4601112131415161718192021

الإحصائيات

سورة الزمر
ترتيب المصحف39ترتيب النزول59
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.90
عدد الآيات75عدد الأجزاء0.43
عدد الأحزاب0.85عدد الأرباع3.40
ترتيب الطول23تبدأ في الجزء23
تنتهي في الجزء24عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 7/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (11) الى الآية رقم (16) عدد الآيات (6)

العودةُ للأمرِ بإخلاصِ العبادةِ للهِ، ثُمَّ تهديدُ عُبَّادِ الأصنامِ، والتحذيرُ من خَسارةِ النَّفسِ والأهلِ، ثُمَّ وصفُ بعضِ عذابِ عُبَّادِ الأصنامِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (17) الى الآية رقم (21) عدد الآيات (5)

بعدَ وصفِ عذابِ عُبَّادِ الأصنامِ ناسَبَه ذكرُ البشري للذينَ اجتنبُوا عِبادةَ الأصنامِ، والثَّناءُ عليهم، ثُمَّ العودةُ لأدلَّةِ وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه: كإنزالِ المطرِ وإنباتِ النباتِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الزمر

الإخلاص لله/ المقابلات بين أحوال المؤمنين الموحِّدين وأحوال المشركين المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هدفها واضح جدًا::   أهمية الإخلاص لله، وأن نبتغي بأعمالنا وجه الله تعالى، ونبتعد عن الرياء. فمن أراد أن يختبر نفسه ويعرف مدى إخلاصه في عمله، وهل يدخل الرياء (أو الشرك الخفي) في عمله أم لا؟ فعليه أن يقرأ سورة الزُّمَر، ويعرض قلبه على آياتها.
  • • ميزان الإخلاص::   إياك أن يكون في عملك نية لغير الله، إياك أن تقول: فلان يراني، والناس تشير إلي، وتقول: هذا يحفظ القرآن، هذا يداوم على الصلاة في المسجد. أخلص لله تعالى في عبادتك، أخلصي لله تعالى في إرضائك لزوجك وطاعتك له، أخلصوا أيها الآباء والأمهات في تربية أولادكم على طاعة الله تعالى ونصرة الإسلام، أخلصوا في حياتكم كلها لله، تضمنوا زمرة المؤمنين في الجنة، وتكونوا ممن فهم سورة الزُّمَر، وحقّق مراد ربنا من هذه السورة.
  • • أيهما أصلح لك؟:   وبعد ذلك يضرب الله لنا مثلاً جميلاً يناسب معنى الإخلاص: ﴿ضَرَبَ ٱلله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَـٰكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (29). فهل يستوي من يعمل عند سيد واحد ومن يعمل عند عدة أسياد؟ وهل يكون الموظف الذي عنده مدير واحد كالموظف الذي يتلقى أوامره من عدة مدراء، بآراء ووظائف مختلفة؟ لذلك تأتي بعد هذا المثل مباشرة: ﴿ٱلْحَمْدُ لله﴾؛ لأن التوحيد نعمة تريح القلب وتصون العبد من الزلل، الحمد لله على نعمة التوحيد، وأنه إله واحد؛ لأن إخلاص العمل لله أنفع لقلبك وأجمع لهمتك وأدعى لقبول العمل، تعود عليك بركته في الدنيا، وأجره مضاعفاً في الآخرة.
  • • لماذا (الزمر)؟:   وكالعادة، يبقى سؤال مهم: وهو الحكمة من تسمية سورة الإخلاص لله باسم سورة الزمر.والسبب -والله أعلم- هو أن أكثر ما يعينك على إخلاص العمل لله تعالى، أن تكون في زمرة صالحة، أي صحبة صالحة، فسميّت السورة بهذا الاسم حتى تتذكر الزمرتين، زمرة أهل الجنة وزمرة أهل النار، كلما قرأت السورة، وتختار بنفسك من يعينك على الإخلاص ويكون رفيقًا لك في الدنيا، ومرافقًا لك عند دخول الجنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة الزُّمر».
  • • معنى الاسم ::   الزُّمر: جمع زُمْرَة، والزُّمْرَة: الجماعةُ من الناس والفوجُ، والزُّمر: الجماعات.
  • • سبب التسمية ::   : ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏في آخرها ‏زُمرة ‏السعداء ‏من ‏أهل ‏الجنة، وزُمرة ‏الأشقياء ‏من ‏أهل ‏النار، ولم يُذكر لفظ (الزمر) في غيرها قط.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الغُرَف»؛ لورود هذا اللفظ في الآية (20).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أهمية الإخلاص لله، وأن نبتغي بأعمالنا وجه الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن القرآن منزل من الله تعالى؛ فعلينا أن نتدبره ونعمل بما جاء فيه: ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله غني عن عبادتنا، وأن كل إنسان يحمل أوزاره يوم القيامة: ﴿إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ... وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الخير والشر بيد الله تعالى، فلا أخشى أحدًا غيره: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عن عَائِشَةَ قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ حَتَّى يَقْرَأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ».
    • عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ قال: «مَا في القُرآنِ آيةٌ أعظمُ فَرَجًا منْ آيةٍ في سورةِ الزُّمر: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (53)».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الزمر من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اهتمت السورة بالتأكيد على توحيد العبادة لله وحده.
    • اهتمت السورة أيضًا بالتأكيد على إخلاص العبادة لله وحده، والابتعاد عن الرياء، وقد تكرر مشتقات لفظ (الإخلاص) أربع مرات، مرة بلفظ (الخالص)، وثلاث مرات بلفظ (مخلصًا)، وهي تعتبر أكثر سورة تكرر فيها هذا اللفظ بعد سورة الصافات؛ حيث تكرر فيها لفظ (المخلصين) خمس مرات.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبتغي بأعمالنا وجه الله تعالى، ونبتعد عن الرياء.
    • أن نعبد الله وحده، ولا نشرك به شيئًا: ﴿أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (3).
    • أن نعرف الله في الرخاء كما نعرفه في الشدة: ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ﴾ (8).
    • ألا نحرم أنفسنا من صلاة الليل: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (9).
    • أن نهاجر في أرض الله الواسعة إذا ضيق علينا في بلد ولم نستطع إقامة شعائر الله: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَـٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةٌ﴾ (10).
    • أن نلزم الصدق من الآن في كل أقوالنا: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ (33). • أن نبادر بالتوبة قبل فوات الأوان: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ (53).
    • أن نحذر من الكذب على الله تعالى، والقول بما لا نعلم: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّـهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ (60).
    • أن نخلص العبادة لله تعالى ولا تشرك به شيئًا، فالشرك محبط للأعمال الصالحة: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّـهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (65، 66).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ * وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ (69، 70).

تمرين حفظ الصفحة : 460

460

مدارسة الآية : [11] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ..

التفسير :

[11] قل -أيها الرسول- للناس:إن الله أمرني ومن تبعني بإخلاص العبادة له وحده دون سواه،

أي{ قُلْ} يا أيها الرسول للناس:{ إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين} في قوله في أول السورة:{ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}

ثم أمر- سبحانه- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يبين للناس ما أمره به خالقه فقال: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ.

أى: قل لهم يا محمد إنى أمرت من قبل الله- عز وجل- أن أعبده عبادة خالصة لا مجال معها للشرك أو الرياء، أو غير ذلك مما يتنافى مع الطاعة التامة لخالقي- سبحانه-.

أي إنما أمرت بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له.

القول في تأويل قوله تعالى : قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: إن الله أمرني أن أعبده مفردا له الطاعة, دون كلّ ما تدعون من دونه من الآلهة والأنداد .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[11] ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ قال إبراهيم النخعي: «إن الرجل ليعمل العمل الحسن في أعين الناس، لا يريد به وجه الله: فيقع له المقت والعيب عند الناس حتى يكون عيبًا، وإنه ليعمل العمل أو الأمر يكرهه الناس يريد به وجه الله: فيقع له الإلفة والحسن عند الناس».
وقفة
[11] الإخلاص في الدين والعبادة من صفات النبي الكريم ﷺ ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾.
وقفة
[11] آيات تجدد في قلبك الإخلاص ﴿فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ [2]، ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾، ﴿قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي﴾ [14].
وقفة
[11] الإخلاص وسلامة المقصد صفة مهمة من صفات الكبار والقدوات، فما صعد إلى السماء أعز من الإخلاص، فهو سلعة المتقين وغنيمة المخبتين، وقد أمر الله سبحانه أعظم قائد صلى الله عليه وسلم بتحقيق الإخلاص، قال عز وجل: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ﴾.
وقفة
[11] ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ الإخلاصُ أمرُ اللهِ، وشَرطٌ في قبولِ العبادةِ.
وقفة
[11، 12] ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ فإن قيل: كيف عطف (أُمِرْتُ) على (أُمِرْتُ) والمعنى واحد؟ فالجواب أن الأول أمر بالعبادة والإخلاص، والثاني أمر بالسبق إلى الإسلام، فهما معنيان اثنان.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ:
  • قل: اعربت في الآية العاشرة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب اسم «ان» أمرت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل وجملة «أمرت» في محل رفع خبر «ان» وان مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به-مقول القول
  • ﴿ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. أعبد: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. وجملة أَعْبُدَ اللهَ» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر التقدير أمرت بعبادة الله. والجار والمجرور متعلق بأمرت.
  • ﴿ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ:
  • حال من ضمير المتكلم منصوب وعلامة نصبه الفتحة.له: جار ومجرور متعلق بالفعل العامل في «مخلصا» بمعنى أن اخلص له الدين. الدين: مفعول به منصوب باسم الفاعل «مخلصا» على تأويل أخلص له الدين وعلامة نصبه الفتحة أي باخلاص الدين.'

المتشابهات :

الرعد: 36﴿قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ
النمل: 91﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَـٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ
الزمر: 11﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     النصيحةُ الثانيةُ: وجوبُ الإخلاص في أعمال القلوب، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ

التفسير :

[12] وأمرني بأن أكون أول من أسلم من أمتي، فخضع له بالتوحيد، وأخلص له العبادة، وبرئ مِن كل ما دونه من الآلهة.

{ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} لأني الداعي الهادي للخلق إلى ربهم، فيقتضي أني أول من ائتمر بما آمر به، وأول من أسلم، وهذا الأمر لا بد من إيقاعه من محمد صلى الله عليه وسلم، وممن زعم أنه من أتباعه، فلا بد من الإسلام في الأعمال الظاهرة، والإخلاص للّه في الأعمال الظاهرة والباطنة.

وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ أى: أمرنى ربي بأن أخلص له العبادة إخلاصا تاما وكاملا، لكي أكون على رأس المسلمين وجوههم له، حتى يقتدى بي الناس في إخلاصى وطاعتي له- عز وجل-.

قال- تعالى-: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.

قال السدي يعني من أمته صلى الله عليه وسلم.

( وَأُمِرْتُ لأنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ) : يقول: وأمرني ربي جل ثناؤه بذلك, لأن أكون بفعل ذلك أوَّل من أسلم منكم, فخضع له بالتوحيد, وأخلص له العبادة, وبرئ من كل ما دونه من الآلهة.

التدبر :

وقفة
[12] ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ لأني الداعي الهادي للخلق إلى ربهم، فيقتضي أني أول من ائتمر بما آمر به، وأول من أسلم، وهذا الأمر لا بد من إيقاعه من محمد ﷺ، وممن زعم أنه من أتباعه.
عمل
[12] ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ كان النبي ﷺ أول المسلمين، فاقتدِ به وكن أول المصلين وأول المتصدقين وأول العافين.
عمل
[12] ﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ امتثل ما تدعو إليه، وكن في الصفوف الأولى، وإلا ماتت دعوتك في مهدها.
عمل
[12] ﴿أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ إذا فعلت فعلًا حسنًا؛ فبين للناس أنك فعلته لأن الإسلام أمرك بهذا، فإن لهذا التصرف أثره الحسن في نفوس الآخرين.

الإعراب :

  • ﴿ وَأُمِرْتُ لِأَنْ:
  • معطوفة بالواو على «أمرت» الأولى وتعرب اعرابها. لأن:اللام حرف جر للتعليل. ان: حرف مصدرية ونصب أي لأجل أن أكون.أو تكون اللام زائدة لا عمل لها.
  • ﴿ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ:
  • فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. أول: خبر «أكون» منصوب بالفتحة. المسلمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجملة أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» المصدرية وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأمرت. وفي حالة كون اللام مزيدة يكون المصدر المؤول في محل جر بحرف جر مقدر كما في الآية السابقة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     النصيحةُ الثالثةُ: وجوبُ الإخلاص في أعمال الجَوارج، قال تعالى :
﴿ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ ..

التفسير :

[13] قل -أيها الرسول- للناس:إني أخاف إن عصيت ربي فيما أمرني به من عبادته والإخلاص في طاعته عذاب يوم القيامة، ذلك اليوم الذي يعظم هوله.

{ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} في ما أمرني به من الإخلاص والإسلام.{ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} يخلد فيه من أشرك، ويعاقب فيه من عصى.

وقوله- سبحانه-: قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ بيان لسوء عاقبة الشرك والمشركين.

أى: وقل لهم- أيها الرسول الكريم- إنى أخاف إن عصيت ربي، فلم أخلص له العبادة والطاعة، عذاب يوم عظيم الأهوال: شديد الحساب، وهو يوم القيامة، ولذلك فأنا لشدة خوفي من عذاب خالقي، أكثرهم إخلاصا له- عز وجل- وامتثالا لأمره، ومحافظة على طاعته.

يقول تعالى : قل يا محمد وأنت رسول الله : ( إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) ، وهو يوم القيامة . وهذا شرط ، ومعناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى ،

وقوله تعالى: ( قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) : يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهم إني أخاف إن عصيت ربي فيما أمرني به من عبادته, مخلصا له الطاعة, ومفرده بالربوبية.( عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) : يعني عذاب يوم القيامة, ذلك هو اليوم الذي يعظم هوله.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[13] ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هكذا يحب الله من عبده أن يخشاه، فاصدق في تعظيمه وخشيته.
وقفة
[13] ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ خاف المعصوم، وما خاف كل جهول ظلوم.
وقفة
[13] ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ المعاصي توجب عذاب الله وغضبه.
وقفة
[13] ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي﴾ العاقلُ يتذكرُ قبل المعصيةِ ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
وقفة
[13] ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ هذا يقوله النبي عليه الصلاة والسلام! فهل يأمن بعد ذلك على عجره وبجره إلا مغرور!
وقفة
[13] يا عزيزي: كل هؤلاء الذين أغضبت ربك من أجلهم؛ لن يكونو معك حين تئن في ليلة مظلمة (وحده سبحانه سيكون معك) ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
وقفة
[13] يأمر الله رسوله ﷺ أن يقول: ﴿إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم﴾، وأنت كيف تعصي ولا تخاف العذاب؟!
تفاعل
[13] ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ إِنِّي أَخافُ:
  • تعرب اعراب قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ» الواردة في الآية الحادية عشرة. والفعل «أخاف» فعل مضارع مبني للمعلوم والضمير فيه في محل رفع فاعل. أي قل لهم.
  • ﴿ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة عشرة من سورة الأنعام.'

المتشابهات :

الأنعام: 15﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
الزمر: 13﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
يونس: 15﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     النصيحةُ الرابعةُ: وجوبُ الخوف من عذاب الله تعالى، قال تعالى:
﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ ..

التفسير :

[14] قل -أيها الرسول-:إني أعبد الله وحده لا شريك له مخلصاً له عبادتي وطاعتي،

{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} كما قال تعالى:{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}

قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي أى. وقل لهم- أيضا-: الله- تعالى- وحده هو الذي أعبده عبادة لا يحوم حولها شرك، ولا يخالطها شيء من الرياء أو التكلف.

فأنت ترى أن الله- تعالى- قد أمر نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يعلن للناس بأساليب متنوعة، أنه لن يتراجع عن طاعته التامة لربه، وأن عليهم أن يتأسوا به في ذلك.

قال الجمل: أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلم أولا: بأن يخبرهم بأنه مأمور بالعبادة والإخلاص فيها. وثانيا: بأن يخبرهم بأنه مأمور بأن يكون أول من أطاع وانقاد وأسلم.

وثالثا: بأن يخبرهم بخوفه من العذاب على تقدير العصيان.ورابعا: بأن يخبرهم بأنه امتثل الأمر وانقاد وعبد الله- تعالى- وأخلص له الدين على أبلغ وجه وآكده، إظهارا لتصلبه في الدين، وحسما لأطماعهم الفارغة،

( قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه ) وهذا أيضا تهديد وتبر منهم ،

القول في تأويل قوله تعالى : قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: الله أعبد مخلصا, مفردا له طاعتي وعبادتي, لا أجعل له في ذلك شريكا, ولكني أفرده بالألوهة, وأبرأ مما سواه من الأنداد والآلهة, فاعبدوا أنتم أيها القوم ما شئتم من الأوثان والأصنام, وغير ذلك مما تعبدون من سائر خلقه, فستعلمون وبال عاقبة عبادتكم ذلك إذا لقيتم ربكم.

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: قل يا محمد لمشركي قومك: الله أعبد مخلصا, مفردا له طاعتي وعبادتي, لا أجعل له في ذلك شريكا, ولكني أفرده بالألوهة, وأبرأ مما سواه من الأنداد والآلهة, فاعبدوا أنتم أيها القوم ما شئتم من الأوثان والأصنام, وغير ذلك مما تعبدون من سائر خلقه, فستعلمون وبال عاقبة عبادتكم ذلك إذا لقيتم ربكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[14] ﴿قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي﴾ أعلن التزامك وهويتك الإسلامية؛ ولا تبالِ بمن خالفك.
وقفة
[14] آيات تجدد في قلبك الإخلاص: ﴿فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ [2]، ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ [11]، ﴿قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي﴾.
وقفة
[14، 15] لا تجتمع في المرء عبودية الخالق وعبودية عبد الخالق، فإما أن يكون عبدًا لله أو عبدًا لعبد الله ﴿قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي
  • هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الحادية عشرة، ورفع الفعل «أعبد» بالضمة لتجرده عن الناصب والجازم. ولفظ‍ الجلالة: قدم على الفعل وهو منصوب للتعظيم بالفعل والياء في «ديني» ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة أي قل لهم وكسرت لام «قل» لالتقاء الساكنين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد الأمرِ بوجوبِ الإخلاصِ؛ أمَرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم هنا بأن يعيد التصريح بأنه يعبد الله وحده؛ لأهميته، قال تعالى:
﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ..

التفسير :

[15] فاعبدوا أنتم -أيها المشركون- ما شئتم من دون الله من الأوثان والأصنام وغير ذلك من مخلوقاته، فلا يضرني ذلك شيئاً. وهذا تهديد ووعيد لمن عبد غير الله، وأشرك معه غيره. قل -أيها الرسول-:إن الخاسرين -حقّاً- هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، وذلك ب

{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} كما قال تعالى:{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}

{ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ} حقيقة هم{ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} حيث حرموها الثواب، واستحقت بسببهم وخيم العقاب{ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي:فرق بينهم وبينهم، واشتد عليهم الحزن، وعظم الخسران.{ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} الذي ليس مثله خسران، وهو خسران مستمر، لا ربح بعده، بل ولا سلامة.

وتمهيدا لتهديدهم بقوله: فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ... .

فالأمر في قوله- تعالى-: فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ... للتهديد والتقريع والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها.

والمعنى. إذا كان الأمر كما ذكرت لكم- أيها المشركون- من أنى أول المسلمين وجوههم لله- تعالى- وحده، فاعبدوا ما شئتم أن تعبدوه من دونه- عز وجل- فسترون عما قريب سوء عاقبة شرككم وجحودكم لنعم الله- تعالى-.

وقوله: قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بيان لسوء عاقبة من أعرض عن دعوة الحق، وقوله: الَّذِينَ خَسِرُوا.. خبر إن.

أى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: ليس الخاسرون هم الذين أخلصوا عبادتهم لله- تعالى- وحده- كما زعمتم- وإنما الخاسرون هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، بسبب إلقائهم في النار، وحرمانهم من النعيم الذين أعده الله- تعالى- لعباده المؤمنين.

وقال- سبحانه- خسروا أنفسهم وأهليهم للإشعار بأن هؤلاء المشركين لم يخسروا أنفسهم فقط بسبب دخلوهم النار، وإنما خسروا فوق ذلك أهليهم لأنهم حيل بينهم وبين أهليهم، لأن أهليهم إن كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم، وإن كانوا من أهل الجنة فقد ذهبوا عنهم ذهابا لا رجوع بعده.

وجملة: أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ مستأنفة لتأكيد ما قبلها، وتصديرها بحرف التنبيه، للإشعار بأن هذا الخسران الذي حل بهم قد بلغ الغاية والنهاية في بابه.

( قل إن الخاسرين ) أي : إنما الخاسرون كل الخسران ( الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ) أي : تفارقوا فلا التقاء لهم أبدا ، سواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار ، أو أن الجميع أسكنوا النار ، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور ، ( ذلك هو الخسران المبين ) أي : هذا هو الخسار البين الظاهر الواضح .

وقوله: ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهم: إن الهالكين الذين غَبَنوا أنفسهم, وهلكت بعذاب الله أهلوهم مع أنفسهم, فلم يكن لهم إذ دخلوا النار فيها أهل, وقد كان لهم في الدنيا أهلون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قال: هم الكفار الذين خلقهم الله للنار, وخلق النار لهم, فزالت عنهم الدنيا, وحرمت عليهم الجنة, قال الله: خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ .

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قال: هؤلاء أهل النار, خسروا أنفسهم في الدنيا, وخسروا الأهلين, فلم يجدوا في النار أهلا وقد كان لهم في الدنيا أهل.

حُدثت عن ابن أبي زائدة, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قال: غبنوا أنفسهم وأهليهم, قال: يخسرون أهليهم, فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم, ويخسرون أنفسهم, فيهلكون في النار, فيموتون وهم أحياء فيخسرونهما.

وقوله: ( أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) يقول تعالى ذكره: ألا إن خسران هؤلاء المشركين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة, وذلك هلاكها هو الخسران المبين, يقول تعالى ذكره: هو الهلاك الذي يبين لمن عاينه وعلمه أنه الخسران.

التدبر :

وقفة
[15] ﴿فَاعبُدوا ما شِئتُم مِن دونِهِ قُل إِنَّ الخاسِرينَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم وَأَهليهِم يَومَ القِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ﴾ الله غنى عنكم وأنتم الخاسرون.
وقفة
[15] ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي: تفارقوا؛ فلا التقاء لهم أبدًا، وسواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار، أو أن الجميع أسكنوا النار، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور.
تفاعل
[15] ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[15] من فاز بدينه لم يخسر شيئًا، ومن خسر دينه لم يفز بشيء، وليس في حظوظ الدنيا ما يؤسف عليه ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
عمل
[15] تعاون مع أحد أفراد أسرتك على عمل صالح؛ رجاء أن تفوزوا جميعًا يوم القيامة ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾.
وقفة
[15] أشد الناس خسرانًا من خسر نفسه وأهله يوم القيامة ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾.
وقفة
[15] ﴿خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ حين يُساق الأهل للجنات، ويبقى أحدهم في النار! يا للغبن هناك كيف يكون؟
وقفة
[15] ﴿ألا ذلك هو الخسران المبين﴾ الخسارة الحقيقة أن يكون للجنَّة ثمانية أبواب، الباب ما بين مصراعيه كما بين المشرق والمغرب، ثم لا يُفتح لك، جعلنا الله وإياكم من أهل جنته.

الإعراب :

  • ﴿ فَاعْبُدُوا ما:
  • الفاء استئنافية. اعبدوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ شِئْتُمْ:
  • الجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ:
  • جار ومجرور متعلق باعبدوا، الهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. ويجوز أن يتعلق بصفة محذوفة لمفعول «شئتم» المحذوف. أي ما شئتم عبادته من دون الله. بمعنى ما أردتم.
  • ﴿ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ:
  • قل: سبق اعربها. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الخاسرين: اسم «انّ» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر «انّ» أو في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هم الذين والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «انّ» والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الاعراب و «ان» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة «وأنفس» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَأَهْلِيهِمْ:
  • معطوفة بالواو على «أنفسهم» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها ملحق بجمع المذكر السالم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.أي وخسروا أهليهم لأنهم كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم وان كانوا من أهل الجنة يعني وخسروا أهليهم الذين كانوا يكونون لهم لو أنهم آمنوا. وحذفت النون من «أهلين» للاضافة.
  • ﴿ يَوْمَ الْقِيامَةِ:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخسروا وهو مضاف. القيامة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ أَلا ذلِكَ:
  • حرف استفتاح أو تنبيه لا عمل له. ذلك: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب.
  • ﴿ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ:
  • هو: ضمير فصل أو عماد. الخسران: خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. المبين: صفة-نعت-للخسران مرفوعة بالضمة.والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها من الاعراب. والأفصح أن يعرب «هو» ضميرا منفصلا في محل رفع مبتدأ و «الخسران» خبره والجملة الاسمية هُوَ الْخُسْرانُ» في محل رفع خبر «ذلك».'

المتشابهات :

الزمر: 15﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
الشورى: 45﴿وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن كَرَّرَ اللهُ الأمرَ بالإخلاص؛ هَدَّدَ هنا المشركين وتوعدهم، وذكرَ حالَهم يوم القيامة، قال تعالى:
﴿ فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ..

التفسير :

[16] أولئك الخاسرون لهم يوم القيامة في جهنم مِن فوقهم قطع عذاب من النار كهيئة الظُّلل المبنية، ومِن تحتهم كذلك. ذلك العذاب الموصوف يخوِّف الله به عباده؛ ليحْذَروه. يا عباد فاتقوني بامتثال أوامري واجتناب معاصيَّ.

ثم ذكر شدة ما يحصل لهم من الشقاء فقال:{ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ} أي:قطع عذاب كالسحاب العظيم{ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}

{ ذَلِكَ} الوصف الذي وصفنا به عذاب أهل النار، سوط يسوق الله به عباده إلى رحمته،{ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} أي:جعل ما أعده لأهل الشقاء من العذاب داع يدعو عباده إلى التقوى، وزاجر عما يوجب العذاب. فسبحان من رحم عباده في كل شيء، وسهل لهم الطرق الموصلة إليه، وحثهم على سلوكها، ورغبهم بكل مرغب تشتاق له النفوس، وتطمئن له القلوب، وحذرهم من العمل لغيره غاية التحذير، وذكر لهم الأسباب الزاجرة عن تركه.

وقوله- سبحانه-: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ... تفصيل لهذا الخسران بعد تهويله عن طريق الإبهام والإجمال.

والظلل: جمع ظلة، وأصلها السحابة التي تظل ما تحتها، والمراد بها هنا طبقات النار التي تكون من فوقهم ومن تحتهم. وأطلق عليها هذا الاسم من باب التهكم بهم، إذ الأصل في الظلل أنها تقى من الحر، بينما الظلل التي فوق المشركين وتحتهم محرقة.

أى: لهؤلاء المشركين طبقات من النار من فوقهم، وطبقات أخرى من النار من تحتهم، فهم محاطون بها من كل جانب، ولا يستطيعون التفلت منها.

قال الجمل في حاشيته: «فإن قلت: الظلة ما فوق الإنسان فكيف سمى ما تحته بالظلة؟.

قلت: فيه وجوه: الأول: أنه من باب إطلاق اسم أحد الضدين على الآخر. الثاني: أن الذي تحته من النار يكون ظلة لآخر تحته في النار لأنها دركات. الثالث: أن الظلة التحتانية إذا كانت مشابهة الفوقانية في الإيذاء والحرارة، سميت باسمها لأجل المماثلة والمشابهة» .

واسم الإشارة في قوله: ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ ... يعود إلى العذاب الشديد الذي أعده- سبحانه- لأولئك المشركين.

أى: ذلك العذاب الشديد يخوف الله- تعالى- به عباده، حتى يحذروا ما يوصل إليه، ويجتنبوا كل قول أو فعل من شأنه أن يفضى إلى النار.

وقوله- تعالى-: يا عِبادِ فَاتَّقُونِ نداء منه- تعالى- للناس يدل على رحمته بهم، وفضله عليهم، أى: عليكم يا عبادي أن تلتزموا طاعتي، وتجتنبوا معصيتي، لكي تنالوا رضائى وجنتي، وتبتعدوا عن سخطى وناري.

وإلى هنا نرى هذه الآيات الكريمة قد بشرت الصابرين بالعطاء الذي لا يعلم مقدار فضله إلا الله- تعالى-، وأمرت بإخلاص العبادة لله- سبحانه- بأساليب متنوعة، وحذرت المشركين من سوء المصير إذا ما استمروا في شركهم وكفرهم.

وبعد أن بين- سبحانه- ما أعده للخاسرين من عذاب أليم، أتبع ذلك ببيان ما أعده للمتقين من نعيم مقيم، فقال- تعالى-:

ثم وصف حالهم في النار فقال : ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ) كما قال : ( لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين ) [ الأعراف : 41 ] ، وقال : ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون ) [ العنكبوت : 55 ] .

وقوله : ( ذلك يخوف الله به عباده ) أي : إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوف به عباده ، لينزجروا عن المحارم والمآثم .

وقوله : ( يا عباد فاتقون ) أي : اخشوا بأسي وسطوتي ، وعذابي ونقمتي .

القول في تأويل قوله تعالى : لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)

يقول تعالى ذكره لهؤلاء الخاسرين يوم القيامة في جهنم: ( مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ) وذلك كهيئة الظلل المبنية من النار ( وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ) يقول: ومن تحتهم من النار ما يعلوهم, حتى يصير ما يعلوهم منها من تحتهم ظللا وذلك نظير قوله جلّ ثناؤه لَهُمْ: مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ يغشاهم مما تحتهم فيها من المهاد.

وقوله: ( ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي أخبرتكم أيها الناس به, مما للخاسرين يوم القيامة من العذاب, تخويف من ربكم لكم, يخوفكم به لتحذروه, فتجتنبوا معاصيه, وتنيبوا من كفركم إلى الإيمان به, وتصديق رسوله, واتباع أمره ونهيه, فتنجوا من عذابه في الآخرة ( فَاتَّقُونِ ) يقول: فاتقوني بأداء فرائضي عليكم, واجتناب معاصيّ, لتنجوا من عذابي وسخطي.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ الظلل من فوق لكن كيف تكون من تحت؟ قال الطاهر بن عاشور: «أما إطلاق الظلال على الطبقات التي تحتهم فهو من باب المشاكلة، ولأن الطبقات التي تحتهم من النار تكون ظللًا لكفار آخرين؛ لأن جهنم دركات كثيرة».
وقفة
[16] شتان بين من يعبد الله مخلصًا وبين من يشرك معه غيره! وشتان بين: غرف من فوقها غرف وبين: ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾.
وقفة
[16] ﴿لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِن تَحتِهِم ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقونِ﴾ هذه الآية لها مثيل بنفس المعنى فى سورة الأعراف: ﴿لَهُم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِن فَوقِهِم غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجزِي الظّالِمينَ﴾ [الأعراف: 41].
وقفة
[16] ﴿لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِن تَحتِهِم ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقونِ﴾ يلتحفون بالنار ويفترشونها، يا رب سلم.
تفاعل
[16] ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[16] ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ إن خفتَه اليوم كفاك الله خوف الغد، وإلا فبين يديك يوم القيامة مخاوف عظيمة.

الإعراب :

  • ﴿ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ:
  • الجملة الاسمية في محل نصب حال من الخاسرين.اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. من فوق: جار ومجرور متعلق بحال من ظلل لأنه في الأصل متعلق بصفة محذوفة منها قدمت عليها. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. ظلل: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى فوق رءوسهم أطباق من النار. وهي جمع «ظلة».
  • ﴿ مِنَ النّارِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لظلل. و «من» حرف جر بياني لبيان جنس «الظلل» وتمييز لها. أي التي هي النار لأن «ظلل» مبهمة تبنيت بمعنى النار.
  • ﴿ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ:
  • معطوفة بالواو على مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ» وتعرب اعرابها فحذف «الجار والمجرور من النار» اختصارا لأنه معلوم ولأن ما قبله يدل عليه.
  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. أي ذلك العذاب.
  • ﴿ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. يخوف:فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. به: جار ومجرور متعلق بالفعل «يخوف» عباده: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: يتوعد الله بالعذاب عباده ويخوفهم ليجتنبوا ما يوقعهم فيه.
  • ﴿ يا عِبادِ:
  • يا: أداة نداء. عباد: منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة والياء المحذوفة اكتفاء بالكسرة ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَاتَّقُونِ:
  • الفاء سببية أو عاطفة على مضمر بمعنى ولا تؤتوا ما يغضبني بل اتعظوا وخافوني. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكسرة دالة على الياء المحذوفة. النون نون الوقاية والياء المحذوفة ضمير متصل في محل نصب مفعول به'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ خُسرانَهم أنفُسَهم وأهليهم؛ ذَكَرَ هنا حالَهم في جَهنَّمَ، قال تعالى:
﴿ لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا ..

التفسير :

[17]والذين اجتنبوا طاعة الشيطان وعبادة غير الله، وتابوا إلى الله بعبادته وإخلاص الدين له، لهم البشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن والتوفيق من الله، وفي الآخرة رضوان الله والنعيم الدائم في الجنة. فبشِّر -أيها النبي-عبادي

لما ذكر حال المجرمين ذكر حال المنيبين وثوابهم، فقال:{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} والمراد بالطاغوت في هذا الموضع، عبادة غير اللّه، فاجتنبوها في عبادتها. وهذا من أحسن الاحتراز من الحكيم العليم، لأن المدح إنما يتناول المجتنب لها في عبادتها.

{ وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ} بعبادته وإخلاص الدين له، فانصرفت دواعيهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الملك العلام، ومن الشرك والمعاصي إلى التوحيد والطاعات،{ لَهُمُ الْبُشْرَى} التي لا يقادر قدرها، ولا يعلم وصفها، إلا من أكرمهم بها، وهذا شامل للبشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن، والرؤيا الصالحة، والعناية الربانية من اللّه، التي يرون في خلالها، أنه مريد لإكرامهم في الدنيا والآخرة، ولهم البشرى في الآخرة عند الموت، وفي القبر، وفي القيامة، وخاتمة البشرى ما يبشرهم به الرب الكريم، من دوام رضوانه وبره وإحسانه وحلول أمانه في الجنة.

ولما أخبر أن لهم البشرى، أمره اللّه ببشارتهم، وذكر الوصف الذي استحقوا به البشارة فقال:{ فَبَشِّرْ عِبَادِ}

الطاغوت: يطلق على كل معبود سوى الله- تعالى- كالشيطان والأصنام وما يشبههما، مأخوذ من الطغيان، وهو مجاوزة الحد في كل شيء. ويستعمل في الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

والاسم الموصول مبتدأ. وجملة «أن يعبدوها» بدل اشتمال من الطاغوت، وجملة «لهم البشرى» هي الخبر.

والمعنى: والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت، وكرهوا عبادة غير الله- تعالى- أيا كان هذا المعبود، وأقبلوا على الخضوع والخشوع له وحده- عز وجل-.

أولئك الذين يفعلون ذلك «لهم البشرى» العظيمة في حياتهم، وعند مماتهم، وحين يقفون بين يدي الله- تعالى-: فَبَشِّرْ عِبادِ أى: فبشر- أيها الرسول الكريم- عبادي الذين هذه مناقبهم، وتلك صفاتهم....

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه : ( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ) نزلت في زيد بن عمرو بن نفيل ، وأبي ذر ، وسلمان الفارسي .

والصحيح أنها شاملة لهم ولغيرهم ، ممن اجتنب عبادة الأوثان ، وأناب إلى عبادة الرحمن . فهؤلاء هم الذين لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

وقوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ ) : أي اجتنبوا عبادة كلّ ما عبد من دون الله من شيء. وقد بيَّنا معنى الطاغوت فيما مضى قبل بشواهد ذلك, وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع, وذكرنا أنه في هذا الموضع: الشيطان, وهو في هذا الموضع وغيره بمعنى واحد عندنا.

ذكر من قال ما ذكرنا في هذا الموضع:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ ) قال: الشيطان.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ) قال: الشيطان.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ) قال: الشيطان هو ها هنا واحد وهي جماعة.

والطاغوت على قول ابن زيد هذا واحد مؤنث, ولذلك قيل: أن يعبدوها. وقيل: إنما أُنثت لأنها في معنى جماعة.

وقوله: ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ ) يقول: وتابوا إلى الله ورجعوا إلى الإقرار بتوحيده, والعمل بطاعته, والبراءة مما سواه من الآلهة والأنداد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا زيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ ) : وأقبلوا إلى الله.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ ) قال: أجابوا إليه.

وقوله: ( لَهُمُ الْبُشْرَى ) يقول: لهم البشرى في الدنيا بالجنة في الآخرة ( فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ) يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فبشر يا محمد عبادي الذين يستمعون القول من القائلين, فيتبعون أرشده وأهداه, وأدله على توحيد الله, والعمل بطاعته, ويتركون ما سوى ذلك من القول الذي لا يدل على رشاد, ولا يهدي إلى سداد.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) وأحسنه طاعة الله.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, في قوله: ( فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) قال: أحسن ما يؤمرون به فيعلمون به.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ كلمةُ مَدْحٍ من المُدير تحفِّزُكَ، ومدحُ ربِّ العالمينَ لا يُحرِّكُ فيكَ سَاكنًا!
تفاعل
[17] ﴿وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ ادعُ الله أن يجعلك من هؤلاء، واستبشر الآن.
وقفة
[17، 18] أهل العقول الراجحة والقلوب الزاكية يحسنون الاستماع لما ينفعهم، ويميزون بين الحسن والأحسن، ويتبعون الأحسن، وهؤلاء هم الذين استحقوا البشرى من ربهم بقوله: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾، فما أعظمه من ثناء! وما أشد غفلة الكثير عن تدبر مثل هذه الآيات!
وقفة
[17، 18] ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ من أدب الاستماع: سكون الجوارح، وغض البصر، والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، والعزم على العمل، وذلك هو الاستماع كما يحب الله تعالى.
وقفة
[17، 18] ﴿فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه﴾ انتبه يا من تتساهل في أمور الدين، قال: ﴿أحسنه﴾ وليس أيسره!

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ:
  • الواو استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الطاغوت: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ أَنْ يَعْبُدُوها:
  • حرف مصدرية ونصب. يعبدوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة «يعبدوها» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ان» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب بدل من «الطاغوت» بدل اشتمال بمعنى: اجتنبوا عبادة الشيطان.
  • ﴿ وَأَنابُوا إِلَى اللهِ:
  • معطوفة بالواو على «اجتنبوا» وتعرب اعرابها. الى الله:جار ومجرور للتعظيم متعلق بأنابوا. أي وتابوا الى الله.
  • ﴿ لَهُمُ الْبُشْرى:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم.البشرى: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. أي لهم البشرى بالثواب.
  • ﴿ فَبَشِّرْ:
  • الفاء استئنافية. بشر: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ عِبادِ:
  • مفعول به منصوب وهو مضاف وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة والياء المحذوفة اكتفاء بالكسرة ضمير متصل في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿والَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أن يَعْبُدُوها﴾ قالَ ابْنُ زَيْدٍ: نَزَلَتْ في ثَلاثَةِ نَفَرٍ كانُوا في الجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. وهم: زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وأبُو ذَرٍّ الغِفارِيُّ، وسَلْمانُ الفارِسِيُّ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد وصفِ عذابِ عُبَّادِ الأصنامِ؛ ناسَبَه ذكرُ البشرى للذينَ اجتنبُوا عِبادةَ الأصنامِ، والثَّناءُ عليهم، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الطاغوت:
وقرئ:
الطواغيت، جمعا، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [18] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ..

التفسير :

[18]الذين يستمعون القول فيتبعون أرشده. وأحسن الكلام وأرشده كلام الله ثم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم. أولئك هم الذين وفقهم الله للرشاد والسداد، وهداهم لأحسن الأخلاق والأعمال، وأولئك هم أصحاب العقول السليمة.

{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ}

وهذا جنس يشمل كل قول فهم يستمعون جنس القول ليميزوا بين ما ينبغي إيثاره مما ينبغي اجتنابه، فلهذا من حزمهم وعقلهم أنهم يتبعون أحسنه، وأحسنه على الإطلاق كلام اللّه وكلام رسوله، كما قال في هذه السورة:{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} الآية.

وفي هذه الآية نكتة، وهي:أنه لما أخبر عن هؤلاء الممدوحين أنهم يستمعون القول فيتبعون أحسنه، كأنه قيل:هل من طريق إلى معرفة أحسنه حتى نتصف بصفات أولي الألباب، وحتى نعرف أن من أثره علمنا أنه من أولي الألباب؟

قيل:نعم، أحسنه ما نص اللّه عليه{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} الآية.

{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ} لأحسن الأخلاق والأعمال{ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} أي:العقول الزاكية.

ومن لبهم وحزمهم، أنهم عرفوا الحسن من غيره، وآثروا ما ينبغي إيثاره، على ما سواه، وهذا علامة العقل، بل لا علامة للعقل سوى ذلك، فإن الذي لا يميز بين الأقوال، حسنها، وقبيحها، ليس من أهل العقول الصحيحة، أو الذى يميز، لكن غلبت شهوته عقله، فبقي عقله تابعا لشهوته فلم يؤثر الأحسن، كان ناقص العقل.

ثم وصفهم- سبحانه- بما يدل على صفاء عقولهم، وطهارة قلوبهم، فقال: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ....

وللعلماء في تفسير هذه الجملة الكريمة أقوال منها: أن المراد بالقول الذي يتبعون أحسنه.

ما يشمل تعاليم الإسلام كلها النابعة من الكتاب والسنة.

والمراد بالأحسن الواجب والأفضل، مع جواز الأخذ بالمندوب والحسن.

فهم يتركون العقاب مع أنه جائز، ويأخذون بالعفو لأنه الأفضل، كما قال- تعالى- وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى....

وكما قال- سبحانه-: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.

فيكون المعنى: الذين يستمعون الأقوال الحسنة والأشد حسنا فيأخذون بما هو أشد حسنا ومنها أن المراد بالقول هنا ما يشمل الأقوال كلها سواء أكانت طيبة أم غير طيبة. فهم يستمعون من الناس إلى أقوال متباينة، فيتبعون الطيب منها، وينبذون غيره.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: قوله: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. هم الذين اجتنبوا وأنابوا لا غيرهم، وإنما أراد بهم أن يكونوا مع الاجتناب والإنابة على هذه الصفة ... وأراد أن يكونوا نقادا في الدين، مميزين بين الحسن والأحسن، والفاضل والأفضل، فإذا اعترضهم أمران: واجب ومندوب، اختاروا الواجب ... فهم حريصون على فعل ما هو أكثر ثوابا عند الله..

وقيل: يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن. وقيل: يستمعون أوامر الله فيتبعون أحسنها. نحو القصاص والعفو، والانتصار والإغضاء..

وعن ابن عباس: هو الرجل يجلس مع القوم فيسمع الحديث فيه محاسن ومساوئ، فيحدث بأحسن ما سمع، ويكف عما سواه. .

ويبدو لنا أن هذا القول الأخير المأثور عن ابن عباس- رضى الله عنهما- هو أقرب الأقوال إلى الصواب، لأنه هو الظاهر من معنى الجملة الكريمة.

وقوله- سبحانه-: أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ ثناء آخر من الله- تعالى- على هؤلاء المؤمنين الذين اجتنبوا عبادة الطاغوت، وأخلصوا لله- تعالى- العبادة.

أى: أولئك الذين هداهم الله- تعالى- إلى دينه الحق، وإلى الصراط المستقيم، وأولئك هم أصحاب العقول السليمة، والمدارك القويمة، والقلوب الطاهرة النقية..

قال الآلوسى: وفي الآية دلالة على حط قدر التقليد المحض، ولذا قيل:

شمر وكن في أمور الدين مجتهدا ... ولا تكن مثل عير قيد فانقادا

واستدل بها على أن الهداية تحصل بفعل الله- تعالى- وقبول النفس لها ... . ثم بين- سبحانه- أن من أحاطت به خطيئته، لن يستطيع أحد إنقاذه من العذاب.

ثم قال : ( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) أي : يفهمونه ويعملون بما فيه ، كقوله تعالى لموسى حين آتاه التوراة : ( فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) [ الأعراف : 145 ] .

( أولئك الذين هداهم الله ) أي : المتصفون بهذه الصفة هم الذين هداهم الله في الدنيا والآخرة ، أي : ذوو العقول الصحيحة ، والفطر المستقيمة .

وقوله: ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره: الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, الذين هداهم الله, يقول: وفقهم الله للرشاد وإصابة الصواب, لا الذين يعرضون عن سماع الحقّ, ويعبدون ما لا يضرّ, ولا ينفع. وقوله: ( أُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ ) يعني: أولو العقول والحجا.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت في رهط معروفين وحَّدوا الله, وبرئوا من عبادة كل ما دون الله قبل أن يُبعث نبيّ الله, فأنـزل الله هذه الآية على نبيه يمدحهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ... ) الآيتين, حدثني أبي أن هاتين الآيتين نـزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلا الله: زيد بن عمرو, وأبي ذرّ الغفاري, وسلمان الفارسيّ, نـزل فيهم: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا ) في جاهليتهم ( وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) لا إله إلا الله, أولئك الذين هداهم الله بغير كتاب ولا نبي ( وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الألْبَابِ ).

التدبر :

وقفة
[18] ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ هكذا يُعرف أهل العقول السليمة بتمييز الحسن من القبيح.
وقفة
[18] ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ قال ابن عباس: «هو الرجل يسمع الحسن والقبيح، فيتحدث بالحسن، وينكف عن القبيح، فلا يتحدث به»، وقيل: «يستمعون القرآن وغيره؛ فيتبعون القرآن».
وقفة
[18] ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ منهج حياة لأولى الألباب، فاستماعهم واسع، واتّباعهم ضيّق، يستمعون أقوالًا، ويختارون للاتِّباع أحسنها.
وقفة
[18] ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ هذا جنس يشمل كل قول؛ فهم يستمعون جنس القول ليميزوا بين ما ينبغي إيثاره مما ينبغي اجتنابه، فلهذا من حزمهم وعقلهم أنهم يتبعون أحسنه، وأحسنه على الإطلاق كلام الله وكلام رسوله؛ كما قال في هذه السورة: ﴿اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا﴾ [23]، فإن الذي لا يميز بين الأقوال: حسنها، وقبيحها ليس من أهل العقول الصحيحة، أو الذي يميز لكن غلبت شهوته عقله، فبقي عقله تابعاً لشهوته، فلم يؤثر الأحسن؛ كان ناقص العقل.
تفاعل
[18] ﴿الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُم أُولُو الأَلبابِ﴾ قل: «اللهم اجعلنا منهم».
وقفة
[18] ﴿الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُم أُولُو الأَلبابِ﴾ ستتبع الأحسن عندما تسمع الأحسن.
وقفة
[18] ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ يستمعون القرآن فيتبعون بأعمالهم أحسنه؛ من العفو الذي هو أحسن من الانتصار، وشبه ذلك.
وقفة
[18] كثيرًا ما يصف الناس الرجل الماهر في جمع حطام الدنيا بالذكاء، ورجاحة العقل، بخلاف الرجل الذي يجتهد في تحصيل أجور الآخرة بالعمل الصالح، والله سبحانه وصف المتقين والمتذكرين والعاملين والمهتدين بأنهم هم أصحاب العقول حقًّا: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
وقفة
[18] ما أكثر أحاديث الناس ورسائلهم، لكن علامة المهتدي هي اتباع أحسن ما يسمع: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ﴾.
عمل
[18] استمع إلى محاضرة، أو كلمة في مسجد، وطبق ما فيها ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
عمل
[18] استمع إلى آيات من كتاب الله، وطبق ما فيها ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
عمل
[18] ﴿فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ استمِع واتَّبِع.
وقفة
[18] ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ﴾ هداية التوفيق إلى الإيمان بيد الله، وليست بيد الرسول ﷺ.
تفاعل
[18] ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ﴾ ادعُ الله الآن أن يهديك إلى الصراط المستقيم.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت-للعباد. أو في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية «أولئك مع خبرها» في محل رفع خبر «الذين».
  • ﴿ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. يستمعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. القول: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ:
  • معطوفة بالفاء على يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ» وتعرب اعرابها والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أُولئِكَ الَّذِينَ:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك» ويجوز أن تكون «أولئك» خبر مبتدأ محذوف تقديره «هم» و «الذين» في محل رفع بدلا من «أولئك» وجملة «هم أولئك» في محل رفع خبر «الذين» الأولى.
  • ﴿ هَداهُمُ اللهُ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.هدى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وحذفت الصلة بمعنى هداهم الله الى سبيله القويم. أي طريقه القويم.
  • ﴿ وَأُولئِكَ هُمْ:
  • معطوفة بالواو على «أولئك» الأولى وتعرب اعرابها. هم:ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ أُولُوا الْأَلْبابِ:
  • خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. الألباب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.بمعنى: ذوو الألباب أي اصحاب العقول والجملة الاسمية هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ» في محل رفع خبر «أولئك» ويجوز أن تكون «هم» ضمير فصل أو عماد لا محل لها من الاعراب و «أولو» خبر «أولئك».'

المتشابهات :

الأنعام: 90﴿ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ
الزمر: 18﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ (١٨)) قالَ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: إنَّ أبا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ آمَنَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وصَدَّقَهُ، فَجاءَ عُثْمانُ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وطَلْحَةُ والزُّبَيْرُ وسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وسَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ فَسَألُوهُ، فَأخْبَرَهم بِإيمانِهِ فَآمَنُوا، ونَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ (١٨)﴾ . قالَ: يُرِيدُ: مِن أبِي بَكْرٍ. ( فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللهُ البُشرى؛ ذكَرَ هنا الوَصفَ الَّذي استحَقُّوا به البِشارةَ، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ..

التفسير :

[19] أفمن وجبت عليه كلمة العذاب؛ باستمراره على غيِّه وعناده، فإنه لا حيلة لك -أيها الرسول- في هدايته، أفتقدر أن تنقذ مَن في النار؟ لست بقادر على ذلك.

أي:أفمن وجبت عليه كلمة العذاب باستمراره على غيه وعناده وكفره، فإنه لا حيلة لك في هدايته، ولا تقدر تنقذ من في النار لا محالة.

فقال- تعالى- أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ، أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ.

والاستفهام للنفي، والتقدير: أفمن وجب عليه العذاب بسبب إصراره على كفره حتى النهاية، أفتستطيع أنت- أيها الرسول الكريم- أن تنقذه من هذا المصير الأليم؟ لا- أيها الرسول الكريم- إنك لا تستطيع ذلك. لأن من سبق عليه قضاؤنا بأنه من أهل النار، بسبب استحبابه الكفر على الإيمان لن تستطيع أنت أو غيرك إنقاذه منها.

يقول تعالى : أفمن كتب الله أنه شقي تقدر تنقذه مما هو فيه من الضلال والهلاك ؟ أي : لا يهديه أحد من بعد الله ; لأنه من يضلل الله فلا هادي له ، ومن يهده فلا مضل له .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19)

يعني تعالى ذكره بقوله: ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) : أفمن وجبت عليه كلمة العذاب في سابق علم ربك يا محمد بكفره به.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ) بكفره.

وقوله: ( أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: أفأنت تنقذ يا محمد من هو في النار من حق عليه كلمة العذاب, فأنت تنقذه، فاستغنى بقوله: ( تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) عن هذا. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هذا مما يراد به استفهام واحد, فيسبق الاستفهام إلى غير موضعه, فيرد الاستفهام إلى موضعه الذي هو له. وإنما المعنى والله أعلم: أفأنت تنقذ من في النار من حقَّت عليه كلمة العذاب. قال: ومثله من غير الاستفهام: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ فردد " أنكم " مرتين. والمعنى والله أعلم: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم، ومثله قوله: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وكان بعضهم يستخطئ القول الذي حكيناه عن البصريين, ويقول: لا تكون في قوله: ( أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) كناية عمن تقدّم, لا يقال: القوم ضربت من قام, يقول: المعنى: ألتجزئة أفأنت تُنْقذ من في النار منهم. وإنما معنى الكلمة: أفأنت تهدي يا محمد من قد سبق له في علم الله أنه من أهل النار إلى الإيمان, فتنقذه من النار بالإيمان؟ لست على ذلك بقادر.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾ في الكلام حذف تقديره: أفمن حق عليه كلمة العذاب ينجو منه؟! كلا، ونزلت في قوم كان النبي ﷺ يحرص على إسلامهم وقد سبقت لهم من الله الشقاوة. قال ابن عباس: «يريد أبا لهب وولده ومن تخلف من عشيرة النبي ﷺ عن الإيمان».
وقفة
[19] ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ﴾ اجتلب فعل الإِنقاذ هنا تشبيهًا لحال النبي ﷺ في حرصه على هديهم، وحالِهم في انغماسهم في موجبات وعيدهم بحال من يحاول إنقاذ ساقط في النار قد أحاطت النار بجوانبه.
تفاعل
[19] ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[19] ﴿أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ﴾ حتى سيد الدعاة والمرسلين ﷺ لا يملك أن ينقذ أحدًا من النار إلا أن يإذن الله له بالهداية، أو لنبيه فيه بالشفاعة، فكيف يغتر داعية اليوم بما أجراه الله على يديه!

الإعراب :

  • ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ:
  • الهمزة همزة انكار بلفظ‍ استفهام. الفاء حرف عطف على محذوف يدل عليه الخطاب. تقديره: أأنت مالك أمرهم فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه. لأن أصل الكلام: أمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه. والهمزة الثانية في أفانت هي نفسها الهمزة الأولى في أفمن كررت لتوكيد معنى الانكار والاستبعاد فالآية على هذا جملة واحدة. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر «من» حق: فعل ماض مبني على الفتح. عليه: جار ومجرور متعلق بحق. وقد ذكر الفعل وفاعله مؤنث لأنه فصل عن فاعله ولأن كَلِمَةُ الْعَذابِ» بمعنى «العذاب».
  • ﴿ كَلِمَةُ الْعَذابِ:
  • فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. العذاب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ أَفَأَنْتَ:
  • الهمزة مكررة للتوكيد. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.أنت:ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ تُنْقِذُ مَنْ فِي النّارِ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنت» والجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن. تنقذ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجار والمجرور فِي النّارِ» متعلق بصلة الموصول المحذوفة لا محل لها من الاعراب.وثمة وجه آخر لاعراب الآية الكريمة وهو أن تكون الآية جملتين: أفمن حق عليه العذاب فأنت تخلصه؟ أفأنت تنقذ من في النار؟ وجاز حذف «فأنت تخلصه» لأن جملة أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ» تدل عليه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ المستحقين للبشرى؛ عُلِمَ أنَّ غَيْرَهم قد حُكِمَ بشَقاوتِه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شديد الحرص على هداية قومه -لِما جُبِلَ عليه مِن عَظيمِ الرَّحمةِ والشَّفَقةِ-؛ أخبره اللهُ هنا أن من سبق عليه القضاء لا يقدر الرسول على إنقاذه من النار، قال تعالى:
﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ ..

التفسير :

[20] لكن الذين اتقوا ربهم -بطاعته وإخلاص عبادته- لهم في الجنة غرف مبنية بعضها فوق بعض، تجري مِن تحت غرفهم ومنازلهم الأنهار، وعدها الله عباده المتقين وعداً متحقِّقاً، لا يخلف الله الميعاد.

لكن الغنى كل الغنى، والفوز كل الفوز، للمتقين الذين أعد لهم من الكرامة وأنواع النعيم، ما لا يقادر قدره.

{ لَهُمْ غُرَفٌ} أي:منازل عالية مزخرفة، من حسنها وبهائها وصفائها، أنه يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، ومن علوها وارتفاعها، [أنها]ترى كما يرى الكوكب الغابر في الأفق الشرقي أو الغربي، ولهذا قال:{ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ} أي:بعضها فوق بعض "مَبْنِيَّةٌ"بذهب وفضة، وملاطها المسك الأذفر.

{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} المتدفقة، المسقية للبساتين الزاهرة والأشجار الطاهرة، فتغل بأنواع الثمار اللذيذة، والفاكهة النضيجة.

{ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} وقد وعد المتقين هذا الثواب، فلا بد من الوفاء به، فليوفوا بخصال التقوى، ليوفيهم أجورهم.

وقوله- تعالى-: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ ... بيان لحسن عاقبة المؤمنين، بعد بيان سوء عاقبة من حقت عليهم كلمة العذاب..

والغرف جمع غرفة، وتطلق على الحجرة التي تكون مرتفعة عن الأرض.

أى: هذا حال الذين حقت عليهم كلمة العذاب، أما حال الذين اتقوا ربهم فيختلف اختلافا تاما عن غيرهم، فإن الله- تعالى- قد أعد لهم- على سبيل التكريم والتشريف- غرفا من فوقها غرف أخرى مبنية..

ووصفت بذلك للإشارة إلى أنها معدة ومهيأة لنزولهم فيها، قبل أن يقدموا عليها، زيادة في تكريمهم وحسن لقائهم.

وهذه الغرف جميعها «تجرى من تحتها الأنهار» ليكون ذلك أدعى إلى زيادة سرورهم.

وقوله- تعالى- وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ تذييل مؤكد لمضمون ما قبله من كون المتقين لهم تلك الغرف المبنية. ولفظ «وعد» مصدر منصوب بفعل مقدر.

أى: وعدهم- تعالى- بذلك وعدا لا يخلفه، لأنه- سبحانه- ليس من شأنه أن يخلف الموعد الذي يعده لعباده.

وقد ذكر الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث، منها ما رواه الإمام أحمد عن أبى مالك الأشعرى، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلّى والناس نيام» .

وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد بشرت المتقين بأحسن البشارات وأكرمها، وتوعدت المصرين على كفرهم وفجورهم باستحالة إنقاذهم من عذاب النار.

ثم أخبر عن عباده السعداء أنهم لهم غرف في الجنة ، وهي القصور الشاهقة ( من فوقها غرف مبنية ) ، أي : طباق فوق طباق ، مبنيات محكمات مزخرفات عاليات .

قال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها ، وظهورها من بطونها " فقال أعرابي : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وصلى لله بالليل والناس نيام " .

ورواه الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، وقال : " حسن غريب ، وقد تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن ابن معانق - أو : أبي معانق - عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجنة لغرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وتابع الصيام ، وصلى والناس نيام " .

تفرد به أحمد من حديث عبد الله بن معانق الأشعري ، عن أبي مالك ، به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة كما تراءون الكوكب في السماء " . قال : فحدثت بذلك النعمان بن أبي عياش ، فقال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : " كما تراءون الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي " .

أخرجاه في الصحيحين ، من حديث أبي حازم ، وأخرجاه أيضا في الصحيحين من حديث مالك ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال الإمام أحمد : حدثنا فزارة ، أخبرني فليح ، عن هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة أهل الغرف ، كما تراءون الكوكب الدري الغارب في الأفق الطالع ، في تفاضل أهل الدرجات " . فقالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ فقال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا الرسل " .

ورواه الترمذي عن سويد ، عن ابن المبارك عن فليح به وقال : حسن صحيح .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر وأبو كامل قالا حدثنا زهير ، حدثنا سعد الطائي ، حدثنا أبو المدلة - مولى أم المؤمنين - أنه سمع أبا هريرة يقول : قلنا : يا رسول الله ، إنا إذا رأيناك رقت قلوبنا ، وكنا من أهل الآخرة ، فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد . قال : " لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي ، لصافحتكم الملائكة بأكفهم ، ولزارتكم في بيوتكم . ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم " قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ، ما بناؤها ؟ قال : " لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ولا يبأس ، ويخلد ولا يموت ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام ، وتفتح لها أبواب السماوات ، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .

وروى الترمذي ، وابن ماجه بعضه ، من حديث سعد أبي مجاهد الطائي - وكان ثقة - عن أبي المدلة - وكان ثقة - به .

وقوله : ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : تسلك الأنهار بين خلال ذلك ، كما يشاءوا وأين أرادوا ، ( وعد الله ) أي : هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنين ( إن الله لا يخلف الميعاد )

وقوله: ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّة ) يقول تعالى ذكره: لكن الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب محارمه, لهم في الجنة غرف من فوقها غرف مبنية علاليّ بعضها فوق بعض ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول تعالى ذكره: تجري من تحت أشجار جناتها الأنهار.

وقوله: ( وَعَدَ اللَّهُ ) يقول جل ثناؤه: وعدنا هذه الغرف التي من فوقها غرف مبنية في الجنة, هؤلاء المتقين ( لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ) يقول جل ثناؤه: والله لا يخلفهم وعده, ولكنه يوفي بوعده.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ﴾ ما صفة غرف الجنة؟ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنَهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلاَمَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ». [ابن حِبان 509، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي].
وقفة
[20] ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ﴾ هل تعلم أن من أسماء سورة الزمر: سورة الغُرَف؟
تفاعل
[20] ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
عمل
[20] ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّـهُ الْمِيعَادَ﴾ ﻻ تمل دون وصولك للميعاد، فهناك تجد الله.

الإعراب :

  • ﴿ لكِنِ:
  • حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف وكسرت نونه لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ:
  • اسم موصول في محل رفع مبتدأ. والجملة الفعلية بعده: صلته لا محل لها من الاعراب. اتقوا: فعل ماض مبني على الفتح أو الضم المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. رب: مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة
  • ﴿ لَهُمْ غُرَفٌ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. غرف: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة أي لهم في الآخرة غرف
  • ﴿ لَهُمْ غُرَفٌ:
  • الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. غرف: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة أي لهم في الآخرة غرف.
  • ﴿ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع صفة-نعت-لغرف.من فوق: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. غرف: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مَبْنِيَّةٌ:
  • صفة لغرف الثانية مرفوعة مثلها بالضمة. بمعنى حجرات مبنية.وهي جمع غرفة أي حجرة.
  • ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لغرف. تجري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت: جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال من الأنهار أي تجري الأنهار كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.الأنهار: فاعل مرفوع بالضمة. ويجوز أن تكون الجملة الفعلية في محل نصب حالا من «غرف» بعد وصفها.
  • ﴿ وَعْدَ اللهِ:
  • مصدر مؤكد-مفعول مطلق-لأن قوله تعالى لَهُمْ غُرَفٌ» في معنى وعد الله ذلك منصوب بفعل مضمر تقديره وعد وعدا وعلامة نصبه الفتحة.الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ:
  • الجملة استئنافية تفيد التعليل لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يخلف: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الميعاد: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى وعدهم الله ذلك وعدا صادقا لأنه سبحانه لا يخلف الميعاد.'

المتشابهات :

آل عمران: 198﴿ لَـٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِّنْ عِندِ اللَّـهِ
الزمر: 20﴿ لَـٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ حالَ الكُفَّارِ في النَّارِ، وأنَّ الخاسِرينَ لهم ظُلَلٌ؛ ذكَرَ هنا حالَ المؤمِنينَ، قال تعالى: ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ ) ولَمَّا كانت المنازِلُ لا تَطيبُ إلَّا بالماءِ، وكان الجاري أشرَفَ وأحسَنَ؛ قال تعالى هنا: ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) ولَمَّا ذَكَر اللهُ يومَ القيامةِ وما يكونُ فيه؛ بَيَّنَ هنا أنَّه أمرٌ لا بُدَّ منه، قال تعالى:
﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :الزمر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ ..

التفسير :

[21] ألم تر -أيها الرسول- أن الله أنزل من السحاب مطراً فأدخله في الأرض، وجعله عيوناً نابعة ومياهاً جارية، ثم يُخْرج بهذا الماء زرعاً مختلفاً ألوانه وأنواعه، ثم ييبس بعد خضرته ونضارته، فتراه مصفرّاً لونه، ثم يجعله حطاماً متكسِّراً متفتتاً؟ إن في فِعْل الله

يذكر تعالى أولي الألباب، ما أنزله من السماء من الماء، وأنه سلكه ينابيع في الأرض، أي:أودعه فيها ينبوعا، يستخرج بسهولة ويسر،{ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} من بر وذرة، وشعير وأرز، وغير ذلك.{ ثُمَّ يَهِيجُ} عند استكماله، أو عند حدوث آفة فيه{ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} متكسرا{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} يذكرون بها عناية ربهم ورحمته بعباده، حيث يسر لهم هذا الماء، وخزنه بخزائن الأرض تبعا لمصالحهم.

ويذكرون به كمال قدرته، وأنه يحيي الموتى، كما أحيا الأرض بعد موتها، ويذكرون به أن الفاعل لذلك هو المستحق للعبادة.

اللّهم اجعلنا من أولي الألباب، الذين نوهت بذكرهم، وهديتهم بما أعطيتهم من العقول، وأريتهم من أسرار كتابك وبديع آياتك ما لم يصل إليه غيرهم، إنك أنت الوهاب.

ثم ضرب- سبحانه- مثلا لسرعة زوال الحياة الدنيا، وقرب اضمحلال بهجتها. كما بين حال من شرح الله صدره للإسلام فقال- تعالى-:.

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ... للتقرير.

والينابيع: جمع ينبوع، وهو المنبع أو المجرى الذي يكون في باطن الأرض، والذي يحمل الكثير من المياه الجارية أو المخزونة في جوف الأرض.

والمعنى: لقد علمت- أيها العاقل- أن الله- تعالى- أنزل من السحب المرتفعة في جو السماء، ماء كثيرا، فأدخله بقدرته في عيون ومسارب في الأرض، هذه العيون والمسارب تارة تكون ظاهرة على وجه الأرض، وتارة تكون في باطنها، وكل ذلك من أعظم الأدلة على قدرة الله- تعالى- ورحمته بعباده.

ثم بين- سبحانه- مظهرا آخر من مظاهر قدرته فقال: ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ....

أى: هذا الماء الذي أنزله- سبحانه- بقدرته من السماء، قد سلكه ينابيع في الأرض، ثم يخرج بسبب هذا الماء زرعا مختلفا في ألوانه وفي أشكاله، فمنه ما هو أخضر ومنه ما هو أصفر، ومنه ما ليس كذلك مما يدل على كمال قدرة الله- تعالى-.

وقوله- تعالى-: ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً بيان لمظهر ثالث من مظاهر قدرته- عز وجل-.

والفعل «يهيج» مأخوذ من الهيج بمعنى اليبس والجفاف. يقال: هاج النبات هيجا وهياجا، إذا يبس وأصفر. أو مأخوذ من الهيج بمعنى شدة الحركة. يقال: هاج الشيء يهيج، إذا ثار لمشقة أو ضرر، ثم يعقب ذلك الهيجان الجفاف واليبس.

أى: ثم يصاب هذا الزرع المختلف الألوان بالجفاف والضمور، فتراه مصفرا من بعد اخضراره ونضارته، ثم يجعله- سبحانه- «حطاما» أى: فتاتا متكسرا. يقال: حطم الشيء حطما- من باب تعب- إذا تكسر وتفتت وتحطم.

إِنَّ فِي ذلِكَ الذي ذكرناه من إنزال الماء من السماء، ومن سلكه ينابيع في الأرض، ومن إخراج النبات المختلف الألوان بسببه لَذِكْرى عظيمة لِأُولِي الْأَلْبابِ.

أى: لأصحاب العقول السليمة، والأفكار القويمة.

والمقصود من هذه الآية الكريمة، التحذير من الانهماك في الحياة الدنيا ومتعها، حيث شبهها- سبحانه- في سرعة زوالها وقرب اضمحلالها- بالزرع الذي يبدو مخضرا وناضرا ... ثم يعقب ذلك الجفاف والذبول والاضمحلال.

وفي هذا المعنى وردت آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ، فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً .

يخبر تعالى : أن أصل الماء في الأرض من السماء كما قال تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) [ الفرقان : 48 ] ، فإذا أنزل الماء من السماء كمن في الأرض ، ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء ، وينبعه عيونا ما بين صغار وكبار ، بحسب الحاجة إليها ; ولهذا قال : ( فسلكه ينابيع في الأرض ) .

قال ابن أبي حاتم - رحمه الله - : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن يقظان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ) ، قال : ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ، ولكن عروق في الأرض تغيره ، فذلك قوله تعالى : ( فسلكه ينابيع في الأرض ) ، فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعده .

وكذا قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي : أن كل ماء في الأرض فأصله من السماء .

وقال سعيد بن جبير : أصله من الثلج يعني : أن الثلج يتراكم على الجبال ، فيسكن في قرارها ، فتنبع العيون من أسافلها .

وقوله : ( ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ) أي : ثم يخرج بالماء النازل من السماء والنابع من الأرض زرعا ( مختلفا ألوانه ) أي : أشكاله وطعومه وروائحه ومنافعه ، ( ثم يهيج ) أي : بعد نضارته وشبابه يكتهل ( فتراه مصفرا ) ، قد خالطه اليبس ، ( ثم يجعله حطاما ) أي : ثم يعود يابسا يتحطم ، ( إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ) أي : الذين يتذكرون بهذا فيعتبرون إلى أن الدنيا هكذا ، تكون خضرة نضرة حسناء ، ثم تعود عجوزا شوهاء ، والشاب يعود شيخا هرما كبيرا ضعيفا [ قد خالطه اليبس ] ، وبعد ذلك كله الموت . فالسعيد من كان حاله بعده إلى خير ، وكثيرا ما يضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بما ينزل الله من السماء من ماء ، وينبت به زروعا وثمارا ، ثم يكون بعد ذلك حطاما ، كما قال تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا ) [ الكهف : 45 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ (21)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( أَلَمْ تَرَ ) يا محمد ( أَنَّ اللَّهَ أَنـزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) وهو المطر ( فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ ) يقول: فأجراه عيونا في الأرض، واحدها ينبوع, وهو ما جاش من الأرض.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن الشعبيّ, في قوله: ( فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرْضِ ) قال: كلّ ندى وماء في الأرض من السماء نـزل.

قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن الحسن بن مسلم بن بيان, قال: ثم أنبت بذلك الماء الذي أنـزله من السماء فجعله في الأرض عيونا زرعا( مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ) يعني: أنواعا مختلفة من بين حنطة وشعير وسمسم وأرز, ونحو ذلك من الأنواع المختلفة ( ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ) يقول: ثم ييبس ذلك الزرع من بعد خُضرته, يقال للأرض إذا يبس ما فيها من الخضر وذوى: هاجت الأرض, وهاج الزرع.

وقوله: ( فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ) يقول: فتراه من بعد خُضرته ورطوبته قد يبس فصار أصفر, وكذلك الزرع إذا يبس اصفرّ( ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ) والحطام: فتات التبن والحشيش, يقول: ثم يجعل ذلك الزرع بعد ما صار يابسا فُتاتا متكسرا.

وقوله: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأولِي الألْبَابِ ) يقول تعالى ذكره: إن في فعل الله ذلك كالذي وصف لذكرى وموعظة لأهل العقول والحجا يتذكرون به, فيعلمون أن من فعل ذلك فلن يتعذر عليه إحداث ما شاء من الأشياء, وإنشاء ما أراد من الأجسام والأعراض, وإحياء من هلك من خلقه من بعد مماته وإعادته من بعد فنائه, كهيئته قبل فنائه, كالذي فعل بالأرض التي أنـزل عليها من بعد موتها الماء, فأنبت بها الزرع المختلف الألوان بقدرته.

التدبر :

وقفة
[21] ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ...﴾ دورة حياة النبات هي نفسها دورة حياة الإنسان، فتأمَّل!
وقفة
[21] ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ...﴾ كل ما كمل من الدنيا فمآله إلى النقصان، فالصحة إلى مرض، والشباب إلى هرم، والقوة إلى ضعف، والحياة إلى ذبول ثم موت.
وقفة
[21] ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ...﴾ من لا تستوقفه تلك المشاهد؛ فقلبه ميت.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • الهمزة همزة تقرير بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب.تر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب. وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره: هو. والوجه الأول أصح لأن بعده: فتراه.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «انّ» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. وان وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «ترى».
  • ﴿ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «أن».أنزل:فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من السماء: جار ومجرور متعلق بأنزل. ماء: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ:
  • معطوفة بالفاء على «أنزل» وتعرب إعرابها. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ينابيع: حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف على وزن «مفاعيل» صيغة منتهى الجموع ثالث أحرفه ألف بعدها أكثر من حرفين.
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بسلكه. أو متعلق بصفة محذوفة لينابيع.بمعنى فأدخله عيونا تجري في الأرض.
  • ﴿ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً:
  • ثم حرف عطف للتراخي. يخرج: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. به: جار ومجرور متعلق بيخرج. زرعا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ مُخْتَلِفاً أَلْاانُهُ:
  • صفة لزرعا منصوبة بالفتحة. ألوانه: فاعل لاسم الفاعل «مختلفا» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. على تأويل: تختلف ألوانه.
  • ﴿ ثُمَّ يَهِيجُ:
  • حرف عطف يفيد التراخي. يهيج: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو أي الزرع بمعنى ثم يجف. وجملة «يهيج» في محل نصب لأنها معطوفة على منصوب «يختلف».
  • ﴿ فَتَراهُ مُصْفَرًّا:
  • الفاء استئنافية. تراه: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به و مُصْفَرًّا» حال من مفعول «تراه» منصوبة بالفتحة بمعنى: فيصفر بعد جفافه.
  • ﴿ ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً:
  • تعرب اعراب ثُمَّ يُخْرِجُ» والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. حطاما: مفعول به ثان منصوب بالفتحة بمعنى ثم يصيره فتاتا مهشما.
  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في: حرف جر. ذا:اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بفي اللام للبعد والكاف للخطاب.والجار والمجرور متعلق بخبر «انّ» المقدم.
  • ﴿ لَذِكْرى:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-ذكرى: اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف. اسم مقصور رباعي مؤنث مصدر.
  • ﴿ لِأُولِي الْأَلْبابِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لذكرى. وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. والكلمة تكتب بواو زائدة ولا تلفظ‍ وهي جمع بمعنى «ذوو» لا واحد له. وقيل هي اسم جمع واحده: ذو بمعنى: صاحب. الألباب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي موعظة لأصحاب العقول. أو تذكيرا لذوي العقول.'

المتشابهات :

الحج: 63﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
فاطر: 27﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا
الزمر: 21﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا وَصَفَ اللهُ الآخِرةَ بصِفاتٍ تُوجِبُ الرَّغبةَ العَظيمةَ لأُولي الألبابِ فيها؛ وَصَف هنا الدُّنيا بصِفةٍ تُوجِبُ اشتِدادَ النفرةِ عنها، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يجعله:
وقرئ:
بالنصب، وهى قراءة أبى بشر.
وقال صاحب «الكامل» : هو ضعيف.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف