ترتيب المصحف | 50 | ترتيب النزول | 34 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 2.80 |
عدد الآيات | 45 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 1.20 |
ترتيب الطول | 55 | تبدأ في الجزء | 26 |
تنتهي في الجزء | 26 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 28/29 | ق: 1/1 |
تعجُّبُ الكُفَّارِ من إرسالِ رسولٍ من البَشرِ، وإنكارُهُم البَعثَ بعدَ الموتِ، والرَّدُّ عليهِم.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ الرَّدِّ على المُنكرينَ للبعثِ، دعَاهم اللهُ هنا إلى النَّظرِ في آياتِه والتَّأمُّلِ في السَّماءِ والأرضِ، فالذي خَلَقَ هذا لا يَعْجزُ عن بعثِ الموتى أحياءً.
قريبًا إن شاء الله
تذكيرُ المُنكرينَ للبعثِ وتهديدُهم بما عُوقِبَ به أمثالُهم كقومِ نوحٍ وغيرِهم.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
يقسم تعالى بالقرآن المجيد أي:وسيع المعاني عظيمها، كثير الوجوه كثير البركات، جزيل المبرات. والمجد:سعة الأوصاف وعظمتها، وأحق كلام يوصف بهذا، هذا القرآن، الذي قد احتوى على علوم الأولين والآخرين، الذي حوى من الفصاحة أكملها، ومن الألفاظ أجزلها، ومن المعاني أعمها وأحسنها، وهذا موجب لكمال اتباعه، و [سرعة] الانقياد له، وشكر الله على المنة به.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة وتمهيد
1- سورة «ق» هي السورة الخمسون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة «المرسلات» .
ويبدو أن نزولها كان في أوائل العهد المكي، إذ من يراجع ترتيب السور على حسب النزول يرى أنها لم يسبقها سوى اثنتين وثلاثين سورة، ومعظم السور التي سبقتها كانت من الجزء الأخير من القرآن الكريم .
وهي من السور المكية الخالصة، وعدد آياتها خمس وأربعون آية، وتسمى- أيضا- بسورة «الباسقات» .
2- وقد ذكر الإمام ابن كثير في مقدمة تفسيره لها جملة من الأحاديث في فضلها، منها ما رواه مسلم وأهل السنن، عن أبى واقد الليثي، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في العيد بسورة «ق» وبسورة اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ....
وروى الإمام أحمد عن أم هشام بنت حارثة قالت: ما أخذت ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إلا على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان يقرؤها كل يوم جمعة إذا خطب الناس.
ثم قال ابن كثير: والقصد أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار، كالعيد والجمع، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور، والمعاد والقيام، والحساب، والجنة والنار، والثواب والعقاب، والترغيب والترهيب.. .
3- والحق، أن المتأمل في هذه السورة الكريمة يراها قد اشتملت على ما ذكره الإمام ابن كثير، بأسلوب بليغ بديع.
فهي تبدأ بالثناء على القرآن الكريم، ثم تذكر دعاوى المشركين وترد عليهم بما يخرس ألسنتهم، ثم توبخهم على عدم تفكرهم في أحوال هذا الكون الزاخر بالآيات والكائنات الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته.
قال- تعالى-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ، كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها، وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. وَالْأَرْضَ مَدَدْناها، وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ، وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ.
4- ثم تذكرهم- أيضا- بسوء عاقبة المكذبين من قبلهم، كقوم نوح وعاد وثمود، وقوم فرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة..
ثم تتبع ذلك بتذكيرهم بعلم الله- تعالى- الشامل لكل شيء، وبسكرات الموت وما يتبعها من بعث وحساب، وثواب وعقاب..
قال- تعالى-: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ، وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا، فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.
5- ثم تختتم السورة الكريمة، بتسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من قومه، وترشده إلى العلاج الذي يعينه على مداومة الصبر، كما تحكى له أحوالهم يوم القيامة ليزداد يقينا على يقينه، وتأمره بالمواظبة على تبليغهم، بما أمره الله- تعالى- بتبليغه.
لنستمع إلى قوله- تعالى-: فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ. وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ، يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ. إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ. يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ. نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ.
وهكذا تطوف بنا السورة الكريمة في أعماق هذا الكون، وفي أعماق النفس الإنسانية، منذ ولادتها، إلى بعثها، إلى حسابها، إلى جزائها.. وذلك كله بأسلوب مؤثر بديع، يشهد بأن هذا القرآن من عند الله، ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
سورة «ق» من السور القرآنية، التي افتتحت ببعض حروف التهجي، وأقرب الأقوال إلى الصواب في معنى هذه الحروف، أنها جيء بها على سبيل الإيقاظ والتنبيه للذين تحداهم القرآن. فكأن الله- تعالى- يقول لهؤلاء المعارضين في أن القرآن من عند الله: ها كم القرآن ترونه مؤلفا من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم، ومنظوما من حروف هي من جنس الحروف الهجائية التي تنظمون منها حروفكم.
فإن كنتم في شك في كونه منزلا من عند الله- تعالى- فهاتوا مثله، أو عشر سور من مثله، أو سورة واحدة من مثله.
فعجزوا وانقلبوا خاسرين، وثبت أن هذا القرآن من عند الله- سبحانه-.
وهذا الرأى وهو كون «ق» من الحروف الهجائية، هو الذي نطمئن إليه، وهناك أقوال أخرى في معنى هذا الحرف، تركناها لضعفها كقول بعضهم إن «ق» اسم جبل محيط بجميع الأرض.. وهي أقوال لم يقم دليل نقلي أو عقلي على صحتها.
قال ابن كثير: وقد روى عن بعض السلف، أنهم قالوا «ق» جبل محيط بالأرض، يقال له جبل «ق» وكأن هذا- والله أعلم- من خرافات بنى إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس.. .
والواو في قوله- تعالى-: وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ للقسم، والمقسم به القرآن الكريم، وجواب القسم محذوف لدلالة ما بعده عليه، وهو استبعادهم لبعثة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتكذيبهم للبعث والحساب..
وقوله: الْمَجِيدِ صفة للقرآن. أى: ذي المجد والشرف وكثرة الخير.
ولفظ المجيد مأخوذ من المجد، بمعنى السعة والكرم، وأصله من مجدت الإبل وأمجدت، إذا وقعت في مرعى مخصب، واسع، الجنبات، كثير الأعشاب.
والمعنى: أقسم بالقرآن ذي المجد والشرف، وذي الخير الوفير الذي يجد فيه كل طالب مقصوده، إنك- أيها الرسول الكريم- لصادق فيما تبلغه عن ربك من أن البعث حق والحساب حق، والجزاء حق ... ولكن الجاحدين لم يؤمنوا بذلك.
تفسير سورة ق وهي مكية .
وهذه السورة هي أول الحزب المفصل على الصحيح ، وقيل : من الحجرات . وأما ما يقوله العامة : إنه من ( عم ) فلا أصل له ، ولم يقله أحد من العلماء المعتبرين فيما نعلم . والدليل على أن هذه السورة هي أول المفصل ما رواه أبو داود في سننه ، باب " تحزيب القرآن " ثم قال :
حدثنا مسدد ، حدثنا قران بن تمام ، ( ح ) وحدثنا عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد سليمان بن حبان - وهذا لفظه - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ، عن عثمان بن عبد الله بن أوس ، عن جده - قال عبد الله بن سعيد : حدثنيه أوس بن حذيفة - ثم اتفقا . قال : قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد ثقيف ، قال : فنزلت الأحلاف على المغيرة بن شعبة ، وأنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني مالك في قبة له - قال مسدد : وكان في الوفد الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثقيف ، قال : كان رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا - قال أبو سعيد : قائما على رجليه حتى يراوح بين رجليه من طول القيام - فأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه قريش ، ثم يقول : لا سواء وكنا مستضعفين مستذلين - قال مسدد : بمكة - فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ، ندال عليهم ويدالون علينا . فلما كانت ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه ، فقلنا : لقد أبطأت عنا الليلة ! قال : " إنه طرأ علي حزبي من القرآن ، فكرهت أن أجيء حتى أتمه " . قال أوس : سألت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كيف تحزبون القرآن ؟ فقالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل وحده .
ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي خالد الأحمر ، به . ورواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، هو ابن يعلى الطائفي به .
إذا علم هذا ، فإذا عددت ثمانيا وأربعين سورة ، فالتي بعدهن سورة " ق " . بيانه : ثلاث : البقرة ، وآل عمران ، والنساء . وخمس : المائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، وبراءة . وسبع : يونس ، وهود ، ويوسف ، والرعد ، وإبراهيم ، والحجر ، والنحل . وتسع : سبحان ، والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، والحج ، والمؤمنون ، والنور ، والفرقان . وإحدى عشرة : الشعراء ، والنمل ، والقصص ، والعنكبوت ، والروم ، ولقمان ، و " الم " السجدة ، والأحزاب ، وسبأ ، وفاطر ، و يس . وثلاث عشرة : الصافات ، و " ص " ، والزمر ، وغافر ، و " حم " السجدة ، و " حم عسق " ، والزخرف ، والدخان ، والجاثية ، والأحقاف ، والقتال ، والفتح ، والحجرات . ثم بعد ذلك الحزب المفصل كما قاله الصحابة رضي الله عنهم . فتعين أن أوله سورة " ق " وهو الذي قلناه ، ولله الحمد والمنة .
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا مالك ، عن ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله ; أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيد ؟ قال : بقاف ، واقتربت .
ورواه مسلم وأهل السنن الأربعة ، من حديث مالك ، به . وفي رواية لمسلم عن فليح عن ضمرة ، عن عبيد الله ، عن أبي واقد قال : سألني عمر ، فذكره .
حديث آخر : وقال أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ، عن أم هشام بنت حارثة قالت : لقد كان تنورنا وتنور النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدا سنتين ، أو سنة وبعض سنة ، وما أخذت ( ق والقرآن المجيد ) إلا على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس .
رواه مسلم [ أيضا ] من حديث ابن إسحاق ، به .
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن خبيب ، عن عبد الله بن محمد بن معن ، عن ابنة الحارث بن النعمان قالت : ما حفظت " ق " إلا من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بها كل جمعة . قالت : وكان تنورنا وتنور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدا .
وكذا رواه مسلم والنسائي وابن ماجه ، من حديث شعبة ، به .
والقصد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار ، كالعيد والجمع ، لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور ، والمعاد والقيام ، والحساب ، والجنة والنار ، والثواب والعقاب ، والترغيب والترهيب .
ق ) : حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور ، كقوله : ( ص ، ن ، الم ، حم ، طس ) ونحو ذلك ، قاله مجاهد وغيره . وقد أسلفنا الكلام عليها ، في أول " سورة البقرة " بما أغنى عن إعادته .
وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا ) ق ) : جبل محيط بجميع الأرض ، يقال له جبل قاف . وكأن هذا - والله أعلم - من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس ، لما رأى من جواز الرواية عنهم فيما لا يصدق ولا يكذب . وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتري في هذه الأمة - مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها - أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى ، وقلة الحفاظ النقاد فيهم ، وشربهم الخمور ، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته ! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله : " وحدثوا عن بني إسرائيل ، ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ويحكم عليه بالبطلان ، ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القبيل - والله أعلم .
وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين ، وكذا طائفة كثيرة من الخلف ، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد ، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم ، ولله الحمد والمنة ، حتى إن الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، رحمه الله ، أورد هاهنا أثرا غريبا لا يصح سنده عن ابن عباس فقال :
حدثنا أبي قال : حدثت عن محمد بن إسماعيل المخزومي : حدثنا ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : خلق الله من وراء هذه الأرض بحرا محيطا ، ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له " ق " السماء الدنيا مرفوعة عليه . ثم خلق الله من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات . ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيطا بها ، ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له " ق " السماء الثانية مرفوعة عليه ، حتى عد سبع أرضين ، وسبعة أبحر ، وسبعة أجبل ، وسبع سماوات . قال : وذلك قوله : ( والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ) [ لقمان : 27 ] .
فإسناد هذا الأثر فيه انقطاع ، والذي رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ق ) قال : هو اسم من أسماء الله عز وجل .
والذي ثبت عن مجاهد : أنه حرف من حروف الهجاء ، كقوله : ( ص ، ن ، حم ، طس ، الم ) ونحو ذلك . فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس .
وقيل : المراد " قضي الأمر والله " ، وأن قوله : ( ق ) دلت على المحذوف من بقية الكلم كقول الشاعر :
قلت لها : قفي فقالت : قاف
وفي هذا التفسير نظر ; لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ، ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف ؟ .
وقوله : ( والقرآن المجيد ) أي : الكريم العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد .
واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله : ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ )
وفي هذا نظر ، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم ، وهو إثبات النبوة ، وإثبات المعاد ، وتقريره وتحقيقه وإن لم يكن القسم متلقى لفظا ، وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله : ( ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق ) [ ص : 1 ، 2 ]
القول في تأويل قوله تعالى : ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)
اختلف أهل التأويل في قوله: (ق) , فقال بعضهم: هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي بن داود, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس في قوله: (ق) و ن وأشباه هذا, فإنه قسم أقسمه الله, وهو اسم من أسماء الله.
وقال آخرون: هو اسم من أسماء القرآن.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله (ق) قال: اسم من أسماء القرآن.
وقال آخرون: (ق) اسم الجبل المحيط بالأرض, وقد تقدّم بياننا في تأويل حروف المعجم التي في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) يقول: والقرآن الكريم.
كما حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن يمان, عن أشعث بن إسحاق, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جُبير ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قال: الكريم.
واختلف أهل العربية في موضع جواب هذا القسم, فقال بعض نحويِّي البصرة ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) قسم على قوله قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وقال بعض نحويِّي أهل الكوفة: فيها المعنى الذي أقسم به, وقال: ذكر أنها قضى والله, وقال: يقال: إن قاف جبل محيط بالأرض, فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع: أي هو قاف والله; قال: وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لأنه اسم وليس بهجاء; قال: ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه, كما قال الشاعر:
قُلْت لَها قفي لَنَا قالَتْ قاف (1)
ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف: أي إني واقفة.
وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب, لأنه لا يعرف في أجوبة الأيمان قد, وإنما تجاب الأيمان إذا أجيبت بأحد الحروف الأربعة: اللام, وإن, وما, ولا أو بترك جوابها فيكون ساقطا.
------------------------
الهوامش:
(1) في ( اللسان : وقف ) غير منسوب . وقوله * قلـت لهـا قفـي قـالت قـاف *
بسكون الكاف الفاء : إنما أراد : قد وقفت فاكتفى بذكر القاف . قال ابن جني : ولو نقل هذا الشاعر إلينا شيئا من جملة الحال، فقال مع قوله : قالت قاف ، وأمسكت زمام بعيرها ، أو عاجته عليها ، لكان أبين ، لما كانوا عليه ، وأدل على أنها أرادت قفي لنا ، أي يقول لي قفي لنا! متعجبة منه . وهو إذا شاهدها وقد وقفت علم أن قولها : قاف إجابة لقوله ، وتعجب منه في قوله قفي لنا . أ هـ . وفي معاني القرآن للفراء ( الورقة 308 ) أورد البيت ثم قال : ذكرت القاف من الوقت ، أي إني واقفة . أ هـ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ق:
1- بسكون الفاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة عيسى.
3- بكسرها، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق، وأبى السمال.
3- بضمها، وهى قراءة هارون، وابن السميفع، والحسن أيضا.
التفسير :
ولكن أكثر الناس، لا يقدر نعم الله قدرها، ولهذا قال تعالى:{ بَلْ عَجِبُوا} أي:المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم،{ أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ منهم} أي:ينذرهم ما يضرهم، ويأمرهم بما ينفعهم، وهو من جنسهم، يمكنهم التلقي عنه، ومعرفة أحواله وصدقه.
فتعجبوا من أمر، لا ينبغي لهم التعجب منه، بل يتعجب من عقل من تعجب منه.
{ فَقَالَ الْكَافِرُونَ} الذين حملهم كفرهم وتكذيبهم، لا نقص بذكائهم وآرائهم
{ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} أي:مستغرب، وهم في هذا الاستغراب بين أمرين:
إما صادقون في [استغرابهم و] تعجبهم، فهذا يدل على غاية جهلهم، وضعف عقولهم، بمنزلة المجنون، الذي يستغرب كلام العاقل، وبمنزلة الجبان الذي يتعجب من لقاء الفارس للفرسان، وبمنزلة البخيل، الذي يستغرب سخاء أهل السخاء، فأي ضرر يلحق من تعجب من هذه حاله ؟ وهل تعجبه، إلا دليل على زيادة وظلمه وجهله؟ وإما أن يكونوا متعجبين، على وجه يعلمون خطأهم فيه، فهذا من أعظم الظلم وأشنعه.
بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وهو أنت يا محمد، فلم يؤمنوا بك، بل قابلوا دعوتك بالإنكار والتعجب.
فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ أى: هذا البعث الذي تخبرنا عنه يا محمد شيء يتعجب منه، وتقف دونه أفهامنا حائرة.
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ...
بل للإضراب عما ينبئ عنه جواب القسم المحذوف، فكأنه قيل إنا أنزلنا هذا القرآن لتنذر به الناس، فلم يؤمنوا به، بل جعلوا كلا من المنذر والمنذر به عرضة للتكبر والتعجب، مع كونهما أوفق شيء لقضية العقول، وأقربه إلى التلقي بالقبول..
وقوله: أَنْ جاءَهُمْ بتقدير لأن جاءهم، ومعنى «منهم» أى: من جنسهم، وضمير الجمع يعود إلى الكفار..
وقوله: فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ تفسير لتعجبهم.. وإضمارهم أولا، للإشعار بتعينهم بما أسند إليهم، وإظهارهم ثانيا، لتسجيل الكفر عليهم.. .
وهكذا قال هاهنا : ( ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ) أي : تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر كقوله تعالى : ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس ) [ يونس : 2 ] أي : وليس هذا بعجيب ; فإن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس .
وقوله ( بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ما كذّبك يا محمد مشركو قومك أن لا يكونوا عالمين بأنك صادق محقّ, ولكنهم كذّبوك تعجبا من أن جاءهم منذر ينذرهم عقاب الله منهم, يعني بشرا منهم من بني آدم, ولم يأتهم مَلك برسالة من عند الله.
وقوله ( فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) يقول تعالى ذكره: فقال المكذّبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم ( هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) : أي مجيء رجل منا من بني آدم برسالة الله إلينا,( هَلا (2) أُنـزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ) .
--------------------------
الهوامش:
(2) التلاوة " لولا " . أ هـ . مصححه .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ص: 4 | ﴿ وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ |
---|
ق: 2 | ﴿ وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم ذكر وجه تعجبهم فقال:{ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} فقاسوا قدرة من هو على كل شيء قدير، الكامل من كل وجه، بقدرة العبد الفقير العاجز من جميع الوجوه، وقاسوا الجاهل، الذي لا علم له، بمن هو بكل شيء عليم.
وقوله- سبحانه-: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ تقرير للتعجب، وتأكيد للإنكار الصادر عنهم، والعامل في «إذا» مضمر لدلالة ما بعده عليه..
أى: أحين نموت ونصير ترابا وعظاما نرجع إلى الحياة مرة أخرى، كما يقول محمد صلّى الله عليه وسلّم، وكما يقول القرآن الذي نزل عليه.
لا، إننا لن نبعث ولن نعود إلى الحياة مرة أخرى، وما يخبرنا به محمد صلّى الله عليه وسلّم من أن الرجوع إلى الحياة مرة أخرى حق، كلام بعيد عن عقولنا وأفهامنا.
فاسم الإشارة «ذلك» يعود إلى محل النزاع وهو الرجوع إلى الحياة مرة أخرى، والبعث بعد الموت. والرجع بمعنى الرجوع. يقال: رجعته أرجعه رجعا ورجوعا، بمعنى أعدته.. ومنه قوله- تعالى-: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ.
أى: ذلك الرجوع إلى الحياة مرة أخرى بعيد عن الأفهام، وعن العادة، وعن الإمكان.
ثم قال مخبرا عنهم في عجبهم أيضا من المعاد واستبعادهم لوقوعه : ( أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) أي : يقولون : أإذا متنا وبلينا ، وتقطعت الأوصال منا ، وصرنا ترابا ، كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب ؟ ( ذلك رجع بعيد ) أي : بعيد الوقوع ، ومعنى هذا : أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه .
القول في تأويل قوله تعالى : أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)
يقول القائل: لم يجر للبعث ذكر, فيخبر عن هؤلاء القوم بكفرهم ما دعوا إليه من ذلك, فما وجه الخبر عنهم بإنكارهم ما لم يدعوا إليه, وجوابهم عما لم يسألوا عنه. قيل: قد اختلف أهل العربية في ذلك, فنذكر ما قالوا في ذلك, ثم نتبعه البيان إن شاء الله تعالى, فقال في ذلك بعض نحويِّي البصرة قال ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) , لم يذكر أنه راجع, وذلك والله أعلم لأنه كان على جواب, كأنه قيل لهم: إنكم ترجعون, فقالوا( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) وقال بعض نحويِّي الكوفة قوله : ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ) كلام لم يظهر قبله, ما يكون هذا جوابا له, ولكن معناه مضمر, إنما كان والله أعلم : ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ لَتُبْعثنّ بعد الموت, فقالوا: أإذا كنا ترابا بُعثنا؟ جحدوا البعث, ثم قالوا( ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) جحدوه أصلا قوله ( بَعِيدٌ ) كما تقول للرجل يخطئ في المسألة, لقد ذهبت مذهبا بعيدا من الصواب: أي أخطأت.
والصواب من القول في ذلك عندنا, أن في هذا الكلام متروكا استغني بدلالة ما ذُكر عليه من ذكره, وذلك أن الله دلّ بخبره عن تكذيب هؤلاء المشركين الذين ابتدأ هذه السورة بالخبر عن تكذيبهم رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقوله بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ على وعيده إياهم على تكذيبهم محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فكأنه قال لهم: إذ قالوا منكرين رسالة الله رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ستعلمون أيها القوم إذا أنتم بُعثتم يوم القيامة ما يكون حالكم في تكذيبكم محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , وإنكاركم نبوّته, فقالوا مجيبين رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ) نعلم ذلك, ونرى ما تعدنا على تكذيبك ( ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) : أي أن ذلك غير كائن, ولسنا راجعين أحياء بعد مماتنا, فاستغني بدلالة قوله بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فقال الكافرون هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ من ذكر ما ذكرت من الخبر عن وعيدهم.
وفيما حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) قالوا: كيف يحيينا الله, وقد صرنا عظاما ورفاتا, وضللنا في الأرض, دلالة على صحة ما قلنا من أنهم أنكروا البعث إذا توعِّدوا به.
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(3) زيادة لربط الكلام ، ونظن أنها سقطت من قلم الناسخ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ق: 3 | ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِيد﴾ |
---|
المؤمنون: 82 | ﴿قَالُوٓاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ﴾ |
---|
الصافات: 16 | ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ﴾ |
---|
الصافات: 53 | ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ |
---|
الواقعة: 47 | ﴿وَكَانُواْ يَقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أئذا:
1- بالاستفهام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بهمزة واحدة، على صورة الخبر، وهى قراءة الأعرج، وشيبه، وأبى جعفر، وابن وثاب، والأعمش، وابن عتبة، عن ابن عامر.
التفسير :
الذي يعلم ما تنقص الأرض من أجسادهم مدة مقامهم في برزخهم، وقد أحصى في كتابه الذي هو عنده محفوظ عن التغيير والتبديل، كل ما يجري عليهم في حياتهم، ومماتهم، وهذا الاستدلال، بكمال علمه، وسعته التي لا يحيط بها إلا هو، على قدرته على إحياء الموتى.
وبعد هذا التصوير الأمين لحججهم وأقوالهم، ساق- سبحانه- الرد الذي يدفع تلك الحجج والأقوال فقال: قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ.
أى: قد علمنا علما تاما دقيقا ما تأكله الأرض من أجسادهم بعد موتهم، ومن علم ذلك لا يعجزه أن يعيدهم إلى الحياة مرة أخرى.
وقوله- سبحانه-: وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ تأكيد وتقرير لما قبله.
أى: وعندنا بجانب علمنا الشامل الدقيق. كتاب حافظ لجميع أحوال العباد، ومسجلة فيه أقوالهم وأفعالهم، والمراد بهذا الكتاب: اللوح المحفوظ.
قال الله تعالى رادا عليهم : ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) أي : ما تأكل من أجسادهم في البلى ، نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان ؟ وأين ذهبت ؟ وإلى أين صارت ؟ ( وعندنا كتاب حفيظ ) أي : حافظ لذلك ، فالعلم شامل ، والكتاب أيضا فيه كل الأشياء مضبوطة .
قال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ) أي : ما تأكل من لحومهم وأبشارهم ، وعظامهم وأشعارهم . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .
وقوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول تعالى ذكره: قد علمنا ما تأكل الأرض من أجسامهم بعد مماتهم, وعندنا كتاب بما تأكل الأرض وتفني من أجسامهم, ولهم كتاب مكتوب مع علمنا بذلك, حافظ لذلك كله, وسماه الله تعالى حفيظا, لأنه لا يدرس ما كتب فيه, ولا يتغير ولا يتبدل.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, فال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول: ما تأكل الأرض من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نَجيح, عن مجاهد, قوله ( مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) قال: من عظامهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, في قوله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول: ما تأكل الأرض منهم.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) قال: يعني الموت, يقول: من يموت منهم, أو قال: ما تأكل الأرض منهم إذا ماتوا.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, قال الله ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ ) يقول: ما أكلت الأرض منهم ونحن عالمون به, وهم عندي مع علمي فيهم في كتاب حفيظ.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:{ بَلْ} كلامهم الذي صدر منهم، إنما هو عناد وتكذيب للحق الذي هو أعلى أنواع الصدق{ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} أي:مختلط مشتبه، لا يثبتون على شيء، ولا يستقر لهم قرار، فتارة يقولون عنك:إنك ساحر، وتارة مجنون، وتارة شاعر، وكذلك جعلوا القرآن عضين، كل قال فيه، ما اقتضاه رأيه الفاسد، وهكذا، كل من كذب بالحق، فإنه في أمر مختلط، لا يدرى له وجهةولا قرار، [فترى أموره متناقضة مؤتفكة] كما أن من اتبع الحق وصدق به، قد استقام أمره، واعتدل سبيله، وصدق فعله قيله.
ثم كشف- سبحانه- عن حقيقة أحوالهم، وعن الأسباب التي دفعتهم إلى إيثار الباطل على الحق فقال: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ، فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ. أى: إن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بإنكارهم للبعث.. بل جاءوا بما هو أشنع وأفظع منه، وهو تكذيبهم لنبوتك- أيها الرسول الكريم- تلك النبوة الثابتة بالمعجزات الناصعة، ومن مظاهر هذا التكذيب أنهم تارة يقولون عنك ساحر، وتارة يقولون عنك كاهن وتارة يصفونك بالجنون.
فهم في أمر مريج، أى: مضطرب مختلط. بحيث لا يستقرون على حال. يقال: مرج الأمر- بزنة طرب- إذا اختلط وتزعزع، وفقد الثبات والاستقرار والصلاح.. ومنه قولهم:
مرجت أمانات الناس، إذا فسدت وعمتهم الخيانة، ومرج الخاتم في إصبع فلان، إذا تخلخل واضطرب لشدة هزال صاحبه.
وفي هذا الرد عليهم تصوير بديع معجز، حيث بين- سبحانه- بأنه عليم بما تأكله الأرض من أجسادهم المغيبة فيها، وبتناقص هذه الأجساد رويدا رويدا، وأن كل أحوالهم مسجلة في كتاب حفيظ، وأنهم عند ما فارقوا الحق الثابت وكذبوه، مادت الأرض من تحتهم واضطربت، واختلطت عليهم الأمور والتبست، فصاروا يلقون التهم جزافا دون أن يستقروا على رأى، أو يجتمعوا على كلمة..
ثم بين تعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد فقال : ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج ) أي : وهذا حال كل من خرج عن الحق ، مهما قال بعد ذلك فهو باطل . والمريج : المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله ، كقوله : ( إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك ) [ الذاريات : 8 ، 9 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)
يقول تعالى ذكره: ما أصاب هؤلاء المشركون القائلون أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ في قيلهم هذا( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ ) , وهو القرآن ( لَمَّا جَاءَهُمْ ) من الله.
كالذي حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ) أي كذّبوا بالقرآن ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) يقول: فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس, لا يعرفون حقه من باطله, يقال (3) قد مرج أمر الناس إذا اختلط وأهمل.
وقد اختلفت عبارات أهل التأويل في تأويلها, وإن كانت متقاربات المعاني, فقال بعضهم: معناها: فهم في أمر منكر; وقال: المريج: هو الشيء المنكر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن خالد بن خداش, قال: ثني سلم بن قُتيبة, عن وهب بن حبيب الآمدي, عن أبي حمزة, عن ابن عباس أنه سُئل عن قوله ( أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: المريج: الشيء المنكر; أما سمعت قول الشاعر:
فَجــالَتْ والْتَمَسَــتْ بــهِ حَشـاها
فَخَـــرَّ كأنَّــهُ خُــوطٌ مَــرِيجُ (4)
وقال آخرون: بل معنى ذلك: في أمر مختلف.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) في قول: مختلف.
وقال آخرون: بل معناه: في أمر ضلالة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: هم في أمر ضلالة.
وقال آخرون: بل معناه: في أمر مُلْتبِس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب, قال : ثنا يحيى بن يمان, عن أشعث بن إسحاق, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جُبَير, في قوله ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: مُلْتَبِسٍ.
حدثنا محمد بن عمرو, قال أبو عاصم, قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال : ملتبس.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) ملتبس عليهم أمره.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: والتبس عليه دينه.
وقال آخرون : بل هو المختلط.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس , قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) قال: المريج: المختلط.
وإنما قلت: هذه العبارات وإن اختلفت الفاظها فهي في المعنى متقاربات, لأن الشيء مختلف ملتبس, معناه مشكل. وإذا كان كذلك كان منكرا, لأن المعروف واضح بين, وإذا كان غير معروف كان لا شكّ ضلالة, لأن الهدى بين لا لبس فيه.
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(3) زيادة لربط الكلام ، ونظن أنها سقطت من قلم الناسخ .
(4) البيت للداخل بن حرام الهذلي ، كما في شرح أشعار الهذليين للسكري طبعة أوربا ، ص 269 وليس لأبي ذؤيب ، كما قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 225 ب ) . والضمير في جالت للبقرة . وفي به إلى السهم الذي وصفه . ويروي : فراغت : في موضع " فجالت " . أي حادت عن السهم . والحشا : حشوة الجوف . وخر : سقط . وخوط : غصن أو قضيب . ومريج : أي قد طرح وترك ، يقال : مرج إذا وقع فترك . ويقال مريج : قلق ، يقال مرج الخاتم في يدي ، أي انسل يمرج مرحبا أي قلق وتقلقل واضطرب ومرج ، وفي ( اللسان : مرج ) المرج بالتحريك : مصدر قولك : مرج الخاتم في يدي مرجا : أي قلق . وفي التنزيل " فهم في أمر مريج " يقول : في ضلال . وقال أبو إسحاق : في أمر مختلف ، ملتبس عليهم ، يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم مرة : ساحر . ومرة شاعر ، ومرة معلم مجنون . وهذا الدليل على أن قوله " مريج " ملتبس عليهم . أ هـ . وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة ( الورقة 225 ب ) مريج مختلط ؛ يقال قد مرج أمر الناس: اختلط وأهمل . وقال أبو ذؤيب ( كذا ) " فخر كأنه خوط مريج " أي سهم . أ هـ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لما:
1- بالتشديد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر اللام، وتخفيف الميم، على أن «ما» مصدرية، واللام لام الجر، وهى قراءة الجحدري.
التفسير :
لما ذكر تعالى حالة المكذبين، وما ذمهم به، دعاهم إلى النظر في آياتهالأفقية، كي يعتبروا، ويستدلوا بها، على ما جعلت أدلة عليه فقال:{ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ} أي:لا يحتاج ذلك النظر إلى كلفة وشد رحل، بل هو في غاية السهولة، فينظرون{ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} قبة مستوية الأرجاء، ثابتة البناء، مزينة بالنجوم الخنس، والجوار الكنس، التي ضربت من الأفق إلى الأفق في غاية الحسن والملاحة، لا ترى فيها عيبًا، ولا فروجًا، ولا خلالًا، ولا إخلالاً.
قد جعلها الله سقفًا لأهل الأرض، وأودع فيها من مصالحهم الضرورية ما أودع.
ثم شرعت السورة الكريمة في بيان الأدلة على قدرة الله- تعالى- وعلى أن البعث حق، وعلى أن استبعادهم له إنما هو لون من جهالاتهم وانطماس بصائرهم، فقال- تعالى-:
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. والاستفهام للإنكار والتعجيب من جهلهم، والهمزة متعلقة بمحذوف، والفاء عاطفة عليه أى: أأعرضوا عن آيات الله في هذا الكون، فلم ينظروا إلى السماء فوقهم. كيف بنيناها هذا البناء العجيب، بأن رفعناها بدون عمد، وزيناها بالكواكب، وحفظناها من أى تصدع أو تشقق أو تفتق. فقوله: فُرُوجٍ جمع فرج، وهو الشق بين الشيئين. والمراد سلامتها من كل عيب وخلل.
ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ، فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ .
يقول تعالى منبها للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ) ؟ أي : بالمصابيح ، ( وما لها من فروج ) . قال مجاهد : يعني من شقوق . وقال غيره : فتوق . وقال غيره : من صدوع . والمعنى متقارب ، كقوله تعالى : ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) [ الملك : 3 ، 4 ] أي : كليل ، أي : عن أن يرى عيبا أو نقصا .
وقوله ( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا ) يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء المكذّبون بالبعث بعد الموت المنُكرون قُدرتنا على إحيائهم بعد بلائهم ( إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا ) فسوّيناها سقفا محفوظا, وزيناها بالنجوم ( وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) يعني: وما لها من صدوع وفُتوق.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال : ثنا أبو عاصم, قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال : ثنا الحسن, قال : ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( مِنْ فُرُوجٍ ) قال: شَقّ.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) قلت له, يعني ابن زيد: الفروج: الشيء المتبرئ بعضه من بعض, قال: نعم.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ و} إلى{ الأرض كيف مَدَدْنَاهَا} ووسعناها، حتى أمكن كل حيوان السكون فيها والاستقراروالاستعداد لجميع مصالحه، وأرساها بالجبال، لتستقر من التزلزل، والتموج،{ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي:من كل صنف من أصناف النبات، التي تسر ناظرها، وتعجب مبصرها، وتقر عين رامقها، لأكل بني آدم، وأكل بهائمهم ومنافعهم، وخص من تلك المنافع بالذكر، الجنات المشتملة على الفواكه اللذيذة، من العنب والرمان والأترج والتفاح، وغير ذلك، من أصناف الفواكه، ومن النخيل الباسقات، أي:الطوال، التي يطولنفعها، وترتفع إلى السماء، حتى تبلغ مبلغًا، لا يبلغه كثير من الأشجار، فتخرج من الطلع النضيد، في قنوانها، ما هو رزق للعباد، قوتًا وأدمًا وفاكهة، يأكلون منه ويدخرون، هم ومواشيهم وكذلك ما يخرج الله بالمطر، وما هو أثره من الأنهار، التي على وجه الأرض، والتي تحتها من حب الحصيد، أي:من الزرع المحصود، من بر وشعير، وذرة، وأرز، ودخن وغيره.
ثم بين- سبحانه- مظاهر قدرته في بسط الأرض، بعد بيان مظاهر قدرته في رفع السماء فقال: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها أى: والأرض بسطناها ومددناها بقدرتنا، وجعلناها مترامية الأطراف والمناكب، كما تشاهدون ذلك بأعينكم.
قالوا: وامتدادها واتساعها لا ينافي كرويتها، لأن عظم سطحها يجعل الناظر إليها يراها كأنها مسطحة ممدودة.
وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ أى: وألقينا فيه جبالا ثوابت تمنعها من الاضطراب..
فقوله رَواسِيَ جمع راسية بمعنى ثابتة وهو صفة لموصوف محذوف.
وَأَنْبَتْنا فِيها أى: في الأرض مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ أى: وأنبتنا فيها من كل صنف حسن يبهج ويسر الناظرين إليه، مأخوذ من البهجة بمعنى الحسن يقال: بهج الشيء- كظرف- فهو بهيج أى: حسن جميل.
وقوله : ( والأرض مددناها ) أي : وسعناها وفرشناها ، ( وألقينا فيها رواسي ) وهي : الجبال ; لئلا تميد بأهلها وتضطرب ; فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها ، ( وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ) أي : من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع ، ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) [ الذاريات : 49 ] ، وقوله : ( بهيج ) أي : حسن نضر .
القول في تأويل قوله تعالى : وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7)
وقوله ( وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا ) يقول: والأرض بسطناها( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) يقول: وجعلنا فيها جبالا ثوابت, رست في الأرض,( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) يقول تعالى ذكره: وأنبتنا في الأرض من كلّ نوع من نبات حسن, وهو البهيج.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عليّ, قال : ثنا أبو صالح, قال : ثني معاوية بن صالح, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( بَهِيجٍ ) يقول: حسن.
حدثنا بشر, قال : ثنا يزيد, قال : ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) والرواسي الجبال ( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) : أي من كلّ زوج حسن.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قلت لابن زيد ( البَهِيج ) : هو الحسن المنظر؟ قال نعم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 19 | ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾ |
---|
الشعراء: 7 | ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ |
---|
لقمان: 10 | ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَـ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ |
---|
ق: 7 | ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فإن في النظر في هذه الأشياء{ تَبْصِرَةً} يتبصر بها، من عمى الجهل،{ وَذِكْرَى} يتذكر بها، ما ينفع في الدين والدنيا، ويتذكر بها ما أخبر الله به، وأخبرت به رسله، وليس ذلك لكل أحد، بل{ لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} إلى الله أي:مقبل عليه بالحب والخوف والرجاء، وإجابة داعيه، وأما المكذب والمعرض، فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون.
وقوله: تَبْصِرَةً وَذِكْرى.. علتان لما تقدم من الكلام، وهما منصوبتان بفعل مقدر.
أى: فعلنا ما فعلنا من مد الأرض، ومن تثبيتها بالجبال، ومن إنبات كل صنف حسن من النبات فيها، لأجل أن نبصر عبادنا بدلائل وحدانيتنا وقدرتنا، ونذكرهم بما يجب عليهم نحو خالقهم من شكر وطاعة.
وقوله: لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ متعلق بكل من المصدرين السابقين وهما: التبصرة والذكرى. أى: هذه التبصرة والذكرى كائنة لكل عبد منيب، أى: كثير الرجوع إلى ربه بالتدبر في بدائع صنعته، ودلائل قدرته.
( تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ) أي : ومشاهدة خلق السماوات [ والأرض ] وما جعل [ الله ] فيهما من الآيات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب ، أي : خاضع خائف وجل رجاع إلى الله عز وجل .
وقوله ( تَبْصِرَةً ) يقول: فعلنا ذلك تبصرة لكم أيها الناس نبصركم بها قدرة ربكم على ما يشاء,( وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) يقول: وتذكيرا من الله عظمته وسلطانه, وتنبيها على وحدانيته ( لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) يقول : لكل عبد رجع إلى الإيمان بالله, والعمل بطاعته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة قوله ( تَبْصِرَة ) نعمة من الله يبصرها العباد ( وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) : أي بقلبه إلى الله.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( تَبْصِرَةً وَذِكْرَى ) قال: تبصرة من الله.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( تَبْصِرَةً ) قال: بصيرة.
حدثنا ابن حُمَيد قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن جابر, عن عطاء ومجاهد ( لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) قالا مجيب.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
تبصرة وذكرى:
1- بالنصب، منصوبان بفعل مضمر من لفظهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة زيد بن على.
التفسير :
وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقةدليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.
وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال:{ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}
ثم انتقلت الآيات إلى بيان مظاهر قدرته في إنزال المطر، بعد بيان مظاهر قدرته في خلق السموات والأرض وما اشتملتا عليه من كائنات، فقال- تعالى-: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً أى: ماء كثير المنافع والخيرات للناس والدواب والزروع.
فَأَنْبَتْنا بِهِ أى: بذلك الماء جَنَّاتٍ أى: بساتين كثيرة زاخرة بالثمار..
وَحَبَّ الْحَصِيدِ أى: وحب النبات الذي من شأنه أن يحصد عند استوائه كالقمح والشعير وما يشبههما من الزروع.
فالحصيد بمعنى المحصود، وهو صفة لموصوف محذوف أى: وحب الزرع الحصيد. فهذا التركيب من باب حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه للعلم به.
وخص الحب بالذكر، لاحتياج الناس إليه أكثر من غيره، فصار كأنه المقصود بالبيان.
وقوله تعالى : ( ونزلنا من السماء ماء مباركا ) أي : نافعا ، ( فأنبتنا به جنات ) أي : حدائق من بساتين ونحوها ، ( وحب الحصيد ) وهو : الزرع الذي يراد لحبه وادخاره .
القول في تأويل قوله تعالى : وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)
يقول تعالى ذكره ( وَنـزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) مطرا مباركا, فأنبتنا به بساتين أشجارا, وحبّ الزرع المحصود من البرّ والشعير, وسائر أنواع الحبوب.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) هذا البرّ والشعير.
حدثني ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) قال: هو البرّ والشعير.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) قال: الحِنطة.
وكان بعض أهل العربية يقول في قوله ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) الحبّ هو الحصيد, وهو مما أضيف إلى نفسه مثل قوله إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ق: 9 | ﴿وَ نَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَٰرَكٗا فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّٰتٖ وَحَبَّ ٱلۡحَصِيد﴾ |
---|
الحجر: 22 | ﴿وَأَرۡسَلۡنَا ٱلرِّيَٰحَ لَوَٰقِحَ فـ أَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسۡقَيۡنَٰكُمُوهُ وَمَآ أَنتُمۡ لَهُۥ بِخَٰزِنِينَ﴾ |
---|
المؤمنون: 18 | ﴿وَ أَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٖ فَأَسۡكَنَّٰهُ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابِۢ بِهِۦ لَقَٰدِرُونَ﴾ |
---|
الفرقان: 48 | ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۚ أَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورٗا﴾ |
---|
لقمان: 10 | ﴿خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖۚ وَ أَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجٖ كَرِيمٍ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقةدليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.
وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال:{ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}
وقوله: وَالنَّخْلَ ... معطوف على جَنَّاتٍ، وباسِقاتٍ حال من النخل.
ومعنى «باسقات» مرتفعات، من البسوق بمعنى الارتفاع والعلو. يقال: بسق فلان على أصحابه- من باب دخل- إذا فاقهم وزاد عليهم في الفضل.
والنخل: اسم جنس يذكر ويؤنث ويجمع. وخص بالذكر مع أنه من جملة ما اشتملت عليه الجنات، لمزيد فضله وكثرة منافعه.
وجملة لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ في محل نصب على الحال من النخل.
والطلع: أول ما يخرج من ثمر النخل. ويسمى الكفرّى. يقال: طلع الطلع طلوعا. إذا كان في أول ظهوره.
والنضيد: بمعنى المنضود، أى: المتراكب بعضه فوق بعض مأخوذ من نضد فلان المتاع ينضده، إذا رتبه ترتيبا حسنا.
أى: وأنبتنا- أيضا- في الأرض بعد إنزالنا الماء عليها من السحاب، النخل الطوال، الزاخر بالثمار الكثيرة التي ترتب بعضها على بعض بطريقة جميلة..
( والنخل باسقات ) أي : طوالا شاهقات . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم : الباسقات الطوال . ( لها طلع نضيد ) أي : منضود .
وقوله ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) يقول: وأنبتنا بالماء الذي أنـزلنا من السماء النخل طوالا والباسق: هو الطويل يقال للجبل الطويل: حبل باسق, كما قال أبو نوفل لابن هُبَيرة:
يـــا بْـــنَ الَّــذِينَ بِفَضْلِهِــمْ
بَسَـــقَتْ عَـــلى قَيْسٍ فَــزَارَهْ (5)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله ( باسِقاتٍ ) يقول: طوال.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) قال: النخل الطوال.
حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن عبد الله بن شدّاد في قوله ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) قال: بسُوقها: طولها في إقامة.
حدثنا هناد, قال: ثنا أبو الأحوص, عن سماك, عن عكرِمة, في قوله ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) الباسقات: الطوال.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( باسِقاتٍ ) قال: الطوال.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) قال: بسوقها طولها.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) قال: يعني طولها.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) قال: البسوق: الطول.
وقوله ( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ) يقول: لهذا النخل الباسقات طلع وهو الكُفُرَّى, نضيد: يقول: منضود بعضه على بعض متراكب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي، عن أبيه, عن ابن عباس ( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ) قال: يقول بعضه على بعض.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, لها: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( نَضِيدٌ ) قال: المنضَّد.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ) يقول: بعضه على بعض.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ) ينضد بعضه على بعض.
--------------------------
الهوامش:
(5) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 225 ب ) قال : " والنخل باسقات " : طوال . يقال جبل باسق ، وحسب باسق، قال أبو نوفل لابن هبيرة : " يا بن الذين ... " البيت . وفي اللسان: بسق ( بسق الشيء يبسق بسوقًا : تم طوله ) . وفي التنزيل : " والنخل باسقات " الفراء : باسقات : طوالا ، فهن طوال النخل ، وبسق على قومه : علاهم في الفضل . وأنشد ابن بري لأبي نوفل : " يا بن الذين ... البيت " . أ هـ .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
باسقات:
1- بالسين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالصاد، وهى لغة لبنى العنبر، رواها قطبة بن مالك، عن النبي ﷺ.
التفسير :
وحاصل هذا، أن ما فيها من الخلق الباهر، والشدة والقوة، دليل على كمال قدرة الله تعالى، وما فيها من الحسن والإتقان، وبديع الصنعة، وبديع الخلقةدليل على أن الله أحكم الحاكمين، وأنه بكل شيء عليم، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد، دليل على رحمة الله، التي وسعت كل شيء، وجوده، الذي عم كل حي، وما فيها من عظم الخلقة، وبديع النظام، دليل على أن الله تعالى، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا، ولم يكن له كفوًا أحد، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والذل [والحب] إلا له تعالى.
وما فيها من إحياء الأرض بعد موتها، دليل على إحياء الله الموتى، ليجازيهم بأعمالهم، ولهذا قال:{ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ}
ولما ذكرهم بهذه الآيات السماوية والأرضية، خوفهم أخذات الأمم، وألا يستمروا على ما هم عليه من التكذيب، فيصيبهم ما أصاب إخوانهم من المكذبين، فقال:
وقوله: رِزْقاً لِلْعِبادِ بيان للحكمة من إنزال المطر وإنبات الزرع..
أى: أنبتنا ما أنبتنا من الجنات ومن النخل الباسقات.. ليكون ذلك رزقا نافعا للعباد..
وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً أى: وأحيينا بذلك الماء الذي أنزلناه بلدة كانت مجدبة، وأرضا كانت خالية من النبات والزروع، وتذكير مَيْتاً لكون البلدة بمعنى المكان.
وقوله: كَذلِكَ الْخُرُوجُ جملة مستأنفة لبيان أن الخروج من القبور عند البعث، مثله كمثل هذا الإحياء للأرض التي كانت جدباء ميتة، بأن أنبتت من كل زوج بهيج بعد أن كانت خالية من ذلك.
فوجه الشبه بين إحياء الأرض بالنبات بعد جدبها، وبين إحياء الإنسان بالبعث بعد موته، استواء الجميع في أنه جاء بعد عدم.
قال ابن كثير: قوله: وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ... وهي الأرض التي كانت هامدة، فلما نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج. وذلك بعد أن كانت لا نبات فيها، فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك، كذلك يحيى الله الموتى، وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس، أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث..
كقوله- تعالى-: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ.
وقوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقوله- تعالى-: وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ، إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد أقامت ألوانا من الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وعلى أن البعث حق، وأنه آت لا ريب فيه.
وبعد هذا العرض البديع لمظاهر قدرة الله- تعالى- في هذا الكون، ولمظاهر نعمه على خلقه، ساقت السورة الكريمة جانبا من أحوال المكذبين للرسل السابقين. تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من قومه، فقال- تعالى-:
( رزقا للعباد ) أي : للخلق ، ( وأحيينا به بلدة ميتا ) وهي : الأرض التي كانت هامدة ، فلما نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج من أزاهير وغير ذلك ، مما يحار الطرف في حسنها ، وذلك بعد ما كانت لا نبات بها ، فأصبحت تهتز خضراء ، فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك ، كذلك يحيي الله الموتى . وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث كقوله تعالى : ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ) [ غافر : 57 ] ، وقوله : ( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ) [ الأحقاف : 33 ] ، وقال تعالى : ( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير ) [ فصلت : 39 ] .
وقوله ( رِزْقًا لِلْعِبَادِ ) يقول: أنبتنا بهذا الماء الذي أنـزلناه من السماء هذه الجنات, والحبّ والنخل قوتا للعباد, بعضها غذاء, وبعضها فاكهة ومتاعا.
وقوله ( وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ) يقول تعالى ذكره وأحيينا بهذا الماء الذي أنـزلناه من السماء بلدة ميتا قد أجدبت وقحطت, فلا زرع فيها ولا نبت.
وقوله ( كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ) يقول تعالى ذكره: كما أنبتنا بهذا الماء هذه الأرض الميتة, فأحييناها به, فأخرجنا نباتها وزرعها, كذلك نخرجكم يوم القيامة أحياء من قبوركم من بعد بلائكم فيها بما ينـزل عليها من الماء.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الفرقان: 49 | ﴿ لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا﴾ |
---|
الزخرف: 11 | ﴿وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ |
---|
ق: 11 | ﴿رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ميتا:
1- التخفيف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتثقيل، وهى قراءة أبى جعفر، وخالد.
التفسير :
أي:كذب الذين من قبلهم من الأمم، رسلهم الكرام، وأنبياءهم العظام، كـ "نوح"كذبه قومه، [وثمود كذبوا صالحًا]
أى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- لما أصابك من أذى من هؤلاء المشركين الجاحدين المكذبين فقد سبقهم إلى هذا التكذيب والكفر والجحود «قوم نوح» - عليه السلام-، فإنهم قد قالوا في حقه إنه مجنون، كما حكى عنهم ذلك في قوله- تعالى-: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ، فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ. وقوله: وَأَصْحابُ الرَّسِّ معطوف على ما قبله، والرس في لغة العرب: البئر التي لم تبن بعد بالحجارة، وقيل: هي البئر مطلقا.
وللمفسرين في حقيقة أصحاب الرس أقوال: فمنهم من قال إنهم من بقايا قبيلة ثمود، بعث الله إليهم واحدا من أنبيائه، فكذبوه ورسوه في تلك البئر، أى: ألقوا به فيها فأهلكهم- سبحانه- بسبب ذلك.
وقيل: هم الذين قتلوا حبيبا النجار عند ما جاء يدعوهم إلى الدين الحق، وكانت تلك البئر بأنطاكية، وبعد قتلهم له ألقوه فيها. وقيل: هم قوم شعيب- عليه السلام-..
واختار ابن جرير- رحمه الله- أن أصحاب الرس هم أصحاب الأخدود، الذين جاء الحديث عنهم في سورة البروج.
والمراد بثمود: قوم صالح- عليه السلام- الذين كذبوه فأهلكهم الله- تعالى-.
يقول تعالى متهددا لكفار قريش بما أحله بأشباههم ونظرائهم وأمثالهم من المكذبين قبلهم ، من النقمات والعذاب الأليم في الدنيا ، كقوم نوح وما عذبهم الله به من الغرق العام لجميع أهل الأرض ، وأصحاب الرس وقد تقدمت قصتهم في سورة " الفرقان " ( وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط ) ، وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم ومعاملتها من الغور ، وكيف خسف الله بهم الأرض ، وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة ; بكفرهم وطغيانهم ومخالفتهم الحق .
القول في تأويل قوله تعالى : كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12)
يقول تعالى ذكره ( كذَّبتْ ) قبل هؤلاء المشركين الذين كذّبوا محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قومه ( قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ ) وقد مضى ذكرنا قبل أمر أصحاب الرسّ, وأنهم قوم رسُّوا نبيهم في بئر.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي بكر, عن عكرمة بذلك.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَصْحَابُ الرَّسِّ ) والرس: بئر قُتل فيها صاحب يس.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَصْحَابُ الرَّسِّ ) قال: بئر.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحج: 42 | ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٞ وَثَمُودُ﴾ |
---|
ص: 12 | ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ﴾ |
---|
غافر: 5 | ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۢ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ﴾ |
---|
ق: 12 | ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ﴾ |
---|
القمر: 9 | ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِر﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وعاد، كذبوا "هودًا "وإخوان لوط كذبوا "لوطًا "
والمراد بعاد: قوم هود- عليه السلام- الذين اغتروا بقوتهم، وكذبوا نبيهم، فأخذهم- سبحانه- أخذ عزيز مقتدر.
وَفِرْعَوْنُ هو الذي أرسل الله إليه موسى- عليه السلام- فكذبه وقال لقومه أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى. فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى.
وَإِخْوانُ لُوطٍ هم قومه الذين أتوا بفاحشة لم يسبقوا إليها. قالوا: ووصفهم الله- تعالى- بأنهم إخوانه، لأنه كانت تربطه بهم رابطة المصاهرة حيث إن امرأته- عليه السلام- كانت منهم.
يقول تعالى متهددا لكفار قريش بما أحله بأشباههم ونظرائهم وأمثالهم من المكذبين قبلهم ، من النقمات والعذاب الأليم في الدنيا ، كقوم نوح وما عذبهم الله به من الغرق العام لجميع أهل الأرض ، وأصحاب الرس وقد تقدمت قصتهم في سورة " الفرقان " ( وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط ) ، وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم ومعاملتها من الغور ، وكيف خسف الله بهم الأرض ، وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة ; بكفرهم وطغيانهم ومخالفتهم الحق .
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال, عن عمرو بن عبد الله, عن قتادة أنه قال: إن أصحاب الأيكة, " والأيكة : الشجر الملتفّ", وأصحاب الرّسّ كانتا أمتين, فبعث الله إليهم نبيا واحدا شعيبا, وعذّبهما الله بعذابين ( وَثمُودُ ، وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ، وَإِخْوَانُ لُوطٍ، وأصْحابُ الأيْكَةِ ) وهم قوم شعيب, وقد مضى خبرهم قبل ( وَقَوْمُ تُبَّعٍ ).
وكان قوم تُبَّعٍ أهل أوثان يعبدونها, فيما حدثنا به ابن حُمَيد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق.
وكان من خبره وخبر قومه، ما حدثنا به مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: أخبرنا عمران بن حُدَير, عن أبي مجلز, عن ابن عباس, أنه سأل عبد الله بن سلام, عن تُبَّع ما كان؟ فقال: إن تبعا كان رجلا من العرب, وإنه ظهر على الناس, فاختار فِتية من الأخيار فاستبطنهم واستدخلهم, حتى أخذ منهم وبايعهم, وإن قومه استكبروا ذلك وقالوا: قد ترك دينكم, وبايع الفِتية; فلما فشا ذلك, قال للفتية, فقال الفتية: بيننا وبينهم النار تُحْرِق الكاذب, وينجو منها الصادق, ففعلوا, فعلق الفتية مصاحفهم في أعناقهم, ثم غدوا إلى النار, فلما ذهبوا أن يدخلوها, سفعت النار في (6) وجوههم, فنكصوا عنها, فقال لهم تبَّع: لتدخلنها; فلما دخلوها أفرجت عنهم حتى قطعوها, وأنه قال لقومه ادخلوها; فلما ذهبوا يدخلونها سفعت النار وجوههم, فنكصوا عنها, فقال لهم تبَّع: لتدخلنها, فلما دخلوها أفرجت عنهم, حتى إذا توسطوا أحاطت بهم, فأحرقتهم, فأسلم تُبع, وكان تُبَّع رجلا صالحا.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي, قال: سمعت إبراهيم بن محمد القرظي, قال: سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله يحدّث " أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها, حالت حِمْيَر بينه وبين ذلك, وقالوا لا تدخلها علينا, وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه, وقال: إنه دين خير من دينكم, قالوا: فحاكمنا إلى النار, قال نعم, قال: وكانت في اليمن فيما يزعم أهل اليمن نار تحكم فيما بينهم فيما يختلفون فيه, تأكل الظالم ولا تضرّ المظلوم, فلما قالوا ذلك لتبَّع, قال: أنصفتم, فخرج قومه بأوثانهم, وما يتقرّبون به في دينهم قال: وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديهما, حتى قعدوا للنار عند مخرجها التي تخرج منه, فخرجت للنار إليهم, فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها, فرموهم من حضرهم من الناس، وأمروهم بالصبر لها, فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قرّبوا معها, ومن حمل ذلك من رجال حِمْيَر وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما, تعرق جباههما لم تضرّهما, فأطبقت حِمْيَر, عند ذلك على دينه, فمن هنالك وغير ذلك كان أصل اليهودية باليمن " .
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق عن بعض أصحابه أن الحَبرين, ومن خرج معهما من حِمْيَر, إنما اتبعوا النار ليردّوها, وقالوا: من ردّها فهو أولى بالحقّ فدنا منهم رجال من حمير بأوثانهم ليردُّوها, فدنت منهم لتأكلهم, فحادوا فلم يستطيعوا ردّها، ودنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة, وتنكص حتى ردّاها إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأطبقت عند ذلك على دينهما, وكان رئام بيتا لهم يعظمونه, وينحرون عنده, ويكلمون منه, إذ كانوا على شركهم, فقال الحبران لتبَّع إنما هو شيطان يعينهم ويلعب بهم, فخلّ بيننا وبينه, قال: فشأنكما به فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود, فذبحاه, ثم هدما ذلك البيت , فبقاياه اليوم باليمن كما ذُكر لي".
حدثني يونس, قال : أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن لهيعة, عن عمرو بن جابر الخضرميّ, حدثه قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي, يحدّث عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " لا تَلْعَنُوا تُبَّعا فإنَّهُ كانَ قَدْ أسْلَمَ".
حدثني يونس, قال : أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني ابن لهيعة, عن الحارث بن يزيد أن شعيب بن زرعة المعافريّ, حدثه, قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وقال له رجل: إن حِمْيَر تزعم أن تبعا منهم, فقال: نعم والذي نفسي بيده, وإنه في العرب كالأنف بين العينين. وقد كان منهم سبعون ملكا.
--------------------
الهوامش:
(6) كذا في الأصل ، وسيجيء نظيره قريبًا بإسقاط ( في ) من الكلام . ولعله زاد ( في ) على التضمين .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
وأصحاب الأيكة كذبوا "شعيبًا "وقوم تبع، وتبع كل ملك ملك اليمن في الزمان السابق قبل الإسلامفقوم تبع كذبوا الرسول، الذي أرسله الله إليهم، ولم يخبرنا الله من هو ذلك الرسول، وأي تبع من التبابعة، لأنه -والله أعلم- كان مشهورًا عند العرب لكونهم من العرب العرباء، الذين لا تخفى ماجرياتهم على العرب خصوصًا مثل هذه الحادثة العظيمة.
فهؤلاء كلهم كذبوا الرسل، الذين أرسلهم الله إليهم، فحق عليهم وعيد الله وعقوبته، ولستم أيها المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم، خيرًا منهم، ولا رسلهم أكرم على الله من رسولكم، فاحذروا جرمهم، لئلا يصيبكم ما أصابهم.
وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ هم قوم شعيب- عليه السلام- كما قال- تعالى-: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ .
والأيكة: اسم لمنطقة كانت مليئة بالأشجار، ومكانها- في الغالب- بين الحجاز وفلسطين حول خليج العقبة، ولعلها المنطقة التي تسمى بعمان.
وكان قوم شعيب يعبدون الأوثان، ويطففون في المكيال فنهاهم شعيب عن ذلك، ولكنهم كذبوه فأهلكهم الله- تعالى-.
وَقَوْمُ تُبَّعٍ وهو تبع الحميرى اليماني، وكان مؤمنا وقومه كفار، قالوا: وكان اسمه سعد أبو كرب، وقد أشار القرآن إلى قصتهم في آيات أخرى منها قوله- تعالى-: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ.. .
والتنوين في قوله- تعالى-: كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ... عوض عن المضاف إليه.
أى: كل قوم من هؤلاء الأقوام السابقين كذبوا رسولهم الذي جاء لهدايتهم.
وقوله: فَحَقَّ وَعِيدِ بيان لما حل بهم بسبب تكذيبهم لرسلهم. أى: كل واحد من هؤلاء الأقوام كذبوا رسولهم، فكانت نتيجة ذلك أن وجب ونزل بهم وعيدي، وهو العذاب الذي توعدتهم به، كما قال- سبحانه-: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً. وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا، وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ .
قال ابن كثير: قوله: كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ... أى: كل من هذه الأمم، وهؤلاء القرون كذب رسوله، ومن كذب رسولا فكأنما كذب جميع الرسل.
فَحَقَّ وَعِيدِ أى: فحق عليهم ما أوعدهم الله- تعالى- على التكذيب من العذاب والنكال، فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم، فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذب أولئك .
( وأصحاب الأيكة ) وهم قوم شعيب عليه السلام ، ( وقوم تبع ) وهو اليماني . وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان ما أغنى عن إعادته هاهنا ولله الحمد .
( كل كذب الرسل ) أي : كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذب رسوله ، ومن كذب رسولا فكأنما كذب جميع الرسل ، كقوله : ( كذبت قوم نوح المرسلين ) [ الشعراء : 105 ] ، وإنما جاءهم رسول واحد ، فهم في نفس الأمر لو جاءهم جميع الرسل كذبوهم ، ( فحق وعيد ) أي : فحق عليهم ما أوعدهم الله على التكذيب من العذاب والنكال فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذب أولئك .
وقوله ( كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ) يقول تعالى ذكره: كلّ هؤلاء الذين ذكرناهم كذّبوا رسل الله الذين أرسلهم ( فَحَقَّ وَعِيدِ ) يقول: فوجب لهم الوعيد الذي وعدناهم على كفرهم بالله, وحل بهم العذاب والنقمة. وإنما وصف ربنا جلّ ثناؤه ما وصف في هذه الآية من إحلاله عقوبته بهؤلاء المكذّبين الرسل ترهيبا منه بذلك مشركي قريش وإعلاما منه لهم أنهم إن لم ينيبوا من تكذيبهم رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , أنه محلّ بهم من العذاب, مثل الذي أحلّ بهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فَحَقَّ وَعِيدِ ) قال: ما أهلكوا به تخويفا لهؤلاء.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الحجر: 78 | ﴿وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَٰلِمِينَ﴾ |
---|
الشعراء: 176 | ﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ |
---|
ص: 13 | ﴿وَثَمُودُ وَقَوۡمُ لُوطٖ و أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡأَحۡزَابُ﴾ |
---|
ق: 14 | ﴿وَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيد﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
الأيكة:
1- بلام التعريف، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، وطلحة، ونافع.
وقرئ:
2- ليكة.
(وانظر، الحجر، الآية: 78، والشعراء، الآية: 176، ص، الآية: 13) .
التفسير :
ثم استدل تعالى بالخلق الأول -وهو المنشأ الأول- على الخلق الآخر، وهو النشأة الآخرة.
فكماأنه الذي أوجدهم بعد العدم، كذلك يعيدهم بعد موتهم وصيرورتهم إلى [الرفات] والرمم، فقال:{ أَفَعَيِينَا} أي:أفعجزنا وضعفت قدرتنا{ بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} ؟ ليس الأمر كذلك، فلم نعجز ونعي عن ذلك، وليسوا في شك من ذلك، وإنما هم في لبس من خلق جديد هذا الذي شكوا فيه، والتبس عليهم أمره، مع أنه لا محل للبس فيه، لأن الإعادة، أهون من الابتداء كما قال تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}
وبعد هذا العرض لمصارع المكذبين، عادت السورة إلى تقرير الحقيقة التي كفر بها الجاهلون والجاحدون، وهي أن البعث حق، فقال- تعالى-: أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ والاستفهام للإنكار والنفي، وقوله فَعَيِينا من العي بمعنى العجز. يقال: عيى فلان بهذا الشيء، إذا عجز عنه، وانقطعت حيلته فيه، ولم يهتد إلى طريقة توصله إلى مقصوده منه.
واللبس: الخلط. يقال: لبس على فلان الأمر- من باب ضرب- إذا اشتبه واختلط عليه، ولم يستطع التمييز بين ما هو صواب وما هو خطأ.
أى: أفعجزت قدرتنا عن خلق هؤلاء الكافرين وإيجادهم من العدم، حتى يتوهموا أننا عاجزون عن إعادتهم إلى الحياة بعد موتهم؟.
كلا إننا لم نعجز عن شيء من ذلك لأن قدرتنا لا يعجزها شيء، ولكن هؤلاء الكافرين لانطماس بصائرهم، واستيلاء الشيطان عليهم، قد صاروا في لبس وخلط من أمرهم، بدليل أنهم يقرون بأننا نحن الذين خلقناهم ولم يكونوا شيئا مذكورا، ومع ذلك فهم ينكرون قدرتنا على الخلق الجديد أى: على إعادتهم إلى الحياة الدنيا مرة أخرى بعد موتهم.
فقوله- تعالى-: بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ أى: بل إن هؤلاء الكافرين في خلط وشك وحيرة من أن يكون هناك خلق جديد أى خلق مستأنف لهم بعد موتهم، مع أنهم- لو كانوا يعقلون- لعلموا أن القادر على الخلق من العدم، قادر على إعادة هذا المخلوق من باب أولى، كما قال- سبحانه-: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ.. .
قال الآلوسى: وقوله: بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ عطف على مقدر يدل عليه ما قبله، كأن قيل: إنهم معترفون بالأول غير منكرين قدرتنا عليه، فلا وجه لإنكارهم الثاني، بل هم في خلط وشبهة في خلق مستأنف.. .
وقال بعض العلماء ما ملخصه: في الآية أسئلة ثلاثة: لم عرف الخلق الأول؟ ولم نكر اللبس؟ ولم نكر الخلق الجديد؟.
وللإجابة على ذلك نقول: عرف الخلق الأول للتعميم والتهويل والتفخيم ومنه تعريف الذكور في قوله يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ.
وأما التنكير فأمره منقسم، فأحيانا يقصد به التفخيم، من حيث ما فيه من الإبهام.. وهو المقصود هنا من تنكير لفظ لَبْسٍ. كأنه قيل: بل هم في لبس أى لبس.
وأحيانا يقصد به التقليل والتهوين لأمره، وهو المقصود هنا بقوله من خَلْقٍ جَدِيدٍ أى: أن هذا الخلق الجديد شيء هين بالنسبة إلى الخلق الأول، وإن كان كل شيء هين بالنسبة إلى قدرة الله- تعالى- .
ثم صورت السورة الكريمة بعد ذلك علم الله- تعالى- الشامل لكل شيء تصويرا يأخذ بالألباب، وبينت سكرات الموت وغمراته، وأحوال الإنسان عند البعث.. بيانا رهيبا مؤثرا، قال- تعالى-:
وقوله : ( أفعيينا بالخلق الأول ) أي : أفأعجزنا ابتداء الخلق حتى هم في شك من الإعادة ، ( بل هم في لبس من خلق جديد ) والمعنى : أن ابتداء الخلق لم يعجزنا والإعادة أسهل منه ، كما قال تعالى : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] ، وقال الله تعالى : ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) [ يس : 78 - 79 ] ، وقد تقدم في الصحيح : " يقول الله تعالى : يؤذيني ابن آدم ، يقول : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته " .
القول في تأويل قوله تعالى : أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15)
وهذا تقريع من الله لمشركي قريش الذين قالوا: أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ يقول لهم جلّ ثناؤه: أفعيينا بابتداع الخلق الأول الذي خلقناه, ولم يكن شيئا فنعيا بإعادتهم خلقا جديدا بعد بلائهم في التراب, وبعد فنائهم; يقول: ليس يعيينا ذلك, بل نحن عليه قادرون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ ) يقول: لم يعينا الخلق الأوّل.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد.
قوله ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ ) يقول: أفعيي علينا حين أنشأناكم خلقا جديدا, فتمتروا بالبعث.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن أبي ميسرة ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ ) قال: إنا خلقناكم.
وقوله ( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) يقول تعالى ذكره: ما يشكّ هؤلاء المشركون المكذّبون بالبعث أنا لم نعي بالخلق الأوّل, ولكنهم في شكّ من قُدرتنا على أن نخلقهم خلقا جديدا بعد فنائهم, وبَلائهم في قبورهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله ( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) يقول: في شكّ من البعث.
حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن أبي ميسرة ( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ ) قال: الكفار ( مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) قال: أن يخلقوا من بعد الموت .
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ ) : أي شكّ والخلق الجديد: البعث بعد الموت, فصار الناس فيه رجلين: مكذّب, ومصدّق.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) قال: البعث من بعد الموت.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
أفعيينا:
1- بياء مكسورة بعدها ياء ساكنة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتشديد الياء من غير إتباع فى الثانية، وهى قراءة ابن أبى عبلة، والوليد بن مسلم، والقورسى، عن أبى جعفر، والسمسار، عن شيبة، وأبى بحر، عن نافع.