2667172737475767778798081828384858687888990

الإحصائيات

سورة الحجر
ترتيب المصحف15ترتيب النزول54
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.50
عدد الآيات99عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول40تبدأ في الجزء14
تنتهي في الجزء14عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 9/29آلر: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (71) الى الآية رقم (77) عدد الآيات (7)

لوطٌ عليه السلام يعرضُ على قومِه الزَّواجَ الحلالَ فيأبَون، فعاقبَهم اللهُ بالصيحةِ، وقَلَبَ قرْيَتَهم عالِيهَا سافِلَها، وجعَلَهم عبرةً وعظةً للمؤمنينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (78) الى الآية رقم (84) عدد الآيات (7)

القصَّةُ الثالثةُ: أصحابُ الأيْكَةِ (قومُ شُعيبٍ عليه السلام)، والقصَّةُ الرابعةُ: أصحابُ الحِجْرِ (ثمودٌ) قومُ صالحٍ عليه السلام.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (85) الى الآية رقم (93) عدد الآيات (9)

بعدَ ذِكْرِ القصَصِ السَّابقةِ تصْبِيرًا له ﷺ على سفاهةِ قومِه، بَيَّنَ له هنا أنَّ السَّاعةَ آتيةٌ وسوفَ ينتقمُ منهم، ثُمَّ إكرامُه ﷺ بالفاتحةِ والقرآنِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحجر

حفظ الله لعباده المخلصين وإهلاكه للمعاندين المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • اسم السورة:   يشير إلى أصحاب الحِجْر (قوم ثمود)، وهم نموذج الطغيان والاستكبار الذين ركنوا إلى حصونهم القوية وقلاعهم الحصينة، وظنوا أن فيها الأمن والأمان والحفظ فلم تغن عنهم شيئًا، فجاءتهم الصيحة لتهلكهم، لنعلم نحن أنَّه لا حافظ إلا الله، وأن الحفظ لا يكون بالوسائل المادية، وإنما بطاعة الله.
  • • سورة الحفظ والعناية الربانية::   سورة الحجر سورة بمجرد قرائتها تشعر بالأمان، إنها سورة الحفظ والعناية الربانية، مع كل آية من آياتها تجد قلبك يطمئن على رزقك، على دينك، على قرآنك، فكيف ذلك؟! لأن رسالتها ببساطة: الله هو حافظ هذا الدين وهذا الكتاب وليس البشر فقط، ادع إلى ربك واعبده ولا تلتفت لاستهزاء حاقد أو كاره للدين، احفظ الله يحفظك.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الحِجْرُ».
  • • معنى الاسم ::   الحِجْرُ: اسم ديار ثمود قوم صالح عليه السلام بوادي القرى بين المدينة والشام.
  • • سبب التسمية ::   لأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ما ‏حدث ‏لقوم ‏صالح ‏وهم ‏قبيلة ‏ثمود ‏وديارهم ‏بالحِجْر.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   كانت تسمى هذه السورة عند حفاظ أهل تونس بسورة «رُبَمَا»، لأن كلمة (رُبَمَا) لم تقع في القرآن كله إلا في أول هذه السورة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   حفظ الله لعباده المخلصين وإهلاكه للمعاندين المكذبين.
  • • علمتني السورة ::   أن حياة المعرضين عن الله في التلذذ بالمأكل، والتمتع بالشهوات، وطول اﻷمل: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَل فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن طول الأمل داء عضال ومرض مزمن: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   الحجر أن هلاك الأمم مُقَدَّر بتاريخ معين، لا تأخير فيه ولا تقديم: ﴿مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الحجر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي آخر السور الخمس -بحسب ترتيب المصحف- التي افتتحت بحروف التهجي: ﴿الر﴾، وهذه السور هي: يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر.
    • احتوت سورة الحجر على أطول كلمة في القرآن، وهي: ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾ (22)، وحروفها 11 حرفًا.
    • احتوت سورة الحجر على آية تعتبر الدليل الأصلي والعمدة في حفظ الله تعالى لكتابه من التحريف والتبديل، وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (9).
    • احتوت سورة الحجر على الموضع الوحيد الذي أقسم الله فيه بنبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله تعالى: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (72)، ولم يقسم الله تعالى بحياة غير نبيه صلى الله عليه وسلم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستشعر بقلوبنا أن الكون كله بيد الله الحافظ العليم، الدين محفوظ، القرآن محفوظ، الرزق محفوظ.
    • أن نحمد الله أن هدانا للإسلام، وندعو الله أن يثبّتنا عليه حتى نلقاه: ﴿رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ (2).
    • أن نستعد للآخرة ونتأهب لها، لا أن يكون أكبر همنا: أن نأكل ونشرب ونتمتع: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (3).
    • ألا نحزن على قلة أرزاقنا؛ فإن الله أعلم بمصلحتنا منا، فنرضى بما قدره الله لنا: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ﴾ (21).
    • أن نحذر من الكبر؛ فإنه معصية الشيطان: ﴿قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ ...﴾ (32-35).
    • ألا يمنعنا من الدعاء ما نعلم من أنفسنا، فإن الله أجاب دعاء شر الخلق: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ *قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ (36، 37).
    • أن نحدد حيلة غلبنا بها الشيطان؛ ثم نفكر في طريقة التخلص منها: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (39).
    • أن نسأل الله أن يعصمنا من الشيطان، وأن يجعلنا من عباده المخلصين: ﴿وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ (39، 40).
    • أن نسامح من ظلمنا، ونعفو عنه لله: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ (47).
    • أن نكون مع الله بين الخوف والرجاء: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ (49-50).
    • أن نبتدئ بالسلام عند دخولنا المنزل، أو عند إقبالنا على مسلم: ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا﴾ (52).
    • ألا نقنط من رحمة الله تعالى مهما أصابنا في هذه الدنيا: ﴿قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ (56).
    • ألا نجعل المعارك الجانبية تستهلك أعمارنا، بل نركز على أهدافنا: ﴿وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ (65).
    • أن نعامل إخواننا -وخاصة العمال والخدم- بلطف وبشاشة: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (88).
    • أن نستمر في طاعة الله، فلا تتوقف الطاعات بانتهاء المواسم: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ (99).

تمرين حفظ الصفحة : 266

266

مدارسة الآية : [71] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ ..

التفسير :

[71] قال لوط لهم:هؤلاء نساؤكم بناتي فتزوَّجوهن إن كنتم تريدون قضاء وطركم، وسماهن بناته؛ لأن نبي الأمَّة بمنزلة الأب لهم، ولا تفعلوا ما حرَّم الله عليكم من إتيان الرجال.

تفسير الآيتين 71و 72:ـ

فـ{ قَالَ} لهم لوط من شدة الأمر الذي أصابه:{ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} فلم يبالوا بقوله ولهذا قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} وهذه السكرة هي سكرة محبة الفاحشة التي لا يبالون معها بعذل ولا لوم.

ولكن لوطا- عليه السلام- مع شناعة قولهم هذا، لم ييأس من محاولة منعهم عما يريدونه من ضيوفه، فأخذ يرشدهم إلى ما تدعو إليه الفطرة السليمة فقال: هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ.

والمراد ببناته هنا: زوجاتهم ونساؤهم اللائي يصلحن للزواج. وأضافهن إلى نفسه لأن كل نبي أب لأمته من حيث الشفقة والرعاية وحسن التربية.

قال ابن كثير ما ملخصه: يرشد لوطا- عليه السلام- قومه إلى نسائهم فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم، كما قال- تعالى- في آية أخرى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ. وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ .

وقيل المراد ببناته هنا: بناته من صلبه، وأنه عرض عليهم الزواج بهن.

ويضعف هذا الرأى أن لوطا- عليه السلام- كان له بنتان أو ثلاثة كما جاء في بعض الروايات، وعدد المتدافعين من قومه إلى بيته كان كثيرا، كما يرشد إليه قوله- تعالى- وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ فكيف تكفيهم بنتان أو ثلاثة للزواج بهن؟

قال الإمام الرازي في ترجيح الرأى الأول ما ملخصه: «وهذا القول عندي هو المختار، ويدل عليه وجوه منها: أنه قال هؤلاء بناتي.. وبناته اللاتي من صلبه لا تكفى هذا الجمع العظيم، أما نساء أمته ففيهم كفاية للكل، ومنها: أنه صحت الرواية أنه كان له بنتان وهما:

«زنتا وزاعورا» وإطلاق لفظ البنات على البنتين لا يجوز، لما ثبت أن أقل الجمع ثلاثة» .

والمعنى: أن لوطا- عليه السلام- لما رأى هيجان قومه، وإصرارهم على ارتكاب الفاحشة مع ضيوفه، قال لهم على سبيل الإرشاد إلى ما يشبع الفطرة السليمة: يا قوم هؤلاء نساؤكم اللائي هن بمنزلة بناتي، فاقضوا معهن شهوتكم إن كنتم فاعلين لما أرشدكم إليه من توجيهات وآداب.

وعبر بإن في قوله إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ لشكه في استجابتهم لما يدعوهم إليه فكأنه يقول لهم: إن كنتم فاعلين لما أطلبه منكم، وما أظنكم تفعلونه لانتكاس فطرتكم، وانقلاب أمزجتكم..

وجواب الشرط محذوف، أى: إن كنتم فاعلين ما أرشدكم إليه فهو خير لكم.

فأرشدهم إلى نسائهم ، وما خلق لهم ربهم منهن من الفروج المباحة . وقد تقدم أيضا القول في ذلك ، بما أغنى عن إعادته .

هذا كله وهم غافلون عما يراد بهم ، وما قد أحاط بهم من البلاء ، وماذا يصبحهم من العذاب المستقر ; ولهذا قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) أقسم تعالى بحياة نبيه - صلوات الله وسلامه عليه - وفي هذا تشريف عظيم ، ومقام رفيع وجاه عريض .

قال عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس أنه قال : ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد - صلى الله عليه وسلم - وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره

يقول تعالى ذكره: قال لوط لقومه: تزوّجوا النساء فأتوهنّ، ولا تفعلوا ما قد حرّم الله عليكم من إتيان الرجال، إن كنتم فاعلين ما آمركم به ، ومنتهين إلى أمري.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) : أمرهم نبيّ الله لوط أن يتزوّجوا النساء، وأراد أن يَقِيَ أضيافه ببناته.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[71] ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ لم يكن للوط عليه السلام إلا ابنتين؛ فكيف يقول: (هؤلاء بناتي) بالجمع، ويستخدم اسم الإشارة (هؤلاء)؟ المقصود -والله أعلم- أن المراد بالبنات هن بنات أتباعه من المؤمنين، فالنبي أب لكل أتباعه، كما في قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6].
وقفة
[71] ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُم ْفَاعِلِينَ﴾ قال لوط لقومه: تزوجوا النساء، ولا تقعوا في ما حرم الله عليكم من إتيان الرجال إن كنتم فاعلين ما آمركم به، وليس كما يزعم الكتاب المقدس أن لوطًا زنى بابنتيه حاش مقام النبوة! وما أشد فجور اليهود!

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هؤُلاءِ بَناتِي:
  • اسم اشارة الى النساء مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. بناتي: خبر «هؤلاء» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط‍.التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. فاعلين: خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه. التقدير: إن كنتم فاعلين فهؤلاء بناتي فانكحوهن. وفي القول شك في قبولهم لقوله كأنه قال: فإن فعلتم ما أقول لكم وما أظنكم تفعلون. '

المتشابهات :

هود: 78﴿قَالَ يَا قَوْمِ هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ
الحجر: 71﴿قَالَ هَـٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     ولَمَّا رفضوا نصحه ووعظه بكل وقاحة؛ أرشدهم إلى نسائهم، ليقضوا معهن شهوتهم، وسماهن بناته؛ لأن نبي الأمة بمنزلة الأب لهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [72] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ

التفسير :

[72] يقسم الخالق بمن يشاء وبما يشاء، أما المخلوق فلا يجوز له القسم إلا بالله، وقد أقسم الله تعالى بحياة محمد -صلى الله عليه وسلم- تشريفاً له. إن قوم لوط لفي غفلة شديدة يترددون ويتمادَون

تفسير الآيتين 71و 72:ـ

فـ{ قَالَ} لهم لوط من شدة الأمر الذي أصابه:{ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} فلم يبالوا بقوله ولهذا قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} وهذه السكرة هي سكرة محبة الفاحشة التي لا يبالون معها بعذل ولا لوم.

وقوله- سبحانه-: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ يرى جمهور المفسرين أنه كلام معترض بين أجزاء قصة لوط- عليه السلام- مع قومه، لبيان أن الموعظة لا تجدى مع القوم الغاوين، ولتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من سفهاء قومه.

فالخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم واللام في «لعمرك» لام القسم، والمقسم به حياته صلى الله عليه وسلم والعمر- بفتح العين- لغة في العمر- بضمها، ومعناهما: مدة حياة الإنسان وبقائه في هذه الدنيا، إلا أنهم ألزموا مفتوح العين في القسم، وهو مبتدأ وخبره محذوف وجوبا والتقدير لعمرك قسمي أو يمينى.

والسكرة: ذهاب العقل، مأخوذة من السكر- بفتح السين وإسكان الكاف- وهو السد والإغلاق. وأطلقت هنا على الغواية والضلالة لإزالتهما الرشد والهداية عن عقل الإنسان ويَعْمَهُونَ من العمه بمعنى التحير والتردد في الأمر. وهو للبصيرة بمنزلة العمى للبصر.

يقال: عمه فلان- كفرح- عمها، إذا تردد وتحير، فهو عمه وعامه، وهم عمهون وعمه- كركع- والمعنى: بحق حياتك- أيها الرسول الكريم- إن هؤلاء المكذبين لك، لفي غفلتهم وغوايتهم يترددون ويتحيرون، شأنهم في ذلك شأن الضالين من قبلهم كقوم لوط وقوم شعيب وقوم صالح، وغيرهم من المتكبرين في الأرض بغير الحق..

قال الآلوسى: وقوله لَعَمْرُكَ قسم من الله- تعالى- بعمر نبينا صلى الله عليه وسلم على ما عليه جمهور المفسرين. وأخرج البيهقي في الدلائل، وأبو نعيم وابن مردويه وغيرهم عن ابن عباس- رضى الله عنهما- قال: ما خلق الله- تعالى- وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله- تعالى- أقسم بحياة أحد غيره، قال- تعالى-: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ وقيل هو قسم من الملائكة بعمر لوط- عليه السلام-، وهو مع مخالفته للمأثور محتاج لتقدير القول، أى. قالت الملائكة للوط- عليه السلام- لعمرك.. وهو خلاف الأصل وإن كان سياق القصة شاهدا له وقرينة عليه..» .

قال الله تعالى : ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) [ يقول : وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا " إنهم لفي سكرتهم يعمهون ] رواه ابن جرير .

وقال قتادة : ( في سكرتهم ) أي : في ضلالتهم ، ( يعمهون ) أي : يلعبون .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( لعمرك ) لعيشك ، ( إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) قال : يتحيرون

وقوله ( لَعَمْرُكَ ) يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وحياتك يا محمد، إن قومك من قريش ( لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) يقول: لفي ضلالتهم وجهلهم يتردّدون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا سعيد بن زيد، قال: ثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوْزاء، عن ابن عباس، قال: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره، قال الله تعالى ذكره ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ).

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق الحضْرميّ، قال: ثنا الحسن بن أبي جعفر، قال: ثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، في قول الله ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) قال: ما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم، قال: وحياتك يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا( إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ).

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) وهي كلمة من كلام العرب ، لفي سكرتهم: أي في ضلالتهم يعمهون: أي يلعبون.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، قال: سألت الأعمش، عن قوله ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) قال: لفي غفلتهم يتردّدون.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: ( فِي سَكْرَتِهِم ) قال: في ضلالتهم يعمهون قال: يلعبون.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال مجاهد ( يَعْمَهُونَ ) قال: يتردّدون.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( لَعَمْرُكَ ) يقول: لَعَيْشُكَ( إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) قال: يتمادَوْن.

حدثني أبو السائب، قال: ثنا معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كانوا يكرهون أن يقول الرجل: لعمري، يرونه كقوله: وَحَيَاتِي.

التدبر :

وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ يقسم الله تعالى بحياته؛ تشريفًا لها، أفلا ينصره بعد مماته؟ بلى والله.
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ وصفهم بالسكرة التي هي فساد العقل، والعَمَه الذي هو فساد البصيرة، فالتعلق بالصور يوجب فساد العقل، وعمى البصيرة، وسكر القلب.
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ إذا وصل الإنسان لمرحلة السكر في شيءٍ، فلا يفيد معه نصح ولا توجيه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ هم يتصرفون تحت سُكر الشهوة، خمرة يشربها الكثير ويعرفها القليل.
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ التعلق بالصور يوجب فساد العقل، وعمى البصيرة، وسكر القلب بل جنونه.
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ المبالغة في حب زينة الدنيا قد تفقد الإنسان عقله.
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ للهوی سكر أشد من سكر الخمر، وما أكثر مخموري العقول اليوم بالأهواء والشهوات!
وقفة
[72] ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ النبي صلى الله عليه وسلم هو الوحيد من بين سائر البشرية الذي أقسم الله جلَّ وعلا بحياته، وهذا فيه علو شأنه عليه السلام في الدنيا والآخرة.
وقفة
[72] محبة الفواحش مرض في القلب، فإن الشهوة توجب السكر، قال تعالى: ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾.
وقفة
[72] قد يتشرّب العقل الهوى كتشربه الخمر فلا تؤثر به نصيحة ولا يهاب فضيحة، قال لوط لقومه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَلَا تُخْزُونِ﴾ [69]، فقال الله: ﴿إنهم لفي سكرتهم يعمهون﴾.

الإعراب :

  • ﴿ لَعَمْرُكَ:
  • اللام: للتوكيد. عمر: مبتدأ مرفوع بالضمة وخبره محذوف وجوبا والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. التقدير لعمرك يميني أو قسمي. يقول الزمخشري: لعمرك: على إرادة القول: أي قالت الملائكة للوط‍ عليه السّلام لعمرك. وقيل الخطاب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنه أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد قط‍ كرامة له. وقد خصوا القسم بفتح العين لإيثار الأخف فيه وذلك لأنّ الحلف كثير الدور على ألسنتهم ولذلك حذفوا الخبر. وتقديره لعمرك ممّا أقسم به كما حذفوا الفعل في قولك بالله.
  • ﴿ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ:
  • الجملة: جواب القسم لا محل لها من الاعراب. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ» اللام: ابتدائية-مزحلقة-للتوكيد. في سكرة: جار ومجرور متعلق بيعمهون و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ يَعْمَهُونَ:
  • الجملة: في محل رفع خبر «إنّ» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وهي بمعنى: يتحيرون. والعمه للبصيرة كالعمى للبصر من عمه يعمه عمها أي تحير وضل فهو عمه. '

المتشابهات :

البقرة: 15﴿ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعْمَهُونَ
الأنعام: 110﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعْمَهُونَ
الأعراف: 186﴿مَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُۥۚ وَيَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعْمَهُونَ
يونس: 11﴿لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعْمَهُونَ
الحجر: 72﴿لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعْمَهُونَ
المؤمنون: 75﴿وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعْمَهُونَ
النمل: 4﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَهُمۡ يَعْمَهُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     وبعد كل ما فعل لوط عليه السلام من وعظ ونصح؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن المواعظ لا تجدى مع القوم الغاوين، وفي هذا تسلية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عما أصابه من سفهاء قومه، قال تعالى:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنهم:
وقرئ:
أنهم بفتح الهمزة، وهى قراءة أبى عمرو، فى رواية الجهضمي.
سكرتهم:
وقرئ:
1- سكرتهم، بضم السين، وهى قراءة الأشهب.
2- سكراتهم، بالجمع، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
3- سكرهم، بغير تاء، وهى قراءة الأعمش.

مدارسة الآية : [73] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ

التفسير :

[73] حتى حلَّتْ بهم صاعقة العذاب وقت شروق الشمس.

فلما بينت له الرسل حالهم، زال عن لوط ما كان يجده من الضيق والكرب، فامتثل أمر ربه وسرى بأهله ليلا فنجوا، وأما أهل القرية{ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} أي:وقت شروق الشمس حين كانت العقوبة عليهم أشد

ثم ختم- سبحانه- القصة ببيان النهاية الأليمة لهؤلاء المفسدين من قوم لوط فقال- تعالى- فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ. فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ.

والصيحة: من الصياح وهو الصوت الشديد. يقال: صاح فلان إذا رفع صوته بشدة.

وأصل ذلك تشقيق الصوت من قولهم: انصاح الخشب أو الثوب، إذا انشق فسمع منه صوت. قالوا: وكل شيء أهلك به قوم فهو صيحة وصاعقة.

مُشْرِقِينَ: اسم فاعل من أشرقوا إذا دخلوا في وقت شروق الشمس، أى: أن الله- تعالى- بعد أن أخبر لوطا- عليه السلام- بإهلاك قومه، وأمره عن طريق الملائكة- بالخروج ومعه المؤمنون من هذه المدينة.. جاءت الصيحة الهائلة من السماء فأهلكتهم جميعا وهم داخلون في وقت شروق الشمس.

وقال- سبحانه- قبل ذلك: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ وقال هنا فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ للإشارة إلى أن ابتداء عذابهم كان عند الصباح وانتهاءه باستئصال شأفتهم كان مع وقت الشروق.

يقول : تعالى : ( فأخذتهم الصيحة ) وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس ، وهو طلوعها ، وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء ثم قلبها ،

وقوله ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: فأخذتهم صاعقة العذاب، وهي الصيحة مشرقين: يقول: إذ أشرقوا، ومعناه: إذ أشرقت الشمس ، ونصب مشرقين ومصبحين على الحال بمعنى: إذا أصبحوا، وإذ أشرقوا، يقال منه: صيح بهم، إذا أهلكوا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ) قال: حين أشرقت الشمس ذلك مشرقين.

التدبر :

وقفة
[73] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ كان ابتداء عذابهم عند الصباح، وانتهاؤه باستئصال شأفتهم مع شروق الشمس.
وقفة
[73] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾، ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ﴾ [هود: 81]؛ ابتداء عذابهم الصبح، وآخره لشروق الشمس، فعبر في هود عن ابتداء العذاب، وفى الحجر عن انتهائه بالشروق، والله أعلم.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ:
  • الفاء: سببية. أخذت: فعل ماض مبني على الفتح. التاء: تاء الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون حرك بالضم لاشباع الميم. في محل نصب مفعول به مقدم. الصيحة: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مُشْرِقِينَ:
  • حال منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: داخلين في شروق الشمس أي أخذتهم الصيحة وهم داخلون في شروق الشمس أو الشروق وهو بزوغ الشمس. '

المتشابهات :

الحجر: 73﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
الحجر: 83﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
المؤمنون: 41﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولَمَّا بينت له الرسل حالَهم؛ زال عن لوط عليه السلام ما كان يجده من الضيق والكرب، فامتثل أمر ربه عز وجل وخرج بأهله ومعه المؤمنون من المدينة ليلًا فنجوا، ثم جاءت الصيحة الهائلة من السماء فأهلكت قومه وهم داخلون في وقت شروق الشمس، قال تعالى:
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ ..

التفسير :

[74] فقلبنا قُراهم فجعلنا عاليها سافلها، وأمطرنا عليهم حجارة من طين متصلب متين.

{ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} أي:قلبنا عليهم مدينتهم،{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} تتبع فيها من شذ من البلد منهم.

والضمير في قوله عالِيَها سافِلَها يعود إلى المدينة التي كان يسكنها المجرمون من قوم لوط.

أى: فجعلنا بقدرتنا عالى هذه المدينة سافلها، بأن قلبناها قلبا كاملا وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ أى على هؤلاء المجرمين من قوم لوط حِجارَةً كائنة مِنْ سِجِّيلٍ أى من طين متحجر. فهلكوا جميعا.

وهكذا أخذ الله- تعالى- هؤلاء المجرمين أخذ عزيز مقتدر، حيث أهلكهم بهذه العقوبة التي تتناسب مع جريمتهم، فهم قلبوا الأوضاع، فأتوا بفاحشة لم يسبقوا إليها، فانتقم الله- تعالى- منهم بهذه العقوبة التي جعلت أعلى مساكنهم أسفلها.

ثم ساقت السورة الكريمة بعض العبر والعظات التي يهتدى بها العقلاء من قصتي إبراهيم ولوط- عليهما السلام- كما ساقت بعد ذلك جانبا من قصتي شعيب وصالح- عليهما السلام- فقال- تعالى-:

وجعل عاليها سافلها ، وإرسال حجارة السجيل عليهم . وقد تقدم الكلام على السجيل في [ سورة ] هود بما فيه كفاية .

يقول تعالى ذكره: فجعلنا عالي أرضهم سافلها، وأمطرنا عليهم حِجارة من سجيل (1) .

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) أي من طين.

------------------------

الهوامش:

(1) لعل الأصل ( من سجيل) : أي من طين ، كما يظهر بتأمل .

التدبر :

وقفة
[74] ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا﴾ عمل قوم لوط يدل على فطرة منكوسة، فجاء الجزاء من جنس العمل.
وقفة
[74] قال تعالى عن قوم لوط: ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾، وهذا من المناسبة بوضوح؛ فإنهم لما انقلبوا عن الحقيقة والفطرة، ونزلوا إلى أسفل الأخلاق جعل الله أعالي قريتهم سافلها!
تفاعل
[74] ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[74] ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ لم يستعمل القرآن المطر إلا في العقوبة: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: 84]، ﴿وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ﴾ [الفرقان: 40]، ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾، ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾ [الشعراء: 173]، أما الغيث فيستعمله في الخير: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: 28]، هذا في الاستعمال القرآني، أما في الحديث فاستعمل المطر للخير.
وقفة
[74] ﴿جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً﴾ [هود: 82]، ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً﴾: في هود (عليها) وهي قرية سدوم، وفي الحجر (عليهم) وهم قوم لوط.

الإعراب :

  • ﴿ فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها:
  • الفاء: عاطفة. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عاليها سافلها: مفعولا «جعلنا» منصوبان بالفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة يعود على قرى قوم لوط‍.
  • ﴿ وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ:
  • معطوفة بالواو على «جعلنا» وتعرب إعرابها. عليهم: جار ومجرور متعلق بأمطرنا و «هم» في محل جر بعلى.
  • ﴿ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من سجيل: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من حجارة. و «من» بيانية. أي من طين متحجر. '

المتشابهات :

هود: 82﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٖ
الحجر: 74﴿فَـ جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا جاءت الصيحةُ؛ أهلكهم اللهُ بعقوبة تتناسب مع جريمتهم، فهم قلبوا الأوضاع، فأتوا بفاحشة لم يسبقوا إليها، فقلب عليهم القرية، فجعل عَالِيَهَا سَافِلَهَا، وأمطر عليهم حجارة من طين متحجر، قال تعالى:
﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ

التفسير :

[75] إن فيما أصابهم لَعظاتٍ للناظرين المعتبرين

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أي:المتأملين المتفكرين، الذين لهم فكر وروية وفراسة، يفهمون بها ما أريد بذلك، من أن من تجرأ على معاصي الله، خصوصا هذه الفاحشة العظيمة، وأن الله سيعاقبهم بأشنع العقوبات، كما تجرأوا على أشنع السيئات.

فاسم الإشارة في قوله- سبحانه- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ يعود إلى ما تضمنته القصة السابقة من عبر وعظات.

والآيات جمع آية، والمراد بها هنا الأدلة والعلامات الدالة على ما يوصل إلى الحق والهداية.

والمتوسمون: جمع المتوسم، وهو المتأمل في الأسباب وعواقبها، وفي المقدمات ونتائجها..

قال القرطبي ما ملخصه: التوسم تفعل من الوسم، وهي العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيره. يقال: توسمت في فلان الخير، إذا رأيت ميسم ذلك فيه، ومنه قول عبد الله ابن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم.

إنى توسمت فيك الخير أعرفه ... والله يعلم أنى ثابت البصر وأصل التوسم: التثبت والتفكر، مأخوذ من الوسم وهو التأثير بحديدة في جلد البعير وغيره.. وذلك يكون بجودة القريحة، وحدة الخاطر، وصفاء الفكر، وتطهير القلب من أدناس المعاصي.

والمراد بالمتوسمين: المتفرسين، أو المتفكرين، أو المعتبرين، أو المتبصرين.. والمعنى متقارب..» .

والمعنى: إن في ذلك الذي سقناه في قصتي إبراهيم ولوط- عليهما السلام- لأدلة واضحة على حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الغاوين، لمن كان ذا فكر سليم، وبصيرة نافذة تتأمل في حقائق الأشياء، وتتعرف على ما يوصلها إلى الهداية والطريق القويم.

قال بعض العلماء عند تفسيره لهذه الآية: هذه الآية أصل في الفراسة. أخرج الترمذي من حديث أبى سعيد مرفوعا: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية ...

وقد أجاد الكلام في الفراسة، الراغب الأصفهاني في كتابه «الذريعة» حيث قال في الباب السابع: وأما الفراسة فالاستدلال بهيئة الإنسان وأشكاله وألوانه وأقواله، على أخلاقه وفضائله ورذائله ...

وقد نبه- سبحانه- على صدقها بقوله إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وبقوله تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً . وبقوله وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ .

ولفظها مأخوذ من قولهم «فرس السبع الشاه» فكأن الفراسة اختلاس المعارف .

وفي هذه الآية الكريمة تعريض لمن تمر عليهم العبر والعظات. والأدلة الدالة على وحدانية الله- تعالى-، وكمال قدرته ... فلا يعتبرون ولا يتعظون ولا يتفكرون فيها، لانطماس بصيرتهم، واستيلاء الأهواء والشهوات على نفوسهم، كما قال- تعالى- وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ. وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ، إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ .

وقوله : ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) أي : إن آثار هذه النقم ظاهرة على تلك البلاد لمن تأمل ذلك وتوسمه بعين بصره وبصيرته ، كما قال مجاهد في قوله : ( للمتوسمين ) قال : المتفرسين .

وعن ابن عباس ، والضحاك : للناظرين . وقال قتادة : للمعتبرين . وقال مالك عن بعض أهل المدينة : ( للمتوسمين ) للمتأملين .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا محمد بن كثير العبدي ، عن عمرو بن قيس ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله " . ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين )

رواه الترمذي ، وابن جرير من حديث عمرو بن قيس الملائي وقال الترمذي : لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وقال ابن جرير أيضا : حدثني أحمد بن محمد الطوسي ، حدثنا الحسن بن محمد ، حدثنا الفرات بن السائب ، حدثنا ميمون بن مهران ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اتقوا فراسة المؤمن ; فإن المؤمن ينظر بنور الله "

وقال ابن جرير : حدثني أبو شرحبيل الحمصي ، حدثنا سليمان بن سلمة ، حدثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبي ، حدثنا أبو المعلى أسد بن وداعة الطائي ، حدثنا وهب بن منبه ، عن طاوس بن كيسان ، عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " احذروا فراسة المؤمن ; فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله "

وقال أيضا : حدثنا عبد الأعلى بن واصل ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، حدثنا عبد الواحد بن واصل ، حدثنا أبو بشر المزلق ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم "

ورواه الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا سهل بن بحر ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي ، حدثنا أبو بشر - يقال له : ابن المزلق قال : وكان ثقة - عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم "

وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) يقول: إن في الذي فعلنا بقوم لوط من إهلاكهم ، وأحللنا بهم من العذاب لَعَلامات ودلالات للمتفرّسين المعتبرين بعلامات الله، وعبره على عواقب أمور أهل معاصيه والكفر به. وإنما يعني تعالى ذكره بذلك قوم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم من قريش ، يقول: فلقومك يا محمد في قوم لوط، وما حلّ بهم من عذاب الله حين كذّبوا رسولهم ، وتمادوا في غيهم ، وضلالهم، معْتَبَر.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الأعلى بن واصل قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن قيس، عن مجاهد، في قوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: للمتفرّسين.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن عبد الملك ، وحدثنا الحسن الزعفراني، قال: ثني محمد بن عبيد، قال: ثني عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال للمتفرّسين.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل ، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: المتوسمين ، المتفرّسين ، قال: توسَّمت فيك الخير نافلة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن قيس، عن مجاهد ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: المتفرّسين.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) يقول: للناظرين.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك ( لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال للناظرين.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) : أي للمعتبرين.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله ( لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) أي: للمعتبرين.

حدثني محمد بن عُمارة ، قال: ثني حسن بن مالك، قال: ثنا محمد بن كثير، عن عمرو بن قيس، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ. ثم قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) ".

حدثنا أحمد بن محمد الطُّوسي، قال : ثنا محمد بن كثير مولى بني هاشم، قال: ثنا عمرو بن قيس المُلائِي ، عن عطية، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمثله.

حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: ثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا الفُرات بن السائب، قال: ثنا ميمون بن مهران، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّ المُؤْمِنِ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ".

حدثنا عبد الأعلى بن واصل، قال: ثني سعيد بن محمد الجَرْميّ، قال: ثنا عبد الواحد بن واصل، قال: ثنا أبو بشر المزلق، عن ثابت البُنَانِيّ، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ ".

حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: المتفكرون والمعتبرون الذين يتوسمون الأشياء، ويتفكرون فيها ويعتبرون.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) يقول: للناظرين.

حدثني أبو شرحبيل الحمْصِي، قال: ثنا سليمان بن سلمة، قال : ثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبيّ، قال: ثنا أبو المعلَّى أسد بن وداعة الطائيّ، قال: ثنا وهب بن منبه، عن طاوس بن كيسان، عن ثَوْبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احْذَرُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ ، وَيَنْطِقُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ ".

التدبر :

وقفة
[75] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ وذلك يكون بجودة القريحة، وحدة الخاطر، وصفاء الفكر، وتفريغ القلب من حشو الدنيا، وتطهيره من أدناس المعاصي، وكدورة الأخلاق، وفضول الدنيا.
عمل
[75] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ سل الله تعالى أن يرزقك الفراسة, وابذل أسبابها؛ وهي: تقوى الله، ومخالفة هوى النفس.
وقفة
[75] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ قال مجاهد: «المتوسمين: المتفرسين»، وقال ابن عباس: «للناظرين»، وقال مقاتل: «للمتفکرين»، ولا تنافي بين هذه الأقوال، فإن الناظر متی نظر في ديار المكذبين وما آل إليه أمرهم؛ أورثه فراسة وعبرة وفكرة.
وقفة
[75] مع ترادف الفتن والرزايا وموجها بأفهام الناس يستلهم ذوو الفراسة الصواب في ثناياها، فهم ينظرون بنور الله: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾؛ يعني المتفرسين.
وقفة
[75] في سنن الله تعالى في الأمم الكافرة المكذِّبة عِظة وعبرة للمعتبرين، والسَّعيد من وُعظ بغيره ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ:
  • إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في: حرف جر. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام: للبعد والكاف حرف خطاب والجار والمجرور متعلق بخبر «إنّ» المقدم.
  • ﴿ لَآياتٍ:
  • اللام: ابتدائية للتوكيد: -مزحلقة-آيات: اسم «انّ» مؤخر منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ لِلْمُتَوَسِّمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم أي للمفكرين المتفرسين. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     وبعد ما ذُكِرَ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن في قصة لوط عليه السلام مع قومه لأدلة واضحة للناظرين المعتبرين على حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الغاوين، قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ

التفسير :

[76] وإن قراهم لفي طريق ثابت يراها المسافرون المارُّون بها..

{ وَإِنَّهَا} أي:مدينة قوم لوط{ لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} للسالكين، يعرفه كل من تردد في تلك الديار

والضمير في قوله- سبحانه- وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ يعود إلى المدينة أو القرى التي كان يسكنها قوم لوط- عليه السلام-.

أى: وإن هذه المساكن التي كان يسكنها هؤلاء المجرمون، لبطريق ثابت واضح يسلكه الناس، ويراه كل مجتاز له وهو في سفره من الحجاز إلى الشام، كما قال- تعالى- وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ

.

والمقصود تذكير كفار قريش وغيرهم بعاقبة الظالمين، حتى يقلعوا عن كفرهم وجحودهم، وحتى يعتبروا ويتعظوا، ويدخلوا مع الداخلين في دين الإسلام.

وقوله : ( وإنها لبسبيل مقيم ) أي : وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي ، والقذف بالحجارة ، حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة لبطريق مهيع مسالكه مستمرة إلى اليوم ، كما قال تعالى : ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) [ الصافات : 137 ، 138 ]

وقال مجاهد ، والضحاك : ( وإنها لبسبيل مقيم ) قال : معلم . وقال قتادة : بطريق واضح . وقال قتادة أيضا : بصقع من الأرض واحد .

وقال السدي : بكتاب مبين ، يعني كقوله : ( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) [ يس : 12 ] ولكن ليس المعنى على ما قال هاهنا ، والله أعلم .

يقول تعالى ذكره: وإن هذه المدينة، مدينة سَدُوم، لبطريق واضح مقيم يراها المجتاز بها لا خفاء بها، ولا يبرح مكانها، فيجهل ذو لبّ أمرها، وغبّ معصية الله، والكفر به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء ، وحدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: لبطريق معلم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال : ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) يقول: بطريق واضح.

67 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: طريق ، السبيل: الطريق.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) يقول: بطريق معلم.

التدبر :

وقفة
[76] ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ جعل الله مدينة قوم لوط في طريق يعرفه كل المترددين على تلك الديار؛ ليكونوا من المعتبرين.
لمسة
[76] ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ تشبيه بليغ! شبه آثار المدينة الباقية بالشخص المقيم المستقر في مكانه.
وقفة
[76] بعد قصة لوط قال الله: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ أي أن مكان عوبتهم معلوم إلى اليوم لمن أراد أن يعتبر؛ فويلٌ ثم ويلٌ لأهل الشذوذ.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ:
  • الواو عاطفة. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ» يعود على المدينة أو على آثار القرى. اللام: ابتدائية للتوكيد-مزحلقة-بسبيل: جار ومجرور متعلق بخبر «انّ».مقيم: صفة لسبيل مجرورة مثلها بالكسرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     وبعد بيان أن ما حصل لقرى قوم لوط عليه السلام آيات واضحات للناظرين المعتبرين؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن المساكن التي كان يسكنها هؤلاء المجرمون، ما زالت بطريق ثابت واضح يسلكه الناس، ويراه كل مجتاز له وهو في سفره من الحجاز إلى الشام، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [77] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ

التفسير :

[77] إن في إهلاكنا لهم لَدلالةً بيِّنةً للمصدقين العاملين بشرع الله.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} وفي هذه القصة من العبر:عنايته تعالى بخليله إبراهيم، فإن لوطا عليه السلام من أتباعه، وممن آمن به فكأنه تلميذ له، فحين أراد الله إهلاك قوم لوط حين استحقوا ذلك، أمر رسله أن يمروا على إبراهيم عليه السلام كي يبشروه بالولد ويخبروه بما بعثوا له، حتى إنه جادلهم عليه السلام في إهلاكهم حتى أقنعوه، فطابت نفسه.

وكذلك لوط عليه السلام، لما كانوا أهل وطنه، فربما أخذته الرقة عليهم والرأفة بهم قدَّر الله من الأسباب ما به يشتد غيظه وحنقه عليهم، حتى استبطأ إهلاكهم لما قيل له:{ إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} ومنها:أن الله تعالى إذا أراد أن يهلك قرية [ازداد] شرهم وطغيانهم، فإذا انتهى أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.

وقوله- سبحانه-: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ تذييل قصد به التعميم بعد التخصيص، لأن اسم الإشارة هنا يعود إلى جميع ما تقدم من قصتي إبراهيم ولوط- عليهما السلام- وإلى ما انضم إليهما من التذكير بآثار الأقوام المهلكين.

أى: إن فيما ذكرناه فيما سبق من أدلة واضحة على حسن عاقبة المتقين، وسوء نهاية الظالمين، لعبرة واضحة، وحكمة بالغة، للمؤمنين الصادقين.

وخصهم بالذكر لأنهم هم المنتفعون بالأدلة والعظات، وللتنبيه على أن التفرس في الأمور لمعرفة أسبابها ونتائجها من صفاتهم وحدهم.

وجمع الآيات قبل ذلك في قوله إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وأفردها هنا فقال:

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ للأشعار بأن المؤمنين الصادقين تكفى لهدايتهم، ولزيادة إيمانهم، آية واحدة من الآيات. الدالة على أن دين الإسلام هو الدين الحق، وفي ذلك ما فيه من الثناء عليهم، والمدح لهم، بصدق الإيمان، وسلامة اليقين .

وقوله : ( إن في ذلك لآية للمؤمنين ) أي : إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطا وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسله .

وقوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول تعالى ذكره: إن في صنيعنا بقوم لوط ما صنعنا بهم، لعلامة ودلالة بينة لمن آمن بالله على انتقامه من أهل الكفر به، وإنقاذه من عذابه، إذا نـزل بقوم أهل الإيمان به منهم.

كما حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن سماك، عن سعيد بن جبير، في قوله ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ) قال: هو كالرجل يقول لأهله: علامة ما بيني وبينكم أن أرسل إليكم خاتمي، أو آية كذا وكذا.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن سماك، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً ) قال: أما ترى الرجل يرسل بخاتمه إلى أهله فيقول: هاتوا خذي ،هاتوا خذي ، فإذا رأوه علموا أنه حقّ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[77] بقدر إيمان العبد يكون اعتباره بآيات الله الشرعية والكونية ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة والسبعين. و «آية» اسم «إنّ» مؤخر منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره. '

المتشابهات :

الحجر: 77﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ
العنكبوت: 44﴿خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد بيان ما فعله اللهُ عز وجل بقوم لوط من الهلاك والدمار، ونجاة لوط عليه السلام وأهله؛ بَيَّنَ هنا أن في هذا لعبرة وعظة واضحة للمؤمنين الذين ينتفعون بالمواعظ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ

التفسير :

[78] وقد كان أصحاب المدينة الملتفة الشجر -وهم قوم شعيب- ظالمين لأنفسهم لكفرهم بالله ورسولهم الكريم.

تفسير الآيتين 78 و79:ـ

وهؤلاء هم قوم شعيب، نعتهم الله وأضافهم إلى الأيكة، وهو البستان كثير الأشجار، ليذكر نعمته عليهم، وأنهم ما قاموا بها بل جاءهم نبيهم شعيب، فدعاهم إلى التوحيد، وترك ظلم الناس في المكاييل والموازين، وعالجهم على ذلك على أشد المعالجة فاستمروا على ظلمهم في حق الخالق، وفي حق الخلق، ولهذا وصفهم هنا بالظلم،{ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم.{ وَإِنَّهُمَا} أي:ديار قوم لوط وأصحاب الأيكة{ لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} أي:لبطريق واضح يمر بهم المسافرون كل وقت، فيبين من آثارهم ما هو مشاهد بالأبصار فيعتبر بذلك أولوا الألباب.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة أصحاب الأيكة لزيادة العظات والعبر، فقال- تعالى-: وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ. فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ وإِنْ هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن المحذوف.

وأصحاب الأيكة، هم قوم شعيب- عليه السلام-، والأيك الشجر الكثير الملتف واحدته أيكة- كتمر وتمره-.

والمراد بها البقعة الكثيرة الأشجار التي كانت فيها مساكنهم، قرب مدين قرية شعيب- عليه السلام-.

وجمهور العلماء على أن أهل مدين وأصحاب الأيكة قبيلة واحدة، وأرسل الله- تعالى- إليهم جميعا شعيبا- عليه السلام- لأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى-، ونهيهم عن تطفيف الكبل والميزان، وعن قطع الطريق ...

وكانوا جميعا يسكنون في المنطقة التي تسمى بمعّان، على حدود الحجاز والشام، أو أن بعضهم كان يسكن الحاضرة وهم أهل مدين، والبعض الآخر كان يسكن في البوادي المجاورة لها والمليئة بالأشجار.

وقيل: إن شعيبا- عليه السلام- أرسل إلى أمتين: أهل مدين، وأصحاب الأيكة، وهذه خصوصية له- عليه السلام-.

وعلى أية حال فالعلماء متفقون على أن أصحاب الأيكة هم قوم شعيب- عليه السلام-.

والإمام: الطريق الواضح المعالم. وسمى الطريق إماما لأن المسافر يأتم به، ويهتدى بمسالكه، حتى يصل إلى الموضع الذي يريده.

والمعنى: وإن الشأن والحال أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين متجاوزين لكل حد، فاقتضت عدالتنا أن ننتقم منهم، بسبب كفرهم وفجورهم.

وَإِنَّهُما أى مساكن قوم لوط، ومساكن قوم شعيب لَبِإِمامٍ مُبِينٍ أى: لبطريق واضح يأتم به أهل مكة في سفرهم من بلادهم إلى بلاد الشام.

قال ابن كثير: وقد كانوا- أى أصحاب الأيكة- قريبا من قوم لوط، بعدهم في الزمان، ومسامتين لهم في المكان، ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في إنذاره لهم وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ .

صحاب الأيكة : هم قوم شعيب .

قال الضحاك ، وقتادة وغيرهما : الأيكة : الشجر الملتف .

وكان ظلمهم بشركهم بالله وقطعهم الطريق ، ونقصهم المكيال والميزان

يقول تعالى ذكره: وقد كان أصحاب الغَيْضة ظالمين، يقول: كانوا بالله كافرين ، والأيكة: الشجر الملتف المجتمع، كما قال أمية:

كَبُكـــا الحَمــامِ عَــلى فُــرُو

عِ الأَيْــكِ فــي الغُصُـنِ الجَـوَانِحْ (2)

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، قال، قوله ( أَصْحَابُ الأَيْكَةِ ) قال: الشجر، وكانوا يأكلون في الصيف الفاكهة الرطبة، وفي الشتاء اليابسة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ) ذكر لنا أنهم كانوا أهل غيضة. وكان عامَّة شجرهم هذا الدَّوْم. وكان رسولهم فيما بلغنا شُعَيب صلى الله عليه وسلم، أرسل إليهم وإلى أهل مدين، أرسل إلى أمتين من الناس، وعذّبتا بعذابين شتى. أما أهل مدين، فأخذتهم الصيحة ، وأما أصحاب الأيكة، فكانوا أهل شجر متكاوس ، ذُكر لنا أنه سلَّط عليهم الحرّ سبعة أيام، لا يظللهم منه ظلّ ، ولا يمنعهم منه شيء، فبعث الله عليهم سحابة، فحَلُّوا تحتها يلتمسون الرَّوْح فيها ، فجعلها الله عليهم عذابا، بعث عليهم نارا فاضطرمت عليهم فأكلتهم ، فذلك عذاب يوم الظلَّة، إنه كان عذاب يوم عظيم.

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: ثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: أصحاب الأيكة: أصحاب غَيْضَة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قوله ( وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ) قال: قوم شعيب ، قال ابن عباس: الأيكة ذات آجام وشجر كانوا فيها.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله ( أصحَابُ الأَيْكَةِ ) قال: هم قوم شعيب، والأيكة: الغيضة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمرو بن عبد الله، عن قتادة، أنه قال: إن أصحاب الأيكة، والأيكة: الشجر الملتفّ.

------------------------

الهوامش:

(2) البيت لأمية بن أبي الصلت الثقفي ، ولم أجده في ديوانه ، ووجدته في سيرة ابن هشام ( 3 : 31 طبعة الحلبي ) من قصيدة له يرثي بها قتلى بدر وأولها أَلاَّ بَكَــــيْتِ عَـــلى الكِـــرَا

مِ بَنِــي الكِــرَامِ أُولــي المَمـادِحْ

كبكا الحمام ... البيت . والأيك : الشجر الملتف ، واحدته أيكة ، والجوانح : الموائل . يقول : جنح : إذا مال . وفي ( اللسان أيك ) : الأيكة : الشجر الكثير الملتف . وقيل : هي الغيضة تنبت السد والأراك ونحوهما من ناعم الشجر ، وخص بعضهم به منت الأثل ومجتمعه .

التدبر :

وقفة
[78، 79] ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ...﴾ انتقام الله من الظالمين سنة كونية.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ:
  • الواو حالية. إن: وصلية وما بعدها أي الجملة: في محل نصب حال. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. اصحاب: اسم «كان» مرفوع بالضمة. الأيكة: مضاف اليه مجرور بالكسرة. وأصحاب الأيكة: هم قوم شعيب.
  • ﴿ لَظالِمِينَ:
  • اللام: للتوكيد. ظالمين: خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

الحجر: 78﴿وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَٰلِمِينَ
الشعراء: 176﴿كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ٱلۡمُرۡسَلِينَ
ص: 13﴿وَثَمُودُ وَقَوۡمُ لُوطٖ وَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡأَحۡزَابُ
ق: 14﴿ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوۡمُ تُبَّعٖۚ كُلّٞ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيد

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     القصَّةُ الثالثةُ: أصحابُ الأيْكَةِ (قومُ شُعيبٍ عليه السلام )، وكانوا قومًا كافرين، اشتهروا بتطفيف الكيل والميزان، فأرسل اللهُ عز وجل لهم شعيبًا عليه السلام ، يدعوهم إلى توحيد الله، ثم الوفاء بالكيل والميزان، فكذبوه، قال تعالى:
﴿ وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [79] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ

التفسير :

[79] فانتقمنا منهم بالرجفة وعذاب يوم الظلة، وإن مساكن قوم لوط وشعيب لفي طريق واضح يمرُّ بهما الناس في سفرهم فيعتبرون.

تفسير الآيتين 78 و79:ـ

وهؤلاء هم قوم شعيب، نعتهم الله وأضافهم إلى الأيكة، وهو البستان كثير الأشجار، ليذكر نعمته عليهم، وأنهم ما قاموا بها بل جاءهم نبيهم شعيب، فدعاهم إلى التوحيد، وترك ظلم الناس في المكاييل والموازين، وعالجهم على ذلك على أشد المعالجة فاستمروا على ظلمهم في حق الخالق، وفي حق الخلق، ولهذا وصفهم هنا بالظلم،{ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم.{ وَإِنَّهُمَا} أي:ديار قوم لوط وأصحاب الأيكة{ لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} أي:لبطريق واضح يمر بهم المسافرون كل وقت، فيبين من آثارهم ما هو مشاهد بالأبصار فيعتبر بذلك أولوا الألباب.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جانبا من قصة أصحاب الأيكة لزيادة العظات والعبر، فقال- تعالى-: وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ. فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ وإِنْ هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن المحذوف.

وأصحاب الأيكة، هم قوم شعيب- عليه السلام-، والأيك الشجر الكثير الملتف واحدته أيكة- كتمر وتمره-.

والمراد بها البقعة الكثيرة الأشجار التي كانت فيها مساكنهم، قرب مدين قرية شعيب- عليه السلام-.

وجمهور العلماء على أن أهل مدين وأصحاب الأيكة قبيلة واحدة، وأرسل الله- تعالى- إليهم جميعا شعيبا- عليه السلام- لأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى-، ونهيهم عن تطفيف الكبل والميزان، وعن قطع الطريق ...

وكانوا جميعا يسكنون في المنطقة التي تسمى بمعّان، على حدود الحجاز والشام، أو أن بعضهم كان يسكن الحاضرة وهم أهل مدين، والبعض الآخر كان يسكن في البوادي المجاورة لها والمليئة بالأشجار.

وقيل: إن شعيبا- عليه السلام- أرسل إلى أمتين: أهل مدين، وأصحاب الأيكة، وهذه خصوصية له- عليه السلام-.

وعلى أية حال فالعلماء متفقون على أن أصحاب الأيكة هم قوم شعيب- عليه السلام-.

والإمام: الطريق الواضح المعالم. وسمى الطريق إماما لأن المسافر يأتم به، ويهتدى بمسالكه، حتى يصل إلى الموضع الذي يريده.

والمعنى: وإن الشأن والحال أن أصحاب الأيكة كانوا ظالمين متجاوزين لكل حد، فاقتضت عدالتنا أن ننتقم منهم، بسبب كفرهم وفجورهم.

وَإِنَّهُما أى مساكن قوم لوط، ومساكن قوم شعيب لَبِإِمامٍ مُبِينٍ أى: لبطريق واضح يأتم به أهل مكة في سفرهم من بلادهم إلى بلاد الشام.

قال ابن كثير: وقد كانوا- أى أصحاب الأيكة- قريبا من قوم لوط، بعدهم في الزمان، ومسامتين لهم في المكان، ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في إنذاره لهم وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ .

فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة ، وقد كانوا قريبا من قوم لوط ، بعدهم في الزمان ، ومسامتين لهم في المكان ; ولهذا قال تعالى : ( وإنهما لبإمام مبين ) أي : طريق مبين .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : طريق ظاهر ; ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نذارته إياهم : ( وما قوم لوط منكم ببعيد )

وقوله ( فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) يقول تعالى ذكره: فانتقمنا من ظلمة أصحاب الأيكة. وقوله ( وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) يقول: وإن مدينة أصحاب الأيكة ، ومدينة قوم لوط ، والهاء والميم في قوله ( وإنَّهُما ) من ذكر المدينتين.( لَبِإمامٍ ) يقول: لبطريق يأتمون به في سفرهم ، ويهتدون به ( مُبِينٍ ) يقول: يبين لمن ائتمّ به استقامته ، وإنما جعل الطريق إماما لأنه يُؤم ويُتَّبع.

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله ( وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) يقول: على الطريق.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) يقول: طريق ظاهر.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى. قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، وحدثني المثنى قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل جميعا ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) قال: بطريق معلم.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) قال: طريق واضح.

حُدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ ) بطريق مستبين.

التدبر :

لمسة
[79] لماذا انتقل من الجمع ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ إلى المثنى ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾؟ تكلم سبحانه عن أصحاب الأيكة: ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾، ثم قال: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ أي قوم لوط وأصحاب الأيكة في طريق واحد تمرون عليهم.
تفاعل
[79] ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ استعذ بالله الآن من انتقامه.

الإعراب :

  • ﴿ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ:
  • الفاء: سببية. انتقم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. منهم: جار ومجرور متعلق بانتقم.
  • ﴿ وَإِنَّهُما:
  • الواو: استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «انّ» الميم علامة جمع الذكور والألف علامة التثنية أي مدينة سدوم والأيكة. يعني قرى قوم لوط‍ والأيكة. وقيل الضمير للأيكة ومدين.
  • ﴿ لَبِإِمامٍ مُبِينٍ:
  • اللام: ابتدائية للتوكيد-مزحلقة-بإمام: جار ومجرور متعلق بخبر «إنّ».مبين: صفة-نعت-لإمام مجرورة مثلها بالكسرة والإمام المبين: هو الطريق الواضح الذي يراه الناس. وقيل هو الكتاب الذي كتبه الله سبحانه. '

المتشابهات :

الأعراف: 136﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ
الحجر: 79﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ
الزخرف: 25﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولَمَّا كان أصحابُ الأيكة ظالمين متجاوزين لكل حد؛ انتقم اللهُ عز وجل منهم بسبب كفرهم وفجورهم، قال تعالى:
﴿ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ

التفسير :

[80] ولقد كذَّب سكان «وادي الحِجْر» صالحاً عليه السلام، وهم ثمود فكانوا بذلك مكذبين لكل المرسلين؛ لأن من كذَّب نبيّاً فقد كذَّب الأنبياء كلهم؛ لأنهم على دين واحد.

يخبر تعالى عن أهل الحجر، وهم قوم صالح الذين كانوا يسكنون الحجر المعروف في أرض الحجاز، أنهم كذبوا المرسلين أي:كذبوا صالحا، ومن كذب رسولا فقد كذب سائر الرسل، لاتفاق دعوتهم، وليس تكذيب بعضهم لشخصه بل لما جاء به من الحق الذي اشترك جميع الرسل بالإتيان به

ثم ختمت السورة الكريمة حديثها عن قصص الأنبياء مع أقوامهم بجانب من قصة صالح- عليه السلام- مع قومه. فقال- تعالى- وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ...

وأصحاب الحجر: هم ثمود قوم صالح- عليه السلام-.

والحجر: واد بين الشام والمدينة المنورة، كان قوم صالح يسكنونه. والحجر في الأصل:

كل مكان أحاطت به الحجارة، أو كل مكان محجور أى ممنوع من الناس بسبب اختصاص بعضهم به.

وما زال هذا المكان يعرف إلى الآن باسم مدائن صالح على الطريق من خيبر إلى تبوك، كما أشرنا إلى ذلك عند التعريف بالسورة الكريمة.

وقال- سبحانه-: وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ مع أنهم لم يكذبوا إلا رسولهم- عليه السلام-، لأن تكذيب رسول واحد، تكذيب لجميع الرسل، حيث إن رسالتهم واحدة، وهي الأمر بإخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، والدعوة إلى مكارم الأخلاق، والنهى عن الرذائل والمفاسد.

أصحاب الحجر هم : ثمود الذين كذبوا صالحا نبيهم ، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين ; ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين .

يقول تعالى ذكره: ولقد كذب سكان الحجر، وجعلوا لسكناهم فيها ومقامهم بها أصحابها، كما قال تعالى ذكره: وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فجعلهم أصحابها لسُكناهم فيها ومقامهم بها. والحجر: مدينة ثمود.

وكان قتادة يقول في معنى الحجر، ما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: أصحاب الحجر: قال: أصحاب الوادي.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، وهو يذكر الحِجْر مساكن ثمود قال: قال سالم بن عبد الله: إن عبد الله بن عمر قال: " مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَرًا أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ ، ثم زجر فأسرع حتى خلفها " .

حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصريّ، قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد المكي، قال: ثنا داود بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن سابط ، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو بالحجر: " هَؤُلاءِ قَوْمُ صَالِحٍ أهْلَكَهُمُ اللَّهُ إلا رَجُلا كانَ فِي حَرَمِ الله مَنَعَهُ حَرَمُ اللَّهِ منْ عَذَابِ اللَّهِ ، قيل: يا رسول الله من هو؟ قال: أبُو رِغالٍ".

التدبر :

وقفة
[80] ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ كذبوا صالحًا نبيهم عليه السلام ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين؛ ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين.
وقفة
[80] ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ من أصحاب الحجر؟ هم ثمود قوم صالح عليه السلام، والحجر هو واد بين المدينة والشام كانوا يسكنونه.
وقفة
[80] ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ (الحِجْر) اسمُ واديهم أو مدينتهم، فإن قلتَ: أصحابهُ وهم قومُ صالحٍ، إنما كذبوا صالحًا؛ لأنه المُرْسلُ إليهم، لا المُرْسَلينَ كلَّهُم؟! قلتُ: من كذَّب رسولًا واحدًا فقد كذَّب جميع الرُّسل؛ لاتفاقهم في دعوة النَّاس إلى توحيد اللَّهِ تعالى.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. كذّب: فعل ماض مبني على الفتح. اصحاب: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. الحجر: مضاف اليه مجرور بالكسرة. وأصحاب الحجر: هم: ثمود والحجر: واديهم.
  • ﴿ الْمُرْسَلِينَ:
  • مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     القصَّةُ الرابعةُ: أصحابُ الحِجْرِ (ثمودٌ)، أرسل اللهُ عز وجل لهم صالح عليه السلام ، فكذبوه، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [81] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ

التفسير :

[81] وآتينا قوم صالح آياتِنا الدالةَ على صحة ما جاءهم به صالح من الحق، ومن جملتها الناقة، فلم يعتبروا بها، وكانوا عنها مبتعدين معرضين.

{ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا} الدالة على صحة ما جاءهم به صالح من الحق التي من جملتها:تلك الناقة التي هي من آيات الله العظيمة.

{ فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} كبرا وتجبرا على الله

ثم بين- سبحانه- مظاهر هذا التكذيب لرسولهم- عليه السلام- فقال: وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ.

أى: وأعطينا قوم صالح- عليه السلام- آياتنا الدالة على صدقه وعلى أنه رسول من عندنا، والتي من بينها الناقة التي أخرجها الله- تعالى- لهم ببركة دعاء نبيهم فَكانُوا عَنْها أى عن هذه الآيات الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا مُعْرِضِينَ لا يلتفتون إليها، ولا يفكرون فيها، ولهذا عقروا الناقة وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.

وذكر تعالى أنه آتاهم من الآيات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح ، كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء صالح من صخرة صماء فكانت تسرح في بلادهم ، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم . فلما عتوا وعقروها قال لهم : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] وقال تعالى : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) [ فصلت : 17 ]

وقوله ( وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) يقول: وأريناهم أدلتنا وحججنا على حقيقة ما بعثنا به إليهم رسولنا صالحا، فكانوا عن آياتنا التي آتيناهموها معرضين لا يعتبرون بها ولا يتعظون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[81] ﴿وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ قال الرازي: «يدل على أن النظر والاستدلال واجب، وأن التقليد مذموم».

الإعراب :

  • ﴿ وَآتَيْناهُمْ:
  • الواو عاطفة. آتي: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و«نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ آياتِنا:
  • مفعول به ثان منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَكانُوا عَنْها:
  • الفاء: استئنافية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» الألف فارقة. عنها: جار ومجرور متعلق بخبر «كان».
  • ﴿

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     ولَمَّا كذبوا صالحًا عليه السلام ؛ أعطاهم اللهُ عز وجل آيات تدل على صدقه، ومن جملتها الناقة التي أخرجها اللهُ لهم ببركة دعاء نبيهم، فلم يعتبروا بها، قال تعالى:
﴿ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [82] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ..

التفسير :

[82] وكانوا ينحتون الجبال، فيتخذون منها بيوتاً، وهم آمنون من أن تسقط عليهم أو تخرب.

{ وَكَانُوا} من كثرة إنعام الله عليهم{ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ} من المخاوف مطمئنين في ديارهم، فلو شكروا النعمة وصدقوا نبيهم صالحا عليه السلام لأدرَّ الله عليهم الأرزاق، ولأكرمهم بأنواع من الثواب العاجل والآجل، ولكنهم -لما كذبوا وعقروا الناقة، وعتوا عن أمر ربهم وقالوا:{ يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين}

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر حضارتهم وتحصنهم في بيوتهم المنحوتة في الجبال فقال- تعالى- وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ.

وينحتون: من النحت وهو برى الحجر من وسطه أو جوانبه، لإعداده للبناء أو للسكن أى: وكانوا لقوتهم وغناهم يتخذون لأنفسهم بيوتا في بطون الجبال وهم آمنون مطمئنون، أو يقطعون الصخر منها ليتخذوه بيوتا لهم.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ ، أى: حاذقين في نحتها. وقوله- تعالى- وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً .

قال ابن كثير: ذكر- تعالى- أنهم كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ أى: من غير خوف ولا احتياج إليها، بل بطرا وعبثا، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر، الذي مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك فقنع رأسه- أى غطاها بثوبه- وأسرع دابته، وقال لأصحابه: «لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم» .

ولكن ماذا كانت نتيجة هذه القوة الغاشمة، والثراء الذي ليس معه شكر لله- تعالى- والإصرار على الكفر والتكذيب لرسل الله- تعالى-، والإعراض عن الحق ... ؟

وذكر تعالى : أنهم كانوا ( ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ) أي : من غير خوف ولا احتياج إليها ، بل أشرا وبطرا وعبثا ، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر ، الذي مر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ذاهب إلى تبوك فقنع رأسه وأسرع دابته ، وقال لأصحابه : " لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم "

يقول تعالى ذكره: وكان أصحاب الحجر، وهم ثمود قوم صالح، ( يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ) من عذاب الله، وقيل: آمنين من الخراب أن تخرب بيوتهم التي نحتوها من الجبال. وقيل: آمنين من الموت.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[82] ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾ ينحتونها بلا احتياج إليها، ولا خوفًا من خطر، بل بطرًا وعبثًا، كما هو المشاهد من بيوتهم بوادي الحجر.
وقفة
[82، 83] ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾ لا تغُرنَّك تحصيناتك مهما بلغت قوّتها؛ فالنقمة إن حان وقتها ستأتيك من حيث لا تحتسب ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ:
  • الواو: استئنافية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان والألف فارقة. ينحتون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. من الجبال: جار ومجرور متعلق بينحتون والجملة الفعلية «ينحتون» وما بعدها: في محل نصب خبر «كان».
  • ﴿ بُيُوتاً آمِنِينَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. آمنين: حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. أي آمنين من عذاب الله. '

المتشابهات :

الأعراف: 74﴿وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ
الحجر: 82﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ
الشعراء: 149﴿وَتَنْحِتُون مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز وجل أنهم كذبوا نبيَّهم صالحًا عليه السلام ، صفهم هنا بشدة اهتمامهم بالدنيا، فذكر بعض مظاهر حضارتهم وتحصنهم في بيوتهم المنحوتة في الجبال، قال تعالى:
﴿ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ينحتون:
1- بكسر الحاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة الحسن، وأبى حيوة.

مدارسة الآية : [83] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ

التفسير :

[83] فأخذتهم صاعقة العذاب وقت الصباح مبكرين.

{ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} فتقطعت قلوبهم في أجوافهم وأصبحوا في دارهم جاثمين هلكى، مع ما يتبع ذلك من الخزي واللعنة المستمرة

لقد بين القرآن عاقبة ذلك فقال: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ. فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ.

أى: فكانت نتيجة تكذيب أصحاب الحجر لرسولهم صالح- عليه السلام- أن أهلكهم الله- تعالى- وهم داخلون في وقت الصباح، عن طريق الصيحة الهائلة، التي جعلتهم في ديارهم جاثمين، دون أن يغنى عنهم شيئا ما كانوا يكسبونه من جمع الأموال، وما كانوا يصنعونه من نحت البيوت في الجبال.

وهكذا نرى أن كل وقاية ضائعة، وكل أمان ذاهب، وكل تحصن زائل أمام عذاب الله المسلط على أعدائه المجرمين.

وهكذا تنتهي تلك الحلقات المتصلة من قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم والتي تتفق جميعها في بيان سنة من سنن الله- تعالى- في خلقه، وهي أن النجاة والسعادة والنصر للمؤمنين، والهلاك والشقاء والهزيمة للمكذبين.

ثم ختمت السورة الكريمة ببيان كمال قدرة الله- تعالى-، وببيان جانب من النعم التي منحها- سبحانه- لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبتهديد المشركين الذين جعلوا القرآن عضين، والذين جعلوا مع الله إلها آخر، وبتسليته صلى الله عليه وسلم عما لحقه منهم من أذى، فقال- تعالى-:

وقوله : ( فأخذتهم الصيحة مصبحين ) أي : وقت الصباح من اليوم الرابع

وقوله ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ) يقول: فأخذتهم صيحة الهلاك حين أصبحوا من اليوم الرابع من اليوم الذي وُعدوا العذاب، وقيل لهم: تَمتَّعوا في داركم ثلاثة أيام.

التدبر :

وقفة
[83] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ﴾ قوة البناء والصناعة لا تُغْني شيئًا إذا وقع غضب الله.
وقفة
[83] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ﴾ أخذهم الله بالصيحة، وهي مجرد سبب، ولو شاء أهلكهم بغير سبب لفعل.
تفاعل
[83] ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
  • أعربت في الآية الكريمة الثالثة والسبعين. و «مصبحين» أي وهم داخلون في الصبح. '

المتشابهات :

الحجر: 73﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
الحجر: 83﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
المؤمنون: 41﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     ولَمَّا كذبوا نبيَّهم صالحًا عليه السلام ؛ أهلكهم اللهُ عز وجل وهم داخلون في وقت الصباح، قال تعالى:
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ ..

التفسير :

[84] فما دفع عنهم عذابَ الله الأموالُ والحصونُ في الجبال، ولا ما أُعطوه من قوة وجاه.

{ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} لأن أمر الله إذا جاء لا يرده كثرة جنود، ولا قوة أنصار ولا غزارة أموال.

لقد بين القرآن عاقبة ذلك فقال: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ. فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ.

أى: فكانت نتيجة تكذيب أصحاب الحجر لرسولهم صالح- عليه السلام- أن أهلكهم الله- تعالى- وهم داخلون في وقت الصباح، عن طريق الصيحة الهائلة، التي جعلتهم في ديارهم جاثمين، دون أن يغنى عنهم شيئا ما كانوا يكسبونه من جمع الأموال، وما كانوا يصنعونه من نحت البيوت في الجبال.

وهكذا نرى أن كل وقاية ضائعة، وكل أمان ذاهب، وكل تحصن زائل أمام عذاب الله المسلط على أعدائه المجرمين.

وهكذا تنتهي تلك الحلقات المتصلة من قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم والتي تتفق جميعها في بيان سنة من سنن الله- تعالى- في خلقه، وهي أن النجاة والسعادة والنصر للمؤمنين، والهلاك والشقاء والهزيمة للمكذبين.

ثم ختمت السورة الكريمة ببيان كمال قدرة الله- تعالى-، وببيان جانب من النعم التي منحها- سبحانه- لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبتهديد المشركين الذين جعلوا القرآن عضين، والذين جعلوا مع الله إلها آخر، وبتسليته صلى الله عليه وسلم عما لحقه منهم من أذى، فقال- تعالى-:

( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) أي : ما كانوا يستغلونه من زروعهم وثمارهم التي ضنوا بمائها عن الناقة ، حتى عقروها لئلا تضيق عليهم في المياه ، فما دفعت عنهم تلك الأموال ، ولا نفعتهم لما جاء أمر ربك .

وقوله ( فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) يقول: فما دفع عنهم عذاب الله ما كانوا يجترحون من الأعمال الخبيثة قبل ذلك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[84] ﴿فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ من الأموال، والحصون في الجبال، ولا ما أعطوه من القوة.

الإعراب :

  • ﴿ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما:
  • الفاء: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. أغنى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. عنهم: جار ومجرور متعلق بأغنى وهو في مقام المفعول به المقدم بمعنى فما نفعهم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ كانُوا يَكْسِبُونَ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: ما كانوا يكسبونه من بناء البيوت. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد ضمير منصوب محلا على أنه مفعول به. التقدير: ما كانوا يكسبونه. '

المتشابهات :

الشعراء: 207﴿ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ
الحجر: 84﴿ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ
الزمر: 50﴿قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ
غافر: 82﴿كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز وجل أنه أهلك ثمود؛ بَيَّنَ هنا أنه لم ينفعهم ما كانوا يكسبون من جمع الأموال، وما كانوا يصنعونه من نحت البيوت في الجبال، قال تعالى:
﴿ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [85] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا ..

التفسير :

[85] وما خلَقْنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق، دالتين على كمال خالقهما واقتداره، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له. وإن الساعة التي تقوم فيها القيامة لآتية لا محالة؛ لتوفَّى كل نفس بما عملت، فاعف -أيها الرسول- عَفْواً حَسَناً عن الم

أي:ما خلقناهما عبثا وباطلا كما يظن ذلك أعداء الله، بل ما خلقناهما{ إِلَّا بِالْحَقِّ} الذي منه أن يكونا بما فيهما دالتين على كمال خالقهما، واقتداره، وسعة رحمته وحكمته، وعلمه المحيط، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له،{ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ} لا ريب فيها لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس{ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} وهو الصفح الذي لا أذية فيه بل يقابل إساءة المسيء بالإحسان، وذنبه بالغفران، لتنال من ربك جزيل الأجر والثواب، فإن كل ما هو آت فهو قريب، وقد ظهر لي معنى أحسن مما ذكرت هنا.

وهو:أن المأمور به هو الصفح الجميل أي:الحسن الذي قد سلم من الحقد والأذية القولية والفعلية، دون الصفح الذي ليس بجميل، وهو الصفح في غير محله، فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة، وهذا هو المعنى.

فقوله- سبحانه- وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ توجيه للناس إلى التأمل في مظاهر قدرة الله- تعالى-، وإلى الحق الأكبر الذي قام عليه هذا الوجود، بعد أن بين- سبحانه- قبل ذلك، سنته التي لا تتخلف، وهي أن حسن العاقبة للمتقين، وسوء المصير للمكذبين.

والحق: هو الأمر الثابت الذي تقتضيه عدالة الله- تعالى- وحكمته.

والباء فيه للملابسة.

أى: وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما من كائنات لا يعلمها إلا الله، إلا خلقا ملتبسا بالحق الذي لا يحوم حوله باطل، وبالعدل الذي لا يخالطه جور وبالحكمة التي تتنزه عن العبث، وتأبى استمرار الفساد، واستبقاء ضعف الحق أمام الباطل.

والمراد بالساعة في قوله- تعالى-: وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ساعة البعث والحساب والثواب والعقاب في الآخرة.

أى: وإن ساعة إعطاء كل ذي حق حقه، ومعاقبة كل ذي باطل على باطله، لآتية لا ريب فيها، فمن فاته أخذ حقه في الدنيا فسيأخذه وافيا غير منقوص في الآخرة، ومن أفلت من عقوبة الدنيا فسينال ما هو أشد وأخزى منها في يوم الحساب.

فالجملة الكريمة انتقال من تهديد المجرمين بعذاب الدنيا، إلى تهديدهم بعذاب الآخرة، والمقصود من ذلك تسليته صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المكذبين من أذى.

وأكد- سبحانه- هذه الجملة بإن وبلام التوكيد، ليدل على أن الساعة آتية لا محالة، وليخرس ألسنة الذين ينكرون وقوعها وحدوثها ...

وجملة فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ تفريع على ما قبلها.

والصفح الجميل: ترك المؤاخذة على الذنب، وإغضاء الطرف عن مرتكبه بدون معاتبة.

أى: ما دام الأمر كما ذكرنا لك أيها الرسول الكريم- من أن هذا الكون قد خلقناه بالحق، ومن أن الساعة آتية لا ريب فيها ... فاصفح عن هؤلاء المكذبين لك صفحا جميلا، لا عتاب معه ولا حزن ولا غضب ... حتى يحكم الله بينك وبينهم.

وهذا التعبير فيه ما فيه من تسليته صلى الله عليه وسلم وتكريمه، لأنه- سبحانه- أمره بالصفح الجميل عن أعدائه، ومن شأن الذي يصفح عن غيره، أن يكون أقوى وأعز من هذا الغير- فكأنه- سبحانه- يقول له: اصفح عنهم فعما قريب ستكون لك الكلمة العليا عليهم.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى- فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ .

وقوله- سبحانه-: ... فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

يقول تعالى : ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق ) أي : بالعدل ; ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] وقال تعالى : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) وقال ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) [ المؤمنون : 115 - 116 ]

ثم أخبر نبيه بقيام الساعة ، وأنها كائنة لا محالة ، ثم أمره بالصفح الجميل عن المشركين ، في أذاهم له وتكذيبهم ما جاءهم به ، كما قال تعالى : ( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ) [ الزخرف : 89 ]

وقال مجاهد وقتادة وغيرهما : كان هذا قبل القتال . وهو كما قالا فإن هذه مكية ، والقتال إنما شرع بعد الهجرة .

يقول تعالى ذكره: وما خلقنا الخلائق كلها، سماءها وأرضَها، ما فيهما وما بينهما ، يعني بقوله ( وَمَا بَيْنَهُمَا ) مما في أطباق ذلك ( إِلا بِالْحَقِّ ) يقول: إلا بالعدل والإنصاف، لا بالظلم والجور ، وإنما يعني تعالى ذكره بذلك: أنه لم يظلم أحدا من الأمم التي اقتصّ قَصَصَهَا في هذه السورة ، وقصص إهلاكه إياها بما فعل به من تعجيل النقمة له على كفره به، فيعذّبه ويهلكه بغير استحقاق ، لأنه لم يخلق السموات والأرض وما بينهما بالظلم والجور، ولكنه خلق ذلك بالحقّ والعدل. وقوله ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن الساعة، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة لجائية، فارض بها لمشركي قومك الذين كذّبوك ، وردّوا عليك ما جئتهم به من الحقّ ، ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) يقول: فأعرض عنهم إعراضا جميلا واعف عنهم عفوًا حسنا وقوله ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ ) يقول تعالى ذكره: إن ربك هو الذي خلقهم وخلق كلّ شيء، وهو عالم بهم وبتدبيرهم ، وما يأتون من الأفعال ، وكان جماعة من أهل التأويل تقول: هذه الآية منسوخة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ثم نسخ ذلك بعد، فأمره الله تعالى ذكره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، لا يقبل منهم غيره.

حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) ، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ و قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ وهذا النحوُ كله في القرآن أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه، حتى أمره بالقتال، فنسخ ذلك كله. فقال وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ .

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: هذا قبل القتال.

حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال : ثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان بن عيينة، في قوله: ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) وقوله وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قال: كان هذا قبل أن ينـزل الجهاد. فلما أمر بالجهاد قاتلهم فقال: " أَنَا نَبِيُّ الرّحْمَةِ ونَبِيُّ المَلْحَمَةِ، وبُعِثْتُ بالحصادِ وَلمْ أبْعَثْ بالزِّرَاعَةِ".

التدبر :

وقفة
[85] ﴿وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق﴾، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ [الدخان: 38]، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾ [الأنبياء: 16]، ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ [ص: 27]: (الحق) نقيض (الباطل) و(اللعب)، فإذا أقيم الأمر على أساس الحق؛ فلا مجال للباطل واللعب حينئذ.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ المنشغلون بآخرتهم المهتمون بمعادهم لا وقت لديهم للعداوات والضغينة.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ من أحسن أعمالك عندما تأتي الساعة: الصفح الجميل.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ كلما زاد إيمان العبد بلقاء ربه زاد عفوه وصفحه وقلّ انتصاره لنفسه.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ المنشغلون بآخرتهم لا وقت لديهم للعداوات والضغينة والحقد والكراهـية وتوافه الأمور!
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ من أحسن أعمالك: العفو، والصَّفح الجميل.
اسقاط
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ المنشغلون بالقرآن وبآخرتهم والمهتمون بمعادهم لا وقت لديهم للعداوات والضغينة!
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ استحضار الرحيل يُعين على الصفح والتسامح والنسيان واجتناب المهاترات الكلامية.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ قيل لأبي الفضل يوسف بن مسرور: فلان يتكلم فيك، فقال: إنما مثلي ومثله كمثل رجل حمل لضرب عنقه، فقذفه رجل في الطريق، فقال لنفسه: أنت تحمل للقتل تسأل عمن يقع فيَّ؟! وأنا سائر إلى الموت لا أدري متى يأتيني! أسأل عمن يتكلم فيَّ؟! في الموت ما يشغلني عن ذلك.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ الدنيا زائلة، والحياة قصيرة، والموت آتٍ والساعة قريب، فاعفُ وأحسن، وأجرك على الله.
وقفة
[85] ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ من كان يحمل هم يوم القيامة؛ فلن يجد في صدره إلا الصفح لإخوانه المسلمين.
وقفة
[85] فى قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ تسلية لكل داعية.
وقفة
[85] مما يُعين على الصفح تذكّر الساعة وأهوالها ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾.
وقفة
[85] مما يحفزك على مقام العفو والصفح تذكرك ليوم القيامة، وأن الله لا يضيع عملك ﴿وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ۖ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾.
وقفة
[85] ما الفرق بين يعفو ويغفر ويصفح ويتوب ويسامح؟ (العفو) هو ترك العقوبة، تعفو عنه تترك العقوبة، وليس بالضرورة يحتمل ستر الذنب، (المغفرة) ستر الذنب، من غفر الشي أي ستره، (الصفح) ترك اللوم والتثريب، وهو أبلغ من العفو، فقد يعفو الإنسان ولا يعاقبه، ولكن لا يصفح وإنما يثرّبه يلومه ويعنفه، ولذلك قال تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، (التوبة) ترك الذنب، الإقلاع عن الذنب مع الندم والعزم على عدم العودة، (السماح) المسامحة هي المساهلة في اللغة.
وقفة
[85] ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ دون الصفح الذي ليس بجميل؛ وهو الصفح في غير محله، فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة؛ كعقوبة المعتدين الظالمين الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة.
وقفة
[85] ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ ما الصفح الجميل؟! هو الصفح الحسن الذي سَلِم من الحقد والأذية، ويكون في محلِّه، فلا يصفح حين اقتضى المقام العقوبة، كعقوبة المعتدين الظالمين الذين لا ينفع معهم إلا العقوبة.
وقفة
[85] ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ الترفع عن الضغينة خلق يدل على نبل النفس، وحتى لو لم يقدره الناس فلن يضيع عند رب الناس!
وقفة
[85] ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ قال ابن تيمية: «صفحٌ بلا عتاب تلك نفوس العظماء، لهم الحق في العتاب، فآثروا على ذلك التقرب بالصفح لرب الأرباب».
وقفة
[85] ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ الصفح يضيء به وجهك، ينير به محياك، تصبح به جميلًا حقًا.
وقفة
[85] ما من عقل سوي إلا وهو يحب الشيء الجميل، لكن المفرطين في تحصيله كثيرون! ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: 5]، ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: 10].
لمسة
[85] ما الفرق بين: (يغفر) و(يعفو) و(يتوب) و(يصفح) و(يسامح)؟ العفو: هو ترك العقوبة، تعفو عنه: تترك العقوبة، وليس بالضرورة يحتمل ستر الذنب، المغفرة: ستر الذنب، المغفرة ستر، من غفر الشيء أي ستره، الصفح: ترك اللوم والتثريب وهو أبلغ من العفو؛ فقد يعفو الإنسان ولا يعاقبه ولكن لا يصفح وإنما يثرّبه يلومه ويعنفه، ولذلك قال تعالى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، التوبة: ترك الذنب، الإقلاع عن الذنب مع الندم والعزم على عدم العودة، السماح: المسامحة هي المساهلة في اللغة.
وقفة
[85] فى أصعب اللحظات يريدك الله أن تكون جميلًا: ﴿وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: 10]، ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾، ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: 49]، ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: 5].

الإعراب :

  • ﴿ وَما خَلَقْنَا:
  • الواو: عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. خلق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ السَّماااتِ وَالْأَرْضَ:
  • مفعول به منصوب بالكسرة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها: الفتحة.
  • ﴿ وَما بَيْنَهُما:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على منصوب. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بفعل محذوف وجوبا تقديره: استقر. الهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الميم: حرف عماد-والألف علامة التثنية. وجملة «استقر بينهما» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ إِلاّ بِالْحَقِّ:
  • أداة حصر لا عمل لها. بالحق: جار ومجرور متعلق بصفة للمصدر. التقدير: إلاّ خلقا ملتبسا بالحق أو في محل نصب حال من ضمير «خلقنا أي ومعنا الحق.
  • ﴿ وَإِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ:
  • الواو: استئنافية. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الساعة: اسم «إنّ» منصوب بالفتحة. اللام ابتدائية-مزحلقة- للتوكيد. آتية: خبر «إنّ» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَاصْفَحِ:
  • الفاء استئنافية للتعليل. اصفح: أي اعف: فعل امر مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بمعنى: فأعرض عنهم واحتمل ما تلقى منهم.
  • ﴿ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ:
  • أي العفو الجميل. الصفح: مفعول مطلق منصوب بالفتحة. الجميل: صفة-نعت-للصفح منصوبة مثلها بالفتحة. '

المتشابهات :

الحجر: 85﴿وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ
الأحقاف: 3﴿ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى
الروم: 8﴿أَوَ لَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     وبعد ذِكْرِ القصَصِ السَّابقةِ تسليةً وتصْبِيرًا له صلى الله عليه وسلم على سفاهةِ قومِه، بَيَّنَ له هنا أنَّ السَّاعةَ آتيةٌ، وسوفَ ينتقمُ منهم، فإنَّه تعالى ما خلقَ السَّمواتِ والأرضَ وما بينهما إلَا بالحَقِّ والعَدلِ والإنصافِ، فكيف يَليقُ بحِكمتِه إهمالُ أمْرِك؟! قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ/ ولَمَّا صبَّرَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم على أذَى قَومِه؛ أمَرَه هنا بالصَّفحِ عن قومه، قال تعالى: /وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)
﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [86] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ

التفسير :

[86] إنَّ ربك هو الخلاق لكل شيء، العليم به، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يخفى عليه.

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ} لكل مخلوق{ الْعَلِيمُ} بكل شيء، فلا يعجزه أحد من جميع ما أحاط به علمه وجرى عليه خلقه، وذلك سائر الموجودات.

وقوله- سبحانه- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ تعليل للأمر بالصفح الجميل عنهم.

والخلاق والعليم: صيغتا مبالغة من الخلق والعلم، للدلالة على كثرة خلقه، وشمول علمه.

أى: إِنَّ رَبَّكَ أيها الرسول الكريم، الذي رباك برعايته وعنايته، واختارك لحمل رسالته هُوَ- سبحانه- الْخَلَّاقُ لك ولهم ولكل شيء في هذا الوجود.

الْعَلِيمُ بأحوالك وبأحوالهم، وبما يصلح لك ولهم ولكل الكائنات.

وقد علم- سبحانه- أن الصفح عنهم في هذا الوقت فيه المنفعة لك ولهم، فحقيق بك- أيها الرسول الكريم- أن تطيعه- سبحانه-، وأن تكل الأمور إليه.

ولقد تحقق الخير من وراء هذا التوجيه السديد من الله- تعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم فقد نرتب على هذا الصفح: النصر للنبي صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، والهداية لبعض الكافرين وهم الذين دخلوا في الإسلام بعد نزول هذه الآية، وصاروا قوة للدعوة الإسلامية بعد أن كانوا حربا عليها، وتحقق- أيضا- قوله صلى الله عليه وسلم: «لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله- عز وجل-» .

وقوله : ( إن ربك هو الخلاق العليم ) تقرير للمعاد ، وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة ، فإنه الخلاق الذي لا يعجزه خلق ما يشاء ، وهو العليم بما تمزق من الأجساد ، وتفرق في سائر أقطار الأرض ، كما قال تعالى : ( أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ) [ يس : 81 - 83 ] .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[86] ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾ خلقك وخلقهم، وهو العليم بحالك وحالهم، فلا يخفى عليه شيء مما جرى، وسيحكم بينكم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ رَبَّكَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك: اسم «إنّ» منصوب للتعظيم بالفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ:
  • هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الخلاق خبر «هو» مرفوع بالضمة. العليم: صفة-نعت- للخلاق أو خبر ثان للمبتدإ «هو» مرفوع بالضمة أي العليم بحالك وحالهم. والجملة الاسمية في محل رفع خبر «إنّ». '

المتشابهات :

الحجر: 86﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ
يس: 81﴿بَلَىٰ و هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يصفح عن قومه؛ بَيَّنَ هنا الحكمة: ربك هو الخلاق لك ولهم، العليم بأحوالك وأحوالهم، وبما يصلح لك ولهم، والناس ليسوا سواسية، فينبغي معاملتهم بالعفو والصفح ليهتدوا إلى طريق الحق بالتدريج، قال تعالى:
﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لخلاق:
وقرئ:
الخالق، وهى قراءة زيد بن على، والجحدري، والأعمش، ومالك بن دينار.

مدارسة الآية : [87] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي ..

التفسير :

[87] ولقد آتيناك -أيها النبي- فاتحة القرآن، وهي سبع آيات تكرر في كل صلاة، وآتيناك القرآن العظيم.

يقول تعالى ممتنًّا على رسوله{ ولقد آتيناك سبعا من المثاني} وهن -على الصحيح- السور السبع الطوال:"البقرة "و "آل عمران "و "النساء "و "المائدة "و "الأنعام "و "الأعراف "و "الأنفال "مع "التوبة "أو أنها فاتحة الكتاب لأنها سبع آيات، فيكون عطف{ القرآن العظيم} على ذلك من باب عطف العام على الخاص، لكثرة ما في المثاني من التوحيد، وعلوم الغيب، والأحكام الجليلة، وتثنيتها فيها.وعلى القول بأن "الفاتحة "هي السبع المثاني معناها:أنها سبع آيات، تثنى في كل ركعة، واذا كان الله قد أعطاه القرآن العظيم مع السبع المثاني كان قد أعطاه أفضل ما يتنافس فيه المتنافسون، وأعظم ما فرح به المؤمنون،{ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}

ثم أتبع- سبحانه- هذه التسلية والبشارة للرسول صلى الله عليه وسلم، بمنة ونعمة أجل وأعظم من كل ما سواها، ليزيده اطمئنانا وثقة بوعد الله- تعالى- فقال: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ.

والمراد بالسبع المثاني: صورة الفاتحة. وسميت بذلك، لأنها سبع آيات، ولأنها تثنى أى تكرر في كل ركعة من ركعات الصلاة.

قال صاحب الكشاف: والمثاني من التثنية وهي التكرير للشيء، لأن الفاتحة تكرر قراءتها في الصلاة. أو من الثناء، لاشتمالها على ما هو ثناء على الله- تعالى- ... » .

والمعنى: ولقد أعطيناك- أيها الرسول الكريم- سورة الفاتحة التي هي سبع آيات، والتي تعاد قراءتها في كل ركعة من ركعات الصلاة، وأعطيناك- أيضا- القرآن العظيم الذي يهدى للطريق التي هي أقوم.

وأوثر فعل آتَيْناكَ بمعنى أعطيناك على أوحينا إليك، أو أنزلنا عليك لأن الإعطاء أظهر في الإكرام والإنعام.

وقوله وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ معطوف على سَبْعاً من باب عطف الكل على الجزء، اعتناء بهذا الجزء.

ووصف- سبحانه- القرآن بأنه عظيم، تنويها بشأنه، وإعلاء لقدره.

ومما يدل على أن المراد بالسبع المثاني سورة الفاتحة ما أخرجه البخاري بسنده عن أبى سعيد بن المعلى قال: مربى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلى، فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: ما منعك أن تأتينى؟ فقلت: كنت أصلى.

فقال: ألم يقل الله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ.

ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟ ثم ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج، فذكرته فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته» .

وروى البخاري- أيضا- عن أبى هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أم القرآن هي:

السبع المثاني والقرآن العظيم» .

هذا، وهناك أقوال أخرى في المقصود بالسبع المثاني، ذكرها بعض المفسرين فقال:

اختلف العلماء في السبع المثاني: فقيل الفاتحة. قاله على بن أبى طالب، وأبو هريرة، والربيع بن أنس، وأبو العالية، والحسن وغيرهم. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ثابتة من حديث أبى بن كعب وأبى سعيد بن المعلى ...

وقال ابن عباس: هي السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال والتوبة معا ...

وأنكر قوم هذا وقالوا: أنزلت هذه الآية بمكة، ولم ينزل من السبع الطوال شيء إذ ذاك.

وقيل: المثاني القرآن كله، قال الله- تعالى- كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ. هذا قول الضحاك وطاوس، وقاله ابن عباس. وقيل له: مثاني، لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه..

وقيل: المراد بالسبع المثاني أقسام القرآن من الأمر والنهى والتبشير والإنذار..

ثم قال: والصحيح الأول لأنه نص. وقد قدمنا في الفاتحة أنه ليس في تسميتها بالمثاني ما يمنع من تسمية غيرها بذلك، إلا أنه إذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه نص في شيء لا يحتمل التأويل، كان الوقوف عنده .

والذي نراه، أن المقصود بالسبع المثاني هنا: سورة الفاتحة، لثبوت النص الصحيح بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتى ثبت النص الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم في شيء فلا كلام لأحد معه أو بعده صلى الله عليه وسلم.

يقول تعالى لنبيه : كما آتيناك القرآن العظيم ، فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها ، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه ، فلا تغبطهم بما هم فيه ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزنا عليهم في تكذيبهم لك ، ومخالفتهم دينك . ( واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) [ الشعراء : 215 ] أي : ألن لهم جانبك كما قال تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) [ التوبة : 128 ]

وقد اختلف في السبع المثاني : ما هي ؟

فقال ابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك وغير واحد : هي السبع الطول . يعنون : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس ، نص عليه ابن عباس ، وسعيد بن جبير .

وقال سعيد : بين فيهن الفرائض ، والحدود ، والقصص ، والأحكام .

وقال ابن عباس : بين الأمثال والخبر والعبر

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر قال : قال سفيان : ( المثاني ) المثنى : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال وبراءة سورة واحدة .

قال ابن عباس : ولم يعطهن أحد إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطي موسى منهن ثنتين .

رواه هشيم ، عن الحجاج ، عن الوليد بن العيزار عن سعيد بن جبير عنه .

[ و ] قال الأعمش ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوتي النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعا من المثاني الطول ، وأوتي موسى - عليه السلام - ستا ، فلما ألقى الألواح ارتفع اثنتان وبقيت أربع .

وقال مجاهد : هي السبع الطول . ويقال : هي القرآن العظيم .

وقال خصيف ، عن زياد بن أبي مريم في قوله تعالى : ( سبعا من المثاني ) قال : أعطيتك سبعة أجزاء : آمر ، وأنهى ، وأبشر وأنذر ، وأضرب الأمثال ، وأعدد النعم ، وأنبئك بنبأ القرآن . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم .

والقول الثاني : أنها الفاتحة ، وهي سبع آيات . روي ذلك عن عمر وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس . قال ابن عباس : والبسملة هي الآية السابعة ، وقد خصكم الله بها . وبه قال إبراهيم النخعي ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وابن أبي مليكة ، وشهر بن حوشب ، والحسن البصري ، ومجاهد .

وقال قتادة : ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب ، وأنهن يثنين في كل قراءة . وفي رواية : في كل ركعة مكتوبة أو تطوع .

واختاره ابن جرير ، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك ، وقد قدمناها في فضائل سورة " الفاتحة " في أول التفسير ، ولله الحمد .

وقد أورد البخاري - رحمه الله - هاهنا حديثين :

أحدهما : قال : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا غندر ، حدثنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد بن المعلى قال : مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي ، فدعاني فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال : " ما منعك أن تأتيني ؟ " . فقلت : كنت أصلي . فقال : " ألم يقل الله : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ) [ الأنفال : 24 ] ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد ؟ " فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخرج ، فذكرته فقال : " ( الحمد لله رب العالمين ) [ الفاتحة : 2 ] هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته "

[ و ] الثاني : قال : حدثنا آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، حدثنا المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أم القرآن هي : السبع المثاني والقرآن العظيم "

فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم ، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطول بذلك ، لما فيها من هذه الصفة ، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضا ، كما قال تعالى : ( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ) [ الزمر : 23 ] فهو مثاني من وجه ، ومتشابه من وجه ، وهو القرآن العظيم أيضا ، كما أنه - عليه السلام - لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى ، فأشار إلى مسجده ، والآية نزلت في مسجد قباء ، فلا تنافي ، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة ، والله أعلم .

اختلف أهل التأويل في معنى السبع الذي أتى الله نبيه صلى الله عليه وسلم من المثاني ، فقال بعضهم عني بالسبع: السبع السور من أوّل القرآن اللواتي يُعْرفن بالطول ، وقائلو هذه المقالة مختلفون في المثاني، فكان بعضهم يقول: المثاني هذه السبع، وإنما سمين بذلك لأنهن تُثْنَى فيهنّ الأمثالُ والخبرُ والعِبَر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن يونس، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: السبع الطُّوَل.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن سعيد الجريريّ، عن رجل، عن ابن عمر قال: السبع الطُّوَل.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يَمان، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: السبع الطُّوَل.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله.

حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن الحجاج، عن الوليد بن العيزار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: هنّ السبع الطُّوَل، ولم يُعطَهن أحد إلا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وأُعطيَ موسى منهنّ اثنتين.

حدثنا ابن وكيع، وابن حميد، قالا ثنا جرير، عن الأعمش، عن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أوتي النبيّ صلى الله عليه وسلم سبعا من المثاني الطُّوَل، وأوتي موسى ستا، فلما ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقيت أربع.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عليّ بن عبد الله بن جعفر، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة ، والأنعام، والأعراف. قال إسرائيل: وذكر السابعة فنسيتها.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: هي الطُّوَل: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: البقرة، وآل عمران، والنساء والمائدة والأنعام، والأعراف، ويونس، فيهنّ الفرائض والحدود.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، بنحوه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن ابن أبي خالد، عن خوّات، عن سعيد بن جبير، قال: السبع ، الطُّوَل.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال أبو بشر: أخبرنا عن سعيد بن جبير، قال: هنّ السبع الطُّوَل. قال: وقال مجاهد هن السبع الطُّوَل. قال: ويقال: هنّ القرآن العظيم.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا سعيد، عن جعفر، عن سعيد، في قوله ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة ، والأنعام، والأعراف، ويونس، تُثْنى فيها الأحكام والفرائض.

حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، قال: هن السبع الطُّوَل.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. قال: قلت: ما المثاني؟ قال: يثنى فيهنّ القضاء والقَصَص.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: السبع الطُّوَل.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أبو خالد القرشي، قال: ثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا أبو خالد، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثا ، عن مجاهد، قال: هي السبع الطُّوَل.

حدثنا الحسن بن محمد بن عبيد الله، قال: ثنا عبد الملك ، عن قيس، عن مجاهد، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: هي السبع الطُّوَل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، في قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: من القرآن السبع الطُّوَل السبع الأول

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل وابن نمير، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد، قال: هنّ السبع الطُّوَل.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال : ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: السبع الطُّوَل.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن نمير، عن سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: هي الأمثال والخَبَر والعِبَر.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن إسماعيل، عن خوّات، عن سعيد بن جبير، قال: هي السبع الطُّوَل، أعطِيَ موسى ستا، وأُعطِيَ محمد صلى الله عليه وسلم سبعا.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد، قال. سمعت الضحاك يقول، في قوله ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) يعني السبع الطُّوَل.

وقال آخرون: عني بذلك: سبع آيات ، وقالوا: هن آيات فاتحة الكتاب، لأنهنّ سبع آيات ، وهم أيضا مختلفون في معنى المثاني، فقال بعضهم: إنما سمين مثاني لأنهن يثنين في كلّ ركعة من الصلاة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: أخبرنا ابن علية، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، قال: قال رجل منا يقال له: جابر أو جويبر طلبت إلى عمر حاجة في خلافته، فقدمت المدينة ليلا فمثلت بين أن أتخذ منـزلا وبين المسجد، فاخترت المسجد منـزلا فأرقت نشوا من آخر الليل، فإذا إلى جنبي رجل يصلي يقرأ بأم الكتاب ، ثم يسبح قدر السورة ، ثم يركع ولا يقرأ، فلم أعرفه حتى جَهَر، فإذا هو عُمر، فكانت في نفسي، فغدوت عليه فقلت: يا أمير المؤمنين حاجة مع حاجة ، قال: هات حاجتك ، قلت: إني قدمت ليلا فمثلت بين أن أتخذ منـزلا وبين المسجد، فاخترت المسجد، فأرقت نَشْوا من آخر الليل، فإذا إلى جنبي رجل يقرأ بأم الكتاب ، ثم يسبح قدر السورة ثم يركع ولا يقرأ، فلم أعرفه حتى جَهَر، فإذا هو أنت، وليس كذلك نفعل قِبلَنَا. قال: وكيف تفعلون؟ قال: يقرأ أحدنا أمّ الكتاب، ثم يفتتح السورة فيقرؤها ، قال: ما لهم يعلَمُون ولا يعمَلُون ، ما لهم يعلَمون ولا يعمَلُون ، ما لهم يعلَمُون ولا يعمَلُون؟ وما تبغي عن السبع المثاني ، وعن التسبيح صلاة الخلق.

حدثني طُلَيق بن محمد الواسطيّ، قال: أخبرنا يزيد، عن الجريريّ، عن أبي نضرة، عن جابر أو جويبر ، عن عُمر بنحوه، إلا أنه قال: فقال يقرأ القرآن ما تيسر أحيانا، ويسبح أحيانا، ما لهم رغبة عن فاتحة الكتاب، وما يبتغي بعد المثاني ، وصلاة الخلق التسبيح.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن السديّ، عن عبد خير، عن عليّ، قال: السبع المثاني: فاتحة الكتاب.

حدثنا نصر بن عبد الرحمن، قال: ثنا حفص بن عمر، عن الحسن بن صالح وسفيان، عن السديّ، عن عبد خير، عن عليّ مثله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن السدي، عن عبد خير، عن عليّ مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي ، وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد جميعا، عن سفيان، عن السديّ، عن عبد خير، عن عليّ، مثله.

حدثنا أبو كريب " وابن وكيع " ، قالا ثنا ابن إدريس، قال: ثنا هشام، عن ابن سيرين، قال: سئل ابن مسعود عن سبع من المثاني، قال: فاتحة الكتاب.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب ، قال: وقال ابن سيرين عن ابن مسعود: هي فاتحة الكتاب.

حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن يونس، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب.

حدثني سعيد بن يحيى الأمَويُّ، قال: ثني أبي، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرنا أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال في قول الله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: هي فاتحة الكتاب ، فقرأها عليّ ستا، ثم قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الآية السابعة ، قال سعيد: وقرأها ابن عياش عليّ كما قرأها عليك، ثم قال الآية السابعة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فقال ابن عباس: قد أخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، أن أباه حدّثه، عن سعيد بن جبير، قال: قال لي ابن عباس: فاستفتح بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، ثم قرأ فاتحة الكتاب، ثم قال: تدري ما هذا( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ).

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) يقول : السبع: الحمد لله ربّ العالمين، والقرآن العظيم. ويقال: هنّ السبع الطول، وهن المئون.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس، قال: فاتحة الكتاب.

حدثني عمران بن موسى القزاز، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر وعن أبي فاختة في هذه الآية ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قالا هي أمّ الكتاب.

حدثني المثنى، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن السديّ عمن سمع عليا يقول: الحمد لله ربّ العالمين، هي السبع المثاني.

حدثنا أبو المثنى، قالا ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت العلاء بن عبد الرحمن، يحدّث عن أبيه، عن أبيّ بن كعب، أنه قال: السبع المثاني: الحمد لله ربّ العالمين.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، في قول الله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب سبع آيات ، قلت للربيع: إنهم يقولون: السبع الطول ، فقال: لقد أنـزلت هذه ، وما أنـزل من الطول شيء.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، قال: فاتحة الكتاب. قال: وإنما سميت المثاني لأنه يثني بها كلما قرأ القرآن قرأها ، فقيل لأبي العالية: إن الضحاك بن مزاحم يقول: هي السبع الطُول. فقال: لقد نـزلت هذه السورة سبعا من المثاني وما أنـزل شيء من الطُول.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا سفيان، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: فاتحة الكتاب.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان ، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي جميعا، عن سفيان، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، قال: فاتحة الكتاب.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم مثله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان ، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي ، وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد جميعا، عن هارون بن أبي إبراهيم البربري، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: السبع من المثاني: فاتحة الكتاب.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن ابن جريج، عن أبي مليكة ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال : فاتحة الكتاب. قال: وذكر فاتحة الكتاب لنبيكم صلى الله عليه وسلم لم تذكر لنبيّ قبله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، عن ليث ، عن شهر بن حوشب، في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب.

حدثني محمد بن أبي خداش، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا هارون البربري، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي في قول الله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: هي الحمد لله ربّ العالمين.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سألت الحسن، عن قوله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال : هي فاتحة الكتاب ، ثم سئل عنها وأنا أسمع، فقرأها: الحمد لله ربّ العالمين، حتى أتى على آخرها، فقال: تثنى في كلّ قراءة.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: فاتحة الكتاب.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن ليث، عن مجاهد، قال: فاتحة الكتاب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) ذكر لنا أنهنّ فاتحة الكتاب، وأنهن يثنين في كلّ قراءة.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر ، عن قتادة ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب تُثْنى في كل ركعة مكتوبة وتطوّع.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حماد بن زيد وحجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبي عن سعيد بن جبير، أنه أخبره أنه سأل ابن عباس عن السبع المثاني، فقال: أمّ القرآن ، قال سعيد: ثم قرأها، وقرأ منها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال أبي: قرأها سعيد كما قرأها ابن عباس، وقرأ فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قال سعيد: قلت لابن عباس: فما المثاني؟ قال: هي أمّ القران، استثناها الله لمحمد صلى الله عليه وسلم، فرفعها في أمّ الكتاب، فذخرها لهم حتى أخرجها لهم، ولم يُعطها لأحد قبله ، قال: قلت لأبي: أخبرك سعيد أن ابن عباس قال له: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، آية من القرآن؟ قال: نعم. قال ابن جريج: قال عطاء: فاتحة الكتاب، وهي سبع بـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، والمثاني: القرآن.

حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، أنه قال: السبع المثاني: أمّ القرآن.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد الله العتكي، عن خالد الحنفي قاضي مرو في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: فاتحة الكتاب.

وقال آخرون: عني بالسبع المثاني: معاني القرآن.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب الشهيد الشهيديّ، قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خَصِيف، عن زياد بن أبي مريم، في قوله ( سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال: أعطيتك سبعة أجزاء: مُرْ، وأنْهَ، وبَشرْ، وأنذِرْ، واضرب الأمثال، واعدُد النعم، وآتيتك نبأ القرآن.

وقال آخرون: من الذين قالوا عُنِي بالسبع المثاني فاتحة الكتاب المثاني هو القرآن العظيم.

* ذكر من قال ذلك

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن أبي مالك، قال: القرآن كله مثاني.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن حصين، عن أبي مالك، قال: القرآن كُلُّه مثاني.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عبيد أبو زيد، عن حصين، عن أبي مالك، قال: القرآن مثاني. وعدّ البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، وبراءة.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن جريج، عن مجاهد، وعن ابن طاوس، عن أبيه، قال: القرآن كله يُثْنَى.

حدثنا محمد بن سعد، قال: قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: المثاني: ما ثنى من القرآن، ألم تسمع لقول الله تعالى ذكره: اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ .

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: المثاني: القرآن، يذكر الله القصة الواحدة مرارا، وهو قوله نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: عني بالسبع المثاني: السبع اللواتي هنّ آيات أم الكتاب، لصحة الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حدّثنيه يزيد بن مخلد بن خِدَاش، الواسطي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمّ القُرآنِ السَّبْعُ المَثانِي الَّتِي أعْطِيتُها ".

حدثني أحمد بن المقدام العجلي، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا روح بن القاسم، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبيّ: " إنّي أُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنـزلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزَّبُورِ وَلا فِي الفُرْقانِ مِثْلُها قال نعم يا رسول الله ، قال : إنّي لأَرْجُو أنْ لا تَخْرُجَ مِنْ هَذَا البابِ حتى تَعْلَمَها ، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني، فجعلت أتباطأ مخافة أن يبلغ البابَ قبل أن ينقضي الحديث ، فلما دنوت قلت: يا رسول الله ما السورة التي وعدتني؟ قال: ما تَقرأُ فِي الصَّلاةِ؟ فقرأت عليه أمّ القرآن، فقال : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنـزلَ فِي التَّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الفُرْقان مِثْلُها ، إِنَّها السَّبْعُ مِن المَثاني والقُرآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ ".

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا زيد بن حباب العكلي، قال: ثنا مالك بن أنس، قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى لعروة، عن أبي سعيد مولى عامر بن فلان، أو ابن فلان، عن أبيّ بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " إذا افْتَتَحْت الصَّلاةَ بِم تَفْتَتِحُ ؟ قال: الحمد لله ربّ العالمين، حتى ختمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هِي السَّبْعُ المَثاني والقُرآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُعْطيتُ ".

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبيّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أُعَلِّمُك سُورَةً ما أُنـزل فِي التَّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ وَلا فِي الزَّبُورِ ، ولا فِي الفُرْقانِ مِثْلُها؟ قلت: بلى ، قال: إنّي لأَرْجُو أنْ لا تَخْرُج مِنْ ذَلِكَ البابِ حتى تَعْلَمَها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه، فجعل يحدثني ويده في يدي، فجعلت أتباطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرني بها ، فلما قرب من الباب قلت: يا رسول الله السورة التي وعدتني ، قال: " كَيْفَ تَقْرأ إذَا افْتَتَحْتَ الصَّلاةَ؟ قال: فقرأت فاتحة الكتاب ، قال: هِيَ هِيَ، وَهِيَ السَّبْعُ المَثانِي الَّتِي قال اللَّهُ تَعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) -الّذِي أُوتِيتَ .

حدثنا أبو كريب ، قال: ثنا المحاربيّ، عن إبراهيم بن الفضل المدنيّ، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الرِّكْعَتانِ اللَّتانِ لا يُقْرأُ فِيهِما كالخِدَاجِ لَمْ يُتِمَّا ، قال رجل: أرأيت إن لم يكن معي إلا أمّ القرآن؟ قال: " هي حسبك هِيَ أمُّ القُرآنِ، هِيَ السَّبْعُ المَثانِي" .

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن نمير، عن إبراهيم بن الفضل، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الرِّكْعةُ الَّتي لا يُقْرأُ فِيها كالخِدَاجِ" قلت لأبي هريرة: فإن لم يكن معي إلا أمّ القرآن؟ قال: هي حسبك، هي أمّ الكتاب، وأمّ القرآن، والسبع المثاني.

حدثني أبو كريب، قال: ثنا خالد بن مخلد، عن محمد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ ، ما أنـزلَ اللَّهُ فِي التَّوْراة وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزَّبُورِ وَلا فِي الفُرْقانِ مِثْلَها ، يعني أمّ القرآن ، وإنَّها لَهِيَ السَّبْعُ المَثانِي الَّتِي آتانِي اللَّهُ تَعالى ".

حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هِيَ أُمُّ القُرآنِ، وهِي فاتِحةُ الكِتابِ، وهِي السَّبْعُ المَثانِي".

حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يزيد بن هارون وشبابة، قالا أخبرنا ابن أبي ذئب، عن المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في فاتحة الكتاب قال: " هِي فاتِحةُ الكِتابِ وهِي السَّبْعُ المَثانِي والقُرآنُ العَظِيمُ".

حدثنا الحسن بن محمد، قال : ثنا عفان، قال: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: ثنا العلاء ، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبيّ بن كعب فقال: " أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورةً لَمْ يَنـزلْ فِي التَّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الفُرْقان مِثْلُها؟ قلت: نعم يا رسول الله ،قال: فَكَيْف تَقْرأُ فِي الصَّلاةِ؟ فقرأت عليه أمّ الكتاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنـزلَتْ سُورةٌ فِي التَّوْراةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزَّبُورِ وَلا فِي الفُرْقان مِثْلُها ، وإنَّها السَّبْعُ المَثاني والقُرآنُ العَظِيمُ ".

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا سعيد بن حبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم دعاه وهو يصلي، فصلى، ثم أتاه فقال: " ما مَنَعَكَ أنْ تُجِيبَنِي؟ قال: إني كنت أصلي، قال: ألَمْ يَقُلِ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآن ، فكأنه بينها أو نسي ، فقلت: يا رسول الله الذي قلت: قال: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ المَثانِي والقرآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ".

فإذا كان الصحيح من التأويل في ذلك ما قلنا للذي به استشهدنا، فالواجب أن تكون المثاني مرادا بها القرآن كله، فيكون معنى الكلام: ولقد آتيناك سبع آيات مما يَثْنِي بعض آيه بعضا. وإذا كان ذلك كذلك كانت المثاني: جمع مَثْناة، وتكون آي القرآن موصوفة بذلك، لأن بعضها يَثْنِي بعضا ، وبعضها يتلو بعضا بفصول تفصل بينها. فيعرف انقضاء الآية وابتداء التي تليها ، كما وصفها به تعالى ذكره فقال اللَّهُ نَـزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وقد يجوز أن يكون معناها كما قال ابن عباس والضحاك: ومن قال ذلك أن القرآن إنما قيل له مَثَانِي لأن القصص والأخبار كرّرت فيه مرّة بعد أخرى. وقد ذكرنا قول الحسن البصريّ أنها إنما سميت مَثاني لأنها تُثْنَي في كلّ قراءة، وقول ابن عباس: إنها إنما سميت مثاني، لأن الله تعالى ذكره استثناها لمحمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء غيره ، فادّخرها له.

وكان بعض أهل العربية ، يزعم أنها سميت مَثَانِيَ لأن فيها الرحمن الرحيم مرّتين، وأنها تُثْنَى في كلّ سورة، يعني: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .

وأما القول الذي اخترناه في تأويل ذلك، فهو أحد أقوال ابن عباس، وهو قول طاوس ومجاهد وأبي مالك، وقد ذكرنا ذلك قبل.

وأما قوله ( وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) فإن القرآن معطوف على السبع، بمعنى: ولقد آتيناك سبع آيات من القرآن ، وغير ذلك من سائر القرآن.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: سائره: يعني سائر القرآن مع السبع من المثاني.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) يعني: الكتاب كله.

التدبر :

وقفة
[87] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ من أحبه الله شَغَلَهُ بالباقيات الصالحات عن زينة الدنيا.
وقفة
[87] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ  وَأَنَا أُصَلِّي فَدَعَانِي ...، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ؟ فَذَهَبَ النَّبِيُّ  لِيَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ». [البخاري 4703].
عمل
[87] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ اقرأ سورة الفاتحة متدبرًا لها، واستخرج من كل آية فائدة.
وقفة
[87] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ عظيم العظماء وصف القرآن بأنه عظيم، أفـلا نُـــعـــظّـــمُــه؟
عمل
[87] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ قبل تصفحك لأي برنامج في الجهاز تصفح كتاب الله فيه، واقرأ ما تيسر لك، وبعدها تصفح ما تريد في جهازك وأنت مطمئن أن لا شيء يسبق القرآن إليك.
وقفة
[87] في الجزء ١٤ ذُكر الشّفاءان: القرآن الكريم: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾، والعسل: ﴿شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ﴾ [النحل: 69].
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾ من معاني المثاني أنه في كل آية من آيات الفاتحة مثاني، فيذكر فيها أمران متلازمان فتأملها.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾ من المثاني في السورة أنها قسمت بين العبد وربه كما في الحديث، فأولها لله ثناءٌ، وآخرها للعبد دعاءٌ.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2] فيها لفظ الجلالة الباعث على الرهبة، ولفظ الرب الباعث على الرغبة، وهما متلازمان.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: 3] فيها لفظ (الرحمن) الدال على اتصافه تعالى بالرحمة، و(الرحيم) الدال على أثر الصفة في خلقه، وهما متلازمان.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4] فيها قراءتان متواترتان، (ملك): تدل على ملكه وسلطانه وفيها ترهيب، (مالك): تدل على تصرفه وحكمه، وفيها ترغيب.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: 4] أي الجزاء، وهو يوم القيامة، وخص بالذكر لأنه لا ملك فيه لأحد إلا لله، بدليل: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: 16].
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5] الجمع بين العبادة والاستعانة مثاني، وهما متلازمتان، العبادة غاية، والاستعانة وسيلة لها.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6] لو استشعر القارئ لهذه الآية في الصلاة أنه يسأل ربه الهداية في كل أمر من أمور الحياة لكان عظيمًا.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6] الصراط فيه مثانٍ من جهة أنه دال الى صراط الدين، وصراط الآخرة، وهما متلازمان.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6] الحياة مشوار وليست محطة وصول، سنظل نمشى المهم أن نكون على الطريق.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 7] فيها مثانٍ بذكر صراط المؤمنين وصراط المخالفين، وهما متضادان.
وقفة
[87] ﴿سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي﴾، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 7] فيها مثانٍ بذكر الفريقين، المغضوب عليهم: علموا ولم يعملوا، والضالين: عملوا بلا علم.
وقفة
[87، 88] عن سفيان بن عيينة قال: من أعطي القرآن فمد عينه إلى شيء مما صغر القرآن فقد خالف القرآن، ألم تسمع قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾، وقوله: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 131] يعني: القرآن.
وقفة
[87، 88] ماذا لو خوطب أحد الناس بأنه يؤثر الحقير على العظيم؟ تأمل هذه الآية لتدرك كم هم المتصفون بذلك حين عكسوا المنة الربانية التي امتن بها ربنا على رسوله ﷺ، وهي منة على أمته: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ ﴾.
وقفة
[87، 88] لن يتعلق بالدنيا من عمر قلبه القرآن ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾.
وقفة
[87، 88] اختار الله عز وجل لرسوله ﷺ من الخير أشرفه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾، ونهاه عن الدنيا ومتاعها: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾، فلك في رسول الله أسوة حسنة.
وقفة
[87، 88] ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ لا تفكّر في المليارات وعندك الفاتحة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ آتَيْناكَ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. آتى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف: ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى: منحناك.
  • ﴿ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة لحذف المضاف اليه بتقدير: سبع آيات أو سبع سور من المثاني: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «سبعا و» «من» تبعيضية أو تكون بيانية بتقدير: سبعا هي المثاني.
  • ﴿ وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ:
  • معطوف بالواو على منصوب أو هو مفعول به لفعل محذوف أي وآتيناك. القرآن العظيم: صفة-نعت-للقرآن منصوب مثله بالفتحة والتثنية و «المثاني» التي تثنى أي ان كل ذلك مثنى تكرر قراءته. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِّنَ المَثانِي والقُرْآنَ العَظِيمَ﴾ قالَ الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: إنَّ سَبْعَ قَوافِلَ وافَتْ مِن بُصْرى وأذْرِعاتٍ لِيَهُودِ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ في يَوْمٍ واحِدٍ فِيها أنْواعٌ مِنَ البَزِّ وأوْعِيَةُ الطِّيبِ والجَواهِرُ وأمْتِعَةُ البَحْرِ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: لَوْ كانَتْ هَذِهِ الأمْوالُ لَنا لَتَقَوَّيْنا بِها، وأنْفَقْناها في سَبِيلِ اللَّهِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، وقالَ: لَقَدْ أعْطَيْتُكم سَبْعَ آياتٍ هي خَيْرٌ لَكم مِن هَذِهِ السَّبْعِ القَوافِلِ. ويَدُلُّ عَلى صِحَّةِ هَذا قَوْلُهُ تَعالى عَلى أثَرِها: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِّنْهُمْ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     ولَمَّا صبَّرَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم على أذَى قَومِه، وأمَرَه بأن يصفَحَ الصَّفحَ الجميلَ؛ أتبعَ ذلك بذِكرِ النِّعَمِ العظيمةِ التي خَصَّه اللهُ تعالى بها؛ لأنَّ الإنسانَ إذا تذكَّرَ كَثرةَ نِعَمِ الله عليه، سَهُلَ عليه الصَّفحُ والتَّجاوُزُ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

والقرآن:
قرئ:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
2- بالخفض، عطفا على المثاني، وهى قراءة فرقة.

مدارسة الآية : [88] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا ..

التفسير :

[88] لا تنظر بعينيك وتتمنَّ ما مَتَّعْنا به أصنافاً من الكفار مِن مُتَع الدنيا، ولا تحزن على كفرهم، وتواضَعْ للمؤمنين بالله ورسوله.

{ لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} أي:لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون، واغترَّ بها الجاهلون، واستغن بما آتاك الله من المثاني والقرآن العظيم،{ ولا تحزن عليهم} فإنهم لا خير فيهم يرجى، ولا نفع يرتقب، فلك في المؤمنين عنهم أحسن البدل وأفضل العوض،{ واخفض جناحك للمؤمنين} أي:ألن لهم جانبك، وحسِّن لهم خلقك، محبة وإكراما وتودُّدا

ثم نهى الله- تعالى- المسلمين في شخص نبيهم صلى الله عليه وسلم عن التطلع إلى زينة الحياة الدنيا، فقال- تعالى-: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ...

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف وصل هذا بما قبله؟

قلت: يقول الله- تعالى- لرسوله صلى الله عليه وسلم: قد أوتيت النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي إليها حقيرة ضئيلة، وهي القرآن العظيم، فعليك أن تستغني به، ولا تمدن عينيك إلى متاع الدنيا ...

قال أبو بكر الصديق من أوتى القرآن، فرأى أن أحدا أوتى من الدنيا أفضل مما أوتى، فقد صغر عظيما، وعظم صغيرا» .

وقال ابن كثير: وقال ابن أبى حاتم: ذكر عن وكيع بن الجراح، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبى رافع صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفا، ولم يكن عنده صلى الله عليه وسلم شيء يصلحه، فأرسل إلى رجل من اليهود:

يقول لك محمد رسول الله: أسلفنى دقيقا إلى هلال رجب. قال اليهودي: لا إلا برهن. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: أما والله إنى لأمين من في السماء، وأمين من في الأرض، ولئن أسلفنى أو باعني لأؤدين إليه. فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية. «لا تمدن عينيك» كأنه- سبحانه- يعزيه عن الدنيا» .

وقوله- سبحانه- تَمُدَّنَّ من المد، وأصله الزيادة. واستعير هنا للتطلع إلى ما عند الغير برغبة وتمن وإعجاب. يقال: مد فلان عينه إلى مال فلان، إذا اشتهاه وتمناه وأراده.

والمراد بالأزواج: الأصناف من الكفار الذين متعهم الله بالكثير من زخارف الدنيا.

والمعنى: لا تحفل- أيها الرسول الكريم- ولا تطمح ببصرك طموح الراغب في ذلك المتاع الزائل، الذي متع الله- تعالى- به أصنافا من المشركين فإن ما بين أيديهم منه شيء سينتهي عما قريب، وقد آتاهم الله- تعالى- إياه على سبيل الاستدراج والإملاء، وأعطاك ما هو خير منه وأبقى، وهو القرآن العظيم.

قال صاحب الظلال: والعين لا تمتد. إنما يمتد البصر أى: يتوجه. ولكن التعبير التصويرى يرسم صورة العين ذاتها ممدودة إلى المتاع. وهي صورة طريفة حين يتخيلها المتخيل..

والمعنى وراء ذلك، ألا يحفل الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك المتاع الذي آتاه الله- تعالى- لبعض الناس ... ولا يلقى إليه نظرة اهتمام، أو نظرة استجمال، أو نظرة تمن» .

وقال- سبحانه- هنا لا تَمُدَّنَّ ... بدون واو العطف، وقال في سورة طه وَلا تَمُدَّنَّ ... بواو العطف، لأن الجملة هنا مستأنفة استئنافا بيانيا، جوابا لما يختلج في نفوس بعض المؤمنين من تساؤل عن أسباب الإملاء والعطاء الدنيوي لبعض الكافرين. ولأن الجملة السابقة عليها وهي قوله وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ... كانت بمنزلة التمهيد لها، والإجمال لمضمونها.

أما في سورة طه، فجملة وَلا تَمُدَّنَّ ... معطوفة على ما سبقها من طلب وهو قوله- تعالى- فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها، وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى. وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً ... .

وقوله- سبحانه- وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ نهى له صلى الله عليه وسلم عن الاهتمام بالمصير السيئ الذي ينتظر أعداءه.

أى: ولا تحزن- أيها الرسول الكريم- لكفر من كفر من قومك، أو لموتهم على ذلك، أو لأعراضهم عن الحق الذي جئتهم به، فإن القلوب بأيدينا نصرفها كيف نشاء، أما أنت فعليك البلاغ.

وقوله- سبحانه- وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ بيان لما يجب عليه نحو أتباعه، بعد بيان ما يجب عليه نحو أعدائه.

وخفض الجناح كناية عن اللين والمودة والعطف.

أى: وكن متواضعا مع أتباعك المؤمنين، رءوفا بهم، عطوفا عليهم.

قال الشوكانى: وخفض الجناح كناية عن التواضع ولين الجانب ... وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إليه بسط جناحه ثم قبض على الفرخ، فجعل ذلك وصفا لتواضع الإنسان لأتباعه ... والجناحان من ابن آدم: جانباه .

وقوله : ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) أي : استغن بما آتاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية .

ومن هاهنا ذهب ابن عيينة إلى تفسير الحديث الصحيح : " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " إلى أنه يستغنى به عما عداه ، وهو تفسير صحيح ، ولكن ليس هو المقصود من الحديث ، كما تقدم في أول التفسير .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر عن وكيع بن الجراح ، حدثنا موسى بن عبيدة ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي رافع صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أضاف النبي - صلى الله عليه وسلم - ضيفا ولم يكن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء يصلحه ، فأرسل إلى رجل من اليهود : يقول لك محمد رسول الله : أسلفني دقيقا إلى هلال رجب . قال : لا إلا برهن . فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - [ فأخبرته ] فقال : " أما والله إني لأمين من في السماء وأمين من في الأرض ولئن أسلفني أو باعني لأؤدين إليه " . فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) إلى آخر الآية . [ طه : 131 ] كأنه يعزيه عن الدنيا

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( لا تمدن عينيك ) قال : نهي الرجل أن يتمنى مال صاحبه .

وقال مجاهد : ( إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) هم الأغنياء .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تتمنينّ يا محمد ما جعلنا من زينة هذه الدنيا متاعا للأغنياء من قومك ، الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، يتمتعون فيها، فإن مِنْ ورائهم عذابًا غليظًا( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ) يقول: ولا تحزن على ما مُتعوا به فعجّل لهم. فإن لك في الآخرة ما هو خير منه، مع الذي قد عَجَّلنا لك في الدنيا من الكرامة بإعطائنا السبع المثاني والقرآن العظيم ، يقال منه: مَدَّ فلانٌ عينه إلى مال فلان: إذا اشتهاه وتمناه وأراده.

وذُكر عن ابن عيينة أنه كان يتأوّل هذه الآية قولَ النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقُرآن ": أي من لم يستغن به، ويقول: ألا تراه يقول وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ * لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ فأمره بالاستغناء بالقرآن عن المال ، قال: ومنه قول الآخر: من أوتي القرآن ، فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظَّم صغيرا وصغَّر عظيما.

وبنحو الذي قلنا في قوله ( أزْوَاجًا )قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ) : الأغنياء الأمثال الأشباه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد، مثله.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي ، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ ) قال: نُهِيَ الرجل أن يتمنى مال صاحبه.

وقوله ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وألِن لمن آمن بك ، واتبعك واتبع كلامك، وقرِّبهم منك، ولا تجف بهم، ولا تَغْلُظ عليهم ، يأمره تعالى ذكره بالرفق بالمؤمنين ، والجناحان من بني آدم: جنباه، والجناحان: الناحيتان، ومنه قول الله تعالى ذكره وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ قيل: معناه: إلى ناحيتك وجنبك.

التدبر :

وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ أي: لا تنظر إلى ما متعناهم به في الدنيا؛ كأنه يقول: قد آتيناك السبع المثاني، والقرآن العظيم؛ فلا تنظر إلى الدنيا؛ فإن الذي أعطيناك أعظم منها.
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ بعض نظرات العين مثل (مد اليد) فلا تنظر لدنيا غيرك بجشع ولا حسد.
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ عيوننا هي التي تسرق قلوبنا للتعلق بالدنيا، ندور ننظر نتمعن في القصور والدور والمراكب والمتاجر، ثم نريد أن نكون زهادًا!
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾ من الآداب غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها.
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾ علام تحسر الإمام أحمد؟ قال الإمام أحمد: «عزيز علىَّ أن تذيب الدنيا أكباد رجال وعت صدورهم القرآن».
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾ الخطاب له عليه الصلاة والسلام والمراد أمته؛ لأنه كان أبعد ما يكون عن إطالة النظر إلى زينة الدنيا وزخارفها، وكيف وهو القائل: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكْرَ اللهِ وَمَا وَالاَهُ، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا» [ابن ماجة 4112، وحسنه الألباني].
وقفة
[88] ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ: ﺿَﺒﻂ ﺻﻮﺗﻨﺎ: ﴿وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ [لقمان: 19]، وضبط مجالسنا: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾ [الحجرات: 12]، ﻭﺿﺒﻂ ﻣﺸﻴﺘﻨﺎ: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ [لقمان: 37]، ﻭﺿﺒﻂ ﻧﻈﺮﺍﺗﻨﺎ: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ﴾، ﻭﺿﺒﻂ ﺳﻤﻌﻨﺎ: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12]، ﻭﺿﺒﻂ ﻃﻌﺎﻣﻨﺎ: ﴿وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: 31]، ﻭﺿﺒﻂ ﺃﻟﻔﺎﻇﻨﺎ: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83]؛ ﻓﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻔﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻀﺒﻂ ﺣﻴﺎﺗﻚ.
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ لا تنبهر بمتاع الدنيا الزائل؛ فحفظ دينك وقرآنك هو أهم ما في الحياة.
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ لا يطمح بصر المؤمن إلى زخارف الدنيا وعنده معارف المولى عز وجل.
وقفة
[88] ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ على المؤمن أن يكون بعيدًا من المشركين، ولا يحزن إن لم يؤمنوا، قريبًا من المؤمنين، متواضعًا لهم، محبًّا لهم ولو كانوا فقراء.
وقفة
[88] ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ آذوه ﷺ ومع ذلك حَزن (عليهم) لا (منهم)! صلوا عليه وسلموا تسليمًا.
وقفة
[88] ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ما أجمل هذا التشبيه! هذا ما ينبغي أن يكون عليه تعامل المؤمن مع المؤمن.
وقفة
[88] ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ التواضع يخفي العيوب؛ من خفض جناحه وتواضع اختفت عيوبه تحت جناحه.
وقفة
[88] ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، بينما في حق الوالدين: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ [الإسراء: 24]؛ تأمل الفرق لتعرف عظم حق الوالدين.
وقفة
[88] ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ بلين جانبك ولطف خطابك لهم وتوددك إليهم وحسن خلقك والإحسان التام بهم، خطابٌ للنبي نحن أحرى بامتثاله.
وقفة
[88] ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: ألِن جانبك لمن آمن بك، وتواضع لهم؛ وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه بسط جناحه ثم قبضه على الفرخ، فجعل ذلك وصفًا لتقريب الإنسان أتباعه.
عمل
[88] ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ عامل إخوانك المسلمين-خاصة الخدم والعمال- بلطف وبشاشة.
وقفة
[88] لا يمكنك حب إنسان دون أن تكون ضعيفًا أمامه؛ تنازل، تغافل، تراجع، تضحية ... الخ، لذلك لا تجتمع الصرامة مع العلاقات ذات الطبيعة الجيدة ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
وقفة
[88، 89] ما أعظمه من خلق ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ﴾ ويفسره قوله: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 54].

الإعراب :

  • ﴿ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ:
  • لا: أداة نهي وجزم. تمدنّ: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عينيك: مفعول به منصوب بالياء لأنه مثنى وحذفت نونه للاضافة. الكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه.
  • ﴿ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْااجاً مِنْهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بتمدنّ. ما: اسم موصول في محل جر بإلى. متع: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و«نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. به: جار ومجرور متعلق بمتعنا. أزواجا: مفعول به منصوب بالفتحة. منهم: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أزواجا» وجملة «متعنا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ:
  • الواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تحزن: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بتحزن.
  • ﴿ وَاخْفِضْ جَناحَكَ:
  • الواو عاطفة. اخفض: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. جناحك: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: وتواضع.
  • ﴿ لِلْمُؤْمِنِينَ:
  • جار ومجرور وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. أي للمؤمنين بك. '

المتشابهات :

الحجر: 88﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ
النحل: 127﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ
النمل: 70﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِّنَ المَثانِي والقُرْآنَ العَظِيمَ﴾ قالَ الحُسَيْنُ بْنُ الفَضْلِ: إنَّ سَبْعَ قَوافِلَ وافَتْ مِن بُصْرى وأذْرِعاتٍ لِيَهُودِ قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ في يَوْمٍ واحِدٍ فِيها أنْواعٌ مِنَ البَزِّ وأوْعِيَةُ الطِّيبِ والجَواهِرُ وأمْتِعَةُ البَحْرِ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: لَوْ كانَتْ هَذِهِ الأمْوالُ لَنا لَتَقَوَّيْنا بِها، وأنْفَقْناها في سَبِيلِ اللَّهِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، وقالَ: لَقَدْ أعْطَيْتُكم سَبْعَ آياتٍ هي خَيْرٌ لَكم مِن هَذِهِ السَّبْعِ القَوافِلِ. ويَدُلُّ عَلى صِحَّةِ هَذا قَوْلُهُ تَعالى عَلى أثَرِها: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أزْواجًا مِّنْهُمْ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولَمَّا عرَّفَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم عِظَمَ نِعَمِه عليه فيما يتعَلَّقُ بالدِّينِ، وهو أنَّه آتاه الفاتحةَ والقُرآنَ العظيمَ؛ نهاه هنا عن الرَّغبةِ في الدُّنيا، وحظَرَ عليه أن يمُدَّ عَينَيه إليها رغبةً فيها، قال تعالى:
﴿ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [89] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ

التفسير :

[89]وقل:إني أنا المنذر الموضِّح لما يهتدي به الناس إلى الإيمان بالله رب العالمين، ومنذركم أن يصيبكم العذاب.

{ وقل إني أنا النذير المبين} أي:قم بما عليك من النذارة وأداء الرسالة والتبليغ للقريب والبعيد والعدو والصديق، فإنك إذا فعلت ذلك فليس عليك من حسابهم من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء.

وقوله- سبحانه-: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ معطوف على ما قبله.

أى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- على مصير الكافرين، وتواضع لأتباعك المؤمنين، وقل للناس جميعا ما قاله كل نبي قبلك لقومه: إنى أنا المنذر لكم من عذاب الله إذا ما بقيتم على كفركم، الموضح لكم كل ما يخفى عليكم.

فالنذير هنا بمعنى المنذر، والمبين بمعنى الكاشف والموضح.

وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قومه فقال: يا قوم، إنى رأيت الجيش بعيني، وإنى أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا، وانطلقوا على مهلهم فنجوا.

وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعنى واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق» .

يأمر تعالى نبيه - صلوات الله وسلامه عليه - أن يقول للناس : إنه ( النذير المبين ) البين النذارة ، نذير للناس من عذاب أليم أن يحل بهم على تكذيبه كما حل بمن تقدمهم من الأمم المكذبة لرسلها، وما أنزل الله عليهم من العذاب والانتقام .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد للمشركين: إني أنا النذير الذي قد أبان إنذاره لكم من البلاء والعقاب أن ينـزل بكم من الله على تماديكم في غيكم ، كما أنـزلنا على المقتسمين: يقول: مثل الذي أنـزل الله تعالى من البلاء والعقاب على الذين اقتسموا القرآن، فجعلوه عِضين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[89] ﴿وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ﴾ أعظم إعلان نبوي في القرآن, صَلَّى عليك الله يا أعظم نذير وأبلغ مبين.

الإعراب :

  • ﴿ وَقُلْ:
  • الواو: عاطفة: قل: فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت أي وقل لهم.
  • ﴿ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول- إنّي: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ» أنا ضمير متكلم منفصل مبني على السكون في محل نصب توكيد لضمير المتكلم الياء في «انّي».النذير: خبر «إنّ» مرفوع بالضمة. المبين: صفة-نعت-للنذير مرفوعة مثله بالضمة اي أنذركم بعذاب أليم أو يكون أنا في محل رفع مبتدأ و «النذير» خبرا للمبتدإ «أنا» والجملة الاسمية في محل رفع خبر انّ. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم بألا يَحزَنَ على مَن لم يُؤمِنْ، وأمَرَه بخَفضِ جَناحِه للمُؤمِنينَ؛ أمَرَه أن يُعلِمَ المؤمنينَ وغَيرَهم أنَّه هو النَّذيرُ المُبينُ؛ لئلَّا يظُنَّ المؤمِنونَ أنَّهم لَمَّا أُمِرَ بخَفضِ جَناحِه لهم، خَرَجوا مِن عُهدةِ النِّذارةِ، قال تعالى:
﴿ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [90] :الحجر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ

التفسير :

[90] كما أنزله الله على الذين قسَّموا القرآن، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه الآخر من اليهود والنصارى وكفار قريش.

وقوله:{ كما أنزلنا على المقتسمين} أي:كما أنزلنا العقوبة على المقتسمين على بطلان ما جئت به، الساعين لصد الناس عن سبيل الله.

ثم هدد- سبحانه- الذين يحاربون دعوة الحق، ويصفون القرآن بأوصاف لا تليق به فقال- تعالى-: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ. الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ..

والكاف في قوله كَما للتشبيه، وما موصوله أو مصدرية وهي المشبه به أما المشبه فهو الإيتاء المأخوذ من قوله- تعالى- وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي.

ولفظ «المقتسمين» افتعال من القسم بمعنى تجزئة الشيء وجعله أقساما..

والمراد بهم بعض طوائف أهل الكتاب، الذين آمنوا ببعضه وكفروا بالبعض الآخر.

أو المراد بهم- كما قال ابن كثير: «المقتسمين» أى المتحالفين، أى الذين تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم ... » .

ولفظ «عضين» جمع عضة- بزنة عزة-، وهي الجزء والقطعة من الشيء. تقول:

عضيت الشيء تعضية، أى: فرقته وجعلته أجزاء كل فرقة عضة.

قال القرطبي ما ملخصه: وواحد العضين عضة، من عضيت الشيء تعضية أى فرقته، وكل فرقة عضة. قال الشاعر: وليس دين الله بالمعضى. أى: بالمفرق.

والعضة والعضين في لغة قريش السحر. وهم يقولون للساحر عاضه، وللساحرة عاضهة ...

وفي الحديث: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة أى الساحرة والمستسحرة..

وقيل: هو من العضة، وهي التميمة. والعضيهة: البهتان.. يقال: أعضهت يا فلان أى:

جئت بالبهتان» .

والمعنى: ولقد آتيناك- أيها الرسول الكريم- السبع المثاني والقرآن العظيم، مثل ما أنزلنا على طوائف أهل الكتاب المقتسمين، أى الذين قسموا كتابهم أقساما، فأظهروا قسما وأخفوا آخر، والذين جعلوا- أيضا- القرآن أقساما، فآمنوا ببعضه، وكفروا بالبعض الآخر.. فجعله الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ بيان وتوضيح للمقتسمين.

ومنهم من يرى أن قوله- تعالى- كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ... متعلق بقوله- تعالى- قبل ذلك، وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ، فيكون المشبه الإنذار بالعقاب المفهوم من الآية الكريمة. وأن المراد بالمقتسمين: جماعة من مشركي قريش، قسموا أنفسهم أقساما لصرف الناس عن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم.

والمعنى: وقل- أيها الرسول الكريم- إنى أنا النذير المبين لكم من عذاب مثل عذاب المقتسمين ...

وقد فصل الإمام الآلوسى القول عند تفسيره لهاتين الآيتين فقال ما ملخصه: قوله- تعالى- كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ... متعلق بقوله- تعالى- وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً ... على أن يكون في موضع نصب نعتا لمصدر من آتينا محذوف أى: آتيناك سبعا من المثاني إيتاء كما أنزلنا، وهو في معنى: أنزلنا عليك ذلك إنزالا كإنزالنا على أهل الكتاب

وقوله : ( المقتسمين ) أي : المتحالفين ، أي : تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم ، كما قال تعالى إخبارا عن قوم صالح أنهم : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) [ النمل : 46 ] أي : نقتلهم ليلا قال مجاهد : تقاسموا : تحالفوا .

( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) [ النحل : 38 ] ( أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ) [ إبراهيم : 44 ] ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ) [ الأعراف : 49 ] فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء إلا أقسموا عليه ، فسموا مقتسمين .

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : المقتسمون أصحاب صالح ، الذين تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله .

وفي الصحيحين ، عن أبي موسى [ الأشعري ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به ، كمثل رجل أتى قومه فقال : يا قوم ، إني رأيت الجيش بعيني ، وإني أنا النذير العريان ، فالنجاء النجاء ! فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا ، وانطلقوا على مهلهم فنجوا ، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم ، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق "

ثم اختلف أهل التأويل في الذين عُنُوا بقوله ( الْمُقْتَسِمِينَ )، فقال بعضهم: عني به: اليهود والنصارى، وقال: كان اقتسامهم أنهم اقتسموا القرآن وعضوه ، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عيسى بن عثمان الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عباس، في قول الله: كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: هم اليهود والنصارى، آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض.

حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم ، قالا ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب، جزّءوه فجعلوه أعضاء أعضاء، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه.

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، في قوله كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: الذين آمنوا ببعض، وكفروا ببعض.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال: ( الْمُقْتَسِمِينَ ) أهل الكتاب.( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قال: يؤمنون ببعض، ويكفرون ببعض.

حدثني مطر بن محمد الضَّبِّيُّ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، أنه قال في قوله ( كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قال: هم أهل الكتاب.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: هم أهل الكتاب، آمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه.

حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس، في قوله ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قال: هم أهل الكتاب جزّءوه فجعلوه أعضاء، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه.

حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم ، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: جزّءوه فجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور.

حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، قال: هم أهل الكتاب.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال : ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قال: هم اليهود والنصارى من أهل الكتاب قسموا الكتاب ، فجعلوه أعضاء، يقول: أحزابا، فآمنوا ببعض ، وكفروا ببعض.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: ( الْمُقْتَسِمِينَ ) أهل الكتاب، ولكنهم سموا المقتسمين، لأن بعضهم قال استهزاء بالقرآن: هذه السورة لي، وقال بعضهم: هذه لي.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية ( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قال: كانوا يستهزءون، يقول هذا: لي سورة البقرة، ويقول هذا: لي سورة آل عمران.

وقال آخرون: هم أهل الكتاب، ولكنهم قيل لهم: المقتسمون: لاقتسامهم كتبهم ، وتفريقهم ذلك بإيمان بعضهم ببعضها ، وكفره ببعض، وكفر آخرين بما آمن به غيرهم ، وإيمانهم بما كفر به الآخرون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عبد الملك، عن قيس، عن مجاهد كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ قال: هم اليهود والنصارى، قسموا كتابهم ففرّقوه. وجعلوه أعضاء.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثني الحسن قال: ثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قال: أهل الكتاب فرقوه وبدّلوه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قال: أهل الكتاب.

وقال آخرون: عُنِي بذلك رهط من كفار قريش بأعيانهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ رهط خمسة من قريش، عضَّهُوا كتاب الله.

وقال آخرون: عُنِي بذلك رهط من قوم صالح الذين تقاسموا على تبييت صالح وأهله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ) قال: الذين تقاسموا بصالح ، وقرأ قول الله تعالى وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ قال: تقاسموا بالله حتى بلغ الآية.

وقال بعضهم: هم قوم اقتسموا طرق مكة أيام قدوم الحاجّ عليهم، كان أهلها بعثوهم في عقابها، وتقدموا إلى بعضهم أن يشيع في الناحية التي توجه إليها لمن سأله عن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم من القادمين عليهم، أن يقول: هو مجنون ، وإلى آخر: إنه شاعر ، وإلى بعضهم: إنه ساحر.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يُعلم قومه الذين عضَّوا القرآن ففرقوه، أنه نذير لهم من سخط الله تعالى وعقوبته ، أن يَحُلّ بهم على كفرهم ربهم ، وتكذيبهم نبيهم ، ما حلّ بالمقتسمين من قبلهم ومنهم ، وجائز أن يكون عني بالمقتسمين: أهل الكتابين: التوراة والإنجيل، لأنهم اقتسموا كتاب الله، فأقرّت اليهود ببعض التوراة وكذبت ببعضها ، وكذبت بالإنجيل والفرقان، وأقرت النصارى ببعض الإنجيل وكذبت ببعضه وبالفرقان. وجائز أن يكون عُنِي بذلك: المشركون من قريش، لأنهم اقتسموا القرآن، فسماه بعضهم شعرا ، وبعض كهانة ، وبعض أساطير الأوّلين . وجائز أن يكون عُنِيَ به الفريقان ، وممكن أن يكون عني به المقتسمون على صالح من قومه ، فإذ لم يكن في التنـزيل دلالة على أنه عُني به أحد الفرق الثلاثة دون الآخرين، ولا في خبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في فطرة عقل، وكان ظاهر الآية محتملا ما وصفت، وجب أن يكون مقتضيا بأن كلّ من اقتسم كتابا لله بتكذيب بعض وتصديق بعض، واقتسم على معصية الله ممن حلّ به عاجل نقمة الله في الدار الدنيا قبل نـزول هذه الآية، فداخل في ذلك لأنهم لأشكالهم من أهل الكفر بالله ، كانوا عبرة ، وللمتعظين بهم منهم عِظَة.

التدبر :

وقفة
[90] ﴿كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ﴾ القرآن دائمًا مستهدف قال الفراء: «هم ستة عشر رجلًا، بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم، فاقتسموا أنقاب مكة وفجاجها يقولون لمن دخلها: لا تغتروا بهذا الخارج فينا فإنه مجنون، وربما قالوا ساحر، وربما قالوا شاعر، وربما قالوا كاهن، فقيل لهم مقتسمين؛ لأنهم اقتسموا هذه الطرق».
وقفة
[90، 91] ﴿كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ * الَّذِين َجَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ﴾ أي أنزلنا عليك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم كما أنزلنا على اليهود والنصارى التوراة والإنجيل، لكنهم اقتسموا القرآن المنزل عليك، فصدقوا بعضه وهو ما وافق كتابيهما، وكفروا ببعضه المخالف لأهوائهم مثل نسخ شريعتهم وإبطال بنوة عيسى لله تعالى، والعضين: جمع عضو أي أجزاء.

الإعراب :

  • ﴿ كَما أَنْزَلْنا:
  • متعلق بقوله-ولقد آتيناك: أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون. أو متعلق بقوله-وقل إنّي أنا النذير المبين- أي وأنذر قريشا مثل ما أنزلنا من العذاب على المقتسمين. الكاف: اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بفعل مضمر يفسره المذكور بعده. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. أنزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «أنزلنا» صلة الموصول لا محل لها والعائد ضمير منصوب لأنه مفعول به التقدير: أنزلناه.
  • ﴿ عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بأنزلنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     وبعد أن امتنَ اللهُ عز وجل على نبيِّه صلى الله عليه وسلم بنعمةِ القرآن؛ هَدَّدَ هنا الذين يحاربون دعوةَ الحقِّ، ويصفون القرآنَ بأوصافٍ لا تليق به، قال تعالى:
﴿ كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف