49574757677787980818283848586878889

الإحصائيات

سورة الزخرف
ترتيب المصحف43ترتيب النزول63
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.70
عدد الآيات89عدد الأجزاء0.33
عدد الأحزاب0.65عدد الأرباع2.60
ترتيب الطول30تبدأ في الجزء25
تنتهي في الجزء25عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 24/29الحواميم: 4/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (74) الى الآية رقم (80) عدد الآيات (7)

لمَّا ذَكَرَ حالَ أهلِ الجَنَّةِ ناسَبَه ذكرُ حالِ أهلِ النَّارِ، وطلبُهم الموتَ من مَالِكٍ خازنِ النَّارِ ليستريحُوا من العذابِ، فيُجِيبُهم: إنَّكم مَاكِثون، وبَيَّنَ سَببَ مُكثِهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (81) الى الآية رقم (89) عدد الآيات (9)

ختامُ السورةِ بتنزيهِ اللَّهِ عن الولدِ والشريكِ، فهو المعبودُ بحقٍّ في السَّماءِ والأرضِ، ومالكُ كلِّ شيءٍ في الكونِ، وأنَّ المشركينَ متناقضونَ حينَ يقرُّونَ بأنَّ الخالقَ هو اللَّهُ ثُمَّ يعبدُونَ معَه غيرَه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الزخرف

التحذير من الانبهار بالمظاهر المادية/ الدعوة إلى الإيمان والتوحيد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هدف السورة::   التحذير من الانبهار بالمظاهر المادية. وهذا واضح من اسم السورة (الزخرف)، فالسورة تحذر من خطورة الانبهار بالمظاهر المادية وزخارف الدنيا، وفي المقابل تؤكد على أن الزخرف الحقيقي والنعيم الحقيقي ليس في الدنيا، بل في الجنة التي وعد بها المتقون.ولذلك تكرّر في السورة ذكر الذهب والفضة أكثر من أي سورة أخرى.
  • • متاع الحياة الدنيا::   هذه الدنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة لحرم منها أهل الكفر، لكن لهوانها على الله أعطاها لهم، بل كان من الممكن أن يمنحهم منها أكثر وأكثر، لكن الله لم يفعل ذلك؛ لكي لا يفتن المؤمن بهم ويسلك سبيلهم، قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوٰبًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَـٰعُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةُ عِندَ رَبّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾
  • • الزخرف الحقيقي::   وفي مقابل حديث السورة عن زخارف الدنيا والمظاهر المادّية، تأتي السورة بالزخرف الحقيقي: الجنة وما أعد الله فيها للمتقين: ﴿ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ مّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ﴾ وكأن المعنى: لا تنبهروا يا مؤمنين بزينة الدنيا ولا تنخدعوا بمتاعها؛ لأن متاع الآخرة الذي أعده الله للمتقين أهم وأعظم.
  • • حذار من الزخرف::   إنَّ سورة الزخرف تحذِّر المسلمين من أنّهم لو تعلّقوا بالمظاهر المادّية فلن يفلحوا، وهل تخلّفت أمّتنا في هذا العصر إلاّ بسبب تعلّقها بالمظاهر المادّية وانبهار أفرادها بحضارة الغرب الماديّة؟!كما تحذر السورة أيضًا كل من يختار أصدقاءه وفقًا للمظاهر الماديّة: ﴿ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ﴾
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   ‏«الزخرف».
  • • معنى الاسم ::   الزخرف: الزينة، وكمال حُسن الشيء، والمزخرف: المزين.
  • • سبب التسمية ::   لورود كلمة (وزخرفًا) في الآية (35)، وهذه الكلمة وردت في سور أخرى لكن هذه السورة اشتملت على وصف لبعض نعيم الدنيا الفاني وهو (الزخرف) ومقارنته بنعيم الآخرة الخالد، فكانت أولى بهذه التسمية.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   : «حم الزخرف»؛ لتمييزها عن بقية سور الحواميم.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   عدم الانبهار بالمظاهر المادية.
  • • علمتني السورة ::   أن الزخرف الحقيقي والنعيم الحقيقي ليس في الدنيا، بل في الجنة.
  • • علمتني السورة ::   أن الله خلق الإنسان ورزقه نعمة العقل وترك له حرية اختيار طريق الخير والشر: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله كَرَّمَ الإنسانَ ورزقه نعمة العقل فلا تتبع من كان قبلك وتقلدهم دون علم: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة الزخرف) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الزخرف من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة الزخرف) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الزخرف هي السورة الرابعة من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • سورة الزخرف السورة على دعاء الركوب، في الآيتين (13-14).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتجنب الانبهار بالمظاهر المادية وزخارف الدنيا.
    • أن نشكر الله تعالى على نعمه علينا، ومنها قول: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) عند ركوب وسائل النقل: ﴿وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ (13، 14).
    • أن نضع خطةً للقضاء على أنواع الترف الذي يجعلنا نرتكب محرمًا أو نترك واجبًا: ﴿وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ (23).
    • أن نرضى بقِسْمَتِنا، ولا نَحْسُدُ أحدًا؛ فاللهُ هو من يَقْسِمُ الأرزاقَ: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (32).
    • أن ندون ما مرَّ بنا اليوم من أنواع تسخير الله تعالى الناس بعضهم لبعض: ﴿لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (32).
    • أن نتذكر مصيبة أصابتنا، ثم نتذكر ذنبًا فعلناه قبلها ونستغفر الله منه؛ فربما أُصبنا بالمصيبة لكي نرجع إلى ربنا: ﴿وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (48).
    • أن نتبع صراط الله في أمورنا كلها ولا نَحِد عنه: ﴿إِنَّ اللَّـهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ (64). • أن نحذر من الاختلاف في الدين: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ (65).
    • أن ننزه الله عما افتراه عليه الكفار من نسبة الولد إليه: ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ (81).
    • أن نسبح الله تعالى عند سماع: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 495

495

مدارسة الآية : [74] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ ..

التفسير :

[74] إن الذين اكتسبوا الذنوب بكفرهم، في عذاب جهنم ماكثون،

{ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} الذين أجرموا بكفرهم وتكذيبهم{ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ} أي:منغمرون فيه، محيط بهم العذاب من كل جانب،{ خَالِدُونَ} فيه، لا يخرجون منه أبدا

وكعادة القرآن الكريم في المقارنة بين الأخيار والأشرار جاء الحديث عن سوء عاقبة الكافرين بعد الحديث عن حسن عاقبة المؤمنين، فقال- تعالى- إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ.

أى: إن الكافرين بالحق، الراسخين في الإجرام، الكاملين فيه، سيكونون يوم القيامة، في عذاب جهنم خالدين فيه خلودا أبديا.

لما ذكر تعالى حال السعداء ثنى بذكر الأشقياء فقال "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون".

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74)

يقول تعالى ذكره ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ ) وهم الذين اجترموا في الدنيا الكفر بالله, فاجترموا به في الآخرة ( فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ) يقول: هم فيه ماكثون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[74] ﴿إِنَّ المُجرِمينَ في عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدونَ﴾ هكذا عاقبة المجرمين، كل المجرمين، الخلود فى عذاب دائم مستمر غير منقطع.
وقفة
[74، 75] ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ أعظم جريمة أن يجرم الإنسان في حق الذي أوجده!
وقفة
[74، 75] ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ ثلاثة عوامل تضاعف عذاب النار: اليقين بالخلود أي طول الإقامة فيها، وعدم تخفيف عذابها، واليأس وانقطاع أمل أهلها من أي خير.
وقفة
[74، 75] ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ إن قلتَ: كيف وصف أهل النَّارِ فيها بأنهم مبلِسون، والبلسُ: هو الآيسُ من الرحمة والفرج، مع قوله بعدُ ﴿ونَادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ علينَا ربُّكَ﴾ [77] الدالَّ على طلبهم الفَرَج بالموت؟ قلتُ: وقع كلٌّ منهما في زمنٍ، لأن أزمنةَ يومِ القيامةِ متعدَدة.
تفاعل
[74، 75] استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المجرمين: اسمها منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «ان» جهنم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف- التنوين للمعرفة والتأنيث.
  • ﴿ خالِدُونَ:
  • خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الزخرف: 74﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
القمر: 47﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ حالَ السعداء الأبرار؛ ذكرَ هنا حالَ الأشقياء الفجار، قال تعالى :
﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ ..

التفسير :

[75]لا يخفف عنهم، وهم فيه آيسون من رحمة الله،

{ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} العذاب ساعة، بإزالته، ولا بتهوين عذابه،{ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} أي:آيسون من كل خير، غير راجين للفرج، وذلك أنهم ينادون ربهم فيقولون:{ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}

لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ أى: لا يخفف عنهم العذاب، فقوله يُفَتَّرُ مأخوذ من الفتور بمعنى الهدوء والسكون، يقال: فترت الحمى، إذا خفت حدتها، وفتر المرض إذا سكن قليلا.

وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ أى: وهم في هذا العذاب في أقصى درجات الحزن والذلة واليأس يقال: أبلس فلان إبلاسا، إذا سكت عن الكلام سكوتا مصحوبا بالحزن وانقطاع الحجة.

أي ساعة واحدة "وهم فيه مبلسون" أي آيسون من كل خير.

لا يفتر عنهم, يقول: لا يخفف عنهم العذاب وأصل الفتور: الضعف ( وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) يقول: وهم في عذاب جهنم مبلسون, والهاء في فيه من ذكر العذاب. ويذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " وَهُمْ فِيهَا مُبْلِسُونَ" والمعنى: وهم في جهنم مبلسون, والمبلس في هذا الموضع: هو الآيس من النجاة الذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) : أي مستسلمون.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قوله: ( وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) قال: آيسون.

وقال آخرون بما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) متغير حالهم.

وقد بينَّا فيما مضى معنى الإبلاس بشواهده, وذكر المختلفين فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

التدبر :

وقفة
[75] ﴿لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ والمبلس في هذا الموضع هو: الآيس من النجاة، الذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء.
وقفة
[75] ﴿لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ أي: حزينون من شدة اليأس، قال الراغب: «الإبلاس: الحزن المعترض من شدة اليأس, ومنه اشتُقَّ إبليس فيما قيل، ولما كان المُبْلِس كثيرًا ما يلزم السكوت وينسى ما يعنيه, قيل: أبلس فلان إذا سكت وانقطعت حجته» انتهى، وقد فسر الإبلاس هنا بالسكوت وانقطاع الحجة.
وقفة
75 ﴿لا يُفَتَّرُ عَنهُم وَهُم فيهِ مُبلِسونَ﴾ ومن فرط هول العذاب وشدته جاءت مفردات الآية غريبة على الفهم لكثير من الناس، فاللهم نجاة من النار.
وقفة
[75] ﴿وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ الإبلاس هو اليأس والذل، ومن لوازم الإبلاس السكوت، فأهل النار يائسون ذليلون ساكتون.

الإعراب :

  • ﴿ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من «المجرمين» ويجوز أن تكون في محل رفع خبرا ثانيا لأنّ. لا: نافية لا عمل لها. يفتر: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى لا يخفف. عن:حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل
  • ﴿ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ:
  • الواو عاطفة. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. فيه: جار ومجرور متعلق بالخبر. مبلسون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: وهم في العذاب ساكتون من الغم والجملة في محل نصب حال.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ العذابَ؛ بَيَّنَ هنا أن هذا العذاب لا يخفف عنهم، وهم فيه آيسون من رحمة الله، قال تعالى:
﴿ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ ..

التفسير :

[76] وما ظلمْنا هؤلاء المجرمين بالعذاب، ولكن كانوا هم الظالمين أنفسهم بشركهم وجحودهم أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وترك اتِّباعهم لرسل ربهم.

وهذا العذاب العظيم، بما قدمت أيديهم، وبما ظلموا به أنفسهم.واللّه لم يظلمهم ولم يعاقبهم بلا ذنب ولا جرم.

ثم بين- سبحانه- أن ما نزل بهؤلاء المجرمين من عذاب كان بسبب كفرهم فقال- تعالى-: وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ.

أى: نحن ما ظلمنا هؤلاء الكافرين بإنزال هذا العذاب المهين الدائم بهم، ولكن هم الذين ظلموا أنفسهم، باستحبابهم العمى على الهدى، وإيثارهم الغي على الرشد.

أي بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجة عليهم وإرسال الرسل إليهم فكذبوا وعصوا فجوزوا بذلك جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد.

وقوله: ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم أيها الناس أنا فعلنا بهم من التعذيب بعذاب جهنم ( وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ ) بعبادتهم في الدنيا غير من كان عليهم عبادته, وكفرهم بالله, وجحودهم توحيده.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[76] ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ مكر الكافرين يعود عليهم ولو بعد حين.
وقفة
[76] ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ كأن الله علم أن منا من سيستعظم عذاب النار، أو يرق لحالة أهلها، فأخبرنا أن سبب العذاب ظلم هؤلاء لأنفسهم، لعلَّ هذا الإخبار يردعهم اليوم عن سيئاتهم التي تلقي بهم النار.
وقفة
[76] ﴿وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمينَ﴾ ليس هناك أشد ظلمًا من ظلم الإنسان لنفسه بابتعاده عن الحق والصراط المستقيم.

الإعراب :

  • ﴿ وَما ظَلَمْناهُمْ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. ظلم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَلكِنْ كانُوا:
  • الواو: زائدة. لكن: مهملة لأنها مخففة حرف استدراك.كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
  • ﴿ هُمُ الظّالِمِينَ:
  • ضمير فصل عند البصريين وعماد عند الكوفيين لا محل له من الاعراب. الظالمين: خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وهو اسم فاعل حذف مفعوله اختصارا ولأنه معلوم بمعنى وما ظلمناهم بتعذيبهم ولكن كانوا الظالمين أنفسهم.'

المتشابهات :

هود: 101﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ
النحل: 118﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ ۖ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ كِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
الزخرف: 76﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     ولَمَّا كان ربما ظن من لا بصيرة له أن هذا العذاب أكبر وأكثر مما يستحقونه؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن ما نزل بهؤلاء المجرمين من عذاب كان بسبب كفرهم، وما ظلمهم أحد، قال تعالى:
﴿ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الظالمين:
1- وهى قراءة الجمهور، على أن «هم» فصل.
وقرئ:
2- الظالمون، بالرفع، على أنها خبر «هم» ، وهى قراءة عبد الله، وأبى زيد، النحويين.

مدارسة الآية : [77] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا ..

التفسير :

[77] ونادى هؤلاء المجرمون بعد أن أدخلهم الله جهنم «مالكاً» خازن جهنم:يا مالك لِيُمِتنا ربك، فنستريح ممَّا نحن فيه، فأجابهم مالكٌ:إنكم ماكثون، لا خروج لكم منها، ولا محيد لكم عنها،

{ وَنَادَوْا} وهم في النار، لعلهم يحصل لهم استراحة،{ يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} أي:ليمتنا فنستريح، فإننا في غم شديد، وعذاب غليظ، لا صبر لنا عليه ولا جلد. فـ{ قَالَ} لهم مالك خازن النار -حين طلبوا منه أن يدعو اللّه لهم أن يقضي عليهم-:{ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} أي:مقيمون فيها، لا تخرجون عنها أبدا، فلم يحصل لهم ما قصدوه، بل أجابهم بنقيض قصدهم، وزادهم غما إلى غمهم.

ثم حكى- سبحانه- بعض أقوالهم بعد نزول العذاب بهم فقال: وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ.

والمراد بذلك سؤال مالك خازن النار، واللام في قوله لِيَقْضِ لام الدعاء.

أى: وبعد أن طال العذاب على هؤلاء الكافرين، نادوا في ذلة واستجداء قائلين لخازن النار: يا مالك ادع لنا ربك كي يقضى علينا، بأن يميتنا حتى نستريح من هذا العذاب.

فالمراد بالقضاء هنا: الإهلاك والإماتة، ومنه قوله- تعالى-: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ.. أى: فأهلكه.

وفي هذا النداء ما فيه من الكرب والضيق، حتى إنهم ليتمنون الموت لكي يستريحوا مما هم فيه من عذاب.

وهنا يجيئهم الرد بما يزيدهم غما على غمهم، وهو قوله- تعالى-: قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ أى: قال مالك في الرد عليهم: إنكم ماكثون فيها بدون موت يريحكم من عذابها، وبدون حياة تجدون معها الراحة والأمان.

( ونادوا يامالك ) وهو : خازن النار .

قال البخاري : حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن عطاء ، عن صفوان بن يعلى ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ على المنبر : ( ونادوا يامالك ليقض علينا ربك ) أي : ليقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه ، فإنهم كما قال تعالى : ( لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ) [ فاطر : 36 ] . وقال : ( ويتجنبها الأشقى . الذي يصلى النار الكبرى . ثم لا يموت فيها ولا يحيى ) [ الأعلى : 11 - 13 ] ، فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك ، ( قال إنكم ماكثون ) : قال ابن عباس : مكث ألف سنة ، ثم قال : إنكم ماكثون . رواه ابن أبي حاتم .

أي : لا خروج لكم منها ولا محيد لكم عنها .

ثم ذكر سبب شقوتهم وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له فقال :

القول في تأويل قوله تعالى : وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)

يقول تعالى ذكره: ونادى هؤلاء المجرمون بعد ما أدخلهم الله جهنم, فنالهم فيها من البلاء ما نالهم, مالكا خازن جهنم ( يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) قال: ليمتنا ربك, فيفرغ من إماتتنا, فذكر أن مالكا لا يجيبهم في وقت قيلهم له ذلك, ويدعهم ألف عام بعد ذلك, ثم يجيبهم, فيقول لهم: ( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ).

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن أبي الحسن, عن ابن عباس ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) فأجابهم بعد ألف سنة ( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ).

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن عطاء بن السائب, عن رجل من جيرانه يقال له الحسن, عن نوف في قوله: ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) قال: يتركهم مئة سنة مما تعدون, ثم يناديهم فيقول: يا أهل النار إنكم ماكثون.

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا ابن أبي عدي, عن سعيد, عن قتادة, عن عبد الله بن عمرو, قال: ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) قال: فخلى عنهم أربعين عاما لا يجيبهم, ثم أجابهم: ( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ) : قالوا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فخلى عنهم مثلي الدنيا, ثم أجابهم: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ قال: فوالله ما نبس القوم بعد الكلمة, إن كان إلا الزفيرُ والشهيق.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أبي أيوب الأزدي, عن عبد الله بن عمرو, قال: إن أهل جهنم يدعون مالكا أربعين عاما فلا يجيبهم, ثم يقول: ( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ), ثم ينادون ربهم رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فيدعهم أو يخلي عنهم مثل الدنيا, ثم يردّ عليهم اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ قال: فما نبس القوم بعد ذلك بكلمة إن كان إلا الزفير والشهيق في نار جهنم.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عمرو, عن عطاء, عن الحسن, عن نوف ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) قال: يتركهم مئة سنة مما تعدّون, ثم ناداهم فاستجابوا له, فقال: إنكم ماكثون.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط عن السديّ, في قوله: ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) قال: مالك خازن النار, قال: فمكثوا ألف سنة مما تعدون, قال: فأجابهم بعد ألف عام: إنكم ماكثون.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله تعالى ذكره: ( وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ) قال: يميتنا, القضاء ههنا الموت, فأجابهم ( إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ).

التدبر :

وقفة
[77] قال الرازي: «فإن قيل كيف قال: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ﴾ بعد ما وصفهم بالإبلاس؟ قلنا: تلك أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال، فيسكتون أوقاتًا لغلبة اليأس عليهم، ويستغيثون أوقاتًا لشدة ما بهم».
وقفة
[77] ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ إنه توسل الطغاة في يوم الحسرة، وقد انكشف الغطاء واتضحت الحقائق وسقطت الزعامات الكاذبة، فصارت المنايا غاية الأماني!
وقفة
[77] ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ كعادتهم؛ لا يدعون الله عند الشدائد حتى هناك!
وقفة
[77] ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ لما تيقنوا أنه لا سبيل لهم إلى الخالق؛ نادوا المخلوق إذلالًا لهم، وتأمل: (ربك) ولم تك لهم الجرأة أن يقولوا ربنا.
وقفة
[77] ﴿وَنادَوا يا مالِكُ لِيَقضِ عَلَينا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُم ماكِثونَ﴾ هيهات هيهات، سلم يا رب سلم.
وقفة
[77] خازن جنهم هو مَالِك ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾، في رحلة الإسراء والمعراج رآه النبي ﷺ، فهو من أعظم الملائكة خَلْقًا، ولم يضحك قط.
وقفة
[77] قال ابن عباس في تفسير قول الله ﷻ: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾، قال: «يمكثُ عنهم ألفَ سنةٍ ثم يُجيبهم: ﴿إِنَّكُم مَّاكِثُونَ﴾».
وقفة
[77] ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ أعوذ بالله من عذاب أفضل أماني أهله: الموت.
وقفة
[77] ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ روى السدِّي أن مالك أجاب أهل النار بعد ندائهم بألف سنة، فقال: ﴿إنكم ماكثون﴾؛ خالدون إلا من لم يشرك بالله.
وقفة
[77] كل أحزان الأرض مسألة وقت ستمر وتنتهي مهما اشتد الكرب، الحزن الحقيقي الأبدي: ﴿ونادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ علينا رَبُّكَ قالَ إنَّكم ماكثون﴾.
وقفة
[77، 78] لما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك: ﴿قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ﴾، ثم ذكر سبب شقوتهم، وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له، فقال: ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَنادَوْا:
  • الواو استئنافية. نادوا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وحذف مفعول «نادوا» لأن ما بعده يدل عليه. أي ونادوا مالكا وهو خازن النار قائلين يا مالك.
  • ﴿ يا مالِكُ:
  • أداة نداء. مالك: اسم علم منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب.
  • ﴿ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول- لفعل محذوف. اللام لام الطلب في مقام الدعاء وهي جازمة. يقض:فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف آخره-حرف العلة-علينا:جار ومجرور متعلق بيقض. ربك: فاعل ومرفوع وعلامة رفعه الضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة بمعنى: سل ربك ان يقضي علينا أي يميتنا تخلصا من هذا العذاب.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره:هو، وقيل ان الله سبحانه هو الذي أجابهم.
  • ﴿ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-ان:حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والميم علامة جمع الذكور. ماكثون:خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.بمعنى انكم لابثون هنا أي خالدون'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد أن طالَ العذابُ بالمجرمين؛ توجهوا إلى مالك خازن النار، يطلبون منه في ذلة وانكسار أن يميتهم ربهم؛ ليهلكوا مرة واحدة، حتى يستريحوا من العذاب، قال تعالى:
﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يا مالك:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يا مال، بالترخيم، على لغة من ينتظر، وهى قراءة عبد الله، وابن وثاب، والأعمش.
3- يا مال، بالبناء على الضم، وهى قراءة أبى السرار الغنوي.

مدارسة الآية : [78] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ ..

التفسير :

[78] لفد جئناكم بالحق ووضحناه لكم، ولكن أكثركم لما جاء به الرسل من الحق كارهون.

ثم وبخهم بما فعلوا فقال:{ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ} الذي يوجب عليكم أن تتبعوه فلو تبعتموه، لفزتم وسعدتم،{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} فلذلك شقيتم شقاوة لا سعادة بعدها.

وقوله- سبحانه-: لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ تأكيد منه- تعالى- وتقرير لرد مالك عليهم، ومبين لسبب مكثهم فيها..

أى: لقد جئناكم- أيها الكافرون- بالحق على ألسنة رسلنا الذين لم يتركوا وسيلة من الوسائل إلا وسلكوها معكم في الإرشاد إلى طريق الهدى، ولكن أكثركم كان كارها للحق والهدى، معرضا عنهما إعراضا كليا، مصرا على كفره وشركه.

وعبر- سبحانه- بالأكثر لأن قلة منهم لم تكن كارهة للحق، ولكنها كانت منقادة لأمر سادتها وكبرائها.. أما الذين كانوا يعرفون الحق ولكن يكرهونه، فهم الزعماء والكبراء، لأنهم يرون في اتباعه انتقاصا من شهواتهم وتصادما مع أهوائهم.

( لقد جئناكم بالحق ) أي : بيناه لكم ووضحناه وفسرناه ، ( ولكن أكثركم للحق كارهون ) أي : ولكن كانت سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه ، وإنما تنقاد للباطل وتعظمه ، وتصد عن الحق وتأباه ، وتبغض أهله ، فعودوا على أنفسكم بالملامة ، واندموا حيث لا تنفعكم الندامة .

وقوله: ( لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ ) يقول: لقد أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا محمدا بالحق.

كما حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ,( لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ ), قال: الذي جاء به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) يقول تعالى ذكره: ولكن أكثرهم لما جاء به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من الحق كارهون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[78] ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ لقد جئناكم في الدنيا بالحق؛ وهو التوحيد وسائر ما يجب الإيمان به؛ وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب، ولكن أكثركم للحق -أيُّ حقٍّ كان- كارهون لا يقبلونه وينفرون منه.
وقفة
[78] ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ كرهوا الحق إما لفساد فطرتهم أو لأن اتباعه يؤدي إلى زوال سلطانهم وتعطيل مصالحهم.
وقفة
[78] ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ من الكلام ما هو أشد وقعًا من أعظم الآلام! هذا خطاب توبيخ وتقريع من الله تعالى أو من الملائكة، يبيّن سبب مكثهم في النار، مما يضاعف أثر النار.
وقفة
[78] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ إذا كرهوا الحق، فهم لأهله أشدُّ كرهًا.
وقفة
[78] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ كيف لنفسٍ تكرهُ الحقَ أن تنقادَ له؟!
وقفة
[78] ﴿وَلكِنَّ أَكثَرَكُم لِلحَقِّ كارِهونَ﴾ قل: «اللهم اجعلنا من المحبين المجيبين المستسلمين للحق».
وقفة
[78] القرآن يتلى على الناس في دنياهم قبل أن يصلوا إلى أخراهم؛ لكي يسارعوا إلى اتباعه والعمل به، ولا يكونوا من أولئك الذين يقال لهم -وهم في عذاب جهنم خالدون-: ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.
وقفة
[78] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ كراهة الحق خطر عظيم.

الإعراب :

  • ﴿ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ:
  • اللام: لام الابتداء للتوكيد. قد: حرف تحقيق.جئنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير تصل مبني على السكون في محل رفع فاعل الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بالحق جار ومجرور متعلق بجئناكم.
  • ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ:
  • الواو استدراكية. لكن: حرف مشبه بالفعل. أكثر:اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ لِلْحَقِّ كارِهُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «لكن» كارهون: خبر «لكن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

المؤمنون: 70﴿أَمۡ يَقُولُونَ بِهِۦ جِنَّةُۢۚ بَلْ جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
الزخرف: 78﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     ولَمَّا أجابهم مالك؛ ذكرَ بعده ما هو كالعلة لذلك الجواب، وبيان لسبب مُكْثِهم في النار، قال تعالى:
﴿ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [79] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ

التفسير :

[79] بل أأحْكمَ هؤلاء المشركون أمراً يكيدون به الحق الذي جئناهم به؟ فإنا مدبِّرون لهم ما يجزيهم من العذاب والنكال.

يقول تعالى:أم أبرم المكذبون بالحق المعاندون له{ أَمْرًا} أي:كادوا كيدا، ومكروا للحق ولمن جاء بالحق، ليدحضوه، بما موهوا من الباطل المزخرف المزوق،{ فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} أي:محكمون أمرا، ومدبرون تدبيرا يعلو تدبيرهم، وينقضه ويبطله، وهو ما قيضه اللّه من الأسباب والأدلة لإحقاق الحق وإبطال الباطل، كما قال تعالى:{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ}

ثم وبخهم- سبحانه- على مكرهم، وبين أنه مكر بائر خائب فقال: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ.

وأَمْ هنا منقطعة بمعنى بل والهمزة، والجملة الكريمة كلام مستأنف مسوق لتأنيب المشركين على ما دبروه من كيد للرسول صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين. والإبرام: الإتقان للشيء والإحكام له، وأصله الفتل المحكم. يقال: أبرم فلان الحبل، إذا أتقن فتله.

أى: بل أحكموا كيدهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولأصحابه؟ إن كانوا يظنون ذلك فقد خاب ظنهم، لأن مكرنا أعظم من مكرهم، وكيدنا يزهق كيدهم..

فالمقصود بالآية الكريمة الانتقال من عدم إجابة ندائهم، إلى تأنيبهم على ما كان منهم في الدنيا من مكر بالحق وأهله، وكيف أن هذا المكر السيئ كانت نتيجته الخسران لهم.

ثم قال تعالى : ( أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون ) قال مجاهد : أرادوا كيد شر فكدناهم .

وهذا الذي قاله مجاهد كما قال تعالى : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ) [ النمل : 50 ] ، وذلك لأن المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه ، فكادهم الله ، ورد وبال ذلك عليهم ; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)

يقول تعالى ذكره: أم أبرم هؤلاء المشركون من قريش أمرا فأحكموه, يكيدون به الحقّ الذي جئناهم به, فإنا محكمون لهم ما يخزيهم, ويذلهم من النكال.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) قال: مجمعون: إن كادوا شرّا كدنا مثله.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) قال: أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) قال: أم أحكموا أمرا فإنا محكمون لأمرنا.

التدبر :

لمسة
[79] ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ (أَمْ) منقطعة للإضراب الانتقالي من حديث إلى حديث مع اتحاد الغرض، انتقل من حديث ما أعد لهم من العذاب يوم القيامة إلى ما أعد لهم من الخزي في الدنيا.
وقفة
[79] ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ الكلام عن كفار قريش، أى هل أحكم هؤلاء المشركون أمرًا في كيد محمد ﷺ، فإنا محكمون أمرنا في نصرته وحمايته، وإهلاكهم وتدميرهم، قال مقاتل: نزلت في تدبيرهم المكر بالنبي ﷺ في دار الندوة.
وقفة
[79] ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ﴾ إذا أبرم الله أمرًا! قال مقاتل: «نزلت في تدبيرهم بالمكر بالنبي ﷺ في دار الندوة، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل؛ ليشتركوا في قتله، فتضعف المطالبة بدمه، فنزلت هذه الآية، وقتل الله جميعهم ببدر».

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً:
  • أم المنقطعة حرف اضراب بمعنى «بل» أبرموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أمرا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى أم اعتزم مشركو مكة أمرا من كيدهم لرسول الله.
  • ﴿ فَإِنّا:
  • الفاء استئنافية للتعليل. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» وحذفت احدى النونين اختصارا أو أدغمت فحصل التشديد
  • ﴿ مُبْرِمُونَ:
  • خبر «إنّ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. والكلمة اسم فاعل وحذف مفعوله اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. أي مبرمون أمرا. أو فانا مبرمون كيدنا كما أبرموا كيدهم. وكيد الله سبحانه بمعنى مجازاتهم'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَر اللهُ كَيفيَّةَ عَذابِهم في الآخِرةِ؛ ذكَرَ بعْدَه كَيفيَّةَ مَكرِهم، وفَسادَ باطِنِهم في الدُّنيا، قال تعالى:
﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ ..

التفسير :

[80] أم يظن هؤلاء المشركون بالله أنا لا نسمع ما يسرونه في أنفسهم، ويتناجون به بينهم؟ بلى نسمع ونعلم، ورسلنا الملائكة الكرام الحفظة يكتبون عليهم كل ما عملوا.

{ أَمْ يَحْسَبُونَ} بجهلهم وظلمهم{ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ} الذي لم يتكلموا به، بل هو سر في قلوبهم{ وَنَجْوَاهُمْ} أي:كلامهم الخفي الذي يتناجون به، أي:فلذلك أقدموا على المعاصي، وظنوا أنها لا تبعة لها ولا مجازاة على ما خفي منها.

فرد اللّه عليهم بقوله:{ بَلَى} أي:إنا نعلم سرهم ونجواهم،{ وَرُسُلُنَا} الملائكة الكرام،{ لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} كل ما عملوه، وسيحفظ ذلك عليهم، حتى يردوا القيامة، فيجدوا ما عملوا حاضرا، ولا يظلم ربك أحدا.

وقوله- سبحانه-: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ... توبيخ آخر لهم على جهلهم وانطماس بصائرهم.

والمراد بالسر هنا: حديثهم مع أنفسهم، والمراد بنجواهم: ما تكلم به بعضهم مع بعض دون أن يطلعوا عليه أحدا غيرهم.

أى: بل أيظن هؤلاء الجاهلون أننا لا نعلم ما يتحدثون به مع أنفسهم، وما يتحدثون به مع غيرهم في خفية واستتار.

وقوله- سبحانه-: بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ أى: إذا كانوا يظنون ذلك فقد خابوا وخسروا، فإننا نعلم سرهم ونجواهم. ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم، ملازمون لهم، ويسجلون عليهم كل صغيرة وكبيرة.

وبعد هذا التهديد والوعيد لأولئك الكافرين.. تأخذ السورة الكريمة في تلقين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحجة التي يجابهم بها، وفي تسليته عما أصابه منهم، وفي الثناء على الله- تعالى- بما هو أهله من تمجيد وتعظيم، ثم تختتم بهذا النداء الخاشع من الرسول صلّى الله عليه وسلّم لخالقه- عز وجل- فتقول:

( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ) أي : سرهم وعلانيتهم ، ( بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) أي : نحن نعلم ما هم عليه ، والملائكة أيضا يكتبون أعمالهم ، صغيرها وكبيرها .

وقوله: ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ) يقول: أم يظنّ هؤلاء المشركون بالله أنا لا نسمع ما أخفوا عن الناس من منطقهم, وتشاوروا بينهم وتناجوا به دون غيرهم, فلا نعاقبهم عليه لخفائه علينا.

وقوله: ( بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) يقول تعالى ذكره: بل نحن نعلم ما تناجوا به بينهم, وأخفوه عن الناس من سرّ كلامهم, وحفظتنا لديهم, يعني عندهم يكتبون ما نطقوا به من منطق, وتكلموا به من كلامهم.

وذكر أن هذه الآية نـزلت في نفر ثلاثة تدارءوا في سماع الله تبارك وتعالى كلام عباده.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عمرو بن سعيد بن يسار القرشيّ, قال: ثنا أبو قتيبة, قال: ثنا عاصم بن محمد العمريّ, عن محمد بن كعب القرظي, قال: بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها, قرشيان وثقفي, أو ثقفيان وقرشيّ, فقال واحد من الثلاثة: أترون الله يسمع كلامنا؟ فقال الأول: إذا جهرتم سمع, وإذا أسررتم لم يسمع, قال الثاني: إن كان يسمع إذا أعلنتم, فإنه يسمع إذا أسررتم, قال: فنـزلت ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ).

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) قال: الحفَظة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد. عن قتادة ( بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) : أي عندهم.

التدبر :

وقفة
[80] يرى الإنسان نفسه يظهر ويخفى عن الناس، ويرى الناس يخفون عنه ويظهرون، فيغيب عنه أن الله ليس كذلك، فيضل سرًا ﴿أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم﴾.
وقفة
[80] ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ قال يحيى بن معاذ: «من ستر من الناس ذنوبه، وأبداها للذي لا يخفى عليه شيء في السموات فقد جعله أهون الناظرين إليه، وهو من علامات النفاق».
وقفة
[80] ﴿أَم يَحسَبونَ أَنّا لا نَسمَعُ سِرَّهُم وَنَجواهُم بَلى وَرُسُلُنا لَدَيهِم يَكتُبونَ﴾ سبحانه يسمع السر والنجوى، والعلن أولى، وكل فى كتاب، فأين تذهبون؟
وقفة
[80] إحاطة الله تعالى وسعة علمه تدعو العبد إلى مراقبته وتقواه ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾.
اسقاط
[80] ﴿بَلى وَرُسُلُنا لَدَيهِم يَكتُبونَ﴾ هم بجوارك، ويستمعون لأنفاسك، ويكتبون هناتك وسكناتك، ويعرفون خبيئة نفسك، فأين تذهبون؟!
اسقاط
[80] لا سبيل إلى محو ما كتبوا ﴿وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾، ومن أصلح بدل الله سيئاته حسنات، ألا نستحي منهم؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ:
  • أم: حرف عطف وهي المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام مقدرة. يحسبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى «يظنون».
  • ﴿ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» لا: نافية لا عمل لها.نسمع: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعة الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. سر: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ» في محل رفع خبر «ان» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي يحسبون
  • ﴿ وَنَجْواهُمْ:
  • معطوفة بالواو على «سرهم» وتعرب اعرابها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى حديث أنفسهم وتناجيهم أي محادثة بعضهم لبعض
  • ﴿ بَلى:
  • حرف جواب بمعنى «نعم» لا عمل له. بمعنى بلى نسمع سرهم ونجواهم ونطلع عليهما.
  • ﴿ وَرُسُلُنا:
  • الواو استئنافية. رسل: مبتدأ مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ:
  • ظرف مكان بمعنى عندهم مبني على السكون في محل نصب متعلق بالخبر وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.يكتبون: تعرب اعراب «يحسبون» وجملة «يكتبون» في محل رفع خبر المبتدأ وحذف مفعولها اختصارا بمعنى يكتبون ذلك أي والحفظة من ملائكتنا ملازمون لهم يكتبون ذلك أو تكون في محل نصب حالا.'

المتشابهات :

التوبة: 78﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
الزخرف: 80﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     وبعد توبيخهم على مكرهم، وبيان أنه مكرٌ بائرٌ خائبٌ؛ جاء هنا توبيخٌ آخر لهم على جهلهم، فالله يعلم سرهم ونجواهم، قال تعالى:
﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [81] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ..

التفسير :

[81] قل -أيها الرسول- لمشركي قومك الزاعمين أن الملائكة بنات الله:إن كان للرحمن ولد كما تزعمون، فأنا أول العابدين لهذا الولد الذي تزعمونه، ولكن هذا لم يكن ولا يكون، فتقدَّس الله عن الصاحبة والولد.

أي:قل يا أيها الرسول الكريم، للذين جعلوا للّه ولدا، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد.{ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} لذلك الولد، لأنه جزء من والده، وأنا أول الخلق انقيادا للأمور المحبوبة للّه، ولكني أول المنكرين لذلك، وأشدهم له نفيا، فعلم بذلك بطلانه، فهذا احتجاج عظيم عند من عرف أحوال الرسل، وأنه إذا علم أنهم أكمل الخلق، وأن كل خير فهم أول الناس سبقا إليه وتكميلا له، وكل شر فهم أول الناس تركا له وإنكارا له وبعدا منه، فلو كان على هذا للرحمن ولد وهو الحق، لكان محمد بن عبد اللّه، أفضل الرسل أول من عبده، ولم يسبقه إليه المشركون.

ويحتمل أن معنى الآية:لو كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين للّه، ومن عبادتي للّه، إثبات ما أثبته، ونفي ما نفاه، فهذا من العبادة القولية الاعتقادية، ويلزم من هذا، لو كان حقا، لكنت أول مثبت له، فعلم بذلك بطلان دعوى المشركين وفسادها، عقلا ونقلا.

وإِنْ في قوله- تعالى-: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ ... يرى بعضهم أنها شرطية، وأن الكلام مسوق على سبيل الفرض والتقدير.

والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- ردا على هؤلاء الكافرين الذين نسبوا الولد إلى الله- تعالى-، قل لهم: إن كان للرحمن ولد- على سبيل الفرض والتقدير- فأنا أول العابدين لهذا الولد، ولكن هذا الفرض قد ثبتت استحالته يقينا لا شك معه، فما أدى إليه، وما ترتب عليه من نسبتكم الولد إلى الله- تعالى- محال- أيضا- وإذا فأنا لا أعبد إلا الله- تعالى- وحده، وأنزهه- سبحانه- عن الولد أو الشريك.

ومن الآيات الكريمة التي نفت عن الله- عز وجل- الولد قوله- تعالى-: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .

وقوله- عز وجل-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا. تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا. أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً. وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً .

ومن المفسرين الذين رجحوا أن تكون إِنَّ هنا شرطية، الإمام ابن جرير، فقد قال بعد أن ذكر بعض الأقوال في ذلك: وأولى الأقوال عندنا بالصواب في ذلك، قول من قال:

معنى إِنَّ الشرط الذي يقتضى الجزاء. ومعنى الكلام: قل يا محمد لمشركي قومك، الزاعمين أن الملائكة بنات الله، إن كان للرحمن ولد- على سبيل الفرض- فأنا أول العابدين. ولكنه لا ولد له فأنا أعبده لأنه لا ينبغي أن يكون له ولد.

وإذا وجه الكلام إلى ما قلنا من هذا الوجه، لم يكن على وجه الشك، ولكن على الإلطاف في الكلام، وحسن الخطاب، كما قال- جل ثناؤه- وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ .

وقال الإمام ابن كثير: يقول- تعالى-: قُلْ يا محمد إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ.

أى: لو فرض هذا لعبدته على ذلك، لأنى عبد من عبيده، مطيع لجميع ما أمرنى به، ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته، فلو فرض هذا كان هذا، ولكن هذا ممتنع في حقه - تعالى-، والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجواز- أيضا- كما قال- تعالى-: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ، سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ .

وقال صاحب الكشاف- رحمه الله-: قوله- تعالى-: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ..

وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح.. فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أى: فأنا أول من يعظم ذلك الولد، وأسبقكم إلى طاعته..

وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض، وهو المبالغة في نفى الولد، والإطناب فيه.. وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد، وهي محال في نفسها، فكان المعلق بها محالا مثلها.. .

ويرى بعض العلماء أن إِنْ في الآية نافية بمعنى ما، فيكون المعنى: قل- أيها الرسول- لهؤلاء الكافرين: ما كان للرحمن من ولد، وما صح وما أمكن ذلك، فهو مستحيل عقلا وشرعا ... وما دام الأمر كذلك، فأنا أول العابدين لله- تعالى- المنزهين له عن الولد والشريك وغيرهما.

قال الإمام القرطبي: قوله- تعالى-: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ ... اختلف في معناه. فقال ابن عباس والحسن والسدى: المعنى: ما كان للرحمن ولد. إِنْ بمعنى ما، ويكون الكلام على هذا تاما، ثم تبتدى بقوله- تعالى- فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ.

وقيل المعنى: قل يا محمد، إن ثبت له ولد، فأنا أول من يعبد ولده، ولكن يستحيل أن يكون له ولد، وهو كما تقول لمن تناظره: إن ثبت ما قلت بالدليل، فأنا أول من يعتقده، وهذا مبالغة في الاستبعاد، أى: لا سبيل إلى اعتقاده..

وإِنْ على هذا للشرط، وهو الأجود.

وقيل إن معنى الْعابِدِينَ الآنفين. وقال بعض العلماء لو كان كذلك لكان العبدين..

بغير ألف، يقال: عبد- بكسر الباء- يعبد عبدا- بفتحها- إذا أنف وغضب فهو عبد، والاسم العبدة، مثل الأنفة.. .

ويبدو لنا أن الرأيين يؤديان إلى نفى أن يكون لله- تعالى- ولد وإن كان الرأى الأول- وهو أنّ حرف إِنْ للشرط- هو المتبادر من معنى الآية وعليه جمهور المفسرين.

يقول تعالى : ( قل ) يا محمد : ( إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) أي : لو فرض هذا لعبدته على ذلك لأني عبد من عبيده ، مطيع لجميع ما يأمرني به ، ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته ، فلو فرض كان هذا ، ولكن هذا ممتنع في حقه تعالى ، والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجواز أيضا ، كما قال تعالى : ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ) [ الزمر : 4 ] .

[ و ] قال بعض المفسرين في قوله : ( فأنا أول العابدين ) أي : الآنفين . ومنهم سفيان الثوري ، والبخاري حكاه فقال : ويقال : ( أول العابدين ) الجاحدين ، من عبد يعبد .

وذكر ابن جرير لهذا القول من الشواهد ما رواه عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، حدثني ابن أبي ذئب ، عن أبي قسيط ، عن بعجة بن زيد الجهني ; أن امرأة منهم دخلت على زوجها - وهو رجل منهم أيضا - فولدت له في ستة أشهر ، فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان - رضي الله عنه - فأمر بها أن ترجم ، فدخل عليه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال : إن الله يقول في كتابه : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] ، وقال ( وفصاله في عامين ) [ لقمان : 14 ] ، قال : فوالله ما عبد عثمان - رضي الله عنه - أن بعث إليها ترد - قال يونس : قال ابن وهب : عبد : استنكف .

[ و ] قال الشاعر :

متى ما يشأ ذو الود يصرم خليله ويعبد عليه لا محالة ظالما

وهذا القول فيه نظر ; لأنه كيف يلتئم مع الشرط فيكون تقديره : إن كان هذا فأنا ممتنع منه ؟ هذا فيه نظر ، فليتأمل . اللهم إلا أن يقال : " إن " ليست شرطا ، وإنما هي نافية كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( قل إن كان للرحمن ولد ) ، يقول : لم يكن للرحمن ولد فأنا أول الشاهدين .

وقال قتادة : هي كلمة من كلام العرب : ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) أي : إن ذلك لم يكن فلا ينبغي .

وقال أبو صخر : ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) أي : فأنا أول من عبده بأن لا ولد له ، وأول من وحده . وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .

وقال مجاهد : ( فأنا أول العابدين ) أي : أول من عبده ووحده وكذبكم .

وقال البخاري : ( فأنا أول العابدين ) الآنفين . وهما لغتان ، رجل عابد وعبد .

والأول أقرب على أنه شرط وجزاء ، ولكن هو ممتنع .

وقال السدي [ في قوله ] ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) يقول : لو كان له ولد كنت أول من عبده ، بأن له ولدا ، لكن لا ولد له . وهو اختيار ابن جرير ، ورد قول من زعم أن " إن " نافية .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) فقال بعضهم: في معنى ذلك: قل يا محمد إن كان للرحمن ولد في قولكم وزعمكم أيها المشركون, فأنا أوّل المؤمنين بالله في تكذيبكم, والجاحدين ما قلتم من أن له ولدا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ) كما تقولون ( فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) المؤمنين بالله, فقولوا ما شئتم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) قال: قل إن كان لله ولد في قولكم, فأنا أول من عبد الله ووحده وكذّبكم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: قل ما كان للرحمن ولد, فأنا أول العابدين له بذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) يقول: لم يكن للرحمن ولد فأنا أول الشاهدين.

وقال آخرون: بل معنى ذلك نفي, ومعنى إن الجحد, وتأويل ذلك ما كان ذلك, ولا ينبغي أن يكون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) قال قتادة: وهذه كلمة من كلام العرب ( إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ) : أي إن ذلك لم يكن, ولا ينبغي.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) قال: هذا الإنكاف (1) ما كان للرحمن ولد, نكف الله أن يكون له ولد, وإن مثل " ما " إنما هي: ما كان للرحمن ولد, ليس للرحمن ولد, مثل قوله: وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ إنما هي: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال, فالذي أنـزل الله من كتابه وقضاه من قضائه أثبت من الجبال, و " إن " هي" ما " إن كان ما كان تقول العرب: إن كان, وما كان الذي تقول. وفي قوله: ( فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) أول من يعبد الله بالإيمان والتصديق أنه ليس للرحمن ولد على هذا أعبد الله.

حدثني ابن عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سألت ابن محمد, عن قول الله: ( إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ) قال: ما كان.

حدثني ابن عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا عمرو, قال: سألت زيد بن أسلم, عن قول الله: ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ) قال: هذا قول العرب معروف, إن كان: ما كان, إن كان هذا الأمر قط, ثم قال: وقوله: وإن كان: ما كان.

وقال آخرون: معنى " إن " في هذا الموضع معنى المجازاة, قالوا: وتأويل الكلام: لو كان للرحمن ولد, كنت أوّل من عبده بذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) قال: لو كان له ولد كنت أول من عبده بأن له ولدا, ولكن لا ولد له.

وقال آخرون: معنى ذلك: قل إن كان للرحمن ولد, فأنا أوّل الآنفين ذلك, ووجهوا معنى العابدين إلى المنكرين الآبين, من قول العرب: قد عبِد فلان من هذا الأمر إذا أنف منه وغضب وأباه, فهو يعبد عبدا, كما قال الشاعر?

ألا هَــوِيَتْ أُمُّ الوَلِيــدِ وأصْبَحَـتْ

لِمَـا أبْصَـرَتْ فِـي الـرأس مِنِّي تَعَبَّدُ (2)

وكما قال الآخر?

مَتـى مـا يَشـأْ ذُو الودّ يَصْرِمْ خَلِيلَهُ

وَيَعْبَــدْ عَلَيْــهْ لا محَالَــةَ ظالِمَـا (3)

وقد حدثني يونس بن عبد الأعلى, قال: أخبرنا ابن وهب, ثني قال: ابن أبي ذئب, عن أبي قسيط, عن بعجة بن زيد الجهني, أن امرأة منهم دخلت على زوجها, وهو رجل منهم أيضا, فولدت له في ستة أشهر, فذكر ذلك لعثمان بن عفان رضي الله عنه فأمر بها أن تُرجم, فدخل عليه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا وقال: وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ قال: فوالله ما عبِد عثمان أن بعث إليها تردّ. قال يونس, قال ابن وهب: عبد: استنكف.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معنى: ( إنْ ) الشرط الذي يقتضي الجزاء على ما ذكرناه عن السديّ, وذلك أن " إن " لا تعدو في هذا الموضع أحد معنيين: إما أن يكون الحرف الذي هو بمعنى الشرط الذي يطلب الجزاء, أو تكون بمعنى الجحد, وهب إذا وجهت إلى الجحد لم يكن للكلام كبير معنى, لأنه يصير بمعنى: قل ما كان للرحمن ولد, وإذا صار بذلك المعنى أوهم أهل الجهل من أهل الشرك بالله أنه إنما نفى بذلك عن الله عزّ وجلّ أن يكون له ولد قبل بعض الأوقات, ثم أحدث له الولد بعد أن لم يكن, مع أنه لو كان ذلك معناه لقدر الذين أمر الله نبيَّهُ محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يقول لهم: ما كان للرحمن ولد, فأنا أول العابدين أن يقولوا له صدقت, وهو كما قلت, ونحن لم نـزعم أنه لم يزل له ولد. وإنما قلنا: لم يكن له ولد, ثم خلق الجنّ فصاهرهم, فحدث له منهم ولد, كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولونه, ولم يكن الله تعالى ذكره ليحتجّ لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعلى مكذبيه من الحجة بما يقدرون على الطعن فيه, وإذ كان في توجيهنا " إن " إلى معنى الجحد ما ذكرنا, فالذي هو أشبه المعنيين بها الشرط. وإذ كان ذلك كذلك, فبينة صحة ما نقول من أن معنى الكلام: قل يا محمد لمشركي قومك الزاعمين أن الملائكة بنات الله: إن كان للرحمن ولد فأنا أول عابديه بذلك منكم, ولكنه لا ولد له, فأنا أعبده بأنه لا ولد له, ولا ينبغي أن يكون له.

وإذا وجه الكلام إلى ما قلنا من هذا الوجه لم يكن على وجه الشكّ, ولكن على وجه الإلطاف من الكلام وحسن الخطاب, كما قال جلّ ثناؤه قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ .

وقد علم أن الحقّ معه, وأن مخالفيه في الضلال المبين.

------------------------

الهوامش:

(1) في النهاية لابن الأثير : إنكاف الله من سوء : أي تنزيهه وتقديسه . وأنكفته : نزهته .

(2) هذا شاهد لم أقف على قائله . استشهد به المؤلف عند قوله تعالى : ( فأنا أول العابدين ) . قال أبو عبيدة في تفسير الآية ( مجاز القرآن الورقة 221 ) : مجازها إن كان للرحمن ولد : إن في موضع ( ما ) في قول بعضهم : ما كان للرحمن ولد . والفاء : مجازها مجاز الواو . يريد : ما كان وأنا أول العابدين . وقال آخرون : مجازها : إن كان في قولكم للرحمن ولد ، فأنا أول العابدين : أي الكافرين بذاك ، والجاحدين لما قلتم . وهو من عبدت تعبد . ا هـ . أي من باب علم يعلم . بمعنى أنف أو غضب أو كره الشيء . وتعبد في البيت: بمعنى تأنف أو تغضب ، وهو كعبد بمعنى أنف وغضب قال في ( اللسان : عبد ) : وتعبد : كعبد .

(3) وهذا الشاهد أيضا لم أقف على قائله ، وهو بمعنى الشاهد الذي قبله ، استشهد به المؤلف على الآية نفسها ، يريد أن قول الشاعر : يعبد عليه هو مضارع عبد عليه كعلم : إذا غضب عليه . وفي ( اللسان : عبد ) والعبد ( كسبب) طول الغضب . قال الفراء : عبد عليه ، وأحن عليه ، أي غضب . وقال الغنوي : العبد : الحزن والوجد . قال الفرزدق .

أولَئِـكَ قَـوْمِي إنْ هَجَـوْتِي هَجَـوْتُهُم

وَأَعْبَــدُ أنْ أهْجُــو كُلَيْبــا بِـدَارِمِ

أعبد : أي آنف . ا هـ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[81] ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ قل لهم يا محمد: «لو عَلِمتُ أن لله ولدًا، لسارعت إلى تقديسه، ولكن الرحمن ليس له ولد، فبطلت دعاوى المشركين بأن الملائكة بنات الله، ودعاوى النصارى بأن المسيح ابن الله».
وقفة
[81] ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ سبب العدول عن التصريح بالامتناع عن الولد هو إيهامهم في بادئ الأمر أن فرض الولد لله محل نظر، وفيه إطماع للخصم بمنطق لو تأمله لبان له وجه الحق؛ ليصل إلى نفي الولد عن الله بطريق الإقناع العقلي والمذهب الكلامي، كما ثبت بالنّصّ القرآني.
وقفة
[81] كلما ازداد علم العبد بربه، ازداد ثقة بربه وتسليمًا لشرعه ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾.
وقفة
[81] ﴿قُل إِن كانَ لِلرَّحمنِ وَلَدٌ فَأَنا أَوَّلُ العابِدينَ﴾ هذا هو منتهى الاستسلام، آمن فتيقن فاستسلم.
عمل
[81، 82] دائمًا فى كتاب الله بعد افتراءهم على الله عز وجل، يأتى تنزيه الله بعدها مباشرة؛ فليكن هذا منهجك.
وقفة
[81] ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ لذلك الولد؛ لأنه جزء من والده، وأنا أولى الخلق انقيادًا للأمور المحبوبة لله، ولكني أول المنكرين لذلك وأشدهم له نفيًا، فعلم بذلك بطلانه، فهذا احتجاج عظيم عند من عرف أحوال الرسل.
وقفة
[81] ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾، وفى يونس: ﴿فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله﴾ [يونس: 104]؟ الجواب: إن كان له ولد بزعمكم فأنا أول الموحدين، هو تعليق على فرض محال، والمعلق على المحال محال.
وقفة
[81، 82] تنزيه الله تعالى عما افتراه عليه الكفار من نسبة الولد إليه ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ * سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.وحذفت الواو لالتقاء الساكنين
  • ﴿ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ:
  • حرف شرط‍ جازم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بان. للرحمن: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المقدم. ولد: اسم «كان» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بان. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.أنا: ضمير رفع منفصل-ضمير المتكلم-مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أول: خبر «أنا» مرفوع بالضمة. العابدين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وقيل: ان «ان» هي المخففة المهملة بمعنى «ما» النافية. وفي هذا الوجه تكون الفاء في «فأنا» استئنافية. والجملة الاسمية بعدها: استئنافية لا محل لها من الاعراب و «كان» لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     وبعد ذكرِ عقاب المجرمين في النار، بسبب زعمهم أن الملائكة بنات الله، وأن عيسى ابن الله؛ لقن اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم الحجة التى يجابههم بها: إن كان للرحمن ولدٌ؛ لكنت أسبقكم إلى طاعته -كما يقول الرجل لمن يناظره: إن ثبت ما تقول بالدليل؛ فأنا أول من يعتقده ويقول به-، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولد:
1- بفتحتين، وهى قراءة عبد الله، وابن وثاب، وطلحة.
وقرئ:
2- بضم الواو وسكون اللام، وهى قراءة الأعمش.

مدارسة الآية : [82] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ ..

التفسير :

[82] تنزيهاً وتقديساً لرب السموات والأرض رب العرش العظيم عما يصفون من الكذب والافتراء من نسبة المشركين الولد إلى الله، وغير ذلك مما يزعمون من الباطل.

{ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} من الشريك والظهير، والعوين، والولد، وغير ذلك، مما نسبه إليه المشركون.

ثم نزه- عز وجل- ذاته عن أقوال المفترين فقال: سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ.

وسبحان: اسم مصدر بمعنى التنزيه والتقديس، منصوب على أنه مفعول مطلق بفعل محذوف، أى: سبحت الله- تعالى- تسبيحا، ونزهته تنزيها، عن أن يكون له ولد أو شريك، فهو- عز وجل- رب السموات، ورب الأرض رب العرش العظيم، وهو المتعالي عن كل ما وصفه الكافرون والفاسقون من صفات لا تليق بجلاله.

وجاء هذا التنزيه والتقديس بلفظ سُبْحانَ، لا بلفظ الفعل سبح أو يسبح، لأن النقص الذي أرادوا إلصاقه به شنيع، فكان من المناسب أن يؤتى بأقوى لفظ في التنزيه والتقديس.

وما في قوله: عَمَّا يَصِفُونَ مصدرية، أى: عن وصفهم لله الولد، ويصح أن تكون موصولة والعائد محذوف. أى: عن الذي يصفونه به.

وفي إضافة رب إلى العرش، مع أنه أعظم الأجرام، تنبيه على أن جميع المخلوقات تحت ملكوته وربوبيته، فكيف يتخذ من خلقه ولدا؟.

ولهذا قال : ( سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون ) أي : تعالى وتقدس وتنزه خالق الأشياء عن أن يكون له ولد ، فإنه فرد أحد صمد ، لا نظير له ولا كفء له ، فلا ولد له .

وقوله: ( سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول تعالى ذكره تبرئة وتنـزيها لمالك السموات والأرض ومالك العرش المحيط بذلك كله, وما في ذلك من خلق مما يصفه به هؤلاء المشركون من الكذب, ويضيفون إليه من الولد وغير ذلك من الأشياء التي لا ينبغي أن تضاف إليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) : أي يكذّبون.

التدبر :

وقفة
[82] ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ وقصد بذكر السماء والأرض الإحاطة بعوالم التدبير والخلق؛ لأن المشركين جعلوا لله شركاء في الأرض، وهم أصنامهم المنصوبة، وجعلوا له شركاء في السماء، وهم الملائكة؛ إذ جعلوهم بنات لله تعالى.
وقفة
[82] ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ وصف الله بربوبية أقوى المخلوقات وأعظمها على الإطلاق: السماوات والأرض والعرش، فيه إفادة انتفاء الحاجة إلى الولد.
وقفة
[82] ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ قال القشيري: «وفي هذه الآيات وأمثالها دليل على جواز حكاية قول المبتدعة -فيما أخطأوا فيه من وصف المعبود- قصدًا للرد عليهم، وإخبارًا بتقبيح أقوالهم، وبطلان مزاعمهم».
تفاعل
[82] سبح الله تعالى اقتداء بالآية الكريمة: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ
  • تراجع في إعراب هذه الآية الكريمة الآية الثانية والعشرون من سورة «الأنبياء» والآية الثمانون بعد المائة من سورة «الصافات».'

المتشابهات :

الصافات: 180﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ
الأنبياء: 22﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
الزخرف: 82﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     ولَمَّا قال تعالَى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ ...﴾؛ نزَّه نَفسَه تَنزيهًا تامًّا عمَّا يَصِفونَه به مِن نِسبةِ الوَلَدِ إليه، مُبَيِّنًا أنَّ رَبَّ السَّمَواتِ والأرضِ ورَبَّ العَرشِ جَديرٌ بالتَّنزيهِ عن الوَلَدِ، وعن كُلِّ ما لا يَليقُ بكَمالِه وجَلالِه، قال تعالى:
﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا ..

التفسير :

[83] فاترك -أيها الرسول- هؤلاء المفترين على الله يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يوعدون بالعذاب:إما في الدنيا وإما في الآخرة وإما فيهما معاً.

{ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} أي:يخوضوا بالباطل، ويلعبوا بالمحال، فعلومهم ضارة غير نافعة، وهي الخوض والبحث بالعلوم التي يعارضون بها الحق وما جاءت به الرسل، وأعمالهم لعب وسفاهة، لا تزكي النفوس، ولا تثمر المعارف.

ولهذا توعدهم بما أمامهم من يوم القيامة فقال:{ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} فسيعلمون فيه ماذا حصلوا، وما حصلوا عليه من الشقاء الدائم، والعذاب المستمر.

والفاء في قوله- تعالى-: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا.. للافصاح عن شرط مقدر..

أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا لك- أيها الرسول الكريم- فاترك هؤلاء الكافرين يخوضون في باطلهم، وينهمكون في لعبهم..

حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ وهو يوم القيامة، الذي سنحاسبهم فيه حسابا عسيرا، ونعاقبهم بالعقوبة التي يستحقونها.

فالآية الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما لحقه منهم من أذى، وتهديد لأولئك الكافرين على أقوالهم الباطلة، وأفعالهم الشنيعة.

وقوله : ( فذرهم يخوضوا ) أي : في جهلهم وضلالهم ( ويلعبوا ) في دنياهم ( حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ) وهو يوم القيامة ، أي : فسوف يعلمون كيف يكون مصيرهم ، ومآلهم ، وحالهم في ذلك اليوم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)

يقول تعالى ذكره: فذر يا محمد هؤلاء المفترين على الله, الواصفة بأن له ولدا يخوضوا في باطلهم, ويلعبوا في دنياهم ( حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) وذلك يوم يصليهم الله بفريتهم عليه جهنم, وهو يوم القيامة.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) قال: يوم القيامة.

التدبر :

وقفة
[83] ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ أخبرنا ربنا أن قضية البعض الأولى ستكون الهجوم على الإسلام وعداوة أهله، حتى لا نتعجَّب إذا التقيناهم في منتصف الطريق نحو الجنة.
وقفة
[83] ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ أيها الغافلون، لا تغتروا بطول السلامة، فإن عواقب الذنوب غير مأمونة.

الإعراب :

  • ﴿ فَذَرْهُمْ:
  • الفاء استئنافية. ذر: فعل امر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. بمعنى: فدعهم او فاتركهم.
  • ﴿ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا:
  • فعل مضارع مجزوم لانه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.ويلعبوا: معطوفة بالواو على «يخوضوا» وتعرب اعرابها: بمعنى دعهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا في دنياهم.
  • ﴿ حَتّى يُلاقُوا:
  • حرف غاية وجر. يلاقوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «يلاقوا» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى.والجار والمجرور متعلق بيخوضوا.
  • ﴿ يَوْمَهُمُ الَّذِي:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة-نعت-ليومهم.
  • ﴿ يُوعَدُونَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة «يوعدون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: يوعدونه. او يكون العائد حرف جر بتقدير: يوعدون به بمعنى: الذي وعدوا به.'

المتشابهات :

الزخرف: 83﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ
المعارج: 42﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الدليلَ القاطع على نفي الولد؛ أمَرَ رسولَه صلى الله عليه وسلم هنا أن يتركهم وشأنهم فيما يقولون، قال تعالى:
﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يلاقوا:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يلقوا، مضارع «لقى» ، وهى قراءة أبى جعفر، وابن محيصن، وعبيد بن عقيل، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [84] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ ..

التفسير :

[84] وهو الله وحده المعبود بحق في السماء وفي الأرض، وهو الحكيم الذي أحكم خَلْقه، وأتقن شرعه، العليم بكل شيء من أحوال خلقه، لا يخفى عليه شيء منها.

فهو تعالى المألوه المعبود، الذي يألهه الخلائق كلهم، طائعين مختارين، وكارهين. وهذه كقوله تعالى:{ وهو اللّه في السماوات وفي الأرض} أي:ألوهيته ومحبته فيهما. وأما هو فهو فوق عرشه، بائن من خلقه، متوحد بجلاله، متمجد بكماله،{ وَهُوَ الْحَكِيمُ} الذي أحكم ما خلقه، وأتقن ما شرعه، فما خلق شيئا إلا لحكمة، ولا شرع شيئا إلا لحكمة، وحكمه القدري والشرعي والجزائي مشتمل على الحكمة.{ الْعَلِيمُ} بكل شيء، يعلم السر وأخفى، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في العالم العلوي والسفلي، ولا أصغر منها ولا أكبر.

ثم أكد- سبحانه- أنه هو الإله الحق، وأن كل ما عداه باطل، فقال: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ، وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ.

والجار والمجرور في قوله فِي السَّماءِ وفِي الْأَرْضِ متعلق بلفظ إِلهٌ، لأنه بمعنى معبود أو بمعنى مستحق للعبادة، وهذا اللفظ الكريم خبر مبتدأ محذوف، أى: هو إله..

أى: وهو- سبحانه- وحده المعبود بحق في السماء، والمعبود بحق في الأرض، لا إله غيره، ولا رب سواه، وهو- عز وجل- الْحَكِيمُ في كل أقواله وأفعاله الْعَلِيمُ بكل شيء في هذا الوجود.

فالآية الكريمة تدل على أن المستحق للعبادة من أهل السماء ومن أهل الأرض، هو الله- تعال-، وكل معبود سواه فهو باطل.

قال الجمل ما ملخصه: قوله- سبحانه-: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ.. الجار والمجرور متعلق بلفظ إله، لأنه بمعنى معبود في السماء ومعبود في الأرض..

وبما تقرر من أن المراد بإله: معبود، اندفع ما قيل من أن هذا يقتضى تعدد الآلهة، لأن النكرة إذا أعيدت نكرة تعددت، كقولك: أنت طالق وطالق.

وإيضاح هذا الاندفاع، أن الإله بمعنى المعبود، وهو- تعالى- معبود فيهما. والمغايرة إنما هي بين معبوديته في السماء، ومعبوديته في الأرض، لأن المعبودية من الأمور الإضافية فيكفى التغاير فيها من أحد الطرفين، فإذا كان العابد في السماء غير العابد في الأرض، صدق أن معبوديته في السماء غير معبوديته في الأرض مع أن المعبود واحد، وفيه دلالة على اختصاصه- تعالى- باستحقاق الألوهية، فإن التقديم يدل على الاختصاص.. .

وقوله : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) أي : هو إله من في السماء ، وإله من في الأرض ، يعبده أهلهما ، وكلهم خاضعون له ، أذلاء بين يديه ، ( وهو الحكيم العليم )

وهذه الآية كقوله تعالى : ( وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ) [ الأنعام : 3 ] أي : هو المدعو الله في السموات والأرض .

وقوله: ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ ) يقول تعالى ذكره: والله الذي له الألوهة في السماء معبود, وفي الأرض معبود كما هو في السماء معبود, لا شيء سواه تصلح عبادته; يقول تعالى ذكره: فأفردوا لمن هذه صفته العبادة, ولا تشركوا به شيئا غيره.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله: ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ ) قال: يُعبد في السماء, ويُعبد في الأرض.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأرْضِ إِلَهٌ ) أي يُعبد في السماء وفي الأرض.

وقوله: ( وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ) يقول: وهو الحكيم في تدبير خلقه, وتسخيرهم لما يشاء, العليم بمصالحهم.

التدبر :

وقفة
[84] ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ﴾ هـو في السماء، لكنك إنْ دعوته فهو معك.
وقفة
[84] ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَـٰهٌ﴾ قال قتادة: «يعبد في السماء وفي الأرض».
وقفة
[84] ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَـٰهٌ﴾ الله المعبود في السماء، والمقصود -في طلب الحوائج- في الأرض، فأهل السماء لا يعبدون إلا الله، وأهل الأرض (حتى الكافرين منهم) لا يقضي حوائجهم إلا الله.
لمسة
[84] ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَـٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَـٰهٌ﴾ ظنَّ بعض الجاهلين باللغة أن الآية قصدت أن هناك إلهًا في السماء، وإلهًا آخر في الأرض، والنكرة إذا أعيدت دلت على اثنين، فظنوا أن (إله) نكرة مكررة، وأنها بذلك دلَّت على إلهين، وهؤلاء أخطأوا؛ لأن (الذي) اسم موصول حوَّل النكرة إلى معرفة، فصار الحديث عن إله واحد في السماء والأرض.

الإعراب :

  • ﴿ وَهُوَ الَّذِي:
  • الواو استئنافية. هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
  • ﴿ فِي السَّماءِ إِلهٌ:
  • جار ومجرور متعلق بالصلة المحذوفة للاسم الموصول.إله: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو اله. والجملة الاسمية بيان للصلة اي ان كونه في السماء على سبيل الالهية والربوبية لا على معنى الاستقرار وفيه نفي للآلهة التي كانت تعبد في الارض. يقول الزمخشري: ضمن اسمه تعالى معنى الوصف فلذلك علق به الظرف في قوله «في السماء وفي الارض» كما تقول هو حاتم في طي حاتم في تغلب على تضمين معنى الجواد الذي اشتهر به كأنك قلت: هو جواد في طي جواد في تغلب والراجع الى الموصول محذوف لطول الاسم كقولهم ما انا بالذي قائل لك شيئا. وزاده طولا ان المعطوف داخل في حيز الصلة.
  • ﴿ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ:
  • معطوف بالواو على ما قبله ويعرب مثله.
  • ﴿ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ:
  • الواو عاطفة. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الحكيم العليم: خبران على التتابع للمبتدإ «هو» اي خبر بعد خبر اي وهو الحكيم وهو العليم ويجوز ان يكون «العليم» صفة للحكيم. والوجه الأول من الاعراب أصح.'

المتشابهات :

الزخرف: 84﴿وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَآءِ إِلَٰهٞ وَفِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَٰهٞۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
الذاريات: 30﴿قَالُواْ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
البقرة: 32﴿قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
يوسف: 83﴿قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
يوسف: 100﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
التحريم: 2﴿قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     وبعد أن نزَّه اللهُ نَفسَه؛ أكدَ هنا هذا التنزيه، فهو الإله الحق، وأن كل ما عداه باطل، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إله ... إله:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئا:
2- الله ... الله، وهى قراءة عمر، وعبد الله، وأبى، وعلى، والحكم بن أبى العالي، وبلال بن أبى بردة، وابن يعمر، وجابر، وابن زيد، وعمر بن عبد العزيز، وأبى الشيخ الهنائى، وحميد، وابن مقسم، وبن السميفع.

مدارسة الآية : [85] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ ..

التفسير :

[85] وتكاثرت بركة الله، وكَثُر خيره، وعَظُم ملكه، الذي له وحده سلطان السموات السبع والأرضين السبع وما بينهما من الأشياء كلها، وعنده علم الساعة التي تقوم فيها القيامة، ويُحشر فيها الخلق من قبورهم لموقف الحساب، وإليه تُرَدُّون -أيها الناس- بعد مماتكم، فيجاز

{ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} تبارك بمعنى تعالى وتعاظم، وكثر خيره، واتسعت صفاته، وعظم ملكه. ولهذا ذكر سعة ملكه للسموات والأرض وما بينهما، وسعة علمه، وأنه بكل شيء عليم، حتى إنه تعالى، انفرد بعلم كثير من الغيوب، التي لم يطلع عليها أحد من الخلق، لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، ولهذا قال:{ وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} قدم الظرف، ليفيد الحصر، أي:لا يعلم متى تجيء الساعة إلا هو، ومن تمام ملكه وسعته، أنه مالك الدنيا والآخرة، ولهذا قال:{ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي:في الآخرة فيحكم بينكم بحكمه العدل، ومن تمام ملكه، أنه لا يملك أحد من خلقه من الأمر شيئا، ولا يقدم على الشفاعة عنده أحد إلا بإذنه.

وقوله- تعالى-: وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ثناء منه- سبحانه- على ذاته بما هو أهله.

ولفظ تَبارَكَ فعل ماض، أى تعالى الله وتعظم، وزاد خيره وكثر إنعامه، وهو مأخوذ من البركة- بفتح الراء- بمعنى الكثرة من كل خير.. أو من البرك- بسكون الراء- بمعنى الثبوت والدوام.. وكل شيء ثبت ودام فقد برك.

أى: وتعالى الله وتقدس، وثبت خيره، وزاد إنعامه، فهو- سبحانه- الذي له ملك السموات والأرض، وله ملك ما بينهما من مخلوقات أخرى لا يعملها أحد سواه.

وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أى: وعنده وحده لا عند غيره العلم التام بوقت قيام الساعة.

فالمصدر وهو عِلْمُ مضاف لمفعوله وهو السَّاعَةِ والعالم بذلك هو الله- تعالى-.

والمراد بالساعة: يوم القيامة، وسميت بذلك لسرعة قيامها، كما قال- تعالى- وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ....

وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أى: وإليه وحده مرجعكم للحساب أو الجزاء، وليس إلى أحد سواه- عز وجل-.

( وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما ) أي : هو خالقهما ومالكهما والمتصرف فيهما ، بلا مدافعة ولا ممانعة ، فسبحانه وتعالى عن الولد ، وتبارك : أي استقر له السلامة من العيوب والنقائص ; لأنه الرب العلي العظيم ، المالك للأشياء ، الذي بيده أزمة الأمور نقضا وإبراما ، ( وعنده علم الساعة ) أي : لا يجليها لوقتها إلا هو ، ( وإليه ترجعون ) أي : فيجازي كلا بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

القول في تأويل قوله تعالى : وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85)

يقول تعالى ذكره, وتبارك الذي له سلطان السموات السبع والأرض, وما بينهما من الأشياء كلها, جار على جميع ذلك حكمه, ماض فيهم قضاؤه. يقول: فكيف يكون له شريكا من كان في سلطانه وحكمه فيه نافذ.( وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) يقول: وعنده علم الساعة التي تقوم فيها القيامة, ويُحشر فيها الخلق من قبورهم لموقف الحساب.

قوله: ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) يقول: وإليه أيها الناس تردّون من بعد مماتكم, فتصيرون إليه, فيجازي المحسن بإحسانه, والمسيء بإساءته.

التدبر :

لمسة
[85] ﴿وَتَبَارَكَ﴾ بصيغة الماضي؛ تدلُّ على أن البركة ذاتية لله، فيقتضي استغناء الله عن أي زيادة باتخاذ الولد أو الشريك أو غيرهما.
تفاعل
[85] ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[85] اختصاص الله بعلم وقت الساعة ﴿وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَتَبارَكَ الَّذِي:
  • الواو عاطفة. تبارك: فعل ماض مبني على الفتح. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّماااتِ وَالْأَرْضِ:
  • الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ملك: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. السموات: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة والواو عاطفة. الارض: معطوفة على «السموات» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.
  • ﴿ وَما بَيْنَهُما:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر لانه معطوف على مجرور. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بصلة الموصول المحذوفة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة و «ما» علامة التثنية.
  • ﴿ وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ:
  • الواو عاطفة. عند: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. علم: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الساعة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي ويعلم قيام الساعة فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه.
  • ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:
  • الواو استئنافية. اليه: جار ومجرور متعلق بترجعون. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. اي تردون للمحاسبة.'

المتشابهات :

الأعراف: 158﴿إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ
الفرقان: 2﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا
الزخرف: 85﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ
البروج: 9﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا نَزَّه اللهُ ذاتَه المُقدَّسةَ، وأثبَتَ لِنَفسِه استِحقاقَ الإلهيَّةِ؛ أثنى هنا على نفسه، ومجَّدَ ذاته العليَّة؛ ليعلِّمنا كيف نُثني عليه، وكيف نمجده سبحانه، قال تعالى:
﴿ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ترجعون:
1- بتاء الخطاب، مبنيا للمفعول، وهى قراءة نافع، وعاصم، والعدنيين.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، مبنيا للفاعل.
3- بياء الغيبة، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [86] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن ..

التفسير :

[86] ولا يملك الذين يعبدهم المشركون الشفاعة عنده لأحد إلا مَن شهد بالحق، وأقر بتوحيد الله وبنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهم يعلمون حقيقة ما أقروا وشهدوا به.

{ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} أي:كل من دعي من دون اللّه، من الأنبياء والملائكة وغيرهم، لا يملكون الشفاعة، ولا يشفعون إلا بإذن اللّه، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، ولهذا قال:{ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} أي:نطق بلسانه، مقرا بقلبه، عالما بما شهد به، ويشترط أن تكون شهادته بالحق، وهو الشهادة للّه تعالى بالوحدانية، ولرسله بالنبوة والرسالة، وصحة ما جاءوا به، من أصول الدين وفروعه، وحقائقه وشرائعه، فهؤلاء الذين تنفع فيهم شفاعة الشافعين، وهؤلاء الناجون من عذاب اللّه، الحائزون لثوابه.

ثم بين- سبحانه- أنه لا شفاعة لأحد إلا بإذنه، فقال: ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون.

والمراد بالموصول في قوله: وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ ... الأصنام وغيرها مما عبد من دون الله- تعالى-، وهو فاعل، وجملة يَدْعُونَ صلة لا محل لها من الإعراب، والعائد محذوف.

والشفاعة من الشفع بمعنى الضم، لأن الشفيع ينضم إلى المشفوع له، فيصير شفعا بعد أن كان فردا.

والاستثناء في قوله إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ متصل، لأن المستثنى منه عام، ثم استثنى منه الموحدون، كعيسى ابن مريم.

والمعنى: ولا يملك المعبودون من دون الله- تعالى- الشفاعة لأحد من الناس، إلا من شهد بالحق منهم، وأخلص العبادة لله- تعالى- وحده، كعيسى ابن مريم، وعزير، والملائكة، فهؤلاء يملكونها إذا أذن الله- سبحانه- لهم بها.

ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا، إذا كان المستثنى منه خاصا بالأصنام فيكون المعنى:

ولا تملك الأصنام الشفاعة لأحد، لكن من شهد بالحق وبوحدانية الله كعيسى ابن مريم وغيره، فإنه يملكها بإذن الله- تعالى-.

ويصح أن يكون المراد بقوله: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ المؤمن المشفوع فيه فيكون المعنى: ولا يملك أحد الشفاعة لأحد. إلا لمن آمن بالله- تعالى- وشهد الشهادة الحق وهو المؤمن، فإنه تجوز الشفاعة له، أما الكافر فلا يملك أحد أن يشفع له. كما قال- تعالى-:

وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى..

وجملة وَهُمْ يَعْلَمُونَ حالية. أى: والحال أنهم يعلمون علما يقينا، أن المستحق للعباد هو الله- تعالى-.

وقيد- سبحانه- الشهادة بقوله وَهُمْ يَعْلَمُونَ للإشعار بأن الشهادة بالحق مع العلم بها هي المعتدة، أما الشهادة بدون علم بالمشهود به فإنها لا تكون كذلك.

وجمع- سبحانه- الضمير هُمْ باعتبار معنى مِنْ، وأفرده في ضمير شَهِدَ باعتبار لفظها.

ثم قال تعالى : ( ولا يملك الذين يدعون من دونه ) أي : من الأصنام والأوثان ) الشفاعة ) أي : لا يقدرون على الشفاعة لهم ، ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) هذا استثناء منقطع ، أي : لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم ، فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: ولا يملك عيسى وعُزير والملائكة الذين يعبدهم هؤلاء المشركون بالساعة, الشفاعة عند الله لأحد, إلا من شهد بالحقّ, فوحد الله وأطاعه, بتوحيد علم منه وصحة بما جاءت به رسله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ ) قال: عيسى, وعُزير, والملائكة.

قوله: ( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) قال: كلمة الإخلاص, وهم يعلمون أن الله حقّ, وعيسى وعُزير والملائكة يقول: لا يشفع عيسى وعُزير والملائكة إلا من شهد بالحقّ, وهو يعلم الحقّ.

وقال آخرون: عني بذلك: ولا تملك الآلهة التي يدعوها المشركون ويعبدونها من دون الله الشفاعة إلا عيسى وعُزير وذووهما, والملائكة الذين شهدوا بالحقّ, فأقروا به وهم يعلمون حقيقة ما شهدوا به.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) : الملائكة وعيسى وعُزير, قد عُبِدوا من دون الله ولهم شفاعة عند الله ومنـزلة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) قال: الملائكة وعيسى ابن مريم وعُزير, فإن لهم عند الله شهادة.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لا يملك الذين يعبدهم المشركون من دون الله الشفاعة عنده لأحد, إلا من شهد بالحقّ, وشهادته بالحقّ: هو إقراره بتوحيد الله, يعني بذلك: إلا من آمن بالله, وهم يعلمون حقيقة توحيده, ولم يخصص بأن الذي لا يملك ملك الشفاعة منهم بعض من كان يعبد من دون الله, فذلك على جميع من كان تعبد قريش من دون الله يوم نـزلت هذه الآية وغيرهم, وقد كان فيهم من يعبد من دون الله الآلهة, وكان فيهم من يعبد من دونه الملائكة وغيرهم, فجميع أولئك داخلون في قوله: ولا يملك الذين يدعو قريش وسائر العرب من دون الله الشفاعة عند الله. ثم استثنى جلّ ثناؤه بقوله: ( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وهم الذين يشهدون شهادة الحقّ فيوحدون الله, ويخلصون له الوحدانية, على علم منهم ويقين بذلك, أنهم يملكون الشفاعة عنده بإذنه لهم بها, كما قال جلّ ثناؤه: وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى فأثبت جلّ ثناؤه للملائكة وعيسى وعُزير ملكهم من الشفاعة ما نفاه عن الآلهة والأوثان باستثنائه الذي استثناه.

التدبر :

وقفة
[86] ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ قال شيخ المفسِّرين الطبري: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لا يملك الذين يعبدهم المشركون من دون الله الشفاعة عنده لأحد، إلا من شهد بالحق، وشهادته بالحق: هو إقراره بتوحيد الله».
عمل
[86] ادعُ الله أن تنالك شفاعة نبيك محمد ﷺ ﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[86] ﻻ يصح أي حكم من اﻷحكام إﻻ بأمرين: اﻷول: العلم لقوله: ﴿إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، والثاني: العدل لقوله: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا يَمْلِكُ:
  • الواو استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يملك: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
  • ﴿ الَّذِينَ يَدْعُونَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. يدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يدعون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: الذين يدعونهم بمعنى ولا تملك الآلهة التي يدعونها اي يعبدونها
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ:
  • جار ومجرور متعلق بيدعون والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الشفاعة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ إِلاّ مَنْ شَهِدَ:
  • اداة استثناء. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا. شهد: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة شَهِدَ بِالْحَقِّ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ بِالْحَقِّ:
  • جار ومجرور متعلق بشهد او متعلق بصفة لمصدر محذوف بتقدير شهادة ملتبسة بالحق. والوجه الاول اصح اذا كان المقصود بالحق القرآن اي اقر بالحق.
  • ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والضمير يعود على «من» على المعنى لا اللفظ‍.يعلمون: تعرب اعراب «يدعون».وجملة «يعلمون» في محل رفع خبر «هم».'

المتشابهات :

الرعد: 14﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ و الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ
غافر: 20﴿وَاللَّـهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ ۖ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ
الزخرف: 86﴿وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     ولَمَّا أطنَبَ اللهُ في نَفيِ الوَلَدِ؛ أردَفَه ببَيانِ نَفيِ الشُّرَكاءِ، قال تعالى:
﴿ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يدعون:
وقرئ:
4- بياء الغيبة، وشد الدال، وهى قراءة الجمهور.
5- بتاء الخطاب، وشد الدال، وهى قراءة الجمهور أيضا.

مدارسة الآية : [87] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ..

التفسير :

[87] ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين مِن قومك مَن خلقهم؟ ليقولُنَّ:الله خلقنا، فكيف ينقلبون وينصرفون عن عبادة الله، ويشركون به غيره؟

ثم قال تعالى:{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقهم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} أي:ولئن سألت المشركين عن توحيد الربوبية، ومن هو الخالق، لأقروا أنه اللّه وحده لا شريك له.

{ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} أي:فكيف يصرفون عن عبادة اللّه والإخلاص له وحده؟!

فإقرارهم بتوحيد الربوبية، يلزمهم به الإقرار بتوحيد الألوهية، وهو من أكبر الأدلة على بطلان الشرك.

ثم بين- سبحانه- ما كان عليه المشركون من تناقض بين أقوالهم وأفعالهم فقال:

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ، فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ.

أى: والله لئن سألت- يا محمد- هؤلاء الكافرين عمن خلقهم وخلق من يعبدونهم من دون الله، ليقولن: الله هو الخالق لكل المخلوقات.

وقوله: فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ استفهام قصد به التعجب من أحوالهم المتناقضة أى: ما دمتم قد اعترفتم بأن الخالق لكم ولغيركم هو الله، فكيف انصرفتم عن عبادة الله إلى عبادة غيره.

وكيف أشركتم معه غيره في ذلك مع اعترافكم بأنه- سبحانه- هو الخالق لكل شيء.

يقال: أفك فلان فلانا يأفك إفكا- من باب طرب وعلم- إذا صرفه وقلبه عن الشيء.

وسميت قرى قوم لوط بالمؤتفكات لأن جبريل جعل عاليها سافلها بأمر الله- تعالى-.

ثم قال : ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ) أي : ولئن سألت هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره ( من خلقهم ليقولن الله ) أي : هم يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعها ، وحده لا شريك له في ذلك ، ومع هذا يعبدون معه غيره ، ممن لا يملك شيئا ولا يقدر على شيء ، فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل ; ولهذا قال : ( فأنى يؤفكون )

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)

يقول تعالى ذكره: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك: من خلقهم؟ ليقولنّ: الله خلقنا.

( فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) فأي وجه يصرفون عن عبادة الذي خلقهم, ويحرمون إصابة الحقّ في عبادته.

التدبر :

وقفة
[87] ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ قال ابن كثير: «يعترفون أنه الخالق للأشياء جميعها، وحده لا شريك له في ذلك، ومع هذا يعبدون معه غيره، ممن لا يملك شيئًا، ولا يقدر على شيء، فهم في ذلك في غاية الجهل والسفاهة وسخافة العقل؛ ولهذا قال: ﴿فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾».

الإعراب :

  • ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الحادية والستين من سورة العنكبوت وفي الآيةالكريمة التاسعة من سورة «الزخرف».و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. الله: فاعل لفعل محذوف جوازا اي خلقهم الله. وقد حذف الفعل لانه اجيب به استفهام ظاهر ملفوظ‍ فأنى يؤفكون: اعربت في الآية الحادية والستين من سورة العنكبوت'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد إبطالِ أنْ يكونَ إلهٌ غَيرُ اللهِ، بَيَّنَ اللهُ هنا تَناقُضَ المشركين بين أقوالهم وأفعالهم؛ لإبطال مزاعمهم في عبادتهم لغير الله تعالى، مع إقرارهم له بالوجود والتصرف في الكون، قال تعالى:
﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يؤفكون:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة عبد الوارث، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [88] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ ..

التفسير :

[88] وقال محمد -صلى الله عليه وسلم- شاكياً إلى ربه قومه الذين كذَّبوه:يا ربِّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون بك وبما أرسلتني به إليهم.

{ وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} هذا معطوف على قوله:{ وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} أي:وعنده علم قيله، أي:الرسول صلى اللّه عليه وسلم، شاكيا لربه تكذيب قومه، متحزنا على ذلك، متحسرا على عدم إيمانهم، فاللّه تعالى عالم بهذه الحال، قادر على معاجلتهم بالعقوبة، ولكنه تعالى حليم، يمهل العباد ويستأني بهم، لعلهم يتوبون ويرجعون.

ثم حكى- سبحانه- ما تضرع به الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى ربه فقال: وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ...

والقيل، والقال، والقول ... كلها مصادر بمعنى واحد. والضمير يعود إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقراءة الجمهور بفتح اللام وضم الهاء، على أنه معطوف على قوله- تعالى- قبل ذلك: سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ويكون مقول القول: يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ.

والمعنى: أيحسب هؤلاء الكافرون الجاهلون، أننا لا نسمع سرهم ونجواهم، ونسمع تضرع رسولنا إلينا بقوله: يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ؟

إن كانوا يحسبون ذلك الحسبان، فقد كذبوا وخسروا، لأننا نعلم ذلك وغيره علما تاما.

ويصح أن يكون قوله- تعالى- وَقِيلِهِ منصوبا بفعل محذوف والتقدير: ويعلم قيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون..

وقرأ عاصم وحمزة وَقِيلِهِ بكسر اللام والهاء، عطفا على الساعة أى: وعنده- سبحانه- علم الساعة، وعلم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم يا رب إن هؤلاء المشركين قوم لا يؤمنون.

والتعبير بالنداء بلفظ الرب، يشعر بالقرب، ويوحى بالإجابة ويفيد كمال التضرع..

كما أن التعبير بقوله قَوْمٌ يشير إلى أن كفرهم كان كفرا جماعيا، لا كفرا فرديا.

وقوله : ( وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) أي : وقال : محمد : قيله ، أي : شكا إلى ربه شكواه من قومه الذين كذبوه ، فقال : يا رب ، إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، كما أخبر تعالى في الآية الأخرى : ( وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) [ الفرقان : 30 ] وهذا الذي قلناه هو [ معنى ] قول ابن مسعود ، ومجاهد ، وقتادة ، وعليه فسر ابن جرير .

قال البخاري : وقرأ عبد الله - يعني ابن مسعود - : " وقال الرسول يا رب " .

وقال مجاهد في قوله : ( وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) ، قال : فأبر الله قول محمد .

وقال قتادة : هو قول نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يشكو قومه إلى ربه عز وجل .

ثم حكى ابن جرير في قوله : ( وقيله يارب ) قراءتين ، إحداهما النصب ، ولها توجيهان : أحدهما أنه معطوف على قوله : ( نسمع سرهم ونجواهم ) [ الزخرف : 80 ] والثاني : أن يقدر فعل ، وقال : قيله . والثانية : الخفض ، وقيله ، عطفا على قوله : ( وعنده علم الساعة ) تقديره : وعلم قيله .

وقوله: ( وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة قوله:

( وَقِيلِهِ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة " وَقِيلَهُ" بالنصب. وإذا قرئ كذلك ذلك, كان له وجهان في التأويل: أحدهما العطف على قوله: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ونسمع قيله يا رب. والثاني: أن يضمر له ناصب, فيكون معناه حينئذ: وقال قوله: ( يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ) وشكا محمد شكواه إلى ربه. وقرأته عامة قرّاء الكوفة ( وقِيلِهِ ) بالخفض على معنى: وعنده علم الساعة, وعلم قيله.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. فتأويل الكلام إذن: وقال محمد قيله شاكيا إلى ربه تبارك وتعالى قومه الذين كذّبوه, وما يلقى منهم: يا ربّ إن هؤلاء الذين أمرتني بإنذارهم وأرسلتني إليهم لدعائهم إليك, قوم لا يؤمنون.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ) قال: فأبرّ الله عزّ وجلّ قول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ) قال: هذا قول نبيكم عليه الصلاة والسلام يشكو قومه إلى ربه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَقِيلِهِ يَارَبِّ ) قال: هو قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ ).

التدبر :

لمسة
[88] ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قال قتادة: «هذا قول نبيكم عليه الصلاة والسلام يشكو قومه إلى ربه»، والتعبير بقوله: (قَوْمٌ) يشير إلى أن كفرهم كان كفرًا جماعيًا، لا حالة فردية.
لمسة
[88] ﴿وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ هل (قيله) فعل مبني للمجهول أو مصدر؟ هذا ليس فعلًا، وإنما اسم.
وقفة
[88] متى تكتب كلمة (رب) بالكسرة ومتى تكتب بالياء (ربي)؟ الجواب: في سياق الدعاء أو الصفة (رب) بالكسرة نحو: ﴿وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾، ﴿رب اغفر لى و هب لي ملكاً﴾ [ص: 35]، وفي سياق الخبر (ربي) بالياء نحو: ﴿إنه ربي أحسن مثواي﴾ [يوسف: 23]، ﴿ربي الذي يحيي ويميت﴾ [البقرة: 258]، وذلك في جميع القرآن، وخاص برسم المصحف.

الإعراب :

  • ﴿ وَقِيلِهِ:
  • الواو عاطفة. قيله: اي قوله: معطوف على «الساعة» مجرور مثلها وعلامة جره الكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة اي وقول الرسول الكريم. وعطف على عِلْمُ السّاعَةِ» على تقدير حذف المضاف معناه: وعنده علم الساعة وعلم قيله. وقيل: هذا التقدير: ليس بقوي في المعنى مع وقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعتراضا ومع تنافر النظم. واقوى من ذلك واوجه ان يكون الجر على اضمار حرف القسم بتقدير: واقسم بقيله يا رب وحذف حرف القسم. ويكون قوله إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ» جواب القسم.
  • ﴿ يا رَبِّ:
  • اداة نداء. رب: منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة. والياء المحذوفة: ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّ هؤُلاءِ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل نصب اسم «ان».
  • ﴿ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ:
  • خبر «ان» مرفوع بالضمة. لا: نافية لا عمل لها. يؤمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا يُؤْمِنُونَ» في محل رفع صفة لقوم.'

المتشابهات :

الزخرف: 88﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ
الدخان: 22﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلَاءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولَمَّا كان تكذيبهم وعنادهم لا يزداد بمرور الزمان إلا قوة؛ صار الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو أمرهم إلى ربه، قال تعالى:
﴿ وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وقيله:
1- بالخفض، وهى قراءة السلمى، وابن وثاب، وعاصم، والأعمش، وحمزة.
وقرئ:
2- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
3- بالرفع، وهى قراءة الأعرج، وأبى قلابة، ومجاهد، والحسن، وقتادة، ومسلم بن جندب.

مدارسة الآية : [89] :الزخرف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ ..

التفسير :

[89]فأمره الله بالإعراض عنهم وعن أذاهم، وتركِهم بسبب كفرهم وعنادهم، ولا يَبْدُر منك -أيها الرسول- إلا السلام لهم الذي يقوله أولو الألباب والبصائر للجاهلين، فهم لا يسافهونهم ولا يعاملونهم بمثل أعمالهم السيئة، فسوف يعلمون ما يلقَوْنه من البلاء والنكال. وف

{ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} أي:اصفح عنهم ما يأتيك من أذيتهم القولية والفعلية، واعف عنهم، ولا يبدر منك لهم إلا السلام الذي يقابل به أولو الألباب والبصائر الجاهلين، كما قال تعالى عن عباده الصالحين:{وإذا خاطبهم الجاهلون} أي:خطابا بمقتضى جهلهم{ قالوا سلاما} فامتثل صلى اللّه عليه وسلم، لأمر ربه، وتلقى ما يصدر إليه من قومه وغيرهم من الأذى، بالعفو والصفح، ولم يقابلهم عليه إلا بالإحسان إليهم والخطاب الجميل.

فصلوات اللّه وسلامه على من خصه اللّه بالخلق العظيم، الذي فضل به أهل الأرض والسماء، وارتفع به أعلى من كواكب الجوزاء.

وقوله:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي:غِبَّ ذنوبهم، وعاقبة جرمهم.

تم تفسير سورة الزخرف

وقوله- تعالى-: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إرشاد وتسلية من الله- تعالى- لنبيه. أى: فأعرض عنهم، ولا تطمع في إيمانهم لشدة كفرهم، وَقُلْ سَلامٌ أى: وقل لهم: أمرى وشأنى الآن مسالمتكم ومتاركتكم.. فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء عاقبة كفرهم وإصرارهم على باطلهم.

وبعد: فهذا تفسير لسورة «الزخرف» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( فاصفح عنهم ) أي : المشركين ، ( وقل سلام ) أي : لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيئ ، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلا وقولا ( فسوف يعلمون ) ، هذا تهديد منه تعالى لهم ، ولهذا أحل بهم بأسه الذي لا يرد ، وأعلى دينه وكلمته ، وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب .

آخر تفسير سورة الزخرف

القول في تأويل قوله تعالى : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, جوابا له عن دعائه إياه إذ قال: " يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون "( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) يا محمد, وأعرض عن أذاهم ( وَقُلْ ) لهم ( سَلام ) عليكم ورفع سلام بضمير عليكم أو لكم.

واختلف القرّاء في قراءة قوله: ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة " فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" بالتاء على وجه الخطاب, بمعنى: أمر الله عزّ وجلّ نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يقول ذلك للمشركين, مع قوله: ( سَلام ) وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض قرّاء مكة ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) بالياء على وجه الخبر, وأنه وعيد من الله للمشركين, فتأويله على هذه القراءة: ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) يا محمد ( وَقُلْ سَلام ). ثم ابتدأ تعالى ذكره الوعيد لهم, فقال ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) ما يلقون من البلاء والنكال والعذاب على كفرهم, ثم نسخ الله جلّ ثناؤه هذه الآية, وأمر نبيَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقتالهم.

كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ ) قال: اصفح عنهم, ثم أمره بقتالهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال الله تبارك وتعالى يعزّي نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ).

آخر تفسير سورة الزخرف

التدبر :

وقفة
[89] ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ فليس ذلك أمرًا بالسلام عليهم والتحية, وإنما هو أمر بالمتاركة؛ وحاصله إذا أبيتم القبول فأمري التَسَلُّم مِنكُم.
وقفة
[89] ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ أمرت الآية بالصفح ثم بإتباعه بقول السلام, فغاية الكمال أن تتبع العفو بطيف الكلام، فتكون جمعت الخير كله.
وقفة
[89] ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ امتثل رسول الله ﷺ أمر ربه، وقابل أذى قومه بالعفو والصفح، ورد الإساءة بالإحسان واللسان الجميل، وهذا حال السائرين في طريق النبيين.
اسقاط
[89] ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ فكن أنت.
وقفة
[89] ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ هكذا تكون أخلاق النبيين والداعين إلي الله الصفح والسلام حتي مع الجاهلين.
وقفة
[89] ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ مع كل ما يفعله المنافقون، فإن الله أمر رسوله ﷺ بالصفح عنهم وتذكيرهم بالله والتأثير فيهم، قل من يسلك نهج النبي ﷺ في الوعظ.
وقفة
[89] أضعف الناس عقلًا من لا يقبل الصواب حتى يُجرب حسرة الخطأ بنفسه ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾.
عمل
[89] اصفح اليوم عمن ظلمك ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[89] أمر الله نبيه بالصفح عن الكافرين, فما أحرانا بالصفح عمن آذانا ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ:
  • الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اصفح: فعل امر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت بمعنى:. فأعرض عن دعواهم و «عن» حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق باصفح
  • ﴿ وَقُلْ:
  • معطوفة بالواو على «اصفح» وتعرب اعرابها. وحذفت الواو لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ سَلامٌ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره: امري سلام بمعنى تسلم منكم ومتاركة. مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ:
  • الفاء استئنافية. سوف: حرف تسويف-استقبال-. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والقول الكريم وعيد من الله تعالى لهم وتسلية لرسوله الحبيب (صلى الله عليه وسلم). وحذف مفعول «يعلمون» لانه معلوم. التقدير: فسوف يعلمون ان وعدنا لهم بالعذاب حق.'

المتشابهات :

الفرقان: 42﴿إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنۡ ءَالِهَتِنَا لَوۡلَآ أَن صَبَرۡنَا عَلَيۡهَاۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ مَنۡ أَضَلُّ سَبِيلًا
الحجر: 3﴿ذَرۡهُمۡ يَأۡكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
الحجر: 96﴿ٱلَّذِينَ يَجۡعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
العنكبوت: 66﴿لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ وَلِيَتَمَتَّعُواْۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
الصافات: 170﴿فَكَفَرُواْ بِهِۦۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
غافر: 70﴿ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلۡكِتَٰبِ وَبِمَآ أَرۡسَلۡنَا بِهِۦ رُسُلَنَاۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
الزخرف: 89﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     ولَمَّا شكا الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى ربِّه عدم إيمانهم؛ أجابَه هنا بألا يطمع في إيمان هؤلاء الكفار المكذبين المعاندين، وأن يُعرض عنهم، قال تعالى:
﴿ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يعلمون:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة أبى جعفر، والحسن، والأعرج، ونافع، وهشام.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف