529789101112131415161718192021222324252627

الإحصائيات

سورة القمر
ترتيب المصحف54ترتيب النزول37
التصنيفمكيّةعدد الصفحات2.80
عدد الآيات55عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.20
ترتيب الطول56تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 10/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (17) عدد الآيات (11)

= ثُمَّ بَيَّنَ حالَهم يومَ القيامةِ، ثُمَّ التذكيرُ بهلاكِ الأممِ التي كذَّبتْ الرُّسلَ في الدُّنيا: 1- قومُ نوحٍ: كَذَّبُوا نوحًا عليه السلام فدعا ربَّه فأغرقَهم بالطوفانِ، وحملَه ومن معَه في السفينةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (18) الى الآية رقم (27) عدد الآيات (10)

2- عادٌ: كَذَّبُوا نبيَهم هودًا عليه السلام ، فأرسلَ اللهُ عليهم الريحَ الشديدةَ الباردةَ، 3- ثمودُ: كَذَّبُوا نبيَّهم صالحًا عليه السلام ، وأخرجَ اللهُ لهم النَّاقةَ التي سألُوها من الصَّخرةِ اختبارًا لهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة القمر

تذكير كفار العرب من قريش وغيرهم بما نزل بمن تقدمهم من مكذبي الأمم

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سنة كونية وقاعدة لا تتغير::   • ثم تعقب السورة على قصص الأمم السابقة بالإشارة أن كفار مكة ليسوا أفضل من الأقوام السابقة: ﴿أَكُفَّـٰرُكُمْ خَيْرٌ مّنْ أُوْلَـئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءةٌ فِى ٱلزُّبُرِ﴾ (43)، فالقاعدة واحدة، لكل من كذب واستكبر، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَـٰعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ (51). • فإن لم تكفهم تلك الآيات، من انشقاق القمر إلى قصص الأمم السابقة، فهناك آية أخرى تتوعدهم: ﴿سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ﴾ (45)، إنذار رهيب من الله تعالى، يشير إلى غزوة بدر وما سيرافقها من هزيمة منكرة لكفار قريش، ثم إنذار أشد من بدر ومن كل ما في الدنيا من مصائب: ﴿بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ﴾ (46).
  • • ولقد يسرنا القرآن للذكر::   • والسورة أثناء الحديث عن هلاك المكذبين، تبيّن أن القرآن هو السبيل للنجاة من العذاب، وأن هذا القرآن ميسّر للناس، حتى يتدبروا آياته ويتعلموا منها، فتكررت الآية: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءانَ لِلذّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾، وكأن المعنى: إلزم طريق الله، وتعهّد هذا القرآن بالحفظ والرعاية والتدبر، حتى تتعرف على الله وتأمن عذابه وتختار طريق الرشاد.
  • • فلِمَ سميت السورة باسم «القمر»؟:   للإشارة إلى: 1- استحقاق مشركي مكة للعذاب لتكذيبهم بآية انشقاق القمر كما كذب الأولون، وكانت من أعظم الآيات وقتها، فقد طلبوها تحديدًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2- بيان تعنت المشركين بالآيات الحسية كما كذبوا بالآيات المعنوية.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القمر».
  • • معنى الاسم ::   القمر: جرم سماوي صغير يدور حول كوكب أكبر منه، ويكون تابعًا له، ومنه القمر التابع للأرض.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بذكر معجزة انشقاق القمر.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «اقْتَرَبَتِ»، و«اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ» وهو تسمية للسورة بما افتتحت به.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن تكذيب الكافرين من الأمم السابقة هو سبب هلاكهم.
  • • علمتني السورة ::   أن عدم الاتعاظ بهلاك الأمم صفة من صفات الكفار: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الْأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العذاب دائمًا تسبقه النُذُر، وهذا من رحمة الله بعباده؛ أنه لا يوقع العذاب إلا بعد الإنذار: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن القرآن سهل ميسر لمن تذكر واتعظ: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِىَّ: مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى الأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِـ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾، وَ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ» وسورة القمر من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة القمر من المفصل.
    • سورة القمر من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة القمر مع سورة الحاقة، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • نزل مطلع سورة القمر لتوثيق حادثة انشقاق القمر كمعجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وكعلامة صغرى على اقتراب الساعة، عن أَنَسٍ قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم آيَةً، فَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ، فَنَزَلَتْ: ﴿اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾.
    • خُتمت سلسلة قصص قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط بلازمة تكررت عقب كل قصة من هذه القصص الأربع -مثل حلقات سورة الشعراء والصافات-، وهي قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (17، 22، 32، 40)، وهذه اللازمة تؤكد على أن الله تعالى سهل كتابه للتلاوة والحفظ والتدبر والاتعاظ؛ لما اشتمل عليه من أنواع المواعظ والعبر، ولكن أين المتعظ؟! • هناك لازمة أخرى تكررت ثلاث مرات عقب بيان هلاك قوم نوح وعاد وثمود، وهي قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ (16، 20، 30)، وهذا الاستفهام يفيد التعجب من شدة العذاب الموصوف، وتهديد مشركي قريش أن يصيبهم العذاب أيضًا لتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
    • سورة القمر أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- لم يذكر فيها لفظ الجلالة (الله)، ويوجد في القرآن الكريم 29 سورة لم يذكر فيهن لفظ الجلالة (الله)، كلهن جئن في القسم الأخير من أقسام القرآن، وهو قسم المفصل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نعتبر ونتعط بما حدث للأمم السابقة.
    • أن نحدث الناس عن معجزة انشقاق القمر: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾ (1).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه يضل عن سبيل الله: ﴿وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ﴾ (3).
    • أن ندعو الله أن يفرج كربتنا: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ (10).
    • أن نشكر الله على نعمه علينا باللسان، ونشكره بالعمل والتقرب إليه بطاعة من الطاعات: ﴿نِّعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ﴾ (35).
    • أن نخاف من نزول عقوبة الله: ﴿وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ﴾ (36).
    • أن نكون واثقين بوعد الله ونصره: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ (45).
    • أن نطمئن؛ فمنهج حياتنا مرسوم بدقّـة: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ (49).
    • ألا نستصغر أي عمل مهما صغر: ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ﴾ (53).
    • أن نقول: «اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وما قرب إليها من قول وعمل»: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾ (54).

تمرين حفظ الصفحة : 529

529

مدارسة الآية : [7] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ ..

التفسير :

[7] ذليلة أبصارهم يخرجون من القبور كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم للحساب جرادٌ منتشر في الآفاق،

{ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} أي:من الهول والفزع الذي وصل إلى قلوبهم، فخضعت وذلت، وخشعت لذلك أبصارهم.

{ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} وهي القبور،{ كَأَنَّهُمْ} من كثرتهم، وروجان بعضهم ببعض{ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} أي:مبثوث في الأرض، متكاثر جدا،

وقوله: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ حال من الفاعل في قوله: يَخْرُجُونَ ... : أى: ذليلة أبصارهم بحيث تنظر إلى ما أمامها من أهوال نظرة البائس الذليل، الذي لا يستطيع أن يحقق نظره فيما ينظر إليه.

قال القرطبي: الخشوع في البصر: الخضوع والذلة. وأضاف- سبحانه- الخشوع إلى الأبصار، لأن أثر العز والذل يتبين في ناظر الإنسان.

قال- تعالى-: أَبْصارُها خاشِعَةٌ وقال- تعالى-: وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ....

ويقال: خشع واختشع إذا ذل. وخشع ببصره إذا غضه..

وقرأ حمزة والكسائي: خاشعا أبصارهم...

وقوله: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ أى: يخرجون من القبور، وعيونهم ذليلة من شدة الهول، وأجسادهم تملأ الآفاق، حتى لكأنهم جراد منتشر، قد سد الجهات. واستتر بعضه ببعض.

فالمقصود بالجملة الكريمة تشبيههم بالجراد في الكثرة والتموج، والاكتظاظ والانتشار في الأقطار وهم يسرعون الخطا نحو أرض المحشر.

( خشعا أبصارهم ) أي : ذليلة أبصارهم ( يخرجون من الأجداث ) وهي : القبور ، ( كأنهم جراد منتشر ) أي : كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي ( جراد منتشر ) في الآفاق ; ولهذا قال :

القول في تأويل قوله تعالى : خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7)

( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ ) يقول: ذليلة أبصارهم خاشعة, لا ضرر بها( يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ ) وهي جمع جدث, وهي القبور, وإنما وصف جلّ ثناؤه بالخشوع الأبصار دون سائر أجسامهم, والمراد به جميع أجسامهم, لأن أثر ذلة كل ذليل, وعزّة كل عزيز, تتبين في ناظريه دون سائر جسده, فلذلك خصّ الأبصار بوصفها بالخشوع.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ): أي ذليلة أبصارهم.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة وبعض المكيين الكوفيين ( خُشَّعًا ) بضم الخاء وتشديد الشين, بمعنى خاشع; وقرأه عامة قرّاء الكوفة وبعض البصريين ( خَاشِعًا أَبْصَارُهُمْ ) بالألف على التوحيد اعتبارا بقراءة عبد الله, وذلك أن ذلك في قراءة عبد الله ( خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ ), وألحقوه وهو بلفظ الاسم في التوحيد, إذ كان صفة بحكم فَعَلَ ويَفْعَل في التوحيد إذا تقدّم الأسماء, كما قال الشاعر:

وشَـــبابٍ حَسَـــنٍ أوْجُـــهُهمْ

مِــنْ إيــادِ بـنِ نـزارِ بْـنِ مَعَـد (1)

فوحد حَسَنا وهو صفة للأوجه, وهي جمع; وكما قال الآخر:

يَـرْمي الفِجـاجَ بِهـا الرُّكبانَ مُعْترِضًا

أعْنـاقَ بُزَّلِهـا مُرْخَـى لَهـا الجُـدُلُ (2)

فوحد معترضا, وهي من صفة الأعناق, والجمع والتأنيث فيه جائزان على ما بيَّنا.

وقوله ( كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ ) يقول تعالى ذكره: يخرجون من قبورهم كأنهم في انتشارهم وسعيهم إلى موقف الحساب جراد منتَشر.

----------------------

الهوامش :

(1) البيت للحارس بن دوس الإيادي ، ويروى لأبي داود الإيادي ، ( هامش القرطبي 17 : 129 ) والبيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 317 ) قال : إذا تقدم الفعل قبل اسم مؤنث ، وهو له ، أو قبل جمع مؤنث مثل الأنصار والأعمار وما أشبهها جاز تأنيث الفعل وتذكيره وجمعه ، وقد أتى بذلك في هذا الحرف ، فقرأه ابن عباس : " خاشعا أبصارهم " حدثني بذلك هشيم وأبو معاوية ، عن وائل بن داود ، عن مسلم بن يسار ، عن ابن عباس ، أنه قراه " خاشعا " . قال : وحدثني هشيم ، عن عوف الأعرابي ، عن الحسن وأبي رجاء العطاردي : أن أحدهما قال : " خاشعا " والآخر : " خشعا " قال الفراء : وهي في قراءة عبد الله ( ابن مسعود ) : " خاشعة أبصارهم " . وقرأ الناس بعد : " خشعا أبصارهم " ، وقد قال الشاعر : " وشباب حسن ... " البيت .

(2) وهذا الشاهد كذلك من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 317 ) على أنه إذا تقدم الفعل وشبهه قبل اسم مؤنث ( جمع تكسير ) مثل الأنصار والأعمار وما أشبهها جاز تأنيث الفعل وتذكيره وجمعه . وقال الفراء تعليقًا على هذا البيت : الجدل : جمع الجديل : وهو الزمام . فلو قال معترضات أو معترضة ، لكان صوابا ، ومرخاة ومرخيات أ . هـ .

التدبر :

وقفة
[7] ﴿خُشَّعا أبصارُهم﴾ لم تخشع قلوبهم لله في الدنيا، فخشعت أبصارُهم ذلًّا وانكسارًا، وحسرةً في الآخرة، ﴿جزاء وِفاقا﴾ [النبأ: 26].
وقفة
[7] ﴿خُشَّعًا أَبصارُهُم﴾ من له خبيئة من عمل سيء مشين لا يقدر على رفع رأسه من الخزى.
وقفة
[7] ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ الخشوع في البصر: الخضوع والذلة، وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن أثر العز والذل يتبين في ناظر الإنسان؛ قال الله تعالى: ﴿أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ [النازعات: 9]، وقال تعالى: ﴿خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: 45].
لمسة
[7] ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ أكثر ما تظهر ذلة الذليل وعزة العزيز في عيونهما، وخشوع الأبصار: كناية عن الذلة والانخذال.
وقفة
[7] ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ هذا من أدق التشبيهات؛ لأن الجراد المنتشر تجده يذهب يمينًا ويسارًا، لا يدري أين يذهب، فهم سيخرجون من الأجداث على هذا الوجه، بينما هم في الدنيا لهم قائد، ولهم أمير، ولهم موجه يعرفون طريقهم؛ وإن كان طريقًا فاسدًا.
وقفة
[7] ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ بقدر استكبار الانسان عن حجج القرآن وتعاليه علي عباد الله؛ يكون ذله وهوانه في مواقف الآخرة.
وقفة
[7] ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ كالفراش، وصف الله الناس في أرض المحشر بالجراد والفراش، ولم يصفهم بالنمل أو النحل؛ لأن الجراد والفراش لا وطن لهم ولا مقر.
وقفة
[7] ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ تشبيه بليغ؛ حادوا عن الصراط المستقيم تبعًا لأهوائهم، فغدًا ينتشرون كالجراد يَمنة ويَسرة، يتخبَّطون كالتائه على غير هدًى.
وقفة
[7] كيف نجمع بين: ﴿وعرضوا على ربك صفا﴾ [الكهف: 48]، ﴿كأنهم جراد منتشر﴾؟ الجواب: الأول: عند السؤال، والثانى: عند خروجهم من القبور وحشرهم إلى القيامة.

الإعراب :

  • ﴿ خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ:
  • حال من ضمير «يخرجون» منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. أبصار: فاعل مرفوع بفعل «خشعا» أو على معنى يخشعن أبصارهم وهي لغة طيئ أي على لغة أكلوني البراغيث. بايراد فاعلين لفعل واحد. ويجوز أن يكون في «خشعا» ضميرهم وتكون «أبصارهم» بدلا عنه. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي أذلاء.
  • ﴿ يَخْرُجُونَ:
  • الجملة: في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنَ الْأَجْداثِ:
  • جار ومجرور متعلق بيخرجون. أي من القبور.
  • ﴿ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ:
  • الجملة: في محل نصب حال ثانية. كأن: حرف مشبه بالفعل بمعنى التشبيه. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «كأن» جراد: خبرها مرفوع بالضمة. منتشر: صفة-نعت-لجراد مرفوعة مثلها بالضمة المنونة.'

المتشابهات :

القمر: 7﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
القلم: 43﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ
المعارج: 44﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۚ ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ دُعاءَه بما هال أمرُه؛ بَيَّنَ حالَ المَدْعُوِّينَ؛ زيادةً في الهَولِ، قال تعالى:
﴿ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خشعا:
1- جمع تكسير، وهى قراءة قتادة، وأبى جعفر، وشيبة، والأعرج، والجمهور.
وقرئ:
2- خاشعا، بالإفراد، وهى قراءة ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، والجحدري، وأبى عمرو، وحمزة، والكسائي.
3- خاشعة، وهى قراءة أبى، وابن مسعود.
4- خشع أبصارهم، جملة فى موضع الحال.

مدارسة الآية : [8] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ ..

التفسير :

[8]مسرعين إلى ما دُعُوا إليه، يقول الكافرون:هذا يوم عَسِرٌ شديد الهول.

{ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} أي:مسرعين لإجابة النداء الداعيوهذا يدل على أن الداعي يدعوهم ويأمرهم بالحضور لموقف القيامة، فيلبون دعوته، ويسرعون إلى إجابته،{ يَقُولُ الْكَافِرُونَ} الذين قد حضر عذابهم:{ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} كما قال تعالى{ على الكافرين غير يسير} [مفهوم ذلك أنه يسير سهل على المؤمنين]

وقوله: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ أى: مسرعين نحوه، وقد مدوا أعناقهم إلى الإمام، مأخوذ من الإهطاع، وهو الإسراع في المشي مع مد العنق إلى الإمام. يقال: أهطع فلان في جريه، إذا أسرع فيه من الخوف، فهو مهطع.

يَقُولُ الْكافِرُونَ وقد رأوا من أهوال يوم القيامة ما يدهشهم: هذا يَوْمٌ عَسِرٌ أى: يقولون هذا يوم صعب شديد، بسبب ما يعاينون من أهواله ويتوقعون فيه من سوء العاقبة.

والمتأمل في هذه الآيات الكريمة، يراها قد وصفت أحوال الكافرين في هذا اليوم، وصفا تقشعر من هوله الأبدان.. فهم أذلاء ضعفاء ينظرون إلى ما يحيط بهم نظرة الخائف المفتضح، وهم في حالة خروجهم من قبورهم كأنهم الجراد المنتشر، في الكثرة والتموج والاضطراب، وهم يسرعون نحو الداعي بذعر دون أن يلووا على شيء، ودون أن يكون في إمكانهم المخالفة أو التأخر عن دعوته.

ثم هم بعد ذلك يقولون على سبيل التحسر والتفجع: هذا يوم شديد الصعوبة والعسر.

ثم عرضت السورة بعد ذلك جانبا من مصارع الغابرين، لعل في هذا العرض ما يروعهم عن الكفر والجحود، وما يحملهم على انتهاج طريق الحق والهدى، فقال- تعالى-:

( مهطعين ) أي : مسرعين ( إلى الداعي ) ، لا يخالفون ولا يتأخرون ، ( يقول الكافرون هذا يوم عسر ) أي : يوم شديد الهول عبوس قمطرير ( فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ) [ المدثر : 9 ، 10 ] .

وقوله ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) يقول: مسرعين بنظرهم قِبَلَ داعيهم إلى ذلك الموقف. وقد بيَّنا معنى الإهطاع بشواهده المغنية عن الإعادة, ونذكر بعض ما لم نذكره فيما مضى من الرواية.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن مغيرة, عن عثمان بن يسار, عن تميم بن حَذْلم قوله : ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) قال: هو التحميج.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سفيان, عن سفيان, عن أبيه, عن أبي الضحى ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) قال: التحميج.

قال: ثنا مهران, عن سفيان ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) قال: هكذا أبصارهم شاخصة إلى السماء.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ) : أي عامدين إلى الداعي.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس , قوله ( مُهْطِعِينَ ) يقول: ناظرين.

وقوله ( يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) يقول تعالى ذكره: يقول الكافرون بالله يوم يدع الداعي إلى شيء نكُر: هذا يوم عسر. وإنما وصفوه بالعسر لشدة أهواله وبَلْباله.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾ يقال: هطع الرجل، إذا أقبل على الشيء ببصره، لا يُقلع عنه، وأهطع: إذا مدَّ عنقه وصوَّب رأسه نحو الشيء، وهذا الشيء هو الداعي إسرافيل.
وقفة
[8] ﴿مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ۖ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ أي: مديمي النظر إلى الداعي، وهو إسرافيل.
وقفة
[8] ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ مفهوم ذلك أنه يسيرٌ سهلٌ على المؤمنين.
وقفة
[8] ﴿يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ لم يمروا بأهوال القيامة بعد، ومع ذلك وصفوه باليوم العسير؛ لأن فحوى الجواب تبدو من عنوانه.

الإعراب :

  • ﴿ مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ:
  • حال منصوبة وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى مسرعين مادي أعناقهم أو ناظرين اليه. الى الداع: جار ومجرور متعلق بمهطعين والكسرة دالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا.
  • ﴿ يَقُولُ الْكافِرُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الكافرون: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- هذا: اسم اشار مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يوم: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. عسر: صفة-نعت-ليوم مرفوعة بالضمة. أي صعب.'

المتشابهات :

ابراهيم: 43﴿ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ
القمر: 8﴿ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ۖ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
المعارج: 36﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ولَمَّا كان الانتِشارُ قد يكونُ على وَجهِ المَهَلِ والوَقارِ؛ قال مُبَيِّنًا أنَّ الأمرَ على خِلافِ ذلك؛ زيادةً في هَولِ ذلك اليَومِ، وتَقريرًا لِما تقَدَّمَ مِن وَصفِه، قال تعالى:مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ولَمَّا بَيَّنَ حالَ الكُلِّ؛ حَصَرَ حالَ المُبطِلينَ، قال تعالى:
﴿ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا ..

التفسير :

[9] كذَّبت قبل قومك -أيها الرسول- قوم نوح فكذَّبوا عبدنا نوحاً، وقالوا:هو مجنون، وانتهروه متوعدين إياه بأنواع الأذى، إن لم ينته عن دعوته.

لما ذكر تبارك وتعالى حال المكذبين لرسوله، وأن الآيات لا تنفع فيهم، ولا تجدي عليهم شيئا، أنذرهم وخوفهم بعقوبات الأمم الماضية المكذبة للرسل، وكيف أهلكهم الله وأحل بهم عقابه.

فذكر قوم نوح، أول رسول بعثه الله إلى قوم يعبدون الأصنام، فدعاهم إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، فامتنعوا من ترك الشرك وقالوا:{ لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}

ولم يزل نوح يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، فلم يزدهم ذلك إلا عنادا وطغيانا، وقدحا في نبيهم، ولهذا قال هنا:{ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ} لزعمهم أن ما هم عليه وآباؤهم من الشرك والضلال هو الذي يدل عليه العقل، وأن ما جاء به نوح عليه الصلاة والسلام جهل وضلال، لا يصدر إلا من المجانين، وكذبوا في ذلك، وقلبوا الحقائق الثابتة شرعا وعقلا، فإن ما جاء به هو الحق الثابت، الذي يرشد العقول النيرة المستقيمة، إلى الهدى والنور والرشد، وما هم عليه جهل وضلال مبين، [وقوله:]{ وَازْدُجِرَ} أي:زجره قومه وعنفوه عندما دعاهم إلى الله تعالى، فلم يكفهم -قبحهم الله- عدم الإيمان به، ولا تكذيبهم إياه، حتى أوصلوا إليه من أذيتهم ما قدروا عليه، وهكذا جميع أعداء الرسل، هذه حالهم مع أنبيائهم.

وقصة نوح- عليه السلام- مع قومه، قد وردت بصورة أكثر تفصيلا في سور أخرى.

كسورة هود، والمؤمنون، ونوح، والأعراف.

ولكنها جاءت هنا- كغيرها من القصص- بصورة حاسمة قاصمة، تزلزل النفوس، وتفتح العيون على مصارع الغابرين، لكي يعتبر الكافرون، وينتهوا عن كفرهم.

قال الآلوسى: قوله: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ... شروع في تعداد بعض ما ذكر من الأنباء الموجبة للانزجار، ونوع تفصيل لها، وبيان لعدم تأثرهم بها، تقريرا لفحوى قوله:

فَما تُغْنِ النُّذُرُ.

والفعل «كذبت» منزل منزلة اللازم. أى: فعل التكذيب قبل قومك قوم نوح...

وفي هذه الجملة الكريمة تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم لأن المصيبة إذا عمت خفت، وشبيه بهذه الآية قوله- سبحانه-: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ....

وأسند- سبحانه- التكذيب إلى جميع قوم نوح- عليه السلام-. لأن الذين آمنوا به منهم عدد قليل، كما قال- تعالى-: في سورة هود: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ.

وقوله- تعالى-: فَكَذَّبُوا عَبْدَنا تأكيد لتكذيبهم له- عليه السلام-، فكأنه- سبحانه- يقول: إن قوم نوح- عليه السلام- قد أصروا على تكذيبهم لعبدنا ونبينا، وتواصوا بهذا التكذيب فيما بينهم، حتى لكأن الكبار قد أوصوا به الصغار.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى قوله: فَكَذَّبُوا عَبْدَنا بعد قوله:

كَذَّبَتْ؟ قلت معناه: كذبوا فكذبوا عبدنا. أى: كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب، كلما مضى منهم قرن مكذب، تبعهم قرن مكذب.

أو معناه: كذبت قوم نوح الرسل، فكذبوا عبدنا، أى: لما كانوا مكذبين بالرسل،جاحدين للنبوة رأسا، كذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل.. .

وقوله- سبحانه-: وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ بيان لما كانوا عليه من انطماس بصيرة، ومن سوء خلق.. أى: أنهم لم يكتفوا بتكذيب نبيهم ومرشدهم وهاديهم إلى الخير. بل أضافوا إلى ذلك وصفه بالجنون، والاعتداء عليه بأنواع الأذى والترهيب.

فقوله: وَازْدُجِرَ معطوف على قوله قالُوا وهو مأخوذ من الزجر بمعنى المنع والتخويف، وصيغة الافتعال للمبالغة في زجره وإيذائه.

وقد حكى القرآن في آيات أخرى ألوانا من هذا الزجر والإيذاء ومن ذلك قوله- تعالى- كما حكى عنهم: قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ.

يقول تعالى : ( كذبت ) قبل قومك يا محمد ( قوم نوح فكذبوا عبدنا ) أي : صرحوا له بالتكذيب واتهموه بالجنون ، ( وقالوا مجنون وازدجر ) قال مجاهد : ( وازدجر ) أي : استطير جنونا . وقيل : ( وازدجر ) أي : انتهروه وزجروه وأوعدوه : ( لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ) [ الشعراء : 116 ] . قاله ابن زيد ، وهذا متوجه حسن .

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (9)

وهذا وعيد من الله تعالى ذكره, وتهديد للمشركين من أهل مكة وسائر من أرْسَل إليه رسولَه محمدا صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم إياه, وتقدم منه إليهم إن هم لم ينيبوا من تكذيبهم إياه, أنه محلّ بهم ما أحل بالأمم الذين قصّ قصصهم في هذه السورة من الهلاك والعذاب, ومنجّ نبيه محمدا والمؤمنين به, كما نجَّى من قبله الرسل وأتباعهم من نقمه التي أحلَّها بأممهم, فقال جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كذّبت يا محمد قبل هؤلاء الذين كذّبوك من قومك, الذين إذا رأوْا آية أعرضوا وقالوا سحر مستمرّ - قوم نوح, فكذّبوا عبدنا نوحا إذ أرسلناه إليهم, كما كذّبتك قريش إذ أتيتهم بالحقّ من عندنا وقالوا: هو مجنون وازدجر, وهو افْتُعِل من زجرت, وكذا تفعل العرب بالحرف إذا كان أوّله زايا صيروا تاء الافتعال منه دالا من ذلك قولهم: ازدجر من زجرت, وازدلف من زلفت, وازديد من زدت.

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي زَجَروه, فقال بعضهم: كان زجرهم إياه أن قالوا: استُطِير جنونا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد ( وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) قال: استطير جنونا.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد, مثله.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَازْدُجِرَ ) قال: استُطير جنونا.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, عن مجاهد في هذه الآية ( وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) قال: استعر جنونا.

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي, قال: ثنا زيد بن الحباب, قال: وأخبرني شعبة بن الحجاج, عن الحكم, عن مجاهد, مثله.

وقال آخرون: بل كان زجرهم إياه وعيدهم له بالشتم والرجم بالقول القبيح.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ) قال: اتهموه وزجروه وأوعدوه لئن لم يفعل ليكوننّ من المرجومين, وقرأ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ .

التدبر :

وقفة
[9] ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عبْدَنَا﴾ إن قلتَ: ما فائدةُ إعادةِ التكذيب فيه؟! قلتُ: فائدتُه حكايةِ الواقع، وهو أنهم كذَّبوا تكذيبًا بعد تكذيب، أو الأولُ تكذيبهُم بالتوحيد، والثاني بالرسالة، أو الأول تكذيبُهم بالله، والثاني برسوله.
عمل
[9] ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾ ضع في حساباتك أخي الداعية أن تتعرّض للهجوم والتهديد والوعيد ممن أزعجهم تأثير دعوتك، قال ابن كثير: «(وَازْدُجِرَ): أي انتهروه وزجروه وتواعدوه: ﴿لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ [الشعَرَاء: ۱۱6]».
وقفة
[9] ﴿فكذَّبوا عبدنا﴾ وصفه بالعبودية؛ لأنها أشرفُ الألقاب، والعبد لا يتكلَّم إلا بإذن سيِّده ومراده، فتكذيبُهم لنوح تكذيبٌ لله الذي أرسله.
عمل
[9] لا تحزن لإساءة الناس إليك، فقد وصف الله نوحًا بأشرف وصف ﴿عبدنا﴾ ووصفه أعداؤه بأقبح وصف ﴿مجنون وازدجر﴾؛ العبرة بما لك عند الله.
وقفة
[9] ﴿عَبدَنا﴾ من الشرف لك أن تكون عبدًا لله.
وقفة
[9،10] ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ كانوا يزدرونه ويحتقرونه ويتهمونه، فلما دعا ربه انتصر الله له, فكم من مغلوب في الأرض هو غالب عند الله!
وقفة
[9،10] يا لبلاغة القرآن في إيجازه! كيف اختصر مسيرة ألف سنة إلا خمسين عامًا بكلمات ﴿فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾!

الإعراب :

  • ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ:
  • أعربت في سور كثيرة. تراجع سورة «ق» الآية الثانية عشرة.
  • ﴿ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا:
  • الفاء عاطفة للتعقيب. كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عبد: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. أي نوحا. بمعنى: كذبوا فكذبوا عبدنا: أي كذبوه تكذيبا على عقد تكذيب. أو على معنى: كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا لأنه من جملة الرسل.
  • ﴿ وَقالُوا مَجْنُونٌ:
  • معطوفة بالواو على «كذبوا» وتعرب اعرابها. مجنون: خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو مجنون والجملة الاسمية «هو مجنون» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ وَازْدُجِرَ:
  • الواو حالية. بحذف «قد» أي وقد ازدجر. والجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي وقد ازدجرته الجن وذهبت بلبه وطارت بقلبه.'

المتشابهات :

الحج: 42﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٞ وَثَمُود
ص: 12﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٞ وَفِرۡعَوۡنُ ذُو ٱلۡأَوۡتَادِ
غافر: 5﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ
ق: 12﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصۡحَٰبُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
القمر: 9﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبۡدَنَا وَقَالُواْ مَجۡنُونٞ وَٱزۡدُجِرَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ حالَ المُكَذِّبينَ لِرَسولِه، وأنَّ الآياتِ لا تَنفَعُ فيهم؛ أنذَرَهم وخَوَّفَهم بعُقُوباتِ الأُمَمِ الماضيةِ المُكَذِّبةِ للرُّسُلِ، وكيف أهلَكَهم اللهُ وأحَلَّ بهم عِقابَه؛ تَسليةً لقَلبِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: 1- قومُ نوحٍ: كَذَّبُوا نوحًا عليه السلام، قال تعالى:
﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ

التفسير :

[10] فدعا نوح ربه أنِّي ضعيف عن مقاومة هؤلاء، فانتصر لي بعقاب من عندك على كفرهم بك.

فعند ذلك دعا نوح ربه [فقال:]{ أَنِّي مَغْلُوبٌ} لا قدرة لي على الانتصار منهم، لأنه لم يؤمن من قومه إلا القليل النادر، ولا قدرة لهم على مقاومة قومهم،{ فَانْتَصِرْ} اللهم لي منهم، وقال في الآية الأخرى:{ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} الآيات

ثم حكى- سبحانه- ما فعله نوح- عليه السلام- بعد أن صبر على إيذاء قومه فقال:

فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ.

أى: وبعد أن يئس نوح- عليه السلام- من إيمان قومه.. تضرع إلى ربه قائلا: يا رب إن قومي قد غلبوني بقوتهم وتمردهم ... فانتصر لي منهم، فأنت أقوى الأقوياء، وأعظم نصير للمظلومين والمغلوبين على أمرهم من أمثالى.

وحذف متعلق «فانتصر» للإيجاز. أى: فانتقم لي منهم.

( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) أي : إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم ) فانتصر ) أنت لدينك .

وقوله ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) يقول تعالى ذكره: فدعا نوح ربه: إن قومي قد غلبوني, تمرّدوا وعتوا, ولا طاقة لي بهم, فانتصر منهم بعقاب من عندك على كفرهم بك.

التدبر :

وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ أي: إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم، فانتصر أنت لدينك.
تفاعل
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ ادع الله أن يفرج كربتك.
وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ لحظةُ شُعورِك بضَعفِك وفقرِك وانقطَاع قدرتِك هي لحظةُ الدُّعاءِ والإجابةِ.
عمل
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ اهتف بوجعك بمرضك بانكسارك بهزيمتك بعجزك حينها يولد التغيير.
وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ بين الغلبة والفتح كلمة دعاء واحدة.
وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ أزمتنا الحقيقية ليست في ظرفنا الحالك؛ لكن في قدرتنا على الدعاء فيه، ادع ربك ولو كنت تختنق حزنًا.
وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ مشروعية الدعاء على الكافر المصرِّ على كفره.
وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ الدعاء والإلحاح على الله يفتح أبواب السماء للإجابة.
عمل
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ قلها لله إن غلبك الهم، وإن اجتاح الحزن صدرك، قل لله أن ينصرك ويزيح عنك ما أغمّك.
عمل
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ الله يعلم بحالك، لكنه يحب أن يُسأل فأظهر ضعفك، قل: يا رب إني مهموم، مريض، مديون، مظلوم، ساعة استجابة.
وقفة
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ من كشف ضعفه لله ليس كمن كشفه للناس فالأول أصبح قويا مستورا .. والثاني ازداد فوق ضعفه ضعفا!
وقفة
[10] هو يقينك بالله والذى يملأ قلبك أنك إذا دعوته مستغيثًا به سينصرك ﴿فَدَعا رَبَّهُ أَنّي مَغلوبٌ فَانتَصِر﴾
عمل
[10] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ لا تحزن إن لم تكن تحفظ الكثير من الدعاء، هذه دعوة مختصرة من ثلاث كلمات تغيرت من أجلها الأرض والسماء.
وقفة
[10] كيف تطغى مرارة الظلم على قلب المكلوم وهو يعرف الطريق للذة المناجاة في غسق الليل، مناديًا مولاه القوي، بقلب صادق أواه ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾.
اسقاط
[10] بعد ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعوهم ليلًا ونهارًا سرًّا وجهارًا؛ ولا يزيدهم ذلك إلا استكبارًا ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾، كم بذلنا وصبرنا نحن للدعوة!
وقفة
[10] عناية الله ورعايته لنوح عليه السلام ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾.
وقفة
[10] ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ ليس العبرة بطول الدعاء؛ ولكن بصدق الداعي، واضطراره وإخلاصه.
وقفة
[10] ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ دعوة من كلمات ثلاث أغرقت اﻷرض وغيرت ملامح الكون؛ نصرة لعبده المؤمن، فسبحانه السميع القريب المجيب!
وقفة
[10] لا قدرة له فقال: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ﴾ فنصره الله ﷻ بكلمة واحدة: ﴿فَانتَصِرْ﴾، الدعاء من قلب واثق؛ يستجاب ولو كان بكلمة.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ ما أسرع إجابة الله لعباده حال شدتهم! ما إن انتهى نوح من دعوته إلا وفتحت السماء.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ الدعاء يصنع العجائب.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ إظهار الضعف والذل مع الدعاء كفيل بفتح أبواب السماء.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ قد تبدو لك الحلول بعيدة أو صعبة أو مستحيلة، والحقيقة ليس بينك وبينها إلا دعوة.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ رب دعوة من مستضعف أهلكت طغاة وكتبت له النجاة، فلا تستهن بدعائك فهو سلاحك.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ إذا غلبتك ظروفك وهزمتك أحزانك؛ فبث هذه الشكوي، لقد فتحت لها يومًا أبواب السماء، وفجرت ينابيع الارض.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ ما كان للبلاء أن يطيل المقام في القلوب المتعلقة بربها ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾.
وقفة
[10،11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ الفرجُ قريبٌ، قريبٌ جدًّا، لمن دعا ربَّه.
وقفة
[10،11] قال نوح: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾؛ فكانت النتيجة: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾؛ غيَّر الله معالم الكون نُصرةً للمظلوم.
وقفة
[10، 11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ الفرق بين الغلبة والفتح: دعوة واحدة!
عمل
[10، 11] ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ﴾ لا تقل: (علمه بحالي يغنيه عن سؤالى)؛ فهذه عبارة شائعة لكنها خاطئة، فالله يحب أن يُسأل، فأظهر لله ضعفك راجيًا، واهتف داعيًا.

الإعراب :

  • ﴿ فَدَعا رَبَّهُ:
  • الفاء سببية. دعا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ربه: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة
  • ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل- ضمير المتكلم-مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» وحذفت احدى النونين اختصارا ولكثرة الاستعمال. مغلوب: خبرها مرفوع بالضمة و «ان» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل جر بحرف جر مقدر أي بأني مغلوب والجار والمجرور-المصدر المؤول متعلق بدعا. بمعنى: غلبني قومي فلم يسمعوا مني.
  • ﴿ فَانْتَصِرْ:
  • الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. انتصر: فعل دعاء وتضرع بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت أي فانتقم منهم بعذاب تبعثه عليهم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     ولَمَّا يأس نوح عليه السلام من إجابتهم، وعلم تمرَّدهم وعتوَّهم، وإصرارَهم على ضلالتهم؛ طلب من ربه النصرة عليهم، قال تعالى:
﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنى:
1- بفتح الهمزة، أي: بأنى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، على إضمار القول، على مذهب البصريين، أو على إجراء الدعاء مجرى القول، على مذهب الكوفيين، وهى قراءة ابن أبى إسحاق، وعيسى، والأعمش، وزيد على، ورويت عن عاصم.

مدارسة الآية : [11] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ

التفسير :

[11] فأجبنا دعاءه، ففتحنا أبواب السماء بماء كثير متدفق،

فأجاب الله سؤاله، وانتصر له من قومه، قال تعالى:{ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} أي:كثير جدا متتابع

ولقد كانت نتيجة هذا الدعاء، الإجابة السريعة، كما يشعر بذلك التعبير بالفاء في قوله- تعالى- بعد ذلك: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ.

أى: فأجبنا لنوح دعاءه، ففتحنا أبواب السماء بماء كثير منهمر، أى: منصب على الأرض بقوة وبكثرة وتتابع. يقال: همر فلان الماء يهمر- بكسر الميم وضمها- إذا صبه بكثرة. وقراءة الجمهور فَفَتَحْنا بتخفيف التاء، وقرأ ابن عامر بتشديدها على المبالغة.

قال الجمل: والمراد من الفتح والأبواب والسماء: حقائقها فإن للسماء أبوابا تفتح وتغلق.

والباء في قوله: بِماءٍ للتعدية على المبالغة، حيث جعل الماء كالآلة التي يفتح بها، كما تقول: فتحت بالمفتاح...

قال الله تعالى : ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ) . قال السدي : هو الكثير ( وفجرنا الأرض عيونا ) أي : نبعت جميع أرجاء الأرض ، حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيونا ، ( فالتقى الماء ) أي : من السماء ومن الأرض ( على أمر قد قدر ) أي : أمر مقدر .

قال ابن جريج ، عن ابن عباس : ( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ) كثير ، لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده ، ولا من السحاب ; فتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم ، فالتقى الماءان على أمر قد قدر .

وروى ابن أبي حاتم أن ابن الكواء سأل عليا عن المجرة فقال : هي شرج السماء ، ومنها فتحت السماء بماء منهمر .

القول في تأويل قوله تعالى : فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11)

يقول تعالى ذكره ( فَفَتَحْنَا ) لما دعانا نوح مستغيثا بنا على قومه ( أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ) وهو المندفق, كما قال امرؤ القيس في صفة غيث:

رَاحَ تَمْريــه الصبــا ثُـمَّ انْتَحَـى

فِيــهِ شُــؤْبُوبُ جــنوبٍ مُنْهَمِـرْ (3)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ) قال: ينصبّ انصبابا.

-----------------

الهوامش :

(3) البيت لامرئ القيس بن حجر ، من مقطوعة في ثمانية أبيات يصف فيها غيثا : ( مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا طبعة الحلبي 110 - 111 ) قال شارحه : راح : عاد السحاب بالمطر آخر النهار . وتمريه : تستدبره ، وأصله من مرى الضرع ، وهو مسحه باليد ليدر ، والسحاب حين تضربه ريح الصبا الباردة ، يتجمع ويتكاثف ، فيسقط مطرا ، ثم جاءت الجنوب عندهم محملة بالأمطار من بحر الهند ، فأضافت إلى هذا السحاب شؤبوبا آخر جنوبيًّا ، فتضاعف المطر وانهمر انهمارًا. أ . هـ . وموضع الشاهد في البيت : أن المنهمر في قوله تعالى : " بماء منهمر " معناه : المتدفق . الشديد الانصباب أ . هـ .

التدبر :

وقفة
[11، 12] ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ علي قدر الصبر يأتي الفرج، ها قد دعا نوح قومه 950 عامًا بلا كلل، فلما طلب النصر من ربه سخر له الله كل وسيلة.
وقفة
[11، 12] ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ كل هذه التغييرات الكونية لأجل دعوة! فما أعظم أثر الدعاء في الأرض والسماء!
وقفة
[11، 12] ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ إن الله لينصر عبده المؤمن من حيث لا يحتسب ولا يتوقع, فلنحسن الظن بربنا, ولنلح له بالدعاء.
وقفة
[11، 12] ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ تلك الجنود جميعًا سخرت لعبد واحد، كيف كان صدق دعائه؟
وقفة
[11، 12] ﴿فَفَتَحنا أَبوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنهَمِرٍ * وَفَجَّرنَا الأَرضَ عُيونًا فَالتَقَى الماءُ عَلى أَمرٍ قَد قُدِرَ﴾ هى فقط كن فيكون.

الإعراب :

  • ﴿ فَفَتَحْنا:
  • الفاء عاطفة. فتحنا: معطوفة على محذوف بتقدير: فاستجبنا لدعائه أي فنظرناه ففتحنا وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و«نا» ضمير متصل-ضمير الواحد المطاع-في محل رفع فاعل.
  • ﴿ أَبْوابَ السَّماءِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. السماء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بفتحنا. منهمر: صفة-نعت-لماء مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. أي منصبّ.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا طلبَ نوحٌ عليه السلام من ربِّه النصرةَ عليهم؛ أجابَ اللهُ دعاءَه، قال تعالى:
﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ففتحنا:
1- بالتخفيف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتشديد، وهى قراءة ابن عامر، وأبى جعفر، والأعرج، ويعقوب.

مدارسة الآية : [12] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء ..

التفسير :

[12]وشققنا الأرض عيوناً متفجرة بالماء، فالتقى ماء السماء وماء الأرض على إهلاكهم الذي قدَّره الله لهم؛ جزاء شركهم.

{ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} فجعلت السماء ينزل منها من الماء شيء خارق للعادة، وتفجرت الأرض كلها، حتى التنور الذي لم تجر العادة بوجود الماء فيه، فضلا عن كونه منبعا للماء، لأنه موضع النار.

{ فَالْتَقَى الْمَاءُ} أي:ماء السماء والأرض{ عَلَى أَمْرٍ} من الله له بذلك،{ قَدْ قُدِرَ} أي:قد كتبه الله في الأزل وقضاه، عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين

وقوله: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً ... معطوف على قوله: فَفَتَحْنا وتفجير الماء:

إسالته بقوة وشدة وكثرة، ومنه قوله- تعالى-: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً.

وقوله: عُيُوناً تمييز محول عن المفعول به، والأصل: وفجرنا عيون الأرض، ولكن جيء به على هذا الأسلوب المشتمل على التمييز للمبالغة، حتى لكأن الأرض جميعها قد تحولت إلى عيون متفجرة.

وقوله- سبحانه-: فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ بيان لكمال حكمته- تعالى- بعد بيان مظاهر قدرته. أى: فاجتمع الماء النازل من السماء، مع الماء المتفجر من الأرض، على أمر قد قدره الله- تعالى- وقضاه أزلا، وهو هلاك قوم نوح بالطوفان.

فالمراد بالماء: ماء السماء وماء الأرض.

وقال- سبحانه- فَالْتَقَى الْماءُ بالإفراد، لتحقيق أن التقاء الماءين لم يكن بطريقة المجاورة، بل كان بطريق الاتحاد والاختلاط، حتى لكأن الماء النازل من السماء. والمتفجر من الأرض، قد التقيا في مكان واحد كما يلتقى الجيشان المعدان لإهلاك غيرهما.

وعَلى في قوله- تعالى-: عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ للاستعلاء المفيد لشدة التمكن والمطابقة. أى: التقى الماء بعضه ببعض على الحال والشأن الذي قدرناه وقضيناه له، دون أن يحيد على ذلك قيد شعرة، إذ كل شيء عندنا بمقدار.

أي نبعت جميع أرجاء الأرض حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيونا "فالتقى الماء" أي من السماء والأرض "على أمر قد قدر" أى أمر مقدر.

وقوله ( وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا ) يقول جلّ ثناؤه: وأسلنا الأرض عيون الماء.

كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, في قوله ( وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا ) قال: فجَّرنا الأرض الماءَ وجاء من السماء ( فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) يقول تعالى ذكره: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه.

كما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) قال: ماء السماء وماء الأرض. وإنما قيل: فالتقى الماء على أمر قد قدر, والالتقاء لا يكون من واحد, وإنما يكون من اثنين فصاعدا, لأن الماء قد يكون جمعا وواحدا, وأريد به في هذا الموضع: مياه السماء ومياه الأرض, فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع. وقيل: التقى الماء على أمر قد قُدر, لأن ذلك كان أمرا قد قضاه الله في اللوح المحفوظ.

كما حدثنا ابن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال: كانت الأقوات قبل الأجساد, وكان القدر قبل البلاء, وتلا( فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ) .

التدبر :

لمسة
[12] ﴿وفجَّرنا الأرضَ عيونًا﴾ ولم يقل: (وفجرنا عيون الأرض)، فكأن الأرض كلها كانت عيونًا متفجرة، حتى التنور الذي هو أبعد ما يكون عن الماء لحراره ويبوسته صار يفور، كما قال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ [هود: 40].
وقفة
[12] ﴿وفجَّرنا الأرضَ عيونًا﴾ قمَّة البلاغة وجمال الأسلوب وكمال المعنى، حيثُ أصبحت الأرض كلُّها عيونًا تفور ماء، بخلاف: وفجَّرنا عيونَ الأرض.
وقفة
[10-12] همسة: كان مما دعاه: ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾، فكانت النتيجة: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾، فغير الله معالم الكون نصرة للمظلوم.
وقفة
[11، 12] ﴿فَالْتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ إن قلتَ: القياسُ (فالتقى المَاءَانِ) -كما قُرىَء به شاذًّا- أي ماء السَّماءِ، وماءُ الأرض؟ قلتُ: أراد به جنس الماء، ووحَّده موافقةً لقوله قبلُ ﴿بِمَاءٍ مُنْهَمِرِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً:
  • معطوفة بالواو على فَفَتَحْنا أَبْاابَ السَّماءِ» وتعرب اعرابها. عيونا: تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تتفجر وهو أبلغ من القول: وفجرنا عيون الأرض. مثل قوله تعالى وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً» وهنا ميزت نسبة العامل الى مفعوله وأصل هذا التمييز مفعول به. اذ التقدير: وفجرنا عيون الأرض. وناصب التمييز فيه هو الجملة.
  • ﴿ فَالْتَقَى الْماءُ:
  • الفاء سببية وهي حرف عطف. التقى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الماء: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. أي المآن. يعني مياه السماء والأرض أي النوعان من الماء السماوي والأرضي.
  • ﴿ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ:
  • جار ومجرور متعلق بالتقى. قد: حرف تحقيق. قدر: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وحذف المفعول اختصارا. التقدير: على احداث أمر قد قدره الله .. أو على حال قدرها الله كيف شاء أو على أمر قدر في اللوح أنه يكون وهو هلاك قوم نوح بالطوفان. وجملة قَدْ قُدِرَ» في محل جر صفة -نعت-لأمر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     وبعد فتحِ السَّماءِ؛ أشارَ إلى تفجُّرِ الأرض، قال تعالى:
﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وفجرنا:
1- بتشديد الجيم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة عبد الله، وأصحابه، وأبى حيوة، والمفضل، عن عاصم.
فالتقى الماء:
1- وهى قراءة الجمهور، والماء: اسم جنس، والمعنى: ماء السماء وماء الأرض.
وقرئ:
2- فالتقى الماءان، وهى قراءة على، والحسن، ومحمد بن كعب، والجحدري.
3- فالتقى الماوان، ورويت عن الحسن أيضا.

مدارسة الآية : [13] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ

التفسير :

[13] وحملنا نوحاً ومَن معه على سفينة ذات ألواح ومسامير شُدَّت بها،

{ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} أي:ونجينا عبدنا نوحا على السفينة ذات الألواح والدسر أي:المسامير [التي] قد سمرت [بها] ألواحها وشد بها أسرها

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر فضله على عبده نوح- عليه السلام- فقال:

وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنا....

والدّسر: جمع دسار- ككتاب وكتب- أى: مسامير تربط بعض الخشب ببعض، وأصل الدسر: الدفع الشديد بقوة، سمى به المسمار، لأنه يدق في الخشب فيدفع بقوة.

وقيل: الدسر: الخيوط التي تشد بها ألواح السفينة، وقيل الدسر: صدرها ومقدمتها، وقوله: ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ صفة لموصوف محذوف.

أى: وحملنا نوحا ومن معه من المؤمنين، على سفينة ذات ألواح من الخشب ومسامير يشد بها هذا الخشب ويربط..

قال صاحب الكشاف: قوله: وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ أراد السفينة، وهو من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات، فتنوب منابها، وتؤدى مؤداها، بحيث لا يفصل بينها وبينها. وهذا من فصيح الكلام وبديعه..

وعدى فعل وَحَمَلْناهُ إلى نوح وحده، مع أن السفينة حملت معه المؤمنين، لأن هذا الحمل كان إجابة لدعوته، وقد جاءت آيات أخرى أخبرت بأن المؤمنين كانوا معه في السفينة، ومن هذه الآيات، قوله- تعالى-: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ، فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ....

( وحملناه على ذات ألواح ودسر ) : قال ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والقرظي ، وقتادة ، وابن زيد : هي المسامير ، واختاره ابن جرير ، قال : وواحدها دسار ، ويقال : دسير ، كما يقال : حبيك وحباك ، والجمع حبك .

وقال مجاهد : الدسر : أضلاع السفينة . وقال عكرمة والحسن : هو صدرها الذي يضرب به الموج .

وقال الضحاك : الدسر : طرفها وأصلها .

وقال العوفي عن ابن عباس : هو كلكلها .

القول في تأويل قوله تعالى : وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)

يقول تعالى ذكره: وحملنا نوحا إذ التقى الماء على أمر قد قُدر, على سفينة ذات ألواح ودُسُر. والدسر: جمع دسار، وقد يقال في واحدها: دسير, كما يقال: حَبِيك وحِباك; والدَّسار: المسمار الذي تشدّ به السفينة; يقال منه: دسرت السفينة إذا شددتها بمسامير أو غيرها.

وقد اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم في ذلك بنحو الذي قلنا فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, أخبرني ابن لهِيعة, عن أبي صخر, عن القُرَظي, وسُئل عن هذه الآية ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) قال: الدُّسُر: المسامير.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) حدثنا أن دُسُرَها: مساميرها التي شُدَّت بها.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( ذَاتِ أَلْوَاحٍ ) قال: معاريض السفينة; قال: ودُسُر: قال دُسِرت بمسامير.

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَدُسُرٍ ) قال: الدسر: المسامير التي دُسرت بها السفينة, ضُربت فيها, شُدّت بها.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس , قوله ( وَدُسُرٍ ) يقول: المسامير .

وقال آخرون: بل الدُّسُر: صَدْر السفينة, قالوا: وإنما وصف بذلك لأنه يدفع الماء ويدْسُرُه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلية, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله ( وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) قال : تدسُر الماء بصدرها, أو قال: بِجُؤْجُئِها.

حدثنا بشر. قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: كان الحسن يقول في قوله ( وَدُسُرٍ ) جؤجؤها تدسر به الماء.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الحسن أنه قال: تدسر الماء بصدرها.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثنى أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَدُسُرٍ ) قال: الدُّسُر: كَلْكَل السفينة.

وقال آخرون: الدسر: عوارض السفينة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الحصين, عن مجاهد ( ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) قال: ألواح : السفينة ودسر عوارضها.

وقال آخرون: الألواح: جانباها, والدُّسُر: طرفاها.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ, يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ) أما الألواح: فجانبا السفينة. وأما الدُّسُر: فطرفاها وأصلاها.

وقال آخرون: بل الدُّسُر: أضلاع السفينة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد, قوله ( وَدُسُرٍ ) قال: أضلاع السفينة.

التدبر :

وقفة
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾ إنما ذكر الله تعالى مادة صنع السفينة، وأنها من الأخشاب والمسامير، أو الروابط التي تربط بين تلك الأخشاب؛ فيكون ذلك تعليمًا للبشر أن يصنعوا السفن على هذا النحو.
وقفة
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾ إهلاك المكذبين وإنجاء المؤمنين سُنَّة إلهية.
وقفة
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾ لا يدري المرء من أين يأتيه الخلاص وكيف، فليس له إلا أن يتوكل على ربه حق التوكل، متيقنًا بنصره وفرجه.
عمل
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾ لا يعلم جنود ربك إلا هو، فبأمره تصبح أخشاب هزيلة قادرة على مواجهة طوفان هادر؛ اصبر فأنت لا تعرف أي جند سيسخره الله لك، ولا كيف ستكون نجاتك؟
لمسة
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾لماذا لم يقل: (حملناهم في السفينة)؟! والجواب: لعله أراد أن يبين بساطة مكونات هذه السفينة في مواجهة الطوفان المدمّر، حتى تعلم القلوب أن الألواح والمسامير (الدسر) مجرد أسباب، ولولا حفظ الله ما قاومت أمواجًا كالجبال، والرسالة هنا: خاب من تعلّق بالأسباب، وأفلح من تعلق برب الأرباب.
وقفة
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾ لم يقل سبحانه: (حملناه على ظهر السفينة) مثلًا، لكنه فقط ذكر جل شأنه ألواحًا خشبية ومسامير؛ كناية عن ضآلة الشأن.
وقفة
[13] ﴿وَحَمَلناهُ عَلى ذاتِ أَلواحٍ وَدُسُرٍ﴾ هذا لكى لا تعتقد أن النجاة مكلفة، بل هى قد تأتى على أهون سبب.

الإعراب :

  • ﴿ وَحَمَلْناهُ:
  • الواو عاطفة. حمل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ عَلى ذاتِ أَلواحٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحمل. ألواح: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي وحملناه في السفينة وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابها وتؤدي مؤداها.
  • ﴿ وَدُسُرٍ:
  • معطوفة بالواو على «ألواح» وتعرب اعرابها. وهي جمع «دسار» وهو المسمار.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَر ما عُلم منه بقرينةِ ما ذُكر من خرقِه للعادةِ، وأنَّ إجابتَه لدعوتِه عليه الصلاة والسلام؛ ذكر تمامَ الانتصارِ بنجاتِه، قال تعالى:
﴿ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ ..

التفسير :

[14]تجري بمرأى منا وحفظ، وأغرقنا المكذبين؛ جزاء لهم على كفرهم وانتصاراً لنوح عليه السلام.وفي هذه الآية دليل على إثبات صفة العينين لله سبحانه وتعالى، كما يليق به.

{ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} أي:تجري بنوح ومن آمن معه، ومن حمله من أصناف المخلوقات برعاية من الله، وحفظ [منه] لها عن الغرق [ونظر]، وكلائه منه تعالى، وهو نعم الحافظ الوكيل،{ جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ} أي:فعلنا بنوح ما فعلنا من النجاة من الغرق العام، جزاء له حيث كذبه قومه وكفروا به فصبر على دعوتهم، واستمر على أمر الله، فلم يرده عنه راد، ولا صده عنهصاد، كما قال [تعالى] عنه في الآية الأخرى:{ قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} الآية.

ويحتمل أن المراد:أنا أهلكنا قوم نوح، وفعلنا بهم ما فعلنا من العذاب والخزي، جزاء لهم على كفرهم وعنادهم، وهذا متوجه على قراءة من قرأها بفتح الكاف

وقوله تَجْرِي بِأَعْيُنِنا أى تجرى هذه السفينة بمرأى منا، وتحت رعايتنا وقدرتنا.

ثم بين- سبحانه- الأسباب التي جعلت قوم نوح محل غضب الله- تعالى- ونقمته فقال: جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ.

وقوله: جَزاءً مفعول لأجله، لقوله: فَفَتَحْنا وما عطف عليه، أى: فعلنا ما فعلنا من فتح السماء بماء منهمر، جزاء لكفرهم بالله- تعالى- وبنبيه نوح- عليه السلام- الذي كان نعمة لهم، ولكنهم كفروها ولم يشكروا الله عليها، فاستحقوا الغرق والدمار.

وحذف- سبحانه- متعلق كُفِرَ لدلالة الكلام عليه، أى: كفر به.

قال الآلوسى. وقوله: جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ أى: فعلنا ذلك جزاء لنوح- عليه السلام-، فإنه كان نعمة أنعمها الله- تعالى- على قومه فكفروها، وكذا كل نبي نعمة من الله- تعالى- على أمته.

وجوز أن يكون على حذف الجار، وإيصال الفعل إلى الضمير، واستتاره في الفعل، بعد انقلابه مرفوعا. أى: لمن كفر به، وهو نوح- عليه السلام- أى: جحدت نبوته.

فالكفر عليه ضد الإيمان، وعلى الأول كفران النعمة...

والضمير المنصوب في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً ... يعود إلى الفعلة المهلكة التي فعلها الله- تعالى- بقوم نوح- عليه السلام-.

وقوله : ( تجري بأعيننا ) أي : بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا ( جزاء لمن كان كفر ) أي جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصارا لنوح عليه السلام .

وقوله ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) يقول جلّ ثناؤه: تجري السفينة التي حملنا نوحا فيها بمرأى منا ومنظر.

وذُكر عن سفيان في تأويل ذلك ما حدثنا ابن حُمَيد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, في قوله ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) يقول: بأمرنا( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) .

اختلف أهل التأويل في تأويله: فقال بعضهم: تأويله فعلنا ذلك ثوابا لمن كان كُفر فيه, بمعنى: كفر بالله فيه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: كَفَر بالله.

وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: لمن كان كفر فيه.

ووجه آخرون معنى (مَنْ) إلى معنى (ما) في هذا الموضع, وقالوا: معنى الكلام: جزاء لما كان كَفَر من أيادي الله ونعمه عند الذين أهلكهم وغرّقهم من قوم نوح.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ) قال: لمن كان كفر نعم الله, وكفر بأياديه وآلائه ورسله وكتبه, فإن ذلك جزاء له.

والصواب من القول من ذلك عندي ما قاله مجاهد, وهو أن معناه: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر, وفجرنا الأرض عيونا, فغرّقنا قوم نوح, ونجينا نوحا عقابا من الله وثوابا للذي جُحد وكُفر, لأن معنى الكفر: الجحود, والذي جحد ألوهته ووحدانيته قوم نوح, فقال بعضهم لبعض لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ومن ذهب به إلى هذا التأويل كانت من الله, كأنه قيل: عوقبوا للَّه ولكفرهم به. ولو وجَّه مُوَجَّه إلى أنها مراد بها نوح والمؤمنون به كان مذهبا, فيكون معنى الكلام حينئذ, فعلنا ذلك جزاء لنوح ولمن كان معه في الفلك, كأنه قيل: غرقناهم لنوح ولصنيعهم بنوح ما صنعوا من كفرهم به.

التدبر :

وقفة
[14] ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ قلت لك: تعلَّق برب الأسباب، فما جرت السفينة إلا برعاية الله وحفظه، ولولاه لغرقت بمن عليها.
وقفة
[14] ﴿تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ﴾ إن قلتَ: كيف قال ذلك، والجزاءُ إنما يكونُ للكافر لا للمكفور؟ قلتُ: إن قُرىء (كَفَرَ) بالبناء للفاعل شاذًّا، فالخبرُ للكافر، أو بالبناءِ للمفعول، والأصلُ: كُفِرَ به، حُذف الجارُّ وأوصل بمجروره الفعل، فالجزاء للمكفور به وهو الله تعالى، أو نوحٌ عليه السلام، والجزاء لكونه مصدرًا يُضافُ تارةً للفاعل، وتارةً للمفعول.

الإعراب :

  • ﴿ تَجْرِي:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي. وجملة «تجري» في محل نصب حال من السفينة لأنها عرفت بوصفها ذات الواح.
  • ﴿ بِأَعْيُنِنا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة. التقدير: تجري مأمورة أو محفوظة بأعيننا. أو متعلق بتجري أي بمرأى منا وبحفظنا أو بأمرنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ جَزاءً:
  • مفعول له-لأجله-أو من أجله-لما تقدم من فتح أبواب السماء وما بعده: أي فعلنا ذلك جزاء وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ويجوز أن تكون مفعولا مطلقا-مصدرا-لفعل محذوف.
  • ﴿ لِمَنْ:
  • اللام حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بجزاء.
  • ﴿ كانَ كُفِرَ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. كفر: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو وجملة «كفر» في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ أنَّه حملَ نوحًا ومَن معه على السفينة؛ بَيَّنَ هنا أنَّ السفينة كانت تجري برعاية من الله وحفظ، ثم بَيَّنَ سبب إهلاك قوم نوح، قال تعالى:
﴿ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بأعيننا:
1- بالفك، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بأعينا، بالإدغام، وهى قراءة أبى السمال.
كفر:
1- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكان الفاء، وهى قراءة سلمة بن محارب.
3- مبنيا للفاعل، وهى قراءة زيد بن رومان.

مدارسة الآية : [15] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن ..

التفسير :

[15] ولقد أبقينا قصة نوح مع قومه عبرة ودليلاً على قدرتنا لمن بعد نوح؛ ليعتبروا ويتعظوا بما حلَّ بهذه الأمة التي كفرت بربها، فهل من متعظ يتعظ؟

{ وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي:ولقد تركنا قصة نوح مع قومه آية يتذكر بها المتذكرون، على أن من عصى الرسل وعاندهم أهلكه الله بعقاب عام شديد، أو أن الضمير يعود إلى السفينة وجنسها، وأن أصل صنعتها تعليم

من الله لعبدهنوح عليه السلام، ثم أبقى الله تعالى صنعتها وجنسها بين الناس ليدل ذلك على رحمته بخلقه وعنايته، وكمال قدرته، وبديع صنعته،{ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ؟ أي:فهل من متذكرللآيات، ملق ذهنه وفكرته لما يأتيه منها، فإنها في غاية البيان واليسر؟

أى: ولقد تركنا فعلتنا بقوم نوح، وإهلاكنا لهم، آية وعلامة لمن بعدهم. وعظة وعبرة لمن يعتبر ويتعظ بها.

ويؤيد هذا المعنى قوله- تعالى-: وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ...ويصح أن يكون الضمير بعود إلى السفينة. أى: ولقد أبقينا هذه السفينة من بعد إهلاك قوم نوح، علامة وعبرة لمن يشاهدها.

ويؤيد هذا المعنى قوله- تعالى-: فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ، وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ .

قال القرطبي: قوله: وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً ... يريد هذه الفعلة عبرة.

وقيل: أراد السفينة، تركها آية لمن بعد قوم نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل..

قال قتادة: أبقاها الله- تعالى- بباقردى، من أرض الجزيرة- قرب الموصل بالعراق- لتكون عبرة وآية، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة صارت بعدها رمادا ....

ويبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع للرأيين فهذه العقوبة التي أنزلها- سبحانه- بقوم نوح- عليه السلام- بقيت عبرة لمن بعدهم لينزجروا، ويكفوا عن تكذيب الرسل، كما أن السفينة قد أبقاها- سبحانه- بعد إغراقهم إلى الزمن الذي قدره وأراده، لتكون- أيضا- عبرة وعظة لغيرهم.

والاستفهام في قوله: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ للحض على التذكر والاعتبار، ولفظ مُدَّكِرٍ أصله مذتكر من الذّكر الذي هو ضد النسيان، فأبدلت التاء دالا مهملة، وكذا الذال المعجمة ثم أدغمت فيها، ومنه قوله- تعالى-: وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ... أى: وتذكر بعد نسيان.

أى: ولقد تركنا ما فعلناه بقوم نوح عبرة، فاعتبروا بذلك- أيها الناس-، وأخلصوا لله- تعالى- العبادة والطاعة، لتنجوا من غضبه وعقابه. .

وقوله : ( ولقد تركناها آية ) قال قتادة : أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة . والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن ، كقوله تعالى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) [ يس : 41 ، 42 ] . وقال ( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ) [ الحاقة : 11 ، 12 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( فهل من مدكر ) أي : فهل من يتذكر ويتعظ ؟

قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن ابن مسعود ، قال : أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( فهل من مدكر ) فقال رجل : يا أبا عبد الرحمن ، مدكر أو مذكر ؟ قال : أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مدكر )

وهكذا رواه البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود بن يزيد ، عن عبد الله قال : قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( فهل من مذكر ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( فهل من مدكر )

وروى البخاري أيضا من حديث شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن عبد الله ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : ( فهل من مدكر ) .

وقال : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ; أنه سمع رجلا يسأل الأسود : ( فهل من مدكر ) أو ) مذكر ) ؟ قال : سمعت عبد الله يقرأ : ( فهل من مدكر ) . وقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها : ( فهل من مدكر ) دالا .

وقد أخرج مسلم هذا الحديث وأهل السنن إلا ابن ماجه ، من حديث أبي إسحاق .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)

يقول تعالى ذكره: ولقد تركنا السفينة التي حملنا فيها نوحا ومن كان معه آية, يعني عِبْرة وعظة لمن بعد قوم نوح من الأمم ليعتبروا ويتعظوا, فينتهوا عن أن يسلكوا مسلكهم في الكفر بالله, وتكذيب رسله, فيصيبهم مثل ما أصابهم من العقوبة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: أبقاها الله بباقَردى من أرض الجزيرة, عبرة وآية, حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة نظرا, وكم من سفينة كانت بعدها قد صارت رمادا.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً ) قال: ألقى الله سفينة نوح على الجوديّ حتى أدركها أوائل هذه الأمة.

قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن مجاهد, أن الله حين غرّق الأرض, جعلت الجبال تشمخ, فتواضع الجوديّ, فرفعه الله على الجبال, وجعل قرار السفينة عليه.

وقوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من ذي تذكر يتذكر ما قد فعلنا بهذه الأمة التي كفرت بربها, وعصت رسوله نوحا, وكذبته فيما أتاهم به عن ربهم من النصيحة, فيعتبر بهم, ويحذر أن يَحل به من عذاب الله بكفره بربه, وتكذيبه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم, مثل الذي حلّ بهم, فينيب إلى التوبة, ويراجع الطاعة. وأصل مدّكر: مفتعل من ذكر, اجتمعت فاء الفعل, وهي ذال, وتاء وهي بعد الذال, فصيرتا دالا مشدّدة, وكذلك تفعل العرب فيما كان أوّله ذالا يتبعها تاء الافتعال يجعلونهما جميعا دالا مشدّدة, فيقولون: ادّكرت ادكارًا, وإنما هو اذتكرت اذتكارا, وفهل من مذتكر, ولكن قيل: ادكرت ومدّكر لما قد وصفت, قد ذُكر عن بعض بني أسد أنهم يقولون في ذلك مذّكر, فيقلبون الدال ويعتبرون الدال والتاء ذالا مشددة, وذُكر عن الأسود بن يزيد أنه قال: قلت لعبد الله بن مسعود: فهل من مدّكر, أو مذّكر, فقال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُذَّكر) يعنى بذال مشددة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: المدّكر: الذي يتذكر, وفي كلام العرب: المذكر: المتذكر.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: فهل من مذّكر.

التدبر :

وقفة
[15] ﴿وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أمَرَنا بالاعتبار بسفينة نوح، وما حدث لنوح في رحلته مع قومه، فكم درسًا خرجت به من هذه الآية؟!
وقفة
[15] ﴿وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أبقي الله ذكر بعض وقائع إهلاك المجرمين؛ لتكون علي تعاقب العصور عبرة للأجيال, وعظة للأبناء بمصير الآباء.
وقفة
[15] ﴿وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ لا يحابي الله أمة ولا قومًا, فمن كفر بأنعمه استحق الدمار, ولنا في السابقين عظة واعتبار.
وقفة
[15] نزول عقوبة الله تعالى بمن عصا وتجبر ﴿وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾.
وقفة
[15] ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [العنكبوت: 35]، ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ الضمير في (منها) راجع القرية سدوم وهم قوم لوط، والضمير في (تركناها) راجع لسفينة نوح عليه السلام.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد أو واقعة في جواب قسم محذوف. قد: حرف تحقيق.
  • ﴿ تَرَكْناها آيَةً:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به يعود على السفينة أو الفعلة. آية: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. أي جعلناها عظة وعبرة يعتبر بها.
  • ﴿ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ:
  • الفاء استئنافية. هل: حرف استفهام لا محل له. من: حرف جر زائد. مدكر: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ خبره محذوف. أي فهل متذكر يتذكر بمعنى معتبر يعتبر.'

المتشابهات :

العنكبوت: 35﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
الذاريات: 37﴿ وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ
القمر: 15﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد ذِكرِ إهلاك قوم نوح؛ ذكرَ اللهُ أنَّه أبقى قصتهم عظة وعبرة؛ ليعتبر من يأتي بعدهم بما حلَّ بهذه الأمة التي كفرت بربها، قال تعالى:
﴿ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مدكر:
1- بإدغال الذال فى الدال المبدلة من تاء الافتعال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالذال، بعد قلب الثاني فى الأول عند الإدغال، وهى قراءة، قتادة، فيما نقل ابن عطية.

مدارسة الآية : [16] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

التفسير :

[16]فكيف كان عذابي ونذري لمن كفر بي وكذب رسلي، ولم يتعظ بما جاءت به؟ إنه كان عظيماً مؤلماً.

{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} أي:فكيف رأيت أيها المخاطب عذاب الله الأليم وإنذاره الذي لا يبقي لأحد عليه حجة.

والاستفهام في قوله- سبحانه-: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ للتهويل والتعجيب من شدة هذا العذاب الذي حاق بقوم نوح- عليه السلام-.

أى: فكيف كان عذابي لهم، وإنذارى إياهم؟ لقد كانا على كيفية هائلة لا يحيط بها الوصف، ولا تحدها العبارة.

والنذر: مفردة نذير، وجمع لتكرار الإنذار من نوح- عليه السلام- لقومه.

قال الجمل: وقرئ في السبع بإثبات الياء وحذفها. وأما في الرسم فلا تثبت لأنها من ياءات الزوائد، وكذا يقال في المواضع الآتية كلها..

وقوله : ( فكيف كان عذابي ونذر ) أي : كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي ولم يتعظ بما جاءت به نذري ، وكيف انتصرت لهم ، وأخذت لهم بالثأر .

وقوله ( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول تعالى ذكره: فكيف كان عذابي لهؤلاء الذين كفروا بربهم من قوم نوح, وكذّبوا رسوله نوحا, إذ تمادوا في غيهم وضلالهم, وكيف كان إنذاري بما فعلت بهم من العقوبة التي أحللت بهم بكفرهم بربهم, وتكذيبهم رسوله نوحا, صلوات الله عليه, وهو إنذار لمن كفر من قومه من قريش, وتحذير منه لهم, أن يحلّ بهم على تماديهم في غيهم, مثل الذي حلّ بقوم نوح من العذاب.

وقوله ( وَنَذَرَ ) يعني: وإنذاري, وهو مصدر.

التدبر :

تفاعل
[16] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ قل: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ، كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» [مسلم 486].
وقفة
[16] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ العذاب دائمًا تسبقه النُذُر، فمن رحمة الله ﷻ بعباده لا يوقع العذاب إلا بعد الإنذار.
وقفة
[16] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ الإنسان العاقل يتعظ بغيره.
تفاعل
[16] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
لمسة
[16] ما فائدة تكرار قوله تعالى عن قوم عاد: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾، في ابتداء القصة وفي آخرها؟ الجواب: أن الأولى تخبر عن عذابهم في الدنيا والثانية عن عذابهم في الآخرة؛ وذلك أن الله اختص عادًا بذكر عذابين لها في قوله تعالى: ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ﴾ [فصلت: 16]، ويصح أن تكون الأولى قبل وقوع العذاب والثانية بعد وقوعه؛ توبيخًا لهم.

الإعراب :

  • ﴿ فَكَيْفَ:
  • الفاء استئنافية. أي فانظر كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» مقدم.
  • ﴿ كانَ عَذابِي:
  • فعل ماض مبني على الفتح. عذابي: اسم «كان» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَنُذُرِ:
  • معطوفة بالواو على «عذابي» وتعرب اعرابها. بمعنى: وانذاري. وأصلها: نذري حذفت الياء خطا مراعاة لفواصل الايات وبقيت الكسرة دالة عليها. وهي جمع نذير وهو الإنذار.'

المتشابهات :

القمر: 16﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 18﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 21﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 30﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد بيان ما حدث لقوم نوح؛ بَيَّنَ سبحانه شديد نكاله وعقابه؛ تهديدًا لمشركي قريش أن يُصيبهم العذاب جزاء تكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم كما أصاب قوم نوح، قال تعالى:
﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ ..

التفسير :

[17] ولقد سَهَّلْنا لفظ القرآن للتلاوة والحفظ، ومعانيه للفهم والتدبر، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر، فهل من متعظ به؟وفي هذه الآية وما ناظرها من السورة حثٌّ على الاستكثار من تلاوة القرآن وتعلمه وتعليمه.

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أي:ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم، ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم، لأنه أحسن الكلام لفظا، وأصدقه معنى، وأبينه تفسيرا، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهله عليه، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العاملون من الحلال والحرام، وأحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر، والعقائد النافعة والأخبار الصادقة، ولهذا كان علم القرآن حفظا وتفسيرا، أسهل العلوم، وأجلها على الإطلاق، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه، قال بعض السلف عند هذه الآية:هل من طالب علم فيعان [عليه]؟ ولهذا يدعو الله عباده إلى الإقبال عليه والتذكر بقوله:{ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله ورحمته على هذه الأمة، حيث جعل كتابه ميسرا في حفظه وفهمه، فقال- تعالى-: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

أى: والله لقد سهلنا القرآن لِلذِّكْرِ أى: للتذكر والحفظ، بأن أنزلناه فصيحا في ألفاظه، بليغا في تراكيبه، واضحا في معانيه، سهل الحفظ لمن أراد أن يحفظه.. فهل من معتبر ومتعظ، بقصصه، ووعده، ووعيده، وأمره، ونهبه؟.

وقد وردت هذه الآية في أعقاب قصة نوح وهود وصالح ولوط- عليهم السلام-، لتأكيد مضمون ما سبق في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ. حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ.

وللتنبيه والإشعار بأن كل قصة من تلك القصص جديرة بإيجاب الاتعاظ، وكافية في الاعتبار والازدجار لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ، أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

والمقصود بالآية الكريمة التحضيض على حفظ القرآن الكريم والاعتبار بمواعظه، والعمل بما فيه من تشريعات حكيمة، وآداب قويمة، وهدايات سامية..

ثم انتقلت إلى الحديث عن قصة قبيلة عاد مع نبيهم هود- عليه السلام- فذكرت ما حل بهم من عقاب بسبب كفرهم وطغيانهم، فقال- تعالى-:

( ولقد يسرنا القرآن للذكر ) أي : سهلنا لفظه ، ويسرنا معناه لمن أراده ، ليتذكر الناس . كما قال : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) ، وقال تعالى : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ) [ مريم : 97 ] .

قال مجاهد : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر ) يعني : هونا قراءته .

وقال السدي : يسرنا تلاوته على الألسن .

وقال الضحاك عن ابن عباس : لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ، ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله ، عز وجل .

قلت : ومن تيسيره تعالى ، على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف " . وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته هاهنا ، ولله الحمد والمنة .

وقوله : ( فهل من مدكر ) أي : فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه ؟

وقال محمد بن كعب القرظي : فهل من منزجر عن المعاصي ؟

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن رافع ، حدثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر - هو الوراق - في قوله تعالى : ( فهل من مدكر ) هل من طالب علم فيعان عليه ؟

وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم ، عن مطر الوراق و [ كذا ] رواه ابن جرير ، وروي عن قتادة مثله .

وقوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن, بيَّناه وفصلناه للذكر, لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ, وهوّناه.

كما حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) قال: هوّناه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) قال: يسَّرنا: بيَّنا.

وقوله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر.

وقد قال بعضهم في تأويل ذلك: هل من طالب علم أو خير فيُعان عليه, وذلك قريب المعنى مما قلناه, ولكنا اخترنا العبارة التي عبرناها في تأويله, لأن ذلك هو الأغلب من معانيه على طاهره.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من طالب خير يُعان عليه.

حدثنا الحسين بن عليّ الصُّدائيّ, قال: ثنا يعقوب, قال: ثني الحارث بن عبيد الإياديّ قال: سمعت قتادة يقول في قول الله ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: هل من طالب خير يُعان عليه.

حدثنا عليّ بن سهل, قال: ثنا ضمرة بن ربيعة أو أيوب بن سويد أو كلاهما, عن ابن شَوْذَب, عن مطر, في قوله ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) قال: هل من طالب علم فيعان عليه.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أي يسرناه للحفظ، وهذا معلوم بالمشاهدة؛ فإنه يحفظه الأطفال الأصاغر وغيرهم حفظًا قويًا، بخلاف غيره من كتب البشر، وقد رُوي أنه لم يُحفظ شيء من كتب الله عن ظهر قلب إلا القرآن.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ القرآنُ بين يديكَ والتَّيسيرُ وعدَ به الربُّ عزَّ وجلَّ، فلم يبق غير صدقِ النِّيةِ.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ من عجيب أمر القرآن أنه مع بلاغته وقوة لفظه وإحكامه فإن الله يسر قراءته وفهمه على عباده ليعملوا به.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ قوله: (لِلذِّكْرِ) قيل في معناه أقوال، وأقربها للصواب: الادكار والاتعاظ، أي: أن من قرأه ليتذكر به ويتعظ به؛ سهل عليه ذلك واتعظ وانتفع، ومما يرجح هذا: قوله بعد ذلك: ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ يعني: هل أحد يدكر؟ مع أن الله سهل القرآن للذكر، أفلا يليق بنا وقد سهله الله للذكر أن نتعظ ونتذكر؟ بلى.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ الخطوة الوحيدة لفهم القرآن هي أن تريد ذلك.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ يسره الله لفظًا ومعنًى، فالتقعر والتكلف في تفسيره مصادمة لمراد الله منه.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ مدكر: أصلها (متذكر)، لكنها خففت؛ لبيان أن القرآن يسير وسهل في قراءته.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ يسرناه للحفظ والقراءة، وليس شيء من كتب الله يقرأ كله ظاهرًا إلا القرآن.
عمل
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ جَرِّب أن تتدبر في آيات الله لتفهم معناها، وانظر كيف ييسر الله لك فهمها، حتى تفهم منها ما لا يفهمه كثير من الناس.
عمل
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ يسر الله حفظه وفهمه وأحكامه، وتُنال بقدر الادكار والاعتبار، فأقبل على حفظه وتدبره والعمل به.
عمل
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أيها المتدبر: تدبر القرآن يسير، هذا وعد الله؛ فلا يغلبنك التسويف.
اسقاط
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ إذا عسُر عليك فهم القرآن فتفقد قلبك، فمُحال أن يعسُر على من أخلصه لله وأخذ بالأسباب، إنه وعد لا يتخلف.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أجب، فهل من مدكر؟!
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ من أقبل على القرآن بصدق؛ يسر الله له مطلوبه.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ مخجل، أن يصرح الله بالتفسير فى آية ثم يهجر، الخلل فى إيماننا ليس فى أعذارنا.
وقفة
[17] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ تكررت هذه الآية في هذه السورة، مع ذكر قصص الأنبياء، إشارة إلى هيمنة القرآن على الكتب السماوية الأخرى.
عمل
[17] حدد آية أو آيات وتأمل ما فيها من عظات ومن مقاصد ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾.
وقفة
[17] هو قرآن واحد يراه البلغاء أوفى كلام بلطائف التعبير، ويراه العامة أحسن كلام وأقربه إلى عقولهم، لا يلتوي على أفهامهم، ولا يحتاجون فيه إلى ترجمان وراء وضع اللغة، فهو متعة العامة والخاصة على السواء، ميسر لكل من أراد: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾.
وقفة
[17] القرآن المجيد ليس صورة لنفسية فرد ولا مرآة، ولا لعقلية شعب، ولا سِجِلًّا لتاريخ عصر؛ وإنما هو كتاب الإنسانية المفتوح، ومنهلها المورود، فمهما تتباعد الأقطار والعصور، ومهما تتعدد الأجناس والألوان واللغات، ومهما تتفاوت المشارب والنزعات؛ سيجد فيه كل طالب للحق سبيلاً ممهدًا، يهديه إلى الله، على بصيرة وبينة: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾.
عمل
[17] ابذل من نفسك، واتعب في تحصيل القرآن، أما أن تتمنى وتسترخي وتخطط ولا تنفذ، فلا يمكن أن تحفظ بهذه الطريقة، أما قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾، فالتيسير هذا لا ينافي المشقة عند بعض الناس، والله جل وعلا إذا علم صدق النية من الشخص أعانه عليه ويسره له.
وقفة
[17] يا قائم رمضان: استجمع الفؤاد، وعش مع هذه الآيات في عظاتها! عش مع أهل الجنة في نعيمهم وسروهم، حتى تتحرك النفس إلى الجنان، وعش مع أهل النار في جحيمهم وسعيرهم، فإن هذا يزكي الفؤاد حال تذكرهما، ويكسبه الرقة والخوف من رب العباد، فما تفكر عبد في آيات القرآن إلا تذكر: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ فكن ذلك المدكر!
وقفة
[17] أنزل الله القرآن يحتوي على عجائب الحكم، فمن فتشه بيد الفهم، وحادثه في خلوة الفكر، استجلب رضا المتكلم به، وحظي بالزلفى لديه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾.
وقفة
[17] ﴿لِلذِّكْرِ﴾ أي: للتذكر والاعتبار, وهذا دليل على أن التدبر سهل ميسور على من نظر للقرآن, وهذا من حفظ الله لدينه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة الخامسة عشرة. القرآن: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. للذكر: جار ومجرور متعلق بيسرنا بمعنى سهلناه للاتعاظ‍ وللحفظ‍ فهل من متعظ‍ يتعظ‍.'

المتشابهات :

القمر: 17﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
القمر: 22﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
القمر: 32﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
القمر: 40﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا كانت هذه النِّذارةُ بُلِغت بالقرآنِ، والمشركون مُعرضون عن استماعه، حارمين أنفسَهم من فوائدِه؛ جاء هنا الامتنان بالقرآن، وبيان أن اللهَ يسَّرَه وسَهَّله، وحثَّ على تَدَبُّرِه؛ لأنَّ التَّدبُّرَ يأتِي بِتَجَنُّبِ الضَّلالِ ويُرشِدُ إلى مَسالِكِ الاهتِداءِ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي ..

التفسير :

[18] كذبت عاد هوداً فعاقبناهم، فكيف كان عذابي لهم على كفرهم، ونذري على تكذيب رسولهم، وعدم الإيمان به؟ إنه كان عظيماً مؤلماً.

{ وعاد} هي القبيلة المعروفة باليمن، أرسل الله إليهم هودا عليه السلام يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته، فكذبوه

والمراد بعاد، تلك القبيلة التي ينتهى نسبها إلى جدهم عاد، وكانت مساكنهم بالأحقاف في جنوب الجزيرة العربية. وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله- تعالى- إليهم نبيهم هودا- عليه السلام- لكي يأمرهم بعبادة الله- تعالى- وحده، وينهاهم عن عبادة غيره..

وقد جاء الحديث عنهم بصورة أكثر تفصيلا، في سور: الأعراف، وهود، والشعراء، والأحقاف ... ولم تعطف قصتهم هنا على قصة نوح التي قبلها، للإشعار بأنها قصة مستقلة جديرة بأن يعتبر بها المعتبرون، ويتعظ بها المتعظون..

وحذف المفعول في قوله: كَذَّبَتْ عادٌ للعلم به وهو نبيهم هود- عليه السلام- أى: كذبت قبيلة عاد نبيها هودا- عليه السلام-.

والاستفهام في قوله- سبحانه-: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ للتهويل، ولتشويق السامعين إلى معرفة العذاب الشديد الذي حل بهم. أى: كذبت قبيلة عاد نبيها، فهل علمتم ما حل بها من دمار وهلاك؟ إن كنتم لم تعلموا ذلك فهاكم خبره..

قول تعالى مخبرا عن عاد قوم هود : إنهم كذبوا رسولهم أيضا ، كما صنع قوم نوح

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18)

يقول تعالى ذكره: كذّبت أيضا عاد نبيهم هودا صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به عن الله, كالذي كذّبت قوم نوح, وكالذي كذّبتم مَعْشر قريش نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى جميع رسله,( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول: فانظروا معشر كفرة قريش بالله كيف كان عذابي إياهم, وعقابي لهم على كفرهم بالله, وتكذيبهم رسوله هودا وإنذاري بفعلي بهم ما فعلت من سلك طرائقهم, وكانوا على مثل ما كانوا عليه من التمادي في الغيّ والضلالة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[18] ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ﴾ الحكم على عاد بالتكذيب عام، ذلك أن معظمهم كذبوا هودًا، وما آمن معه إلا قليل.
وقفة
[18] ﴿كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر﴾ ثم أعاده في القصة الثانية، فما فائدة ذلك؟ الجواب: يحتمل وجوها: الأول: أن الأول وعيد لهم بما تقدم لغيرهم من قوم نوح، والثاني لهم ولغيرهم من بعدهم. الثاني: أن الأول أريد به عذاب الدنيا، والثاني أريد به عذاب الآخرة، وعبر بلفظ الماضي لتحقق وقوعه. الثالث: أن الأول فيه حذف مضاف تقديره: فكيف كان وعيد عذابي، والثاني أريد به نفس العذاب بعد وقوعه.
لمسة
[18] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ هذا سؤال جوابه: كان عذابًا شديدًا أليمًا، فالاستفهام للتفخيم والتعظيم، وكذلك كانت النُّذُر عظيمة.
تفاعل
[18] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.
لمسة
[16] ما فائدة تكرار قوله تعالى عن قوم عاد: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾، في ابتداء القصة وفي آخرها؟ الجواب: أن الأولى تخبر عن عذابهم في الدنيا والثانية عن عذابهم في الآخرة؛ وذلك أن الله اختص عادًا بذكر عذابين لها في قوله تعالى: ﴿لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ﴾ [فصلت: 16]، ويصح أن تكون الأولى قبل وقوع العذاب والثانية بعد وقوعه؛ توبيخًا لهم.
تفاعل
[18] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ﴾ قل: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ، كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» [مسلم 486].

الإعراب :

  • ﴿ كَذَّبَتْ عادٌ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. عاد: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وحذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم.
  • ﴿ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ:
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة.'

المتشابهات :

القمر: 16﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 18﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 21﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 30﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     2- عادٌ: كَذَّبُوا نبيَهم هودًا عليه السلام، قال تعالى :
﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ..

التفسير :

[19] إنَّا أرسلنا عليهم ريحاً شديدة البرد، في يوم شؤم مستمر عليهم بالعذاب والهلاك،

فأرسل الله عليهم{ رِيحًا صَرْصَرًا} أي:شديدة جدا،{ فِي يَوْمِ نَحْسٍ} أي:شديد العذاب والشقاء عليهم،{ مُسْتَمِرٍّ} عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما.

إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ... أى: إنا أرسلنا عليهم ريحا شديدة البرودة والقوة، ذات صوت هائل.

فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ أى: في يوم مشئوم عليهم، وشؤمه دائم ومستمر لم ينقطع عنهم حتى دمرهم.

قال ابن كثير: قوله: مُسْتَمِرٍّ أى: مستمر عليهم نحسه ودماره، لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروى...

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ، لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ .

وإضافة «يوم» إلى «نحس» من إضافة الزمان إلى ما يقع فيه، كقولهم: يوم فتح خيبر ...

والمراد أنه يوم منحوس ومشئوم بالنسبة لهؤلاء المهلكين، وليس المراد أنه يوم منحوس بذاته، لأن الأيام يداولها الله- تعالى- بين الناس، بمقتضى إرادته وحكمته.

وأنه تعالى أرسل ( عليهم ريحا صرصرا ) ، وهي الباردة الشديدة البرد ، ( في يوم نحس ) أي : عليهم . قاله الضحاك ، وقتادة ، والسدي . ) مستمر ) عليهم نحسه ودماره ; لأنه يوم اتصل فيه عذابهم الدنيوي بالأخروي .

وقوله ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ) يقول تعالى ذكره: إنا بعثنا على عاد إذ تمادوا في طغيانهم وكفرهم بالله ريحا صرصرا, وهي الشديدة العصوف في برد, التي لصوتها صرير, وهي مأخوذة من شدة صوت هبوبها إذا سمع فيها كهيئة قول القائل: صرّ, فقيل منه: صرصر, كما قيل: فكبكبوا فيها, من فكبوا, ونَهْنَهْتَ من نَهَهْتَ.

وبنحو الذي قلتا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: ريحا باردة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا ) والصَّرصر: الباردة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: الصَّرصر: الباردة.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) باردة.

حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: شديدة, والصرصر: الباردة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( رِيحًا صَرْصَرًا ) قال: الصرصر: الشديدة.

وقوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) يقول: في يوم شرّ وشؤم لهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, قال: النَّحْس: الشؤم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) قال النحس: الشرّ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) في يوم شرّ.

وقد تأوّل ذلك آخرون بمعنى شديد, ومن تأوّل ذلك كذلك فإنه يجعله من صفة اليوم, ومن جعله من صفة اليوم, فإنه ينبغي أن يكون قراءته بتنوين اليوم, وكسر الحاء من النحْس, فيكون ( فِي يَوْمٍ نَحِسٍ ) كما قال جلّ ثناؤه فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ولا أعلم أحدا قرأ ذلك كذلك في هذا الموضع, غير أن الرواية التي ذكرت في تأويل ذلك عمن ذكرت عنه على ما وصفنا تدلّ على أن ذلك كان قراءة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) قال: أيام شداد.

وحُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ ) يوم شديد.

وقوله ( مُسَتَمِرٍّ ) يقول: في يوم شرّ وشؤم, استمرّ بهم البلاء والعذاب فيه إلى أن وافي بهم جهنم.

كما حدثنا بشر, قال:. ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) يستمرّ بهم إلى نار جهنم.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ﴾ ريحًا صرصرًا: أي ريح شديدة البرودة حتى تصلَّبت أجسادهم من شدَّتها.
وقفة
[19] ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ﴾ أهلكهم الله بأهون الأسباب وألطف المخلوقات: الريح التي تجوب الآفاق، فلما افتخروا بقوتهم أذلهم الله بأضعف خلقه.
وقفة
[19] ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ﴾ لم نشهد إهلاكَ المكذبين، ولكن الله صوَّر لنا تفاصيلَ إهلاكهم كأننا نراها رأيَ العين؛ تذكرةً وعبرة.
وقفة
[19] ﴿يَومِ نَحسٍ مُستَمِرٍّ﴾ فالعذاب بدأ منذ أن أرسلت عليهم ﴿ريحًا صَرصَرًا﴾ حتى يوم القيامة ودخلوهم جهنم ولئس المصير.
وقفة
[19] ﴿في يوم نحس مستمر﴾، ﴿في أيام نحسات﴾ [فصلت: 16]، ﴿سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما﴾ [الحاقة: 7]؛ اليوم يعبر به عن الأيام كقولهم: يوم الحرة، ويوم بعاث، وقد يراد به اليوم الذي بدأ به الريح، يقال: كان آخر أربعًا في الشهر.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ
  • تعرب اعراب الآية الكريمة السادسة عشرة من سورة «فصلت» ان حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» والجملة الفعلية بعدها: في محل رفع خبر «ان» نحس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. مستمر: صفة -نعت-ليوم مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.'

المتشابهات :

فصلت: 16﴿فَـ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ
القمر: 19﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ تكذيبَهم، وأعقبه تعذيبَهم؛ جاء هنا تفصيل لما أجمل سابقًا من العذاب، قال تعالى:
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فى يوم نحس:
1- على الإضافة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتنوين الأول، وكسر الحاء من الثاني، على أنه صفة، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [20] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ ..

التفسير :

[20] تقتلع الناس من مواضعهم على الأرض، فترمي بهم على رؤوسهم فتدق أعناقهم، وتفصل رؤوسهم عن أجسادهم، فتتركهم كالنخل المنقلع من أصله.

{ تَنْزِعُ النَّاسَ} من شدتها، فترفعهم إلى جو السماء، ثم تدفعهم بالأرض فتهلكهم، فيصبحون{ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} أي:كأن جثثهم بعد هلاكهم مثل جذوع النخل الخاوي الذي أصابتهالريح فسقط على الأرض، فما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره

وقوله: تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ بيان لقوة هذه الريح وشدتها..

والنزع: الإزالة للشيء بعنف، حتى يزول عن آخره، وينفصل عما كان متصلا به.

والمراد بالناس: هؤلاء المهلكين من قوم هود- عليه السلام-.

والأعجاز: جمع عجز، وهو مؤخر الشيء وأسفله. وأعجاز النخل: أصولها التي تقوم عليها. والمراد بها هنا: النخل بتمامه ما عدا الفروع.

وقوله: مُنْقَعِرٍ اسم فاعل انقعر، مطاوع قعره أى: بلغ قعره بالحفر، يقال: قعر فلان البئر إذا بلغ قعرها في الحفر، وهو صفة للنخل. أى: أن الريح لشدتها وقوتها، كانت تقتلعهم من أماكنهم، وتلقى بهم بعيدا وهم صرعى، فكأنهم وهم ممددون على الأرض هلكى، أعجاز نخل قد انقلع عن أصوله، وسقط على الأرض ...

قال ابن كثير: وذلك أن الريح كانت تأتى أحدهم، فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار. ثم تنكسه على أم رأسه، فيسقط على الأرض، فتنخلع رأسه فيبقى جثة بلا رأس، ولهذا قال:

كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ .

فالآية الكريمة فيها ما فيها من التفظيع لما أصابهم من هلاك واستئصال.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ. سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى، كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ .

وقوله : ( تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ) وذلك أن الريح كانت تأتي أحدهم فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار ، ثم تنكسه على أم رأسه ، فيسقط إلى الأرض ، فتثلغ رأسه فيبقى جثة بلا رأس ; ولهذا قال : ( كأنهم أعجاز نخل منقعر فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) .

وقوله ( تَنزعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) يقول: تقتلع الناس ثم ترمي بهم على رءوسهم, فتندقّ رقابهم, وتبين من أجسامهم.

كما حدثنا ابن حُميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: لما هاجت الريح قام نفر من عاد سبعة شَماليَّا, منهم ستة من أشدّ عاد وأجسمها, منهم عمرو بن الحُلَيِّ والحارث بن شداد والهلقام وابنا تيقن وخَلَجان بن أسعد, فأدلجوا العيال في شعب بين جبلين, ثم اصطفوا على باب الشعب ليردّوا الريح عمن بالشِّعب من العِيال, فجعلت الريح تخفقُهم رجلا رجلا فقالت امرأة من عاد:

ذَهَـــبَ الدَّهْـــرُ بعَمْـــرِو بْ

نِ حُــــــلَيٍّ والهَنيَّــــــاتِ

ثُــــمَّ بالحــــارِثِ والهِـــلْ

قــــامِ طَــــلاعِ الثَّنيَّـــاتِ

وَالَّـــذِي سَـــدَّ عَلَيْنــا الــرّ

يـــــحَ أيَّــــامَ البَلِيَّــــاتِ (4)

حدثنا العباس بن الوليد البيروتي, قال: أخبرني أبي, قال: ثني إسماعيل بن عياش, عن محمد بن إسحاق قال: لما هبَّت الريح قام سبعة من عاد, فقالوا: نردّ الريح, فأتوا فم الشعب الذي يأتي منه الريح, فوقفوا عليه, فجعلت الريح تهبّ, فتدخل تحت واحد واحد, فتقتلعه من الأرض فترمي به على رأسه, فتندقّ رقبته, ففعلت ذلك بستة منهم, وتركتهم كما قال الله ( أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) وبقي الخلجان فأتى هودا فقال: يا هود ما هذا الذي أرى في السحاب كهيئة البخاتيّ؟ قال: تلك ملائكة ربي, قال: ما لي إن أسلمت ؟ قال: تَسْلَم, قال: أيُقيدني ربك إن أسلمت من هؤلاء؟ فقال: ويلك أرأيت ملكا يقيد جنوده؟ فقال: وعزّته لو فعل ما رضيت. قال: ثم مال إلى جانب الجبل, فأخذ بركن منه فهزّه, فاهتز في يده, ثم جعل يقول:

لَــمْ يَبْــقَ إلا الخَلَجــانُ نَفْسُــهُ

يــا لَــكَ مِــنْ دَهــانِي أمْسُـهُ

بِثــابِتِ الــوَطْءِ شَــدِيدٍ وَطْسُـهُ

لَــوْ لَــمْ يَجِــئْني جِئْتُـهُ أحُسُّـهُ (5)

قال: ثم هبت الريح فألحقته بأصحابه.

حدثني محمد بن إبراهيم, قال: ثنا مسلم بن إبراهيم, قال: ثنا نوح بن قيس, قال: ثنا محمد بن سيف, عن الحسن, قال: لما أقبلت الريح قام إليها قوم عاد, فأخذ بعضهم بأيدي بعض كما تفعل الأعاجم, وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا: يا هود من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كنت صادقا, فأرسل الله عليهم الريح فصيرتهم كأنهم أعجاز نخل مُنْقَعر.

حدثني محمد بن إبراهيم, قال: ثنا مسلم, قال: ثنا نوح بن قيس, قال: ثنا أشعث بن جابر, عن شهر بن حوشب, عن أبي هريرة, قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراعين من حجارة, لو اجتمع عليها خمس مئة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوها, وإن كان الرجل منهم ليغمز قدمه في الأرض, فتدخل في الأرض, وقال: " كأنهم أعجاز نخل " ; ومعنى الكلام: فيتركهم كأنهم أعجاز نخل منقعر, فترك ذكر فيتركهم استغناء بدلالة الكلام عليه. وقيل: إنما شبههم بأعجاز نخل منقعر, لأن رءوسهم كانت تبين من أجسامهم, فتذهب لذلك رِقابهم, وتبقى أجسادهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثنا خلف بن خليفة, عن هلال بن خباب عن مجاهد, في قوله ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) قال: سقطت رءوسهم كأمثال الأخبية, وتفرّدت, أو وتَفَرّقت أعناقهم وقال " أبو جعفر: أنا أشك ", فشبهها بأعجاز نخل منقعر.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( تَنزعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) قال: هم قوم عاد حين صرعتهم الريح, فكأنهم فلق نخل منقعر .

---------------------

الهوامش :

(4) هذه الأبيات لامرأة من عاد قوم هود عليه السلام ( هامش القرطبي 17 : 136 ) . وقد ذكر المؤلف الأبيات في قصة عاد حينما سلط الله عليهم الريح . والله أعلم بمن قالها وبمن رواها . وقوله ( علينا ) . زيادة لإصلاح الوزن ، وهي ساقطة من الأصل .

(5) وهذان البيتان من الأشعار التي رواها أهل القصص في قصة هلاك عاد قوم هود بالريح . وقد أوردها الثعلبي المفسر في كتابه قصص الأنبياء المشهور بعرائس المجالس ص 64 من طبعة الحلبي أ . هـ.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ قال ابن كثير: «وذلك أن الريح كانت تأتي أحدهم، فترفعه حتى تغيِّبه عن الأبصار، ثم تُنكِّسه على أُمِّ رأسه، فيسقط على الأرض، فتخلغ رأسه، فيبقى جثة بلا رأس، ولهذا قال: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾».
تفاعل
[20] ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[20] ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلِ مُنْقَعِرٍ﴾ ذكَّر وصفَ النخلِ هنا بـ (مُنْقَعِر)، وأنَّثه فى الحاقَّة بـ ﴿خاوية﴾ [الحاقة: 7]؛ رعايةً للفواصل فيهما، وجاز فيه الأمر نظرًا إلى لفظ النخل تارةً فيُذكَّر، وإِلى معناه أخرى فيُؤنَّث.

الإعراب :

  • ﴿ تَنْزِعُ النّاسَ:
  • الجملة: في محل نصب-صفة-نعت-لريحا صرصرا أو في محل نصب حال لها لأنها نكرة مخصوصة. تنزع: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الناس: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى: تقلع الناس من أماكنهم.
  • ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ:
  • الجملة المشبهة: في محل نصب حال. أي تقلعهم أمثال جذوع نخل منقلع من مغارسه. أي ساقط‍ على الأرض في هذه الحال. كأن: حرف نصب مشبه بالفعل للتشبيه. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «كأن».أعجاز: خبرها مرفوع بالضمة. وجاء في تفسير الطبري: المعنى: تنزع الناس فتتركهم كأعجاز نخل فتكون الكاف على هذا المعنى اسما مبنيا على الفتح في محل نصب بالفعل المحذوف أي حالا منهم.
  • ﴿ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. منقعر: صفة-نعت-لنخل مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. وجاءت الصفة مذكر على لفظ‍ «نخل» لا معناها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ الريحَ؛ ذكرَ هنا ما فعلت بهم هذه الريح الصَرْصَر، قال تعالى:
﴿ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أعجاز:
وقرئ:
أعجز، نحو: ضبع وأضبع، وهى قراءة أبى نهيك.

مدارسة الآية : [21] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

التفسير :

[21] فكيف كان عذابي ونذري لمن كفر بي، وكذَّب رسلي ولم يؤمن بهم؟ إنه كان عظيماً مؤلماً.

{ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} كان [والله] العذاب الأليم، والنذارة التي ما أبقت لأحد عليه حجة،

ثم ختم- سبحانه- قصة هؤلاء الطغاة، بمثل ما ختم به قصة قوم نوح، من تذكير للناس بما أصاب هؤلاء الظالمين من عذاب أليم، ومن دعوتهم إلى الاعتبار بقصص القرآن، وزواجره ووعده ووعيده.. فقال- تعالى-: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ.

أي فعاقبتهم فكيف كان عقابي لهم على كفرهم بي وتكذيبهم رسولي.

( فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) يقول تعالى ذكره: فانظروا يا معشر كفار قريش, كيف كان عذابي قوم عاد, إذ كفروا بربهم, وكذّبوا رسوله, فإن ذلك سنة الله في أمثالهم, وكيف كان إنذاري بهم مَنْ أنذرت.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ كرر السؤال لاختلاف أنواع العذاب وألوان الإنذار.
وقفة
[21] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ كرر هذه الآية البليغة؛ لينبه السامع عند كل قصة، فيعتبر بها، إذ كل قصة من القصص التي ذكرت عبرة وموعظة، فختم كل واحدة بما يوقظ السامع من الوعيد.
وقفة
[21] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ تلقي بعض الأسئلة وتترك بلا جواب, حين يكون جوابها أعظم من أن يتحدث عنه.

الإعراب :

  • ﴿ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة.'

المتشابهات :

القمر: 16﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 18﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 21﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
القمر: 30﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     وبعد بيان ما حدثَ لعاد؛ بَيَّنَ سبحانه شديد نكاله وعقابه؛ تهديدًا لمشركي قريش أن يُصيبهم العذاب جزاء تكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم كما أصابَ عاد، قال تعالى:
﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ ..

التفسير :

[22] ولقد سَهَّلنا لفظ القرآن للتلاوة والحفظ، ومعانيه للفهم والتدبر، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر، فهل من متعظ به؟

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} كرر تعالى ذلك رحمة بعباده وعناية بهم، حيث دعاهم إلى ما يصلح دنياهم وأخراهم.

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

ثم جاءت بعد قصة قوم هود، قصة قوم صالح- عليهما السلام- فقال- سبحانه-:

أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس كما قال "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب" وقال تعالى "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا".

قال مجاهد "ولقد يسرنا القرآن للذكر" يعني هونا قراءته وقال السدي يسرنا تلاوته على الألسن وقال الضحاك عن ابن عباس لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل قلت ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف" وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة وقوله "فهل من مدكر" أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه؟ وقال محمد بن كعب القرظي فهل من منزجر عن المعاصي؟ وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا الحسن بن رافع حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر هو الوراق في قوله تعالى "فهل من مدكر" هل من طالب علم فيعان عليه وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم عن مطر الوراق ورواه ابن جرير وروى عن قتادة مثله.

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22)

يقول تعالى ذكره: ولقد سهلنا القرآن وهوّناه لمن أراد التذكر به والاتعاظ ( فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) يقول: فهل من متعظ ومنـزجر بآياته.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أصلها متذكر، لكنها خففت لبيان أن القرآن يسير وسهل في قراءته.
وقفة
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ لن يستعصي حفظه ويستغلق فهمه على عبد صدق مع الله في نيته.
وقفة
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ يسرناه للحفظ والقراءة، وليس شيء من كتب الله يقرأ كله ظاهرًا إلا القرآن.
وقفة
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ جرب أن تتدبر في آيات الله لتفهم معناها، وانظر كيف ييسر الله لك فهمها حتى تفهم منها ما لا يفهمه كثير من الناس.
عمل
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ يسر الله حفظه وفهمه وأحكامه، وتُنال بقدر الأدكار والاعتبار، فأقبل على حفظه وتدبره والعمل به.
عمل
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أيها المتدبر: تدبر القرآن يسير، هذا وعد الله؛ فلا يغلبنك التسويف.
عمل
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ إذا عسُر عليك فهم القرآن فتفقد قلبك، فمُحال أن يعسُر على من أخلصه لله وأخذ بالأسباب، إنه وعد لا يتخلف.
وقفة
[22] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ أجب، فهل من مدكر؟!
وقفة
[22] لا يحتاج المؤمنون بعد القرآن الذي يسره الله للذكر: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾، وبعد بيان النبي ﷺ له: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44] إلى تقليد أحد.
وقفة
[22] تبسيط العلم منهج رباني، تأمل قوله تعالى عن كتابه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾، والناس يألفون العالم الذي يبسط لهم العلم.
وقفة
[23، 24] ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾ عجيبٌ أمر هؤلاء! لا يتصورون الحق مع الأقلية، مع أنه القانون الإلهي: إن المؤمنين دائمًا قلة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
  • أعربت في الآية الكريمة السابعة عشرة.'

المتشابهات :

القمر: 17﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
القمر: 22﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
القمر: 32﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
القمر: 40﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا كانت هذه النِّذارةُ بُلِغت بالقرآنِ، والمشركون مُعرضون عن استماعه، حارمون أنفسَهم من فوائدِه؛ جاء هنا الامتنان بالقرآن، وبيان أن اللهَ يسَّرَه وسَهَّله، وحثَّ على تَدَبُّرِه؛ لأنَّ التَّدبُّرَ يأتِي بِتَجَنُّبِ الضَّلالِ ويُرشِدُ إلى مَسالِكِ الاهتِداءِ، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ

التفسير :

[23] كذبت ثمود -وهم قوم صالح- بالآيات التي أُنذِروا بها،

أي كذبت ثمود وهم القبيلة المعروفة المشهورة في أرض الحجر، نبيهم

صالحا عليه السلام، حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأنذرهم العقاب إن هم خالفوه

وقصة قبيلة ثمود مع نبيهم صالح- عليه السلام- قد وردت في سور متعددة منها سورة الأعراف، وسورة هود، وسورة الشعراء، وسورة النمل.

وينتهى نسبهم إلى جدهم ثمود، وقيل سموا بذلك لقلة ماء المكان الذي كانوا يعيشون فيه، لأن الثمد هو الماء القليل.

وكانت مساكنهم بالحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم-، وهو مكان يقع بين الحجاز والشام، وما زال معروفا إلى الآن.

ونبيهم صالح- عليه السلام- ينتهى نسبه إلى نوح- عليه السلام-.

وقوله: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ أى: كذبت قبيلة ثمود بالنذر التي جاءتهم عن طريق رسولهم صالح- عليه السلام- فالنذر بمعنى الإنذارات التي أنذرهم بها صالح- عليه السلام-

هذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحا.

وقوله ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ) يقول تعالى ذكره: كذّبت ثمود قوم صالح بنذر الله التي أتتهم من عنده, فقالوا تكذيبا منهم لصالح رسول ربهم: أبشرا منا نتبعه نحن الجماعة الكبيرة وهو واحد؟.

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ
  • أعربت في الآية الكريمة الثامنة عشرة. بالنذر: جار ومجرور متعلق بكذبت.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     3- ثمودُ: كَذَّبُوا نبيَّهم صالحًا عليه السلام، قال تعالى :
﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ ..

التفسير :

[24]فقالوا:أبشراً منا واحداً نتبعه نحن الجماعة الكثيرة وهو واحد؟ إنا إذاً لفي بُعْدٍ عن الصواب وجنون.

فكذبوه واستكبروا عليه، وقالوا -كبرا وتيها-:{ أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} أي:كيف نتبع بشرا، لا ملكا منا، لا من غيرنا، ممن هو أكبر عند الناس منا، ومع ذلك فهو شخص واحد{ إِنَّا إِذًا} أي:إن اتبعناه وهو بهذه الحال{ لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} أي:إنا لضالون أشقياء، وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم، فإنهم أنفوا أن يتبعوا رسولا من البشر، ولم يأنفوا أن يكونوا عابدين للشجر والحجر والصور.

ثم حكى- سبحانه- مظاهر تكذيبهم فقال: فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ....

و «بشرا» منصوب على المفعولية بالفعل «نتبعه» على طريقة الاشتغال، وقدم لاتصاله بهمزة الاستفهام، لأن حقها التصدير، والاستفهام للإنكار، وواحدا صفة لقوله بَشَراً. أى: أن قوم صالح- عليه السلام- حين جاءهم برسالته التي تدعوهم إلى إخلاص العبادة لله- تعالى-، أنكروا ذلك، وقالوا: أنتبع واحدا من البشر جاءنا بهذا الكلام الذي يخالف ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا؟.

إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ أى: إنا إذا لو اتبعناه لصرنا في ضلال عظيم، وفي سُعُرٍ أى وفي جنون واضح، ومنه قولهم: ناقة مسعورة، إذا كانت لا تستقر على حال، وتفرط في سيرها كالمجنونة.

أو المعنى: إنا لو اتبعناه لكنا في ضلال، وفي نيران عظيمة. فالسعر بمعنى النار المسعرة،

( فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر ) ، يقولون : لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا !

وقوله ( إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) يقول: قالوا: إنا إذًا باتباعنا صالحا إن اتبعناه وهو بشر منا واحد لفي ضلال: يعنون: لفي ذهاب عن الصواب وأخذ على غير استقامة وسُعُر: يعنون بالسُّعُر: جمع سَعير.

وكان قتادة يقول: عني بالسُّعُر: العناء.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) : في عناء وعذاب.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ ) قال: ضلال وعناء.

التدبر :

وقفة
[24] ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾ هي الشبهة ذاتها عند دعاة الديمقراطية، لا يتصورون الحق عند الأقلية.
وقفة
[24] من سنن الله تعالى ابتلاء الأنبياء وأتباعهم ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَقالُوا:
  • الفاء عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة
  • ﴿ أَبَشَراً:
  • مفعول به منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده «نتبعه» وعلامة نصبه الفتحة. والهمزة همزة انكار بلفظ‍ استفهام.
  • ﴿ مِنّا ااحِداً:
  • جار ومجرور متعلق بصفة مقدمة لواحدا في محل نصب حال. واحدا: صفة-نعت-لبشرا منصوبة مثلها. بالفتحة المنونة.
  • ﴿ نَتَّبِعُهُ:
  • الجملة الفعلية: مفسرة لا محل لها من الاعراب. وهي: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إِنّا إِذاً:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» وحذفت احدى النونين اختصارا لكثرة الاستعمال. اذا: حرف جواب لا عمل له.
  • ﴿ لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-في ضلال: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» وسعر: معطوفة بالواو على «ضلال» وتعرب اعرابها. بمعنى: لفي ضياع-هلاك-وجنون.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أن ثمود كذبوا إجمالًا؛ فَصَّلَ هنا تكذيبَهم، وحكى عنهم مقالهم، قال تعالى:
﴿ فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أبشرا ... واحدا:
وقرئا:
برفعهما، على الابتداء والوصف، وهى قراءة أبى السمال.

مدارسة الآية : [25] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا ..

التفسير :

[25] أأنزل عليه الوحي وخُصَّ بالنبوة مِن بيننا، وهو واحد منا؟ بل هو كثير الكذب والتجبر.

{ أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا} أي:كيف يخصه الله من بيننا وينزل عليه الذكر؟ فأي مزية خصه من بيننا؟ وهذا اعتراض من المكذبين على الله، لم يزالوا يدلون به، ويصولون ويجولون ويردون به دعوة الرسل، وقد أجاب الله عن هذه الشبهة بقول الرسل لأممهم:{ قالت رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده} فالرسل من الله عليهم بصفات وأخلاق وكمالات، بها صلحوا لرسالات ربهم والاختصاص بوحيه،

ومن رحمته وحكمته أن كانوا من البشر، فلو كانوا من الملائكة لم يمكن البشر، أن يتلقوا عنهم، ولو جعلهم من الملائكة لعاجل الله المكذبين لهم بالعقاب العاجل.

والمقصود بهذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح، تكذيبه، ولهذا حكموا عليه بهذا الحكم الجائر، فقالوا:{ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} أي:كثير الكذب والشر،

فقبحهم الله ما أسفه أحلامهم وأظلمهم، وأشدهم مقابلة للصادقين الناصحين بالخطاب الشنيع، لا جرم عاقبهم الله حين اشتد طغيانهم

ثم أخذوا في تفنيد دعوته، فقالوا: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا.. والاستفهام للإنكار والنفي. والمراد بالإلقاء: الإنزال. وبالذكر: الوحى الذي أوحاه الله- تعالى- إليه، وبلغه لهم. أى: أأنزل الوحى على صالح وحده دوننا؟ لا لم ينزل عليه الوحى دوننا، فهو واحد من أفنائنا، وليس من أشرافنا ...

بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ أى: بل صالح فيما يدعونا إليه كذاب أَشِرٌ أى: بطر متكبر، معجب بنفسه، يقال: أشر فلان، إذا أبطرته النعمة، وصار مغرورا متكبرا على غيره، ولا يستعمل نعم الله فيما خلقت له.

وهكذا الجاهلون الجاحدون، يقلبون الحقائق، وتصير الحسنات في عقولهم سيئات، فصالح- عليه السلام- الذي جاءهم بما يسعدهم، أصبح في نظرهم كذابا مغرورا، لا يليق بهم أن يتبعوه..

ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم ، ثم رموه بالكذب فقالوا : ( بل هو كذاب أشر ) أي : متجاوز في حد الكذب .

القول في تأويل قوله تعالى : أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل مكذّبي رسوله صالح صلى الله عليه وسلم من قومه ثمود: أألقي عليه الذكر من بيننا, يعنون بذلك: أنـزل الوحي وخصّ بالنبوّة من بيننا وهو واحد منا, إنكارا منهم أن يكون الله يُرسل رسولا من بني آدم.

وقوله ( بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ) يقول: قالوا: ما ذلك كذلك, بل هو كذّاب أشر, يعنون بالأشر: المَرِح ذا التجبر والكبرياء, والمَرِح من النشاط.

وقد حدثني الحسن بن محمد بن سعيد القرشيّ, قال: قلت لعبد الرحمن بن أبي حماد: ما الكذّاب الأشر؟ قال: الذي لا يبالي ما قال, وبكسر الشين من الأشر وتخفيف الراء قرأت قراء الأمصار. وذُكر عن مجاهد أنه كان يقرأه: ( كَذَّابٌ أَشُرٌ ) بضم الشين وتخفيف الراء, وذلك في الكلام نظير الحذِر والحذُر والعَجِل والعَجُل.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا, ما عليه قرّاء الأمصار لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

التدبر :

اسقاط
[25] ﴿أألقي الذكر عليه من بيننا﴾ عبارة لا زالت تتكرر، كبرياء جوفاء تنظر إلى الأشخاص لا إلى الواهب، من أوهمك أنك أحق من غيرك؟!
وقفة
[25] ﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ أشِر: شديد الطمع في اختصاص نفسه بالمكانة! وهو الاتهام الذي يواجه كل داعية؛ اتهامه بأنه يتخذ الدعوة ستارًا لتحقيق مآرب ومصالح، وهي دعوى المطموسين الذين لا يدركون دوافع النفوس ومحركات القلوب.
وقفة
[25] ﴿أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ الكذاب لا يثبت ولا يستطيع أن يبني بيتا من طوب؛ فكيف بمن ثبت وبنى عالمًا من المبادئ ؟!.

الإعراب :

  • ﴿ أَءلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ:
  • الهمزة همزة استفهام. ألقي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الذكر: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. عليه: جار ومجرور متعلق بألقي. أي أأنزل عليه الوحي.
  • ﴿ مِنْ بَيْنِنا:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الذكر و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين-في محل جر بالاضافة. أي أأنزل عليه الوحي من بيننا وفينا من هو أحق منه بالاختيار بالنبوة.
  • ﴿ بَلْ هُوَ كَذّابٌ:
  • حرف اضراب للاستئناف لا عمل له. أي لا لم ينزل عليه بل هو كذاب. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كذاب: خبر «هو» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ أَشِرٌ:
  • صفة-نعت-لكذاب مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة.'

المتشابهات :

ص: 8﴿ أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي
القمر: 25﴿ أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     وبعد الإنكارِ والاستِبعادِ؛ كَرَّرُوا هنا الإنكارَ والاستِبعادَ، ثم انتقلوا إلى الجزم بكونه كذابًا أشرًا، قال تعالى:
﴿ أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

كذاب أشر:
وقرئ:
الكذاب الأشر، بلام التعريف فيهما، وبفتح الشين وشد الراء من «الأشر» ، وهى قراءة قتادة، وأبى قلابة.

مدارسة الآية : [26] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ

التفسير :

[26]سَيَرون عند نزول العذاب بهم في الدنيا ويوم القيامة مَنِ الكذاب المتجبر؟

سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ

وقد رد- سبحانه- عليهم ردا يحمل لهم التهديد والوعيد، فقال- تعالى-:

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ.

أى: سيعلم هؤلاء الكافرون، في الغد القريب يوم ينزل بهم العذاب المبين، من هو الكذاب في أقواله، ومن هو المغرور المتكبر على غيره، أصالح- عليه السلام- أم هم؟! والتعبير بالسين في قوله سَيَعْلَمُونَ لتقريب مضمون الجملة وتأكيده.

والمراد بقوله: غَداً الزمن المستقبل القريب الذي سينزل فيه العذاب عليهم..

هذا تهديد لهم شديد ووعيد أكيد.

وقوله ( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ) يقول تعالى ذكره: قال الله لهم: ستعلمون غدا في القيامة من الكذّاب الأشر منكم معشر ثمود, ومن رسولنا صالح حين تردون على ربكم, وهذا التأويل تأويل من قرأه ( سَتَعْلَمُونَ ) بالتاء, وهي قراءة عامة أهل الكوفة سوى عاصم والكسائي. أما تأويل ذلك على قراءة من قرأه بالياء, وهي قراءة عامة قراء أهل المدينة والبصرة وعاصم والكسائي, فإنه قال الله ( سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ ) وترك من الكلام ذكر قال الله, استغناء بدلالة الكلام عليه.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان, قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, لتقارب معنييهما, وصحتهما في الإعراب والتأويل .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[26] ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾ شبَّه يوم القيامة بيوم غد، فما أقرب القيامة! إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته.

الإعراب :

  • ﴿ سَيَعْلَمُونَ غَداً:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- لفعل محذوف تقديره قال .. أي قال الله سبحانه: سيعلمون .. السين: حرف استقبال-تسويف-يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. غدا: ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بسيعلمون.
  • ﴿ مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به لسيعلمون. من: اسم استفهام مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في رفع مبتدأ. الكذاب: خبر «من» مرفوع بالضمة. الأشر: صفة-نعت- للكذاب مرفوعة مثلها بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا قالوا في نبيِّهم ما قالوا؛ رَدَّ اللهُ عليهم ردًّا يحمل لهم التهديد والوعيد، قال تعالى:
﴿ سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سيعلمون:
1- بياء الغيبة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة ابن عامر، وحمزة، وطلحة، وابن وثاب، والأعمش.
الأشر:
وقرئ:
1- بثلاث ضمات وتخفيف الراء، وهى قراءة مجاهد.
2- بفتح الشين وشد الراء، وهى قراءة قتادة، وأبى قلابة، وأبى حيوة.

مدارسة الآية : [27] :القمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ ..

التفسير :

[27] إنا مخرجو الناقة التي سألوها من الصخرة؛ اختباراً لهم، فانتظر -يا صالح- ما يحلُّ بهم من العذاب، واصطبر على دعوتك إياهم وأذاهم لك.

فأرسل الله الناقة التي هي من أكبر النعم عليهم، آية من آيات الله، ونعمة يحتلبون من ضرعهاما يكفيهم أجمعين،{ فِتْنَةً لَهُمْ} أي:اختبارا منه لهم وامتحانا{ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ} أي:اصبر على دعوتك إياهم، وارتقب ما يحل بهم، أو ارتقب هل يؤمنون أو يكفرون؟

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك، ما أمر به نبيه صالحا- عليه السلام- فقال: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ، فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ.

وقوله: مُرْسِلُوا النَّاقَةِ أى: مخرجوها وباعثوها، لأنهم اقترحوا على نبيهم صالح أن يأتيهم بمعجزة تدل على صدقه، لكي يتبعوه، فأخرج الله- تعالى- لهم تلك الناقة، من مكان مرتفع قريب منهم.

وإلى هذا المعنى أشار- سبحانه- في آيات أخرى منها قوله- تعالى-: قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا. فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ .

وقوله فِتْنَةً أى: اختبارا وامتحانا لهم، فهو مفعول لأجله.

وقوله: فَارْتَقِبْهُمْ من الارتقاب بمعنى الانتظار، ومثله وَاصْطَبِرْ فهو من الاصطبار، وأل في قوله: وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ.. للعهد. أى: الماء المعهود لهم، وهو ماء قريتهم الذي يستعملونه في حوائجهم المتنوعة.

ثم قال تعالى : ( إنا مرسلو الناقة فتنة لهم ) أي : اختبارا لهم ; أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء من صخرة صماء طبق ما سألوا ، لتكون حجة الله عليهم في تصديق صالح ، عليه السلام فيما جاءهم به .

ثم قال آمرا لعبده ورسوله صالح : ( فارتقبهم واصطبر ) أي : انتظر ما يئول إليه أمرهم ، واصبر عليهم ، فإن العاقبة لك والنصر لك في الدنيا والآخرة

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27)

يقول تعالى ذكره: إنا باعثوا الناقة التي سألتها ثمودُ صالحا من الهضبة التي سألوه بَعثَتها منها آية لهم, وحجة لصالح على حقيقة نبوّته وصدق قوله.

وقوله ( فِتْنَةً لَهُمْ ) يقول: ابتلاء لهم واختبارا, هل يؤمنون بالله ويتبعون صالحا ويصدّقونه بما دعاهم إليه من توحيد الله إذا أرسل الناقة, أم يكذّبونه ويكفرون بالله؟

وقوله ( فَارْتَقِبْهُمْ ) يقول تعالى ذكره لصالح: إنا مُرسلو الناقة فتنة لهم, فانتظرهم, وتبصَّر ما هم صانعوه بها( وَاصْطَبِرْ ) يقول له : واصطبر على ارتقابهم ولا تعجل ، وانتظر ما يصنعون بناقة الله وقيل : (وَاصْطَبِرْ)وأصل الطاء تاء, فجعلت طاء, وإنما هو افتعل من الصبر.

التدبر :

وقفة
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ﴾ في هذا إشارة إلى أن الله تعالى قد يظهر للإنسان من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، حتى إذا استكبر كان استكباره عن علم، فكان عقابه أشد وأوجع؛ ولهذا جعل الله الناقة فتنة، لأنها أظهرت الحق لهم، ولكن لم يقبلوه.
عمل
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ﴾ انتبه لهذا الاستدراج من الله عز وجل، إذا يسر لك أسباب المعصية، فلا تفعل، فإن الله ربما ييسر أسباب المعصية للإنسان فتنة له.
وقفة
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ﴾ قال الرازي: «المعجزة فتنة؛ لأن بها يتميز حال من يُثاب ممن يُعذب، فالمعجزة ابتلاء؛ لأنها تصديق، وبعد التصديق يتميز المصدّق عن المكذب».
وقفة
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ﴾ تأمَّل في نعم الله تعالى، فإن لم تؤدِّ شكرها فهي فتنةٌ واستدراجٌ وطريق هلاك، أعاذنا الله منها.
عمل
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ﴾ انتبه لهذا الاستدراج من الله! إذا يسر لك أسباب المعصية فلا تفعل فربما يسرها فتنة لك.
عمل
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ﴾ إن الله يهيئ للعبد أسباب المعصية؛ استدراجا له واختبارًا, فكن علي حذر, وفر من المعاصي فرارك من الأسد.
وقفة
[27] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ﴾ لا نجاح لدعوة داع إلا بسلاح الصبر والتجلد, فبمقدار الصبر يكون الفلاح.
وقفة
[27] ﴿فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ﴾ الصبر عدة كل داعية، لا يرتقب ذواتهم وإنما يرتقب أحوالهم وما يحصل لهم من الفتنة عند ظهور الناقة، واصطبر أي اصبر صبرًا لا يعتريه ملل ولا ضجر، صبرًا على تكذيبهم، وصبرًا على عدوانهم، وصبرًا على تأخر النصر عليهم.
وقفة
[27] جاء الأمر بالاصطبار ثلاث مرات في القرآن: ﴿واصطبر لعبادته﴾ [مريم: 65]، ﴿واصطبر عليها﴾ [طه: 132]، ﴿فارتقبهم واصطبر﴾ لعِظَم العبادة عمومًا، والصلاة والدعوة خصوصًا.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا مُرْسِلُوا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» وحذفت احدى النونين اختصارا ولكثرة الاستعمال. مرسلو: خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون تخفيفا للاضافة. وهي من اضافة اسم الفاعل لمفعوله ولهذا حذفت النون.
  • ﴿ النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. فتنة: مفعول له-لأجله-منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أو مفعول مطلق -مصدر-لفعل محذوف بتقدير: فتناهم بذلك فتنة أي ابتليناهم. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من فتنة.
  • ﴿ فَارْتَقِبْهُمْ:
  • الفاء استئنافية. ارتقب: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به بمعنى: فانتظرهم.
  • ﴿ وَاصْطَبِرْ:
  • معطوفة بالواو على «ارتقبهم» وتعرب اعرابها. بمعنى واصبر على أذاهم ولا تعجل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد أن توعدهم اللهُ؛ بَيَّنَ هنا ما أمَرَ به نبيَّه صالحًا عليه السلام، قال تعالى:
﴿ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف