ترتيب المصحف | 29 | ترتيب النزول | 85 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 8.00 |
عدد الآيات | 69 | عدد الأجزاء | 0.37 |
عدد الأحزاب | 0.75 | عدد الأرباع | 3.00 |
ترتيب الطول | 26 | تبدأ في الجزء | 20 |
تنتهي في الجزء | 21 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 15/29 | آلم: 3/6 |
ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ هنا أن سببَ عذابِ الأممِ السابقةِ هو الاستكبارُ عن الحقِّ: قَارُونَ وفِرعَونَ وهَامَانَ وقومِ لوطٍ وقومِ صالحٍ وقومِ شعيبٍ وقومِ نوحٍ.
قريبًا إن شاء الله
بعدَ أن بَيَّنَ أنَّه أهلكَ من أشركَ في الدُّنيا وسيعذِّبُه في الآخرةِ دونَ أن ينفعَه معبودُه في الدَّارينِ، شبّه هنا حالَ هذا المشركِ بحالِ العَنكبُوتِ التي اتَّخذتْ بيتًا لا يحميها من أذى ولا يمنعُ عنها حَرًا أو بَردًا، =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
وكذلك قارون، وفرعون، وهامان، حين بعث اللّه إليهم موسى بن عمران، بالآيات البينات، والبراهين الساطعات، فلم ينقادوا، واستكبروا في الأرض، [على عباد اللّه فأذلوهم، وعلى الحق فردوه فلم يقدروا على النجاء حين نزلت بهم العقوبة]{ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} اللّه، ولا فائتين، بل سلموا واستسلموا.
ثم أشار- سبحانه- إلى ما حل بقارون وفرعون وهامان فقال: وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ أى: وأهلكنا- أيضا- قارون، وهو الذي كان من قوم موسى فبغى عليهم، كما أهلكنا فرعون الذي قال لقومه: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى وهامان الذي كان وزيرا لفرعون وعونا له في الكفر والظلم والطغيان.
قال الآلوسى: وتقديم قارون، لأن المقصود تسلية النبي صلى الله عليه وسلم فيما لقى من قومه لحسدهم له، وقارون كان من قوم موسى- عليه السلام- وقد لقى منه ما لقى. أو لأن حال قارون أوفق بحال عاد وثمود، فإنه كان من أبصر الناس وأعلمهم بالتوراة، ولكنه لم يفده الاستبصار شيئا، كما لم يفدهم كونهم مستبصرين شيئا.. .
ثم بين- سبحانه- ما جاءهم به موسى- عليه السلام- وموقفهم منه فقال: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ أى: جاءهم جميعا بالمعجزات الواضحات الدالة على صدقه.
فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ أى: فاستكبر قارون وفرعون وهامان في الأرض. وأبوا أن يؤمنوا بموسى، بل وصفوه بالسحر وبما هو برىء منه.
وَما كانُوا سابِقِينَ أى: وما كانوا بسبب استكبارهم وغرورهم هذا، هاربين أو ناجين من قضائنا فيهم، ومن إهلاكنا لهم.
فقوله: سابِقِينَ من السبق، بمعنى التقدم على الغير. يقال فلان سبق طالبه، إذا تقدم عليه دون أن يستطيع هذا الطالب إدراكه.
والمراد أن قارون وفرعون وهامان، لم يستطيعوا- رغم قوتهم وغنائهم- أن يفلتوا من عقابنا، بل أدركهم عذابنا إدراكا تاما فأبادهم وقضى عليهم.
وقارون صاحب الأموال الجزيلة ومفاتيح الكنوز الثقيلة . وفرعون ملك مصر في زمان موسى ووزيره هامان القبطيان الكافران بالله ورسوله .
القول في تأويل قوله تعالى : وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39)
يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمد، قارون وفرعون وهامان، ولقد جاء جميعهم موسى بالبيِّنات، يعني بالواضحات من الآيات، ( فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ ) عن التصديق من الآيات، وعن اتباع موسى صلوات الله عليه ( وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ) يقول تعالى ذكره: وما كانوا سابقينا بأنفسهم، فيفوتوننا، بل كنا مقتدرين عليهم.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 39 | ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾ |
---|
فصلت: 15 | ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَكُلا} من هؤلاء الأمم المكذبة{ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} على قدره، وبعقوبة مناسبة له،{ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا} أي:عذابا يحصبهم، كقوم عاد، حين أرسل اللّه عليهم الريح العقيم، و{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}
{ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} كقوم صالح،{ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ} كقارون،{ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} كفرعون وهامان وجنودهما.
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ} أي:ما ينبغي ولا يليق به تعالى أن يظلمهم لكمال عدله، وغناه التام عن جميع الخلق.{ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} منعوها حقها التي هي بصدده، فإنها مخلوقة لعبادة اللّه وحده، فهؤلاء وضعوها في غير موضعها، وأشغلوها بالشهوات والمعاصي، فضروها غاية الضرر، من حيث ظنوا أنهم ينفعونها.
ثم ختم- سبحانه- الحديث عن هؤلاء المكذبين، ببيان سنة من سننه التي لا تتخلف، فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ.
أى: فكلا من هؤلاء المذكورين كقوم نوح وإبراهيم ولوط وشعيب وهود وصالح، وكقارون وفرعون وهامان وأمثالهم: كلا من هؤلاء الظالمين أخذناه وأهلكناه بسبب ذنوبه التي أصر عليها دون أن يرجع عنها.
فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً أى: فمن هؤلاء الكافرين من أهلكناه، بأن أرسلنا عليه ريحا شديدة رمته بالحصباء فأهلكته.
قال القرطبي: قوله: فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً يعنى قوم لوط. والحاصب ريح يأتى بالحصباء، وهي الحصى الصغار. وتستعمل في كل عذاب .
وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ كما حدث لقوم صالح وقوم شعيب- عليهما السلام-.
وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وهو قارون.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا كما فعلنا مع قوم نوح ومع فرعون وقومه.
وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ أى: وما كان الله- تعالى- مريدا لظلمهم، لأنه- سبحانه- اقتضت رحمته وحكمته، أن لا يعذب أحدا بدون ذنب ارتكبه.
وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ أى: ما ظلم الله- تعالى- هؤلاء المهلكين، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم، وعرضوها للدمار، بسبب إصرارهم على كفرهم، واتباعهم للهوى والشيطان.
وبذلك نرى الآيات قد قصت على الناس مصارع الغابرين، الذين كذبوا الرسل، وحاربوا دعوة الحق، ليكون في هذا القصص عبرة للمعتبرين، وذكرى للمتذكرين.
ثم ضرب الله مثلا، لمن يتخذ آلهة من دونه: وتوعد من يفعل ذلك بأشد أنواع العذاب، فقال- تعالى-:
( فكلا أخذنا بذنبه ) أي : كانت عقوبته بما يناسبه ، ( فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ) ، وهم عاد ، وذلك أنهم قالوا : من أشد منا قوة ؟ فجاءتهم ريح صرصر باردة شديدة البرد ، عاتية شديدة الهبوب جدا ، تحمل عليهم حصباء الأرض فتقلبها عليهم ، وتقتلعهم من الأرض فترفع الرجل منهم إلى عنان السماء ، ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى بدنا بلا رأس ، كأنهم أعجاز نخل منقعر . ( ومنهم من أخذته الصيحة ) ، وهم ثمود ، قامت عليهم الحجة وظهرت لهم الدلالة ، من تلك الناقة التي انفلقت عنها الصخرة ، مثل ما سألوا سواء بسواء ، ومع هذا ما آمنوا بل استمروا على طغيانهم وكفرهم ، وتهددوا نبي الله صالحا ومن آمن معه ، وتوعدوهم بأن يخرجوهم ويرجموهم ، فجاءتهم صيحة أخمدت الأصوات منهم والحركات . ( ومنهم من خسفنا به الأرض ) ، وهو قارون الذي طغى وبغى وعتا ، وعصى الرب الأعلى ، ومشى في الأرض مرحا ، وفرح ومرح وتاه بنفسه ، واعتقد أنه أفضل من غيره ، واختال في مشيته ، فخسف الله به وبداره الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . ( ومنهم من أغرقنا ) ، وهم فرعون ووزيره هامان ، وجنوده عن آخرهم ، أغرقوا في صبيحة واحدة ، فلم ينج منهم مخبر ، ( وما كان الله ليظلمهم ) أي : فيما فعل بهم ، ( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) أي : إنما فعل ذلك بهم جزاء وفاقا بما كسبت أيديهم .
وهذا الذي ذكرناه ظاهر سياق الآية ، وهو من باب اللف والنشر ، وهو أنه ذكر الأمم المكذبة ، ثم قال : ( فكلا أخذنا بذنبه ) [ الآية ] ، أي : من هؤلاء المذكورين ، وإنما نبهت على هذا لأنه قد روي أن ابن جريج قال : قال ابن عباس في قوله : ( فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ) ، قال : قوم لوط . ( ومنهم من أغرقنا ) ، قال : قوم نوح .
وهذا منقطع عن ابن عباس ; فإن ابن جريج لم يدركه . ثم قد ذكر في هذه السورة إهلاك قوم نوح بالطوفان ، وقوم لوط بإنزال الرجز من السماء ، وطال السياق والفصل بين ذلك وبين هذا السياق .
وقال قتادة : ( فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ) قال : قوم لوط ، ( ومنهم من أخذته الصيحة ) ، قوم شعيب . وهذا بعيد أيضا لما تقدم ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (40)
يقول تعالى ذكره: فأخذنا جميع هذه الأمم التي ذكرناها لك يا محمد بعذابنا &; 20-36 &; ( فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ) وهم قوم لُوط الذين أمطر الله عليهم حجارة من سجِّيلٍ مَنضُود، والعرب تسمي الريح العاصف التي فيها الحصى الصغار أو الثلج أو البرد والجليد حاصبا، ومنه قول الأخطل:
وَلقـدْ عَلِمْـتُ إذا العِشـارُ تَرَوَّحَـتْ
هَــدَجَ الرّئــالِ يَكُــبُّهُنَّ شَـمالا
تَـرْمي العِضَـاهَ بحـاصِبٍ مِن ثَلْجِها
حـتى يَبِيـتَ عـلى العِضَـاهِ جُفـالا (1)
وقال الفرزدق:
مُسْــتَقْبِلِينَ شَـمالَ الشَّـأْمِ تَضْرِبُنـا
بحــاصِبٍ كَنَـدِيفِ القُطْـنِ مَنْثُـورِ (2)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: ( فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ) قوم لوط.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا ) وهم قوم لوط ( وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ).
اختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بذلك، فقال بعضهم: هم ثمود قوم صالح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: ( وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ) ثمود.
وقال آخرون: بل هم قوم شعيب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ ) قوم شعيب.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله قد أخبر عن ثمود وقوم شعيب من أهل مدين أنه أهلكهم بالصيحة في كتابه في غير هذا الموضع، ثم قال جلّ ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم: فمن الأمم التي أهلكناهم من أرسلنا عليهم حاصبا، ( وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ )، فلم يخصص الخبر بذلك عن بعض مَنْ أخذته الصيحة من الأمم دون بعض، وكلا الأمتين أعني ثمود ومَدين قد أخذتهم الصَّيحة. وقوله: ( وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ ) يعني بذلك قارون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: ( وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ ) قارون ( وَمِنْهُم مَّنْ أغْرَقْنا ) يعني: قوم نوح وفرعون وقومه.
واختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: عُني بذلك: قوم نوح عليه السلام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: ( وَمِنْهُم مَّنْ أغْرَقْنَا ) قوم نُوح.
وقال آخرون: بل هم قوم فرعون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَمِنْهُم مَّنْ أغْرَقْنا ) قوم فرعون.
والصواب من القول في ذلك، أن يُقال: عُني به قوم نوح وفرعونُ وقومه؛ لأن الله لم يخصص بذلك إحدى الأمتين دون الأخرى، وقد كان أهلكهما قبل نـزول هذا الخبر عنهما، فهما مَعْنيتان به.
وقوله: ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) يقول تعالى ذكره: ولم يكن الله ليهلك هؤلاء الأمم الذين أهلكهم، بذنوب غيرهم، فيظلمَهم بإهلاكه إياهم بغير استحقاق، بل إنما أهلكهم بذنوبهم، وكفرهم بربهم، وجحودهم نعمه عليهم، مع تتابع إحسانه عليهم، وكثرة أياديه عندهم، ( وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) بتصرّفهم في نعم ربهم، وتقلبهم في آلائه وعبادتهم غيره، ومعصيتهم من أنعم عليهم.
-----------------------
الهوامش :
الهوامش:
(1) البيتان للأخطل، وقد سبق الاستشهاد بهما في غير هذا الموضع من التفسير انظره في (15: 124).
(2) البيت للفرزدق، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة الورقة رقم 185) قال: (أرسلنا عليه حاصبًا): أي ريحا عاصفًا فيها حصى، ويكون في كلام العرب الحاصب من الجليد ونحوه أيضًا. وقال الفرزدق: "مستقبلين شمال الشام ... " البيت. اهـ.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
التوبة: 70 | ﴿أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَـ مَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 40 | ﴿وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَ مَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ |
---|
الروم: 9 | ﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَـ مَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ |
---|
آل عمران: 117 | ﴿كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَ مَا ظَلَمَهُمُ اللَّـهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ |
---|
النحل: 33 | ﴿كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَ مَا ظَلَمَهُمُ اللَّـهُ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
هذا مثل ضربه اللّه لمن عبد معه غيره، يقصد به التعزز والتَّقَوِّي والنفع، وأن الأمر بخلاف مقصوده، فإن مثله كمثل العنكبوت، اتخذت بيتا يقيها من الحر والبرد والآفات،{ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ} أضعفها وأوهاها{ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} فالعنكبوت من الحيوانات الضعيفة، وبيتها من أضعف البيوت، فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفا، كذلك هؤلاء الذين يتخذون من دونه أولياء، فقراء عاجزون من جميع الوجوه، وحين اتخذوا الأولياء من دونه يتعززون بهم ويستنصرونهم، ازدادوا ضعفا إلى ضعفهم، ووهنا إلى وهنهم.
فإنهم اتكلوا عليهم في كثير من مصالحهم، وألقوها عليهم، وتخلوا هم عنها، على أن أولئك سيقومون بها، فخذلوهم، فلم يحصلوا منهم على طائل، ولا أنالوهم من معونتهم أقل نائل.
فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم، حالهم وحال من اتخذوهم، لم يتخذوهم، ولتبرأوا منهم، ولتولوا الرب القادر الرحيم، الذي إذا تولاه عبده وتوكل عليه، كفاه مئونة دينه ودنياه، وازداد قوة إلى قوته، في قلبه وفي بدنه وحاله وأعماله.
ولما بين نهاية ضعف آلهة المشركين، ارتقى من هذا إلى ما هو أبلغ منه، وأنها ليست بشيء، بل هي مجرد أسماء سموها، وظنون اعتقدوها، وعند التحقيق، يتبين للعاقل بطلانها وعدمها.
والمثل والمثل: النظير والشبيه، ثم أطلق المثل على القول السائر المعروف، لمماثلة مضربه- وهو الذي يضرب فيه- لمورده- وهو الذي ورد فيه أولا- ولا يكون إلا فيما فيه غرابة- ثم استعير للصفة أو الحال أو القصة، إذا كان لها شأن عجيب، وفيها غرابة. وعلى هذا المعنى يحمل المثل هنا.
وإنما تضرب الأمثال لإيضاح المعنى الخفى، وتقريب الشيء المعقول من الشيء المحسوس، وعرض الغائب في صورة الحاضر، فيكون المعنى الذي ضرب له المثل، أوقع في القلوب، وأثبت في النفوس.
والعنكبوت: حشرة معروفة، تنسج لنفسها في الهواء بيتا رقيقا ضعيفا، لا يغنى عنها شيئا، وتطلق هذه الكلمة على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والغالب في استعمالها التأنيث. والواو والتاء زائدتان، كما في لفظ طاغوت.
والمعنى: حال هؤلاء المشركين الذين اتخذوا من دون الله- تعالى- أصناما يعبدونها، ويرجون نفعها وشفاعتها ... كحال العنكبوت في اتخاذها بيتا ضعيفا مهلهلا، لا ينفعها لا في الحر ولا في القر، ولا يدفع عنها شيئا من الأذى.
فالمقصود من المثل تجهيل المشركين وتقريعهم، حيث عبدوا من دون الله- تعالى- آلهة، هي في ضعفها ووهنها تشبه بيت العنكبوت، وأنهم لو كانوا من ذوى العلم لما عبدوا تلك الآلهة.
قال صاحب الكشاف: الغرض تشبيه ما اتخذوه متكلا ومعتمدا في دينهم، وتولوه من دون الله، بما هو مثل عند الناس في الوهن وضعف القوة. وهو نسج العنكبوت. ألا ترى إلى مقطع التشبيه، وهو قوله: وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ.
فإن قلت: ما معنى قوله: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وكل أحد يعلم وهن بيت العنكبوت؟
قلت: معناه، لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم، وأن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن ... » .
وقال الآلوسى: قوله: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أى: لو كانوا يعلمون شيئا من الأشياء، لعلموا أن هذا مثلهم، أو أن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن. و «لو» شرطية، وجوابها محذوف، وجوز بعضهم كونها للتمني فلا جواب لها، وهو غير ظاهر
هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، يرجون نصرهم ورزقهم ، ويتمسكون بهم في الشدائد ، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت ، فإنه لا يجدي عنه شيئا ، فلو علموا هذا الحال لما اتخذوا من دون الله أولياء ، وهذا بخلاف المسلم المؤمن قلبه لله ، وهو مع ذلك يحسن العمل في اتباع الشرع فإنه مستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، لقوتها وثباتها .
القول في تأويل قوله تعالى : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)
يقول تعالى ذكره: مثل الذين اتخذوا الآلهة والأوثان من دون الله أولياء يرجون نَصْرها ونفعها عند حاجتهم إليها في ضعف احتيالهم، وقبح رواياتهم، وسوء اختيارهم لأنفسهم، ( كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ ) في ضعفها، وقلة احتيالها لنفسها، ( اتَّخَذَتْ بَيْتًا ) لنفسها ، كيما يُكِنهَا، فلم يغن عنها شيئا عند حاجتها إليه، فكذلك هؤلاء المشركون لم يغن عنهم حين نـزل بهم أمر الله، وحلّ بهم سخطه أولياؤُهم الذين اتخذوهم من دون الله شيئا، ولم يدفعوا عنهم ما أحلّ الله بهم من سخطه بعبادتهم إياهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ...) إلى آخر الآية، قال: ذلك مثل ضربه الله لمن عبد غيره، إن مثله كمثل بيت العنكبوت.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ ) قال: هذا مثل ضربه الله للمشرك مَثل إلهه الذي يدعوه من دون الله كمثل بيت العنكبوت واهن ضعيف لا ينفعه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ) قال: هذا مثل ضربه الله، لا يغني أولياؤهم عنهم شيئا، كما لا يغني العنكبوت بيتها هذا.
وقوله: ( وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ ) يقول: إن أضعف البيوت ( لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره: لو كان هؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، يعلمون أن أولياءهم الذين اتخذوهم من دون الله في قلة غنائهم عنهم، كغناء بيت العنكبوت عنها، لكنهم يجهلون ذلك، فيحسبون أنهم ينفعونهم ويقرّبونهم إلى الله زلفى.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
هود: 20 | ﴿أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ﴾ |
---|
هود: 113 | ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾ |
---|
العنكبوت: 41 | ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ |
---|
الجاثية: 10 | ﴿وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْلِيَاءَ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} أي:إنه تعالى يعلم -وهو عالم الغيب والشهادة- أنهم ما يدعون من دون اللّه شيئا موجودا، ولا إلها له حقيقة، كقوله تعالى:{ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} وقوله:{ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وإن هم إلا يخرصون}
{ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم} الذي له القوة جميعا، التي قهر بها جميع المخلوقات،{ الْحَكِيمُ} الذي يضع الأشياء مواضعها، الذي أحسن كل شيء خلقه، وأتقن ما أمره.
ثم بين- سبحانه- أن علمه شامل لكل شيء، وأنه سيجازى هؤلاء المشركين بما يستحقونه من عقاب فقال: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
و «ما» موصولة، وهي مفعول يعلم، والعائد محذوف، و «من شيء» بيان لما.
أى: إن الله- تعالى- يعلم علما تاما الذي يعبده هؤلاء المشركون من دونه، سواء أكان ما يعبدونه من الجن أم من الإنس أم من الجمادات أم من غير ذلك، وَهُوَ- سبحانه- الْعَزِيزُ أى: الغالب على كل شيء الْحَكِيمُ في أقواله وأفعاله.
ثم قال تعالى متوعدا لمن عبد غيره وأشرك به : إنه تعالى يعلم ما هم عليه من الأعمال ، ويعلم ما يشركون به من الأنداد ، وسيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42)
اختلف القرّاء في قراءة قوله: (إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَدْعُونَ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار (تَدْعُونَ) بالتاء بمعنى الخطاب لمشركي قريش (إنَّ اللهَ) أيها الناس، (يَعْلَمُ مَا تَدْعُونَ إلَيْهِ مِن دُونِهِ مِن شَيءٍ). وقرأ ذلك أبو عمرو: (إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ) بالياء بمعنى الخبر عن الأمم، إن الله يعلم ما يدعو هؤلاء الذين أهلكناهم من الأمم (مِنْ دُونِهِ مِن شَيء).
والصواب من القراءة في ذلك عندنا، قراءة من قرأ بالتاء؛ لأن ذلك لو كان خبرا عن الأمم الذين ذكر الله أنه أهلكهم، لكان الكلام: إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما كانوا يدعون، لأن القوم في حال نـزول هذا الخبر على نبيّ الله لم يكونوا موجودين، إذ كانوا قد هلكوا فبادوا، وإنما يقال: (إنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَدْعُونَ) إذا أريد به الخبر عن موجودين، لا عمن قد هلك.
فتأويل الكلام إذ كان الأمر كما وصفنا: (إنَّ اللهَ يَعْلَمُ) أيها القوم، حال ما تعبدون (مِن دُونِهِ مِن شَيء)، وأن ذلك لا ينفعكم ولا يضرّكم، إن أراد الله بكم سوءا، ولا يغني عنكم شيئا، وإن مثله في قلة غنائه عنكم، مَثَلُ بيت العنكبوت في غَنائه عنها.
وقوله: (وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) يقول: والله العزيز في انتقامه ممن كفر به، وأشرك في عبادته معه غيره فاتقوا أيها المشركون به، عقابه بالإيمان به قبل نـزوله بكم، كما نـزل بالأمم الذين قصّ الله قصصهم في هذه السورة عليكم، فإنه إن نـزل بكم عقابُه لم تغن عنكم أولياؤكم الذين اتخذتموهم من دونه أولياء، كما لم يُغْنِ عنهم من قبلكم أولياؤهم الذين اتخذوهم من دونه، الحكيم في تدبيره خلقه (3) فمُهلك من استوجب الهلاك في الحال التي هلاكه صلاح، والمؤخر من أخَّر هلاكه من كفرة خلقه به إلى الحين الذي في هلاكه الصلاح.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يعلم ما:
قرئ:
1- بالفك، وهى قراءة الجمهور.
2- بالإدغام، وهى قراءة أبى عمرو، وسلام.
يدعون:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة أبى عمرو، وعاصم، بخلاف.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة الجمهور.
التفسير :
{ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} أي:لأجلهم ولانتفاعهم وتعليمهم، لكونها من الطرق الموضحة للعلوم، ولأنها تقرب الأمور المعقولة بالأمور المحسوسة، فيتضح المعنى المطلوب بسببها، فهي مصلحة لعموم الناس.
{ و} لكن{ مَا يَعْقِلُهَا} بفهمها وتدبرها، وتطبيقها على ما ضربت له، وعقلها في القلب{ إِلَّا الْعَالِمُونَ} أي:أهل العلم الحقيقي، الذين وصل العلم إلى قلوبهم.
وهذا مدح للأمثال التي يضربها، وحثٌّ على تدبرها وتعقلها، ومدح لمن يعقلها، وأنه عنوان على أنه من أهل العلم، فعلم أن من لم يعقلها ليس من العالمين.
والسبب في ذلك، أن الأمثال التي يضربها اللّه في القرآن، إنما هي للأمور الكبار، والمطالب العالية، والمسائل الجليلة، فأهل العلم يعرفون أنها أهم من غيرها، لاعتناء اللّه بها، وحثه عباده على تعقلها وتدبرها، فيبذلون جهدهم في معرفتها.
وأما من لم يعقلها، مع أهميتها، فإن ذلك دليل على أنه ليس من أهل العلم، لأنه إذا لم يعرف المسائل المهمة، فعدم معرفته غيرها من باب أولى وأحرى. ولهذا، أكثر ما يضرب اللّه الأمثال في أصول الدين ونحوها.
وَتِلْكَ الْأَمْثالُ التي سقناها في كتابنا العزيز، والتي من بينها المثال السابق.
نَضْرِبُها لِلنَّاسِ على سبيل الإرشاد والتنبيه والتوضيح.
وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ أى: وما يعقل هذه الأمثال، ويفهم صحتها وحسنها، إلا الراسخون في العلم، المتدبرون في خلق الله- تعالى-، الفاقهون لما يتلى عليهم.
ثم ذكر- سبحانه- ما يدل على عظيم قدرته، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم، ومن الصلاة، فقال- تعالى-:
ثم قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) أي : وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه .
قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثني ابن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عمرو بن العاص ، رضي الله عنه ، قال : عقلت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل .
وهذه منقبة عظيمة لعمرو بن العاص - رضي الله عنه - حيث يقول [ الله ] تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، حدثنا أبي ، حدثنا ابن سنان ، عن عمرو بن مرة قال : ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني ، لأني سمعت الله تعالى يقول : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) .
وقوله: ( وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ) يقول تعالى ذكره: وهذه الأمثال، وهي الأشباه والنظائر (نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ) يقول: نمثلها ونشبهها ونحتجّ بها للناس، كما قال الأعشى:
هَـلْ تَذْكُـرُ العَهْـدَ مِـنْ تَنَمَّـصَ إذْ
تَضْــرِبُ لــي قـاعِدًا بِهـا مَثَـلا (4)
( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ ) يقول تعالى ذكره: وما يعقل أنه أصيب بهذه الأمثال التي نضربها للناس منهم الصواب والحقّ فيما ضربت له مثلا(إلا الْعَالِمُونَ) بالله وآياته.
--------------------
الهوامش :
(3) العبارة من أول قوله "كما لم يغن عنهم ... إلى هنا": عسرة الفهم. فلتتأمل.
(4) البيت لأعشى بني قيس قيس بن ثعلبة (ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص 237) وفيه "في" في موضع "من" و"في" أوجه. وتنمص، بفتح أوله وثانيه، بعده ميم مشددة مضمومة. وصاد مهملة: موضع. هكذا ذكره أبو حاتم، وأنشد للأعشى:
هـل تعـرف الـدر فـي تنمـص إذ
تضــرب لــي قـاعدًا بهـا مثـلا
وتنمص في ديار حمير، لأنه مدح بها ذا فائش الحميري، وزعم أنه قال له: ما لك لا تمدحني، وضرب له مثلا. (انظر معجم ما استعجم للبكري. ترتيب مصطفى السقا ص 322). والبيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (185 - أ) وروايته: هل تذكر العهد في تنمص. والمؤلف استشهد به عند قوله تعالى: (وتلك الأمثال نضربها للناس). قال أبو عبيدة: مجازه: هذه الأشباه والنظائر نحتج بها.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 43 | ﴿ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ |
---|
الحشر: 21 | ﴿خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:هو تعالى المنفرد بخلق السماوات، على علوها وارتفاعها وسعتها وحسنها وما فيها من الشمس والقمر والكواكب والملائكة، والأرض وما فيها من الجبال والبحار والبراري والقفار والأشجار ونحوها، وكل ذلك خلقه بالحق، أي:لم يخلقها عبثا ولا سدى، ولا لغير فائدة، وإنما خلقها، ليقوم أمره وشرعه، ولتتم نعمته على عباده، وليروا من حكمته وقهره وتدبيره، ما يدلهم على أنه وحده معبودهم ومحبوبهم وإلههم.{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} على كثير من المطالب الإيمانية، إذا تدبرها المؤمن رأى ذلك فيها عيانا.
أى: خلق الله- تعالى- السموات والأرض بالحق الذي لا باطل معه، وبالحكمة التي لا يشوبها عبث أو لهو، حتى يكون هذا الخلق متفقا مع مصالح عبادنا ومنافعهم..
ومن مظاهر ذلك، أنك لا ترى- أيها العاقل- في خلق الرحمن من تفاوت أو تصادم، أو اضطراب.
واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ يعود إلى خلق السموات والأرض، وما اشتملتا عليه من بدائع وعجائب.
أى: إن في ذلك الذي خلقناه بقدرتنا، من سماوات مرتفعة بغير عمد، ومن أرض مفروشة بنظام بديع، ومن عجائب لا يحصيها العد في هذا الكون، إن في كل ذلك لآية بينة، وعلامة واضحة، على قدرة الله- عز وجل-.
وخص المؤمنين بالذكر، لأنهم هم المتدبرون في هذه الآيات والدلائل، وهم المنتفعون بها في التعرف على وحدانية الله وقدرته، وعلى حسن عبادته وطاعته.
يقول تعالى [ مخبرا ] عن قدرته العظيمة : أنه خلق السموات والأرض بالحق ، يعني : لا على وجه العبث واللعب ، ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) [ طه : 15 ] ، ( ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) [ النجم : 31 ] .
وقوله : ( إن في ذلك لآية للمؤمنين ) أي : لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلهية .
القول في تأويل قوله تعالى : خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (44)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: خلق الله يا محمد، السماوات والأرض وحده منفردا بخلقها، لا يشركه في خلقها شريك (إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً) يقول: إن في خلقه ذلك لحجة لمن صدق بالحجج إذا عاينها، والآيات إذا رآها.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
العنكبوت: 44 | ﴿ خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ |
---|
الجاثية: 22 | ﴿وَ خَلَقَ اللَّـهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يأمر تعالى بتلاوة وحيه وتنزيله، وهو هذا الكتاب العظيم، ومعنى تلاوته اتباعه، بامتثال ما يأمر به، واجتناب ما ينهى عنه، والاهتداء بهداه، وتصديق أخباره، وتدبر معانيه، وتلاوة ألفاظه، فصار تلاوة لفظه جزء المعنى وبعضه، وإذا كان هذا معنى تلاوة الكتاب، علم أن إقامة الدين كله، داخلة في تلاوة الكتاب. فيكون قوله:{ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} من باب عطف الخاص على العام، لفضل الصلاة وشرفها، وآثارها الجميلة، وهي{ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}
والفحشاء:كل ما استعظم واستفحش من المعاصي التي تشتهيها النفوس.
والمنكر:كل معصية تنكرها العقول والفطر.
ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر، فبالضرورة، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها. وثَمَّ في الصلاة مقصود أعظم من هذا وأكبر، وهو ما اشتملت عليه من ذكر اللّه، بالقلب واللسان والبدن. فإن اللّه تعالى، إنما خلق الخلقلعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة، وفيها من عبوديات الجوارح كلها، ما ليس في غيرها، ولهذا قال:{ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}
ويحتمل أنه لما أمر بالصلاة ومدحها، أخبر أن ذكره تعالى خارج الصلاة أكبر من الصلاة، كما هو قول جمهور المفسرين، لكن الأول أولى، لأن الصلاة أفضل من الذكر خارجها، ولأنها -كما تقدم- بنفسها من أكبر الذكر.
{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} من خير وشر، فيجازيكم على ذلك أكمل الجزاء وأوفاه.
والمقصود بالتلاوة في قوله- تعالى-: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ: القراءة المصحوبة بضبط الألفاظ، وبتفهم المعاني. والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ويشمل كل من آمن به. أى: اقرأ- أيها الرسول الكريم- ما أوحينا إليك من آيات هذا القرآن قراءة تدبر واعتبار واتعاظ، وداوم على ذلك، ومر أتباعك أن يقتدوا بك في المواظبة على هذه القراءة الصحيحة النافعة.
وَأَقِمِ الصَّلاةَ أى: وواظب على إقامة الصلاة في أوقاتها بخشوع وإخلاص واطمئنان، وعلى المؤمنين أن يقتدوا بك في ذلك.
وقوله: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ تعليل للأمر بالمحافظة على إقامة الصلاة بخشوع وإخلاص. أى: داوم- أيها الرسول الكريم- على إقامة الصلاة بالطريقة التي يحبها الله- تعالى-، فإن من شأن الصلاة التي يؤديها المسلم في أوقاتها بخشوع وإخلاص، أن تنهى مؤديها عن ارتكاب الفحشاء- وهي كل ما قبح قوله وفعله-، وعن المنكر- وهو كل ما تنكره الشرائع والعقول السليمة-.
قال الجمل: «ومعنى نهيها عنهما، أنها سبب الانتهاء عنهما، لأنها مناجاة لله- تعالى-، فلا بد أن تكون مع إقبال تام على طاعته، وإعراض كلى عن معاصيه.
قال ابن مسعود: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصى الله، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر، لم يزدد من الله إلا بعدا..
وروى عن أنس- رضى الله عنه- أن فتى من الأنصار، كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتى الفواحش، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن صلاته ستنهاه، فلم يلبث أن تاب وحسن حاله» .
والخلاصة: أن من شأن الصلاة المصحوبة بالإخلاص والخشوع وبإتمام سننها وآدابها، أن تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فإن وجدت إنسانا يؤدى الصلاة، ولكنه مع ذلك يرتكب بعض المعاصي، فأقول لك: إن الذنب ليس ذنب الصلاة، وإنما الذنب ذنب هذا المرتكب للمعاصي، لأنه لم يؤد الصلاة أداء مصحوبا بالخشوع والإخلاص ... وإنما أداها دون أن يتأثر بها قلبه.. ولعلها تنهاه في يوم من الأيام ببركة مداومته عليها، كما جاء في الحديث الشريف:
«إن الصلاة ستنهاه» .
وقوله- سبحانه-: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ أى: ولذكر الله- تعالى- بجميع أنواعه من تسبيح وتحميد وتكبير وغير ذلك من ألوان العبادة والذكر، أفضل وأكبر من كل شيء آخر، لأن هذا الذكر لله- تعالى- في كل الأحوال، دليل على صدق الإيمان، وحسن الصلة بالله- تعالى-.
قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، قال ابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر.. أى: ولذكر الله- تعالى- إياكم، أكبر من ذكركم إياه- سبحانه-..
وروى عن جماعة من السلف أن المعنى: ولذكر العبد لله- تعالى-، أكبر من سائر الأعمال.
أخرج الإمام أحمد عن معاذ بن جبل قال: ما عمل ابن آدم عملا أنجى له من عذاب الله يوم القيامة، من ذكر الله- تعالى-..
وقيل: المراد بذكر الله: الصلاة. كما في قوله- تعالى-: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، أى: إلى الصلاة، فيكون المعنى: وللصلاة أكبر من سائر الطاعات، وإنما عبر عنها به، للإيذان بأن ما فيها من ذكر الله- تعالى- هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات، ناهية عن السيئات» .
ويبدو لنا أن المراد بذكر الله- تعالى- هنا: ما يشمل كل قول طيب وكل فعل صالح، يأتيه المسلم بإخلاص وخشوع، وعلى رأس هذه الأقوال والأفعال: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والصلاة وما اشتملت عليه من أقوال وأفعال..
وأن المسلم متى أكثر من ذكر الله- تعالى-، كان ثوابه- سبحانه- له، وثناؤه عليه، أكبر وأعظم من كل قول ومن كل فعل.
وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ تذييل قصد به الترغيب في إخلاص العبادة لله، والتحذير من الرياء فيها.
أى: داوموا- أيها المؤمنون. على تلاوة القرآن الكريم، بتدبر واعتبار، وأقيموا الصلاة في أوقاتها بخشوع وخضوع، وأكثروا من ذكر الله- تعالى- في كل أحوالكم، فإن الله- تعالى- يعلم ما تفعلونه وما تصنعونه من خير أو شر، وسيجازى- سبحانه- الذين أساءوا بما عملوا، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى..
ثم أمر الله- تعالى- رسوله والمؤمنين. أن يجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ما داموا لم يرتكبوا ظلما، وأقام- سبحانه- الأدلة على أن هذا القرآن من عنده وحده، فقال:
ثم قال تعالى آمرا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن ، وهو قراءته وإبلاغه للناس : ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ) يعني : أن الصلاة تشتمل على شيئين : على ترك الفواحش والمنكرات ، أي : إن مواظبتها تحمل على ترك ذلك . وقد جاء في الحديث من رواية عمران ، وابن عباس مرفوعا : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم تزده من الله إلا بعدا " .
[ ذكر الآثار الواردة في ذلك ] :
قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس ، حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد ، حدثنا عمر بن أبي عثمان ، حدثنا الحسن ، عن عمران بن حصين قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قول الله : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) قال : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فلا صلاة له " .
وحدثنا علي بن الحسين ، حدثنا يحيى بن أبي طلحة اليربوعي حدثنا أبو معاوية ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد بها من الله إلا بعدا " . ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية .
وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن العلاء بن المسيب ، عمن ذكره ، عن ابن عباس في قوله : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) قال : فمن لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر ، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا . فهذا موقوف
. قال ابن جرير : وحدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا علي بن هاشم بن البريد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة ، وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر " . قال : وقال سفيان : ( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك ) [ هود : 87 ] قال : فقال سفيان : أي والله ، تأمره وتنهاه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أبو خالد مرة : عن عبد الله - : " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة ، وطاعة الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر " .
والموقوف أصح ، كما رواه الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : قيل لعبد الله : إن فلانا يطيل الصلاة ؟ قال : إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها .
وقال ابن جرير : قال علي : حدثنا إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد بها من الله إلا بعدا " .
والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن وقتادة ، والأعمش وغيرهم ، والله أعلم .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير - يعني ابن عبد الحميد - عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : أراه عن جابر - شك الأعمش - قال : قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن فلانا يصلي فإذا أصبح سرق ، قال : " سينهاه ما يقول " .
وحدثنا محمد بن موسى الحرشي حدثنا زياد بن عبد الله ، عن الأعمش عن أبي صالح ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه - ولم يشك - ثم قال : وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن الأعمش واختلفوا في إسناده ، فرواه غير واحد عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أو غيره ، وقال قيس عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، وقال جرير وزياد : عن عبد الله ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن جابر .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش قال : أنبأنا أبو صالح عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق ؟ فقال : " إنه سينهاه ما يقول " .
وتشتمل الصلاة أيضا على ذكر الله تعالى ، وهو المطلوب الأكبر ; ولهذا قال تعالى : ( ولذكر الله أكبر ) أي : أعظم من الأول ، ( والله يعلم ما تصنعون ) أي : يعلم جميع أقوالكم وأعمالكم .
وقال أبو العالية في قوله : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ، قال : إن الصلاة فيها ثلاث خصال ، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة : الإخلاص ، والخشية ، وذكر الله . فالإخلاص يأمره بالمعروف ، والخشية تنهاه عن المنكر ، وذكر القرآن يأمره وينهاه .
وقال ابن عون الأنصاري : إذا كنت في صلاة فأنت في معروف ، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر ، والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر .
وقال حماد بن أبي سليمان : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) يعني : ما دمت فيها .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ولذكر الله أكبر ) ، يقول : ولذكر الله لعباده أكبر ، إذا ذكروه من ذكرهم إياه .
وكذا روى غير واحد عن ابن عباس . وبه قال مجاهد ، وغيره .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن داود بن أبي هند ، عن رجل ، عن ابن عباس : ( ولذكر الله أكبر ) قال : ذكر الله عند طعامك وعند منامك . قلت : فإن صاحبا لي في المنزل يقول غير الذي تقول : قال : وأي شيء يقول ؟ قلت : قال : يقول الله : ( فاذكروني أذكركم ) [ البقرة : 152 ] ، فلذكر الله إيانا أكبر من ذكرنا إياه . قال : صدق .
قال : وحدثنا أبي ، حدثنا النفيلي ، حدثنا إسماعيل ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( ولذكر الله أكبر ) قال : لها وجهان ، قال : ذكر الله عندما حرمه ، قال : وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه .
وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن ربيعة قال : قال لي ابن عباس : هل تدري ما قوله تعالى : ( ولذكر الله أكبر ) ؟ قال : قلت : نعم . قال : فما هو ؟ قلت : التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة ، وقراءة القرآن ، ونحو ذلك . قال : لقد قلت قولا عجبا ، وما هو كذلك ، ولكنه إنما يقول : ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه ، أكبر من ذكركم إياه
. وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس . وروي أيضا عن ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وسلمان الفارسي ، وغيرهم . واختاره ابن جرير .
القول في تأويل قوله تعالى : اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (اتْلُ) يعني: اقرأ (مَا أُوحِيَ إلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ) يعني: ما أنـزل إليك من هذا القرآن (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) يعني: وأدّ الصلاة التي فرضها الله عليك بحدودها( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) اختلف أهل التأويل في معنى الصلاة التي ذُكرت في هذا الموضع، فقال بعضهم: عنى بها القرآن الذي يقرأ في موضع الصلاة، أو في الصلاة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أبي الوفاء، عن أبيه، عن ابن عمر ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) قال: القرآن الذي يقرأ في المساجد.
وقال آخرون: بل عنى بها الصلاة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) يقول: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن العلاء بن المسيب، عمن ذكره، عن ابن عباس، في قول الله: ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بُعدا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا خالد، قال: قال العلاء بن المسيب، عن سمرة بن عطية، قال: قيل لابن مسعود: إن فلانا كثير الصلاة، قال: فإنها لا تنفع إلا من أطاعها.
قال ثنا الحسين، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود، قال: من لم تأمره صلاته بالمعروف، وتنهه عن المنكر، لم يزدد بها من الله إلا بعدا.
قال ثنا الحسين، قال: ثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن جُوَيبر، عن الضحاك، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يُطِعِ الصَّلاةَ، وَطاعَةُ الصَّلاةِ أنْ تَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنكَرِ" قال: قال سفيان: قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ قال: فقال سفيان: إي والله، تأمره وتنهاه.
قال علي: وحدثنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَلى صَلاةً لَمْ تَنْهَهُ عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنكَرِ لَمْ يَزْدَدْ بِها مِنَ اللهِ إلا بُعْدًا ".
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، قال: الصلاة إذا لم تنه عن الفحشاء والمنكر، قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم يزدد من الله إلا بعدا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة والحسن، قالا من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فإنه لا يزداد من الله بذلك إلا بعدا.
والصواب من القول في ذلك أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال ابن عباس وابن مسعود، فإن قال قائل: وكيف تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر إن لم يكن معنيا بها ما يتلى فيها؟ قيل: تنهى من كان فيها، فتحول بينه وبين إتيان الفواحش، لأن شغله بها يقطعه عن الشغل بالمنكر، ولذلك قال ابن مسعود: من لم يطع صلاته لم يزدد من الله إلا بعدا. وذلك أن طاعته لها إقامته إياها بحدودها، وفي طاعته لها مزدجر عن الفحشاء والمنكر.
حدثنا أبو حميد الحمصي، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطار، قال: ثنا أرطاة، عن ابن عون، في قول الله ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) قال: إذا كنت في صلاة، فأنت في معروف، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر، و (الفَحْشَاءِ): هو الزنا، و (المُنْكَر): معاصي الله، ومن أتى فاحشة أو عَصَى الله في صلاته بما يفسد صلاته، فلا شكّ أنه لا صلاة له.
وقوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن عبد الله بن ربيعة، قال: قال لي ابن عباس: هل تدري ما قوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: قلت: نعم، قال: فما هو؟ قال: قلت: التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة، وقراءة القرآن ونحو ذلك، قال: لقد قلت قولا عجبا وما هو كذلك، ولكنه إنما يقول: ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه، إذا ذكرتموه (أَكْبَرُ) من ذكركم إياه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن ابن ربيعة، عن ابن عباس قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن عبد الله بن ربيعة، قال: سألني ابن عباس، عن قول الله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) فقلت: ذكره بالتسبيح والتكبير والقرآن حسن، وذكره عند المحارم فيحتجز عنها. فقال: لقد قلت قولا عجيبا وما هو كما قلت، ولكن ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن ربيعة، عن ابن عباس (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه.
حدثنا محمد بن المثنى وابن وكيع، قال ابن المثنى: ثني عبد الأعلى وقال ابن وكيع: ثنا عبد الأعلى قال: ثنا داود، عن محمد بن أبي موسى، قال: كنت قاعدا عند ابن عباس، فجاءه رجل، فسأل ابن عباس عن ذكر الله أكبر، فقال ابن عباس: الصلاة والصوم، قال: ذاك ذكر الله، قال رجل: إني تركت رجلا في رحلي يقول غير هذا، قال: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله العباد أكبر من ذكر العباد إياه، فقال ابن عباس: صدق والله صاحبك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جُبَير، قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: حدثني عن قول الله (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن داود، عن عكرمة (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله للعبد أفضل من ذكره إياه.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن فضيل، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: هو قوله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (وَلَذِكْرُ اللهِ) لعباده إذا ذكروه (أكْبَرُ) من ذكركم إياه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ) قال: ذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه في الصلاة أو غيرها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، عن داود بن أبي هند، عن محمد بن أبي موسى، عن ابن عباس، قال: ذكر الله إياكم، إذا ذكرتموه، أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو تُمَيْلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عامر، عن أبي قرة، عن سلمان، مثله.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثني عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عَريب، عن كثير بن مرّة الحضرميّ، قال: سمعت أبا الدرداء يقول: ألا أخبركم بخير أعمالكم وأحبها إلى مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير من أن تغزوا عدوّكم، فتضربوا أعناقهم، وخير من إعطاء الدنانير والدراهم؟ قالوا: ما هو؟ قال: ذكركم ربكم، وذكر الله أكبر.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سفيان، عن جابر، عن عامر، عن أبي قرة، عن سلمان (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: قال ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
قال: ثني أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، قال: سألت أبا قرة، عن قوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة قالا ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
قال: ثنا ابن فضيل، عن مطرف، عن عطية، عن ابن عباس قال: هو كقوله: (اذْكُرُونِي أذْكرْكُمْ) فذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
قال: ثنا حسن بن عليّ، عن زائدة، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد لربه.
قال: ثنا أبو يزيد الرازي، عن يعقوب، عن جعفر، عن شعبة، قال: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولذكركم الله أفضل من كلّ شيء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عمر بن أبي زائدة، عن العيزار بن حريث، عن رجل، عن سلمان أنه سئل: أيّ العمل أفضل؟ قال: أما تقرأ القرآن (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) : لا شيء أفضل من ذكر الله.
حدثنا ابن حميد أحمد بن المغيرة الحمصي، قال: ثنا عليّ بن عياش، قال: ثنا &; 20-45 &; الليث، قال: ثني معاوية، عن ربيعة بن يزيد، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أمّ الدرداء، أنها قالت: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) فإن صليت فهو من ذكر الله، وإن صمت فهو من ذكر الله، وكلّ خير تعمله فهو من ذكر الله، وكل شرّ تجتنبه فهو من ذكر الله، وأفضل ذلك تسبيحُ الله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: لا شيء أكبر من ذكر الله، قال: أكبر الأشياء كلها، وقرأ (أقِمِ الصلاةَ لِذِكْرِي) قال: لذكر الله وإنه لم يصفه عند القتال إلا أنه أكبر.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، قال: قال رجل لسلمان: أي العمل أفضل،؟ قال: ذكر الله.
وقال آخرون: هو محتمل للوجهين جميعا، يعنون القول الأوّل الذي ذكرناه والثاني.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن خالد، عن عكرِمة، عن ابن عباس في قوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: لها وجهان: ذكر الله أكبر مما سواه، وذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا خالد الحذّاء، عن عكرِمة، عن ابن عباس في قوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: لها وجهان: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه، وذكر الله عند ما حُرم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لذكر الله العبد في الصلاة، أكبر من الصلاة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن السُّدِّي، عن أبي مالك في قوله: (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال: ذكر الله العبد في الصلاة، أكبر من الصلاة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وللصلاة التي أتيت أنت بها، وذكرك الله فيها، أكبر مما نهتك الصلاة من الفحشاء والمنكر.
حدثني أحمد بن المغيرة الحمصي، قال: ثنا يحيى بن سعيد العطار، قال: ثنا أرطاة، عن ابن عون، في قول الله ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر.
قال أبو جعفر: وأشبه هذه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنـزيل، قول من قال: ولذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه.
وقوله: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) يقول: والله يعلم ما تصنعون أيها الناس في صلاتكم، من إقامة حدودها، وترك ذلك وغيره من أموركم، وهو مجازيكم على ذلك، يقول: فاتقوا أن تضيعوا شيئا من حدودها، والله أعلم.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الكهف: 27 | ﴿وَ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ |
---|
العنكبوت: 45 | ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء