557101112131415161718

الإحصائيات

سورة التغابن
ترتيب المصحف64ترتيب النزول108
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات2.00
عدد الآيات18عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.60
ترتيب الطول67تبدأ في الجزء28
تنتهي في الجزء28عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 12/14_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (10) الى الآية رقم (13) عدد الآيات (4)

بعدَ ذِكْرِ جَزاءِ المؤمنينَ ذَكَرَ هنا جزاءَ الكافرينَ، ثُمَّ بيانُ أن كلَّ شيءٍ بقَضاءٍ وقَدرٍ، والأمرُ بطاعةِ اللهِ وطاعةِ رسُولِه ﷺ والتَّوكلِ عليهِ وحدَهُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (14) الى الآية رقم (18) عدد الآيات (5)

بعدَ الأمرِ بطاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه ﷺ، حذَّرَ اللهُ مِن فتنةِ الأزواجِ والأولادِ والأموالِ وكلِّ ما يثبِّطُ عن الطَّاعةِ، ثُمَّ أمرَ بالتَّقوى والإِنفاقِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة التغابن

التحذير من الوقوع في الغَبْن يوم القيامة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الدعوة للإيمان قبل يوم التغابن::   ما معنى التغابن أو الغبن؟ الجواب: تَغَابَنَ التجار أن يبيع البائع بأقل من القيمة، أو يشتري المشتري بأكثر من الثمن، كمن يبيع ما يساوي عشرة بستة، أو يشتري ما يساوي ستة بعشرة. ويوم التَّغَابُنِ: هو يوم القيامة، حيث يظهر فيه غبن الكافر وخسارته بتركه الإيمان. المؤمنون غَبَنوا الكافرين بأخذ أماكنهم في الجنة، وإعطائهم أماكنهم من النار. الغَبْن أيضًا يوم القيامة يلحق بمن قَصَّر في الإحسان من المؤمنين، فيتمنى أن لو زاد في الإحسان فتعلو مرتبته في الجنة. ويمكن تلخص السورة في: التحذير مما أوقع الكافرين في الغَبْن الأكبر يوم القيامة، والتحذير من التقصير لئلا يقع المؤمن في الغبن في ذلك اليوم. سورة التغابن تتحدث عن: التغابن والمغبونين، وأسباب التغابن وسبل الوقاية منه.
  • • بيان ثواب المؤمنين ثم جزاء الكافرين::   الكافر مغبون (أي مخدوع)، وسوف يكتشف هذه الحقيقة يوم التغابن: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ﴾ (9). السورة نادي هنا: لا تنشغلوا بالدنيا عن الهدف الذي خلقتم من أجله؛ فتقعوا في الغبن في سوق الحياة.هذا هو أعظم غبن يلحق بالإنسان، عندما يؤثر الدنيا الفانية ويضيع الآخرة الباقية.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «التَّغَابُنِ».
  • • معنى الاسم ::   سبق منذ قليل.
  • • سبب التسمية ::   لوقوع لفظ التغابن في الآية (9)، ولم يقع هذا اللفظ في غيرها من سور القرآن.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الإيمان بالله وعمل الصالحات يقي من يوم التغابن: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ... ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الإيمان بالقدر سبب للطمأنينة والهداية: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن التكليف في حدود المقدور: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله أمرنا بـ: تقوى الله، والسمع والطاعة لله ولرسوله، والإنفاق في سبيل الله، والبعد عن البخل: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة التَّغَابُنِ من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة التَّغَابُنِ من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة التغابن تعتبر السورة السادسة -بحسب ترتيب المصحف- من سور المُسَبِّحات، وهي سبع سور افتتحت بالتسبيح، وهي: الإسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى.
    • يوجد في القرآن الكريم 12 سورة سميت بأسماء يوم القيامة وأهوالها، هي: الدخان، الواقعة، التغابن، الحاقة، القيامة، النبأ، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الغاشية، الزلزلة، القارعة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر مما أوقع الكافرين في الغَبْن الأكبر يوم القيامة.
    • ألا نكن من الغافلين؛ فكل ما في السموات والأرض يسبح لله: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (1).
    • أن نحسن العمل، ونجعله خالصًا لله، فالله يعلم سرنا وجهرنا: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (2).
    • أن نجتهد في طاعة الله حتى لا نندم في الآخرة: ﴿ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ (9).
    • أن نصبر على ما أصابنا، ونعلم أنه بقضاء الله وقدره: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ (11).
    • أن نحسن الظن بالله، ونتوكل عليه في كل أمر: ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (13).
    • أن نجمع أولادنا ونتدارس معهم كل يوم آية من كتاب الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ (14).
    • أن نعفو عن مسلمٍ أخطَأ في حقِّنا لعل الله أن يعفو عنا: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (14).
    • أن نحذر أن يفتنا المال أو الولد عن طاعة الله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ (15).

تمرين حفظ الصفحة : 557

557

مدارسة الآية : [10] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ ..

التفسير :

[10] والذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وكذَّبوا بدلائل ربوبيته وبراهين ألوهيته التي أرسل بها رسله، أولئك أهل النار ماكثين فيها أبداً، وساء المرجع الذي صاروا إليه، وهو جهنم.

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} أي:كفروا [بها] من غير مستند شرعي ولا عقلي، بل جاءتهم الأدلة والبينات، فكذبوا بها، وعاندوا ما دلت عليه.

{ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} لأنها جمعت كل بؤس وشدة، وشقاء وعذاب.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بربهم بأن أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى.

وَكَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على وحدانيتنا، وعلى صدق نبينا صلى الله عليه وسلم.

أُولئِكَ الكافرون المكذبون هم أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها خلودا أبديا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصيرهم النار.

ففي هاتين الآيتين الكريمتين، بيان للتغابن، وتفصيل له، لاحتوائهما على بيان منازل السعداء والأشقياء، وهو ما وقع فيه التغابن.

قلت : وقد فسر ذلك بقوله تعالى : ( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير ) وقد تقدم تفسير مثل هذه غير مرة .

يقول تعالى ذكره: والذين جحدوا وحدانية الله، وكذّبوا بأدلته وحججه وآي كتابه الذي أنـزله على عبده محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يقول: ماكثين فيها أبدًا لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها( وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) يقول: وبئس الشيء الذي يُصَار إليه جهنم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[10] ﴿أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ من الوسائل المعينة على العمل الصالح تذكر خسارة الناس يوم القيامة.
وقفة
[10] ﴿أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ لو كانت الخسارة هي ضياع الجنة، لأورثت حسرة الأبد، فكيف وقد اجتمع معها الخلود في النار؟!
تفاعل
[10] ﴿أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ خالِدِينَ فِيها:
  • حال منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ:
  • الواو استئنافية. بئس: فعل ماض جامد لانشاء الذم مبني على الفتح. المصير: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وحذف المخصوص بالذم لان ما قبله يدل عليه.'

المتشابهات :

البقرة: 39﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
التغابن: 10﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     وبعدَ ذِكْرِ جَزاءِ المؤمنينَ؛ ذَكَرَ هنا جزاءَ الكافرينَ، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا ..

التفسير :

[11] ما أصاب أحداً شيءٌ من مكروه يَحُلُّ به إلا بإذن الله وقضائه وقدره. ومَن يؤمن بالله يهد قلبه للتسليم بأمره والرضا بقضائه، وَيَهْدِهِ لأحسن الأقوال والأفعال والأحوال؛ لأن أصل الهداية للقلب، والجوارح تبع. والله بكل شيء عليم، لا يخفى عليه شيء من ذلك.

يقول تعالى:{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} هذا عام لجميع المصائب، في النفس، والمال، والولد، والأحباب، ونحوهم، فجميع ما أصاب العباد، فبقضاء الله وقدره، قد سبق بذلك علم الله [تعالى]، وجرى به قلمه، ونفذت به مشيئته، واقتضته حكمته، والشأن كل الشأن، هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام، أم لا يقوم بها؟ فإن قام بها، فله الثواب الجزيل، والأجر الجميل، في الدنيا والآخرة، فإذا آمن أنها من عند الله، فرضي بذلك، وسلم لأمره، هدى الله قلبه، فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب، كما يجري لمنلم يهد الله قلبه، بل يرزقه الثبات عند ورودهاوالقيام بموجب الصبر، فيحصل له بذلك ثواب عاجل، مع ما يدخر الله له يوم الجزاء من الثوابكما قال تعالى:{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وعلم من هذا أن من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب، بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره، بل وقف مع مجرد الأسباب، أنه يخذل، ويكله الله إلى نفسه، وإذا وكل العبد إلى نفسه، فالنفس ليس عندها إلا الجزع والهلع الذي هو عقوبة عاجلة على العبد، قبل عقوبة الآخرة، على ما فرط في واجب الصبر. هذا ما يتعلق بقوله:{ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} في مقام المصائب الخاص، وأما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي، فإن الله أخبر أن كل من آمن أي:الإيمان المأمور به، منالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وصدق إيمانه بما يقتضيه الإيمان من القيام بلوازمه وواجباته، أن هذا السبب الذي قام به العبد أكبر سبب لهداية الله له في أحواله وأقواله، وأفعالهوفي علمه وعمله.

وهذا أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان، كما قال تعالى في الأخبار:أن المؤمنين يثبتهم اللهفي الحياة الدنيا وفي الآخرة.

وأصل الثبات:ثبات القلب وصبره، ويقينه عند ورود كل فتنة، فقال:{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} فأهل الإيمان أهدى الناس قلوبًا، وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات، وذلك لما معهم من الإيمان.

ثم بين- سبحانه- أن كل شيء بقضائه وقدره فقال: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ.

والمراد بالمصيبة: الرزية والنكبة، وكل ما يسوء الإنسان في نفسه أو ماله أو ولده..

والمفعول محذوف، و «من» للتأكيد، ومُصِيبَةٍ فاعل.

أى: ما أصاب أحدا مصيبة في نفسه أو ماله أو ولده.. إلا بإذن الله- تعالى- وأمره وإرادته، لأن كل شيء بقضائه- سبحانه- وقدره.

قال القرطبي: قيل: سبب نزولها أن الكفار قالوا: لو كان ما عليه المسلمون حقا لصانهم الله- تعالى- عن المصائب.

فأنزل الله- تعالى- هذه الآية للرد على المشركين، ولبيان أن كل شيء بإرادته- سبحانه-.

ثم بين- سبحانه- أن الإيمان الحق يعين على استقبال المصائب بصبر جميل فقال:

وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أى: ومن يؤمن بالله- تعالى- إيمانا حقا يهد قلبه الى الصبر الجميل، وإلى الاستسلام لقضائه- سبحانه- لأن إيمانه الصادق يجعله يعتقد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، والله- تعالى- عليم بكل شيء، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ أى: ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره: فصبر واحتسب واستسلم لقضائه- تعالى- هدى الله قلبه، وعوضه عما فاته من الدنيا.

وفي الحديث المتفق عليه: عجبا للمؤمن، لا يقضى الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن .

يقول تعالى مخبرا بما أخبر به في سورة الحديد : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) [ الحديد : 22 ] وهكذا قال ها هنا : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ) قال ابن عباس : بأمر الله ، يعني : عن قدره ومشيئته .

( ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ) أي : ومن أصابته مصيبة فعلم أنها بقضاء الله وقدره ، فصبر واحتسب ، واستسلم لقضاء الله ، هدى الله قلبه ، وعوضه عما فاته من الدنيا هدى في قلبه ، ويقينا صادقا ، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه ، أو خيرا منه .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) يعني : يهد قلبه لليقين ، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه .

وقال الأعمش ، عن أبي ظبيان قال : كنا عند علقمة فقرئ عنده هذه الآية : ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) فسئل عن ذلك فقال : هو الرجل تصيبه المصيبة ، فيعلم أنها من عند الله ، فيرضى ويسلم . رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم

وقال سعيد بن جبير ، ومقاتل بن حيان : ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه ) يعني : يسترجع ، يقول : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) [ البقرة : 156 ]

وفي الحديث المتفق عليه : " عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن "

وقال أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ; أنه سمع جنادة بن أبي أمية يقول : سمعت عبادة بن الصامت يقول : إن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أي العمل أفضل ؟ قال : " إيمان بالله ، وتصديق به ، وجهاد في سبيله " . قال : أريد أهون من هذا يا رسول الله . قال : " لا تتهم الله في شيء ، قضى لك به " . لم يخرجوه

يقول تعالى ذكره: لم يصب أحدًا من الخلق مصيبة إلا بإذن الله، يقول: إلا بقضاء الله وتقدير ذلك عليه (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يقول: ومن يصدّق بالله فيعلم أنه لا أحد تصيبه مصيبة إلا بإذن الله بذلك يهد قلبه: يقول: يوفِّق الله قلبه بالتسليم لأمره والرضا بقضائه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

حدثني نصر بن عبد الرحمن الوشاء الأوديّ، قال: ثنا أحمد بن بشير، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان قال: كنا عند علقمة، فقرئ عنده هذه الآية: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) فسُئل عن ذلك فقال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيسلم ذلك ويرضى.

حدثني عيسى بن عثمان الرملي، قال: ثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان ، قال: كنت عند علقمة وهو يعرض المصاحف، فمرّ بهذه الآية: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) قال: هو الرجل... ثم ذكر نحوه.

حدثنا ابن بشر، قال: ثنا أَبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان، عن علقمة، في قوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) قال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضَى.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني ابن مهدي، عن الثوري، عن الأعمش، عن أَبي ظبيان، عن علقمة مثله ؛ غير أنه قال في حديثه: فيعلم أنها من قضاء الله، فيرضى بها ويسلم.

وقوله: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) يقول: والله بكل شيء ذو علم بما كان ويكون وما هو كائن من قبل أن يكون.

التدبر :

تفاعل
[11] ﴿ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله﴾ اللهم إنا نسألك إيمانًا يباشر قلوبنا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا، ورضِّنا من العيش بما قسمت لنا.
وقفة
[11] ﴿ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله﴾ يكفي أن تعلم أن كل ما يحدث لك هو بأمرالله، فما إن يستقر ذلك بقلبك إلا ويطمئن.
وقفة
[11] ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ وكأن المصيبة تستأذن ربها أولًا، فإن أذن لها نزلت وإلا تراجعت، فلا تظن أن شيئًا أصابك إلا بإذن ربك.
وقفة
[11] ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ الابتلاء قدر، والإيمان بالقدر واجب، والهداية نتيجة وثمرة.
وقفة
[11] إذا رضي المؤمن بأقدار الله ولم يتسخطها؛ يرزقه الله الهداية والطمأنينة التي تخفف عنه.
وقفة
[11] من يؤمن بالله يهد قلبه للصبر والرضا، والله بكل شيء عليم فقد تكون له منحة لا محنة، فلا يحزن.
وقفة
[11] وهذا عام لجميع المصائب فجميع ما أصاب العباد فبقضاء الله وقدره والشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام أم لا يقوم بها، فإن قام بها فله الثواب الجزيل والأجر الجميل في الدنيا والآخرة، فإذا آمن أنها من عند الله فرضي بذلك وسلم لأمره هدى الله قلبه، فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب.
وقفة
[11] ﴿ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه﴾ من لم يرضَ بالقدر لم يهنأ بعيشه.
وقفة
[11] من حقق إيمانه بالقضاء والقدر هدى الله قلبه، فتعامل مع المصائب بما يجعل أمره خيرًا له.
وقفة
[11] من لم يَجرِ مع القدر لم يتهنأ بعيشه ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
وقفة
[11] المصائب تختبر الإيمان، فأشد الناس صبرًا عند نزولها أقواهم إيمانًا.
وقفة
[11] ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ هذا أفضل جزاء يعطيه الله لأهل الإيمان، كما قال تعالى في الأخبار: أن المؤمنين يثبتهم الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأصل الثبات: ثبات القلب وصبره، ويقينه عند ورود كل فتنة، فقال: ﴿يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: 27].
وقفة
[11] ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ على قدر الإيمان تكون الهداية والرضا والسعادة وانشراح الصدر، يقول ابن تيمية: جنتي في صدري.
وقفة
[11] ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ فالإيمان بالقدر والرضى به يُذْهِبُ عن العبد الهم والغم والحزن.
تفاعل
[11] ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ ادعُ الله الآن أن يَهْدِ قلبك.
وقفة
[11] ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ الإيمان بالقدر سبب للطمأنينة والهداية.
وقفة
[11] تأمل: وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ بعد ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾، فمن حزن حُزنًا غير مشروع فَلِنقص إيمانه؛ إذ الإيمان موجِبٌ لاطمئنان القلب وثباته عند المصائب، وعد من الله لا يتخلف؛ فتفقد إيمانك وقلبك.
وقفة
[11] عن ابن عباس قوله: ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ يعني: يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وقفة
[11] الإيمان يثبت القلب عند وقوع المصيبة ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
وقفة
[11] لا أنفع عند المصائب من الإيمان بالله وبقدره! فهو السبيل للرضا والتسليم وطمأنينة القلب ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾.
وقفة
[11] ﴿ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه﴾ قال علقمة: «هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم».
وقفة
[11] ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ اطمئـنان القلب فقط في القربِ من الله ﷻ.
وقفة
[11] ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾ الثبات عند البلاء منة من الله على من رسخ بقلبه الإيمان، فيتزين بالصبر الجميل حتى تزول الغمة.
وقفة
[11] عندما يعلق الإنسان قلبه بالدنيا، تصبح أكبر همه، فيتأثر تبعًا لتقلباتها وتغير أحوالها؛ إذ هي لا تستقر على حال، بينما إذا علَّق قلبه بالله العلي العظيم، أصبح رابط الجأش، يسير ولا يتعثر، قوي الإيمان، مرتاح الضمير: ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾، وفي قراءة غير متواترة: (يهدأ قلبه)، أي: يسكن ويطمئن.
وقفة
[11] في ظل هذه الفتن المتلاحقة ينشد المسلم الطمأنينة والسكون؛ وهي سهلةٌ متيسرة لمن أراد: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ [الرعد: 28]، ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾.
وقفة
[11] التفاؤل الحق لا يخضع لتقلبات الزمن وتغير الأحوال؛ لأنه يستمد من إيمان راسخ ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾، أما اليأس فمصدره نفوس مهزومة وقلوب ضعيفة.
وقفة
[11] إذا أصابك قلق أو كدر فتفقد قلبك، فبقدر قوة إيمانك يذهب قلقك، ويطمئن قلبك ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾.
وقفة
[11] ليس الغنى أن يمتلئ جيبك مالًا، وإنما الغنى أن يمتلئ قلبك رضًا وإيمانًا: ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه﴾.
وقفة
[11] فى الحياة اضرب بيدك على قلبك وقل له: اثبت، فإن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لن يكون ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
وقفة
[11] بمقدار إيمان الإنسان بربه يكون تسديد الله لرأيه، وتطهيره لقلبه ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
وقفة
[11] اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك؛ أن تجعلني مؤمنًا بك؛ فلا عليَّ بعد ذلك ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾.
وقفة
[11] بمقدار إيمان العبد يكون توفيقه، ولا يلزم من التوفيق تحقيق مناه، فقد يتمنى ما يضره فيصرفه الله عنه ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ما أَصابَ:
  • نافية لا عمل لها. اصاب: فعل ماض مبني على الفتح وحذف مفعوله اختصارا لانه معلوم.
  • ﴿ مِنْ مُصِيبَةٍ:
  • حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. مصيبة: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لانه فاعل اصاب وحذف المفعول به اي ما أصابت الانسان مصيبة. وقد ذكر الفعل لانه فصل عن فاعله بفاصل.
  • ﴿ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ:
  • اداة حصر لا عمل لها. بإذن: جار ومجرور متعلق بأصاب.الله لفظ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة اي الا بتقدير منه سبحانه
  • ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ:
  • اعربت في الآية الكريمة التاسعة وعلامة جزم «يهد» حذف آخره- حرف العلة- و «قلبه» منصوب بالفتحة بمعنى «يهد في قلبه» او ان الكافر ضال عن قلبه والمؤمن مهتد اليه.
  • ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ:
  • الواو استئنافية. الله: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. بكل: جار ومجرور متعلق بالخبر. شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. عليم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

الشورى: 30﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ
الحديد: 22﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا
التغابن: 11﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     وبعد الأمرِ بالإيمان بِاللَّهِ ورسُولِهِ؛ بَيَّنَ أنَّ مَن يُؤمِنُ باللهِ فيُصَدِّقُه يَعلَمُ أنَّه لا تُصيبُه مُصيبةٌ إلَّا بإذنِ اللهِ، قال تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يهد:
1- بالياء، مضارع «هدى» مجزوما، على جواب الشرط، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنون، وهى قراءة ابن جبير، وطلحة، وابن هرمز، والأزرق، عن حمزة.
3- بالياء، مبنيا للمفعول، و «قلبه» بالرفع، وهى قراءة السلمى، والضحاك، وأبى.
4- يهدأ، بهمزة ساكنة، و «قلبه» بالرفع، وهى قراءة عكرمة، وعمرو بن دينار، ومالك بن دينار.
5- يهدا، بألف، بدلا من الهمزة الساكنة، وهى قراءة عمرو بن فائد.
6- يهد، بحذف الألف، بعد إبدالها من الهمزة الساكنة، وهى قراءة عكرمة، ومالك بن دينار أيضا.

مدارسة الآية : [12] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن ..

التفسير :

[12] وأطيعوا الله -أيها الناس- وانقادوا إليه فيما أمر به ونهى عنه، وأطيعوا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيما بلَّغكم به عن ربه، فإن أعرضتم عن طاعة الله ورسوله، فليس على رسولنا ضرر في إعراضكم، وإنما عليه أن يبلغكم ما أرسل به بلاغاً واضح البيان.

{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أي:في امتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فإن طاعة الله وطاعة رسوله، مدار السعادة، وعنوان الفلاح،{ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [أي] عن طاعة الله وطاعة رسوله،{ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} أي:يبلغكم ما أرسل به إليكم، بلاغًا يبين لكم ويتضح وتقومعليكم به الحجة، وليس بيده من هدايتكم، ولا من حسابكم من شيء، وإنما يحاسبكم على القيام بطاعة الله وطاعة رسوله، أو عدم ذلك، عالم الغيب والشهادة.

ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات الكريمة بحض الناس على الطاعة والإخلاص في العبادة، وحذرهم من اقتراف المعاصي فقال: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ.

أى: وعليكم- أيها الناس- أن تطيعوا الله- تعالى- طاعة تامة، وأن تطيعوا رسوله في كل ما يأمركم به أو ينهاكم عنه.

فإن أعرضتم عن ذلك، وانصرفتم عما أمرناكم به أو نهيناكم عنه فلا ضرر على رسولنا بسبب إعراضكم لأن حسابكم وجزاءكم علينا يوم القيامة، وليس على رسولنا صلى الله عليه وسلم بالنسبة لكم سوى البلاغ الواضح البين، بحيث لا يترك بابا من أبواب الخير إلا ويبينه لكم، ولا يترك بابا من أبواب الشر إلا وحذركم منه.

وقوله : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) أمر بطاعة الله ورسوله فيما شرع ، وفعل ما به أمر ، وترك ما عنه نهى ، وزجر ، ثم قال : ( فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين ) أي : إن نكلتم عن العمل فإنما عليه ما حمل من البلاغ ، وعليكم ما حملتم من السمع والطاعة .

قال الزهري : من الله الرسالة ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم

يقول تعالى ذكره: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ ) أيها الناس في أمره ونهيه (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) فإن أدبرتم عن طاعة الله وطاعة رسوله مستكبرين عنها، فلم تطيعوا الله ولا رسوله (فَإِنَّمَا ) فليس (عَلَى رَسُولِنَا ) محمد إلا(الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) أنه بلاغ إليكم لما أرسلته به يقول جلّ ثناؤه: فقد أعذر إليكم بالإبلاغ والله وليّ الانتقام ممن عصاه، وخالف أمره، وتولى عنه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[12] ﴿وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ جاء الأمر بالطاعة عقب ذكر المصائب، فلا يهوِّن أثر الشدائد مثل كثرة الطاعات، واتباع أمر الله ورسوله باجتناب السيئات.
وقفة
[12] ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ مهمة الرسل التبليغ عن الله، والهداية فهي بيد الله.
وقفة
[12] ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ قال الزهري: «من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم».
عمل
[12] ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ لا تحزن أيُّها الداعي إن انفض عنك الناس ولم يستجيبوا لما تعظهم به، فتلك طبيعة الدعوة، وأجرك محفوظ غير منقوص.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ:
  • الواو استئنافية. أطيعوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ:
  • معطوفة بالواو على «أَطِيعُوا اللَّهَ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ:
  • الفاء استئنافية. ان: حرف شرط جازم. توليتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بان والتاء ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى: فان أعرضتم.
  • ﴿ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا:
  • الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بان والفاء واقعة في جواب الشرط. انما: كافة ومكفوفة. على رسول:جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المبين: صفة- نعت- للبلاغ مرفوعة مثلها بالضمة اي ان اعرضتم فلا عليه لانه لم يكتب عليه طاعتكم انما كتب عليه التبليغ والتبيين.'

المتشابهات :

المائدة: 92﴿ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
التغابن: 12﴿ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     وبعد الأمرِ بالإيمان بِاللَّهِ ورسُولِهِ، وبيان مصير الذين تولوا عن ذلك؛ يأتي الأمرُ بطاعة الله وطاعة رسوله، والتحذير من اقتراف المعاصي، قال تعالى:
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ..

التفسير :

[13] الله وحده لا معبود بحق سواه، وعلى الله فليعتمد المؤمنون بوحدانيته في كل أمورهم.

{ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي:هو المستحق للعبادة والألوهية، فكل معبود سواه فباطل،{ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي:فيلعتمدواعليه في كل أمر نابهم، وفيما يريدون القيام به، فإنه لا يتيسر أمر من الأمور إلا بالله، ولا سبيل إلى ذلكإلا بالاعتماد على الله، ولا يتم الاعتماد على الله، حتى يحسن العبد ظنه بربه، ويثق به في كفايته الأمر الذي اعتمد عليه به، وبحسب إيمان العبد يكون توكله، فكلما قوي الإيمان قوي التوكل

اللَّهُ- تعالى- لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أى: هو المستحق للعبادة دون غيره، فأخلصوا له هذه العبادة والطاعة وَعَلَى اللَّهِ- تعالى- وحده فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ أى:

فليفوضوا أمورهم إليه، وليعقدوا رجاءهم عليه فهو- سبحانه- صاحب الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.

وفي نهاية السورة الكريمة، وجه- سبحانه- نداء إلى المؤمنين، حذرهم فيه من فتنة الأزواج والأولاد والأموال، وحضهم على مراقبته وتقواه، وحذرهم من البخل والشح، ووعدهم بالأجر العظيم متى أطاعوه.. فقال- تعالى-:

ثم قال تعالى مخبرا أنه الأحد الصمد ، الذي لا إله غيره ، فقال : ( الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) فالأول خبر عن التوحيد ، ومعناه معنى الطلب ، أي : وحدوا الإلهية له ، وأخلصوها لديه ، وتوكلوا عليه ، كما قال تعالى : ( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) [ المزمل : 9 ] .

(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) يقول جلّ ثناؤه: معبودكم أيها الناس معبود واحد لا تصلح العبادة لغيره ولا معبود لكم سواه.

(وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) يقول تعالى ذكره: وعلى الله أيها الناس فليتوكل المصدّقون بوحدانيته.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[13] ﴿اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ﴾ المستحق للعبادة، ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فيلعتمدوا عليه، وبحسب إيمان العبد يكون توكله.
وقفة
[13] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فذِكرُ اسم الإيمان ها هنا دون سائر أسمائهم دليلٌ على استدعاء الإيمان للتوكل، وأن قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفًا فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد.
وقفة
[13] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ في ذكر صفة الإيمان دلالة على أنه كلما قَوِي إيمان العبد بربه قوي توكلّه عليه.
وقفة
[13] ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ﴾ لا يتوكل على الله حق التوكل إلا مؤمن.

الإعراب :

  • ﴿ اللَّهُ:
  • لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. و «لا» وما بعدها في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ لا إِلهَ إِلَّا:
  • نافية للجنس تعمل عمل «ان». إله: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره كائن او موجود. الا: اداة استثناء
  • ﴿ هُوَ:
  • ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله» لان موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء ولو كان موضع المستثنى نصبا لكان إلا إياه.
  • ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ:
  • الواو استئنافية. عَلَى اللَّهِ: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيتوكل والفاء زائدة واللام لام الامر. يتوكل: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ الْمُؤْمِنُونَ:
  • فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

البقرة: 255﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ
آل عمران: 2﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ
النساء: 87﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ
التوبة: 129﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ
طه: 8﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ
النمل: 26﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ
القصص: 70﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ
التغابن: 13﴿ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد الأمرِ بالإيمان بِاللَّهِ ورسُولِهِ؛ أرْشَدَ إلى التَّوْحِيدِ والتَّوَكُّلِ، قال تعالى:
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ ..

التفسير :

[14] يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعته، فكونوا منهم على حذر، ولا تطيعوهم، وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم وتعرضوا عنها، وتستروها عليهم، فإن الله غفور رحيم، يغفر لكم ذنوبكم؛ لأنه سبحانه ع

هذا تحذير من الله للمؤمنين، من الاغترار بالأزواج والأولاد، فإن بعضهم عدو لكم، والعدو هو الذي يريد لك الشر، ووظيفتك الحذر ممن هذه وصفهوالنفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد، فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد، ولو كان فيها ما فيها من المحذور الشرعيورغبهم في امتثال أوامره، وتقديم مرضاته بما عنده من الأجر العظيم المشتمل على المطالب العالية والمحاب الغالية، وأن يؤثروا الآخرة على الدنيا الفانية المنقضية، ولما كان النهي عن طاعة الأزواج والأولاد، فيما هو ضرر على العبد، والتحذير من ذلك، قد يوهم الغلظة عليهم وعقابهم، أمر تعالى بالحذر منهم، والصفح عنهم والعفو، فإن في ذلك، من المصالح ما لا يمكن حصره، فقال:{ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لأن الجزاء من جنس العمل.

فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده كما يحبون وينفعهم، نال محبة الله ومحبة عباده، واستوثق له أمره.

ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات روايات منها ما روى عن ابن عباس- رضى الله عنهما- أن رجلا سأله عن هذه الآيات فقال: هؤلاء رجال أسلموا من مكة، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أولادهم وأزواجهم أن يتركوهم- ليهاجروا.

فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أى بالمدينة- رأوا الناس قد تفقهوا في الدين، فهموا أن يعاقبوهم- أى: يعاقبوا أولادهم وأزواجهم- فأنزل الله- تعالى- هذه الآيات .

وفي رواية أخرى عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعى، شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده فنزلت .

وصدرت الآيات الكريمة بالنداء بصفة الإيمان، لحضهم على الاستجابة لما اشتملت عليه هذه الآيات من توجيهات سامية وإرشادات عالية.. فإن من شأن الإيمان الحق، أن يحمل صاحبه على طاعة الله- عز وجل-.

ومِنْ في قوله إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ.. للتبعيض.

والمراد بالعداوة ما يشمل العداوة الدينية والدنيوية، بأن يكون هؤلاء الأولاد والأزواج يضمرون لآبائهم وأزواجهم العداوة والبغضاء وسوء النية، يسبب الاختلاف في الطباع أو في العقيدة والأخلاق.

والعفو: ترك المعاقبة على الذنب بعد العزم على هذه المعاقبة.

والصفح: الإعراض عن الذنب وإخفاؤه، وعدم إشاعته.

أى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، إن بعض أزواجكم وأولادكم، يعادونكم ويخالفونكم في أمر دينكم. وفي أمور دنياكم، فَاحْذَرُوهُمْ أى: فاحذروا أن تطيعوهم في أمر يتعارض مع تعاليم دينكم، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وَإِنْ تَعْفُوا- أيها المؤمنون- عنهم، بأن تتركوا عقابهم بعد التصميم عليه وَتَصْفَحُوا عنهم، بأن تتركوا عقابهم بدون عزم عليه.. وَتَغْفِرُوا ما فرط منهم من أخطاء، بأن تخفوها عليهم.

وقوله: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قائم مقام جواب الشرط. أى: وإن تفعلوا ذلك من العفو والصفح والمغفرة، يكافئكم الله- تعالى- على ذلك مكافأة حسنة، فإن الله- تعالى- واسع المغفرة والرحمة لمن يعفون ويصفحون ويغفرون.

يقول تعالى مخبرا عن الأزواج والأولاد : إن منهم من هو عدو الزوج والوالد ، بمعنى : أنه يلتهى به عن العمل الصالح ، كقوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ) [ . : 9 ] ; ولهذا قال ها هنا : ( فاحذروهم ) قال ابن زيد : يعني على دينكم .

وقال مجاهد : ( إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم ) قال : يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه ، فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني ، حدثنا الفريابي ، حدثنا إسرائيل ، حدثنا سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس - وسأله رجل عن هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم ) - قال : فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم ، فلما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهموا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله هذه الآية : ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم )

وكذا رواه الترمذي ، عن محمد بن يحيى ، عن الفريابي - وهو محمد بن يوسف - به ، وقال : حسن صحيح . ورواه ابن جرير ، والطبراني من حديث إسرائيل به وروي من طريق العوفي ، عن ابن عباس ، نحوه ، وهكذا قال عكرمة مولاه سواء .

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعة الله ( فَاحْذَرُوهُمْ ) أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة الله.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثبَّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أَبو كُرَيْب، قال: ثنا يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن سِماك ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: سأله رجل عن هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال: هؤلاء رجال أسلموا، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فلما أتَوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فرأوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا أن يعاقبوهم، فأنـزل الله جلّ ثناؤه ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ ) .. الآية.

حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سِماك، عن عكرمة، في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال: كان الرجل يريد أن يأتي النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيقول له أهله: أين تذهب وتدعنا ؟ قال: وإذا أسلم وفَقِه، قال: لأرجعنّ إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلنّ ولأفعلنّ ، فأنـزل الله جلّ ثناؤه: ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) كان الرجل إذا أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده، ولم يألُوا يثبطوه عن ذلك، فقال الله: إنهم عدوّ لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا، وامضُوا لشأنكم، فكان الرجل بعد ذلك إذا مُنع وثبط مرّ بأهله وأقسم، والقسم يمين ليفعلنّ وليعاقبنّ أهله في ذلك، فقال الله جلّ ثناؤه ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار قال: نـزلت سورة التغابن كلها بمكة، إلا هؤلاء الآيات ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) نـزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقَّقوه، فقالوا: إلى من تَدعنا ؟ فيرقّ ويقيم، فنـزلت: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك وبقية الآيات إلى آخر السورة بالمدينة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال: إنهما يحملانه على قطيعة رحمه، وعلى معصية ربه، فلا يستطيع مع حبه إلا أن يقطعه.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد مثله، إلا أنه قال: فلا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قالا ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) .. الآية، قال: منهم من لا يأمر بطاعة الله، ولا ينهى عن معصيته، وكانوا يبطِّئون عن الهجرة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن الجهاد.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر ، عن قتادة، في قوله: ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال: ينهون عن الإسلام، ويُبَطِّئُون عنه، وهم من الكفار فاحذروهم.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) .. الآية، قال: هذا في أناس من قبائل العرب كان يسلم الرجل أو النفر من الحيّ، فيخرجون من عشائرهم ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيناشدونهم الله أن لا يفارقوهم، ولا يؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم من يَرقّ ويرجع إليهم، ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

حدثنا أَبو كريب، قال: ثنا عثمان بن ناجية وزيد بن حباب، قالا ثنا يحيى بن واضح، جميعًا، عن الحسين بن واقد، قال: ثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنـزل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخذهما فرفعهما فوضعهما في حِجْرِهِ ثم قال: " صَدَقَ الله ورَسُولُهُ: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ رأَيْتُ هَذْينِ فَلَمْ أَصْبِرْ، ثم أخذ في خطبته " اللفظ لأبي كريب عن زيد.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) قال: يقول: عدوّا لكم في دينكم، فاحذروهم على دينكم.

حدثني محمد بن عمرو بن علىّ المقدميّ، قال ثنا أشعث بن عبد الله قال: ثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، في قوله: ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال: كان الرجل يسلم ، فيلومه أهله وبنوه، فنـزلت: ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) .

وقوله: ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا ) يقول: إن تعفوا أيها المؤمنون عما سلف منهم من صدّهم إياكم عن الإسلام والهجرة وتصفحوا لهم عن عقوبتكم إياهم على ذلك، وتغفروا لهم غير ذلك من الذنوب ( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) لكم لمن تاب من عباده، من ذنوبكم ( رَحِيمٌ ) بكم أن يعاقبكم عليها من بعد توبتكم منها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[14] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ اتخذها منهجًا في حياتك: لا تُعمِّم.
وقفة
[14] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ هذا في الأزواج والأولاد الأقربين؛ فكيف بالأصحاب والأبعدين؟!
وقفة
[14] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال عطاء بن يسار: «نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه فقالوا: إلى من تدعنا؟ فيرق فيقيم، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾».
وقفة
[14] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ ما أرحم الله، يحذرك من أولادك!
وقفة
[14] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال القاضي أبو بكر ابن العربي: «هذا يبين وجه العداوة؛ فإن العدو لم يكن عدوا لذاته وإنما كان عدوا بفعله، فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوًّا، ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد وبين الطاعة».
وقفة
[14] ‏تتكرر اﻷزمات فتتكرر أخطاء التعامل معها عند بعضهم، وقد غاب عنهم اكتشاف عدوهم من داخلهم مع أنه بينهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾.
عمل
[14] اجمع زوجتك وأولادك أو بعض إخوانك وتدارسوا آية من كتاب الله ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾.
وقفة
[14] في الآية عزاء لمن بُلي بزوج مؤذ، أو ولد عاق، فصبر على أذاهما، وعفا وصفح عن زلاتهما، وفي موعود الله من الغفران ما يُهوِّن عليه ذلك.
وقفة
[14] الحذر من عداوة الأزواج والأولاد لا يعني نصب العداء لهم، بل هو حذر مغلف بالعفو والصفح والغفران.
وقفة
[14] أشدُّ الأذى نكايةً ما كان صادرًا عمن أحسنت إليه، فاقتضى ذلك أن تصبر على مسامحته، وتتصبر على العفو عنه؛ حفاظًا على أواصر القربى.
عمل
[14] احذر أيُّها العبد أن يحملك حبك لزوجك وولدك أن تطعمهم وتنعمهم من حرام، فيكون إحسانك إليهم إساءةً بالغةً لنفسك.
وقفة
[14] ﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ علمنا القرآن أن ندفع السيئة بالتي هي أحسن، والأقربون أولى بالرفق والمعروف، حفاظًا على عری المودة والألفة.
لمسة
[14] ﴿إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم﴾ (مِن) للتبعيض، يُفهم أن بعض الأزواج والأولاد ليسوا بأعداء؛ بل منهم من يكون عونًا على الطاعة.
عمل
[14] كل شيء يبعدك عن الله فهو عدو لك مهما كانت مكانته منك، ولو كان أقرب قريب، فخذ حذرك ﴿إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم﴾.
وقفة
[14] ﴿عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ ليس المراد من هذه العداوة ما يفهمه كثير من الناس: أنها عداوة البغضاء والمحادة، بل إنما هي عداوة المحبة الصادة للآباء عن الهجرة، والجهاد، والتعلم، والصدقة، وغير ذلك من أمور البر وأعمال الخير.
وقفة
[14] أعقب بعد قوله: ﴿عدوا لكم فاحذروهم﴾ قوله: ﴿وإن تعفوا وتصفحوا﴾؛ لئلا يفهم من معنى الحذر هنا هو اتخاذ العنف والقسوة والغلظة.
وقفة
[14] ﴿وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا﴾ هذا الحض والترغيب مع اﻷعداء من اﻷهل، فكيف باﻷولياء واﻷصفياء منهم؟!
عمل
[14] اعفُ عن مسلمٍ أخطَأ في حقِّكَ لعل الله أن يغفر لك ﴿وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
  • سبق ان اعربت في آيات سابقة. تراجع الآية الكريمة التاسعة من سورة «المنافقون».
  • ﴿ إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. مِنْ أَزْواجِكُمْ: جار ومجرور متعلق بخبر «ان» المقدم والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «ازواجكم» وتعرب اعرابها.عدوا: اسم «ان» مؤخر منصوب بالفتحة بمعنى: ان من زوجاتكم وأولادكم اعداء لكم لان «عدوا» تأتي للمفرد والجمع اي يلهونكم عن طاعة دينه او يعادين بعولتهن ويخاصمنهم ومن الاولاد اولادا يعادون آباءهم ويعقونهم. لكم: جار ومجرور متعلق بعدوا او بصفة محذوفة لعدوا والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فَاحْذَرُوهُمْ:
  • الفاء سببية. احذروا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَإِنْ تَعْفُوا:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط جازم. تعفوا: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة
  • ﴿ وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا:
  • معطوفتان بواوي العطف على «تعفوا» وتعربان اعرابها. وحذف الجار اختصارا لانه معلوم اي وان تعفوا عنهم اذا اطلعتم منهم على عداوة ولم تقابلوهم بمثلها وتصفحوا عنهم طالبين اصلاحهم وتغفروا عن ذنوبهم.
  • ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
  • الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن والفاء رابطة لجواب الشرط. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم بالفتحة. غَفُورٌ رَحِيمٌ: خبرا «ان» مرفوعان بالضمة خبر بعد خبر. ويجوز ان يكون «الرحيم» صفة لغفور.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ مِن أزْواجِكم وأوْلادِكم عَدُوًّا لَّكُمْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَ الرَّجُلُ يُسْلِمُ، فَإذا أرادَ أنْ يُهاجِرَ مَنَعَهُ أهْلُهُ ووَلَدُهُ، وقالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ أنْ تَذْهَبَ وتَدَعَ أهْلَكَ وعَشِيرَتَكَ، وتَصِيرَ إلى المَدِينَةِ بِلا أهْلٍ ولا مالٍ. فَمِنهم مَن يَرِقُّ لَهم ويُقِيمُ ولا يُهاجِرُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحْمَدَ الشَّيْبانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو الفَضْلِ أحْمَدُ بْنُ إسْماعِيلَ بْنِ يَحْيى بْنِ حازِمٍ، قالَ: حَدَّثَنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ المُقَدَّمِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا أشْعَثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قالَ: حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ إسْماعِيلَ بْنِ أبِي خالِدٍ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يُسْلِمُ فَيَلُومُهُ أهْلُهُ وبَنُوهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿إنَّ مِن أزْواجِكم وأوْلادِكم عَدُوًّا لَّكم فاحْذَرُوَهُمْ﴾ .قالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: وهَؤُلاءِ الَّذِينَ مَنَعَهم أهْلُهم عَنِ الهِجْرَةِ لَمّا هاجَرُوا ورَأوُا النّاسَ قَدْ فُقِّهُوا في الدِّينِ، هَمُّوا أنْ يُعاقِبُوا أهْلِيهِمُ الَّذِينَ مَنَعُوهم، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وإن تَعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعدَ الأمرِ بطاعةِ اللهِ وطاعةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم؛ حذَّرَ اللهُ مِن فتنةِ الأزواجِ والأولادِ والأموالِ وكلِّ ما يثبِّطُ عن الطَّاعةِ، قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ولَمَّا كان النَّهيُ عن طاعةِ الأزواجِ والأولادِ فيما هو ضَرَرٌ على العَبدِ، والتَّحذيرُ مِن ذلك قد يُوهِمُ الغِلْظةَ عليهم وعِقابَهم؛ أمَرَ اللهُ هنا بالحَذَرِ منهم، والصَّفحِ عنهم والعَفوِ؛ فإنَّ في ذلك مِن المصالحِ ما لا يُمكِنُ حَصْرُه، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ ..

التفسير :

[15] ما أموالكم ولا أولادكم إلا بلاء واختبار لكم. والله عنده ثواب عظيم لمن آثر طاعته على طاعة غيره، وأدَّى حق الله في ماله.

وقوله- تعالى-: نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ.

تعميم بعد تخصيص، وتأكيد التحذير الذي اشتملت عليه الآية السابقة.

والمراد بالفتنة هنا: ما يفتن الإنسان ويشغله ويلهيه عن المداومة على طاعة الله- تعالى-.

أى: إن أموالكم وأولادكم- أيها المؤمنون- على رأس الأمور التي تؤدى المبالغة والمغالاة في الاشتغال بها، إلى التقصير في طاعة الله- تعالى-، وإلى مخالفة أمره. والإخبار عنهم بأنهم تْنَةٌ

للمبالغة، والمراد أنهم سبب للفتنة أى: لما يشغل عن رضاء الله وطاعته، إذا ما جاوز الإنسان الحد المشروع في الاشتغال بهما.

قال الآلوسى: قوله- تعالى-: نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

أى: بلاء ومحنة، لأنهم يترتب عليهم الوقوع في الإثم والشدائد الدنيوية وغير ذلك. وفي الحديث. يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال: أكل عياله حسناته.

وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.. عن بريدة قال. كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل صلى الله عليه وسلم من فوق المنبر، فحملهما.. ثم صعد المنبر فقال: صدق الله إذ يقول: نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

، إنى لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران، لم أصبر أن قطعت كلامي، ونظرت إليهما .

وقال الجمل: قال الحسن في قوله- تعالى-: إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ أدخل- سبحانه- مِنْ للتبعيض، لأنهم كلهم ليسوا بأعداء، ولم يذكر من في قوله نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

، لأنهما لا يخلوان من الفتنة، واشتغال القلب بهما، وقدم الأموال على الأولاد، لأن الفتنة بالمال أكثر. وترك ذكر الأزواج في الفتنة، لأن منهن من يكن صلاحا وعونا على الآخرة .

وقوله- سبحانه-: اللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

معطوف على جملةنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ.

أى: والله- تعالى- عنده أجر عظيم، لمن آثر محبة الله- تعالى- وطاعته، على محبة الأزواج والأولاد والأموال.

وقوله : ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم ) يقول تعالى : إنما الأموال والأولاد فتنة ، أي : اختبار وابتلاء من الله لخلقه . ليعلم من يطيعه ممن يعصيه .

وقوله : ( والله عنده ) أي : يوم القيامة ( أجر عظيم ) كما قال : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) والتي بعدها [ آل عمران : 14 ، 15 ]

وقال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني حسين بن واقد ، حدثني عبد الله بن بريدة ، سمعت أبي بريدة يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما ، عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ، ثم قال : " صدق الله ورسوله ، إنما أموالكم وأولادكم فتنة ، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " .

ورواه أهل السنن من حديث حسين بن واقد ، به ، وقال الترمذي : حسن غريب ، إنما نعرفه من حديثه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا هشيم ، أخبرنا مجالد ، عن الشعبي ، حدثنا الأشعث بن قيس قال : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد كندة فقال لي : " هل لك من ولد ؟ " قلت : غلام ولد لي في مخرجي إليك من ابنة جمد ، ولوددت أن بمكانه شبع القوم . قال : " لا تقولن ذلك ، فإن فيهم قرة عين ، وأجرا إذا قبضوا " ، ثم قال : " ولئن قلت ذاك : إنهم لمجبنة محزنة " تفرد به أحمد رحمه الله تعالى .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمود بن بكر ، حدثنا أبي ، عن عيسى بن أبي وائل ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الولد ثمرة القلوب ، وإنهم مجبنة مبخلة محزنة " ثم قال : لا يعرف إلا بهذا الإسناد

وقال الطبراني : حدثنا هاشم بن مرثد ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس عدوك الذي إن قتلته كان فوزا لك ، وإن قتلك دخلت الجنة ، ولكن الذي لعله عدو لك ولدك الذي خرج من صلبك ، ثم أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك "

يقول تعالى ذكره: ما أموالكم أيها الناس وأولادكم إلا فتنة، يعني بلاء عليكم في الدنيا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) يقول: بلاء.

وقوله: ( وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) يقول: والله عنده ثواب لكم عظيم، إذا أنتم خالفتم أولادكم وأزواجكم في طاعة الله ربكم، وأطعتم الله عزّ وجلّ، وأدّيتم حقّ الله في أموالكم، والأجر العظيم الذي عند الله الجنة.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) وهي الجنة.

التدبر :

وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ أي بلاء واختبار قد يحملكم على كسب الحرام، ومنع حق الله تعالى، فلا تطيعوهم في معصية الله.
وقفة
[15] دائمًا يرد ذكر المال مقدمًا على الأولاد في القرآن الكريم، رغم أن الأولاد أغلى لدى الأب من ماله، فما الحكمة من ذلك؟ الجواب: الفتنة بالمال أكثر؛ لأنه يعين على تحصيل الشهوات المحرمة وغيرها بخلاف الأولاد، فإن الإنسان قد يفتن بهم، ويعصي الله من أجلهم، ولكن الفتنة بالمال أكثر وأشد؛ ولهذا بدأ سبحانه بالأموال قبل الأولاد، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى﴾ [سبأ: 37]، وقولـه سبحانه: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، وقوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون: 9].
وقفة
[15] عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ, فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ, وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ, يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ, فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا, فَصَعِدَ بِهِمَا, ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللهُ: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ, ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. [أبو داود 1109، وصححه الألباني]، معنى دقيق للفتنة لا يُرى إلا بعين نبي.
وقفة
[15] عزى أحدهم صديقًا له أصيب في وفاة ابن له، فقال له: أيسرك وهو بلية وفتنة، ويحزنك وهو صلاة ورحمة؟ وقصَدَ المعزي بقوله: (بليَّة وفتنة): أن الله وصف الأولاد بقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، وقَصَدَ بقوله (صلاة ورحمة) أن الله تعالى قال عن الصابرين على المصائب: ﴿أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: 157].
وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ فلما ذكر فتنة الأموال والأولاد التي مالت بأكثر الخلق عن طريق الاستقامة، قال مذكرًا لهم ما يفوتهم إن افتتنوا بها، وما يحصل لهم إن سلموا من فتنتها ﴿وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.
وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ قال ابن مسعود: «لا يقولن أحدكم: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة، فإنه ليس منكم أحد إلا وهو مشتمل على فتنة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، فأيكم استعاذ فليستعذ بالله من مُضِلاَّت الفتن».
وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ كم من أب فتن بولده! فقدم رضاه علي رضا مولاه, حين استباح المحرمات في سبيل رفاهية ماضية, وسعادة غير باقية.
وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ لما كان المال والبنون فتنة أي فتنة, استحق الصابرون علي لأوائها, الناجون من إغراء زخرفها لألائها, أجرًا من الله عظيمًا.
وقفة
[15] تصدق بمال -ولو قليل- لتتقي فتنة المال ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّما أَمْوالُكُمْ:
  • كافة ومكفوفة. اموال: مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ:
  • معطوفة بالواو على «أموالكم» وتعرب اعرابها. فتنة:خبر المبتدأ مرفوع بالضمة اي فتنة لكم.
  • ﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ:
  • الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. عنده: مفعول فيه- ظرف مكان- منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر مقدم محذوف وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. وشبه الجملة «عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ:
  • مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. عظيم: صفة- نعت- لاجر مرفوع مثله بالضمة.'

المتشابهات :

الأنفال: 28﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّـهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
التغابن: 15﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّـهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد التخصيص؛ يأتي التعميم، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا ..

التفسير :

[16] فابذلوا -أيها المؤمنون- في تقوى الله جهدكم وطاقتكم، واسمعوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- سماع تدبُّر وتفكر، وأطيعوا أوامره واجتنبوا نواهيه، وأنفقوا مما رزقكم الله يكن خيراً لكم. ومن سَلِم من البخل ومَنْعِ الفضل من المال، فأولئك هم الظافرون بكل خير

يأمر تعالى بتقواه، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويقيدذلك بالاستطاعة والقدرة.

فهذه الآية، تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد، أنه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه، فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".

ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع، ما لا يدخل تحت الحصر، وقوله:{ وَاسْمَعُوا} أي:اسمعوا ما يعظكم الله به، وما يشرعه لكم من الأحكام، واعلموا ذلك وانقادوا له{ وَأَطِيعُوا} الله ورسوله في جميع أموركم،{ وَأَنْفِقُوا} من النفقات الشرعية الواجبة والمستحبة، يكن ذلك الفعل منكم خيرًا لكم في الدنيا والآخرة، فإن الخير كله في امتثال أوامر الله تعالى وقبول نصائحه، والانقياد لشرعه، والشر كله، في مخالفة ذلك.

ولكن ثم آفة تمنع كثيرًا من الناس، من النفقة المأمور بها، وهو الشح المجبولة عليه أكثر النفوس، فإنها تشح بالمال، وتحب وجوده، وتكره خروجه من اليد غاية الكراهة.

فمن وقاه الله شر شح نفسه بأن سمحت نفسه بالإنفاق النافع لها{ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} لأنهم أدركوا المطلوب، ونجوا من المرهوب، بل لعل ذلك، شامل لكل ما أمر به العبد، ونهي عنه، فإنه إن كانت نفسه شحيحة. لا تنقاد لما أمرت به، ولا تخرج ما قبلها، لم يفلح، بل خسر الدنيا والآخرة، وإن كانت نفسه نفسًا سمحة، مطمئنة، منشرحة لشرع الله، طالبة لمرضاة، فإنها ليس بينها وبين فعل ما كلفت به إلا العلم به، ووصول معرفته إليها، والبصيرة بأنه مرض لله تعالى، وبذلك تفلح وتنجح وتفوز كل الفوز.

والفاء في قوله- سبحانه- فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ للإفصاح والتفريع على ما تقدم.

ومَا في قوله: مَا اسْتَطَعْتُمْ مصدرية ظرفية.

والمراد بالاستطاعة: نهاية الطاقة والجهد.

أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي لا يشغله ماله أو ولده أو زوجه عن ذكر الله- تعالى- فابذلوا نهاية قدرتكم واستطاعتكم في طاعة الله- تعالى- وداوموا على ذلك في جميع الأوقات والأزمان.

وليس بين هذه الآية، وبين قوله- تعالى- اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ تعارض، لأن كلتا الآيتين تأمران المسلم بأن يبذل قصارى جهده، ونهاية طاقته، في المواظبة على أداء ما كلفه الله به، ولذلك فلا نرى ما يدعو إلى قول من قال: إن الآية التي معنا نسخت الآية التي تقول:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ.

قال الآلوسى: أخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورمت أقدامهم. فأنزل الله هذه الآية فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ تخفيفا على المسلمين .

وحذف متعلق التقوى، لقصد التعميم، أى: فاتقوا الله مدة استطاعتكم في كل ما تأتون وما تذرون، واعلموا أنه- تعالى- يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ومن الأحاديث التي وردت في معنى الآية الكريمة، ما رواه البخاري عن جابر بن عبد الله قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقننى «فيما استطعت» .

وعطف قوله- تعالى- وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا على قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ من باب عطف الخاص على العام، للاهتمام به.

أى: فاتقوا الله- تعالى- في كل ما تأتون وما تذرون، واسمعوا ما يبلغكم إياه رسولنا عنا سماع تدبر وتفكر، وأطيعوه في كل ما يأمركم به أو ينهاكم عنه.

وَأَنْفِقُوا مما رزقكم الله- تعالى- من خير، يكن ذلك الإنفاق خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ في دنياكم وفي آخرتكم.

وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ أى: ومن يستطع أن يبعد نفسه عن الشح والبخل.

فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أى: الفائزون فوزا تاما لا نقص معه.

وقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) أي : جهدكم وطاقتكم . كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه "

وقد قال بعض المفسرين - كما رواه مالك ، عن زيد بن أسلم - إن هذه الآية العظيمة ناسخة للتي في " آل عمران " وهي قوله : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) [ آل عمران : 102 ]

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء - هو ابن دينار - عن سعيد بن جبير في قوله : ( اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) قال : لما نزلت الآية اشتد على القوم العمل ، فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم ، فأنزل الله تخفيفا على المسلمين : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) فنسخت الآية الأولى .

وروي عن أبي العالية ، وزيد بن أسلم ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك .

وقوله : ( واسمعوا وأطيعوا ) أي : كونوا منقادين لما يأمركم الله به ورسوله ، ولا تحيدوا عنه يمنة ولا يسرة ، ولا تقدموا بين يدي الله ورسوله ، ولا تتخلفوا عما به أمرتم ، ولا تركبوا ما عنه زجرتم .

وقوله تعالى : ( وأنفقوا خيرا لأنفسكم ) أي : وابذلوا مما رزقكم الله على الأقارب والفقراء والمساكين وذوي الحاجات ، وأحسنوا إلى خلق الله كما أحسن إليكم ، يكن خيرا لكم في الدنيا والآخرة ، وإن لا تفعلوا يكن شرا لكم في الدنيا والآخرة .

وقوله : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) تقدم تفسيره في سورة " الحشر " وذكر الأحاديث الواردة في معنى هذه الآية ، بما أغنى عن إعادته ها هنا ، ولله الحمد والمنة ،

قوله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) يقول تعالى ذكره: واحذروا الله أيها المؤمنون وخافوا عقابه، وتجنبوا عذابه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، والعمل بما يقرّب إليه ما أطقتم وبلَغه وسعكم.

وذُكر أن قوله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) نـزل بعد قوله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ تخفيفًا عن المسلمين، وأن قوله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ناسخ قوله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) هذه رخصة من الله، والله رحيم بعباده، وكان الله جلّ ثناؤه أنـزل قبل ذلك اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وحقّ تقاته أن يُطاع فلا يعصى، ثم خفَّف الله تعالى ذكره عن عباده، فأنـزل الرخصة بعد ذلك فقال: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) فيما استطعت يا ابن آدم، عليها بايع رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على السمع والطاعة فيما استطعتم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ قال: نسختها: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) .

وقد تقدم بياننا عن معنى الناسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ؛ وليس في قوله: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) دلالة واضحة على أنه لقوله: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ناسخ، إذ كان محتملا قوله: اتقوا الله حقّ تقاته فيما استطعتم، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب استعمالهما جميعًا على ما يحتملان من وجوه الصحة.

وقوله: ( وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ) يقول: واسمعوا لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه ( وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لأنْفُسِكُمْ ) يقول: وأنفقوا مالا من أموالكم لأنفسكم تستنقذوها من عذاب الله، والخير في هذا الموضع المال.

وقوله: ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) يقول تعالى ذكره: ومن يَقِه الله شحَ نفسه، وذلك اتباع هواها فيما نهى الله عنه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني أَبو معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ) يقول: هوى نفسه حيث يتبع هواه ولم يقبل الإيمان.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جامع بن شدّاد، عن الأسود بن هلال، عن ابن مسعود ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ) قال: أن يعمد إلى مال غيره فيأكله، وقوله: ( فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) يقول: فهؤلاء الذين وُقُوا شحّ أنفسهم، المُنجحون الذين أدركوا طلباتهم عند ربهم.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ يأمر تعالى بتقواه التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة، فهذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه.
وقفة
[16] ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ يأمر تعالى بتقواه، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، وذلك بالاستطاعة والقدرة.
وقفة
[16] ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ما أرحم ربنا بنا إذ لم يكلفنا ما لا نطيق، وأورث من يخلص له تعالى الرضا والطمأنينة!
وقفة
[16] ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ التكليف في حدود المقدور للمكلَّف.
وقفة
[16] ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ مشكلة المسلمين الأساسية ليست مع المستحيل، إنما مع الممكن الذي تقاعسوا عن مباشرته والعمل علي تحقيقه.
وقفة
[16] ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ قال السعدي: «رحم الله من أعان على الدين ولو بشطر كلمة، وإنما الهلاك في ترك ما يقدر عليه العبد من الدعوة إلى هذا الدين».
وقفة
[16] هل قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ تحفيف أم تكليف؟ الجواب: يحتمل الأمرين، فإن قلنا المعنى: لا تقصروا عما تستطيعون، فهذا تكليف، وإن قلنا إن المعنى: لا يلزمكم فوق ما تستطيعون، فهو تخفيف، وأكثر الناس يستدلون بهذه الآية في التخفيف دون التكليف.
وقفة
[16] قال سعيد بن جبير: «لما نزلت: ﴿اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران: 102] اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورمَّت أقدامهم، فأنزل الله هذه الآية: ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ تخفيفًا على المسلمين.
وقفة
[16] لن تصل إلى التقوى إلا بجهد شديد ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾، ابذل أقصى جهدك لا بعضه.
وقفة
[16] كما أنه ﻻ أحد يستطيع أن يقول كل الباطل؛ فكذلك ﻻ أحد يستطيع أن يقول كل الحق، فالواجب عليك منه ما استطعت ﴿فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا﴾.
وقفة
[16] ﴿واسمعوا واطيعوا﴾ سماعك للمواعظ بقلب حاضر وبتفكر وتدبُّر يُثمر طاعة ويُنتج استجابة.
وقفة
[16] ﴿وَاسمَعوا وَأَطيعوا﴾ أوامر إلهية؛ فقل سمعت وأطعت؟
وقفة
[16] ﴿ومن يوق شح نفسه﴾ أصل المشكلة في نفسك أنت، جاهدها وخالف هواها؛ تكن من المفلحين.
وقفة
[16] ﴿ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ ليس الشح أن يمنع الرجل ماله، إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له.
وقفة
[16] ﴿ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ تزكية النفس من الداخل وتطهيرها من أعظم أسباب الفلاح.
وقفة
[16] ﴿ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ اتباعك لهوى نفسك؛ قد يحرمك خيرًا كثيرًا في الدنيا والآخرة؛ فجاهد لقهرها.
وقفة
[16] ﴿ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ حين يتيقن المسلم أن ما ينفقه في وجوه البر إنما هو إنفاق لنفسه لا لغيره؛ فإن ذلك يحفزه لبذل المزيد ليكون من الفائزين.
تفاعل
[16] ﴿فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من المفلحين.

الإعراب :

  • ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ:
  • الفاء استئنافية. اتقوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ:
  • مصدرية ظرفية. استطعتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وجملة «استطعتم» صلة الحرف المصدري لا محل لها من الاعراب. و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب على نيابة الظرفية متعلق باتقوا اي «ما استطعتم» جهدكم ووسعكم اي ابذلوا فيها استطاعتكم.
  • ﴿ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا:
  • الجمل الثلاث معطوفات على «اتقوا» وتعرب اعرابها. وحذفت مفاعيلها اختصارا لانها معلومة اي «واسمعوا» ما توعظون به «واطيعوا» فيما تؤمرون به وتنهون عنه، «وانفقوا» اموالكم في وجوه البر خالصة لوجه الله.
  • ﴿ خَيْراً:
  • مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره ائتوا خيرا وعلامة نصبه الفتحة وافعلوا ما هو خير لها وانفع. او يكون صفة مصدر محذوف تقديره «وانفقوا» انفاقا خيرا.
  • ﴿ لِأَنْفُسِكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بخيرا. والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- في محل جر بالاضافة والميم علامة الجمع
  • ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ:
  • اعربت في الآية الكريمة التاسعة من سورة «الحشر».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ التَّقْدِيرُ: وعِنْدَهُ عَذابٌ ألِيمٌ لِمَن خالَفَ؛ سَبَّبَ عنه قولُه تعالى:
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ..

التفسير :

[17] إن تنفقوا أموالكم في سبيل الله بإخلاص وطيب نفس، يضاعف الله ثواب ما أنفقتم، ويغفر لكم ذنوبكم. والله شكور لأهل الإنفاق بحسن الجزاء على ما أنفقوا، حليم لا يعجل بالعقوبة على مَن عصاه.

ثم رغب تعالى في النفقة فقال:{ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} وهو كل نفقة كانت من الحلال، إذا قصد بها العبد وجه الله تعالى وطلب مرضاته، ووضعها في موضعها{ يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} النفقة، بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.

{ و} مع المضاعفة أيضًا{ يغفر لَكُمُ} بسبب الإنفاق والصدقة ذنوبكم، فإن الذنوب يكفرها الله بالصدقات والحسنات:{ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} .

{ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} لا يعاجل من عصاه، بل يمهله ولا يهمله،{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} والله تعالى شكور يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه الكثير من الأجر، ويشكر تعالى لمن تحمل من أجله المشاق والأثقال، وناءبالتكاليف الثقال، ومن ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بالحض على الإنفاق في سبيله فقال: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، يُضاعِفْهُ لَكُمْ.

أى: إن تبذلوا أموالكم في وجوه الخير التي يحبها الله- تعالى-، بذلا مصحوبا بالإخلاص وطيب النفس، يضاعف الله- تعالى- لكم ثواب هذا الإنفاق والإقراض بأن يجعل لكم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف.

وَيَغْفِرْ لَكُمْ فضلا عن ذلك ذنوبكم ببركة هذا الإنفاق الخالص لوجهه الكريم.

وَاللَّهُ شَكُورٌ أى: كثير الشكر لمن أطاعه حَلِيمٌ لا يعاجل بالعقوبة المذنبين.

وقوله : ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم ) أي : مهما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ، ومهما تصدقتم من شيء فعليه جزاؤه ، ونزل ذلك منزلة القرض له ، كما ثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول : " من يقرض غير ظلوم ولا عديم " ولهذا قال : ( يضاعفه لكم ) كما تقدم في سورة البقرة : ( فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) [ البقرة : 245 ]

( ويغفر لكم ) أي : ويكفر عنكم السيئات . ولهذا قال : ( والله شكور ) أي : يجزي على القليل بالكثير ( حليم ) أي : يعفو ويصفح ويغفر ويستر ، ويتجاوز عن الذنوب والزلات والخطايا والسيئات .

يقول تعالى ذكره: وإن تنفقوا في سبيل الله، فتحسنوا فيها النفقة، وتحتسبوا بإنفاقكم الأجر والثواب يضاعف ذلك لكم ربكم، فيجعل لكم مكان الواحد سبعمائة ضعف إلى أكثر من ذلك مما يشاء من التضعيف يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فيصفح لكم عن عقوبتكم عليها مع تضعيفه نفقتكم التي تنفقون في سبيله ( وَاللَّهُ شَكُورٌ ) يقول: والله ذو شكر لأهل الإنفاق في سبيله، بحسن الجزاء لهم على ما أنفقوا في الدنيا في سبيله ( حَلِيمٌ ) يقول: حليم عن أهل معاصيه بترك معاجلتهم بعقوبته.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ﴾ المالُ مالُه؛ يُنعِمُ بهِ على عبدِه، ثمَّ يُنعِمُ بالتَّوفيقِ للصَّدقةِ، ثمَّ يُنعِمُ المُضاعَفَةِ والمُغفرِة.
وقفة
[17] ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ﴾ مضاعفة الثواب للمنفق في سبيل الله.
وقفة
[17] صدقاتنا قروض وودائع ستُرد لنا يوم القيامة مضاعفة، والموفق من استكثر ليوم حاجته ﴿إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم﴾.
وقفة
[17] ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ هل تشعر بآلام الذنوب هل تثقلك همومها وعد الله المقرضين المتصدقين بأن يغفر ذنوبهم.
وقفة
[17] ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ الذنوب يكفرها الله بالصدقات والحسنات.
وقفة
[17] ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ من ذا الذي يفوت هذه الفرصة العظيمة، أن يقرض الله مولاه فإنه سبحانه يرد القرض له أضعاف مضاعفة، بكرمه وإحسانه.
وقفة
[17] ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ إذا كـان في الـزراعة موسم للبذار، وفي التجــارة مـوســم للاستــيراد، وفـي السنــة المـدرسيــة مــوســم للاستعـداد للامتحـان، ففي سوق الصدقات موسم تزيد فيه الأرباح، هو رمضـــــان، فـاغـتـنـمـــوه.
وقفة
[17] إذا كان في المزارعة موسم للبذار، وفي التجارة موسم للاستيراد، وفي السنة المدرسية موسم للاستعداد للامتحان، ففي سوق الصدقات موسم تزيد فيه الأرباح، هو هذه الأيام من رمضان، فاغتنموها: ﴿إِن تُقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾.
وقفة
[17] ما أكرم الله! رزق عبده وأعطاه، ثم طلبه قرضًا؛ ليضاعفه له، ثم غفر وشكر وحلم ﴿إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم﴾.
وقفة
[17] ﴿قَرضًا حَسَنًا﴾ أى فى سبيل الله خالصًا بلا رياء ولا سمعة.
تفاعل
[17] ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ادعُ الله الآن أن يغفر لك.
وقفة
[17] ﴿وَاللَّـهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ شكور لمن شكر من عباده؛ حليم على من غفل، إلهنا يشكرنا حين نقبل، ويحلم حين نغفل.
وقفة
[17] ﴿وَاللَّـهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ الله شكور يعطي على العمل اليسير الأجر الكثير، وحليم لا يعاجل بالعقوبة.
وقفة
[17] ﴿واللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ والله تعالى شكور يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه الكثير من الأجر.
لمسة
[17، 18] ﴿وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ سجع مرصع غير متكلف بتوافق الفواصل.
وقفة
[17] ﴿حَليمٌ﴾ يمهلكم فلا يعجل بالعقوبة.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ:
  • حرف شرط جازم. تقرضوا: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ الجلالة: مفعول به اول منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة اي ان تسلفوا الله وذكر القرض تلطف به في الاستدعاء.
  • ﴿ قَرْضاً حَسَناً:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة. حسنا: صفة- نعت- لقرضا منصوبة بالفتحة ايضا.
  • ﴿ يُضاعِفْهُ لَكُمْ:
  • الجملة جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب وهي فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. لكم: جار ومجرور متعلق بيضاعفه والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «يُضاعِفْهُ لَكُمْ» وتعرب اعرابها وحذف مفعولها اختصارا اي ويغفر لكم ذنوبكم.
  • ﴿ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ:
  • الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. شَكُورٌ حَلِيمٌ: خبران للفظ الجلالة بالتتابع اي خبر بعد خبر مرفوعان بالضمة ويجوز ان يكون «حليم» صفة لشكور. و «شكور» من صيغ المبالغة: فعول بمعنى فاعل اي كثير الشكر. والكلمتان مجازيتان. اي يفعل بكم ما يفعل المبالغ في الشكر من عظم الثواب وكذلك «حليم» اي يفعل بكل ما يفعل من يحلم عن المسيء فلا يعاجلكم بالعقاب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَ اللهُ بالإنفاقِ، ورهَّبَ مِن ضِدِّه على وَجْهٍ أعَمَّ؛ رَغَّب فيه هنا؛ تأكيدًا لأمْرِه؛ لِما فيه مِن الصُّعوبةِ، لا سِيَّما في زمانِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّ المالَ فيه كان في غايةِ العِزَّةِ، قال تعالى:
﴿ إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :التغابن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

التفسير :

[18] وهو سبحانه العالم بكل ما غاب وما حضر، العزيز الذي لا يغالَب، الحكيم في أقواله وأفعاله.

{ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} أي:ما غاب عن العباد من الجنود التي لا يعلمها إلا هو، وما يشاهدونه من المخلوقات،{ الْعَزِيزُ} الذي لا يغالب ولا يمانع، الذي قهر كل الأشياء،{ الْحَكِيمُ} في خلقه وأمره، الذي يضع الأشياء مواضعها.

تم تفسير سورة التغابن [ولله الحمد].

عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أى: هو- سبحانه- يعلم علما تاما ما كان خافيا عليكم وما كان ظاهرا لكم، وهو- عز وجل- القوى الذي لا يغلبه غالب، الحكيم في كل أقواله وأفعاله.

وبعد فهذا تفسير لسورة «التغابن» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

" عالم الغيب والشهادة " أي يعلم كل شيء مما يشاهده العباد ومما يغيب عنهم ولا يخفى عليه منه شيء " العزيز الحكيم " أي ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره.

( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) يقول: عالم ما لا تراه أعين عباده ويغيب عن أبصارهم وما يشاهدونه فيرونه بأبصارهم ( الْعَزِيزُ ) يعني الشديد في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره ونهيه ( الْحَكِيمُ ) في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما يصلحهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[18] ﴿عالم الغيب والشهادة﴾ بدأ بعلم الغيب الذي تكون فيه أكثر الأسرار والأوزار، فلا يُغريك الظلام بالآثام.
وقفة
[18] ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي إن الله مطلع على كل ما غاب وحضر، وهو الغالب القاهر، المحكم الصنع والتدبير، خالق الأشياء، واهب الأرزاق، وهذا دليل على كمال علم الله سبحانه وكمال قدرته.

الإعراب :

  • ﴿ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره هو عالم. الغيب:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. وَالشَّهادَةِ: معطوفة بالواو على «الغيب» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة. والجملة الاسمية في محل رفع خبر ثالث للفظ الجلالة. ويجوز ان تكون بدلا من «شَكُورٌ حَلِيمٌ».
  • ﴿ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ:
  • تعرب اعراب «عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ» اي وهو الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. ويجوز ان يكون «الحكيم» صفة- نعتا- للعزيز مرفوعا بالضمة.'

المتشابهات :

السجدة: 6﴿ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
التغابن: 18﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا كان الحليمُ قد يُتَّهَمُ في حِلْمِه بأن يُنسَبَ إلى الجهلِ بالذَّنبِ أو بمِقْدارِه، قال تعالى:
﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف