3814546474849505152535455

الإحصائيات

سورة النمل
ترتيب المصحف27ترتيب النزول48
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.50
عدد الآيات93عدد الأجزاء0.45
عدد الأحزاب0.90عدد الأرباع3.50
ترتيب الطول24تبدأ في الجزء19
تنتهي في الجزء20عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 13/29طس: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (45) الى الآية رقم (49) عدد الآيات (5)

القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ صالحٍ عليه السلام لمَّا دعَا قومَه ثمودَ لعبادةِ اللهِ، فقالُوا له: تَشاءَمْنا بك، وكانَ في المدينةِ (الحِجْر) تسعةُ رجالٍ مفسدينَ حَلفُوا باللهِ على قتلِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (50) الى الآية رقم (53) عدد الآيات (4)

لمَّا دبَّرَ قومُ صالحٍ لقتلِه ومن معَه أهلكَهُم اللهُ وأنجَي الذينَ آمَنُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (54) الى الآية رقم (55) عدد الآيات (2)

القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ لوطٍ عليه السلام لمَّا أنكرَ على قومِه فعلَ الفاحشةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة النمل

الدعوة إلى الإيمان بآيات الله/ العلم والإيمان/ التفوق الحضاري/ الامتنان على النبي ﷺ بمعجزة القرآن

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ماذا تقدم لنا سورة النمل؟:   سورة النمل تصحح مفاهيم وتنادي الأمة: سورة النمل تعاتب الذين يفهمون الإسلام على أنه صلاة ركعتين وبكاء العينين وقراءة آيتين فقط. تقول لهم: هذه الأشياء -على أهميتها بلا شك- ليست كل الإسلام. تقول لهم: الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة. تقول لهم: يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا. ليس هذا فحسب، بل تؤكد لهم: إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته. سورة النمل تنادي أمة محمد ﷺ: - يا أمة محمد ﷺ: كونوا متفوقين، كونوا أقوياء، اجمعوا بين العلم والإيمان للنجاح في الحياة. - يا أمة محمد ﷺ: لابد أن تتفوقوا في العلم والتكنولوجيا، في القوة المادية والعسكرية، لتستخدموها في نصرة دين الله - يا أمة محمد ﷺ: اهتموا بالتفوق الحضاري. وتقول لهم: النَّمل أمَّة منظمة وهي نموذج من نماذج التفوق الحضاري، فتعلموا منها، وإذا كانت الحشرة قد نجحت فكيف تفشلون أنتم يا أمة محمد ﷺ؟! وهكذا نرى أن كل سورة توجّه رسالة واضحة للمسلمين لتكمل سور القرآن في عرضها للمنهج الرباني، مما يشعرنا بترابط القرآن وتماسك سوره، فبعد أن كانت رسالة سورة الشعراء: «اهتموا بالإعلام»، أتت سورة النمل لتوجه رسالة مماثلة: «اهتموا بالتفوق الحضاري»، وكلاهما يخدم نفس الهدف: أهمية التفوق والأخذ بالأسباب الدنيوية في تميز المسلمين وتأثيرهم على الآخرين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «النمل».
  • • معنى الاسم ::   جمع نملة، وهي حشرة صغيرة الجسم، تتخذ سكنها تحت الأرض، وتعيش في جماعات.
  • • سبب التسمية ::   لاشتمالها على قصة النملة التي وعظت بقية النمل، ثم اعتذرت عن سليمان وجنوده, ففهم نبي الله كلامها وتبسم من قولها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة سليمان»؛ لأن ما ذكر فيها من ملك سليمان مفصلًا لم يذكر مثله في غيرها، و«سورة الهدهد»؛ لأن لفظ الهدهد لم يذكر في غيرها من السور، و«سورة طس»؛ لافتتاحها بهذين الحرفين دون غيرها من السور.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة.
  • • علمتني السورة ::   أنه يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا.
  • • علمتني السورة ::   إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته.
  • • علمتني السورة ::   النمل أن القرآن فيه هدى وبشارة للمؤمنين: ﴿طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة النمل من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اختصت بذكر البسملة فيها مرتين: في بدايتها، وفي الآية (30)، وقد اتفق العلماء على أن البسملة في هذه الآية تعتبر من القرآن ومنكرها كافر، واختلفوا في قرآنيتها في بداية الفاتحة وبداية كل سورة.
    • احتوت السورة على السجدة التاسعة –بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة، في الآية (25-26).
    • احتوت السورة على لازمة قرآنية تكررت 5 مرات في خاتمة كل آية، وهي قوله تعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ للتأكيد على تفرد الله تعالى بالخلق والعبادة ونفي الشريك.
    • احتوت السورة على حوار بين الإنسان ومخلوقات أرضية أخرى، فذكرت حوار النملة والهدهد والجن مع سليمان عليه السلام، وفي نهاية السورة في الآية (82) ذكرت الحوار الذي سيكون مع الدابة التي تخرج من الأرض في آخر الزمان تكلم الناس، وهي من أشراط الساعة الكبرى.
    • سورة النمل من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور جاءت في المصحف مرتبة: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل).
    • سورة النمل ثاني أكثر سورة تتكرر فيها كلمة (قرآن) حيث وردت 4 مرات، بعد سورة الإسراء حيث وردت فيها 11 مرة.
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نكون متفوقين، أقوياء، نجمع بين العلم والإيمان للنجاح في الحياة.
    • أن نهتم بالعلم والتكنولوجيا، ونستخدم ذلك في نصرة دين الله.
    • أن نكون كالنمل في عزيمتهم وإصرارهم، في حضارتهم، في تخطيطهم وتنظيمهم، في وحدتهم وتعاونهم واصطفافهم، في تناصحهم وحذرهم، كالنمل يسبح ربه ويعرف غايته.
    • ألا تكون الدنيا همنا فننسى الآخرة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ (4، 5).
    • أن نتذكر بعضًا من النعم التي اختصنا الله بها، ثم نشكر الله عليها اقتداءً بالأنبياء: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
    • ألا نسكت على منكر، لا يكن الهدهد أغير منا على حرمات الله: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (24، 25).
    • أن نكثر من السجود لواهب النعم، ونكثر من الشكر: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (25).
    • أن نتحري ونتثبت ونتأكد من صدق الأخبار: ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (27).
    • أن نجعل رسائلنا قصيرة موجزة واضحة: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ (31).
    • أن نطبق الشورى قبل اتخاذ القرار؛ فإنها تقي من المهالك: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ﴾ (32).
    • أن نشكر الله على نعمه، وننسب الفضل إليه: ﴿... فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ (40).
    • أن نتوجه إلى الله إذا ضاقت بنا الدنيا ونطلب منه الفرج: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (62).
    • أن نتفكر فيمن كانوا قبلنا، ونأخذ العبرة والعظة منهم، هل نفعتهم القصور وهم في القبور؟!: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ (69).
    • أن نحسن سريرتنا كما نحسن علانيتنا؛ فالله يعلم ما تخفي الصدور: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (74).
    • أن نستعد ليوم الحساب: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ (87).
    • أن نبادر بالحسنات لنأمن من فزع يوم القيامة: ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ (89).

تمرين حفظ الصفحة : 381

381

مدارسة الآية : [45] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ ..

التفسير :

[45] ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً:أن وحِّدوا الله، ولا تجعلوا معه إلهاً آخر، فلما أتاهم صالحٌ داعياً إلى توحيد الله وعبادته وحده صار قومه فريقين:أحدهما مؤمن به، والآخر كافر بدعوته، وكل منهم يزعم أن الحق معه.

يخبر تعالى أنه أرسل إلى ثمود القبيلة المعروفة أخاهم في النسب صالحا وأنه أمرهم أن يعبدوا الله وحده ويتركوا الأنداد والأوثان، ( فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) منهم المؤمن ومنهم الكافر وهم معظمهم.

وقوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ... معطوف على قوله- تعالى-: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً.

واللام في قوله وَلَقَدْ أَرْسَلْنا ... جواب لقسم محذوف، وثَمُودَ اسم للقبيلة التي منها صالح- عليه السلام-، سميت باسم جدها ثمود. وقيل: سميت بذلك لقلة مائها، لأن الثمد هو الماء القليل..

وكانت مساكنهم بالحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم-، وهو مكان بين الحجاز والشام، وما زلت مساكنهم تعرف بمدائن صالح إلى اليوم. وقد مر النبي صلّى الله عليه وسلّم بديارهم، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، سنة تسع بعد الهجرة.

وصالح- عليه السلام- هو نبيهم، وكان واحدا منهم، وينتهى نسبه إلى نوح- عليه السلام- وقبيلة ثمود تسمى عادا الثانية، أما قبيلة عاد فتسمى عادا الأولى، ونبيهم هود- عليه السلام- قالوا: وكان بين القبيلتين زهاء مائة عام.

والمعنى: وبالله لقد أرسلنا إلى قبيلة ثمود، أخاهم صالحا- عليه السلام-، فقال لهم ما قاله كل نبي لقومه: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ- تعالى- وحده، ولا تشركوا معه آلهة أخرى.

و «إذا» في قوله- تعالى-: فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ هي الفجائية ويَخْتَصِمُونَ من المخاصمة بمعنى المجادلة والمنازعة.

أى: أرسلنا نبينا صالحا إلى قومه، فكانت المفاجأة أن انقسم قومه إلى قسمين: قسم آمن به- وهم الأقلون-، وقسم كفر به- وهم الأكثرون.

وهذه الخصومة بين الفريقين، قد أشار إليها القرآن في قوله- تعالى-: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ، لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا، لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ؟ قالُوا: إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ. قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ .

يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيها صالح ، عليه السلام ، حين بعثه الله إليهم ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ( فإذا هم فريقان يختصمون ) قال مجاهد : مؤمن وكافر - كقوله تعالى : ( قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون ) [ الأعراف : 75 ، 76 ] .

يقول تعالى ذكره: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ) وَحده لا شريك له, ولا تجعلوا معه إلها غيره (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) يقول: فلما أتاهم صالح داعيا لهم إلى الله صار قومه من ثمود فيما دعاهم إليه فريقين يختصمون, ففريق مصدّق صالحا مؤمن به, وفريق مكذّب به كافر بما جاء به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) قال: مؤمن وكافر, قولهم: صالح مرسل, وقولهم: صالح ليس بمُرسل, ويعني بقوله (يَخْتَصِمُونَ ) يختلفون.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ) قال: مؤمن, وكافر.

التدبر :

وقفة
[45] ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ أصبحوا فريقين: فريق مؤمن، وفريق مشرك، فصاروا يختصمون: المؤمنون ينصرون دينهم الحق، وغيرهم ينصر دينه الباطل بالباطل، وهي سنة الله الماضية في كل زمان ومكان.
وقفة
[45] الافتراق على حقٍ خير من الاجتماع على باطل ﴿ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون﴾.
وقفة
[45] ﴿فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ﴾ كان القياس أن يقول: (فريقان يختصمان)، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ [الحجرات: 9]، فكل أفراد طائفة اقتتلوا مع أفراد الطائفة الأخرى، وهنا: كل فريق عبارة عن جماعة، والخصومة هنا ليست خصومة فرد، بل هي خصومة جماعة لجماعة، ومثله قوله تعالى: ﴿هَـٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ [الحج: 19].

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا:
  • الواو استئنافية. اللام لام التوكيد. قد: حرف تحقيق.ارسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ إِلى ثَمُودَ:
  • حرف جر. ثمود: اسم مجرور بإلى وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف-التنوين-على تأويل القبيلة اي التأنيث والتعريف. والجار والمجرور متعلق بأرسلنا.
  • ﴿ أَخاهُمْ صالِحاً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الالف لانه من الاسماء الخمسة. و أَخاهُمْ» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. صالحا: عطف بيان لاخاهم منصوب بالفتحة. ولم يمنع من الصرف لانه اسم عربي.
  • ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ:
  • ان: حرف تفسير لا عمل له وكسر آخره لالتقاء الساكنين بمعنى: فقال لهم اعبدوا الله. اعبدوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. وجملة اُعْبُدُوا اللهَ» تفسيرية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَإِذا هُمْ:
  • الفاء استئنافية. اذا: حرف فجاءة لا محل له. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية هُمْ فَرِيقانِ» استئنافية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ:
  • خبر أَخاهُمْ» مرفوع بالالف لانه مثنى. والنون عوض من تنوين المفرد. يختصمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية يَخْتَصِمُونَ» في محل رفع صفة-نعت-لفريقان. وجاءت بلفظ‍ الجمع على المعنى لا اللفظ‍ لان كل فريق مجموعة. بمعنى: فريق مؤمن وفريق كافر. ومعنى يَخْتَصِمُونَ» يقول كل فريق الحق معي.'

المتشابهات :

الأعراف: 73﴿وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
هود: 61﴿وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ
النمل: 45﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [45] لما قبلها :     القصَّةُ الثالثةُ: قصَّةُ صالحٍ عليه السلام لمَّا دعَا قومَه ثمودَ لعبادةِ اللهِ، قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [46] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ ..

التفسير :

[46] قال صالح للفريق الكافر:لِمَ تبادرون الكفر وعمل السيئات الذي يجلب لكم العذاب، وتؤخرون الإيمان وفِعْل الحسنات الذي يجلب لكم الثواب؟ هلَّا تطلبون المغفرة من الله ابتداء، وتتوبون إليه؛ رجاء أن ترحموا.

قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِأي:لم تبادرون فعل السيئات وتحرصون عليها قبل فعل الحسنات التي بها تحسن أحوالكم وتصلح أموركم الدينية والدنيوية؟ والحال أنه لا موجب لكم إلى الذهاب لفعل السيئات؟.لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَبأن تتوبوا من شرككم وعصيانكم وتدعوه أن يغفر لكم،لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَفإن رحمة الله تعالى قريب من المحسنين والتائب من الذنوب هو من المحسنين.

وقوله- تعالى-: قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ... بيان لما وجهه صالح إلى الكافرين من قومه، من نصائح حكيمة..

أى: قال صالح- عليه السلام- للمكذبين لرسالته من قومه بأسلوب رقيق حكيم:

يا قوم لماذا كلما دعوتكم إلى الحق أعرضتم عن دعوتي، وآثرتم الكفر على الإيمان، واستعجلتم عقوبة الله- تعالى- التي حذرتكم منها، قبل أن تتضرعوا إليه- سبحانه- بطلب الهداية والرحمة.

وقوله: لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ حض منه على الإقلاع عما هم فيه من عناد وضلال.

أى: هلا استغفرتم الله- تعالى- وأخلصتم له العبادة، واتبعتمونى فيما أدعوكم إليه، لكي يرحمكم ربكم ويعفو عنكم.

فالمراد بالسيئة: العذاب الذي تعجلوه، والذي أشار إليه- سبحانه- في قوله:

فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ .

( قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة ) ، أي : لم تدعون بحضور العذاب ، ولا تطلبون من الله رحمته ؟ ولهذا قال : ( لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون)

وقوله: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) يقول تعالى ذكره: قال صالح لقومه: يا قوم لأيّ شيء تستعجلون بعذاب الله قبل الرحمة.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن نجيح, عن مجاهد قوله: (لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) قال: السيئة: العذاب, قبل الحسنة: قبل الرحمة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ ) قال بالعذاب قبل الحسنة, قال: العافية.

وقوله: (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) يقول: هلا تتوبون إلى الله من كفركم, فيغفر لكم ربكم عظيم جرمكم, يصفح لكم عن عقوبته إياكم على ما قد أتيتم من عظيم الخطيئة.

وقوله: (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) يقول: ليرحمكم ربكم باستغفاركم إياه من كفركم.

التدبر :

اسقاط
[46] المؤمن دائمًا متفائل؛ فالفأل لا يأتي إلا بخير، وهو من كمال حسن الظن بالله ﴿قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ۖ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
وقفة
[46] ﴿قالَ يا قَومِ لِمَ تَستَعجِلونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبلَ الحَسَنَةِ لَولا تَستَغفِرونَ اللَّهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ﴾ فى كل أمور حياتك: تفائل، وأحسن الظن، وتوقع الخير، وأكثر من الاستغفار تنل الرحمات.
وقفة
[46] ﴿لولا تستغفرون الله﴾ بأن تتوبوا من شرككم وعصيانكم، وتدعوه أن يغفر لكم.
وقفة
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ أقربُ النَّاسِ إلى رحمةِ اللهِ أكثرُهم استغفَارًا.
وقفة
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الاستغفار قربةٌ ورحمة، أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.
وقفة
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ إن ضاقت بنا الدنيا هرعنا نشكو همنا للخلق؛ مع أن في أيدينا كنوزًا إن تمسكنا بها فتحت أبواب الرحمة.
عمل
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ استنزل رحمة الله بك وبأهلك وبلادك وأمتك بالاستغفار والتوبة، استغفر الله.
تفاعل
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ قل: «استغفر الله»؛ لعل رحمة منه تغمرك، تزيل هـمّك، ويطيب بها بقـيّـة عمرك.
وقفة
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ الاستغفار من المعاصي سبب لرحمة الله.
وقفة
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ مهما كان ذنبك فالله يدعوك ليرحمك.
عمل
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ استغفر ربك لعل رحمة منه تغمرك، تزيل هـمّك، ويطيب بها بقـيّـة عمرك.
وقفة
[46] ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ استمطروا رحمات الله بكثرة الاستغفار.
عمل
[46] استنزلوا رحمات الله بالاستغفار: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، أستغفر الله العلي العظيم، وأتوب إليه.
وقفة
[46] صالح عليه السلام يقول لقومه الكافرين: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، إذا كانت رحمة الله تُرتجى للكافر لو استغفر، فكيف بالمؤمن؟!
وقفة
[46] الاستغفار سبب لنزول الرحمة: ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
وقفة
[46] كثرة الاستغفار من أسباب تنزل الرحمات الإلهية، والألطاف الربانية، والفلاح في الدنيا والآخرة ﴿لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
وقفة
[46] الله يدعونا ليرحمنا ﴿لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون﴾؛ فاستنزلوا رحماته بالاستغفار.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ يا قَوْمِ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي صالح. يا: اداة نداء. قوم: منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة. والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ:
  • اللام حرف جر و «ما» اسم استفهام مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بتستعجلون وقد سقطت ألف «ما» لانها جرت بحرف جر. تستعجلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ بِالسَّيِّئَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بتستعجلون. اي بالعقوبة بقولكم ائتنا بما تعدنا.
  • ﴿ قَبْلَ الْحَسَنَةِ:
  • قبل: ظرف زمان لانه اضيف منصوب على الظرفية وهو مضاف ومتعلق بتستعجلون و الْحَسَنَةِ» مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. اي قبل التوبة.
  • ﴿ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ:
  • لولا: حرف تحضيض بمعنى «هلا» لا محل له.تستغفرون: تعرب اعراب تَسْتَعْجِلُونَ».الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ:
  • لعل: حرف مشبه بالفعل يفيد الترجي والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. ترحمون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى: هلا تستغفرون ربكم قبل نزول العذاب لعله يرحمكم. والكلام جاء تنبيها لهم على الخطأ والتجهيل فيما قالوه وفيما اعتقدوه. وجملة تُرْحَمُونَ» في محل رفع خبر «لعل».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [46] لما قبلها :     وبعد بيان انقسام قوم صالح عليه السلام إلى قسمين: قسم آمن به -وهم الأقلون-، وقسم كفر به -وهم الأكثرون-؛ ذكر اللهُ هنا أن صالحًا عليه السلام استعطف المكذبين، ونصحهم، وطلب إليهم أن يستغفروا ربهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [47] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ..

التفسير :

[47] قال قوم صالح له:تَشاءَمْنا بك وبمن معك ممن دخل في دينك، قال لهم صالح:ما أصابكم الله مِن خير أو شر فهو مقدِّره عليكم ومجازيكم به، بل أنتم قوم تُخْتَبرون بالسراء والضراء والخير والشر.

قَالُوالنبيهم صالح مكذبين ومعارضين: اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَزعموا -قبحهم الله- أنهم لم يروا على وجه صالح خيرا وأنه هو ومن معه من المؤمنين صاروا سببا لمنع بعض مطالبهم الدنيوية، فقال لهم صالح: طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِأي:ما أصابكم إلا بذنوبكم،بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَبالسراء والضراء والخير والشر لينظر هل تقلعون وتتوبون أم لا؟ فهذا دأبهم في تكذيب نبيهم وما قابلوه به.

ثم حكى- سبحانه- ما رد به هؤلاء المتكبرون على نبيهم فقال- تعالى- قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ...

وقوله: اطَّيَّرْنا أصله تطيرنا، فأدغمت التاء في الطاء، وزيدت همزة الوصل، ليتأتى الابتداء بالكلمة. والتطير: التشاؤم.

قال الآلوسى: وعبر عنه بذلك، لأنهم كانوا إذا خرجوا مسافرين فيمرون بطائر يزجرونه فإن مر سانحا- بأن مر من ميامن الشخص إلى مياسره- تيمنوا، وإن مر بارحا- بأن مر من المياسر إلى الميامن- تشاءموا. فلما نسبوا الخير والشر إلى الطائر، استعير لما كان سببا لهما من قدر الله- تعالى- وقسمته- عز وجل- أو من عمل العبد الذي هو سبب الرحمة والنعمة .

أى قال المكذبون من قوم صالح في الرد عليه: أصابنا الشؤم والنحس بسبب وجودك فينا، وبسبب المؤمنين الذين استجابوا لدعوتك. حيث أصبنا بالقحط بعد الرخاء والضراء بعد السراء.

ولا شك أن قولهم هذا يدل على جهلهم المطبق، وعلى سوء تفكيرهم، لأن السراء والضراء من عند الله- تعالى- وحده. ولا صلة لهما بوجود صالح والذين آمنوا معه بينهم ولذا رد عليهم صالح- عليه السلام- بقوله طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ...

أى: قال لهم موبخا وزاجرا: ليس الأمر كما زعمتم أن وجودنا بينكم هو السبب فيما أصابكم من شر، بل الحق أن ما يصيبكم من شر وقحط هو من عند الله، بسبب أعمالكم السيئة، وإصراركم على الكفر، واستحبابكم المعصية على الطاعة. والعقوبة على المغفرة.

ثم زاد صالح- عليه السلام- الأمر توضيحا وتبيانا فقال لهم: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ.

أى قال لهم: ليس ما أصابكم بسببنا. بل أنتم قوم «تفتنون» أى تختبرون وتمتحنون بما يقع عليكم من شر، حتى تتوبوا إلى خالقكم، قبل أن ينزل بكم العذاب الماحق، إذا ما بقيتم على كفركم.

فأنت ترى أن صالحا- عليه السلام- قد رد على جهالتهم بأسلوب قوى رصين، بين لهم فيه، أن تشاؤمهم في غير محله، وأن حظهم ومستقبلهم ومصيرهم بيد الله- تعالى- وحده، وأن ما أصابهم من بلاء وقحط، إنما هو لون من امتحان الله- تعالى- لهم، لكي يتنبهوا ويستجيبوا لدعوة الحق، قبل أن يفاجئهم الله- تعالى- بالعذاب الذي يهلكهم.

( قالوا اطيرنا بك وبمن معك ) أي : ما رأينا على وجهك ووجوه من اتبعك خيرا . وذلك أنهم - لشقائهم - كان لا يصيب أحدا منهم سوء إلا قال : هذا من قبل صالح وأصحابه .

قال مجاهد : تشاءموا بهم . وهذا كما قال تعالى إخبارا عن قوم فرعون : ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ) [ الأعراف : 131 ] . وقال تعالى : ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله ) [ النساء : 78 ] أي : بقضاء الله وقدره . وقال مخبرا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون : ( قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم . قالوا طائركم معكم ) [ يس : 18 ، 19 ] .وقال هؤلاء : ( اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله ) أي : الله يجازيكم على ذلك ( بل أنتم قوم تفتنون ) قال قتادة : تبتلون بالطاعة والمعصية .

والظاهر أن المراد بقوله : ( تفتنون ) أي : تستدرجون فيما أنتم فيه من الضلال .

يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لرسولها صالح (اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ) أي: تشاءمنا بك وبمن معك من أتباعنا, وزجرنا الطير بأنا سيصيبنا بك وبهم المكاره والمصائب، فأجابهم صالح فقال لهم (طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) أي ما زجرتم من الطير لما يصيبكم من المكاره عند الله علمه, لا يدري أيّ ذلك كائن, أما تظنون من المصائب أو المكاره, أم ما لا ترجونه من العافية والرجاء والمحاب؟.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثنا معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس قوله: (قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) يقول: مصائبكم.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قوله: (طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) علمكم عند الله.

وقوله: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) يقول: بل أنتم قوم تختبرون, يختبركم ربكم إذ أرسلني إليكم, أتطيعونه, فتعملون بما أمركم به, فيجزيكم الجزيل من ثوابه؟ أم تعصونه بخلافه, فيحلّ بكم عقابه؟.

التدبر :

وقفة
[47] ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ﴾ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ»، ثَلاَثًا، «وَمَا مِنَّا إِلاَّ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ» [أبو داود 3910، وصححه الألباني].
وقفة
[47] التشاؤم ليس معتقدًا اختص به أهل الجاهلية في شهر صفر وغيره، بل هو معتقد تتابع عليه أعداء الرسل، فتأمل كيف سجَّل القرآن هذا الخلق السيء على قوم صالح ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ﴾، وقوم موسى [الأعراف: 131]، وأصحاب القرية [يس: 18]، وعلى كفار قريش مع نبينا ﷺ [النساء: 78].
وقفة
[47] ‏نزول المصائب فرصة للمفسدين لتشويه المصلحين واتهامهم، قال الله عن نبيه: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ﴾، وقالوا لصالح: ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ﴾.
وقفة
[47] ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ﴾ زعموا -قبحهم الله- أنهم لم يروا على وجه صالح خيرا، وأنه هو ومن معه من المؤمنين صاروا سببا لمنع بعض مطالبهم الدنيوية، فقال لهم صالح: ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ﴾ أي: ما أصابكم إلا بذنوبكم، ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ بالسراء والضراء، والخير والشر؛ لينظر هل تقلعون وتتوبون أم لا.
وقفة
[47] ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ أرسل رسالة تبين فيها أن حكم الطيرة لا يرتبط بالطيور فقط، بل في كل شيء تتشاءم منه.
عمل
[47] ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ احفظ الدعاء الوارد في كراهية الطيرة؛ وهو قوله: «اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» [أحمد 2/220، وصححه الألباني].
وقفة
[47] ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ ولا شيء أضر بالرأي، ولا أفسد للتدبير من اعتقاد الطيرة، ومن ظن أن خوار بقرة، أو نعيق غراب يرد قضاء، أو يدفع مقدورًا فقد جهل.
وقفة
[47] ﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ التشاؤم بالأشخاص والأشياء ليس من صفات المؤمنين.
وقفة
[47] ﴿قالُوا اطَّيَّرنا بِكَ وَبِمَن مَعَكَ قالَ طائِرُكُم عِندَ اللَّهِ بَل أَنتُم قَومٌ تُفتَنونَ﴾ البعض يتطير ويتشاءم من ابتلاء الله له، والقليل من يرضى ويصبر على البلاء؛ فاللهم اجعلنا من عبادك القليل.
وقفة
[47] ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ﴾ أي: ما يصيبكم من الخير والشر عند اللّه بأمره، وهو مكتوب عليكم؛ سمي طائرًا لسرعة نزوله بالإنسان؛ فإنه لا شيء أسرع من قضاء محتوم.
وقفة
[47] ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ﴾ سمي قضاء الله طائرًا لسرعة نزوله بالإنسان، فإنه لا شئ أسرع من قضاء محتوم, وكان في المدينة ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ كانوا تسعة فقط، ولكنهم تسببوا في تدمير تلك المدينة برمتها، وهلاك أهلها.
وقفة
[47] ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ﴾ استعير اسم الطائر للتعبير عما حل بهم من مصائب للمشاكلة في قولهم (اطيرنا)، ومخاطبة لهم بما يفهمون لإصلاح ما يعتقدون.
وقفة
[47] ﴿قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ﴾ لما جاءهم صالح عارضوه، فأصابهم قحْط شديد، وضنَّتْ السماء بالمطر، فقالوا: «إن صالحًا سبب القَحْط» لا الذنب، فكانت هذه فتنتهم.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ اطَّيَّرْنا بِكَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.اطير: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. بك: جار ومجرور متعلق باطيرنا. بمعنى: تشاء منا بك. واصل الفعل «تطيرنا» فأدغم.
  • ﴿ وَبِمَنْ مَعَكَ:
  • معطوف بالواو على بِكَ» ويعرب اعرابه. ومن: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء و مَعَكَ» جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره: كان معك او بمعنى وجد معك. وجملة «وجد معك» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. ويجوز ان تكون «مع» ظرفا لانه مضاف يدل على الاجتماع والمصاحبة وتكون الكاف ضمير المخاطب في محل جر بالاضافة بمعنى: وبمن صاحبك او اتبعك.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.عند: ظرف مكان متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة:مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى: عملكم مكتوب عند الله، اي سببكم الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله.
  • ﴿ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. أنتم: ضمير منفصل -ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ. قوم: خبر أَنْتُمْ» مرفوع بالضمة.والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ تُفْتَنُونَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. بمعنى: تختبرون او تعذبون او يفتنكم الشيطان بوسوسته اليكم الطيرة. وجملة تُفْتَنُونَ» في محل رفع صفة-نعت- لقوم. وفي هذا القول الكريم اجتمعت الغيبة الدالة على قَوْمٌ» والمخاطبة وهي تُفْتَنُونَ» فغلبت المخاطبة لانها اقوى وارسخ'

المتشابهات :

الأعراف: 81﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
يس: 19﴿قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
الشعراء: 166﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ
النمل: 47﴿قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّـهِ ۖ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ
النمل: 55﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [47] لما قبلها :     وبعد النصح والاستعطاف؛ ذكرَ اللهُ هنا ما قابل به رؤساءُ ثَمود دعوةَ نبيِّهم، قال تعالى :
﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

اطيرنا:
قرئ:
تطيرنا، على الأصل.

مدارسة الآية : [48] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ..

التفسير :

[48] وكان في مدينة صالح -وهي «الحِجْر» الواقعة في شمال غرب جزيرة العرب-تسعة رجال، شأنهم الإفساد في الأرض، الذي لا يخالطه شيء من الصلاح.

وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِالتي فيها صالح الجامعة لمعظم قومهتِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَأي:وصفهم الإفساد في الأرض، ولا لهم قصد ولا فعل بالإصلاح قد استعدوا لمعاداة صالح والطعن في دينه ودعوة قومهم إلى ذلك كما قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ

ولكن هذا النصح الحكيم الذي وجهه صالح إلى المكذبين من قومه، لم يجد أذنا صاغية منهم، بل قابله زعماؤهم بالتكبر وبالإصرار على التخلص من صالح- عليه السلام- ومن أهله، وقد حكى القرآن ذلك في قوله- تعالى-: وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ، يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ.

يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورءوسهم الذين كانوا دعاة قومهم إلى الضلالة والكفر وتكذيب صالح ، وآل بهم الحال إلى أنهم عقروا الناقة ، وهموا بقتل صالح أيضا ، بأن يبيتوه في أهله ليلا فيقتلوه غيلة ، ثم يقولوا لأوليائه من أقربيه : إنهم ما علموا بشيء من أمره ، وإنهم لصادقون فيما أخبروهم به ، من أنهم لم يشاهدوا ذلك ، فقال تعالى : ( وكان في المدينة ) أي : مدينة ثمود ، ( تسعة رهط ) أي : تسعة نفر ، ( يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) وإنما غلب هؤلاء على أمر ثمود ; لأنهم كانوا كبراء فيهم ورؤساءهم .

قال العوفي ، عن ابن عباس : هؤلاء هم الذين عقروا الناقة ، أي : الذي صدر ذلك عن آرائهم ومشورتهم - قبحهم الله ولعنهم - وقد فعل ذلك .

وقال السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس : كان أسماء هؤلاء التسعة : دعمي ، ودعيم ، وهرما ، وهريم ، وداب ، وصواب ، ورياب ، ومسطع ، وقدار بن سالف عاقر الناقة ، أي : الذي باشر ذلك بيده . قال الله تعالى : ( فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر ) [ القمر : 29 ] ، وقال تعالى ( إذ انبعث أشقاها ) [ الشمس : 12 ] .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا يحيى بن ربيعة الصنعاني ، سمعت عطاء - هو ابن أبي رباح - يقول : ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) قال : كانوا يقرضون الدراهم ، يعني : أنهم كانوا يأخذون منها ، وكأنهم كانوا يتعاملون بها عددا ، كما كان العرب يتعاملون .

وقال الإمام مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض .

وفي الحديث - الذي رواه أبو داود وغيره - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس .

والغرض أن هؤلاء الكفرة الفسقة ، كان من صفاتهم الإفساد في الأرض بكل طريق يقدرون عليها ، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمة وغير ذلك .

يقول تعالى ذكره: وكان في مدينة صالح, وهي حِجر ثمود, تسعة أنفس يفسدون في الأرض ولا يصلحون, وكان إفسادهم في الأرض، كفرهم بالله, ومعصيتهم إياه, وإنما خصّ الله جلّ ثناؤه هؤلاء التسعة الرهط بالخبر عنهم أنهم كانوا يفسدون في الأرض, ولا يصلحون, وإن كان أهل الكفر كلهم في الأرض مفسدين, لأن هؤلاء التسعة هم الذين سعوا فيما بلغنا في عقر الناقة, وتعاونوا عليه, وتحالفوا على قتل صالح من بين قوم ثمود.وقد ذكرنا قصصهم وأخبارهم فيما مضى من كتابنا هذا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (تِسْعَةُ رَهْطٍ ) قال: من قوم صالح.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ) هم الذين عقروا الناقة, وقالوا حين عقروها: نبيت صالحا وأهله فنقتلهم, ثم نقول لأولياء صالح: ما شهدنا من هذا شيئا, وما لنا به علم, فدمرهم الله أجمعين.

التدبر :

وقفة
[48] ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ الإفساد يكون خلفه قلة قليلة تنسج خيوطه للناس ليفسدوا، فقوم صالح هلكوا كلهم بسبب تسعة.
وقفة
[48] ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ نشر الفساد والهدم لا يحتاج إلى كثرة عدد فلا تحتقر المفسدين وإن قل عددهم.
وقفة
[48] ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ مجموعة أشخاص قد يكونون شؤمًا على البلد كله! مالم يؤخذ على يدهم.
وقفة
[48] ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ تسعة أفراد كانوا شؤمًا على البلدة فنزل عذاب الله على الجميع.
وقفة
[48] ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ إعلان المنكر أقبح من الاستتار به.
وقفة
[48] تأمل! ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾، فمع قلة عددهم بالنسبة لسكان مدينتهم، فإن أثر فسادهم أدى إلى هلاك وتدير تلك المدينة وأهلها، ونفى عنهم الإصلاح؛ لأن هذه دعواهم التي يخدعون بها الدهماء، كما هو ديدن المفسدين في كل زمان ومكان.
وقفة
[48] قال مالك بن دينار وقد تلا هذه الآية: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾: «فكم اليوم في كل قبيلة من الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون».
وقفة
[48] ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ الرهط اسم للجماعة، فقد كان هؤلاء التسعة رؤساء، يتبع كل واحد منهم رهط، يجمعون الناس حولهم لإفسادهم، أفلا نجمع نحن الناس حولنا لهدايتهم؟!
وقفة
[48] ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ تعجب من قلة أهل الفساد وتمكنهم في الإفساد, رهط قليلون في المدينة وفسادهم عم الأرض كلها, هكذا حينما يغلب السفهاء العقلاء.
وقفة
[48] ﴿تِسْعَةُ رَهْطٍ﴾ تسعةُ أفرادٍ فقط كانوا شؤمًا على البلدةِ، فنزلَ العذابُ على الجميعِ.
وقفة
[48] ﴿يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ أي أنهم ليس لهم عمل صالح آخر، وأن طبيعتهم الفساد والإفساد، لأن الإنسان العادي يفسد شيئًا، ويصلح شيئًا آخر، كما في قوله تعالى: ﴿خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ [التوبة: 102].

الإعراب :

  • ﴿ وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ:
  • الواو استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. في المدينة: جار ومجرور متعلق بخبر كانَ» المقدم.
  • ﴿ تِسْعَةُ رَهْطٍ‍:
  • اسم كانَ» مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. رهط‍:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. وميزت التسعة بالرهط‍ وهو تمييز لانه في معنى الجماعة اي تسعة رجال او انفس.
  • ﴿ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة-نعت-لتسعة.او في محل جر صفة-نعت-لرهط‍.يفسدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. في الارض: جار ومجرور متعلق بيفسدون.
  • ﴿ وَلا يُصْلِحُونَ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا محل لها. يصلحون: تعرب اعراب يُفْسِدُونَ».'

المتشابهات :

الشعراء: 152﴿الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ
النمل: 48﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [48] لما قبلها :     وبعد بيان ما قابلَ به رؤساءُ ثَمود دعوةَ نبيِّهم صالحٍ عليه السَّلامُ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن هذه القرية كانت كثيرة الفساد، قال تعالى:
﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [49] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ..

التفسير :

[49] قال هؤلاء التسعة بعضهم لبعض:تقاسموا بالله بأن يحلف كل واحد للآخرين:لنأتينَّ صالحاً بغتة في الليل فلنقتلَنَّه ولنقتلَنَّ أهله، ثم لنقولَنَّ لوليِّ الدم مِن قرابته:ما حضرنا قتلهم، وإنا لصادقون فيما قلناه.

فلم يزالوا بهذه الحال الشنيعة حتى إنهم من عداوتهمتَقَاسَمُوافيما بينهم كل واحد أقسم للآخرلَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُأي نأتيهليلا هو وأهله فلنقتلنهمثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِإذا قام علينا وادعى علينا أنا قتلناه ننكر ذلك وننفيه ونحلفإِنَّا لَصَادِقُونَفتواطئوا على ذلك

قالُوا: تَقاسَمُوا بِاللَّهِ، لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ. ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ.

والمراد بالمدينة: مدينة قوم صالح- عليه السلام- وهي الحجر- بكسر الحاء وإسكان الجيم-.

قال الجمل: قوله: «تسعة رهط» أى تسعة أشخاص، وبهذا الاعتبار وقع تمييزا للتسعة، لا باعتبار لفظه، وهم الذين سعوا في عقر الناقة، وباشره منهم قدار بن سالف، وكانوا من أبناء أشراف قوم صالح، والإضافة بيانية. أى: تسعة رهط. وفي المصباح: الرهط دون العشرة من الرجال، ليس فيهم امرأة .

ووصفهم بأنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون. للإشارة إلى أن نفوسهم قد تمحضت للفساد وللإفساد، ولا مكان فيها للصلاح وللإصلاح.

وقوله: تَقاسَمُوا فعل أمر محكي بالقول، بمعنى: احلفوا بالله، ويجوز أن يكون فعلا ماضيا مفسرا لقالوا، فكأنه قيل: ما الذي قالوه؟ فكان الجواب: تقاسموا أى:

أقسموا.

وقوله: لَنُبَيِّتَنَّهُ من البيات وهو مباغتة العدو ليلا لقتله. يقال بيت القوم العدو، إذا أوقعوا به ليلا.

والمراد بوليه: المطالبون بدمه من أقاربه، وفي ذلك إشارة إلى أن هؤلاء الظالمين لم يكونوا ليستطيعوا قتل صالح- عليه السلام- علانية، خوفا من مناصرة أقاربه له.

ومَهْلِكَ بفتح الميم وكسر اللام بزنة مرجع- مصدر ميمى، من هلك الثلاثي، وقرأ بعضهم مَهْلِكَ بضم الميم وفتح اللام- من أهلك الرباعي، فهو أيضا مصدر ميمى من أهلك، ويجوز أن يكونا اسم زمان أو مكان.

والمعنى: وكان في المدينة التي يسكنها صالح- عليه السلام- وقومه، تسعة أشخاص، دأبهم وديدنهم، الإفساد في الأرض، وعدم الإصلاح فيها، بأى حال من الأحوال.

وقد تعاهد هؤلاء التسعة. وأكدوا ما تعاهدوا عليه بالأيمان المغلظة. على أن يباغتوا نبيهم وأهله ليلا، فيقتلوهم جميعا، ثم ليقولن بعد جريمتهم الشنعاء لأقارب صالح- عليه السلام-: ما حضرنا هلاك أهله وهلاك صالح معهم، ولا علم عندنا بما حل بهم وبه من قتل، وإنا لصادقون في كل ما قلناه.

وهكذا المفسدون في الأرض، يرتكبون أبشع الجرائم وأشنعها، ثم يبررونها بالحيل الساذجة الذميمة ثم بعد ذلك يحلفون بأغلظ الأيمان أنهم يريئون من تلك الجرائم.

ومن العجيب أن هؤلاء المجرمين الغادرين يقولون فيما بينهم: تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أى:

احلفوا بالله، على أن تنفذوا ما اتفقنا عليه من قتل صالح وأهله ليلا غيلة وغدرا. فهم يؤكدون إصرارهم على الإجرام بالحلف بالله، مع أن الله- تعالى- برىء منهم ومن غدرهم.

وقولهم: ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ نفى منهم لحضور قتلهم، فضلا عن مباشرة قتلهم، كأنهم أرادوا بهذه الجملة الإتيان بحيلة يبررون بها كذبهم، أى: أننا قتلناهم في الظلام، فلم نشاهد أشخاصهم، وإنا لصادقون في ذلك.

وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .

قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .

وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .

وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا ، وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .

وقوله: (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ) يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء التسعة الرهط الذين يُفسدون في أرض حجر ثمود, ولا يصلحون: تقاسموا بالله: تحالفوا بالله أيها القوم, ليحلف بعضكم لبعض: لنبيتنّ صالحا وأهله, فلنقتلنه, ثم لنقولنّ لوليه: ما شهدنا مهلك أهله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ) قال: تحالفوا على إهلاكه, فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعون.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, بنحوه.

ويتوجه قوله (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ) إلى وجهين: أحدهما النصب على وجه الخبر, كأنه قيل: قالوا متقاسمين وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " ولا يصلحون تقاسموا بالله " وليس فيها " قالوا ", فذلك من قراءته يدل على وجه النصب في " تقاسموا " على ما وصفت. والوجه الآخر: الجزم, كأنهم قال بعضهم لبعض: اقسموا بالله, فعلى هذا الوجه الثاني تصلح قراءة (لَنُبَيِّتَنَّهُ ) بالياء والنون, لأن القائل لهم تقاسموا, وإن كان هو الآمر فهو فيمن أقسم, كما يقال في الكلام: انهضوا بنا نمض إلى فلان, وانهضوا نمضي إليه. وعلى الوجه الأوّل الذي هو وجه النصب القراءة فيه بالنون أفصح, لأن معناه: قالوا متقاسمين لنبيتنه, وقد تجوز الياء على هذا الوجه، كما يقال في الكلام: قالوا لنكرمنّ أباك, وليكرمنّ أباك, وبالنون قرأ ذلك قرَّاء المدينة, وعامة قراء البصرة وبعض الكوفيين. وأما الأغلب على قرّاء أهل الكوفة, فقراءته بالياء وضمّ التاء جميعا. وأما بعض المكيين, فقرأه بالياء.

وأعجب القراءات في ذلك إليّ النون, لأن ذلك أفصح الكلام على الوجهين اللذين بيَّنت من النصب والجزم, وإن كان كل ذلك صحيحا غير فاسد لما وصفت, وأكرهها إليّ القراءة بها الياء, لقلة قارئ ذلك كذلك. وقوله: ( لَنُبَيِّتَنَّهُ ) قال: ليبيتنّ صالحا ثم يفتكوا به.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: قال التسعة الذين عقروا الناقة: هلمّ فلنقتل صالحا, فإن كان صادقا -يعني فيما وعدهم من العذاب بعد الثلاث- عجلناه قبله, وإن كان كاذبا نكون قد ألحقناه بناقته، فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله, فدمغتهم الملائكة بالحجارة; فلما أبطئوا على أصحابهم أتوا منـزل صالح, فوجدوهم مشدوخين قد رضخوا بالحجارة. وقوله: (وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) نقول لوليه: وإنا لصادقون, أنا ما شهدنا مهلك أهله.

التدبر :

وقفة
[49] ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّـهِ﴾ هم يريدون قتله، ويتقاسمون بالله الذي هو مرسل من عنده، وهذا شيء عجيب.
وقفة
[49] ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّـهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ تعاهد هؤلاء التسعة، وأقسموا بالأيمان المغلظة على أن يباغتوا صالحًا وأهله ليلًا، فيقتلوهم جميعًا، ثم يقولون لأقارب صالح: ما حضرنا هلاك أهله ولا هلاك صالح معهم، ولا علم لنا بمن قتلهم، وإنا لصادقون في كل ما قلناه.
وقفة
[49] ﴿قالوا تَقاسَموا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهلَهُ ثُمَّ لَنَقولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدنا مَهلِكَ أَهلِهِ وَإِنّا لَصادِقونَ﴾ صحبة السوء وصفاتها وما يترتب عليها: الفساد، والخسة، والمباغتة بليل، ثم الحلف كذبًا، اللهم جنبنا وأبنائنا صحبة السوء.
وقفة
[49] كل أنبياء الله تعالى هددوا بالقتل أو الإخراج أو السجن: ﴿لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾ [القصص: 20]، ﴿أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ [الأنفال: 30]، ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ﴾ [88]، ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ [الشعراء: 167]، ﴿لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء: 29]، ﴿لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [يوسف: 32]، ﴿لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا﴾ [إبراهيم: 13]، ﴿أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ﴾ [الأعراف: 82]، ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾؛ الحق والباطل لا يجتمعان.
وقفة
[49] ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ ارتكاب الجرائم والتنصل منها فكر جاهلي عريق.
وقفة
[49] ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ كثرة الحلف من أشهر علامات الكاذب.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة قالُوا» في محل رفع صفة ثانية لتسعة وفي محل جر صفة ثانية لرهط‍.
  • ﴿ تَقاسَمُوا بِاللهِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.تقاسموا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتقاسموا. او تعرب اعراب قالُوا» باضمار «قد».وجملة «قد تقاسموا» في محل نصب حال بمعنى: قالوا متقاسمين اي متحالفين بالله.
  • ﴿ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ:
  • بمعنى: لنباغتنه ليلا ولنقتلنه. اللام واقعة في جواب قسم ظاهر لا عمل لها. نبيتنه: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. واهله: الواو عاطفة. أَهْلَهُ» معطوفة على ضمير الغائب في «نبيتنه» منصوبة بالفعل وعلامة نصبها الفتحة. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة. وجملة لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ» جواب القسم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ:
  • ثم عاطفة. لنقولن: معطوفة على «نبيتن» وتعرب اعرابها. لوليه: جار ومجرور متعلق بنقولن والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة بمعنى: لولي دمه.
  • ﴿ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.ما: نافية لا عمل لها. و «شهد» فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. مهلك: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اهله: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. والهاء ضمير متصل -ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة بمعنى: ما حضرنا موضع او مكان هلاكهم.
  • ﴿ وَإِنّا لَصادِقُونَ:
  • الواو عاطفة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.و«نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».لصادقون: اللام لام التوكيد-المزحلقة-.صادقون: خبر «ان» مرفوع وعلامة رفعه الواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأنعام: 146﴿ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
يوسف: 82﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
الحجر: 64﴿وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
النمل: 49﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [49] لما قبلها :     وبعد بيان أن هذه القرية كانت كثيرة الفساد؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما خططوا له من قتل صالح عليه السلام وأهله، وما يقال لوليِّ الدم مِن قرابته، قال تعالى:
﴿ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تقاسموا:
1- هذه قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تقسموا، بغير ألف، وتشديد السين، وهى قراءة ابن أبى ليلى.
لنبيتنه ... لنقولن:
1- بالنون، فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء خطاب الجمع، فيهما، وهى قراءة الحسن، وحمزة، والكسائي.
3- بياء الغيبة، فيهما، وهى قراءة مجاهد، وابن وثاب، وطلحة، والأعمش.
4- بياء الغيبة فى الأولى، مسندا للجمع، أي: ليبيتنه، أي: قوم منا، وبالنون فى الثاني، أي: جميعنا، وهى قراءة حميد بن قيس.
مهلك:
1- بفتح الميم وكسر اللام، وهى قراءة حفص.
وقرئ:
2- بضم الميم وفتح اللام، من «أهلك» ، وهى قراءة الجمهور.
3- بفتحهما، وهى قراءة أبى بكر.

مدارسة الآية : [50] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ ..

التفسير :

[50] ودبَّروا هذه الحيلة لإهلاك صالح وأهله مكراً منهم، فنصرنا نبينا صالحاً عليه السلام، وأخذناهم بالعقوبة على غِرَّة، وهم لا يتوقعون كيدنا لهم جزاءً على كيدهم.

وَمَكَرُوا مَكْرًادبروا أمرهم على قتل صالح وأهله على وجه الخفية حتى من قومهم خوفا من أوليائهوَمَكَرْنَا مَكْرًابنصر نبينا صالح عليه السلام وتيسير أمره وإهلاك قومه المكذبينوَهُمْ لا يَشْعُرُونَ

ولكن هذا المكر السيئ، والتحايل القبيح قد أبطله الله- تعالى- وجعله يحيق بهم وبأشياعهم، فقد قال- تعالى- وَمَكَرُوا مَكْراً أى بهذا الحلف فيما بينهم على قتل صالح وأهله غدرا وَمَكَرْنا مَكْراً أى: ودبرنا لصالح- عليه السلام- ولمن آمن به، تدبيرا محمودا محكما وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أى: وهم لا يشعرون بتدبيرنا الحكيم، حيث أنجينا صالحا ومن معه من المؤمنين، وأهلكنا أعداءه أجمعين.

وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .

قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .

وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .

وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا ، وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .

يقول تعالى ذكره: وغدر هؤلاء التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض بصالح بمصيرهم إليه ليلا ليقتلوه وأهله, وصالح لا يشعر بذلك (وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) يقول: فأخذناهم بعقوبتنا إياهم, وتعجيلنا العذاب لهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) بمكرنا.

وقد بيَّنا فيما مضى معنى: مكر الله، بمن مكر به, وما وجه ذلك, وأنه أخذه من أخذه منهم على غرّة, أو استدراجه منهم من استدرج على كفره به, ومعصيته إياه, ثم إحلاله العقوبة به على غرّة وغفلة,

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن شمر بن عطية, عن رجل, عن عليّ, قال: المكر غدر, والغدر كفر.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) قال: احتالوا لأمرهم, واحتال الله لهم, مكروا بصالح مكرا, ومكرنا بهم مكرا(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) بمكرنا وشعرنا بمكرهم, قالوا: زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث فنحن نفرغ منه وأهله قبل ذلك, وكان له مسجد في الحجر في شعب يصلي فيه, فخرجوا إلى كهف وقالوا: إذا جاء يصلي قتلناه, ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله, ففرغنا منهم, وقرأ قول الله تبارك وتعالى: قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم, فخشوا أن تشدخهم, فبادروا الغار, فطبقت الصخرة عليهم فم ذلك الغار, فلا يدري قومهم أين هم؟ ولا يدرون ما فعل بقومهم، فعذّب الله تبارك وتعالى هؤلاء هاهنا, وهؤلاء هنا, وأنجى الله صالحا ومن معه.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا ) قال: فسلط الله عليهم صخرة فقتلتهم.

التدبر :

وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾ من مَكَرَ بالنَّاسِ مَكَرَ اللهُ به.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا﴾ يعاملك الله بمثل ما تعامله به.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ تجري المقادير وكأنها خطوط لا تتبين دلالاتها حتى تكتمل فتصبح لوحة عظيمة ناطقة بالحكمة والقدرة.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ سمَّى الله تآمرهم مكرًا؛ لأنَّه كان تدبير ضُرٍّ في خفاءٍ.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ تذكر أن من مكر بالناس مكر الله به، وأن العاقبة السيئة راجعة عليه.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ وأين مكر من مكر؟ وأين تدبير من تدبير؟ وأين قوة من قوة؟ وكم ذا يخطيء الجبارون وينخدعون بما يملكون من قوة ومن حيلة ويغفلون عن العين التي ترى ولا تغفل، والقوة التي تملك الأمر كله، وتباغتهم من حيث لا يشعرون.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَروا مَكرًا وَمَكَرنا مَكرًا وَهُم لا يَشعُرونَ﴾ قد يمكر بك البعض ويظنون أنهم بمأمن، ولكن القوى العادل مكره فى اتجاه آخر، حفيظٌ عالمٌ ببواطن الأمور.
وقفة
[50] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ مكر في دوائر المخابرات ومكر عند أقلام القدر.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَكَرُوا مَكْراً:
  • الواو عاطفة. مكروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. مكرا: مفعول مطلق-مصدر-منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: واحتالوا احتيالا. وفي القول الكريم مشاكلة وازدواج في الكلام.
  • ﴿ وَمَكَرْنا مَكْراً:
  • الواو عاطفة. مكر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. مكرا:اعربت. بمعنى: ودبر الله رد كيدهم في نحرهم وعاقبهم على مكرهم لان المكر من الله سبحانه محال.
  • ﴿ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. لا:نافية لا عمل لها. يشعرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا يَشْعُرُونَ» في محل رفع خبر هُمْ».'

المتشابهات :

النمل: 50﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
نوح: 22﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [50] لما قبلها :     وبعد أن خطط ودبَّرَ قومُ صالحٍ لقتلِه ومن معَه، وهذا عمل من لا يظن أن اللهَ عالمٌ به؛ لذا حَذَّرَ اللهُ أمثالهم عن أمثال ذلك، فقال تعالى:
﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [51] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ..

التفسير :

[51] فانظر -أيها الرسول- نظرة اعتبار إلى عاقبة غَدْر هؤلاء الرهط بنبيهم صالح؟ أنا أهلكناهم وقومهم أجمعين.

فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْهل حصل مقصودهم؟ وأدركوا بذلك المكر مطلوبهم أم انتقض عليهم الأمر ولهذا قالأَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَأهلكناهم واستأصلنا شأفتهم فجاءتهم صيحة عذاب فأهلكوا عن آخرهم

ثم بين- سبحانه- الآثار التي ترتبت على مكرهم السيئ، وعلى تدبيره المحكم فقال- تعالى-:

فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ، أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ أى: فانظر- أيها العاقل- وتأمل واعتبر فيما آل إليه أمر هؤلاء المفسدين، لقد دمرناهم وأبدناهم، وأبدنا معهم جميع الذين كفروا بنبينا صالح- عليه السلام-.

قال بعض العلماء ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ قرأه الجمهور بكسر همزة أَنَّا على الاستئناف، وقرأه عاصم وحمزة والكسائي: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ بفتح الهمزة وفي إعراب المصدر المنسبك من أن وصلتها أوجه منها: أنه بدل من عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ومنها: أنه خبر مبتدأ محذوف، وتقديره: هي أى: عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم.. .

وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .

قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .

وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .

وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا ، وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .

وقوله: (فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ) يقول تعالى ذكره: فانظر يا محمد بعين قلبك إلى عاقبة غدر ثمود بنبيهم صالح, كيف كانت؟ وما الذي أورثها اعتداؤهم وطغيانهم وتكذيبهم؟ فإن ذلك سنتنا فيمن كذب رسلنا, وطغى علينا من سائر الخلق, فحذر قومك من قريش, أن ينالهم بتكذيبهم إياك, ما نال ثمود بتكذيبهم صالحا من المثلات.

وقوله: (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ) يقول: إنا دمرنا التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض من قوم صالح وقومهم من ثمود أجمعين, فلم نبق منهم أحدا.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله " إنا " فقرأ بكسرها عامة قرّاء الحجاز والبصرة على الابتداء, وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ ) بفتح الألف. وإذا فُتحت كان في ( أَنَّا ) وجهان من الإعراب: أحدهما الرفع على ردّها على العاقبة على الاتباع لها, والآخر النصب على الرد على موضع كيف؛ لأنها في موضع نصب إن شئت, وإن شئت على تكرير كان عليها على وجه, فانظر كيف كان عاقبة مكرهم كان عاقبة مكرهم تدميرنا إياهم.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصار متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

تفاعل
[51] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ ادع الله أن يجعل ما يدبِّره الكفار لأهل الإسلام تدميرًا لهم.
وقفة
[51] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ كلما عظم مكرهم عظم تدمير الله لهم.
وقفة
[51] ﴿فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ عاقبة التمالؤ على الشر والمكر بأهل الحق سيئة.
تفاعل
[51] ﴿دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[51] ﴿دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ خططوا لقتل صالح وأهله فدَّمرهم الله وقومهم جميعًا؛ لا تنسج خططك حول أولياء الله، فيقصمَك الله أنت ونسيجَك.

الإعراب :

  • ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ:
  • اعربت في الآية الكريمة الرابعة عشرة.
  • ﴿ مَكْرِهِمْ أَنّا:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل في محل نصب اسمها.
  • ﴿ دَمَّرْناهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن».دمر: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع بدل من اسم كانَ» اي بدل من عاقِبَةُ» او خبر مبتدأ محذوف تقديره هي تدميرهم. او في محل نصب على انه خبر كانَ» بتقدير: كان عاقبة مكرهم تدميرهم.
  • ﴿ وَقَوْمَهُمْ:
  • معطوفة على ضمير الغائبين في دَمَّرْناهُمْ» منصوبة بالفتحة. و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَجْمَعِينَ:
  • جمعاء. وجمع «جمعاء» جمع. ولم يقولوا في جمع «جمعاء» جمعاءات بالالف والتاء. كما جمعوا «أجمع» بالواو.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     وبعد بيان ما دبَّروه لإهلاك صالح عليه السلام وأهله مكرًا منهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا الآثار التى ترتبت على مكرهم السيئ، قال تعالى:
﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنا:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق، والكوفيين.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الجمهور.
3- أن، الناصبة للمضارع، وهى قراءة أبى.

مدارسة الآية : [52] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ..

التفسير :

[52] فتلك مساكنهم خالية ليس فيها منهم أحد، أهلكهم الله؛ بسبب ظلمهم لأنفسهم بالشرك، وتكذيب نبيهم. إن في ذلك التدمير والإهلاك لَعظة لقوم يعلمون ما فعلناه بهم، وهذه سنتنا فيمن يكذب المرسلين.

فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةًقد تهدمت جدرانها على سقوفها وأوحشت من ساكنيها وعطلت من نازليهابِمَا ظَلَمُواأي هذا عاقبة ظلمهم وشركهم بالله وبغيهم في الأرض

إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَالحقائق ويتدبرون وقائع الله في أوليائه وأعدائه فيعتبرون بذلك ويعلمون أن عاقبة الظلم الدمار والهلاك وأن عاقبة الإيمان والعدل النجاة والفوز

وقوله- سبحانه-: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا.. مقرر ومؤكد لما قبله من تدمير المفسدين وإهلاكهم.

أى: إن كنت- أيها المخاطب- تريد دليلا على تدميرهم جميعا، فتلك هي بيوتهم خاوية وساقطة ومتهدمة على عروشها، بسبب ظلمهم وكفرهم ومكرهم.

إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعلناه بهم من تدمير وإهلاك لَآيَةً بينة، وعبرة واضحة،لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أى: يتصفون بالعلم النافع الذي يتبعه العمل الصالح.

وقوله : ( قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ) أي : تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح ، عليه السلام ، من لقيه ليلا غيلة . فكادهم الله ، وجعل الدائرة عليهم .

قال مجاهد : تقاسموا وتحالفوا على هلاكه ، فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين .

وقال قتادة : توافقوا على أن يأخذوه ليلا فيقتلوه ، وذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح ليفتكوا به ، إذ بعث الله عليهم صخرة فأهمدتهم .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هم الذين عقروا الناقة ، قالوا حين عقروها : نبيت صالحا [ وأهله ] وقومه فنقتلهم ، ثم نقول لأولياء صالح : ما شهدنا من هذا شيئا ، وما لنا به من علم . فدمرهم الله أجمعين .

وقال محمد بن إسحاق : قال هؤلاء التسعة بعدما عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحا ، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا ، وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله ، فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطؤوا على أصحابهم ، أتوا منزل صالح ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة ، فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ، ثم هموا به ، فقامت عشيرته دونه ، ولبسوا السلاح ، وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبدا ، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث ، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا ، وإن كان كاذبا فأنتم من وراء ما تريدون . فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك .

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لما عقروا الناقة وقال لهم صالح : ( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) [ هود : 65 ] قالوا : زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاثة أيام ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاث . وكان لصالح مسجد في الحجر عند شعب هناك يصلي فيه ، فخرجوا إلى كهف ، أي : غار هناك ليلا فقالوا : إذا جاء يصلي قتلناه ، ثم رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله ، ففرغنا منهم . فبعث الله صخرة من الهضب حيالهم ، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصخرة وهم في ذلك الغار ، فلا يدري قومهم أين هم ، ولا يدرون ما فعل بقومهم . فعذب الله هؤلاء هاهنا ، وهؤلاء هاهنا

يعني تعالى ذكره بقوله: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً ) فتلك مساكنهم خاوية خالية منهم, ليس فيها منهم أحد, قد أهلكهم الله فأبادهم (بِمَا ظَلَمُوا ) يقول تعالى ذكره: بظلمهم أنفسهم بشركهم بالله, وتكذيبهم رسولهم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن في فعلنا بثمود ما قصصنا عليك يا محمد من القصة, لعظة لمن يعلم فعلنا بهم ما فعلنا, من قومك الذين يكذّبونك فيما جئتهم به من عند ربك وعبرة.

التدبر :

وقفة
[52] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾ الظلم إذا دام دمر، والعدل إذا دام عمر.
وقفة
[52] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾ أعظم أسباب الزوال وأوضح أسباب الخراب للدول والأفراد هو الظلم؛ فترقب عاقبة الظالمين.
وقفة
[52] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾ بعض الخراب قد يكون من صنع أيدينا! للمعصية شؤم ومذلة وعقوبة فلا نستهين، اللهم اهدنا، ثم اهدنا، ثم اهدنا.
وقفة
[52] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾ للظلم آثار سيئة في خراب البيوت.
وقفة
[52] سمع ابن عباس كعب الأحبار يقول: «من ظَلمَ خرب بيته»، فقال: «تصديقه في القرآن: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾».
وقفة
[52] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ وفي هذه الآية -على ما قيل- دلالة على أن الظلم يكون سببًا لخراب الدور. وروي عن ابن عباس أنه قال: «أجد في كتاب الله تعالى أن الظلم يخرب البيوت»، وتلا هذه الآية. وفي التوراة: «ابن آدم لا تظلم يخرب بيتك»، قيل: وهو إشارة إلى هلاك الظالم؛ إذ خراب بيته متعقب هلاكه، ولا يخفى أن كون الظلم بمعنى الجور والتعدي على عباد الله تعالى سببًا لخراب البيوت مما شوهد كثيرًا في هذه الأعصار.
وقفة
[52] ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ولما خص الله عملهم بوصف الظلم من بين عدة أحوال يشتمل عليها كفرهم كالفساد؛ كان ذلك إشارة إلى أن للظلم أثرًا في خراب بلادهم.
وقفة
[52] ﴿ظَلَمُوا﴾ ما أشد شؤم الظلم! وحتى لو لم يرَ الظالم عاقبة ظلمه سريعًا، لكن ستبقى تلاحقه حتى تصيبه.

الإعراب :

  • ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً:
  • الفاء استئنافية. تي: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. ويجوز ان تكون كلمة واحدة مبنية على الفتح في محل رفع مبتدأ والاشارة الى البيوت. بيوت: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. اي بمعنى: فتلك البيوت بيوتهم او فتلك البيوت هي بيوتهم. خاوية: حال منصوب بما دل عليه اسم الاشارة وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: خالية، وقيل ساقطة او متهدمة.
  • ﴿ بِما ظَلَمُوا:
  • الباء حرف جر. و «ما» مصدرية. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة ظَلَمُوا» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ما» المصدرية وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بخاوية بمعنى: بسبب ظلمهم.
  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في: حرف جر.ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بفي. واللام للبعد والكاف للخطاب. والجار والمجرور متعلق بخبر إِنَّ» مقدم.
  • ﴿ لَآيَةً لِقَوْمٍ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.آية: اسم إِنَّ» مؤخر منصوب بالفتحة. لقوم: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آية» اي لعبرة لقوم.
  • ﴿ يَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل جر صفة-نعت-لقوم. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ بِالنَّظَرِ فِيما جَرى لَهم مِنَ الهَلاكِ في أنْفُسِهِمْ؛ بَيَّنَ هنا حالَ مَنازِلِهِم وكَيْفَ خَلَتْ مِنهم، وخَرابُ البُيُوتِ وخُلُوُّها مِن أهْلِها يَدُلُّ عَلى اسْتِئْصالِهِمْ ، قال تعالى:
﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خاوية:
1- بالنصب، على الحال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة عيسى بن عمر.

مدارسة الآية : [53] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

التفسير :

[53] وأنجينا مما حلَّ بثمود من الهلاك صالحاً عليه السَّلام والمؤمنين به، الذين كانوا يتقون بإيمانهم عذاب الله.

ولهذا قالوَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَأي أنجينا المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وكانوا يتقون الشرك بالله والمعاصي ويعملون بطاعته وطاعة رسله

ثم ختم- سبحانه- هذه القصة بتأكيد سنته التي لا تتخلف فقال: وَأَنْجَيْنَا أى:

بفضلنا وإحساننا، الَّذِينَ آمَنُوا وهم نبينا صالح وأتباعه وَكانُوا يَتَّقُونَ أى:

وكانوا يتقون الله- تعالى- ويخافون عذابه.

وبذلك تكون السورة الكريمة قد ساقت لنا جانبا من قصة صالح مع قومه هذا الجانب فيه ما فيه من عظات وعبر لقوم يعقلون.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك طرفا من قصة لوط مع قومه، فقال- تعالى-:

وأنجى الله صالحا ومن معه ، ثم قرأ : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية ) أي : فارغة ليس فيها أحد ( بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ) .

(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: وأنجينا من نقمتنا وعذابنا الذي أحللناه بثمود رسولنا صالحا والمؤمنين

به.(وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) يقول: وكانوا يتقون بإيمانهم, وبتصديقهم صالحا الذي حل بقومهم من ثمود ما حلّ بهم من عذاب الله, فكذلك ننجيك يا محمد وأتباعك, عند إحلالنا عقوبتنا بمشركي قومك من بين أظهرهم.

وذكر أن صالحا لما أحلّ الله بقومه ما أحلّ, خرج هو والمؤمنون به إلى الشام, فنـزل رملة فلسطين.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[53] ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ كأن الدنيا بحر متلاطم الأمواج، وكأن الإنسان على وشك الغرق بها وكأن التقوى طوق النجاة.
وقفة
[53] ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ من أعظم أسباب النجاة: ١- الإيمان. ٢- التقوى.
وقفة
[53] ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ على قدر تقاتك تكون كفاءة طوق نجاتك.
وقفة
[53] ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ بالإيمان والتقوى تحصل النجاة.
وقفة
[53] يقيننا ثابت بنصرة الله تعالى لأوليائه، وحفظه لهم ﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَنْجَيْنَا:
  • الواو عاطفة. أنجينا: معطوفة على «دمرنا» الواردة في الآية الكريمة الحادية والخمسين وتعرب اعرابها.
  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ آمَنُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ وَكانُوا:
  • الواو عاطفة. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان».
  • ﴿ يَتَّقُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

يونس: 63﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
النمل: 53﴿وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
فصلت: 18﴿وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     وبعد أن ذكر اللهُ من هلكَ؛ ذكرَ هنا من نجا، قال تعالى :
﴿ وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [54] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ..

التفسير :

[54] واذكر لوطاً إذ قال لقومه:أتأتون الفعلة المتناهية في القبح، وأنتم تعلمون قبحها؟

أي:واذكر عبدنا ورسولنا لوطا ونبأه الفاضل حين قال لقومه -داعيا إلى الله وناصحا-:( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ ) أي:الفعلة الشنعاء التي تستفحشها العقول والفطر وتستقبحها الشرائع ( وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) ذلك وتعلمون قبحه فعاندتم وارتكبتم ذلك ظلما منكم وجرأة على الله.

وقصة لوط- عليه السلام- قد ذكرت في سور متعددة منها الأعراف، وهود، والحجر..

وهنا تتعرض السورة الكريمة، لإبراز ما كان عليه أولئك القوم من فجور، وما هددوا به نبيهم.

قال ابن كثير- رحمه الله-: ولوط هو ابن هاران بن آزر، وهو ابن أخى إبراهيم- عليه السلام- وكان لوط قد آمن مع ابراهيم، وهاجر معه إلى أرض الشام، فبعثه الله- تعالى- إلى أهل «سدوم» ، وما حولها من القرى، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عما يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها، دون أن يسبقهم إليها أحد من بنى آدم. .

وقوله- تعالى-: وَلُوطاً ... منصوب بفعل مضمر محذوف، والتقدير: واذكر- أيها العاقل- وقت أن أرسلنا لوطا إلى قومه. فقال لهم على سبيل الزجر والتوبيخ:

أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أى: أتأتون الفاحشة التي لم يسبقكم إليها أحد، وهي إتيان الذكور دون الإناث، وأنتم تبصرون بأعينكم أنها تتنافى مع الفطرة السوية حتى بالنسبة للحيوان الأعجم فأنتم ترون وتشاهدون أن الذكر من الحيوان لا يأتى الذكر، وإنما يأتى الأنثى، حيث يتأتى عن طريقها التوالد والتناسل وعمارة الكون.

فقوله- سبحانه-: وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ جملة حالية المقصود بها زيادة تبكيتهم وتوبيخهم، لأنهم يشاهدون تنزه الحيوان عنها، كما يعلمون سوء عاقبتها، وسوء عاقبة الذين خالفوا أنبياءهم من قبلهم.

يخبر تعالى عن عبده لوط عليه السلام ، أنه أنذر قومه نقمة الله بهم في فعلهم الفاحشة التي لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم ، وهي إتيان الذكور دون الإناث ، وذلك فاحشة عظيمة ، استغنى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء - قال ( أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ) أي : يرى بعضكم بعضا ، وتأتون في ناديكم المنكر ؟

يقول تعالى ذكره: وأرسلنا لوطا إلى قومه, إذ قال لهم: يا قوم (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) أنها فاحشة؛ لعلمكم بأنه لم يسبقكم إلى ما تفعلون من ذلك أحد.

التدبر :

وقفة
[54] ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ أي: الفعلة الشنعاء التي تستفحشها العقول والفطر، وتستقبحها الشرائع.
وقفة
[54] ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ الإنكار على أهل الفسوق والفجور واجب.
وقفة
[54] قال الرازي: «﴿وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ فيه وجوه: أحدها: أنهم كانوا لا يتحاشون من إظهار ذلك على وجه الخلاعة، ولا يتكاتمون. وثانيها: أن المراد بصر القلب، أي تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا إليها، وأن الله تعالى لم يخلق الذكر للذكر، فهي مضادة لله في حكمته. وثالثها: تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم ».

الإعراب :

  • ﴿ وَلُوطاً:
  • الواو عاطفة. لوطا: مفعول به منصوب بالفعل مضمر تقديره: اذكر وعلامة نصبه الفتحة وصرف رغم عجمته لخفته ولانه ثلاثي اوسطه ساكن او منصوب بأرسلنا. لدلالة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا» عليه. الواردة في الآية الكريمة الخامسة والأربعين.
  • ﴿ إِذْ:
  • اسم مبني على السكون في محل نصب بدل من لُوطاً» على التقدير الاول وهو «واذكر لوطا» او ظرف زمان بمعنى «حين» في محل نصب متعلق بأرسلنا «التقدير الثاني».
  • ﴿ قالَ لِقَوْمِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي لوط‍.لقومه: جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة. والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به لقال.
  • ﴿ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. تأتون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الفاحشة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. انتم: ضمير منفصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ.تبصرون: تعرب اعراب «تأتون».وجملة تُبْصِرُونَ» في محل رفع خبر أَنْتُمْ» وحذف مفعولها لانه معلوم. اي وانتم تبصرونها اي تبصرون الفاحشة. او بمعنى: يبصر بعضكم بعضا انهماكا في المعصية.'

المتشابهات :

الأعراف: 80﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ
يونس: 71﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي
النمل: 54﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
العنكبوت: 16﴿وَإبراهيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ
العنكبوت: 28﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ
الصافات: 124﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     القصَّةُ الرابعةُ: قصَّةُ لوطٍ عليه السلام لمَّا أنكرَ على قومِه فعلَ الفاحشةِ، قال تعالى:
﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن ..

التفسير :

[55]أإنكم لتأتون الرجال في أدبارهم للشهوة عوضاً عن النساء؟ بل أنتم قوم تجهلون حقَّ الله عليكم، فخالفتم بذلك أمره، وعَصَيْتُم رسوله بفعلتكم القبيحة التي لم يسبقكم بها أحد من العالمين.

ثم فسر تلك الفاحشة فقال: أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِأي:كيف توصلتم إلى هذه الحال، صارت شهوتكم للرجال، وأدبارهم محل الغائط والنجو والخبث، وتركتم ما خلق الله لكم من النساء من المحال الطيبة التي جبلت النفوس إلى الميل إليها وأنتم انقلب عليكم الأمر فاستحسنتم القبيح واستقبحتم الحسنبَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ متجاوزون لحدود الله متجرئون على محارمه.

وقوله- سبحانه-: أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ ... تأكيد للإنكار السابق، وتوضيح للفاحشة التي كانوا يأتونها.

والإتيان: كناية عن الاستمتاع والجماع، مأخوذ من أتى المرأة إذا جامعها.

أى: أإنكم- أيها الممسوخون في فطرتكم وطبائعكم- لتصبون شهوتكم التي ركبها الله- تعالى- فيكم في الرجال دون النساء اللاتي جعلهن الله- تعالى- محل شهوتكم ومتعتكم.

قال الآلوسى: والجملة الكريمة تثنية للإنكار، وبيان لما يأتونه من الفاحشة بطريق التصريح بعد الإبهام وتحلية الجملة بحرفى التأكيد، للإيذان بأن مضمونها مما لا يصدق وقوعه أحد، لكمال شناعته، وإيراد المفعول بعنوان الرجولية دون الذكورية، لزيادة التقبيح والتوبيخ. .

وقوله- تعالى-: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إضراب عن الإنكار إلى الإخبار عن الأسباب التي جعلتهم يرتكبون هذه القبائح، وهي أنهم قوم دينهم الجهل والسفاهة والمجون وانطماس البصيرة.

وقد حكى القرآن أن لوطا قد قال لهم في سورة الأعراف: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ.

وقال لهم في سورة الشعراء: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ وقال لهم هنا: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ومجموع الآيات يدل على أنهم كانوا مصابين بفساد العقل، وانحراف الفطرة،وتجاوز كل الحدود التي ترتضيها النفوس الكريمة.

( أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون ) أي : لا تعرفون شيئا لا طبعا ولا شرعا ، كما قال في الآية الأخرى : ( أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون ) [ الشعراء : 165 ، 166 ] .

وقوله: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً ) منكم بذلك من دون فروج النساء التي أباحها الله لكم بالنكاح. وقوله: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) يقول: ما ذلك منكم إلا أنكم قوم سفهاء جهلة بعظيم حقّ الله عليكم, فخالفتم لذلك أمره, وعصيتم رسوله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[55] ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ لا تخدعهم بقول: هذه وجهة نظر محترمة، أحيانًا لا يسعك إلا أن تُخبره بجهله.
وقفة
[55] فسرت (تبصرون) في الآية السابقة بالعلم، وفي هذه الآية: ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾، فكيف يجتمع العلم مع الجهل؟ قيل: أراد تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة، مع علمكم بذلك، أو تجهلون العاقبة، أو أراد بالجهل السفاهة والمجانة التي كانوا عليها.
وقفة
[55] يزعمون أنهم يملكون القدرة على الاجتهاد في التكفير والقتل والتفجير، ولو سألتهم عن تفصيل المسح على الجوارب لم يحيروا جوابًا ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَإِنَّكُمْ:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ لَتَأْتُونَ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-.تأتون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لَتَأْتُونَ» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ الرِّجالَ شَهْوَةً:
  • مفعول به منصوب بتأتون وعلامة نصبه الفتحة. شهوة: حال من ضمير المخاطبين في تَأْتُونَ» منصوب بالفتحة بمعنى مشتهين. ويجوز ان تكون تمييزا والاول اصح.
  • ﴿ مِنْ دُونِ النِّساءِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الرِّجالَ».النساء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ:
  • بل: حرف اضراب للاستئناف. انتم: ضمير منفصل- ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ. قوم: خبره مرفوع بالضمة.
  • ﴿ تَجْهَلُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة-نعت-لقوم. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعولها لانه معلوم. اي تجهلون قبح اعمالهم. ولم يقل «يجهلون» لمطابقة الصفة الموصوف لان الغيبة والمخاطبة اجتمعتا فغلبت المخاطبة لانها اقوى وارسخ اصلا من الغيبة.'

المتشابهات :

الأعراف: 81﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
النمل: 55﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
العنكبوت: 29﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     ولَمَّا أنكرَ عليهم فعلَ الفاحشة؛ فَسَّرها هنا، قال تعالى :
﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف