45762636465666768697071727374757677787980818283

الإحصائيات

سورة ص
ترتيب المصحف38ترتيب النزول38
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.30
عدد الآيات88عدد الأجزاء0.26
عدد الأحزاب0.53عدد الأرباع2.10
ترتيب الطول39تبدأ في الجزء23
تنتهي في الجزء23عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 20/29ص: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (62) الى الآية رقم (70) عدد الآيات (9)

بعدَ ذكرِ الحوارِ بَيْنَ أهلِ النَّارِ، ذكرَ هنا حسرتَهُم لعدمِ رؤيتِهم مَن سَخِرُوا منهم في الدُّنيا (فقراءُ المؤمنين)، ثُمَّ بيانُ مهمَّةِ الرَّسولِ ﷺ ووحدانيةِ اللهِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (71) الى الآية رقم (83) عدد الآيات (13)

القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ آدمَ عليه السلام لمَّا خلقَهُ اللهُ وأمرَ الملائكةَ بالسُّجودِ له، فسجدُوا إلا إبليسَ استكبرَ، فطردَهُ اللهُ من الجَنَّةِ ولعنَهُ، فتعهد بإغواءِ الخَلقِ إلا المُخْلَصِينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة ص

العودة إلى الحق دون عناد/ تربية النبي ﷺ على الصبر والتذكير بالقرآن

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • تحدثت السورة عن ثلاثة أنبياء::   سؤال: هل عندما تخطئ تعود إلى الله مرة أخرى؟ أم تتكبر وتصر على رأيك؟
  • • عودة داود::   تحدثت السورة عن ثلاثة أنبياء حصلت أمامهم خصومات أو تسرّعوا في اتخاذ قراراتهم، لكنهم عادوا إلى الحق بسرعة، وهذه العودة إلى الله محمودة؛ لأن المتكبر لا يعود إلى الحق، وإذا رأى نفسه على خطأ فسوف يصر على موقفه عنادًا واستكبارًا، وفي ختام السورة نجد قصة إبليس، الذي كان رمزًا للاستكبار والعناد وعدم العودة إلى الله.
  • • عودة سليمان::   أول قصة ذكرت في السورة هي قصة داوود: ﴿وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (17)، وذات يوم اختصم أمامه خصمان، وقالا له: ﴿فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاء ٱلصّرٰطِ﴾ (22)، فتعجّل داوود في الفتوى وحكم لأحدهما، لكن عودته كانت سريعة: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذٰلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـئَابٍ﴾ (24–25).
  • • عودة أيوب::   والقصة الثانية هي قصة سليمان بن داوود عليهما السلام: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَـٰنَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (30)، وترينا الآيات أيضًا سرعة إنابته: ﴿إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِىّ ٱلصَّـٰفِنَـٰتُ ٱلْجِيَادُ * فَقَالَ إِنّى أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِى حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ﴾ (31-32)، فلما رأى أن الخيل ألهته عن ذكر الله حتى غابت الشمس، قال: ﴿رُدُّوهَا عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ﴾ (33)، فقرر ذبح الخيل كلها لهذا السبب. كما ترينا الآيات مشهدًا آخر من مشاهد إنابته عليه السلام: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَـٰنَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ﴾ (34).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة ص».
  • • معنى الاسم ::   ص: حرف من الحروف الهجائية أو المقطعة التي ابتدأت بها 29 سورة، منها هذه السورة.
  • • سبب التسمية ::   للافتتاحها بهذا الحرف، وينطق (صاد).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة داود»؛ لاشتمالها على قصته، ولذكر اسمه فيه أكثر مما ذُكِرَ في غيرها، حيث ذُكر 5 مرات.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   العودة إلى الحق دون عناد.
  • • علمتني السورة ::   اعلم أن القرآن تذكرة لك في الدنيا: ﴿ص ۚ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الخلاف لا يهدم سورَ الأخوَّةِ والحُبِّ أبدًا: ﴿إِنَّ هَـٰذَا أَخِي﴾ (23)؛ فرغمَ الخصومةِ وَصَفه بـ(أَخِي).
  • • علمتني السورة ::   أن علينا أن نقر بحقوق اﻵخرين قبل المطالبة بحقوقنا: ﴿إِنَّ هَـٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِي (ص)، وَقَالَ: سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنَسْجُدُهَا شُكْرًا».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة ص من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • احتوت السورة على السجدة الـ 11 من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف- في الآية (24).
    • أول سورة من السور التي بدأت بالحروف المقطعة تبدأ بحرف واحد، وبعدها: ق بدأت بـ (ق)، والقلم بدأت بـ (ن).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • ألا نستحي من العودة إلى الحق، ولا نعاند.
    • أن نعتبر بالقرونِ الماضيةِ التي أهلكَها اللهُ: ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ﴾ (3).
    • أن نصبر على أذى من آذانا: ﴿اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (17).
    • أن نتخذ وردًا من التسبيح وغيره من الأذكار في الصباح والمساء: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ﴾ (18).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فهو سبب الضلال والإضلال، ونلزم العدل والحق في حكمنا: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ﴾ (26).
    • أن نتدبر القرآن؛ ولا نتجاوز آيةً إلَّا وقد عَلِمنا ما فيها من العِلمِ والعملِ، وما لنا وما علينا: ﴿لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ (29).
    • أن نحذر أن ننشغل بشيء من الدنيا عن طاعة الله تعالى: ﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ (32).
    • ألا نتوقف عن نداء ربنا مهـما كان الألم: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ (41).
    • أن نستجيب لأوامر الله فورًا، لا كما فعل إبليس: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ (73، 74).
    • ألا نسأل على دعوة الناس إلى الله أجرًا إلا من الله: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ (86).

تمرين حفظ الصفحة : 457

457

مدارسة الآية : [62] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى ..

التفسير :

[62] وقال الطاغون:ما بالنا لا نرى معنا في النار رجالاً كنا نعدهم في الدنيا من الأشرار الأشقياء؟

{ وَقَالُوا} وهم في النار{ مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ} أي:كنا نزعم أنهم من الأشرار، المستحقين لعذاب النار، وهم المؤمنون، تفقدهم أهل النار - قبحهم اللّه - هل يرونهم في النار؟

ثم حكى- سبحانه- ما يقوله أئمة الكفر، عند ما يدورون بأعينهم في النار، فلا يرون المؤمنين الذين كانوا يستهزئون بهم في الدنيا فقال: وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ ... أى: وقال رؤساء الكفر على سبيل التحسر والتعجب وهم ملقون في النار ما لنا لا نرى معنا في جهنم رجالا من فقراء المؤمنين، كنا نعدهم في الدنيا من الأراذل الأخساء، لسوء حالهم، وقلة ذات يدهم.

قال القرطبي: قال ابن عباس: يريدون أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلم يقول أبو جهل: أين بلال؟ أين صهيب؟ أين عمار؟ أولئك في الفردوس، وا عجبا لأبى جهل! مسكين أسلم ابنه عكرمة، وابنته جويرية، وأسلمت أمه، وأسلم أخوه. وكفر هو. قال:

ونورا أضاء الأرض شرقا ومغربا ... وموضع رجلي منه أسود مظلم

( وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار ) هذا إخبار عن الكفار في النار أنهم يفقدون رجالا كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة وهم المؤمنون في زعمهم قالوا : ما لنا لا نراهم معنا في النار ؟ .

قال مجاهد : هذا قول أبي جهل يقول : ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وفلانا وفلانا . وهذا مثل ضرب ، وإلا فكل الكفار هذا حالهم : يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم فقالوا : ( ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ (62)

يقول تعالى ذكره: قال الطاغون الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هذه الآيات, وهم فيما ذُكر أبو جهل والوليد بن المُغيرة وذووهما: ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا ) يقول: ما بالنا لا نرى معنا في النار رجالا( كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) يقول: كنا نعدهم في الدنيا من أشرارنا, وعنوا بذلك فيما ذُكر صُهَيْبا وخَبَّابا وبِلالا وسَلْمان.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن ليث, عن مجاهد, في قوله ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال: ذاك أبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة, وذكر أناسا صُهيبا وَعَمَّارًا وخبابا, كنَّا نعدّهم من الأشرار في الدنيا.

حدثنا أبو السائب, قال: ثنا ابن إدريس, قال: سمعت ليثا يذكر عن مجاهد في قوله ( وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال: قالوا: أين سَلْمان؟ أين خَبَّاب؟ أين بِلال؟.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[62] ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ﴾ هؤلاءِ الأشرارُ الآن في الجَنَّةِ، دعُوا تاريخَكم المَليءَ بالسخريةِ ينفعكم.
وقفة
[62] ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ﴾ نعوذ بالله من تمكن الكفر، وهم في قعر الجحيم ما زالوا مسكونين بهاجس الفوقية.
وقفة
[62] ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ﴾ أي كنا نحسبهم أشقياء؛ قد خسروا لذة الحياة باتباعهم الإسلام ورضاهم بشظف العيش.
وقفة
[62] مقاييس الخير والشر والاحترام والازدراء مختلفة يوم القيامة ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ﴾.
وقفة
[62] ﴿وَقالوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنّا نَعُدُّهُم مِنَ الأَشرارِ﴾ الاعتقاد السيئ فى البعض ليس دائما صحيحًا.
وقفة
[62] ﴿وَقالوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنّا نَعُدُّهُم مِنَ الأَشرارِ﴾ ويدور حول نفس المعنى قوله تعالى: ﴿أَهؤُلاءِ الَّذينَ أَقسَمتُم لا يَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحمَةٍ ادخُلُوا الجَنَّةَ لا خَوفٌ عَلَيكُم وَلا أَنتُم تَحزَنونَ﴾ [الأعراف: ٤٩].
وقفة
[62] ﴿وَقالوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنّا نَعُدُّهُم مِنَ الأَشرارِ﴾ قد يصل سوء الظن بالبعض لدرجات مخيفة.
عمل
[62] ﴿وَقالوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنّا نَعُدُّهُم مِنَ الأَشرارِ﴾ تأملوا: هؤلاء الرجال من صحابة رسول الله هم العدول الثقات، فلست خيرًا منهم حين يظن بك البعض سوءًا؛ فاصبر واحتسب.
وقفة
[62] ﴿مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ﴾ هذه مشكلة الناس أنهم لا يعرفون قدر الناس إلا بعد فوات الأوان.
وقفة
[62] ﴿رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ﴾ كم من محتقر في الدنيا مكرَّم عند الله!

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • معطوفة بالواو على «قالوا» في الآية الكريمة الستين. وهو قول زعماء المشركين.
  • ﴿ ما لَنا لا نَرى رِجالاً:
  • ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لنا: جار ومجرور متعلق بخبر «ما» اي كيف لنا. و «ما» يفيد الانكار والتعجيب. لا: نافية لا عمل لها. نرى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. رجالا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وجملة لا نَرى رِجالاً» في محل نصب حال. والجملة الاسمية ما لَنا» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ كُنّا نَعُدُّهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت-لرجال. كنا:فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».نعد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول بمعنى: نحسبهم او نظنهم.وجملة نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ» في محل نصب خبر «كان».
  • ﴿ مِنَ الْأَشْرارِ:
  • جار ومجرور متعلق بمفعول «نعد» الثاني بتقدير: أشرارا من الأشرار او بصفة له.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الحوارِ بَيْنَ أهلِ النَّارِ؛ ذكرَ اللهُ هنا حسرتَهُم لعدمِ رؤيتِهم مَن سَخِرُوا منهم في الدُّنيا (فقراءَ المؤمنين)، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [63] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ..

التفسير :

[63] هل تحقيرنا لهم واستهزاؤنا بهم خطأ، أو أنهم معنا في النار، لكن لم تقع عليهم الأبصار؟

{ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمْ الْأَبْصَارُ} أي:عدم رؤيتنا لهم دائر بين أمرين:إما أننا غالطون في عدنا إياهم من الأشرار، بل هم من الأخيار، وإنما كلامنا لهم من باب السخرية والاستهزاء بهم، وهذا هو الواقع، كما قال تعالى لأهل النار:{ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ *فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ}

والأمر الثاني:أنهم لعلهم زاغت أبصارنا عن رؤيتهم معنا في العذاب، وإلا فهم معنا معذبون ولكن تجاوزتهم أبصارنا، فيحتمل أن هذا الذي في قلوبهم، فتكون العقائد التي اعتقدوها في الدنيا، وكثرة ما حكموا لأهل الإيمان بالنار، تمكنت من قلوبهم، وصارت صبغة لها، فدخلوا النار وهم بهذه الحالة، فقالوا ما قالوا.

ويحتمل أن كلامهم هذا كلام تمويه، كما موهوا في الدنيا، موهوا حتى في النار، ولهذا يقول أهل الأعراف لأهل النار:{ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ}

ثم حكى القرآن ما سأله هؤلاء المشركون لأنفسهم عند ما تلفتوا في النار، فلم يجدوا أحدا من المؤمنين الذين كانوا يصفونهم بأنهم من الأشرار فقال: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا، أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ.

أى: إنهم بعد أن دخلوا النار أخذوا يدورون بأعينهم فيها فلم يروا المؤمنين الذين كانوا يستهزئون بهم في الدنيا، فقالوا فيما بينهم: ما بالنا لا نرى الرجال الذين كنا نسخر منهم في الدنيا، ألم يدخلوا معنا النار؟ أم دخلوها ولكن أبصارنا لا تراهم وزاغت عنهم؟.

فهم يتحسرون على أحوالهم البائسة بعد أن وجدوا أنفسهم في النار، وليس معهم من كانوا يسخرون منهم في الدنيا وهم فقراء المؤمنين.

قال صاحب الكشاف: قوله: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا قرئ بلفظ الإخبار على أنه صفة لقوله رِجالًا مثل قوله كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. وقرئ بهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم وتأنيب لها في الاستسخار منهم.

وقوله: أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ له وجهان من الاتصال: أحدهما: أن يتصل بقوله:

ما لَنا. أى: ما لنا لا نراهم في النار؟ كأنهم ليسوا فيها، بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها؟ قسموا أمرهم بين أن يكونوا من أهل الجنة وبين أن يكونوا من أهل النار إلا أنهم خفى عليهم مكانهم.

الوجه الثاني: أن يتصل بقوله: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا ... على معنى أى الفعلين فعلنا بهم: الاستسخار منهم، أم الازدراء بهم والتحقير، وأن أبصارنا كانت تعلو عنهم وتقتحمهم، على معنى إنكار الأمرين جميعا على أنفسهم ... » .

أي : في الدنيا ( أم زاغت عنهم الأبصار ) يسلون أنفسهم بالمحال يقولون : أو لعلهم معنا في جهنم ولكن لم يقع بصرنا عليهم . فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات وهو قوله : ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ) إلى قوله : ( [ ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون . أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ] ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ) [ الأعراف : 44 - 49 ]

وقوله ( أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا ) اختلفت القرّاء في قراءته, فقرأته عامة قرّاء المدينة والشام وبعض قرّاء الكوفة: ( أَتَّخَذْنَاهُمْ ) بفتح الألف من أتخذناهم, وقطعها على وجه الاستفهام, وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة, وبعض قرّاء مكة بوصل الألف من الأشرار: " اتخذناهم ". وقد بيَّنا فيما مضى قبلُ, أن كل استفهام كان بمعنى التعجب والتوبيخ, فإن العرب تستفهم فيه أحيانا, وتُخرجه على وجه الخبر أحيانا.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأه بالوصل على غير وجه الاستفهام, لتقدّم الاستفهام قبل ذلك في قوله ( مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا ) فيصير قوله: " اتخذناهم " بالخبر أولى وإن كان للاستفهام وجه مفهوم لما وصفتُ قبل من أنه بمعنى التعجب.

وإذ كان الصواب من القراءة في ذلك ما اخترنا لما وصفنا, فمعنى الكلام: وقال الطاغون: ما لنا لا نرى سَلْمان وبِلالا وخَبَّابا الذين كنَّا نعدّهم في الدنيا أشرارا, أتخذناهم فيها سُخريا نهزأ بهم فيها معنا اليوم في النار؟.

وكان بعض أهل العلم بالعربية من أهل البصرة يقول: من كسر السين من السُّخْريّ, فإنه يريد به الهُزْء, يريد يسخر به, ومن ضمها فإنه يجعله من السُّخْرَة, يستسخِرونهم: يستذِلُّونهم, أزاغت عنهم أبصارنا وهم معنا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن ليث, عن مجاهد ( أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ ) يقول: أهم في النار لا نعرف مكانهم؟.

حُدثت عن المحاربيّ, عن جويبر, عن الضحاك ( وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال: هم قوم كانوا يسخَرون من محمد وأصحابه, فانطلق به وبأصحابه إلى الجنة وذهب بهم إلى النار ف ( َقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَار أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ ) يقولون: أزاغت أبصارنا عنهم فلا ندري أين هم؟.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا ) قال: أخطأناهم ( أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ ) ولا نراهم؟.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأشْرَارِ ) قال: فقدوا أهل الجنة ( أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا ) في الدنيا( أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ ) وهم معنا في النار.

التدبر :

وقفة
[63] ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ الذين كانوا مادة السخرية بالأمس أعلى الله شأنهم اليوم؛ لأن القيامة خافضة رافعة.
وقفة
[63] ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ يبحثون عمن سخروا منهم في جنبات النار، حتى يكتشفوا أنهم يسكنون جنات الأبرار.
عمل
[63] ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾ لا تتعجب من حيرة البعض بين أهل الحق وأهل الباطل، فبعضهم لن يكشف فساد رأيه عن الصالحين إلا بعد أن يذوق عذاب الجحيم.
عمل
[63] استسمح مسلمًا سخرت منه في يوم من الأيام، أو تصدق عنه، وادعُ له بالمغفرة، مع التوبة النصوح ﴿أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ﴾.
وقفة
[63] ﴿أَتَّخَذناهُم سِخرِيًّا أَم زاغَت عَنهُمُ الأَبصارُ﴾ حتى فى هذا الموقف ولا زالوا لا يعلمون الحقيقة، الطمس والأقفال على القلوب تلازمهم حتى فى جهنم!

الإعراب :

  • ﴿ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون وهو ضمير المتكلمين في محل رفع فاعل.و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول و «سخريا» اي هزؤا:مفعول به ثان للفعل «اتخذ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وقرئتأَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا» بلفظ‍ الاخبار على انها في محل نصب صفة ثانية لرجال اي بقراءة همزتها للوصل. او تكون الجملة استفهامية مثل: ما لنا اي مسبوقة بهمزة استفهام محذوفة ويكون معناها مع همزة الاستفهام انكارا على انفسهم وتأنيبا لها في الاستسخار منهم.
  • ﴿ أَمْ زاغَتْ:
  • ام: حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى «بل» على الوجه الاول اي على قراءة جملة أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا» بالوصل ومن دون همزة استفهام. او تكون «أم» متصلة على الوجه الثاني وهو بقراءة الجملة أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا» بهمزة استفهام ساقطة او محذوفة. والوجه الثاني اي بتقدير همزة الاستفهام هو الاوجه لان «أم» تدل عليها. او تكون «أم» المنقطعة التي معناها «بل» مسبوقة بهمزة استفهام مقدرة اي أبل؟ .زاغ: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها.
  • ﴿ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ:
  • حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق بزاغت. الأبصار: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.اي مالت عنهم ابصارنا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [63] لما قبلها :     ولَمَّا سألَ أهلُ النَّار عن فقراء المؤمنين الذين كانوا يصفونهم بأنهم من الأشرار، ولم يجدوا منهم أحدًا؛ قالوا مستفهمين:
﴿ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

اتخذناهم:
قرئ:
1- وصلا، وهى قراءة النحويين، وحمزة.
2- بهمزة الاستفهام، وهى قراءة أبى جعفر، والأعرج، والحسن، وقتادة، وباقى السبعة.
سخريا:
قرئ:
1- بضم السين، وهى قراءة عبد الله، وأصحابه، ومجاهد، والضحاك، وأبى جعفر، وشيبة، والأعرج، ونافع، وحمزة، والكسائي.
2- بكسر السين، وهى قراءة الحسن، وأبى رجاء، وعيسى، وابن محيصن، وباقى السبعة.

مدارسة الآية : [64] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ..

التفسير :

[64] إن ذلك من جدال أهل النار وخصامهم حقٌّ واقع لا مرية فيه.

قال تعالى مؤكدا ما أخبر به، وهو أصدق القائلين:{ إِنَّ ذَلِكَ} الذي ذكرت لكم{ لَحَقٌّ} ما فيه شك ولا مرية{ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ}

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ يعود إلى التخاصم الذي حكى عنهم.

وقوله: لَحَقٌّ خبر إن. وقوله: تَخاصُمُ خبر لمبتدأ محذوف، والجملة بيان لاسم الإشارة، وفي الإبهام أولا والتبيين ثانيا مزيد تقرير له.

أى: إن ذلك الذي قصصناه عليك- أيها الرسول الكريم- من تخاصم أهل النار فيما بينهم وتلاعنهم.. حق لا شك فيه، وثابت ثبوتا لا يختلف عليه عاقلان.

وبذلك تكون الآيات الكريمة قد ساقت بأبلغ بيان ما أعده الله- تعالى- للمتقين من ثواب، وما أعده للطاغين من عقاب.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة، بتلقين رسوله صلّى الله عليه وسلم الرد الذي يرد به على المشركين المعترضين على دعوته، وببيان موقف إبليس من أمر الله- تعالى- له بالسجود لآدم، وببيان ما أعده- سبحانه- لإبليس وجنده من عذاب. فقال- تعالى-:

وقوله : ( إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ) أي : إن هذا الذي أخبرناك به يا محمد من تخاصم أهل النار بعضهم في بعض ولعن بعضهم لبعض لحق لا مرية فيه ولا شك .

وقوله ( إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ ) يقول تعالى ذكره: إن هذا الذي أخبرتكم أيها الناس من الخبر عن تراجع أهل النار, ولعْن بعضهم بعضا, ودعاء بعضهم على بعض في النار لحق يقين, فلا تشكُّوا في ذلك, ولكن استيقنوه تخاصم أهل النار.

وقوله ( تَخَاصُمُ ) رد على قوله ( لَحَقٌّ ) ومعنى الكلام: إن تخاصم أهل النار الذي أخبرتكم به لحقّ.

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يوجه معنى قوله ( أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبْصَارُ ) إلى: بل زاغت عنهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ) فقرأ: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وقرأ: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا .. حتى بلغ: إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ قال: إن كنتم تعبدوننا كما تقولون إن كنا عن عبادتكم لغافلين, ما كنا نسمع ولا نبصر, قال: وهذه الأصنام, قال: هذه خصومة أهل النار, وقرأ: وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ قال: وضل عنهم يوم القيامة ما كانوا يفترون في الدنيا.

التدبر :

وقفة
[64] ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ صدقناك يا ألله، صدقناك يا ألله.
وقفة
[64] ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ الله يقول: ما أخبرتكم به من تخاصم أهل النار، ودعاء بعضهم على بعض هو حق لا ريب فيه، فقد علم الله أننا سنستغرب هذه الأخبار، فأكدها ليستيقن الأبرار، ويقيم الحجة على الفجار.
وقفة
[64] ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ بئس الحال والمآل! لا يكن في حياتك من شقاء أهل النار.
وقفة
[64] خصومة أهل النار عذاب نفسي فوق العذاب الحسي ﴿إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾.
وقفة
[64] ﴿إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهلِ النّارِ﴾ سبحانه جل شأنه سماه تخاصمًا؛ لأن قول القادة للأتباع: (لا مرحبًا بكم)، وقول الأتباع للقادة: (بل أنتم لا مرحبًا بكم) هو من باب الخصومة.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ ذلِكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» واللام للبعد والكاف للخطاب. اي ان ذلك الذي حكيناه عنهم.
  • ﴿ لَحَقٌّ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.حق: خبر «ان» مرفوع بالضمة. اي لا بد ان يتكلموا به.
  • ﴿ تَخاصُمُ:
  • بدل من «حق» او خبر مبتدأ محذوف تقديره هو تخاصم اهل النار اي بين سبحانه ان الذي حكيناه عنهم لا بد ان يكون حديثهم هو تخاصم اهل النار ويجوز ان تكون «تخاصم» خبرا ثانيا لأنّ. أي خبران على التتابع.والكلمة مرفوعة بالضمة.
  • ﴿ أَهْلِ النّارِ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.النار: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ ما ذَكرَ؛ بَيَّنَ هنا أن هذا التناجي سيكون يوم القيامة، وأنه حق لا مرية فيه، قال تعالى:
﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تخاصم:
1- بالرفع، مضافا إلى «أهل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بنصب الميم، وجر «أهل» .
3- فعلا ماضيا، و «أهل» بالرفع، فاعل، وهى قراءة ابن السميفع.

مدارسة الآية : [65] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا ..

التفسير :

[65] قل -أيها الرسول- لقومك:إنما أنا منذر لكم من عذاب الله أن يحل بكم؛ بسبب كفركم به، ليس هناك إله مستحق للعبادة إلا الله وحده، فهو المتفرد بعظمته وأسمائه وصفاته وأفعاله، القهَّارُ الذي قهر كل شيء وغلبه.

{ قُلْ} يا أيها الرسول لهؤلاء المكذبين، إن طلبوا منك ما ليس لك ولا بيدك:{ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ} هذا نهاية ما عندي، وأما الأمر فلله تعالى، ولكني آمركم، وأنهاكم، وأحثكم على الخير وأزجركم عن الشر فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَعَلَيْهَا{ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} أي:ما أحد يؤله ويعبد بحق إلا اللّه{ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} هذا تقرير لألوهيته، بهذا البرهان القاطع، وهو وحدته تعالى، وقهره لكل شيء، فإن القهر ملازم للوحدة، فلا يكون قهارين متساويين في قهرهما أبدا.

والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء المشركين: إنما وظيفتي الإنذار والتخويف لكم من عذاب شديد، إذا بقيتم على كفركم، وأعرضتم عن دعوتي.

واقتصر على الإنذار مع أنه مبشر- أيضا- لأنه المناسب لردهم عن شركهم، وعن وصفهم له تارة بأنه ساحر، وأخرى بأنه كاهن.. إلخ.

وقوله- سبحانه-: وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ نفى لكل شريك مع الله- تعالى- في ذاته، أو صفاته، أو في خلقه لهذا الكون. أى: ليس هناك من إله سوى الله- تعالى- في هذا الكون، وهو- سبحانه- الواحد الأحد، القاهر فوق عباده، الموجد للسموات والأرض وما بينهما، الغالب لكل شيء، الكثير المغفرة لمن يشاء من عباده.

فأنت ترى أنه- سبحانه- قد وصف ذاته في هاتين الآيتين بخمس صفات تليق بذاته وببيان أن الشرك به- سبحانه- في العبادة أو الطاعة ظلم عظيم وجهل فاضح.

يقول تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول للكفار بالله المشركين به المكذبين لرسوله : إنما أنا منذر لست كما تزعمون ( وما من إله إلا الله الواحد القهار ) أي : هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه .

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( قُلْ ) يا محمد لمشركي قومك.( إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ ) لكم يا معشر قريش بين يدي عذاب شديد, أنذركم عذاب الله وسخطه أن يحلّ بكم على كفركم به, فاحذروه وبادروا حلوله بكم بالتوبة ( وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) يقول: وما من معبود تصلح له العبادة, وتنبغي له الربوبية, إلا الله الذي يدين له كل شيء, ويعبدُه كلّ خلق, الواحد الذي لا ينبغي أن يكون له في ملكه شريك, ولا ينبغي أن تكون له صاحبة, القهار لكلّ ما دونه بقدرته, ربّ السموات والأرض, يقول: مالك السموات والأرض وما بينهما من الخلق; يقول: فهذا الذي هذه صفته, هو الإله الذي لا إله سواه, لا الذي لا يملك شيئا, ولا يضرّ, ولا ينفع.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[65] ﴿إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ﴾ أتعجب من داعية تجرد خطابه الدعوي السنة والسنتين والثلاث، فلا تجد فيه كلمة نذارة، وكأن الناس أبو بكر وعمر.
وقفة
[65] ﴿إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ﴾ الإنذار والتخويف من أهم أعمال المرسلين ومن ورائهم المصلحون، خاصة مع أهل العناد والمجرمين.
وقفة
[65] ﴿وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ هذا تقرير لألوهيته بهذا البرهان القاطع؛ وهو وحدته تعالى وقهره لكل شيء؛ فإن القهر ملازم للوحدة، فلا يكون قهاران متساويان في قهرهما أبدًا؛ فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، وهو الذي يستحق أن يُعبد وحده كما كان قاهرًا وحده.
وقفة
[65] ﴿وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ كل جبار في الأرض الله يقهره، وكما قال القشيري: «القهار: من لا يجري بخلاف حكمه -في مُلكه- نَفَس».
وقفة
[65] ﴿اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ من لطائف اقتران هذين الاسمين أن كل من قَهر سوى الله؛ فإنه محتاج لمن يساعده لكي يقهر غيره أما الله فهو (الواحد) القهار.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.والمخاطب هو الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم). وحذفت الواو لالتقاء الساكنين أصله: قول.
  • ﴿ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ:
  • كافة ومكفوفة. انا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. منذر: خبره مرفوع بالضمة. بمعنى: ما انا الا منذر لكم. أي قل لهم ذلك القول. والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به -مقول القول-او بمعنى: ما انا الا رسول منذر انذركم عذاب الله للمشركين بحذف «رسول» الخبر الموصوف واقامة الصفة مقامه.
  • ﴿ وَما مِنْ إِلهٍ:
  • الواو استئنافية ويجوز ان تكون عاطفة على محذوف على التفسير. اي واقول لكم ان الدين الحق توحيد الله تعالى وليس من إله إلا الله. ما: نافية لا عمل لها. من: حرف جر زائد لتأكيد-معنى النفي. إله: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على انه مبتدأ
  • ﴿ إِلاَّ اللهُ:
  • اداة حصر لا عمل لها. الله لفظ‍ الجلالة: خبر مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة.
  • ﴿ الْااحِدُ الْقَهّارُ:
  • صفتان-نعتان-على التتابع للفظ‍ الجلالة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة بمعنى: الواحد بلا ند ولا شريك له القاهر لكل شيء. وهو من صيغ المبالغة فعال بمعنى فاعل.'

المتشابهات :

الرعد: 16﴿قُلِ اللَّـهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
يوسف: 39﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
ص: 65﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ
الزمر: 4﴿لَّوْ أَرَادَ اللَّـهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [65] لما قبلها :     وبعد الحديثِ عن أهلِ النَّار؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يقول قولًا جامعًا بين التخويف والإرشاد إلى التوحيد، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [66] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ..

التفسير :

[66] مالك السموات والأرض وما بينهما العزيز في انتقامه، الغفار لذنوب مَن تاب وأناب إلى مرضاته.

فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، وهو الذي يستحق أن يعبد وحده، كما كان قاهرا وحده، وقرر ذلك أيضا بتوحيد الربوبية فقال:{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} أي:خالقهما، ومربيهما، ومدبرها بجميع أنواع التدابير.{ الْعَزِيزُ} الذي له القوة، التي بها خلق المخلوقات العظيمة.{ الْغَفَّارُ} لجميع الذنوب، صغيرها، وكبيرها، لمن تاب إليه وأقلع منها.

فهذا الذي يحب ويستحق أن يعبد، دون من لا يخلق ولا يرزق، ولا يضر ولا ينفع، ولا يملك من الأمر شيئا، وليس له قوة الاقتدار، ولا بيده مغفرة الذنوب والأوزار.

رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ نفى لكل شريك مع الله- تعالى- في ذاته، أو صفاته، أو في خلقه لهذا الكون. أى: ليس هناك من إله سوى الله- تعالى- في هذا الكون، وهو- سبحانه- الواحد الأحد، القاهر فوق عباده، الموجد للسموات والأرض وما بينهما، الغالب لكل شيء، الكثير المغفرة لمن يشاء من عباده.

فأنت ترى أنه- سبحانه- قد وصف ذاته في هاتين الآيتين بخمس صفات تليق بذاته وببيان أن الشرك به- سبحانه- في العبادة أو الطاعة ظلم عظيم وجهل فاضح.

( رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار ) أي : هو مالك جميع ذلك ومتصرف فيه ( العزيز الغفار ) أي : غفار مع عزته وعظمته .

وقوله ( الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ) يقول: العزيز في نقمته من أهل الكفر به, المدّعين معه إلها غيره, الغفَّار لذنوب من تاب منهم ومن غيرهم من كفره ومعاصيه, فأناب إلى الإيمان به, والطاعة له بالانتهاء إلى أمره ونهيه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[66] ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ لما أرهبهم بقهره رغَّبهم بمغفرته، الله رب كل شيء، وهو عزيز يقهر من عانده وعصاه، ويغفر لمن دعاه ورجاه، فكيف يُعبَد غيره؟ ويُستعان بسواه؟
وقفة
[66] ﴿رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما بَينَهُمَا العَزيزُ الغَفّارُ﴾ فكونه ربًّا يشعر بالتربية والإحسان والكرم والجود وكونه غفارًا يشعر بأنه يغفر الذنوب وإن عظمت.

الإعراب :

  • ﴿ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • رب: صفة-نعت-اخرى للفظ‍ الجلالة.السموات: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها. اي له الملك والربوبية في العالم كله.
  • ﴿ وَما بَيْنَهُمَا:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر لانه معطوف على مجرور. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بصلة الموصول المحذوفة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ما: علامة التثنية. وجملة «استقر بينهما»: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ الْعَزِيزُ الْغَفّارُ:
  • صفتان-نعتان-للرب مرفوعان بالضمة. اي العزيز الذي لا يغلب اذا عاقب الغفار لذنوب من التجأ اليه او الذي يغفر ما يشاء من ذنوب من يشاء من عباده.'

المتشابهات :

مريم: 65﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعۡبُدۡهُ وَٱصۡطَبِرۡ لِعِبَٰدَتِهِۦۚ هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا
الشعراء: 24﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ
الصافات: 5﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيۡنَهُمَا وَرَبُّ ٱلۡمَشَٰرِقِ
ص: 66﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفَّٰرُ
الدخان: 7﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ
النبإ: 37﴿ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَٰنِۖ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡهُ خِطَابٗا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [66] لما قبلها :     ولَمَّا كان اسمُه تعالى – القهار - يشعرُ بالتَّرهيبِ والتَّخويفِ؛ ذَكَرَ هنا ما يدُلُّ على الرَّجاءِ والتَّرغيبِ، قال تعالى:
﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [67] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ

التفسير :

[67] قل -أيها الرسول- لقومك:إن هذا القرآن خبر عظيم النفع.

{ قُلْ} لهم، مخوفا ومحذرا، ومنهضا لهم ومنذرا:{ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} أي:ما أنبأتكم به من البعث والنشور والجزاء على الأعمال، خبر عظيم ينبغي الاهتمام الشديد بشأنه، ولا ينبغي إغفاله.

ثم أمر- سبحانه- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن ما جاءهم به من عند ربه أمر عظيم، لا يليق بعاقل أن يعرض عنه فقال: قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ. أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ.

أى: قل- يا محمد- لهؤلاء المشركين: إن ما جئتكم به من عند ربي من قرآن كريم، ومن هدايات بها تسعدون في دنياكم وآخرتكم، هو خبر عظيم، يجب أن تلقوا إليه أسماعكم، وأن تهيئوا نفوسكم لقبوله..

"قل هو نبأ عظيم" أي خبر عظيم وشأن بليغ وهو إرسال اللّه تعالى إياي إليكم.

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( قُلْ ) يا محمد لقومك المكذبيك فيما جئتهم به من عند الله من هذا القرآن, القائلين لك فيه: إن هذا إلا اختلاق ( هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ) يقول: هذا القرآن خبر عظيم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الأعلى بن واصل الأسدي, قال: ثنا أبو أسامة, عن شبل بن عباد, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) قال: القرآن.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا هشام, عن ابن سيرين, عن شريح, أن رجلا قال له: أتقضي عليّ بالنبأ؟ قال: فقال له شريح: أو ليس القرآن نبأ؟ قال: وتلا هذه الآية: ( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ) قال: وقضَى عليه.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله ( قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) قال: القرآن.

التدبر :

وقفة
[67] ﴿قُلْ﴾ لهم مخوفًا ومحذرًا ومنذرًا: ﴿هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ أي: ما أنبأتكم به من البعث والنشور والجزاء على الأعمال خبر عظيم ينبغي الاهتمام الشديد بشأنه، ولا ينبغي إغفاله.
وقفة
[67] ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ﴾ العظيم سبحانه يقول عن هذا الكتاب الذي علاه الغبار فوق أرفف غفلتنا: إنه عظيم.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والجملة الاسمية بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ:
  • هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. نبأ: خبر «هو» مرفوع بالضمة. عظيم: صفة-نعت-لنبأ مرفوعة مثلها بالضمة.بمعنى: قل لهم يا محمد: القرآن خبر عظيم الشأن. او ذلك الذي اخبرتكم به وهو كوني رسولا نذيرا اليكم وانه سبحانه واحد قهار خبر عظيم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [67] لما قبلها :     وبعد التَّرهيبِ والتَّرغيبِ؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يبالغ في إنذارهم، ويبين لهم عظم الأمر وجلالته، قال تعالى:
﴿ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [68] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ

التفسير :

[68] أنتم عنه غافلون منصرفون، لا تعملون به.

ولكن{ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} كأنه ليس أمامكم حساب ولا عقاب ولا ثواب، فإن شككتم في قولي، وامتريتم في خبري، فإني أخبركم بأخبار لا علم لي بها ولا درستها في كتاب، فإخباري بها على وجهها، من غير زيادة ولا نقص، أكبر شاهد لصدقي، وأدل دليل على حق ما جئتكم به.

ولكنكم قابلتموه بالإعراض والصدود، لفرط غفلتكم، وشدة جهالتكم، وتماديكم في كفركم.

فالآية الأولى دعوة هامة لهم لكي يقلعوا عن شركهم، والآية الثانية توبيخ لهم على عنادهم حيث تركوا ما ينفعهم، وعكفوا على ما يضرهم.

"أنتم عنه معرضون" أي غافلون قال مجاهد وشريح القاضي والسدي في قوله عز وجل " قل هو نبأ" عظيم يعني القرآن.

وقوله ( أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ) يقول: أنتم عنه منصرفون لا تعملون به, ولا تصدّقون بما فيه من حجج الله وآياته.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[67، 68] ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ القرآن أعظم الأنباء، ومع هذا قابله البعض بالهجر والإعراض.
وقفة
[67، 68] ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ لو أن رجلًا أخبرك أنك بعد استلام رسالة، وبحسب تنفيذك لما فيها يتوقف أمر نجاتك أو هلاكك، فكيف يكون استقبالك لها؟! هكذا القرآن.

الإعراب :

  • ﴿ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع صفة-نعت-آخر لنبأ. انتم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عنه:جار ومجرور متعلق بالخبر. معرضون: خبر «انتم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. اي انتم صادون عنه'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [68] لما قبلها :     ولَمَّا أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن ما جاءهم به من عند ربه أمر عظيم؛ وَبَّخَهم هنا لأنهم أعرضوا عنه، ولم يتفكروا فيه، فلا يليق بعاقل أن يُعرض عن ذلك، قال تعالى:
﴿ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [69] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ ..

التفسير :

[69] ليس لي علم باختصام ملائكة السماء في شأن خلق آدم، لولا تعليم الله إياي، وإيحاؤه إليَّ.

{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى} أي:الملائكة{ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} لولا تعليم اللّه إياي، وإيحاؤه إلي.

ثم نفى صلّى الله عليه وسلم عن نفسه أن يكون عنده علم بشيء من أخبار الملأ الأعلى، إلا عن طريق الوحى فقال- كما حكى القرآن عنه: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ

. والمراد بالملإ الأعلى: عالم السموات وما فيه من ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.

قال القرطبي: الملأ الأعلى هم الملائكة في قول ابن عباس والسدى. اختصموا في أمر آدم حين خلق، فقالوا: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ.. وقال إبليس: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.

وفي هذا بيان أن محمدا صلّى الله عليه وسلم أخبر عن قصة آدم وغيره وذلك لا يتصور إلا بتأييد إلهى ... » .

وقال ابن كثير: وقوله: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ أى: لولا الوحى من أين كنت أدرى باختلاف الملأ الأعلى. يعنى في شأن آدم، وامتناع إبليس من السجود له، ومحاجته ربه في تفضيله عليه..؟» . فالآية تنفى عن الرسول صلّى الله عليه وسلم علم شيء من أخبار الملأ الأعلى إلا عن طريق الوحى.

وقوله : ( ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون ) أي : لولا الوحي من أين كنت أدري باختلاف الملأ الأعلى ؟ يعني : في شأن آدم وامتناع إبليس من السجود له ، ومحاجته ربه في تفضيله عليه .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا جهضم اليمامي عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن أبي سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر عن معاذ رضي الله عنه ، قال : احتبس علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعا فثوب بالصلاة فصلى وتجوز في صلاته فلما سلم قال : " كما أنتم على مصافكم " . ثم أقبل إلينا فقال : " إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة ، إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي في أحسن صورة فقال : يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت لا أدري رب - أعادها ثلاثا - فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات . قال : وما الكفارات ؟ قلت نقل الأقدام إلى الجمعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات . قال : وما الدرجات ؟ قلت : إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام . قال : سل . قلت اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني ، وإذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون ، وأسألك حبك وحب من يحبك ، وحب عمل يقربني إلى حبك " . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنها حق فادرسوها وتعلموها " فهو حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط وهو في السنن من طرق .

وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث " جهضم بن عبد الله اليمامي " به . وقال : " حسن صحيح " وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو قوله تعالى :

وقوله ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى ) يقول لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) في شأن آدم من قبل أن يوحي إلي ربّي فيعلمني ذلك, يقول: ففي إخباري لكم عن ذلك دليل واضح على أن هذا القرآن وحي من الله وتنـزيل من عنده, لأنكم تعلمون أن علم ذلك لم يكن عندي قبل نـزول هذا القرآن, ولا هو مما شاهدته فعاينته, ولكني علمت ذلك بإخبار الله إياي به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) قال: الملأ الأعلى: الملائكة حين شوروا في خلق آدم, فاختصموا فيه, وقالوا: لا تجعل في الأرض خليفة.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( بِالْمَلإ الأعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) هو: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً .

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإ الأعْلَى ) قال: هم الملائكة, كانت خصومتهم في شأن آدم حين قال ربك للملائكة: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ... حتى بلغ سَاجِدِينَ وحين قال: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ... حتى بلغ وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ففي هذا اختصم الملأ الأعلى.

التدبر :

وقفة
[69] ﴿مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ لولا أن الله أطلع نبينا على خبر آدم وإبليس ما علم منه شيئًا، فحتى الرسول لا يتقدم أو يتأخر أو يتكلم إلا بما أذن به الله، فاجعل قدوتك في هذا الباب رسول الله ﷺ.
وقفة
[69] ﴿مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ إذا قلتَ: (لا أعلم)؛ فلا تظن أنه نقص في شخصك الكريم.

الإعراب :

  • ﴿ ما كانَ لِي:
  • ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لي: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» مقدم.
  • ﴿ مِنْ عِلْمٍ:
  • حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. علم: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه اسم «كان» اي ما كان لي بهم من علم
  • ﴿ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى:
  • جار ومجرور متعلق بعلم او بنعت محذوف لعلم. الأعلى:صفة-نعت-للملإ مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الالف للتعذر. اي بكلام الملأ فحذف المضاف وحل المضاف اليه محله.
  • ﴿ إِذْ يَخْتَصِمُونَ:
  • ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» وهو مضاف. يختصمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يختصمون» في محل جر بالاضافة و «إذ» متعلق «بكلام» المحذوف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [69] لما قبلها :     وبعد توبيخهم بسبب إعراضهم؛ ذكرَ صلى الله عليه وسلم هنا من الأدلة ما يرشد إلى نبوته، حيث نفى عن نفسه أن يكون عنده علم بشيئ من أخبار الملأ الأعلى إلا عن طريق الوحي، قال تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [70] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا ..

التفسير :

[70] ما يوحي الله إليَّ مِن عِلْم ما لا علم لي به إلا لأني نذير لكم من عذابه، مبيِّن لكم شرعه.

{ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي:ظاهر النذارة، جليها، فلا نذير أبلغ من نذارته صلى اللّه عليه وسلم.

وجملة «إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين» معترضة بين إيراد اختصامهم على سبيل الإجمال، ثم إيراده في الآيات الآتية بعد ذلك على سبيل التفصيل.

و «إن» نافية. ونائب فاعل «يوحى» ضمير تقديره هو يعود على المفهوم مما سبق.

وهو شأن الملأ الأعلى، و «أنما» بفتح الهمزة على تقدير لام التعليل.

أى: ليس لي من علم بما يدور في الملأ الأعلى إلا عن طريق الوحى، وهذا الوحى لا ينزل على إلا من أجل أنى رسول من عند الله- تعالى- أنذركم بما يكلفني به إنذارا واضحا بينا.

وقوله ( إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قريش: ما يوحي الله إليّ علم ما لا علم لي به, من نحو العلم بالملأ الأعلى واختصامهم في أمر آدم إذا أراد خلقه, إلا لأني إنما أنا نذير مبين;" فإنما " على هذا التأويل في موضع خفض على قول من كان يرى أن مثل هذا الحرف الذي ذكرنا لا بد له من حرف خافض, فسواء إسقاط خافضه منه وإثباته. وإما على قول من رأى أن مثل هذا ينصب إذا أسقط منه الخافض, فإنه على مذهبه نصب, وقد بيَّنا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقد يتجه لهذا الكلام وجه آخر, وهو أن يكون معناه: ما يوحي الله إلى إنذاركم. وإذا وجه الكلام إلى هذا المعنى, كانت " أنما " في موضع رفع, لأن الكلام يصير حينئذ بمعنى: ما يوحى إلي إلا الإنذار.

قوله ( إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) يقول: إلا أني نذير لكم مبين لكم إلا إنذاركم. وقيل: إلا أنما أنا, ولم يقل: إلا أنما أنك, والخبر من محمد عن الله, لأن الوحْي قول, فصار في معنى الحكاية, كما يقال في الكلام: أخبروني أني مسيء, وأخبروني أنك مسيء بمعنى واحد, كما قال الشاعر:

رَجُــلانِ مِــنْ ضَبَّــةَ أخْبَرَانـا

أنَّـــا رأيْنــا رَجُــلا عُرْيانــا (1)

بمعنى: أخبرانا أنهما رأيا, وجاز ذلك لأن الخبر أصله حكاية.

------------------------

الهوامش:

(1) هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 282 ) قال : وقوله" إن يوحى إلى إلا أنما أنا نذير مبين" : إن شئت جعلت" أنما" في موضع رفع ( نائب فاعل بيوحى ) كأنك قلت : ما يوحى إلي إلا الإنذار ، وإن شئت جعلت المعنى : ما يوحى إلي لأني نبي ونذير . فإذا ألقيت اللام كان موضع" إنما" نصبا ،ويكون في هذا الموضع ما يوحى إلي إلا أنك نذير مبين ، لأن المعنى حكاية ، كما تقول في الكلام : أخبروني أني مسيء ، وأخبروني أنك مسيء . وهو كقوله :" رجلان من ضبة .... البيت" . والمعنى : أخبرانا أنهما رأيا ، فجاز ذلك لأن أصله الحكاية أ هـ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[70] ﴿إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ إن عبتم علىَّ علو لهجتي في الترهيب واستعمالي أسلوب الإنذار الشديد، فليس هذا من عندي، وإنما هو وحي لا أملك مخالفته، بل واجبي أن أبلِّغه لكم كما بلغني.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ يُوحى إِلَيَّ:
  • ان: مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. يوحى فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر. الى: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل. او يكون متعلقا بيوحى ونائب الفاعل محذوفا تقديره: ما يوحى الى الا هذا وهو ان انذر وابلغ اي ما اؤمر الا بهذا الامر وحده وليس لي غير ذلك. او يكون النائب عن الفاعل المصدر المؤول.
  • ﴿ إِلاّ أَنَّما:
  • اداة حصر لا عمل لها انما. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. واسمها محذوف بتقدير انني ما انا الا نذير مبين وخبره الجملة الاسمية. وتكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع نائب فاعل. ما: نافية لا عمل لها. او يكون بتقدير لانما. ومعناه ما يوحى الى الا للانذار فحذف اللام وانتصب بافضاء الفعل «يوحى» اليه.
  • ﴿ أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ:
  • ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.نذير: خبر «انا» مرفوع بالضمة. مبين: صفة-نعت-لنذير مرفوعة مثلها بالضمة.'

المتشابهات :

ص: 70﴿إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
الكهف: 110﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ
الأنبياء: 108﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ
فصلت: 6﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [70] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ صلى الله عليه وسلم من الأدلة ما يرشد إلى نبوته؛ أكَّدَ هنا نبوته صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
﴿ إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنما:
وقرئ:
بكسر الهمزة، على الحكاية، وهى قراءة أبى جعفر.

مدارسة الآية : [71] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي ..

التفسير :

[71] اذكر لهم -أيها الرسول-:حين قال ربك للملائكة:إني خالق بشراً من طين.

ثم ذكر اختصام الملأ الأعلى فقال:{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} على وجه الإخبار{ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} أي:مادته من طين.

ثم فصل- سبحانه- هذا التخاصم الذي أشار إليه- سبحانه- قبل ذلك في قوله:

ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ، فقال: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ.

و «إذ» في قوله إِذْ قالَ رَبُّكَ ... بدل من قوله إِذْ يَخْتَصِمُونَ، لاشتمال ما في حيزها على تفصيل تلك الخصومة. وقيل: هي منصوبة بتقدير اذكر.

قالوا: والمراد بالملائكة هنا، ما يشمل إبليس، بدليل أن الأمر بالسجود لآدم كان للجميع، وأنهم جميعا امتثلوا لأمر الله- تعالى- ما عدا إبليس.

والمراد بالبشر: آدم- عليه السلام- مأخوذ من مباشرته للأرض، أو من كونه ظاهر البشرة، أى الجلد والهيئة. أى: لم يكن لي من علم بالملإ الأعلى وقت اختصامهم، حين قال الله- تعالى- للملائكة ومعهم إبليس: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ هو آدم- عليه السلام-. فإذا صورته على صورة البشر، وأفضت عليه ما به الحياة من الروح التي هي من أمرى- ولا علم لأحد بها سواي، فاسجدوا له سجود تحية وتكريم.

ولا تعارض بين وصف آدم هنا بأنه خلق من طين، وبين وصفه في آيات أخرى بأنه خلق من تراب، أو من صلصال من حمأ مسنون، فإن المادة التي خلق منها آدم وإن كانت واحدة، إلا أنها مرت بمراحل متعددة، وكل آية تتحدث عن مرحلة معينة.

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

القول في تأويل قوله تعالى : إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71)

وقوله ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ ) من صلة قوله إِذْ يَخْتَصِمُونَ وتأويل الكلام: ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون حين قال ربك يا محمد ( لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ) يعني بذلك خلق آدم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[71] ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ﴾ هذه القصة ذكرها الله تبارك وتعالى في سورة البقرة وفي أول سورة الأعراف وفي سورة الحجر والإسراء والكهف وههنا، وهي أن الله سبحانه وتعالى أعلم الملائكة قبل خلق آدم عليه الصلاة والسلام بأنه سيخلق بشرًا من صلصال من حمأ مسنون، وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكرامًا وإعظامًا واحترامًا وامتثالًا لأمر الله عز وجل.

الإعراب :

  • ﴿ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة الثامنة والعشرين من سورة الحجر.'

المتشابهات :

البقرة: 30﴿وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
الحجر: 28﴿وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ
ص: 71﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ آدمَ عليه السلام مع إبليس، قال تعالى:
﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [72] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن ..

التفسير :

[72]فإذا سوَّيت جسده وخلقه ونفخت فيه الروح، فدبت فيه الحياة، فاسجدوا له سجود تحية وإكرام، لا سجود عبادة وتعظيم؛ فالعبادة لا تكون إلا لله وحده. وقد حرَّم الله في شريعة الإسلام السجود للتحية.

{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} أي:سويت جسمه وتم،{ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} فوطَّن الملائكة الكرام أنفسهم على ذلك، حين يتم خلقه ونفخ الروح فيه، امتثالا لربهم، وإكراما لآدم عليه السلام، فلما تم خلقه في بدنه وروحه، وامتحن اللّه آدم والملائكة في العلم، وظهر فضله عليهم، أمرهم اللّه بالسجود.

وأضاف- سبحانه- الروح إلى ذاته، للإشعار بأن هذه الروح لا يملكها إلا هو- تعالى-، وأن مرد كنهها وكيفية هذا النفخ، مما استأثر- سبحانه- به، ولا سبيل لأحد إلى معرفته، كما قال- تعالى-: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا .

والفاء في قوله: فَقَعُوا لَهُ ... جواب إذا. والمراد بالوقوع: السقوط أى:

فاسقطوا وخروا له حالة كونكم ساجدين له بأمرى وإذنى، على سبيل التحية له، لأن السجود بمعنى العبادة لا يكون لغير الله- تعالى-.

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

وقوله ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) يقول تعالى ذكره: فإذا سويت خلقه, وعدلت صورته, ونفخت فيه من روحي, قيل: عني بذلك: ونفخت فيه من قُدرتي.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن المسيب بن شريك, عن أبي روق, عن الضحاك ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) قال: من قدرتي.

( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) يقول: فاسجدوا له وخِرّوا له سُجَّدا.

التدبر :

اسقاط
[72] ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ أسجد الملائكة لك، فلماذا لا تسجد له؟
وقفة
[72] ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ نسب الله الروح إلى نفسه؛ تشريفًا وتكريمًا، ولأنه لا يعلم كنه الروح ولا سرها إلا الله خالقها.
وقفة
[72] مدح المأمور بسرعة الامتثال ﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في سورة الحجر الآية الكريمة التاسعة والعشرين.'

المتشابهات :

الحجر: 29﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ
ص: 72﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولَمَّا خلقَ اللهُ آدم عليه السلام؛ أمرَ الملائكةَ هنا بالسُّجودِ له، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [73] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ

التفسير :

[73] فسجد الملائكة كلهم أجمعون طاعة وامتثالاً

فسجدوا كلهم أجمعون

ثم بين- سبحانه- ما كان بعد ذلك فقال: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ.

أى: امتثل الملائكة لأمر الله- تعالى- فسجدوا جميعا لآدم في وقت واحد،

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

وقوله ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) يقول تعالى ذكره: فلما سوّى الله خلق ذلك البشر, وهو آدم, ونفخ فيه من روحه, سجد له الملائكة كلهم أجمعون, يعني بذلك: الملائكة الذين هم في السموات والأرض.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[73] ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ سجد ما لا يحصى من الملائكة في لحظة واحدة، وفي مشهد مهيب، يوحي بكمال الخضوع لله رب العالمين.

الإعراب :

  • ﴿ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
  • هذه الآية الكريمة اعربت في سورة الحجر الآية الكريمة الثلاثين.'

المتشابهات :

الحجر: 30﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
ص: 73﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولَمَّا أمرَ اللهُ الملائكةَ بالسُّجودِ لآدم عليه السلام؛ استجابوا لأمر الله، وسجدُوا كلُّهم أجمعون، قال تعالى:
﴿ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ ..

التفسير :

[74]غير إبليس؛ فإنه لم يسجد أنَفَةً وتكبراً، وكان من الكافرين في علم الله تعالى.

إلا إبليس لم يسجد{ اسْتَكْبَرَ} عن أمر ربه، واستكبر على آدم{ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} في علم اللّه تعالى.

إلا إبليس فإنه أبى الامتثال لأمر ربه، واستكبر عن طاعته، وصار بسبب ذلك من الكافرين الجاحدين لأمر الله- تعالى-.

قال صاحب الكشاف: ولفظ «كل» للإحاطة و «أجمعون» : للاجتماع، فأفادا معا أنهم سجدوا عن آخرهم، ما بقي منهم ملك إلا سجد، وأنهم سجدوا جميعا في وقت واحد، غير متفرقين في أوقات.

فإن قلت: كيف ساغ السجود لغير الله؟ قلت: الذي لا يسوغ هو السجود لغير الله على والفاء في قوله فَاخْرُجْ لترتيب الأمر بالطرد على ما حدث منه. والضمير في «منها» يعود إلى السماء، أو إلى الجنة، لأنه كان فيهما.

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

( إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ ) يقول: غير إبليس, فإنه لم يسجد, استكبر عن السجود له تعظُّمًا وتكبرا

( وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يقول: وكان بتعظُّمه ذلك, وتكبره على ربه ومعصيته أمره, ممن كفر في علم الله السابق, فجحد ربوبيته, وأنكر ما عليه الإقرار له به من الإذعان بالطاعة.

كما حدثنا أبو كُرَيب, قال: قال أبو بكر في: ( إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) قال: قال ابن عباس: كان في علم الله من الكافرين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[74] ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ وقد بدتْ من إبليس نزعة كانت كامنة في جبلته؛ وهي نزعة الكبر والعصيان، ولم تكن تظهر منه قبل ذلك لأن الملأ الذي كان معهم كانوا على أكمل حسن الخلطة فلم يكن منهم مثير لما سكن في نفسه من طبع الكبر والعصيان، فلما طرأ على ذلك الملأ مخلوق جديد، وأُمِر أهل الملأ الأعلى بتعظيمه، كان ذلك مورِيًا زناد الكبر في نفس إبليس، فنشأ عنه الكفر بالله وعصيان أمره.
وقفة
[74] ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ قال الطاهر بن عاشور في تعليق قيم على هذه الآية: «وهذا ناموس خلقي جعله الله مبدأ لهذا العالم قبل تعميره، وهو أن تكون الحوادث والمضايق معيار الأخلاق والفضيلة، فلا يحكم على نفس بتزكية أو ضدها إلا بعد تجربتها وملاحظة تصرفاتها عند حلول الحوادث بها».
وقفة
[74] ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ مدح رجل عند عمر بن الخطاب t بالخير، فقال عمر: «هل أريتموه الأبيض والأصفر؟» يعني الدراهم والدنانير، قال الشاعر: لا تَمْدَحَنْ امْرَءًا حَتّى تُجَرِّبَهُ ... ولا تَذُمَّنَّهُ مِن قَبْلِ تَجْرِيبِ إنَّ الرِّجالَ صَنادِيقٌ مُقَفَّلَةٌ ... وما مَفاتِيحُها غِيَرُ التَّجارِيبِ
وقفة
[74] ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ كفر إبليس كفر عناد وتكبر.
وقفة
[74] - ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 34]: بيَّنت رفضه بشدة. - ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: 31]، ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ﴾ [طه: 116]: بينتا رفضه، وهما داخلتان في آية البقرة التي هي أعم وأسع. - ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾ [الأعراف: 11] بيَّنت تخلفه. - ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا﴾ [الإسراء: 61] بيَّنت تصريحه. - ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ [الكهف: 50] بيَّنت أصله. - ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ بيَّنت طريقه.
وقفة
[74] عالج أمراض النفس -كالكبر والحسد- بالدعاء لمن أصيبوا بها ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾.
عمل
[74] احذر الأنفة في غير محلها والكبر؛ فهو الذنب الذي دخل به إبليس النار ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾.
وقفة
[74] ﴿اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ الكبر مفتاح الكفر.

الإعراب :

  • ﴿ إِلاّ إِبْلِيسَ:
  • اداة استثناء. ابليس: مستثنى بالا منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ولم ينون لانه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة والعلمية. وقد استثني من الملائكة وهو من الجن لانه امر بالسجود معهم ثم استثنى منهم استثناء متصلا كما يستثنى الواحد منهم.
  • ﴿ اسْتَكْبَرَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «استكبر» في محل نصب حال.
  • ﴿ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ:
  • الواو عاطفة. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من الكافرين: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. والجملة معطوفة على «استكبر» منصوبة مثلها. على الحالية.'

المتشابهات :

البقرة: 34﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ
ص: 74﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ استجابةَ الملائكةِ لأمرِ اللهِ، وسجدوا لآدم عليه السلام؛ ذكرَ هنا أن إبليس امتنع عن السجود، واستكبرَ، قال تعالى:
﴿ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ ..

التفسير :

[75] قال الله لإبليس:ما الذي منعك من السجود لمن أكرمتُه فخلقتُه بيديَّ؟ أستكبرت على آدم، أم كنت من المتكبرين على ربك؟ وفي الآية إثبات صفة اليدين لله تبارك وتعالى، على الوجه اللائق به سبحانه.

فـ{ قَالَ} اللّه موبخا ومعاتبا:{ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أي:شرفته وكرمته واختصصته بهذه الخصيصة، التي اختص بها عن سائر الخلق، وذلك يقتضي عدم التكبر عليه.

{ أسْتَكْبَرْتَ} في امتناعك{ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ}

ثم حكى - سبحانه - ما قاله لإِبليس حين عصى أمره فقال : ( قَالَ ياإبليس مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ . . ) .

ومذهب السلف فى مثل هذا التعبير ، أن اليد - مفردة أو غير مفردة - إذا وصف الله تعالى بها ذاته ، فهى ثابتة له ، على الوجه الذى يليق بكماله ، مع تنزهه -سبحانه - عن مشابهته للحوداث .

ومذهب الخلف : تأويل اليد بالقدرة أو النعمة . والتثنية في يدى ، للتأكيد الدال على مزيد القدرة في خلقه . أى : قال الله - تعالى - لإبليس على سبيل التأنيث والتقريع : يا إبليس ما الذى منعك من السجود لآدم الذى خلقته بيدى؟

( أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين ) أى : أمنعك من السجود لآدم تكبرك من غير موجب هذا التكبر ، أم كنت ممن علا على غيره بدون حق؟ والاستفهام للتوبيخ والإِنكار .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75)

يقول تعالى ذكره: ( قَالَ ) الله لإبليس, إذ لم يسجد لآدم, وخالف أمره: ( يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ ) يقول: أي شيء منعك من السجود ( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) يقول: لخلق يديّ ; يخبر تعالى ذكره بذلك أنه خلق آدم بيديه.

كما حدثنا ابن المثني, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, قال: أخبرني عبيد المكتب, قال: سمعت مجاهدا يحدّث عن ابن عمر, قال: خلق الله أربعة بيده: العرش, وعَدْن, والقلم, وآدم, ثم قال لكلّ شيء كن فكان.

وقوله ( أَسْتَكْبَرْت ) يقول لإبليس: تعظَّمت عن السجود لآدم, فتركت السجود له استكبارا عليه, ولم تكن من المتكبرين العالين قبل ذلك ( أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) يقول: أم كنت كذلك من قبل ذا علوّ وتكبُّر على ربك .

التدبر :

وقفة
[75] ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [الأعراف: 12]، ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر: 32]، ﴿أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ اختلاف العبارات عند الحكاية؛ يدل على أن اللعين قد أدرج في معصية واحدة ثلاث معاص: مخالفة الأمر، ومفارقة الجماعة، والاستكبار مع تحقير آدم.
وقفة
[75] الإنسان نال من الله تعالى أعظم تكريم وشرف، إنه إنسان بنفخة من روح الله: ﴿فإذا سويته ونفخت فيه من روحي﴾ [72]، وهو خليفة من الله في الأرض: ﴿إنّي جاعل في الأرض خليفة﴾ [البقرة: 30]، وسخر الله تعالى له كل شيء: ﴿وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض﴾ [الجاثية: 13]، أيضًا خلقه الله تعالى بيديه: ﴿لما خلقت بيدي﴾، فأي تكريم وشرف هذا!
وقفة
[75] يكفي لشرف آدم على إبليس أن الله خلقه بيده ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾.
وقفة
[75] خلق الله آدم بيده: ﴿خلقت بيديّ﴾، ونادى الله البشر: ﴿يا بني آدم﴾ [الأعراف: 26]، وقد عاقب الله بشرًا فمسخهم قرودًا وأهلكهم، وأراد أقوام اصطفاء القرد ليكون بشرًا.
وقفة
[75، 76] ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ وهذا تقريع من الله للمشركين الذين كفروا بمحمد ﷺ استكبارًا عن أن يكونوا تبعًا لرجل منهم حين قالوا: ﴿أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا﴾ [8]، و﴿هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الأنبياء: 3] فقص عليهم تعالى قصة إبليس وإهلاكه باستكباره عن السجود لآدم بدعواه أنه خير منه.
وقفة
[75، 76] ‏أول ذنب عُصي الله به سببه الكِبر، وأول حجة له قياس فاسد، قال لإبليس: ﴿أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ يا إِبْلِيسُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يا: اداة نداء. ابليس: منادى مبني على الضم في محل نصب.
  • ﴿ ما مَنَعَكَ:
  • ما: اسم استفهام يفيد التوبيخ مبني السكون في محل رفع مبتدأ.منعك: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «منعك» في محل رفع خبر «ما».والجملة الاسمية ما مَنَعَكَ» في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ أَنْ تَسْجُدَ:
  • حرف مصدرية ونصب. تسجد: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. وجملة «تسجد» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ان» وما تلاها:بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به بمعنى: ما منعك ان تحقق السجود وتلزمه نفسك. او في محل جر بحرف جر مقدر اي من السجود. والجار والمجرور متعلق بمنعك.
  • ﴿ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ:
  • اللام حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. خلقت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. وجملة «خلقت» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: لما خلقته. بيدي: جار ومجرور متعلق بخلقت والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَسْتَكْبَرْتَ:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام او بمعنى التقرير. وقرئ «استكبرت» بحذف حرف الاستفهام لان «أم» تدل عليه او بمعنى الاخبار.استكبرت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل رفع فاعل.
  • ﴿ أَمْ كُنْتَ:
  • أم: حرف عطف وهي «أم المتصلة» على قراءة «استكبرت» بهمزة الاستفهام. او تكون منقطعة على «قراءة استكبرت» بمعنى الاخبار. وهي بمعنى حرف الاضراب «بل» او يكون التقدير: أبل. كنت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل -ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان».
  • ﴿ مِنَ الْعالِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. اي من المستحقين التفوق؟'

المتشابهات :

الحجر: 32﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
ص: 75﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     ولَمَّا امتنع إبليسُ عن تنفيذِ أمرِ اللهِ؛ سأله اللهُ هنا -على سبيل التوبيخ والإِنكار- عن المانع، قال تعالى:
﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لما:
وقرئ:
بفتح اللام وتشديد الميم، وهى قراءة الجحدري.
خلقت بيدي:
1- على التثنية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على الإفراد، وهى قراءة الجحدري.
أستكبرت:
1- بهمزة الاستفهام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بصلة الألف، وهى قراءة فرقة، منهم: ابن كثير.

مدارسة الآية : [76] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي ..

التفسير :

[76] قال إبليس معارضاً لربه:لم أسجد له؛ لأنني أفضل منه، حيث خلقتني من نارٍ، وخلقته من طين. والنار خير من الطين.

{ قَالَ} إبليس معارضا لربه ومناقضا:{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} وبزعمه أن عنصر النار خير من عنصر الطين، وهذا من القياس الفاسد، فإن عنصر النار مادة الشر والفساد، والعلو والطيش والخفة وعنصر الطين مادة الرزانة والتواضع وإخراج أنواع الأشجار والنباتات وهو يغلب النار ويطفئها، والنار تحتاج إلى مادة تقوم بها، والطين قائم بنفسه، فهذا قياس شيخ القوم، الذي عارض به الأمر الشفاهي من اللّه، قد تبين غاية بطلانه وفساده، فما بالك بأقيسة التلاميذ الذين عارضوا الحق بأقيستهم؟ فإنها كلها أعظم بطلانا وفسادا من هذا القياس.

( قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ ) أى : قال إبليس فى الجواب على ربه - تعالى - : أنا خير من آدم .

( خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) فهو - لعنه الله - يرى أن النار أفضل من الطين ، ولا يصح سجود الفاضل للمفضول .

ولا شك أن هذا التعليل من إبليس فى نهاية سوء الأدب ، لأنه بعدم سجوده قد عصى رب العالمين ، وفضلا عن ذلك فإن هذه العلة لا تقتضى صحة المدعى ، لأن النار ليست خيرا من الطين حتى يكون المخلوق منها أفضل ، إذ النار يطفئها الطين . .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

( قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ ) يقول جل ثناؤه: قال إبليس لربه: فعلت ذلك فلم أسجد للذي أمرتني بالسجود له لأني خير منه وكنت خيرا لأنك خلقتني من نار وخلقته من طين, والنار تأكل الطين وتحرقه, فالنار خير منه, يقول: لم أفعل ذلك استكبارا عليك, ولا لأني كنت من العالين, ولكني فعلته من أجل أني أشرف منه; وهذا تقريع من الله للمشركين الذين كفروا بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, وأبوا الانقياد له, واتباع ما جاءهم به من عند الله استكبارا عن أن يكونوا تبعا لرجل منهم حين قالُوا: أَؤُنْـزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا و هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ فقصّ عليهم تعالى قصة إبليس وإهلاكه باستكباره عن السجود لآدم بدعواه أنه خير منه, من أجل أنه خلق من نار, وخلق آدم من طين, حتى صار شيطانا رجيما, وحقت عليه من الله لعنته, محذّرهم بذلك أن يستحقوا باستكبارهم على محمد, وتكذيبهم إياه فيما جاءهم به من عند الله حسدا, وتعظما من اللعن والسخط ما استحقه إبليس بتكبره عن السجود لآدم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[76] إبليس إمام العنصريين ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ﴾.
وقفة
[76] كل فرع فله اقتباس من أصله، فالشيطان خلق من نار وطبع على الغضب ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ﴾.
وقفة
[76] ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ حتى إبليس يرى أنه من الأخيار!
وقفة
[76] نظر أهل الباطل المفتونين بالعاجلة نظر أرضي مادي ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾.
وقفة
[76] كل من قال برأيه أو ذوقه أو سياسته مع وجود النص -أو عارض نص بمعقول- فقد ضاهى إبليس حيث لم يسلم للنص ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾.
وقفة
[76] القياس والاجتهاد مع وجود النص الواضح مسلك باطل ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾.
وقفة
[76] ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ﴾ ﻻ تقال إﻻ حينما تسئ الظن باﻵخرين.
وقفة
[76] ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ﴾ كلمةٌ أهلكت إبليسَ، وما زال الكثيرُ يكرِّرها في نفسِه كلَّ يومٍ.
وقفة
[76] لو كانت العبرة بالادِّعاء، لكان إبليس خيرًا من آدم حينما قال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ﴾.
وقفة
[76] أول ذنب عُصى الله تعالى به في السماء: حسد إبليس لآدم ﴿أنا خير منه﴾، وأول ذنب عُصى به في الأرض: حسد قابيل لهابيل ﴿إذ قربا قربانًا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر﴾ [المائدة: 27].
عمل
[76] احذر كل الحذر من طغيان: (أنا، ولي، وعندي)، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها (إبليس، وفرعون، وقارون): إبليس: ﴿ﲼ ﲽ ﲾ﴾، وفرعون: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا﴾ [الزخرف: 52]، وقارون: ﴿ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ﴾ [القصص: 78].
وقفة
[76] قال إبليس: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ﴾، افتخر إبليس بما ليس من اختياره ولا فعله.
وقفة
[76] ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ كلمة إبليس التي بسببها هلك، يكررها المتكبرون في معاملاتهم كل يوم.
وقفة
[76] ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ أسوأ الكبر بما ليس باجتهادك ولا من ثمرة مجهودك.
وقفة
[76] ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ قال السعدي: «وبزعمه أن عنصر النار خير من عنصر الطين، وهذا من القياس الفاسد، فإن عنصر النار مادة الشر والفساد والعلو والطيش والخفة، وعنصر الطين مادة الرزانة والتواضع وإخراج أنواع الأشجار والنباتات، وهو يغلب النار ويطفئها، والنار تحتاج إلى مادة تقوم بها، والطين قائم بنفسه، فهذا قياس شيخ القوم، الذي عارض به الأمر الشفاهي من الله، قد تبين غاية بطلانه وفساده، فما بالك بأقيسة التلاميذ الذين عارضوا الحق بأقيستهم، فإنها كلها أعظم بطلانًا وفسادًا من هذا القياس».
وقفة
[76] في قول إبليس: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ علق الشنقيطي على ذلك فقال: «بل الطين خيرٌ من النار؛ لأن طبيعة النار الخفة والطيش والإفساد والتفريق، وطبيعة الطين الرزانة والإصلاح، تودعه الحبة فيعطيكها سنبلة، والنواة فيعطيكها نخلة، فانظر إلى الرياض الناضرة وما فيها من الثمار اللذيذة، والأزهار الجميلة، والروائح الطيبة؛ تعلم أن الطين خير من النار».

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.اي قال ابليس يا رب.
  • ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.أنا: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خير: خبر «انا» مرفوع بالضمة. واصلها: أخير وحذف الالف افصح. منه: جار ومجرور متعلق بخير والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى أنا أفضل منه.
  • ﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ:
  • الجملة الفعلية عطف بيان من الجملة الاسمية أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ» للبيان والايضاح. وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل والنون نون الوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به و مِنْ نارٍ» جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير خلقتني حالة كوني من نار. و «من» حرف جر بياني.
  • ﴿ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ:
  • معطوفة بالواو على خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ» وتعرب اعرابها والهاء ضمير الغائب في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

الأعراف: 12﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
ص: 76﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     ولَمَّا سألَه اللهُ؛ رَدَّ إبليسُ بسوءِ أدبٍ بأن النَّارَ أفضل من الطين، ولا يصح سجود الفاضل للمفضول، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [77] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

التفسير :

[77]قال الله له:فاخرج من الجنة فإنك مرجوم بالقول، مدحور ملعون،

فـ{ قَالَ} اللّه له:{ فَاخْرُجْ مِنْهَا} أي:من السماء والمحل الكريم.{ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} أي:مبعد مدحور.

أى: قال- تعالى- لإبليس على سبيل الزجر: مادمت يا إبليس قد عصيت أمرى، فاخرج من الجنة ومن كل مكان فيه تكريم لك، فإنك رجيم، أى: مطرود من رحمتي.

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77)

يقول تعالى ذكره لإبليس: ( فَاخْرُجْ مِنْهَا ) يعني من الجنة ( فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) يقول: فإنك مرجوم بالقوم, مشتوم ملعون.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) قال: والرجيم: اللعين.

حُدثت عن المحاربيّ, عن جُوَيبر, عن الضحاك بمثله.

التدبر :

عمل
[77] ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ﴾ ذنب واحد أخرجه من الجنة، وطرده من رحمة الله إلى الأبد، فحذار أن تستصغر ذنبًا.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.اي قال الله تعالى مخاطبا ابليس.
  • ﴿ فَاخْرُجْ مِنْها:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. اخرج: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. منها: جار ومجرور متعلق باخرج. اي من السماء. وجملة «اخرج منها» في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ فَإِنَّكَ رَجِيمٌ:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان».رجيم: خبرها مرفوع بالضمة. بمعنى مطرود. وهو فعيل بمعنى: مفعول. اي مرجوم بمعنى مطرود من رحمتي.'

المتشابهات :

الأعراف: 13﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا
الحجر: 34﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
ص: 77﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     ولَمَّا رَدَّ إبليسُ بهذا التطاول؛ عاقبه اللهُ بالطَّردِ من الجنة، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ ..

التفسير :

[78] وإن عليك طردي وإبعادي إلى يوم الجزاء والحساب.

{ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} أي:طردي وإبعادي{ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} أي:دائما أبدا.

وإن عليك لعنتي وغضبى إلى يوم القيامة، فإذا ما جاء هذا اليوم ازدادت لعنتي عليك.

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

وقوله ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي ) يقول: وإن لك طردي من الجنة ( إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ) يعني: إلى يوم مجازاة العباد ومحاسبتهم .

التدبر :

وقفة
[78] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ إعلان بعلم الله بإصرار إبليس على الكفر، فلعنه مستمر طوال الدنيا، ولا ينقطع إلا يوم القيامة بدخوله النار، ليتحقق أثر اللعن.
وقفة
[78] ﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ إن قلتَ: هذا يدلُّ على أنَّ غاية لعنة الله تعالى لِإبليس إلى يوم القيامة قد تنقطع؟ قلتُ: كيف تنقطع وقد قال تعالى: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ على الظّاِلمينَ﴾ [الأعراف: 44]، وإبليسُ أظلمُ الظَّلمةِ، والمراد أن عليه اللعنة طول مدَّةِ الدنيا، فإذا كان يوم القيامة، اقترن له باللعنة من أنواعِ العذاب، ما ينسى معه اللعنة، فكأنها انقطعت.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ:
  • الواو عاطفة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.عليك: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» مقدم.
  • ﴿ لَعْنَتِي:
  • اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِلى يَوْمِ الدِّينِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اللعنة. التقدير:كائنة الى يوم الدين. الدين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

الحجر: 35﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ
ص: 78﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ الطَّرْدُ قَدْ يَكُونُ في وقْتٍ يَسِيرٍ؛ بَيَّنَ اللهُ أنَّهُ دائِمٌ، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [79] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ ..

التفسير :

[79] قال إبليس:ربِّ فأخِّر أجلي، ولا تهلكني إلى حين تَبعث الخلق من قبورهم.

{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} لشدة عداوته لآدم وذريته، ليتمكن من إغواء من قدر اللّه أن يغويه.

( قَالَ رَبِّ فأنظرني ) أى : أمهلنى ( إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) أى : فأخرنى ولا تمتنى إلى يوم البعث ، لأتمكن من إغواء ذرية آدم .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) يقول تعالى ذكره: قال إبليس لربه: ربّ فإذ لعنتني, وأخرجتني من جنتك ( فَأَنْظِرْنِي ) يقول: فأخرني في الأجل, ولا تهلكني ( إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) يقول: إلى يوم تبعث خلقك من قبورهم.

التدبر :

وقفة
[79] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي﴾ الإنظار كشف عن بقاء الصراع بين الخير والشر إلى يوم القيامة.
لمسة
[79] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي﴾، ﴿قال أنظرني﴾ [الأعراف: 14] الإنظار: تأخير تحت النظر، والإمهال: تأخير مع التهديد، والإملاء: تأخير مع التمادي، والإرجاء: تأخير مع إعطاء فرصة، والتأجيل: إعطاء موعد للمؤجَل.
وقفة
[79] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ انظر كيف تمنى إبليس أن يمد الله في عمره، ليتمكن من إغواء من قدر الله أن يغويه، أفلا نغار من عدونا، فنتمنى أن يمد الله في أعمارنا؛ لنتمكن من هداية من قدر الله أن نهديه.
وقفة
[79] تعهد الشيطان أمام الله سبحانه: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [82] فتدبر كيف وصلت الحال؟ فمع أن الشيطان يعترف بالله ربًّا، بل ويدعوه: ﴿رَبِّ فَأَنظِرْنِي﴾ ثم يأتي من بني آدم من تعداه في الإجرام والغواية: ﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ﴾ [النازعات: 24]! بل وينفي الألوهية مطلقًا: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي﴾ [القصص: 38]! فأي أمان بعد ذلك إلا لمن اصطفاه الله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: 42]!

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رب: منادى بأداة نداء محذوفة تقديره: يا رب. وهو منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة على سبيل التعظيم ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَأَنْظِرْنِي:
  • الفاء زائدة او عاطفة على فعل مضمر محذوف. انظرني: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت والنون نون الوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل نصب مفعول به بمعنى: فأمهلني. والجملة في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بأنظرني. يبعثون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. وجملة «يبعثون» في محل جر بالاضافة اي الى وقت بعث الخلق من قبورهم يوم الحساب. اي الى يوم الدين. والجملتان بمعنى واحد ولكن خولف بين العبارات سلوكا بالكلام طريقة البلاغة.'

المتشابهات :

الأعراف: 14﴿ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
الحجر: 36﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
ص: 79﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     وبعد هذا اللعنِ؛ لم يبادر بالتوبة، أو يطلب تقليل العذاب، بل طَلَبَ ما يَزْدادُ بِهِ لَعْنَةً، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ

التفسير :

[80] قال الله له:فإنك من المؤخَّرين

فـ(قال) اللّه مجيبا لدعوته، حيث اقتضت حكمته ذلك:{ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}

( قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين . إلى يَوْمِ الوقت المعلوم ) أى : قال - سبحانه - قد أجبت لك ما تقتضيه حكمتى .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80)

يقول تعالى ذكره: قال الله لإبليس: فإنك ممن أنظرته إلى يوم الوقت المعلوم, وذلك الوقت الذي جعله الله أجلا لهلاكه. وقد بيَّنت وقت ذلك فيما مضى على اختلاف أهل العلم فيه، وقال: ( فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول تعالى ذكره: قال إبليس: فبعزّتك: أي بقدرتك وسلطانك وقهرك ما دونك من خلقك ( لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول: لأضلَّنّ بني آدم أجمعين ( إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) يقول: إلا من أخلصته منهم لعبادتك, وعصمتَه من إضلالي, فلم تجعل لي عليه سبيلا فإني لا أقدر على إضلاله وإغوائه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[79، 80] قال سفيان بن عيينة: «لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله تعالى لإبليس وهو شر الخلق، قال: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ﴾».
وقفة
[79، 80] استجاب الله دعاء إبليس وهو يطلب الشر؛ فكيف لا يستجيب دعاءك أيها المؤمن وأنت تطلب الخير ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ فَإِنَّكَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اي قال الله له والفاء عاطفة على مضمر محذوف. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل نصب اسمها.
  • ﴿ مِنَ الْمُنْظَرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «ان» وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. اي من الممهلين. و «ان» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به لقال-مقول القول-.'

المتشابهات :

الأعراف: 15﴿ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ
الحجر: 37﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ
ص: 80﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     ولَمَّا طلبَ إبليسُ أن يبقى حيًّا إلى حين يُبعث الخلقُ من قبورهم؛ أجابَه اللهُ تعالى لما طلبَ، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [81] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

التفسير :

[81] إلى يوم الوقت المعلوم، وهو يوم النفخة الأولى عندما تموت الخلائق.

{ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} حين تستكمل الذرية، يتم الامتحان.

وهو أنى سأؤخر إهلاكك إلى الوقت الذى حددته لفناء الخلائق وهو وقت النفخة الأولى ، لا إلى وقت البعث الذى طلبه إبليس .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

( إلى يوم الوقت المعلوم )

التدبر :

وقفة
[79-81] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ قال الإمام السمعاني: «فإن قيل: وهل يجوز أن يجيب الله دعوة الكافر؛ حيث أجاب دعوة اللعين؟ قيل: يجوز على طريق الاستدراج والمكر والإملاء لا على سبيل الكرامة».
وقفة
[79-81] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ لن يزال الباطل قائمًا حتى تقوم الساعة.

الإعراب :

  • ﴿ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ:
  • جار ومجرور متعلق بالمنظرين. الوقت: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ الْمَعْلُومِ:
  • صفة-نعت-الى الوقت مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.'

المتشابهات :

الحجر: 38﴿ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ
ص: 81﴿ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     ولَمَّا أجابَ اللهُ إبليسَ؛ حدد له هنا وقتًا محددًا، وهو النفخة الأولى حتى يموت مع سائر الخلائق، قال تعالى:
﴿ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [82] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

التفسير :

[82] قال إبليس:فبعزتك -يا رب- وعظمتك لأضلنَّ بني آدم أجمعين،

فلما علم أنه منظر، بادى ربه، من خبثه، بشدة العداوة لربه ولآدم وذريته، فقال:{ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} يحتمل أن الباء للقسم، وأنه أقسم بعزة اللّه ليغوينهم كلهم أجمعين.

( قَالَ ) أى : إبليس : ( فَبِعِزَّتِكَ ) أى : فبحق سلطانك وقهرك ( لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) أى : لأغوين بنى آدم جميعا بالمعاصى ، ولأضلنهم ولأمنينهم .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) قال: علم عدوّ الله أنه ليست له عزّة.

التدبر :

وقفة
[82] ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ﴾ أقسم إبليس بعزة الله تعالى، لعلمه أن الله غني عن خلقه، وليس بحاجة لهم، لأنه لو كان محتاجًا لخلقه، لما أذن لإبليس أن يتسلط عليهم.
وقفة
[82] ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ يا لحلم الله! ويا لوقاحة الشيطان! يحلف بعزته أن يغوي خلقه أجمعين!
وقفة
[82] ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ لما طرده بسبب آدم حلف بعزة الله أنه يضل بني آدم بتزيين الشهوات، وإدخال الشبه عليهم.
تفاعل
[82] ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
تفاعل
[82] استعذ بالله من إغواء الشيطان، واتباع خطواته ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
وقفة
[82] إذا لم تحصل على خير فلا تتمن حرمان غيرك منه، فذلك خُلق إبليس ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
وقفة
[82] ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ قال قتادة: «علم عدو الله أنه ليست له عزّة».
وقفة
[82] ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ التجربة خير برهان، أقسم إبليس بعزة الله، وهو يعلم عظمة هذا القسم؛ لأنه وجد أن الله قدره على إغواء آدم والوسوسة له، فغرته نفسه ليغوي ذريته من بعده.
وقفة
[82] ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ الكبر والعناد لم يعميه عن رؤية الحق، بل عرفه معرفة اليقين، لكن لكبره لم يتبعه، بل ويصد غيره عن اتباعه.
وقفة
[82] إبليس أعلم بربه وصفاته ودلائل قدرته من كثير من الناس ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
وقفة
[79-82] ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ سأل الله النظرة إلى يوم البعث؛ فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه، فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ فَبِعِزَّتِكَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اي ابليس والفاء واقعة في جواب شرط‍ محذوف بتقدير: إن كان الامر كذلك فبعزتك لاغوينهم. الباء حرف جر للقسم. عزتك: مقسم به مجرور بباء القسم وعلامة جره الكسرة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. وعزة الله:هي سلطانه وقهره.
  • ﴿ لَأُغْوِيَنَّهُمْ:
  • الجملة جواب القسم المقدر لا محل لها من الاعراب واللام واقعة في جواب القسم المقدر. اغوين: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به بمعنى: لأضلنهم.
  • ﴿ أَجْمَعِينَ:
  • توكيد معنوي لضمير الغائبين منصوب وعلامة نصبه الياء لانه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من الحركة في المفرد. والكلمة جمع «أجمع» و «أجمع» واحد في معنى الجمع لا مفرد له من لفظه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     ولَمَّا عَلِمَ الخبيثُ أنَّه مُنظَرٌ، أقسمَ بكل وقاحةٍ أن يضلَّ بني آدم بتزيين الشهوات لهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :ص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

التفسير :

83]إلا مَن أخلصتَه منهم لعبادتك، وعصمتَه من إضلالي، فلم تجعل لي عليهم سبيلاً.

{ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} علم أن الله سيحفظهم من كيده. ويحتمل أن الباء للاستعانة، وأنه لما علم أنه عاجز من كل وجه، وأنه لا يضل أحدا إلا بمشيئة اللّه تعالى، فاستعان بعزة اللّه على إغواء ذرية آدم هذا، وهو عدو اللّه حقا.

ونحن يا ربنا العاجزون المقصرون، المقرون لك بكل نعمة، ذرية من شرفته وكرمته، فنستعين بعزتك العظيمة، وقدرتك، ورحمتك الواسعة لكل مخلوق، ورحمتك التي أوصلت إلينا بها، ما أوصلت من النعم الدينية والدنيوية، وصرفت بها عنا ما صرفت من النقم، أن تعيننا على محاربته وعداوته، والسلامة من شره وشركه، ونحسن الظن بك أن تجيب دعاءنا، ونؤمن بوعدك الذي قلت لنا:{ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} فقد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا.{ إنك لا تخلف الميعاد}

( إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين فلا يتأثرون بإغوائى ، لأنى لا قدرة لى عليهم .

هذه القصة ذكرها الله ، تعالى في سورة " البقرة " وفي أول " الأعراف " وفي سورة " الحجر " و [ في ] سبحان " و " الكهف " ، وهاهنا وهي أن الله سبحانه أعلم الملائكة قبل خلق آدم - عليه السلام - بأنه سيخلق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وتقدم إليهم بالأمر متى فرغ من خلقه وتسويته فليسجدوا له إكراما وإعظاما واحتراما وامتثالا لأمر الله - عز وجل - . فامتثل الملائكة كلهم ذلك سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه - عز وجل - فيه وادعى أنه خير من آدم فإنه مخلوق من نار وآدم خلق من طين والنار خير من الطين في زعمه . وقد أخطأ في ذلك وخالف أمر الله ، وكفر بذلك فأبعده الله وأرغم أنفه وطرده عن باب رحمته ومحل أنسه وحضرة قدسه وسماه " إبليس " إعلاما له بأنه قد أبلس من الرحمة وأنزله من السماء مذموما مدحورا إلى الأرض فسأل الله النظرة إلى يوم البعث فأنظره الحليم الذي لا يعجل على من عصاه . فلما أمن الهلاك إلى يوم القيامة تمرد وطغى وقال : ( لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين ) كما قال : ( أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ) [ الإسراء : 62 ] وهؤلاء هم المستثنون في الآية الأخرى وهي قوله تعالى : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) [ الإسراء : 65 ]

( إلا عبادك منهم المخلصين ) يقول: إلا من أخلصته منهم لعبادتك, وعصمتَه من إضلالي, فلم تجعل لي عليه سبيلا فإني لا أقدر على إضلاله وإغوائه

التدبر :

تفاعل
[82، 83] ادع الله تعالى أن يجعلك من عباده المخلَصين ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾.
وقفة
[82، 83] من أخلصهم الله لعبادته من الخلق لا سبيل للشيطان عليهم ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾.
وقفة
[82، 83] كل قدرات الشيطان تتهاوى أمام الإخلاص ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾.
وقفة
[82، 83] ما أعظم الإخلاص! يعصمك من كيد الشيطان وإغوائه، تأمل قول الله عن إبليس: ﴿لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾، اللهم اجعلنا من المخلصين.

الإعراب :

  • ﴿ إِلاّ عِبادَكَ:
  • اداة استثناء. عبادك: مستثنى بالا منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ:
  • من: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من المخلصين متقدمة عليها. التقدير في حالة كونهم منهم. المخلصين: صفة-نعت-للعباد منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. اي الذين اخلصهم الله لنفسه'

المتشابهات :

الحجر: 40﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
ص: 83﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     ولَمَّا علمَ إبليسُ أنَّ اللهَ سيحفظ عبادَه المُخْلَصِين من كيده؛ استثناهم هنا، قال تعالى:
﴿ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف