5081213141516171819

الإحصائيات

سورة محمد
ترتيب المصحف47ترتيب النزول95
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات4.00
عدد الآيات38عدد الأجزاء0.19
عدد الأحزاب0.38عدد الأرباع1.50
ترتيب الطول44تبدأ في الجزء26
تنتهي في الجزء26عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 8/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (15) عدد الآيات (4)

لمَّا بَيَّنَ الفرقَ بينَ الفريقينِ في الاهتداءِ والضلالِ، بَيَّنَ هنا الفرقَ بينهما في المَرجِعِ والمآلِ، وذكرَ صورًا من نعيمِ أهلِ الجَنَّةِ وعذابِ أهلِ النَّارِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (16) الى الآية رقم (19) عدد الآيات (4)

بعدَ بيانِ حالِ المؤمنينَ والكافرينَ ذكرَ هنا حالَ المنافقينَ، وبَيَّنَ أنهُم جهلةٌ لا يفهمُونَ كلامَ النَّبي ﷺ عندَ الاستماعِ إليهِ، ثُمَّ هدَّدَهُم وأمرَهُم بأن يتّعظُوا قبلَ مجيءِ السَّاعةِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة محمد

اتِّباع النَّبي ﷺ مقياس قبول الأعمال

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إذن فعن أي شيء تحدثت سورة محمد؟:   فما موضوع هذه السورة؟ هل تتحدث سورة محمد عن فضائل النبي ﷺ؟ الجواب: لا. هل تتحدث سورة محمد عن أخلاق النبي ﷺ أو صفاته أو سيرته؟ الجواب: لا.
  • • فما علاقة العمل بمحمد ﷺ؟:   أكثر شيء تكرر في السورة هو قضية العمل. عدد آيات السورة 38 آية، يتكرر الحديث عن قبول العمل أو إحباط العمل 12 مرة.
  • • الطاعة ميزان الاتباع::   الجواب: في كل مرة من هذه المرات تربط الآيات هذا المعنى بطاعة الله وطاعة الرسول ﷺ، كقوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَـٰلَكُمْ ...﴾ (33). ومن هنا نستخلص محور السورة: طاعة النبي ﷺ واتباعه هما مقياس قبول الأعمال وإحباطها. معنى غالٍ ومهم، استشعره وأنت تقرأ هذه السورة الكريمة، واسأل نفسك: أين أنا من سنة النبي ﷺ وعبادته وأخلاقه.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «محمد».
  • • معنى الاسم ::   محمد: هو خاتم الأنبياء والمرسلين، خير خلق الله.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذا الاسم في الآية (2).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة القتال»؛ لذكر أحكام القتال والأسرى والغنائم فيها، وسورة «الذين كفروا» تسمية للسورة بأولها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن اتِّباع النَّبي ﷺ هو مقياس قبول الأعمال.
  • • علمتني السورة ::   أن الله لن يقبل أعمال الكفار بسبب: كفرهم بالله، وصدهم عن سبيل الله، وأنهم كرهوا ما أنزل الله (القرآن الكريم): ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   خطورة قطيعة الأرحام: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   أهمية تدبر كتاب الله، وخطر الإعراض عنه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة محمد من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة محمد اهتمت ببيان أحكام القتال والجهاد في سبيل الله، فهي تشبه لحد كبير سورة الأنفال من حيث الموضوع، ولكن سورة الأنفال ذكرت أحكام الجهاد من خلال التعقيب على أحداث غزوة بدر، وسورة محمد ذكرت أحكام الجهاد مطلقة دون التقييد بغزوة معينة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتبع النَّبي صلى الله عليه وسلم في كل أمورنا، فهذا مقياس قبول الأعمال.
    • أن نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ويصلح شأننا: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ (2).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا فنتبع الهوى: ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم﴾ (14).
    • أن نستعد ليوم القيامة بالعمل الصالح: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ (18)، فنزرع من الخيرِ ما نستطع، ولا نُسوِّف التَّوبةَ.
    • أن نجعل أهم قضية في حياتنا هي أهم قضية في القرآن: (التوحيد)، نعش ونتكلم ونكتب ونقم وننام ونسافر ونفرح ونحزن من أجلها: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ (19).
    • أن نستغفر الله من ذنوبنا، ونسأل الله أن يغفر للمؤمنين والمؤمنات ذنوبهم: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ (19).
    • أن نتدبر القرآن ونعمل بما فيه؛ فهذا هو الهدف من قراءة القرآن: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (24).
    • أن ندعو الله أن يطـهر قلوبنا من النفـاق والرياء والعجـب: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ (29).
    • أن نقصد بأعمالنا كلها وجه الله وحده، ولا نقصد رضا الناس أو مدحهم: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ (33).
    • أن نعتزّ بالحق الذي معنا ولا نضعف: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾ (35).

تمرين حفظ الصفحة : 508

508

مدارسة الآية : [12] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا ..

التفسير :

[12] إن الله يدخل الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار تَكْرِمَةً لهم، ومثل الذين كفروا في أكلهم وتمتعهم بالدنيا، كمثل الأنعام من البهائم التي لا همَّ لها إلا في الاعتلاف دون غيره، ونار جهنم مسكن لهم ومأوى.

لما ذكر تعالى أنه ولي المؤمنين، ذكر ما يفعل بهم في الآخرة، من دخول الجنات، التي تجري من تحتها الأنهار، التي تسقي تلك البساتين الزاهرة، والأشجار الناظرة المثمرة، لكل زوج بهيج، وكل فاكهة لذيذة.

ولما ذكر أن الكافرين لا مولى لهم، ذكر أنهم وُكِلُوا إلى أنفسهم، فلم يتصفوا بصفات المروءة، ولا الصفات الإنسانية، بل نزلوا عنها دركات، وصاروا كالأنعام، التي لا عقل لها ولا فضل، بل جل همهم ومقصدهم التمتع بلذات الدنيا وشهواتها، فترى حركاتهم الظاهرة والباطنة دائرة حولها، غير متعدية لها إلى ما فيه الخير والسعادة، ولهذا كانت النار مثوى لهم، أي:منزلا معدا، لا يخرجون منها، ولا يفتر عنهم من عذابها.

ثم بين- سبحانه- ما أعده للمؤمنين من ثواب عظيم، وما أعده للكافرين من عذاب أليم، فقال: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ.. أى يتمتعون وينتفعون بملاذ الدنيا أياما قليلة.

وَيَأْكُلُونَ مآكلهم بدون تفكر أو تحر للحلال أو شكر لله كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ طعامها الذي يلقيه إليها صاحبها.

فالمقصود بالجملة الكريمة ذم هؤلاء الكافرين، لشبههم بالأنعام التي لا تعقل، في كونهم يأكلون طعامهم دون أن يشكروا الله- تعالى- عليه، ودون أن يفرقوا بين الحلال والحرام، ودون أن يرتفعوا بإنسانيتهم عن مرتبة الحيوان الأعجم.

قال الآلوسى: والمعنى أن أكلهم مجرد عن الفكر والنظر، كما تقول للجاهل: تعيش كما تعيش البهيمة، فأنت لا تريد التشبيه في مطلق العيش، ولكن في خواصه ولوازمه. وحاصله أنهم يأكلون غافلين عن عواقبهم ومنتهى أمورهم .

وقوله: وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ بيان لسوء عاقبتهم في الآخرة، بعد بيان صورتهم القبيحة في الدنيا. والمثوى: اسم مكان لمحل إقامة الإنسان.

أى: والنار هي المكان المعد لنزولهم فيه يوم القيامة.

ثم قال [ تعالى ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ) أي : يوم القيامة ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ) أي : في دنياهم ، يتمتعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام ، خضما وقضما وليس لهم همة إلا في ذلك . ولهذا ثبت في الصحيح : " المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء " .

ثم قال : ( والنار مثوى لهم ) أي : يوم جزائهم .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)

وقوله ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول تعالى ذكره: إن الله له الألوهة التي لا تنبغي لغيره, يُدخل الذين آمنوا بالله وبرسوله بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار, يفعل ذلك بهم تكرمة على إيمانهم به وبرسوله.

وقوله ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأنْعَامُ ) يقول جل ثناؤه: والذين جحدوا توحيد الله, وكذّبوا رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يتمتعون في هذه الدنيا بحطامها ورياشها وزينتها الفانية الدارسة, ويأكلون فيها غير مفكِّرين في المعاد, ولا معتبرين بما وضع الله لخلقه من الحجج المؤدّية لهم إلى علم توحيد الله ومعرفة صدق رسله, فمثلهم في أكلهم ما يأكلون فيها من غير علم منهم بذلك, وغير معرفة, مثل الأنعام من البهائم المسخرة التي لا همة لها إلا في الاعتلاف دون غيره ( وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) يقول جلّ ثناؤه: والنار نار جهنم مسكن لهم, ومأوى, إليها يصيرون من بعد مماتهم.

التدبر :

وقفة
[12] الذين جحدوا توحيد الله، وكذبوا رسوله ﷺ يتمتعون في هذه الدنيا بحطامها ورياشها وزينتها الفانية، فمثلهم في أكلهم ما يأكلون فيها من غير علم منهم بذلك وغير معرفة، مثل الأنعام من البهائم المسخرة التي لا همة لها إلا في الاعتلاف دون غيره.
وقفة
[12] أنساهم دخولهم غصص ما كانوا فيه في الدنيا من نكد العيش ومعاناة الشدائد، وضموا نعيمها إلى ما كانوا فيه في الدنيا من نعيم الوصلة بالله، ثم لا يحصل لهم كدر ما أصلًا، وهي مأواهم لا يبغون عنها حولًا، وهذا في نظير ما زوي عنهم من الدنيا وضيق فيها عيشهم نفاسة منهم عنها، حتى فرغهم لخدمته وألزمهم حضرته حبًّا لهم وتشريفًا لمقاديرهم.
وقفة
[12] قال الرازي: «كثيرًا ما يقتصر الله على ذكر الأنهار في وصف الجنة؛ لأن الأنهار يتبعها الأشجار، والأشجار تتبعها الثمار، ولأنه سبب حياة العالم».
تفاعل
[12] ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ﴾ في الدنيا كأنهم أنعام، ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم، ساهون عما في غدهم. وقيل: المؤمن في الدنيا يتزود، والمنافق يتزين، والكافر يتمتع.
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ أكل التذاذ ومرح من أي موضع كان، وكيف كان الأكل في سبعة أمعاء؛ أي في جميع بطونهم، من غير تمييز للحرام من غيره؛ لأن الله تعالى أعطاهم الدنيا، ووسع عليهم فيها، وفرغهم لها حتى شغلهم عنه.
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ اقتصار همِّ الكافر على التمتع في الدنيا بالمتع الزائلة.
وقفة
[12] ﴿وَالَّذينَ كَفَروا يَتَمَتَّعونَ وَيَأكُلونَ كَما تَأكُلُ الأَنعامُ﴾ يظنون أن هذه هى المتعة، بينما هى متع وقتية زائلة فالمتعة الحقيقية في: ﴿وَأَنهارٌ مِن عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [15].
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ ساووا الأنعام في العاجلة، وفاقتهم في الآجلة.
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ لما كان الكفار أسوأ حالًا من الأنعام؟! لأنهم تساووا مع الأنعام في الطعام، لكن زادوا عليهم في العذاب، فإن الأنعام غدًا تتحول إلى تراب وهم يعذبون.
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ قال الرازي: «الدنيا للمؤمن سجن كيف كان، ومن يأكل في السجن لا يقال إنه يتمتع».
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ قال عبد القادر الجيلاني لغلامه: «ياغلام: لا يكن همك ما تأكل وما تشرب، وما تلبس وما تنكح، وما تسكن وما تجمع، كل هذا همُّ النفس والطبع، فأين هم القلب، همّك ما أهمك، فليكن همك ربك عز وجل وما عنده».
وقفة
[12] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾ الذي يعيش بلا قيم سامية، وبلا هدف، وبلا غاية، لا فرق بينه وبين دواب الأرض سوى أنه ينطق.
عمل
[12] سم الله عند الأكل، واحمده في آخره، ولا تأكل كما تأكل الأنعام بدون التسمية ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾.
وقفة
[12] بشرية الإنسان دون إيمانه بالله لا تكفي لارتقائه عن مشابهة اﻷنعام؛ لأن الله قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾.
وقفة
[12] هل يتميز الإنسان من الحيوان إلا بأنه يدرك غاية الحياة؟ أما من يأكل كما تأكل الأنعام، ويشرب كما تشرب، ويلد كما تلد، فهو مثلها أو أضل منها سبيلًا: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾.
وقفة
[12] وفي سورة محمد نتعلم حقيقة حياة الكافر مهما بلغ في التقدم: ﴿يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾، إذ لا قيمة للعقل والذكاء بلا إيمان وزكاء.
وقفة
[12] أي قيمة لدنيا يجعلها بعض الناس غايته ومناه، مشتركا بذلك مع الحيوان، صارفا عمره في تتبع زهرتها عما خلق له ﴿يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾.
وقفة
[12] فوا أسفاه وواحسرتاه! كيف ينقضي الزمان، وينفد العمر، والقلب محجوب عن ربه؟ وخرج من الدنيا كما دخل إليها، وما ذاق أطيب ما فيها، بل عاش فيها عيش البهائم، وانتقل منها المفاليس، الذين ﴿يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ﴾.
وقفة
[12] ﴿وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ لكل رحلة نهاية، وكل نهاية هي أشبه بالحصاد، فيا خسارة من كان نهاية حصاده برحلة الحياة النار، فأي عقل كان يحمل!
تفاعل
[12] ﴿وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ اللهَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ يُدْخِلُ الَّذِينَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان».يدخل: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به
  • ﴿ آمَنُوا وَعَمِلُوا:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وعملوا: معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب مثلها.
  • ﴿ الصّالِحاتِ جَنّاتٍ:
  • مفعول به منصوب بعملوا وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. جنات: مفعول به ثان للفعل «يدخل» يعرب اعراب «الصالحات».
  • ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت- لجنات. تجري: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت: جار ومجرور متعلق بتجري او متعلق بحال من الانهار. التقدير: تجري الانهار كائنة تحتها. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. الانهار: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا: تعرب اعراب «آمنوا».
  • ﴿ يَتَمَتَّعُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى: ينتفعون بمتاع الحياة الدنيا اياما قلائل.
  • ﴿ وَيَأْكُلُونَ كَما:
  • معطوفة بالواو على «يتمتعون» وتعرب اعرابها والكاف حرف جر و «ما» مصدرية.
  • ﴿ تَأْكُلُ الْأَنْعامُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة. الانعام: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة تَأْكُلُ الْأَنْعامُ» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب.و«ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق محذوف التقدير: ويأكلون اكلا كأكل الانعام. شبههم بأنهم يأكلون غافلين غير مفكرين في العاقبة كما تأكل البهائم في معالفها غافلة عما ينتظرها
  • ﴿ وَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. النار: مبتدأ مرفوع بالضمة. مثوى: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لانها اسم مقصور نكرة على وزن «فعلى».اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة لمثوى.'

المتشابهات :

الحج: 14﴿ إِنَّ اللَّـهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ
الحج: 23﴿ إِنَّ اللَّـهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا
محمد: 12﴿ إِنَّ اللَّـهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ الفرقَ بينَ الفريقينِ في الاهتداءِ والضلالِ؛ بَيَّنَ هنا الفرقَ بينهما في المَرجِعِ والمآلِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ ..

التفسير :

[13] وكثير من أهل قرى كانوا أشد بأساً من أهل قريتك -أيها الرسول، وهي «مكة»- التي أخرجتك، دمَّرناهم بأنواع من العذاب، فلم يكن لهم نصير ينصرهم من عذاب الله.

أي:وكم من قرية من قرى المكذبين، هي أشد قوة من قريتك، في الأموال والأولاد والأعوان، والأبنية والآلات.

{ أهلكناهم} حين كذبوا رسلنا، ولم تفد فيهم المواعظ، فلا نجد لهمناصرا، ولم تغن عنهم قوتهم من عذاب الله شيئا.

فكيف حال هؤلاء الضعفاء، أهل قريتك، إذ أخرجوك عن وطنك وكذبوك، وعادوك، وأنت أفضل المرسلين، وخير الأولين والآخرين؟!

أليسوا بأحق من غيرهم بالإهلاك والعقوبة، لولا أن الله تعالى بعث رسوله بالرحمة والتأني بكل كافر وجاحد؟

ثم سلى- سبحانه- نبيه عما أصابه منهم من أذى فقال: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ.

وكلمة كَأَيِّنْ مركبة من كاف التشبيه وأى الاستفهامية المنونة، ثم هجر معنى جزأيها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية الدالة على التكثير، ويكنى بها عن عدد مبهم فتحتاج إلى تميز بعدها. وهي مبتدأ.. وقوله: أَهْلَكْناهُمْ خبرها. ومِنْ قَرْيَةٍ تمييز لها. والمراد بالقرية أهلها، وهم مشركو قريش.

أى: وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك التي أخرجوك منها- أيها الرسول الكريم- فترتب على فعلهم هذا أن أهلكناهم دون أن ينصرهم من عقابنا ناصر، أو أن يجيرهم من عذابنا مجير.

قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة، في تكذيبهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو سيد المرسلين، وخاتم النبيين.

روى ابن أبى حاتم، بسنده- عن ابن عباس أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما خرج من مكة إلى الغار، التفت إليها وقال: يا مكة: أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إليّ، ولو أن المشركين لم يخرجونى لم أخرج منك.. فأنزل الله هذه الآية .

ثم واصلت السورة الكريمة حديثها في الموازنة والمقارنة بين حال المؤمنين وحال الكافرين.

فقال- تعالى-:

وقوله : ( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ) يعني : مكة ، ( أهلكناهم فلا ناصر لهم ) ، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة ، في تكذيبهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد المرسلين وخاتم الأنبياء ، فإذا كان الله - عز وجل - قد أهلك الأمم الذين كذبوا الرسل قبله بسببهم ، وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء ، فماذا ظن هؤلاء أن يفعل الله بهم في الدنيا والأخرى ؟ فإن رفع عن كثير منهم العقوبة في الدنيا لبركة وجود الرسول نبي الرحمة ، فإن العذاب يوفر على الكافرين به في معادهم ، ( يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) [ هود : 20 ] .

قوله : ( من قريتك التي أخرجتك ) أي : الذين أخرجوك من بين أظهرهم .

وقال ابن أبي حاتم : ذكر أبي ، عن محمد بن عبد الأعلى ، عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن حنش ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من مكة إلى الغار أراه قال : التفت إلى مكة - وقال : " أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إلي ، ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك " . فأعدى الأعداء من عدا على الله في حرمه ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذحول الجاهلية ، فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم )

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (13)

يقول تعالى ذكره: وكم يا محمد من قرية هي أشد قوة من قريتك, يقول أهلها أشدّ بأسا, وأكثر جمعا, وأعدّ عديدا من أهل قريتك, وهي مكة, وأخرج الخبر عن القرية, والمراد به أهلها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ ) قال: هي مكة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة في قوله ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ ) قال: قريته مكة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه, عن حبيش, عن عكرمة, عن ابن عباس " أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , لما خرج من مكة إلى الغار, أراه قال: التفت إلى مكة, فقال: أَنْتِ أحَبُّ بِلادِ الله إلى الله, وأنْتِ أحَبُّ بِلادِ الله إليَّ, فَلَوْ أنَّ المُشْركِينَ لَمْ يُخْرِجُوني لَمْ أخْرُجْ مِنْكِ, فَأعْتَى الأعْداءِ مَنْ عَتا على الله في حَرَمِهِ, أوْ قَتَلَ غيرَ قاتِلِهِ, أوْ قَتَلَ بذُحُول الجاهِلِيَّةِ", فأنـزل الله تبارك وتعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ ) وقال جل ثناؤه: أخرجتك, فأخرج الخبر عن القرية, فلذلك أُنِّث، ثم قال: أهلكناهم, لأن المعنى في قوله أخرجتك, ما وصفت من أنه أريد به أهل القرية, فأخرج الخبر مرّة على اللفظ, ومرّة على المعنى .

وقوله ( فَلا نَاصِرَ لَهُمْ ) فيه وجهان من التأويل: أحدهما أن يكون معناه, وإن كان قد نصب الناصر بالتبرئة, فلم يكن لهم ناصر, وذلك أن العرب قد تضمر كان أحيانا في مثل هذا. والآخر أن يكون معناه: فلا ناصر لهم الآن من عذاب الله ينصرهم.

التدبر :

عمل
[13] انظر واعتبر في إهلاك الله تعالى للقرى الظالمة ﴿كَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾.
وقفة
[13] ﴿مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ لا أحد يخرج من المكان الذي ألفه وأحبه وعشقه إلا في حالتين: أما أن يخرج عنوة، أو يظلم فلا تقوى نفسه على الجور.
وقفة
[13] ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ الله لا يظلم أحد لكن الناس يظلمون أنفسهم ويسوقون أرواحهم للهلاك بأيديهم، وطريق النجاة لا يتخذونه سبيلًا.
تفاعل
[13] ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَكَأَيِّنْ:
  • الواو استئنافية. كأين: اسم بمعنى «كم» الخبرية وهي كناية عن عدد مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ لان الفعل بعدها استوفى مفعوله.
  • ﴿ مِنْ قَرْيَةٍ:
  • حرف جر بياني. قرية: تمييز «كأين» مجرور بمن. والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «كأين».والمراد بالقرية: اهل قرية ولذلك قال: اهلكناهم فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه بتقدير:وكم من قوم هم اشد قوة من قومك الذين اخرجوك اهلكناهم.
  • ﴿ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً:
  • الجملة الاسمية في محل جر صفة-نعت-لقرية. هي:ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أشد: خبر «هي» مرفوع بالضمة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف على وزن-افعل-صيغة تفضيل وبوزن الفعل. قوة: تمييز منصوب بالفتحة.
  • ﴿ مِنْ قَرْيَتِكَ:
  • جار ومجرور متعلق بأشد والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة-نعت- لقريتك. اخرجتك: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل نصب مفعول به اي بمعنى:أخرجك قومها والقرية هي مكة. ومعنى أخرجوك: كانوا سبب خروجك
  • ﴿ أَهْلَكْناهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «كأين» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَلا ناصِرَ:
  • الفاء استئنافية. لا: اداة نافية للجنس تعمل عمل «ان».ناصر: اسم «لا» النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب اسمها وخبرها محذوف وجوبا.
  • ﴿ لَهُمْ:
  • اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف.'

المتشابهات :

آل عمران: 146﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
يوسف: 105﴿ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ
الحج: 48﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ
العنكبوت: 60﴿ وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ
محمد: 13﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ
الطلاق: 8﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا
الحج: 45﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا ضَربَ اللهُ مَثَلًا للكافِرينَ بالأممِ السابقةِ؛ ضَرَب هنا للنَّبيِّ عليه السَّلامُ مَثلًا؛ تسليةَ له، قال تعالى:
﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن ..

التفسير :

[14] أفمن كان على برهان واضح من ربه والعلم بوحدانيته، كمن حسَّن له الشيطان قبيح عمله، واتبع ما دعته إليه نفسه من معصية الله وعبادة غيره مِن غير حجة ولا برهان؟ لا يستوون.

أي:لا يستوي من هو على بصيرة من أمر دينه، علما وعملا، قد علم الحق واتبعه، ورجا ما وعده الله لأهل الحق، كمن هو أعمى القلب، قد رفض الحق وأضله، واتبع هواه بغير هدى من الله، ومع ذلك، يرى أن ما هو عليه من الحق، فما أبعد الفرق بين الفريقين! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين، أهل الحق وأهل الغي!

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ للإنكار والنفي، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه السياق، و «من» مبتدأ، والخبر قوله كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ. والبينة: ما يتبين به الحق من كل شيء، كالنصوص الصحيحة في النقليات والبراهين السليمة في العقليات.

والمراد بمن كان على بينة من ربه: الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأتباعه، والمراد بمن زين له سوء عمله، واتبعوا أهواءهم: المشركون الذين استحبوا العمى على الهدى.

والمعنى: أفمن كان على بينة من أمر ربه، وعلى طريقة سليمة من هديه، يستوي مع من كان على ضلالة من أمره، بأن ارتكب الموبقات مع توهمه بأنها حسنات، واتبع هواه دون أن يفرق بين القبيح والحسن؟ لا شك أنهما لا يستويان في عقل أى عاقل. فإن الفريق الأول مهتد في منهجه وسلوكه، والفريق الثاني في النقيض منه.

يقول : ( أفمن كان على بينة من ربه ) أي : على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه ، بما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم ، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة ، ( كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم ) أي : ليس هذا كهذا كقوله : ( أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى ) [ الرعد : 19 ] ، وكقوله : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر : 20 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)

يقول تعالى ذكره: ( أَفَمَنْ كَانَ ) على برهان وحجة وبيان ( مِنْ ) أمر ( رَبِّهِ ) والعلم بوحدانيته, فهو يعبده على بصيرة منه, بأن له رَبًّا يجازيه على طاعته إياه الجنة, وعلى إساءته ومعصيته إياه النار,( كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ) يقول: كمن حسَّن له الشيطان قبيح عمله وسيئه, فأراه جميلا فهو على العمل به مقيم ( وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) يقول: واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية الله, وعبادة الأوثان من غير أن يكون عندهم بما يعملون من ذلك برهان وحجة. وقيل: إن الذي عني بقوله: ( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) نبينا عليه الصلاة والسلام , وإن الذي عُنِي بقوله: ( كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ) هم المشركون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ البيِّنة من الرب، بمعنى أن الهداية لا تكون إلا من الله وحده.
وقفة
[14] ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ العمل السيئ هو في عين أصحابه عمل حسن جميل، والسبب: تزيين الشيطان لهم سيئ الأعمال.
وقفة
[14] ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم﴾ طريق الصواب يتضح لك عندما تسلم زمام نفسك لله وتدع هوى نفسك جانبًا الذي لا يأتي بخير.
وقفة
[14] ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم﴾ لا يستوي من يعبد الله على بصيرة من علم، ومن يعبده بتقليد وهوى.
عمل
[14] اقرأ كتابًا في صفة وضوء النبي ﷺ وصلاته حتى تعبد الله على بينة ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَمَنْ:
  • الهمزة همزة انكار بلفظ‍ استفهام والفاء زائدة-تزيينية-.من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على «من».على بينة: جار ومجرور متعلق بخبر «كان».
  • ﴿ مِنْ رَبِّهِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من بينة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى على حجة ظاهرة من ربه
  • ﴿ كَمَنْ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ «من».من: اسم موصول في محل جر بالاضافة مبني على السكون.
  • ﴿ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. زين: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. له: جار ومجرور متعلق بزين. سوء: نائب فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف.عمله: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: زين الشيطان له سوء عمله.
  • ﴿ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ:
  • معطوفة بالواو على «زين» وجاء الفعل للمجموع محمولا على معنى «من» لا لفظها وفي «كان» و «عمله» محمولا على اللفظ‍.اتبعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. اهواء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة'

المتشابهات :

الأنعام: 122﴿ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
هود: 17﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ
السجدة: 18﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ
محمد: 14﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا كان قولُه تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ دليلًا شُهودِيًّا بعدَ الأدِلَّةِ العَقليَّةِ على ما تقدَّمَ الوعدُ به -أنَّه ينصُرُ مَن ينصُرُه، ويخذُلُ مَن يعاندُه-؛ سبَّبَ عنه الإنكارَ عليهم، قال تعالى:
﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ..

التفسير :

[15] صفة الجنة التي وعدها الله المتقين:فيها أنهارٌ عظيمة من ماء غير متغيِّر، وأنهار من لبن لم يتغيَّر طعمه، وأنهار من خمر يتلذذ به الشاربون، وأنهار من عسل قد صُفِّي ممَّا يخالطه من الشوائب، ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة جميع الثمرات من مختلف الفواكه وغيره

أي:مثل الجنة التي أعدها الله لعباده، الذين اتقوا سخطه، واتبعوا رضوانه، أي:نعتها وصفتها الجميلة.

{ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} أي:غير متغير، لا بوخم ولا بريح منتنة، ولا بمرارة، ولا بكدورة، بل هو أعذب المياه وأصفاها، وأطيبها ريحا، وألذها شربا.

{ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} بحموضة ولا غيرها،{ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} أي:يلتذ به شاربه لذة عظيمة، لا كخمر الدنيا الذي يكره مذاقه ويصدع الرأس، ويغول العقل.

{ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} من شمعه، وسائر أوساخه.

{ وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} من نخيل، وعنب، وتفاح، ورمان، وأترج، وتين، وغير ذلك مما لا نظير له في الدنيا، فهذا المحبوب المطلوب قد حصل لهم.

ثم قال:{ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} يزول بها عنهم المرهوب، فأي هؤلاء خير أم من هو خالد في النار التي اشتد حرها، وتضاعف عذابها،{ وَسُقُوا} فيها{ مَاءً حَمِيمًا} أي:حارا جدا،{ فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}

فسبحان من فاوت بين الدارين والجزاءين، والعاملين والعملين.

ثم أكد- سبحانه- هذا المعنى بأن بين مصير الفريقين فقال: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ.

والمراد بالمثل هنا: الصفة. وهو مبتدأ، والكلام على تقدير الاستفهام الإنكارى، وتقدير مضاف محذوف، والخبر قوله- تعالى-: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ. أى: أمثل أهل الجنة كمثل من هو خالد في النار، أو: أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد في النار، وقدر الاستفهام في المبتدأ لأنه مرتب على الإنكارى السابق في قوله: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ.

ورحم الله- تعالى- صاحب الكشاف، فقد قال: فإن قلت ما معنى قوله- تعالى-:

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ كمن هو خالد في النار؟

قلت: هو كلام في صورة الإثبات، ومعناه النفي والإنكار، لانطوائه تحت حكم كلام مصدر بحروف الإنكار، ودخوله في حيزه، وانخراطه في سلكه، وهو قوله- تعالى-:

أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ..؟ فكأنه قيل: أمثل الجنة كمن هو خالد في النار، أى كمثل جزاء من هو خالد في النار؟

فإن قلت: فلم عرّى في حرف الإنكار؟ وما فائدة التعرية؟

قلت: تعريته من حرف الإنكار فيها زيادة تصوير لمكابرة من يسوى بين المتمسك بالبينة والتابع لهواه، وأنه بمنزلة من يثبت التسوية بين الجنة التي تجرى فيها الأنهار، وبين النار التي يسقى أهلها الجحيم.. .

وقوله- سبحانه-: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ تفسير مسوق لشرح محاسن الجنة أى: صفة الجنة التي وعد الله- تعالى- بها عباده المتقين، أنها فيها أنهار من ماء ليس متغيرا في طعمه أو رائحته، وإنما هو ماء طيب لذيذ تشتهيه النفوس.

والماء الآسن: هو الماء الذي تغير طعمه وريحه، لطول مكثه في مكان معين. يقال: أسن الماء يأسن- كضرب- يضرب، إذا تغير.

وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ أى: وفيها- أيضا- أنهار من لبن لم يتغير طعمه لا بالحموضة ولا بغيرها مما يجرى على الألبان التي تشرب في الدنيا.

وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ أى: وفيها كذلك أنهار من خمر هي في غاية اللذة لمن يشربها، إذ لا يعقبها ذهاب عقل، ولا صداع.

وقال- سبحانه- لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ للإشعار بأنها لذيذة لجميع من يشربونها بخلاف خمر الدنيا فإن من الناس من ينفر منها ويعافها حتى ولو كان على غير دين الإسلام.

وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى أى: وفيها- أيضا- أنهار من عسل لا يخالطه ما يخالط عسل الدنيا من الشمع أو غيره.

وَلَهُمْ أى: للمؤمنين فِيها أى: في الجنة فضلا عن كل ذلك مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ التي يشتهونها، وأهم من كل ذلك أنهم لهم فيها: مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ أى: لهم ثواب عظيم وفضل كبير من ربهم، حيث ستر لهم ذنوبهم، وأزالها عنهم، وحولها إلى حسنات بكرمه وإحسانه.

وقوله- سبحانه-: كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ أى:

أمثل جزاء المؤمنين الذي هو الجنة التي فيها ما فيها من أنهار الماء واللبن والخمر والعسل..

كمثل عقاب الكافرين والمتمثل في نارهم خالدين فيها أبدا، وفي ماء في أشد درجات الحرارة، يشربونه فيقطع أمعاءهم؟

لا شك أن كل عاقل يرى فرقا شاسعا، بين حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة الكافرين.

وبذلك نرى أن هاتين الآيتين قد فرقت بين الأخيار والأشرار في المنهج والسلوك، وفي المصير الذي يصير إليه كل فريق.

وبعد هذا الحديث المفصل عن حال المؤمنين وحال الكافرين وعن مصير كل فريق. انتقلت السورة إلى الحديث عن المنافقين، وعن موقفهم من النبي صلّى الله عليه وسلّم ومن القرآن الكريم الذي أنزله الله- تعالى- عليه، فقال- سبحانه-:

ثم قال : ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) قال عكرمة : ( مثل الجنة ) أي : نعتها : ( فيها أنهار من ماء غير آسن ) قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : يعني غير متغير . وقال قتادة ، والضحاك ، وعطاء الخراساني : غير منتن . والعرب تقول : أسن الماء ، إذا تغير ريحه .

وفي حديث مرفوع أورده ابن أبي حاتم : ( غير آسن ) يعني : الصافي الذي لا كدر فيه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق قال : قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك .

( وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ) أي : بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة . وفي حديث مرفوع : " لم يخرج من ضروع الماشية " .

( وأنهار من خمر لذة للشاربين ) أي : ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا ، بل [ هي ] حسنة المنظر والطعم والرائحة والفعل ، ( لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) [ الصافات : 47 ] ، ( لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) [ الواقعة : 19 ] ، ( بيضاء لذة للشاربين ) [ الصافات : 46 ] ، وفي حديث مرفوع : " لم تعصرها الرجال بأقدامها " .

[ وقوله ] ( وأنهار من عسل مصفى ) أي : وهو في غاية الصفاء ، وحسن اللون والطعم والريح ، وفي حديث مرفوع : " لم يخرج من بطون النحل " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا الجريري ، عن حكيم بن معاوية ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " في الجنة بحر اللبن ، وبحر الماء ، وبحر العسل ، وبحر الخمر ، ثم تشقق الأنهار منها بعد " .

ورواه الترمذي في " صفة الجنة " ، عن محمد بن بشار ، عن يزيد بن هارون ، عن سعيد بن إياس الجريري به وقال : حسن صحيح .

وقال أبو بكر بن مردويه حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة الإيادي ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذه الأنهار تشخب من جنة عدن في جوبة ، ثم تصدع بعد أنهارا "

وفي الصحيح : " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن " .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وعبد الله بن الصقر السكري قالا : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا عبد الرحمن بن المغيرة ، حدثني عبد الرحمن بن عياش ، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي ، عن أبيه ، عن عمه لقيط بن عامر ، قال دلهم : وحدثنيه أيضا أبو الأسود ، عن عاصم بن لقيط أن لقيط بن عامر خرج وافدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : يا رسول الله ، فعلام نطلع من الجنة ؟ قال : " على أنهار عسل مصفى ، وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وماء غير آسن ، وفاكهة ، لعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله ، وأزواج مطهرة " قلت : يا رسول الله ، أولنا فيها أزواج مصلحات ؟ قال : " الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم ، غير ألا توالد " .

وقال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا : حدثنا يعقوب بن عبيدة ، عن يزيد بن هارون ، أخبرني الجريري ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : لعلكم تظنون أن أنهار الجنة تجري في أخدود في الأرض ، والله إنها لتجري سائحة على وجه الأرض ، حافاتها قباب اللؤلؤ ، وطينها المسك الأذفر .

وقد رواه أبو بكر بن مردويه ، من حديث مهدي بن حكيم ، عن يزيد بن هارون به مرفوعا .

وقوله : ( ولهم فيها من كل الثمرات ) ، كقوله : ( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ) [ الدخان : 55 ] . وقوله : ( فيهما من كل فاكهة زوجان ) [ الرحمن : 52 ] .

وقوله : ( ومغفرة من ربهم ) أي : مع ذلك كله .

وقوله : ( كمن هو خالد في النار ) أي : أهؤلاء الذين ذكرنا منزلتهم من الجنة كمن هو خالد في النار ؟ ليس هؤلاء كهؤلاء ، أي : ليس من هو في الدرجات كمن هو في الدركات ، ( وسقوا ماء حميما ) أي : حارا شديد الحر ، لا يستطاع . ( فقطع أمعاءهم ) أي : قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء ، عياذا بالله من ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)

يقول تعالى ذكره: صفة الجنة التي وعدها المتقون, وهم الذين اتقوا في الدنيا عقابه بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه ( فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) يقول تعالى ذكره في هذه الجنة التي: ذكرها أنهار من ماء غير متغير الريح, يقال منه: قد أسن ماء هذه البئر: إذا تغيرت ريح مائها فأنتنت, فهو يأسَن أسَنًا, وكذلك يُقال للرجل إذا أصابته ريح منتنة: قد أَسِن فهو يأْسَن. وأما إذا أَجَنَ الماء وتغير, فإنه يقال له: أسِن فهو يأسَن, ويأسن أسونا, وماء أسن.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله ( فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) يقول: غير متغير.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) قال: من ماء غير مُنْتن.

حدثني عيسى بن عمرو, قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد, قال: ثنا مصعب بن سلام, عن سعد بن طريف, قال: سألت أبا إسحاق عن ( مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ ) قال: سألت عنها الحارث, فحدثني أن الماء الذي غير آسن تسنيم, قال: بلغني أنه لا تمسه يد, وأنه يجيء الماء هكذا حتى يدخل فى فيه. وقوله ( وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ) يقول تعالى ذكره: وفيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه لأنه لم يحلب من حيوان فيتغير طعمه بالخروج من الضروع, ولكنه خلقه الله ابتداء في الأنهار, فهو بهيئته لم يتغير عما خلقه عليه.

وقوله ( وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ ) يقول: وفيها أنهار من خمر لذة للشاربين يلتذّون بشربها.

كما حدثني عيسى, قال: ثنا إبراهيم بن محمد, قال: ثنا مصعب, عن سعد بن طريف, قال: سألت عنها الحارث, فقال: لم تدسه المجوس, ولم ينفخ فيه الشيطان, ولم تؤذها شمس, ولكنها فوحاء (1) قال: قلت لعكرمة: ما الفوحاء: قال: الصفراء.

وكما حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثنا حفص بن عمر, قال: ثنا الحكم بن أبان, عن عكرمة, في قوله ( مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ) قال: لم يحلب, وخُفِضت اللذة على النعت للخمر, ولو جاءت رفعا على النعت للأنهار جاز, أو نصبا على يتلذّذ بها لذة, كما يقال: هذا لك هبة. كان جائزا ; فأما القراءة فلا أستجيزها فيها إلا خفضا لإجماع الحجة من القرّاء عليها.

وقوله ( وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ) يقول: وفيها أنهار من عسل قد صُفِّي من القَذى, وما يكون في عسل أهل الدنيا قبل التصفية, إنما أعلم تعالى ذكره عباده بوصفه ذلك العسل بأنه مصفى أنه خلق في الأنهار ابتداء سائلا جاريا سيل الماء واللبن المخلوقين فيها, فهو من أجل ذلك مصفًّى, قد صفاه الله من الأقذاء التي تكون في عسل أهل الدنيا الذي لا يصفو من الأقذاء إلا بعد التصفية, لأنه كان في شمع فصُفي منه.

وقوله ( وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) يقول تعالى ذكره: ولهؤلاء المتقين في هذه الجنة من هذه الأنهار التي ذكرنا من جميع الثمرات التي تكون على الأشجار ( وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ) يقول: وعفو من الله لهم عن ذنوبهم التي أذنبوها في الدنيا, ثم تابوا منها, وصَفْحٌ منه لهم عن العقوبة عليها.

وقوله ( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ ) يقول تعالى ذكره: أمَّن هو في هذه الجنة التي صفتها ما وصفنا, كمن هو خالد في النار. وابتُدئ الكلام بصفة الجنة, فقيل: مثل الجنة التي وعد المتقون, ولم يقل: أمَّن هو في الجنة. ثم قيل بعد انقضاء الخبر عن الجنة وصفتها( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ ) . وإنما قيل ذلك كذلك, استغناء بمعرفة السامع معنى الكلام, ولدلالة قوله ( كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ ) على معنى قوله ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ).

وقوله ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا ) يقول تعالى ذكره: وسُقي هؤلاء الذين هم خلود في النار ماء قد انتهى حرّه فقطع ذلك الماء من شدّة حرّه أمعاءهم.

كما حدثني محمد بن خلف العَسْقلانيّ, قال: ثنا حَيْوة بن شُريح الحِمصِيّ, قال: ثنا بقية, عن صفوان بن عمرو, قال: ثني عبيد الله بن بشر, عن أبي أُمامة الباهلي, عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وقوله وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ قال: يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ, فإذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ, وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رأْسِهِ, فإذَا شَرِبَ قَطَّعَ أمْعاءَهُ حتى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ. قال: يقول الله ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ) يقول الله عزّ وجلّ &; 22-169 &; يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا .

------------------------

الهوامش:

(1) في اللسان : الفوح : وجدانك الريح الطيبة . فاحت ريح المسك تفوح وتفيح ، فوحا وفيحا . وفوحانا فيحانا : انتشرت رائحته .

التدبر :

وقفة
[15] خاطبنا الله بما اعتدناه، فالماء يأسن أي يتغير، وماء الجنة غير آسن، ويراد بذلك المستقبل أي لا يتغير أبدًا، واللبن في الدنيا يتغير طعمه، أي يحمض بطول المقام، وليس هذا في لبن الجنة، وأنهار من خمر لذة للشاربين، لم تدنسها يد، ولا تكرهها نفس، وأنهار من عسل مصفى، قال عنها ابن عباس: «أي لم يخرج من بطون النحل».
وقفة
[15] ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ هذا ليس وصف الجنة كما هي، ولكنه مثل يقرّب الله به الصورة إلى الأذهان بأشياء معروفة في حياتنا، فلا يمكن لعقول البشر أن تستوعب عن الجنة أكثر من المذكور، ولا توجد أسماء في الحياة تعبّر عن حقيقة ما في الجنة.
وقفة
[15] ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ عَجَزت اللغة عن التعبير عَما في الجنة، فلما أراد الله أن يُعبِّر عمَّا فيها؛ استعمل المثل لا الوصف، فلا توجد ألفاظ في لغتنا تُؤدِّي معاني ما في الجنة.
اسقاط
[15] ﴿مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتي وُعِدَ المُتَّقونَ فيها﴾ هل تعد نفسك منهم؟! راجع قلبك لتفوز بالجنة.
وقفة
[15] ﴿الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ كل المفاجآت السارة، وبشائر الخير وقرة العين وعدها الله وحضرها لمن اتقها، لمن قدم رضاه عن كل ماترغب به روحه.
وقفة
[15] ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ بعد تعب الدنيا ستستريح روحك، ضمأ نفسك سيروى في مكان ما، لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وقفة
[15] ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ كل ما تشتهيه ستجده هناك، وزيادة غفران ربك! فاتعب قليلًا هنا لتستريح كثيرًا هناك.
تفاعل
[15] ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[15] ﴿ومغفرة من ربهم﴾ ما فائدته بعد وصف إضافة النعم عليهم، والمغفرة سابقة لتلك النعم؟ الجواب: أن (الواو) لا توجب الترتيب في الإخبار، وإفاضة النعم لا يلزم منه الستر، فذكر سبحانه أنه مع ذلك ستر ذنوبه ولم يفضحهم بها.
تفاعل
[15] ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[15] ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ أنت على الخيار، بين نعيم الجنة أو لهيب النار، وليس لك غيرهما قرار، ولا منهما فرار، واختيارك يظهر اليوم بحسب ما تقضي به الأعمار من أعمال الأبرار أو أعمال الفجار.
وقفة
[15] ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا﴾ ليسوا في هذا على الخيار بل يسقون بالإجبار، ومن يسقيهم هم ملائكة العذاب في النار، فهنا القهر النفسي مع الألم البدني.
وقفة
[15] لا يحتمل الإنسان ارتفاع حرارة جسمه ولو درجات قليلة! فكيف إذا جلبها لجوفه؟ تأمل: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾، هذا ما حدث للأمعاء وهي في آخر الجوف، فما ظنك بما فوقها من أعضاء الجسم؟! نسأل الله العافية.

الإعراب :

  • ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة، الجنة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. بتقدير: امثل الجنة وهو كلام في صورة الاثبات ومعنى النفي والانكار ودخوله في حيز كلام مصدر بحرف الانكار وانخراطه في سلكه لانطوائه تحت حكمه وهو قوله تعالى في الآية السابقة أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ» بتقدير: أمثل الجنة كمن هو خالد في النار؟ حرف الانكار زيادة تصوير لمكابرة من يسوي بين المتمسك بالبينة والتابع لهواه وانه بمنزلة من يثبت التسوية بين الجنة التي تجري فيها تلك الانهار وبين النار التي يسقى اهلها الحميم. ومثل الجنة صفة الجنة العجيبة الشأن هذا ما ذكره الزمخشري ونظرا لما في هذا التأويل من الطلاوة فقد ارتأيت ان ادرجه هنا للاستمتاع والفائدة.
  • ﴿ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة- نعت-للجنة. وعد: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.المتقون: نائب فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: التي وعد الله بها المتقين.
  • ﴿ فِيها أَنْهارٌ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. انهار: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية لا محل لها من الاعراب لانها داخلة في حكم الصلة كالتكرير لها بتقدير: التي فيها انهار ويجوز ان تكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هي فيها انهار. ويجوز ايضا ان تكون في محل نصب حالا بتقدير مستقرة فيها أنهار.
  • ﴿ مِنْ ماءٍ:
  • حرف جر بياني لبيان جنس الانهار وتمييز له. ماء: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من انهار بمعنى فيها انهار هي ماء غير آسن.
  • ﴿ غَيْرِ آسِنٍ:
  • صفة-نعت-لماء مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. آسن:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: من ماء غير متغير طعمه
  • ﴿ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ:
  • معطوفة بالواو على فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ:
  • الجملة الفعلية في محل جر صفة-نعت-للبن. لم:حرف نفي وجزم وقلب. يتغير: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره. طعمه: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ:
  • تعرب اعراب وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ». لذة: صفة -نعت-لخمر بمعنى لذيذة وهي مؤنث «لذ» وهو اللذيذ او يكون وصفا بالمصدر اي ذات لذة.
  • ﴿ لِلشّارِبِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بلذة وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.
  • ﴿ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى:
  • معطوفة بالواو على أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ» وتعرب اعرابها وعلامة جر «مصفى» الكسرة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لانها اسم مقصور نكرة.
  • ﴿ وَلَهُمْ فِيها:
  • الواو عاطفة واللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. فيها: جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من المبتدأ لانه صفة مقدمة له
  • ﴿ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ:
  • حرف جر زائد. كل: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه مبتدأ مؤخر. الثمرات مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. ويجوز ان يكون الجار والمجرور مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ» متعلقا بصفة محذوفة للمبتدإ المؤخر المحذوف اختصارا لان ما بعده يدل عليه اي فيها ثمر من كل الثمرات.
  • ﴿ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ:
  • معطوفة بالواو على مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ» اي ثمر من كل الثمرات ومغفرة من ربهم بمعنى: ولهم مغفرة من ربهم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ كَمَنْ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ مَثَلُ الْجَنَّةِ». من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ هُوَ خالِدٌ فِي النّارِ:
  • الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.خالد: خبر «هو» مرفوع بالضمة. في النار: جار ومجرور متعلق بخالد.
  • ﴿ وَسُقُوا:
  • الواو عاطفة. سقوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ ماءً حَمِيماً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. حميما: صفة-نعت- لماء منصوبة بالفتحة اي شديد الحرارة.
  • ﴿ فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ:
  • الفاء عاطفة للتسبيب. قطع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. امعاء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

الرعد: 35﴿ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا
محمد: 15﴿ مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ الفرقَ بيْنَ الفَريقَينِ في الاهتِداءِ والضَّلالِ؛ بَيَّنَ هنا الفرقَ بيْنَهما في مَرجِعِهما ومآلِهِما، قال تعالى:
﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آسن:
1- على وزن «فاعل» ، من «أسن» بفتح السين، وهى قراءة ابن كثير، وأهل مكة.
وقرئ:
2- ياسن، بالياء.

مدارسة الآية : [16] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى ..

التفسير :

[16] ومن هؤلاء المنافقين مَن يستمع إليك -أيها النبي- بغير فهم؛ تهاوناً منهم واستخفافاً، حتى إذا انصرفوا من مجلسك قالوا لمن حضروا مجلسك من أهل العلم بكتاب الله -على سبيل الاستهزاء-:ماذا قال محمد الآن؟ أولئك الذين ختم الله على قلوبهم، فلا تفقه الحق ولا تهت

يقول تعالى:ومن المنافقين{ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} ما تقول استماعا، لا عن قبول وانقياد، بل معرضة قلوبهم عنه، ولهذا قال:{ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} مستفهمين عما قلت، وما سمعوا، مما لم يكن لهم فيه رغبة{ مَاذَا قَالَ آنِفًا} أي:قريبا، وهذا في غاية الذم لهم، فإنهم لو كانوا حريصين على الخير لألقوا إليه أسماعهم، ووعته قلوبهم، وانقادت له جوارحهم، ولكنهم بعكس هذه الحال، ولهذا قال:{ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي:ختم عليها، وسد أبواب الخير التي تصل إليها بسبب اتباعهم أهواءهم، التي لا يهوون فيها إلا الباطل.

وضمير الجمع في قوله- تعالى-: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ يعود إلى هؤلاء الكافرين الذين يأكلون كما تأكل الأنعام، وذلك باعتبار أن المنافقين فرقة من الكافرين، إلا أنها تخفى هذا الكفر وتبطنه.

كما يحتمل أن يعود إلى كل من أظهر الإسلام، باعتبار أن من بينهم قوما قالوا كلمة الإسلام بأفواههم دون أن تصدقها قلوبهم.

وعلى كل حال فإن النفاق قد ظهر بالمدينة، بعد أن قويت شوكة المسلمين بها. وصاروا قوة يخشاها أعداؤهم، هذه القوة جعلت بعض الناس يتظاهرون بالإسلام على كره وهم يضمرون له ولأتباعه العداوة والبغضاء.. ويؤيدهم في ذلك اليهود وغيرهم من الضالين.

أى: ومن هؤلاء الذين يناصبونك العداوة والبغضاء- أيها الرسول الكريم قوم يستمعون إليك بآذانهم لا بقلوبهم.

حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ أى: من مجلسك الذي كانوا يستمعون إليك فيه، قالُوا على سبيل الاستهزاء والتهكم لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من أصحابك، الذين فقهوا كلامك وحفظوه.

ماذا قالَ آنِفاً أى: ماذا كان يقول محمد صلّى الله عليه وسلّم قبل أن نفارق مجلسه.

فقوله: آنِفاً اسم فاعل، ولم يسمع له فعل ثلاثي، بل سمع ائتنف يأتنف واستأنف يستأنف بمعنى ابتدأ.

قال القرطبي: قوله: ماذا قالَ آنِفاً أى: ماذا قال الآن.. فآنفا يراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك، من قولك استأنفت الشيء إذا ابتدأت به ومنه قولهم: أمر أنف، وروضة أنف، أى: لم يرعها أحد .

وقال الآلوسى ما ملخصه: قوله: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ... هم المنافقون، وإفراد الضمير باعتبار اللفظ، كما أن جمعه باعتبار المعنى.

قال ابن جريج، كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاونا منهم.

ومقصودهم بقولهم: ماذا قالَ آنِفاً الاستهزاء وإن كان بصورة الاستعلام.

وآنِفاً اسم فاعل على غير القياس أو بتجريد فعله من الزوائد لأنه لم يسمع له ثلاثي، بل المسموع: استأنف وأتنف .

ثم بين- سبحانه- حالهم فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ. أى: أولئك المنافقون الذين قالوا هذا القول القبيح، هم الذين طبع الله- تعالى- على قلوبهم بأن جعلها بسبب استحبابهم الضلالة على الهداية لا ينتفعون بنصح، ولا يستجيبون لخير، وهم الذين اتبعوا أهواءهم وشهواتهم فصاروا لا يعقلون حقا، ولا يفقهون حديثا.

فالآية الكريمة تصور تصويرا بليغا ما كان عليه هؤلاء المنافقون من مكر وخداع، ومن خبث وسوء طوية. وترد عليهم بهذا الذم الشديد الذي يناسب جرمهم.

يقول تعالى مخبرا عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم حيث كانوا يجلسون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويستمعون كلامه ولا يفهمون منه شيئا ، فإذا خرجوا من عنده ( قالوا للذين أوتوا العلم ) من الصحابة : ( ماذا قال آنفا ) أي : الساعة ، لا يعقلون ما يقال ، ولا يكترثون له .

قال الله تعالى : ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم ) أي : فلا فهم صحيح ، ولا قصد صحيح .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16)

يقول تعالى ذكره: ومن هؤلاء الكفار يا محمد ( مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ) وهو المنافِق, فيستمع ما تقول فلا يعيه ولا يفهمه, تهاونا منه بما تتلو عليه من كتاب ربك, تغافلا عما تقوله, وتدعو إليه من الإيمان,( حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ ) قالوا إعلاما منهم لمن حضر معهم مجلسك من أهل العلم بكتاب الله, وتلاوتك عليهم ما تلوت, وقيلك لهم ما قلت إنهم لن يُصْغوا أسماعهم لقولك وتلاوتك ( مَاذَا قَالَ ) لنا محمد ( آنِفًا ) ؟ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ ) هؤلاء المنافقون, دخل رجلان: رجل ممن عقل عن الله وانتفع بما سمع ورجل لم يعقل عن الله, فلم ينتفع بما سمع, كان يقال: الناس ثلاثة: فسامع عامل, وسامع غافل, وسامع تارك.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ) قال: هم المنافقون. وكان يقال: الناس ثلاثة: سامع فعامل, وسامع فغافل, وسامع فتارك.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن آدم, قال: ثنا شريك, عن عثمان أبي اليقظان, عن يحيى بن الجزّار, أو سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, في قوله ( حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ) قال ابن عباس: أنا منهم, وقد سُئِلت فيمن سُئِل.

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ )... إلى آخر الآية, قال: هؤلاء المنافقون, والذين أُوتُوا العلم: الصحابة رضي الله عنهم.

وقوله ( أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين هذه صفتهم هم القوم الذين ختم الله على قلوبهم, فهم لا يهتدون للحقّ الذي بعث الله به رسوله عليه الصلاة والسلام ( وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) يقول: ورفضوا أمر الله, واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم, فهم لا يرجعون مما هم عليه إلى حقيقة ولا برهان, وسوّى جلّ ثناؤه بين صفة هؤلاء المنافقين وبين المشركين, في أن جميعهم إنما يتبعون فيما هم عليه من فراقهم دين الله, الذي ابتعث به محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أهواءهم, فقال في هؤلاء المنافقين: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ) وقال في أهل الكفر به من أهل الشرك, كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ .

التدبر :

وقفة
[16] ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ كان يقال: «الناس ثلاثة: فسامع عامل، وسامع عاقل، وسامع غافل تارك»، فانظر حالك مع القرآن لتعرف من أي الطوائف أنت.
وقفة
[16] ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ الاستماع هو أشد السمع وأقواه، أي يستمعون باهتمام، ويُظهرون أنهم حريصون على فهم ما يقوله رسول الله، لكن مع أنه سماع باهتمام لكنه مع إصرار على الإعراض وتعمد عدم الإيمان.
وقفة
[16] ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا﴾ قال قتادة في هؤلاء المنافقين: «الناس رجلان: رجل عقل عن الله فانتفع بما سمع، ورجل لم يعقل ولم ينتفع بما سمع».
وقفة
[16] ﴿حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا﴾ بيان سوء أدب المنافقين مع رسول الله ﷺ.
وقفة
[16] اختصوا أهل العلم ليغيظوهم؛ لأنهم أغير على الوحي، وأشد غضبًا لله.
وقفة
[16] كم يلاقى أولوا العلم من أمثال هؤلاء؟!
وقفة
[16] المداخل فى الأصل معطلة؛ فكيف يلج الخير إلى القلوب؟!
وقفة
[16] طبع الله على قلوبهم بسبب عدم عنايتهم باستماع حسن وبانصات واهتمام بالغين.
عمل
[16] ﴿قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ من أتاه الله علمًا سينظر إليه الناس نظرة أشبه بالكمال؛ فليته لا يخذلهم أو يصدمهم، وليدعوا لربه لا لنفسه.
عمل
[16] ﴿أوتوا العلم﴾، ﴿مما عُلِّمت﴾ [الكهف: 66]، ﴿وعلَّمناه﴾ [الكهف: 65]؛ لا تغتر بعلمك، إنما هو شيء أوتيته وعُلمته، ليس لك منه شيء.
وقفة
[16] ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ هنالك قلوب أغلقها الله بيده، فلا يتسرب له إيمان؛ لأنهم هم من أغلقوها أولًا، ورفضوا النور والهدى.
وقفة
[16] ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ هل اتباع الهوى يكون سبب للطبع على القلب؟ الجواب: نعم، وأسباب الطبع على القلب كثيرة، يجمعها مخالفة أمر الله تعالى، نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.
عمل
[16] تعلمنا سورة محمد خطر المنافقين على الصفِّ الداخلي، وغفلتهم عن تدبر القرآن، والسبب تلك الأقفال على قلوبهم! لنتدبر الآيات ولنحذر.

الإعراب :

  • ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ:
  • الواو استئنافية. من: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر
  • ﴿ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل من الاعراب. يستمع:فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اليك: جار ومجرور متعلق بيستمع.
  • ﴿ حَتّى إِذا:
  • حرف غاية وابتداء. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه.
  • ﴿ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. خرجوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. من عندك: جار ومجرور متعلق بخرجوا والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-وهو الرسول الكريم مبني على الفتح في محل جر بالاضافة وجاءت «يستمع» على لفظ‍ «من» و «خرجوا» على معنى:«من» لا لفظها
  • ﴿ قالُوا:
  • تعرب اعراب «خرجوا».وجملة «قالوا» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لِلَّذِينَ:
  • اللام حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بقالوا.
  • ﴿ أُوتُوا الْعِلْمَ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. اوتوا:فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والالف فارقة.العلم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ ماذا:
  • استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «قال».
  • ﴿ قالَ آنِفاً:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. آنفا: ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بقال بمعنى: ماذا قال محمد منذ ساعة؟ والجملة ماذا قالَ آنِفاً» في محل نصب مفعول به-مقول القول-لقالوا.
  • ﴿ أُولئِكَ الَّذِينَ:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هم. وجملة «هم الذين» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ طَبَعَ اللهُ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. طبع:فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ عَلى قُلُوبِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بطبع. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى اغلق الله قلوبهم عن الفهم والادراك.
  • ﴿ وَاتَّبَعُوا أَهوااءَهُمْ:
  • الواو عاطفة. اتبعوا: تعرب اعراب «خرجوا».اهواء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة اِتَّبَعُوا أَهْااءَهُمْ» لا محل لها من الاعراب لأنها داخلة في حكم الصلة.'

المتشابهات :

الأنعام: 25﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا
محمد: 16﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا
يونس: 42﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد بيانِ حالِ المؤمنينَ والكافرينَ؛ تنتقل السورة للحديث عن المنافقين؛ لكشف هذه الفئة، وتضعها تحت الشمس، فذكر اللهُ لهم عدة صفات: ١- أنهُم جهلةٌ لا يفهمُونَ كلامَ النَّبي صلى الله عليه وسلم عندَ الاستماعِ إليهِ، قال تعالى:
﴿ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

آنفا:
1- على وزن فاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- أنف، على وزن «فعل» ، وهى قراءة ابن كثير.

مدارسة الآية : [17] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ ..

التفسير :

[17] والذين اهتدوا لاتِّباع الحق زادهم الله هدى، فقَوِيَ بذلك إيمانُهم، ووفقهم للتقوى، ويسَّرها لهم.

ثم بين حال المهتدين، فقال:{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} بالإيمان والانقياد، واتباع ما يرضي الله{ زَادَهُمْ هُدًى} شكرا منه تعالى لهم على ذلك،{ وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} أي:وفقهم للخير، وحفظهم من الشر، فذكر للمهتدين جزاءين:العلم النافع، والعمل الصالح.

ثم يعقب- سبحانه- على ذلك ببيان حال المؤمنين الصادقين فيقول: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ.

أى: هذا هو حال المنافقين، وهذا هو الحكم الذي يناسبهم، أما الذين اهتدوا إلى الحق، واستجابوا له، وخالطت بشاشته قلوبهم، فهم الذين زادهم الله- تعالى- هداية على هدايتهم. وزادهم علما وبصيرة وفقها في الدين، ومنحهم بفضله وإحسانه خلق التقوى والخشية منه، والطاعة لأمره، وكافأهم على ذلك بما يستحقون من ثواب جزيل.

ثم قال : ( والذين اهتدوا زادهم هدى ) أي : والذين قصدوا الهداية وفقهم الله لها فهداهم إليها ، وثبتهم عليها وزادهم منها ، ( وآتاهم تقواهم ) أي : ألهمهم رشدهم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)

يقول تعالى ذكره: وأما الذين وفَّقهم الله لاتباع الحقّ, وشرح صدورهم للإيمان به وبرسوله من الذين استمعوا إليك يا محمد, فإن ما تلوته عليهم, وسمعوه منك ( زَادَهُمْ هُدًى ) يقول: زادهم الله بذلك إيمانا إلى إيمانهم, وبيانا لحقيقة ما جئتهم به من عند الله إلى البيان الذي كان عندهم. وقد ذُكر أن الذي تلا عليهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من القرآن, فقال أهل النفاق منهم لأهل الإيمان, ماذا قال آنفا, وزاد الله أهل الهدى منهم هدى, كان بعض ما أنـزل الله من القرآن ينسخ بعض ما قد كان الحكم مضى به قبل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثنى أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) قال: لما أنـزل الله القرآن آمنوا به, فكان هدى, فلما تبين الناسخ والمنسوخ زادهم هدى.

وقوله ( وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) يقول تعالى ذكره: وأعطى الله هؤلاء المهتدين تقواهم, وذلك استعماله إياهم تقواهم إياه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ كلما اقترب العبد من الله؛ زادهُ هدى.
عمل
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ أقْدِم على الهدى يُقَدِّمْكَ الله ﷻ.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ متى تمكنت محبة الله ﷻ في القلب لم تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب سبحانه.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ الخير يلحق به خير آخر، فما من عبد يضع نفسه على طريق الرشاد إلا ويتلقاه الله ويكرمه ويزيده من فضله.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ من ثواب الهدى الهدى بعده.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ الرب شكور طلبوا الهدى؛ فأعطاهم الله ما طلبوا وزيادة.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ تقربْ إلى الله شبرًا؛ يتقرب إليك ذراعًا.
وقفة
[17] طلبوا الهُـدىٰ؛ فأعطاهم الله ما طلبوا وزيادة ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾.
وقفة
[17] ﴿فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾ [الصف: 5]، ﴿نسوا الله فنسيهم﴾ [التوبة: 67]، ﴿والذين اهتدوا زادهم هدى﴾؛ البادرة التي تصنع مستقبلك دومًا بيدك.
وقفة
[17] تفقد قلبك فما ينطوي عليه تزد منه ﴿في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا﴾ [البقرة: 10]، ﴿والذي اهتدوا زادهم هدى﴾.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ مثال تولد الطاعة كمثل نواة غرستها، فصارت شجرة، ثم أثمرت، فأُكِلَت ثمارها، وغرست نواها، فكلما أثمر منها شيء، جنيت ثمره، وغرست نواه، وكذلك تداعي المعاصي، فليتدبر اللبيب هذا المثال، فمن ثواب الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها.
وقفة
[17] ما عليك إلا أن تسلك أول طريق الهدى، وستتابع عليك المكرُمات حتى تبلغ الغاية ﴿زادهم هدى﴾، ﴿آتاهم تقواهم﴾.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ إذا زرعت الهداية في قلب المؤمن؛ فلن تثمر إلا خيرًا.
وقفة
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى﴾ الترتيب في الآية يستوقف النظر، فالذين اهتدوا بدأوا هم بالاهتداء، فكافأهم الله بزيادة الهدى، وكافأهم بما هو أعمق وأكمل: ﴿وآتاهم تقواهم﴾.
تفاعل
[17] ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ ادعُ الله الآن أن يهديك إلى الصراط المستقيم.
وقفة
[17] من أهم أسباب التحصيل: إصلاح النية، وحفظ الوقت، والعمل بما عَلِمَ، قال بعض السلف: «مَنْ عَمِلَ بما عَلِم أورَثَه الله عِلْمَ ما لَمْ يَعْلَم»، وشاهده في كتاب الله: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾.
وقفة
[17] تأمل كيف يكون الجزاء من جنس العمل في أمرين عظيمين يغفل عنهما أكثر الخلق: الزيغ والاهتداء، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾، وقال: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف: 5].
وقفة
[17] الحسنة تجلب الحسنة، والطاعة تدعو إلى أختها، تأمل: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾.
وقفة
[17] الذي أُوصي به الطلاب: ‏تقـوى الله فـي جميـع الأحـوال، والحـرص على العلـم، والعنايـة بالمـقرَّرات والمذاكـرة فيما بينهـم، والإصغـاء للمدرسيـن، والسؤال عمـا يشكـل فـي الـدرس بأسلـوب حسـن ومـن أهم أسباب التحصيل:‏ إصلاح النية، وحفظ الوقت، والعمل بما عَلِمَ ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾.
وقفة
[17] ﴿لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى﴾ [طه: 82]، ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ فالاهتداء هنا مؤخر عن الإيمان والعمل الصالح، وفى الآية الأخرى مقدم عليها؟ الجواب: أن المراد بقوله: ﴿ثم اهتدى﴾ [طه: 82] أي دام على هدايته، كقوله تعالى: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [الفاتحة: 6] أي ثبتنا عليه وأدمنا.
وقفة
[17] ﴿زادهم هدى﴾ شكرًا منه تعالى لهم على ذلك، ﴿وَآتَاهُم تقواهم﴾ وفقهم للخير، وحفظهم من الشر، فذكر للمهتدين جزاءين: العلم النافع، والعمل الصالح.
وقفة
[17] ﴿وآتاهم تقواهم﴾ التقوى حالة في القلب تجعله أبدًا واجفًا من هيبة الله، شاعرًا برقابته، خائفًا من غضبه، متطلعًا إلى رضاه، متحرجًا من أن يراه الله على هيئة أو في حالة لا يرضاها.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ
  • ﴿ اهْتَدَوْا:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الفتح او الضم المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة وقد بقيت الفتحة دالة على الالف المحذوفة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ زادَهُمْ هُدىً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين».زاد: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي زادهم الله. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول لان المعنى اعطاهم الله هدى. هدى: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لانها اسم مقصور نكرة ثلاثي
  • ﴿ وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ:
  • معطوفة بالواو على زادَهُمْ هُدىً» وتعرب اعرابها.و«هم» في «تقواهم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وعلامة بناء الفعل «آتى» الفتحة المقدرة على الالف للتعذر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنَّ المنافِقَ يَستَمِعُ ولا ينتَفِعُ، ويَستعيدُ ولا يَستفيدُ؛ بَيَّنَ هنا أنَّ حالَ المؤمِنِ المُهتدي بخِلافِه؛ فإنَّه يَستَمِعُ فيَفهَمُ، ويَعمَلُ بما يَعلَمُ، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن ..

التفسير :

[18] ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا الساعة التي وُعدوا بها أن تجيئهم فجأةً، فقد ظهرت علاماتها ولم ينتفعوا بذلك، فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؟

أي:فهل ينظر هؤلاء المكذبون أو ينتظرون{ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أي:فجأة، وهم لا يشعرون{ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي:علاماتها الدالة على قربها.

{ فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} أي:من أين لهم، إذا جاءتهم الساعة وانقطعت آجالهم أن يتذكروا ويستعتبوا؟ قد فات ذلك، وذهب وقت التذكر، فقد عمروا ما يتذكر فيه من تذكر، وجاءهم النذير.

ففي هذا الحث على الاستعداد قبل مفاجأة الموت، فإن موت الإنسان قيام ساعته.

ثم تعود السورة الكريمة إلى توبيخ هؤلاء المنافقين على غفلتهم وانطماس بصائرهم، فتقول: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً، فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها. فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ؟.

فالاستفهام للإنكار والتعجب من حالهم، وقوله أَنْ تَأْتِيَهُمْ بدل اشتمال من الساعة، والأشراط جمع شرط- بالتحريك مع الفتح- وهو العلامة، وأصله الإعلام عن الشيء.

يقال: أشرط فلان نفسه لكذا، إذا أعلمها له وأعدها، ومنه الشرطي- كتركي-والجمع شرط- بضم ففتح- سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها، وتميزهم عن غيرهم.

وقوله: فَأَنَّى لَهُمْ خبر مقدم وذِكْراهُمْ مبتدأ مؤخر، والضمير في قوله جاءَتْهُمْ يعود إلى الساعة، والكلام على حذف مضاف قبل قوله ذِكْراهُمْ أى:

فأنى لهم نفع ذكراهم؟

والمعنى: ما ينتظر هؤلاء الجاهلون إلا الساعة، التي سيفاجئهم مجيؤها مفاجأة بدون مقدمات، والحق أن علاماتها قد ظهرت دون أن يرفعوا لها رأسا، ودون أن يعتبروا بها أو يتعظوا لاستيلاء الأهواء عليهم.

ولكنهم عند ما تداهمهم الساعة بأهوالها، ويقفون للحساب. يتذكرون ويؤمنون بالله ورسله.. ولكن إيمانهم في ذلك الوقت لن ينفعهم، لأنه جاء في غير محله الذي يقبل فيه، وتذكرهم واتعاظهم- أيضا- لن يفيدهم لأنه جاء بعد فوات الأوان.

ومن الآيات التي وردت في هذا المعنى قوله- تعالى-: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا .

وقوله- تعالى-: وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ .

وقوله- عز وجل-: يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى .

قال الآلوسى: الظاهر أن المراد بأشراط الساعة هنا: علاماتها التي كانت واقعة إذ ذاك، وأخبروا أنها علامات لها، كبعثة نبينا صلّى الله عليه وسلّم فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بعثت أنا والساعة كهاتين- وأشار بالسبابة والوسطى» .

وأراد صلّى الله عليه وسلّم مزيد القرب بين مبعثه والساعة، فإن السبابة تقرب من الوسطى.

وأخرج أحمد عن بريدة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «بعثت أنا والساعة جميعا. وإن كادت لتسبقني» وهذا أبلغ في إفادة القرب.

وعدوا منها انشقاق القمر الذي وقع له صلّى الله عليه وسلّم والدخان الذي وقع لأهل مكة، أما أشراطها مطلقا فكثيرة، ومنها ككون الحفاة العراة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان

وقوله : ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة ) أي : وهم غافلون عنها ، ( فقد جاء أشراطها ) أي : أمارات اقترابها ، كقوله تعالى : ( هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ) [ النجم : 56 ، 57 ] ، وكقوله : ( اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] وقوله : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] ، وقوله : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء : 1 ] فبعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة ; لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله به الدين ، وأقام به الحجة على العالمين . وقد أخبر - صلوات الله وسلامه عليه - بأمارات الساعة وأشراطها ، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله ، كما هو مبسوط في موضعه .

وقال الحسن البصري : بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة . وهو كما قال ; ولهذا جاء في أسمائه عليه السلام ، أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ، والعاقب الذي ليس بعده نبي .

وقال البخاري : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل بن سعد قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تليها : " بعثت أنا والساعة كهاتين " .

ثم قال تعالى : ( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) أي : فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة ، حيث لا ينفعهم ذلك ، كقوله تعالى : ( يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ) [ الفجر : 23 ] ،

( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) [ سبأ : 52 ] .

وقوله ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) يقول تعالى ذكره: فهل ينظر هؤلاء المكذّبون بآيات الله من أهل الكفر والنفاق إلا الساعة التي وعد الله خلقه بعثهم فيها من قبورهم أحياء, أن تجيئهم فجأة لا يشعرون بمجيئها. والمعنى: هل ينظرون إلا الساعة, هل ينظرون إلا أن تأتيهم بغتة. و ( أَنْ ) من قوله ( إِلا أَنْ ) في موضع نصب بالردّ على الساعة, وعلى فتح الألف من ( أَنْ تَأْتِيَهُمُ ) ونصب ( تأتيهم ) بها قراءة أهل الكوفة.

وقد حُدثت عن الفرّاء, قال: حدثني أبو جعفر الرُّؤاسيّ, قال: قلت لأبي عمرو بن العلاء: ما هذه الفاء التي في قوله ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) قال: جواب الجزاء, قال: قلت: إنها إن تأتيهم, قال: فقال: معاذ الله, إنما هي " إنْ تَأْتِهِمْ "; قال الفرّاء: فظننت أنه أخذها عن أهل مكة, لأنه قرأ, قال الفرّاء: وهي أيضا في بعض مصاحف الكوفيين بسنة واحدة " تَأْتِهِمْ" ولم يقرأ بها أحد منهم.

وتأويل الكلام على قراءة من قرأ ذلك بكسر ألف " إن " وجزم " تأتهم " فهل ينظرون إلا الساعة؟ فيجعل الخبر عن انتظار هؤلاء الكفار الساعة متناهيا عند قوله ( إِلا السَّاعَةَ ) , ثم يُبْتدأ الكلام فيقال: إن تأتهم الساعة بغتة فقد جاء أشراطها, فتكون الفاء من قوله ( فَقَدْ جَاءَ ) بجواب الجزاء.

وقوله ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) يقول: فقد جاء هؤلاء الكافرين بالله الساعة وأدلتها ومقدماتها, وواحد الأشراط: شرط, كما قال جرير:

تَـرَى شَـرَطَ المِعْـزَى مُهورَ نِسائِهم

وفـي شُـرَطِ المِعْـزَى لهُـنَّ مُهُـورُ (2)

ويُروَى: " ترى قَزَم المِعْزَى ", يقال منه: أشرط فلان نفسه: إذا علمها بعلامة, كما قال أوس بن حجر:

فأَشْـرَطَ فيهـا نَفْسَـهُ وَهْـوَ مُعْصِـمٌ

وألْقَــى بأسْــبابٍ لَــهُ وَتَــوَكَّلا (3)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) يعني: أشراط الساعة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً ) قد دنت الساعة ودنا من الله فراغ العباد.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) قال: أشراطها: آياتها.

وقوله ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) يقول تعالى ذكره: فمن أيّ وجه لهؤلاء المكذّبين بآيات الله ذكرى ما قد ضيَّعوا وفرّطوا فيه من طاعة الله إذا جاءتهم الساعة, يقول: ليس ذلك بوقت ينفعهم التذكر والندم, لأنه وقت مجازاة لا وقت استعتاب ولا استعمال.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) يقول: إذا جاءتهم الساعة أنى لهم أن يتذكروا ويعرفوا ويعقلوا؟.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) قال: أنى لهم أن يتذكروا أو يتوبوا إذا جاءتهم الساعة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ ) قال: الساعة, لا ينفعهم عند الساعة ذكراهم, والذكرى في موضع رفع بقوله ( فَأَنَّى لَهُمْ ) لأن تأويل الكلام: فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة.

------------------------

الهوامش:

(2) البيت لجرير بن الخطفي الشاعر الإسلامي ( ديوانه 226 ) وفي روايته : " وفي قزم المعزي لهن مهور " . وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 223 ) قال عند قوله تعالى : " فقد جاء أشراطها " : أعلامها . وإنما سمي الشرط فيما نرى ، أنهم أعلموا أنفسهم . وأشراط المال صغار الغنم وشراره . وقال جرير : " ترى شرط ... البيت " . وفي ( اللسان : شرط) : والشرط ( بالتحريك ) : رذال الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء . قال جرير :

تسـاق مـن المعـزى مهـور نسائهم

ومـن شـرط المعـزى لهـن مهـور

وشرط الناس : خشارتهم+ .

(3) البيت لأوس بن حجر ( اللسان : شرط ) قال : الأصمعي : أشراط الساعة علاماتها . قال : ومنه الاشتراط الذي يشترط الناس بعضهم على بعض ، أي هي علامات يجعلونها بينهم . ولهذا سميت الشرط ، لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . وحكى الخطابي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير وقال : أشراط الساعة : ما تنكره الناس من صغار أمورها ، قبل أن تقوم الساعة . وشرط السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده . وقول أوس بن حجر " فأشرط فيها ... البيت " أي جعل نفسه علمًا لهذا الأمر.

التدبر :

عمل
[18] ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً﴾ ازرع من الخير ما استطعت، ولا تسوف التوبة، وبادر بالصالحات، فكلنا مسافرين ولا نعرف متى الرحيل.
وقفة
[18] قرب الساعة له صورتان: الأولى: أن وقت الساعة قريب قربًا نسبيًا بالنسبة إلى عمر هذا العالم، وهذه أشراطها الحوادث التي أخبر النبي ﷺ أنها تقع بين يدي الساعة. والثانية: قرب الساعة بوقوع الموت، وهذه أشراطها الأمراض والشيخوخة.
عمل
[18] ﴿السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً﴾ استعدّ ليومِ القيامةِ بالعملِ الصَّالح، ازرع من الخيرِ ما استطعت، ولا تُسوِّف التَّوبةَ.
وقفة
[18، 19] حين تحدَّث القرآن عن أشراط الساعة؛ دعا عَقِبَها للعلم والعمل.

الإعراب :

  • ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ:
  • الفاء استئنافية. هل: حرف استفهام لا عمل له.ينظرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى: فهل ينتظرون.
  • ﴿ إِلاَّ السّاعَةَ:
  • اداة حصر لا عمل لها. الساعة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي القيامة.
  • ﴿ أَنْ تَأْتِيَهُمْ:
  • حرف مصدرية ونصب. تأتي: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «تأتيهم» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب بدل من «الساعة» بدل اشتمال.
  • ﴿ بَغْتَةً:
  • مصدر في موضع الحال. اي تباغتهم القيامة بغتة بمعنى فجأة منصوبة وعلامة نصبها الفتحة.
  • ﴿ فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها:
  • الفاء حرف استئناف يفيد التعليل. قد: حرف تحقيق. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. اشراط‍: فاعل مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة اي علاماتها.
  • ﴿ فَأَنّى لَهُمْ:
  • الفاء واقعة في جواب شرط‍ متقدم. أنى: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان بمعنى: فكيف او من أين واللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بالخبر المقدم المحذوف. و «أنّى» متعلق بخبر مقدم.
  • ﴿ إِذا جاءَتْهُمْ:
  • الجملة اعتراضية بين الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر بمعنى: فأنى لهم ذكراهم اذا جاءتهم الساعة بمعنى: فكيف لهم او من اين لهم تذكرهم واتعاظهم. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط‍.جاءت: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «جاءتهم» في محل جر بالاضافة وجواب الشرط‍ محذوف لتقدم معناه.
  • ﴿ ذِكْراهُمْ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة'

المتشابهات :

الزخرف: 66﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
محمد: 18﴿فَـ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد ذمِّ المنافقين؛ وَبَخَّهَم اللهُ هنا، وبَيَّنَ أنهم في غفلة عن النظر والتأمل في عاقبة أمرهم، قال تعالى:
﴿ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بغتة:
وقرئ:
بفتح الغين، وشد التاء، وهى قراءة الجعفي، وهارون، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [19] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا ..

التفسير :

[19] فاعلم -أيها النبي- أنه لا معبود بحق إلا الله، واستغفر لذنبك، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات. والله يعلم تصرفكم في يقظتكم نهاراً، ومستقركم في نومكم ليلاً.

العلم لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته، بمعنى ما طلب منه علمه، وتمامه أن يعمل بمقتضاه.

وهذا العلم الذي أمر الله به -وهو العلم بتوحيد الله- فرض عين على كل إنسان، لا يسقط عن أحد، كائنا من كان، بل كل مضطر إلى ذلك. والطريق إلى العلم بأنه لا إله إلا هو أمور:أحدها بل أعظمها:تدبر أسمائه وصفاته، وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلالته فإنها توجب بذل الجهد في التأله له، والتعبد للرب الكامل الذي له كل حمد ومجد وجلال وجمال.

الثاني:العلم بأنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير، فيعلم بذلك أنه المنفرد بالألوهية.

الثالث:العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به ومحبته، والتأله له وحده لا شريك له.

الرابع:ما نراه ونسمعه من الثواب لأوليائه القائمين بتوحيده من النصر والنعم العاجلة، ومن عقوبته لأعدائه المشركين به، فإن هذا داع إلى العلم، بأنه تعالى وحده المستحق للعبادة كلها.

الخامس:معرفة أوصاف الأوثان والأنداد التي عبدت مع الله، واتخذت آلهة، وأنها ناقصة من جميع الوجوه، فقيرة بالذات، لا تملك لنفسها ولا لعابديها نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا ينصرون من عبدهم، ولا ينفعونهم بمثقال ذرة، من جلب خير أو دفع شر، فإن العلم بذلك يوجب العلم بأنه لا إله إلا هو وبطلان إلهية ما سواه.

السادس:اتفاق كتب الله على ذلك، وتواطؤها عليه.

السابع:أن خواص الخلق، الذين هم أكمل الخليقة أخلاقا وعقولا، ورأيا وصوابا، وعلما -وهم الرسل والأنبياء والعلماء الربانيون- قد شهدوا لله بذلك.

الثامن:ما أقامه الله من الأدلة الأفقية والنفسية، التي تدل على التوحيد أعظم دلالة، وتنادي عليه بلسان حالها بما أودعها من لطائف صنعته، وبديع حكمته، وغرائب خلقه.

فهذه الطرق التي أكثر الله من دعوة الخلق بها إلى أنه لا إله إلا الله، وأبداها في كتابه وأعادها عند تأمل العبد في بعضها، لا بد أن يكون عنده يقين وعلم بذلك، فكيف إذا اجتمعت وتواطأت واتفقت، وقامت أدلة التوحيد من كل جانب، فهناك يرسخ الإيمان والعلم بذلك في قلب العبد، بحيث يكون كالجبال الرواسي، لا تزلزله الشبه والخيالات، ولا يزداد -على تكرر الباطل والشبه- إلا نموا وكمالا.

هذا، وإن نظرت إلى الدليل العظيم، والأمر الكبير -وهو تدبر هذا القرآن العظيم، والتأمل في آياته- فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد ويحصل به من تفاصيله وجمله ما لا يحصل في غيره.

وقوله:{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} أي:اطلب من الله المغفرة لذنبك، بأن تفعل أسباب المغفرة من التوبة والدعاء بالمغفرة، والحسنات الماحية، وترك الذنوب والعفو عن الجرائم.

{ و} استغفر أيضا{ للمؤمنين وَالْمُؤْمِنَات} فإنهم -بسبب إيمانهم- كان لهم حق على كل مسلم ومسلمة.

ومن جملة حقوقهم أن يدعو لهم ويستغفر لذنوبهم، وإذا كان مأمورا بالاستغفار لهم المتضمن لإزالة الذنوب وعقوباتها عنهم، فإن من لوازم ذلك النصح لهم، وأن يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه، ويكره لهم من الشر ما يكره لنفسه، ويأمرهم بما فيه الخير لهم، وينهاهم عما فيه ضررهم، ويعفو عن مساويهم ومعايبهم، ويحرص على اجتماعهم اجتماعا تتألف به قلوبهم، ويزول ما بينهم من الأحقاد المفضية للمعاداة والشقاق، الذي به تكثر ذنوبهم ومعاصيهم.

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ} أي:تصرفاتكم وحركاتكم، وذهابكم ومجيئكم،{ وَمَثْوَاكُمْ} الذي به تستقرون، فهو يعلمكم في الحركات والسكنات، فيجازيكم على ذلك أتم الجزاء وأوفاه.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يداوم على استغفاره وطاعته لله- تعالى- وأن يأمر اتباعه بالاقتداء به في ذلك فقال: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ.

والفاء في قوله: فَاعْلَمْ للإفصاح عن جواب شرط معلوم مما مر من آيات.

والتقدير: إذا تبين لك ما سقناه عن حال السعداء والأشقياء، فاعلم أنه لا إله إلا الله، واثبت على هذا العلم، واعمل بمقتضاه، واستمر على هذا العمل وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ أى:

واستغفر الله- تعالى- من أن يقع منك ذنب، واعتصم بحبله لكي يعصمك من كل مالا يرضيه. واستغفر- أيضا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بأن تدعو لهم بالرحمة والمغفرة وَاللَّهُ- تعالى- بعد كل ذلك يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ أى يعلم كل متقلب وكل إقامة لكم سواء أكانت في بر أم في بحر أم في غيرهما.

والمقصود: أنه- تعالى- يعلم جميع أحوالكم ولا يخفى عليه شيء منها، والمتقلب:

المتصرف، من التقلب وهو التصرف والانتقال من مكان إلى آخر. والمثوى: المسكن الذي يأوى إليه الإنسان، ويقيم به.

قال الإمام ابن كثير: وقوله: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ هذا إخبار بأنه لا إله إلا الله، ولا يتأتى كونه آمرا بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه بقوله: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.

وفي الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافى في أمرى، وما أنت أعلم به منى. اللهم اغفر لي هزلى وجدي، وخطئى وعمدي، وكل ذلك عندي» .

وفي الصحيح أنه كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت. وما أنت أعلم به منى، أنت إلهى لا إله إلا أنت» .

وفي الصحيح أنه قال: «يا أيها الناس. توبوا إلى ربكم فإنى أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» .

ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية الكريمة: وجوب المداومة على استغفار الله- تعالى- والتوبة إليه توبة صادقة نصوحا.

لأنه إذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- قد أمره- سبحانه- بالاستغفار، فأولى بغيره أن يواظب على ذلك، لأن الاستغفار بجانب أنه ذكر لله- تعالى- فهو- أيضا شكر له- سبحانه- على نعمه.

وقد توسع الإمام الآلوسى في الحديث عن معنى قوله- تعالى-: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ.. فارجع إليه إن شئت .

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك حال المنافقين عند ما يدعون إلى القتال في سبيل الله، وكيف أنهم يستولى عليهم الذعر والهلع عند مواجهة هذا التكليف، وكيف سيكون مصيرهم إذا ما استمروا على هذا النفاق. فقال- تعالى-:

وقوله : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) هذا إخبار : بأنه لا إله إلا الله ، ولا يتأتى كونه آمرا بعلم ذلك ; ولهذا عطف عليه بقوله : ( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) وفي الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري ، وما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي هزلي وجدي ، وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي " . وفي الصحيح أنه كان يقول في آخر الصلاة : " اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت إلهي لا إله إلا أنت " . وفي الصحيح أنه قال : " يا أيها الناس ، توبوا إلى ربكم ، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن عاصم الأحول قال : سمعت عبد الله بن سرجس قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكلت معه من طعامه ، فقلت : غفر الله لك يا رسول الله ، فقلت : أستغفر لك ؟ فقال : " نعم ، ولكم " ، وقرأ : ( واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ) ، ثم نظرت إلى نغض كتفه الأيمن أو : كتفه الأيسر - شعبة الذي شك - فإذا هو كهيئة الجمع عليه الثآليل .

رواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم من طرق ، عن عاصم الأحول به .

وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو يعلى : حدثنا محرز بن عون ، حدثنا عثمان بن مطر ، حدثنا عبد الغفور ، عن أبي نصيرة ، عن أبي رجاء ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار ، فأكثروا منهما ، فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب ، وأهلكوني ب " لا إله إلا الله " والاستغفار ، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء ، فهم يحسبون أنهم مهتدون " .

وفي الأثر المروي : " قال إبليس : وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم . فقال الله عز وجل : وعزتي وجلالي ولا أزال أغفر لهم ما استغفروني "

والأحاديث في فضل الاستغفار كثيرة جدا .

وقوله : ( والله يعلم متقلبكم ومثواكم ) أي : يعلم تصرفكم في نهاركم ومستقركم في ليلكم ، كقوله : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) [ الأنعام : 60 ] ، وكقوله : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود : 6 ] . وهذا القول ذهب إليه ابن جريج ، وهو اختيار ابن جرير . وعن ابن عباس : متقلبكم في الدنيا ، ومثواكم في الآخرة .

وقال السدي : متقلبكم في الدنيا ، ومثواكم في قبوركم .

والأول أولى وأظهر ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم : فاعلم يا محمد أنه لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهة, ويجوز لك وللخلق عبادته, إلا الله الذي هو خالق الخلق, ومالك كل شيء, يدين له بالربوبية كل ما دونه ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) وسل ربك غفران سالف ذنوبك وحادثها, وذنوب أهل الإيمان بك من الرجال والنساء ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) يقول: فإن الله يعلم متصرفكم فيما تتصرّفون فيه في يقظتكم من الأعمال, ومثواكم إذا ثويتم في مضاجعكم للنوم ليلا لا يخفى عليه شيء من ذلك, وهو مجازيكم على جميع ذلك.

وقد حدثنا أبو كُريب, قال: ثنا عثمان بن سعيد, قال: ثنا إبراهيم بن سليمان, عن عاصم الأحول, عن عبد الله بن سرجس, قال: " أكلت مع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقلت: غفر الله لك يا رسول الله, فقال رجل من القوم: أستغفر لك يا رسول الله, قال: نَعَمْ وَلَكَ, ثم قرأ ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) .

التدبر :

وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ هذه هي الحقيقة التي يجب أن تعيشها بكل كيانك، وتتيقنها نفسك، وتتخذها شعارًا لحياتك، فهي والله نجاتك.
وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ اجعل أهم قضية في حياتك هي أهم قضية في القرآن: التوحيد، عش وتكلم واكتب وقم ونم وسافر وافرح واحزن من أجلها.
وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ أعظم النعم أن الله أذن لنا بالعلم به.
وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ قال الثوري: «ليس شئ أقطع لظهر إبليس من لا إله إلا الله».
وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ إذا عرف العبد حق المعرفة ربًّا حكيمًا رحيمًا عدلًا لا يظلم أحدًا أعانه ذلك على صبره ورضاه واطمئنان قلبه.
وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ العلم قبل القول والعمل.
وقفة
[19] قضايا الألوهية والغيب لا يُنجي فيها إلا علم يقين، والشك فيها كالجهل أو أشد ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله﴾.
وقفة
[19] ﴿فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك﴾ بقدر كمال التوحيد؛ يدرك العبد مسيس حاجته للاستغفار، فلا إله إلا الله، ونستغفر الله.
وقفة
[19] يستحب للمسلم الإكثار من الاستغفار، فقد كان النبي ﷺ يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة، فعَنْ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» [مسلم 2702]، وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ t: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لاَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» [البخاري 6307]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» [أبو داود 1516، وصححه الألباني].
وقفة
[19] ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ بالتوحيد يقوى العبد ويستغني، فلا يزول فقر العبد وفاقته إلا به، وإذا لم يحصل له؛ لم يزل فقيرًا محتاجًا مُعذًّبًا في طلبه، وإذا حصل مع التوحيد الاستغفار؛ حصل له غناه وسعادته وزال عنه ما يعذبه.
وقفة
[19] سُئل سُفيان بن عُيينة عن فضل العلم فقال: «ألم تسمع قوله حين بدأ به: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ فأمر بالعمل بعد العلم»، وقال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ﴾ إلى قوله: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الحديد: 20-21]، وقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: 28]، ثم قال بعد: ﴿فَاحْذَرُوهُمْ﴾ [التغابن: 14]، ثم أمر بالعمل بعد.
وقفة
[19] أهمية العلم فهو الذي يجعلك تعمل على بصيرة وهدى ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.
وقفة
[19] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ مهما مدحك الخلق وظنوا بك خيرًا فأنت أعلم بنفسك، فستر الله عليك نعمة نستجوب توبتك من ذنوبك، واعترافك بها فضيلة.
وقفة
[19] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ خيرُ البشرِ يُؤمَرُ بالاستغفارِ وقد غُفِرَ له، نحن أحوجُ.
وقفة
[19] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ ذكر القرطبي وجوهًا خمسة في استغفار النبي ﷺ: الأول: يعني استغفر الله أن يقع منك ذنب. الثاني: استغفر الله ليعصمك من الذنوب. الثالث: أمره بالثبات على الإيمان، أي اثبت على ما أنت عليه من التوحيد والإخلاص والحذر عما تحتاج معه إلى استغفار. الرابع: الخطاب له والمراد به الأمة. الخامس: كان ﷺ يضيق صدره من كفر الكفار والمنافقين، فنزلت هذه الآية.
وقفة
[19] ﴿واستغفر لذنبك﴾ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» مِائَةَ مَرَّةٍ. [ابن ماجه 3814، وصححه الألباني].
وقفة
[19] ﴿واستغفر لذنبك﴾ أمر بها من غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بمن أذنب وفرط؟!
وقفة
[19] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ وإذا كان مأمورًا بالاستغفار لهم المتضمن لإزالة الذنوب وعقوباتها عنهم، فإن من لوازم ذلك النصح لهم، وأن يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه، ويكره لهم من الشر ما يكره لنفسه، ويأمرهم بما فيه الخير لهم، وينهاهم عما فيه ضررهم، ويعفو عن مساويهم ومعايبهم، ويحرص على اجتماعهم اجتماعًا تتألف به قلوبهم، ويزول ما بينهم من الأحقاد المفضية للمعاداة والشقاق الذي به تكثر ذنوبهم ومعاصيهم.
وقفة
[19] ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ هذا إكرام من الله لهذه الأمةحيث أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم أن يستغرق لذنوبهم وهو الشفيع المجال فيهم.
تفاعل
[19] استغفر الله من ذنوبك، ثم سَل الله أن يغفر للمؤمنين والمؤمنات ذنوبهم ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.
وقفة
[19] ﴿وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ كل صغيرة وكبيرة عنك يعلمها ربك، فمن كان علمه بك بهذا الشكل فحقيق عليك أن تلجأ إليه، وتبث شكواك له.

الإعراب :

  • ﴿ فَاعْلَمْ:
  • الفاء واقعة في جواب شرط‍ متقدم في آيات سابقة بمعنى: اذا علمت ان الامر كما ذكر من سعادة المؤمنين وشقاوة الكافرين فاثبت على ما انت عليه من العلم بوحدانية الله و «اعلم» فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ أَنَّهُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل-ضمير الشأن- مبني على الضم في محل نصب اسم أن و «أن» مع ما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «اعلم».
  • ﴿ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ:
  • الجملة في محل رفع خبر «أن».لا: نافية للجنس تعمل عمل «إنّ».إله: اسمها مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره كائن او موجود. إلا: اداة استثناء لا عمل لها. الله لفظ‍ الجلالة: بدل من موضع لا إِلهَ» لان موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء وهو مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
  • ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ:
  • معطوفة بالواو على «اعلم» وتعرب اعرابها وحذف المفعول اختصارا لانه معلوم اي واستغفر الله لذنبك. لذنبك: جار ومجرور متعلق باستغفر والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ:
  • معطوفتان بواوي العطف على «ذنبك» مجرورتان مثلها وعلامة جر الاولى الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد
  • ﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ:
  • الواو استئنافية. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يعلم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يعلم» في محل رفع خبر
  • ﴿ مُتَقَلَّبَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى:أماكن انتقالكم في اعمالكم او في حياتكم.
  • ﴿ وَمَثواكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «متقلبكم» وتعرب اعرابها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الالف منع من ظهورها التعذر بمعنى: ومحل اقامتكم من الجنة والنار.'

المتشابهات :

يوسف: 29﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا ۚ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ ۖ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ
غافر: 55﴿فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ
محمد: 19﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أن الذكرى لا تنفع إذا انقضت هذه الدار التي جُعلت للعمل؛ أمَرَ رسولَه هنا بالاستعدادِ للآخرةِ بالتوحيدِ، والاستغفارِ، ومراقبةِ اللهِ، قال تعالى:
﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف