5191617181920212223242526272829303132333435

الإحصائيات

سورة ق
ترتيب المصحف50ترتيب النزول34
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.80
عدد الآيات45عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.20
ترتيب الطول55تبدأ في الجزء26
تنتهي في الجزء26عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 28/29ق: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (16) الى الآية رقم (26) عدد الآيات (11)

بعدَ الإستدلالِ بابتداءِ الخلقِ الأوَّلِ على إعادةِ الخلقِ مِن جديدٍ؛ ذَكَرَ هنا الخلقَ الأوَّلَ، وعِلْمَ اللهِ بكلِّ قولٍ وفعلٍ، ثُمَّ الحديثَ عن سكراتِ المَوتِ، والنَّفخِ في الصُّورِ، وكلامِ القَرِينِ المُوَكّلِ بعملِ الإنسانِ مِن الملائكةِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (27) الى الآية رقم (35) عدد الآيات (9)

= ثُمَّ كلامَ قرينِ الإنسانِ من الشَّياطينِ، وسؤالَ جهنَّمَ هَل امتَلأتِ؟ وتقريبَ الجَنَّةِ للمتَّقينَ، وذَكَرَ صفاتِهم في الدُّنيا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة ق

إثبات البعث (أو: اختر لنفسك: طريق النَّار أو طريق الجنة)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هذه السورة تدعونا:   لتذكُّر الآخرة وهول القيامة، وتحذرنا من أسباب الانحراف لنتجنبها ونبتعد عنها، وهي: أ‌. وسوسة النفس: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ (16). ب‌. القرين (الشيطان): ﴿قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِى ضَلَـٰلٍ بَعِيدٍ﴾ (27). جـ. الغفلة: ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ (22). وتوضح لنا طريقين لنختار بينهما؛ الأول: طريق النَّار: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ وكأنها تتسائل: فهل ترضى لنفسك أن تسمع هذه الكلمات وتكون من مزيد جهنم؟ ثم تعرض الآية التي تليها مباشرة الطريق الثاني: طريق الجنة: ﴿وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾، ثم يأتي السؤال: مع أي الفريقين تحب أن تكون؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة ق»، و«سورة ق والقرآن المجيد».
  • • معنى الاسم ::   ق: حرف من حروف التهجي.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بحرف الهجاء (ق)، وهِيَ مِنَ السُّوَرِ الَّتِي سُمِّيَتْ بِأَسْمَاءِ الْحُرُوفِ الْوَاقِعَةِ فِي ابْتِدَائِهَا مِثْلَ: طه، ص، يس، بِحَيْثُ إِذَا دُعِيَتْ بِهَا لَا تَلْتَبِسُ بِسُورَةٍ أُخْرَى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   سورة «الْبَاسِقَات»؛ لانفرادها بورود لفظة (الباسقات) فيها، في قوله تعالى: ﴿وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ﴾ آية (10)، كما تسمى سورة «الخطبة»؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قراءتها في خطبة الجمعة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   تذكُّر القيامة وأهوالها، والحذر من أسباب الانحراف والابتعاد عنها.
  • • علمتني السورة ::   التفكر في خلق السموات والأرض: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا ... تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن التَّكذيب بالرُّسُلِ عادة الأممِ السَّابقةِ، وعقاب المُكذِّبين سنَّة إلهية: ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الاستفادة من هذا القرآن إنما تقع لمن كان له قلبٌ حيٌّ، يستمع لآيات القرآن منصتًا متدبرًا لما يتلى، كأنها قد كتبت فيه: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِى الْفَجْرِ بِـ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾، وَكَانَ صَلاَتُهُ بَعْدُ تَخْفِيفًا».
    • عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ: «مَا حَفِظْتُ (ق) إِلاَّ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ».
    • عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِىَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى الأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾، وَ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة (ق) من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «... وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة (ق) من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة (ق) أول سور قسم المفصل على الراجح، وتعتبر أيضًا أول طوال المفصل.
    • كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على قراءة سورة (ق) في المجامع كالجمع والعيدين.
    • تمتاز سورة (ق) بأنها شديدة الوقع على الحس، تهز القلب هزًا؛ بما فيها من الترغيب والترهيب.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نُذَكِّر أنفسنا دومًا بالقيامة وأهوالها، ونتجنب أسباب الانحراف ونبتعد عنها.
    • أن نهتم بالقرآن علمًا وتدبرًا وعملًا إذا أردنا الرفعة والشرف في الدنيا والآخرة: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ (1)، (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ أي: أقسم بالقرآن ذى المجد والشرف).
    • أن نتأمل ونتفكر في خلق السموات والأرض: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا ...تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾ (6-8).
    • أن نتذكر إخراج الله للموتى إذا جاء المطر وخرج النبات: ﴿وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ﴾ (11).
    • ألا نحزن أو نيأس إذا لم يهتدِ على أيدينا أحد، أو لم يسلم على أيدينا أحد، فقد كذبت رسل من قبلنا: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ...﴾ (12).
    • أن نأخذ العبرة من غيرنا، ونعتبر من إهلاك الأمم السابقة المكذبة بالرسل وسوء عاقبتهم: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ...كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾.
    (12- 14).
    • أن نراقب الله دائمًا، ونستحي أن يرانا حيث نهانا، ونعلم أن أعمالنا محصاة علينا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ...مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (16-18).
    • أن نحذر من هذه الصفات الخمس: الكفر والعناد ومنع الخير والاعتداء والشك: ﴿...كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ﴾ (24، 25).
    • أن نقدم نصيحة لمن حولنا عن آية من كتاب الله: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ (45).
    • أن نذكر الناس بـ (سورة ق) يوم الجمعة، فنحن لم نعد نسمعها الآن، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة وحدها، ثم ينزل عن المنبر بعد أن يتأثر بها الصحابة تأثرًا شديدًا، حتى حفظوها من كثرة تكرارها يوم الجمعة، عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ: «مَا حَفِظْتُ (ق) إِلاَّ مِنْ فِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ».

تمرين حفظ الصفحة : 519

519

مدارسة الآية : [16] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا ..

التفسير :

[16] ولقد خلقنا الإنسان، ونعلم ما تُحَدِّث به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، وهو عِرْق في العنق متصل بالقلب.

يخبر تعالى، أنه المتفرد بخلقجنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، وأنه يعلم أحواله، وما يسره، ويوسوس في صدرهوأنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهوالعرقالمكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه، المطلع على ضميره وباطنه، القريب منهفي جميع أحواله، فيستحي منه أن يراه، حيث نهاه، أو يفقده، حيث أمره، وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال، فيجلهم ويوقرهم، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه، مما لا يرضي رب العالمين.

والمراد بالإنسان في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.. جنسه. وقوله: تُوَسْوِسُ من الوسوسة وهو الصوت الخفى، والمراد به حديث الإنسان مع نفسه. قال الشاعر:

وأكذب النفس إذا حدثتها ... إن صدق النفس يزرى بالأمل

وما موصولة، والضمير عائد عليها والباء صلة، أى: ونعلم الأمر الذي تحدثه نفسه به. ويصح أن تكون مصدرية، والضمير للإنسان، والباء للتعدية، أى ونعلم وسوسة نفسه إياه.

والمتدبر في هذه الآية يرى أن افتتاحها يشير إلى مضمونها، لأن التعبير بخلقنا، يشعر بالعلم التام بأحوال المخلوق، إذ خالق الشيء وصانعه أدرى بتركيب جزئياته. أى: والله لقد خلقنا بقدرتنا هذا الإنسان. ونعلم علما تاما شاملا ما تحدثه به نفسه من أفكار وخواطر..

وقوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ تقرير وتوكيد لما قبله.

وحبل الوريد: عرق في باطن العنق يسرى فيه الدم، والإضافة بيانية. أى: حبل هو الوريد. أى: ونحن بسبب علمنا التام بأحواله كلها، أقرب إليه من أقرب شيء لديه، وهو عرق الوريد الذي في باطن عنقه، أو أقرب إليه من دمائه التي تسرى في عروقه.

فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن علم الله- تعالى- بأحوال الإنسان، أقرب إلى هذا الإنسان، من أعضائه ومن دمائه التي تسرى في تلك الأعضاء.

والمقصود من القرب: القرب عن طريق العلم، لا القرب في المكان لاستحالة ذلك عليه- تعالى-.

قال القرطبي: قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعنى الناس. وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ أى: ما يختلج في سره وقلبه وضميره، وفي هذا زجر عن المعاصي التي استخفى بها.. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ هو حبل العاتق، وهو ممتد من ناحية حلقه إلى عاتقه، وهما وريدان عن يمين وشمال.. والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين.. وهذا تمثيل لشدة القرب. أى: ونحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو من نفسه.. وهذا القرب، هو قرب العلم والقدرة، وأبعاض الإنسان يحجب البعض البعض، ولا يحجب علم الله- تعالى- شيء .

وقال القشيري: في هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وأنس وسكون قلب لقوم .

وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه. وسار عليه من قبلنا جمهور المفسرين يكون الضمير نَحْنُ يعود إلى الله- تعالى-، وجيء بهذا الضمير بلفظ نَحْنُ على سبيل التعظيم.

ويرى الإمام ابن كثير أن الضمير هنا يعود إلى الملائكة، فقد قال- رحمه الله- وقوله:

وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعنى ملائكته- تعالى- أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه. ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد، وهما منفيان بالإجماع- تعالى الله وتقدس- ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد وإنما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ كما قال في المحتضر وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ

يعنى ملائكته.

وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، بإقدار الله لهم على ذلك .

وهذا الذي ذهب إليه ابن كثير وإن كان مقبولا- لأن قرب الملائكة من العبد بإقدار الله لهم على ذلك- إلا أن ما ذهب إليه الجمهور من أن الضمير نَحْنُ لله- تعالى- أدل على قرب الله- سبحانه- لأحوال عباده، وأظهر في معنى الآية، وأزجر للإنسان عن ارتكاب المعاصي.

يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه ، وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر . وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل " .

وقوله : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) يعني : ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه . ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد ، وهما منفيان بالإجماع ، تعالى الله وتقدس ، ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل : وأنا أقرب إليه من حبل الوريد ، وإنما قال : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) كما قال في المحتضر : ( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) [ الواقعة : 85 ] ، يعني ملائكته . وكما قال [ تعالى ] : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر : 9 ] ، فالملائكة نزلت بالذكر - وهو القرآن - بإذن الله عز وجل . وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه بإقدار الله لهم على ذلك ، فللملك لمة في الإنسان كما أن للشيطان لمة وكذلك : " الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ; ولهذا قال هاهنا :

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)

وقوله ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ) يقول تعالى ذكره: ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما تحدِّث به نفسه, فلا يخفى علينا سرائره وضمائر قلبه ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يقول: ونحن أقرب للإنسان من حبل العاتق; والوريد: عرق بين الحلقوم والعلباوين, والحبل: هو الوريد, فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ اسميه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) يقول: عرق العنق.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( حَبْلِ الْوَرِيدِ ) قال: الذي يكون في الحلق.

وقد اختلف أهل العربية في معنى قوله ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) فقال بعضهم: معناه: نحن أملك به, وأقرب إليه في المقدرة عليه.

وقال آخرون: بل معنى ذلك ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) بالعلم بما تُوَسْوس به نفسه.

التدبر :

عمل
[16] ﴿وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسوِسُ بِهِ نَفسُهُ﴾ فإياك أن تضمر في قلبك شيئًا يحاسبك الله عليه، أما الوساوس التي تطرأ على القلب، ولا يميل الإنسان إليها -بل يحاول دفعها- فلا تضره بل هي دليل إيمانه، فالشيطان إنما يلقي الوساوس على القلب السليم، أما غير السليم، فالشيطان لا يوسوس له؛ لأنه قد انتهى.
وقفة
[16] ﴿وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسوِسُ بِهِ نَفسُهُ﴾ إشارة إلى أن الله لا يخفى عليه خافية، ويعلم ذوات الصدور وخفايا الضمائر.
وقفة
[16] والمراد أن الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد في وقت كتابة الحفظة أعماله لا حاجة له لكتب الأعمال؛ لأنه عالم بها، لا يخفى عليه منها شيء، وإنما أمر بكتابة الحفظة للأعمال لحِكم أخرى؛ كإقامة الحجة على العبد يوم القيامة.
تفاعل
[16] ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ قل: «اللهم إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ».
وقفة
[16] ﴿وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسوِسُ بِهِ نَفسُهُ وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَريدِ﴾ ولقد خلقنا الإنسان، ونعلم ما تحدث به نفسه من خواطر وأفكار، ونحن أقرب إليه من العِرق الموجود في العنق المتصل بالقلب
وقفة
[16] ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ حتَّى الخواطرُ والأفكارُ، أنت مراقَبٌ.
وقفة
[16] ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ حتى في خلجات نفسك أنت مراقَب؛ لا تظن أن الخواطر تمر كالهباء.
وقفة
[16] ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ علم الله بما يخطر في النفوس من خير وشر.
عمل
[16] ذكر ابن القيم في مقامات الحياء: الحياء من الله في الخطرات والوساوس ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾؛ أنت عبد مكشوف، فلا تتنصل.
عمل
[16] ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ حتى في خلجات نفسك أنت مراقَب، ولكن احمد الله لست عليها مُحاسب.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ مهما كان في حياتك من هم قريبين لنفسك؛ فهنالك من هو أقرب، ويعلم هموم قلبك، وقادر على تبديلها.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ الله أقرب لك من الوريد؛ فراقب الكلمات واللقمات عبر الوريد.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ يخبر تعالى أنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهو العرق المكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه المطلع على ضميره وباطنه، القريب منه في جميع أحواله، فيستحيي منه أن يراه حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ هذه الآية وحدها كافية لأن يعيش بها الإنسان في حذر دائم وخشية دائمة وكفيلة أن تورث العبد يقظة توقفه على أبواب المحاسبة.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ قربه يدفعك إلى مراقبته، ومراقبته تدفعك إلى الحياء منه، ومن استحيا من الله حقًا ارتدع عن معاصيه.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ قال يحيى بن معاذ: «من استحيا من الله مطيعًا، استحيا الله تعالى منه وهو مذنب».
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ارح فؤادك فإن ربك قريب منك يعلم ما تريد توكل عليه وكفى بالله وكيلا.
عمل
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ أيها العبدُ, إن الله أقربُ إليك من كلِّ قريب, فإيَّاك أن تجعل بينك وبينه واسطة.
عمل
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ قد علم الله سبحانه ما يُكنُّه صدرُك, وما يَجول في ضميرك ونفسك, فحذارِ أن يطَّلعَ منك علي ما لا يُرضيه.
عمل
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ أقرب إليك من نفسك، فاقصده وحده وألجأ إليه وحده؛ لن تخيب.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ما قدر الله حق قدره من تعدى حدود الله وهو يعرف قربه سبحانه منه وقدرته عليه.
عمل
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ لا تشكُ همك لغير الله تعالى، ولا تظن أن الله غافل عنك، بل هو سبحانه يحب سماع أنينك ونداءك له؛ ليريك روائع عطائه وعظيم جوده.
وقفة
[16] ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ قال أحدهم: «لو أتيت يوم الحساب، وقيل لي: أتريد أن يحاسبك والداك بدل ربك؟ لرفضت؛ لأن ربي أرحم بي منهما».
عمل
[16] ضع أصابع يدك على رقبتك فتحسَّس حبلَ وريدك الذي بداخلها لتعجب من قربه منك، لكن تأمل قول الذي هو أقرب إليك منه ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾.
وقفة
[16] مهما كنت بعيدًا عن الله؛ فهو قريب منك، بل أقرب إليك من نفسك ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾.
وقفة
[16] ﴿وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَريدِ﴾ الله قريب أكثر مما تستطيع تخيله.
وقفة
[16] كلما أحسست أنك وحيد؛ تذكر: ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾.
وقفة
[16] في مواطن الدعاء لم يرد في القرآن نداء الله بحرف المنادى (يا) قبل (رب) ألبتة، والسر البلاغي أن (يا) النداء تستعمل لنداء البعيد، والله تعالى أقرب، فكان مقتضى البلاغة حذفها، قال تعالى: ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾.
عمل
[16] نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا اتسعت لنا السماء؛ فكيف نيأس والله تعالى يقول: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ:
  • الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد:حرف تحقيق. خلق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الانسان: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ وَنَعْلَمُ:
  • الواو استئنافية. نعلم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. توسوس: فعل مضارع مرفوع للتجرد وعلامة رفعه الضمة.به: جار ومجرور متعلق بتوسوس. نفسه: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وجملة تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول-ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: ما توسوسه به نفسه بمعنى: ما يخطر ببال الانسان ويهجس في ضميره من حديث النفس.ويجوز أن تكون «ما» مصدرية و «به» جارا ومجرورا متعلقا بمفعول «توسوس» والضمير للانسان. و «ما» وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به لنعلم. أي نعلم ما تجعله موسوسا.. وَنَحْنُ أَقْرَبُ:
  • ﴿ الواو عاطفة. نحن: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. أقرب: خبر «نحن» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن-أفعل-صيغة تفضيل وبوزن الفعل والقول الكريم مجاز والمراد قرب علمه منه وانه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقا لا يخفى عليه شيء
  • إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ:
  • ﴿ جاران ومجروران متعلقان بأقرب. الوريد:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والحبل: العرق شبه بواحد الحبال. وبما أن الشيء لا يضاف الى نفسه فالاضافة هنا للبيان أو يراد حبل العاتق فيضاف الى الوريد كما يضاف الى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد. والعاتق: مو

المتشابهات :

الحجر: 26﴿وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ
المؤمنون: 12﴿وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ
ق: 16﴿وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ
البلد: 4﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ
التين: 4﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد الاستدلالِ بابتداءِ الخلقِ الأوَّلِ على إعادةِ الخلقِ مِن جديدٍ؛ ذَكَرَ اللهُ هنا الخلقَ الأوَّلَ، وعِلْمَ اللهِ بكلِّ قولٍ وفعلٍ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ ..

التفسير :

[17] حين يكتب المَلَكان المترصدان عن يمينه وعن شماله أعماله. فالذي عن اليمين يكتب الحسنات، والذي عن الشمال يكتب السيئات.

{ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} أي:يتلقيان عن العبد أعماله كلها، واحد{ عَنِ الْيَمِينِ} يكتب الحسنات{ و} الآخر{ عن الشِّمَالِ} يكتب السيئات، وكل منهما{ قَعِيدٌ} بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له، ملازم له

وإِذْ في قوله- تعالى-: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ ... ظرف منصوب بقوله أَقْرَبُ. أى: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد، في الوقت الذي يتلقى فيه الْمُتَلَقِّيانِ وهما الملكان جميع ما يصدر عن هذا الإنسان.

وهو- سبحانه- وإن كان في غير حاجة إلى كتابة هذين الملكين لما يصدر عن الإنسان، إلا أنه- تعالى- قضى بذلك لحكم متعددة، منها إقامة الحجة على العبد يوم القيامة، كما أشار- سبحانه- إلى ذلك في قوله: ... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً. اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً .

ومفعول التلقي في الفعل الذي هو يتلقى، وفي الوصف الذي هو المتلقيان، محذوف، والتقدير إذ يتلقى المتلقيان جميع ما يصدر عن الإنسان فيكتبانه عليه.

وقوله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ بيان ليقظة الملكين وحرصهما على تسجيل كل ما يصدر عن الإنسان.

وقَعِيدٌ بمعنى المقاعد، أى الملازم للإنسان، كالجليس بمعنى المجالس.

والمعنى: عن يمين الإنسان ملك ملازم له لكتابة الحسنات، وعن الشمال كذلك ملك آخر ملازم له لكتابة السيئات وحذف لفظ قعيد من الأول لدلالة الثاني عليه، كما في قول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأى مختلف

أى: نحن راضون بما عندنا وأنت راض بما عندك..

( إذ يتلقى المتلقيان ) يعني : الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان . ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) أي : مترصد .

القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)

يقول تعالى ذكره: ونحن أقرب إلى الإنسان من وريد حلقه, حين يتلقى الملَكان, وهما المتلقيان ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) وقيل: عنى بالقعيد: الرصد.

* ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( قَعِيدٌ ) قال: رَصَد.

واختلف أهل العربية في وجه توحيد قعيد, وقد ذُكر من قبل متلقيان, فقال بعض نحويي البصرة: قيل : ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) ولم يقل: عن اليمين قعيد, وعن الشمال قعيد, أي أحدهما, ثم استغنى, كما قال : نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثم استغنى بالواحد عن الجمع, كما قال : فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا . وقال بعض نحويي الكوفة ( قَعِيدٌ ) يريد: قعودا عن اليمين وعن الشمال, فجعل فعيل جمعا, كما يجعل الرسول للقوم وللاثنين, قال الله عزّ وجل : إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ لموسى وأخيه, وقال الشاعر:

أَلِكْــنِي إلَيْهــا وَخَــيْرُ الرَّســو

ل أعْلَمُهُـــمْ بِنَوَاحـــي الخَــبَرْ (1)

فجعل الرسول للجمع, فهذا وجه وإن شئت جعلت القعيد واحدا اكتفاء به من صاحبه, كما قال الشاعر:

نَحْــنُ بِمَــا عِنْدَنَــا وأنْـتَ بِمَـا

عِنْــدَك رَاضٍ والــرَّأيُ مُخْــتَلِفُ (2)

ومنه قول الفَرَزدق:

إنّـي ضَمِنْـتُ لِمَـنْ أتـانِي مـا جَنى

وأَبـي فَكـانَ وكُـنْتُ غَـيرَ غَـدُورِ (3)

ولم يقل: غَدُورَيْن.

----------------------

الهوامش :

(1) البيت لأبي ذؤيب ( اللسان : رسل ) وروايته فيه كرواية المؤلف هنا ، وقد نقلها المؤلف عن معاني القرآن للفراء ( الورقة 309 ) وفي ( اللسان : ألك ) : بخبر الرسول . وأعلمهم بهمزة المتكلم في المضارع . وقال في رسل : وفي التنزيل العزيز " إنا رسول رب العالمين " ولم يقل رسل لأن فعولا وفعيلا يستوي فيهما المذكر والمؤنث ، والواحد والجمع مثل عدو وصديق . وقول أبي ذؤيب " ألكني إليها .... البيت " أراد بالرسول : الرسل ، فوضع الواحد موضع الجمع ، وقولهم : كثر الدينار والدرهم لا يريدون به الدينار بعينه ، إنما يريدون كثرة الدنانير والدراهم . وفي ( اللسان : ألك ) : ألكني : أي أبلغ رسالتي ، من الألوك والمألكة ، وهي الرسالة . وقال الفراء في معاني القرآن عند قوله تعالى " عن اليمين وعن الشمال قعيد " : لم يقل قعيدان : وروي عن ابن عباس قال : قعيدان ، عن اليمين عن الشمال ، يريد قعود ( بضم القاف ) وجعل القعيد جمعا ، كما تجعل الرسول للقوم وللاثنين ، كما قال الله : " إنا رسولا رب العالمين " لموسى وأخيه ، وقال الشاعر : " ألكني إليها .... البيت " . أ هـ .

(2) البيت لقيس ابن الخطيم ، وقد تقدم الاستشهاد به ( 10 : 122 ) من هذه الطبعة شرحناه هناك شرحًا مفسرًا فارجع إليه ثمة . ( وانظر الكتاب لسيبويه 1 : 38 ) .

(3) البيت للفرزدق ( الكتاب لسيبويه طبعة مصر 1 : 38 ) وهو من شواهد النحويين في باب التنازع ، فإن قوله كان وكنت يطلب الخبر وهو قوله " غير غدور " . والأصل : وكنت غير غدور . والعرب تحذف في مثل هذا خبر أحد العاملين ، اكتفاء بدلالة خبره على المحذوف . وعند البصريين أن الخبر الموجود هو خبر الثاني لا الأول فقد حذف خبره ، وهو ظاهر في الشاهد الذي قبل هذا ، " نحن بما عندنا ... " إلخ ( وقال الفراء في معاني القرآن الورقة 309 ومثله ) أي مثل الشاهد الذي قبله ، قول الفرزدق : " إني ضمنت ... البيت " ، ولم يقل غدورين . وقد نقل المؤلف كلامه .

التدبر :

وقفة
[17] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ أي: الملكين الذين يكتبان الحسنات والسيئات، وفي بعض الآثار: «أنت تجري في معصية الله وفيما لا يعنيك، ألا تستحي من الله ولا منهما؟!».
وقفة
[17] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ الله سبحانه يعلم كل شيء، وليس في حاجة إلى كتابة هذين الملكين لما يصدر عن كل إنسان، إلا أنه قضى بذلك لحِكَم، منها إقامة الحجة على العبد يوم القيامة.
وقفة
[17] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ المراد بالقعيد هنا: الملازم الثابت، لا القاعد الذي هو ضد القائم؛ ولذا قالوا لامرأة الرجل: قعيدته؛ لأنها تلازمه طوال حياته.
عمل
[17] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ استغفروه إن عصيتموه، قال الأحنف بن قيس: صاحب اليمين يكتب الخير، وهو أمير على صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له: «أمسك، فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها، وإن أبي كتبها»، فمن يأبى الاستغفار؟!
وقفة
[17] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ لا مفرَّ للإنسان من السَّعي إلي تقوي الله سرًّا وعلانية, فإن الملَكَين عن يمينه وشِماله يرصُدان عملَه، لا يفوتهما منه فائتة.
لمسة
[17] ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ إن قلتَ: كيف قال: (قَعِيدٌ) ولم يقل: قعيدان، إذْ أنه وصفٌ للملَكَيْنِ المذكورين؟ قلتُ: معناه عن اليمين قعيدٌ، وعن الشمال قعيدٌ، لكنه حذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، أو أن (فعيلًا) يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، قال تعالى: ﴿والملائكةُ بعد ذلكَ ظهيرٌ﴾ [التحريم: 4]، أو قال ذلك رعايةً للفواصل.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ:
  • ظرف زمان بمعنى «حين» متعلق بأقرب مبني على السكون في محل نصب. يتلقى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر. المتلقيان: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجملة يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ» في محل جر بالاضافة. هما الملكان الحفيظان.
  • ﴿ عَنِ الْيَمِينِ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والمبتدأ المؤخر محذوف اختصارا للدلالة الثاني عليه. أي عن اليمين. قعيد.
  • ﴿ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ:
  • معطوفة بالواو على «عن اليمين قعيد» وتعرب إعرابها أي مقاعد كجليس ومجالس أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد من المتلقين. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ أن مطلع على عبده، وهو أقرب إليه من وريده؛ ذكَرَ هنا أنَّه مع عِلمِه به وكَّل به مَلَكَينِ يَكتُبانِ ويَحفَظانِ عليه عمَلَه، قال تعالى:
﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا ..

التفسير :

[18] ما يلفظ من قول فيتكلم به إلا لديه مَلَك يرقب قوله، ويكتبه، وهو مَلَك حاضر مُعَدٌّ لذلك.

{ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} خير أو شر{ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} أي:مراقب له، حاضر لحاله، كما قال تعالى:{ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}

ثم أكد- سبحانه- كل هذه المعاني بقوله: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ أى: ما يتكلم هذا الإنسان من كلام، وما يفعل من فعل، إلا ولديه ملك «رقيب» أى:

حفيظ يكتب أقواله «عتيد» أى: مهيأ لذلك، حاضر عنده لا يفارقه.

يقال: عتد الشيء- ككرم- عتادة وعتادا، أى: حضر، فهو عتد وعتيد، ويتعدى بالهمزة وبالتضعيف، فيقال: أعتده صاحبه وعتّده، إذا هيأه وأعده.

والمراد أن الملكين اللذين أحدهما عن يمينه والثاني عن شماله، كلاهما مراقب لأعمال الإنسان، حاضر لكتابتها.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ وقوله- سبحانه-: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ وقوله- عز وجل-: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

قال بعض العلماء ما ملخصه: وبعض العلماء يرى أن الملكين يكتبان كل شيء حتى الأنين في المرض.. لأن قوله- تعالى- مِنْ قَوْلٍ نكرة في سياق النفي فتعم كل قول..

وبعضهم يرى أن الملكين لا يكتبان من الأعمال إلا ما فيه ثواب أو عقاب، وقالوا: إن في الآية نعتا محذوفا، سوغ حذفه العلم به، لأن كل الناس يعلمون أن الجائز لا ثواب فيه ولا عقاب، وتقدير النعت المحذوف: ما يلفظ من قول مستوجب للجزاء إلا ولديه رقيب عتيد.. .

( ما يلفظ ) أي : ابن آدم ( من قول ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) [ الانفطار : 10 - 12 ] .

وقد اختلف العلماء : هل يكتب الملك كل شيء من الكلام ؟ وهو قول الحسن وقتادة ، أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب كما هو قول ابن عباس ، على قولين ، وظاهر الآية الأول ، لعموم قوله : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي ، عن أبيه ، عن جده علقمة ، عن بلال بن الحارث المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " . قال : فكان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث .

ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ، من حديث محمد بن عمرو به . وقال الترمذي : حسن صحيح . وله شاهد في الصحيح .

وقال الأحنف بن قيس : صاحب اليمين يكتب الخير ، وهو أمير على صاحب الشمال ، فإن أصاب العبد خطيئة قال له : أمسك ، فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها ، وإن أبى كتبها . رواه ابن أبي حاتم .

وقال الحسن البصري وتلا هذه الآية : ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) : يابن آدم ، بسطت لك صحيفة ، ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك ، والآخر عن شمالك ، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت ، أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك ، وجعلت في عنقك معك في قبرك ، حتى تخرج يوم القيامة ، فعند ذلك يقول : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) [ الإسراء : 13 ، 14 ] ثم يقول : عدل - والله - فيك من جعلك حسيب نفسك .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) قال : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر ، حتى إنه ليكتب قوله : " أكلت ، شربت ، ذهبت ، جئت ، رأيت " ، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله ، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر ، وألقى سائره ، وذلك قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) [ الرعد : 39 ] ، وذكر عن الإمام أحمد أنه كان يئن في مرضه ، فبلغه عن طاوس أنه قال : يكتب الملك كل شيء حتى الأنين . فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله .

وقوله ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) يقول تعالى ذكره: ما يلفظ الإنسان من قول فيتكلم به, إلا عندما يلفظ به من قول رقيب عَتيد, يعني حافظ يحفظه, عتيد مُعَدُّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) فال: عن اليمين الذي يكتب الحسنات, وعن الشمال الذي يكتب السيئات.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن إبراهيم التيميّ, في قوله ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قال: صاحب اليمين أمِير أو أمين على صاحب الشمال, فإذا عمل العبد سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: أمسك لعله يتوب.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عمرو, عن منصور, عن مجاهد ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قال ملك عن يمينه, وآخر عن يساره, فأما الذي عن يمينه فيكتب الخير, وأما الذي عن شماله فيكتب الشرّ.

قال : ثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد, قال: مع كل إنسان مَلكان: ملك عن يمينه, وملك عن يساره; قال : فأما الذي عن يمينه, فيكتب الخير, وأما الذي عن يساره فيكتب الشرّ.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ... إلى ( عَتِيدٌ ) قال: جعل الله على ابن آدم حافظين في الليل, وحافظين في النهار, يحفظان عليه عمله, ويكتبان أثره.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) , حتى بلغ ( عَتِيدٌ ) قال الحسن وقتادة ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ) أي ما يتكلم به من شيء إلا كتب عليه. وكان عكرِمة يقول: إنما ذلك في الخير والشرّ يكتبان عليه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتاده, قال: تلا الحسن ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قال: فقال: يا ابن آدم بُسِطت لك صحيفة, ووكل بك ملَكان كريمان, أحدهما عن يمينك, والآخر عن شمالك; فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ; وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك, فاعمل بما شئت أقلل أو أكثر, حتى إذا متّ طويت صحيفتك, فجعلت في عنقك معك في قبرك, حتى تخرج يوما القيامة, فعند ذلك يقول وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ... حتى بلغ حَسِيبًا عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) قال: كاتب الحسنات عن يمينه, وكاتب السيئات عن شماله.

قال: ثنا مهران, عن سفيان, قال: بلغني أن كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات, فإذا أذنب قال له. لا تعجل لعله يستغفر.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) قال: جعل معه من يكتب كلّ ما لفظ به, وهو معه رقيب.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عمرو بن الحارث, عن هشام الحمصي, أنه بلغه أن الرجل إذا عمل سيئة قال كاتب اليمين لصاحب الشمال: اكتب, فيقول: لا بل أنت اكتب, فيمتنعان, فينادي مناد: يا صاحب الشمال اكتب ما ترك صاحب اليمين.

التدبر :

وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ فإذا كانت الأقوال تكتب، فالأفعال من باب أولى، فعليك أن تتقي الله عز وجل، ولا تخالفه، إذا سمعت الله يقول خبرًا، فقل: آمن به وصدقت، وإذا سمعت الله يأمر بأمر، فقل: آمنت به وسمعًا وطاعة، أو نهيًا فقل: آمنت به وسمعًا وطاعة.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ في اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص العبد من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام، وآفة السكوت، وقد يكون كل منهما أعظم إثمًا من الأخرى في وقتها.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قال سفيان الثوري لبعض أصحابه: «لو كان معكم من يرفع حديثكم إلى السلطان، أكنتم تتكلمون بشيء؟»، قالوا: «لا»، قال: «فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله».
عمل
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قل: «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»؛ حتى تجدها في صحيفتك.
عمل
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ لو استبدلنا مقولةَ «للجدرانِ آذانٌ» بمقولةِ «للملائكةِ أقلامٌ» لخرجَ جيلٌ لا يخشى إلَّا ذنبَه، ولا يرجو إلا ربه.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ثمة أحرف تزفنا إلى الجنة وأخرى تجرنا إلى النار.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قال ابن عمر: «إن أَحَقَّ ما طهر الرجل لسانه».
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قال علي t: «إن لله ملائكة معهم صُحَف بيض، فأملوا في أولها وفي آخرها خيرًا، يُغفر لكم ما بين ذلك».
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قال ابن القيم: «وفي اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص العبد من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام، وآفة السكوت، وقد يكون كل منهما أعظم إثمًا من الأخرى في وقتها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاص لله، مُراء مداهن إذا لم يخف على نفسه، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق، عاص لله».
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قال ابن تيمية: «ومن لم يكن لسانه وراء قلبه، كان كلامه كثير التقلب والتناقض».
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قال عبد الله بن مسعود: «والله الذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيء أحق بطول السجن من اللسان».
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ الرقيب والعتيد صفتان لملكي الحسنات والسيئات، فالرقيب هو الحافظ الشاهد على الأعمال، والعتيد هو المعد والمهيّأ للحفظ وللشهادة، بحيث يكون حاضرًا عند صاحبه لا يفارقه لحظة.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ لو علمت بمخبر يرقبك ويتتبعك؛ لأوجست منه خيفة، وكنت منه على حذر، فما بالُك بمَن يرقب أعمالك، ويكتب أقوالك؟!
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ كيف ستكون مجالسنا لو كانت هذا الآية نصب عيوننا، إن الأمر جد، والحساب حق، فعلام نغفل؟!
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ والله لو استحضرناها؛ لأصبحت أكبر رادع لنا عن الوقوع في الغيبة والنميمة وكثير من المعاصي.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ قاعدة قرآنية تُشعرنا بالخوف من الله، وتربينا على محاسبة أنفسنا قبل أن نحاسب.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ تأكَّد مهما اغتبْت، وكذبت، وشَهِدت زُورًا، فتذكَّر أنَّ هذه الأمور مسجلة عند رب العَالمَين؛ فاحفظْ لسانكَ مِن ذلك.
وقفة
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ إن إنسانًا يُكتب عليه كل ما يقول، لحريٌّ به أن يُقِل من القول.
عمل
[18] ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ كل ما تنطق من كلام أو تتلفظ به سيسجل إما لك أو عليك؛ انتق كلماتك بعناية، واجعل لسانك رطبًا بذكر الله، لا إله إلا الله.
وقفة
[18] الحكيم من عامل لسانه كالنبل، فإن أبصر مرماه أصاب، وإن أغمض عينيه أخطأ المرمى، فإن شئت فأبصر أو أغمض عينيك ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
عمل
[18] لو قيل لك أنك مراقب في حركاتك ومكالماتك لازددت حرصًا ودقة في أقوالك وأفعالك، كيف وقد قال لك الله ﷻ: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
وقفة
[18] من لم يردعه القرآن؛ فليس له رادع ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
وقفة
[18] قال ابن كثير: «وقد اختلف العلماء: هل يكتب الملك كل شيء من الكلام؟ وهو قول الحسن وقتادة، أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب، كما هو قول ابن عباس، وظاهر الآية الأول؛ لعموم قوله: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾».
وقفة
[18] تقرأ في سورة الحجرات النهي عن السخرية والتنابز والتجسس والغيبة وغيرها، ثم تقرأ موعظة سورة ق: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
وقفة
[18] والله لو عقلناها بقلوبنا لما اكتفينا بلفظها دون العمل ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ما يَلْفِظُ‍:
  • نافية لا عمل لها. يلفظ‍: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. يعود على الانسان.
  • ﴿ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ:
  • رفع اسم «كان» والجملة الاسمية هو ما كنت في محل رفع خبر «ذلك» والجملة الفعلية كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» صلة الموصول لا محل من الاعراب.
  • ﴿ رَقِيبٌ عَتِيدٌ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. عتيد: صفة-نعت-لرقيب مرفوعة مثلها وبالضمة. بمعنى ملك يرقب عمله. وعتيد: أي حاضر والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل «يلفظ‍» بتقدير: الا كائنا لديه رقيب عتيد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ الملكين؛ ذكر عملَهما واستعدادَهما لأدائه، قال تعالى:
﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ ..

التفسير :

[19] وجاءت شدة الموت وغَمْرته بالحق الذي لا مردَّ له ولا مناص، ذلك ما كنت منه -أيها الإنسان- تهرب وتروغ.

أي{ وَجَاءَتْ} هذا الغافل المكذب بآيات الله{ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} الذي لا مرد له ولا مناص،{ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} أي:تتأخر وتنكصعنه.

ثم بين- سبحانه- حالة الإنسان عند الاحتضار فقال: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ

ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. أى: وجاءت لكل إنسان سكرة الموت وشدته وغمرته وكربته، ملتبسة بالحق الذي لا شك فيه ولا باطل معه ذلِكَ أى: الموت الذي هو نهاية كل حي ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ أى: تميل وتهرب وتفر منه في حياتك. يقال: حاد فلان عن الشيء يحيد حيدة.. إذا تنحى عنه وابتعد.

أخرج الإمام أحمد وابن جرير عن عبد الله مولى الزبير بن العوام قال: لما حضر أبو بكر الموت، بكت ابنته عائشة، وتمثلت بقول الشاعر:

لعمرك ما يغنى الحذار عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فقال لها أبو بكر- رضى الله عنه-: لا تقولي ذلك يا بنتي، ولكن قولي: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ.

وقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، يقول تعالى : وجاءت - أيها الإنسان - سكرة الموت بالحق ، أي : كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه ، ( ذلك ما كنت منه تحيد ) أي : هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك ، فلا محيد ولا مناص ، ولا فكاك ولا خلاص .

وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) ، فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو . وقيل : الكافر ، وقيل غير ذلك .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا إبراهيم بن زياد - سبلان - أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عائشة رضي الله عنها ، قالت : حضرت أبي وهو يموت ، وأنا جالسة عند رأسه ، فأخذته غشية فتمثلت ببيت من الشعر :

من لا يزال دمعه مقنعا فإنه لا بد مرة مدقوق

قالت : فرفع رأسه فقال : يا بنية ، ليس كذلك ولكن كما قال تعالى : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) .

وحدثنا خلف بن هشام ; حدثنا أبو شهاب [ الخياط ] ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن البهي قال : لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه ، جاءت عائشة رضي الله عنها ، فتمثلت بهذا البيت :

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فكشف عن وجهه وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) وقد أوردت لهذا الأثر طرقا [ كثيرة ] في سيرة الصديق عند ذكر وفاته رضي الله عنه .

وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول : " سبحان الله ! إن للموت لسكرات " . وفي قوله : ( ذلك ما كنت منه تحيد ) قولان :

أحدهما : أن " ما " هاهنا موصولة ، أي : الذي كنت منه تحيد - بمعنى : تبتعد وتنأى وتفر - قد حل بك ونزل بساحتك .

والقول الثاني : أن " ما " نافية بمعنى : ذلك ما كنت تقدر على الفرار منه ولا الحيد عنه .

وقد قال الطبراني في المعجم الكبير : حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ، حدثنا حفص بن عمر الحدي ، حدثنا معاذ بن محمد الهذلي ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن سمرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب ، تطلبه الأرض بدين ، فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهر دخل جحره ، فقالت له الأرض : يا ثعلب ديني . فخرج وله حصاص ، فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات " .

ومضمون هذا المثل : كما لا انفكاك له ولا محيد عن الأرض كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)

وفي قوله ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ) وجهان من التأويل, أحدهما: وجاءت سكرة الموت وهي شدّته وغلبته على فهم الإنسان, كالسكرة من النوم أو الشراب بالحقّ من أمر الآخرة, فتبينه الإنسان حتى تثبته وعرفه. والثاني: وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت.

وقد ذُكر عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه أنه كان يقرأ ( وَجاءَتْ سَكْرَةُ الحَقّ بالمَوْتِ ).

* ذكر الرواية بذلك:

حدثنا محمد بن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن واصل, عن أبي وائل, قال: لما كان أبو بكر رضي الله عنه يقضي, قالت عائشة رضي الله عنها هذا, كما قال الشاعر:

إذَا حَشْرَجَتْ يَوْما وَضَاقَ بِها الصَّدْرُ (4)

فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا تقولي ذلك, ولكنه كما قال الله عزّ وجلّ : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) (5) . وقد ذُكر أن ذلك كذلك في قراءة ابن مسعود. ولقراءة من قرأ ذلك كذلك من التأويل وجهان:

أحدهما: وجاءت سكرة الله بالموت, فيكون الحقّ هو الله تعالى ذكره. والثاني: أن تكون السكرة هي الموت أُضيفت إلى نفسها, كما قيل : إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ . ويكون تأويل الكلام: وجاءت السكرةُ الحق بالموت.

وقوله ( ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) يقول: هذه السكرة التي جاءتك أيها الإنسان بالحقّ هو الشيء الذي كنت تهرب منه, وعنه تروغ.

--------------------------

الهوامش :

(4) هذا عجز بيت، وصدره كما في ( اللسان : حشرج ) * لعمـرك ما يغني الثراء ولا الغنى *

قال : الحشرجة : تردد صوت النفس وهو الغرغرة في الصدور . وفي حديث عائشة ودخلت على أبيها - رضي الله عنهما - عند موته ، فأنشدت : " لعمرك ... البيت " فقال : ليس كذلك ، ولكن : " وجاء سكرة الحق بالموت ". وهي قراءة منسوبة إليه وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 309 ) عند قوله تعالى : " وجاءت سكرة الموت بالحق " : وفي قراءة عبد الله ( ابن مسعود ) وإن شئت جعلت السكرة هي الموت ، أضفتها إلى نفسها كأنك قلت : جاءت سكرة الحق بالموت أ هـ . قلت : ض وهذا البيت لحاتم الطائي ، وروايته في ديوانه ( لندن سنة 1872 ص 39 ) :

أمـاوِيَّ مـا يُغْنِـي الـثَّرَاءُ عنِ الفَتَى

إذا حَشْـرَجَتْ يوْما وَضَاقَ بها الصَّدْرُ

(5) لعله سكرة الحق بالموت فإنها قراءة الصديق رضي الله عنه إلا أن تكون القراءة الأخرى رويت عنه أيضًا .

التدبر :

وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ حقيقة آمن بها كل الخلق، إلا أن الغفلة عنها عجيبة! اللهم ارزقنا الاستعداد للقاك.
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ قالت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ» [البخاري 6510].
وقفة
[19] لما رأت عائشة رضي الله عنها سكرات الموت على أبيها الصديق t، أرادت أن تسلِّيه فامتثلت قول حاتم: لَعَمْرُكَ ما يُغْني الثَّرَاءُ ولا الغِنى ... إِذا حَشْرَجَتْ يومًا وضاقَ بها الصَّدرُ
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ إنما قال: (جاءت)؛ لتحقق الأمر وقُربه، اللهم أحسن لنا الختام.
عمل
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ في سكرات الموت ينطِق اللسانُ بحقيقة ما في القلب، فتفقَّد قلبك قبل أن يفضحَك لسانك بسوء ما فيه.
وقفة
[19] وصف الله سبحانه وتعالى شدة الموت في أربع آيات: الأولى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾، الثانية: ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ [الأنعام: 93]، الثالثة: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾ [الواقعة: 83]، الرابعة: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ﴾ [القيامة: 26]، فهل من معتبر؟! رحم الله عبدًا أعد لذلك المصرع.
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ نزل الموت منزلة المشاهد ذلك للدلالة على قرب حصوله.
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ نظرة المؤمن للموت. قال النورسي: «الموت تبديل مكان، وتحويل موضع، وخروج من سجن إلى بستان، فليطلب الشهادة من كان يريد الحياة».
وقفة
[19] ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ استُعيرت السكرة للشدة، ووجه الشبه بينهما أن كليهما يُذهب العقل، ويجوز أن يُشبَّه الموت بالشراب، كما قال الشاعر: الموتُ كأسٌ وكُلُّ الناس شارِبُهُ ... والقبرُ حقٌّ وكُلُّ الناس داخِلُهُ
وقفة
[19] ﴿وَجاءَت سَكرَةُ المَوتِ بِالحَقِّ ذلِكَ ما كُنتَ مِنهُ تَحيدُ﴾ وجاءت شدة الموت بالحق الذي لا مهرب منه، ذلك ما كنت -أيها الإنسان الغافل- تتأخر عنه، وتفر.
وقفة
[19] ﴿وَجاءَت سَكرَةُ المَوتِ بِالحَقِّ ذلِكَ ما كُنتَ مِنهُ تَحيدُ﴾ مهما طال عمرك فستأتي؛ فماذا أعددت لها؟!
عمل
[19] لما احتضر أبو بكر t، تمثلت عائشة رضي الله عنها ببيت من الشعر، فكشف أبو بكر عن وجهه، وقال وهو في السكرات: «يا بنية، لا تقولي هذا، ولكن قولي كما قال الله: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾»، إنها لعبرة، في سكرات الموت لا يتحدث الإنسان إلا بما امتلأ به قلبه، فتفقد قلبك يا عبد الله.
وقفة
[19] مهما بذل المرء من أسباب السلامة والنجاة؛ فلابد من ساعة الفراق ﴿وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد﴾.
وقفة
[19] قال ابن أبي مليكة: «صحبت ابن عباس من المدينة إلى مكة، وكان يصلي ركعتين فإذا نزل قام شطر الليل يرتل القرآن حرفًا حرفًا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب ويقرأ: ﴿وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيد﴾»، وروى عن شعيب بن درهم قال: كان في هذا المكان -وأومأ إلى مجرى الدموع من خديه يعني خدي ابن عباس- مثل الشراك البالي من البكاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ:
  • الواو استئنافية. جاءت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. سكرة: فاعل مرفوع بالضمة. الموت: مضاف اليه مجرور وعلامة جره الكسرة
  • ﴿ بِالْحَقِّ:
  • جارة ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير: ملتبسة بالحق. أي بحقيقة الأمر.
  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. أي ذلك الموت.
  • ﴿ ما كُنْتَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان» والجملة الاسمية هو ما كنت في محل رفع خبر «ذلك» والجملة الفعلية كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» صلة الموصول لا محل من الاعراب.
  • ﴿ مِنْهُ تَحِيدُ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» منه: جار ومجرور متعلق بخبر «كان».تحيد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بمعنى تهرب. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ إنكارَهم البَعثَ، واحتَجَّ عليهم بوصْفِ قُدرتِه وعِلمِه؛ أعلَمَهم هنا أنَّ ما أنكَروه وجَحَدوه هم لاقوهُ عن قريبٍ عندَ مَوتِهم وعندَ قِيامِ السَّاعةِ، قال تعالى:
﴿ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سكرة:
وقرئ:
سكرات، جمعا، وهى قراءة ابن مسعود.

مدارسة الآية : [20] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ..

التفسير :

[20] ونُفخ في «القرن» نفخة البعث الثانية، ذلك النفخ في يوم وقوع الوعيد الذي توعَّد الله به الكفار.

{ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} أي:اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم الله به من العقاب، والمؤمنين ما وعدهم به من الثواب.

ثم بين- سبحانه- نهاية هذه الدنيا فقال: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ أى: النفخة الأخيرة.. ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ أى: ذلك الوقت الذي يكون فيه النفخ الأخير في الصور، هو الوقت الذي توعد الله- تعالى- فيه كل كافر بسوء المصير، كما وعد كل مؤمن بحسن الجزاء.

وخص الوعيد بالذكر، لتهويل هذا اليوم، وتحذير العصاة مما سيكون فيه.

وقوله : ( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ) . قد تقدم الكلام على حديث النفخ في الصور والفزع والصعق والبعث ، وذلك يوم القيامة . وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ، وانتظر أن يؤذن له " . قالوا : يا رسول الله كيف نقول ؟ قال : " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل " . فقال القوم : حسبنا الله ونعم الوكيل .

وقوله ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ) قد تقدّم بياننا عن معنى الصُّور, وكيف النفخ فيه بذكر اختلاف المختلفين. والذي هو أولى الأقوال عندنا فيه بالصواب, بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله ( ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ) يقول: هذا اليوم الذي ينفخ فيه هو يوم الوعيد الذي وعده الله الكفار أن يعذّبهم فيه.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ كيف النفخ في الصور؟! عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَسَّمَّعُ مَتَى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخُ؟!»، فَقَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ: «كَيْفَ نَقُولُ؟»، قَالَ: قُولُوا: «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا» [أحمد 1/326، وصححه الألباني]. وعَنْ أَنَسٍ t قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: «كَيفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الصُّورِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرنَ، وَحَنَا ظَهْرَهُ يَنْظُرُ تُجَاهَ الْعَرْشِ كَأَنَّ عَيْنَيهِ كَوكَبَانِ دُريَّانِ، لَمْ يَطْرف قَطّ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْمَر قَبْلَ ذَلِكَ» [الأحاديث المختارة 2567، وصححه الألباني].
وقفة
[20] ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ﴾ سماه يوم الوعيد لا يوم الوعد مع أنه يشمل كل مؤمن بحسن الجزاء، لتهويل هذا اليوم، وتغليبًا لجانب الترهيب، وتحذيرًا للعصاة مما يكون فيه.
وقفة
[20] ﴿يَوْمَ ٱلْوَعِيدِ﴾، ﴿يَوْمُ ٱلُخُلُودِ﴾ [34]، ﴿يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ﴾ [42] أحداث الآخرة تؤرخ بالأيام فما أعظمها؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ:
  • الواو عاطفة. نفخ: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. في الصور: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل. بمعنى:ونفخ اسرافيل يوم القيامة في البوق.
  • ﴿ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ بمعنى وقت ذلك النفخ فحذف المضاف المبتدأ وأقيم المضاف اليه مقامه. يوم:خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. الوعيد: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. '

المتشابهات :

الأنعام: 73﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
طه: 102﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا
النبإ: 18﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا
النمل: 87﴿وَ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ
المؤمنون: 101﴿ فَإذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ
الحاقة: 13﴿ فَإذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ نَفۡخَةٞ وَٰحِدَةٞ
الكهف: 99﴿وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا
الزمر: 68﴿ وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ
يس: 51﴿ وَنُفِخَ فِى الصُّورِ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ
ق: 20﴿ وَنُفِخَ فِى الصُّورِ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡوَعِيدِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد الموت؛ يظل الميت في قبره حتى النفخة الثانية في الصُّور، قال تعالى:
﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ ..

التفسير :

[21] وجاءت كل نفس معها مَلَكان، أحدهما يسوقها إلى المحشر، والآخر يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير وشر.

{ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ} يسوقها إلى موقف القيامة، فلا يمكنها أن تتأخر عنه،{ وَشَهِيدٌ} يشهد عليها بأعمالها، خيرها وشرها، وهذا يدل على اعتناء الله بالعباد، وحفظه لأعمالهم، ومجازاته لهم بالعدل، فهذا الأمر، مما يجب أن يجعله العبد منه على بال، ولكن أكثر الناس غافلون.

وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ من النفوس المؤمنة والكافرة والمطيعة والعاصية مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ أى: معها ملك يسوقها إلى المحشر، ومعها ملك آخر يشهد عليها..

( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) أي : ملك يسوقه إلى المحشر ، وملك يشهد عليه بأعماله . هذا هو الظاهر من الآية الكريمة . وهو اختيار ابن جرير ، ثم روي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع - مولى لثقيف - قال : سمعت عثمان بن عفان يخطب ، فقرأ هذه الآية : ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) ، فقال : سائق يسوقها إلى الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد .

وقال مطرف ، عن أبي جعفر - مولى أشجع - عن أبي هريرة : السائق : الملك والشهيد : العمل . وكذا قال الضحاك والسدي .

وقال العوفي عن ابن عباس : السائق من الملائكة ، والشهيد : الإنسان نفسه ، يشهد على نفسه . وبه قال الضحاك بن مزاحم أيضا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)

يقول تعالى ذكره: وجاءت يوم ينفخ في الصور كلّ نفس ربها, معها سائق يسوقها إلى الله, وشهيد يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير أو شرّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن يحيى بن رافع مولى لثقيف, قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب, فقرأ هذه الآية ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: سائق يسوقها إلى الله, وشاهد يشهد عليها بما عملت.

قال: ثنا حكام, عن إسماعيل, عن أبي عيسى, قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب, فقرأ هذه الآية ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: السائق يسوقها إلى أمر الله, والشهيد يشهد عليها بما عملت.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: السائق من الملائكة, والشهيد: شاهد عليه من نفسه.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا سفيان, عن مهران, عن خَصِيف, عن مجاهد ( سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) سائق يسوقها إلى أمر الله, وشاهد يشهد عليها بما عملت.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) سائق يسوقها إلى أمر الله, وشاهد يشهد عليها بما عملت.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله ( سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: المَلَكان: كاتب, وشهيد.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: سائق يسوقها إلى ربها, وشاهد يشهد عليها بعملها.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا سليمان بن حرب, قال: ثنا أبو هلال, قال: ثنا قتادة في قوله ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: سائق يسوقها إلى حسابها, وشاهد يشهد عليها بما عملت.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن ( مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: سائق يسوقها, وشاهد يشهد عليها بعملها.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس ( سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: سائق يسوقها, وشاهد يشهد عليها بعملها.

وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) السائق من الملائكة, والشاهد من أنفسهم: الأيدي والأرجل, والملائكة أيضا شهداء عليهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) قال: مَلك وكِّل به يحصي عليه عمله, ومَلك يسوقه إلى محشره حتى يوافي محشره يوم القيامة.

واختلف أهل التأويل في المعنيّ بهذه الآيات; فقال بعضهم: عنى بها النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. وقال بعضهم: عنى أهل الشرك, وقال بعضهم: عنى بها كلّ أحد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهريّ, قال: سألت زيد بن أسلم, عن قول الله وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ... الآية, إلى قوله ( سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) , فقلت له: من يراد بهذا؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقلت له رسول الله؟ فقال: ما تنكر؟ قال الله عزّ وجلّ : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى قال: ثم سألت صالح بن كيسان عنها, فقال لي: هل سألت أحدا؟ فقلت: نعم, قد سألت عنها زيد بن أسلم, فقال: ما قال لك؟ فقلت: بل تخبرني ما تقول, فقال: لأخبرنك برأيي الذي عليه رأيي, فأخبرني ما قال لك؟ قلت: قال: يراد بهذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقال: وما علم زيد؟ والله ما سن عالية, ولا لسان فصيح, ولا معرفة بكلام العرب, إنما يُراد بهذا الكافر، ثم قال: اقرأ ما بعدها يدلك على ذلك, قال: ثم سألت حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس, فقال لي مثل ما قال صالح: هل سألت أحدا فأخبرني به؟ قلت: إني قد سألت زيد بن أسلم وصالح بن كيسان, فقال لي: ما قالا لك؟ قلت: بل تخبرني بقولك, قال: لأخبرنك بقولي, فأخبرته بالذي قالا لي, قال: أخالفهما جميعا, يريد بها البرّ والفاجر, قال الله : وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) قال: فانكشف الغطاء عن البرّ والفاجر, فرأى كلّ ما يصير إليه.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) يعني المشركين.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عنى بها البرّ والفاجر, لأن الله أتبع هذه الآيات قوله وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ والإنسان في هذا الموضع بمعنى: الناس كلهم, غير مخصوص منهم بعض دون بعض. فمعلوم إذا كان ذلك كذلك أن معنى قوله وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ وجاءتك أيها الإنسان سكرة الموت بالحقّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ وإذا كان ذلك كذلك كانت بينة صحة ما قلنا.

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ عن ابن عباس: «السائق من الملائكة، والشهيد: شاهد عليه من نفسه».
وقفة
[21] ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ إنه لمشهدٌ مفزع حين يُساق العبدُ إلي محكمة العدل الإلهيَّة, والشاهد حاضر ليُدليَ بشهادته بالحقِّ.

الإعراب :

  • ﴿ وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ:
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة عشرة. وأنث الفعل على المعنى لأن المعنى وجاءت النفوس أو لأنه مضاف الى مؤنث.
  • ﴿ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ:
  • ظرف مكان منصوب متعلق بخبر مقدم وهو مضاف يدل على المصاحبة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. سائق: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. وشهيد: معطوف بالواو على «سائق» مرفوع مثله بالضمة. والجملة الاسمية مَعَها سائِقٌ» في محل نصب حال من «كل» لتعرفها بالاضافة الى ما هو في حكم المعرفة. بمعنى: وجاءها ملكان أحدهما يسوقه الى المحشر والآخر يشهد عليه بعمله أو ملك واحد جامع بين الأمرين بمعنى معها ملك يسوقها ويشهد عليها. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     وبعد النفخة الثانية في الصُّور؛ يقوم النَّاسُ عامَّة من قبورهم، وتأتي كلُّ نفس معها مَلَكان، أحدهما يسوقها إلى المحشر، والآخر يشهد عليها بما عملت في الدنيا من خير وشر، قال تعالى:
﴿ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

معها:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- محها، بالحاء مثقلة، أدغمت العين فى الهاء فانقلبت حاء، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [22] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ ..

التفسير :

[22] لقد كنت في غفلة من هذا الذي عاينت اليوم أيها الإنسان، فكشفنا عنك غطاءك الذي غطَّى قلبك، فزالت الغفلة عنك، فبصرك اليوم فيما تشهد قوي شديد.

{ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} أي:يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام، توبيخًا، ولومًا وتعنيفًا أي:لقد كنت مكذبًا بهذا، تاركًا للعمل له فالآن{ كشفنا عَنْكَ غِطَاءَكَ} الذي غطى قلبك، فكثر نومك، واستمر إعراضك،{ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} ينظر ما يزعجه ويروعه، من أنواع العذاب والنكال.

أو هذا خطاب من الله للعبد، فإنه في الدنيا، في غفلةعما خلق له، ولكنه يوم القيامة، ينتبه ويزول عنه وسنه، ولكنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط، ولا يستدرك الفائت، وهذا كله تخويف من الله للعباد، وترهيب، بذكر ما يكون على المكذبين، في ذلك اليوم العظيم.

ثم يقال للكافر في هذا اليوم العصيب: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ تامة مِنْ هذا الذي تعانيه اليوم وتشاهده فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ أى: فأنزلنا عنك في هذا اليوم تلك الغفلة التي كانت تحجبك عن الاستعداد لهذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح.

فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أى: فبصرك ونظرك في هذا اليوم نافذ قوى، تستطيع أن تبصر به ما كنت تنكره في الدنيا، من البعث والحساب والثواب والعقاب.

يقال: فلان حديد البصر، إذا كان شديد الإبصار بحيث يرى أكثر مما يراه غيره.

وهكذا نرى أن هذه الآيات الكريمة، قد بينت بأسلوب بليغ مؤثر، شمول علم الله- تعالى- لكل شيء، كما بينت حالة الإنسان يوم القيامة، يوم تأتى كل نفس ومعها سائق وشهيد..

ثم يحكى- سبحانه- بعد ذلك ما يقوله قرين الإنسان يوم القيامة فيقول:

وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله : ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )

أحدها : أن المراد بذلك الكافر . رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان .

والثاني : أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر ; لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام . وهذا اختيار ابن جرير ، ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس .

والثالث : أن المخاطب بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبه يقول زيد بن أسلم ، وابنه . والمعنى على قولهما : لقد كنت في غفلة من هذا الشأن قبل أن يوحى إليك ، فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك ، فبصرك اليوم حديد .

والظاهر من السياق خلاف هذا ، بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو ، والمراد بقوله : ( لقد كنت في غفلة من هذا ) يعني : من هذا اليوم ، ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) أي : قوي ; لأن كل واحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة ، لكن لا ينفعهم ذلك . قال الله تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) [ مريم : 38 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] .

وقوله ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ) يقول تعالى ذكره: يقال له: لقد كنت في غفلة من هذا الذي عاينت اليوم أيها الإنسان من الأهوال والشدائد ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) يقول: فجلينا ذلك لك, وأظهرناه لعينيك, حتى رأيته وعاينته, فزالت الغفلة عنك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وإن اختلفوا في المقول ذلك له, فقال بعضهم: المقول ذلك له الكافر.

وقال آخرون: هو نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

وقال آخرون: هو جميع الخلق من الجنّ والإنس.

ذكر من قال : هو الكافر:

حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) وذلك الكافر.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) قال: للكافر يوم القيامة.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) قال: في الكافر.

* ذكر من قال : هو نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ) قال: هذا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , قال: لقد كنت في غفلة من هذا الأمر يا محمد, كنت مع القوم في جاهليتهم.( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ).

وعلى هذا التأويل الذي قاله ابن زيد يجب أن يكون هذا الكلام خطابا من الله لرسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه كان فى غفلة في الجاهلية من هذا الدين الذي بعثه به, فكشف عنه غطاءه الذي كان عليه في الجاهلية, فنفذ بصره بالإيمان وتبيَّنه حتى تقرّر ذلك عنده, فصار حادّ البصر به.

* ذكر من قال : هو جميع الخلق من الجنّ والإنس:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهريّ, قال: سألت عن ذلك الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس, فقال: يريد به البرّ والفاجر,( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) قال: وكُشِف الغطاء عن البرّ والفاجر, فرأى كلّ ما يصير إليه.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي , عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) قال: الحياة بعد الموت.

حدثنا بشر قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ ) قال: عاين الآخرة.

وقوله ( فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) يقول: فأنت اليوم نافذ البصر, عالم بما كنت عنه في الدنيا في غفلة, وهو من قولهم: فلان بصير بهذا الأمر: إذا كان ذا علم به, وله بهذا الأمر بصر: أي علم.

وقد رُوي عن الضحاك إنه قال: معنى ذلك ( فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) لسان الميزان, وأحسبه أراد بذلك أن معرفته وعلمه بما أسلف في الدنيا شاهد عدل عليه, فشبَّه بصره بذلك بلسان الميزان الذي يعدل به الحقّ في الوزن, ويعرف مبلغه الواجب لأهله عما زاد على ذلك أو نقص, فكذلك علم من وافي القيامة بما اكتسب في الدنيا شاهد عليه كلسان الميزان.

التدبر :

وقفة
[22] ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا﴾ خطورة الغفلة عن الدار الآخرة.
وقفة
[22] ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ هنيئًا لمن عرف الحق قبل أن يلقىٰ الحق ﷻ.
وقفة
[22] ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ ليس معنى (حديد) في هذا السياق المعدن المعروف؛ بل المعنى: حاد نافذ.
وقفة
[22] ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ المراد بذلك كل بَرٍّ وفاجر؛ لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة، والدنيا كالمنام.
عمل
[22] احذر الغفلة عن الله تعالى ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾.
عمل
[22] زُر المقبرة واستعذ بالله من الغفلة ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾.
وقفة
[22] أنقى الحق الذي يعتقده الإنسان إذا خلا وحده بلا مؤثرات، وكل المؤثرات تزول عند الموت ﴿لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ لَقَدْ كُنْتَ:
  • اللام لام الابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. كنت فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك وهو فعل ناقص والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان».
  • ﴿ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كنت» من: حرف جر.هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بغفلة.
  • ﴿ فَكَشَفْنا:
  • الفاء استئنافية للتعليل. كشف: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ عَنْكَ غِطاءَكَ:
  • جار ومجرور متعلق بكشف. غطاء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَبَصَرُكَ:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. بصرك: مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْيَوْمَ حَدِيدٌ:
  • مفعول فيه-منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة.حديد: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا تأتي كلُّ نفس؛ ذَكَرَ اللهُ هنا ما يُقال للكافر في هذا اليوم العصيب، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

كنت:
1- بفتح التاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، على مخاطبة النفس، وهى قراءة الجحدري.
عنك:
1- بفتح الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، على مخاطبة النفس، وهى قراءة الجحدري.
غطاءك:
1- بفتح الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، على مخاطبة النفس، وهى قراءة الجحدري.
فبصرك:
1- بفتح الكاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، على مخاطبة النفس، وهى قراءة الجحدري.

مدارسة الآية : [23] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ ..

التفسير :

[23] وقال المَلَك الكاتب الشهيد عليه:هذا ما عندي مِن ديوان عمله، وهو لديَّ مُعَدٌّ محفوظ حاضر.

يقول تعالى:{ وَقَالَ قَرِينُهُ} أي:قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم الله على حفظه، وحفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة ويحضر أعماله ويقول:{ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} أي:قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه، وحفظ عمله، فيجازى بعمله.

والمراد بقرينه في قوله- تعالى-: وَقالَ قَرِينُهُ ... الملك الموكل بكتابة ما يصدر عن الإنسان في حياته، وجاء به مفردا مع أن لكل إنسان قرينين لأن المراد به الجنس.

ويصح أن يكون المراد بقرينه هنا، شيطانه الذي أضله وأغواه..

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: وَقالَ قَرِينُهُ ... أى: شيطانه المقيض له في الدنيا، ففي الحديث: «ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إلا أن الله- تعالى- أعاننى عليه، فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير» .

وقوله: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ إشارة إلى الشخص الكافر نفسه، أى: هذا ما عندي قد هيأته لجهنم..

وقال قتادة: قرينه: الملك الموكل بسوقه وبكتابة سيئاته، يقول مشيرا إلى ما في صحيفته وما فيها من سيئات: هذا الذي في صحيفته من سيئات مكتوب عندي، وحاضر للعرض.

و «ما» نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد، أو موصولة والظرف صلتها، و «عتيد» خبر بعد خبر لاسم الإشارة، أو خبر لمبتدأ محذوف.. .

يقول تعالى مخبرا عن الملك الموكل بعمل ابن آدم : أنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل ويقول : ( هذا ما لدي عتيد ) أي : معتد محضر بلا زيادة ولا نقصان .

وقال مجاهد : هذا كلام الملك السائق يقول : هذا ابن آدم الذي وكلتني به ، قد أحضرته .

وقد اختار ابن جرير أن يعم السائق والشهيد ، وله اتجاه وقوة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)

يقول تعالى ذكره: وقال قرين هذا الإنسان الذي جاء به يوم القيامة معه سائق وشهيد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) الملك.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ)... إلى آخر الآية, قال: هذا سائقه الذي وُكِّل به, وقرأ (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ).

وقوله (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل قَرينِ هذا الإنسان عند موافاته ربه به, ربّ هذا ما لديّ عتيد: يقول: هذا الذي هو عندي معدّ محفوظ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله (هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) قال: والعتيد: الذي قد أخذه, وجاء به السائق والحافظ معه جميعا.

التدبر :

وقفة
[23] ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ يقول الملك: هذا الذي وكلتني به من ابن آدم، حاضر بين يديَّ، قد أحضرت، وأحضرت معه ديوان ديوان أعماله، قال قتادة: «الملك الموكل بسوقه وبكتابه سيئاته، يقول مشيرًا إلى ما في صحيفته وما فيها من سيئات: هذا الذي في صحيفته من سيئات مكتوب عندي، وحاضر للعرض».

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ قَرِينُهُ:
  • الواو: استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح.قرينه: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هذا» لدي: ظرف مكان بمعنى عندي مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بصلة الموصول المحذوفة وهو مضاف والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل جر بالاضافة. عتيد: خبر ثان للمبتدإ مرفوع بالضمة. أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو عتيد ويجوز أن يكون بدلا من اسم الموصول بمعنى وقال الملك الموكل به هذا الذي لدي مهيأ لجهنم. '

المتشابهات :

ق: 23﴿وَ قَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ
ق: 27﴿ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد ذكرِ ما يُقال للكافر في هذا اليوم؛ ذَكَرَ اللهُ هنا ما يقوله القرينُ، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

عتيد:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، على الحال، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [24] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ ..

التفسير :

[24] يقول الله للمَلَكين السائق والشهيد بعد أن يفصل بين الخلائق:ألقيا في جهنم كلَّ جاحدٍ، كثيرِ الكفر والتكذيب بالله، معاندٍ للحق،

ويقال لمن استحق النار:{ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} أي:كثير الكفر والعناد لآيات الله، المكثر من المعاصي، المجترئ على المحارم والمآثم.

ثم يقال بعد ذلك للملكين الموكلين به، أو للسائق والشهيد: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ أى: اقذفا في جنهم باحتقار وغضب كل «كفار» أى: كل مبالغ في الجحود والكفر «عنيد» أى: معاند للحق مع علمه بأنه حق..

يقال: عند فلان عن الحق- من باب- قعد فهو عاند وعنيد وعنود، إذا ركب الخلاف والعصيان وأبى أن ينقاد للحق مع علمه بأنه حق، مأخوذ من العند وهو عظم يعرض في الحلق فيحول بين الطعام وبين دخوله إلى الجسم.

فعند ذلك يحكم الله سبحانه تعالى ، في الخليقة بالعدل فيقول : ( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد )

وقد اختلف النحاة في قوله : ( ألقيا ) فقال بعضهم : هي لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنية ، كما روي عن الحجاج أنه كان يقول : يا حرسي ، اضربا عنقه ، ومما أنشد ابن جرير على هذه اللغة قول الشاعر :

فإن تزجراني - يابن عفان - أنزجر وإن تتركاني أحم عرضا ممنعا

وقيل : بل هي نون التأكيد سهلت إلى الألف . وهذا بعيد ; لأن هذا إنما يكون في الوقف ، والظاهر أنها مخاطبة مع السائق والشهيد ، فالسائق أحضره إلى عرصة الحساب ، فلما أدى الشهيد عليه ، أمرهما الله تعالى بإلقائه في نار جهنم وبئس المصير .

( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ) أي : كثير الكفر والتكذيب بالحق ، ( عنيد ) : معاند للحق ، معارض له بالباطل مع علمه بذلك .

وقوله ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) فيه متروك استغني بدلالة الظاهر عليه منه, وهو: يقال ألقيا في جهنم, أو قال تعالى: ألقيا, فأخرج الأمر للقرين, وهو بلفظ واحد مخرج خطاب الاثنين. وفي ذلك وجهان من التأويل: أحدهما: أن يكون القرين بمعنى الاثنين, كالرسول, والاسم الذي يكون بلفظ الواحد في الواحد, والتثنية والجمع, فردّ قوله ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ) إلى المعنى. والثاني: أن يكون كما كان بعض أهل العربية يقول, وهو أن العرب تأمر الواحد والجماعة بما تأمر به الاثنين, فتقول للرجل ويلك أرجلاها وازجراها, وذكر أنه سَمِعها من العرب; قال: وأنشدني بعضهم:

فَقُلْـــتُ لصَــاحِبي لا تَحْبســانا

بــنزعِ أُصُولِــهِ واجْــتَزَّ شـيحا (6)

قال: وأنشدني أبو ثروان:

فـإنْ تَزْجُـرانِي يـا بْنَ عَفَّان أنزجِرْ

وَإنْ تَدَعــانِي أحْـمِ عِرْضـا مُمنَعَّـا (7)

قال: فيروى أن ذلك منهم أن الرجل أدنى أعوانه في إبله وغنمه اثنان, وكذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة, فجرى كلام الواحد على صاحبيه, وقال: ألا ترى الشعراء أكثر قيلا يا صاحبيّ يا خليليّ, وقال امرؤ القَيس:

خَـلِيلَيَّ مُـرَّا بِـي عـلى أُمّ جُـنْدَبِ

نُقَــضِّ لُبانــاتِ الفُـؤَادِ المُعَـذَّبِ (8)

ثم قال:

أَلـمْ تَـرَ أنّـي كُلَّمـا جِـئْتُ طارِفـا

وَجَـدْتُ بِهـا طِيْبـات وَإنْ لَّـمْ تَطَيَّبِ (9)

فرجع إلى الواحد, وأوّل الكلام اثنان; قال: وأنشدني بعضهم:

خَـلِيلَي قُومـا فـي عَطالَـةَ فـانْظُرَا

أنـارٌ تَـرَى مِـنْ ذِي أبـانَيْنِ أَمْ بَرْقا (10)

وبعضهم يروي: أنارا نرى.

( كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ) يعني: كل جاحد وحدانية الله عنيد, وهو العاند عن الحقّ وسبيل الهدى.

-------------------

الهوامش :

(6) البيت لمضرس بن ربعي الفقعسي الأسدي ، وليس ليزيد بن الطثرية كما نسبه الكسائي وثعلب إليه ، وأخذه عنه الجوهري في الصحاح . قاله ياقوت فيما كتبه على الصحاح . وفي روايته : " لحاطبي " في موضع لصاحبي ، وقوله : " لا تحبسانا " ، فإن العرب ربما خاطبت الواحد بلفظ الاثنين ( انظر شرح شواهد الشافية لعبد القادر البغدادي طبع القاهرة ) . وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 309 عند قوله تعالى " ألقيا في جهنم " . العرب تأمر الواحد والقوم بما يؤمر به الاثنان ، فيقولان للرجل قوما عنا . وسمعت بعضهم يقول : ويحك ارحلاها وازجراها . وأنشدني بعضهم " فقلت لصاحبي ... البيت " . قال : ويروى : واجدز يريد : واجتز . أ هـ .

(7) وهذا البيت أيضًا من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 309 ) على ما تقدم في نظيره من أن العرب قد تخاطب القوم والواحد بما تخاطب به الاثنين ، قال بعد أن أنشد البيت : ونرى أن ذلك منهم أن الرجل أدنى أعوانه في إبله وغنمه اثنان ، وكذلك الرفقة أدنى ما يكونون ثلاثة ، فجرى كلام الواحد على صاحبيه . أ هـ .

وقال في ( اللسان : جزر ) إن العرب ربما خاطبت الواحد بلفظ الاثنين ، كما قال سويد بن كراع العكلي :

تقـول ابنـة العـوفي ليـلي ألا ترى

إلـى ابـن كـراع لا يـزال مفزعـا

مخافــة هـذين الأمـيرين سـهدت

رقــادي وغشـتني بياضـا مقزعـا

فــإن أنتمــا أحكمتماني فـازجرا

أراهـط تـؤذي مـن النـاس رضعا

وإن تزجراني ... البيت .

قال : وهذا يدل على أنه خاطب اثنين : سعيد بن عثمان ، ومن ينوب عنه ، أو يحضر معه . وقوله فإن أنتما أحكمتماني : دليل أيضا على أنه يخاطب اثنين . وقوله : أحكمتماني : أي منعتماني من هجائه . واصله من أحكمت الدابة : إذا جعلت فيها حكمة اللجام وقوله : " وإن تدعاني " أي إن تركتماني حميت عرضي ممن يؤذيني . وإن زجرتماني انزجرت وصبرت . والرضع : جمع راضع ، وهو اللئيم . أ هـ . وعلى هذا لا يكون في البيت شاهد للفراء ، ولا للمؤلف .

(8) هذا البيت مطلع قصيدة لامرئ القيس قالها في زوجته أم جندب من طيئ ( مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي ص 43 ) والشاهد فيه أن يخاطب خليله ، بلفظ التثنية ، لأنهم كانوا ثلاثة في سفر . وبعد هذا المطلع قوله :

فإنكمـــا إن تنظــراني ســاعة

مـن الدهـر تنفعنـي لـدى أم جندب

(9) وهذا البيت هو ثالث البيتين في القصيدة ، وهو لامرئ القيس أيضًا . قال الفراء بعد كلامه الذي سبق في الشاهد الذي قبله : ثم قال : ألم تر ، فرجع إلى الواحد ، وأول كلامه اثنان . قلت : وكلام الفراء بناء على روايته في البيت . وهناك رواية أخرى في قوله " ألم تر " وهي : " ألم تريا " بصيغة الخطاب للمثنى ، وهما رفيقاه ، و شاهد عليها في البيت . وهي رواية الأعلم الشنتمري في شرحه للأشعار الستة ، وأثبتها شارح مختار الشعر الجاهلي .

(10) البيت لسويد بن كراع العكلي عن ( التاج : عطل ) وعطالة : جبل لبني تميم وذو وأبانين : أي المكان الذي فيه الجبلان : أبان الأبيض ، وهو لبني جريد من بني فزارة خاصة، والأسود لبني والبة من بني الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد ، ويشركهم فيه فزارة . وبين الجبلين نحو فرسخ ، ووادي الرمة يقطع بينهما . قاله البكري في ( معجم ما استعجم ص 95 ) . وقال الفراء بعد أن روى البيت: بعضهم يرويه : " أنارا ترى " . أ هـ . وعلى هذه الرواية الأخيرة لا يكون في البيت شاهد على ما أراده المؤلف من أن العرب تخاطب الواحد بما تخاطب به المثنى . وقوله " من ذى أبانين " هذه رواية الطبري في الأصل ، وهي تختلف عن رواية الفراء في معاني القرآن ( 309 ) وهي : " من نحو بابين " . قال في التاج : وبابين - مثنى - موضع بالبحرين

التدبر :

وقفة
[24] سورة ق ما من أحد يرددها، فيفتح مسامع قلبه لها إلا فتحت كل السدود التي تراكمت بسبب الذنوب، إن الآمر بقوله: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ﴾ هو نفسه القائل: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾ [34]، هو أيضًا الآمر: ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ [45]، فيا قارئ ق: قد لا تنجو من الأولى وتظفر بالثانية إلا بالثالثة.
تفاعل
[24] ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ استعذ بالله من جهنم.
وقفة
[24] ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ إن قلتَ: كيف ثنَّى الفاعل مع أنه واحدٌ، وهو مالكٌ خازنُ النَّارِ؟ قلتُ: بل الفاعلُ مثنَّى، وهما الملَكَان اللَّذان مرَّ ذكرهما بقوله: ﴿وَجَاءَتْ كلُّ نفْسٍ معَها سَائِقٌ وشَهِيدٌ﴾ [21]، أو أنَّ تثنية الفاعل أُقيمت مقام تكرُّر الفعل للتأكيد، واتِّحادهما حكمًا، فكأنه قال: أَلْقِ، أَلْقِ، كقول امرىء القيس: قفا نبكِ، أو أن العرب أكثر ما يوافق الرجل منهم اثنين، فكثر على ألسنتهم خطابهما فقالوا، خليليَّ، وصاحبيَّ، وقِفَا، ونحوها.
وقفة
[24، 25] كانوا يمنعون أبناءهم وذويهم من الإيمان واتباع النبي ﷺ، ومن هؤلاء: الوليد بن المغيرة كان يقول لبني أخيه: «من دخل منكم في الإسلام، لا أنفعه بشيء ما عشت».
وقفة
[24، 25] بعض الخلق مغاليق الخير ومفاتيح شر، احذرهم وحذر الناس منهم.
وقفة
[24، 25] المريب هو الذي أراب غيره، أي جعله مرتابًا وشاكًا، وذلك بما يلقي إلى الناس من مغالطات وشبهات تنال من عقيدتهم، كم ينتشرون اليوم حولنا، ويطلون علينا من الشاشات في حجرات نومنا؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَلْقِيا:
  • عل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والألف ضمير متصل-ضمير المثنى-مبني على السكون في محل رفع فاعل.أي ارميا وهو خطاب من الله تعالى للملكين السابقين السائق والشهيد.ويجوز أن يكون-كما قال الزمخشري-خطابا للواحد على وجهين أحدهما قول المبرد إن تثنية الفاعل نزلت منزلة تثنية الفعل لاتحادهما كأنه قيل ألق ألق للتأكيد. والثاني أن العرب أكثر ما يرافق الرجل منهم اثنان فكثر على ألسنتهم أن يقولوا خليلي وصاحبي حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين وقرأ الحسن ألقين بالنون الخفيفة. ويجوز أن تكون الألف في ألقيا بدلا من النون اجراء للوصل مجرى الوقف.
  • ﴿ فِي جَهَنَّمَ:
  • جار ومجرور متعلق بألقيا وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث.
  • ﴿ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. كفار: مضاف اليه مجرور بالكسرة وهو من صيغ المبالغة فعال بمعنى فاعل أي كثير الكفر. عنيد:صفة-نعت-لكفار مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد كلام القرين؛ يأمرُ اللهُ بأن يلقى الكافرُ في النَّار، وذَكرَ له ستة أوصاف، وهي: ١- كَفَّار. ٢- عَنيد، قال تعالى:
﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ألقيا:
وقرئ شاذا:
بنون النون التوكيد الخفيفة، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [25] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ

التفسير :

[25]منَّاعٍ لأداء ما عليه من الحقوق في ماله، مُعْتدٍ على عباد الله وعلى حدوده، شاكٍّ في وعده ووعيده،

{ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} أي:يمنع الخير الذي عندهالذي أعظمه، الإيمان بالله [وملائكته]وكتبه، ورسله مناع، لنفع ماله وبدنه،{ مُعْتَدٍ} على عباد الله، وعلى حدوده{ مُرِيبٍ} أي:شاك في وعد الله ووعيده، فلا إيمان ولا إحسان ولكن وصفه الكفر والعدوان، والشك والريب، والشح، واتخاذ الآلهة من دون الرحمن.

وقوله مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ صفات أخرى لذلك الكافر الملقى في جهنم.

أى: مبالغ في المنع لكل خير يجب فعله. وهو بعد ذلك كثير الاعتداء، وكثير الشك فيما هو حق وبر.

( مناع للخير ) أي : لا يؤدي ما عليه من الحقوق ، ولا بر فيه ولا صلة ولا صدقة ، ( معتد ) أي : فيما ينفقه ويصرفه ، يتجاوز فيه الحد .

وقال قتادة : معتد في منطقه وسيرته وأمره .

( مريب ) أي : شاك في أمره ، مريب لمن نظر في أمره .

وقوله ( مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ) كان قتادة يقول في الخير في هذا الموضع: هو الزكاة المفروضة.

حدثنا بذلك بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة.

والصواب من القول في ذلك عندي أنه كلّ حق وجب لله, أو لآدمي فى ماله, والخير في هذا الموضع هو المال.

وإنما قلنا ذلك هو الصواب من القول, لأن الله تعالى ذكره عمّ بقوله ( مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ) عنه أنه يمنع الخير ولم يخصص منه شيئا دون شيء, فذلك على كلّ خير يمكن منعه طالبه.

وقوله ( مُعْتَدٍ ) يقول: معتد على الناس بلسانه بالبذاء والفحش في المنطق, وبيده بالسطوة والبطش ظلما.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: معتد في منطقه وسيرته وأمره.

وقوله ( مُرِيبٍ ) يعني: شاكّ في وحدانية الله وقُدرته على ما يشاء.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( مُرِيبٍ ) : أي شاكّ.

التدبر :

وقفة
[25] ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ﴾ لم يفعل، ولم يترك الناس تفعل.
وقفة
[25] ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ﴾ من المتوعدين بالعذاب: من يمنع الخير عن الناس.
وقفة
[25] ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ﴾ هو كافر فأي خير يمنعه؟ الجواب: 1- يمنع الخير عن نفسه، الهداية وغيرها. 2- يمنع الخير عن غيره. 3- يمنع غيره من بذل الخير للآخرين. 4- يسعى لامتلاك خير الغير بطرقٍ غير مشروعة، كالسرقة والرشوة وغيرها.
وقفة
[25] البخل طريق إلى النار ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ
  • الآية الكريمة صفات-نعوت-أخرى لكفار مجرورات مثلها وعلامة جرهن الكسرة. للخير: جار ومجرور متعلق بمناع. وعلامة جر «معتد» الكسرة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص نكرة. ومعنى-مناع للخير-مانع للخير على صيغة فعال بمعنى فاعل متجاوز للحدود شاك في الدين. '

المتشابهات :

ق: 25﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَد مُّرِيبٍ
القلم: 12﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَد أَثِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ٣- مَنَّاع للخير. ٤- مُعتدٍ. ٥- شاك في دينه، قال تعالى:
﴿ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ..

التفسير :

[26]الذي أشرك بالله، فعبد معه معبوداً آخر مِن خلقه، فألقياه في عذاب جهنم الشديد.

{ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} أي:عبد معه غيره، ممن لا يملك لنفسه نفعًا، ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة، ولا نشورًا،{ فَأَلْقِيَاهُ} أيها الملكان القرينان{ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} الذي هو معظمها وأشدها وأشنعها.

الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ في العبادة والطاعة فَأَلْقِياهُ أيها الملكان فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ الذي يذله ويهينه.

والاسم الموصول مبتدأ يشبه الشرط في العموم، ولذا دخلت الفاء في خبره وهو قوله:

فَأَلْقِياهُ....

( الذي جعل مع الله إلها آخر ) أي : أشرك بالله فعبد معه غيره ، ( فألقياه في العذاب الشديد ) . وقد تقدم في الحديث : أن عنقا من النار يبرز للخلائق فينادي بصوت يسمع الخلائق : إني وكلت بثلاثة ، بكل جبار ، ومن جعل مع الله إلها آخر ، وبالمصورين ثم تلوى عليهم .

قال الإمام أحمد : حدثنا معاوية - هو ابن هشام - حدثنا شيبان ، عن فراس عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يخرج عنق من النار يتكلم ، يقول : وكلت اليوم بثلاثة : بكل جبار ، ومن جعل مع الله إلها آخر ، ومن قتل نفسا بغير نفس . فتنطوي عليهم ، فتقذفهم في غمرات جهنم " .

القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)

يقول تعالى ذكره: الذي أشرك بالله فعبد معه معبودا آخر من خلقه ( فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ) يقول: فألقياه في عذاب جهنم الشديد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[26] ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَأذُنَانِ تَسْمَعَانِ، وَلِسَان يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلاَثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللهِ إِلَهًا اخَر، وَبِالْمُصَوِّرِينَ. [أحمد 2/336، وصححه الألباني].
وقفة
[26] ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ لا يقتصر الشَّركُ على السُّجود للحَجَر والشَّجَر، فكم من شِركِ خفىٍّ يُودي بصاحبه إلى الجحيم!
تفاعل
[26] ﴿فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[24-26] تأمل أخي: صفات من يستحق أن يلقى في جهنم: ﴿كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾، عياذًا بالله.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مضمن معنى الشرط‍ ولذلك أجيب بالفاء.
  • ﴿ جَعَلَ مَعَ اللهِ:
  • صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. مع: ظرف مكان منصوب متعلق بجعل يدل على المصاحبة وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة:مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة ويجوز أن يكون «مع» اسما قام مقام المفعول الثاني للفعل «جعل» ويجوز أن يكتفي الفعل «جعل» بمفعول واحد على معنى «أوجد» ويكون «مع» في محل نصب حالا لأنه صفة مقدمة لإله بتقدير: جعل إلها آخر كائنا مع الله.
  • ﴿ إِلهاً آخَرَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة، آخر: صفة-نعت- لإله منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف على وزن-أفعل-.
  • ﴿ فَأَلْقِياهُ:
  • الفاء واقعة في جواب «الذي» ألقيا: أعربت في الآية الكريمة الرابعة والعشرين والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذي» ويجوز أن يكون الَّذِي جَعَلَ» في محل نصب بدلا من كُلَّ كَفّارٍ» ويكون «فالقياه» تكريرا للتوكيد والفاء استئنافية.
  • ﴿ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ:
  • جار ومجرور متعلق بألقيا. الشديد: صفة-نعت- للعذاب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ٦- مُشرك بالله تعالى، قال تعالى:
﴿ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ..

التفسير :

[27] قال شيطانه الذي كان معه في الدنيا:ربنا ما أضللته، ولكن كان في طريق بعيد عن سبيل الهدى.

{ قَالَ قَرِينُهُ} الشيطان، متبرئًا منه، حاملاً عليه إثمه:{ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} لأني لم يكن لي عليه سلطان، ولا حجة ولا برهان، ولكن كان في الضلال البعيد، فهو الذي ضل وأبعد عن الحق باختياره، كما قال في الآية الأخرى:{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} الآية

قالَ قَرِينُهُ أى: شيطانه الذي كان يزبن له السوء في الدنيا. والجملة مستأنفة لأنها جواب عما يزعمه الكافر يوم القيامة من أن قرينه هو الذي أغواه وحمله على الكفر..

أى: قال الشيطان في رده على الكافر: يا ربنا إننى ما أطغيته، ولا أجبرته على الكفر والعصيان وَلكِنْ هو الذي كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ دون أن أكرهه أنا على هذا الضلال أو الكفر.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ، إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ، وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ، ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ .

( قال قرينه ) : قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم : هو الشيطان الذي وكل به : ( ربنا ما أطغيته ) أي : يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامة كافرا ، يتبرأ منه شيطانه ، فيقول : ( ربنا ما أطغيته ) أي : ما أضللته ، ( ولكن كان في ضلال بعيد ) أي : بل كان هو في نفسه ضالا قابلا للباطل معاندا للحق . كما أخبر تعالى في الآية الأخرى في قوله : ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ) [ إبراهيم : 22 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27)

يقول تعالى ذكره: قال قرين هذا الإنسان الكفار المناع للخير, وهو شيطانه الذي كان موكلا به في الدنيا.

كما حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله ( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) قال: قرينه شيطانه.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( قَالَ قَرِينُهُ ) قال: الشيطان قُيِّض له.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ هو المشرك ( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) قال: قرينه الشيطان.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) قال: قرينه: الشيطان.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) قال: قرينه: شيطانه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) قال: قرينه من الجنّ: ربنا ما أطغيته, تبرأ منه.

وقوله ( رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) يقول: ما أنا جعلته طاغيا متعدّيا إلى ما ليس له, وإنما يعني بذلك الكفر بالله ( وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ) يقول: ولكن كان في طريق جائر عن سبيل الهدى جورا بعيدا. وإنما أخبر تعالى ذكره هذا الخبر, عن قول قرين الكافر له يوم القيامة, إعلاما منه عباده, تبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة.

كما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) قال: تبرأ منه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الله بن أبي زياد, قال: ثنا عبد الله بن أبي بكر, قال: ثنا جعفر, قال: سمعت أبا عمران يقول في قوله ( رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ ) تبرأ منه.

التدبر :

وقفة
[27] ﴿قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ ما أسرع ما يتبرَّأ شيطانُكَ منك!
وقفة
[27] ﴿قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ والمراد بالقرين هنا: قرينه الشيطاني كما قاله جماعة من السلف, وهذا يدل على أن يوم القيامة يوم البراءة, فيتبرأ كل أحد من أحد, حتي لا يتصور براءته كالقرين, وإنما الباعث على ذلك ما يرونه من عذاب.
وقفة
[27] ﴿قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ أخبرك الله أن من أغواك اليوم سيتبرأ منك غدًا، حتى تنفض يديك منه اليوم!
وقفة
[27] ﴿قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾ هل عرفت أين المشكلة؟! إنها أنفسنا الضعيفة.
وقفة
[27] قد لا يحتاج الإنسان إلى شيطانه ليضل؛ لأنه ضال بنفسه، فلا يؤثر فيه تكبيل شيطانه في رمضان ﴿قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ قَرِينُهُ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والعشرين. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ رَبَّنا:
  • منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى التقدير: يا ربنا منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. أي قال الكافر: رب: هو أطغاني أو قد أطغاني قريني هذا بمعنى جعلني طاغيا أي متجاوزا الحدود في الطغيان. فقال قرينه رادا عليه:يا ربنا ما أطغيته: أي ما جعلته طاغيا وانما أوقعته في الطغيان.
  • ﴿ ما أَطْغَيْتُهُ:
  • نافية لا عمل لها. أطغيته: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَلكِنْ كانَ:
  • الواو زائدة. لكن: حرف عطف للاستدراك أو حرف ابتداء للاستدراك لا عمل لها لأنها مخففة. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
  • ﴿ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان» بعيد: صفة-نعت- لضلال مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. '

المتشابهات :

البقرة: 176﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
الحج: 53﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
فصلت: 52﴿مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
ابراهيم: 3﴿وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ أُولَـٰئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ
الشورى: 18﴿أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ
ق: 27﴿قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد أن يأمر اللهُ بأن يلقى الكافرُ في النَّار؛ يتبرأ من كفره وعناده، ويلقي بالتبعة على شيطانه الذي كان معه في الدنيا؛ وهنا يتبرأ منه الشيطان، قال تعالى:
﴿ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ ..

التفسير :

[28] قال الله تعالى:لا تختصموا لديَّ اليوم في موقف الجزاء والحساب؛ إذ لا فائدة من ذلك، وقد قدَّمْتُ إليكم في الدنيا بالوعيد لمن كفر بي وعصاني.

قال الله تعالى مجيبًا لاختصامهم:{ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} أي:لا فائدة في اختصامكمعندي،{ و} الحال أني قد{ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} أي:جاءتكم رسلي بالآيات البينات، والحجج الواضحات، والبراهين الساطعات، فقامت عليكم حجتي، وانقطعت حجتكم، وقدمتم علي بما أسلفتم من الأعمال التي وجب جزاؤها.

قالَ أى: - الخالق- عز وجل لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ أى: لا تتنازعوا عندي في هذا الموقف، فإن التنازع لا فائدة فيه.

وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ أى: والحال أنى قد حذرتكم على ألسنة رسلي من سوء عاقبة الكفر، والآن لا مجال لهذا الاعتذار أو التخاصم.

وقوله : ( قال لا تختصموا لدي ) يقول الرب عز وجل للإنسي وقرينه من الجن ، وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق فيقول الإنسي : يا رب ، هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني . ويقول الشيطان : ( ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد ) أي : عن منهج الحق . فيقول الرب عز وجل لهما : ( لا تختصموا لدي ) أي : عندي ، ( وقد قدمت إليكم بالوعيد ) أي : قد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل ، وأنزلت الكتب ، وقامت عليكم الحجج والبينات والبراهين .

وقوله ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) يقول تعالى ذكره: قال الله لهؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم, وصفة قرنائهم من الشياطين ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) اليوم ( وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) في الدنيا قبل اختصامكم هذا, بالوعيد لمن كفر بي, وعصاني, وخالف أمري ونهيي في كتبي, وعلى ألسن رسلي.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الله بن أبي زياد, قال: ثنا عبد الله بن أبي بكر, قال: ثنا جعفر, قال: سمعت أبا عمران يقول في قوله ( وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) قال: بالقرآن.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) قال: إنهم اعتذروا بغير عذر, فأبطل الله حجتهم, وردّ عليهم قولهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) قال: يقول: قد أمرتكم ونهيتكم, قال: هذا ابن آدم وقرينه من الجن.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع, قال: قلت لأبي العالية ( لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ) قال أبو جعفر الطبريّ: أحسبه قال: هم أهل الشرك, وقال في آية أخرى ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ فهم أهل القبلة.

التدبر :

وقفة
[28] ﴿قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ لا جدوى من الخصام، لاستواء الفريقين في العذاب، فالداعي إلى الضلال باء بإثم ترويج الباطل والدعوة إليه، ومتلقِّي هذا الباطل باء بإثم اتباع أئمة الضلال، فاستويا في الجزاء لاستوائهما في الضلال.
وقفة
[28] ﴿قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ قال ابن عباس: «إنهم اعتذروا بغير عذر، فأبطل الله حجتهم، وردَّ عليهم قولهم».

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال الله والجملة استئنافية لا محل لها.
  • ﴿ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ:
  • الجملة الفعلية: في محل مفعول به-مقول القول-لا ناهية جازمة. تختصموا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لدي: ظرف مكان مبني على السكون قبل اضافته متعلق بتختصموا وهو مضاف والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب فلا فائدة في اختصامكم.
  • ﴿ وَقَدْ قَدَّمْتُ:
  • الواو حالية والجملة الفعلية بعدها في محل نصب حال من لا تَخْتَصِمُوا» قد: حرف تحقيق. قدمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.
  • ﴿ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ:
  • جار ومجرور متعلق بقدمت والميم علامة جمع الذكور.بالوعيد: الباء حرف جر زائد. الوعيد: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به مثل وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» بمعنى وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي. ويجوز أن تكون الباء معدية بقدمت على معنى قدم يطاوع معني «تقدم» ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله-ما يبدل القول لدي-الواردة في الآية الكريمة التالية ولأن «بالوعيد» متعلق بحال محذوفة أي قدمت اليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به. أو قدمته اليكم موعدا لكم به. وبما أن قوله وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ» واقع موقع الحال من لاتَخْتَصِمُوا» والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة واجتماعهما في زمان واحد واجب فيكون المعنى لا تختصموا وقد صح عندكم أني قدمت اليكم بالوعيد وصح دلك عندهم في الآخرة. هذا هو ما جاء في تفسير الزمخشري. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     ولَمَّا تخاصمَ الكافرُ مع قرينه؛ نهاهم اللهُ عن الاختصام لديه؛ لأنه لا فائدة فيه بعد أن أوعدهم على ألسنة رسله، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا ..

التفسير :

[29] ما يُغيَّر القول لديَّ، ولست أعذِّب أحداً بذنب أحد، فلا أعذِّب أحداً إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه.

{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} أي:لا يمكن أن يخلف ما قاله الله وأخبر به، لأنه لا أصدق من الله قيلاً، ولا أصدق حديثًا.

{ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} بل أجزيهم بما عملوا من خير وشر، فلا يزادفي سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم.

ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ أى: لا خلف لوعدى، ولا معقب لحكمي، بل هو كائن لا محالة، وهو أنى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أى: وما أنا من شأنى أن أعذب أحدا بدون ذنب جناه. وإنما أنا من شأنى أن أجازى الذين أساؤوا بما عملوا، وأجازى الذين أحسنوا بالحسنى، وأعفو عن كثير من ذنوب عبادي سوى الشرك بي.

( ما يبدل القول لدي ) قال مجاهد : يعني قد قضيت ما أنا قاض ، ( وما أنا بظلام للعبيد ) أي : لست أعذب أحدا بذنب أحد ، ولكن لا أعذب أحدا إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه .

القول في تأويل قوله تعالى : مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ (29)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله للمشركين وقرنائهم من الجنّ يوم القيامة, إذ تبرأ بعضهم من بعض: ما يغير القول الذي قلته لكم فى الدنيا, وهو قوله لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ولا قضائي الذي قضيته فيهم فيها.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) قد قضيت ما أنا قاض.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزّة, عن مجاهد, في قوله ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) قال: قد قضيت ما أنا قاض.

وقوله ( وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) يقول: ولا أنا بمعاقب أحدا من خلقي بجرم غيره, ولا حامل على أحد منهم ذنب غيره فمعذّبه به.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[29] ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ لا خلف لوعده، ولا معقب لحكمه، بل هو كائن لا محالة، ومن كان شاكًّا فيه في دنياه، فسيراه واقعًا حاضرًا بين يديه في أخراه.
وقفة
[29] ﴿ما يُبَدَّلُ القَولُ لَدَيَّ وَما أَنا بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ﴾ ما يغير القول لدي، ولا يخلف وعدي، ولا أظلم العبيد بنقص حسناتهم، ولا بزيادة سيئاتهم، بل أجزيهم بما عملوا، فسبحانه العدل الحكم.
وقفة
[29] كلمة ﴿القول﴾ في القرآن لها معنيان: ١- الحديث والكلام: وهو الأكثر، ومنه: ﴿ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد﴾، ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول﴾ [النساء: 148]. ٢- العذاب: ومنه قوله: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا﴾ [الإسراء: 16].
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ لا يعذِّب الله أحدًا بغير سبب، ولا يعذِّب أحدًا إلا بعد إقامة الحجة، ولا يعذِّب أحدًا بذنب غيره، ولا يعذِّب أحدًا فوق ما يستحق من العذاب.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ ثبوت صفة العدل لله تعالى.
وقفة
[29] ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ قال أحد السَّلف: «ما أحسنتُ إلى أحدٍ، وما أسأتُ إلى أحدٍ، وإنَّما أحسنتُ إلى نفسي، وأسأتُ إلى نفسي».

الإعراب :

  • ﴿ ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ:
  • نافية لا عمل لها. يبدل: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. القول: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى: لا يتبدل القول عندي. لدي: أعربت في الآية السابقة.
  • ﴿ وَما أَنَا:
  • الواو استئنافية. ما: نافية بمنزلة «ليس» في لغة أهل الحجاز ونافية لا عمل لها في لغة بني تميم ونجد وتهامة-أنا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى وعلى الابتداء على اللغة الثانية.
  • ﴿ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ:
  • الباء حرف جر زائد لتاكيد معنى النفي. ظلام: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ما» على اللغة الأولى ومرفوع محلا لأنه خبر «أنا» على اللغة الثانية. للعبيد: جار ومجرور متعلق بظلام. '

المتشابهات :

فصلت: 46﴿مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
ق: 29﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     وبعد بيان أنه لا مجال للاعتذار أو التخاصم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه لا خلف لوعيده، ولا معقب لحكمه، قال تعالى:
﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ ..

التفسير :

[30] اذكر -أيها الرسول- لقومك يوم نقول لجهنم يوم القيامة:هل امتلأت؟ وتقول جهنم:هل من زيادة من الجن والإنس؟ فيضع الرب -جل جلاله- قدمه فيها، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول:قَطْ قَطْ، أي:حَسْبي، قد امتَلأتُ ليس فيَّ مزيد.

يقول تعالى، مخوفًا لعباده:{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ} وذلك من كثرة ما ألقي فيها،{ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} أي:لا تزال تطلب الزيادة، من المجرمين العاصين، غضبًا لربها، وغيظًا على الكافرين.

وقد وعدها الله ملأها، كما قال تعالى{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} حتى يضع رب العزة عليها قدمه الكريمة المنزهة عن التشبيه، فينزوي بعضها على بعض، وتقول:قط قط، قد اكتفيت وامتلأت.

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أى: اذكر- أيها العاقل- لتتعظ وتعتبر- يوم نقول لجهنم هل امتلأت من كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب، واكتفيت من كل من جعل معى إلها آخر..؟

فترد جهنم وتقول: يا إلهى هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أى: يا إلهى هل بقي شيء منى لم يمتلئ من هؤلاء الكافرين؟ أنت تعلم يا خالقي أنى قد امتلأت، ولم يبق منى موضع لقدم.

قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: يخبر الله- تعالى- أنه يقول لجهنم يوم القيامة:

هل امتلأت؟ وذلك أنه وعدها أنه سيملؤها من الجنّة والناس أجمعين، فهو- سبحانه- يأمر بمن يأمر به إليها، ويلقى فيها وهي تقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أى: هل بقي شيء تزيدونى؟ ..

هذا هو الظاهر من سياق الآية، وعليه تدل الأحاديث، فقد أخرج البخاري عن أنس بن مالك. عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يلقى في النار- الكفرة- وتقول: هل من مزيد، حتى يضع- سبحانه- فيها قدمه فتقول: قط قط- أى: حسبي حسبي-..»

وعن ابن عباس قوله: وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أى: وهل فيّ من مكان يزاد فيّ.

وعن عكرمة قوله: وتقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وهل فيّ مدخل واحد؟ قد امتلأت .

وقال الشوكانى: وهذا الكلام على طريقة التخييل والتمثيل ولا سؤال ولا جواب. كذا قيل. والأولى أنه على طريقة التحقيق، ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع.

قال الواحدي: أراها الله تصديق قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فلما امتلأت قال لها: هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ أى: قد امتلأت ولم يبق في موضع لم يمتلئ. وقيل: إن هذا الاستفهام بمعنى الاستزادة. أى: إنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها.. والمزيد: إما مصدر كالمحيد. أو اسم مفعول كالمنيع، فالأول بمعنى: هل من زيادة.

والثاني بمعنى هل من شيء تزيدونيه.. .

يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة : هل امتلأت ؟ وذلك أنه وعدها أن سيملؤها من الجنة والناس أجمعين ، فهو سبحانه يأمر بمن يأمر به إليها ، ويلقى وهي تقول : ( هل من مزيد ) أي : هل بقي شيء تزيدوني ؟ هذا هو الظاهر من سياق الآية ، وعليه تدل الأحاديث :

قال البخاري عند تفسير هذه الآية : حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يلقى في النار ، وتقول : هل من مزيد ، حتى يضع قدمه فيها ، فتقول قط قط " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض ، وتقول : قط قط ، وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا آخر فيسكنهم في فضول الجنة " .

ثم رواه مسلم من حديث قتادة ، بنحوه . ورواه أبان العطار وسليمان التيمي ، عن قتادة ، بنحوه .

حديث آخر : قال البخاري : حدثنا محمد بن موسى القطان ، حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد بن يحيى بن مهدي ، حدثنا عوف ، عن محمد عن أبي هريرة - رفعه ، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان - : " يقال لجهنم : هل امتلأت ، وتقول : هل من مزيد ، فيضع الرب عز وجل قدمه عليها ، فتقول : قط قط " .

رواه أيوب وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، به .

طريق أخرى : قال البخاري : وحدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين . وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم . قال الله عز وجل للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي . وقال للنار : إنما أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله ، فتقول : قط قط ، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا آخر " .

حديث آخر : قال مسلم في صحيحه : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " احتجت الجنة والنار ، فقالت النار : في الجبارون والمتكبرون . وقالت الجنة : في ضعفاء الناس ومساكينهم . فقضى بينهما ، فقال للجنة : إنما أنت رحمتي ، أرحم بك من أشاء من عبادي . وقال للنار : إنما أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكما ملؤها " انفرد به مسلم دون البخاري من هذا الوجه . والله سبحانه وتعالى أعلم .

وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى ، عن أبي سعيد بأبسط من هذا السياق فقال :

حدثنا حسن وروح قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي سعيد الخدري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " افتخرت الجنة والنار ، فقالت النار : يا رب يدخلني الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف . وقالت الجنة : أي رب يدخلني الضعفاء والفقراء والمساكين . فيقول الله عز وجل ، للنار : أنت عذابي أصيب بك من أشاء . وقال للجنة : أنت رحمتي وسعت كل شيء ، ولكل واحدة منكما ملؤها ، فيلقى في النار أهلها فتقول : هل من مزيد ؟ قال : ويلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ ويلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يأتيها عز وجل ، فيضع قدمه عليها ، فتزوى وتقول : قدني ، قدني . وأما الجنة فيبقى فيها ما شاء الله أن يبقى ، فينشئ الله لها خلقا ما يشاء " .

حديث آخر : وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده : حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا يونس ، حدثنا عبد الغفار بن القاسم ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن أبي بن كعب ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يعرفني الله عز وجل ، نفسه يوم القيامة ، فأسجد سجدة يرضى بها عني ، ثم أمدحه مدحة يرضى بها عني ، ثم يؤذن لي في الكلام ، ثم تمر أمتي على الصراط - مضروب بين ظهراني جهنم - فيمرون أسرع من الطرف والسهم ، وأسرع من أجود الخيل ، حتى يخرج الرجل منها يحبو ، وهي الأعمال . وجهنم تسأل المزيد ، حتى يضع فيها قدمه ، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط ! وأنا على الحوض " . قيل : وما الحوض يا رسول الله ؟ قال : " والذي نفسي بيده ، إن شرابه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحا من المسك . وآنيته أكثر من عدد النجوم ، لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبدا ، ولا يصرف فيروى أبدا " . وهذا القول هو اختيار ابن جرير .

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو يحيى الحماني عن نضر الخزاز ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) قال : ما امتلأت ، قال : تقول : وهل في من مكان يزاد في .

وكذا روى الحكم بن أبان عن عكرمة : ( وتقول هل من مزيد ) : وهل في مدخل واحد ، قد امتلأت .

[ و ] قال الوليد بن مسلم ، عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهدا يقول : لا يزال يقذف فيها حتى تقول : قد امتلأت فتقول : هل [ في ] من مزيد ؟ وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا .

فعند هؤلاء أن قوله تعالى : ( هل امتلأت ) ، إنما هو بعد ما يضع عليها قدمه ، فتنزوي وتقول حينئذ : هل بقي في [ من ] مزيد ؟ يسع شيئا .

قال العوفي ، عن ابن عباس : وذلك حين لا يبقى فيها موضع [ يسع ] إبرة . فالله أعلم .

وقوله ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ ) يقول: وما أنا بظلام للعبيد في ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ ) وذلك يوم القيامة, ويوم نقول من صلة ظلام. وقال تعالى ذكره لجهنم يوم القيامة : ( هَلِ امْتَلأْتِ ) ؟ لما سبق من وعده إياها بأنه يملأها من الجِنَّة والناس أجمعين.

أما قوله ( هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله, فقال بعضهم: معناه: ما من مزيد. قالوا: وإنما يقول الله لها: هل امتلأت بعد أن يضع قدمه فيها, فينـزوي بعضها إلى بعض, وتقول: قطِ قطِ, من تضايقها; فإذا قال لها وقد صارت كذلك: هل امتلأت؟ قالت حينئذ: هل من مزيد: أي ما من مزيد, لشدّة امتلائها, وتضايق بعضها إلى بعض.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) قال ابن عباس: " إن الله الملك تبارك وتعالى قد سبقت كلمته: لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فلما بعث الناس وأحضروا, وسيق أعداء الله إلى النار زمرا, جعلوا يقتحمون في جهنم فوجا فوجا, لا يلقى في جهنم شيء إلا ذهب فيها, ولا يملأها شيء, قالت: ألستَ قد أقسمت لتملأني من الجِنَّة والناس أجمعين؟ فوضع قدمه, فقالت حين وضع قدمه فيها: قدِ قدِ, فإني قد امتلأت, فليس لي مزيد, ولم يكن يملأها شيء, حتى وَجَدَتْ مسّ ما وُضع عليها, فتضايقت حين جعل عليها ما جعل, فامتلأت فما فيها موضع إبرة ".

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) قال: وعدها الله ليملأنها, فقال: هلا وفيتك؟ قالت: وهل من مَسلك.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول فى قوله ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) كان ابن عباس يقول: " إن الله الملك, قد سبقت منه كلمة لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ لا يلقى فيها شيء إلا ذهب فيها, لا يملأها شيء, حتى إذا لم يبق من أهلها أحد إلا دخلها, وهي لا يملأها شيء, أتاها الربّ فوضع قدمه عليها, ثم قال لها: هل امتلأت يا جهنم؟ فتقول: قطِ قطِ; قد امتلأت, ملأتني من الجنّ والإنس فليس في مزيد; قال ابن عباس: ولم يكن يملأها شيء حتى وجدت مسّ قدم الله تعالى ذكره, فتضايقت, فما فيها موضع إبرة ".

وقال آخرون: بل معنى ذلك: زدني, إنما هو هل من مزيد, بمعنى الاستزادة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا الحسين بن ثابت, عن أنس, قال: " يلقى في جهنم وتقول: هل من مزيد ثلاثا, حتى يضع قدمه فيها, فينـزوي بعضها إلى بعض, فتقول: قطِ قطِ, ثلاثا ".

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) لأنها قد امتلأت, وهل من مزيد: هل بقي أحد؟ قال: هذان الوجهان في هذا, والله أعلم, قال: قالوا هذا وهذا.

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو بمعنى الاستزادة, هل من شيء أزداده؟

وإنما قلنا ذلك أولى القولين بالصواب لصحة الخبر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بما حدثني أحمد بن المقدام العجلي, قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاويّ, قال: ثنا أيوب, عن محمد, عن أبي هُريرة, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " إِذَا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ, لَمْ يَظْلِمِ اللّهُ أحَدًا مِنْ خَلْقِهِ شَيْئا, وَيُلْقِي فِي النَّارِ, تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ, حتى يَضَعَ عَلَيْها قَدَمَهُ, فَهنالكَ يَمْلأها, وَيُزْوَى بَعْضُها إلى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ".

حدثنا أحمد بن المقدام, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة, عن أنس, قال: " ما تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الله عليها قدمه, فتقول: قدِ قدِ, وما يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله خلقا, فيُسكنه فضول الجنة ".

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا أيوب وهشام بن حسان, عن محمد بن سيرين, عن أبي هُريرة, قال: " اختصمت الجنة والنار , فقالت الجنة: ما لي إنما يدخلني فقراء الناس وسقطهم; وقالت النار: ما لي إنما يدخلني الجبارون والمتكبرون, فقال: أنت رحمتي أصيب بك من أشاء, وأنت عذابي أصيب بك من أشاء, ولكل واحدة منكما ملؤها. فأما الجنة فإن الله ينشئ لها من خلقه ما شاء. وأما النار فيُلقون فيها وتقول: هل من مزيد؟ ويلقون فيها وتقول هل من مزيد, حتى يضع فيها قدمه, فهناك تملأ ويزوى بعضها إلى بعض, وتقول: قط, قط" (11) .

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ثور, عن محمد بن سيرين, عن أبي هريرة أن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " احْتَجَّت الجَنَّةُ والنَّارُ, فَقالَتِ الجَنَّةُ: مالي لا يَدخُلُنِي إلا فُقَرَاءُ النَّاسِ؟ وَقالَتِ النَّارُ: مالي لا يَدْخُلُنِي إلا الجَبَّارُون والمُتَكَبِّرُونَ؟ فَقالَ للنَّار: أنْت عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ; وَقالَ للْجَنَّةِ: أنْتِ رَحْمَتِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ, وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُما مِلْؤُها; فأمَّا الجَنَّةُ فإنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا ما شاء; وأمَّا النَّارَ فَيُلْقَوْنَ فِيها وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ, حتى يَضَعَ قَدمَهُ فيها, هُنالكَ تَمْتَلِئ , وَيَنـزوي بَعْضُها إلى بَعْضٍ, وَتَقُولُ: قَطْ, قَطْ".

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيها وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حتى يَضَعَ رَبُّ العَالمِينَ قَدَمَهُ, فَيَنـزوِي بَعْضُها إلى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَدْ, قَدْ, بِعِزَّتِك وكَرَمِكَ, وَلا يَزَالُ فِي الجَنَّة فَضْلٌ حتى يُنْشئ اللّهُ لَهَا خَلْقا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الجَنَّةِ ".

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الصمد, قال: ثنا أبان العطار, قال: ثنا قتادة, عن أنس, أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , قال: " لا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُول هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حتى يَضَعَ رَبُّ العَالمِينَ فيها قَدَمَه, فَيَنـزوِي بَعْضُها إلى بَعْض, فَتَقُولُ: بِعِزَّتِكَ قَطْ, قَطْ; وَما يَزَالُ فِي الجَنَّةِ فَضْلٌ حتى يُنْشِئَ اللّهُ خَلْقا فَيُسْكِنَه في فَضْلِ الجَنَّةِ ".

قال: ثنا عمرو بن عاصم الكلابي, قال: ثنا المعتمر, عن أبيه, قال: ثنا قتادة, عن أنس, قال: ما تزال جهنم تقول: هل من مزيد فذكر نحوه " غير أنه قال: أو كما قال.

حدثنا زياد بن أيوب, قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف, عن سعيد, عن قتادة, عن أنس, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , قال: " احْتَجَّتِ الجَنَّةُ والنَّارُ, فَقالَتِ النَّارُ: يَدْخُلُنِي الجَبَّارُونَ والمُتَكَبِّرُونَ; وَقالَتِ الجنَّةُ: يَدخُلُنِي الفُقَرَاءُ وَالمَساكِينُ; فأَوْحَى اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلى الجَنَّة: أنْتِ رَحْمَتِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ; وأَوْحَى إلى النَّار: أنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ, وَلِكُلّ وَاحِدَةٍ مِنْكُما مِلْؤُها; فأمَّا النَّارُ فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حتى يَضَعَ قَدَمَهُ فِيها, فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ". ففي قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " لا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ " دليل واضح على أن ذلك بمعنى الاستزادة لا بمعنى النفي, لأن قوله: " لا تزال " دليل على اتصال قول بعد قول.

------------------

الهوامش :

(11) قط قط ، وتقدم قبله : قد قد . وهما بمعنى : كفى كفى .

التدبر :

وقفة
[30] ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتْ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتْ الْجَنَّةُ: مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا» [البخاري 4850].
وقفة
[30] ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ ما فائدة سؤال الله لجهنم، وقد عَلم هل امتلأت أم لا؟ الفائدة: توبيخ من دخلها، وزيادة عذابه وتنغيصه، وإشارة إلى تحقق وعيده في قوله: ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [السجدة: 13].
تفاعل
[30] ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ يَوْمَ:
  • مفعول فيه منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. متعلق بظلام أو يكون اسما منصوبا بفعل مضمر تقديره: اذكر وأنذر ويجوز أن ينتصب بنفخ بتقدير: ونفخ في الصور-يوم نقول لجهنم-وعلى هذا يشار بذلك الى يوم نقول ولا يقدر حذف المضاف.
  • ﴿ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة وهي فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.لجهنم: جار ومجرور متعلق بنقول وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث والجملة بعدها في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ هَلِ امْتَلَأْتِ:
  • حرف استفهام لا محل له من الاعراب وحرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين. امتلأت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبة-مبني على الكسر في محل رفع فاعل.
  • ﴿ وَتَقُولُ:
  • الواو استئنافية. تقول: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. والجملة الاسمية بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
  • أعرب. من: حرف جر زائد داخل على المبتدأ النكرة ومسبوق بحرف استفهام. مزيد: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره: ما في مزيد أو ثمة مزيد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ أنه قدَّم إليهم في الدنيا بالوعيد؛ ذكرَ هنا مكان حلول الوعيد، قال تعالى:
﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نقول:
قرئ:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة الأعرج، وشيبة، ونافع، وأبى بكر، والحسن، وأبى رجاء، وأبى جعفر، والأعمش.
2- بالنون، وهى قراءة باقى السبعة.
3- يقال، بياء مبنيا للمفعول، وهى قراءة عبد الله، والحسن، والأعمش.

مدارسة الآية : [31] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ

التفسير :

[31] وقُرِّبت الجنة للمتقين مكاناً غير بعيد منهم، فهم يشاهدونها زيادة في المسرَّة لهم.

{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} أي:قربت بحيث تشاهد وينظر ما فيها، من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، وإنما أزلفت وقربت، لأجل المتقين لربهم، التاركين للشرك، صغيره وكبيره ، الممتثلين لأوامر ربهم، المنقادين له.

وكعادة القرآن في المقارنة بين عاقبة الأشرار والأخيار، جاء بعد ذلك الحديث عن المتقين وحسن عاقبتهم فقال- تعالى-: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ.

وقوله: وَأُزْلِفَتِ من الإزلاف بمعنى القرب، يقال: أزلفه إذا قربه، ومنه الزلفة والزلفى بمعنى القربة والمنزلة.. وهو معطوف على قوله- سبحانه- وَنُفِخَ فِي الصُّورِ.

وقوله: غَيْرَ بَعِيدٍ صفة لموصوف مذكر محذوف، ولذا قال غير بعيد ولم يقل غير بعيدة. أى: وأدنيت وقربت الجنة للمتقين في مكان غير بعيد منهم، فصاروا يرونها ويشاهدون ما فيها من خيرات لا يحيط بها الوصف.

وفائدة قوله: غَيْرَ بَعِيدٍ بعد قوله وَأُزْلِفَتِ للتأكيد والتقرير، كقولك: فلان قريب غير بعيد، وعزيز غير ذليل..

قال الجمل ما ملخصه: فإن قيل: ما وجه التقريب مع أن الجنة مكان، والأمكنة يقرب منها وهي لا تقرب؟.

فالجواب: أن الجنة لا تنقل.. لكن الله- تعالى- يطوى المسافة التي بين المؤمن والجنة- حتى لكأنها حاضرة أمامه- وذلك من باب التكريم والتشريف للمؤمن .

وقوله : ( وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ) : قال قتادة ، وأبو مالك ، والسدي : ( أزلفت ) أدنيت وقربت من المتقين ، ( غير بعيد ) وذلك يوم القيامة ، وليس ببعيد ; لأنه واقع لا محالة ، وكل ما هو آت آت .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)

يعني تعالى ذكره بقوله ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ) وأُدنيت الجنة وقرّبت للذين اتقوا ربهم, فخافوا عقوبته بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ) يقول: وأدنيت ( غَيْرَ بَعِيدٍ ) .

التدبر :

وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ الجنة تقرب فلا يكلفون مشقة السير إليها، بل هي التي تجيء، وهذا من التكريم، اللهم ارزقنا جنتك يا رب.
وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ لا يأتونها فقط، بل تُقرَّب لهم؛ زيادة في الفضل، وغاية الأنس جعلنا الله من أصحابها.
وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ من أسباب الإكرام ألا يتعب الداخل إلى الجنة، فهي تقرب منهم، أي لا يتعبون في قصد دخولها، ولا في المسير إليها.
وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ قال ابن عاشور: «والجنة موجودة من قبل وُرود المتَّقين إليها، فإزلافها قد يكون بحشرهم للحساب بمقربة منها، كرامة لهم عن كُلْفة المسير إليها، وقد يكون عبارة عن تيسير وصولهم إليها بوسائل غير معروفة في عادة أهل الدنيا».
تفاعل
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ بشارة من الله لعباده، صبرًا، لم يبقَ إلا القليل، إنها قريبة، نسأل الله من فضله.
وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ تحسسوا الجنَّة من حولكم أيُّها المتَّقون! ليست بعيدة؛ الجنَّة بترك شهوة، بدمعة صادقة، بعمل خفيٍّ.
وقفة
[31] ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ إن قلتَ: لمَ لمْ يقل: (غير بعيدةٍ)، لكونه وصفًا للجنة؟ قلتُ: لأن (فعيلًا) يستوي فيه المذكَر والمؤنث، أو لأنه صفة لمذكَّرٍ محذوف أي مكانًا غير بعيد، فإن قلتَ: ما فائدة قوله (غيرَ بعيدٍ) بعد قوله (وأُزلفت): بمعنى قُرِّبت؟ قلتُ: فائدته التأكيدُ، كقولهم: هو قريبٌ غيرُ بعيد، وعزيزٌ غير ذليل.

الإعراب :

  • ﴿ وَأُزْلِفَتِ:
  • الواو استئنافية. أزلفت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب وقد حركت بالكسر لالتقاء الساكنين بمعنى: وقربت.
  • ﴿ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ:
  • نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. للمتقين: جار ومجرور متعلق بأزلفت وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة أو صفة لظرف محذوف بتقدير: مكانا غير بعيد وهو مضاف. بعيد: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أو تكون «غير» حالا من الجنة وذكر لأنه على وزن المصدر كالزئير والصليل والمصادر يستوى في الوصف بها المذكر والمؤنث أو على حذف الموصوف كما حذف في التقدير: مكانا غير بعيد. أي شيئا غير بعيد ومعناه التوكيد كما نقول هو قريب غير بعيد. وعزيز غير ذليل. '

المتشابهات :

الشعراء: 90﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ
ق: 31﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيۡرَ بَعِيدٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ النَّارَ، وقَدَّمها؛ لأنَّ المقامَ للإنذارِ؛ أتْبَعَها الجنةَ دارَ الأبرارِ، قال تعالى:
﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [32] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ ..

التفسير :

[32] يقال لهم:هذا الذي كنتم توعدون به -أيها المتقون- لكل تائب مِن ذنوبه، حافظ لكل ما قَرَّبه إلى ربه، من الفرائض والطاعات،

ويقال لهم على وجه التهنئة:{ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} أي:هذه الجنة وما فيها، مما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، هي التي وعد الله كل أواب أي:رجاع إلى الله، في جميع الأوقات، بذكره وحبه، والاستعانة به، ودعائه، وخوفه، ورجائه.

{ حَفِيظٍ} أي:يحافظ على ما أمر الله به، بامتثاله على وجه الإخلاص والإكمال له، على أكملالوجوه، حفيظ لحدوده.

واسم الإشارة في قوله: هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ يعود إلى الجنة التي قربت لهم.. والجملة على تقدير القول، أى: قربت الجنة ممن هم أهلها، ويقال لهم عند دخولها:

هذا الذي ترونه من نعيم، هو ما سبق أن وعد الله- تعالى- به كل أَوَّابٍ أى رجاع إليه بالتوبة حَفِيظٍ أى: حافظ لحدوده وأوامره ونواهيه بحيث لا يتجاوزها، وإنما ينفذها، ويقف عندها.

( هذا ما توعدون لكل أواب ) أي : رجاع تائب مقلع ، ( حفيظ ) أي : يحفظ العهد فلا ينقضه و [ لا ] ينكثه .

وقال عبيد بن عمير : الأواب : الحفيظ الذي لا يجلس مجلسا [ فيقوم ] حتى يستغفر الله عز وجل .

وقوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ ) يقول: قال لهم: هذا الذي توعدون أيها المتقون, أن تدخلوها وتسكنوها وقوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) يعني: لكل راجع من معصية الله إلى طاعته, تائب من ذنوبه.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك, فقال بعضهم: هو المسبح, وقال بعضهم: هو التائب, وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته, غير أنا نذكر في هذا الموضع ما لم نذكره هنالك.

حدثني سليمان بن عبد الجبار, قال: ثنا محمد بن الصلت, قال: ثنا أبو كدينة, عن عطاء, عن سعيد بن جُبَير, عن ابن عباس ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) قال: لكلّ مسبح.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مسلم الأعور, عن مجاهد, قال: الأوّاب: المسبح.

حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية, قال: ثني أبي, عن الحكم بن عتيبة في قول الله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: هو الذاكر الله في الخلاء.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن يونس بن خباب, عن مجاهد ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ ). قال: ثنا مهران, عن خارجة, عن عيسى الحناط, عن الشعبيّ, قال: هو الذي يذكر ذنوبه في خلاء فيستغفر منها( حَفِيظٍ ) : أي مطيع لله كثير الصلاة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: الأوّاب: التوّاب الذي يئوب إلى طاعة الله ويرجع إليها.

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن يونس بن خباب في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ) قال: الرجل يذكر ذنوبه, فيستغفر الله لها.

وقوله ( حَفِيظٍ ) اختلف أهل التأويل في تأويله, فقال بعضهم: حفظ ذنوبه حتى تاب منها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن أبي سنان, عن أبي إسحاق, عن التميمي, قال: سألت ابن عباس, عن الأوّاب الحفيظ, قال: حفظ ذنوبه حتى رجع عنها.

وقال آخرون: معناه: أنه حفيظ على فرائض الله وما ائتمنه عليه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( حَفِيظٍ ) قال: حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأوّاب بأنه حفيظ, ولم يخصّ به على حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع, فالواجب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه, فيقال: هو حفيظ لكلّ ما قرّبه إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت منه للتوبة منها والاستغفار.

التدبر :

وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ أواب أي: رجاع إلى الله عن المعاصي؛ يذنب ثم يرجع، هكذا قاله الضحاك وغيره، وقال ابن عباس وعطاء: «الأواب المسبح»؛ من قوله: ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ﴾ [سبأ: 10]، وقال الحكم بن عتيبة: «هو الذاكر لله تعالى في الخلوة»، وقال الشعبي: «هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها»، وهو قول ابن مسعود، وقال عبيد بن عمير: «هو الذي لا يجلس مجلسًا حتى يستغفر الله تعالى فيه»، وعنه قال: «كنا نحدث أن الأواب: الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه قال سبحان الله وبحمده، اللهم إني أستغفرك مما أصبت في مجلسي هذا».
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ المؤمن يحفظ ذنوبه، ويرجع لربه.
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ قال مجاهد: «ألا أُنبئك بالأوَّاب الحفيظ؟ هو الرجل يذكر ذنبه إذا خلا؛ فيستغفر له».
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ قال سعيد بن المسيب: «الأواب يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب، ثم يذنب ثم يتوب، حتى يختم الله له بالتوبة».
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ هو من لا ينسى ذنوبه، سئل ابن عباس عن الأوَّاب الحفيظ، فقال: «حفظ ذنوبه حتى رجع عنها».
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ المؤمن يرجع عن ذنبه، ويحفظ ذنوبه لا ينساها.
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ قال عبيد بن عمير: «الأوَّاب الذي يتذكر ذنوبه ثم يستغفر منها»، وقال سعيد: «هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب».
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ هذا الوعد ينبغي ألا يغيب عن ذهن السائر إلى الله فهو يدفعه للتوبة ولحفظ جوارحه.
وقفة
[32] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ إذا ما خلَوتَ يومًا بنفسكْ, ودعَتكَ إلي معصية ربِّكْ, فذكِّرها بما أعدَّ الله للأوَّابين, ولا أخسرَ ممَّن باع هذه المنزلة بشهوة عابرة.
وقفة
[32] ﴿لكل أَوَّاب حفيظ﴾ قال مجاهد: «هو الذي إذا ذكر ذنبه في الخلاء استغفر منه».
وقفة
[32] ﴿لكل أَوَّاب حفيظ﴾ قــال الشعبــي: «الأوَّاب هـــو الذي يذكر ذنوبَـــه فــــي الخلوة فيستغفر اللــه منهــــا».
عمل
[32] لا تحفظ طاعاتك؛ فربك سيوفيك أجرها غير منقوص، احفظ معاصيك لترجع عنها وتستغفر منها، ففي تفسير ﴿أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾: حفظ ذنوبه حتى رجع عنها.
وقفة
[32، 33] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ ابتدأت الآيات بصفة ﴿أَوَّابٍ﴾ والمراد: كثير الرجوع لربه, ومن لطائف ذلك: أن الرجوع لله هو معقد صفات الخير ومنشؤها, فمن أكثر الرجوع والتوبة لله كان حافظًا لحدود الله.
وقفة
[32، 33] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ من رجع عن المخالفات خوفًا من عذاب الله فهو تائب، ومن رجع حياء فهو منيب، ومن رجع تعظيمًا لجلال الله سبحانه فهو أوَّاب.
وقفة
[32، 33] ﴿هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ ما الفرق بين التائب والمنيب والأواب؟ قال ابن علان: «من رجع عن المخالفات خوفًا من عذاب الله فهو تائب، ومن رجع حياء فهو منيب، ومن رجع تعظيمًا لجلال الله سبحانه فهو أوَّاب».

الإعراب :

  • ﴿ هذا ما تُوعَدُونَ:
  • الجملة الاسمية اعتراضية بين قوله تعالى في الآية الكريمة السابقة «للمتقين» وبين قوله لِكُلِّ أَوّابٍ حَفِيظٍ‍» هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هذا» توعدون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة «توعدون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: ما توعدونه أو يكون العائد جارا. التقدير: ما توعدون به والاشارة الى ازلاف الجنة أو الى الثواب.
  • ﴿ لِكُلِّ أَوّابٍ:
  • جار ومجرور بدل من قوله «للمتقين» بتكرير الجار. أواب: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ حَفِيظٍ‍:
  • صفة-نعت-لأواب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى لكل رجاع الى الله حافظ‍ لحدوده وهما للمبالغة '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ التَّقْرِيبُ قَدْ لا يَدْرِي النّاظِرُ ما سَبَبُهُ، قالَ سارًّا لَهُمْ: هذا الذي كنتم توعدون به، وبَيَّنَ صفةَ من تُقرَّب منهم الجنة: ١- أوَّاب. ٢- حفيظ، قال تعالى:
﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما توعدون:
1- على الخطاب، للمؤمنين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بياء الغيبة، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو.

مدارسة الآية : [33] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء ..

التفسير :

[33]مَن خاف الله في الدنيا ولقيه يوم القيامة بقلب تائب من ذنوبه.

{ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ} أي:خافه على وجه المعرفة بربه، والرجاء لرحمته ولازم على خشية الله في حال غيبه أي:مغيبه عن أعين الناس، وهذه هي الخشية الحقيقية، وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم، فقد تكون رياء وسمعة، فلا تدل على الخشية، وإنما الخشية النافعة، خشية الله في الغيب والشهادة ويحتمل أن المراد بخشية الله بالغيب كالمراد بالإيمان بالغيب وأن هذا مقابل للشهادة حيث يكون الإيمان والخشية ضروريًا لا اختياريًا حيث يعاين العذاب وتأتي آيات الله وهذا هو الظاهر

{ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} أي:وصفه الإنابة إلى مولاه، وانجذاب دواعيه إلى مراضيه.

مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ.. أى: من خاف مقام ربه دون أن يراه أو يطلع عليه، والجملة بدل أو عطف بيان من قوله: لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ وقوله: بِالْغَيْبِ متعلق بمحذوف حال من الرحمن، أى: خشيه وهو غائب عنه لا يراه ولا يشاهده.

وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ أى: وجاء ربه يوم القيامة بقلب راجع إليه، مخلص في طاعته، مقبل على عبادته..

( من خشي الرحمن بالغيب ) أي : من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله . كقوله [ عليه السلام ] ورجل ذكر الله خاليا ، ففاضت عيناه " .

( وجاء بقلب منيب ) أي : ولقي الله يوم القيامة بقلب سليم منيب إليه خاضع لديه .

وقوله ( مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ) يقول: من خاف الله في الدنيا من قبل أن يلقاه, فأطاعه, واتبع أمره.

وفي ( مَن ) في قوله ( مَنْ خَشِيَ ) وجهان من الإعراب: الخفض على إتباعه كلّ في قوله ( لِكُلِّ أَوَّابٍ ) والرفع على الاستئناف, وهو مراد به الجزاء من خشي الرحمن بالغيب, قيل له ادخل الجنة; فيكون حينئذ قوله ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ جوابا للجزاء أضمر قبله القول, وحمل فعلا للجميع, لأن ( مَن ) قد تكون في مذهب الجميع.

وقوله ( وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ) يقول: وجاء الله بقلب تائب من ذنوبه, راجع مما يكرهه الله إلى ما يرضيه.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ) : أي منيب إلى ربه مُقْبل.

التدبر :

وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ قال الفضيل بن عياض: «هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء، فيستغفر الله منها»، ومما يدخل في هذا المعنى أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله: «وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» [البخاري 660] أي: من تذكره لعظمة الله ولقائه، ونحو ذلك من المعاني التي ترد على القلب.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ يكفي المؤمن الصادق تذكر رحمة الله به وفضله عليه ليخشاه في الخلوات فكيف لو تذكر غضبه وأليم عقابه.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ مقياس الخشية من الله تكون بالخلوة، ولهذا كان سبب في دخولهم الجنة، فاللهَ اللهَ بالخلوات.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ الخشية الحقيقية هي التي تحضر عندما تغيب أنت عن الناس.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ ما أجمل أن تذكر ذنوبك في الخلاء! فتستغفر منها ربك وتناجيه في الخفاء.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ بقدر خشيتك من المولى في الخفاء؛ يكون نصيبك من النعيم في السماء.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ ميزان تقيس به نفسك: في حالة غيابك عن أنظار الناس، هل تستشعر مراقبة الله؟
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ قال الحسن: «خشيه بالغيب أي: إذا أرخى الستر وأغلق الباب».
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ خشي الرحمن، وهو يعلم أنه الرحمن، الرحمن، أي مقام في الخشية؟!
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ فإن قيل: كيف قرَن بالخشية الاسم الدال على الرحمة؟ فالجواب: أن ذلك لقصد المبالغة في الثناء على من يخشى الله؛ لأنه يخشاه مع علمه برحمته وعفوه.
عمل
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ لا تغتر بسعة رحمة الله، واجمع في قلبك مع رجاء الرحمة جرعة خشية.
لمسة
[33] إيثار اسمه الرحمن في قوله: ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ﴾ دون اسم الجلالة للإشارة إلى أن هذا المتقي يخشى الله وهو يعلم أنه رحمن، ولقصد التعريض بالمشركين الذين أنكروا اسمه الرحمن ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان:60].
عمل
[33] حين تتمّكن من فعل المعصية وحين تغيب عنك عيون الخلائق تذكر نعيمًا موعودًا لـ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْب﴾.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ كلما عظم اليقين زادت الخشية.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ لا يظهر صدق التقوى والخشية إﻻ حين تكون في الخلوة.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ أسرار غيبك، وقلبك المُنيب، مفاتيح الدخول لجنة الرحمن.
وقفة
[33] ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ أي: مغيبه عن أعين الناس، وهذه هي الخشية الحقيقية، وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم فقد تكون رياء وسمعة، فلا تدل على الخشية، وإنما الخشية النافعة خشية الله في الغيب والشهادة.
وقفة
[33] ﴿مَن خَشِيَ الرَّحمنَ بِالغَيبِ وَجاءَ بِقَلبٍ مُنيبٍ﴾ يخشى الله غائبًا عن الخلق بخشية غائبة لا تظهر للعيـون، ولا تسمعها الآذان؛ وهي خشية القلــب.
وقفة
[33] عبادة الخفاء مطهرة للقلوب، لأن من عبد ربه وحده طهَّر قلبه من الالتفات إلى الخلق، فلن يلتفت إلا لمن يراه ﴿مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾.
وقفة
[33] ﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾ طوبى لمن اقترن بصفة من صفات أهل الجنة، مقبل على طاعة الله، مخلص في عبادته، طامع في مرضاته.
وقفة
[33] ﴿وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ ما زال هذا القلب منيبًا حتى لقي الله.
وقفة
[33] القلب المنيب من صفات أهل الجنة ﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ مَنْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر بدل من قوله «للمتقين» بدل بعد بدل تابع لكل الواردة في الآية الكريمة السابقة. والجملة الفعلية بعده خَشِيَ الرَّحْمنَ» صلته لا محل لها من الاعراب، ويجوز أن يكون بدلا عن موصوف أواب وحفيظ‍ الواردة في الآية السابقة ولا يجوز أن يكون في حكم أواب وحفيظ‍ لأن «من» لا يوصف به من بين الموصولات الا بالذي وحده. ويجوز أن يكون اسم شرط‍ جازما في محل رفع مبتدأ وخبره يقال لهم اُدْخُلُوها بِسَلامٍ» الواردة في الآية التالية لأن «من» في معنى الجمع. ويجوز أن يكون منادى مبنيا على السكون في محل نصب وحذف حرف النداء للتقريب.
  • ﴿ خَشِيَ الرَّحْمنَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الرحمن: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ بِالْغَيْبِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من «الرحمن» أي خشيه وهو غائب لم يعرفه وكونه معاقبا الا بطريق الاستدراك أو يكون متعلقا بصفة لمصدر محذوف للفعل «خشي» بتقدير: خشيه خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب. ويجوز أن يتعلق بخشي أي خشية بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه.
  • ﴿ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ:
  • معطوفة بالواو على «خشي» وتعرب اعرابها، بقلب: جار ومجرور متعلق بجاء. منيب: صفة-نعت-لقلب مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة أي راجع الى الله تائبا. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ٣- خشي الرحمن بالغيب. ٤- جاء بقلب منيب، قال تعالى:
﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ

التفسير :

[34] ويقال لهؤلاء المؤمنين:ادخلوا الجنة دخولاً مقروناً بالسلامة من الآفات والشرور، مأموناً فيه جميع المكاره، ذلك هو يوم الخلود بلا انقطاع.

ويقال لهؤلاء الأتقياء الأبرار:{ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} أي:دخولًا مقرونًا بالسلامة من الآفات والشرور، مأمونًا فيه جميع مكاره الأمور، فلا انقطاع لنعيمهم، ولا كدر ولا تنغيص،{ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} الذي لا زوال له ولا موت، ولا شيء من المكدرات.

هؤلاء الذين يفعلون ذلك في دنياهم، يقال لهم يوم الحساب على سبيل التبشير والتكريم:

ادْخُلُوها بِسَلامٍ أى ادخلوا الجنة التي وعدكم الله إياها بسلام وأمان واطمئنان.

ذلِكَ اليوم وهو يوم الثواب والعطاء الجزيل من الله- تعالى- يَوْمُ الْخُلُودِ الذي لا انتهاء له، ولا موت بعده..

( ادخلوها ) أي : الجنة ) بسلام ) ، قال قتادة : سلموا من عذاب الله ، وسلم عليهم ملائكة الله .

وقوله : ( ذلك يوم الخلود ) أي : يخلدون في الجنة فلا يموتون أبدا ، ولا يظعنون أبدا ، ولا يبغون عنها حولا .

القول في تأويل قوله تعالى : ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)

يعني تعالى ذكره بقوله ( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ) ادخلوا هذه الجنة بأمان من الهمّ والغضب والعذاب, وما كنتم تَلقَونه في الدنيا من المكاره.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ) قال: سَلِموا من عذاب الله, وسلَّم عليهم.

وقوله ( ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) يقول: هذا الذي وصفت لكم أيها الناس صفته من إدخالي الجنة من أدخله, هو يوم دخول الناس الجنة, ماكثين فيها إلى غير نهاية.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) خلدوا والله, فلا يموتون, وأقاموا فلا يَظْعُنون, ونَعِمُوا فلا يبأسون.

التدبر :

وقفة
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾ (سلام) تحتمل أمرين: 1- أي دخولها وأنتم في حالة سلام لأنفسكم. 2- سلموا على أهل الجنة من الملائكة الذين هم فيها يستقبلونكم.
اسقاط
[34] ستسمع أحد الندائین یوم القیامة ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ﴾، ﴿ادْخُلُوا أبْوَابَ جَهَنَّمَ﴾ [غافر: 76]؛ اعمل لآخرتك، وحدد طریقك الآن، فکر ماذا فعلت بیومك؟ الموت لا یستأذن أحدًا ماذا قدمت لنفسك؟
وقفة
[34] مُنتهى الأمان نداء الله لأهل الجنة ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَام﴾؛ اللهم اجعلنا ووالدينا وكل من قرأ الآية من أهل الفردوس الأعلى يا رب.
وقفة
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ الجنة فيها خلود وبقاء وأمان وسلام وهناء وحب وفرح وعناق، لا دمع فيها ولا فراق.
وقفة
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ يُقال للمؤمنين: ادخلوا الجنة بالسلامة من الآفات والشرور، ذلك هو يوم الخلود بلا انقطاع، اللهم اجعلنا منهم.
وقفة
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ حتى لا يدخل قلوب المؤمنين أدنى خوف أو قلق من دوام هذا النعيم الرائع، فالجنة منزهة عن أي مشاعر سلبية.
وقفة
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ قال الرازي: «فإن قيل: المؤمن قد علم أنه إذا دخل الجنة خلد فيها، فما الفائدة في التذكير؟ والجواب عنه من وجهين: أحدهما: أن قوله: ﴿ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾، قول قاله الله في الدنيا إعلاما وإخبارًا، وليس ذلك قولا يقوله عند قوله: ﴿ادْخُلُوهَا﴾، فكأنه تعالى أخبرنا في يومنا أن ذلك اليوم يوم الخلود. ثانيهما: اطمئنان القلب بالقول أكثر».
تفاعل
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ قل: يا رب أرِحنا من صخب هذه الدنيا بهذا الأمان.
وقفة
[34] ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ أيها المسلم: لقد عشت حياتك تنشر السلام وتحمل فى قلبك للعالم الوئام فهنيئًا لك الخلود فى الجنان، بأمن واطمئنان.
وقفة
[34] وعلى مقربة من اللهيب وجرْجرة الزبانية للمشركين وصيحات الاستغاثة والثبور، ينادون: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾.
وقفة
[34] ما هو شعورك وسمعك يتلقى هذا النداء: ﴿ٱدخلوهَا بِسَلام ذٰلِكَ يوم ٱلُخلُودِ﴾، أم كيف تتحمل قلوب المؤمنين تلك المشاعر؟!
وقفة
[34] ﴿ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ جيء بالخلود؛ لأن من أهل الجنة من عاش في نعمة وسلام في الدنيا، وما كان ينقصه من نعيم الدنيا إلا الخلود، فذكر هنا نعيم الخلود الذي كان ينقصه.
وقفة
[34] ﴿يَوْمَ ٱلْوَعِيدِ﴾ [20]، ﴿يَوْمُ ٱلُخُلُودِ﴾، ﴿يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ﴾ [42] أحداث الآخرة، تؤرخ بالأيام فما أعظمها؟!
تفاعل
[32-34] تأمل صفات من يدخل الجنة: ﴿لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَـٰنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾، وقل: رب اجعلني من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ ادْخُلُوها:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره: يقال لهم ادخلوها وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل -ضمير الغائبة-مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِسَلامٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «ادخلوها» بتقدير: سالمين من العذاب وزوال النعم. أو مسلما عليكم يسلم عليكم الله وملائكته.
  • ﴿ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. يوم: خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو يوم. الخلود: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة والجملة الاسمية «هو يوم الخلود» في محل رفع خبر «ذلك» أي يوم تقدير الخلود. '

المتشابهات :

الحجر: 46﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ
ق: 34﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ صفةَ من تُقرَّب منهم الجنَّة؛ بَيَّنَ هنا ما يُقال لهم على سبيل التبشير والتكريم، قال تعالى:
﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :ق     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا ..

التفسير :

[35] لهؤلاء المؤمنين في الجنة ما يريدون، ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم، أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم.

{ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا} أي:كل ما تعلقت به مشيئتهم، فهو حاصل فيها ولهم فوق ذلك{ مَزِيدٌ} أي:ثواب يمدهم به الرحمن الرحيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأعظم ذلك، وأجله، وأفضله، النظر إلى وجه الله الكريم، والتمتع بسماع كلامه، والتنعم بقربه، نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم.

لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها أى: لهؤلاء المتقين ما يشاءون ويشتهون.. في الجنة.

وَلَدَيْنا مَزِيدٌ أى: وعندنا- فضلا عن كل هذا النعيم الذي يرفلون فيه- المزيد منه، مما لم يخطر لهم على بال، ولم تره أعينهم قبل ذلك.

قال ابن كثير: وقوله: وَلَدَيْنا مَزِيدٌ كقوله- تعالى-: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ، وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان، أنها النظر إلى وجه الله الكريم .

ثم تحدثت السورة الكريمة في أواخرها عن مصارع المكذبين السابقين، وعن مظاهر قدرة الله- تعالى- وعن الدواء الذي يزيل عن القلوب همومها،

وقوله : ( لهم ما يشاءون فيها ) أي : مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا عمرو بن عثمان ، حدثنا بقية ، عن بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن كثير بن مرة قال : من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : ماذا تريدون فأمطره لكم ؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم . قال كثير : لئن أشهدني الله ذلك لأقولن : أمطرينا جواري مزينات .

وفي الحديث عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : " إنك لتشتهي الطير في الجنة ، فيخر بين يديك مشويا " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي عن عامر الأحول ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد الخدري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة ، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة " .

ورواه الترمذي وابن ماجه ، عن بندار ، عن معاذ بن هشام ، به وقال الترمذي : حسن غريب ، وزاد " كما يشتهي " .

وقوله : ( ولدينا مزيد ) كقوله تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس : 26 ] . وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان الرومي : أنها النظر إلى وجه الله الكريم . وقد روى البزار وابن أبي حاتم ، من حديث شريك القاضي ، عن عثمان بن عمير أبي اليقظان ، عن أنس بن مالك في قوله عز وجل : ( ولدينا مزيد ) قال : يظهر لهم الرب ، عز وجل في كل جمعة .

وقد رواه الإمام أبو عبد الله الشافعي مرفوعا فقال في مسنده : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثني موسى بن عبيدة ، حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك يقول : أتى جبرائيل بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى رسول الله ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما هذه ؟ " فقال : هذه الجمعة ، فضلت بها أنت وأمتك ، فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ، ولكم فيها خير ، ولكم فيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له ، وهو عندنا يوم المزيد . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا جبريل ، وما يوم المزيد ؟ " قال : إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب المسك ، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من ملائكته ، وحوله منابر من نور ، عليها مقاعد النبيين ، وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد ، عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب ، فيقول الله عز وجل : أنا ربكم ، قد صدقتكم وعدي ، فسلوني أعطكم . فيقولون : ربنا ، نسألك رضوانك ، فيقول : قد رضيت عنكم ، ولكم علي ما تمنيتم ، ولدي مزيد . فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير ، وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ، وفيه خلق آدم ، وفيه تقوم الساعة " .

[ و ] هكذا أورده الإمام الشافعي في كتاب " الجمعة " من الأم ، وله طرق عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه . وقد أورد ابن جرير هذا من رواية عثمان بن عمير ، عن أنس بأبسط من هذا وذكر هاهنا أثرا مطولا عن أنس بن مالك موقوفا وفيه غرائب كثيرة

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الرجل في الجنة ليتكئ في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول ثم تأتيه امرأة فتضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة ، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب . فتسلم عليه ، فيرد السلام ، فيسألها : من أنت ؟ فتقول : أنا من المزيد . وإنه ليكون عليها سبعون حلة ، أدناها مثل النعمان من طوبى ، فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك ، وإن عليها من التيجان ، إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب " .

وهكذا رواه عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، به .

وقوله ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ) يقول: لهؤلاء المتقين ما يريدون في هذه الجنة التي أزلفت لهم من كل ما تشتهيه نفوسهم, وتلذّه عيونهم.

وقوله ( وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) يقول: وعندنا لهم على ما أعطيناهم من هذه الكرامة التي وصف جلّ ثناؤه صفتها مزيد يزيدهم إياه. وقيل: إن ذلك المزيد: النظر إلي الله جلّ ئناؤه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني أحمد بن سهيل الواسطي, قال: ثنا قُرةُ بن عيسى, قال: ثنا النضر بن عربيّ عن جده, عن أنس, " إن الله عزّ وجلّ إذا أسكن أهل الجنة الجنة, وأهل النار النار, هبط إلى مَرْج من الجنة أفيح, فمدّ بينه وبين خلقه حُجُبا من لؤلؤ, وحُجُبا من نور ثم وُضعت منابر النور وسُرُرُ النور وكراسيّ النور, ثم أُذِن لرجل على الله عزّ وجلّ بين يديه أمثال الجبال من النور يُسْمَع دَويّ تسبيح الملائكة معه, وصفْقُ أجنحتهم فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذن له على الله؟ فقيل: هذا المجعول بيده, والمُعَلَّم الأسماء, والذي أُمرت الملائكة فسجدت له, والذي له أبيحت الجنة, آدم عليه السلام, قد أُذِن له على الله تعالى; قال: ثم يؤذَن لرجل آخر بين يديه أمثال الجبال من النور, يُسْمع دَوِيّ تسبيح الملائكة معه, وصفْقُ أجنحتهم; فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذِن له على الله؟ فقيل: هذا الذي اتخذه الله خليلا وجعل عليه النار بَرْدا وسلاما, إبراهيم قد أُذن له على الله. قال: ثم أُذِن لرجل آخر على الله, بين يديه أمثال الجبال من النور يُسْمع دوي تسبيح الملائكة معه, وصَفْق أجنحتهم; فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذن له على الله؟ فقيل: هذا الذي اصطفاه الله برسالته (12) وقرّبه نجيا, وكلَّمه [كلاما] (13) موسى عليه السلام, قد أُذِن له على الله. قال: ثم يُؤذن لرجل آخر معه مثلُ جميع مواكب النبيين قبله, بين يديه أمثال الجبال, [من النور] (14) يسمع دَوِي تسبيح الملائكة معه, وصَفْق أجنحتهم; فمدّ أهل الجنة أعناقهم, فقيل: من هذا الذي قد أُذِن له على الله؟ فقيل: هذا أوّل شافع, وأوّل مشفَّع, وأكثر الناس واردة, وسيد ولد آدم; وأوّل من تنشقّ عن ذُؤابتيه الأرض, وصاحب لواء الحمد, أحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , قد أُذِن له على الله. قال: فجلس النبيون على منابر النور, [والصدّيقون على سُرُر النور; والشهداء على كراسيّ النور] (15) وجلس سائر الناس على كُثْبان المسك الأذفر الأبيض, ثم ناداهم الربّ تعالى من وراء الحُجب: مَرْحَبًا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي. يا ملائكتي, انهضوا إلى عبادي, فأطعموهم. قال: فقرّبت إليهم من لحوم طير, كأنها البُخت لا ريش لها ولا عظم, فأكلوا, قال: ثم ناداهم الربّ من وراء الحجاب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا اسقوهم. قال: فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المكنون بأباريق الذهب والفضة بأشربة مختلفة لذيذة, لذة آخرها كلذّة أوّلها, لا يُصَدّعون عنها ولا يُنـزفون; ثم ناداهم الربّ من وراء الحُجب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا وشربوا, فَكِّهوهم. قال: فيقرب إليهم على أطباق مكلَّلة بالياقوت والمرجان; ومن الرُّطَب الذي سَمَّى الله, أشدّ بياضا من اللبن, وأطيب عذوبة من العسل. قال: فأكلوا ثم ناداهم الربّ من وراء الحجب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا وشربوا, وفُكِّهوا; اكسوهم; قال ففتحت لهم ثمار الجنة بحلل مصقولة بنور الرحمن فألبسوها. قال: ثم ناداهم الربّ تبارك وتعالى من وراء الحجب: مرحبا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي; أكلوا; وشربوا; وفُكِّهوا; وكُسُوا طَيِّبوهم. قال: فهاجت عليهم ريح يقال لها المُثيرة, بأباريق المسك [الأبيض] (16) الأذفر, فنفحت على وجوههم من غير غُبار ولا قَتام. قال: ثم ناداهم الربّ عز وجل من وراء الحُجب: مرحبا بعبادي وزوّاري وجيراني ووفدي, أكلوا وشربوا وفكهوا, وكسوا وطُيِّبوا, وعزتي لأتجلينّ لهم حتى ينظروا إليّ قال: فذلك انتهاء العطاء وفضل المزيد; قال: فتجلى لهم الربّ عزّ وجلّ, ثم قال: السلام عليكم عبادي, انظروا إليّ فقد رضيت عنكم. قال: فتداعت قصور الجنة وشجرها, سبحانك أربع مرّات, وخرّ القوم سجدا; قال: فناداهم الربّ تبارك وتعالى: عبادي ارفعوا رءوسكم فإنها ليست بدار عمل, ولا دار نَصَب إنما هي دار جزاء وثواب, وعزّتي وجلالي ما خلقتها إلا من أجلكم, وما من ساعة ذكرتموني فيها في دار الدنيا, إلا ذكرتكم فوق عرشي".

حدثنا عليّ بن الحسين بن أبجر, قال: ثنا عمر بن يونس اليمامي, قال: ثنا جهضم بن عبد الله بن أبي الطفيل قال: ثني أبو طيبة, عن معاوية العبسيّ, عن عثمان بن عمير, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " أتانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي كَفِّه مِرْآةٌ بَيْضَاءُ, فِيها نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ ما هَذِهِ؟ قالَ: هَذِهِ الجُمُعَةُ, قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ فِيها؟ قالَ: هِيَ السَّاعَةُ تَقُومُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الأيَّامِ عِنْدَنا, وَنَحْنُ نَدْعُوهُ فِي الآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ; قُلْتٌ: وَلِمَ تَدْعُونَ يَوْمَ المَزِيدِ قالَ: إنَّ رَبَّكَ تَبارَكَ وَتَعالى اتَّخَذَ فِي الجَنَّةِ وَاديا أفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أبْيَضَ, فإذَا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ نـزلَ مِنْ عِلِّيِّين على كُرْسِيِّه, ثُمَّ حَفَّ الكُرْسِيَّ بِمنَابِرَ مِنْ نُورٍ, ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّونَ حتى يَجْلِسُوا عَلَيْها ثُمَّ تَجِيءُ أهلُ الجَنَّةِ حتى يَجْلِسُوا على الكُثُبِ فَيَتَجَلَّى لَهمْ رَبُّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ حتى يَنْظُرُوا إلى وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ: أنا الَّذِي صَدَقْتُكُم عِدَتِي, وأتْمَمْتُ عَلَيْكُم نِعْمَتِي, فَهَذَا مَحلُّ كَرَامَتِي, فَسَلُونِي, فَيَسألُونهُ الرِّضَا, فَيَقُولُ: رِضَايَ أحَلَّكُمْ دَارِي وأنالَكُم كَرَامَتِي, فَسَلُونِي, فَيَسأَلُونهُ حتى تَنْتَهِيَ رَغْبتهُمْ, فَيُفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذلكَ ما لا عين رأَتْ, وَلا أُذُنٌ سَمعَتْ, وَلا خَطَر على قَلْبِ بَشَرٍ, إلى مِقْدَارٍ مُنْصَرَف النَّاسِ مِنَ الجُمُعَة حتى يَصْعَدَ على كُرْسِيِّه فَيَصْعَدُ مَعَهُ الصدّيقُونَ والشُّهَدَاءُ, وَتَرْجِعُ أهْلُ الجَنَّةِ إلى غُرَفِهِمْ دُرَّةً بَيْضَاءَ, لا نَظْمَ فِيها ولا فَصْمَ, أوْ ياقُوتَةً حَمْرَاءَ, أوْ زَبْرَجَدَةً خَضْرَاءَ, مِنْها غُرَفُها وأبْوَابُها, فَلَيْسُوا إلى شَيْءٍ أحْوَجَ مِنْهُمْ إلى يَوْمِ الجُمُعَةِ, لِيَزْدَادُوا مِنْهُ كَرَامَةً, وَلِيَزْدَادُوا نَظَرًا إلى وَجْهِهِ, وَلِذَلكَ دُعِيَ يَوْمَ المَزِيدِ".

حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا جرير, عن ليث بن أبي سليم, عن عثمان بن عمير, عن أنس بن مالك, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , نحو حديث عليّ بن الحسين.

حدثنا الربيع بن سليمان, قال: ثنا أسد بن موسى, قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم, عن صالح بن حيان, عن أبي بُرَيدة, عن أنس بن مالك, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بنحوه.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: أخبرنا ابن عون, عن محمد, قال: حدثنا, أو قال: " قالوا: إن أدنى أهل الجنة منـزلة, الذي يقال له تمنّ, ويذكِّره أصحابه فيتمنى, ويذكره أصحابه فيقال له ذلك ومثله معه. قال: قال ابن عمر: ذلك لك وعشرة أمثاله, وعند الله مزيد ".

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الحارث أن درّاجا أبا السَّمْح, حدثه عن أبي الهَيثم, عن أبي سعيد الخُدريّ, أنه قال عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : " إنَّ الرَّجُلَ فِي الجَنَّةِ لَيَتَّكِئَ سَبْعِينَ سَنَةً قَبْل أنْ يَتَحَوَّلَ ثُمَّ تأْتِيهِ امْرأتُهُ فَتَضْربُ على مَنْكِبَيْهِ, فَيَنْطُرُ وَجْهَهُ فِي خَدّها أصْفَى مِنْ المِرْآةِ, وإنَّ أدْنَى لُؤْلُؤْةٍ عَلَيْها لَتُضِيءُ ما بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ, فَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ, فَيرُدُّ السَّلامَ, وَيَسألُها مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أنا مِنَ المَزِيدِ وَإنَّهُ لَيَكُونُ عَلَيْها سَبْعُونَ ثَوْبا أدْناها مِثْلُ النُّعْمَانِ مِنْ طُوبى فَيَنْفُذُها بَصَرُهُ حتى يَرَى مُخَّ ساقِها مِنْ وَرَاءِ ذلكَ, وَإنَّ عَلَيْها مِن التِّيجانِ, وَإنَّ أدْنَى لُؤْلُؤْةٍ فِيها لَتُضِيءُ ما بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ".

------------------------

الهوامش:

(12) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وفي الأصل برسالاته ، وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .

(13) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .

(14) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .

(15) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .

(16) كذا في الدر المنثور للسيوطي ( 6 : 108 ) نقلا عن المؤلف . وقد سقط من الأصل بعض عبارات ضرورية وضعناها بين هذين المعقوفين .

التدبر :

وقفة
[35] ﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ أجمل مما تصورت، أكبر مما توقعت، أعظم مما تمنيت وهناك المزيد.
وقفة
[35] ﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ آية من ست كلمات تغني عن مجلدات تصف نعيم الجنة، فكل ما خطر ببالك فالجنة أعلى وأشرف من ذلك.
وقفة
[35] ﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ للمؤمنين في الجنة ما يشاؤون من النعيم الذي لا ينفد، ولدينا على ما أعطيناهم زيادة نعيم، أعظَمُه النظر إلى وجه الله الكريم، اللهم اجعلنا منهم.
وقفة
[35] ﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ في الجنة كل مرغوب، وللمؤمن المزيد، كرؤية الله، ومما لاعين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على بال.
وقفة
[35] ﴿وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ أجملُ وأكبرُ وأعظمُ ممَّا توقَّعت، وهناك المزيدُ.

الإعراب :

  • ﴿ لَهُمْ:
  • اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم.
  • ﴿ ما يَشاؤُنَ فِيها:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. يشاءون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها: جار ومجرور متعلق بيشاءون. وجملة يَشاؤُنَ فِيها» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وحذف مفعول «يشاءون» اختصارا أو يكون المحذوف ضميرا عائدا لاسم الموصول. التقدير: ما يشاءونه فيها.
  • ﴿ وَلَدَيْنا مَزِيدٌ:
  • الواو عاطفة. ظرف مكان منصوب على الظرفية مبني على السكون بمعنى وعندنا المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة وشبه الجملة متعلق بخبر مقدم. مزيد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

النحل: 31﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلۡمُتَّقِينَ
الفرقان: 16﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا
الزمر: 34﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡمُحۡسِنِينَ
الشورى: 22﴿تَرَى ٱلظَّٰلِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعُۢ بِهِمۡۗ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فِي رَوۡضَاتِ ٱلۡجَنَّاتِۖ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمۡۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ
ق: 35﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيۡنَا مَزِيدٞ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنهم فيها خالدون؛ بَيَّنَ هنا أن لهم فيها كلَّ ما يشتهون ويطلبون، قال تعالى:
﴿ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف