ترتيب المصحف | 20 | ترتيب النزول | 45 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 9.70 |
عدد الآيات | 135 | عدد الأجزاء | 0.50 |
عدد الأحزاب | 1.00 | عدد الأرباع | 4.00 |
ترتيب الطول | 19 | تبدأ في الجزء | 16 |
تنتهي في الجزء | 16 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 11/29 | طه: 1/1 |
= وعدمِ التعجلِ بقراءتِه قبلَ إتمامِ الوحي.
قريبًا إن شاء الله
القصَّةُ الثانيةُ: قصَّةُ آدمَ عليه السلام معَ إبليسَ، لمَّا أمرَ اللهُ الملائكةَ بالسجودِ لآدمَ عليه السلام فسجدُوا إلا إبليسَ، وتحذيرُ اللهِ لآدمَ عليه السلام من عداوةِ إبليسَ.
قريبًا إن شاء الله
إبليسُ يوسوسُ لآدمَ عليه السلام ليأكلَ من الشجرةِ، فأكلَ هو وحواءُ، ثُمَّ تابَ اللهُ عليهما، ثُمَّ يأمرُ اللهُ الجميعَ بالنزولِ للأرضِ، وبيانُ حالِ من يتبعُ الهدى ومن يعرضُ عنه، =
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
لما ذكر تعالى حكمه الجزائي في عباده، وحكمه الأمري الديني، الذي أنزله في كتابه، وكان هذا من آثار ملكه قال:{ فَتَعَالَى اللَّهُ} أي:جل وارتفع وتقدس عن كل نقص وآفة،{ الْمُلْكُ} الذي الملك وصفه، والخلق كلهم مماليك له، وأحكام الملك القدرية والشرعية، نافذة فيهم.
{ الْحَقُّ} أي:وجوده وملكه وكماله حق، فصفات الكمال، لا تكون حقيقة إلا لذي الجلال، ومن ذلك:الملك، فإن غيره من الخلق، وإن كان له ملك في بعض الأوقات، على بعض الأشياء، فإنه ملك قاصر باطل يزول، وأما الرب، فلا يزال ولا يزول ملكا حيا قيوما جليلا.
{ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} أي:لا تبادر بتلقف القرآن حين يتلوه عليك جبريل، واصبر حتى يفرغ منه، فإذا فرغ منه فاقرأه، فإن الله قد ضمن لك جمعه في صدرك وقراءتك إياه، كما قال تعالى:{ لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ولما كانت عجلته صلى الله عليه وسلم، على تلقف الوحي ومبادرته إليه، تدلعلى محبته التامة للعلم وحرصه عليه، أمره الله تعالى أن يسأله زيادة العلم، فإن العلم خير، وكثرة الخير مطلوبة، وهي من الله، والطريق إليها الاجتهاد، والشوق للعلم، وسؤال الله، والاستعانة به، والافتقار إليه في كل وقت.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة، الأدب في تلقي العلم، وأن المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر حتى يفرغ المملي والمعلم من كلامه المتصل بعضه ببعض، فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال، ولا يبادر بالسؤال وقطع كلام ملقي العلم، فإنه سبب للحرمان، وكذلك المسئول، ينبغي له أن يستملي سؤال السائل، ويعرف المقصود منه قبل الجواب، فإن ذلك سبب لإصابة الصواب.
ثم أثنى- سبحانه- على ذاته بما يستحقه من صفات كريمة فقال: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ.
أى: فجل وعظم شأن الله- سبحانه- عن إلحاد الملحدين، وإشراك المشركين فإنه هو وحده الْمَلِكُ المتصرف في شئون خلقه، وهو وحده الإله الْحَقُّ وكل ما سواه فهو باطل.
ثم أرشد الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم إلى كيفية تلقى القرآن من جبريل- عليه السلام فقال: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ...
أى: ولا تتعجل بقراءة القرآن من قبل أن ينتهى جبريل من إبلاغه إليك، قالوا: وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم كلما قرأ عليه جبريل آية قرأها معه، وذلك لشدة حرصه على حفظ القرآن، ولشدة شوقه إلى سماعه، فأرشده الله- تعالى- في هذه الآية إلى كيفية تلقى القرآن عن جبريل، ونهاه عن التعجل في القراءة.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
.
ثم أمر- سبحانه- نبيه صلّى الله عليه وسلّم: أن يسأله المزيد من العلم فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.
أى: وقل- أيها الرسول الكريم- مخاطبا ربك ومتوسلا إليه، يا رب زدني من علمك النافع.
قال الآلوسى: واستدلوا بالآية على فضل العلم حيث أمر صلّى الله عليه وسلّم بطلب الزيادة منه، وذكر بعضهم أنه صلّى الله عليه وسلّم ما أمر بطلب الزيادة من شيء سوى العلم. وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما» وكان يقول: «اللهم زدني إيمانا وفقها ويقينا وعلما» .
ثم ساق- سبحانه- جانبا من قصة آدم- عليه السلام- فذكر لنا كيف أنه نسى عهد ربه له، فأكل من الشجرة التي نهاه الله- تعالى- عن الأكل منها، ومع ذلك فقد قبل- سبحانه- توبته، وغسل حوبته.. قال- تعالى-:
وقوله : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) كقوله تعالى في سورة " لا أقسم بيوم القيامة " ( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه ) [ القيامة : 16 - 19 ] ، وثبت في الصحيح عن ابن عباس ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعالج من الوحي شدة ، فكان مما يحرك لسانه ، فأنزل الله هذه الآية يعني : أنه ، عليه السلام ، كان إذا جاءه جبريل بالوحي ، كلما قال جبريل آية قالها معه ، من شدة حرصه على حفظ القرآن ، فأرشده الله تعالى إلى ما هو الأسهل والأخف في حقه; لئلا يشق عليه . فقال : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه ) أي : أن نجمعه في صدرك ، ثم تقرأه على الناس من غير أن تنسى منه شيئا ، ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه )
وقال في هذه الآية : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) أي : بل أنصت ، فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده ، ( وقل رب زدني علما ) أي : زدني منك علما .
قال ابن عيينة ، رحمه الله : ولم يزل صلى الله عليه وسلم في زيادة [ من العلم ] حتى توفاه الله عز وجل .
ولهذا جاء في الحديث : " إن الله تابع الوحي على رسوله ، حتى كان الوحي أكثر ما كان يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر ابن أبى شيبة ، حدثنا عبد الله بن نمير ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن ثابت ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم انفعني بما علمتني ، وعلمني ما ينفعني ، وزدني علما ، والحمد لله على كل حال " .
وأخرجه الترمذي ، عن أبي كريب ، عن عبد الله بن نمير ، به . وقال : غريب من هذا الوجه . ورواه البزار عن عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي عاصم ، عن موسى بن عبيدة ، به . وزاد في آخره : " وأعوذ بالله من حال أهل النار " .
القول في تأويل قوله تعالى : فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)
يقول تعالى ذكره: فارتفع الذي له العبادة من جميع خلقه، الملك الذي قهر سلطانه كل ملك وجبار، الحق عما يصفه به المشركون من خلقه ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تعجل يا محمد بالقرآن، فتقرئه أصحابك، أو تقرأه عليهم، من قبل أن يوحى إليك بيان معانيه، فعوتب على إكتابه وإملائه ما كان الله ينـزله عليه من كتابه من كان يكتبه ذلك من قبل أن يبين له معانيه، وقيل: لا تتله على أحد، ولا تمله عليه حتى نبينه لك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) قال: لا تتله على أحد حتى نبينه لك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: يقول: لا تتله على أحد حتى نتمه لك، هكذا قال القاسم: حتى نتمه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس. قوله ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) يعنى: لا تعجل حتى نبينه لك.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) : أي بيانه.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) قال: تبيانه.
حدثنا ابن المثنى وابن بشار، قالا ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) من قبل أن يبين لك بيانه.
وقوله ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ) يقول تعالى ذكره: وقل يا محمد: ربّ زدني علما إلى ما علمتني أمره بمسألته من فوائد العلم ما لا يعلم.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
طه: 114 | ﴿ فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ |
---|
المؤمنون: 116 | ﴿ فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
يقضى:
1- مبنيا للمفعول، و «وحيه» مرفوع به، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- نقصى، بالنون، مفتوح الياء، و «وحيه» بالنصب، وهى قراءة عبد الله، والجحدري، والحسن، وأبى حيوة، ويعقوب، وسلام الزعفراني، وابن مقسم.
3- نقضى، بالنون، ساكن الياء، وهى قراءة الأعمش.
التفسير :
أي:ولقد وصينا آدم وأمرناه، وعهدنا إليه عهدا ليقوم به، فالتزمه، وأذعن له وانقاد، وعزم على القيام به، ومع ذلك نسي ما أمر به، وانتقضت عزيمته المحكمة، فجرى عليه ما جرى، فصار عبرة لذريته، وصارت طبائعهم مثل طبيعته، نسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ فخطئوا، ولم يثبت على العزم المؤكد، وهم كذلك، وبادر بالتوبة من خطيئته، وأقر بها واعترف، فغفرت له، ومن يشابه أباه فما ظلم.
واللام في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ عَهِدْنا ... هي الموطئة للقسم، والمعهود محذوف، وهو النهى عن الأكل من شجرة معينة، كما وضحه في آيات أخرى منها قوله- تعالى-:
وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ.
أى: والله لقد عهدنا إلى آدم- عليه السلام- وأوصيناه ألا يقرب تلك الشجرة مِنْ قَبْلُ أن يخالف أمرنا فيقربها ويأكل منها، أو من قبل أن نخبرك بذلك- أيها الرسول الكريم-.
والفاء في قوله فَنَسِيَ للتعقيب، والمفعول محذوف. أى: فنسي العهد الذي أخذناه عليه بعدم الأكل منها.
والنسيان هنا يرى بعضهم أنه بمعنى الترك، وقد ورد النسيان بمعنى الترك في كثير من آيات القرآن الكريم. ومن ذلك قوله- تعالى-: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أى: نترككم كما تركتم لقاء يومكم هذا وهو يوم القيامة.
وعليه يكون المعنى: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل بعدم الأكل من الشجرة فترك الوفاء بعهدنا وخالف ما أمرناه به.
وعلى هذا التفسير فلا إشكال في وصف الله- تعالى- له بقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى لأن آدم بمخالفته لما نهاه الله- تعالى- عنه وهو الأكل من الشجرة- صار عاصيا لأمر ربه.
ومن العلماء من يرى أن النسيان هنا على حقيقته، أى: أنه ضد التذكر فيكون المعنى:
ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ما عاهدناه عليه، وغاب عن ذهنه ما نهيناه عنه، وهو الأكل من الشجرة.
فإن قيل: إن الناسي معذور. فكيف قال الله- تعالى- في حقه: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى؟.
فالجواب: أن آدم- عليه السلام- لم يكن معذورا بالنسيان، لأن العذر بسبب الخطأ والنسيان والإكراه. من خصائص هذه الأمة الإسلامية، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تجاوز لي عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» .
قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ..
للنسيان معنيان: أحدهما: الترك، أى ترك الأمر والعهد، وهذا قول مجاهد وأكثر المفسرين، ومنه نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ وثانيهما: قال ابن عباس: «نسى» هنا من السهو والنسيان، وإنما أخذ الإنسان من أنه عهد إليه فنسي ... وعلى هذا القول يحتمل أن يكون آدم في ذلك الوقت مؤاخذا بالنسيان، وإن كان النسيان عنا اليوم مرفوعا.
والمراد تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم أى: أن طاعة بنى آدم للشيطان أمر قديم أى: إن نقض هؤلاء- المشركون- العهد، فإن آدم- أيضا- عهدنا إليه فنسي..» .
وقوله: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً مقرر لما قبله من غفلة آدم عن الوفاء بالعهد.
قال الجمل: وقوله: نَجِدْ يحتمل أنه من الوجدان بمعنى العلم، فينصب مفعولين، وهما «له» و «عزما» ويحتمل أنه من الوجود الذي هو ضد العدم فينصب مفعولا وهو عَزْماً والجار والمجرور متعلق بنجد .
والعزم: توطين النفس على الفعل، والتصميم عليه، والمضي في التنفيذ للشيء..
أى: فنسي آدم عهدنا، ولم نجد له ثبات قدم في الأمور، يجعله يصبر على عدم الأكل من الشجرة بل لانت عريكته وفترت همته بسبب خديعة الشيطان له.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أسباط بن محمد ، حدثنا الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي . وكذا رواه علي بن أبي طلحة ، عنه .
وقال مجاهد والحسن : ترك .
القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)
يقول تعالى ذكره: وإن يضيع يا محمد هؤلاء الذين نصرّف لهم في هذا القرآن من الوعيد عهدي، ويخالفوا أمري، ويتركوا طاعتي، ويتبعوا أمر عدّوهم إبليس، ويطيعوه في خلاف أمري، فقديما ما فعل ذلك أبوهم آدم ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى ) يقول: ولقد وصينا آدم وقلنا له إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ووسوس إليه الشيطان فأطاعه، وخالف أمري، فحلّ به من عقوبتي ما حلّ.
وعنى جلّ ثناؤه بقوله (مِنْ قَبْلُ) هؤلاء الذين أخبر أنه صرَّف لهم الوعيد في هذا القرآن، وقوله (فَنَسِيَ) يقول: فترك عهدي.
كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ) يقول: فترك.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (فَنَسِيَ) قال: ترك أمر ربه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) قال: قال له يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى فقرأ حتى بلغ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى وقرأ حتى بلغ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى قال: فنسي ما عهد إليه في ذلك، قال: وهذا عهد الله إليه، قال: ولو كان له عزم ما أطاع عدوّه الذي حسده، وأبي أن يسجد له مع من سجد له إبليس، وعصى الله الذي كرّمه وشرّفه، وأمر ملائكته فسجدوا له.
حدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا ثنا يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن، ومؤمل، قالوا: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي.
وقوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) اختلف أهل التأويل في معنى العزم هاهنا، فقال بعضهم: معناه الصبر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) أي صبرا.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن قتادة ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) قال: صبرا.
حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، قال: ثنا أبو النضر، قال: ثنا شعبة، عن قَتادة، مثله.
وقال آخرون: بل معناه: الحفظ، قالوا: ومعناه: ولم نجد له حفظا لما عهدنا إليه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) قال: حفظا لما أمرته.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن الأشجعي، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، عن عطية، في قوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) قال: حفظا.
حدثنا عباد بن محمد، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان، عن عمرو بن قيس، عن عطية، في قوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) قال: حفظا لما أمرته به.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) يقول: لم نجد له حفظا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) قال: العزم: المحافظة على ما أمره الله تبارك وتعالى بحفظه والتمسك به.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) يقول: لم نجعل له عزما.
حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا الحجاج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي أمامة قال: لو أن أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق الله تعالى آدم إلى يوم الساعة، ووضعت في كفة ميزان. ووضع حلم آدم في الكفة الأخرى، لرجح حلمه بأحلامهم، وقد قال الله تعالى ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ).
قال أبو جعفر: وأصل العزم اعتقاد القلب على الشيء، يقال منه: عزم فلان على كذا: إذا اعتقد عليه ونواه، ومن اعتقاد القلب: حفظ الشيء، ومنه الصبر على الشيء، لأنه لا يجزع جازع إلا من خور قلبه وضعفه ، فإذا كان ذلك كذلك، فلا معنى لذلك أبلغ مما بينه الله تبارك وتعالى، وهو قوله ( وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) فيكون تأويله: ولم نجد له عزم قلب، على الوفاء لله بعهده، ولا على حفظ ما عهد إليه.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فنسى:
وقرئ:
بضم النون وتشديد السين، أي، نساه الشيطان، وهى قراءة اليماني، والأعمش.
التفسير :
أي:لما أكمل خلق آدم بيده، وعلمه الأسماء، وفضله، وكرمه، أمر الملائكة بالسجود له، إكراما وتعظيما وإجلالا، فبادروا بالسجود ممتثلين، وكان بينهم إبليس، فاستكبر عن أمر ربه، وامتنع من السجود لآدم وقال:{ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} فتبينت حينئذ، عداوته البليغة لآدم وزوجه، لما كان عدوا لله، وظهر من حسده، ما كان سبب العداوة
ثم ذكر- سبحانه- بعد ذلك بشيء من التفصيل، الأسباب التي أدت إلى نسيان آدم وضعف عزيمته فقال: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى.
أى: واذكر- أيها المخاطب- وقت أن قلنا للملائكة اسجدوا لآدم سجود تكريم لا سجود عبادة، فامتثلوا لأمرنا، إلا إبليس فإنه أبى السجود لآدم تكبرا وغرورا وحسدا له على هذا التكريم.
وقوله : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) يذكر تعالى تشريف آدم وتكريمه ، وما فضله به على كثير ممن خلق تفضيلا .
وقد تقدم الكلام على هذه القصة في سورة " البقرة " وفي " الأعراف " وفي " الحجر " و " الكهف " وسيأتي في آخر سورة " ص " [ إن شاء الله تعالى ] . يذكر فيها تعالى خلق آدم وأمره الملائكة بالسجود له تشريفا وتكريما ، ويبين عداوة إبليس لبني آدم ولأبيهم قديما; ولهذا قال تعالى : ( فسجدوا إلا إبليس أبى ) أي : امتنع واستكبر .
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى (116)
يقول تعالى ذكره معلما نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، ما كان من تضييع آدم عهده، ومعرّفه بذلك أن ولده لن يعدوا أن يكونوا في ذلك على منهاجه، إلا من عصمه الله منهم (و) اذكر يا محمد ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى ) أن يسجد له .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 34 | ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ |
---|
الأعلى: 11 | ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ |
---|
الإسراء: 61 | ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا﴾ |
---|
الكهف: 50 | ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ |
---|
طه: 116 | ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
فحذر الله آدم وزوجه منه، وقال{ لَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} إذا أخرجت منها، فإن لك فيها الرزق الهني، والراحة التامة.
ثم حكى- سبحانه- ما قاله لآدم بعد إباء إبليس عن السجود له فقال: يا آدَمُ إِنَّ هذا أى: إبليس عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ بسبب حسده لكما وحقده عليكما فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى أى: فاحذرا أن تطيعاه، فإن طاعتكما له ستؤدى بكما إلى الخروج من الجنة، فيترتب على ذلك شقاؤك، أى: تعبك في الحصول على مطالب حياتك.
وأسند سبحانه إلى إبليس الإخراج لهما من الجنة، لأنه هو المتسبب في ذلك، عن طريق الوسوسة لهما، وطاعتهما له فيما حرضهما عليه وهو الأكل من الشجرة، وعبر عن التعب في طلب المعيشة بالشقاء، لأنه بعد خروجه من الجنة سيقوم بحراثة الأرض وفلاحتها وزرعها وريها ... ثم حصدها.. ثم إعداد نتاجها للأكل، وفي كل ذلك ما فيه من شقاء وكد وتعب.
وقال- سبحانه-: فَتَشْقى ولم يقل فتشقيا كما قال فَلا يُخْرِجَنَّكُما لأن الكلام من أول القصة مع آدم وحده: أو لأن شقاء الرجل يدخل فيه شقاء أهله، كما أن سعادته سعادتهم، أو لأنه هو الذي يعود عليه التعب إذ هو المكلف بأن يقدم لها ما تحتاجه من مطالب الحياة. كالمسكن والملبس والمطعم والمشرب.
قال القرطبي ما ملخصه: قوله فَتَشْقى يعنى أنت وزوجك لأنهما في استواء العلة واحد، ولم يقل: فتشقيا لأن المعنى معروف، وآدم- عليه السلام- هو المخاطب، وهو المقصود. وأيضا لما كان هو الكاد عليها والكاسب لها كان بالشقاء أخص.
وفي ذلك تعليم لنا أن نفقة الزوجة على الزوج، فمن يومئذ جرت نفقة النساء على الأزواج، فلما كانت نفقة حواء على آدم، كانت كذلك نفقات بناتها على بنى آدم بحق الزوجية.. .
( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك ) يعني : حواء ، عليهما السلام ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) أي : إياك أن يسعى في إخراجك منها ، فتتعب وتعنى وتشقى في طلب رزقك ، فإنك هاهنا في عيش رغيد هنيء ، لا كلفة ولا مشقة .
( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ ) ولذلك من شنآنه لم يسجد لك، وخالف أمري في ذلك وعصاني، فلا تطيعاه فيما يأمركما به، فيخرجكما بمعصيتكما ربكما، وطاعتكما له ( مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) يقول: فيكون عيشك من كدّ يدك، فذلك شقاؤه الذي حذّره ربه.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، قال: أهبط إلى آدم ثور أحمر، فكان يحرث عليه، ويمسح العرق من جبينه، فهو الذي قال الله تعالى ذكره ( فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) فكان ذلك شقاؤه ، وقال تعالى ذكره (فَتَشْقَى) ولم يقل: فتشقيا، وقد قال: ( فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا ) لأن ابتداء الخطاب من الله كان لآدم عليه السلام، فكان في إعلامه العقوبة على معصيته إياه، فيما نهاه عنه من أكل الشجرة الكفاية من ذكر المرأة، إذ كان معلوما أن حكمها في ذلك حكمه. كما قال عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ اجتزئ بمعرفة السامعين معناه من ذكر فعل صاحبه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 35 | ﴿وَ قُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ |
---|
طه: 117 | ﴿فَـ قُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيتين 118 و119:ـ
{ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} أي:تصيبك الشمس بحرها، فضمن له استمرار الطعام والشراب، والكسوة، والماء، وعدم التعب والنصب
وقوله- تعالى-: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى تعليل لما يوجبه النهى عن طاعة إبليس التي ستؤدى بهما إلى الإخراج من الجنة وإلى الشقاء في الدنيا.
والجوع: ضد الشبع. وقوله تَعْرى من العرى الذي هو خلاف اللبس.
يقال: عرى فلان من ثيابه يعرى عريا، إذا تجرد منها.
( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ) إنما قرن بين الجوع والعري; لأن الجوع ذل الباطن ، والعري ذل الظاهر .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى (118)
يقول تعالى ذكره، مخبرا عن قيله لآدم حين أسكنه الجنة (إنَّ لَك) يا آدم ( أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ) و " أن " في قوله ( أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ) في موضع نصب بإنَّ التي في قوله: (إنَّ لَك).
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيتين 118 و119:ـ
{ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} أي:تصيبك الشمس بحرها، فضمن له استمرار الطعام والشراب، والكسوة، والماء، وعدم التعب والنصب
وقوله تَضْحى أى: لا يصيبك حر الشمس في الضحى. يقال: ضحا فلان يضحى ضحوا- كسعى- إذا كان بارزا لحر الشمس في الضحى.
أى: احذر يا آدم أن تطيع إبليس فيحل بك الشقاء، وتخرج من الجنة التي لا يصيبك فيها شيء من الجوع، ولا شيء من العرى أو الظمأ، ولا شيء من حر الشمس في الضحى.. وإنما أنت فيها متمتع بكل مطالب الحياة الهنيئة الناعمة الدائمة.
قال صاحب الكشاف: الشبع والري والكسوة والسكن- هذه الأربعة- هي الأقطاب التي يدور فيها كفاح الإنسان، فذكّره استجماعها له في الجنة وأنه مكفى لا يحتاج إلى كفاية كاف، ولا إلى كسب كاسب كما يحتاج إلى ذلك أهل الدنيا.
وذكرها بلفظ النفي لنقائضها التي هي الجوع والعرى والظمأ والضحو، ليطرق سمعه بأسامى أصناف الشقوة التي حذره منها، حتى يتحامى السبب الموقع فيها كراهة لها .
( وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) وهذان أيضا متقابلان ، فالظمأ : حر الباطن ، وهو العطش . والضحى : حر الظاهر .
وقوله ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا ) اختلفت القرّاء في قراءتها، فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة والكوفة بالكسر: وإنك، على العطف على قوله (إنَّ لَك) ، وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة والبصرة وأنك، بفتح ألفها عطفا بها على " أن " التي في قوله ( أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ) ، ووجَّهوا تأويل ذلك إلى أن لك هذا وهذا، فهذه القراءة أعجب القراءتين إليّ، لأن الله تبارك وتعالى ذكره وعد ذلك آدم حين أسكنه الجنة، فكون ذلك بأن يكون عطفا على أن لا تجوع أولى من أن يكون خبر مبتدأ، وإن كان الآخر غير بعيد من الصواب ، وعني بقوله ( لا تَظْمَأُ فِيهَا ) لا تعطش في الجنة ما دمت فيها( وَلا تَضْحَى ) ، يقول: لا تظهر للشمس فيؤذيك حرّها، كما قال ابن أبي ربيعة:
رأتْ رَجُـلا أمَّـا إذا الشَّمْسُ عارَضَتْ
فَيَضْحَــى وأمَّـا بالعشِـيّ فَيَخْـصَرُ (1)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) يقول: لا يصيبك فيها عطش ولا حرّ.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) يقول: لا يصيبك حرّ ولا أذى.
حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، قال: ثنا عبد الرحمن بن شريك، قال: ثني أبي، عن خصيف عن سعيد بن جُبير ( لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى ) قال: لا تصيبك الشمس.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلا تَضْحَى ) قال: لا تصيبك الشمس .
---------------
الهوامش:
(1) البيت لعمر بن أبي ربيعة القرشي المخزومي . وقد أورده صاحب اللسان في ( ضحا ) ولم ينسبه . قال : وضحا الرجل ضحوا ( على فعل ) وضحوا ( على فعول ) وضحيا : برز للشمس وضحى بكسر الحاء يضحى في اللغتين معه ضحوا وضحيا : أصابته الشمس ، قال الله تعالى : ( وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) قال : لا يؤذيك حر الشمس . وقال الفراء : لا تضحى : لا تصيبك شمس مؤذية . قال : وفي بعض التفسير : ولا تضحى : لا تعرق . قال الأزهري : والأول أشبه بالصواب ، وأنشد : " رأت رجلا . . . البيت " . أه . وقوله " يخصر " : هو من الخصر بالتحريك ، والبرد يجده الإنسان في أطرافه .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
وأنك:
1- بفتح الهمزة، عطفا على المصدر المنسبك من «أن لا تجوع» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، عطفا على «إن لك» ، وهى قراءة شيبة، ونافع، وحفص، وابن سعدان.
التفسير :
تفسير الآيتين 120 و121:ـ
ولكنه نهاه عن أكل شجرة معينة فقال:{ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} فلم يزل الشيطان يسول لهما، ويزين أكل الشجرة، ويقول:{ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} أي:الشجرة التي من أكل منها خلد في الجنة.{ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} أي:لا ينقطع إذا أكلت منها، فأتاه بصورة ناصح، وتلطف له في الكلام، فاغتر به آدم، وأكلا من الشجرة فسقط في أيديهما، وسقطت كسوتهما، واتضحت معصيتهما، وبدا لكل منهما سوأة الآخر، بعد أن كانا مستورين، وجعلا يخصفان على أنفسهما من ورق أشجار الجنة ليستترا بذلك، وأصابهما من الخجل ما الله به عليم.
ثم بين- سبحانه- أن آدم- عليه السلام- مع هذه النصائح والتحذيرات لم يستطع أن يستمر على الاستجابة لنهى ربه إياه عن الأكل من الشجرة، بل تغلب عليه ضعفه فاستمع إلى مكر الشيطان، قال- تعالى-: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى.
والوسوسة: الخطرة الرديئة، وأصلها من الوسواس، وهو صوت الحلي، والهمس الخفى.
والوسواس- بكسر الواو الأولى- مصدر وبفتحها الاسم وهو من أسماء الشيطان، كما قال- تعالى-: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ.
ويقال: وسوس فلان إلى فلان، أى: أوصلها إليه، ووسوس له، أى: من أجله. أى فأوصل الشيطان وسوسته إلى آدم، وأنهاها إليه، بأن قال له: يا آدم، هل أدلك على الشجرة التي من أكل منها عاش مخلدا لا يدركه الموت وصار صاحب ملك لا يفنى، ولا يصبح باليا أبدا.
وناداه باسمه، ليكون أكثر إقبالا عليه، وأمكن في الاستماع إليه.
وعرض عليه ما عرض في صورة الاستفهام الذي بمعنى الحث والحض، ليشعره بأنه ناصح له وحريص على مصلحته ومنفعته.
ثم أكد كل هذا التحريض بالقسم كما في قوله- تعالى-: وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ .
وقوله : ( فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) قد تقدم أنه ( دلاهما بغرور ) [ الأعراف : 22 ] ; ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) [ الأعراف : 21 ] . وقد تقدم أن الله تعالى أوحى إلى آدم وزوجته أن يأكلا من كل الثمار ، ولا يقربا هذه الشجرة المعينة في الجنة . فلم يزل بهما إبليس حتى أكلا منها ، وكانت شجرة الخلد - يعني : التي من أكل منها خلد ودام مكثه . وقد جاء في الحديث ذكر شجرة الخلد ، فقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة عن أبي الضحاك سمعت أبا هريرة يحدث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ، ما يقطعها وهي شجرة الخلد " . ورواه الإمام أحمد . .
وقوله ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ) يقول: فألقى إلى آدم الشيطان وحدّثه ( قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ ) يقول: قال له: هل أدلك على شجرة إن أكلت منها خلدت فلم تمت، وملكت ملكا لا ينقضي فيبلى.
كما حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ) إن أكلت منها كنت مَلكا مثل الله أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ فلا تموتان أبدا.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
تفسير الآيتين 120 و121:ـ
ولكنه نهاه عن أكل شجرة معينة فقال:{ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} فلم يزل الشيطان يسول لهما، ويزين أكل الشجرة، ويقول:{ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} أي:الشجرة التي من أكل منها خلد في الجنة.{ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} أي:لا ينقطع إذا أكلت منها، فأتاه بصورة ناصح، وتلطف له في الكلام، فاغتر به آدم، وأكلا من الشجرة فسقط في أيديهما، وسقطت كسوتهما، واتضحت معصيتهما، وبدا لكل منهما سوأة الآخر، بعد أن كانا مستورين، وجعلا يخصفان على أنفسهما من ورق أشجار الجنة ليستترا بذلك، وأصابهما من الخجل ما الله به عليم.
فكانت نتيجة مكره بآدم وخداعه له، أن أطاعه في الأكل من الشجرة كما قال- تعالى-: فَأَكَلا مِنْها أى: فأكل آدم وزوجه من الشجرة التي نهاه ربه عن الأكل منها.
فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما أى: عوراتهما، وسميت العورة سوءة، لأن انكشافها يسوء صاحبها وبحزنه، ويجعل الناس تنفر منه.
وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ.. أى: وشرعا وأخذا يلزقان على أجسادهما من ورق الجنة ليسترا عوراتهما.
وكثير من المفسرين يقولون: إن ورق الجنة الذي أخذ آدم وحواء في لزقه على أجسادهما هو ورق شجر التين لكبر حجمه.
وقد أخذ العلماء من ذلك وجوب ستر العورة، لأن قوله- تعالى-: وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ يدل على قبح انكشافها، وأنه يجب بذل أقصى الجهد في سترها.
وقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى أى: وخالف آدم أمر ربه في اجتناب الأكل من الشجرة فَغَوى أى: فأخطأ طريق الصواب، بسبب عدم طاعته ربه.
قالوا: ولكن آدم في عصيانه لربه كان متأولا، لأنه اعتقد أن النهى عن شجرة معينة لا عن النوع كله، وقالوا: وتسمية ذلك عصيانا لعلو منصبه، وقد قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
كما قالوا: إن الأسباب التي حملت آدم على الأكل من الشجرة، أن إبليس أقسم له بالله إنه له ناصح، فصدقه آدم- عليه السلام- لاعتقاده أنه لا يمكن لأحد أن يقسم بالله كاذبا، والمؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم كما جاء في الحديث الشريف.
وقول : ( فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما ) قال ابن أبي حاتم :
حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب ، حدثنا علي بن عاصم ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس ، كأنه نخلة سحوق . فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه ، فأول ما بدا منه عورته . فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة ، فأخذت شعره شجرة ، فنازعها ، فنادى الرحمن : يا آدم ، مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن قال : يا رب ، لا ولكن استحياء أرأيت إن تبت ورجعت ، أعائدي إلى الجنة؟ قال : نعم " فذلك قوله : ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه )
وهذا منقطع بين الحسن وأبي بن كعب ، فلم يسمعه منه ، وفي رفعه نظر أيضا .
وقوله : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) قال مجاهد : يرقعان كهيئة الثوب . وكذا قال قتادة ، والسدي .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر ، عن عون ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ) قال : ينزعان ورق التين ، فيجعلانه على سوآتهما .
القول في تأويل قوله تعالى : فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)
يقول تعالى ذكره: فأكل آدم وحوّاء من الشجرة التي نُهيا عن الأكل منها، وأطاعا أمر إبليس، وخالفا أمر ربهما( فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا ) يقول: فانكشفت لهما عوراتهما، وكانت مستورة عن أعينهما.
كما حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: إنما أراد، يعني إبليس بقوله هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى ليبدي لهما ما توارى عنهما من سوآتهما، بهتك لباسهما، وكان قد علم أن لهما سوأة لما كان يقرأ من كتب الملائكة، ولم يكن آدم يعلم ذلك، وكان لباسهما الظفر، فأبى آدم أن يأكل منها، فتقدمت حوّاء، فأكلت ثم قالت: يا آدم كل، فإني قد أكلت، فلم يضرّني، فلما أكل آدم بدت سوآتهما.
وقوله (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) يقول: أقبلا يشدان عليهما من ورق الجنة.
كما حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ( وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) يقول: أقبلا يغطيان عليهما بورق التين.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) يقول: يوصلان عليهما من ورق الجنة.
وقوله ( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) يقول: وخالف أمر ربه، فتعدّى إلى ما لم يكن له أن يتعدّى إليه، من الأكل من الشجرة التي نهاه عن الأكل منها .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 22 | ﴿فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَىٰهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ﴾ |
---|
طه: 121 | ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا فَـ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَىٰٓ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} فبادرا إلى التوبة والإنابة، وقالا:{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فاجتباه ربه، واختاره، ويسر له التوبة{ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها، ورجع كيد العدو عليه، وبطل مكره، فتمت النعمة عليه وعلى ذريته، ووجب عليهم القيام بها والاعتراف، وأن يكونوا على حذر من هذا العدو المرابط الملازم لهم، ليلا ونهارا{ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}
وقوله- سبحانه-: ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى بيان لفضل الله- تعالى- على آدم، حيث قبل توبته، ورزقه المداومة عليها.
والاجتباء: الاصطفاء والاختيار، أى: ثم بعد أن أكل آدم من الشجرة، وندم على ما فعل هو وزوجه، اجتباه ربه أى: اصطفاه وقربه واختاره فَتابَ عَلَيْهِ أى: قبل توبته وَهَدى أى: وهداه إلى الثبات عليها، وإلى المداومة على طاعة الله- تعالى- فقد اعترف هو وزوجه بخطئهما، كما في قوله- تعالى-: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ .
وقد أوحى الله- تعالى- إليه بكلمات كانت السبب في قبول توبته، كما قال- سبحانه-: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .
وقوله : ( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) قال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا أيوب بن النجار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حاج موسى آدم ، فقال له : أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال آدم : يا موسى ، أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني - أو : قدره الله علي قبل أن يخلقني - " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .
وهذا الحديث له طرق في الصحيحين ، وغيرهما من المسانيد .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني أنس بن عياض ، عن الحارث بن أبي ذباب ، عن يزيد بن هرمز قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حج آدم وموسى عند ربهما ، فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك؟ قال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء ، وقربك نجيا ، فبكم وجدت الله كتب التوراة [ قبل أن أخلق ] قال موسى : بأربعين عاما . قال آدم : فهل وجدت فيها ( وعصى آدم ربه فغوى ) قال : نعم . قال : أفتلومني على أن عملت عملا كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .
قال الحارث : وحدثني عبد الرحمن بن هرمز بذلك ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
وقوله ( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) يقول: اصطفاه ربه من بعد معصيته إياه فرزقه الرجوع إلى ما يرضى عنه، والعمل بطاعته، وذلك هو كانت توبته التي تابها عليه ، وقوله (وَهَدَى) يقول: وهداه للتوبة، فوفَّقه لها.
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى، أنه أمر آدم وإبليس أن يهبطا إلى الأرض، وأن يتخذوا [آدم وبنوه]الشيطان عدوا لهم، فيأخذوا الحذر منه، ويعدوا له عدته ويحاربوه، وأنه سينزل عليهم كتبا، ويرسل إليهم رسلا يبينون لهم الطريق المستقيم الموصلة إليه وإلى جنته، ويحذرونهم من هذا العدو المبين، وأنهم أي:وقت جاءهم ذلك الهدى، الذي هو الكتب والرسل، فإن من اتبعه اتبع ما أمر به، واجتنب ما نهي عنه، فإنه لا يضل في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يشقى فيهما، بل قد هدي إلى صراط مستقيم، في الدنيا والآخرة، وله السعادة والأمن في الآخرة.
وقد نفى عنه الخوف والحزن في آية أخرى، بقوله:{ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} واتباع الهدى، بتصديق الخبر، وعدم معارضته بالشبه، وامتثال الأمر بأن لا يعارضه بشهوة.
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات ببيان ما آل إليه أمر آدم فقال- تعالى- قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً....
أى: انزلا من الجنة إلى الأرض مجتمعين، فألف الاثنين هنا تعود إلى آدم وحواء.
أما الآيات الأخرى التي جاءت بضمير الجمع، والتي منها قوله- تعالى-: قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ... .
فالضمير فيها يعود إلى آدم وزوجته وذريتهما.
وقوله: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أى: بعض ذريتكما لبعض عدو، بسبب التخاصم والتنازع والتدافع على حطام هذه الدنيا.
فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً يا بنى آدم عن طريق إرسال الرسل وإنزال الكتب فعليكم أن تتبعوا رسلي، وتعملوا بما اشتملت عليه كتبي.
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ بأن آمن برسلي وصدق بكتبي.
فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى لا في الدنيا ولا في الآخرة، بسبب استمساكه بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
وشبيه هذه الآية قوله- تعالى-: قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً، فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً، فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ .
وبعد أن بين- سبحانه- حسن عاقبة من اتبع هداه، أتبع ذلك ببيان سوء عاقبة من أعرض عن ذكره وطاعته فقال- تعالى-:
يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس : اهبطوا منها جميعا ، أي : من الجنة كلكم . وقد بسطنا ذلك في سورة البقرة " .
( بعضكم لبعض عدو ) قال : آدم وذريته ، وإبليس وذريته .
وقوله : ( فإما يأتينكم مني هدى ) قال أبو العالية : الأنبياء والرسل والبيان .
( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ) قال ابن عباس : لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123)
يقول تعالى ذكره: قال الله تعالى لآدم وحوّاء ( اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا إِلَى الأرْضِ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) يقول: أنتما عدوّ إبليس وذرّيته، وإبليس عدوّكما وعدوّ ذرّيتكما.
وقوله ( فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى ) يقول: فإن يأتكم يا آدم وحواء وإبليس مني هدى: يقول: بيان لسبيلي، وما أختاره لخلقي من دين ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ ) يقول: فمن اتبع بياني ذلك وعمل به، ولم يزغ منه ( فَلا يَضِلُّ ) يقول: فلا يزول عن محجة الحق، ولكنه يرشد في الدنيا ويهتدي (ولا يَشْقَى) في الآخرة بعقاب الله، لأن الله يدخله الجنة، وينجيه من عذابه.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني الحسين بن يزيد الطحان، قال: ثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس الملائي، عن عكرمة عن ابن عباس، قال: تضمن الله لمن قرأ القرآن، واتبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا هذه الآية ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ).
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي، قال: ثنا حكام الرازيّ، عن أيوب بن موسى، عن مرو ثنا الملائي عن ابن عباس أنه قال: إن الله قد ضمن.... فذكر نحوه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أيوب بن يسار أبي عبد الرحمن، عن عمرو بن قيس، عن رجل عن ابن عباس، بنحوه.
حدثنا عليّ بن سهل الرملي، قال: ثنا أحمد بن محمد النسائي، عن أبي سلمة، عن عطاء، عن سعيد بن جُبير، قال: قال ابن عباس: من قرأ القرآن واتبع ما فيه عصمه الله من الضلالة، ووقاه، أظنه أنه قال: من هول يوم القيامة، وذلك أنه قال ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ) في الآخرة.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
البقرة: 36 | ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾ |
---|
الأعراف: 24 | ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾ |
---|
طه: 123 | ﴿قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي} أي:كتابي الذي يتذكر به جميع المطالب العالية، وأن يتركه على وجه الإعراض عنه، أو ما هو أعظم من ذلك، بأن يكون على وجه الإنكار له، والكفر به{ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} أي:فإن جزاءه، أن نجعل معيشته ضيقة مشقة، ولا يكون ذلك إلا عذابا.
وفسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر، وأنه يضيق عليه قبره، ويحصر فيه ويعذب، جزاء لإعراضه عن ذكر ربه، وهذه إحدى الآيات الدالة على عذاب القبر. والثانية قوله تعالى:{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} الآية. والثالثة قوله:{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} والرابعة قوله عن آل فرعون:{ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} الآية.
والذي أوجب لمن فسرها بعذاب القبر فقط من السلف، وقصرها على ذلك -والله أعلم- آخر الآية، وأن الله ذكر في آخرها عذاب يوم القيامة. وبعض المفسرين، يرى أن المعيشة الضنك، عامة في دار الدنيا، بما يصيب المعرض عن ذكر ربه، من الهموم والغموم والآلام، التي هي عذاب معجل، وفي دار البرزخ، وفي الدار الآخرة، لإطلاق المعيشة الضنك، وعدم تقييدها.{ وَنَحْشُرُهُ} أي:هذا المعرض عن ذكر ربه{ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} البصر على الصحيح، كما قال تعالى:{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا}
وقوله: ضَنْكاً أى: شديدة الضيق. وكل شيء ضاق فهو ضنك.
وهو مصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث، والواحد والجمع يقال: ضنك- ككرم- عيش فلان ضنكا وضناكة إذا ضاق.
والمعنى إن من اتبع هداي الذي جاءت به رسلي فلن يضل ولن يشقى، أما من أعرض عن ذِكْرِي أى: عن هداي الذي جاءت به رسلي، واشتملت عليه كتبي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً.
أى: فإن لهذا المعرض معيشة ضيقة مليئة بالهم والغم والأحزان وسوء العاقبة، حتى ولو ملك المال الوفير، والحطام الكثير.. فإن المعيشة الطيبة لا تكون إلا مع طاعة الله، وامتثال أمره، واجتناب نهيه ...
قال- تعالى-: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً.
قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً أى: في الدنيا فلا طمأنينة له، ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق لضلاله، وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء، وأكل ما شاء، وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى. فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردد فهذا من ضنك المعيشة ...
وقال سفيان بن عيينة، عن أبى حازم، عن أبى سلمه، عن أبى سعيد في قوله مَعِيشَةً ضَنْكاً قال: يضيق عليه قبره. حتى تختلف أضلاعه .
والمراد بالعمى في قوله- سبحانه-: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى: عمى البصر، بدليل قوله- تعالى- بعد ذلك: قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً.
وقوله- سبحانه- في آية أخرى: وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا .
وقيل: المراد بالعمى: هنا أنه لا حجة له يدافع بها عن نفسه، وقيل: المراد به: العمى عن كل شيء سوى جهنم.
والذي يبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الحق، لأنه هو الظاهر من الآية الكريمة، ولا قرينة تمنع من إرادة هذا الظاهر.
ويجمع بين هذه الآية وما يشبهها وبين الآيات الأخرى التي تدل على أن الكفار يبصرون ويسمعون ويتكلمون يوم القيامة، والتي منها قوله- تعالى-: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا ...
أقول: يجمع بين هذه الآية وما يشبهها، وبين الآيات الأخرى بوجوه منها: أن عماهم وصممهم في أول حشرهم، ثم يرد الله- تعالى- عليهم بعد ذلك أبصارهم وسمعهم، فيرون النار، ويسمعون ما يحزنهم.
قال الجمل: قوله: أَعْمى حال من الهاء في نحشره، والمراد عمى البصر وذلك في المحشر، فإذا دخل النار زال عنه عماه ليرى محله وحاله، فهو أعمى في حال وبصير في حال أخرى .
ومنها: تنزيل سمعهم وبصرهم وكلامهم منزلة العدم لعدم انتفاعهم بذلك فقد قال- تعالى- في شأن المنافقين: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ بتنزيل سماعهم وكلامهم وإبصارهم منزلة العدم، حيث إنهم لم ينتفعوا بهذه الحواس.
( ومن أعرض عن ذكري ) أي : خالف أمري ، وما أنزلته على رسولي ، أعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه ( فإن له معيشة ضنكا ) أي : في الدنيا ، فلا طمأنينة له ، ولا انشراح لصدره ، بل صدره [ ضيق ] حرج لضلاله ، وإن تنعم ظاهره ، ولبس ما شاء وأكل ما شاء ، وسكن حيث شاء ، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى ، فهو في قلق وحيرة وشك ، فلا يزال في ريبة يتردد . فهذا من ضنك المعيشة .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( فإن له معيشة ضنكا ) قال : الشقاء .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( فإن له معيشة ضنكا ) قال : كل مال أعطيته عبدا من عبادي ، قل أو كثر ، لا يتقيني فيه ، فلا خير فيه ، وهو الضنك في المعيشة . ويقال : إن قوما ضلالا أعرضوا عن الحق ، وكانوا في سعة من الدنيا متكبرين ، فكانت معيشتهم ضنكا; [ و ] ذلك أنهم كانوا يرون أن الله ليس مخلفا لهم معايشهم ، من سوء ظنهم بالله والتكذيب ، فإذا كان العبد يكذب بالله ، ويسيء الظن به والثقة به اشتدت عليه معيشته ، فذلك الضنك .
وقال الضحاك : هو العمل السيئ ، والرزق الخبيث ، وكذا قال عكرمة ، ومالك بن دينار .
وقال سفيان بن عيينة ، عن أبي حازم ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد في قوله : ( معيشة ضنكا ) قال : يضيق عليه قبره ، حتى تختلف أضلاعه فيه . قال أبو حاتم الرازي : النعمان بن أبي عياش يكنى أبا سلمة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل : ( فإن له معيشة ضنكا ) قال : " ضمة القبر " الموقوف أصح .
وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج أبو السمح ، عن ابن حجيرة - اسمه عبد الرحمن - عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : المؤمن في قبره في روضة خضراء ، ويرحب له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له قبره كالقمر ليلة البدر ، أتدرون فيم أنزلت هذه الآية : ( فإن له معيشة ضنكا ) ؟ أتدرون ما المعيشة الضنك؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : عذاب الكافر في قبره ، والذي نفسي بيده ، إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ، أتدرون ما التنين؟ تسعة وتسعون حية ، لكل حية سبعة رؤوس ، ينفخون في جسمه ، ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم يبعثون " . .
رفعه منكر جدا .
وقال البزار : حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ، حدثنا محمد بن عمرو حدثنا هشام بن سعد ، عن سعيد بن أبي هلال ، [ عن أبي حجيرة ] عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل : ( فإن له معيشة ضنكا ) قال : " المعيشة الضنك الذي قال الله تعالى : أنه يسلط عليه تسعة وتسعون حية ، ينهشون لحمه حتى تقوم الساعة " .
وقال أيضا : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإن له معيشة ضنكا ) قال : " عذاب القبر " . إسناد جيد .
وقوله : ( ونحشره يوم القيامة أعمى ) قال مجاهد ، وأبو صالح ، والسدي : لا حجة له .
وقال عكرمة : عمي عليه كل شيء إلا جهنم .
ويحتمل أن يكون المراد : أنه يحشر أو يبعث إلى النار أعمى البصر والبصيرة أيضا ، كما قال تعالى : ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ) [ الإسراء :
القول في تأويل قوله تعالى : وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
يقول تعالى ذكره ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ) الذي أذكره به فتولى عنه ولم يقبله ولم يستجب له، ولم يتعظ به فينـزجر عما هو عليه مقيم من خلافه أمر ربه ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) يقول: فإن له معيشة ضيقة، والضنك من المنازل والأماكن والمعايش: الشديد، يقال: هذا منـزل ضنك: إذا كان ضيقا، وعيش ضنك: الذكر والأنثى والواحد والاثنان والجمع بلفظ واحد; ومنه قول عنترة:
وإنْ نـزلُوا بضَنْك أنـزل (2)
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) يقول: الشقاء.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (ضَنْكا) قال: ضيقة.
حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قَتادة، في قوله ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: الضنك: الضيق.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد، في قوله ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) يقول: ضيقة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.
واختلف أهل التأويل في الموضع الذي جعل الله لهؤلاء المعرضين عن ذكره العيشة الضنك، والحال التي جعلهم فيها، فقال بعضهم: جعل ذلك لهم في الآخرة في جهنم، وذلك أنهم جعل طعامهم فيها الضريع والزقوم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو بن عليّ بن مقدم، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن عوف، عن الحسن، في قوله: ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: في جهنم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) فقرأ حتى بلغ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ قال: هؤلاء أهل الكفر، قال: ومعيشة ضنكا في النار شوك من نار وزقوم وغسلين، والضريع: شوك من نار، وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة، ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة، وقرأ قول الله عزّ وجلّ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي قال: لمعيشتي ، قال: والغسلين والزقوم: شيء لا يعرفه أهل الدنيا.
حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: في النار.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: فإن له معيشة في الدنيا حراما قال: ووصف الله جلّ وعزّ معيشتهم بالضنك، لأن الحرام وإن اتسع فهو ضنك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرمة في قوله: ( مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: هي المعيشة التي أوسع الله عليه من الحرام.
حدثني داود بن سليمان بن يزيد المكتب من أهل البصرة، قال: ثنا عمرو بن جرير البجلي، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم في قول الله ( مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: رزقا في معصيته.
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا يعلى بن عبيد، قال: ثنا أبو بسطام، عن الضحاك ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: الكسب الخبيث.
حدثني محمد بن إسماعيل الصراري، قال: ثنا محمد بن سوار، قال: ثنا أبو اليقظان عمار بن محمد، عن هارون بن محمد التيمي، عن الضحاك، في قوله ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: العمل الخبيث، والرزق السيئ.
وقال آخرون ممن قال عنى أن لهؤلاء القوم المعيشة الضنك في الدنيا، إنما قيل لها ضنك وإن كانت واسعة، لأنهم ينفقون ما ينفقون من أموالهم على تكذيب منهم بالخلف من الله، وإياس من فضل الله، وسوء ظنّ منهم بربهم، فتشتدّ لذلك عليهم معيشتهم وتضيق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) يقول: كلّ مال أعطيته عبدا من عبادي قلّ أو كثر، لا يتقيني فيه، لا خير فيه، وهو الضنك في المعيشة. ويقال: إن قوما ضُلالا أعرضوا عن الحق وكانوا أولي سعة من الدنيا مكثرين، فكانت معيشتهم ضنكا، وذلك أنهم كانوا يرون أن الله عزّ وجل ليس بمخلف لهم معايشهم من سوء ظنهم بالله، والتكذيب به، فإذا كان العبد يكذّب بالله، ويسيء الظنّ به، اشتدّت عليه معيشته، فذلك الضنك.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: أن ذلك لهم في البرزخ، وهو عذاب القبر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يزيد بن مخلد الواسطي، قال: ثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي حازم عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدريّ، قال في قول الله ( مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: عذاب القبر.
حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا بشر بن المفضل، قال: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي حازم، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخُدري، قال: إن المعيشة الضنك، التي قال الله: عذاب القبر.
حدثني حوثرة بن محمد المنقري، قال: ثنا سفيان، عن أبي حازم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخُدريّ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه.
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا أبي وشعيب بن الليث، عن الليث، قال: ثنا خالد بن زيد، عن ابن أبي هلال، عن أبي حازم، عن أبي سعيد، أنه كان يقول: المعيشة الضنك: عذاب القبر، إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنينا تنهشه وتخدش لحمه حتى يُبعث، وكان يقال: لو أن تنينا منها نفخ الأرض لم تنبت زرعا.
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: يطبق على الكافر قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، وهي المعيشة الضنك التي قال الله ( مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ).
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح والسديّ، في قوله ( مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: عذاب القبر.
حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: عذاب القبر.
حدثني عبد الرحمن بن الأسود، قال: ثنا محمد بن ربيعة، قال: ثنا أبو عُمَيس، عن عبد الله بن مخارق عن أبيه، عن عبد الله، في قوله ( مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: عذاب القبر.
حدثني عبد الرحيم البرقيّ، قال: ثنا ابن أبي مَريم، قال: ثنا محمد بن جعفر وابن أبي حازم، قالا ثنا أبو حازم، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدريّ( مَعِيشَةً ضَنْكًا ) قال: عذاب القبر.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هو عذاب القبر الذي حدثنا به أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاج، عن ابن حُجَيرة عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أتَدْرُونَ فِيمَ أُنـزلتْ هَذِهِ الآيَة ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) أتَدْرُونَ مَا المعيشَةُ الضَّنْكُ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: عَذَابُ الكافرِ فِي قَبْرِهِ، والَّذِي نَفْسِي بَيَدِهِ أنَّه لَيُسَلَّطُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينا، أتَدْرُونَ ما التِّنِينُ: تسْعَةٌ وَتسْعُونَ حَيَّه، لكلّ حَيَّه سَبْعَةُ رُءُوسٍ، يَنْفُخُونَ فِي جِسْمِهِ وَيَلْسَعُونَهُ وَيخْدِشُونَهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ".
وإن الله تبارك وتعالى اتبع ذلك بقوله: وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى فكان معلوما بذلك أن المعيشة الضنك التي جعلها الله لهم قبل عذاب الآخرة، لأن ذلك لو كان في الآخرة لم يكن لقوله: وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى معنى مفهوم، لأن ذلك إن لم يكن تقدّمه عذاب لهم قبل الآخرة، حتى يكون الذي في الآخرة أشدّ منه، بطل معنى قوله وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ، فإذ كان ذلك كذلك، فلا تخلو تلك المعيشة الضنك التي جعلها الله لهم من أن تكون لهم في حياتهم الدنيا، أو في قبورهم قبل البعث، إذ كان لا وجه لأن تكون في الآخرة لما قد بيَّنا، فإن كانت لهم في حياتهم الدنيا، فقد يجب أن يكون كلّ من أعرض عن ذكر الله من الكفار، فإن معيشته فيها ضنك، وفي وجودنا كثيرا منهم أوسع معيشة من كثير من المقبلين على ذكر الله تبارك وتعالى، القائلين له المؤمنين في ذلك، ما يدلّ على أن ذلك ليس كذلك، وإذ خلا القول في ذلك من هذين الوجهين صحّ الوجه الثالث، وهو أن ذلك في البرزخ.
وقوله ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) اختلف أهل التأويل في صفة العمى الذي ذكر الله في هذه الآية، أنه يبعث هؤلاء الكفار يوم القيامة به، فقال بعضهم: ذلك عمى عن الحجة، لا عمى عن البصر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا سفيان الثوري ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) قال: ليس له حجة.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) قال: عن الحجة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله، وقيل: يحشر أعمى البصر.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قال الله تعالى ذكره، وهو أنه يحشر أعمى عن الحجة ورؤية الشيء كما أخبر جلّ ثناؤه، فعمّ ولم يخصص.
---------------
الهوامش:
(2) هذا جزء من عجز بيت لعنترة بن عمرو بن شداد العبسي ( مختار الشعر الجاهلي طبعة الحلبي ، شرح مصطفى السقا ، ص 388 ) والبيت بتمامه هو :
إنْ يُلْحَــقُوا أكْــرُرْ وإنْ يُسْـتَلْحَمُوا
أشْــدُدْ وإنْ يُلْفَــوا بضَنْـكٍ أنْـزِل
وفي ( اللسان : ضنك ) : الضنك : الضيق من كل شيء ، الذكر والأنثى فيه سواء . ومعيشة ضنك : ضيقة . وفي التزيل : ( فإن له معيشة ضنكا) أي غير حلال .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
طه: 100 | ﴿ مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا﴾ |
---|
طه: 124 | ﴿ مَّنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ضنكا:
1- بالفتح والتنوين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ضنكى، بألف التأنيث ولا تنوين وبالإمالة، صفة على «فعلى» من الضنك، وهى قراءة الحسن.
ونحشره:
1- بالنون، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنون وجزم الراء على التخفيف، أو العطف على موضع «فإن له» ، لأنه جواب الشرط، وهى قراءة فرقة، منهم: أبان بن تغلب.
3- ويحشره، بالياء، وهى قراءة فرقة.
4- ويحشره، بالهاء ساكنة، على لفظ الوقف، وهى قراءة.
التفسير :
قال على وجه الذل والمراجعة والتألم والضجر من هذه الحالة:{ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ} في دار الدنيا{ بَصِيرًا} فما الذي صيرني إلى هذه الحالة البشعة.
وقوله- سبحانه-: قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً استئناف مسوق لبيان ما يقوله ذلك المعرض عن طاعة الله يوم القيامة.
أى: قال ذلك الكافر الذي حشره الله- تعالى- يوم القيامة أعمى: يا رب لماذا حشرتني على هذه الحال مع أنى كنت في الدنيا بصيرا؟.
ولهذا يقول "رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا" أي في الدنيا.
وقوله ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم في ذلك، ما حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرزاق، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى ) لا حجة لي.
وقوله ( وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: وقد كنت بصيرا بحجتي.
ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) قال: عالما بحجتي.
وقال آخرون. بل معناه: وقد كنت ذا بصر أبصر به الأشياء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) في الدنيا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ) قال: كان بعيد البصر، قصير النظر، أعمى عن الحقّ.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الله عزّ شأنه وجلّ ثناؤه، عمّ بالخبر عنه بوصفه نفسه بالبصر، ولم يخصص منه معنى دون معنى، فذلك على ما عمه ، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الآية، قال: ربّ لم حشرتني أعمى عن حجتي ورؤية الأشياء، وقد كنت في الدنيا ذا بصر بذلك كله.
فإن قال قائل: وكيف قال هذا لربه ( لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى ) مع معاينته عظيم سلطانه، أجهل في ذلك الموقف أن يكون لله أن يفعل به ما شاء، أم ما وجه ذلك؟ قيل: إن ذلك منه مسألة لربه يعرّفه الجرم الذي استحق به ذلك، إذ كان قد جهله، وظنّ أن لا جرم له، استحق ذلك به منه، فقال: ربّ لأيّ ذنب ولأيّ جرم حشرتني أعمى، وقد كنت من قبل في الدنيا بصيرا وأنت لا تعاقب أحدا إلا بدون ما يستحق منك من العقاب.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء