2931051061071081091101111234

الإحصائيات

سورة الإسراء
ترتيب المصحف17ترتيب النزول50
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول12تبدأ في الجزء15
تنتهي في الجزء15عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 3/14 المُسبِّحات : 1/7
سورة الكهف
ترتيب المصحف18ترتيب النزول69
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.50
عدد الآيات110عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول13تبدأ في الجزء15
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 4/14الحمد لله: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (105) الى الآية رقم (111) عدد الآيات (7)

العودةُ للثَّناءِ على القرآنِ، وتهديدُ مشركي قريشٍ بعدَ إعراضِهم عن القرآنِ، وخضوعُ الَّذينَ أُوتُوا العلمَ له، ثُمَّ دعاءُ اللهِ بالأسماءِ الحسنى، ثُمَّ ختامُ السورةِ بحمدِ اللهِ وتقريرِ وحدانيتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (4) عدد الآيات (4)

لمَّا خُتِمَتْ "الإسراءُ" بالثناءِ على القرآنِ ثُمَّ أَمْرِه ﷺ بالحَمدِ، بَدَأَتْ "الكهفُ" باستحقاقِه تعالى الحمدَ، ثُمَّ الثناءِ على القرآنِ وبيانِ مهمتِه: إنذارِ المشركينَ، وتبشيرِ المؤمنينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الإسراء

استشعر قيمة القرآن/ انتصار أمة الإسراء والقرآن على أمة إسرائيل والتوراة/ المسؤولية الشخصية/ المواجهة والتثبيت/ الإمامة في الدين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • عن أي شيء تتحدث سورة الإسراء؟:   قد يجيب البعض: «إنها تتحدث عن (رحلة الإسراء والمعراج)، وهذا واضح من اسمها ومن أول آية منها». أولًا: إنها آية واحدة فقط هي التي تحدثت عن رحلة (الإسراء)، وهي أول آية، آية واحدة فقط من 111 آية تتكون منها السورة، فماذا عن الـ 110 الباقية؟! ثانيًا: رحلة (المعراج) فلم تتكلم عنها السورة أبدًا، إنما جاء ذكرها في أول سورة النجم. فيبدو أن هناك موضوع آخر، وربما موضوعات تتحدث عنها سورة الإسراء.
  • • بين رحلة (الإسراء) وسورة (الإسراء)::   كانت (رحلة الإسراء والمعراج) تثبيتًا للنبي ﷺ وتأييدًا له وتكريمًا له، وتسرية عنه في وقت اشتداد المصاعب والمشاق، وما تعرض له من أذى وعداء، وكذلك كانت سورة (الإسراء) كلها تدور حول تثبيت النبي ﷺ في مواجهة المشركين المعاندين والمكذبين وتأييده بالحجج والآيات. وركزت السورة على القرآن الكريم؛ لأنه تثبيت للنبي ﷺ والمؤمنين وهم يواجهون أعاصير المحن ورياح الفتن، وهكذا يثبت الله عبادة المؤمنين في أوقات الشدائد والفتن، ويحدد لهم منابع القوة التي يستمدون منها الصبر وقوة التحمل والثبات على الحق
  • • سورة الإسراء والقرآن::   سورة الإسراء هي أكثر سورة ذكر فيها القرآن 11 مرة، وركزت على قيمة القرآن وعظمته وأهميته كما لم يرد في أي سورة من سور القرآن.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الإسراء».
  • • معنى الاسم ::   الإسراء: هو السير ليلًا، والإسراء أُطْلِق على رحلة الرسول ﷺ ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
  • • سبب التسمية ::   لأنها افتتحت بذكر قصة إسراء النبي ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة بني إسرائيل»؛ لأنه ذكر فيها من أحوال بني إسرائيل وإفسادهم في الأرض ما لم يذكر في غيرها، و«سورة سبحان»؛ لافتتاحها بهذه الكلمة، وذُكر التسبيح فيها في أكثر من آية.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   تثبيت الله لعباده المؤمنين في أوقات الشدائد والفتن.
  • • علمتني السورة ::   استشعار قيمة القرآن، وقيمة المسؤولية عنه من قراءته وتنفيذه والدعوة إليه.
  • • علمتني السورة ::   أن كل إنسان يتحمل عاقبة عمله، ولا يتحمل أحد عاقبة عمل غيره، فالإنسان إن عمل خيرًا فلنفسه، وإن أساء فعليها.
  • • علمتني السورة ::   : احذر عند الغضب من أن تدعو على نفسك، أو أولادك، أو مالك بالشر: ﴿وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي».
    • قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الإسراء من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الإسراء -بحسب ترتيب المصحف- أول سور المُسَبِّحات؛ وهي سبع سور: الإسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى.
    • أكثر سورة يذكر فيها لفظ (القرآن)، ذُكِرَ 11 مرة، وهو ما لم يقع في سورة أخرى (تليها سورة النمل 4 مرات).
    • احتوت على السجدة الرابعة -بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة في القرآن الكريم، في الآية (107).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتمسك بالقرآن الكريم، ونعتصم به؛ فإنه يهدي للتي هي أقوم.
    • أن نقرأ حادثة الإسراء والمعراج من صحيح البخاري، أو غيره من الكتب، ونستخلص منها الدروس والعبر: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ (1).
    • أن نتيقن ونستحضر أن أول من يستفيد من إحساننا ويتضرر من إساءتنا هو نحن: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ (7).
    4- أن نحذر من الدعاء على النفس والأهل بالشر، ولا نتعجل فقد يوافق ساعة استجابة: ﴿ وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا﴾ (11).
    • أن نتذكر دائمًا أن كل عمل نعمله من خير وشر سنجده مكتوبًا يوم القيامة: ﴿ وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا (13) ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا﴾ (13، 14).
    • ألا نؤثر الحياة الدنيا على الآخرة: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعَاجِلَةَ عَجَّلۡنَا لَهُۥ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلۡنَا لَهُۥ جَهَنَّمَ يَصۡلَىٰهَا مَذۡمُومٗا مَّدۡحُورٗا (18) وَمَنۡ أَرَادَ ٱلۡأٓخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعۡيَهَا وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ كَانَ سَعۡيُهُم مَّشۡكُورٗا (19) كُلّٗا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا (20) ٱنظُرۡ كَيۡفَ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ وَلَلۡأٓخِرَةُ أَكۡبَرُ دَرَجَٰتٖ وَأَكۡبَرُ تَفۡضِيلٗا ﴾ (18-21).
    • 7- أن نحسن إلى الوالدين ونبرهما ونتذلل لهما وندعو لهما: ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا (23) وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا ﴾ (23، 24).
    8- أن نُحْسن إلى الأقارب والمساكين: ﴿ وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرۡ تَبۡذِيرًا ﴾ (26). • 9- أن نحذر البخل ونبتعد عن التبذير: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا ﴾ (29).
    • ألا نخشى الفقر على أنفسنا وأهلنا؛ فالله هو الرزاق الكريم: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا﴾ (31).
    • أن نَحْذر من الوقوع في مقدمات الزنا؛ حتى لا نقع فيه: ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا﴾ (32).
    • أن نَحْذر من قتل النفس المعصومة: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومٗا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَٰنٗا فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا﴾ (33).
    • أن نحذر من أكل مال اليتيم، ونلزم الوفاء بالعهود: ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولٗا ﴾ (34).
    • ألا نتكلم بما لا نعلم؛ ونتيقن أننا سنحاسب علي ما نقول: ﴿ وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا ﴾ (36).
    • ألا نتكبر: ﴿ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولٗا ﴾ (37).
    • إذا تكلمنا مع الناس فلا نقول إلا الكلام الحسن؛ حتى لا يدخل الشيطان بيننا وبينهم، وتحصل البغضاء: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا ﴾ (53).
    • أن نتنافس على القُرَب: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ﴾ (57).
    • أن نكون مع الله في السراء والضراء؛ عند النعمة نشكر الله، وعند الضر ندعو الله وحده: ﴿وَإِذَآ أَنۡعَمۡنَا عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ أَعۡرَضَ وَنَـَٔا بِجَانِبِهِۦ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَـُٔوسٗا ﴾ (83).
سورة الكهف

العصمة من الفتن/ الزينة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • والآن مع تفصيل أوسع قليلًا::   • قصة أصحاب الكهف (فتنة الدين). • قصة صاحب الجنتين (فتنة المال). • قصة موسى مع الخضر (فتنة العلم). • قصة ذي القرنين (فتنة السلطة).
  • • ما علاقة سورة الكهف بالعصمة من الفتن؟:   • القصة الأولى (أصحاب الكهف): هي قصة شباب آمنوا بالله، لكن القرية التي عاشوا فيها كانت محكومة من ملك ظالم غير مؤمن، فعرضوا إسلامهم على الناس ورفض الناس دعوتهم، وبدأوا بالدعوة إلى الله فكُذِّبوا واضطهدوا، فأوحى الله إليهم أن يأووا إلى الكهف، وأيدهم الله بمعجزات عظيمة فهم قد ناموا في الكهف، ثم استيقظوا بعد 309 سنين، ووجدوا أن الناس جميعًا قد آمنوا وأنهم أصبحوا في مجتمع جديد كله إيمان. • القصة الثانية (صاحب الجنتين): قصة رجل أنعم الله عليه، فنسي واهب النعمة فطغى وتجرأ على ثوابت الإيمان بالطعن والشك. • القصة الثالثة (موسى مع الخضر): عندما سأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يكل العلم إليه تعالى، فأوحى الله إليه بأن هناك من هو أعلم منه، فارتحل حتى التقي بالخضر، وهناك حدثت 3 مواقف:  السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام، وكان سبب ذلك وجود ملك ظالم يسلب كل سفينة صالحة يراها.  الغلام الذي قتله الخضر، وكان سبب ذلك أنه كان سيرهق أبويه المؤمنين لعصيانه وعقوقه.  الجدار الذي أقامه الخضر لغلامين يتيمين، وكان تحته كنز مدفون لهما ولو لم يقم الجدار لما حفظ لهما كنزهما.  والرسالة في هذه المواقف: أن يتعلم المؤمن أن الله تعالى يقدر أمورًا قد لا نعلم الحكمة منها والخير المقدر فيها. • القصة الرابعة (ذي القرنين): الملك العادل الذي ينشر الحق والعدل والخير في الأرض، ويملك كل الأسباب المادية التي تسهل له التمكين والنجاح في الحياة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الكهف»، و«سورة أصحاب ‏الكهف».
  • • معنى الاسم ::   الكهف: كالمغارة في الجبل، إلا أنه أوسع منها، فإذا صغر فهو غار.
  • • سبب التسمية ::   لورود ‏قصة ‏أصحاب ‏الكهف فيها، ولم يرد هذا اللفظ إلا في هذه السورة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   كيفية التعامل مع الفتن.
  • • علمتني السورة ::   خطورة الكلمة، فالبعض يطلق الكلام على عواهنه دون النظر في عواقب كلامه: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ليؤمنوا؛ حتى يكاد أن يهلك نفسه لذلك: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الجليس الصالح خير من الوحدة، لكن الوحدة خير من الجليس السوء: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
    • عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ».
    • عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ فَقَالَ: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ؛ فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ».
    • عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَن نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَن قَرَأَ سُورَةَ اَلْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لَهُ نُورًا مِنْ مُقَامِهِ إَلَى مَكَّة، وَمَنْ قَرَأَ بِعَشْر آياتٍ منْ آخِرِهَا فَخَرَجَ الدَّجُّالُ لَم يُسَلُّطْ عَلَيْهِ».
    • عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الكهف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • يستحب قراءتها يوم الجمعة لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
    • الآيات العشر الأولى من السورة عاصمة لمن حفظها من فتنة المسيح الدجال لحديث أَبِى الدَّرْدَاءِ.
    • انتصفت عدد كلمات القرآن في هذه السورة، فالكلمة التي تقع في وسط القرآن على مذهب الجمهور هي كلمة ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ ( 19).
    • هي إحدى سور خمس بُدِئت بـ «الحمد لله» وهذه السور هي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر الفتن، ونحصن أنفسنا منها.
    • أن ننتبه لأقوالنا، فرب كلمة تخرج من الفم ترجح كفة السيئات: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (5).
    • ألا نصرف مشاعرنا وحزننا لمن لا يستحق: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (6).
    • أن نحسن العمل، فالله قال: ﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (7)، ولم يقل سُبحانه أكثر وأدوم! بل أحسن، أي: إخلاص النية واتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
    • أن نلجأ إلى الله ونسأله الرحمة والرشاد دائمًا: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (10).
    • ألا نغتر كثيرًا بصلاح حالنا، وشدة استقامتنا! فالقلوب تتقلب، والقلوب تتفلت، والقلوب تزيغ، والمثبت هو الله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ (14).
    • ألا نخوض فيما لا طائل وراءه، فوقت المسلم ثمين، فماذا يزيدنا لو عرفنا عدد الفتية؟ أو أسماءهم؟ أو أعمارهم؟: ﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ﴾ (22)، إنما الفائدة المرجوة في أفعالهم وثباتهم على المبدأ، وفرارهم بدينهم يحافظون عليه، وحذرهم في تصرفاتهم.
    • أن نرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله؛ لأن النسيان منشأه من الشيطان، وذكر الله تعالى يطرد الشيطان، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان؛ فذكر الله سبب للذكر: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَدًا﴾ (24).
    • ألا نستعجل؛ فقد يحتاج التغيير بالكامل إلى ٣٠٩ سنة!: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ (25).
    • أن نلزم كل تقي نقي: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ (28).
    • أن نستعيذ بالله من أن نتكبر بسبب ما وهبنا الله من النعم, ونسأل الله أن يجعلها عونًا لنا على عبادته: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ (34).
    • أن نحذر الكبر والخيلاء، وكلما تعالينا واستكبرنا على خلق الله نتذكر: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ (37).
    • ألا نجعل المال والبنين مشغلة لنا عن عمل الصالحات: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (46).
    • أن ننتبه لكلماتنا، ونراقب حركاتنا؛ فهناك كتاب: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ (49).
    • أن نستخدم الترغيب والترهيب في دعوتنا إلى الله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ (56).
    • أن نحمل الزاد والطعام في السفر كما فعل موسى وتلميذه يوشع بن نون عليهما الصلاة والسلام: ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ (62).
    • أن نربط بين خطئنا وعذرنا؛ لأنه أرفق بصحبتنا: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ (63). • ألا نغتر بعلمنا: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ﴾ (66).
    • أن ننكر المنكر كما أنكر موسى أفعال الخضر عليهما السلام، وظن أنها منكر: ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ (71)، ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ (74).
    • ألا نعاندْ، إذا أخطَأنا اعتذرنا: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ (73)، فثقافةُ الاعتذارِ لا يعرفُ قيمتَهَا إلَّا الكبارُ.
    • أن نعمل أعمالًا صالحة يصل نفعها إلى الآخرين: ﴿يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ (77).
    • أن نجتهد في دفع الظلــم عن المظلومين أو الضعفاء: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ (79).
    • ألا نحزن على فوات شيء من الدنيا، فقد أعطاها الله ذا القرنين، وحرمها كثيرًا من الأنبياء وهم أفضل منه: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ (84).

تمرين حفظ الصفحة : 293

293

مدارسة الآية : [105] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا ..

التفسير :

[105] وبالحق أنزلنا هذا القرآن على محمد -صلى الله عليه وسلم- لأمْرِ العباد ونهيهم وثوابهم وعقابهم، وبالصدق والعدل والحفظ من التغيير والتبديل نزل. وما أرسلناك -أيها الرسول- إلا مبشراً بالجنة لمن أطاع، ومخوفاً بالنار لمن عصى وكفر.

أي:وبالحق أنزلنا هذا القرآن الكريم، لأمر العباد ونهيهم، وثوابهم وعقابهم،{ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} أي:بالصدق والعدل والحفظ من كل شيطان رجيم{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا} من أطاع الله بالثواب العاجل والآجل{ وَنَذِيرًا} لمن عصى الله بالعقاب العاجل والآجل، ويلزم من ذلك بيان ما بشر به وأنذر.

قال الآلوسى: قوله- تعالى-: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ.. عود إلى شرح حال القرآن الكريم، فهو مرتبط بقوله: لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ.. وهكذا طريقة العرب في كلامها، تأخذ في شيء وتستطرد منه إلى آخر، ثم إلى آخر، ثم إلى آخر، ثم تعود إلى ما ذكرته أولا، والحديث شجون ... ».

والمراد بالحق الأول: الحكمة الإلهية التي اقتضت إنزاله، والمراد بالحق الثاني: ما اشتمل عليه هذا القرآن من عقائد وعبادات وآداب وأحكام ومعاملات ...

والباء في الموضعين للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير القرآن الذي دل الكلام على أن الحديث عنه.

والمعنى: وإن هذا القرآن ما أنزلناه إلا ملتبسا بالحق الذي تقتضيه حكمتنا، وما أنزلناه إلا وهو مشتمل على كل ما هو حق من العقائد والعبادات وغيرهما. فالحق سداه ولحمته، والحق مادته وغايته.

قال بعض العلماء: بين- جل وعلا- في هذه الآية الكريمة، أنه أنزل هذا القرآن بالحق، أى: ملتبسا به متضمنا له، فكل ما فيه حق، فأخباره صدق. وأحكامه عدل، كما قال- تعالى-: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ... وكيف لا، وقد أنزله- سبحانه- بعلمه، كما قال- تعالى- لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ، وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً.

وقوله وَبِالْحَقِّ نَزَلَ يدل على أنه لم يقع فيه تغيير ولا تبديل في طريق إنزاله، لأن الرسول المؤتمن على إنزاله قوى لا يغلب عليه، حتى يغير فيه، أمين لا يغير ولا يبدل، كما أشار إلى هذا- سبحانه- بقوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ. مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ .

وقوله- سبحانه-: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً ثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن، بعد الثناء على القرآن في ذاته.

أى: وما أرسلناك- أيها الرسول الكريم- إلا مبشرا لمن أطاعنا بالثواب، وإلا منذرا لمن عصانا بالعقاب. ولم نرسلك لتخلق الهداية في القلوب، فإن ذلك من شأن الله تعالى.

يقول تعالى مخبرا عن كتابه العزيز ، وهو القرآن المجيد ، أنه بالحق نزل ، أي : متضمنا للحق ، كما قال تعالى : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه ) [ النساء : 166 ] أي : متضمنا علم الله الذي أراد أن يطلعكم عليه ، من أحكامه وأمره ونهيه .

وقوله : ( وبالحق نزل ) أي : ووصل إليك - يا محمد - محفوظا محروسا ، لم يشب بغيره ، ولا زيد فيه ولا نقص منه ، بل وصل إليك بالحق ، فإنه نزل به شديد القوى ، [ القوي ] الأمين المكين المطاع في الملإ الأعلى .

وقوله : ( وما أرسلناك ) أي : يا محمد ) إلا مبشرا ) لمن أطاعك من المؤمنين ) ونذيرا ) لمن عصاك من الكافرين .

يقول تعالى ذكره: وبالحق أنـزلنا هذا القرآن: يقول: أنـزلناه نأمر فيه بالعدل والإنصاف والأخلاق الجميلة، والأمور المستحسنة الحميدة، وننهى فيه عن الظلم والأمور القبيحة، والأخلاق الردية، والأفعال الذّميمة (وَبِالْحَقِّ نَـزَلَ) يقول: وبذلك نـزل من عند الله على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أرسلناك يا محمد إلى من أرسلناك إليه من عبادنا، إلا مبشرا بالجنَّة من أطاعنا، فانتهى إلى أمرنا وَنهْينا، ومنذرا لمن عصانا وخالف أمرنا ونهينَا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[105] ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ أنزلناه: جملة واحدة إلى السماء الدنيا، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: 1]، وقال عز وجل: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ [الدخان: 3].
وقفة
[105] ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ القرآن حق من الله، وما نزل به كله حق.
وقفة
[105] ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ والحق: الشيء الثابت الذي لا يطرأ عليه التغيير أبدًا. والمراد بالحق الأول (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ): أي أنزلنا عليك القرآن متضمنًا للحق، ففيه الأمر بالعدل والإنصاف ومكارم الأخلاق، والنهي عن كل ما هو مذموم، وفيه العقائد والأحكام التي لا تتبدل ولا تتغير، فشريعة الإسلام آخر الشرائع ولن تنسخها شريعة أخرى. والمراد بالحق الثاني: (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ): أي نزل إليك محفوظًا محروسًا لم ينله تغيير أو تحريف، ولا زيادة أو نقصان، وخص القرآن بهذا لأن الكتب الأخرى نالها التحريف.

الإعراب :

  • ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ:
  • الواو: عاطفة. بالحق: جار ومجرور متعلق بمصدر محذوف أو بصفة له بتقدير: أنزلناه انزالا ملتبسا بالحق أو هو متعلق بحال من الضمير بمعنى ومعه الحق أو ما أنزلنا القرآن إلاّ بالحكمة المقتضية لانزاله. أنزل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ:
  • معطوف بالواو على «بالحق» ويعرب اعرابه. نزل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي نزل بالحكمة.
  • ﴿ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً:
  • الواو: عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. أرسلناك: تعرب اعراب «أنزلناه» والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح. إلاّ: أداة حصر لا محل لها. مبشرا: حال منصوب بالفتحة. ونذيرا: معطوفة بالواو على «مبشرا» منصوبة مثلها. '

المتشابهات :

الإسراء: 105﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
الأنبياء: 107﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ
الفرقان: 56﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
سبإ: 28﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [105] لما قبلها :     وبعد بيان أن القرآنَ معجزٌ، وأن الكفارَ لم يكتفوا بهذا المعجز، بل طلبوا معجزات أخرى، وأجابَهم اللهُ بأنه لا حاجة إلى شيء سواه، فموسى عليه السلام أتى فرعون وقومه بتسع آيات، فجحدوا بها فأهلكوا؛ عادت الآيات هنا للثَّناءِ على القرآنِ، قال تعالى:
﴿ وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [106] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ ..

التفسير :

[106] وأنزلنا إليك -أيها الرسول- قرآناً بيَّناه وأحكمناه وفَصَّلناه فارقاً بين الهدى والضلال والحق والباطل؛ لتقرأه على الناس في تؤدة وتمهُّل، ونَزَّلْناه مفرَّقاً، شيئاً بعد شيء، على حسب الحوادث ومقتضيات الأحوال.

أي:وأنزلنا هذا القرآن مفرقًا، فارقًا بين الهدى والضلال، والحق والباطل.{ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} أي:على مهل، ليتدبروه ويتفكروا في معانيه، ويستخرجوا علومه.

{ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} أي:شيئًا فشيئًا، مفرقًا في ثلاث وعشرين سنة.

ثم بين- سبحانه- الحكم التي من أجلها أنزل القرآن مفصلا ومنجما، فقال: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا.

ولفظ: قُرْآناً منصوب بفعل مضمر أى: وآتيناك قرآنا.

وقوله: فَرَقْناهُ أى: فصلناه. أو فرقنا فيه بين الحق والباطل. أو أنزلناه منجما مفرقا.

قال الجمل: وقراءة العامة فَرَقْناهُ بالتخفيف. أى: بينا حلاله وحرامه ...

وقرأ على وجماعة من الصحابة وغيرهم بالتشديد وفيه وجهان: أحدهما: أن التضعيف للتكثير. أى: فرقنا آياته بين أمر ونهى وحكم وأحكام. ومواعظ وأمثال وقصص وأخبار.

والثاني: أنه دال على التفريق والتنجيم».

وقوله عَلى مُكْثٍ أى: على تؤدة وتمهل وحسن ترتيل، إذ المكث التلبث في المكان، والإقامة فيه انتظارا لأمر من الأمور.

والمعنى: «ولقد أنزلنا إليك- أيها الرسول- هذا القرآن، مفصلا في أوامره ونواهيه، وفي أحكامه وأمثاله ... ومنجما في نزوله لكي تقرأه على الناس على تؤدة وتأن وحسن ترتيل، حتى يتيسر لهم حفظه بسهولة، وحتى يتمكنوا من تطبيق تشريعاته وتوجيهاته تطبيقا عمليا دقيقا.

وهكذا فعل الصحابة- رضى الله عنهم-: فإنهم لم يكن القرآن بالنسبة لهم متعة عقلية ونفسية فحسب، وإنما كان القرآن بجانب حبهم الصادق لقراءته وللاستماع إليه منهجا لحياتهم، يطبقون أحكامه وأوامره ونواهيه وآدابه ... في جميع أحوالهم الدينية والدنيوية.

قال أبو عبد الرحمن السلمى: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، أنهم كانوا يستقرئون عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يتركوها حتى يعملوا بما فيها «فتعلمنا القرآن والعمل جميعا» .

وقوله- سبحانه-: وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا أى: ونزلناه تنزيلا مفرقا منجما عليك يا محمد في مدة تصل إلى ثلاث وعشرين سنة، على حسب ما تقتضيه حكمتنا، وعلى حسب الحوادث والمصالح، وليس من أجل تيسير حفظه فحسب.

وقوله : ( وقرآنا فرقناه ) أما قراءة من قرأ بالتخفيف ، فمعناه : فصلناه من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفرقا منجما على الوقائع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة ؛ قاله عكرمة عن ابن عباس .

وعن ابن عباس أيضا أنه قال ) فرقناه ) بالتشديد ، أي : أنزلناه آية آية ، مبينا مفسرا ؛ ولهذا قال : ( لتقرأه على الناس ) أي : لتبلغه الناس وتتلوه عليهم ) على مكث ) أي : مهل ) ونزلناه تنزيلا ) أي : شيئا بعد شيء .

( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الأمصار (فَرَقْناهُ) بتخفيف الراء من فرقناه، بمعنى: أحكمناه وفصلناه وبيناه ، وذكر عن ابن عباس، أنه كان يقرؤه بتشديد الراء " فَرَّقْناهُ" بمعنى: نـزلناه شيئا بعد شيء، آية بعد آية، وقصة بعد قصة.

وأولى القراءتين بالصواب عندنا، القراءة الأولى، لأنها القراءة التي عليها الحجة مجمعة، ولا يجوز خلافها فيما كانت عليه مجمعة من أمر الدين والقرآن ، فإذا كان ذلك أولى القراءتين بالصواب، فتأويل الكلام: وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا، وفصلناه قرآنا، وبيَّناه وأحكمناه، لتقرأه على الناس على مكث.

وبنحو الذي قلنا في ذلك من التأويل، قال جماعة من أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ) يقول: فصلناه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن أبي الربيع عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب أنه قرأ ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ) مخففا: يعني بيناه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ) قال: فصلناه.

حدثنا ابن المثنى، قال : ثنا بدل بن المحبر، قال: ثنا عباد، يعني ابن راشد، عن داود، عن الحسن أنه قرأ ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ) خفَّفها: فرق الله بين الحقّ والباطل.

وأما الذين قرءوا القراءة الأخرى، فإنهم تأوّلوا ما قد ذكرت من التأويل.

ذكر من قال ما حكيت من التأويل عن قارئ ذلك كذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: كان ابن عباس يقرؤها: " وَقُرآنا فَرَّقْناهُ" مثقلة، يقول: أنـزل آية آية.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: أنـزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنـزل بعد ذلك في عشرين سنة، قال وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ، " وَقُرآنا فَرَّقْناهُ لِتَقْرأَهُ عَلى النَّاسِ على مُكْثٍ وَنـزلْناهُ تَنـزيلا ".

حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: " وَقُرآنا فَرَّقْناهُ لِتَقْرأَهُ عَلى النَّاسِ" لم ينـزل جميعا، وكان بين أوّله وآخره نحو من عشرين سنة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ ) قال: فرّقه: لم ينـزله جميعه. وقرأ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ... حتى بلغ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا يَنْقُض عليهم ما يأتون به.

وكان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يقول: نصب قوله ( وَقُرآنا ) بمعنى: ورحمة، ويتأوّل ذلك ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) ورحمة، ويقول: جاز ذلك، لأن القرآن رحمة، ونصبه على الوجه الذي قلناه أولى، وذلك كما قال جلّ ثناؤه وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ وقوله ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) يقول: لتقرأه على الناس على تُؤَدة، فترتله وتبينه، ولا تعجل في تلاوته، فلا يفهم عنك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال : ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبيد المكُتِب (1) قال: قلت لمجاهد: رجل قرأ البقرة وآل عمران، وآخر قرأ البقرة، وركوعهما وسجودهما واحد، أيهما أفضل؟ قال: الذي قرأ البقرة، وقرأ ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) .

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) يقول: على تأييد.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( عَلَى مُكْثٍ ) قال: على ترتيل.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) قال: في ترتيل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) قال: التفسير الذي قال الله وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا : تفسيره.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا الثوري، عن عبيد، عن مجاهد، قوله ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) على تؤدة ، وفي المُكث للعرب لغات: مُكث، ومَكث، ومِكث ومِكِّيثَى مقصور، ومُكْثانا، والقراءة بضمّ الميم.

وقوله ( وَنـزلْنَاهُ تَنـزيلا ) يقول تعالى ذكره: فرقنا تنـزيله، وأنـزلناه شيئا بعد شيء.

كما حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: حدثنا، عن أبي رجاء ؛ قال: تلا الحسن: " وَقُرآنا فَرَّقْناهُ لِتَقْرأَهُ عَلى النَّاسِ على مُكْثٍ وَنـزلْنَاهُ تَنـزيلا " قال: كان الله تبارك وتعالى ينـزل هذا القرآن بعضه قبل بعض لما علم أنه سيكون ويحدث في الناس، لقد ذكر لنا أنه كان بين أوّله وآخره ثماني عشرة سنة، قال: فسألته يوما على سخطة، فقلت: يا أبا سعيد " وقرآنا فرقناه " فثقلها أبو رجاء، فقال الحسن: ليس فرّقناه، ولكن فَرقناه، فقرأ الحسن مخففة ، قلت: من يُحدثك هذا يا أبا سعيد أصحاب محمد ، قال: فمن يحدّثنيه ، قال: أنـزل عليه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة ثماني سنين، وبالمدينة عشر سنين.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنـزلْنَاهُ تَنـزيلا ) لم ينـزل في ليلة ولا ليلتين، ولا شهر ولا شهرين، ولا سنة ولا سنتين، ولكن كان بين أوّله وآخره عشرون سنة، وما شاء الله من ذلك.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال: كان يقول: أنـزل على نبيّ الله القرآن ثماني سنين، وعشرا بعد ما هاجر. وكان قتادة يقول: عشرا بمكة، وعشرا بالمدينة.

التدبر :

وقفة
[106] ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ﴾ هذا اعتناء كبير لشرف الرسول ﷺ، حيث كان يأتيه الوحي صباحًا ومساءً ليلًا ونهارًا سفرًا وحضرًا.
وقفة
[106] عن مجاهد أن رجلًا سأله عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة فقط، قيامهما واحد، وركوعهما واحد، وسجودهما واحد؟ فقال مجاهد: «الذي قرأ البقرة فقط أفضل»، ثم تلا: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ﴾.
وقفة
[106] ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾ أي: على مهل؛ ليتدبروه، ويتفكروا في معانيه، ويستخرجوا علومه.
عمل
[106] ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾ اجتمع مع بعض زملائك، وليقرأ كل واحد آيات من كتاب الله سبحانه.
وقفة
[106] ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾ القراءة المتأنية تعين على تدبر القرآن.
وقفة
[106] ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾ من أسماهُ بالقرآن هو الله وحده، وليس النبي ﷺ ولا الصحابة رضوان الله عليهم.
وقفة
[106] إلى كل إمام وقارئ ومعلم؛ كن قارئًا للقرآن على مهَل وترسُّل في التلاوة ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾.
عمل
[106] أخي إمام المسجد: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾، لا يكن همك آخر السورة !اقرأ قراءة مترسلة هادئة شهية بتدبر وتمهل: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4].

الإعراب :

  • ﴿ وَقُرْآناً فَرَقْناهُ:
  • الواو عاطفة. قرآنا: مفعول به منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده وعلامة نصبه الفتحة. فرقناه: بمعنى بيناه وهو فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. بمعنى: فرقنا فيه بين الحق والباطل.
  • ﴿ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النّاسِ:
  • اللام: حرف جر للتعليل. تقرأه: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. على الناس: جار ومجرور متعلق بتقرأ. و «أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر باللام. وجملة «تقرأه على الناس» صلة «أن» المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً:
  • جار ومجرور متعلق بتقرأ بمعنى على مهل. ونزلناه: معطوفة بالواو على «فرقناه» وتعرب إعرابها و «تنزيلا» مفعول مطلق منصوب بالفتحة ونصبه على المصدر وفيه معنى التوكيد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [106] لما قبلها :     وبعد الثَّناءِ على القرآنِ؛ أخبرَ اللهُ عز وجل هنا أن الحكمة في إنزال القرآن منجمًا أي مفرقًا في 23 سنة بحسب الوقائع، أن تقرأه على الناس بتؤدة وتأن ليسهل عليهم حفظه، ويكون ذلك أعون على تفهم معناه، قال تعالى:
﴿ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فرقناه:
قرئ:
1- بتخفيف الراء، وهى قراءة الجمهور.
2- بتشديد الراء، وهى قراءة أبى عبد الله، وعلى، وابن عباس، وأبى رجاء، وقتادة، والشعبي، وحميد، وعمرو بن قائد، وزيد بن على، وعمرو بن ذر، وعكرمة، والحسن، بخلاف عنه.

مدارسة الآية : [107] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ ..

التفسير :

[107] قل -أيها الرسول- لهؤلاء المكذبين:آمِنوا بالقرآن أو لا تؤمنوا؛ فإن إيمانكم لا يزيده كمالاً، وتكذيبكم لا يُلْحِق به نقصاً. إن العلماء الذين أوتوا الكتب السابقة مِن قبل القرآن، وعرفوا حقيقة الوحي، إذا قرئ عليهم القرآن يخشعون، فيسجدون على وجوههم تعظيما

{ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} فإذا تبين أنه الحق، الذي لا شك فيه ولا ريب، بوجه من الوجوه فـ:{ قُلْ} لمن كذب به وأعرض عنه:{ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} فليس لله حاجة فيكم، ولستم بضاريه شيئًا، وإنما ضرر ذلك عليكم، فإن لله عبادًا غيركم، وهم الذين آتاهم الله العلم النافع:{ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} أي:يتأثرون به غاية التأثر، ويخضعون له.

ثم أمر الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخاطب المشركين بما يدل على هوان شأنهم. وعلى عدم المبالاة بهم، فقال- تعالى-: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا، إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً....

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الجاهلين. الذين طلبوا منك ما هو خارج عن رسالتك، والذين وصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين: قل لهم: آمنوا بهذا القرآن أو لا تؤمنوا به، لأن إيمانكم به، لا يزيده كمالا، وعدم إيمانكم به لا ينقص من شأنه شيئا، فإن علماء أهل الكتاب الذين آتاهم الله العلم قبل نزول هذا القرآن، وميزوا بين الحق والباطل، كانوا إذا تلى عليهم هذا القرآن، - كأمثال عبد الله بن سلام وأصحابه «يخرون للأذقان سجدا» أى: يسقطون على وجوههم ساجدين لله- تعالى- شكرا له على إنجاز وعده، بإرسالك- أيها الرسول الكريم- وبإنزال القرآن عليك، كما وعد بذلك- سبحانه- في كتبه السابقة.

فالجملة الكريمة: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.. تعليل لعدم المبالاة بهؤلاء المشركين الجاهلين، والضمير في قوله: مِنْ قَبْلِهِ يعود إلى القرآن الكريم.

وقوله: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً يدل على قوة إيمانهم، وعلى سرعة تأثرهم بهذا القرآن، فهم بمجرد تلاوته عليهم، يسقطون على وجوههم ساجدين لله- تعالى-.

وخصت الأذقان بالذكر، لأن الذقن أول جزء من الوجه يقرب من الأرض عند السجود، ولأن ذلك يدل على نهاية خضوعهم لله- تعالى- وتأثرهم بسماع القرآن الكريم:.

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( قل ) يا محمد لهؤلاء الكافرين بما جئتهم به من هذا القرآن العظيم : ( آمنوا به أو لا تؤمنوا ) أي : سواء آمنتم به أم لا فهو حق في نفسه ، أنزله الله ونوه بذكره في سالف الأزمان في كتبه المنزلة على رسله ؛ ولهذا قال : ( إن الذين أوتوا العلم من قبله ) أي : من صالح أهل الكتاب الذين يمسكون بكتابهم ويقيمونه ، ولم يبدلوه ولا حرفوه ) إذا يتلى عليهم ) هذا القرآن ، ( يخرون للأذقان ) جمع ذقن ، وهو أسفل الوجه ) سجدا ) أي : لله عز وجل ، شكرا على ما أنعم به عليهم ، من جعله إياهم أهلا إن أدركوا هذا الرسول الذي أنزل عليه [ هذا ] الكتاب ؛

يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء القائلين لك لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا : آمنوا بهذا القرآن الذي لو اجتمعت الإنس والجنّ على أن يأتوا بمثله، لم يأتوا به ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، أوَ لا تؤمنوا به، فإن إيمانكم به لن يزيد في خزائن رحمة الله ولا ترككم الإيمان به يُنقص ذلك ، وإن تكفروا به، فإن الذين أوتوا العلم بالله وآياته من قبل نـزوله من مؤمني أهل الكتابين، إذا يتلى عليهم هذا القرآن يخرّون تعظيما له وتكريما ، وعلما منهم بأنه من عند الله، لأذقانهم سجدا بالأرض.

واختلف أهل التأويل في الذي عُني بقوله (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ) فقال بعضهم: عُنِي به: الوجوه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا) يقول: للوجوه.

حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا) قال للوجوه.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.

وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك اللِّحَى.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: قال الحسن في قوله (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ) قال: اللِّحَى.

التدبر :

وقفة
[107] ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا﴾ أمر باحتقارهم، وعدم الاكتراث بهم؛ كأنه يقول: سواء آمنتم أو لم تؤمنوا، لكونكم لستم بحجة، وإنما الحجة أهل العلم من قبله، وهم المؤمنون من أهل الكتاب، ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ﴾ يعني المؤمنين من أهل الكتاب، وقيل: الذين كانوا على الحنيفية قبل البعثة.
وقفة
[107] ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ ما أعظم العلم بالقرآن إذا بعث على الخشية!
وقفة
[107] ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ كفى بخشية الله علمًا، فقد وصف الله من يخشع عند آياته بالعلم.
وقفة
[107] ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ العالِم هـو من أبكاه علمه.
وقفة
[107] ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ قرأ عمر بن الخطاب t يومًا هذه الآية، فسجد وقال: «هذا السجود فأين البكاء؟!».
وقفة
[107] ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ ختمت الإسراء بسجدة تستشعر فيها حلاوة القرآن وتبكى من خشيته, ثم تحمده على نعمة القرآن بداية الكهف.
وقفة
[107] ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ درجتك العلمية هنا.
وقفة
[107] قال سفيان الثوري: «من أبكاه علمه فهو العالم؛ فإن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾، وقال تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم: 58]».
وقفة
[107] كفى بخشية الله علمًا، فقد وصف الله من يخشع عند آياته بالعلم ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾.
وقفة
[107] ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾، ﴿مما عُلِّمت﴾ [الكهف: 66]، ﴿وعلَّمناه﴾ [الكهف: 65]؛ لا تغتر بعلمك، إنما هو شيء أوتيته وعُلمته، ليس لك منه شيء.
وقفة
[107] ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ الخرور على الذقن عبادة مقصودة يحبها الله، وليس المراد بالخرور إلصاق الذقن بالأرض كما تلصق الجبهة، والخرور على الذقن هو مبدأ الركوع، والسجود منتهاه.
وقفة
[107] ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ كرَّره؛ لأن الأول واقعٌ في حال السجود، والثاني في حال البكاء، أو الأول واقعٌ في قراءة القرآن أو سماعه، والثاني في غير ذلك.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل أمر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة بعده في محل نصب مفعول به لقل.
  • ﴿ آمِنُوا:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا:
  • جار ومجرور متعلق بآمنوا. أو: عاطفة. لا: ناهية جازمة. تؤمنوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وفي الجملة أمر بالاعراض عنهم واحتقارهم.
  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل ومعناها التعليل أي الجملة من ان واسمها وخبرها تعليل لقوله: آمنوا به أو لا تؤمنوا به فقد آمن به من هو خير منكم أو تكون تعليلا لقل. كأنه قيل: تسلّ عن ايمان الجهلة بإيمان العلم. الذين: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم انّ.
  • ﴿ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. أوتوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. العلم: مفعول به منصوب بالفتحة. من قبله: جار ومجرور متعلق بأوتوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ:
  • إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه وهو أداة شرط‍ غير جازمة. يتلى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي القرآن. على: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بيتلى وجملة «يتلى» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف. و «إذا» وما في حيزها من الشرط‍ والجواب في محل رفع خبر إنّ.
  • ﴿ يَخِرُّونَ:
  • أي يسقطون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً:
  • جار ومجرور متعلق بيخرون بمعنى على وجوههم. سجدا: حال منصوب بالفتحة بمعنى: ساجدين. و «الأذقان» جمع «ذقن» أي مجمع اللحيين. '

المتشابهات :

الإسراء: 107﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا
الإسراء: 109﴿وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [107] لما قبلها :     ولَمَّا أوضحَ اللهُ عز وجل للمشركين أنَّ مِثلَ ذلك القُرآنِ لا يكونُ إلَّا مُنزَّلًا من عندِ اللهِ، وتحداهم قبل ذلك بأن يأتوا بمثله فعجزوا، ومع كل ذلك لم يؤمنوا؛ أمرَ نبيَّه صلى الله عليه وسلم هنا أن يخاطب المشركين بما يدل على هوان شأنهم، وعلى عدم المبالاة بهم، ثم بَيَّنَ خضوعَ الَّذينَ أُوتُوا العلمَ له، قال تعالى:
﴿ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [108] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ ..

التفسير :

[108] ويقول هؤلاء الذين أوتوا العلم عند سماع القرآن:تنزيهاً لربنا وتبرئة له مما يصفه المشركون به، ما كان وعد الله تعالى من ثواب وعقاب إلا واقعاً حقّاً.

{ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا} عما لا يليق بجلاله، مما نسبه إليه المشركون.{ إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا} بالبعث والجزاء بالأعمال{ لَمَفْعُولًا} لا خلف فيه ولا شك.

ثم حكى- سبحانه- ما يقولونه في سجودهم فقال: وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا.

أى: ويقولون في سجودهم، ننزه ربنا- عز وجل- عن كل ما يقوله الجاهلون بشأنه، إنه- تعالى- كان وعده منجزا ومحققا لا شك في ذلك.

ثم كرر- سبحانه- مدحه لهم فقال: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ، وَيَزِيدُهُمْ أى سماع القرآن خُشُوعاً وخضوعا لله- عز وجل

ولهذا يقولون : ( سبحان ربنا ) أي : تعظيما وتوقيرا على قدرته التامة ، وأنه لا يخلف الميعاد الذي وعدهم على ألسنة الأنبياء [ المتقدمين عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قالوا : ( سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) ] .

وقوله ( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا ) يقول جلّ ثناؤه: ويقول هؤلاء الذين أوتوا العلم من قبل نـزول هذا القرآن ، إذ خروا للأذقان سجودا عند سماعهم القرآن يُتْلَى عليهم ، تنـزيها لربنا وتبرئة له مما

يضيف إليه المشركون به، ما كان وعد ربنا من ثواب وعقاب، إلا مفعولا حقا يقينا، إيمان بالقرآن وتصديق به ، والأذقان في كلام العرب: جمع ذَقَن وهو مجمع اللَّحيين، وإذ كان ذلك كذلك، فالذي قال الحسن في ذلك أشبه بظاهر التنـزيل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل على اختلاف منهم في الذين عنوا بقوله (أُوتُوا الْعِلْمَ) وفي (يُتْلَى عَلَيْهِمْ) .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ).... إلى قوله خُشُوعًا قال: هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنـزل الله على محمد قالوا( سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا ) .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) من قبل النبيّ صلى الله عليه وسلم (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ) ما أنـزل إليهم من عند الله (يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا ) .

وقال آخرون: عُنِي بقوله (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) القرآن الذي أنـزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ) كتابهم.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ) ما أنـزل الله إليهم من عند الله.

وإنما قلنا: عُنِي بقوله (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ) القرآن ، لأنه في سياق ذكر القرآن لم يجر لغيره من الكتب ذكر، فيصرف الكلام إليه، ولذلك جعلت الهاء التي في قوله (مِنْ قَبْلِهِ) من ذكر القرآن، لأن الكلام بذكره جرى قبله، وذلك قوله وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ وما بعده في سياق الخبر عنه، فذلك وجبت صحة ما قلنا إذا لم يأت بخلاف ما قلنا فيه حجة يجب التسليم لها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[108] ﴿وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[108] ﴿وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا﴾ هؤلاء هم الصالحون من أهل الكتاب؛ لأن الوعد ببعثة محمد ﷺ سبق في كتابهم، فهم في انتظار إنجاز هذا الوعد، ومن هؤلاء: ورقة بن نوفل، ومنهم كذلك من آمن بعد نزول هذه السورة مثل عبد الله بن سلام، ففي الآية إخبار ببعض الغيب.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَقُولُونَ:
  • الواو: عاطفة. يقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة بعده: في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ سُبْحانَ رَبِّنا:
  • مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره أسبح منصوب بالفتحة وهو مضاف بمعنى أنزه ربنا تنزيها. ربّ: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنْ كانَ وَعْدُ:
  • إن: مخففة من «إنّ» وهي حرف مشبه بالفعل واسمها ضمير الشأن أي بمعنى: إنّه. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. وعد: اسم «كان» مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «كان مع اسمها وخبرها» في محل رفع خبر «إن».
  • ﴿ رَبِّنا لَمَفْعُولاً:
  • ربنا: أعربت. اللام: فارقة. هي نفسها اللام المزحلقة وسميت فارقة لأنها تفرق وتميز إن المخففة من «ان» النافية. مفعولا: خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [108] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز وجل أن العلماء الذين أوتوا الكتب السابقة، إذا قرئ عليهم القرآن يخشعون، فيسجدون على وجوههم تعظيمًا لله، وشكرا له؛ ذكرَ هنا ما يقولونه في سجودهم، قال تعالى:
﴿ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [109] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا

التفسير :

[109] ويقع هؤلاء ساجدين على وجوههم، يبكون تأثراً بمواعظ القرآن، ويزيدهم سماع القرآن ومواعظه خضوعاً لأمر الله وعظيم قدرته.

{ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} أي:على وجوههم{ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ} القرآن{ خُشُوعًا}

وهؤلاء كالذين من الله عليهم من مؤمني أهل الكتاب كعبد الله ابن سلام وغيره، ممن أمنفي وقت النبي صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك.

وكرر- سبحانه- خرورهم على وجوههم ساجدين لله- تعالى- لاختلاف السبب، فهم أولا أسرعوا بالسجود لله تعظيما له- سبحانه- وشكرا له على إنجازه لوعده.

وهم ثانيا أسرعوا بالسجود، لفرط تأثرهم بمواعظ القرآن الكريم.

فأنت ترى هاتين الآيتين قد أمرتا النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن المشركين، وباحتقارهم وبازدراء شأنهم، فإن الذين هم خير منهم وأفضل وأعلم قد آمنوا.

وفي ذلك ما فيه من التسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن الله- تعالى- يقول له: يا محمد تسلّ عن إيمان هؤلاء الجهلاء، بإيمان العلماء.

هذا، وقد أخذ العلماء من هاتين الآيتين أن البكاء من خشية الله، يدل على صدق الإيمان، وعلى نقاء النفس، ومن الأحاديث التي وردت في فضل ذلك، ما أخرجه الترمذي عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» .

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بآيتين دالتين على تفرده- سبحانه- بالتقديس والتعظيم والتمجيد والعبادة، فقال- تعالى-:

وقوله : ( ويخرون للأذقان يبكون ) أي : خضوعا لله عز وجل وإيمانا وتصديقا بكتابه ورسوله ، ويزيدهم الله خشوعا ، أي : إيمانا وتسليما كما قال : ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) [ محمد : 17 ] .

وقوله : ( ويخرون ) عطف صفة على صفة لا عطف سجود على سجود ، كما قال الشاعر :

إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم

يقول تعالى ذكره: ويخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلم من مؤمني أهل الكتابين من قبل نـزول الفرقان، إذا يُتْلَى عليهم القرآن لأذقانهم يبكون، ويزيدهم ما في القرآن من المواعظ والعبر خشوعا، يعني خضوعا لأمر الله وطاعته، واستكانة له.

حدثنا أحمد بن منيع، قال: ثنا عبد الله بن المبارك ، قال: أخبرنا مِسْعر، عن عبد الأعلى التيميّ، أن من أوتي من العلم يبكه لخليق أن لا يكون أوتي علما ينفعه، لأن الله نعت العلماء فقال إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ .... الآيتين.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن مسعر بن كدام، عن عبد الأعلى التيمي بنحوه، إلا أنه قال إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ ثم قال ( وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ ).... الآية.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد ( وَيَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ) قال: هذا جواب وتفسير للآية التي في كهيعص إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾ أكرم ما تكون على الله، بل أسعد ما تكون؛ إذا مرّغتَ وجهك ساجدًا له، وفاضت عيناك من خشيته.
اسقاط
[109] لا يبكي من سماع القرآن إلا مؤمن ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾ [الأنفال: 2]، وعندما يخشع القلب تنهمر العين ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ﴾.
عمل
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ هكذا مُدحوا بالبكاء والخشوع عند سماع القرآن، فكيف نكون كذلك؟ إن فهم وتدبر ما نقرأه أو نسمعه من كلام ربنا من أعظم يحقق ذلك، فجرب أن تحدد وقتًا تقرأ فيه معاني ما ستسمعه في التراويح من تفسير مختصر كـ (المصباح المنير)، أو: (السعدي)، جرب فستجد للصلاة طعمًا آخر.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ قال ابن الجوزي: «أنجح الوسائل: الذُّلُّ، وأبْلَغُ الأسباب في العفو: البكاء، والعِيُّ عن ترتيب العذر: بلاغة المُنْكسر» [المدهش ١٨٩].
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ قال ابن عاشور: «بكاء بهجة وفرحة، بكوا فرحة بسماع القرآن»، قل: «يا رب أنزل في قلوبنا الفرح بكتابك».
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ على قدر زادك من القرآن يكون حظك من الخشوع.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ كلما قل زادنا من القرآن قل حظنا من الخشوع.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ بكوا فزادوا، بكاء العبادة يسقي شجرة الخشوع في القلب فتزداد.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ أي أن الخشوع كامن في قلوبهم فيزيد بتلاوته لا أنه يحدث بعد أن لم يكن!
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ دموع الخاشع ضاق بها قلبه ففاضت عينه.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ استشعروا عظمة الله، وعظمة كلام الله، فأنار الله به قلوبهم ووجوههم وزادهم هدى وتقى وورعًا.
اسقاط
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ زادوا سجودًا فازدادوا بكاء، من قلت دمعته فليكثر انحناء جبهته.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ يبكون ثم يعيشون حياتهم خُشَّعًا؛ فالخشوع حياة لا بكاءً فقط.
عمل
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ أهل التُّقى لا يكتفون بالخرور لله حتي يجمعوا معه البكاء من خشية الله, فجمعوا بين أزكي الأعمال وأرفعها عند الله, السجود لله والبكاء بين يدية فزادوا خشوعًا.
وقفة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ من المصلين من لا تبكي عينه لكن قلبة يفيض من الدمع.
لمسة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ بمعنى يسقطون على الأرض بدون إرادتهم، واستخدام هذه الكلمة بدلًا من السجود ينطوي على إشارة لطيفة؛ هي أن ذوي القلوب الحية عندما يسمعون آيات القرآن يتأثرون به إلى درجة أنهم يسقطون على الأرض، ويسجدون خشية بدون وعي أو اختيار.
لمسة
[109] ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ السجود للأذقان أي يعفِّر اللحى بالتراب فتكون ذقنه على الأرض، قسم قالوا من باب المجاز؛ يقصد به مبالغة في الخشوع، وقسم قال تعبير بالجزء عن الكل يقصد به الوجه.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ:
  • الواو: عاطفة. يخرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. للأذقان: جار ومجرور متعلق بيخرون بمعنى: ويسقطون على وجوههم. وكررت «يخرون» لاختلاف الحالين: وهما خرورهم في حال كونهم ساجدين، وخرورهم في حال كونهم باكين.
  • ﴿ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً:
  • يبكون: تعرب إعراب «يخرون» والجملة في محل نصب حال أي باكين. الواو عاطفة. يزيد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي سماع القرآن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول. خشوعا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

النور: 38﴿لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَ يَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ
فاطر: 30﴿لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَ يَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٞ شَكُورٞ
النساء: 173﴿فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَ يَزِيدُهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا
الإسراء: 41﴿وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورٗا
الإسراء: 60﴿وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡيَا ٱلَّتِيٓ أَرَيۡنَٰكَ إِلَّا فِتۡنَةٗ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِي ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغۡيَٰنٗا كَبِيرٗا
الإسراء: 109﴿وَيَخِرُّونَ لِلۡأَذۡقَانِ يَبۡكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعٗا
الشورى: 26﴿وَيَسۡتَجِيبُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَ يَزِيدُهُمْ مِّن فَضۡلِهِۦۚ وَٱلۡكَٰفِرُونَ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [109] لما قبلها :     ولَمَّا سجدوا لله تعظيمًا له وشكرًا له؛ تكرر هنا ذكرُ السجود لِمَا صحبه من علامات الخشوع، فكان البكاء تأثرًا بمواعظ القرآن، قال تعالى:
﴿ وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [110] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ ..

التفسير :

[110] قل -أيها الرسول- لمشركي قومك الذين أنكروا عليك الدعاء بقولك:يا ألله يا رحمن، ادعوا الله، أو ادعوا الرحمن، فبأي أسمائه دعوتموه فإنكم تدعون ربّاً واحداً؛ لأن أسماءه كلها حسنى. ولا تجهر بالقراءة في صلاتك، فيسمعك المشركون، ولا تُسِرَّ بها فلا يسمعك أصح

بقول تعالى لعباده:{ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} أي:أيهما شئتم.{ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} أي:ليس له اسم غير حسن، أي:حتى ينهى عن دعائه به، أي:اسم دعوتموه به، حصل به المقصود، والذي ينبغي أن يدعى في كل مطلوب، مما يناسب ذلك الاسم.

{ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أي:قراءتك{ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} فإن في كل من الأمرين محذورًا. أما الجهر، فإن المشركين المكذبين به إذا سمعوه سبوه، وسبوا من جاء به.

وأما المخافتة، فإنه لا يحصل المقصود لمن أراد استماعه مع الإخفاء{ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ} أي:بين الجهر والإخفات{ سَبِيلًا} أي:تتوسط فيما بينهما.

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى-: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.. ذكروا روايات منها: ما أخرجه ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال: وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا الله- تعالى- فقال:

يا الله، يا رحمن، فقال المشركون: انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين فنزلت.

ومعنى: ادعوا، سموا، وأَوِ للتخيير. وأَيًّا اسم شرط جازم منصوب على المفعولية بقوله: ادْعُوا والمضاف إليه محذوف، أى: أى الاسمين. وتَدْعُوا مجزوم على أنه فعل الشرط لأيّا، وجملة فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى واقعة موقع جواب الشرط، وما مزيدة للتأكيد. والحسنى: مؤنث الأحسن الذي هو أفعل تفضيل.

والمعنى: قل يا محمد للناس: سموا المعبود بحق بلفظ الله أو بلفظ الرحمن بأى واحد منهما سميتموه فقد أصبتم، فإنه- تعالى- له الأسماء الأحسن من كل ما سواه، وقال- سبحانه-: فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى للمبالغة في كمال أسمائه- تعالى- وللدلالة على أنه ما دامت أسماؤه كلها حسنة، فلفظ الله ولفظ الرحمن كذلك، كل واحد منهما حسن.

وقد ذكر الجلالان عند تفسيرهما لهذه الآية، أسماء الله الحسنى، فارجع إليها إن شئت.

وقوله- سبحانه-: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا تعليم من الله- تعالى- لنبيه كيفية أفضل طرق القراءة في الصلاة.

فالمراد بالصلاة هنا: القراءة فيها. والجهر بها: رفع الصوت أثناءها، والمخافتة بها:

خفضه بحيث لا يسمع. يقال: خفت الرجل بصوته إذا لم يرفعه، والكلام على حذف مضاف.

والمعنى: ولا تجهر يا محمد في قراءتك خلال الصلاة، حتى لا يسمعها المشركون فيسبوا القرآن، ولا تخافت بها، حتى لا يسمعها من يكون خلفك، بل أسلك في ذلك طريقا وسطا بين الجهر والمخافتة.

ومما يدل على أن المراد بالصلاة هنا: القراءة فيها، ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عباس.

قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فأمره الله بالتوسط.

وقيل: المراد بالصلاة هنا: الدعاء. أى: لا ترفع صوتك وأنت تدعو الله، ولا تخافت به. وقد روى ذلك عن عائشة، فقد أخرج الشيخان عنها أنها نزلت في الدعاء.

ويبدو لنا أن التوجيهات التي بالآية الكريمة تتسع للقولين، أى: أن على المسلم أن يكون متوسطا في رفع صوته بالقراءة في الصلاة، وفي رفع صوته حال دعائه.

يقول تعالى : قل يا محمد ، لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرحمة لله - عز وجل - المانعين من تسميته بالرحمن : ( ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) أي : لا فرق بين دعائكم له باسم " الله " أو باسم " الرحمن " ، فإنه ذو الأسماء الحسنى ، كما قال تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ) إلى أن قال : ( له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) [ الحشر : 22 - 24 ] .

وقد روى مكحول أن رجلا من المشركين سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده : " يا رحمن يا رحيم " ، فقال : إنه يزعم أنه يدعو واحدا ، وهو يدعو اثنين . فأنزل الله هذه الآية . وكذا روي عن ابن عباس ، رواهما ابن جرير .

وقوله : ( ولا تجهر بصلاتك ) الآية ، قال الإمام أحمد :

حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية وهو متوار بمكة ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) قال : كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن ، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ، وسبوا من أنزله ، ومن جاء به . قال : فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي : بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ) ولا تخافت بها ) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك ) وابتغ بين ذلك سبيلا ) .

أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي بشر جعفر بن إياس به ، وكذا روى الضحاك عن ابن عباس ، وزاد : " فلما هاجر إلى المدينة ، سقط ذلك ، يفعل أي ذلك شاء " .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي ، تفرقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه ، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلي ، استرق السمع دونهم فرقا منهم ، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ، ذهب خشية أذاهم فلم يستمع ، فإن خفض صوته صلى الله عليه وسلم لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا ، فأنزل الله ) ولا تجهر بصلاتك ) فيتفرقوا عنك ) ولا تخافت بها ) فلا تسمع من أراد أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم ، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع ، فينتفع به ) وابتغ بين ذلك سبيلا )

وهكذا قال عكرمة ، والحسن البصري ، وقتادة : نزلت هذه الآية في القراءة في الصلاة .

وقال شعبة عن أشعث بن أبي سليم عن الأسود بن هلال ، عن ابن مسعود : لم يخافت بها من أسمع أذنيه .

قال ابن جرير : حدثنا يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن سلمة بن علقمة ، عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته ، وأن عمر كان يرفع صوته ، فقيل لأبي بكر : لم تصنع هذا ؟ قال : أناجي ربي - عز وجل - وقد علم حاجتي . فقيل : أحسنت . وقيل لعمر : لم تصنع هذا ؟ قال : أطرد الشيطان ، وأوقظ الوسنان . قيل أحسنت . فلما نزلت : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) قيل لأبي بكر : ارفع شيئا ، وقيل لعمر : اخفض شيئا .

وقال أشعث بن سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : نزلت في الدعاء . وهكذا روى الثوري ، ومالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : نزلت في الدعاء . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبو عياض ، ومكحول ، وعروة بن الزبير .

وقال الثوري عن [ ابن ] عياش العامري ، عن عبد الله بن شداد قال : كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : اللهم ارزقنا إبلا وولدا . قال : فنزلت هذه الآية : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها )

قول آخر : قال ابن جرير : حدثنا أبو السائب ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، نزلت هذه الآية في التشهد : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها )

وبه قال حفص ، عن أشعث بن سوار ، عن محمد بن سيرين ، مثله .

قول آخر : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تصل مراءاة الناس ، ولا تدعها مخافة الناس . وقال الثوري ، عن منصور ، عن الحسن البصري : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) قال : لا تحسن علانيتها وتسيء سريرتها . وكذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الحسن ، به . وهشيم ، عن عوف ، عنه به . وسعيد ، عن قتادة ، عنه كذلك .

قول آخر : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وابتغ بين ذلك سبيلا ) قال : أهل الكتاب يخافتون ، ثم يجهر أحدهم بالحرف فيصيح به ، ويصيحون هم به وراءه ، فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلاء ، وأن يخافت كما يخافت القوم ، ثم كان السبيل الذي بين ذلك ، الذي سن له جبريل من الصلاة .

يقول تعالى ذكره لنبيّه: قل يا محمد لمشركي قومك المنكرين دعاء الرحمن ( ادْعُوا اللَّهَ ) أيها القوم ( أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ) بأيّ أسمائه جلّ جلاله تدعون ربكم، فإنما تدعون واحدا، وله الأسماء الحُسنى ، وإنما قيل ذلك له صلى الله عليه وسلم، لأن المشركين فيما ذكر سمعوا النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو ربه: يا ربنا الله، ويا ربنا الرحمن، فظنوا أنه يدعو إلهين، فأنـزل الله على نبيّه عليه الصلاة والسلام هذه الآية احتجاجا لنبيّه عليهم.

ذكر الرواية بما ذكرنا: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس . قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم ساجدا يدعو: يا رَحْمَنُ يا رَحيمُ ، فقال المشركون: هذا يزعم أنه يدعو واحدا، وهو يدعو مثنى مثنى، فأنـزل الله تعالى ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ).... الآية.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني عيسى ؛ عن الأوزاعي، عن مكحول، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم " كان يتهجَّد بمكة ذات ليلة، يقول في سجوده: يا رَحْمَنُ يا رَحيمُ ، فسمعه رجل من المشركين، فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يدعو الليلة الرحمن الذي باليمامة، وكان باليمامة رجل يقال له الرحمن: فنـزلت ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى )."

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ). (2)

حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( أَيًّا مَا تَدْعُوا ) بشيء من أسمائه.

حدثني موسى بن سهل، قال: ثنا محمد بن بكار البصري، قال: ثني حماد بن عيسى ؛ عن عبيد بن الطفيل الجهني، قال: ثنا ابن جريج، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن مكحول، عن عَرَّاك بن مالك، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ للهِ تسْعَةً وَتسْعينَ اسْما كُلُّهُنَّ في القُرآنِ، مَنْ أحْصَاهنّ دَخَل الجَنَّة ".

قال أبو جعفر: ولدخول " ما " في قوله ( أَيًّا مَا تَدْعُوا ) وجهان: أحدهما أن تكون صلة، كما قيل: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ والآخر أن تكون في معنى إن: كررت لما اختلف لفظاهما، كما قيل: ما إن رأيت كالليلة ليلة.

وقوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) اختلف أهل التأويل في الصلاة، فقال بعضهم: عنى بذلك: ولا تجهر بدعائك، ولا تخافت به، ولكن بين ذلك ، وقالوا: عنى بالصلاة في هذا الموضع: الدعاء.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يحيى بن عيسى الدامغاني، قال: ثنا ابن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قالت: في الدعاء.

حدثنا بشار، قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نـزلت في الدعاء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مثله.

حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا عباد بن العوّام، عن أشعث بن سوار، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قول الله تعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كانوا يجهرون بالدعاء، فلما نـزلت هذه الآية أُمروا أن لا يجهروا، ولا يخافتوا.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حماد، عن عمرو بن مالك البكري، عن أبي الجوزاء عن عائشة، قالت: نـزلت في الدعاء.

حدثني مطر بن محمد الضبي، قال: ثنا عبد الله بن داود، قال: ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: الدعاء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن إبراهيم الهَجري، عن أبي عياض ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: نـزلت في الدعاء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان عمن ذكره عن عطاء ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال : نـزلت في الدعاء.

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في الآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: في الدعاء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، قال: نـزلت في الدعاء.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) في الدعاء والمسألة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد، قال: نـزلت في الدعاء والمسألة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثني سفيان، قال: ثني قيس بن مسلم ، عن سعيد بن جبير في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال : في الدعاء.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن ابن عياش العامري، عن عبد الله بن شداد قال: كان أعراب إذا سلم النبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا: اللهم ارزقنا إبلا وولدا، قال: فنـزلت هذه الآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) .

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: في الدعاء.

حدثني ابن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ).... الآية، قال: في الدعاء والمسألة.

حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال: ثني عيسى ؛ عن الأوزاعي، عن مكحول ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: ذلك في الدعاء.

وقال آخرون: عَنَى بذلك الصلاة.

واختلف قائلو هذه المقالة في المعنى الذي عَنَى بالنهي عن الجهر به، فقال بعضهم: الذي نهى عن الجهر به منها القراءة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: نـزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوار ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبُّوا القرآن ومن أنـزله، ومن جاء به، قال: فقال الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) فيسمع المشركون ( وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) عن أصحابك، فلا تُسْمِعهم القرآن حتى يأخذوا عنك.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثمان بن سعيد، قال: ثنا بشر بن عمارة، عن أبي رَوْق، عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا جهر بالصلاة بالمسلمين بالقرآن، شقّ ذلك على المشركين إذا سمعوه، فيُؤْذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشتم والعيب به، وذلك بمكة ، فأنـزل الله: يا محمد ( لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) يقول: لا تُعْلِن بالقراءة بالقرآن إعلانا شديدا يسمعه المشركون فيؤذونك، ولا تخافت بالقراءة بالقرآن: يقول: لا تخفض صوتَك حتى لا تُسْمِع أذنيك ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) يقول: اطلب بين الإعلان والجهر وبين التخافت والخفض طريقا، لا جهرا شديدا، ولا خفضا لا تُسْمِع أذنيك، فذلك القدر، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سقط هذا كله، يفعل الآن أيّ ذلك شاء.

حُدثت عن الحسين، قال : سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ).... الآية، هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة كان إذا صلى بأصحابه، فرفع صوته بالقراءة أسمع المشركين، فآذوه، فأمره الله أن لا يرفع صوته، فيسمع عدوّه ، ولا يخافت فلا يُسْمِع من خلفه من المسلمين، فأمره الله أن يبتغي بين ذلك سبيلا.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالقرآن، فكان المشركون إذا سمعوا صوته سبُّوا القرآن، ومن جاء به، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يخفي القرآن فما يسمعه أصحابه، فأنـزل الله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) .

حدثنا محمد بن عليّ بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبي، يقول: أخبرنا أبو حمزة عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته وَسمع المشركون، سبُّوا القرآن، ومن جاء به، وإذا خفض لم يسمع أصحابه، قال الله ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ).

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني داود بن الحُصَين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرّقوا، وأبَوا أن يستمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو، وهو يصلي، استرق السمع دونهم فرقا منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم، فلم يستمع، فإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا، فأنـزل الله عليه ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) فيتفرقوا عنك ( وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) فلا تُسْمِع من أراد أن يسمعها، ممن يسترق ذلك دونهم، لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع، فينتفع به، ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يجهر بقراءة القرآن في المسجد الحرام، فقالت قريش: لا تجهر بالقراءة فتؤذي آلهتنا، فنهجو ربك، فأنـزل الله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ).... الآية.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبَّاس، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع الصوت بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن ومن أنـزله، ومن جاء به، فقال الله لنبيّه ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ) : أي بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبُّوا القرآن ( وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) عن أصحابك، فلا تسمعهم ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) .

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: في القراءة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا سعيد، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في هذه الآية ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا رفع صوته أعجب ذلك أصحابه، وإذا سمع ذلك المشركون سبُّوه، فنـزلت هذه الآية.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن سلمة، عن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته، وأن عمر كان يرفع صوته، قال: فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ فقال: أناجي ربي، وقد علم حاجتي، قيل : أحسنت، وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، قيل: أحسنت، فلما نـزلت ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) قيل لأبي بكر: ارفع شيئا، وقيل لعمر: اخفض شيئا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا حسان بن إبراهيم، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: يقول ناس إنها في الصلاة، ويقول آخرون إنها في الدعاء.

حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) وكان نبيّ الله وهو بمكة، إذا سمع المشركون صوته رموه بكلّ خبث، فأمره الله أن يغضّ من صوته، وأن يجعل صلاته بينه وبين ربه، وكان يقال: ما سمعته أذنك فليس بمخافتة.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: " كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالصلاة ، فيُرمي بالخبث، فقال: لا ترْفعْ صَوْتكَ فتُؤْذَى وَلا تُخافِتْ بِها، وَابْتَغِ بين ذلك سَبِيلا.

وقال آخرون: إنما عُنِي بذلك: ولا تجهر بالتشهد في صلاتك، ولا تخافت بها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني أبو السائب، قال: ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: نـزلت هذه الآية في التشهد ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ).

حدثني أبو السائب، قال: ثنا حفص، عن أشعث، عن ابن سيرين مثله. وزاد فيه: وكان الأعرابيّ يجهر فيقول : التحيات لله، والصلوات لله، يرفع فيها صوته، فنـزلت ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ).

وقال آخرون: بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة جِهارا، فأمر بإخفائها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري قالا قال في بني إسرائيل ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى يجهر بصلاته، فآذى ذلك المشركين بمكة، حتى أخفى صلاته هو وأصحابه، فلذلك قال ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) وقال في الأعراف وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ .

وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تجهر بصلاتك تحسنها من إتيانها في العلانية، ولا تخافت بها: تسيئها في السريرة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن أنه كان يقول ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) : أي لا تراء بها عَلانيَة، ولا تخفها سرًّا( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ).

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: كان الحسن يقول في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: لا تحسن علانيتها، وتسيء سريرتها.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: لا تراء بها في العلانية، ولا تخفها في السريرة.

حدثني عليّ بن الحسن الأزرقي، قال: ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن منصور، عن الحسن ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: تحسن علانيتها، وتسيء سريرتها.

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) قال: لا تصلّ مراءاة الناس ولا تدعها مخافة.

وقال آخرون في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) قال: السبيل بين ذلك الذي سنّ له جبرائيل من الصلاة التي عليها المسلمون. قال: وكان أهل الكتاب يُخافتون، ثم يجهر أحدهم بالحرف، فيصيح به، ويصيحون هم به وراءه، فنهى أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يُخافت كما يُخافت القوم، ثم كان السبيل الذي بين ذلك، الذي سنّ له جبرائيل من الصلاة.

وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، ما ذكرنا عن ابن عباس في الخبر الذي رواه أبو جعفر، عن سعيد، عن ابن عباس، لأن ذلك أصحّ الأسانيد التي رُوِي عن صحابيّ فيه قولٌ مخرَّجا، وأشبه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنـزيل، وذلك أن قوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) عقيب قوله ( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى ) وعقيب تقريع الكفار بكفرهم بالقرآن، وذلك بعدهم منه ومن الإيمان. فإذا كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى وأشبه بقوله ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ) أن يكون من سبب ما هو في سياقه من الكلام، ما لم يأت بمعنى يوجب صرفه عنه، أو يكون على انصرافه عنه دليل يعلم به الانصراف عما هو في سياقه.

فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: قل ادعوا الله، أو ادعوا الرحمن، أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى، ولا تجهر يا محمد بقراءتك في صلاتك ودعائك فيها ربك ومسألتك إياه، وذكرك فيها، فيؤذيك بجهرك بذلك المشركون، ولا تخافت بها فلا يسمعها أصحابك ( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) ولكن التمس بين الجهر والمخافتة طريقا إلى أن تسمع أصحابك، ولا يسمعه المشركون فيؤذوك. ولولا أن أقوال أهل التأويل مضت بما ذكرت عنهم من التأويل، وأنا لا نستجير خلافهم فيما جاء عنهم، لكان وجها يحتمله التأويل أن يقال: ولا تجهر بصلاتك التي أمرناك بالمخافتة بها، وهي صلاة النهار لأنها عجماء، لا يجهر بها، ولا تخافت بصلاتك التي أمرناك بالجهر بها، وهي صلاة الليل، فإنها يجهر بها( وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا ) بأن تجهر بالتي أمرناك بالجهر بها، وتخافت بالتي أمرناك بالمخافتة بها، لا تجهر بجميعها، ولا تخافت بكلها، فكان ذلك وجها غير بعيد من الصحة، ولكنا لا نرى ذلك صحيحا لإجماع الحجة من أهل التأويل على خلافه. فإن قال قائل: فأية قراءة هذه التي بين الجهر والمخافتة؟

قيل: حدثني مطر بن محمد، قال: ثنا قتيبة، ووهب بن جرير، قالا ثنا شعبة، عن الأشعث بن سليم، عن الأسود بن هلال، قال: قال عبد الله: لم يخافت من أسمع أذنيه.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن الأشعث، عن الأسود بن هلال، عن عبد الله، مثله.

التدبر :

وقفة
[110] ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَٰ﴾ جاء بهذا الاسم (الرحمن) مع لفظ الجلالة من بين بقية الأسماء الحسنى لله تعالى؛ ليبين أن التكاليف التي جاءت بلفظ الجلالة (الله) هي تكاليف كلها رحمة وخير لكم.
وقفة
[110] ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ عن ابن عباس قال: «سجد رسول الله ﷺ بمكة ذات ليلة، فجعل يقول في سجوده: يا ألله يا رحمن، فقال أبو جهل: إن محمدًا ينهانا عن آلهتنا وهو يدعو إلهين، فأنزل الله هذه الآية».
وقفة
[110] ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ أي أن المدعوَّ إله واحد، وإن تعددت أسماؤه الحسنی.
وقفة
[110] تكرر فيها ذكر القرآن وهو كلام الله 11 مرة، وتكرر فيها توحيد الله عز وجل، بدأت بتسبيحه، وختمت بتوحيد أسمائه: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾، فمتى استقر التوحيد في قلبك؛ فاحمد الله وكبِّره تكبيرًا.
عمل
[110] تأمل معاني بعض أسماء الله، ثم ادعه بها ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾.
وقفة
[110] ﴿فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ﴾ أسماء الله الحسنى قسمين: (أسماء جلال) و(أسماء جمال).
وقفة
[110] ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا﴾ قال ابن عباس: «نزلت ورسول الله ﷺ مختف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به، فأمره الله بالتوسط».
وقفة
[110] ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا﴾ قالت عائشة رضي الله عنها: «ما أمر الله تعالى عبادَه بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزعتان: فإما إلى غُلوٍّ، وإما إلى تقصير؛ فبأيهما ظَفَر قَنَع».

الإعراب :

  • ﴿ قُلِ ادْعُوا اللهَ:
  • قل: فعل أمر مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت الواو لأن أصله «قول» لالتقاء الساكنين أيضا. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-ادعوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ:
  • أو: حرف عطف للتخيير. وكسرت الواو لالتقاء الساكنين. ادعوا الرحمن: معطوفة على اُدْعُوا اللهَ» وتعرب إعرابها. والدعاء هنا بمعنى التسمية لا بمعنى النداء وهو يتعدى الى مفعولين وقد ترك أحد المفعولين هنا استغناء عنه. يقول الزمخشري: والله والرحمن المراد بهما الاسم لا المسمى. فمعنى اُدْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» أي سموا بهذا الاسم أو بهذا واذكروا إما هذا وإما هذا. وقيل: يجوز أن يكون المعنى: ادعوا قائلين: يا الله أو يا رحمان.
  • ﴿ أَيًّا ما تَدْعُوا:
  • أيا: اسم شرط‍ جازم مفعول به مقدم بتدعوا منصوب بالفتحة. والتنوين عوض من المضاف إليه أي بتقدير: أيّ هذين الاسمين ذكرتم، أو أيّ الدعاءين تدعوا أو أي الأسماء تدعوا فهو حسن. وقدّم «أيا» لأن للشرط‍ صدر الكلام وهي تجزم فعلين. وأي تلازم الاضافة معنى وان جاءت بحسب اللفظ‍ غير مضافة. و «ما» صلة الإبهام المؤكد لما في «أيّ» وقيل هي زائدة غير كافة. تدعوا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بأيّ. وعلامة جزمه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى:
  • بمعنى: فله أحسن الأسماء. الفاء: واقعة في جواب الشرط‍.له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. الأسماء: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الحسنى: صفة-نعت-للأسماء مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. والحسنى: مؤنث الأحسن وجملة فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. والضمير في «له» ليس براجع إلى أحد الاسمين المذكورين ولكن الى مسماهما، وهو ذاته تعالى. لأن التسمية للذات لا للاسم. والمعنى أيا ما تدعوا فهو حسن. فوضع موضعه قوله-فله الأسماء الحسنى لأنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الاسمان لأنهما منها.
  • ﴿ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ:
  • بمعنى: فلا ترفع صوتك بصلاتك حتى تسمع المشركين. أو بتقدير: بقراءة صلاتك على حذف المضاف. الواو: عاطفة. لا: ناهية جازمة. تجهر: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بصلاتك: جار ومجرور متعلق بتجهر والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلا تُخافِتْ بِها:
  • معطوفة بالواو على لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ» وتعرب إعرابها. بمعنى: ولا تخفض صوتك بها.
  • ﴿ وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً:
  • الواو عاطفة. ابتغ: فعل أمر مبني على حذف آخره-حرف العلة-والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بين: ظرف مكان متعلق بابتغ منصوب بالفتحة وهو مضاف. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف حرف خطاب. سبيلا: مفعول به منصوب بالفتحة أي وسطا. '

المتشابهات :

الأعراف: 180﴿ وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا
الإسراء: 110﴿أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَـ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجۡهَرۡ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتۡ بِهَا
طه: 8﴿اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ
الحشر: 24﴿هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: تَهَجَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ في سُجُودِهِ: ”يا رَحْمَنُ يا رَحِيمُ“ . فَقالَ المُشْرِكُونَ: كانَ مُحَمَّدٌ يَدْعُو إلَهًا واحِدًا، فَهو الآنَ يَدْعُو إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ: اللَّهَ والرَّحْمَنَ، ما نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إلّا رَحْمَنَ اليَمامَةِ - يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ الكَذّابَ - فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.وقالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَكْتُبُ في أوَّلِ ما أُوحِيَ إلَيْهِ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. حَتّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿إنَّهُ مِن سُلَيْمانَ وإنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] . فَكَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقالَ مُشْرِكُو العَرَبِ: هَذا الرَّحِيمُ نَعْرِفُهُ، فَما الرَّحْمَنُ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.وقالَ الضَّحّاكُ: قالَ أهْلُ الكِتابِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: إنَّكَ لَتُقِلُّ ذِكْرَ الرَّحْمَنِ، وقَدْ أكْثَرَ اللَّهُ في التَّوْراةِ هَذا الِاسْمَ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.أخْبَرَنا أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إبْراهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى، قالَ: حَدَّثَنا والِدِي، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ الثَّقَفِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وأحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قالا: حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولا تُخافِتْ بِها﴾ . قالَ: نَزَلَتْ ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، وكانُوا إذا سَمِعُوا القُرْآنَ سَبُّوا القُرْآنَ ومَن أنْزَلَهُ ومَن جاءَ بِهِ، فَقالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿ولا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ﴾ . أيْ بِقِراءَتِكَ فَيَسْمَعَ المُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا القُرْآنَ. ﴿ولا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ﴾ . عَنْ أصْحابِكَ فَلا يَسْمَعُوا. ﴿وابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ .رَواهُ البُخارِيُّ عَنْ مُسَدَّدٍ، ورَواهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَمْرٍو النّاقِدِ، كِلاهُما عَنْ هُشَيْمٍ.وقالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في التَّشَهُّدِ، كانَ الأعْرابِيُّ يَجْهَرُ فَيَقُولُ: التَّحِيّاتُ لِلَّهِ والصَّلَواتُ الطَّيِّباتُ. يَرْفَعُ بِها صَوْتَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدّادٍ: كانَ أعْرابٌ مِن بَنِي تَمِيمٍ إذا سَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ مِن صَلاتِهِ قالُوا: اللَّهُمَّ ارْزُقْنا مالًا ووَلَدًا. ويَجْهَرُونَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.أخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَلِيٍّ الفَقِيهُ، قالَ: أخْبَرَنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ الواسِطِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو مَرْوانَ يَحْيى بْنُ أبِي زَكَرِيّا الغَسّانِيُّ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولا تُخافِتْ بِها﴾ . قالَتْ: إنَّما نَزَلَتْ في الدُّعاءِ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [110] لما قبلها :     وبعد أن خَيَّرَ اللهُ عز وجل المشركين بين أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا؛ خَيَّرَ عباده هنا أن يدعوه بما شاءوا من أسمائه الحسنى، قال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى/ ولَمَّا كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَهُ المُشْرِكُونَ سَبُّوا القُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ؛ أمرَه اللهُ هنا ألا يجهر بقراءته فيسمع المشركون، ولا يخافت بها عن أصحابه، فلا يسمعهم القرآن، بل يبتغي طريقًا بين الجهر والمخافتة، قال تعالى: /وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)
﴿ قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أياما تدعو:
قرئ:
أيا من تدعو، وهى قراءة طلحة بن مصرف.

مدارسة الآية : [111] :الإسراء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ ..

التفسير :

[111] وقل -أيها الرسول-:الحمد لله الذي له الكمال والثناء، الذي تنزَّه عن الولد والشريك في ألوهيته، ولا يكون له سبحانه وليٌّ مِن خلقه فهو الغني القوي، وهم الفقراء المحتاجون إليه، وعظِّمه تعظيماً تامّاً بالثناء عليه وعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين كل

{ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} له الكمال والثناء والحمد والمجد من جميع الوجوه، المنزه عن كل آفة ونقص.

{ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} بل الملك كله لله الواحد القهار، فالعالم العلوي والسفلي، كلهم مملوكون لله، ليس لأحد من الملك شيء.

{ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} أي:لا يتولى أحدًا من خلقه ليتعزز به ويعاونه، فإنه الغني الحميد، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات، في الأرض ولا في السماوات، ولكنه يتخذ أولياء إحسانًا منه إليهم ورحمة بهم{ الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور}

{ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} أي:عظمه وأجله بالإخبار بأوصافه العظيمة، وبالثناء عليه، بأسمائه الحسنى، وبتجميده بأفعاله المقدسة، وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين كله له.

تم تفسير سورة الإسراء ولله الحمد والمنة والثناء الحسن على يد جامعه عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أمين وصلى الله على محمد وسلم تسليمًا وذلك في 7 جمادى الأولى سنة 1344.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بهذه الآية: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً....

أى: وقل- أيها الرسول الكريم-: الحمد الكامل، والثناء الجميل، لله- تعالى- وحده، الذي لم يتخذ ولدا لأنه هو الغنى، كما قال- تعالى-: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً، سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ...

ولم يكن له، - سبحانه- شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ بل هو المالك لكل شيء، ليس له في هذا الكون من يزاحمه أو يشاركه في ملكه أو في عبادته. كما قال- تعالى-: قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً .

وكما قال- عز وجل-: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ، وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ، إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ، وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ، سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ.

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ أى: ولم يكن له- سبحانه- ناصر ينصره من ذل أصابه أو نزل به، لأنه- عز وجل- هو أقوى الأقوياء، وقاهر الجبابرة، ومذل الطغاة، أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً أى: وعظمه تعظيما تاما كاملا، يليق بجلاله عز وجل.

قال الإمام ابن كثير: عن قتادة أنه قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله كبيرهم وصغيرهم هذه الآية. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً....

ثم قال ابن كثير: وقد جاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها آية العز.

وبعد: فهذا تفسير لسورة الإسراء نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده، وشافعا لنا يوم نلقاه يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) لما أثبت تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى ، نزه نفسه عن النقائص فقال : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ) بل هو الله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .

( ولم يكن له ولي من الذل ) أي : ليس بذليل فيحتاج أن يكون له ولي أو وزير أو مشير ، بل هو تعالى [ شأنه ] خالق الأشياء وحده لا شريك له ، ومقدرها ومدبرها بمشيئته وحده لا شريك له .

قال مجاهد في قوله : ( ولم يكن له ولي من الذل ) لم يحالف أحدا ولا يبتغي نصر أحد .

( وكبره تكبيرا ) أي : عظمه وأجله عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا .

قال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني أبو صخر ، عن القرظي أنه كان يقول في هذه الآية : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ) الآية ، قال : إن اليهود والنصارى قالوا : اتخذ الله ولدا ، وقال العرب : [ لبيك ] لبيك ، لا شريك لك ؛ إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك . وقال الصابئون والمجوس : لولا أولياء الله لذل . فأنزل الله هذه الآية : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا )

وقال أيضا : حدثنا بشر ، [ حدثنا يزيد ] حدثنا سعيد ، عن قتادة : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أهله هذه الآية ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ) الصغير من أهله والكبير .

قلت : وقد جاء في حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها آية " العز " وفي بعض الآثار : أنها ما قرئت في بيت في ليلة فيصيبه سرق أو آفة . والله أعلم .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا بشر بن سيحان البصري ، حدثنا حرب بن ميمون ، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن أبي هريرة قال : خرجت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ويدي في يده ، فأتى على رجل رث الهيئة ، فقال : " أي فلان ، ما بلغ بك ما أرى ؟ " . قال : السقم والضر يا رسول الله . قال : " ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر ؟ " . قال : لا قال : ما يسرني بها أن شهدت معك بدرا أو أحدا . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القانع ؟ " . قال : فقال أبو هريرة : يا رسول الله ، إياي فعلمني قال : فقل يا أبا هريرة : " توكلت على الحي الذي لا يموت ، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل ، وكبره تكبيرا " . قال : فأتى علي رسول الله وقد حسنت حالي ، قال : فقال لي : " مهيم " . قال : قلت : يا رسول الله ، لم أزل أقول الكلمات التي علمتني .

إسناده ضعيف وفي متنه نكارة . [ والله أعلم ] .

آخر تفسير سورة سبحان ولله الحمد والمنة.

يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ( وَقُلْ) يا محمد ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ) فيكون مربوبا لا ربا، لأن ربّ الأرباب لا ينبغي أن يكون له ولد ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ) فيكون عاجزا ذا حاجة إلى معونة غيره ضعيفا، ولا يكون إلها من يكون محتاجا إلى معين على ما حاول، ولم يكن منفردا بالمُلك والسلطان ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) يقول: ولم يكن له حليف حالفه من الذّل الذي به، لأن من كان ذا حاجة إلى نصرة غيره، فذليل مهين، ولا يكون من كان ذليلا مهينا يحتاج إلى ناصر إلها يطاع ( وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) يقول: وعظم ربك يا محمد بما أمرناك أن تعظمه به من قول وفعل، وأطعه فيما أمرك ونهاك.

وبنحو الذي قلنا في قوله ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ) قال: لم يحالف أحدا، ولا يبتغي نصر أحد.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: " ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يعلِّم أهله هذه الآية ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) الصغير من أهله والكبير.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا أبو الجنيد، عن جعفر، عن سعيد، عن ابن عباس، قال: إن التوراة كلها في خمس عشرة آية من بني إسرائيل، ثم تلا لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو صخر ، عن القُرَظي، أنه كان يقول في هذه الآية ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ).... الآية. قال: إن اليهود والنصارى قالوا: اتخذ الله ولدا ، وقالت العرب: لبيك، لبيك، لا شريك لك، إلا شريكا هو لك ، وقال الصابئون والمجوس: لولا أولياء الله لذلّ الله، فأنـزل الله ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ ) أنت يا محمد على ما يقولون ( تَكْبِيرًا ).

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ مرارة اﻷيام وقسوة الظروف ﻻ ينفع معها التسخط؛ ﻷنك بذلك تعترض على حكم الله، ليكن لسانك حامدًا لله؛ يأتيك فرج الله.
تفاعل
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ قل الآن: الحمد لله.
وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ ما أجملها من كلمة حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة، وعلى شفاه النفوس المتعبة! يقولون: «يا رب لك الحمد» في غمرات الألم.
وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ أول من يُدعى إلى الجنة يوم القيامة هم الحامدون، الذين يحمدون في السرَّاء والضرَّاء؛ لك الحمد يا رب على كُل شي.
وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ لأنه مستحق للحمد أولًا وأخرًا، وظاهرًا وباطنًا له الحمد في الأولى والآخرة وهو الحكيم الخبير، الحمد لله.
لمسة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾: لام (الحمد) للاستغراق، ولام (لله) للاستحقاق؛ فهو وحده سبحانه وتعالى المستحق لجميع أنواع المحامد.
وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ له الكمال والثناء والحمد والمجد من جميع الوجوه، المنزه عن كل آفة ونقص.
عمل
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ تذكر ألمًا؛ واحمد الله على زواله.
وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ وسبحه، وكبره، الشدة في الكلمتين تدل على أن) الذكر) يجمع القلب لا يشتته؛ فتناسب المعنى والمبنى.
وقفة
[111] ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ هذه الآية يسميها بعض العلماء: آية العز، وفيها تحمد الله على ثلاثة أمور: - كونه سبحانه لم يتخذ ولدًا؛ لأن من له ولد يخصه بالرعاية دون باقي خلقه، تنزه سبحانه عن ذلك، فالخلق جميعهم عياله، وكلهم عنده سواء، فليس من بينهم من هو ابن لله أو من بينه وبين الله نسب أو قرابة، بل أحبهم إليه تعالى أتقاهم له. - أن الله تعالى ليس له شريك في الملك حاشاه، فكم تكون حيرة العباد عندها، فأيهما يطيعون؟ وأيهما يرضون؟ - أن الله تعالى ليس له ولي أو ناصر ينصره من ذل أصابه أو نزل به؛ لأنه سبحانه أقوى الأقوياء، وقاهر الجبابرة، ومذل الطغاة.
عمل
[111] كن كبيرًا: كن أكبر من الكلمات الجارحة، كن أكبر من وحشة الغربة، كن أكبر من وساوس الشيطان، كن أكبر من الاستسلام للآلام، حقق معنى: الله أكبر، قال تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾.
وقفة
[111] ﴿الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ بل الملك كله لله الواحد القهار، فالعالم العلوي والسفلي، كلهم مملوكون لله، ليس لأحد من الملك شيء.
وقفة
[111] باركنا، آتينا، حملنا، قضينا، رددنا، أمددناكم، جعلناكم، أعتدنا، فصَّلناه، نُخرج له، ألزمناه، نبعث، أهلكنا، فضَّلنا، عجَّلنا، صرَّفنا، نرسل، نخوِّفهم، كرَّمنا، أوحينا، لنذهبنَّ، أوحينا، جئنا بكم: وردت بصيغة الجمع؛ دلالة على تعظيم لله سبحانه، والإفراد مع التوحيد: ﴿لم يتخذ ولدًا﴾.
وقفة
[111] ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ﴾ أي: لا يتولى أحدًا من خلقه ليتعزز به ويعاونه، فإنه الغني الحميد، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات، في الأرض ولا في السماوات، ولكنه يتخذ أولياء؛ إحسانًا منه إليهم ورحمة بهم ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: 257].
وقفة
[111] ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ أي: عظمه وأجله بالإخبار بأوصافه العظيمة، وبالثناء عليه بأسمائه الحسنى، وبتمجيده بأفعاله المقدسة، وبتعظيمه وإجلاله بعبادته وحده لا شريك له، وإخلاص الدين كله له.
وقفة
[111] ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ الله أكبر حجة على المتخاصمين؛ لأن الله أكبر مما تخاصما عليه، وحجة على المتحابين فيه؛ لأن الله أكبر فيستحق ذلك وأكثر.
وقفة
[111] ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ الله أكبر؛ وما عداه أصغر.
وقفة
[111] ﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ نكبر الله في اليوم عدة مرات، ونسمع التكبير كثيرًا، لكن هل استحضرت قلوبنا معناه العظيم؟! فالتكبير بحضور قلب ويقين، ينزل السكينة، ويحقق الأمان، ويقوي الإيمان، ويورث رضا الرحمٰن.
وقفة
[111] سورة الإسراء تكرر فيها ذكر الله، وسورة الكهف افتتحت بحمد الله على إنزال الكتاب، وبين السورتين تناسق وموافقات عديدة فلنتأملها.

الإعراب :

  • ﴿ وَقُلِ:
  • الواو عاطفة. قل: فعل أمر مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي:
  • الحمد: مبتدأ مرفوع بالضمة. لله: جار ومجرور للتعظيم في محل رفع خبر المبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة-نعت-للفظ‍ الجلالة. والجملة بعده: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً:
  • لم: حرف نفي وجزم وقلب. يتخذ: أي يجعل لنفسه: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ولدا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ:
  • الواو: عاطفة. لم: أعربت. يكن: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون الظاهر في آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم ليكن. شريك: اسم «يكن» مؤخر مرفوع بالضمة. في الملك: بمعنى: في الألوهية: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شريك».
  • ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ:
  • معطوفة بالواو على وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ» وتعرب إعرابها بمعنى يواليه المعونة من أجل مذلة يدفعها عنه.
  • ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً:
  • الواو: عاطفة. كبره: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. تكبيرا: مفعول مطلق منصوب بالفتحة-مصدر- فيه معنى التوكيد. '

المتشابهات :

الإسراء: 111﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا
الفرقان: 2﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [111] لما قبلها :     ولَمَّا أثْبَتَ اللهُ عز وجل لنفسِه الكريمةِ الأسماءَ الحسنَى؛ نَزَّهَ نفسَه عن النَّقائصِ، قال تعالى:
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [1] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى ..

التفسير :

[1] الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، الذي تفضَّل فأنزل على عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- القرآن، ولم يجعل فيه شيئاً من الميل عن الحق.

الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وأجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما نفي العوج عنه، وإثبات أنه قيم مستقيم، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث، وإثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس، وتطهرها وتنميها وتكملها، لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له. وحقيق بكتاب موصوف. بما ذكر، أن يحمد الله نفسه على إنزاله، وأن يتمدح إلى عباده به.

تمهيد

1- سورة الكهف هي السورة الثامنة عشرة في ترتيب سور المصحف، فقد سبقتها في الترتيب سور: الفاتحة، والبقرة، وآل عمران.. إلخ.

أما ترتيبها في النزول، فهي السورة الثامنة والستون، فقد ذكر قبلها صاحب الإتقان سبعا وستين سورة، كما ذكر أن نزولها كان بعد سورة الغاشية «1» .

ومما ذكره صاحب الإتقان يترجح لدينا، أن سورة الكهف من أواخر السور المكية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، إذ من المعروف عند العلماء أن السور المكية زهاء اثنتين وثمانين سورة.

قال الآلوسي: سورة الكهف، ويقال لها سورة أصحاب الكهف.. وهي مكية كلها في المشهور، واختاره الداني.. وعدها بعضهم من السور التي نزلت جملة واحدة.

وقيل: مكية إلا قوله- تعالى- وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ.. الآية.

وقيل هي مكية إلا أولها إلى قوله- تعالى- جُرُزاً وقيل: مكية إلا قوله- تعالى- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا.. إلى آخر السورة.

وهي مائة وإحدى عشرة آية عند البصريين، ومائة وعشر آيات عند الكوفيين ... .

والذين تطمئن إليه النفس أن سورة الكهف كلها مكية، وقد ذكر ذلك دون أن يستثنى منها شيئا الإمام ابن كثير، والزمخشري، وأبو حيان، وغيرهم، وفضلا عن ذلك فالذين قالوا بأن فيها آيات مدنية، لم يأتوا بما يدل على صحة قولهم، كما سيتبين لنا عند تفسير الآيات التي قيل بأنها مدنية.

2- وقد صدر الامام ابن كثير تفسيره لهذه السورة، بذكر الأحاديث التي وردت في فضلها فقال ما ملخصه: ذكر ما ورد في فضلها، والعشر الآيات من أولها وآخرها، وأنها عصمة من الدجال.

(ج) ثم أمرت السورة الكريمة النبي صلى الله عليه وسلم برعاية الفقراء من أصحابه. ومدحتهم بأنهم يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه.. كما أمرته بأن يجهر بكلمة الحق، فمن شاء بعد ذلك فليؤمن ومن شاء فليكفر، فإن الله- تعالى- قد أعد لكل فريق ما يستحقه من ثواب أو عقاب.

قال- تعالى- وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ، إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها، وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.

(د) ثم ضربت السورة الكريمة مثلا للشاكرين والجاحدين، وصورت بأسلوب بليغ مؤثر تلك المحاورة الرائعة التي دارت بين صاحب الجنتين الغنى المغرور، وبين صديقه الفقير المؤمن الشكور، وختمت هذه المحاورة ببيان العاقبة السيئة لهذا الجاهل الجاحد.

استمع إلى القرآن وهو يبين ذلك بأسلوبه فيقول: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ، فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها، وَيَقُولُ: يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً. وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً.

(هـ) ثم أتبعت السورة هذا المثل للرجلين، بمثال آخر لزوال الحياة الدنيا وزينتها، وببيان أحوال الناس يوم القيامة، وأحوال المجرمين عند ما يرون صحائف أعمالهم وقد خلت من كل خير.

قال- تعالى-: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ، فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ، فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً، الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا. وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً.

(و) وبعد أن ذكرت السورة الكريمة طرفا من قصة آدم وإبليس، وبينت أن هذا القرآن قد صرف الله فيه للناس من كل مثل، وحددت وظيفة المرسلين عليهم الصلاة والسلام.

بعد كل ذلك ساقت في أكثر من عشرين آية قصة موسى مع الخضر- عليهما السلام- وحكت ما دار بينهما من محاورات. انتهت بأن قال الخضر لموسى: وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي، ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً.

(ز) ثم جاءت بعد قصة موسى والخضر- عليهما السلام- قصة ذي القرنين في ست عشرة آية، بين الله، تعالى، فيها جانبا من النعم التي أنعم بها على ذي القرنين، ومن الأعمال العظيمة التي مكنه- سبحانه- من القيام بها.

قال- تعالى- حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا. قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا. قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً.

(ح) ثم ختمت السورة الكريمة ببيان ما أعده- سبحانه- للكافرين من سوء العذاب وما أعده للمؤمنين من جزيل الثواب، وببيان مظاهر قدرته، - عز وجل- التي توجب على كل عاقل أن يخلص له العبادة والطاعة.

قال- تعالى-: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً. ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا. خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا. قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي، وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً. قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ. فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً.

4- وبعد: فهذا عرض إجمالى لأهم الموضوعات التي اشتملت عليها سورة الكهف، ومن هذا العرض نرى:

(أ) أن القصص قد اشتمل على جانب كبير من آياتها، ففي أوائلها نرى قصة أصحاب الكهف، وبعدها قصة الرجلين اللذين جعل الله لأحدهما جنتين من أعناب. ثم بعد ذلك جاء طرف من قصة آدم وإبليس، ثم جاءت قصة موسى والخضر- عليهما السلام- ثم ختمت بقصة ذي القرنين.

وقد وردت هذه القصص في أكثر من سبعين آية، من سورة الكهف المشتملة على عشر آيات بعد المائة.

(ب) اهتمت السورة الكريمة بإقامة الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وعلى صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عنه، وعلى إثبات أن هذا القرآن من عنده- تعالى.

نرى ذلك في أمثال قوله- تعالى- الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً. قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ.

وقوله- تعالى-: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ.

وفي غير ذلك من الآيات التي حكت لنا تلك القصص المتعددة.

(ج) برز في السورة عنصر الموازنة والمقارنة بين حسن عاقبة الأخيار وسوء عاقبة الأشرار، ترى ذلك في قصة أصحاب الكهف، وفي قصة الرجلين وفي قصة ذي القرنين.

وفي الآيات التي ذكرت الكافرين وسوء مصيرهم، ثم أعقبت ذلك يذكر المؤمنين وحسن مصيرهم كما برز فيها عنصر التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم والتهوين من شأن أعدائه فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً.

كما برز فيها التصوير المؤثر لأهوال يوم القيامة كما في قوله- تعالى-: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً. وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

والخلاصة: أن سورة الكهف قد- ساقت- بأسلوبها البليغ الذي يغلب عليه طابع القصة- ألوانا من التوجيهات السامية، التي من شأنها أنها تهدى إلى العقيدة الصحيحة، وإلى السلوك القويم. وإلى الخلق الكريم، وإلى التفكير السليم الذي يهدى إلى الرشد، وإلى كل ما يوصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سورة الكهف هي إحدى السور الخمس، التي افتتحت بتقرير الحقيقة الأولى في كل دين، وهي أن المستحق للحمد المطلق، والثناء التام، هو الله رب العالمين.

والسور الأربع الأخرى التي افتتحت بقوله- تعالى-: الْحَمْدُ لِلَّهِ هي: الفاتحة، والأنعام، وسبأ، وفاطر.

وقد بينا عند تفسيرنا لسورة الأنعام، أن هذه السور وإن كانت قد اشتركت في هذا الافتتاح، إلا أن لكل سورة طريقتها في بيان الأسباب التي من شأنها أن تقنع الناس، بأن المستحق للحمد المطلق هو الله- تعالى- وحده .

وإنما كان الحمد مقصورا في الحقيقة على الله- تعالى-، لأن كل ما يستحق أن يقابل بالثناء فهو صادر عنه، ومرجعه إليه إذ هو الخالق لكل شيء، وما يقدم إلى بعض الناس من حمد جزاء إحسانهم، فهو في الحقيقة حمد لله، لأنه- سبحانه- هو الذي وفقهم لذلك، وأعانهم عليه.

وقد بين بعض المفسرين الحكمة في افتتاح بعض السور بلفظ الحمد دون المدح أو الشكر فقال ما ملخصه: «أعلم أن المدح أعم من الحمد، وأن الحمد أعم من الشكر، أما بيان أن المدح أعم من الحمد، فلأن المدح يحصل للعاقل ولغير العاقل، فقد يمدح الرجل لعقله، ويمدح اللؤلؤ لحسن شكله.

وأما الحمد فإنه لا يحصل إلا للفاعل المختار، على ما يصدر منه من الإنعام، فثبت أن المدح أعم من الحمد.

وأما بيان أن الحمد أعم من الشكر، فلأن الحمد عبارة عن تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام، سواء أكان ذلك الإنعام واصلا إليك أم إلى غيرك، وأما الشكر فهو عبارة عن تعظيمه لأجل إنعام وصل إليك وحدك، فثبت أن الحمد أعم من الشكر.

وكان قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ تصريحا بأن المؤثر في وجود العالم هو الفاعل المختار، الذي وصلت نعمه إلى جميع خلقه، لا إلى بعضهم..، .

وقوله: الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً. قَيِّماً.. بيان للأسباب التي توجب على الناس أن يجعلوا حمدهم وعبادتهم لله- تعالى- وحده، إذ الوصف بالموصول، يشعر بعلية ما في حيز الصلة لما قبله.

والعوج- بكسر العين- أكثر ما يكون استعمالا في المعاني، تقول، هذا كلام لا عوج فيه، أى: لا ميل فيه.

أما العوج- بفتح العين- فأكثر ما يكون استعمالا في الأعيان تقول: هذا حائط فيه عوج.

[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ] تفسير سورة الكهف وهي مكية .

ذكر ما ورد في فضلها ، والعشر الآيات من أولها وآخرها ، وأنها عصمة من الدجال :

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء يقول : قرأ رجل الكهف ، وفي الدار دابة ، فجعلت تنفر ، فنظر فإذا ضبابة - أو : سحابة - قد غشيته ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اقرأ فلان ، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن ، أو تنزلت للقرآن " .

أخرجاه في الصحيحين ، من حديث شعبة ، به . وهذا الرجل الذي كان يتلوها هو : أسيد بن الحضير ، كما تقدم في تفسير البقرة .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ، عصم من الدجال " .

رواه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي من حديث قتادة به . ولفظ الترمذي : " من حفظ الثلاث الآيات من أول الكهف " وقال : حسن صحيح .

طريق أخرى : قال ] الإمام [ أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا شعبة ، عن قتادة سمعت سالم بن أبي الجعد يحدث عن معدان ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " .

ورواه مسلم أيضا والنسائي ، من حديث قتادة ، به . وفي لفظ النسائي : " من قرأ عشر آيات من الكهف " ، فذكره .

حديث آخر : وقد رواه النسائي في " اليوم والليلة " عن محمد بن عبد الأعلى ، عن خالد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف ، فإنه عصمة له من الدجال " .

فيحتمل أن سالما سمعه من ثوبان ومن أبي الدرداء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن فايد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قرأ أول سورة الكهف وآخرها ، كانت له نورا من قدمه إلى رأسه ، ومن قرأها كلها كانت له نورا ما بين الأرض إلى السماء " انفرد به أحمد ولم يخرجوه

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه [ في تفسيره ] بإسناد له غريب ، عن خالد بن سعيد بن أبي مريم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء ، يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين " .

وهذا الحديث في رفعه نظر ، وأحسن أحواله الوقف .

وهكذا روى الإمام : " سعيد بن منصور " في سننه ، عن هشيم بن بشير ، عن أبي هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق .

هكذا وقع موقوفا ، وكذا رواه الثوري ، عن أبي هاشم ، به من حديث أبي سعيد الخدري .

وقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي بكر محمد بن المؤمل ، حدثنا الفضيل بن محمد الشعراني ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين " ، ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .

وهكذا رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه ، عن الحاكم ، ثم قال البيهقي : ورواه يحيى بن كثير ، عن شعبة ، عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة " . [ والله أعلم ] .

وفي " المختارة " للحافظ الضياء المقدسي من حديث عبد الله بن مصعب بن منظور بن زيد بن خالد الجهني ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي مرفوعا : " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة ، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة ، وإن خرج الدجال عصم منه " بسم الله الرحمن الرحيم [ رب وفقني ]

.

قد تقدم في أول التفسير أنه تعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتيمها ، فإنه المحمود على كل حال ، وله الحمد في الأولى والآخرة ؛ ولهذا حمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه ، فإنه أعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض ؛ إذ أخرجهم به من الظلمات إلى النور ، حيث جعله كتابا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ، بل يهدي إلى صراط مستقيم ، بينا واضحا جليا نذيرا للكافرين وبشيرا للمؤمنين ؛ ولهذا قال : ( ولم يجعل له عوجا ) أي : لم يجعل فيه اعوجاجا ولا زيغا ولا ميلا بل جعله معتدلا مستقيما ؛

القول في تأويل قوله عز ذكره : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الحمد لله الذي خص برسالته محمدا وانتخبه لبلاغها عنه، فابتعثه إلى خلقه نبيا مرسلا وأنـزل عليه كتابه قيما، ولم يجعل له عوجا.

وعنى بقوله عز ذكره: قَيِّمًا معتدلا مستقيما، وقيل: عنى به: أنه قيم على سائر الكتب يصدقها ويحفظها.

* ذكر من قال عنى به معتدلا مستقيما: حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا يقول: أنـزل الكتاب عدلا قيما، ولم يجعل له عوجا، فأخبر ابن عباس بقوله هذا مع بيانه معنى القيم أن القيم مؤخر بعد قوله، ولم يجعل له عوجا، ومعناه التقديم بمعنى: أنـزل الكتاب على عبده قيما.

حدثت عن محمد بن زيد، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله قَيِّمًا قال: مستقيما.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا : أي معتدلا لا اختلاف فيه.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا قال: أنـزل الله الكتاب قيما، ولم يجعل له عوجا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا .

قال: وفي بعض القراءات: " ولكن جعله قيما " .

والصواب من القول في ذلك عندنا : ما قاله ابن عباس، ومن قال بقوله في ذلك، لدلالة قوله: ( وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) فأخبر جل ثناؤه أنه أنـزل الكتاب الذي أنـزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم قَيِّمًا مستقيما لا اختلاف فيه ولا تفاوت، بل بعضه يصدق بعضا، وبعضه يشهد لبعض، لا عوج فيه، ولا ميل عن الحق، وكسرت العين من قوله ( عِوَجًا ) لأن العرب كذلك تقول في كل اعوجاج كان في دين، أو فيما لا يرى شخصه قائما، فيُدْرَك عِيانا منتصبا كالعاج في الدين، ولذلك كُسِرت العين في هذا الموضع، وكذلك العِوَج في الطريق، لأنه ليس بالشخص المنتصب ، فأما ما كان من عِوَج في الأشخاص المنتصبة قياما، فإن عينها تفتح كالعَوج في القناة، والخشبة، ونحوها، وكان ابن عباس يقول في معنى قوله ( وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ) : ولم يجعل له ملتبسا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ ، عن ابن عباس وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا ولم يجعل له ملتبسا.

ولا خلاف أيضا بين أهل العربية في أن معنى قوله قَيِّمًا وإن كان مؤخرا، التقديم إلى جنب الكتاب، وقيل إنما افتتح جلّ ثناؤه هذه السورة بذكر نفسه بما هو له أهل، وبالخبر عن إنـزال كتابه على رسوله إخبارا منه للمشركين من أهل مكة، بأن محمدا رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن المشركين كانوا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء علمهموها اليهود من قريظة والنضير، وأمروهم بمسآلتهموه عنها، وقالوا: إن أخبركم بها فهو نبيٌّ ، وإن لم يخبركم بها فهو متقوّل، فوعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للجواب عنها موعدا، فأبطأ الوحي عنه بعض الإبطاء، وتأخّر مجيء جبرائيل عليه السلام عنه عن ميعاده القوم، فتحدث المشركون بأنه أخلفهم موعده، وأنه متقوّل، فأنـزل الله هذه السورة جوابا عن مسائلهم، وافتتح أوّلها بذكره ، وتكذيب المشركين في أحدوثتهم التي تحدثوها بينهم.

*ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني شيخ من أهل مصر، قدم منذ بضع وأربعين سنة، عن عكرمة، عن ابن عباس ، فيما يروي أبو جعفر الطبري (3) قال: بعثت قريش النضر بن الحارث، وعُقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد، وصِفُوا لهم صفته، وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة، فسألوا أحبار يهودَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، وقالا إنكم أهل التوراة ، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، قال: فقالت لهم أحبار يهود: سلوه عن ثلاث نأمركم بهنّ، فإن أخبركم بهنّ فهو نبيّ مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقوّل، فَرَأوا فيه رأيكم: سلوه عن فِتية ذهبوا في الدهر الأوَّل، ما كان من أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طوّاف، بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك، فإنه نبيّ فاتَّبعوه، وإن هو لم يخبركم، فهو رجل متقوّل، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم. فأقبل النضْر وعقبة حتى قَدِما مكة على قريش، فقالا يا معشر قريش: قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار يهودَ أن نسأله، عن أمور، فأخبروهم بها، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد أخبرنا، فسألوه عما أمروهم به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُخْبِرُكُمْ غَدًا بِمَا سألْتُمْ عَنْهُ ، ولم يستثن فانصرفوا عنه، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة، لا يُحدِث الله إليه في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام، حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وَعَدَنا محمد غدا، واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه ، وحتى أحزنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُكْثُ الوحي عنه، وشقّ عليه ما يتكلم به أهل مكة ، ثم جاءه جبرائيل عليه السلام ، من الله عزّ وجلّ، بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفِتية والرجل الطوّاف، وقول الله عزّ وجلّ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا [قال ابن إسحاق: فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح السورة فقال ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنـزلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ) يعني محمدا إنك رسولي في تحقيق ما سألوا عنه من نبوّته وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا : أي معتدلا لا اختلاف فيه.

------------------------

الهوامش:

(1) المكتب: اسم فاعل من أكتب أو من كتب بالتشديد وهو المعلم، يعلم الصبيان كتابة القرآن في ألواحهم.

(2) كذا في الأصول، ولم يذكر المتن اتكالا على ما تقدم، وقد تكرر ذلك منه.

(3) الظاهر: أن قوله " فيما يروي أبو جعفر الطبري " : عن عبارة المؤلف عن نفسه ، وليس يعني شخصا آخر ، ولا هو من تعبير بعض تلاميذه عنه.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ ثناء على الله بصفات الكمال، ومن صفات كماله ونعمه العظيمة إنزال كتابه، مما يثمر في القلب تعظيم كتابه وإمعان النظر فيه.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ ما أجملها من كلمة حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة وعلى شفاه النفوس المتعبة! يقولون: «يا رب لك الحمد» في غمرات الألم.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ إنزال القرآن من أعظم ما يستحق أن يحمد الله عليه، فقد حمد سبحانه ذاته العلية لأجل هذه النعمة.
تفاعل
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ قل: الحمد لله الذي جعل لك نصيبًا من اتباع هذا الكتاب، ورزقنا حسن العلم والعمل بكتابه.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ بقدر ما في قلبك من العبودية لله والخضوع له؛ بقدر ما ينزل على قلبك من أنوار الوحي.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ القرآن نعمة عظيمة تستوجب الشكر، بتلاوته وتعظيمه والعمل به، فلا تستقيم الحياة إلابه.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ الله يحمد نفسه على إنزال القرآن.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ ختمت سورة الإسراء بسجدة تستشعر فيها حلاوة القرآن، وتبكى من خشيته, ثم تحمده على نعمة القرآن في بداية الكهف.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ أعلى مقام وأشرف مقام يمكن أن يصل له إنسان هو مقام العبودية لله.
وقفة
[1] تدبر حينما تقرأ سورة الكهف، كيف بدأ الله بذكر القرآن: ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾، وختمت بذكر القرآن، بينهما ذكر أنواع الفتن، وكأنها إشارة أن التمسك بالقرآن نجاة من الفتن.
وقفة
[1] بدأت السورة بـ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾، وختمت بـ: ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [110]؛ حياتنا كلها عبودية لله.
وقفة
[1] العبودية جاءت: في مقام الإيحاء: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ [النجم: 10]، وفي مقام الإسراء: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده﴾ [الإسراء: 1]، وفي مقام التنزيل: ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾؛ وبقدر ما تكون عبوديتك لله؛ يكون تحررك من رق الدنيا وشهواتها.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ حمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ خص رسوله ﷺ بالذكر؛ لأن إنزال القرآن عليه كان نعمة عليه على الخصوص، وعلى سائر الناس على العموم.
عمل
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ احفظ أول عشر آيات من سورة الكهف؛ فقد قال ﷺ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ». [مسلم809].
اسقاط
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ اعرض كل اعوجاجاتك على القرآن بصدق؛ وهو كفيل بإقامتها.
اسقاط
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ في مطلع سورة الكهف يثني الحق سبحانه على نفسه بالحمد على إنزال هذا الكتاب على رسوله محمدﷺ ، ويصفه بوصف العبودية، فما شأننا مع هذا الكتاب؟ !
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ النعم الدينية أولى بالحمد والشكر من النعم الدنيوية لأن الأولى تُرضي ربك والثانية تُرضي نفسك.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ نزول هدايات الكتاب على قلبك على كثرة تذللك وعبوديتك لربِّك .
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ بقدر حظك من محبة ربك والذل والعبودية له يكون حظك من فهم القرآن وهدايته.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ سبحانه تعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتيمها؛ فإنه المحمود على كل حال.
اسقاط
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ كيف لا نحمد الله ليلًا ونهارًا على هذا الكتاب الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور؟!
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ أنزل الله القرآن متضمنًا الحق والعدل والشريعة والحكم الأمثل.
وقفة
[1] في كل سبعة أيام تأوي إليها؛ لتأمن من غوائل الفتن، سورة افتتحت بالوسيلة العظمى للنجاة من كل فتنة: (القرآن)، واختتمت بالحسنة العظمى التي لا يبقى معها أثر لأي فتنة: (التوحيد)، وبينهما أربع فتن كبار: فتنة الدين ونجاتها في آية 28، والمال: ونجاتها في 39، والعلم: ونجاتها بالصبر، والسلطة: ونجاتها بالعدل، هي(كهفك) من الفتن فأو إليها ينشر لك ربك من رحمته.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ من الكتب من له عوج في آثاره, أو فيه عوج في مضمونه, أو عليه عوج في لوازمه, وكلها منفية عن القرآن, فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ هذا هو الحمد الأوجب والأهم، فلولا القرآن لزاغت القلوب، وتزلزلالإيمان، وتمكن الشيطان، واشتدت الأحزان.
وقفة
[1] ﴿الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي أَنزَلَ عَلى عَبدِهِ الكِتابَ وَلَم يَجعَل لَهُ عِوَجًا﴾ وكيف سيكون به أى عيب أو عوج والله سبحانه منزله؟!
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ فالتمسك بالكتاب الذي أُنزل يعصم من كل الفتن.
عمل
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ كلما زادك القرآن عبودية لله أكثِر من الحمد لله.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ مَنْ جعل القرآن له مـنهاج ‏سَلِمت حـيـاته من الاعـوجاج.
عمل
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ تريد حياة مستقيمة لا عوج فيها؟ الزم طريق القرآن وتمسك به.
وقفة
[1] من أعظم ما يُحْمَدُ اللهُ تعالى عليه: إنزالُ كتابه العزيز ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾، فاللهمَّ لك الحمد حمدًا كثيرًا.
وقفة
[1] قال أحدهم: «سمعت أحد الشباب ونحن في الحج في مشعر (منى) يبكي لمدة ثلث ساعة، وهو يردد هذه الآية: ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾؛ فعرفتُ أنه ذاق لذة نعمة القرآن».
تفاعل
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ قل الآن: «الحمد لله».
وقفة
[1] ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ الخاضعون للقرآن لن تجد في كلامهم اضطرابًا، ولا في أفعالهم تناقضًا، ولا في تصوراتهم ارتباكًا، بل هو الاتساق المطلق.
وقفة
[1] ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ من أقامَ القرآن زالت الإعوجاجات من حياته، وبقدر حظّك من القرآن بقدر إبتعاد الإعوجَاجات عن حياتِك.
وقفة
[1] ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾ لا مكان للاعوجاج في حياة أهل القرآن، به يقيمون حياتهم من غير انحراف.
وقفة
[1] ﴿عِوَجًا﴾ لو لم ينزل لنا قرآن؛ لأصبحت حياتنا كلها عوجًا, فالحمد لله على إنزاله كتابه.
وقفة
[1، 2] ﴿قَيِّمًا﴾ أي: مستقيمًا لا ميل فيه، ولا زيغ، وعليه: فهو تأكيد لقوله: ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾؛ لأنه قد يكون الشيء مستقيمًا في الظاهر، وهو لا يخلو من اعوجاج في حقيقة الأمر، ولذا جمع تعالى بين نفي العوج، وإثبات الاستقامة.
وقفة
‏[1، 2] ﴿الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا * قيمًا﴾‏، ﴿رسولٌ من الله يتلو صحفًا مطهَّرة * فيها كتبٌ قيمة﴾‏ [البينة: 2، 3]؛ لأن القيم عبارة عن القائم بمصالح الغير، فهو سبب لهداية الخلق، والقرآن كالقيم الشفيق القائم بمصالحهم.

الإعراب :

  • ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ. الذي: اسم موصول في محل جر صفة-نعت-لله.
  • ﴿ أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. انزل:فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. على عبده: جار ومجرور متعلق بأنزل والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.الكتاب: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً:
  • الواو عاطفة. لم: حرف نفي وجزم وقلب.يجعل: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عوجا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى:لم يجعل فيه شيئا من الاعوجاج قط‍ لا باختلال الفاظه ولا بتباين في معانيه.و«له» جار ومجرور متعلق بيجعل. ويجوز أن يكون الجار والمجرور-له-في موضع مفعول-يجعل-الأولى. '

المتشابهات :

الفاتحة: 2﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
الأنعام: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ
الكهف: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ
سبإ: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
فاطر: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     ولَمَّا خُتِمَتْ سورة «الإسراءُ» بالثناءِ على القرآنِ، ثُمَّ أَمْرِه صلى الله عليه وسلم بالحَمدِ؛ بَدَأَتْ سورة «الكهفُ» باستحقاقِه تعالى الحمدَ، ثُمَّ الثناءِ على القرآنِ، قال تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن ..

التفسير :

[2] جعله الله كتاباً مستقيماً، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين بالله ورسوله الذين يعملون الأعمال الصالحات، بأن لهم ثواباً جزيلاً هو الجنة،

وقوله{ لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} أي:لينذر بهذا القرآن الكريم، عقابه الذي عنده، أي:قدره وقضاه، على من خالف أمره، وهذا يشمل عقاب الدنيا وعقاب الآخرة، وهذا أيضا، من نعمه أن خوف عباده، وأنذرهم ما يضرهم ويهلكهم.

كما قال تعالى -لما ذكر في هذا القرآن وصف النار- قال:{ ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون} فمن رحمته بعباده، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره، وبينها لهم، وبين لهم الأسباب الموصلة إليها.

{ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} أي:وأنزل الله على عبده الكتاب، ليبشر المؤمنين به، وبرسله وكتبه، الذين كمل إيمانهم، فأوجب لهم عمل الصالحات، وهي:الأعمال الصالحة، من واجب ومستحب، التي جمعت الإخلاص والمتابعة،{ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} وهو الثواب الذي رتبه الله على الإيمان والعمل الصالح، وأعظمه وأجله، الفوز برضا الله ودخول الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وفي وصفه بالحسن، دلالة على أنه لا مكدر فيه ولا منغص بوجه من الوجوه، إذ لو وجد فيه شيء من ذلك لم يكن حسنه تاما.

وقوله : ( قيما ) تأكيد فى المعنى لقوله - سبحانه - : ( وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ) لأنه قد يكون الشئ مستقيما فى الظاهر ، إلا أنه لا يخلو عن اعوجاج فى حقيقة الأمر ، ولذا جمع - سبحانه - بين نفى العوج ، وإثبات الاستقامة .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما فائدة الجمع بين نفى العوج وإثبات الاستقامة ، وفى أحدهما غنى عن الآخر؟

قلت : فائدته التأكيد ، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة ، ولا يخلو من أدنى عوج عند السبر والتصفح ، وقيل : قيما على سائر الكتب ، مصدقا لها ، شاهدا بصحتها ، وقيل : قيما بمصالح العباد وما لا بد لهم منه من الشرائع .

وشبيه بهذه الآية فى مدح القرآن الكريم قوله - تعالى - : ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إلى صِرَاطِ العزيز الحميد ) وقوله - سبحانه - . ( إِنَّ هذا القرآن يَِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ . . ) وقوله - عز وجل : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هذا القرآن مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) وقوله - تعالى - : ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً ) ثم شرع - سبحانه - فى بيان وظيفة القرآن الكريم ، بعد أن وصفه بالاستقامة والإِحكام ، فقال : ( لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ .

. . ) .

والإِنذار : الإِعلام المقترن بتخويف وتهديد ، فكل إنذار إعلام ، وليس كل إعلام إنذارا .

واللام فى قوله ( لينذر ) متعلقة بأنزل ، والبأس : العذاب ، وهو المفعول الثانى للفعل ينذر ، ومفعوله الأول محذوف .

والمعنى : أنزل - سبحانه - على عبده الكتاب حالة كونه لم يجعل له عوجا بل جعله مستقيما ، لينذر الذين كفروا عذابا شديدا ، صادرا من عنده - تعالى - .

والتعبير بقوله ( من لدنه ) يشعر بأنه عذاب ليس له دافع ، لأنه من عند الله تعالى - القاهر فوق عباده .

أما وظيفة القرآن بالنسبة للمؤمنين ، فقد بينها - سبحانه - بعد ذلك فى قوله : ( وَيُبَشِّرَ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ) .

أى : أنزل الله هذا القرآن ، ليخوف به الكافرين من عذابه ، وليبشر به المؤمنين الذين يعملون الأعمال الصالحات ، أن لهم من خالقهم - عز وجل - أجراً حسنا هو الجنة ونعيمها .

ولهذا قال : ( قيما ) أي : مستقيما .

( لينذر بأسا شديدا من لدنه ) أي : لمن خالفه وكذبه ولم يؤمن به ، ينذره بأسا شديدا ، عقوبة عاجلة في الدنيا وآجلة في الآخرة ) من لدنه ) أي : من عند الله الذي لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد .

( ويبشر المؤمنين ) أي : بهذا القرآن الذين صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح ) أن لهم أجرا حسنا ) أي مثوبة عند الله جميلة

القول في تأويل قوله تعالى : قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)

يقول تعالى ذكره: أنـزل على عبده القرآن معتدلا مستقيما لا عوج فيه لينذركم أيها الناس بأسا من الله شديدا ، وعنى بالبأس العذاب العاجل، والنكال الحاضر والسطوة ، وقوله: (مِنْ لَدُنْهُ) يعني: من عند الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق (لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا) عاجل عقوبة في الدنيا، وعذابا في الآخرة.(مِنْ لَدُنْهُ) : أي من عند ربك الذي بعثك رسولا.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، بنحوه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (مِنْ لَدُنْهُ) : أي من عنده.

فإن قال قائل: فأين مفعول قوله (لِيُنْذِرَ) فإن مفعوله محذوف اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه من ذكره، وهو مضمر متصل بينذر قبل البأس، كأنه قيل: لينذركم بأسا، كما قيل: يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ [آل عمران: 175] إنما هو: يخوّفكم أولياءه.

وقوله: (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) يقول: ويبشر المصدقين الله ورسوله (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ) وهو العمل بما أمر الله بالعمل به، والانتهاء عما نهى الله عنه (أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) يقول: ثوابا جزيلا لهم من الله على إيمانهم بالله ورسوله، وعملهم في الدنيا الصالحات من الأعمال، وذلك الثواب: هو الجنة التي وعدها المتقون.

التدبر :

وقفة
[2] وصف الله القران بأنه ﴿قَيِّمًا﴾ أي: مستقیمًا لا ميل فیه ولا زيغ، وفي هذا إشارة إلى أن التمسك بالقرآن من أعظم أسباب الثبات على الحق وعدم الزيغ عنه.
وقفة
[2] ﴿قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ﴾ من أهم حكم إنزال القرآن: النذارة، فلا تلغها من قاموسك بحجة جمال الإسلام، وروعة الدين، ورحمة الرب سبحانه.
تفاعل
[2] ﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[2، 3] ﴿مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾ كان لا بد أن تأتي بعد قوله تعالى: ﴿أَجْرًا حَسَنًا﴾؛ للتفريق بين أجر الدنيا وأجر الآخرة، فأجر الدنيا مهما كان حسنًا فإن له نهاية ينتهي إليها، أما أجر الآخرة فإنه باقٍ إلى الأبد.

الإعراب :

  • ﴿ قَيِّماً:
  • اي مستقيما معتدلا: مفعول به منصوب بمضمر وعلامة نصبه الفتحة وهو ليس حالا من الكتاب لان قوله وَلَمْ يَجْعَلْ» معطوف على «انزل» فهو داخل في صلة الموصول فاعرابه حالا يفصله بين الحال وذي الحال ببعض الصلة وتقديره: ولم يجعل له عوجا. جعله قيما لانه اذا نفى عنه العوج فقد اثبت له الاستقامة.
  • ﴿ لِيُنْذِرَ:
  • اللام: للتعليل حرف جر. ينذر: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والفعل متعد الى مفعولين فاقتصر على احدهما والمحذوف تقديره الذين كفروا. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأنزل. وجملة: «ينذر» صلة «ان» لا محل لها.
  • ﴿ بَأْساً شَدِيداً:
  • بأسا: أي عذابا: مفعول به منصوب بالفتحة. شديدا:صفة-نعت-لبأسا منصوب مثله بالفتحة.
  • ﴿ مِنْ لَدُنْهُ:
  • من: حرف جر. لدنه: اسم مبني على السكون في محل جر بمن والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة والجار والمجرور متعلق بصفة ثانية للموصوف «بأسا» بتقدير: صادرا من عنده.
  • ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ:
  • معطوفة بالواو على «لينذر» وتعرب اعرابها. المؤمنين:مفعول به منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ:
  • الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت-للمؤمنين. يعملون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الصالحات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. وجملة يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لهم:اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر «ان» المقدم. اجرا: اسم «ان» مؤخر منصوب بالفتحة.حسنا: صفة-نعت-لاجرا منصوبة مثلها بالفتحة. و «ان» وما تلاها:بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. اي بأن لهم اجرا حسنا.والجار والمجرور «المصدر المؤول» متعلق بيبشر. '

المتشابهات :

الإسراء: 9﴿إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا
الكهف: 2﴿قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد الثناءِ على القرآنِ؛ بَيَّنَ اللهُ عز و جل هنا وظيفة هذا القرآن، وهي: إنذار المشركين، وتبشير المؤمنين، قال تعالى:
﴿ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لدنه:
وقرئ:
بسكون الدال وإشمامها الضم وكسر النون، وهى قراءة أبى بكر.
ويبشر:
1- بالنصب، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
بالرفع.

مدارسة الآية : [3] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا

التفسير :

[3]يقيمون في هذا النعيم لا يفارقونه أبداً.

ومع ذلك فهذا الأجر الحسن{ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} لا يزول عنهم، ولا يزولون عنه، بل نعيمهم في كل وقت متزايد، وفي ذكر التبشير ما يقتضي ذكر الأعمال الموجبة للمبشر به، وهو أن هذا القرآن قد اشتمل على كل عمل صالح، موصل لما تستبشر به النفوس، وتفرح به الأرواح.

أى: أنزل الله هذا القرآن، ليخوف به الكافرين من عذابه، وليبشر به المؤمنين الذين يعملون الأعمال الصالحات، أن لهم من خالقهم- عز وجل- أجرا حسنا هو الجنة ونعيمها، ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً أى: مقيمين فيه إقامة باقية دائمة لا انتهاء لها، فالضمير في قوله فِيهِ يعود إلى الأجر الذي يراد به الجنة.

قال- تعالى-: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا .

( ماكثين فيه ) في ثوابهم عند الله ، وهو الجنة ، خالدين فيه ) أبدا ) دائما لا زوال له ولا انقضاء .

القول في تأويل قوله تعالى: ( مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ) خالدين، لا ينتقلون عنه، ولا ينقلون، ونصب ماكثين على الحال من قوله: (أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) في هذه الحال في حال مكثهم في ذلك الأجر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سَلَمة، عن ابن إسحاق (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ) : أي في دار خلد لا يموتون فيها، الذين صدقوك بما جئت به عن الله، وعملوا بما أمرتهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[3] ﴿ماكِثينَ فيهِ أَبَدًا﴾ آية من ثلاث كلمات بليغات بالفعل، ونعلم أن الإعجاز فى الإيجاز، فهى كلمات تدل على الخلود والأبدية، وعدم الانقطاع وأيضا تدل على الراحة والسعادة البالغة.
تفاعل
[3] ﴿مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[3] ﴿مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾ هذا القرآن قد اشتمل على كل عمل صالح موصل لما تستبشر به النفوس، وتفرح به الأرواح.

الإعراب :

  • ﴿ ماكِثِينَ:
  • حال من المؤمنين منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى: مقيمين.
  • ﴿ فِيهِ أَبَداً:
  • فيه: جار ومجرور متعلق بماكثين. ابدا: ظرف زمان للتأكيد في المستقبل يدل على الاستمرار منصوب بالفتحة متعلق بماكثين او بفعله. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز و جل أن للمؤمنين ثوابًا حسنًا، وهو الجنة؛ ذكرَ هنا أنهم يقيمون في هذا النعيم، لا يفارقونه أبدًا، قال تعالى:
﴿ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ ..

التفسير :

[4] وينذر به المشركين الذين قالوا:اتخذ الله ولداً.

{ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} من اليهود والنصارى، والمشركين، الذين قالوا هذه المقالة الشنيعة، فإنهم لم يقولوها عن علم و[لا] يقين

ثم خص- سبحانه- بالإنذار فرقة من الكافرين، نسبوا إلى الله- تعالى- ما هو منزه عنه، فقال: وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً. ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً.

فقوله- سبحانه- هنا: وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً.. معطوف على قوله قبل ذلك لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ من باب عطف الخاص على العام لأن الإنذار في الآية الأولى يشمل جميع الكافرين ومن بينهم الذين نسبوا إلى الله- تعالى- الولد.

والمراد بهم اليهود والنصارى، وبعض مشركي العرب، قال- تعالى- وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ .

وقال- سبحانه-: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ .

قال الآلوسي: وترك- سبحانه- إجراء الموصول على الموصوف هنا، حيث لم يقل وينذر الكافرين الذين قالوا.. كما قال في شأن المؤمنين: ويبشر المؤمنين الذين.. للإيذان بكفاية ما في حيز الصلة في الكفر على أقبح الوجوه. وإيثار صيغة الماضي في الصلة، للدلالة، على تحقيق صدور تلك الكلمة القبيحة عنهم فيما سبق .

( وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ) قال ابن إسحاق : وهم مشركو العرب في قولهم : نحن نعبد الملائكة ، وهم بنات الله .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)

يقول تعالى ذكره: يحذر أيضا محمد القوم (الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) من مشركي قومه وغيرهم، بأسَ الله وعاجل نقمته، وآجل عذابه، على قيلهم ذلك.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) يعني قريشا في قولهم: إنما نعبد الملائكة، وهنّ بنات الله .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[4] ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ أى ويخوف أولئك الكافرين -الذين نسبوا لله الولد- عذابه الأليم، قال البيضاوي: «خصهم بالذكر، وكرر الإنذار؛ استعظامًا لكفرهم».

الإعراب :

  • ﴿ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ:
  • معطوفة بالواو على «ينذر» في الآية الكريمة الثانية. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «قالوا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.اتخذ:فعل ماض مبني على الفتح. لله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. ولدا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

البقرة: 116﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
يونس: 68﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ ۖ
الكهف: 4﴿وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا
الأنبياء: 26﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۚ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ
مريم: 88﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     وبعد إنذار جميع الكافرين في الآية الأولى؛ جاء هنا إنذار خاص للذين نسبوا إلى الله الولد، أي: اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب، وهذا من باب عطف الخاص على العام، قال تعالى:
﴿ وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف