434495051525354123

الإحصائيات

سورة سبإ
ترتيب المصحف34ترتيب النزول58
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.50
عدد الآيات54عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.80
ترتيب الطول31تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 6/14الحمد لله: 4/5
سورة فاطر
ترتيب المصحف35ترتيب النزول43
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.70
عدد الآيات45عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول37تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 7/14الحمد لله: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (50) الى الآية رقم (54) عدد الآيات (5)

بعدَ الدَّعوةِ إلى التَّفكُّرِ، بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّ من ضَلَّ فضررُ ذلك عائدٌ عليه، ثُمَّ خوَّفَهم بفزعِهم إذا عاينُوا العذابَ يومَ القيامةِ، ومنعِهم من الحصولِ على ما يشتهُونَه من التَّوبةِ والعودةِ إلى الدُّنيا ليُؤمِنُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (3) عدد الآيات (3)

الثناءُ على اللهِ خالقِ السَّماواتِ والأرضِ، جاعلِ الملائكةِ رسلاً بينَه وبينَ أنبيائِه لتبليغِ الوحي، ثُمَّ تذكِيرُ النَّاسِ بنِعَمِ اللهِ ليشكرُوها، ثُمَّ =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة سبإ

حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين/ العبودية سبيل العمران (حضارتان في الميزان).

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هؤلاء شكروا وهؤلاء كفروا::   بدأت السورة بـ: 1- بيان ربوبية الله وألوهيته وقدرته سبحانه وتعالى، ثم: 2- الإخبار عن إنكار كفار مكة للبعث والجزاء، وسخريتهم من النبي ﷺ، وقد هدَّدهم الله على ذلك بالعذاب مِن فوقهم، أو من تحت أرجلهم، ثم أعقب ذلك بـ: 3- قصة داود وسليمان عليهما السلام، ثم قصة قوم سبأ. ويشترك أصحاب القصتين في أن الله قد أنعم عليهم بالخيرات، ورزقهم من الطيبات، حتى شبعوا وأَمِنُوا، ولكن آل داود آمنوا وشكروا، وآل سبأ بطروا وكفروا، فكانت القصتان مثَلين لأمَّتين إحداهما شاكرة، والأخرى كافرة، وكانت أمَّة داود الشاكرة المرحومة مثلًا للنبي ﷺ ومَن آمن معه، وفي ذلك تثبيت لهم على إيمانهم، وربط على قلوبهم، كما كانت أمَّة سبأ الكافرة المعذَّبة مثلًا لكفار قريش؛ لإنذارهم من العذاب كما عذب الله قوم سبأ.
  • • من هي سبأ؟:   إن سبأً قومٌ اكتملتْ نِعَمُهم؛ فأرزاقُهم حاضرة، وأرضهم مخضرَّة، وسماؤهم ممطرة، وثمارهم يانعة، وضروعهم دارَّة، تحيط بمساكنهم الأشجارُ والثمار، وتملأ جنبتي بلادهم؛ فلا يسيرون إلا في خضرة من الأرض، ولا يأكلون إلا أطيب الطعام والثمار، يشربون من الماء أعذبَه، ويتنفسون من الهواء أنقاه، حتى ذكر المفسِّرون خلو أرضهم وأجوائهم من الهوام والحشرات المؤذية، وهذا من أكمل ما يكون للعيش الرغيد، والراحة التامة، والنعم الكاملة. ولم يطلب ربُّهم منهم مقابلَ هذه النعم المتتابعة إلا شكرَه عليها، بإقامة دينه وتحقيق توحيده: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (15)، فوصفها الله بأنها بلدة طيبة؛ فكل شيء فيها طيِّب. وقد عفا الله عنهم ما مضى مِن كفرهم وتجاوزهم، فلم يستأصلهم به، ودعاهم إلى شكره، بتذكيرهم بمغفرته ورزقه: ﴿كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ (15). لكنهم قابلوا دعوة الله لهم بالإعراض والاستكبار، والإعراضُ أشدُّ أنواع الكفر، فاستحقوا العذابَ والدمار: ﴿ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ (16)، ففتح الله عليهم سدَّهم؛ ليغرق بلادهم، ويهلك حرثهم وأنعامهم، ويتلف أشجارهم وثمارهم، فأضحتْ بلادُهم بعد الخضرة مغبرَّةً، وبعد الجدة مقفرةً، وبعد السَّعة ضيقةً، وذهبتْ نعمهم في لمح البصر، وصاروا ممحلين لا يلوون على شيء.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سبأ».
  • • معنى الاسم ::   سبأ: هي أرض باليمن، مدينتها مأرب.
  • • سبب التسمية ::   لأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏سبأ‏، ‏وقد ‏كان ‏أهلها ‏في ‏نعمة ‏ورخاء، ‏وكانت ‏مساكنهم ‏حدائق ‏وجنات ‏فلما كفروا ‏النعمة ‏دمرهم ‏الله ‏بسيل ‏العرم ‏وجعلهم ‏عبرة ‏لمن ‏يعتبر‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن العبودية سبيل العمران.
  • • علمتني السورة ::   حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين.
  • • علمتني السورة ::   لأن تكذيب الحضارات وكفرها بالله تعالى هو سبب هلاكها.
  • • علمتني السورة ::   أن الغنى لا يدل على محبة الله للعبد: ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة سبأ من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة سبأ تشبه سورة الفرقان في أنها استعرضت شبهات الكفار، وردت عليها واحدة واحدة، كالشبهات التي دارت حول التوحيد والرسالة، وركزت كثيرًا حول شبهة إنكار البعث.
    • استخدمت السورة أسلوب الجدال والحوار لتفنيد شبهات الكفار؛ بل نرى لونًا من أدب الجدال لا نظير له، وهو في غاية الإنصاف والاعتدال! حيث يتنزل فيه عارض الحق إلى مستوى خصمه، ويناشده أن يعي وأن يقبل الصواب: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (24)، وهذا الجدل علي هذا النحو المهذب أقرب إلى لمس قلوب المستكبرين، وأجدر بأن يثير التدبر الهادئ والاقناع العميق.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن ندوام على شكر الله على نعمه بقلوبنا وألسنتنا وأعمالنا.
    • أن نصلح أعمالنا الظاهرة والباطنة؛ فإن الله لا يخفى عليه شيء: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (3).
    • أن نُعَلِّم مسلمًا سورةً من القرآنِ؛ شكرًا لله على حفظِنا لهذه السُّورةِ: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ (13).
    • أن نحذر من اتباع خطوات الشيطان؛ فليس له علينا سلطان: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَان﴾ (20-21).
    • أن نحذر من عبادة القبور ودعاء الأولياء والصالحين بحجة أنهم شفعاء: ﴿وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ۚ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ۖ قَالُوا الْحَقَّ ۖ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ (23).
    • أن نعلم أن رزقنا بيد الله تعالى؛ فلا نحزن ونرض بما قسم الله لنا: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّـهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ (24).
    • أن نستخدم في دعوتِنا التبشيرَ والإنذارَ: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (28).
    • أن ننفق من أموالنا في دعم مشروع خيري راجين الخلف من الله تعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (39).
    • أن نحْيي في أنفسِنا عبادةَ التَّفكُّرِ؛ فهي من أجَلِّ العباداتِ القلبيةِ: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا﴾ (46).
    • أن نُذَكِّر أنفسنا عندَ كُلِّ عملٍ نقومُ به: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ (47)؛ لا ننتظرْ جزاءً من أحدٍ، لا نجعل الدين سلمًا ننال به عرض الدنيا الزائل؛ فإن الآخرة خير وأبقى.
سورة فاطر

التذكير بنعم الله وعظمته/ الاستسلام لله سبيل العزّة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة فاطر تشبه سورة النحل::   سورة فاطر تشبه سورة النحل في إحصاء عدد كثير من النعم، وبيان فضل الله على خلقه، وقد خاطبت السورة الناس بصفة عامة 3 مرات: 1- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (3). 2- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ (5). 3- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (15). • ففي النداء الأول تسأل السورة عن مصدر النعم، وفي النداء الثالث تبين فقر الناس إلى ربهم وغناه عنهم.
  • • ومن نعم الله التي ذكرتها السورة::   1- نعمة خلق السماوات والأرض: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (1). 2- نعمة إرسال الملائكة بالخير: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ...﴾ (1) 3- نعمة خلق الإنسان: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ...﴾ (3). 4- نعمة الرزق: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (3). 5- نعمة الهداية: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ...﴾ (8) 6- نعمة الإنذار والإعذار: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (24). 7- نعمة إهلاك الظالمين: ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (26). 8- نعمة القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ...﴾ (29). 9- نعمة الفوز بالجنان والنجاة من النار: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ...﴾ (33). 10- نعمة الاستخلاف في الأرض: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (39). 11- نعمة الآثار المبثوثة والعبر الناطقة: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ (44). 12- نعمة الإمهال والحلم: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (45).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «فاطر».
  • • معنى الاسم ::   فاطر: خالق ومبدع على غير مثال سبق، والفطرة: الابتداء والاختراع.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بهذا الوصف لله تعالى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الملائكة»؛ لأنه وقع في أولها وصف للملائكة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الاستسلام لله هو سبيل العزّة.
  • • علمتني السورة ::   التذلل لله تعالى والخضوع له؛ فهو الغني ونحن الفقراء إليه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
  • • علمتني السورة ::   لأأن المسلم له ثلاثة أحوال: ظالم لنفسه: يرتكب المعاصي، مقتصد: مقتصر على ما يجب عليه متجنب المعاصي، سابق بالخيرات: يؤدي ما فرض الله عليه متجنب للمعاصي ويكثر من النوافل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   رحمة الله بعباده وإمهالهم؛ فإذا ارتكبت معصية فبادر بالتوبة والعمل الصالح: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة فاطر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي آخر خمس سور -بحسب ترتيب المصحف- افتتحت بـ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾، وهي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
    • سورة فاطر لها نسق خاص في موضوعها وسياقها، أقرب ما يكون إلى نسق سورة الرعد، فهي تشترك مع سورة الرعد في بيان قدرة الله وصفاته من خلال الآيات الكونية، ومجادلة الكفار وإبطال عقيدتهم.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نكثر من حمد الله على نعمه الكثيرة.
    • أن نستسلم لله دومًا، فهذا سبيل العزة والرفعة في الدنيا.
    • أن نكثر من شكر نعم الله بالقول والفعل والعمل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ (3).
    • أن نحذر من الدنيا؛ فإنها دار الغرور: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ (5).
    • أن نحذر من اتباع الشيطان ونستعذ بالله منه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ (6).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ (8).
    • أن نحذر من دعاء غير الله، والتبرك بالأولياء والصالحين: ﴿إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾ (14).
    • أن نحسن سريرتنا وعلانيتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (38).
    • ألا نسلم عقولنا لغيرنا ونتبعه دون علم: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ... بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا﴾ (40).
    • أن نستبشر ولا نخف؛ فإن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (43).

تمرين حفظ الصفحة : 434

434

مدارسة الآية : [49] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ ..

التفسير :

[49] قل -أيها الرسول-:جاء الحق والشرع العظيم من الله، وذهب الباطل واضمحلَّ سلطانه، فلم يبق للباطل شيء يبدؤه ويعيده.

فيعلم بها عباده, ويبينها لهم, ولهذا قال:{ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ} أي:ظهر وبان, وصار بمنزلة الشمس, وظهر سلطانه،{ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} أي:اضمحل وبطل أمره, وذهب سلطانه, فلا يبدئ ولا يعيد.

ثم أمره- عز وجل- للمرة الرابعة أن يبين لهم أن باطلهم سيزول لا محالة وسينتهي أمره انتهاء لن تقوم له بعد قائمة فقال- تعالى- قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ والإبداء: هو فعل الأمر ابتداء. والإعادة: فعله مرة أخرى، ولا يخلو الحي منهما، فعدمهما كناية عن هلاكه. كما يقول: فلان لا يأكل ولا يشرب، كناية عن هلاكه.

أى: قل أيها الرسول لهؤلاء الكافرين، لقد جاء الحق المتمثل في دين الإسلام الذي أرسلنى به إليكم ربي، ومادام الإسلام قد جاء، فإن الباطل المتمثل في الكفر الذي أنتم عليه، قد آن له أن يذهب وأن يزول، وأن لا يبقى له إبداء أو إعادة، فقد اندثر وأهيل عليه بالتراب إلى غير رجعة.

وقوله : ( قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) أي : جاء الحق من الله والشرع العظيم ، وذهب الباطل وزهق واضمحل ، كقوله : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) [ فإذا هو زاهق ] ) [ الأنبياء : 18 ] ، ولهذا لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام يوم الفتح ، ووجد تلك الأصنام منصوبة حول الكعبة ، جعل يطعن الصنم بسية قوسه ، ويقرأ : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) ، ( قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) . رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وحده عند هذه الآية ، كلهم من حديث الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود ، به .

أي : لم يبق للباطل مقالة ولا رياسة ولا كلمة .

وزعم قتادة والسدي : أن المراد بالباطل هاهنا إبليس ، إنه لا يخلق أحدا ولا يعيده ، ولا يقدر على ذلك . وهذا وإن كان حقا ولكن ليس هو المراد هاهنا والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)

(قُلْ جَاءَ الْحَقُّ) يقول: قل لهم يا محمد: جاء القرآن ووحي الله ( وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ ) يقول: وما ينشىء الباطل خلقًا، والباطل هو فيما فسره أهل التأويل: إبليس (وَمَا يُعِيدُ) يقول: ولا يعيده حيًّا بعد فنائه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ : أي بالوحي عَلامُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ أي: القرآن ( وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ) والباطل: إبليس، أي: ما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ فقرأ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ ... إلى قوله وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ قال: يزهق الله الباطل، ويثبت الله الحق الذي دمغ به الباطل، يدمغ بالحق على الباطل، فيهلك الباطل ويثبت الحق، فذلك قوله: قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلامُ الْغُيُوبِ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[49] ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ إذا نزل الحق الساحة لم يبقَ للباطل مقالة ولا رئاسة ولا مكانة، لا ابتداء ولا إعادة.
وقفة
[49] ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ﴾ الإبداء: فعل الأمر ابتداء، والإعادة: فعله مرة أخرى، ولا يخلو الحي منهما، فعدمهما كناية عن هلاك الباطل، كما يقال: «فلان لا يأكل ولا يشرب» کناية عن هلاکه.
وقفة
[49] ﴿قُل جاءَ الحَقُّ وَما يُبدِئُ الباطِلُ وَما يُعيدُ﴾ فى وجود الحق لا يُرفع للباطل راية، فإن ظهر الباطل؛ فاعلم أن هناك من يجتهد لطمس الحق.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ جاءَ الْحَقُّ:
  • أعربت. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. الحق:فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية جاءَ الْحَقُّ» في محل نصب مفعول به- مقول القول-بمعنى: جاء القرآن وقيل جاء الاسلام.
  • ﴿ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ:
  • معطوفة على المعنى بالواو على ما قبلها. أي جاء الحق وهلك الباطل. والباطل هو ابليس. أو تكون الواو استئنافية. ما:نافية لا عمل لها. يبدئ: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الباطل: فاعل مرفوع بالضمة وحذف المفعول بتقدير: ما ينشئ خلقا ولا يعيده صاحب الباطل كما يقال صاحب الحق. وقيل عن معنى وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ» أي ما يحدث أو ما يخلق أو ما يجبي. وحذف المفعول اختصارا ويجوز أن تكون «ما» في محل نصب مفعولا مقدما بالفعل «يبدئ» والأصح هو الوجه الأول من إعرابها. وهو أنها نافية لا عمل لها.
  • ﴿ وَما يُعِيدُ:
  • معطوفة بالواو على ما يُبْدِئُ الْباطِلُ» وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الباطل.'

المتشابهات :

التوبة: 48﴿وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّـهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
الإسراء: 81﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا
سبإ: 49﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّه يَقذِفُ بالحَقِّ؛ أمرَ رسولَه صلّى الله عليه وسلم أن يخبرَ قومَه بأن الإسلام سيعلو، وأن غيره سيضمحل ويزول، قال تعالى:
﴿ قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [50] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ ..

التفسير :

[50] قل:إن مِلْت عن الحق فإثم ضلالي على نفسي، وإن استقمت عليه فبوحي الله الذي يوحيه إليَّ، إن ربي سميع لما أقول لكم، قريب ممن دعاه وسأله.

ولما تبين الحق بما دعا إليه الرسول, وكان المكذبون له, يرمونه بالضلال, أخبرهم بالحق, ووضحه لهم, وبين لهم عجزهم عن مقاومته, وأخبرهم أن رميهم له بالضلال, ليس بضائر الحق شيئا, ولا دافع ما جاء به.

وأنه إن ضل - وحاشاه من ذلك, لكن على سبيل التنزل في المجادلة - فإنما يضل على نفسه, أي:ضلاله قاصر على نفسه, غير متعد إلى غيره.

{ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} فليس ذلك من نفسي, وحولي, وقوتي, وإنما هدايتي بما{ يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} فهو مادة هدايتي, كما هو مادة هداية غيري. إن ربي{ سَمِيعٌ} للأقوال والأصوات كلها{ قَرِيبٌ} ممن دعاه وسأله وعبده.

ثم أمره- سبحانه- للمرة الخامسة أن يصارحهم بأنه مسئول أمام الله عما يرشدهم إليه، وأنهم ليسوا مسئولين عن هدايته أو ضلاله، فقال- تعالى-: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي، وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي.

أى: وقل لهم- أيها الرسول الكريم- على سبيل الإرشاد والتنبيه، إنى إن ضللت عن الصراط المستقيم، وعن اتباع الحق، فإنما إثم ضلالي على نفسي وحدها لا عليكم، وإن اهتديت إلى طريق الحق والصواب، فاهتدائى بسبب ما يوحيه الله- تعالى- إلى من توجيهات حكيمة، وإرشادات قويمة، إِنَّهُ- سبحانه- سَمِيعٌ لكل شيء قَرِيبٌ منى ومنكم.

وهكذا نجد هذه الآيات الكريمة قد أمرت الرسول صلّى الله عليه وسلّم خمس مرات، أن يخاطب المشركين بما يقطع عليهم كل طريق للتشكيك في شأن دعوته، وبما يوصلهم إلى طريق الهداية والسعادة لو كانوا يعقلون:

وأخيرا نرى سورة «سبأ» تختتم بهذه الآيات، التي تصور تصويرا مؤثرا، حالة الكافرين عند ما يخرجون من قبورهم للبعث والحساب، يعلوهم الهلع والفزع، ويحال بينهم وبين ما يشتهون، لأن توبتهم جاءت في غير أوانها ... قال- تعالى-:

وقوله : ( قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي ) أي : الخير كله من عند الله ، وفيما أنزله الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد ، ومن ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه ، كما قال عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، لما سئل عن تلك المسألة في المفوضة : أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه .

وقوله : ( إنه سميع قريب ) أي : سميع لأقوال عباده ، قريب مجيب دعوة الداعي إذا دعاه . وقد روى النسائي هاهنا حديث أبي موسى الذي في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنما تدعون سميعا " قريبا مجيبا " .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50)

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لقومك: إن ضللت عن الهدى فسلكت غير طريق الحق، إنما ضلالي عن الصواب على نفسي، يقول: فإن ضلالي عن الهدى على نفسي ضره، (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ) يقول: وإن استقمت على الحق (فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) يقول: فبوحي الله الذي يوحِي إلي، وتوفيقه للاستقامة على محجة الحق وطريق الهدى.

وقوله (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) يقول: إن ربي سميع لما أقول لكم حافظ له، وهو المجازي لي على صدقي في ذلك، وذلك مني غير بعيد، فيتعذر عليه سماع &; 20-421 &; ما أقول لكم، وما تقولون، وما يقوله غيرنا، ولكنه قريب من كل متكلم يسمع كل ما ينطق به، أقرب إليه من حبل الوريد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[50] ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ استعذ بالله من الضلال.
تفاعل
[50] ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ ادعُ الله الآن أن يهديك إلى الصراط المستقيم.
تفاعل
[50] ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ قل: «اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي».
وقفة
[50] ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ حتی اهتداء النبي ﷺ بفضل ربه، فكيف يفتخر أحد بهدايته، وينسبها لفضله؟!
وقفة
[50] ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ سبب هدايتك هو اتباع الوحي، وتستطيع قياس مقدار هدايتك بحسب ما اتبعت من وحي ربك.
وقفة
[50] ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ القرآن هو مادة الهداية والاستقامة، به يهتدي العبد للحق وطريق الصلاح والفلاح.
عمل
[50] ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ حتى الرسول ﷺ هدايته كانت بالوحي؛ فعليك بطريقته لتنجو.
وقفة
[50] يا من تريد الهداية هنا مكانها، فعليك بهذا النور والضياء فهو الحياة ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾.
وقفة
[50] ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ علمك بصفتي الله سبحانه: (السميع) و(القريب) يدعوك إلى استشعار إجابة الله لك وقربه منك.
عمل
[50] ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ تذكر كلمة محرمة قلتها ثم استغفر الله تعالى منها.
وقفة
[50] ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ سميع لمن دعاه، وقريب ممن ناجاه، ولا يخيب من رجاه، فكيف يتأخر عنه مولاه؟!
وقفة
[50] ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ يسمع حتى تمتمات صدرك قبل أن تترجمها حروفك الشاكية وقريب منك، أقرب من كل المقربين لك.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ:
  • أعربت. ان: حرف شرط‍ جازم. ضللت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فَإِنَّما أَضِلُّ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بإن مقترن بالفاء في محل جزم بان. الفاء: واقعة في جواب الشرط‍. انما: كافة ومكفوفة. أضل:فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.
  • ﴿ عَلى نَفْسِي:
  • جار ومجرور متعلق بأضل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما:
  • معطوفة بالواو على إِنْ ضَلَلْتُ» وتعرب اعرابها.وكسرت نون «إن» لالتقاء الساكنين. الفاء رابطة لجواب الشرط‍.الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء أي فبسبب ما فحذف الجار والمجرور وحل المضاف اليه محله. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية
  • ﴿ يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.الى: جار ومجرور متعلق بيوحي. ربي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: فبما يوحيه الى ربي. وان أعربت «ما» مصدرية كانت جملة يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي» صلتها لا محل لها من الاعراب و «ما» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق باهتديت.
  • ﴿ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل تفيد التعليل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «انّ».سميع قريب:خبر بعد خبر لانّ مرفوعان بالضمة. ويجوز أن يكون «قريب» نعتا لسميع.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد الدَّعوةِ إلى التَّفكُّرِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّ من ضَلَّ فضررُ ذلك عائدٌ عليه، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ضللت:
1- بفتح اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر اللام وفتح الضاد، وهى لغة تميم، وبها قرأ الحسن، وابن وثاب، وعبد الرحمن المقرئ.

مدارسة الآية : [51] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا ..

التفسير :

[51] ولو ترى -أيها الرسول- إذ فَزِعَ الكفار حين معاينتهم عذاب الله، لرأيت أمراً عظيماً، فلا نجاة لهم ولا مهرب، وأُخذوا إلى النار من موضع قريب التناول.

يقول تعالى{ وَلَوْ تَرَى} أيها الرسول, ومن قام مقامك, حال هؤلاء المكذبين،{ إِذْ فَزِعُوا} حين رأوا العذاب, وما أخبرتهم به الرسل, وما كذبوا به, لرأيت أمرا هائلا, ومنظرا مفظعا, وحالة منكرة, وشدة شديدة, وذلك حين يحق عليهم العذاب.

فليس لهم عنه مهرب ولا فوت{ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} أي:ليس بعيدا عن محل العذاب, بل يؤخذون, ثم يقذفون في النار.

وجواب لَوْ محذوف. وكذلك مفعول تَرى. والفزع: حالة من الخوف والرعب تعترى الإنسان عند ما يشعر بما يزعجه ويخيفه. والفوت: النجاة والمهرب.

وهذا الفزع للكافرين يكون عند خروجهم من قبورهم للبعث والحساب، أو عند قبض أرواحهم.

أى: ولو ترى- أيها العاقل- حال الكافرين، وقت خروجهم من قبورهم للحساب، وقد اعتراهم الفزع والهلع.. لرأيت شيئا هائلا، وأمرا عظيما ...

وقوله فَلا فَوْتَ أى: فلا مهرب لهم ولا نجاة يومئذ من الوقوف بين يدي الله- تعالى- للحساب، ولمعاقبتهم على كفرهم وجحودهم ...

وقوله: وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ معطوف على فَزِعُوا أى: فزعوا دون أن ينفعهم هذا الفزع، وأخذوا ليلقوا مصيرهم السيئ من مكان قريب من موقف الحساب.

قال الآلوسى: والمراد بذكر قرب المكان، سرعة نزول العذاب بهم والاستهانة بهم وبهلاكهم، وإلا فلا قرب ولا بعد بالنسبة إلى الله- عز وجل- ... » .

يقول تعالى : ولو ترى - يا محمد - إذ فزع هؤلاء المكذبون يوم القيامة ، ( فلا فوت ) أي : فلا مفر لهم ، ولا وزر ولا ملجأ ( وأخذوا من مكان قريب ) أي : لم يكونوا يمنعون في الهرب بل أخذوا من أول وهلة .

قال الحسن البصري : حين خرجوا من قبورهم .

وقال مجاهد ، وعطية العوفي ، وقتادة : من تحت أقدامهم .

وعن ابن عباس والضحاك : يعني : عذابهم في الدنيا .

وقال عبد الرحمن بن زيد : يعني : قتلهم يوم بدر .

والصحيح : أن المراد بذلك يوم القيامة ، وهو الطامة العظمى ، وإن كان ما ذكر متصلا بذلك .

وحكى ابن جرير عن بعضهم قال : إن المراد بذلك جيش يخسف بهم بين مكة والمدينة في أيام بني العباس ، ثم أورد في ذلك حديثا موضوعا بالكلية . ثم لم ينبه على ذلك ، وهذا أمر عجيب غريب منه

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ولو ترى يا محمد إذ فزعوا.

واختلف أهل التأويل في المعنيين بهذه الآية؛ فقال بعضهم: عُنِي بها هؤلاء المشركون الذين وصفهم تعالى ذكره بقوله وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ قال: وعُنِي بقوله ( إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) عند نـزول نقمة الله بهم في الدنيا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ ...) الى آخر الآية، قال: هذا من عذاب الدنيا.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) قال: هذا عذاب الدنيا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَلَوْ تَرَى إِذْ فُزِعُوا فَلا فَوْتَ ...) إلى آخر السورة، قال: هؤلاء قتلى المشركين من أهل بدر، نـزلت فيهم هذه الآية، قال: وهم الذين بدلوا نعمة الله كفرًا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم، أهل بدر من المشركين.

&; 20-422 &; وقال آخرون: عنى بذلك جيش يخسف بهم ببيداء من الأرض.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد قال: ثنا يعقوب عن جعفر عن سعيد في قوله ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ ) قال: هم الجيش الذي يخسف بهم بالبيداء، يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه.

حدثنا عصام بن روَّاد بن الجراح قال: ثنا أَبي قال: ثنا سفيان بن سعيد قال: ثني منصور بن المعتمرِ عن رِبْعيِّ بن حِراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال: فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فورة ذلك، حتى ينـزل دمشق، فيبعث جيشين؛ جيشًا إلى المشرق، وجيشًا إلى المدينة، حتى ينـزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويبقرون بها أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس، ثم ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين إلى الشأم، فتخرج راية هذا من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش منها على الفئتين، فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم ، ويخلي جيشه التالي بالمدينة، فينهبونها ثلاثة أيام ولياليها، ثم يخرجون متوجهين إلى مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء، بعث الله جبريل، فيقول: يا جبرائيل اذهب فأبدهم، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم، فذلك قوله في سورة سبأ (وَلَوْ تَرَى إِذْ فُزِعُوا فَلا فَوْتَ ...) الآية، ولا ينفلت منهم إلا رجلان؛ أحدهما بشير والآخر نذير، وهما من جهينة، فلذلك جاء القول:

... ... ... ... ... ...

وَعِنْــدَ جُهَينَــةَ الْخَــبَرُ اليَقِيــنُ (1)

حدثنا محمد بن خلف العسقلاني قال: سألت رواد بن الجراح، عن الحديث الذي حدث به عنه، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن ربعى عن حذيفة، عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، عن قصة ذكرها في الفتن، قال: فقلت له: أخبرني عن هذا الحديث سمعته من سفيان الثوري؟ قال: لا قلت: فقرأته عليه؟ قال: لا قلت: فقرئ عليه وأنت حاضر؟ قال: لا قلت: فما قصته فما خبره؟ قال: جاءني قوم فقالوا: معنا حديث عجيب، أو كلام هذا معناه، نقرؤه وتسمعه، قلت لهم: هاتوه، فقرءوه عليَّ ، ثم ذهبوا فحدثوا به عني، أو كلام هذا معناه.

قال أَبو جعفر: وقد حدثني ببعض هذا الحديث محمد بن خلف، قال: ثنا عبد العزيز بن أبان، عن سفيان الثوري، عن منصور عن ربعى عن حذيفة عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، حديثا طويلا قال: رأيته في كتاب الحسين بن علي الصدائي، عن شيخ عن رواد عن سفيان بطوله.

وقال آخرون: بل عني بذلك المشركون إذا فزعوا عند خروجهم من قبورهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة عن الحسن قوله &; 20-424 &; (وَلَوْ تَرَى إِذْ فُزِعُوا) قال: فزعوا يوم القيامة حين خرجوا من قبورهم.

وقال قتادة: ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) حين عاينوا عذاب الله.

حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير عن عطاء عن ابن معقل ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ ) قال: أفزعهم يوم القيامة فلم يفوتوا.

والذي هو أولى بالصواب في تأويل ذلك، وأشبه بما دل عليه ظاهر التنـزيل قول من قال: وعيد الله المشركين الذين كذبوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قومه، لأن الآيات قبل هذه الآية جاءت بالإخبار عنهم وعن أسبابهم، وبوعيد الله إياهم مغبته، وهذه الآية في سياق تلك الآيات، فلأن يكون ذلك خبرًا عن حالهم أشبه منه بأن يكون خبرًا لما لم يجر له ذكر. وإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: ولو ترى يا محمد هؤلاء المشركين من قومك، فتعاينهم حين فزعوا من معاينتهم عذاب الله (فَلا فَوتَ) يقول: فلا سبيل حينئذٍ أن يفوتوا بأنفسهم، أو يعجزونا هربًا، وينجوا من عذابنا.

كما حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ ) يقول: فلا نجاة.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال: ثنا مروان عن جويبر عن الضحاك في قوله ( وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ) قال: لا هرب.

وقوله (وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) يقول: وأخذهم الله بعذابه من موضع قريب، لأنهم حيث كانوا من الله قريب لا يبعدون عنه.

التدبر :

وقفة
[51] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ مشهد فزع الكفار يوم القيامة مشهد عظيم.
وقفة
[51] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ وهذا الفزع للكافرين يكون عند خروجهم من قبورهم للبعث والحساب، أو عند قبض أرواحهم، وقوله: (فَلَا فَوْتَ) أي: فلا مهرب لهم ولا نجاة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ تَرى:
  • الواو استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. ترى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجواب «لو» محذوف. بمعنى ولو ترى حين فزعوا لرأيت أمرا عظيما وحالا هائلة. بمعنى لو عاينت وشاهدت.
  • ﴿ إِذْ فَزِعُوا:
  • ظرف زمان مبني على السكون بمعنى «حين» في محل نصب متعلق بترى. أو تكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به للفعل «ترى» فزعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «فزعوا» في محل جر بالاضافة بمعنى حين يفزعون عند الصيحة أي البعث. يقول الزمخشري:لو .. إذ .. والأفعال: فزعوا .. أخذوا .. حيل بينهم كلها للمضي.والمراد بها الاستقبال لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه
  • ﴿ فَلا فَوْتَ:
  • الفاء استئنافية. تفيد التعليل. لا: نافية للجنس تعمل عمل «إن» فوت: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا التقدير: فلا فوت لهم أي فلا فوت كائن لهم بمعنى فلا يفوتون الله ولا يسبقونه. أي لا مهرب لهم أو تحصن
  • ﴿ وَأُخِذُوا:
  • معطوفة بالواو على «فزعوا» أو على «لا فوت» على معنى: اذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا. وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ:
  • جار ومجرور متعلق بأخذوا. قريب: صفة-نعت- لمكان مجرورة مثلها بمعنى أخذوا من وقفتهم يوم الفزع الاكبر الى النار'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     وبعد أن أبطلَ اللهُ شبههم، ورَدَّ عليهم؛ هَدَّدَهم هنا بشديد العقاب إن هم أصروا على عنادهم واستكبارهم، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فلا فوت وأخذوا:
1- فوت، مبنى على الفتح، و «أخذوا» فعلا ماضيا مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فلا فوت وأخذ، مصدرين منونين، وهى قراءة عبد الرحمن، مولى بنى هاشم، عن أبيه، وطلحة.
3- فلا فوت، مبنيا، و «أخذ» مصدرا منونا، وهى قراءة أبى.

مدارسة الآية : [52] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ ..

التفسير :

[52] وقال الكفار -عندما رأوا العذاب في الآخرة-:آمنا بالله وكتبه ورسله، وكيف لهم تناول الإيمان في الآخرة ووصولهم له من مكان بعيد؟ قد حيل بينهم وبينه، فمكانه الدنيا، وقد كفروا فيها.

{ وَقَالُوا} في تلك الحال:{ آمَنَّا} بالله وصدقنا ما به كذبنا{ و} لكن{ أَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} أي:تناول الإيمان{ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} قد حيل بينهم وبينه, وصار من الأمور المحالة في هذه الحالة، فلو أنهم آمنوا وقت الإمكان, لكان إيمانهم مقبولا، ولكنهم{ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ}

وَقالُوا آمَنَّا بِهِ أى: وقال هؤلاء الكافرون عند ما رأوا العذاب المعد لهم في الآخرة:

آمنا بالله- تعالى- وبأنه هو الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا معبود بحق سواه، وآمنا بهذا الدين الذي جاءنا به رسوله محمد صلّى الله عليه وسلم.

وقوله- سبحانه-: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ بيان لعدم انتفاعهم بما قالوه من إظهار الإيمان في هذا الوقت.

والتناوش: التناول. يقال: فلان ناش الشيء ينوشه نوشا إذا تناوله. ومنه قولهم:

تناوشوا بالرماح، أى: تناول بعضهم بعضا بها.

أى: لقد قالوا بعد البعث آمنا بهذا الدين، ومن أين لهم في الآخرة تناول الإيمان والتوبة من الكفر، وكان ذلك قريبا منهم في الدنيا فضيعوه، وكيف يظفرون به في الآخرة وهي بعيدة عن دار الدنيا التي هي محل قبول الإيمان.

فالجملة الكريمة تمثيل لحالهم في طلب الخلاص بعد أن فات أوانه، وأن هذا الطلب في نهاية الاستبعاد كما يدل عليه لفظ أَنَّى.

قال صاحب الكشاف: والتناوش والتناول أخوان. إلا أن التناوش تناول سهل لشيء قريب ...

وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون، وهو أن ينفعهم إيمانهم في هذا الوقت، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا. مثلت حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة- أى: من مكان بعيد-، كما يتناوله الآخر من قيس ذراع تناولا سهلا لا تعب فيه ... » .

( وقالوا آمنا به ) أي : يوم القيامة يقولون : آمنا بالله وبكتبه ورسله ، كما قال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] ; ولهذا قال تعالى : ( وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) أي : وكيف لهم تعاطي الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم وصاروا إلى الدار الآخرة ، وهي دار الجزاء لا دار الابتلاء ، فلو كانوا آمنوا في الدنيا لكان ذلك نافعهم ، ولكن بعد مصيرهم إلى الدار الآخرة لا سبيل لهم إلى قبول الإيمان ، كما لا سبيل إلى حصول الشيء لمن يتناوله من بعيد .

قال مجاهد : ( وأنى لهم التناوش ) قال : التناول لذلك .

وقال الزهري : التناوش : تناولهم الإيمان وهم في الآخرة ، وقد انقطعت عنهم الدنيا .

وقال الحسن البصري : أما إنهم طلبوا الأمر من حيث لا ينال ، تعاطوا الإيمان من مكان بعيد .

وقال ابن عباس : طلبوا الرجعة إلى الدنيا والتوبة مما هم فيه ، وليس بحين رجعة ولا توبة . وكذا قال محمد بن كعب القرظي ، رحمه الله .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)

يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون حين عاينوا عذاب الله: آمنَّا به، يعني: آمنَّا بالله وبكتابه ورسوله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) قالوا: آمنَّا بالله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) عند ذلك، يعني: حين عاينوا عذاب الله.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) بعد القتل، وقوله (وأنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) يقول: ومن أي وجه لهم التناوش.

واختلفت قراء الأمصار في ذلك؛ فقرأته عامة قراء المدينة (التَّنَاوُشُ) بغير همز، بمعنى: التناول، وقرأته عامة قراء الكوفة والبصرة: (التَّنَاؤُشُ) بالهمز، بمعنى: التنؤُّش، وهو الإبطاء، يقال منه: تناءشت الشيء: أخذته من بعيد، ونشته: أخذته من قريب، ومن التنؤش قول الشاعر:

تَمَنَّــى نَئِيشًـا أنْ يَكـونَ أطَـاعَني

وقــدْ حَـدَثَتْ بَعْـدَ الأمُـورِ أمُـورُ (2)

ومن النوش قول الراجز:

فَهـيَ تَنُـوشُ الحَـوضَ نَوشًا مِن عَلا

نَوشًــا بِــهِ تَقْطَـعُ أجْـوَازَ الفَـلا (3)

ويقال للقوم في الحرب، إذا دنا بعضهم إلى الرماح ولم يتلاقوا: قد تناوش القوم.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراء الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن معنى ذلك: وقالوا آمنا بالله، في حين لا ينفعهم قيل ذلك، فقال الله (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) أي: وأين لهم التوبة والرجعة، أي: قد بعدت عنهم، فصاروا منها كموضع بعيد أن يتناولوها، وإنما وصفت ذلك الموضع بالبعيد، لأنهم قالوا: ذلك في القيامة فقال الله: أنى لهم بالتوبة المقبولة، والتوبة المقبولة إنما كانت في الدنيا، وقد ذهبت الدنيا فصارت بعيدًا من الآخرة، فبأي القراءتين اللتين ذكرت قرأ القارئ فمصيب الصواب في ذلك.

وقد يجوز أن يكون الذين قرءوا ذلك بالهمز همزوا وهم يريدون معنى من لم يهمز، ولكنهم همزوه لانضمام الواو فقلبوها، كما قيل: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ فجعلت الواو من وقتت إذا كانت مضمومة همزوه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أَبو كريب قال: ثنا ابن عطية قال: ثنا إسرائيل عن أَبي إسحاق عن التميمي قال: قلت لابن عباس: أرأيت قول الله (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: يسألون الرد وليس بحين رد.

حدثنا ابن حميد قال: ثنا حكام عن عنبسة عن أَبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس نحوه.

حدثني علي، قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) يقول: فكيف لهم بالرد.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: الرد.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: التناوب (مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) قال: هؤلاء قتلى أهل &; 20-428 &; بدر من قتل منهم، وقرأ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ ... الآية، قال: التناوش: التناول، وأنى لهم تناول التوبة من مكان بعيد وقد تركوها في الدنيا، قال: وهذا بعد الموت في الآخرة.

قال: وقال ابن زيد في قوله (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) بعد القتل (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) وقرأ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ قال: ليس لهم توبة، وقال: عرض الله عليهم أن يتوبوا مرة واحدة، فيقبلها الله منهم، فأبوا، أو يعرضون التوبة بعد الموت، قال: فهم يعرضونها في الآخرة خمس عرضات، فيأبى الله أن يقبلها منهم، قال: والتائب عند الموت ليست له توبة وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ... الآية، وقرأ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ .

حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال: ثنا مروان عن جويبر عن الضحاك فى قول (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: وأنَّى لهم الرجعة.

وقوله (مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) يقول: من آخرتهم إلى الدنيا.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) من الآخرة إلى الدنيا.

التدبر :

وقفة
[52] ﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ أنى لهم تناول الإيمان وتعاطيه، وقد صاروا في مكان بعيد عن الدنيا، فبالموت انتهى كل شيء، ورأوا ما كانوا يكفرون به رأي العين، فلم يعد هناك فرصة للإيمان، هيهات هيهات.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو استئنافية. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ آمَنّا بِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به مقول القول-آمن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون -ضمير المتكلمين-في محل رفع فاعل. به: جار ومجرور متعلق بآمنا. أي آمنا بمحمد.
  • ﴿ وَأَنّى لَهُمُ:
  • الواو استئنافية. أنى: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان بمعنى «ومن أين» متعلق بخبر مقدم محذوف اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار المجرور متعلق بالخبر المحذوف.
  • ﴿ التَّناوُشُ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى: ومن أين لهم تناول الايمان في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا.
  • ﴿ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بالتناوش ويجوز أن يكون في محل رفع صفة له. بعيد صفة-نعت-لمكان مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.بمعنى تناول الايمان الذي بعد عنهم ولا نفع فيه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     وبعد تهديدهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنهم حين معاينة العذاب يقولون آمنا بالرسول، وأنَّى لهم ذلك وقد فات الأوان؟! فلا إيمان ينفع حينئذٍ، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

التناوش:
1- بالواو، وهى قراءة الجمهور.
2- بالهمز، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وأبى عمرو، وأبى بكر.

مدارسة الآية : [53] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ ..

التفسير :

[53] وقد كفروا بالحق في الدنيا، وكذبوا الرسل، ويرمون بالظن من جهة بعيدة عن إصابة الحق، ليس لهم فيها مستند لظنهم الباطل، فلا سبيل لإصابتهم الحق، كما لا سبيل للرامي إلى إصابة الغرض من مكان بعيد.

أي:يرمون{ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} بقذفهم الباطل, ليدحضوا به الحق، ولكن لا سبيل إلى ذلك, كما لا سبيل للرامي, من مكان بعيد إلى إصابة الغرض، فكذلك الباطل, من المحال أن يغلب الحق أو يدفعه, وإنما يكون له صولة, وقت غفلة الحق عنه, فإذا برز الحق, وقاوم الباطل, قمعه.

وقوله- سبحانه- وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ أى: قالوا آمنا بأن يوم القيامة حق، والحال أنهم قد كفروا به من قبل في الدنيا، عند ما دعاهم إلى الإيمان به رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

وقوله- تعالى-: وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ بيان لما كانوا عليه في الدنيا من سفاهة في القول، وجرأة في النطق بالباطل، وفيما لا علم لهم به.

والعرب تقول لكل من تكلم فيما لا يعلمه: هو يقذف ويرجم بالغيب، والجملة الكريمة معطوفة على قوله: وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ.

أى: لقد كفروا بهذا الدين في الدنيا، وكانوا ينطقون بأقوال لا علم لهم بها، وبينها وبين الحق والصدق مسافات بعيدة. فقد نسبوا إلى الله- تعالى- الولد والشريك، ويقولون في الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنه ساحر ... ، وفي شأن البعث: إنه لا حقيقة له، وفي شأن القرآن: إنه أساطير الأولين.

فالمقصود بالآية تقريعهم وتجهيلهم، على ما كانوا يتفوهون به من كلام ساقط، بينه وبين الحقيقة مسافات بعيدة.

وقوله : ( وقد كفروا به من قبل ) أي : كيف يحصل لهم الإيمان في الآخرة ، وقد كفروا بالحق في الدنيا وكذبوا بالرسل ؟

( ويقذفون بالغيب من مكان بعيد ) : قال مالك ، عن زيد بن أسلم : ( ويقذفون بالغيب ) قال : بالظن .

قلت : كما قال تعالى : ( رجما بالغيب ) [ الكهف : 22 ] ، فتارة يقولون : شاعر . وتارة يقولون : كاهن . وتارة يقولون : ساحر . وتارة يقولون : مجنون . إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة ، ويكذبون بالغيب والنشور والمعاد ، ويقولون : ( إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين ) [ الجاثية : 32 ] .

قال قتادة : يرجمون بالظن ، لا بعث ولا جنة ولا نار .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)

يقول تعالى ذكره: (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) يقول: وقد كفروا بما يسألونه ربهم عند نـزول العذاب بهم، ومعاينتهم إياه من الإقالة له، وذلك الإيمان بالله وبمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وبما جاءهم به من عند الله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) : أي بالإيمان في الدنيا.

وقوله ( وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) يقول: وهم اليوم يقذفون بالغيب محمدًا من مكان بعيد، يعني أنهم يرجمونه، وما أتاهم من كتاب الله بالظنون والأوهام، فيقول بعضهم: هو ساحر، وبعضهم شاعر، وغير ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله ( وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) قال: قولهم ساحر بل هو كاهن بل هو شاعر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) أي: يرجمون بالظن، يقولون: لا بعث ولا جنة ولا نار.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) قال: بالقرآن.

التدبر :

وقفة
[53] ﴿وَقَد كَفَروا بِهِ مِن قَبلُ وَيَقذِفونَ بِالغَيبِ مِن مَكانٍ بَعيدٍ﴾ بينهم وبين الصدق والحق مسافات ومسافات.
وقفة
[53] لا ينفعهم إيمانهم بعد موتهم، وسبب كفرهم: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾ عکس (يؤمنون بالغيب)، والقذف بالغيب، معناه أن يقول العبد ما لا يعلمه.
وقفة
[53] ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ بقذفهم الباطل؛ ليدحضوا به الحق، ولكن لا سبيل إلى ذلك؛ كما لا سبيل للرامي من مكان بعيد إلى إصابة الغرض، فكذلك الباطل من المحال أن يغلب الحق أو يدفعه، وإنما يكون له صولة وقت غفلة الحق عنه، فإذا برز الحق وقاوم الباطل قمعه.
وقفة
[53] ﴿مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ تشير إلى أنهم لم يحاولوا الاقتراب من الحق ليتعرفوا عليه ويهتدوا به، وهذا دلیل سفاهة آرائهم وخلل عقولهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ:
  • الواو حالية. والجملة بعدها في محل نصب حال. قد:حرف تحقيق. كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به: جار ومجرور متعلق بكفروا.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بكفروا.
  • ﴿ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ:
  • الواو عاطفة. يقذفون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة معطوفة على قَدْ كَفَرُوا» على حكاية الحال الماضية. بالغيب: جار ومجرور متعلق بيقذفون أو بحال من ضمير «يقذفون» ويجوز أن يتعلق بقوله: وقالوا آمنا به. بمعنى:وكانوا يتكلمون بالغيب. ويأتون به. أو ويرجمون بالظن أي الشيء الغائب. بمعنى ظنا بالغيب.
  • ﴿ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بيقذفون. أو يكون متعلقا بحال محذوفة بمعنى ويأتون بالغيب من مكان بعيد. أو يجوز أن يكون في محل جر صفة-نعتا-للغيب. بعيد: صفة-نعت-لمكان مجرور مثلها وعلامة جرها الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أن إيمانهم لا ينفع؛ بَيَّنَ هنا السبب، وهو أنهم كفروا به في الدنيا، فقد ذهب الامتحان وظهرت النتائج، قال تعالى:
﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويقذفون:
1- بالبناء للفاعل، حكاية حال متقدمة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالبناء للمفعول، وهى قراءة مجاهد، وأبى حيوة، ومحبوب عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [54] :سبإ     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ..

التفسير :

[54] وحيل بين الكفار وما يشتهون من التوبة والعودة إلى الدنيا ليؤمنوا، كما فعل الله بأمثالهم من كفرة الأمم السابقة، إنهم كانوا في الدنيا في شَكٍّ من أمر الرسل والبعث والحساب، مُحْدِث للريبة والقلق، فلذلك لم يؤمنوا.

{ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الشهوات واللذات, والأولاد, والأموال, والخدم, والجنود، قد انفردوا بأعمالهم, وجاءوا فرادى, كما خلقوا, وتركوا ما خولوا, وراء ظهورهم،{ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ} من الأمم السابقين, حين جاءهم الهلاك, حيل بينهم وبين ما يشتهون،{ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} أي:محدث الريبة وقلق القلب فلذلك, لم يؤمنوا, ولم يعتبوا حين استعتبوا.

تم تفسير سورة سبأ - وللّه الحمد والمنة, والفضل, ومنه العون, وعليه التوكل, وبه الثقة.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان حرمانهم التام مما يشتهونه فقال:وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ.

وقوله حِيلَ فعل مبنى للمجهول مأخوذ من الحول بمعنى المنع والحجز. تقول حال الموج بيني وبين فلان. أى: منعني من الوصول إليه، ومنه قوله- تعالى-: وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ.

أى: وحجز وفصل بين هؤلاء المشركين يوم القيامة وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ ويتمنون من قبول إيمانهم في هذا اليوم، أو من العفو عنهم في هذا اليوم، أو من العفو عنهم ورجوعهم إلى الدنيا.. حيل بينهم وبين كل ذلك، كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ أى: كما هو الحال بالنسبة لأمثالهم ونظرائهم الذين سبقوهم في الكفر.

إِنَّهُمْ كانُوا جميعا على نمط واحد فِي شَكٍّ من أمر هذا الدين مُرِيبٍ أى:

موقع في الريبة.

وبعد: فهذا تفسير وسيط لسورة «سبأ» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

وقوله : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) : قال الحسن البصري ، والضحاك ، وغيرهما : يعني : الإيمان .

وقال السدي : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) وهي : التوبة . وهذا اختيار ابن جرير ، رحمه الله .

وقال مجاهد : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) من هذه الدنيا ، من مال وزهرة وأهل . وروي [ ذلك ] عن ابن عباس وابن عمر والربيع بن أنس . وهو قول البخاري وجماعة . والصحيح : أنه لا منافاة بين القولين; فإنه قد حيل بينهم وبين شهواتهم في الدنيا وبين ما طلبوه في الآخرة ، فمنعوا منه .

وقد ذكر ابن أبي حاتم هاهنا أثرا غريبا [ عجيبا ] جدا ، فلنذكره بطوله فإنه قال : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا بشر بن حجر السامي ، حدثنا علي بن منصور الأنباري ، عن الشرقي بن قطامي ، عن سعيد بن طريف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قول الله عز وجل : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) إلى آخر الآية ، قال : كان رجل من بني إسرائيل فاتحا - أي فتح الله له مالا - فمات فورثه ابن له تافه - أي : فاسد - فكان يعمل في مال الله بمعاصي الله . فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعذلوه ولاموه ، فضجر الفتى فباع عقاره بصامت ، ثم رحل فأتى عينا ثجاجة فسرح فيها ماله ، وابتنى قصرا . فبينما هو ذات يوم جالس إذ شملت عليه [ ريح ] بامرأة من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا - أي : ريحا - فقالت : من أنت يا عبد الله ؟ فقال : أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت : فلك هذا القصر ، وهذا المال ؟ قال : نعم . قالت : فهل لك من زوجة ؟ قال : لا . قالت : فكيف يهنيك العيش ولا زوجة لك ؟ قال : قد كان ذلك . فهل لك من بعل ؟ قالت : لا . قال : فهل لك إلى أن أتزوجك ؟ قالت : إني امرأة منك على مسيرة ميل ، فإذا كان غد فتزود زاد يوم وأتني ، وإن رأيت في طريقك هولا فلا يهولنك . فلما كان من الغد تزود زاد يوم ، وانطلق فانتهى إلى قصر ، فقرع رتاجه ، فخرج إليه شاب من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا - أي : ريحا - فقال : من أنت يا عبد الله ؟ فقال : أنا الإسرائيلي . قال فما حاجتك ؟ قال : دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها . قال : صدقت ، قال فهل رأيت في طريقك [ هولا ؟ ] قال : نعم ، ولولا أنها أخبرتني أن لا بأس علي ، لهالني الذي رأيت; أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل ، إذا أنا بكلبة فاتحة فاها ، ففزعت ، فوثبت فإذا أنا من ورائها ، وإذا جراؤها ينبحن في بطنها . فقال له الشاب : لست تدرك هذا ، هذا يكون في آخر الزمان ، يقاعد الغلام المشيخة في مجلسهم ويبزهم حديثهم .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل ، إذا أنا بمائة عنز حفل ، وإذا فيها جدي يمصها ، فإذا أتى عليها وظن أنه لم يترك شيئا ، فتح فاه يلتمس الزيادة . فقال : لست تدرك هذا ، هذا يكون في آخر الزمان ، ملك يجمع صامت الناس كلهم ، حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس الزيادة .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر ، فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر ، فأردت قطعه ، فنادتني شجرة أخرى : " يا عبد الله ، مني فخذ " . حتى ناداني الشجر أجمع : " يا عبد الله ، منا فخذ " . قال : لست تدرك هذا ، هذا يكون في آخر الزمان ، يقل الرجال ويكثر النساء ، حتى إن الرجل ليخطب المرأة فتدعوه العشر والعشرون إلى أنفسهن .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل قائم على عين ، يغرف لكل إنسان من الماء ، فإذا تصدعوا عنه صب في جرته فلم تعلق جرته من الماء بشيء . قال : لست تدرك هذا ، هذا يكون في آخر الزمان ، القاص يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بعنز وإذا بقوم قد أخذوا بقوائمها ، وإذا رجل قد أخذ بقرنيها ، وإذا رجل قد أخذ بذنبها ، وإذا رجل قد ركبها ، وإذا رجل يحلبها . فقال : أما العنز فهي الدنيا ، والذين أخذوا بقوائمها يتساقطون من عيشها ، وأما الذي قد أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقا ، وأما الذي أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه ، وأما الذي ركبها فقد تركها . وأما الذي يحلبها فبخ [ بخ ] ، ذهب ذلك بها .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل ، وإذا أنا برجل يمتح على قليب ، كلما أخرج دلوه صبه في الحوض ، فانساب الماء راجعا إلى القليب . قال : هذا رجل رد الله [ عليه ] صالح عمله ، فلم يقبله .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل ، إذا أنا برجل يبذر بذرا فيستحصد ، فإذا حنطة طيبة . قال : هذا رجل قبل الله صالح عمله ، وأزكاه له .

قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل ، إذا أنا برجل مستلق على قفاه ، قال : يا عبد الله ، ادن مني فخذ بيدي وأقعدني ، فوالله ما قعدت منذ خلقني الله فأخذت بيده ، فقام يسعى حتى ما أراه . فقال له الفتى : هذا عمر الأبعد نفد ، أنا ملك الموت وأنا المرأة التي أتتك . . . أمرني الله بقبض روح الأبعد في هذا المكان ، ثم أصيره إلى نار جهنم قال : ففيه نزلت هذه : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) الآية .

هذا أثر غريب ، وفي صحته نظر ، وتنزيل [ هذه ] الآية عليه وفي حقه بمعنى أن الكفار كلهم يتوفون وأرواحهم متعلقة بالحياة الدنيا ، كما جرى لهذا المغرور المفتون ، ذهب يطلب مراده فجاءه الموت فجأة بغتة ، وحيل بينه وبين ما يشتهي .

وقوله : ( كما فعل بأشياعهم من قبل ) أي : كما جرى للأمم الماضية المكذبة للرسل ، لما جاءهم بأس الله تمنوا أن لو آمنوا فلم يقبل منهم ، ( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر : 84 ، 85 ] .

وقوله : ( إنهم كانوا في شك مريب ) أي : كانوا في الدنيا في شك وريبة ، فلهذا لم يتقبل منهم الإيمان عند معاينة العذاب .

قال قتادة : إياكم والشك والريبة . فإن من مات على شك بعث عليه ، ومن مات على يقين بعث عليه .

آخر تفسير سورة " سبأ " ولله الحمد والمنة .

القول في تأويل قوله تعالى : وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)

يقول تعالى ذكره: وحيل بين هؤلاء المشركين حين فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب، فقالوا: آمنَّا به (وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) حينئذٍ من الإيمان بما كانوا به في الدنيا قبل ذلك يكفرون، ولا سبيل لهم إليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني إسماعيل بن حفص الأبلي قال: ثنا المعتمر عن أَبي الأشهب عن الحسن في قوله (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: حيل بينهم وبين الإيمان بالله.

حدثنا ابن بشار قال: ثنا مؤمل قال: ثنا سفيان عن عبد الصمد قال: سمعت الحسن، وسئل عن هذه الآية (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: حيل بينهم وبين الإيمان.

حدثني ابن أَبي زياد قال: ثنا يزيد قال: ثنا أَبو الأشهب عن الحسن (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: حيل بينهم وبين الإيمان.

حدثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري قال: ثنا أَبو أسامة عن شبل عن ابن أَبي نجيح عن مجاهد (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: من الرجوع إلى الدنيا ليتوبوا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) كان القوم يشتهون طاعة الله أن يكونوا عملوا بها في الدنيا حين عاينوا ما عاينوا.

حدثنا الحسن بن واضح قال: ثنا الحسن بن حبيب قال: ثنا أَبو الأشهب عن الحسن في قوله (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: حيل بينهم وبين الإيمان.

وقال آخرون: معنى ذلك وحيل بينهم وبين ما يشتهون من مال وولد وزهرة الدنيا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، قال: ثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: من مال أو ولد أو زهرة.

حدثني يونس، قال: قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) قال: في الدنيا التي كانوا فيها والحياة. وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك؛ لأن القوم إنما تمنوا حين عاينوا من عذاب الله ما عاينوا، ما أخبر الله عنهم أنهم تمنوه، وقالوا آمنا به فقال الله: وأنى لهم تناوش ذلك من مكان بعيد، وقد كفروا من قبل ذلك في الدنيا. فإذا كان ذلك كذلك فلأن يكون قوله (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) خبرًا عن أنه لا سبيل لهم إلى ما تمنوه أولى من أن يكون خبرًا عن غيره.

وقوله ( كما فعل بأشياعهم من قبل ) يقول: فعلنا بهؤلاء المشركين؛ فحلنا بينهم وبين ما يشتهون من الإيمان بالله عند نـزول سخط الله بهم، ومعاينتهم بأسه، كما فعلنا بأشياعهم على كفرهم بالله من قبلهم من كفار الأمم؛ فلم نقبل منهم إيمانهم في ذلك الوقت، كما لم نقبل في مثل ذلك الوقت من ضربائهم.

والأشياع: جمع شِيعَ، وشِيعَ: جمع شيعة؛ فأشياع جمع الجمع.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح ( كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) قال: الكفار من قبلهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) أي: في الدنيا، كانوا إذا عاينوا العذاب لم يقبل منهم إيمان.

وقوله (إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) يقول تعالى ذكره: وحيل بين هؤلاء المشركين حين عاينوا بأس الله وبين الإيمان؛ إنهم كانوا قبل في الدنيا في شك، من نـزول العذاب الذي نـزل بهم وعاينوه، وقد أخبرهم نبيهم أنهم إن لم ينيبوا مما هم عليه مقيمون من الكفر بالله، وعبادة الأوثان، أن الله مهلكهم، ومحلٌّ بهم عقوبته في عاجل الدنيا، وآجل الآخرة قبل نـزوله بهم، مريب يقول: موجب لصاحبه الذي هو به ما يريبه من مكروه، من قولهم: قد أراب الرجل إذا أتى ريبة وركب فاحشة، كما قال الراجز:

يــا قَـومُ مَـا لِـي وأبَـا ذُؤَيـبِ?

كــنتُ إذَا أتَوْتُــهُ مــن غَيــبِ

يَشُـــمُّ عِطْفِــي وَيُــبُّز ثَــوْبِي

كأنَّمــــا أرَبْتُــــهُ بِـــرَيْبِ (4)

يقول: كأنما أتيت إليه ريبة.

آخر سورة سبأ

التدبر :

وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ أي: حيل بينهم وبين دخول الجنة، وقيل: حيل بينهم وبين الانتفاع بالإيمان حينئذ، وقيل: حيل بينهم وبين نعيم الدنيا والرجوع إليها.
وقفة
[54] تأملوا: ﴿وَحيلَ بَينَهُم وَبَينَ ما يَشتَهونَ﴾ سلم يا رب سلم.
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ إذا جاء الموت، وطويت صحائف الأعمال، ووجدت عِظم ثواب الحسنات وعظم عقاب السيئات، تمنيت أن تسبح تسبيحة واحدة أو تصلي ركعة واحدة فلا تستطيع.
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ من الشهوات واللذات والأولاد والأموال والخدم والجنود، قد انفردوا بأعمالهم وجاءوا فرادى.
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ يا منفقًا بضاعة العمر في مخالفة حبيبه، والبعد عنه، ليس في أعدائك أشد عليك منك !
عمل
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ إذا تحسرت يومًا على أرباح ضائعة أو تجارة خاسرة؛ فاذكر أشد الحسرات: حسرة أهل النار على ما فات من حسنات، وضاع من فرص النجاة، ثم اغتنم ما فات!
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ اشتهوا توبة قبل الرحيل، أمان يوم الحساب، نجاة من سوء العذاب، لكن كفرهم حال بينهم وبين أمنياتهم.
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ تأمل هذه الكلمات يخلع القلب، ويزهد في الدنيا.
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ لا تحملها على ما هو معروف من شهوات الدنيا وزينتها، فإن لها معنى آخر، عن الحسن قال: «الإيمان»، ويظهر من السياق أن هذا عند الموت.
وقفة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ وبعد تأمل في واقع من هو موغل في إلحاد أو نفاق أنه تمر به أوقات يتمنى الرجوع فيها إلى الحق الذي جاءت به الرسل فلا يستطيع.
وقفة
[54] شرب عبد الله بن عمر رضي الله عنهم ماء باردًا، فبكى فاشتد بكاؤه، فقيل له: ما يبكيك؟! قال: ذكرت آية في كتاب الله: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾، فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد، وقد قال الله عز وجل: ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ﴾ [الأعراف: 50].
وقفة
[54] وأعظم العذاب أن يُمنع الإنسان عن مراده؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾، فكان هذا أجمع عبارة لعقوبات أهل جهنم.
وقفة
[54] موتٌ وفوتٌ: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ فسرها بعض السلف: بأنهم اشتهوا التوبة ساعة الرحيل، قال الحسن البصري: اتق الله يا ابن آدم، لا يجتمع عليك خصلتان: سكرة الموت، وحسرة الفوت.
عمل
[54] صلِّ وتصدَّقْ وسبِّح واقرأ قبل أن تشتَهي ذلك فيحالُ بينك وبينه، فليس في القبرِ فرصةٌ للعملِ، لا مسجدَ للصلاةِ ولا مصحفَ للقراءةِ ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾.
وقفة
[54] أهل النار أطلقوا العنان لشهواتهم فكان مصيرهم ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون﴾، وأهل الجنة ألجموا شهواتهم فكانت الجائزة: ﴿ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم﴾ [فصلت: 31].
وقفة
[54] ما أشده من موقف: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾! اللهم إنا نعوذ بك أن نكون منهم.
لمسة
[54] ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ﴾ وفائدة هذا التشبيه: تذكير الأحياء منهم -هم مشركو أهل مكة- بما حل بالأمم من قبلهم؛ ليُوقنوا أن سنة الله واحدة، وأنهم لا تنفعهم أصنامهم التي زعموها شفعاء عند الله.

الإعراب :

  • ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ:
  • الواو: استئنافية. حيل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح يراد به الاستقبال وقد شرح السبب في الآية الحادية والخمسين.بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية في محل رفع نائب فاعل للفعل «حيل» وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى حال الله بينهم.
  • ﴿ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ:
  • معطوفة بالواو على «بين» الأولى وتعرب إعرابها.ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة، يشتهون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يشتهون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: وبين ما يشتهونه من النجاة. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يشتهون» صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ كَما فُعِلَ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة لمصدر-مفعول مطلق-محذوف بمعنى وحيل بينهم حولا أو حئولا أو حيلولة مثل ما فعل لأن «حيل» من حال يحول: بمعنى: حجز واعترض.ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. فعل: فعل ماض مبني على الفتح مبني للمجهول. والجملة من الفعل ونائب الفاعل: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ما».
  • ﴿ بِأَشْياعِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي بأشباههم من الكفرة. والكلمة جمع: شيعة: بمعنى:حزب أو طائفة.
  • ﴿ مِنْ قَبْلُ:
  • حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بفعل أو في محل جر صفة-نعت- للأشياع. بمعنى كفرة الاحزاب من قبلهم.
  • ﴿ إِنَّهُمْ كانُوا:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» الواو ضمير متصل لاتصاله بواو الجماعة.والألف فارقة. والجملة الفعلية «كانوا» في شك مريب في محل رفع خبر «إنّ».
  • ﴿ فِي شَكٍّ مُرِيبٍ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان» مريب: صفة-نعت- لشك مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. بمعنى في شك في التوحيد يشك فيه أي موقع في الريبة وهي الشك.'

المتشابهات :

سبإ: 54﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ
هود: 110﴿وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
فصلت: 45﴿مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
الشورى: 14﴿مِنۢ بَعۡدِهِمۡ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أن إيمانهم لا ينفع؛ بَيَّنَ هنا حرمانَهم من التوبة والعودة إلى الدنيا ليؤمنوا، ثم بَيَّنَ أن هذه سنته في أمثالهم ممن كذبوا الرسل، قال تعالى:
﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [1] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ..

التفسير :

[1] الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، خالقِ السموات والأرض ومبدعِهما، جاعلِ الملائكة رسلاً إلى مَن يشاء من عباده، وفيما شاء مِن أمره ونهيه، ومِن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة مثنى وثلاث

يمدح الله تعالى نفسه الكريمة المقدسة، على خلقه السماوات والأرض، وما اشتملتا عليه من المخلوقات، لأن ذلك دليل على كمال قدرته، وسعة ملكه، وعموم رحمته، وبديع حكمته، وإحاطة علمه.

ولما ذكر الخلق، ذكر بعده ما يتضمن الأمر، وهو:أنه{ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} في تدبير أوامره القدرية، ووسائط بينه وبين خلقه، في تبليغ أوامره الدينية.

وفي ذكره أنه جعل الملائكة رسلا، ولم يستثن منهم أحدا، دليل على كمال طاعتهم لربهم وانقيادهم لأمره، كما قال تعالى:{ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}

ولما كانت الملائكة مدبرات بإذن اللّه، ما جعلهم اللّه موكلين فيه، ذكر قوتهم على ذلك وسرعة سيرهم، بأن جعلهم{ أُولِي أَجْنِحَةٍ} تطير بها، فتسرع بتنفيذ ما أمرت به.{ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} أي:منهم من له جناحان وثلاثة وأربعة، بحسب ما اقتضته حكمته.

{ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} أي:يزيد بعض مخلوقاته على بعض، في صفة خلقها، وفي القوة، وفي الحسن، وفي زيادة الأعضاء المعهودة، وفي حسن الأصوات، ولذة النغمات.

{ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فقدرته تعالى تأتي على ما يشاؤه، ولا يستعصي عليها شيء، ومن ذلك، زيادة مخلوقاته بعضها على بعض.

مقدمة وتمهيد

1- سورة فاطر هي السورة الخامسة والثلاثون في ترتيب المصحف، وكان نزولها بعد سورة الفرقان- كما ذكر صاحب الإتقان .

وهي من السور المكية الخالصة، وتسمى أيضا- بسورة «الملائكة» .

قال القرطبي: هي مكية في قول الجميع. وهي خمس وأربعون آية .

2- سورة فاطر هي آخر السور التي افتتحت بقوله- تعالى-: الْحَمْدُ لِلَّهِ وقد سبقها في هذا الافتتاح سور: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ.

قال- سبحانه- في افتتاح سورة فاطر: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

3- ثم تحدث- سبحانه- بعد ذلك عن مظاهر نعمه على عباده ورحمته بهم، فقال:

ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها، وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ....

4- ثم توجه السورة الكريمة نداءين إلى الناس، تأمرهم في أولهما بشكر الله- تعالى- على نعمه، وتنهاهم في ثانيهما عن الاغترار بزينة الحياة الدنيا وعن اتباع خطوات الشيطان..

قال- سبحانه-: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ... وقال- جل شأنه-: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ.

5- وبعد أن تسلى السورة الكريمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من أعدائه، تأخذ في بيان مظاهر قدرة الله- تعالى- في خلقه، فتذكر قدرته- سبحانه- في إرسال الرياح والسحب، وفي خلقه للإنسان من تراب، وفي إيجاده للبحرين: أحدهما عذب فرات سائغ شرابه، والثاني: ملح أجاج، وفي إدخاله الليل في النهار، والنهار في الليل، وفي تسخيره الشمس والقمر..

قال- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا، وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها، وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ، لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ، وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ.

6- ثم وجه- سبحانه- نداء ثالثا إلى الناس، بين لهم فيه: افتقارهم اليه- تعالى- وحاجتهم إلى عونه وعطائه، وتحمل كل إنسان لمسئولياته ولنتائج أعماله..

كما بين لهم- سبحانه- أن الفرق بين الهدى والضلال، كالفرق بين الإبصار والعمى، وبين النور والظلمات، وبين الحياة والموت، وبين الظل والحرور.

قال- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ، وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ، وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ. وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ، إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ، وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

7- ثم عادت السورة الكريمة إلى الحديث عن مظاهر قدرة الله- تعالى- ورحمته بعباده، وعن الثواب العظيم الذي أعده- سبحانه- لمن يتلون كتابه ولمن يحافظون على فرائضه- وعن عقابه الأليم للكافرين الجاحدين لنعمه..

قال- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً، فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها، وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها، وَغَرابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ، إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً، يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ.

ثم قال- سبحانه-: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ، لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ.

8- ثم انتقلت السورة الكريمة في أواخرها إلى الحديث عن جهالات المشركين، حيث عبدوا من دون الله- تعالى- مالا يملك لهم ضرا ولا نفعا، وعن مكرهم السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله، وعن نقضهم لعهودهم حيث أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً ...

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان سعة رحمته بالناس فقال: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا، ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً.

9- وهكذا نرى سورة فاطر قد طوفت بالنفس الإنسانية في أرجاء هذا الكون، وأقامت الأدلة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته. عن طريق نعم الله- تعالى- المبثوثة في الأرض وفي السماء، وفي الليل وفي النهار، وفي الشمس وفي القمر: وفي الرياح وفي السحب، وفي البر وفي البحر.. وفي غير ذلك من النعم التي سخرها- سبحانه- لعباده.

كما نراها قد حددت وظيفة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وساقت له ما يسليه ويزيده ثباتا على ثباته، وما يرشد كل عاقل إلى حسن عاقبة الأخيار، وسوء عاقبة الأشرار.

وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

افتتحت سورة «فاطر» كما سبق أن ذكرنا عند تفسيرنا لسورة «سبأ» بتقرير الحقيقة الأولى في كل دين، وهي أن المستحق للحمد المطلق، والثناء الكامل، هو الله رب العالمين.

والحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الصادر عن اختيار من نعمة وغيرها.

و «أل» في الحمد للاستغراق. بمعنى أن المستحق لجميع المحامد، ولكافة ألوان الثناء هو الله- تعالى-.

وقوله: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى خالقهما وموجدهما على غير مثال يحتذي، إذ المراد بالفطر هنا: الابتداء والاختراع للشيء الذي لم يوجد ما يشبهه من قبل.

قال القرطبي: والفاطر: الخالق، والفطر- بفتح الفاء-: الشق عن الشيء. يقال:

فطرته فانفطر. ومنه: فطر ناب البعير، أى: طلع. وتفطر الشيء، أى: تشقق ...

والفطر: الابتداء والاختراع. قال ابن عباس: كنت لا أدرى ما فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أى: أنا ابتدأتها..

والمراد بذكر السموات والأرض: العالم كله. ونبه بهذا على أن من قدر على الابتداء، قادر على الإعادة .

والمعنى: الحمد المطلق والثناء التام الكامل لله- تعالى- وحده، فهو- سبحانه- الخالق للسموات والأرض، ولهذا الكون بأسره، دون أن يسبقه إلى ذلك سابق، أو يشاركه فيما خلق وأوجد مشارك.

وقوله- تعالى-: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته- تعالى- التي لا يعجزها شيء.

والملائكة: جمع ملك. والتاء لتأنيث الجمع، وأصله ملاك. وهم جند من خلق الله- تعال- وقد وصفهم- سبحانه- بصفات متعددة، منها: أنهم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ وأنهم عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.

قال الجمل: وقوله: جاعل الملائكة، أى: بعضهم. إذ ليس كلهم رسلا كما هو معلوم.

وقوله: أُولِي أَجْنِحَةٍ نعت لقوله رُسُلًا، وهو جيد لفظا لتوافقهما تنكيرا. أو هو نعت للملائكة، وهو جيد معنى إذ كل الملائكة لها أجنحة، فهي صفة كاشفة...

وقوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ أسماء معدول بها عن اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، وهي ممنوعة من الصرف، للوصفية والعدل عن المكرر وهي صفة لأجنحة.

أى: الحمد لله الذي خلق السموات والأرض بقدرته، والذي جعل الملائكة رسلا إلى أنبيائه. وإلى من يشاء من عباده، ليبلغوهم ما يأمرهم- سبحانه- بتبليغه إليهم..

وهؤلاء الملائكة المكرمون، ذوو أجنحة عديدة. منهم من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، لأن المراد بهذا الوصف، بيان كثرة الأجنحة لا حصرها.

قال الآلوسى ما ملخصه قوله: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا.. معناه: جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه والصالحين من عباده، يبلغون إليهم رسالته بالوحي والإلهام والرؤيا الصادقة، أو جاعلهم وسائط بينه وبين خلقه يوصلون إليهم آثار قدرته وصنعه، كالأمطار والرياح وغيرهما.

وقوله: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ معناه: أن من الملائكة من له جناحان ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ولا دلالة في الآية على نفى الزائد، وما ذكر من عد للدلالة على التكثير والتفاوت، لا للتعيين ولا لنفى النقصان عن اثنين..

فقد أخرج الشيخان عن ابن مسعود في قوله- تعالى- لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم رأى جبريل وله ستمائة جناح.. .

وقوله- تعالى-: يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ استئناف مقرر لمضمون ما قبله، من كمال قدرته، ونفاذ إرادته.

أى يزيد- سبحانه- في خلق كل ما يزيد خلقه ما يشاء أن يزيده من الأمور التي لا يحيط بها الوصف، ومن ذلك أجنحة الملائكة فيزيد فيها ما يشاء، وكذلك ينقص في الخلق ما يشاء، والكل جاء على مقتضى الحكمة والتدبير.

قال صاحب الكشاف: قوله يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ أى: يزيد في خلق الأجنحة، وفي غيره ما تقتضيه مشيئته وحكمته.

والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق: من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأى، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم، وحسن تأن في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف.. .

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أى: إن الله- تعالى- لا يعجزه شيء يريده، لأنه قدير على فعل كل شيء، فالجملة الكريمة تعليل لما قبلها من كونه- سبحانه- يزيد في الخلق ما يشاء، وينقص منه ما يشاء.

قال سفيان الثوري ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما [ لصاحبه ] : أنا فطرتها ، أنا بدأتها . فقال ابن عباس أيضا : ( فاطر السماوات والأرض ) بديع السماوات والأرض .

وقال الضحاك : كل شيء في القرآن فاطر السماوات والأرض فهو : خالق السماوات والأرض .

وقوله : ( جاعل الملائكة رسلا ) أي : بينه وبين أنبيائه ، ( أولي أجنحة ) أي : يطيرون بها ليبلغوا ما أمروا به سريعا ( مثنى وثلاث ورباع ) أي : منهم من له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة ، ومنهم من له أكثر من ذلك ، كما جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناح ، بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب ; ولهذا قال : ( يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) . قال السدي : يزيد في الأجنحة وخلقهم ما يشاء .

وقال الزهري ، وابن جريج في قوله : ( يزيد في الخلق ما يشاء ) يعني حسن الصوت . رواه عن الزهري البخاري في الأدب ، وابن أبي حاتم في تفسيره .

وقرئ في الشاذ : " يزيد في الحلق " ، بالحاء المهملة ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)

يقول تعالى ذكره: الشكر الكامل للمعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له، ولا ينبغي أن تكون لغيره خالق السماوات السبع والأرض، (جَاعِلِ الْمَلائِكَةَ رُسُلا) إلى من يشاء من عباده، وفيما شاء من أمره ونهيه (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) يقول: أصحاب أجنحة يعني ملائكة، فمنهم من له اثنان من الأجنحة، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) قال: بعضهم له جناحان وبعضهم ثلاثة وبعضهم أربعة.

واختلف أهل العربية في علة ترك إجراء مثنى وثلاث ورباع، وهي ترجمة عن أجنحة وأجنحة نكرة؛ فقال بعض نحويي البصرة: تُرك إجراؤهن لأنهن مصروفات عن وجوههن، وذلك أن مثنى مصروف عن اثنين وثلاث عن ثلاثة ورباع عن أربعة، فصرف نظير عُمَرَ وَزُفَرَ، إذ صرف هذا عن عامر إلى عمر وهذا عن زافر إلى زفر، وأنشد بعضهم في ذلك:

وَلَقَــدْ قَتَلْتُكُــمْ ثُنَــاءَ وَمَوْحَــدَا

وَتَــركتُ مـرَّةَ مِثْـلَ أمسِ المُدبِـرِ (5)

وقال آخر منهم: لم يصرف ذلك لأنه يوهم به الثلاثة والأربعة، قال: وهذا لا يستعمل إلا في حال العدد.

وقال بعض نحويي الكوفة: هن مصروفات عن المعارف، لأن الألف واللام لا تدخلها، والإضافة لا تدخلها، قال: ولو دخلتها الإضافة والألف واللام لكانت نكرة، وهي ترجمة عن النكرة، قال: وكذلك ما كان في القرآن مثل أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى وكذلك وحاد وأحاد، وما أشبهه من مصروف العدد.

وقوله (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ) وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء، ونقصانه عن الآخر ما أحب، وكذلك ذلك في جميع خلقه يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه، وينقص ما شاء من خلق ما شاء، له الخلق والأمر وله القدرة والسلطان (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقول: إن الله تعالى ذكره قدير على زيادة ما شاء من ذلك فيما شاء، ونقصان ما شاء منه ممن شاء، وغير ذلك من الأشياء كلها، لا يمتنع عليه فعل شيء أراده سبحانه وتعالى.

------------------------

الهوامش:

(5) البيت لصخر بن عمرو بن الشريد السلمي. وقد تقدم الاستشهاد به، مع شواهد أخرى في (4 : 337) من هذا التفسير فراجعه ثمة. وأنشده أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 201) قال: مثنى وثلاث ورباع: مجازه: اثنين، وثلاثة، وأربعة. فزعم النحويون أنه لما صرف عن وجهه لم ينون فيهن. قال صخر بن عمرو: "ولقد قتلتكم ..... البيت" . ا . هـ.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ ما أجملها من كلمة حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة وعلى شفاه النفوس المتعبة! يقولون: «يا رب لك الحمد» في غمرات الألم.
وقفة
[1] افتتاح السورة بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ مؤذن بأن صفات من عظمة الله ستذكر فيها، وإجراء صفات الأفعال على اسم الجلالة مِن خلقِهِ السماوات والأرض، وأفضلِ ما فيها من الملائكة والمرسلين مؤذن بأن السورة جاءت لإِثبات التوحيد وتصديق الرسول ﷺ.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ هو وحده من يستحق الحمد، وهو وحده من يستحق الثناء، فالكريم الكامل كل سجاياه كريمة كاملة سبحانه.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ تأمل في عظيم خلق الله تعالى للملائكة، ومع ذلك فهم في غاية الذلة والانكسار لله تعالى.
وقفة
[1] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ قال صاحب الكشاف: «والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق: من طول قامة واعتدال صورة، وتمام الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة الرأي، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم وحسن تأن في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف».
وقفة
[1] ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ كل الملائكة لها أجنحة، اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو ما يزيد، فجبريل مثلًا له ستمائة جناح.
وقفة
[1] ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ عظم خلق الملائكة يدل على عظمة خالقهم سبحانه.
عمل
[1] ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ اجمع خمسًا من صفات الملائكة من خلال آيات القرآن الكريم.
عمل
[1] اجمع خمسًا من صفات الملائكة من خلال آيات القرآن الكريم ﴿جَاعِلِ ٱلْمَلَٰئِكَةِ رُسُلًا أُولِى أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ﴾.
وقفة
[1] ﴿إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يزيد في الخلق ما يشاء، ومن ذلك زيادة خلق الملائكة، بزيادة الأجنحة؛ لأنه على كل شيء قدير.

الإعراب :

  • ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. لله: جار مجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ. فاطر: صفة-نعت-للفظ‍ الجلالة مجرور مثله وعلامة الجر الكسرة الظاهرة.
  • ﴿ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ِ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والارض: معطوفة بالواو على «السموات» مجرورة مثلها. بمعنى: مبتدئها ومبتدعها.
  • ﴿ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً:
  • جاعل: صفة ثانية للفظ‍ الجلالة وهو اسم فاعل اضيف الى مفعوله «الملائكة» وعند اضافته الى الملائكة تعدى الى المفعول «رسلا».الملائكة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. رسلا: مفعول به لاسم الفاعل المضاف «جاعل» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي رسلا بينه سبحانه وبين أنبيائه.
  • ﴿ أُولِي أَجْنِحَةٍ:
  • صفة-نعت-لرسلا منصوبة وعلامة نصبها الياء لانها ملحقة بجمع المذكر السالم وهي مضافة. والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ‍ وقيل:زيدت الواو للتفريق بينها وبين «إلى» وهي جمع بمعنى: ذوو لا واحد له.وقيل: هي اسم جمع واحده: ذو بمعنى صاحب. أجنحة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. اي أصحاب أجنحة
  • ﴿ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ:
  • صفات-نعوت-لاجنحة. أي اولي أجنحة اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة. وهذه الالفاظ‍ او الصيغ ممنوعة من الصرف لتكرر العدل فيها لانها معدولة عن ألفاظ‍ الاعداد كما عدل عمر عن عامر، اي عن صيغ الى صيغ اخر، وعن تكرير الى غير تكرير، واما الوصفية فلا يفترق الحال فيما بين المعدولة والمعدول عنها. إذ تقول: مررت بنسوة اربع وبرجال ثلاثة ويجوز ان يكون محلهن النصب على الحال بتقدير: معدودات لو كان الموصوف معرفة نحو قوله تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ.
  • ﴿ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال. يزيد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في الخلق: جار ومجرور متعلق بيزيد بمعنى: يزيد في خلق الأجنحة ما تقتضيه مشيئته وحكمته والاصل الجناحان لانهما بمزلة اليدين.
  • ﴿ ما يَشاءُ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء: تعرب اعراب «يزيد».وجملة «يشاء» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: ما يشاؤه او ما تقتضيه مشيئته وحكمته من زيادة.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة:اسمها منصوب للتعظيم بالفتحة. على كل: جار ومجرور متعلق بقدير
  • ﴿ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. قدير: خبر «ان» مرفوع بالضمة'

المتشابهات :

الفاتحة: 2﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
الأنعام: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ
الكهف: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ
سبإ: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
فاطر: 1﴿ ٱلْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورة بالثناءِ على اللهِ خالقِ السَّماواتِ والأرضِ، جاعلِ الملائكةِ رسلاً بينَه وبينَ أنبيائِه لتبليغِ الوحي، قال تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جاعل:
وقرئ:
1- بالرفع، وجر «الملائكة» بالإضافة، أي: هو جاعل، وهى قراءة الحسن.
2- رفعا بغير تنوين، حذف لالتقاء الساكنين، ونصب «الملائكة» ، وهى قراءة عبد الوارث، عن أبى عمرو.
3- جعل، فعلا ماضيا، و «الملائكة» نصب على المفعولية، وهى قراءة يعمر، وخليد بن نشيط.

مدارسة الآية : [2] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن ..

التفسير :

[2] ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم وغير ذلك من النعم، فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة، وما يمسك منها فلا أحد يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى. وهو العزيز القاهر لكل شيء، الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وَفْق حكمته.

ثم ذكر انفراده تعالى بالتدبير والعطاء والمنع فقال:{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ} من رحمته عنهم{ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} فهذا يوجب التعلق باللّه تعالى، والافتقار إليه من جميع الوجوه، وأن لا يدعى إلا هو، ولا يخاف ويرجى، إلا هو.{ وَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي قهر الأشياء كلها{ الْحَكِيمُ} الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها.

وقوله- تعالى-: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها ... بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته وفضله على عباده.

والمراد بالفتح هنا: الإطلاق والإرسال على سبيل المجاز. بعلاقة السببية لأن فتح الشيء المغلق، سبب لإطلاق ما فيه وإرساله.

أى: ما يرسل الله- تعالى- بفضله وإحسانه للناس من رحمة متمثلة في الأمطار، وفي الأرزاق، وفي الصحة.. وفي غير ذلك، فلا أحد يقدر على منعها عنهم.

وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ أى: وما يمسك من شيء لا يريد إعطاءه لهم، فلا أحد من الخلق يستطيع إرساله لهم. بعد أن منعه الله- تعالى- عنهم.

وَهُوَ- سبحانه- الْعَزِيزُ الذي لا يغلبه غالب الْحَكِيمُ في كل أقواله وأفعاله.

وعبر- سبحانه- في جانب الرحمة بالفتح، للإشعار بأن رحمته- سبحانه- من أعظم النعم وأعلاها، حتى لكأنها بمنزلة الخزائن المليئة بالخيرات، والتي متى فتحت أصاب الناس منها ما أصابوا من نفع وبر.

ومِنْ في قوله مِنْ رَحْمَةٍ للبيان. وجاء الضمير في قوله: فَلا مُمْسِكَ لَها مؤنثا، لأنه يعود إليها وحدها.

وجاء مذكرا في قوله فَلا مُرْسِلَ لَهُ لأنه يشملها ويشمل غيرها. أى: وما يمسك من رحمة أو غيرها عن عباده فلا يستطيع أحد أن يرسل ما أمسكه- سبحانه-.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ. وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ..

وقوله- سبحانه-: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ. وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .

قال ابن كثير: وثبت في صحيح مسلم عن أبى سعيد الخدري. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده. اللهم ربنا لك الحمد. ملء السموات والأرض. وملء ما شئت من شيء بعد.. اللهم لا مانع لما أعطيت. ولا معطى لما منعت. ولا ينفع ذا الجد منك الجد- أى: ولا ينفع صاحب الغنى غناه وإنما الذي ينفعه عمله الصالح..

يخبر تعالى أنه ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأنه لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع . قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا مغيرة ، أخبرنا عامر ، عن وراد - مولى المغيرة بن شعبة - قال : كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة : اكتب لي بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدعاني المغيرة فكتبت إليه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة قال : " لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ، وسمعته ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال وإضاعة المال ، وعن وأد البنات ، وعقوق الأمهات ، ومنع وهات .

وأخرجاه من طرق عن وراد به .

وثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : " سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شيء بعد . اللهم أهل الثناء والمجد . أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد . اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .

وهذه الآية كقوله تعالى : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ) [ يونس : 107 ] . ولهذا نظائر كثيرة .

وقال الإمام مالك : كان أبو هريرة إذا مطروا يقول : مطرنا بنوء الفتح ، ثم يقرأ هذه الآية : ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ) . ورواه ابن أبي حاتم ، عن يونس عن ابن وهب ، عنه .

القول في تأويل قوله تعالى : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)

يقول تعالى ذكره: مفاتيح الخير ومغالقه كلها بيده؛ فما يفتح الله للناس من خير فلا مُغلق له، ولا ممسك عنهم، لأن ذلك أمره لا يستطيع أمره أحد، وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم ولا يفتحه لهم، فلا فاتح له سواه؛ لأن الأمور كلها إليه وله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) أي: من خير (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فلا يستطيع أحد حبسها(وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) وقال تعالى ذكره (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فأنث ما لذكر الرحمة من بعده وقال (وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) فذكر للفظ " ما " لأن لفظه لفظ مذكر، ولو أنث في موضع التذكير للمعنى وذكر في موضع التأنيث للفظ، جاز، ولكن الأفصح من الكلام التأنيث إذا ظهر بعد ما يدل على تأنيثها والتذكير إذا لم يظهر ذلك.

وقوله (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يقول: وهو العزيز في نِقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته، الحكيم في تدبير خلقه وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحًا، وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ حتى لو هَرَبتَ من هذه الرَّحمةِ في جوفِ الأرضِ؛ لأدركتكَ.
عمل
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ إن فتح الله لك أبواب السعد فلن يقدر أحد على غلقها أو عرقلة مسيرها لاحسد أو عين !اطمئن.
اسقاط
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾، ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: 6]، ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7] علام الهَم؟!
عمل
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ متى أراد أن يعطيك بلا حد فلن يمسكه عنك أحد؛ فاطمئن.
تفاعل
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ سَل الله من فضله الآن.
عمل
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ آية تسكب على القلب الأمان؛ فكن مطمئنًّا.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ ولو اجتمع الناس عليك كطوفان نوح.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ ما كتبه الله لك لن تمنعه قوى الأرض مجتمعة.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ كَانَ ﷺ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». [البخاري 844، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ: أي لا ينفع ذا الغنى عندك غناه؛ وإنما ينفعه العمل بطاعتك، ومنك معناه عندك].
وقفة
[2] ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾ لا حد لكرم الله وفضله، وإذا أعطاك سبحانه فلن يُغلق باب جُوده أحد.
عمل
[2] ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾ عش حياتك قريرًا، مطمئنًا، موقنًا، واثقًا بأنه لا أحد يستطيع أن يغلق بابًا فتحه الله لك.
وقفة
[2] ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾ أي خوف وقلق يبقي في قلبك؟! إذا كتب الله لك الخير فلن يمنعه أحد.
وقفة
[2] ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾ ضمان مطلق من الرحمن الرحيم، يشفي القلوب المتعبة، والأرواح المنهكة، بلسم ودواء لأي مكتئب.
عمل
[2] ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾ لفظ (الفتح) يدل على أنه كان مغلقًا؛ فلا تيأس.
عمل
[2] لو أغلقت الأبواب في وجهك، وضاقت بك الأرض، استحضر معنى اسم الله الفتاح، القادر على فتح ما انغلق من أمرك ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾.
تفاعل
[2] آية لا تمل تدبرها: ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾، قل: اللهم يا رب افتح لنا من رحماتك وفضلك ما تغنينا به عن رحمة من سواك.
وقفة
[2] باب لا تُغلقه قوى الخلق مجتمعة، ومن طرقه لا يُرد، ومن ولجه لقي عظيم الخير فيه ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾.
وقفة
[2] الحاسد سخط على قضاء الله وقدره، فكره نعمته على عباده ﴿وما بكم من نعمه فمن الله﴾ [النحل: 53]، ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾.
وقفة
[2] آية لو استقرت في قلبك، ترسم لحياتك الصمود والقوه، ولو تضافر عليك الإنس والجن ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾.
وقفة
[2] من أكثر الآيات غيابًا عن قلب القلق على رزقه ﴿مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لها﴾.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ لو تدبرها الناس لكفتهم، ولفتحت عليهم باب الخير، وأغلقت عنهم باب الشر.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ هـذه الآية تقطع عنك كل قوة، وتصلك بقوة الله العزيز الحكيم.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ لا ضيق مع رحمة الله، إنما الضيق في إمساكها دون سواه، لا ضيق ولو كان صاحبها في غياهب السجن، أو في جحيم العذاب، أو في شعاب الهلاك، ولا وسعة مع إمساكها، ولو تقلب الإنسان في أعطاف النعيم، فالحمد لله الرحمن الرحيم.
وقفة
[2] ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ ما بين الناس ورحمة الله إلا التوجه إليه في رجاء وثقة، فلا رجاء في أحد من خلقه، ولا خوف لأحد من خلقه، فما أحد بمرسل من رحمة الله ما أمسكه الله.
وقفة
[2] قال عامر بن عبد قيس: «آيات في كتاب الله إذا ذكرتهن، لا أبالي على ما أصحبت أو أمسيت: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ [الأنعام: 17]، ﴿ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾، ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: 7]، ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: 6]».
وقفة
[2] ﴿وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ لن يمسك الله عن عبده (شحًّا)، وإنما (لطفًا)، فحتى ما يمنعه الله هو عطية أخرى.

الإعراب :

  • ﴿ ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنّاسِ:
  • ما: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون بمعنى«أي شيء» في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «يفتح» وهو اسم مبهم.يفتح: فعل مضارع مجزوم بما وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.للناس: جار ومجرور متعلق بيفتح.
  • ﴿ مِنْ رَحْمَةٍ:
  • من: حرف جر بياني. رحمة: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة. والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة لاسم الشرط‍ «ما».التقدير: اي شيء يفتحه الله حالة كونه من رحمة. وقد استعير الفتح للاطلاق والارسال، يعني: اي شيء يطلق الله من نعمة رزق او مطر او صحة او غير ذلك من النعم. ونكرت «رحمة» لانها مبهمة بتقدير: من أية رحمة كانت سماوية أو ارضية.
  • ﴿ فَلا مُمْسِكَ لَها:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بنفي مقترن بالفاء في محل جزم بما. والفاء واقعة في جواب الشرط‍.لا: نافية للجنس تعمل عمل «ان».ممسك: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا. لها: جار ومجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف وأنث الضمير على معنى الرحمة وان كان عائدا الى «ما» بمعنى: فلا مانع لها
  • ﴿ وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب اعرابها.وفاعل «يمسك» ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على الله سبحانه.وذكر الضمير لان لفظ‍ المرجوع اليه لا تأنيث فيه. ولان الاول اي الضمير المؤنث في «لها» فسر بالرحمة فحسن اتباع التفسير. ولم يفسر الثاني فترك على اصل التذكير. ولم يفسر الثاني لدلالة الاول عليه.
  • ﴿ مِنْ بَعْدِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة-نعت-لمرسل والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة اي من بعد امساكه.
  • ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ:
  • الواو استئنافية. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. العزيز الحكيم: خبران بالتتابع اي خبر بعد خبر للمبتدإ مرفوعان بالضمة الظاهرة. او يجوز ان يكون «الحكيم» صفة-نعتا-للعزيز.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ كَمالَ قُدرتِه؛ بَيَّنَ هنا نُفوذ مَشيئته، وانفرادَه بالتدبير والعطاء والمنع، قال تعالى:
﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ ..

التفسير :

[3] يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم، فلا خالق لكم غير الله يرزقكم من السماء بالمطر، ومن الأرض بالماء والمعادن وغير ذلك. لا إله إلا هو وحده لا شريك له، فكيف تُصْرَفون عن توحيده وعبادته؟

يأمر تعالى، جميع الناس أن يذكروا نعمته عليهم، وهذا شامل لذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح انقيادا، فإن ذكر نعمه تعالى داع لشكره، ثم نبههم على أصول النعم، وهي الخلق والرزق، فقال:{ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}

ولما كان من المعلوم أنه ليس أحد يخلق ويرزق إلا اللّه، نتج من ذلك، أن كان ذلك دليلا على ألوهيته وعبوديته، ولهذا قال:{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} أي:تصرفون عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق.

ثم وجه- سبحانه- نداء الى الناس. أمرهم فيه بذكره وشكره فقال: يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ...

والمراد من ذكر النعمة: ذكرها باللسان وبالقلب، وشكر الله تعالى عليها، واستعمالها فيما خلقت له.

والمراد بالنعمة هنا: النعم الكثيرة التي أنعم بها- سبحانه- على الناس. كنعمة خلقهم، ورزقهم، وتسخير كثير من الكائنات لهم.

والاستفهام في قوله: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ للنفي والإنكار، أى: يا أيها الناس اذكروا بألسنتكم وقلوبكم، نعم الله- تعالى- عليكم، واشكروه عليها.

واستعملوها في الوجوه التي أمركم باستعمالها فيها، واعلموا أنه لا خالق غير الله- تعالى يرزقكم من السماء بالمطر وغيره، ويرزقكم من الأرض بالنبات والزروع والثمار وما يشبه ذلك من الأرزاق التي فيها حياتكم وبقاؤكم.

وقوله- تعالى- لا إِلهَ إِلَّا هُوَ جملة مستأنفة لتقرير النفي المستفاد مما قبله أى:

لا إله مستحق للعبادة والطاعة إلا الله- تعالى-، إذ هو الخالق لكم، وهو الذي أعطاكم النعم التي لا تعد ولا تحصى.

فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ أى: ومادام الأمر كذلك: فكيف تصرفون عن إخلاص العبادة لخالقكم ورازقكم، إلى الشرك في عبادته.

فقوله تُؤْفَكُونَ من الأفك- بالفتح- بمعنى الصرف والقلب يقال: أفكه عن الشيء، إذا صرفه عنه، ومنه قوله- تعالى-: قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا.. أى: لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا.

وبعد هذا البيان المعجز لمظاهر قدرة الله- تعالى- ورحمته بعباده، وهيمنته على شئون خلقه.. أخذت السورة الكريمة في تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم وفي دعوة الناس إلى اتباع ما جاءهم به هذا النبي الكريم، وفي بيان مصير المؤمنين ومصير الكافرين، فقال- تعالى-:

ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له ، كما أنه المستقل بالخلق والرزق فكذلك فليفرد بالعبادة ، ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان; ولهذا قال : ( لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) ، أي : فكيف تؤفكون بعد هذا البيان ، ووضوح هذا البرهان ، وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان ؟

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)

يقول تعالى ذكره للمشركين به من قوم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قريش: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ) التي أنعمها(عَلَيْكُمْ) بفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط وفكروا فانظروا هل من خالق سوى فاطر السماوات والأرض الذي بيده مفاتيح أرزاقكم ومغالقها(يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) فتعبدوه دونه (لا إله إلا هو ) يقول: لا معبود تنبغي له العبادة إلا الذي فطر السماوات والأرض القادر على كل شيء، الذي بيده مفاتح الأشياء وخزائنها، ومغالق ذلك كله، فلا تعبدوا أيها الناس شيئًا سواه، فإنه لا يقدر على نفعكم وضركم سواه، فله فأخلصوا العبادة وإياه فأفردوا بالألوهة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول: فأي وجه عن خالقكم ورازقكم الذي بيده نفعكم وضركم تصرفون.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول الرجل: إنه ليوفك عني كذا وكذا. وقد بينت معنى الإفك، وتأويل قوله (تُؤْفَكُونَ) فيما مضى بشواهده المغنية عن تكريره.

التدبر :

وقفة
[3] تذكر النعم طريق لمعرفة المنعم ﴿يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم﴾.
وقفة
[3] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له، كما أنه المستقل بالخلق والرزق، فكذلك فليفرد بالعبادة ولا يُشرَك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان.
وقفة
[3] ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ قال القشيري: «مَنْ ذَكَرَ النِّعمةَ فصاحبُ عبادةٍ، ونائِلُ زيادة، ومَنْ ذَكَرَ المُنْعِمَ فصاحبُ إرادةٍ، ونائِلُ زيادة، ولكنْ فرقٌ بين زيادة وزيادة؛ ذلك زيادته في الدارين عطاؤه، وهذا زيادته لقاؤه، اليوم سِرًّا بِسِرٍّ من حيث المشاهدة، وغدًا جَهْرًا بِجَهْرٍ من حيث المعاينة».
وقفة
[3] ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم﴾ على كل الظروف المالية التي تمر بها؛ لا تشكيها إلا للرزَّاق، وتذكر أنك أفضل حالًا من غيرك.
وقفة
[3] قال ابن باز: «لما فقدت بصري وأنا صغير، سمعت خالتي تقول لأمي وهي تظن أني نائم: مسكين عبد العزيز، كيف سيحصل على وظيفة يعيش منها؟!»، فأصبح مفتيًا عامًا للمملكة العربية السعودية، ورئيسًا لهيئة كبار العلماء؛ لم يعلموا أن من عاش لله أغناه! ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم﴾.
وقفة
[3] نعم الله على كثرتها تنحصر في قسمين: نعمة الإيجاد، ونعمة الإبقاء، وقوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ﴾ إشارة إلى نعمة الإيجاد في الابتداء، وقوله: ﴿يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ إشارة إلى نعمة الإبقاء عن طريق الرزق حتى الموت وهو الانتهاء.
تفاعل
[3] ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[3] ﴿لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾ من الأَفك بمعنى الصرف عن الحق، أو الإفك بمعنى الكذب بمعنى التكذيب بتوحيد الله بعد أن أقررتم بأنه خلقكم ورزقكم.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا النّاسُ:
  • أعربت في سورة لقمان في الآية الثالثة والثلاثين.
  • ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.نعمة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. عليكم: جار ومجرور متعلق بصفة لنعمة الله والميم علامة الجمع.
  • ﴿ هَلْ مِنْ خالِقٍ:
  • هل: حرف استفهام لا عمل لها ولا محل لها. من:حرف جر. خالق: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه مبتدأ وجاء حرف الجر «من» زائدا من المبتدأ لانه مسبوق باستفهام.
  • ﴿ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ:
  • غير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة على معنى: ما خالق إلا الله أي سوى الله ويجوز ان تكون «غير» صفة-نعتا-لخالق على المحل لا اللفظ‍ وفي هذه الحالة تكون الجملة الفعلية «يرزقكم» في محل رفع خبر المبتدأ.الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.يرزقكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. ويجوز ان يكون «خالق» فاعلا لفعل مضمر يفسره ما بعده بتقدير: هل يرزقكم خالق غير الله. وتكون جملة «يرزقكم» تفسيرية لا محل لها من الاعراب. وهذا الوجه من التقدير في الاعراب هو الاصح لأن المعنى: ان الخالق لا يطلق على غير الله تعالى.
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بيرزقكم. والأرض: معطوفة بالواو على «السماء» مجرورة مثلها. وتعرب مثل اعرابها.
  • ﴿ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ:
  • الجملة لا محل لها من الاعراب لانها تفسيرية مثل «يرزقكم».لا: نافية للجنس تعمل عمل «ان».إله: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. الا: اداة استثناء. هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله».
  • ﴿ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ:
  • الفاء استئنافية. أنى: اسم استفهام بمعنى «من أين» مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان. تؤفكون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى: فمن أي وجه تصرفون عن التوحيد الى الشرك.'

المتشابهات :

سبإ: 24﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّـهُ َ
يونس: 31﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
النمل: 64﴿أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ
فاطر: 3﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّـهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ انفرادَه بالتدبير والعطاء والمنع؛ أمرَ النَّاسَ جميعًا أن يذكروا نعمته عليهم، ويشكروه، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

غير:
قرئ:
1- بالخفض، نعتا على اللفظ، وهى قراءة ابن وثاب، وشقيق، وأبى جعفر، وزيد بن على، وحمزة، والكسائي.
2- بالرفع، نعتا على الموضع، وهى قراءة شيبة، وعيسى، والحسن، وباقى السبعة.
3- بالنصب، على الاستثناء، وهى قراءة الفضل بن إبراهيم النحوي.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف