ غَيرِه، قال تعالى:
﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى

التفسير :

[40] وأن سعيه سوف يُرى في الآخرة، فيميَّز حَسَنه من سيئه؛ تشريفاً للمحسن وتوبيخاً للمسيء.

{ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} في الآخرة فيميز حسنه من سيئه.

وقوله- تعالى-: وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى بيان لثمرة هذا السعى الصالح يوم القيامة.

أى: ليس للإنسان إلا ثمرة عمله الصالح بدون زيادة أو نقص، وهذا العمل الصالح سوف يراه مسجلا أمامه في صحف مكرمة، وفي ميزان حسناته،

وقوله : ( وأن سعيه سوف يرى ) أي : يوم القيامة ، كما قال تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) [ التوبة : 105 ] أي : فيخبركم به ، ويجزيكم عليه أتم الجزاء ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

( وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) يقول جلّ ثناؤه: أوَ لم يُنَبأ أنه لا يُجَازي عامل إلا بعمله, خيرا كان ذلك أو شرّا.

كما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) , وقرأ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى قال: أعمالكم.

وذُكر عن ابن عباس أنه قال: هذه الآية منسوخة.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن &; 22-547 &; ابن عباس, قوله ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) قال: فأنـزل الله بعد هذا وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فأدخل الأبناء بصلاح الآباء الجنة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

اسقاط
[40] ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ﴾ سعيك سوف يرى يومًا ما، لا داعي أن نرائي الآن.
وقفة
[40] ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ﴾ أي سعادة حين ترى عملك الصالح، وكيف سينجو بك من عذاب النار، لعمل الخير بركة لا تفارقك.
وقفة
[40] الساعي في أفعال الخير كمن أوقف نفسه لله وسيجد ثمرة سعيه وبذله أمامه ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ﴾ في الدنيا والأخرة.
وقفة
[40] ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ﴾ كل سعي لك أخفيته بالدنيا إخلاصًا لله ستراه بالاخره ظاهرًا أمام الخلق، ولن يضيع الله ثوابك.
تفاعل
[40] ﴿وَأَنَّ سَعيَهُ سَوفَ يُرى﴾ اللهم سترك فى الدنيا والآخرة.
وقفة
[40، 41] من أخفى عملًا اليوم فسيظهر غدًا، فإن كان خيرًا فيبشر بخير الجزاء أمام الخلق، وإن كان شرًّا هلك أمام الملأ ﴿وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الأوفى﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنَّ سَعْيَهُ:
  • الواو عاطفة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. سعيه:اسمها منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ سَوْفَ يُرى:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن».سوف: حرف تسويف-استقبال-.يرى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا ثَبَت أنَّه ليس له ولا عليه إلَّا ما عَمِلَ، وكان في الدُّنيا قد يَفعَلُ الشَّيءَ مِنَ الخَيرِ والشَّرِّ ولا يَراه مَن فَعَله مِن أجْلِه ولا غَيرُه؛ نفى أن تكونَ الآخرةُ كذلك، فقال تعالى:
﴿ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى

التفسير :

[41] ثم يُجزى الإنسان على سعيه الجزاء المستكمل لجميع عمله،

{ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} أي:المستكمل لجميع العمل الحسن الخالص بالحسنى، والسيئ الخالص بالسوأى، والمشوب بحسبه، جزاء تقر بعدله وإحسانه الخليقة كلها، وتحمد الله عليه، حتى إن أهل النار ليدخلون النار، وإن قلوبهم مملوءة من حمد ربهم، والإقرار له بكمال الحكمة ومقت أنفسهم، وأنهم الذين أوصلوا أنفسهم وأوردوها شر الموارد، وقد استدل بقوله تعالى:{ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} من يرى أن القرب لا يفيدإهداؤها للأحياء ولا للأموات قالوا لأن الله قال:{ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ مَا سَعَى} فوصول سعي غيره إليه مناف لذلك، وفي هذا الاستدلال نظر، فإن الآية إنما تدل على أنه ليس للإنسان إلا ما سعى بنفسه، وهذا حق لا خلاف فيه، وليس فيها ما يدل على أنه لا ينتفع بسعي غيره، إذا أهداه ذلك الغير له، كما أنه ليس للإنسان من المال إلا ما هو في ملكه وتحت يده، ولا يلزم من ذلك، أن لا يملك ما وهبه له الغير من ماله الذي يملكه.

ثم يجازيه الله- تعالى- عليه الجزاء التام الكامل. الذي لا نقص فيه ولا بخس.

وفي رؤية الإنسان لعمله الصالح يوم القيامة، تشريف وتكريم له، كما قال- تعالى- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ، بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

هذا، وقد توسع العلماء في الجمع بين قوله- تعالى-: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وبين النصوص التي تفيد أن الإنسان قد ينتفع بعمل غيره، وهذه خلاصة لأقوالهم:

قال الإمام ابن كثير: ومن هذه الآية استنبط الشافعى ومن اتبعه، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى. لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء.

فأما الدعاء والصدقة، فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من الشارع عليهما.

وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به» . فهذه الثلاثة في الحقيقة. هي من سعيه وكده وعمله.

وقال الجمل في حاشيته على الجلالين: واستشكل الحصر في هذه الآية وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى بقوله- تعالى- في آية أخرى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ... وبالأحاديث الواردة في ذلك كحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ... » .

وأجيب: بأنها مخصوصة بقوم إبراهيم وموسى، لأنها حكاية لما في صحفهم، وأما هذه الأمة فلها ما سعت هي، وما سعى لها غيرها، لما صح من أن لكل نبي وصالح شفاعة. وهو انتفاع بعمل الغير، ومن تأمل النصوص وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى، فلا يجوز أن تؤول الآية على خلاف الكتاب والسنة واجتماع الأمة، وحينئذ فالظاهر أن الآية عامة، قد خصصت بأمور كثيرة ...

ثم قال الشيخ الجمل- رحمه الله-: وقال الشيخ تقى الدين أبو العباس أحمد بن تيمية:

من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله. فقد خرق الإجماع. وذلك باطل من وجوه كثيرة:

أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره. وهو انتفاع بعمل الغير.

ثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها.

ثالثها: أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر في الخروج من النار، وهذا انتفاع بسعي الغير.

رابعها: أن الملائكة يستغفرون ويدعون لمن في الأرض، وذلك منفعة بعمل الغير.

خامسها: أن الله- تعالى- يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط- أى من المؤمنين- بمحض رحمته، وهذا انتفاع بغير عملهم.

سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم، وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.

سابعها: قال الله- تعالى- في قصة الغلامين اليتيمين: وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فانتفعا بصلاح أبيهما، وليس من سعيهما.

ثامنها: أن الميت ينتفع بالصدقة عنه، وبالعتق، بنص السنة والإجماع، وهو من عمل الغير.

تاسعها: أن الحج المفروض يسقط عن الميت، بحج وليه بنص السنة، وهو انتفاع بعمل الغير.

عاشرها: أن الحج المنذور أو الصوم المنذور، يسقط عن الميت بعمل غيره، وهو انتفاع بعمل الغير.

حادي عشر: المدين قد امتنع صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة، وقضى دين الآخر على بن أبى طالب، وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو من عمل الغير.

ثانى عشر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن صلى وحده: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه» فقد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير.

ثالث عشر: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الغير، إذا قضاها عنه قاض، وذلك انتفاع بعمل الغير.

رابع عشر: أن من عليه تبعات ومظالم، إذا حلل منها سقطت عنه، وهذا انتفاع بعمل الغير.

خامس عشر: أن الجار الصالح ينفع في المحيا وفي الممات- كما جاء في الأثر- وهذا انتفاع بعمل الغير.

سادس عشر: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم، وهو لم يكن معهم، ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له، والأعمال بالنيات، فقد انتفع بعمل غيره.

سابع عشر: الصلاة على الميت، والدعاء له في الصلاة، انتفاع للميت بصلاة الحي عليه وهو عمل غيره.

ثامن عشر: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد، وكذا الجماعة بكثرة العدد وهو انتفاع للبعض بالبعض.

تاسع عشر: أن الله- تعالى- قال لنبيه: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وقال - تعالى-: وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ ... فقد رفع الله- تعالى- العذاب عن بعض الناس بسبب بعض، وذلك انتفاع بعمل الغير.

تمام العشرين: أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يمونه الرجل، فإنه ينتفع بذلك من يخرج عنه، ولا سعى له فيها.

ثم قال- رحمه الله-: ومن تأمل العلم وجد انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى، فكيف يجوز أن تتأول الآية الكريمة، على خلاف صريح الكتاب والسنة، وإجماع الأمة ....

والخلاصة أن الآية الكريمة قد تكون من قبيل العام الذي قد خص بأمور كثيرة. كما سبق أن أشرنا، وقد تكون مخصوصة بقوم إبراهيم وموسى- عليهما السلام-، لأنها حكاية عما في صحفهما، أما الأمة الإسلامية فلها سعيها، ولها ما سعى لها به غيرها، وهذا من فضل الله ورحمته بهذه الأمة.

وقد قال بعض الصالحين في معنى هذه الآية: ليس للإنسان إلا ما سعى عدلا، ولله- تعالى- أن يجزيه بالحسنة ألفا فضلا.

ولهذه المسألة تفاصيل أخرى في كتب الفقه، فليرجع إليها من شاء.

وهكذا قال هاهنا : ( ثم يجزاه الجزاء الأوفى ) أي : الأوفر .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)

قوله جل ثناؤه ( وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ) يقول تعالى ذكره: وأن عمل كلّ عامل سوف يراه يوم القيامة, من ورد القيامة بالجزاء الذي يُجازى عليه, خيرا كان أو شرّا, لا يؤاخذ بعقوبة ذنب غير عامله, ولا يثاب على صالح عمله عامل غيره. وإنما عُنِي بذلك: الذي رجع عن إسلامه بضمان صاحبه له أن يتحمل عنه العذاب, أن ضمانه ذلك لا ينفعه, ولا يُغْنِي عنه يوم القيامة شيئا, لأن كلّ عامل فبعمله مأخوذ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[41] ﴿ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ﴾ (ثم) للتراخي؛ لأن حصول الجزاء أهم من إظهاره، والأوفي: يفيد تمام وكمال الجزاء على الفعل الحسن أو السيئ دون زيادة أو نقصان.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ يُجْزاهُ:
  • حرف عطف. يجزاه: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى: ثم يجزى العبد سعيه. ويجوز ان يكون الضمير للجزاء ثم فسره بقوله الْجَزاءَ الْأَوْفى» او ابدله عنه.
  • ﴿ الْجَزاءَ الْأَوْفى:
  • مصدر-مفعول مطلق-منصوب وعلامة نصبه الفتحة.الأوفى: صفة-نعت-للجزاء منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الالف للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     ولَمَّا كان حُصُولُ الجَزاءِ أهَمَّ مِن إظْهارِهِ؛ قال تعالى:
﴿ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى

التفسير :

[42] وأنَّ إلى ربك -أيها الرسول- انتهاء جميع خلقه يوم القيامة.

{ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} أي:إليه تنتهي الأمور، وإليه تصير الأشياء والخلائق بالبعث والنشور، وإلى الله المنتهى في كل حال، فإليه ينتهي العلم والحكم، والرحمة وسائر الكمالات.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك جانبا من مظاهر قدرته ورحمته، فقال- تعالى-: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى. أى: وأن إلى ربك وحده- لا إلى غيره- انتهاء الخلق ومرجعهم ومصيرهم فيجازى الذين أساءوا بما عملوا، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.

فقوله: الْمُنْتَهى: مصدر بمعنى الانتهاء، والمراد بذلك مرجعهم إليه- تعالى- وحده،

يقول تعالى [ مخبرا ] ( وأن إلى ربك المنتهى ) أي : المعاد يوم القيامة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا مسلم بن خالد ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون الأودي قال : قام فينا معاذ بن جبل فقال : يا بني أود ، إني رسول الله إليكم ، تعلمون أن المعاد إلى الله ، إلى الجنة أو إلى النار .

وذكر البغوي من رواية أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( وأن إلى ربك المنتهى ) ، قال : لا فكرة في الرب .

قال البغوي : وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعا : " تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق ، فإنه لا تحيط به الفكرة " .

كذا أورده ، وليس بمحفوظ بهذا اللفظ ، وإنما الذي في الصحيح : " يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغ أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته " .

وفي الحديث الآخر الذي في السنن : " تفكروا في مخلوقات الله ، ولا تفكروا في ذات الله ، فإن الله خلق ملكا ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة ثلاثمائة سنة " أو كما قال .

وقوله ( ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى ) يقول تعالى ذكره: ثم يُثاب بسعيه ذلك الثواب الأوفى. وإنما قال جل ثناؤه ( الأوْفَى ) لأنه أوفى ما وعد خلقه عليه من الجزاء, والهاء في قوله ( ثُمَّ يُجْزَاهُ ) من ذكر السعي, وعليه عادت.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ قال ابن القيم: «وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها، فانتهت إلى خلقه ومشيئته، وحكمته وعلمه، فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب، وكل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل، وكل قلب لا يصل إليه، فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه».
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ أوصل أمرك لله، فإذا وصل لله انتهى.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ الموت ليس نهاية كل شيء، بل بداية لرحلة منتهاها إلى الله.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ كل الخلائق ستنتهي إليه سبحانه، ومن تقرع قلبه هذه الآية سيحسب ألف حساب للوقوف بين يدي الله وانتهاء أمره إليه.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ قيل: منه ابتداء المنَّة، وإليه منتهـى الأمان.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ لا عزة إلا بالتذلل لله، ولا رفعة إلا بالخضوع لجبروته، ولا غنى إلا بالافتقار إليه، ولا مفر منه إلا إليه.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ كل عمل لا يراد لأجله فهو ضائع وباطل، وكل قلب لا يصل إليه فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ أي إليه تنتهي الأمور، وإلى الله المنتهى في كل حال، فإليه ينتهي العلم والحكم، والرحمة وسائر الكمالات.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ الموت بداية رحلة مُنتهاها إلى الله، هناك تستقر القلوب.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ قيل: منه ٱبتداء المِنَّة، وإليه انتهاء الأمان.
اسقاط
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ إذا كان مصير الخلق جميعًا ومنتهاهم إلي الله وحده؛ أفلا تجعله سبحانه منتهاك في جميع أمرك؟!
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ من كان الله سبحانه انتهاء محبته ورغبته ورهبته؛ ظفر أبدًا بنعمه وأنسه ومعيته.
وقفة
[42] ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ لا يقبل عمل حتي يكون منتهاه إلي الله تعالي؛ أي خالصًا لوجهه الكريم, ولا خير فيما سوي ذلك.
عمل
[42] كل القضايا والأحداث، كل همومك وأزماتك مهما تنقلت في أيدي المخلوقين؛ فهي صائرة إلى ربك لا تهتم ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾.
وقفة
[42] قوله سبحانه: ﴿وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ متضمن لكنز عظيم، وهو أن كل مراد إن لم يُرَد لأجل الله، ويتصل به، وإلا فهو مضمحل، منقطع، فإنه ليس إليه المنتهى، وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها، فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب.
وقفة
[39-42] ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ * وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ﴾ هذا أنت ماضيك، وحاضرك، ومستقبلك.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ:
  • الواو عاطفة. أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الى ربك: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» المقدم والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْمُنْتَهى:
  • اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الالف للتعذر.والمنتهى: مصدر بمعنى الانتهاء اي ينتهي اليه الخلق ويرجعون.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     وبعد ذِكرِ الجزاء على الأعمال؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن إليه وحده -لا إلى غيره- انتهاء الخلق ومرجعهم ومصيرهم، فيجازي الذين أساءوا بما عملوا، ويجازي الذين أحسنوا بالحسنى، قال تعالى:
﴿ وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأن:
1- بفتح الهمزة، عطفا على ما قبلها، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.

مدارسة الآية : [43] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى

التفسير :

[43] وأنه سبحانه وتعالى أضحك مَن شاء في الدنيا بأن سرَّه، وأبكى من شاء بأن غَمَّه.

{ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} أي:هو الذي أوجد أسباب الضحك والبكاء، وهو الخير والشر، والفرح والسرور والهم [والحزن]، وهو سبحانه له الحكمة البالغة في ذلك،

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى أى: وأنه- سبحانه- هو الذي أوجد في هذا الكون ما يؤدى إلى ضحك الإنسان وسروره تارة، وما يؤدى إلى حزنه وبكائه تارة أخرى. فبسبب ما يحيط بالإنسان من مؤثرات ومن مشاعر مختلفة: تارة يضحك وتارة يبكى.

وما أكثر هذه المؤثرات والأحوال والاعتبارات والدوافع.. في حياة الإنسان.

فالآية الكريمة انتقال من وجوب الاعتبار بأحوال الآخرة إلى وجوب الاعتبار بأحوال الإنسان، وبما يحيط به من مؤثرات تارة تضحكه وتارة تبكيه.

وأسند- سبحانه- الفعلين إليه لأنه هو خالقهما، وهو الموجد لأسبابهما.

وحذف- سبحانه- المفعول به لهما، لأنهما هما المقصودان بالذات، لدلالتهما على كمال قدرته- تعالى- أى: وأنه وحده- عز وجل- هو الذي أوجد في الإنسان الضحك والبكاء، فالفعلان منزلان منزلة الفعل اللازم.

وقدم- سبحانه- الضحك على البكاء، للإشعار بمزيد فضله ومنته على عباده.

أي خلق في عباده الضحك والبكاء وسببهما وهما مختلفان.

وقوله ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ) يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: وأن إلى ربك يا محمد انتهاء جميع خلقه ومرجعهم, وهو المجازي جميعهم بأعمالهم, صالحهم وطالحهم, ومحسنهم ومسيئهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ من سنة الله: أنه ما امتلأ بيتٌ ضحكًا إلا ويوشك أن يمتلئ بكاءً، فمن ضحك فلا يبطر، ومن بكى فلا يضجر.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ ما ضحك ضاحك إلا بالله، وما بكى باكٍ إلا به، فلا تسأل يا صديقي كيف أبكي من خشية الله! ذاك أمر يعطيك الله على قدر ما في قلبك.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ هو الذى يضحكك، هو الذى يبكيك، يحصرها لك حصرًا، ويقررها لك تقريرًا، لعلك لا تتخذ إلى غيره سبيلًا.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ مَن سكَبَ في قلبك الحُزن والألم قادرٌ أن يسكُبَ فيه السعادة والرضا.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ أضحك وأبكى، ولم يقل: (أبكى وأضحك)، دائمًا رحمته تسبق غضبه، وعافيته أوسع لنا، فلنثق به.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ كل أوجاع الدنيا وظروفها لن تتمكن من حرمانك من ضحكة قدرها الله لك.
عمل
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ لا تحزن؛ فلن يخيّم الألم على القلب طويلًا.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ الذي خلقَ الدُّموعَ في عينيكَ قادرٌ على أن يخلقَ البسمةَ على شفتيك.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ الضحك والبكاء مسائل قسرية لا دخل لأحد من البشر فيها، هم فقط أسباب، والله هو مسبِّب الأسباب.
عمل
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ لا تحزن؛ فلن يخيّم الألم على القلب طويلًا.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ ضحكتك من دلائل وحدانيته، أضحك الله سنك.
وقفة
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ حياةُ الإنسَان ما بين الفرحِ والحزن، فمن أسكَب على قلبك الحزن، قادر بأن يسكُب على قلبك الفَرح والسَّعادةَ والرِّضاء.
عمل
[43] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ ربما تكون بين أحبابك وكل شيء بخير، لكنك تشعر بالضيق، وتشتهي لو تبكي بكاءً مريرًا، وربما تحيط بك الهموم وتعترضك الأحزان، لكن قلبك يعبق ثقة بالله وفرحًا بأن كل شيء سيكون بخير، السعادة والحزن من الله الذي يعلم ما في صدرك، ولِّه أمرك فهو حسبك.
وقفة
[43] البلاء نعمة كالضحك حين تتنفس الروح دمعًا ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾.
وقفة
[43، 44] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ﴾ ألمك وحُزنك الله يذهبُ به، ويُبدل دمعك بسمَات ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾، قلبك المتقلِّب عليك، الحيُّ يُحييه ويهديه.
وقفة
[43، 44] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ ذكر الله تعالى الضحك والبكاء مع الحياة والموت، والسبب أن الضحك والبكاء من إعجاز الله في خلقه كالحياة والموت، فلا يوجد عضو في الجسد هو عضو للضحك أو عضو للبكاء، كالعين للبصر والأذن للسماع، بل هما الضحك والبكاء مرتبطان بالشعور الذي خلقه الله تعالى في الإنسان، كالحياة والموت، لا يوجد عضو للحياة ولا عضو للموت، وكذلك فإن الضحك والبكاء صفتان يشترك فيهما جميع الناس، يضحكون مثل بعضهم، ويبكون مثل بعضهم، ليس هناك ضحك خاص بالعرب، أو ضحك خاص بالروم، وكذلك الأمر بالنسبة للموت.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنَّهُ:
  • الواو عاطفة. أن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسمها
  • ﴿ هُوَ أَضْحَكَ:
  • ضمير فصل-عماد-لا محل له من الاعراب. اضحك: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «أضحك» في محل رفع خبر «ان» ويجوز ان يكون «هو» في محل رفع مبتدأ.وجملة «اضحك» خبره. وجملة هُوَ أَضْحَكَ» في محل رفع خبر ان.
  • ﴿ وَأَبْكى:
  • معطوفة بالواو على «اضحك» وتعرب اعرابها وعلامة بناء «ابكى» الفتحة المقدرة على الالف للتعذر وحذف مفعولا الفعلين اختصارا. اي خلق فعلي الضحك والبكاء بمعنى: اضحك المؤمنين وابكى الكافرين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْراهِيمَ الواعِظُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَبْدِ اللَّهِ الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الفَضْلِ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، قالَ: حَدَّثَتْنا دَلالُ بِنْتُ أبِي المُدِلِّ، قالَتْ: حَدَّثَتْنا الصَّهْباءُ، عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِقَوْمٍ يَضْحَكُونَ، فَقالَ: ”لَوْ تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ولَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا“ . فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الآيَةِ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿وأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾ . فَرَجَعَ إلَيْهِمْ فَقالَ: ”ما خَطَوْتُ أرْبَعِينَ خُطْوَةً حَتّى أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ: ائْتِ هَؤُلاءِ وقُلْ لَهم: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: ﴿وأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾“ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [43] لما قبلها :     وبعد الاعتِبارِ بأحوالِ الآخِرةِ؛ تنتقل الآيات إلى الاعتِبارِ بأحوالِ الحياةِ الدُّنيا، وهي أدلة على قدرة الله ورحمته: ١- أنَّه أضحكَ من شاء، وأبكى من شاء، قال تعالى:
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأنه:
1- بفتح الهمزة، عطفا على ما قبلها، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.

مدارسة الآية : [44] :النجم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا

التفسير :

[44] وأنه سبحانه أمات مَن أراد موته مِن خلقه، وأحيا مَن أراد حياته منهم، فهو المتفرِّد سبحانه بالإحياء والإماتة.

{ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} أي:هو المنفرد بالإيجاد والإعدام، والذي أوجد الخلق وأمرهم ونهاهم، سيعيدهم بعد موتهم، ويجازيهم بتلك الأعمال التي عملوها في دار الدنيا.

وقوله: وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا أى: وأنه- تعالى- بقدرته وحدها، هو الذي أحيا من يريد إحياءه من مخلوقاته، وأمات من يريد إماتته منهم.

وهذا رد على أولئك الجاهلين الذين أنكروا ذلك، وقالوا- كما حكى القرآن عنهم- ... ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا، وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ.. .

( وأنه هو أمات وأحيا ) ، كقوله : ( الذي خلق الموت والحياة ) [ الملك : 2 ] ،

وقوله ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) يقول تعالى ذكره: وأن ربك هو أضحك أهل الجنة في الجنة بدخولهم إياها, وأبكى أهل النار في النار بدخولهموها, وأضحك من شاء من أهل الدنيا, وأبكى من أراد أن يبكيه منهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[44] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ الله وحده يملك أسباب الموت والحياة المادية والروحية، فالمادية معروفة، وأما الإيمانية فقد أمات الكافر بالكفر، وأحيا المؤمن بالإيمان.
وقفة
[44] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾ أماته في الدنيا، وأحياه في القبر للنعيم أو الجحيم، ثم أحياه مرة ثانية في الحشر للجنة أو النار.
لمسة
[43-45] ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ﴾ الآيتان الأول فيها (هُوَ) لأن بعضهم ينسبها لغير الله، والخلق لم يزعمه أحد فلم تؤكد بـ (هُوَ).

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا
  • تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة. أي أمات الأموات وأحيا الأجنة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [44] لما قبلها :     ٢- أنَّه أمات من شاء، وأحيا من شاء، قال تعالى :
﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأنه:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف