ترتيب المصحف | 14 | ترتيب النزول | 72 |
---|---|---|---|
التصنيف | مدنيّة | عدد الصفحات | 6.80 |
عدد الآيات | 52 | عدد الأجزاء | 0.35 |
عدد الأحزاب | 0.70 | عدد الأرباع | 2.70 |
ترتيب الطول | 33 | تبدأ في الجزء | 13 |
تنتهي في الجزء | 13 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
حروف التهجي: 8/29 | آلر: 4/5 |
بعد ذِكْرِ شبهاتِ الكفارِ ذَكَرَ هنا ردَّ الرُسلِ عليهم، ولمَّا اكتفى الرُسلُ بالتوكلِ على اللهِ والصبرِ على إيذاءِ الكفارِ هدَّدوهم بالطَّردِ إن لم يعودُوا إلى ملَّتِهم، ثُمَّ وحيُ اللهِ لرسلِه بهلاكِ الكفارِ وإسكانِ المؤمنينَ ديارَهم.
قريبًا إن شاء الله
لمَّا أوحي اللهُ لرسلِه بهلاكِ الكفارِ في الدُّنيا وصفَ هنا عذابَهم في الآخرةِ، ثُمَّ ضربَ مثلًا لأعمالِهم بالرَّمادِ الذي عصفَتْ به الرياحُ في يومِ ذي ريحٍ شديدةٍ، فلم تتركْ له أثرًا.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
{ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ} مجيبين عن اقتراحهم واعتراضهم:{ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} أي:صحيح وحقيقة أنا بشر مثلكم،{ وَلَكِنْ} ليس في ذلك ما يدفع ما جئنا به من الحق فإن{ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} فإذا من الله علينا بوحيه ورسالته، فذلك فضله وإحسانه، وليس لأحد أن يحجر على الله فضله ويمنعه من تفضله.
فانظروا ما جئناكم به فإن كان حقا فاقبلوه وإن كان غير ذلك فردوه ولا تجعلوا حالنا حجة لكم على رد ما جئناكم به، وقولكم:{ فأتونا بسلطان مبين} فإن هذا ليس بأيدينا وليس لنا من الأمر شيء.
{ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} فهو الذي إن شاء جاءكم به، وإن شاء لم يأتكم به وهو لا يفعل إلا ما هو مقتضى حكمته ورحمته،{ وَعَلَى اللَّهِ} لا على غيره{ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} فيعتمدون عليه في جلب مصالحهم ودفع مضارهم لعلمهم بتمام كفايته وكمال قدرته وعميم إحسانه، ويثقون به في تيسير ذلك وبحسب ما معهم من الإيمان يكون توكلهم.
وهنا يحكى القرآن أن الرسل- عليهم السلام- قد قابلوا هذا السفه من أقوالهم بالمنطق الحكيم، وبالأسلوب المهذب فيقول: قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ...
أى: قال الرسل لمكذبيهم على سبيل الإرشاد والتنبيه: نحن نوافقكم كل الموافقة على أننا بشر مثلكم كما قلتم، ولكن هذه المماثلة بيننا وبينكم في البشرية، لا تمنع من أن يتفضل الله على من يشاء التفضل عليه من عباده، بأن يمنحه النبوة أو غيرها من نعمه التي لا تحصى.
فأنت ترى أن الرسل- عليهم السلام- قد سلموا للمكذبين دعواهم المماثلة في البشرية، في أول الأمر، ثم بعد ذلك بينوا لهم جهلهم وسوء تفكيرهم، بأن أفهموهم بطريق الاستدراك، أن المشاركة في الجنس لا تمنع التفاضل، فالبشر كلهم عباد الله، ولكنه- سبحانه- يمن على بعضهم بنعم لم يعطها لسواهم..
فالمقصود بالاستدراك دفع ما توهمه المكذبون، من كون المماثلة في البشرية تمنع اختصاص بعض البشر بالنبوة.
قال الآلوسى: قوله- تعالى-: قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ مجاراة لأول مقالتهم إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ كما تقولون، وهذا كالقول بالموجب، لأن فيه إطماعا في الموافقة، ثم كروا على قولهم بالإبطال فقالوا: وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ.
أى: إنما اختصنا الله- تعالى- بالرسالة بفضل منه وامتنان، والبشرية غير مانعة لمشيئته- جل وعلا-. وفيه دليل على أن الرسالة عطائية، وأن ترجيح بعض الجائز على بعض بمشيئته- تعالى- ولا يخفى ما في العدول عن «ولكن الله منّ علينا» ، إلى ما في النظم الجليل منهم- عليهم السلام- .
وقوله- سبحانه-: وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ حكاية لرد الرسل على قول المكذبين لهم فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ.
أى: وقال الرسل للمكذبين من أقوامهم- أيضا-: وما صح وما استقام لنا نحن الرسل أن نأتيكم- أيها الضالون- بحجة من الحجج، أو بخارق من الخوارق التي تقترحونها علينا، إلا بإذن الله وإرادته وأمره لنا بالإتيان بما اقترحتم، فنحن عباده ولا نتصرف إلا بإذنه.
ثم أكد الرسل تمسكهم بالمضي في دعوتهم فقالوا- كما حكى القرآن عنهم- وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
والتوكل على الله معناه: الاعتماد عليه، وتفويض الأمور إليه، مع مباشرة الأسباب التي أمر- سبحانه- بمباشرتها.
أى: وعلى الله وحده دون أحد سواه، فليتوكل المؤمنون، الصادقون، دون أن يعبئوا بعنادكم ولجاجكم، ونحن الرسل على رأس هؤلاء المؤمنين الصادقين.
فالجملة الكريمة أمر من الرسل لمن آمن من قومهم بالتوكل على الله وحده، وقد قصدوا بهذا الأمر أنفسهم قصدا أوليا، بدليل قولهم بعد ذلك- كما حكى القرآن عنهم- وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا.
قالت لهم رسلهم : ( إن نحن إلا بشر مثلكم ) أي : صحيح أنا بشر مثلكم في البشرية ( ولكن الله يمن على من يشاء من عباده ) أي : بالرسالة والنبوة ( وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان ) على وفق ما سألتم ( إلا بإذن الله ) أي : بعد سؤالنا إياه ، وإذنه لنا في ذلك ، ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) أي : في جميع أمورهم .
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: قالت الأمم التي أتتهم الرّسلُ رُسُلهم: (1) ( إن نحن إلا بشر مثلكم ) ، صدقتم في قولكم ، إن أنتم إلا بشر مثلنا ، فما نحنُ إلا بَشَر من بني آدم ، إنسٌ مثلكم (2) ( ولكنّ الله يمنُّ على من يشاء من عباده ) ، يقُول: ولكن الله يتفضل على من يشاء من خلقه ، (3) فيهديه ويوفقه للحقّ ، ويفضّله على كثير من خلقه ( وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان ) ، يقول: وما كان لنا أن نأتيكم بحجة وبرهان على ما ندعوكم إليه (4) ( إلا بإذن الله ) ، يقول: إلا بأمر الله لنا بذلك (5) ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) ، يقول: وبالله فليثق به من آمن به وأطاعه ، فإنا به نثق ، وعليه نتوكل. (6)
20610م - حدثنا القاسم ، قال: حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله: فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ، قال: " السلطان المبين " ، البرهان والبينة. وقوله: مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا [سورة آل عمران : 151 / سورة الأعراف : 7 / سورة الحج : 71 ] ، قال: بينَةً وبرهانًا.
--------------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة : " قال الأمم التي أتتهم الرسل لرسلهم " ، وهو لا يفهم ، وفي المخطوطة : " قالت الأمم التي أتتهم الرسل رسلهم " ، وصوابها " للأمم " ، و " رسلهم " فاعل " قالت " .
(2) انظر تفسير " البشر " فيما سلف قريبًا : 537 ، تعليق : 5
(3) انظر تفسير " المن " فيما سلف 7 : 369/9 : 71/11 : 389 .
(4) انظر تفسير " السلطان " فيما سلف قريبًا .
(5) انظر تفسير " الإذن " فيما سلف : 526 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
(6) انظر تفسير " التوكل " فيما سلف 166 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ابراهيم: 10 | ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّـهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ |
---|
ابراهيم: 11 | ﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
فليتوكل:
وقرئ:
بكسر اللام، وهى قراءة الحسن.
التفسير :
فعلم بهذا وجوب التوكل، وأنه من لوازم الإيمان، ومن العبادات الكبار التي يحبها الله ويرضاها، لتوقف سائر العبادات عليه،{ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا}
أي:أي شيء يمنعنا من التوكل على الله والحال أننا على الحق والهدى، ومن كان على الحق والهدى فإن هداه يوجب له تمام التوكل، وكذلك ما يعلم من أن الله متكفل بمعونة المهتدي وكفايته، يدعو إلى ذلك، بخلاف من لم يكن على الحق والهدى، فإنه ليس ضامنا على الله، فإن حاله مناقضة لحال المتوكل.
وفي هذا كالإشارة من الرسل عليهم الصلاة والسلام لقومهم بآية عظيمة، وهو أن قومهم -في الغالب- لهم القهر والغلبة عليهم، فتحدتهم رسلهم بأنهم متوكلون على الله، في دفع كيدكم ومكركم، وجازمون بكفايته إياهم، وقد كفاهم الله شرهم مع حرصهم على إتلافهم وإطفاء ما معهم من الحق، فيكون هذا كقول نوح لقومه:{ يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون} الآيات.
وقول هود عليه السلام قال:{ إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون}
{ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا} أي:ولنستمرن على دعوتكم ووعظكم وتذكيركم ولا نبالي بما يأتينا منكم من الأذى فإنا سنوطن أنفسنا على ما ينالنا منكم من الأذى، احتسابا للأجر ونصحا لكم لعل الله أن يهديكم مع كثرة التذكير.
{ وَعَلَى اللَّهِ} وحده لا على غيره{ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} فإن التوكل عليه مفتاح لكل خير.
واعلم أن الرسل عليهم الصلاة والسلام توكلهم في أعلى المطالب وأشرف المراتب وهو التوكل على الله في إقامة دينه ونصره، وهداية عبيده، وإزالة الضلال عنهم، وهذا أكمل ما يكون من التوكل.
أى: وما عذرنا إن تركنا التوكل على الله- تعالى- والحال أنه- عز وجل- قد فعل بنا ما يوجب توكلنا عليه، فقد هدانا لأقوم الطرق وأوضحها وأبينها، وهي طريق إخلاص العبادة له والاعتماد عليه وحده في كل شئوننا.
فالجملة الكريمة تدل على اطمئنانهم إلى سلامة مواقفهم في تفويض أمورهم إلى الله، وإلى رعاية الله- تعالى- حيث هداهم إلى طريق النجاة والسعادة.
ثم أضافوا إلى ذلك تيئيس أعدائهم من التأثر بأذاهم، فقالوا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا.
أى: والله لنصبرن صبرا جميلا في حاضرنا ومستقبلنا- كما صبرنا في ماضينا- على إيذائكم لنا. والذي من مظاهره: عصيانكم لأقوالنا، ونفوركم من نصحنا، واستهزاؤكم بنا، ومحاربتكم لنا..
ثم ختموا أقوالهم بتأكيد تصميمهم على الثبات في وجه الباطل فقالوا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ.
أى: وعلى الله وحده دون أحد سواه، فليثبت المتوكلون على توكلهم. وليفوضوا أمورهم إلى خالقهم، فهو القاهر فوق عباده، وهو الذي لا يعجزه شيء.
وتقديم الجار والمجرور في الجملة الكريمة وفيما يشبهها مؤذن بالحصر، وأن هؤلاء الرسل الكرام لا يرجون نصرا من غير الله- تعالى-.
وبهذا نرى أن الآيات الكريمة، قد حكت لنا بأسلوب مؤثر حكيم، جانبا من المحاورات التي دارت بين الرسل وبين مكذبيهم، وبينت لنا كيف دافع الرسل عن عقيدتهم، وكيف ردوا على الأقوال السيئة، والأفعال القبيحة، التي واجههم بها المكذبون، وكيف أعلنوا في قوة وعزم وإصرار ثباتهم في وجوه أعدائهم، ومقابلتهم الأذى بالصبر الذي لا جزع معه، مهما صنع الأعداء في طريقهم من عقبات، ومهما أثاروا من أباطيل وشبهات ...
ثم حكت السورة بعد ذلك جانبا آخر من تلك المحاورات التي دارت بين الرسل وبين أعدائهم، وجانبا مما وعد الله به رسله- عليهم السلام- وجانبا من العذاب الذي أعده للظالمين فقال- تعالى-:
ثم قالت الرسل : ( وما لنا ألا نتوكل على الله ) أي : وما يمنعنا من التوكل عليه ، وقد هدانا لأقوم الطرق وأوضحها وأبينها ، ( ولنصبرن على ما آذيتمونا ) أي : من الكلام السيئ ، والأفعال السخيفة ، ( وعلى الله فليتوكل المتوكلون )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره ، مخبًرا عن قِيل الرسل لأممها: ( وما لنا أن لا نتوكل على الله ) ، فنثق به وبكفايته ودفاعه إياكم عنَّا ( وقد هدانا سُبُلنا ) ، يقول: وقد بَصَّرنا طريقَ النجاة من عذابه ، فبين لنا (7) ( ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا ) ، في الله وعلى ما نلقى منكم من المكروه فيه بسبب دُعائنا لكم إلى ما ندعوكم إليه ، (8) من البراءة من الأوثان والأصنام ، وإخلاص العبادة له ( وعلى الله فليتوكل المتوكلون ) ، يقول: وعلى الله فليتوكل من كان به واثقًا من خلقه ، فأما من كان به كافرًا فإنّ وليَّه الشيطان.
--------------------
الهوامش :
(7) انظر تفسير " الهدى " فيما سلف من فهارس اللغة ( هدى ) .
وتفسير " السبيل " فيما سلف من فهارس اللغة ( سبل ) .
(8) انظر تفسير " الأذى " فيما سلف 14 : 324 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ابراهيم: 12 | ﴿وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ |
---|
آل عمران: 122 | ﴿إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
آل عمران: 160 | ﴿وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
المائدة: 11 | ﴿فَكَفَّ أَيۡدِيَهُمۡ عَنكُمۡۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
التوبة: 51 | ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
ابراهيم: 11 | ﴿وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
المجادلة: 10 | ﴿وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيًۡٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
التغابن: 13 | ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
لما ذكر دعوة الرسل لقومهم ودوامهم على ذلك وعدم مللهم، ذكر منتهى ما وصلت بهم الحال مع قومهم فقال:{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ} متوعدين لهم{ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} وهذا أبلغ ما يكون من الرد، وليس بعد هذا فيهم مطمع، لأنه ما كفاهم أن أعرضوا عن الهدى بل توعدوهم بالإخراج من ديارهم ونسبوها إلى أنفسهم وزعموا أن الرسل لا حق لهم فيها، وهذا من أعظم الظلم، فإن الله أخرج عباده إلى الأرض، وأمرهم بعبادته، وسخر لهم الأرض وما عليها يستعينون بها على عبادته.
فمن استعان بذلك على عبادة الله حل له ذلك وخرج من التبعة، ومن استعان بذلك على الكفر وأنواع المعاصي، لم يكن ذلك خالصا له، ولم يحل له، فعلم أن أعداء الرسل في الحقيقة ليس لهم شيء من الأرض التي توعدوا الرسل بإخراجهم منها. وإن رجعنا إلى مجرد العادة فإن الرسل من جملة أهل بلادهم، وأفراد منهم، فلأي شيء يمنعونهم حقا لهم صريحا واضحا؟! هل هذا إلا من عدم الدين والمروءة بالكلية؟
ولهذا لما انتهى مكرهم بالرسل إلى هذه الحال ما بقي حينئذ إلا أن يمضي الله أمره، وينصر أولياءه،{ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} بأنواع العقوبات.
فقوله- سبحانه-: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا، أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ... حكاية لما هدد به رءوس الكفر رسلهم، بعد أن أفحمهم الرسل بالحجة البالغة، وبالمنطق الحكيم.
واللام في «لنخرجنكم» هي الموطئة للقسم. و «أو» للتخيير بين الأمرين.
أى: وقال الذين عتوا في الكفر- على سبيل التهديد- لرسلهم، الذين جاءوا لهدايتهم، والله لنخرجنكم- أيها الرسل- من أرضنا، أو لتعودن في ديننا وملتنا.
قال الإمام الرازي: «اعلم أنه- تعالى- لما حكى عن الأنبياء- عليهم السلام- أنهم قد اكتفوا في دفع شرور أعدائهم بالتوكل عليه، والاعتماد على حفظه وحياطته، حكى عن الكفار أنهم بالغوا في السفاهة وقالوا للأنبياء والله لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا» .
والمعنى: ليكونن أحد الأمرين لا محالة، إما إخراجكم وإما عودكم إلى ملتنا.
والسبب فيه أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين. وأهل الباطل يكونون كثيرين والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاضدين، فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة .
والتعبير بقوله- سبحانه- أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا يفيد بظاهره أن الرسل كانوا على ملة الكافرين ثم تركوها، فإن العود معناه: الرجوع إلى الشيء بعد مفارقته. وهذا محال، فإن الأنبياء معصومون- حتى قبل النبوة- عن ارتكاب الكبائر، فضلا عن الشرك.
وقد أجيب عن ذلك بإجابات منها:
أن الخطاب وإن كان في الظاهر مع الرسل، إلا أن المقصود به أتباعهم المؤمنون، الذين كانوا قبل الإيمان بالرسل على دين أقوامهم، فكأنهم يقولون لهؤلاء الأتباع: لقد كنتم على ملتنا ثم تركتموها، فإما أن تعودوا إليها وإما أن تخرجوا من ديارنا، إلا أن رءوس الكفر وجهوا الخطاب إلى الرسل من باب التغليب.
ومنها: أن العود هنا بمعنى الصيرورة، إذ كثيرا ما يرد «عاد» بمعنى صار، فيعمل عمل كان، ولا يستدعى الرجوع إلى حالة سابقة، بل يستدعى الانتقال من حال سابقة إلى حال جديدة مستأنفة، فيكون المعنى: لنخرجنكم من أرضنا أو لتصيرن كفارا مثلنا.
ومنها: أن هذا القول من الكفار جار على توهمهم وظنهم، أن الرسل كانت قبل دعوى النبوة على ملتهم، لسكوتهم قبل البعثة عن الإنكار عليهم، فلهذا التوهم قالوا ما قالوا، وهم كاذبون فيما قالوه.
وشبيه بهذه الآية قول قوم شعيب- عليه السلام- له لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ... .
وقول قوم لوط له أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ .
وقوله- سبحانه-: فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ، وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ... بشارة عظيمة من الله- تعالى- لرسله، ووعد لهم بالنصر على أعدائهم..
أى: فأوحى الله- تعالى- إلى الرسل- بعد أن قال لهم الكافرون- ما قالوا-:
أبشروا أيها الرسل لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ الذين هددوكم بالإخراج من الديار، أو بالعودة إلى ملتهم،
يخبر تعالى عما توعدت به الأمم الكافرة رسلهم ، من الإخراج من أرضهم ، والنفي من بين أظهرهم ، كما قال قوم شعيب له ولمن آمن به : ( لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ) [ الأعراف : 88 ] ، وقال قوم لوط : ( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) [ النمل : 56 ] ، وقال تعالى إخبارا عن مشركي قريش : ( وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا ) [ الإسراء : 76 ] ، وقال تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) [ الأنفال : 30 ] .
وكان من صنعه تعالى : أنه أظهر رسوله ونصره ، وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصارا وأعوانا وجندا ، يقاتلون في سبيل الله ، ولم يزل يرقيه [ الله ] تعالى من شيء إلى شيء ، حتى فتح له مكة التي أخرجته ، ومكن له فيها ، وأرغم آناف أعدائه منهم ، و [ من ] سائر [ أهل ] الأرض ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وظهرت كلمة الله ودينه على سائر الأديان ، في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان; ولهذا قال تعالى : ( فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين)
قال أبو جعفر : يقول عزّ ذكره: وقال الذين كفروا بالله لرسلهم الذين أرسلوا إليهم ، حين دعوهم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له ، وفراق عبادة الآلهة والأوثان ( لنخرجنَّكم من أرضنا ) ، يعنون: من بلادنا فنطردكم عنها ( أو لتعودن في مِلّتنا ) ، يعنون: إلا أن تَعُودوا في دِيننا الذي نحن عليه من عبادة الأصنام. (9)
* * *
وأدخلت في قوله: ( لتعودُنَّ ) " لام " ، وهو في معنى شرطٍ ، كأنه جواب لليَمين ، وإنما معنى الكلام: لنخرجَنكم من أرضنا ، أو تعودون في ملتنا . (10)
* * *
ومعنى " أو " ههنا معنى " إلا " أو معنى " حتى " كما يقال في الكلام: " لأضربنك أوْ تُقِرَّ لي" ، فمن العرب من يجعل ما بعد " أو " في مثل هذا الموضع عطفًا على ما قبله ، إن كان ما قبله جزمًا جزموه ، وإن كان نصبًا نصبوه ، وإن كان فيه " لام " جعلوا فيه " لاما " ، (11) إذ كانت " أو " حرف نَسق. ومنهم من ينصب " ما " بعد " أو " بكل حالٍ ، ليُعْلَم بنصبه أنه عن الأول منقطع عما قبله ، كما قال امرؤ القيس:
بَكَـى صَـاحِبِي لَمَّـا رَأَى الدَّرْبَ دُونَهُ
وَأَيْقَــنَ أَنَّـــا لاحِقَــانِ بِقَيْصَـرَا
فَقُلْــتُ لَـهُ: لا تَبْــكِ عَيْنُـكَ إِنَّمَـا
نُحَــاوِلُ مُلْكًــا أَوْ نَمُـوتَ فَنُعْـذَرَا (12)
فنصب " نموت فنعذرا " وقد رفع " نحاول " ، لأنه أراد معنى: إلا أن نموتَ ،أو حتى نموتَ ، ومنه قول الآخر: (13)
لا أَسْــتَطِيعُ نزوعًـا عَـنْ مَوَدَّتِهَـا
أَوْ يَصْنَـعَ الْحُـبُّ بِي غَيْرَ الَّذِي صَنَعَا (14)
وقوله: ( فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين ) ، الذين ظلموا أنفسهم ، (15) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم: " الظالمون " لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة ، (16) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها ، إذ كان ظلمًا ، سُمُّوا بذلك. (17)
------------------------
الهوامش :
(9) انظر تفسير " الملة " فيما سلف : 101 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك ، وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 336 .
(10) في المطبوعة : " أو تعودن " ، والصواب من المخطوطة .
(11) في المطبوعة : " إن كان فيه لامًا " ، ، خطأ ، صوابه في المخطوطة .
(12) ديوانه : 65 من قصيدته الغالية التي قالها في مسيرة إلى قيصر مستنصرًا به بعد قتل أبيه . وصاحبه الذي ذكره ، هو عمرو بن قميئة اليشكري الذي استصحبه إلى قيصر ، و " الدرب " . ما بين طرسوس وبلاد الروم .
(13) هو الأحوص بن محمد الأنصاري ، وينسب أحيانًا للمجنون .
(14) الأغاني 4 : 299 ، وديوان المجنون : 200 ، وخرج أبيات الأحوص ، ولدنا الأستاذ عادل سليمان ، فيما جمعه من شعر لأحوص ، ولم يطبع بعد .
(15) انظر تفسير : " أوحى " فيما سلف 6 : 405/9 : 399 / 11 : 217 ، 290 ، 371 ، 533 .
(16) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف 1 : 523 ، 524 / 2 : 369 ، 519 / 4 : 584 / 5 : 384 ، وغيرها في فهارس اللغة .
(17) في المطبوعة كتب : " سموا بذلك ظالمين " ، زاد ما لا محصل له ، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر ، فأظلمت عليه .
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
الأعراف: 88 | ﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوۡ كُنَّا كَٰرِهِينَ﴾ |
---|
ابراهيم: 13 | ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لنهلكن:
وقرئ:
ليهلكن، بياء، وهى قراءة أبى حيوة.
التفسير :
{ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ} أي:العاقبة الحسنة التي جعلها الله للرسل ومن تبعهم جزاء{ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي} عليه في الدنيا وراقب الله مراقبة من يعلم أنه يراه،{ وَخَافَ وَعِيدِ} أي:ما توعدت به من عصاني فأوجب له ذلك الانكفاف عما يكرهه الله والمبادرة إلى ما يحبه الله.
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ- أيها الرسل- الْأَرْضَ أى أرضهم مِنْ بَعْدِهِمْ أى من بعد إهلاكهم واستئصال شأفتهم.
قال الآلوسى ما ملخصه: «وأوحى هنا يحتمل أن يكون بمعنى فعل الإيحاء فلا مفعول له» .
وقوله لَنُهْلِكَنَّ على إضمار القول، أى: قائلا لنهلكن، ويحتمل أن يكون جاريا مجرى القول لكونه ضربا منه، وقوله لَنُهْلِكَنَّ مفعوله ...
وخص- سبحانه- الظالمين من الذين كفروا، لأنه من الجائز أن يؤمن من الكفرة الذين قالوا تلك المقالة أناس معينون، فالتوعد لإهلاك من خلص للظلم»
وأكد- سبحانه- إهلاك الظالمين وإسكان الرسل أرضهم، بلام القسم ونون التوكيد ...
زيادة في إدخال السرور على نفوس الرسل، وفي تثبيت قلوبهم على الحق، وردا على أولئك الظالمين الذين أقسموا بأن يخرجوا الرسل من ديارهم، أو يعودوا إلى ملتهم.
قال صاحب الكشاف: «والمراد بالأرض في قوله وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ أرض الظالمين وديارهم، ونحوه: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ ...
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «من آذى جاره ورثه الله داره» .
ثم قال: ولقد عاينت هذا في مدة قريبة، كان لي خال يظلمه عظيم القرية التي أنا منها ويؤذيني فيه، فمات ذلك العظيم وملكني الله ضيعته، فنظرت يوما إلى أبناء خالي يترددون فيها، ويدخلون في دورها ويخرجون ويأمرون وينهون، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثتهم به، وسجدنا شكرا لله» .
واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ يعود إلى ما قضى الله به من إهلاك الظالمين، وتمكين الرسل وأتباعهم من أرضهم.
أى: ذلك الذي قضيت به كائن لمن خاف قيامي عليه، ومراقبتى له، ومكان وقوفه بين يدي للحساب، وخاف وعيدي بالعذاب لمن عصاني.
قال الجمل: «ومقامي فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه مقحم- وهو بعيد إذ الأسماء لا تقحم، أى ذلك لمن خافني- الثاني: أنه مصدر مضاف للفاعل.
قال الفراء: مقامي مصدر مضاف لفاعله: أى قيامي عليه بالحفظ. الثالث: أنه اسم مكان، قال الزجاج: مكان وقوفه بين يدي للحساب» .
كما قال تعالى : ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ) [ الصافات : 171 - 173 ] ، وقال تعالى : ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ) [ المجادلة : 21 ] ، وقال : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) [ الأنبياء : 105 ] ، ( قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) [ الأعراف : 128 ] ، وقال تعالى : ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ) [ الأعراف : 137 ] .
وقوله : ( ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) أي : وعيدي هذا لمن خاف مقامي بين يدي يوم القيامة ، وخشي من وعيدي ، وهو تخويفي وعذابي ، كما قال تعالى : ( فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) [ النازعات : 37 - 41 ] وقال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) [ الرحمن : 46 ] .
وقوله: ( ولنسكننكم الأرض من بعدهم ) ، هذا وعدٌ من الله مَنْ وَعد من أنبيائه النصرَ على الكَفَرة به من قومه . يقول: لما تمادتْ أمم الرسل في الكفر ، وتوعَّدوا رسُلهم بالوقوع بهم ، أوحى الله إليهم بإهلاك من كَفَر بهم من أممهم ووعدهم النصر. وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهدُّدا لمشركي قوم نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم على كفرهم به ، (18) وجُرْأتهم على نبيه ، وتثبيتًا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأمرًا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه ، كما صبر من كان قبله من أولي العزم من رسله ومُعرِّفَة أن عاقبة أمرِ من كفر به الهلاكُ ، وعاقبتَه النصرُ عليهم ، سُنَّةُ الله في الذين خَلَوْا من قبل .
* * *
20611 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: ( ولنسكننكم الأرضَ من بعدهم ) ، قال: وعدهم النصرَ في الدنيا ، والجنَّةَ في الآخرة.
* * *
وقوله: ( ذلك لمن خَافَ مَقامي وخاف وَعِيدِ ) ، يقول جل ثناؤه: هكذا فِعْلي لمن خاف مَقامَه بين يديّ ، وخاف وعيدي فاتَّقاني بطاعته ، وتجنَّب سُخطي ، أنصُرْه على ما أراد به سُوءًا وبَغَاه مكروهًا من أعدائي ، أهلك عدوّه وأخْزيه ، وأورثه أرضَه وديارَه.
* * *
وقال: ( لمن خاف مَقَامي ) ، ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مَقَامه بين يديَّ بحيث أقيمه هُنالك للحساب ، (19) كما قال: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [سورة الواقعة : 82 ] ، معناه: وتجعلون رِزقي إياكم أنّكُم تكذبون . وذلك أن العرب تُضيف أفعالها إلى أنفسها ، وإلى ما أوقعت عليه ، فتقول: " قد سُرِرتُ برؤيتك ، وبرؤيتي إياك " ، فكذلك ذلك.
--------------------------
الهوامش :
(18) في المطبوعة : " وعيدًا وتهديدًا " ، أساء إذ غير لفظ أبي جعفر .
(19) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 337 .
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ولنسكننكم:
وقرئ:
وليسكننكم، بياء الغيبة، وهى قراءة أبى حيوة.
التفسير :
{ وَاسْتَفْتَحُوا} أي:الكفار أي:هم الذين طلبوا واستعجلوا فتح الله وفرقانه بين أوليائه وأعدائه فجاءهم ما استفتحوا به وإلا فالله حليم لا يعاجل من عصاه بالعقوبة،{ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} أي:خسر في الدنيا والآخرة من تجبر على الله وعلى الحق وعلى عباد الله واستكبر في الأرض وعاند الرسل وشاقهم.
وقوله- سبحانه- وَاسْتَفْتَحُوا من الاستفتاح بمعنى الاستنصار، أى: طلب النصر من الله- تعالى- على الأعداء. والسين والتاء للطلب.
ومنه قوله- تعالى- إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ.. وقوله- تعالى- وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا....
أو يكون وَاسْتَفْتَحُوا من الفتاحة بمعنى الحكم والقضاء، أى: واستحكموا الله - تعالى- وطلبوا منه القضاء والحكم، ومنه قوله- تعالى- رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ.
والجملة الكريمة معطوفة على فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ، والضمير يعود إلى الرسل.
والمعنى: والتمس الرسل من خالقهم- عز وجل- أن ينصرهم على أعدائه وأعدائهم، وأن يحكم بحكمه العادل بينهم وبين هؤلاء المكذبين.
قالوا: ومما يؤيد ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد وابن محيصن وَاسْتَفْتَحُوا- بكسر التاء- أمرا للرسل.
ومنهم من يرى أن الضمير يعود للفريقين: الرسل ومكذبيهم. أى: أن كل فريق دعا الله أن ينصره على الفريق الآخر.
وقوله وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ بيان لنتيجة الاستفتاح. والجبار: الإنسان المتكبر المغرور المتعالي على غيره، المدعى لمنزلة أو لشيء ليس من حقه.
والعنيد: مأخوذ من العند- بفتح النون- بمعنى الميل. يقال: عند فلان عن الطريق- كنصر وضرب وكرم- عنودا، إذا مال عنها. وعند فلان عن الحق، إذا خالفه.
والجملة الكريمة معطوفة على محذوف، والتقدير: واستفتحوا فنصر الله- تعالى- رسله على أعدائهم، وخاب وخسر، كل متكبر متجبر معاند للحق.
قال ابن كثير: قوله: وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أى: متجبر في نفسه معاند للحق، كما قال- تعالى- أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ
.
وفي الحديث: «يؤتى بجهنم يوم القيامة، فتنادى الخلائق فتقول: إنى وكلت بكل جبار عنيد ... » .
وقال- سبحانه- وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ولم يقل وخاب الذين كفروا كما هو مقتضى الظاهر من السياق، للتنبيه على أن الذين كفروا كانوا جبابرة معاندين للحق، وأن كل من كان كذلك فلا بد من أن تكون عاقبته الخيبة والخسران.
وقوله : ( واستفتحوا ) أي : استنصرت الرسل ربها على قومها . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : استفتحت الأمم على أنفسها ، كما قالوا : ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) [ الأنفال : 32 ] .
ويحتمل أن يكون هذا مرادا وهذا مرادا ، كما أنهم استفتحوا على أنفسهم يوم بدر ، واستفتح رسول الله واستنصر ، وقال الله تعالى للمشركين : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم ) الآية [ الأنفال : 19 ] والله أعلم .
( وخاب كل جبار عنيد ) أي : متجبر في نفسه معاند للحق ، كما قال تعالى : ( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد ) [ ق : 24 - 26 ] .
وفي الحديث : " إنه يؤتى بجهنم يوم القيامة ، فتنادي الخلائق فتقول : إني وكلت بكل جبار عنيد " الحديث .
خاب وخسر حين اجتهد الأنبياء في الابتهال إلى ربها العزيز المقتدر .
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها (20) ( وخاب كل جبار عنيد ) ، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له.
* * *
و " العنيد " و " العاند " و " العَنُود " ، بمعنى واحد . (21)
* * *
ومن " الجبار " ، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة ، والجَبْرِيَّة ، والجَبْرُوَّة ، والجَبَرُوت. (22)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20612 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء جميعًا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: ( واستفتحوا ) ، قال: الرسل كلها . يقول: استنصروا ( عنيد ) ، قال معاند للحق مجانبه. (23)
20613 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله.
20614 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، ح وحدثني الحارث قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: ( واستفتحوا ) ، قال: الرسل كُلها استنصروا ( وخاب كل جبَّار عَنيد ) ، قال: معاند للحق مجانبه.
20615 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله وقال ابن جريج: استفتحوا على قومهم.
20616 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ... (24)
20617 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم ، ويقهَرُونهم ويكذبونهم ، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم ، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر ، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله ، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة ، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم ، فأنجز الله لهم ما وعدهم ، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا ، ( وخابَ كل جبار عنيد ) .
20618 - حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: هو النَّاكب عن الحق . (25)
20619 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا مطرف ، عن بشر ، عن هشيم ، عن مغيرة ، عن سماك ، عن إبراهيم: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: الناكب عن الحق. (26)
20620 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( واستفتحوا ) ، يقول: استنصرت الرسل على قومها قوله: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، و " الجبار العنيد " : الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله.
20621 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة: ( واستفتحوا ) ، قال: استنصرت الرسل على قومها ( وخاب كل جبار عنيد ) ، يقول: عَنِيد عن الحق ، مُعْرِض عنه. (27)
20622 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله - وزاد فيه: مُعْرِض ، (28) أبى أن يقول: لا إله إلا الله.
20623 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: " العنيد عن الحق " ، الذي يعنِدُ عن الطريق ، قال : والعرب تقول: " شرُّ الأهْل العَنِيد " (29) الذي يخرج عن الطريق.
20624 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) ، قال: " الجبّار ": المتجبّر. (30)
* * *
وكان ابن زيد يقول في معنى قوله: ( واستفتحوا ) ، خلاف قول هؤلاء ، ويقول: إنما استفتحت الأمم ، فأجيبت.
20625 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد ، في قوله: ( واستفتحوا ) ، قال: استفتاحهم بالبلاء ، قالوا: اللهم إن كان هذا الذي أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء ، كما أمطرتها على قوم لوط ، أو ائتنا بعذاب أليم. (31) قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [سورة الأعراف : 70 ] قال: فالاستفتاح العذاب ، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا ! حين سألوا الله أن ينـزل عليهم ، فقال: " بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار " . (32) فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة: رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا عَذَابَنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ [سورة ص : 16 ] . وقرأ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ حتى بلغ: وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [سورة العنكبوت : 53 - 55 ] .
-----------------------
الهوامش :
(20) انظر تفسير " الاستفتاح " فيما سلف 2 : 254 / 10 : 405 ، 406 ، ومجاز القرآن 1 : 337 .
(21) انظر تفسير " عنيد " فيما سلف 15 : 366 ، 367 ، ومجاز القرآن 1 : 337 .
(22) انظر تفسير " جبار " فيما سلف 10 ، 172/11 : 470 / 15 : 366 .
هذا ، وفي المطبوعة : " هو جبار بين الجبرية ، والجبروتية ، والجبروة ، والجبروت " زاد في اللغة ما لا نص عليه ، وهو " الجبروتية " ، ونقص واحدة من الخمس " الجبروة " . وكان في المخطوطة مكان " الجبرية " الثانية : " الجبر ننبه " ، غير منقوطة ، وأساء كتابتها .
(23) الأثر : 20612 - هذا الذي أثبته هو الذي جاء في المخطوطة ، وطابق ما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 73 ، عن مجاهد ، ونسبه لابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وكان في المطبوعة هنا .
" يقول : استنصروا على أَعدائهم ومعانديهم ، أَي على من عاند عن اتباع الحق وتجنَّبه " .
(24) الأثر : 20616 - هذا إسناد مقحم فيما أرجح ، وإنما هو صدر الإسناد رقم : 20612 اجتلبته يد الناسخ سهوًا إلى هذا المكان . والله أعلم .
(25) الأثر : 20618 - في هذا الخبر أيضًا زيادة لا أدري كيف جاءت ، فاقتصرت على ما في المخطوطة ، وهو مطابق لما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4 : 73 ، عن إبراهيم النخعي ، ونسبه لابن جرير وحده ، والزيادة التي كانت المطبوعة هي :
" أي الحائد عن اتباع طريق الحق"
وانظر الخبر التالي ، بلا زيادة أيضًا .
(26) الأثر : 20619 - " مطرف بن بشر " ، لا أدري ما هو ، ولم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي . وجاء ناشر المطبوعة فجعله " مطرف ، عن بشر " بلا دليل .
(27) في المطبوعة ، والدر المنثور 4 : 73 : " بعيد عن الحق " ، وأرى الصواب ما في المخطوطة ، انظر ما سلف في تفسير " عنيد " ص : .. 542 ، 543
(28) في المطبوعة : " معرض عنه " ، كأنه زادها من عنده .
(29) في المطبوعة : " شر الإبل " ، ولا أدري أهو صواب ، أم غيرها الناشر ، ولكني أثبت ما في المخطوطة ، فهو عندي أوثق .
(30) في المطبوعة : " هو المتجبر " ، زاد في الكلام .
(31) هذا من تأويل آية سورة الأنفال : 32 .
(32) هو انتزاع من آية سورة إبراهيم : 42 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
واستفتحوا:
وقرئ:
بكسر التاء، أمر للرسل، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن محيصن.
التفسير :
{ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} أي:جهنم لهذا الجبار العنيد بالمرصاد، فلا بد له من ورودها فيذاق حينئذ العذاب الشديد،{ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} في لونه وطعمه ورائحته الخبيثة، وهو في غاية الحرارة.
وقوله مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ صفة لجبار عنيد.
والمراد بقوله: مِنْ وَرائِهِ أى: من أمامه، أو من بعد هلاكه.
أى: من أمام خيبة هذا الجبار العنيد جهنم، تنتظر ليحل بها، بسبب كفره وظلمه.
قال صاحب أضواء البيان: قوله مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ ... الوراء هنا بمعنى الأمام كما هو ظاهر، ومنه قوله- تعالى- وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً أى: وكان أمامهم ملك.. ومنه قول الشاعر:
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي ... وقومي تميم والفلاة ورائيا
أى: والفلاة أماميا.
وقال بعضهم: قوله مِنْ وَرائِهِ أى من بعد هلاكه، ومنه قول النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب
أى: وليس بعد الله للمرء مذهب، والأول هو الظاهر وهو الحق .
وعلى أية حال فإن الجملة الكريمة تدل على أن جهنم تنتظر هذا الجبار العنيد، وتترصد له، وتتبعه حيث كان، بحيث لا يستطيع الفرار منها، أو الهرب عنها.
وجملة «ويسقى من ماء صديد» معطوفة على مقدر، أى: من ورائه جهنم يلقى فيها مذءوما مدحورا، ويسقى من ماء مخصوص ليس كالمياه المعهودة، هو الصديد، أى ما يسيل من أجساد أهل النار من دم مختلط بقيح، واشتقاقه من الصد، لأنه يصد الناظرين عن رؤيته. وهو بدل أو عطف بيان من ماء.
وقوله : ( من ورائه جهنم ) و " وراء " هاهنا بمعنى " أمام " ، كما قال تعالى : ( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) [ الكهف : 79 ] ، وكان ابن عباس يقرؤها " وكان أمامهم ملك " .
أي : من وراء الجبار العنيد جهنم ، أي : هي له بالمرصاد ، يسكنها مخلدا يوم المعاد ، ويعرض عليها غدوا وعشيا إلى يوم التناد .
( ويسقى من ماء صديد ) أي : في النار ليس له شراب إلا من حميم أو غساق ، فهذا في غاية الحرارة ، وهذا في غاية البرد والنتن ، كما قال : ( هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج ) [ ص : 57 ، 58 ] .
وقال مجاهد ، وعكرمة : الصديد : من القيح والدم .
وقال قتادة : هو ما يسيل من لحمه وجلده . وفي رواية عنه : الصديد : ما يخرج من جوف الكافر ، قد خالط القيح والدم .
ومن حديث شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت : قلت : يا رسول الله ، ما طينة الخبال ؟ قال : " صديد أهل النار " وفي رواية : " عصارة أهل النار " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، أنبأنا عبد الله ، أنا صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بر ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( ويسقى من ماء صديد يتجرعه ) قال : " يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله تعالى ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) [ محمد : 15 ] ، ويقول : ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب ) [ الكهف : 29 ] .
وهكذا رواه ابن جرير ، من حديث عبد الله بن المبارك ، به ورواه هو وابن أبي حاتم : من حديث بقية بن الوليد ، عن صفوان بن عمرو ، به .
قال أبو جعفر : يقول عزّ ذكره: ( من ورائه ) ، من أمام كل جَبار ( جهنم ) ، يَرِدُونها.
* * *
و " وراء " في هذا الموضع ، يعني أمام ، كما يقال: " إن الموت مِنْ ورائك " ، أي قُدّامك ، وكما قال الشاعر: (33)
أَتُوعِـــدُنِي وَرَاءَ بَنِــي رِيَــاحٍ
كَــذَبْتَ لَتَقْصُــرَنَّ يَــدَاكَ دُونِـي
(34)
يعني: " وراء بني رياح " ، قدَّام بني رياح وأمَامهم.
* * *
وكان بعض نحويِّي أهل البَصرة يقول: إنما يعني بقوله: ( من ورائه ) ، أي من أمامه ، لأنه وراءَ ما هو فيه ، كما يقول لك: " وكلّ هذا من ورائك ": أي سيأتي عليك ، وهو من وراء ما أنت فيه ، لأن ما أنت فيه قد كان قبل ذلك وهو من ورائه. وقال: وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا [سورة الكهف : 79 ] ، من هذا المعنى ، أي كان وراء ما هم فيه أمامهم.
* * *
وكان بعض نحويي أهل الكوفة يقول: أكثر ما يجوزُ هذا في الأوقات ، لأن الوقت يمرُّ عليك ، فيصير خلفك إذا جزته ، وكذلك ( كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ ) ، لأنهم يجوزونه فيصير وراءهم.
* * *
وكان بعضهم يقول: هو من حروف الأضداد ، يعني وراء يكون قُدَّامًا وخلفًا.
* * *
وقوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، يقول: ويسقى من ماءٍ ، ثم بيَّن ذلك الماء جل ثناؤه وما هو ، فقال: هو " صديد " ، ولذلك رد " الصَّديد " في إعرابه على " الماء " ، لأنه بيَانٌ عنه . (35)
* * *
و " الصديد " ، هو القَيْحُ والدم.
* * *
وكذلك تأوَّله أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20626 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن ، قال: حدثنا ورقاء ح وحدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله: (مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، قال قيحٌ ودم.
20627 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله.
20628 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، و " الصديد " ، ما يسيل من لحمه وجلدِه. (36)
20629 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، قال: ما يسيل من بين لحمه وجلده.
20630 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا هشام ، عمن ذكره ، عن الضحاك: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، قال: يعني بالصديد: ما يخرج من جوف الكافر ، قد خالط القَيْح والدم.
--------------------------
الهوامش :
(33) هو جرير.
(34) البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف : 399 ، تعليق : 3 ، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 337 .
(35) " البيان " ، هو " عطف البيان " ، ويسميه الكوفيون " الترجمة " كما سلف ، انظر فهارس المصطلحات .
(36) الأثر : 20628 - في المطبوعة : " من دمه ولحمه وجلده " ، بزيادة ، وأثبت ما في المخطوطة موافقًا لما في الدر المنثور 4 : 74 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ابراهيم: 16 | ﴿ مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ﴾ |
---|
الجاثية: 10 | ﴿ مِّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ يَتَجَرَّعُهُ} من العطش الشديد{ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} فإنه إذا قرب إلى وجهه شواه وإذا وصل إلى بطنه قطع ما أتى عليه من الأمعاء،{ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} أي:يأتيه العذاب الشديد من كل نوع من أنواع العذاب، وكل نوع منه من شدته يبلغ إلى الموت ولكن الله قضى أن لا يموتوا كما قال تعالى:{ لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها}
{ وَمِنْ وَرَائِهِ} أي:الجبار العنيد{ عَذَابٌ غَلِيظٌ} أي:قوي شديد لا يعلم وصفه وشدته إلا الله تعالى.
وقوله يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ ... بيان لحالة هذا الجبار العنيد عند تعاطيه الصديد.
والتجرع: تكلف الجرع وهو بلع الماء، وفعله- كسمع ومنع-.
ويسيغه: من السوغ وهو انحدار الشراب في الحلق بسهولة وقبول. يقال: ساغ الشراب سوغا وسواغا، إذا كان سهل المدخل.
أى: يتكلف بلع هذا الصديد مرة بعد أخرى لمرارته وقبحه، ولا يقارب أن يسيغه فضلا عن الإساغة. بل يغص به فيشربه بعد عناء ومشقة جرعة عقب جرعة» .
وقوله وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ معطوف على قوله يَتَجَرَّعُهُ لبيان حالة أخرى من أحوال شقائه وعذابه.
أى: وتأتيه الأسباب المؤدية للموت والهلاك من كل جهة من الجهات، ومن كل موضع من مواضع بدنه، وما هو بميت فيستريح من هذا الشقاء والعذاب، ومن وراء كل ذلك عذاب غليظ أى: شاق شديد لا يقل في ألمه عما هو فيه من نكال.
وشبيه بهذه الجملة قوله- تعالى- وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها، كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ .
وقوله- تعالى- وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى .
وبذلك نرى الآيات الكريمة قد صورت لنا سوء عاقبة المكذبين للحق تصويرا مؤثرا، تهتز له النفس، وتوجل منه القلوب.
ثم ضرب- سبحانه- مثلا لأعمال الكافرين في حبوطها وذهابها يوم القيامة، وساق الأدلة الدالة على قدرته القاهرة، وصور أحوال الكافرين يوم يقوم الناس لرب العالمين، وحكى ما يقوله الضعفاء للمستكبرين وما يقوله الشيطان لأتباعه في هذا اليوم العصيب، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين في هذا اليوم فقال- تعالى-:
وقوله : ( يتجرعه ) أي : يتغصصه ويتكرهه ، أي : يشربه قهرا وقسرا ، لا يضعه في فيه حتى يضربه الملك بمطراق من حديد ، كما قال تعالى : ( ولهم مقامع من حديد ) [ الحج : 21 ] .
( ولا يكاد يسيغه ) أي : يزدرده لسوء لونه وطعمه وريحه ، وحرارته أو برده الذي لا يستطاع .
( ويأتيه الموت من كل مكان ) أي : يألم له جميع بدنه وجوارحه وأعضائه .
قال ميمون بن مهران : من كل عظم ، وعرق ، وعصب .
وقال عكرمة : حتى من أطراف شعره .
وقال إبراهيم التيمي : من موضع كل شعرة ، أي : من جسده ، حتى من أطراف شعره .
وقال ابن جرير : ( ويأتيه الموت من كل مكان ) أي : من أمامه وورائه ، وعن يمينه وشماله ، ومن فوقه ومن تحت أرجله ومن سائر أعضاء جسده .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( ويأتيه الموت من كل مكان ) قال : أنواع العذاب الذي يعذبه الله بها يوم القيامة في نار جهنم ، وليس منها نوع إلا الموت يأتيه منه لو كان يموت ، ولكن لا يموت; لأن الله تعالى قال : ( لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ) [ كذلك نجزي كل كفور ] ) [ فاطر : 36 ] .
ومعنى كلام ابن عباس ، رضي الله عنه : أنه ما من نوع من هذه الأنواع من [ هذا ] العذاب إلا إذا ورد عليه اقتضى أن يموت منه لو كان يموت ، ولكنه لا يموت ليخلد في دوام العذاب والنكال; ولهذا قال : ( ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت )
وقوله : ( ومن ورائه عذاب غليظ ) أي : وله من بعد هذا الحال عذاب آخر غليظ ، أي : مؤلم صعب شديد أغلظ من الذي قبله وأدهى وأمر . وهذا كما قال تعالى عن شجرة الزقوم : ( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) [ الصافات : 64 - 68 ] فأخبر أنهم تارة يكونون في أكل زقوم ، وتارة في شرب حميم ، وتارة يردون إلى الجحيم عياذا بالله من ذلك ، وهكذا قال تعالى : ( هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن ) [ الرحمن : 43 ، 44 ] ، وقال تعالى : ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم به تمترون ) [ الدخان : 43 - 50 ] ، وقال : ( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) [ الواقعة : 41 - 44 ] ، وقال تعالى : ( هذا وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج ) [ ص : 55 - 58 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تنوع العذاب عليهم ، وتكراره وأنواعه وأشكاله ، مما لا يحصيه إلا الله ، عز وجل ، جزاء وفاقا ، ( وما ربك بظلام للعبيد ) [ فصلت : 46 ] .
وقوله: ( يتجرَّعه ) ، يتحسَّاه ( ولا يكاد يسيغه ) ، يقول: ولا يكاد يزدرده من شدة كراهته ، وهو مُسيغه من شدّة العطش.
* * *
والعرب تجعل " لا يكاد " فيما قد فُعِل ، وفيما لم يُفْعَل. فأما ما قد فعل ، فمنه هذا ، لأن الله جل ثناؤه جعل لهم ذلك شرابًا . وأمَّا ما لم يفعل وقد دخلت فيه " كاد " فقوله: حتى إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا [سورة النور : 40 ] ، فهو لا يراها. (37)
* * *
وبنحو ما قلنا من أن معنى قوله: ( ولا يكاد يسيغه ) ، وهو يُسيغه ، جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
*
ذكر الرواية بذلك:
20631 - حدثني محمد بن المثنى قال ، حدثنا إبراهيم أبو إسحاق الطَّالقَاني قال ، حدثنا ابن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بسر ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( ويُسقى من ماء صديد يتجرّعه ) ، " فإذا شَربه قَطَّع أمعاءَه حتى يخرج من دُبُره " ، يقول الله عز وجل: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [سورة محمد : 15 ] ، ويقول: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ [سورة الكهف : 29 ] . (38)
20632 - حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا معمر ، عن ابن المبارك قال ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بسر ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( ويسقى من ماءٍ صديد ) ، فذكر مثله ، إلا أنه قال: ( سُقُوا مَاءً حَمِيمًا ) . (39)
20633 - حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال ، حدثنا حيوة بن شريح الحمصيّ قال ، حدثنا بقية ، عن صفوان بن عمرو قال ، حدثني عبيد الله بن بسر ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله سواءً. (40)
* * *
وقوله: ( ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ) ، فإنه يقول: ويأتيه الموت من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وشماله ، ومن كل موضع من أعضاء جسده ( وما هو بميت ) ، لأنه لا تخرج نفسه فيموت فيستريح ، ولا يحيا لتعلُّق نفسه بالحناجر ، فلا ترجع إلى مكانها، كما : -
20634 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله: ( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ) ، قال: تعلق نفسه عند حنجرته ، فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه ، فيجد لذلك راحة ، فتنفعه الحياة.
20635 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا يزيد بن هارون قال ، حدثنا العوّام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي قوله: ( ويأتيه الموت من كل مكان ) ، قال: من تحت كل شَعَرة في جسده.
* * *
وقوله: ( ومن وَرائه عَذَابٌ غليظ ) ، يقول: ومن وراء ما هو فيه من العذاب يعني أمامه وقدامه (41) (عذاب غليظ) . (42)
---------------------------
الهوامش :
(37) انظر تفسير " كاد " فيما سلف 2 : 218 ، 219 / 13 : 131 .
(38) الأثران : 20631 ، 20632 - " إبراهيم ، أبو إسحق الطالقاني " ، هو " إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني " ، وربما قيل : " إبراهيم بن عيسى " ، منسوبًا إلى جده ، وهو مولى " بنانة " ، ثقة ، من شيوخ أحمد ، سمع ابن المبارك ، وبقية . و " الطالقان " ، بسكون اللام ، ويقال بفتحها ، بلدة بخراسان . وهو مترجم في التهذيب ، والكبير 1/1/273 ، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86 ، 119 ، وتاريخ بغداد 6 : 24 .
و " عبد الله بن المبارك " ، أحد الأئمة الكبار ، مضى مرارًا كثيرة .
و " صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي " ، ثقة ثبت مأمون ، مضى مرارًا منها : 7009 ، 12194 ، 12807 ، 13108 .
و " عبيد الله بن بسر " ، مصغرًا هكذا هو هنا ، وفي رواية أحمد في مسنده ، وفي سنن الترمذي . و " عبد الله بن بسر " في المستدرك للحاكم ، وحلية الأولياء لأبي نعيم . وفي ابن كثير نقلا عن المسند " عبيد الله بن بشر " ، وهو تصحيف .
وهذا الخبر من طريق ابن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق ، عن عبد الله بن المبارك ( المسند 5 : 265 ) .
ورواه الترمذي عن سويد بن نصر ، عن عبد الله بن المبارك ( في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار )
ورواه أبو نعيم في الحلية 8 : 182 من طرق : نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، ومعاذ بن أسد ، عن ابن المبارك ، ويحيي الحماني عنه ، ومحمد بن مقاتل عنه ، أربع طرق .
ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 31 من طريق عبدان ، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة ، عن ابن المبارك ، وقال : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه " ، ووافقه الذهبي .
وفي " عبيد الله بن بسر " مقال . قال الترمذي ، وساق الخبر : " هذا حديث غريب ، هكذا قال محمد بن إسماعيل : " عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف " عبيد الله بن بسر " إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن " عبد الله بن بسر " صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث ، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة ، أخو عبد الله بن بسر"
قلت : لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير .
وأما أبو نعيم في الحلية فقال : " تفرد به صفوان ، عن عبد الله بن بسر ، وقيل : عبد الله بن بشر ، وهو اليحصبي الحمصي ، يكنى أبا سعيد ، ورواه بقية بن الوليد ، عن صفوان مثله . روى صفوان ، عن عبد الله بن بسر المازني ، وله صحبة ، وعن عبد الله بن بشر ، ولذلك اشتبه على بعض الناس ، وهذا هو : عبد الله بن بسر " .
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب ، وساق ما قاله الترمذي : " وقال ابن أبي حاتم : عبيد الله بن بسر ، ويقال : عبد الله ، روى عن أبي أمامة ، وعنه صفوان بن عمرو . وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي ، عن أبي أمامة ، وروى له هذا الحديث ، وحديثًا آخر من رواية بقية ، عن صفوان ، والله أعلم . وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة : عبيد الله بن بسر ، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني " . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308 .
ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري ، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير ، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما . وإنما الذي فيه : " عبد الله بن بسر السلمي ، ثم المازني ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الكبير 3/1/14 ) ثم ذكر " عبد الله بن بسر " وليس المازني ، الجبراني " ، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني ، الصحابي ، وعن أبي أمامة الباهلي . ( مترجم في التهذيب أيضًا ) .
ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري ، فهي في ترجمة " عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي " قال : " عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، الشامي " ، ولا أدري كيف هذا ، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 " عبيد الله بن بسر " رقم : 1467 ، ثم يليه رقم : 1468 فقال : " عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي ( روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق ، سمعت أبي يقول ذلك ويقول : هو مجهول " .
وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 164 ، وقال : " عبيد الله بن بسر . حمصي ، عن أبي أمامة ، وعنه صفوان بن عمرو وحده ، لا يعرف " ، فيقال هو " عبد الله الصحابي ، ويقال هو : " عبيد الله بن بسر الحبراني التابع ، وهو أظهر " ، ثم ذكر بعد " عبيد الله بن بشير البجلي " ، وقال : " فيه جهالة ، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا " .
فيكاد يكون واضحًا ، أن الذي وقع في التاريخ الكبير ( 3 / 1 / 374 ، 375 ) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين ، وأن ترجمة " عبيد الله بن بسر " قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير ، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى ، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم ، الذي ذكر الترجمتين جميعًا ، لم يتعرض لهذا في كتابه : " بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه " ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا ، لما فات ابن أبي حاتم ، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير ، وسقط من المطبوع.
(39) الأثران : 20631 ، 20632 - " إبراهيم ، أبو إسحق الطالقاني " ، هو " إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني " ، وربما قيل : " إبراهيم بن عيسى " ، منسوبًا إلى جده ، وهو مولى " بنانة " ، ثقة ، من شيوخ أحمد ، سمع ابن المبارك ، وبقية . و " الطالقان " ، بسكون اللام ، ويقال بفتحها ، بلدة بخراسان . وهو مترجم في التهذيب ، والكبير 1/1/273 ، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86 ، 119 ، وتاريخ بغداد 6 : 24 .
و " عبدالله بن المبارك " ، أحد الأئمة الكبار ، مضى مرارًا كثيرة .
و " صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي " ، ثقة ثبت مأمون ، مضى مرارًا منها : 7009 ، 12194 ، 12807 ، 13108 .
و " عبيد الله بن بسر " ، مصغرًا هكذا هو هنا ، وفي رواية أحمد في مسنده ، وفي سنن الترمذي . و " عبد الله بن بسر " في المستدرك للحاكم ، وحلية الأولياء لأبي نعيم . وفي ابن كثير نقلا عن المسند " عبيد الله بن بشر " ، وهو تصحيف .
وهذا الخبر من طريق ابن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق ، عن عبد الله بن المبارك ( المسند 5 : 265 ) .
ورواه الترمذي عن سويد بن نصر ، عن عبد الله بن المبارك ( في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار )
ورواه أبو نعيم في الحلية 8 : 182 من طرق : نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، ومعاذ بن أسد ، عن ابن المبارك ، ويحيي الحماني عنه ، ومحمد بن مقاتل عنه ، أربع طرق .
ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 31 من طريق عبدان ، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة ، عن ابن المبارك ، وقال : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه " ، ووافقه الذهبي .
وفي " عبيد الله بن بسر " مقال . قال الترمذي ، وساق الخبر : " هذا حديث غريب ، هكذا قال محمد بن إسماعيل : " عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف " عبيد الله بن بسر " إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن " عبد الله بن بسر " صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث ، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة ، أخو عبد الله بن بسر"
قلت : لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير .
وأما أبو نعيم في الحلية فقال : " تفرد به صفوان ، عن عبد الله بن بسر ، وقيل : عبد الله بن بشر ، وهو اليحصبي الحمصي ، يكنى أبا سعيد ، ورواه بقية بن الوليد ، عن صفوان مثله . روى صفوان ، عن عبد الله بن بسر المازني ، وله صحبة ، وعن عبد الله بن بشر ، ولذلك اشتبه على بعض الناس ، وهذا هو : عبد الله بن بسر " .
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب ، وساق ما قاله الترمذي : " وقال ابن أبي حاتم : عبيد الله بن بسر ، ويقال : عبد الله ، روى عن أبي أمامة ، وعنه صفوان بن عمرو . وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي ، عن أبي أمامة ، وروى له هذا الحديث ، وحديثًا آخر من رواية بقية ، عن صفوان ، والله أعلم . وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة : عبيد الله بن بسر ، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني " . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308 .
ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري ، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير ، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما . وإنما الذي فيه : " عبد الله بن بسر السلمي ، ثم المازني ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الكبير 3/1/14 ) ثم ذكر " عبد الله بن بسر " وليس المازني ، الجبراني " ، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني ، الصحابي ، وعن أبي أمامة الباهلي . ( مترجم في التهذيب أيضًا ) .
ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري ، فهي في ترجمة " عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي " قال : " عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، الشامي " ، ولا أدري كيف هذا ، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 " عبيد الله بن بسر " رقم : 1467 ، ثم يليه رقم : 1468 فقال : " عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي ( روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق ، سمعت أبي يقول ذلك ويقول : هو مجهول " .
وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2 : 164 ، وقال : " عبيد الله بن بسر . حمصي ، عن أبي أمامة ، وعنه صفوان بن عمرو وحده ، لا يعرف " ، فيقال هو " عبد الله الصحابي ، ويقال هو : " عبيد الله بن بسر الحبراني التابع ، وهو أظهر " ، ثم ذكر بعد " عبيد الله بن بشير البجلي " ، وقال : " فيه جهالة ، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا " .
فيكاد يكون واضحًا ، أن الذي وقع في التاريخ الكبير ( 3 / 1 / 374 ، 375 ) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين ، وأن ترجمة " عبيد الله بن بسر " قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير ، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى ، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم ، الذي ذكر الترجمتين جميعًا ، لم يتعرض لهذا في كتابه : " بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه " ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا ، لما فات ابن أبي حاتم ، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير ، وسقط من المطبوع.
(40) الأثر : 20633 - " محمد بن خلف بن عمار العسقلاني " ، شيخ الطبري ، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم : 12523 .
و " حيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي " ثقة ، مضى مرارًا آخرها رقم : 15378 .
وهذا الخبر قد مرت الإشارة إليه في التعليق السالف ، من طريق بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو .
(41) انظر تفسير " وراء " فيما سلف : 546 ، 475 ، تعليق : 1 .
(42) انظر تفسير " الغليظ " فيما سلف 7 : 341 / 14 : 360 ، 576 / 15 : 366 .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
يونس: 22 | ﴿وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ﴾ |
---|
ابراهيم: 17 | ﴿يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ |
---|
النحل: 112 | ﴿وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها:إما أن المراد بها الأعمال التي عملوها لله، بأنها في ذهابها وبطلانها واضمحلالها كاضمحلال الرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل، فكذلك أعمال الكفار{ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ} ولا على مثقال ذرة منه لأنه مبني على الكفر والتكذيب.
{ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} حيث بطل سعيهم واضمحل عملهم، وإما أن المراد بذلك أعمال الكفار التي عملوها ليكيدوا بها الحق، فإنهم يسعون ويكدحون في ذلك ومكرهم عائد عليهم ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم من الحق شيئا.
قال الإمام الرازي: «اعلم أنه- تعالى- لما ذكر أنواع عذابهم في الآية المتقدمة، بين في هذه الآية وهي قوله- تعالى- مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ.... أن أعمالهم بأسرها ضائعة باطلة، لا ينتفعون بشيء منها. وعند هذا يظهر كمال خسرانهم، لأنهم لا يجدون في القيامة إلا العقاب الشديد وكل ما عملوه في الدنيا وجدوه ضائعا باطلا» .
والمثل: النظير والشبيه. ثم أطلق على القول السائر المعروف، لمماثلة مضربه بمورده، ولا يكون إلا فيما فيه غرابة، ثم استعير للصفة، أو الحال، أو القصة إذا كان لها شأن عجيب، وفيها غرابة.
والمراد بأعمال الذين كفروا في الآية الكريمة: ما كانوا يقومون به في الدنيا من أعمال حسنة كإطعام الطعام، ومساعدة المحتاجين، وإكرام الضيف، إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة.
والرماد: ما يتبقى من الشيء بعد احتراق أصله، كالمتبقى من الخشب أو الحطب بعد احتراقهما.
والعاصف: من العصف وهو اشتداد الريح، وقوة هبوبها.
قال الجمل: وقوله: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ... فيه أوجه للإعراب: أحدها وهو مذهب سيبويه: أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره: فيما يتلى عليكم مثل الذين كفروا، وتكون الجملة من قوله أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ ... مستأنفة جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: كيف مثلهم..؟ فقيل: كيت وكيت.
والثاني: أن يكون «مثل» مبتدأ و «أعمالهم» مبتدأ ثان، و «كرماد» خبر المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول ... » .
والمعنى: حال أعمال الذين كفروا في حبوطها وذهابها وعدم انتفاعهم بشيء منها في الآخرة، كحال الرماد المكدس الذي أتت عليه الرياح العاصفة، فمحقته وبددته، ومزقته تمزيقا لا يرجى معه اجتماع.
فالآية الكريمة تشبيه بليغ لما يعمله الكافرون في الدنيا من أعمال البر والخير.
ووجه الشبه: الضياع والتفرق وعدم الانتفاع في كل، فكما أن الريح العاصف تجعل الرماد هباء منثورا، فكذلك أعمال الكافرين في الآخرة تصير هباء منثورا، لأنها أعمال بنيت على غير أساس من الإيمان وإخلاص العبادة لله- تعالى-.
ووصف- سبحانه- اليوم بأنه عاصف- مع أن العصف شدة الريح- للمبالغة في وصف زمانها- وهو اليوم- بذلك، كما يقال: يوم حار ويوم بارد، مع أن الحر والبرد فيهما وليس منهما.
وقوله- سبحانه- لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ بيان للمقصود من التشبيه، وهو أن هؤلاء الكافرين، لا يقدرون يوم القيامة، على الانتفاع بشيء مما فعلوه في الدنيا من أفعال البر والخير، لأن كفرهم أحبطها فذهب سدى دون أن يستفيدوا منها ثوابا، أو تخفف عنهم عذابا.
قال الآلوسى: «وفي الصحيح عن عائشة- رضى الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله. إن ابن جدعان في الجاهلية كان يصل الرحم، ويطعم المسكين، هل ذلك نافعه؟ قال:
«لا ينفعه لأنه لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» .
وقال الإمام ابن كثير ما ملخصه: «هذا مثل ضربه الله- تعالى- لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره، وكذبوا رسله، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح، فانهارت وعدموها وهم أحوج ما كانوا إليها ...
كما قال- تعالى- وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً .
وكما قال- تعالى-مثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا، كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ
.
واسم الإشارة في قوله ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ يعود إلى ما دل عليه التمثيل من بطلان أعمالهم، وذهاب أثرها.
أى: ذلك الحبوط لأعمالهم، وعدم انتفاعهم بشيء منها، هو الضلال البعيد.
أى: البالغ أقصى نهايته، والذي ينتهى بصاحبه إلى الهلاك والعذاب المهين.
ووصف- سبحانه- الضلال بالبعد، لأنه يؤدى إلى خسران لا يمكن تداركه، ولا يرجى الخلاص منه.
هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره ، وكذبوا رسله ، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح; فانهارت وعدموها أحوج ما كانوا إليها ، فقال تعالى : ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم ) أي : مثل أعمال الذين كفروا يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى; لأنهم كانوا يحسبون أنهم على شيء ، فلم يجدوا شيئا ، ولا ألفوا حاصلا إلا كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة ( في يوم عاصف ) أي : ذي ريح عاصفة قوية ، فلا [ يقدرون على شيء من أعمالهم التي كسبوها في الدنيا إلا كما ] يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم ، كما قال تعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) [ الفرقان : 23 ] وقال تعالى : ( مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته ) [ آل عمران : 117 ] ، وقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين ) [ البقرة : 264 ] .
وقال في هذه الآية : ( ذلك هو الضلال البعيد ) أي : سعيهم وعملهم على غير أساس ولا استقامة حتى فقدوا ثوابهم أحوج ما هم إليه ، ( ذلك هو الضلال البعيد ) .
قال أبو جعفر : اختلف أهلُ العربية في رافعِ " مَثَلُ" .
فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال: ومما نقصّ عليكم مَثَلُ الذين كفروا ، ثم أقبل يفسّر ، كما قال: مَثَلُ الْجَنَّةِ [سورة الرعد : 35 ] ، وهذا كثير. (43)
* * *
وقال بعض نحويي الكوفيين : إنما المثل للأعمال ، ولكن العرب تقدّم الأسماء ، لأنها أعرفُ ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه. ومعنى الكلام: مَثَلُ أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ، كما قيل: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ [سورة الزمر : 60 ] ، ومعنى الكلام: (44) ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة. قال: ولو خفض " الأعمال " جاز ، كما قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ الآية [سورة البقرة : 217 ] ، . وقوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [سورة الرعد : 35 ] . قال: فـ" تجري" ، هو في موضع الخبر ، كأنه قال: أن تجري ، وأن يكون كذا وكذا ، فلو أدخل " أن " جاز. قال : ومنه قول الشاعر: (45)
ذَرِينِــي إِنَّ أَمْــرَكِ لَــنْ يُطَاعَـا
وَمَــا أَلْفَيْتِنِــي حِــلْمِي مُضَاعَـا
(46)
قال: فالحلمُ منصوبٌ ب " ألفيتُ" على التكرير ، (47) قال : ولو رفعه كان صوابًا. قال: وهذا مثلٌ ضربه الله لأعمال الكفّار فقال: مَثَلُ أعمال الذين كفروا يوم القيامة ، التي كانوا يعملونها في الدنيا يزعمُون أنهم يريدون الله بها ، مَثَلُ رمادٍ عصفت الريح عليه في يومِ ريح عاصفٍ ، فنسفته وذهبت به ، فكذلك أعمال أهل الكفر به يوم القيامة ، لا يجدون منها شيئًا ينفعهم عند الله فينجيهم من عذابه ، لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا ، بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنام .
يقول الله عز وجل: ( ذلك هو الضلال البعيد ) ، يعني أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا ، التي يشركون فيها مع الله شركاء ، هي أعمالٌ عُملت على غير هُدًى واستقامة ، بل على جَوْر عن الهُدَى بعيد ، وأخذٍ على غير استقامة شديد.
* * *
وقيل: ( في يوم عاصف ) ، فوصف بالعُصوف اليومَ ، (48) وهو من صفة الريح ، لأن الريح تكون فيه ، كما يقال: " يوم بارد ، ويوم حارّ" ، لأن البردَ والحرارة يكونان فيه ، (49) وكما قال الشاعر: (50)
* يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا * (51)
فوصف اليومين بالغيمين ، وإنما يكون الغيم فيهما. وقد يجوز أن يكون أريد به: في يوم عاصف الريح ، فحذفت " الريح " ، لأنها قد ذكرت قبل ذلك ، فيكون ذلك نظير قول الشاعر: (52)
* إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ * (53)
يريد: كاسفُ الشمس. وقيل: هو من نعت " الريح " خاصة ، غير أنه لما جاء بعد " اليوم " أُتبع إعرابَهُ ، وذلك أن العرب تتبع الخفضَ الخفضَ في النعوت ، كما قال الشاعر: (54)
تُــرِيكَ سُـنَّةَ وَجْـهٍ غَـيْرِ مُقْرِفَـةٍ
مَلْسَــاءَ لَيْسَ بِهَـا خَـالٌ وَلا نَـدَبُ (55)
فخفض " غير " إتباعًا لإعراب " الوجه " ، وإنما هي من نعت " السنَّة " ، والمعنى: سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرفة ، وكما قالوا: " هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ".
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20636 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله: ( كرماد اشتدت به الريح ) ، قال: حملته الريح في يوم عاصف .
20637 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ) ، يقول: الذين كفروا بربهم وعبدوا غيرَه ، فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم ، كما لا يُقْدَر على الرماد إذا أُرْسِل في يوم عاصف. (56)
* * *
وقوله: ( ذلك هو الضَّلال البعيد ) ، أي الخطأ البينُ ، البعيدُ عن طريق الحق. (57)
-----------------------------
الهوامش :
(43) انظر ما سلف قريبًا : 469 - 472
(44) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 338 ، وسيبويه 1 : 77 .
(45) هو عدي بن زيد بن العبادي ، ونسبه سيبويه لرجل من بجيله أو خثعم .
(46) سيبويه 1 : 77 ، 78 / والخزانة 2 : 368 ، 369 / والعيني بهامش الخزانة 4 : 192 / وسيأتي في التفسير 24 : 15 ( بولاق ) ، من أبيات عزيزة هذا أولها ، يقول بعده :
ألاَ تِلْــكَ الثَّعَــالِبُ قَــدْ تَعَــاوَتْ
عَــلَيَّ وَحَــالَفَتْ عُرْجًـا ضِبَاعَـا
لِتَــاكُلَنِي , فَمَــرَّ لَهُــنَّ لَحْــمِي
وأَذْرَقَ مِــنْ حِــذَارِي أَوْ أَتَاعَــا
فَــإِنْ لَــمْ تَنْدَمُـوا فَثَكِـلْتُ عَمْـرًا
وَهَــاجَرْتُ المُــرَوَّقَ والسَّــماعَا
وَلاَ وَضَعَــتْ إِلَــيَّ عَـلَى فِـرَاشٍ
حَصَــانٌ يَـــوْمَ خَلْوَتِهَــا قِنَاعَـا
وَلاَ مَلَكَــتْ يَــدَايَ عِنَـانَ طِـرْفٍ
ولا أَبْصَــرْتُ مـن شَـمْسٍ شُـعَاعَا
وخُطَّــةِ مَــاجِدٍ كَــلَّفْتُ نَفْسِــي
إِذَا ضَــاقُوا رَحُــبْتُ بِهَـا ذِرَاعَـا
والبيتان الأول والثاني من هذه الأبيات ، في المعاني الكبير 867 ، واللسان ( مرد ) ( ذرق ) ( فرق ) . ولم أجد لهذه الأبيات خبرًا بعد ، وأتوهمها في أقوام تحالفوا على أذاه ، جعل بعضهم ثعالب لمكرها وخداعها ، وبعضها ضباعًا ، لدناءتها وموقها ، والضباع موصوفة بالحمق ( الحيوان 7 : 38 ) وقول صاحب الخزانة : " أراد بالثعالب ، الذين لاموه على جوده حسدًا ولؤمًا " قول مرغوب عنه . و " الضباع " عرج ، فيها خمع . و " تعاوت " تجمعت ، كما تتعاوى الذئاب فتجتمع . " ومر اللحم " ، و " أمر ، كان مرًا لا يستساغ . و " أذرق ، أي جعلها تذرق ، يقال : " ذرق الطائر ، إذا خذق بسلحه ، أي قذف ، وهو هنا مستعار . إشارة إلى أن ذا بطونهم قد أساله الخوف حتى صار كسلح الطير مائعًا . و " أتاع " حملهم على القيء يعني من الخوف أيضًا " تاع القيء يتيع " خرج . ويرى " فأفرق " وهو مثل " أذرق " في المعنى هنا . و " عمرو " المذكور في شعر عدي ، لا أكاد أشك أنه أخوه " عمرو بن زيد " ، ( الأغاني 2 : 105 ) قال : " كان لعدَي بن زيد أخوان ، أحدهما اسمه عمار ، ولقبه أبي ، والآخر اسمه عمرو ، ولقبه سمي " . و " المروق " ، الخمر ، لأنها تصفى بالراووق . و " السماع " ، الغناء ، يدعو على نفسه أن ينخلع من لذات الدنيا إذا لم يندموا على مغبة كيدهم له .
(47) " التكرير " ، هو البدل عند البصريين ، ويسميه الكوفيون أيضًا " التبيين " ، انظر ما سلف 529 تعليق : 2 .
(48) في المطبوعة حذف " اليوم " ، اجتراء وتحكمًا .
(49) انظر تفسير " عاصف " فيما سلف 15 : 51 .
(50) لم أعرف قائله .
(51) سيأتي في التفسير 24 : 67 ( بولاق ) ، وبعده هناك :
* نَجْـمَيْنِ بِالسَّـعْدِ ونَجْمًـا نَحْسَـا *
(52) هو مسكين الدارمي .
(53) من أبيات خرجتها فيما سلف 7 : 520 ، تعليق : 3 . وانظر الخزانة 2 : 323 وصدر البيت :
* وتَضْحَـكُ عِرْفَانَ الدُّرُوعِ جُلُودُنَا *
(54) هو ذو الرمة .
(55) ديوانه : 4 ، من عقيلته المحجبة بالحسن . وهذا البيت من أبيات في صفة صاحبته مي .
و " السنة " ، ما أقبل عليك من الوجه وصفحة الحد مصقولا يلوح . و " غير مقرنة " ، لا يشوب معارفها ولا لونها شيء يهجنها ، وذلك من عتقها . و " الندب " ، أثر الجرح إذا لم يرتفع .
(56) في المطبوعة : " إذا أرسل عليه الريح في يوم عاصف " ، زاد ما لا معنى له .
(57) من أول : " وقوله : ذلك هو ... " ، ليس في المخطوطة ، ولست أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة ، فتركته على حالة ، حتى أقطع بأنه ليس من كلام أبي جعفر .
وانظر تفسير " الضلال " ، و " البعيد " ، فيما سلف من فهارس اللغة .
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
ابراهيم: 18 | ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ |
---|
النور: 39 | ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
الربح:
1- بالإفراد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- الرياح، بالجمع، وهى قراءة نافع، وأبى جعفر.
فى يوم عاصف:
وقرئ:
فى يوم عاصف، على الإضافة، وهى قراءة ابن أبى إسحاق، وإبراهيم بن أبى بكر عن الحسن.