ترتيب المصحف | 53 | ترتيب النزول | 23 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 2.50 |
عدد الآيات | 62 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 1.10 |
ترتيب الطول | 58 | تبدأ في الجزء | 27 |
تنتهي في الجزء | 27 | عدد السجدات | 1 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
القسم: 4/17 | _ |
ترتيب المصحف | 54 | ترتيب النزول | 37 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 2.80 |
عدد الآيات | 55 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 1.20 |
ترتيب الطول | 56 | تبدأ في الجزء | 27 |
تنتهي في الجزء | 27 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
الجمل الخبرية: 10/21 | _ |
= جانبًا من آثارِ قدرتِه في الإحياءِ والإماتةِ وخلقِ الزَّوجينِ والبعثِ والإغناءِ وهلاكِ الأممِ الكافرةِ،
قريبًا إن شاء الله
ثُمَّ بيانُ اقترابِ القيامةِ، والتَّحذيرُ من تكذيبِ القرآنِ.
قريبًا إن شاء الله
اقترابُ القيامةِ، وأحدُ علاماتِها الصُّغرى انشقاقُ القمرِ حينَ طلبَ المشركونَ من النَّبي ﷺ معجزةً تدلُّ على صدقِه، فانشَقَّ القمرُ ومعَ ذلك كَذَّبُوه، فأمرَ اللهُ نبيَّه ﷺ أن يُعرِضَ عنهم، =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ} فسر الزوجينبقوله:{ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} وهذا اسم جنس شامل لجميع الحيوانات، ناطقها وبهيمها، فهو المنفرد بخلقها.
وقوله- سبحانه- وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى،
( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ) ، كقوله : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) [ القيامة : 36 - 40 ] . .
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)
يقول تعالى ذكره: وأنه هو أمات من مات من خلقه, وهو أحيا من حَيا منهم. وعنى بقوله ( أَحْيَا ) نفخ الروح في النطفة الميتة, فجعلها حية بتصييره الروح فيها.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النجم: 45 | ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ ﴾ |
---|
القيامة: 39 | ﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ ﴾ |
---|
الليل: 3 | ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وأنه:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.
التفسير :
{ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} وهذا من أعظم الأدلة على كمال قدرته وانفراده بالعزة العظيمة، حيث أوجد تلك الحيوانات، صغيرها وكبيرها من نطفة ضعيفةمن ماء مهين، ثم نماها وكملها، حتى بلغت ما بلغت، ثم صار الآدمي منها إما إلى أرفع المقامات في أعلى عليين، وإما إلى أدنى الحالات في أسفل سافلين.
مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى.
وأصل النطفة: الماء الصافي، أو القليل من الماء الذي يبقى في الدلو أو القربة، وجمعها نطف ونطاف، يقال: نطفت القربة، إذا تقاطر ماؤها بقلة.
وقوله: تُمْنى أى: تتدفق في رحم المرأة، يقال: أمنى الرجل ومنى إذا خرج منه المنىّ.
أى: وأنه- تعالى- وحده، هو الذي خلق الزوجين الكائنين من الذكر والأنثى، من نطفة تتدفق من الرجل إلى رحم الأنثى، فتلتقى ببويضة الأنثى، فيكون منهما الإنسان- بإذن الله-.
كما قال- تعالى-: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى. ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى. أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى.
( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ) ، كقوله : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) [ القيامة : 36 - 40 ] . .
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى (45)
وقوله (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) يقول تعالى ذكره: وأنه ابتدع إنشاء الزوجين الذكر والأنثى, وجعلهما زوجين, لأن الذكر زوج الأنثى, والأنثى له زوج فهما زوجان, يكون كلّ واحد منهما زوجا للآخر.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
استدل بالبداءة على الإعادة، فقال:{ وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} فيعيد العباد من الأجداث، ويجمعهم ليوم الميقات، ويجازيهم على الحسنات والسيئات.
وقوله- سبحانه-: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى أى: وأن عليه وحده- سبحانه- الإحياء بعد الإماتة، والإعادة إلى الحياة مرة أخرى يوم البعث والنشور.
والنشأة هي المرة من الإنشاء، أى: الإيجاد والتكوين والخلق، والأخرى: مؤنث الأخير، والمراد أنه- سبحانه- يوجد النشأة التي لا نشأة بعدها.
وقوله : ( وأن عليه النشأة الأخرى ) أي : كما خلق البداءة هو قادر على الإعادة ، وهي النشأة الآخرة يوم القيامة .
وقوله ( مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ) و " من " من صلة خلق. يقول تعالى ذكره: خلق ذلك من نطفة إذا أمناه الرجل والمرأة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وأن:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.
التفسير :
{ وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} أي:أغنى العباد بتيسير أمر معاشهم من التجارات وأنواع المكاسب، من الحرف وغيرها، وأقنى أي:أفاد عباده من الأموال بجميع أنواعها، ما يصيرون به مقتنين لها، ومالكين لكثير من الأعيان، وهذا من نعمه على عباده أن جميع النعم منه تعالىوهذا يوجب للعباد أن يشكروه، ويعبدوه وحده لا شريك له
وقوله: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى أى: وأنه- سبحانه- هو الذي أغنى الناس بالأموال الكثيرة المؤثلة، التي يقتنيها الناس ويحتفظون بها لأنفسهم ولمن بعدهم.
فقوله: أَقْنى من القنية بمعنى الادخار للشيء، والمحافظة عليه.
قال الآلوسى: قوله: وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى أى: وأعطى القنية وهو ما يبقى ويدوم من الأموال، ببقاء نفسه، كالرياض والحيوان والبناء.
وأفرد- سبحانه- ذلك بالذكر مع دخوله في أَغْنى لأن القنية أنفس الأموال وأشرفها..
وإنما لم يذكر المفعول، لأن القصد إلى الفعل نفسه...
( وأنه هو أغنى وأقنى ) أي : ملك عباده المال ، وجعله لهم قنية مقيما عندهم ، لا يحتاجون إلى بيعه ، فهذا تمام النعمة عليهم . وعلى هذا يدور كلام كثير من المفسرين ، منهم أبو صالح ، وابن جرير ، وغيرهما . وعن مجاهد : ( أغنى ) : مول ، ( وأقنى ) : أخدم . وكذا قال قتادة .
وقال ابن عباس ومجاهد أيضا : ( أغنى ) : أعطى ، ( وأقنى ) : رضى .
وقيل : معناه : أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه ، قاله الحضرمي بن لاحق .
وقيل : ( أغنى ) من شاء من خلقه و ) وأقنى ) : أفقر من شاء منهم ، قاله ابن زيد . حكاهما ابن جرير وهما بعيدان من حيث اللفظ .
وقوله ( وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأخْرَى ) يقول تعالى ذكره: وأن على ربك يا محمد أن يخلق هذين الزوجين بعد مماتهم, وبلاهم في قبورهم الخلق الآخر, وذلك إعادتهم أحياء خلقًا جديدا, كما كانوا قبل مماتهم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وأنه:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.
التفسير :
{ وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} وهي النجم المعروف بالشعرى العبور، المسماة بالمرزم، وخصها الله بالذكر، وإن كان رب كل شيء، لأن هذا النجم مما عبد في الجاهلية، فأخبر تعالى أن جنس ما يعبده المشركون مربوب مدبر مخلوق،
فكيف تتخذ إلها مع الله
وقوله: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى أى: وأنه- سبحانه- هو رب ذلك الكوكب المضيء، الذي يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر، ويسمى الشعرى اليمانية.
وخص هذا النجم بالذكر، مع أنه- تعالى- هو رب كل شيء لأن بعض العرب كانوا يعبدون هذا الكوكب، فأخبرهم- سبحانه- بأن هذا الكوكب مربوب له- تعالى- وليس ربا كما يزعمون.
قال القرطبي: واختلف فيمن كان يعبده: فقال السدى: كانت تعبده حمير وخزاعة.
وقال غيره: أول من عبده رجل يقال له أبو كبشة، أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أمهاته، ولذلك كان مشركو قريش يسمون النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبى كبشة. حين دعاهم إلى ما يخالف دينهم...
وقوله : ( وأنه هو رب الشعرى ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم : هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له : " مرزم الجوزاء " كانت طائفة من العرب يعبدونه .
القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48)
يقول تعالى ذكره: وأن ربك هو أغنى من أغنى من خلقه بالمال وأقناه, فجعل له قنية أصول أموال.
واختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم بالذي قلنا في ذلك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمارة الأسديّ, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, عن السديّ, عن أبي صالح, قوله: ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أغنى المال وأقنى القنية.
وقال آخرون: عُنِي بقوله: ( أَغْنَى ) : أخدم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد, في قوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أغنى: مَوَّل, وأقنى: أخدم.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن الحسن, قوله: ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أخدم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أغنى وأخدم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أعطى وأرضى وأخدم.
وقال آخرون: بل عُني بذلك أنه أغنى من المال واقنى: رضي.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثنى أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: فإنه أغنى وأرضى.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أغنى موّل, وأقنى: رضّى.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: : ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَغْنَى ) قَال: موّل ( وَأَقْنَى ) قَال: رضي.
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) يقول: أعطاه وأرضاه.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد, مثل حديث ابن بشار, عن عبد الرحمن, عن سفيان.
وقال آخرون: بل عُنِي بذلك أنه أغنى نفسه, وأفقر خلقه إليه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: زعم حضرميّ أنه ذكر له أنه أغنى نفسه, وأفقر الخلائق إليه.
وقال آخرون: بل عُنِي بذلك أنه أغنى من شاء من خلقه, وأفقر من شاء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ) قال: أغنى فأكثر, وأقنى أقلّ, وقرأ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وأنه:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.
التفسير :
{ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} وهم قوم هود عليه السلام، حين كذبوا هودا، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية
وبعد هذه الجولة في الأنفس والآفاق، ساقت السورة جانبا من مصارع الغابرين، فقال- تعالى-: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى. وَثَمُودَ فَما أَبْقى. وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى. وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى. أى: وأنه- تعالى- هو الذي أهلك بقدرته قبيلة عاد الأولى، وهم قوم هود- عليه السلام-.
وسميت قبيلة عاد بالأولى، لتقدمها في الزمان على قبيلة عاد الثانية، التي هي قوم صالح- عليه السلام-، وتسمى- أيضا- بثمود.
( وأنه أهلك عادا الأولى ) وهم : قوم هود . ويقال لهم : عاد بن إرم بن سام بن نوح ، كما قال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ) [ الفجر : 6 - 8 ] ، فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله وعلى رسوله ، فأهلكهم الله ( بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) [ الحاقة : 6 ، 7 ] .
وقوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ) يقول تعالى ذكره: وأن ربك يا محمد هو ربّ الشِّعْرَي, يعني بالشعرى: النجم الذي يسمى هذا الأسم, وهو نجم كان بعض أهل الجاهلية يعبده من دون الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ) قال: هو الكوكب الذي يدعى الشعرى.
حدثني عليّ بن سهل, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن خصيف, عن مجاهد, في قوله: ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ) قال: الكوكب الذي خَلْف الجوزاء, كانوا يعبدونه.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد: ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ) قال: كان يُعبد في الجاهلية.
حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( رَبُّ الشِّعْرَى ) قال: مرزم الجوزاء.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ) كان حيّ من العرب يعبدون الشِّعْرَى هذا النجم الذي رأيتم, قال بشر, قال: يريد النجم الذي يتبع الجوزاء.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( رَبُّ الشِّعْرَى ) قال: كان ناس في الجاهلية يعبدون هذا النجم الذي الذي يُقال له الشِّعْرَى.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ) كانت تُعبد في الجاهلية, فقال: تعبدون هذه وتتركون ربها؟ اعبدوا ربها. قال: والشِّعْرَى: النجم الوقاد الذي يتبع الجوزاء, يقال له المرزم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وأنه:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى السمال.
عادا الأولى:
1- عاداه بتنوينه وكسره، لالتقائه ساكنا مع سكون لام «الأولى» ، وتحقيق الهمزة بعد اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على القراءة السابقة، ولكن مع نقل حركة الهمزة إلى اللام، وحذف الهمزة، هى قراءة قوم.
3- بإدغام التنوين فى اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة، وهى قراءة نافع، وأبى عمرو.
التفسير :
{ وَثَمُودَ} قوم صالح عليه السلام، أرسله الله إلى ثمود فكذبوه، فبعث الله إليهمالناقة آية، فعقروها وكذبوه، فأهلكهم الله تعالى،{ فَمَا أَبْقَى} منهم أحدا، بل أهلكهم الله عن آخرهم
وقوله: وَثَمُودَ معطوف على عاد. أى: وأنه أهلك- أيضا- قبيلة ثمود، دون أن يبقى منهم أحدا.
وهلاك هاتين القبيلتين قد جاء في آيات كثيرة منها قوله- تعالى-: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ. وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ.
وقوله : ( وثمود فما أبقى ) ، أي : دمرهم فلم يبق منهم أحدا
وقوله: ( وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأولَى ) يعني تعالى ذكره بعاد الأولى: عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح, وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية, وإياهم عنى بقوله أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة وبعض قرّاء البصرة " عادًا لُولى " بترك الهمز وجزم النون حتى صارت اللام في الأولى, كأنها لام مثقلة, والعرب تفعل ذلك في مثل هذا, حُكي عنها سماعا منهم: " قم لان عنا ", يريد: قم الآن, جزموا الميم لما حرّكت اللام التي مع الألف في الآن, وكذلك تقول: صم اثنين, يريدون: صُم الاثنين. وأما عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين, فإنهم قرأوا ذلك بإظهار النون وكسرها, وهمز الأولى على اختلاف في ذلك عن الأعمش, فروى أصحابه عنه غير القاسم بن معن موافقة أهل بلده في ذلك. وأما القاسم بن معن فحكى عنه عن الأعمش أنه وافق في قراءته ذلك قراء المدنيين.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما ذكرنا من قراءة الكوفيين, لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب, وأن قراءة من كان من أهل السليقة فعلى البيان والتفخيم, وأن الإدغام في مثل هذا الحرف وترك البيان إنما يوسع فيه لمن كان ذلك سجيته وطبعه من أهل البوادي. فأما المولدون فإن حكمهم أن يتحرّوا أفصح القراءات وأعذبها وأثبتها, وإن كانت الأخرى جائزة غير مردودة.
وإنما قيل لعاد بن إرم: عاد الأولى, لأن بني لُقَيم بن هزَّال بن هزل بن عَبِيل بن ضِدّ بن عاد الأكبر, كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكانا بمكة مع إخوانهم من العمالقة, ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح, ولم يكونوا مع قومهم من عاد بأرضهم, فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم, وهم عاد الآخرة, ثم هلكوا بعد.
وكان هلاك عاد الآخرة ببغي بعضهم على بعض, فتفانوا بالقتل فيما حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا سلمة عن ابن إسحاق, فيما ذكرنا قيل لعاد الأكبر الذي أهلك الله ذرّيته بالريح: عاد الأولى, لأنها أُهلكت قبل عاد الآخرة. وكان ابن زيد يقول: إنما قيل لعاد الأولى لأنها أوّل الأمم هلاكا.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال قال ابن زيد, في قوله: ( أَهْلَكَ عَادًا الأولَى ) قال: يقال: هي من أوّل الأمم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} من هؤلاء الأمم، فأهلكهم الله وأغرقهم في اليم
وقوله: وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ... أى: وأهلك- أيضا- قوم نوح من قبل إهلاكه لعاد وثمود..
إِنَّهُمْ كانُوا أى: قوم نوح هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى أى: هم كانوا أشد في الظلم والطغيان من عاد وثمود، فقد آذوا نوحا- عليه السلام- أذى شديدا، استمر صابرا عليه زمنا طويلا. وكان هلاكهم بالطوفان، كما قال- تعالى-: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ.
وقدم قبيلتي عاد وثمود في الذكر على قوم نوح- مع أن قوم نوح أسبق- لأن هاتين القبيلتين كانتا مشهورتين عند العرب أكثر، وديارهم معروفة لهم.
"وقوم نوح من قبل" أي من قبل هؤلاء "إنهم كانوا هم أظلم وأطغى" أي أشد تمردا من الذين من بعدهم.
وقوله: ( وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ) يقول تعالى ذكره: ولم يبق الله ثمود فيتركها على طغيانها وتمردها على ربها مقيمة, ولكنه عاقبها بكفرها وعتوّها فأهلكها.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرَّاء البصرة وبعض الكوفيين ( وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ) بالإجراء إتباعا للمصحف, إذ كانت الألف مثبتة فيه, وقرأه بعض عامة الكوفيين بترك الإجراء. وذُكر أنه في مصحف عبد الله بغير ألف.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لصحتهما في الإعراب والمعنى. وقد بيَّنا قصة ثمود وسبب هلاكها فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الذاريات: 46 | ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ |
---|
النجم: 52 | ﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَالْمُؤْتَفِكَةَ} وهم قوم لوط عليه السلام{ أَهْوَى} أي:أصابهم الله بعذاب ما عذب به أحدا من العالمين، قلب أسفل ديارهم أعلاها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل.
والمراد بالمؤتفكات قوم لوط- عليه السلام-، وسموا بذلك لأن قريتهم ائتفكت بأهلها، أى: انقلبت رأسا على عقب. يقال: أفكه عن كذا يأفكه إذا قلبه وصرفه. ومنه الإفك، لأنه قلب للحق عن وجهه الصحيح.
أى: وأهلك- سبحانه- القرى المؤتفكة بأهلها، بأن أهوى بها جبريل- عليه السلام- إلى الأرض بعد أن رفعها إلى السماء
يعني مدائن قوم لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود.
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52)
يقول تعالى ذكره: وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود, إنهم كانوا هم أشدّ ظلما لأنفسهم, وأعظم كفرا بربهم, وأشدّ طغيانا وتمرّدا على الله من الذين أهلكهم من بعد من الأمم, وكان طغيانهم الذي وصفهم الله به, وأنهم كانوا بذلك أكثر طغيانا من غيرهم من الأمم.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ) لم يكن قبيل من الناس هم أظلم وأطغى من قوم نوح, دعاهم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم نوح ألف سنة إلا خمسين عاما, كلما هلك قرن ونشأ قرن دعاهم نبيّ الله حتى ذكر لنا أن الرجل كان يأخذ بيد ابنه فيمشي به, فيقول: يا بنيّ إن أبي قد مشى بي إلى هذا, وأنا مثلك يومئذ تتابُعا في الضلالة, وتكذيبا بأمر الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ) قال: دعاهم نبيّ الله ألف سنة إلا خمسين عاما.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
والمؤتفكة:
وقرئ:
والمؤتفكات، جمعا، وهى قراءة الحسن.
التفسير :
{ فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} أي:غشيها من العذاب الأليم الوخيم ما غشى أي:شيء عظيم لا يمكن وصفه.
فَغَشَّاها ما غَشَّى أى: فأصابها ما أصابها من العذاب المهين، والدمار الشامل، كما قال- تعالى-: جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ، وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ .
ويجوز أن يكون الضمير في فَغَشَّاها يعود إلى جميع الأمم المذكورة، وأبهم- سبحانه- ما غشيهم من عذاب، للتهويل والتعميم.
( فغشاها ما غشى ) يعني : من الحجارة التي أرسلها عليهم ( وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ) [ الشعراء : 173 ] .
قال قتادة : كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان ، فانضرم عليهم الوادي شيئا من نار ونفط وقطران كفم الأتون . رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن محمد بن وهب بن عطية ، عن الوليد بن مسلم ، عن خليد ، عنه به . وهو غريب جدا .
وقوله: ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) يقول تعالى: والمخسوف بها, المقلوب أعلاها أسفلها, وهي قرية سَذُوم قوم لوط, أهوى الله, فأمر جبريل صلى الله عليه وسلم , فرفعها من الأرض السابعة بجناحه, ثم أهواها مقلوبة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) قال: أهواها جبريل, قال: رفعها إلى السماء ثم أهواها.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن إسماعيل, عن أبي عيسى يحيى بن رافع: ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) قال: قرية لوط حين أهوى بها.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) قال: قرية لوط.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) قال: هم قوم لوط.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) قال: قرية لوط أهواها من السماء, ثم أتبعها ذاك الصخر, اقتُلعت من الأرض, ثم هوى بها في السماء ثم قُلبت.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ) قال: المكذّبين أهلكهم الله.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} أي:فبأي:نعم الله وفضله تشك أيها الإنسان؟ فإن نعم الله ظاهرة لا تقبل الشك بوجه من الوجوه، فما بالعباد من نعمة إلا منه تعالى، ولا يدفع النقم إلا هو.
وقوله- سبحانه- فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى تذكير بنعم الله- تعالى- بعد التحذير من نقمة. أى: فبأى نعمة من نعم الله- تعالى- تتشكك أيها الإنسان.
والآلاء: جمع إلى، وأى: اسم استفهام المقصود به التذكير بهذه النعم.
وسمى- سبحانه- ما مر في آيات السورة نعما، مع أن فيها النعم والنقم، لأن في النقم عظات للمتعظين، وعبرا للمعتبرين، فهي نعم بهذا الاعتبار.
( فبأي آلاء ربك تتمارى ) أي : ففي أي نعم الله عليك أيها الإنسان تمتري ؟ قاله قتادة .
وقال ابن جريج : ( فبأي آلاء ربك تتمارى ) يا محمد . والأول أولى ، وهو اختيار ابن جرير .
وقوله: ( فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ) يقول تعالى ذكره: فغشّى الله المؤتفكة من الحجارة المنضودة المسومة ما غشاها, فأمطرها إياه من سجيل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ) غشاها صخرا منضودا.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ) قال: الحجارة.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ) قال: الحجارة التي رماهم بها من السماء.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تتمارى:
وقرئ:
بتاء واحدة مشددة، وهى قراءة يعقوب، وابن محيصن.
التفسير :
{ هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} أي:هذا الرسول القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله، ليس ببدع من الرسل، بل قد تقدمه من الرسل السابقين، ودعوا إلى ما دعا إليه، فلأي شيء تنكر رسالته؟ وبأي حجة تبطل دعوته؟
أليست أخلاقه [أعلا] أخلاق الرسل الكرام، أليست دعوته إلى كل خير والنهي عن كل شر؟ألم يأت بالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد؟ ألم يهلك الله من كذب من قبله من الرسل الكرام؟ فما الذي يمنع العذاب عن المكذبين لمحمد سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين؟
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بهذا الإنذار الشديد، فقال- تعالى-: هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى والنذير بمعنى المنذر، وهو من يخبر غيره بخبر فيه مضرة به، لكي يحذره. أى: هذا الرسول الكريم، وما جاء به من قرآن حكيم، نذير لكم- أيها الناس- من جنس الإنذارات الأولى. التي أتى بها الأنبياء السابقون لأممهم فاحذروا مخالفة رسولنا صلى الله عليه وسلم لأن مخالفته تؤدى إلى هلاككم وخسرانكم.
فقوله- تعالى-: مِنَ النُّذُرِ على حذف مضاف. أى: من جنس النذر التي سبقت..
( هذا نذير ) يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - ( من النذر الأولى ) أي : من جنسهم ، أرسل كما أرسلوا ، كما قال تعالى : ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) [ الأحقاف : 9 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)
يقول: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعمات ربك يا ابن آدم التي أنعمها عليك ترتاب وتشكّ وتجادل, والآلاء: جمع إلًى. وفي واحدها لغات ثلاثة: إليٌّ على مثال عِليٌّ, وإليَّ على مثال عَليْ, وألَى على مثال علا (1) .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ) يقول: فبأيّ نِعم الله تتمارى يا ابن آدم.
وحدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ) قال: بأيّ نِعم ربك تتمارَى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} أي:قربت القيامة، ودنا وقتها، وبانت علاماتها.
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أى: قربت الساعة، ودنت القيامة، يقال: أزف السفر- كفرح- أزفا، إذا دنا وقرب، وأل في الآزفة للعهد، وهي علم بالغلبة على الساعة.
أي اقتربت القريبة وهي القيامة.
وقوله: ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) ووصفه إياه بأنه من النذر الأولى وهو آخرهم, فقال بعضهم: معنى ذلك: أنه نذير لقومه, وكانت النذر الذين قبله نُذرا لقومهم, كما يقال: هذا واحد من بني آدم, وواحد من الناس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) قال: أنذر محمد صلى الله عليه وسلم كما أنذرت الرسل من قبله.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى) إنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بما بعث الرسل قبله.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن شريك, عن جابر, عن أبي جعفر ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون: معنى ذلك غير هذا كله, وقالوا: معناه هذا الذي أنذرتكم به أيها القوم من الوقائع التي ذكرت لكم أني أوقعتها بالأمم قبلكم من النذر التي أنذرتها الأمم قبلكم في صحف إبراهيم وموسى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حُميد. قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن إسماعيل, عن &; 22-557 &; أبي مالك ( هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى ) قال: مما أنذروا به قومهم في صحف إبراهيم وموسى.
وهذا الذي ذكرت، عن أبي مالك أشبه بتأويل الآية, وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر ذلك في سياق الآيات التي أخبر عنها أنها في صحف إبراهيم وموسى نذير من النُّذر الأولى التي جاءت الأمم قبلكم كما جاءتكم، فقوله ( هَذَا ) بأن تكون إشارة إلى ما تقدمها من الكلام أولى وأشبه منه بغير ذلك.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} أي:إذا أتت القيامة وجاءهم العذاب الموعود به.
لَيْسَ لَها أى: الساعة مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ أى: ليس لها أحد سوى الله- تعالى- يستطيع الإخبار عنها، والكشف عن علاماتها، والعلم بوقتها وبوقوعها.
أي لا يدفعها إذا من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه والنذير الحذر لما يعاين من الشر الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال "إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" وفي الحديث "أنا النذير العريان" أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئا بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عريانا مسرعا وهو مناسب لقوله "أزفت الآزفة" أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها "اقتربت الساعة" وقال الإمام أحمد حدثنا أنس بن عياض حدثني أبو حاتم لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكة" وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال "مثلي ومثل الساعة كهاتين" وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال "مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان" ثم قال "مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم" ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا ذلك" وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان.
وقوله ( أَزِفَتِ الآزِفَةُ ) يقول : ذنت الدانية: وإنما يعني: دنت القيامة القريبة منكم أيها الناس يقال منه: أزف رَحِيل فلان. إذا دنا وقَرُب, كما قال نابغة بنى ذُبيان:
أَزِفَ الترَحُّــلُ غَــيرَ أنَّ ركابنــا
لَمَّــا تَــزَلْ بِرَحالِنـا وكـأنْ قَـدٍ (2)
وكما قال كعب بن زُهَير:
بـانَ الشَّـبابُ وأمْسَـى الشَّيبُ قَدْ أزِفا
وَلا أرَى لشَــبابٍ ذَاهِــبٍ خَلَفَــا (3)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( أَزِفَتِ الآزِفَةُ ) من أسماء يوم القيامة, عظَّمه الله, وحذره عباده.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قالا ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( أَزِفَتِ الآزِفَةُ ) قال: اقتربت الساعة.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَزِفَتِ الآزِفَةُ ) قال: الساعة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم توعد المنكرين لرسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، المكذبين لما جاء به من القرآن الكريم، فقال:{ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} ؟ أي:أفمن هذا الحديث الذي هو خير الكلام وأفضله وأشرفه تتعجبون منه، وتجعلونه من الأمور المخالفة للعادة الخارقة للأمور [والحقائق] المعروفة؟ هذا من جهلهم وضلالهم وعنادهم، وإلا فهو الحديث الذي إذا حدث صدق، وإذا قال قولا فهو القول الفصل الذي ليس بالهزل، وهو القرآنالعظيم، الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، الذي يزيد ذوي الأحلام رأيا وعقلا، وتسديدا وثباتا، وإيمانا ويقينا والذيينبغي العجب من عقل من تعجب منه، وسفهه وضلاله.
والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ للإنكار والتوبيخ.
أى: أفمن هذا القرآن وما اشتمل عليه من هدايات وتشريعات.. تتعجبون، وتنكرون كونه من عند الله- تعالى-.
قال تعالى منكرا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم "تعجبون" من أن يكون صحيحا.
( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ).
وقوله: ( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) يقول تعالى ذكره: ليس للآزفة التي قد أزفت, وهي الساعة التي قد دنت من دون الله كاشف, يقول: ليس تنكشف فتقوم إلا بإقامة الله إياها, وكشفها دون من سواه من خلقه, لأنه لم يطلع عليها مَلَكا مقرّبا, ولا نبيا مرسلا. وقيل: كاشفة, فأنثت, وهي بمعنى الانكشاف; كما قيل: فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ بمعنى: فهل ترى لهم من بقاء; وكما قيل: العاقبة وماله من ناهية, وكما قيل لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ بمعنى تكذيب, وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ بمعنى خيانة.
القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)
يقول تعالى ذكره لمشركي قريش: أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون, أنْ نـزلَ على محمد صلى الله عليه وسلم , وتضحكون منه استهزاءً به, ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله, وأنتم من أهل معاصيه ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) يقول: وأنتم لاهون عما فيه من العِبر والذكر, معرضون عن آياته; يقال للرجل: دع عنا سُمودَك, يراد به: دع عنا لهوك, يقال منه: سَمَدَ فلان يَسْمُد سُمُودا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه, فقال بعضهم: غافلون. وقال بعضهم: مغنون. وقال بعضهم: مُبَرْطمون.
* ذكر من قال ذلك:
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} أي:تستعملون الضحك والاستهزاء به، مع أن الذي ينبغي أن تتأثر منه النفوس، وتلين له القلوب، وتبكي له العيون،
سماعا لأمره ونهيه، وإصغاء لوعده ووعيده، والتفاتا لأخباره الحسنة الصادقة
وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ أى: وتضحكون ضحك استهزاء وتهكم منه وممن جاء به صلى الله عليه وسلم ولا تبكون خشية من الله- تعالى-، ومن سماع ما اشتمل عليه هذا القرآن من وعد ووعيد.
( وتضحكون ) منه استهزاء وسخرية ، ( ولا تبكون ) أي : كما يفعل الموقنون به ، كما أخبر عنهم : ( ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) [ الإسراء : 109 ] .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وتضحكون:
وقرئ:
تضحكون، بغير واو، وهى قراءة الحسن، وكذا هى فى حرف أبى، وعبد الله.
التفسير :
{ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} أي:غافلون عنه، لاهون عن تدبره، وهذا من قلة عقولكم وأديانكم فلو عبدتم الله وطلبتم رضاه في جميع الأحوال لما كنتم بهذه المثابة التي يأنف منها أولو الألباب،
وَأَنْتُمْ سامِدُونَ أى: وأنتم لاهون معرضون، يقال: سمد يسمد: كدخل- إذ اشتغل باللهو والإعراض عن الرشد.
أو المعنى: وأنتم رافعون رءوسكم تكبرا يقال: سمد سمودا، إذا رفع رأسه تكبرا وغرورا، وكل متكبر فهو سامد، ومنه قولهم: بعير سامد في سيره إذا رفع رأسه متبخترا في مشيته.
وقيل السمود: الغناء بلغة حمير، ومنه قول بعضهم لجاريته: اسمدى لنا، أى: غنى لنا.
أى: وأنتم سادرون في غنائكم ولهوكم، دون أن تكترثوا بزواجر القرآن الكريم.
وقوله : ( وأنتم سامدون ) قال سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا : غن لنا . وكذا قال عكرمة .
وفي رواية عن ابن عباس : ( سامدون ) : معرضون . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة . وقال الحسن : غافلون . وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . وفي رواية عن ابن عباس : تستكبرون . وبه يقول السدي .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن عكرمة, عن ابن عباس, قوله ( سَامِدُونَ ) قال: هو الغناء, كانوا إذا سمعوا القرآن تَغَنَّوا ولعبوا, وهي لغة أهل اليمن, قال اليماني: اسْمُد.
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( سَامِدُونَ ) يقول: لاهون.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس , قوله ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) يقول: لاهون.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي, قال: ثنا سفيان, عن أبيه, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: هي يمانية اسمد تَغَنَّ لنا.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا الأشجعي, عن سفيان, عن أبيه, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: هو الغناء, وهي يمانية, يقولون: اسمد لنا: تغَنَّ لنا .
قال: ثنا عبيد الله الأشجعي, عن سفيان, عن حكيم بن الديلم, عن الضحاك, عن ابن عباس ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: كانوا يمرّون على النبي صلى الله عليه وسلم شامخين, ألم تروا إلى الفحل في الإبل عَطِنا شامخا (4) .
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبى عديّ, عن سعيد, عن قتادة, عن الحسن, في قوله: ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: غافلون.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن عيينة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: كانوا يمرّون على النبيّ صلى الله عليه وسلم غضابا مُبَرْطِمين. وقال عكرِمة: هو الغناء بالحِميرية.
قال: ثنا الأشجعيّ ووكيع, عن سفيان, عن ابن أبى نجيح, عن مجاهد, قال: هي الْبَرْطَمة.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: البرطمة.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: البرطمة.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن عكرِمة, عن ابن عباس قال: السامدون: المغَنُّون بالحميرية.
حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, ثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: كان عكرِمة يقول: السامدون يغنون بالحميرية, ليس فيه ابن عباس.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاده قوله ( سَامِدُونَ ) : أي غافلون .
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( سَامِدُونَ ) قال: غافلون.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) السُّمود: اللهو واللعب.
حدثنا حميد بن مسعدة, قال: ثنا يزيد بن زريع, قال: ثنا سفيان بن سعيد, عن فطر, عن أبي خالد الوالبيّ, عن عليّ رضي الله عنه قال: رآهم قياما ينتظرون الإمام, فقال: ما لكم سامدون .
حدثني ابن سنان القزاز, قالا ثنا أبو عاصم, عن عمران بن زائدة بن نشيط, عن أبيه, عن أبي خالد قال: خرج علينا عليّ رضي الله عنه ونحن قيام, فقال: مالي أراكم سامدين.
قال: ثنا أبو عاصم, قال: أخبرنا سفيان, عن مطر, عن زائدة, عن أبي خالد، بمثله .
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن سعيد, عن أبي معشر, عن إبراهيم, في قوله ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: قيام القوم قبل أن يجيء الإمام.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن عمران الخياط، عن إبراهيم في القوم ينتظرون الصلاة قياما; قال: كان يقال: ذاك السُّمود.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن ليث والعزرميّ, عن مجاهد ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: البرطَمة.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبيه, عن عكرمة, عن ابن عباس ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: الغناء باليمانية: اسْمُد لنا.
حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) قال: السامد: الغافل.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم, قال: كانوا يكرهون أن يقوموا إذا أقام المؤذن للصلاة، وليس عندهم الإمام, وكانوا يكرهون أن ينتظروه قياما, وكان يقال: ذاك السُّمود, أو من السُّمود.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}الأمر بالسجود لله خصوصا، ليدل ذلك على فضلهوأنه سر العبادة ولبها، فإن لبها الخشوع للهوالخضوع له، والسجود هو أعظم حالة يخضع بها العبدفإنه يخضع قلبه وبدنه، ويجعل أشرف أعضائه على الأرض المهينة موضع وطء الأقدام. ثم أمر بالعبادة عموما، الشاملة لجميع ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة.
تم تفسير سورة النجم، والحمد لله الذي لا نحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده، وصلى الله على محمد وسلم تسليما كثيرا.
وقوله- سبحانه-: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا إرشاد لهم إلى ما يجب عليهم، ونهى لهم عن الكفر والضلال.
فالفاء في قوله- تعالى-: فَاسْجُدُوا لترتيب الأمر بالسجود، على الإنذار بالعذاب الشديد إذا ما استمروا في كفرهم ولهوهم.
والمراد بالسجود: الخضوع لله- تعالى- وإخلاص العبادة له، ويندرج فيه سجود الصلاة، وسجود التلاوة.
أى: اتركوا ما أنتم عليه من كفر وضلال، وخصوا الله- تعالى- بالخضوع الكامل،وبالعبادة التامة، التي لا شرك فيها لأحد معه- سبحانه-.
قال الآلوسى: وهذه آية سجدة عند أكثر أهل العلم، وقد سجد النبي صلى الله عليه وسلم عندها.
أخرج الشيخان، وأبو داود، والنسائي عن ابن مسعود قال: «أول سورة أنزلت فيها سجدة: سورة «النجم» فسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وسجد الناس كلهم إلا رجلا» .
هذا، وقد ذكر بعض المفسرين قصة الغرانيق. وملخصها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم، فلما بلغ قوله- تعالى- أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى.
وقد قال الإمام ابن كثير عند حديثه عن هذه القصة: إنها من روايات وطرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح.
وقد ذكرنا عند تفسيرنا لقوله- تعالى-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ، ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. ذكرنا ما يدل على بطلان هذه القصة من جهة النقل ومن جهة العقل.. .
وبعد. فهذا تفسير لسورة «النجم» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم ...
ثم قال آمرا لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - والتوحيد والإخلاص : ( فاسجدوا لله واعبدوا ) أي : فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوا .
قال البخاري : حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنجم ، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس . انفرد به دون مسلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن خالد ، حدثنا رباح ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن عكرمة بن خالد ، عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة ، عن أبيه قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة سورة النجم ، فسجد وسجد من عنده ، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب ، فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا يقرؤها إلا سجد معه .
وقد رواه النسائي في الصلاة ، عن عبد الملك بن عبد الحميد ، عن أحمد بن حنبل ، به .
ذكر حديث له مناسبة بما تقدم من قوله تعالى : ( هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) ، فإن النذير هو : الحذر لما يعاين من الشر ، الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم ، كما قال : ( إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) [ سبأ : 46 ] . وفي الحديث : " أنا النذير العريان " أي : الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئا ، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك ، فجاءهم عريانا مسرعا . مناسب لقوله : ( أزفت الآزفة ) أي : اقتربت القريبة ، يعني : يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها : ( اقتربت الساعة ) [ القمر : 1 ] ، قال الإمام أحمد :
حدثنا أنس بن عياض ، حدثني أبو حازم - لا أعلم إلا عن سهل بن سعد - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياكم ومحقرات الذنوب ، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " . وقال أبو حازم : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو ضمرة : لا أعلم إلا عن سهل بن سعد - قال : " مثلي ومثل الساعة كهاتين " وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ، ثم قال : " مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان " ، ثم قال : " مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة ، فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه : أتيتم أتيتم " . ثم يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنا ذلك " . وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان . ولله الحمد والمنة ، وبه الثقة والعصمة .
آخر [ تفسير ] سورة النجم ولله الحمد والمنة .
وقوله ( فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) يقول تعالى ذكره: فاسجدوا لله أيها الناس في صلاتكم دون مَن سواه من الآلهة والأنداد, وإياه فاعبدوا دون غيره, فإنه لا ينبغي أن تكون العبادة إلا له, فأخلصوا له العبادة والسجود, ولا تجعلوا له شريكا في عبادتكم إياه.
آخر تفسير سورة النجم.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى أن الساعة وهي القيامة اقتربت وآن أوانها، وحان وقت مجيئها، ومع ذلك، فهؤلاء المكذبون لم يزالوا مكذبين بها، غير مستعدين لنزولها، ويريهم الله من الآيات العظيمة الدالة على وقوعها ما يؤمن على مثله البشر، فمن أعظم الآيات الدالة على صحة ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، أنه لما طلب منه المكذبون أن يريهم من خوارق العادات ما يدل على [صحة ما جاء به و] صدقه، أشار صلى الله عليه وسلم إلى القمر بإذن الله تعالى، فانشق فلقتين، فلقة على جبل أبي قبيس، وفلقة على جبل قعيقعان، والمشركون وغيرهم يشاهدون هذه الآية الكبرىالكائنة في العالم العلوي، التي لا يقدر الخلق على التمويه بها والتخييل.
مقدّمة
1- سورة القمر: هي السورة الرابعة والخمسون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة الطارق، وقبل سورة «ص» .
ويبلغ عدد السور التي نزلت قبلها، سبعا وثلاثين سورة.
ويغلب على الظن أن نزولها كان في السنوات الأولى من بعثته صلى الله عليه وسلم قال بعض العلماء: وكان نزولها في حدود سنة خمس قبل الهجرة. ففي الصحيح أن عائشة- رضى الله عنها- قالت: أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وإنى لجارية ألعب، قوله- تعالى-: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ .
2- وتسمى هذه السورة بسورة القمر، وبسورة اقتربت الساعة، وتسمى بسورة اقتربت، حكاية لأول كلمة افتتحت بها.
روى الإمام مسلم وأهل السنن عن أبى واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتى «ق» و «اقتربت الساعة» .
وعدد آياتها: خمس وخمسون آية وهي من السور المكية الخالصة- على الرأى الصحيح-، وقيل: هي مكية إلا ثلاث آيات منها، وهي قوله- تعالى-: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ. سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ. بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ فإنها نزلت يوم بدر، وهذا القيل لا دليل له يعتمد عليه.
ويرده ما أخرجه ابن أبى حاتم عن أبى هريرة قال: أنزل الله- تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة قبل يوم بدر: سيهزم الجمع ويولون الدبر، وقال عمر بن الخطاب: قلت:
يا رسول الله أى جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر، وانهزمت قريش، نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف، وهو يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ فكانت ليوم بدر.
وبذلك نرى أن هذا الحديث، وحديث عائشة السابق، يدلان على أن هذه الآيات مكية- أيضا-، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قرأها في غزوة بدر على سبيل الاستشهاد بها.
3- والسورة الكريمة قد تحدثت في مطلعها عن اقتراب يوم القيامة، وعن جحود المشركين للحق بعد إذ جاءهم، وعما سيكونون عليه يوم القيامة من ندم وحسرة. قال- تعالى-:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ. وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ.
4- ثم تحدثت السورة الكريمة عن مصارع الغابرين، فذكرت ما حل من هلاك ودمار، بقوم نوح، وهود، ولوط- عليهم السلام- وما حل أيضا بفرعون وملئه من عقاب.
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، ببيان مظاهر قدرته، وبليغ حكمته، ودقة نظامه في كونه، وبشر المتقين بما يشرح صدورهم فقال- تعالى-: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ. وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ. وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ. إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.
5- والمتدبر في السورة الكريمة يراها قد اهتمت بالحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن تعنت المشركين وعنادهم، وعن سنن الله- تعالى- في خلقه، التي من أبرز مظاهرها، نصر المؤمنين، وخذلان الكافرين.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
افتتحت السورة الكريمة بهذا الافتتاح الذى يبعث فى النفوس الرهبة والخشية ، فهو يخبر عن قرب انقضاء الدنيا وزوالها .
إذ قوله - تعالى - : ( اقتربت الساعة ) أى : قرب وقت حلول الساعة ، ودنا زمان قيامها .
والساعة فى الأصل : اسم لمدار قليل من الزمان غير معين ، وتحديدها بزمن معين اصطلاح عرفى ، وتطلق فى عرف الشرع على يوم القيامة .
وأطلق على يوم القيامة يوم الساعة ، لوقوعه بغتة ، أو لسرعة ما فيه من الحساب ، أو لأنه على طوله قدر يسير عند الله - تعالى - .
وقد وردت أحاديث كثيرة ، تصرح بأن ما مضى من الدنيا كثير بالنسبة لما بقى منها ، ومن هذه الأحاديث ما رواه البزار عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " خطب أصحابه ذات يوم ، وقد كادت الشمس أن تغرب . . فقال : " والذي نفسى بيده ما بقى من الدنيا فيما مضى منها ، إلا كما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه " " .
وروى الشيخان عن سهل بن سعد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " بعثت أنا والساعة هكذا " وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى .
وشبيه بهذا الافتتاح قوله - تعالى - : فى مطلع سورة الأنبياء : ( اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ) وقوله - سبحانه - فى افتتاح سورة النحل : ( أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) والمقصود من هذا الافتتاح المتحدث عن قرب يوم القيامة ، تذكير الناس بأهوال هذا اليوم ، وحضهم على حسن الاستعداد لاستقباله عن طريق الإيمان والعمل الصالح .
وقوله - تعالى - : ( وانشق القمر ) معطوف على ما قبله عطف جملة على جملة .
وقوله : ( وانشق ) من الانشقاق بمعنى الافتراق والانفصال .
أى : اقترب وقت قيام الساعة ، وانفصل وانفلق القمر بعضه عن بعض فلقتين ، معجزة للنبى - صلى الله عليه وسلم - ، وكان ذلك بمكة قبل هجرته - صلى الله عليه وسلم - بنحو خمس سنين ، وقد رأى هذا الانشقاق كثير من الناس .
وقد ذكر المفسرون كثيرا من الأحاديث فى هذا الشأن ، وقد بلغت الأحاديث مبلغ التواتر المعنوى .
قال الإمام ابن كثير : وهذا أمر متفق عليه بين العلماء - أى : انشقاق القمر- ، فقد وقع فى زمان النبى - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات .
ثم ذكر - رحمه الله - جملة من الأحاديث التى وردت فى ذلك ، ومنها ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبى - صلى الله عليه وسلم - آية ، فانشق القمر بمكة مرتين ، فقال : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) .
وأخرج الإمام أحمد عن جبير بن مطعم عن أبيه قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصار فلقتين : فلقة على هذا الجبل وفلقة على هذا الجبل .
فقالوا : سحرنا محمد ، فقالوا : إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم .
وروى الشيخان عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين ، حتى نظروا إليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اشهدوا " .
وقال الآلوسى : بعد أن ذكر عددا من الأحاديث فى هذا الشأن : والأحاديث الصحيحة فى الانشقاق كثيرة ، واختلف فى تواتره ، فقيل : هو غير متواتر : وفى شرح المواقف أنه متواتر . وهو الذى اختاره العلامة السبكى ، فقد قال : الصحيح عندى أن انشقاق القمر متواتر ، منصوص عليه فى القرآن ، مروى فى الصحيحين وغيرهما من طرق شتى ، لا يمترى فى تواتره .
وقد جاءت أحاديثه فى روايات صحيحة ، عن جماعة من الصحابة ، منهم عل بن أبى طالب ، وأنس ، وابن مسعود . .
ثم قال - رحمه الله - بعد أن ذكر شبهات المنكرين لحادث الانشقاق : والحاصل أنه ليس عند المنكر سوى الاستبعاد ، ولا يستطيع أن يأتى بدليل على الاستحالة الذاتية ولو انشق ، والاستبعاد فى مثل هذه المقامات قريب من الجنون . عند من له عقل سليم .
تفسير سورة القمر وهي مكية .
قد تقدم في حديث أبي واقد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بقاف ، واقتربت الساعة ، في الأضحى والفطر ، وكان يقرأ بهما في المحافل الكبار ، لاشتمالهما على ذكر الوعد والوعيد وبدء الخلق وإعادته ، والتوحيد وإثبات النبوات ، وغير ذلك من المقاصد العظيمة .
يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها . كما قال تعالى : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه [ سبحانه ] ) [ النحل : 1 ] ، وقال : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء : 1 ] وقد وردت الأحاديث بذلك ، قال الحافظ أبو بكر البزار :
حدثنا محمد بن المثنى وعمرو بن علي قالا حدثنا خلف بن موسى ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب أصحابه ذات يوم ، وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا شف يسير ، فقال : " والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ، وما نرى من الشمس إلا يسيرا " .
قلت : هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العمي ، عن أبيه . وقد ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .
حديث آخر يعضد الذي قبله ويفسره ، قال الإمام أحمد : حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا شريك ، حدثنا سلمة بن كهيل ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - والشمس على قعيقعان بعد العصر ، فقال : " ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار فيما مضى " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا محمد بن مطرف ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " بعثت والساعة هكذا " . وأشار بإصبعيه : السبابة والوسطى .
أخرجاه من حديث أبي حازم سلمة بن دينار .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي خالد ، عن وهب السوائي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بعثت أنا والساعة كهذه من هذه إن كادت لتسبقها " وجمع الأعمش بين السبابة والوسطى .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله ، قال : قدم أنس بن مالك على الوليد بن عبد الملك فسأله : ماذا سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر به الساعة ؟ فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أنتم والساعة كهاتين " .
تفرد به أحمد ، رحمه الله . وشاهد ذلك أيضا في الصحيح في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه الحاشر الذي يحشر الناس على قدميه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا بهز بن أسد ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا حميد بن هلال ، عن خالد بن عمير قال : خطب عتبة بن غزوان - قال بهز : وقال قبل هذه المرة - خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد ، فإن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء ، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها ، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا ، والله لتملؤنه ، أفعجبتم ! والله لقد ذكر لنا أن ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاما ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام " وذكر تمام الحديث ، انفرد به مسلم .
وقال أبو جعفر بن جرير : حدثني يعقوب ، حدثني ابن علية ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : نزلنا المدائن فكنا منها على فرسخ ، فجاءت الجمعة ، فحضر أبي وحضرت معه فخطبنا حذيفة فقال : ألا إن الله يقول : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) ، ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشق ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار ، وغدا السباق ، فقلت لأبي : أيستبق الناس غدا ؟ فقال : يا بني إنك لجاهل ، إنما هو السباق بالأعمال . ثم جاءت الجمعة الأخرى فحضرنا فخطب حذيفة ، فقال : ألا إن الله عز وجل يقول : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق ، ألا وإن الغاية النار ، والسابق من سبق إلى الجنة .
وقوله : ( وانشق القمر ) : قد كان هذا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة . وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال : " خمس قد مضين : الروم ، والدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر " . وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أي انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات .
ذكر الأحاديث الواردة في ذلك :
رواية أنس بن مالك :
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - آية ، فانشق القمر بمكة مرتين ، فقال : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) .
ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق .
وقال البخاري : حدثني عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ; أن أهل مكة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يريهم آية ، فأراهم القمر شقين ، حتى رأوا حراء بينهما .
وأخرجاه أيضا من حديث يونس بن محمد المؤدب ، عن شيبان ، عن قتادة . ورواه مسلم أيضا من حديث أبي داود الطيالسي ، ويحيى القطان ، وغيرهما ، عن شعبة ، عن قتادة ، به .
رواية جبير بن مطعم رضي الله عنه :
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصار فرقتين : فرقة على هذا الجبل ، وفرقة على هذا الجبل ، فقالوا : سحرنا محمد . فقالوا : إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم .
تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه ، وأسنده البيهقي في " الدلائل " من طريق محمد بن كثير ، عن أخيه سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، [ به ] . وهكذا رواه ابن جرير من حديث محمد بن فضيل وغيره عن حصين ، به . ورواه البيهقي أيضا من طريق إبراهيم بن طهمان وهشيم ، كلاهما عن حصين عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده فذكره .
رواية عبد الله بن عباس [ رضي الله عنهما ]
قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا بكر ، عن جعفر ، عن عراك بن مالك ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : انشق القمر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه البخاري أيضا ومسلم ، من حديث بكر بن مضر ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عراك [ بن مالك ] ، به مثله .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن مثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ) قال : قد مضى ذلك ، كان قبل الهجرة ، انشق القمر حتى رأوا شقيه .
وروى العوفي ، عن ابن عباس نحو هذا .
وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن عمرو البزار ، حدثنا محمد بن يحيى القطعي ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كسف القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : سحر القمر . فنزلت : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) إلى قوله : ( مستمر ) .
رواية عبد الله بن عمر :
قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا : حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) قال : وقد كان ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انشق فلقتين : فلقة من دون الجبل ، وفلقة من خلف الجبل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم اشهد " .
وهكذا رواه مسلم ، والترمذي ، من طرق عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، به . قال مسلم كرواية مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود . وقال الترمذي : حسن صحيح .
رواية عبد الله بن مسعود :
قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقين حتى نظروا إليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اشهدوا " .
وهكذا رواه البخاري ومسلم ، من حديث سفيان بن عيينة ، به . وأخرجاه من حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود ، به .
وقال ابن جرير : حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، حدثنا عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن رجل ، عن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى فانشق القمر ، فأخذت فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اشهدوا ، اشهدوا " .
قال البخاري : وقال أبو الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله : بمكة .
وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة . قال : فقالوا : انظروا ما يأتيكم به السفار ، فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم . قال : فجاء السفار فقالوا : ذلك .
وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا هشيم ، حدثنا مغيرة ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين ، فقال كفار قريش أهل مكة : هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة ، انظروا السفار ، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق ، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به . قال : فسئل السفار ، قال : وقدموا من كل وجهة ، فقالوا : رأيناه .
رواه ابن جرير من حديث المغيرة ، به . وزاد : فأنزل الله عز وجل : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) . ثم قال ابن جرير :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، أخبرنا أيوب ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : نبئت أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يقول : لقد انشق القمر .
وقال ابن جرير أيضا : حدثني محمد بن عمارة ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله قال : لقد رأيت الجبل من فرج القمر حين انشق .
ورواه الإمام أحمد عن مؤمل ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأيت الجبل من بين فرجتي القمر .
وقال ليث عن مجاهد : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصار فرقتين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر : " اشهد يا أبا بكر " . فقال المشركون : سحر القمر حتى انشق .
القول في تأويل قوله تعالى : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)
يعني تعالى ذكره بقوله ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) : دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة, وقوله ( اقْتَرَبَتِ ) افتعلت من القُرب, وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة, وقرب فناء الدنيا, وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم, وهم عنها في غفلة ساهون.
وقوله ( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) يقول جلّ ثناؤه: وانفلق القمر, وكان ذلك فيما ذُكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة, قبل هجرته إلى المدينة، وذلك أن كفار أهل مكة سألوه آية, فآراهم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر, آية حجة على صدق قوله, وحقيقة نبوّته; فلما أراهم أعرضوا وكذبوا, وقالوا: هذا سحر مستمرّ, سحرنا محمد, فقال الله جلّ ثناؤه ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) .
وينحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار, وقال به أهل التأويل.
* ذكر الآثار المروية بذلك, والأخيار عمن قاله من أهل التأويل:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة " أن أنس بن مالك حدثهم أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم انشقاق القمر مرّتين " .
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, قال: سمعت قتادة يحدّث, عن أنس, قال: انشق القمر فرقتين.
حدثنا ابن المثنى والحسن بن أبي يحيى المقدسي, قالا ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن قتادة, قال: سمعت أنسا يقول: " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
حدثني يعقوب الدورقيّ, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: سمعت أنسا يقول: فذكر مثله.
حدثنا عليّ بن سهل, قال: ثنا حجاج بن محمد, عن شعبة, عن قتادة, عن أنس, قال: " انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين ".
حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا بشر بن المفضل, قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, عن أنس بن مالك " أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما ".
حدثني أبو السائب, قال: ثنا معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن أبى معمر, عن عبد الله, قال: " انشقّ القمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى حتى ذهبت منه فرقة خلف الجبل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا ".
حدثني إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: ثنا النضر بن شميل المازنيّ, قال: أخبرنا شعبة, عن سليمان, قال: سمعت إبراهيم, عن أبي معمر, عن عبد الله, قال " تفلَّق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين, فكانت فرقة على الجبل, وفرقة من ورائه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُم اشْهَدْ " .
حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل, قال: ثنا النضر, قال: أخبرنا شعبة, عن سليمان, عن مجاهد, عن ابن عمر, مثل حديث إبراهيم في القمر.
حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي, قال: ثني عمي يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن رجل , عن عبد الله, قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى, فانشقّ القمر, فأخذت فرقة خلق الجبل, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشْهَدُوا ".
حدثني محمد بن عمارة, قال: ثنا عمرو بن حماد, قال: ثنا أسباط, عن سماك, عن إبراهيم, عن الأسود, عن عبد الله, قال: " رأيت الجبل من فرج القمر حين انشقّ".
حدثنا الحسن بن يحيى المقدسي, قال: ثنا يحيى بن حماد, قال: ثنا أبو عوانة, عن المُغيرة, عن أبي الضحى, عن مسروق, عن عبد الله, قال: " انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كَبْشة سحركم فسلوا السُّفَّار, فسألوهم, فقالوا: نعم قد رأيناه, فأنـزل الله تبارك وتعالى : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) .
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن إبراهيم, عن عبد الله قال: " قد مضى انشقاق القمر ".
حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, قال: عبد الله " خمس قد مضين: الدخان, واللزام, والبطشة, والقمر, والروم ".
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا أيوب, عن محمد, قال: نُبِّئت أن ابن مسعود كان يقول: قد انشقَ القمر.
قال: أخبرنا ابن علية, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن أبي عبد الرحمن السُلَميّ, قال: " نـزلنا المدائن, فكنا منها على فرسخ, فجاءت الجمعة, فحضر أبي, وحضرت معه, فخطبنا حُذيفة, فقال: ألا إن الله يقول ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ألا وإن الساعة قد اقتربت, ألا وإن القمر قد انشقّ, ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق, ألا وإن اليوم المِضمار, وغدا السباق, فقلت لأبي: أتستبق الناس غدا؟ فقال: يا بنيّ إنك لجاهل, إنما هو السباق بالأعمال, ثم جاءت الجمعة الأخرى, فحضرنا, فخطب حُذيفة, فقال: ألا إن الله تبارك وتعالى يقول ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ألا وإن الساعة قد أقتربت, ألا وإن القمر قد انشقّ, ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق, ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق, ألا وإن الغاية النار, والسابق من سَبق إلى الجنة ".
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن عطاء بن السائب, عن أبي عبد الرحمن قال: " كنت مع أبي بالمدائن, قال: فخطب أميرهم, وكان عطاء يروي أنه حُذيفة, فقال في هذه الآية : ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قد اقتربت الساعة وانشقّ القمر, قد اقتربت الساعة وانشق القمر, اليوم المضمار, وغدا السباق, والسابق من سبق إلى الجنة, والغاية النار; قال: فقلت لأبي: غدا السباق, قال: فأخبره ".
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن فضيل, عن حصين, عن محمد بن جبير بن مطعم, عن أبيه, قال: " انشقّ القمر, ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ".
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن خارجة, عن الحصين بن عبد الرحمن, عن ابن جُبَير, عن أبيه ( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: انشقّ ونحن بمكة.
حدثنا محمد بن عسكر, قال: ثنا عثمان بن صالح وعبد الله بن عبد الحكم, قالا ثنا بكر بن مضر, عن جعفر بن ربيعة, عن عِرَاك, (5) عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة, عن ابن عباس, قال: " انشقّ القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
حدثنا نصر بن عليّ, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود بن أبي هند, عن عليّ بن أبي طلحة, عن ابن عباس, قال: " انشقّ القمر قبل الهجرة, أو قال: قد مضى ذاك ".
حدثنا إسحاق بن شاهين, قال: ثنا خالد بن عبد الله, عن داود, عن علي, عن ابن عباس بنحوه.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن علي, عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: ذاك قد مضى كان قبل الهجرة, انشقّ حتى رأوا شِقيه.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) ... إلى قوله ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: قد مضى, كان قد انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فأعرض المشركون وقالوا: سحر مستمرّ.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: رأوه منشقا.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور وليث عن مجاهد ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قال: انفلق القمر فلقتين, فثبتت فلقة, وذهبت فلقة من وراء الجبل, فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " اشْهَدُوا ".
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, عن ليث, عن مجاهد " انشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فصار فرقتين, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: اشْهَدْ يا أبا بَكْرٍ فقال المشركون: سحر القمر حتى انشقّ".
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, قال: قدم رجل المدائن فقام فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) وإن القمر قد انشقّ, وقد آذنت الدنيا بفراق, اليوم المِضْمار, وغدا السباق, والسابق. من سبق إلى الجنة, والغاية النار.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) يحدث الله في خلقه ما يشاء.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس, قال: سأل أهل مكة النبيّ صلى الله عليه وسلم آية, فانشقّ القمر بمكة مرّتين, فقال ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) .
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) قد مضى, كان الشقّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة, فأعرض عنه المشركون, وقالوا: سِحْر مستمرّ.
حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا سلمة, عن عمرو, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: مضى انشقاق القمر بمكة.
----------------------
الهوامش :
(5) ضبطه في التاج بوزن كتاب .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وانشق:
وقرئ:
وقد انشق، وهى قراءة حذيفة.
التفسير :
فشاهدوا أمرا ما رأوا مثله، بل ولم يسمعوا أنه جرى لأحد من المرسلين قبله نظيره، فانبهروا لذلك، ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، ولم يرد الله بهم خيرا، ففزعوا إلى بهتهم وطغيانهم، وقالوا:سحرنا محمد، ولكن علامة ذلك أنكم تسألون من قدمإليكم من السفر، فإنه وإن قدر على سحركم، لايقدر أن يسحر من ليس مشاهدا مثلكم، فسألوا كل من قدم، فأخبرهم بوقوع ذلك، فقالوا:{ سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} سحرنا محمد وسحر غيرنا، وهذا من البهت، الذي لا يروج إلا على أسفه الخلق وأضلهم عن الهدى والعقل، وهذا ليس إنكارا منهم لهذه الآية وحدها، بل كل آية تأتيهم، فإنهم مستعدون لمقابلتها بالباطلوالرد لها، ولهذا قال:{ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} ولم يعد الضمير على انشقاق القمر فلم يقل:وإن يروها بل قال:{ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} وليس قصدهم اتباع الحق والهدى، وإنما قصدهم اتباع الهوى،
ثم بين- سبحانه- موقف هؤلاء المشركين من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقال: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ.
أى: وإن ير هؤلاء المشركون آية ومعجزة تدل على صدقك- أيها الرسول الكريم- يعرضوا عنها جحودا وعنادا. ويقولوا- على سبيل التكذيب لك- ما هذا الذي أتيتنا به يا محمد إلا سحر مستمر، أى: سحر دائم نعرفه عنك، وليس جديدا علينا منك.
قال صاحب الكشاف: مُسْتَمِرٌّ أى دائم مطرد، وكل شيء قد انقادت طريقته، ودامت حاله، قيل فيه قد استمر، لأنهم لما رأوا تتابع المعجزات، وترادف الآيات. قالوا:
«هذا سحر مستمر» .
وقيل: مستمر، أى: قوى محكم- من المرّة بمعنى القوة-، وقيل: هو من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته، أى: مستبشع عندنا مرّ على لهواتنا، لا نقدر أن نسيغه كما لا يساغ الشيء المر. وقيل: مستمر، أى: مار ذاهب زائل عما قريب- من قولهم: مرّ الشيء واستمر إذا ذهب
وقوله : ( وإن يروا آية ) أي : دليلا وحجة وبرهانا ) يعرضوا ) أي : لا ينقادون له ، بل يعرضون عنه ويتركونه وراء ظهورهم ، ( ويقولوا سحر مستمر ) أي : ويقولون : هذا الذي شاهدناه من الحجج سحر سحرنا به .
ومعنى ) مستمر ) أي : ذاهب . قاله مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما ، أي : باطل مضمحل ، لا دوام له .
وقوله ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ) يقول تعالى ذكره. وإن ير المشركون علامة تدلهم على حقيقة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم , ودلالة تدلهم على صدقة فيما جاءهم به عن ربهم, يعرضوا عنها, فيولوا مكذّبين بها مُنكرين أن يكون حقا يقينا, ويقولوا تكذيبا منهم بها, وإنكارا لها أن تكون حقا: هذا سحر سَحَرَنا به محمد حين خَيَّلَ إلينا أنا نرى القمر منفلقا باثنين بسحره, وهو سحر مستمرّ, يعني يقول: سحر مستمرّ ذاهب, من قولهم: قد مرّ هذا السحر إذا ذهب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: ذاهب.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: إذا رأى أهل الضلالة آية من آيات الله قالوا: إنما هذا عمل السحر, يوشك هذا أن يستمرّ ويذهب.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) يقول: ذاهب.
حدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) كما يقول أهل الشرك إذا كُسف القمر يقولون: هذا عمل السحرة.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, قوله ( سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) قال: حين انشق القمر بفلقتين: فلقة من وراء الجبل, وذهبت فلقة أخرى, فقال المشركون حين رأوا ذلك: سحر مستمرّ.
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يوجه قوله ( مُسْتَمِرٌّ ) إلى أنه مستفعل من الإمرار من قولهم: قد مرّ الجبل: إذا صلب وقوي واشتدّ وأمررته أنا: إذا فتلته فتلا شديدا, ويقول: معنى قوله ( وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ) : سحر شديد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وإن يروا:
وقرئ:
مبنيا للمفعول.
التفسير :
{ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} كقوله تعالى:{ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ} فإنه لو كان قصدهم اتباع الهدى، لآمنوا قطعا، واتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، لأنه أراهم الله على يديهمن البينات والبراهين والحجج القواطع، ما دل على جميع المطالب الإلهية، والمقاصد الشرعية،{ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} أي:إلى الآن، لم يبلغ الأمر غايته ومنتهاه، وسيصير الأمر إلى آخره، فالمصدق يتقلب في جنات النعيم، ومغفرة الله ورضوانه، والمكذب يتقلب في سخط الله وعذابه، خالدا مخلدا أبدا.
ثم أخبر- سبحانه- عن حالهم في الماضي، بعد بيان حالهم في المستقبل، فقال- تعالى-: وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ.
أى: أن هؤلاء الجاحدين جمعوا كل الرذائل، فهم إن يروا معجزة تشهد لك بالصدق- أيها الرسول الكريم- يعرضوا عنها، ويصفوها بأنها سحر، وهم في ماضيهم كذبوا دعوتك، واتبعوا أهواءهم الفاسدة، ونفوسهم الأمارة بالسوء.
وجملة: وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ معترضة، وهي جارية مجرى المثل، أى: وكل أمر لا بد وأن يستقر إلى غاية، وينتهى إلى نهاية، وكذلك أمر هؤلاء الظالمين، سينتهي إلى الخسران، وأمر المؤمنين سينتهي إلى الفلاح.
وفي هذا الاعتراض تسلية وتبشير للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه بحسن العاقبة، وتيئيس وإقناط لأولئك المشركين من زوال أمر النبي صلى الله عليه وسلم كما كانوا يتمنون ويتوهمون.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ.
( وكذبوا واتبعوا أهواءهم ) أي : كذبوا بالحق إذ جاءهم ، واتبعوا ما أمرتهم به آراؤهم وأهواؤهم من جهلهم وسخافة عقلهم .
وقوله : ( وكل أمر مستقر ) قال قتادة : معناه : أن الخير واقع بأهل الخير ، والشر واقع بأهل الشر .
وقال ابن جريج : مستقر بأهله . وقال مجاهد : ( وكل أمر مستقر ) أي : يوم القيامة .
وقال السدي : ( مستقر ) أي : واقع .
القول في تأويل قوله تعالى : وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)
يقول تعالى ذكره: وكذّب هؤلاء المشركون من قريش بآيات الله بعد ما أتتهم حقيقتها, وعاينوا الدلالة على صحتها برؤيتهم القمر منفلقا فلقتين ( وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) يقول: وآثروا اتباع ما دعتهم إليه أهواء أنفسهم من تكذيب ذلك على التصديق بما قد أيقنوا صحته من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم , وحقيقة ما جاءهم به من ربهم.
وقوله ( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) يقول تعالى ذكره: وكلّ أمر من خير أو شرّ مستقر قراره, ومتناه نهايته, فالخير مستقرّ بأهله في الجنة, والشرّ مستقرّ بأهله في النار.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) : أي بأهل الخير الخير, وبأهل الشرّ الشرّ.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
مستقر:
وقرئ:
بفتح القاف، وهى قراءة شيبة.
2- بكسر القاف والراء، على الوصف ل «أمر» وهى قراءة أبى جعفر، وزيد بن على.
التفسير :
وقال تعالى -مبينا أنهم ليس لهم قصد صحيح، ولا اتباع للهدى-:{ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ} أي:الأخبار السابقة واللاحقة والمعجزات الظاهرة{ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} أي:زاجر يزجرهم عن غيهم وضلالهم،
ثم بين- سبحانه- أنهم قوم لا تتأثر قلوبهم بالمواعظ والنذر، فقال: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ، حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ.
والأنباء: جمع نبأ وهو الخبر المشتمل على أمور هامة، من شأنها أن يتأثر بها السامع.
ومزدجر: مصدر ميمى، وأصله مزتجر. فأبدلت تاء الافتعال دالا، وأصله من الزجر.
بمعنى المنع والانتهار. أى: ولقد جاء لهؤلاء المشركين في القرآن الكريم، من الأنباء الهامة، ومن أخبار الأمم البائدة، ما فيه ازدجار وانتهار لهم عن الارتكاس في القبائح وعن الإصرار على الفسوق والكفر والعصيان.
و «ما» في قوله- سبحانه-: ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ موصولة، وهي فاعل لقوله جاءَهُمْ، وقوله مِنَ الْأَنْباءِ في موضع الحال منها..
وقوله : ( ولقد جاءهم من الأنباء ) أي : من الأخبار عن قصص الأمم المكذبين بالرسل ، وما حل بهم من العقاب والنكال والعذاب ، مما يتلى عليهم في هذا القرآن ، ( ما فيه مزدجر ) أي : ما فيه واعظ لهم عن الشرك والتمادي على التكذيب .
وقوله ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) يقول تعالى ذكره: ولقد جاء هؤلاء المشركين من قريش الذين كذّبوا بآيات الله, واتبعوا أهواءهم من الأخبار عن الأمم السالفة, الذين كانوا من تكذيب رسل الله على مثل الذي هم عليه, وأحلّ الله بهم من عقوباته ما قصّ في هذا القرآن ما فيه لهم مزدجر, يعني: ما يردعهم, ويزجرهم عما هم عليه مقيمون, من التكذيب بآيات الله, وهو مُفْتَعَلٌ من الزَّجْر.
وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( مُزْدَجَرٌ ) قال: مُنتهى.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) : أي هذا القرآن.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) قال: المزدَجَر: المنتهى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
مزدجر:
وقرئ:
مزجر، اسم فاعل من «أزجر» ، أي: صار ذا زجر. وهى قراءة زيد بن على.
التفسير :
{ حِكْمَةٌ} منه تعالى{ بَالِغَةٌ} أي:لتقوم حجته على المخالفينولا يبقى لأحد على الله حجة بعد الرسل،{ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} كقوله تعالى:{ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ لا يؤمنوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}
وقوله- تعالى-: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ بدل من «ما» أو خبر لمبتدأ محذوف.
والحكمة: العلم النافع الذي يترتب عليه تحرى الصواب في القول والفعل.
أى: هذا الذي جاءهم من أنباء الماضين، ومن أخبار السابقين فيه ما فيه عن الحكم البليغة، والعظات الواضحة التي لا خلل فيها ولا اضطراب.
و «ما» في قوله: فَما تُغْنِ النُّذُرُ نافية، والنذر: جمع نذير بمعنى منذر.
أى: لقد جاء إلى هؤلاء المشركين من الأخبار ومن الحكم البليغة ما يزجرهم عن ارتكاب الشرور، وما فيه إنذار لهم بسوء العاقبة إذا ما استمروا في غيهم، ولكن كل ذلك لا غناء فيه، ولا نفع من ورائه لهؤلاء الجاحدين المعاندين الذين عموا وصموا ...
ويصح أن تكون «ما» هنا، للاستفهام الإنكارى. أى: ما الذي تغنيه النذر بالنسبة لهؤلاء المصرين على الكفر؟ إنها لا تغنى شيئا ما داموا لم يفتحوا قلوبهم للحق:
وقوله : ( حكمة بالغة ) أي : في هدايته تعالى لمن هداه وإضلاله لمن أضله ، ( فما تغن النذر ) يعني : أي شيء تغني النذر عمن كتب الله عليه الشقاوة ، وختم على قلبه ؟ فمن الذي يهديه من بعد الله ؟ وهذه الآية كقوله تعالى : ( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) [ الأنعام : 149 ] ، وكذا قوله تعالى : ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ) [ يونس : 101 ] .
وقوله ( حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ) يعني بالحكمة البالغة: هذا القرآن, ورُفعت الحكمةُ ردّا على " ما " التي في قوله ( وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) .
وتأويل الكلام: ولقد جاءهم من الأنباء النبأ الذي فيه مزدَجَر, حكمة بالغة. ولو رُفعت الحكمة على الاستئناف كان جائزا, فيكون معنى الكلام حينئذ: ولقد جاءهم من الأنباء النبأ الذي فيه مزدجر, ذلك حكمة بالغة, أو هو حكمة بالغة فتكون الحكمة كالتفسير لها.
وقوله ( فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) وفي " ما " التي في قوله ( فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ) وجهان: أحدهما أن تكون بمعنى الجحد, فيكون إذا وجهت إلى ذلك معنى الكلام, فليست تغني عنهم النذر ولا ينتفعون بها, لإعراضهم عنها وتكذيبهم بها. والآخر: أن تكون بمعنى: أنى, فيكون معنى الكلام إذا وجهت إلى ذلك: فأي شيء تُغني عنهم النُّذر. والنُّذر: جمع نذير, كالجُدُد: جمع جديد, والحُصُر: جمع حَصير.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
حكمة بالغة:
1- برفعهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، فيهما، على الحال، وهى قراءة اليماني.
التفسير :
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:قد بان أن المكذبين لا حيلة في هداهم، فلم يبق إلا الإعراض عنهم والتولي عنهم، [فقال:]{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} وانتظر بهم يوما عظيما وهولا جسيما، وذلك حين{ يدعو الداع} إسرافيل عليه السلام{ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} أي:إلى أمر فظيع تنكره الخليقة، فلم تر منظرا أفظع ولا أوجع منه، فينفخ إسرافيل نفخة، يخرج بها الأموات من قبورهم لموقف القيامة
والفاء في قوله- تعالى-: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ للتفريع على ما تقدم، وهي تفيد السببية.
وقوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ ظرف لقوله: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ والداع: هو إسرافيل- عليه السلام- الذي ينفخ في الصور بأمر الله- تعالى-.
والمراد بالنكر: الأمر الفظيع الهائل، الذي لم تألفه النفوس، ولم تر له مثيلا في الشدة.
أى: إذا كان هذا حالهم من عدم إغناء النذر فيهم، فتول عنهم- أيها الرسول الكريم-، ولا تبال بهم، واتركهم في طغيانهم يعمهون، وانتظر عليهم إلى اليوم الذي يدعوهم فيه الداعي، إلى أمر فظيع عظيم، تنكره النفوس، لعدم عهدهم بمثله، وهو يوم البعث والنشور.
قال الجمل: وقوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ منصوب إما باذكر مضمرا.. وإما بيخرجون..
وحذفت الواو من «يدع» لفظا لالتقاء الساكنين، ورسما تبعا للفظ، وحذفت الياء من الدَّاعِ للتخفيف ... والداع هو إسرافيل...
يقول تعالى : فتول يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون ويقولون : هذا سحر مستمر ، أعرض عنهم وانتظرهم ، ( يوم يدعو الداعي إلى شيء نكر ) أي : إلى شيء منكر فظيع ، وهو موقف الحساب وما فيه من البلاء ، بل والزلازل والأهوال
القول في تأويل قوله تعالى : فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو الدَّاعِي إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (6)
يعني تعالى ذكره بقوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) : فأعرض يا محمد عن هؤلاء المشركين من قومك, الذين إن يروا آية يعرضوا ويقولوا: سِحْر مستمرّ, فإنهم يوم يدعو داعي الله إلى موقف القيامة, وذلك هو الشيء النُّكُر.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الصافات: 174 | ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ﴾ |
---|
الصافات: 178 | ﴿ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ﴾ |
---|
الذاريات: 45 | ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ﴾ |
---|
القمر: 6 | ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ۘ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ﴾ |
---|
الأعراف: 79 | ﴿فَـ تَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحۡتُ لَكُمۡ﴾ |
---|
الأعراف: 93 | ﴿فَـ تَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰقَوۡمِ لَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُمۡ رِسَٰلَٰتِ رَبِّي﴾ |
---|
يوسف: 84 | ﴿وَ تَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
نكر:
1- بضم الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكان الكاف، وهى قراءة الحسن، وابن كثير، وشبل.
3- فعلا ماضيا مبنيا للمفعول، وهى قراءة مجاهد، وأبى قلابة، والجحدري، وزيد بن على.