384777879808182838485868788

الإحصائيات

سورة النمل
ترتيب المصحف27ترتيب النزول48
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.50
عدد الآيات93عدد الأجزاء0.45
عدد الأحزاب0.90عدد الأرباع3.50
ترتيب الطول24تبدأ في الجزء19
تنتهي في الجزء20عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 13/29طس: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (77) الى الآية رقم (81) عدد الآيات (5)

= وأنَّهُ هُدى ورحمةٌ، ثُمَّ أَمَرَه ﷺ بالتَّوكلِ على اللهِ وقِلَّةِ المبالاةِ بأعداءِ الدِّينِ، وشَبَّهَ الكفَّارَ بالموتَى والعُمْي لا أملَ في إيمانِهم، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (82) الى الآية رقم (88) عدد الآيات (7)

= ثُمَّ ذَكَرَ هنا بعضَ علاماتِ السَّاعةِ وأهوالِها: خروجِ الدابةِ، وحشرِ المكذبينَ بآياتِ اللهِ وتوبيخِهم وعذابِهم، والنَّفخِ في الصورِ وتسييرِ الجبالِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة النمل

الدعوة إلى الإيمان بآيات الله/ العلم والإيمان/ التفوق الحضاري/ الامتنان على النبي ﷺ بمعجزة القرآن

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ماذا تقدم لنا سورة النمل؟:   سورة النمل تصحح مفاهيم وتنادي الأمة: سورة النمل تعاتب الذين يفهمون الإسلام على أنه صلاة ركعتين وبكاء العينين وقراءة آيتين فقط. تقول لهم: هذه الأشياء -على أهميتها بلا شك- ليست كل الإسلام. تقول لهم: الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة. تقول لهم: يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا. ليس هذا فحسب، بل تؤكد لهم: إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته. سورة النمل تنادي أمة محمد ﷺ: - يا أمة محمد ﷺ: كونوا متفوقين، كونوا أقوياء، اجمعوا بين العلم والإيمان للنجاح في الحياة. - يا أمة محمد ﷺ: لابد أن تتفوقوا في العلم والتكنولوجيا، في القوة المادية والعسكرية، لتستخدموها في نصرة دين الله - يا أمة محمد ﷺ: اهتموا بالتفوق الحضاري. وتقول لهم: النَّمل أمَّة منظمة وهي نموذج من نماذج التفوق الحضاري، فتعلموا منها، وإذا كانت الحشرة قد نجحت فكيف تفشلون أنتم يا أمة محمد ﷺ؟! وهكذا نرى أن كل سورة توجّه رسالة واضحة للمسلمين لتكمل سور القرآن في عرضها للمنهج الرباني، مما يشعرنا بترابط القرآن وتماسك سوره، فبعد أن كانت رسالة سورة الشعراء: «اهتموا بالإعلام»، أتت سورة النمل لتوجه رسالة مماثلة: «اهتموا بالتفوق الحضاري»، وكلاهما يخدم نفس الهدف: أهمية التفوق والأخذ بالأسباب الدنيوية في تميز المسلمين وتأثيرهم على الآخرين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «النمل».
  • • معنى الاسم ::   جمع نملة، وهي حشرة صغيرة الجسم، تتخذ سكنها تحت الأرض، وتعيش في جماعات.
  • • سبب التسمية ::   لاشتمالها على قصة النملة التي وعظت بقية النمل، ثم اعتذرت عن سليمان وجنوده, ففهم نبي الله كلامها وتبسم من قولها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة سليمان»؛ لأن ما ذكر فيها من ملك سليمان مفصلًا لم يذكر مثله في غيرها، و«سورة الهدهد»؛ لأن لفظ الهدهد لم يذكر في غيرها من السور، و«سورة طس»؛ لافتتاحها بهذين الحرفين دون غيرها من السور.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الإسلام ليس مجرد إقامة شعائر تعبدية فقط، ليس دين عبادة فقط؛ وإنما هو دين علم وعبادة.
  • • علمتني السورة ::   أنه يجب أن تكون الأمة المسلمة متفوقة في العلم، متفوقة حضاريًا.
  • • علمتني السورة ::   إن تفوق المسلمين الحضاري وتقدمهم العلمي والتكنولوجي يفيد في الدعوة ويؤثر في الآخرين أضعاف أضعاف ما يؤثر فيهم كلام شخص عادي أو فاشل في حياته العملية أو راسب في امتحاناته.
  • • علمتني السورة ::   النمل أن القرآن فيه هدى وبشارة للمؤمنين: ﴿طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة النمل من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • اختصت بذكر البسملة فيها مرتين: في بدايتها، وفي الآية (30)، وقد اتفق العلماء على أن البسملة في هذه الآية تعتبر من القرآن ومنكرها كافر، واختلفوا في قرآنيتها في بداية الفاتحة وبداية كل سورة.
    • احتوت السورة على السجدة التاسعة –بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة، في الآية (25-26).
    • احتوت السورة على لازمة قرآنية تكررت 5 مرات في خاتمة كل آية، وهي قوله تعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ للتأكيد على تفرد الله تعالى بالخلق والعبادة ونفي الشريك.
    • احتوت السورة على حوار بين الإنسان ومخلوقات أرضية أخرى، فذكرت حوار النملة والهدهد والجن مع سليمان عليه السلام، وفي نهاية السورة في الآية (82) ذكرت الحوار الذي سيكون مع الدابة التي تخرج من الأرض في آخر الزمان تكلم الناس، وهي من أشراط الساعة الكبرى.
    • سورة النمل من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور جاءت في المصحف مرتبة: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل).
    • سورة النمل ثاني أكثر سورة تتكرر فيها كلمة (قرآن) حيث وردت 4 مرات، بعد سورة الإسراء حيث وردت فيها 11 مرة.
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نكون متفوقين، أقوياء، نجمع بين العلم والإيمان للنجاح في الحياة.
    • أن نهتم بالعلم والتكنولوجيا، ونستخدم ذلك في نصرة دين الله.
    • أن نكون كالنمل في عزيمتهم وإصرارهم، في حضارتهم، في تخطيطهم وتنظيمهم، في وحدتهم وتعاونهم واصطفافهم، في تناصحهم وحذرهم، كالنمل يسبح ربه ويعرف غايته.
    • ألا تكون الدنيا همنا فننسى الآخرة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ (4، 5).
    • أن نتذكر بعضًا من النعم التي اختصنا الله بها، ثم نشكر الله عليها اقتداءً بالأنبياء: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
    • ألا نسكت على منكر، لا يكن الهدهد أغير منا على حرمات الله: ﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (24، 25).
    • أن نكثر من السجود لواهب النعم، ونكثر من الشكر: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (25).
    • أن نتحري ونتثبت ونتأكد من صدق الأخبار: ﴿قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ (27).
    • أن نجعل رسائلنا قصيرة موجزة واضحة: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ (31).
    • أن نطبق الشورى قبل اتخاذ القرار؛ فإنها تقي من المهالك: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ﴾ (32).
    • أن نشكر الله على نعمه، وننسب الفضل إليه: ﴿... فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ (40).
    • أن نتوجه إلى الله إذا ضاقت بنا الدنيا ونطلب منه الفرج: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (62).
    • أن نتفكر فيمن كانوا قبلنا، ونأخذ العبرة والعظة منهم، هل نفعتهم القصور وهم في القبور؟!: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ (69).
    • أن نحسن سريرتنا كما نحسن علانيتنا؛ فالله يعلم ما تخفي الصدور: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (74).
    • أن نستعد ليوم الحساب: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ (87).
    • أن نبادر بالحسنات لنأمن من فزع يوم القيامة: ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ﴾ (89).

تمرين حفظ الصفحة : 384

384

مدارسة الآية : [77] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

التفسير :

[77] وإن هذا القرآن لهداية من الضلال ورحمة من العذاب، لمن صدَّق به واهتدى بهداه.

{ وَإِنَّهُ لَهُدًى}

من الضلالة والغي والشبه{ وَرَحْمَةٌ} تنثلج له صدورهم وتستقيم به أمورهم الدينية والدنيوية{ لِلْمُؤْمِنِينَ} به المصدقين له المتلقين له بالقبول المقبلين على تدبره المتفكرين في معانيه، فهؤلاء تحصل لهم به الهداية إلى الصراط المستقيم والرحمة المتضمنة للسعادة والفوز والفلاح.

وقوله- تعالى-: وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ صفة أخرى من صفات القرآن الكريم الدالة على أنه من عند الله- تعالى-:

أى: وإن هذا القرآن لمن صفاته- أيضا- أننا جعلناه هداية للمؤمنين إلى الصراط المستقيم، ورحمة لهم ينالون بسببها العفو والمغفرة من الله.

وخص هدايته ورحمته بالمؤمنين، لأنهم هم الذين آمنوا به، وصدقوا بما فيه، وعملوا بأوامره، واجتنبوا نواهيه، وطبقوا على أنفسهم أحكامه، وآدابه. وتشريعاته..

وقوله : ( وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ) أي : هدى لقلوب المؤمنين ، ورحمة لهم في العمليات .

يقول تعالى ذكره: إن هذا القرآن لهدى, يقول: لبيان من الله, بَيَّنَ به الحق فيما اختلف فيه خلقه من أمور دينهم (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول: ورحمة لمن صدق به وعمل بما فيه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[77] ﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ تخيل لو لم يكن القرآن موجودًا بحياتنا ترى ما كان حالنا؟ وأي سلوان سيكون لنا؟ ومن أين نستمد الصبر؟
وقفة
[77] ﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ وأما كونه رحمة لهم؛ فلأنهم لما اهتدوا به قد نالوا الفوز في الدنيا بصلاح نفوسهم، واستقامة أعمالهم، واجتماع كلمتهم، وفي الآخرة بالفوز بالجنة.
وقفة
[77] ﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ هداية الناس ورحمتهم من مقاصد القرآن الكريم.
تفاعل
[77] ﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ ادع الله أن يجعل القرآن الكريم حجة لك، ورحمة عليك.
وقفة
[77] ﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾ هداية لمن يريد أن يهتدى ورحمة لمن آمن.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّهُ لَهُدىً:
  • الواو عاطفة. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان».اللام لائم التوكيد -المزحلقة -.هدى: خبر «ان» مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر على الالف قبل تنوينها لأن الاسم الثلاثي مقصور نكرة.
  • ﴿ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ:
  • معطوفة بالواو على «هدى» مرفوعة مثلها بالضمة الظاهرة. للمؤمنين: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من هدى ورحمة وعلامة جر الاسم الياء لا نه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

البقرة: 97﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّـهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
النمل: 2﴿ هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
يونس: 57﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
النمل: 77﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     وبعد بيان أن هذا القرآن يقصُّ على بني إسرائيل الحقَّ في أكثرِ الأشياءِ التي اختلفوا فيها؛ ذكرَ هنا أنه لهاد للمؤمنين إلى سبيل الرشاد، ورحمة لمن صدق به وعمل بما فيه، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ ..

التفسير :

[78] إن ربك يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل وغيرهم بحكمه فيهم، فينتقم من المبطل، ويجازي المحسن. وهو العزيز الغالب، فلا يُرَدُّ قضاؤه، العليم فلا يلتبس عليه حق بباطل.

أي:إن الله تعالى سيفصل بين المختصين وسيحكم بين المختلفين بحكمه العدل وقضائه القسط، فالأمور وإن حصل فيها اشتباه في الدنيا بين المختلفين لخفاء الدليل أو لبعض المقاصد فإنه سيبين فيها الحق المطابق للواقع حين يحكم الله فيها،{ وَهُوَ الْعَزِيزُ} الذي قهر الخلائق فأذعنوا له،{ الْعَلِيمُ} بجميع الأشياء{ الْعَلِيمُ} بأقوال المختلفين وعن ماذا صدرت وعن غاياتها ومقاصدها وسيجازي كلا بما علمه فيه.

ثم بين- سبحانه- أن مرد القضاء بين المختلفين إليه وحده فقال: إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ...

أى: إن ربك- أيها الرسول الكريم- يقضى بين بنى إسرائيل الذين اختلفوا فيما بينهم اختلافا كبيرا، بحكمه العادل، كما يقضى بين غيرهم، فيجازى الذين أساؤوا بما عملوا، ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.

وَهُوَ- سبحانه- الْعَزِيزُ الذي لا يغالب الْعَلِيمُ بكل شيء في هذا الوجود،

ثم قال : ( إن ربك يقضي بينهم ) أي : يوم القيامة ، ( بحكمه وهو العزيز ) في انتقامه ، ( العليم ) بأفعال عباده وأقوالهم .

(إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ ) يقول: إن ربك يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل بحكمه فيهم, فينتقم من المبطل منهم, ويجازي المحسن منهم المحقّ بجزائه، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) يقول: وربك العزيز في انتقامه من المبطل منهم ومن غيرهم, لا يقدر أحد على منعه من الانتقام منه إذا انتقم العليم بالمحق المحسن من هؤلاء المختلفين من بني إسرائيل فيما اختلفوا فيه, ومن غيرهم من المبطل الضالّ عن الهدى.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[78] ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ﴾ كلُّ خلافٍ بين النَّاسِ اليومَ سيحكمُ اللهُ بين أهلِه يومَ القيامةِ بحُكمِه العادلِ.
وقفة
[78] ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ﴾ بين الظالم والمظلوم، والمحق والمبطل، والمؤمن والكافر.
وقفة
[78] ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ﴾ محاكم الناس وإن تظاهرت بالعدالة ﻻبد أن تحابي وتحيف، إﻻ محكمة الله ﻻ ظلم فيها هي العدل المطلق.
وقفة
[78] ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقضي بَينَهُم بِحُكمِهِ وَهُوَ العَزيزُ العَليمُ﴾ وكيف يقلق أو يخاف من يقضى له ربه، رغم قلة كلمات الآية إلا أنها اشتملت على عدة أسماء وصفات لله عز وجل، فهو قاض يحكم بالعدل وهو العزيز العليم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ رَبَّكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك: اسم إِنَّ» منصوب بالفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر إِنَّ».يقضي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بين: ظرف مكان متعلق بيقضي منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. بحكمه: جار ومجرور متعلق بيقضي والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ:
  • الواو عاطفة. هو: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. العزيز: خبر هُوَ» مرفوع بالضمة بمعنى: العزيز في انتقامه من المبطلين. العليم: خبر ثان للمبتدإ او صفة -نعت -للعزيز مرفوع بالضمة. بمعنى: العليم بالفصل بينهم وبين المحقين.'

المتشابهات :

يونس: 93﴿فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
النمل: 78﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
الجاثية: 17﴿فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     وبعد ذكرِ فضلِه تعالى على عباده؛ ذكرَ هنا دليلَ عدلِه، قال تعالى:
﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بحكمه:
وقرئ:
بكسر الحاء وفتح الكاف، وهى قراءة جناح بن حبيش.

مدارسة الآية : [79] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى ..

التفسير :

[79] فاعتمد -أيها الرسول- في كل أمورك على الله، وثق به؛ فإنه كافيك، إنك على الحق الواضح الذي لا شك فيه.

أي:اعتمد على ربك في جلب المصالح ودفع المضار وفي تبليغ الرسالة وإقامة الدين وجهاد الأعداء.{ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} الواضح والذي على الحق يدعو إليه، ويقوم بنصرته أحق من غيره بالتوكل فإنه يسعى في أمر مجزوم به معلوم صدقه لا شك فيه ولا مرية. وأيضا فهو حق في غاية البيان لا خفاء به ولا اشتباه، وإذا قمت بما حملت وتوكلت على الله في ذلك فلا يضرك ضلال من ضل وليس عليك هداهم

والفاء في قوله- تعالى-: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ... للتفريع. أى: ما دمت قد عرفت ذلك- أيها الرسول الكريم- ففوض أمرك إلى العزيز العليم وحده، وتوكل عليه دون سواه، وبلغ رسالته دون أن تخشى أحدا إلا إياه.

وجملة «إنك على الحق المبين» تعليل للتوكل على الله وحده.

أى: توكل على الله- تعالى- وحده، لأنك- أيها الرسول الكريم- على الحق الواضح البين، الذي لا تحوم حوله شبهة من باطل.

( فتوكل على الله ) أي : في أمورك ، وبلغ رسالة ربك ، ( إنك على الحق المبين ) أي : أنت على الحق المبين وإن خالفك من خالفك ، ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ، ولو جاءتهم كل آية ; ولهذا قال :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ففوِّض إلى الله يا محمد أمورك, وثق به فيها, فإنه كافيك.(إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ) لمن تأمَّله, وفكر ما فيه بعقل, وتدبره بفهم, أنه الحقّ, دون ما عليه اليهود والنصارى، المختلفون من بني إسرائيل, ودون ما عليه أهل الأوثان، المكذّبوك فيما أتيتهم به من الحقّ, يقول: فلا يحزنك تكذيب من كذّبك, وخلاف من خالفك, وامض لأمر ربك الذي بعثك به.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[79] ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ فيه تنبيه على أن صاحب الحق حقيق بالوثوق بالله في نصرته.
وقفة
[79] ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ أهمية التوكل على الله.
وقفة
[79] ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ لماذا التوكل؟! لأنك على الحق، والله هو الحق، وناصر الحق، وخاذلٌ كلَّ من خذل الحق.
وقفة
[79] ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۖ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ صاحب الحق يجب أن يتوكل على الله.
وقفة
[79] ﴿إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾ تزكية النبي ﷺ بأنه على الحق الواضح.
وقفة
[79] ﴿إِنَّكَ عَلَى الحَقِّ المُبينِ﴾ لا أروع من أن يشهد الله لرسوله ﷺ أنه على الحق المبين.

الإعراب :

  • ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ:
  • الفاء سببية. توكل: فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره انت. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتوكل. اي جعل الامر بالتوكل مسببا عما يغيظه من المشركين.
  • ﴿ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ:
  • ان حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل بمعنى «لانك» والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطب -مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان».على الحق: جار ومجرور متعلق بخبر «ان».المبين: صفة -نعت -للحق مجرور مثله بالكسرة اي على الحق الابلج الذي لا يتعلق به الشك والظن.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولَمَّا ثبت له تعالى العلم والحكمة، والعظمة والقدرة؛ تسبب عن ذلك قوله تعالى:
﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [80] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا ..

التفسير :

[80] إنك -أيها الرسول- لا تقدر أن تُسمع الحق مَن طبع الله على قلبه فأماته، ولا تُسمع دعوتك مَن أصمَّ الله سمعه عن سماع الحق عند إدبارهم معرضين عنك؛ فإن الأصم لا يسمع الدعاء إذا كان مقبلاً، فكيف إذا كان معرضاً عنه مولياً مدبراً؟

{ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}

أي:حين تدعوهم وتناديهم، وخصوصا{ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} فإنه يكون أبلغ في عدم إسماعهم.

وقوله- تعالى-: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى، وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ... تعليل آخر لوجوب التوكل على الله- تعالى-.

وقد شبه- سبحانه- أولئك المشركين، بالأموات الذين فقدوا الحياة، وبالصم الذين فقدوا السمع، وبالعمى الدين فقدوا البصر، وذلك لأنهم لم ينتفعوا بهذه الحواس، فصاروا كالفاقدين لها.

أى: دم- أيها الرسول الكريم- على توكلك على الله- تعالى- وحده، وإنك لا تستطيع أن تسمع هؤلاء المشركين. ما يردهم عن شركهم، لأنهم كالموتى الذين لا حس لهم ولا عقل، ولأنهم كالصم الذين فقدوا نعمة السمع.

وقوله: إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ لتتميم التشبيه. وتأكيد نفى السماع. أى: إذا أعرضوا عن الحق إعراضا تاما، وأدبروا عن الاستماع إليك.

قال الجمل: فإن قلت: ما معنى قوله مُدْبِرِينَ والأصم لا يسمع سواء أقبل أو أدبر؟.

قلت: هو تأكيد ومبالغة للأصم. وقيل: إن الأصم إذا كان حاضرا قد يسمع رفع الصوت، أو يفهم بالإشارة، فإذا ولى لم يسمع ولم يفهم.

ومعنى الآية: إنهم لفرط إعراضهم عما يدعون إليه كالميت، الذي لا سبيل إلى إسماعه، وكالأصم الذي لا يسمع ولا يفهم.. .

( إنك لا تسمع الموتى ) أي : لا تسمعهم شيئا ينفعهم ، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة ، وفي آذانهم وقر الكفر ; ولهذا قال : ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين )

وقوله: (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ) يقول: إنك يا محمد لا تقدر أن تُفِهم الحقّ من طبع الله على قلبه فأماته, لأن الله قد ختم عليه أن لا يفهمه (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ ) يقول: ولا تقدر أن تسمع ذلك من أصمّ الله عن سماعه سمعه (إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ) يقول: إذا هم أدبروا معرضين عنه, لا يسمعون له لغلبة دين الكفر على قلوبهم, ولا يُصغون للحقّ, ولا يتدبرونه, ولا ينصتون لقائله, ولكنهم يعرضون عنه, وينكرون القول به, والاستماع له.

التدبر :

وقفة
[80] ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ﴾ يعني: الكفار؛ لتركهم التدبر فهم كالموتى؛ لا حس لهم، ولا عقل، ﴿وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ﴾ يعني: الكفار الذين هم بمنزلة الصم عن قبول المواعظ، فإذا دُعُوا إلى الخير أعرضوا وولوا؛ كأنهم لا يسمعون.
وقفة
[80] ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ الأموات لا يسكنون القبور فحسب، فكثير منهم يسكنون البيوت.
عمل
[80] استمع إلى محاضرة أو موعظة, ثم اعمل بما سمعت ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾.
وقفة
[80، 81] في الآيتين توضيح قوى لحال البعيد كل البعد عن كلام الله وآياته، فمن يشكو ضياعًا أو همًا أو تبلدًا؛ فليراجع حاله مع كتاب الله.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّكَ لا تُسْمِعُ:
  • انك: تعرب اعراب إِنَّكَ» في الآية السابقة. لا: نافية لا عمل لها. تسمع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. وجملة لا تُسْمِعُ» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ الْمَوْتى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الالف للتعذر.
  • ﴿ وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ:
  • معطوفة بالواو على لا تُسْمِعُ الْمَوْتى» وتعرب اعرابها. الدعاء: اي النداء: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اي الطرش وهي جمع «اصم».وشبهوا بالموتى وهم احياء اصحاء الحواس لا نهم اذا سمعوا ما يتلى عليهم من آيات الله كانوا كحال الاموات الذين فقدوا السماع.
  • ﴿ إِذا وَلَّوْا:
  • اذا: ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية وهي هنا لحكاية الحال. والقول توكيد لحال الاصم اي وخاصة اذا ولوا مدبرين. ولوا: فعل ماض مبني على الفتح او الضم المقدر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. وبقيت الفتحة دالة عليها والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ مُدْبِرِينَ:
  • حال من ضمير الغائبين في وَلَّوْا» منصوب بالياء لا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: اذا هربوا معرضين. وجملة وَلَّوْا مُدْبِرِينَ» في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

النمل: 80﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ
الروم: 52﴿فَـ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     ولَمَّا كان القرآن وما قَصَّ اللهُ فيه لا ينتفع به المشركون؛ شَبَّههم اللهُ هنا بالموتى، وبالصُّم، قال تعالى:
﴿ إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولا تسمع الصم:
1- بضم التاء وكسر الميم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ولا يسمع الصم، بالياء، ورفع «الصم» .

مدارسة الآية : [81] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ..

التفسير :

[81] وما أنت -أيها الرسول- بهادٍ عن الضلالة مَن أعماه الله عن الهدى والرشاد، ولا يمكنك أن تُسمع إلا مَن يصدِّق بآياتنا، فهم مسلمون مطيعون، مستجيبون لما دعوتهم إليه.

{ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} كما قال تعالى:{ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}{ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} أي:هؤلاء الذين ينقادون لك، الذين يؤمنون بآيات الله وينقادون لها بأعمالهم واستسلامهم كما قال تعالى:{ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}

وقوله- سبحانه-: وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ.. أى: وما أنت- أيها الرسول الكريم- بقادر على أن تصرف العمى عن طريق الضلال الذي انغمسوا فيه، لأن الهداية الى طريق الحق، مردها إلى الله- تعالى- وحده.

ثم بين- سبحانه- في مقابل ذلك، من هم أهل السماع والبصر فقال: إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ.

أى: أنت- أيها الرسول الكريم- ما تستطيع أن تسمع إسماعا مجديا نافعا، إلا لمن يؤمن بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا، لأن هؤلاء هم المطيعون لأمرنا، المسلمون وجوههم لنا.

وبذلك ترى الآيات الكريمة قد ساقت الكثير من وسائل التسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من المشركين، كما ساقت ما يدل على أن هذا القرآن من عند الله- تعالى-: وعلى أنه- سبحانه- هو الحكم العدل بين عباده.

ثم أخذت السورة الكريمة تسوق في أواخرها بعض أشراط الساعة وعلاماتها، وأهوالها، لكي تعتبر النفوس، وتخشع لله- تعالى-، فقال- عز وجل-:

(وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ) [ أي ] : إنما يستجيب لك من هو سميع بصير ، السمع والبصر النافع في القلب والبصيرة الخاضع لله ، ولما جاء عنه على ألسنة الرسل ، عليهم السلام .

اختلف القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: ( وَمَا أَنْتَ بِهَادِ ) بالياء والألف وإضافته إلى العمي بمعنى: لست يا محمد بهادي من عمي عن الحقّ(عَنْ ضَلالَتِهِمْ ). وقراءة عامة قرّاء الكوفة " وَمَا أنْتَ تَهْدِي العُمْيَ" بالتاء ونصب العمي, بمعنى: ولست تهديهم (عَنْ ضَلالَتِهِمْ ) ولكن الله يهديهم إن شاء.

والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مشهورتان في قرّاء الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام ما وصفت (وَمَا أَنْتَ ) يا محمد ( بِهادِي ) من أعماه الله عن الهدى والرشاد فجعل على بصره غشاوة أن يتبين سبيل الرشاد عن ضلالته التي هو فيها إلى طريق الرشاد وسبيل الرشاد. وقوله: (إِنْ تُسْمِعُ إِلا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ) يقول: ما تقدر أن تُفهم الحقّ وتوعيه أحدا إلا سمع من يصدّق بآياتنا, يعني بأدلته وحججه وآي تنـزيله ( فَهُمْ مُسْلِمُونَ ) فإن أولئك يسمعون منك ما تقول ويتدبرونه, ويفكرون فيه, ويعملون به, فهم الذين يسمعون.

• ذكر من قال مثل الذي قلنا في قوله تعالى: ( وَقَعَ ) (1)

------------------------

الهوامش:

(1) سقط كلام المؤلف في تأويل الآية رقم 82، ويدل عليه إيراد كلام أهل التأويل فيه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[81] ﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ﴾ هدايةُ التوفيقِ بيدِ اللهِ، وليست بيدِ الدُّعاةِ.
وقفة
[81] ﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ﴾ هداية التوفيق بيد الله، وليست بيد الرسول ﷺ.
وقفة
[81] ﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ﴾ أنت تهدي من حيث الدعوة والدلالة، لكنك لا تهدي أحدًا من نزع الباطل من القلب وجذبه نحو الإيمان، إذ ليس هذا بمقدورك وأنت نبي، فكيف يظن ذلك في نفسه من هو دونك؟
وقفة
[81] ﴿وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ﴾ كره الحاقدون فَهم الناس للحق، فأكرهوهم على لبس نظارات سوداء كالعميان، وما علموا أن فهم الحق بالبصيرة لا بالبصر.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَنْتَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية بمنزلة «ليس» بلغة الحجاز ونافية لا عمل لها بلغة نجد وبني تميم. انت: ضمير منفصل -ضمير المخاطب - مبني على الفتح في محل رفع اسم ما» على اللغة الاولى وفي محل رفع مبتدأ على اللغة الثانية.
  • ﴿ بِهادِي الْعُمْيِ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر ما» في محل نصب على اللغة الاولى وفي محل رفع متعلق بخبر أَنْتَ» على اللغة الثانية. والكلمة مضافة الى معمولها لا نها اسم فاعل و الْعُمْيِ» مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهي جمع «أعمى».والأصح أن تكون حرف جر زائدا و «هادي» اسما مجرورا لفظا بالباء منصوبا محلا على اللغة الأولى ومرفوعا محلا على اللغة الثانية.
  • ﴿ عَنْ ضَلالَتِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «هادي» او بفعله و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنْ تُسْمِعُ:
  • إن: مخففة مهملة بمعنى ما» نافية. تسمع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ إِلاّ مَنْ:
  • اداة حصر لا عمل لها. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ يُؤْمِنُ بِآياتِنا:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. يؤمن: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بآيات: جار ومجرور متعلق بيؤمن. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. اي الذين علم الله انهم يصدقون بآياته.
  • ﴿ فَهُمْ مُسْلِمُونَ:
  • الفاء استئنافية تفيد التعليل. هم: ضمير منفصل -ضمير الغائبين -في محل رفع مبتدأ. و مُسْلِمُونَ» خبره مرفوع بالوا ولا نه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. اي مخلصون.'

المتشابهات :

النمل: 81﴿ وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ
الروم: 53﴿ وَمَا أَنتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ ۖ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     وبعد أن شَبَّه اللهُ المشركين بالموتى وبالصُّم؛ شَبَّههم هنا مرة ثالثة بالعُمي في انتفاء التمييز بين طريق الحق وطريق الضلال، قال تعالى:
﴿ وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بهادي العمى:
1- اسم فاعل مضاف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بهاد، منونا، وهى قراءة يحيى بن الحارث، وأبى حيوة.
3- تهدى، مضارع «هدى» وهى قراءة الأعمش، وطلحة، وابن وثاب، وابن يعمر، وحمزة.

مدارسة الآية : [82] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا ..

التفسير :

[82] وإذا وجب العذاب عليهم؛ لتماديهم في المعاصي والطغيان، وإعراضهم عن شرع الله وحكمه، حتى صاروا من شرار خلقه، أخرجنا لهم من الأرض في آخر الزمان علامة من علامات الساعة الكبرى، وهي «الدابة»، تحدثهم أن الناس المنكرين للبعث كانوا بالقرآن ومحمد -صلى الله عليه

أي:إذا وقع على الناس القول الذي حتمه الله وفرض وقته.{ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً} خارجة{ مِنَ الْأَرْضِ} أو دابة من دواب الأرض ليست من السماء. وهذه الدابة{ تُكَلِّمُهُمْ} أي:تكلم العباد أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، أي:لأجل أن الناس ضعف علمهم ويقينهم بآيات الله، فإظهار الله هذه الدابة من آيات الله العجيبة ليبين للناس ما كانوا فيه يمترون.

وهذه الدابة هي الدابة المشهورة التي تخرج في آخر الزمان وتكون من أشراط الساعة كما تكاثرت بذلك الأحاديث [ولم يأت دليل يدل على كيفيتها ولا من أي:نوع هي وإنما دلت الآية الكريمة على أن الله يخرجها للناس وأن هذا التكليم منها خارق للعوائد المألوفة وأنه من الأدلة على صدق ما أخبر الله به في كتابه والله أعلم]

ال الإمام ابن كثير: هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابة من الأرض قيل: من مكة، وقيل من غيرها.

ثم ذكر- رحمه الله- جملة من الأحاديث في هذا المعنى منها: ما رواه مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: أشرف علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غرفته، ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال: لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، ونزول عيسى بن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف:

خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن، تسوق- أو تحشر- الناس، تبيت معهم حيث باتوا- وتقيل معهم حيث قالوا والدابة: اسم لكل حيوان ذي روح، سواء أكان ذكرا أم أنثى، عاقلا أم غير عاقل، من الدبيب وهو في الأصل: المشي الخفيف، واختصت في العرف بذوات القوائم الأربع.

والمراد بوقوع القول عليهم: قرب قيام الساعة، وانتهاء الوقت الذي يقبل فيه الإيمان من الكافر. أو الذي تنفع فيه التوبة.

والمعنى إذا دنا وقت قيام الساعة. وانتهى الوقت الذي ينفع فيه الإيمان أو التوبة..

أخرجنا للناس بقدرتنا وإرادتنا، دابة من الأرض تكلمهم، فيفهمون كلامها، ويعرفون أن موعد قيام الساعة قد اقترب. وأَنَّ النَّاسَ أى: الكافرين كانُوا بِآياتِنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا لا يُوقِنُونَ بها، ولا يصدقون أن هناك بعثا وحسابا.

فخروج الدابة علامة من علامات الساعة الكبرى، يخرجها الله- عز وجل- ليعلم الناس قرب انتهاء الدنيا وأن الحساب العادل للمؤمنين والكافرين، آت لا شك فيه، وأن التوبة لن تقبل في هذا الوقت، لأنها جاءت في غير وقتها المناسب.

وقد ذكر بعض المفسرين أوصافا كثيرة، منها أن طولها ستون ذراعا وأن رأسها رأس ثور، وأذنها أذن فيل، وصدرها صدر أسد.. إلخ.

ونحن نؤمن بأن هناك دابة تخرج في آخر الزمان، وأنها تكلم الناس بكيفية يعلمها الله- عز وجل- أمّا ما يتعلق بالمكان الذي تخرج منه هذه الدابة، وبالهيئة التي تكون عليها من حيث الطول والقصر، فنكل ذلك إلى علمه- سبحانه- حيث لم يرد حديث صحيح يعتمد عليه في بيان ذلك.

هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق ، يخرج الله لهم دابة من الأرض - قيل : من مكة . وقيل : من غيرها . كما سيأتي تفصيله - فتكلم الناس على ذلك .

قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة - وروي عن علي رضي الله عنه - : تكلمهم كلاما أي : تخاطبهم مخاطبة .

وقال عطاء الخراساني : تكلمهم فتقول لهم : إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون . ويروى هذا عن علي ، واختاره ابن جرير . وفي هذا [ القول ] نظر لا يخفى ، والله أعلم .

وقال ابن عباس - في رواية - تجرحهم . وعنه رواية ، قال : كلا تفعل يعني هذا وهذا ، وهو قول حسن ، ولا منافاة ، والله أعلم .

وقد ورد في ذكر الدابة أحاديث وآثار كثيرة ، فلنذكر ما تيسر منها ، والله المستعان :

قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن فرات ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : أشرف علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غرفة ونحن نتذاكر أمر الساعة فقال : لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، والدابة ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج عيسى ابن مريم ، والدجال ، وثلاثة خسوف : خسف بالمغرب ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق - أو : تحشر - الناس ، تبيت معهم حيث باتوا ، وتقيل معهم حيث قالوا " .

وهكذا رواه مسلم وأهل السنن ، من طرق ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة موقوفا . وقال الترمذي : حسن صحيح . ورواه مسلم أيضا من حديث عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي الطفيل ، عنه مرفوعا . والله أعلم .

طريق أخرى : قال أبو داود الطيالسي ، عن طلحة بن عمرو ، وجرير بن حازم ، فأما طلحة فقال : أخبرني عبد الله بن عبيد الله بن عمير الليثي : أن أبا الطفيل حدثه ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري أبي سريحة ، وأما جرير فقال : عن عبد الله بن عبيد ، عن رجل من آل عبد الله بن مسعود - وحديث طلحة أتم وأحسن - قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدابة فقال : " لها ثلاث خرجات من الدهر ، فتخرج خرجة من أقصى البادية ، ولا يدخل ذكرها القرية - يعني : مكة - ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون تلك ، فيعلو ذكرها في أهل البادية ، ويدخل ذكرها القرية " يعني : مكة . - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها : المسجد الحرام ، لم يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام ، تنفض عن رأسها التراب ، فارفض الناس عنها شتى ومعا ، وبقيت عصابة من المؤمنين ، وعرفوا أنهم لم يعجزوا الله ، فبدأت بهم فجلت وجوههم حتى جعلتها كأنها الكوكب الدري ، وولت في الأرض لا يدركها طالب ، ولا ينجو منها هارب ، حتى إن الرجل ليتعوذ منها بالصلاة ، فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان ، الآن تصلي ؟ فيقبل عليها فتسمه في وجهه ، ثم تنطلق ويشترك الناس في الأموال ، ويصطحبون في الأمصار ، يعرف المؤمن من الكافر ، حتى إن المؤمن ليقول : يا كافر ، اقضني حقي . وحتى إن الكافر ليقول : يا مؤمن ، اقضني حقي " .

ورواه ابن جرير من طريقين ، عن حذيفة بن أسيد موقوفا فالله أعلم . ورواه من رواية حذيفة بن اليمان مرفوعا ، وأن ذلك في زمان عيسى ابن مريم ، وهو يطوف بالبيت ، ولكن إسناده لا يصح .

حديث آخر : قال مسلم بن الحجاج : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن بشر ، عن أبي حيان ، عن أبي زرعة ، عن عبد الله بن عمرو قال : حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا لم أنسه بعد : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ، وأيتهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على إثرها قريبا " .

حديث آخر : روى مسلم في صحيحه من حديث العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب - مولى الحرقة - عن أبيه : عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة " . وله من حديث قتادة ، عن الحسن ، عن زياد بن رباح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " بادروا بالأعمال ستا : الدجال ، والدخان ، ودابة الأرض ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأمر العامة وخويصة أحدكم " .

حديث آخر : قال ابن ماجة : حدثنا حرملة بن يحيى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث وابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " بادروا بالأعمال ستا : طلوع الشمس من مغربها ، والدخان ، ودابة الأرض ، والدجال ، وخويصة أحدكم ، وأمر العامة " . تفرد به .

حديث آخر : قال أبو داود الطيالسي أيضا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أوس بن خالد ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تخرج دابة الأرض ، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان ، عليهما السلام ، فتخطم أنف الكافر بالعصا ، وتجلي وجه المؤمن بالخاتم ، حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر " .

ورواه الإمام أحمد ، عن بهز وعفان ويزيد بن هارون ، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة ، به . وقال : " فتخطم أنف الكافر بالخاتم ، وتجلو وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان الواحد ليجتمعون فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا : يا كافر " .

ورواه ابن ماجة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يونس بن محمد المؤدب ، عن حماد بن سلمة ، به .

حديث آخر : قال ابن ماجة : حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو ، حدثنا أبو تميلة ، حدثنا خالد بن عبيد ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : ذهب بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى موضع بالبادية ، قريب من مكة ، فإذا أرض يابسة حولها رمل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تخرج الدابة من هذا الموضع . فإذا فتر في شبر " .

قال ابن بريدة : فحججت بعد ذلك بسنين ، فأرانا عصا له ، فإذا هو بعصاي هذه ، كذا وكذا .

وقال عبد الرزاق عن معمر ، عن قتادة ; أن ابن عباس قال : هي دابة ذات زغب ، لها أربع قوائم ، تخرج من بعض أودية تهامة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية قال : قال عبد الله : تخرج الدابة من صدع من الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام ، لم يخرج ثلثها .

وقال محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح قال : سئل عبد الله بن عمرو عن الدابة ، فقال : الدابة تخرج من تحت صخرة بجياد ، والله لو كنت معهم - أو لو شئت بعصاي الصخرة التي تخرج الدابة من تحتها . قيل : فتصنع ماذا يا عبد الله بن عمرو ؟ قال : تستقبل المشرق فتصرخ صرخة تنفذه ، ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة تنفذه ، ثم تستقبل المغرب فتصرخ صرخة تنفذه ، ثم تستقبل اليمن فتصرخ صرخة تنفذه ، ثم تروح من مكة فتصبح بعسفان . قيل : ثم ماذا ؟ قال : لا أعلم .

وعن عبد الله بن عمر ، أنه قال : تخرج الدابة ليلة جمع . ورواه ابن أبي حاتم . وفي إسناده ابن البيلمان .

وعن وهب بن منبه : أنه حكى من كلام عزير ، عليه السلام ، أنه قال : وتخرج من تحت سدوم دابة تكلم الناس كل يسمعها ، وتضع الحبالى قبل التمام ، ويعود الماء العذب أجاجا ، ويتعادى الأخلاء ، وتحرق الحكمة ، ويرفع العلم ، وتكلم الأرض التي تليها . وفي ذلك الزمان يرجو الناس ما لا يبلغون ، ويتعبون فيما لا ينالون ، ويعملون فيما لا يأكلون . رواه ابن أبي حاتم ، عنه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح - كاتب الليث - حدثني معاوية بن صالح ، عن أبي مريم : أنه سمع أبا هريرة ، رضي الله عنه ، يقول : إن الدابة فيها من كل لون ، ما بين قرنيها فرسخ للراكب .

وقال ابن عباس : هي مثل الحربة الضخمة .

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، أنه قال : إنها دابة لها ريش وزغب وحافر ، وما لها ذنب ، ولها لحية ، وإنها لتخرج حضر الفرس الجواد ثلاثا ، وما خرج ثلثها . ورواه ابن أبي حاتم .

وقال ابن جريج ، عن ابن الزبير أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس ثور ، وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وقرنها قرن أيل ، وعنقها عنق نعامة ، وصدرها صدر أسد ، ولونها لون نمر ، وخاصرتها خاصرة هر ، وذنبها ذنب كبش ، وقوائمها قوائم بعير ، بين كل مفصلين اثنا [ عشر ] ذراعا ، تخرج معها عصا موسى ، وخاتم سليمان ، فلا يبقى مؤمن إلا نكتت في وجهه بعصا موسى نكتة بيضاء ، فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه ، ولا يبقى كافر إلا نكتت في وجهه نكتة سوداء بخاتم سليمان ، فتفشو تلك النكتة حتى يسود لها وجهه ، حتى إن الناس يتبايعون في الأسواق : بكم ذا يا مؤمن ، بكم ذا يا كافر ؟ وحتى إن أهل البيت يجلسون على مائدتهم ، فيعرفون مؤمنهم من كافرهم ، ثم تقول لهم الدابة : يا فلان ، أبشر ، أنت من أهل الجنة ، ويا فلان ، أنت من أهل النار . فذلك قول الله تعالى : ( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ) .

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعًا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (وإذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) قال: حقّ عليهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: (وإذا وقع الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) يقول: إذا وجب القول عليهم.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: (وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) قال: حقّ العذاب.

قال ابن جُرَيج: القول: العذاب.

*ذكر من قال قولنا في معنى القول.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: (وإذا وقع القول عَلَيْهِمْ ) والقول: الغضب.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن هشام, عن حفصة, قالت: سألت أبا العالية, عن قوله: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ ) فقال: أوحى الله إلى نوح أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ قالت: فكأنما كان على وجهي غطاء فكشف.

وقال جماعة من أهل العلم: خروج هذه الدابة التي ذكرها حين لا يأمر الناس بمعروف ولا ينهون عن منكر.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا الأشجعي, عن سفيان, عن عمرو بن قيس, عن عطية العوفي, عن ابن عمر في قوله: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ ) قال: هو حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا محمد بن الحسن أبو الحسن, قال: ثنا عمرو بن قيس الملائي, عن عطية, عن ابن عمر, في قوله: ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ ) قال: ذاك إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن عمرو بن قيس, عن عطية, عن ابن عمر, في قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) قال: حين لا يأمرون بالمعروف, ولا ينهون عن المنكر.

حدثني محمد بن عمرو المقدسي, قال: ثنا أشعث بن عبد الله السجستاني, قال: ثنا شعبة, عن عطية, في قوله: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تُكَلِّمُهُمْ ) قال: إذا لم يعرفوا معروفا, ولم ينكروا منكرا.

وذُكر أن الأرض التي تخرج منها الدابة مكة.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثني الأشجعي, عن فضيل بن مرزوق, عن عطية, عن ابن عمر, قال: تخرج الدابة من صَدع في الصفا، كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا الحكم بن بشير, قال: ثنا عمرو بن قيس, عن الفرات القزاز, عن عامر بن واثلة أبي الطفيل, عن حُذيفة بن أسيد الغفاري, قال: إن الدابة حين تخرج يراها بعض الناس فيقولون: والله لقد رأينا الدابة, حتى يبلغ ذلك الإمام, فيطلب فلا يقدر على شيء. قال: ثم تخرج فيراها الناس, فيقولون: والله لقد رأيناها, فيبلغ ذلك الإمام فيطلب فلا يرى شيئا, فيقول: أما إني إذا حدث الذي يذكرها قال: حتى يعدّ فيها القتل, قال: فتخرج, فإذا رآها الناس دخلوا المسجد يصلون, فتجيء إليهم فتقول: الآن تصلون, فتخطم الكافر, وتمسح على جبين المسلم غرّة, قال: فيعيش الناس زمانا يقول هذا: يا مؤمن, وهذا: يا كافر.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا عثمان بن مطر, عن واصل مولى أبي عيينة, عن أبي الطفيل, عن حُذيفة, وأبي سفيان, ثنا عن معمر, عن قيس بن سعد, عن أبي الطفيل, عن حُذيفة بن أسيد, في قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) قال: للدابة ثلاث خرجات: خرجة في بعض البوادي ثم تكمن, وخرجة في بعض القُرى حين يهرَيق فيها الأمراء الدماء, ثم تكمن, فبينا الناس عند أشرف المساجد وأعظمها وأفضلها, إذ ارتفعت بهم الأرض, فانطلق الناس هرابا, وتبقى طائفة من المؤمنين, ويقولون: إنه لا ينجينا من الله شيء, فتخرج عليهم الدابة تجلو وجوههم مثل الكوكب الدرّيّ، ثم تنطلق فلا يدركها طالب ولا يفوتها هارب, وتأتي الرجل يصلي, فتقول: والله ما كنت من أهل الصلاة, فيلتفت إليها فتخطمه, قال: تجلو وجه المؤمن, وتخطم الكافر, قلنا: فما الناس يومئذٍ؟ قال: جيران في الرباع, وشركاء في الأموال, وأصحاب في الأسفار.

حدثني أبو السائب, قال: ثنا ابن فضيل, عن الوليد بن جميع, عن عبد الملك بن المُغيرة, عن عبد الرحمن بن البيلماني, عن ابن عمر: يبيت الناس يسيرون إلى جمع, وتبيت دابة الأرض تسايرهم, فيصبحون وقد خطمتهم من رأسها وذنبها, فما من مؤمن إلا مسحته, ولا من كافر ولا منافق إلا تخبطه.

حدثنا مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا الخيبري, عن حيان بن عمير, عن حسان بن حمصة, قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: لو شئت لانتعلت بنعليّ هاتين, فلم أمسّ الأرض قاعدا حتى أقف على الأحجار التي تخرج الدابة من بينها, ولكأني بها قد خرجت في عقب ركب من الحاجِّ, قال: فما حججت قطّ إلا خفت تخرج بعقبنا.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي, قال: ثنا أبو أسامة, عن هشام, عن قيس بن سعد, عن عطاء, قال: رأيت عبد الله بن عمرو, وكان منـزله قريبا من الصفا, رفع قدمه وهو قائم, وقال: لو شئت لم أضعها حتى أضعها على المكان الذي تخرج منه الدابة.

حدثنا عصام بن روّاد بن الجراح, قال: ثنا أبي, قال: ثنا سفيان بن سعيد الثوريّ, قال: ثنا منصور بن المعتمر, عن ربعي بن حراش, قال: سمعت حُذيفة بن اليمان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكر الدابة, فقال حُذيفة: قلت يا رسول الله, من أين تخرج؟ قال: " مِنْ أَعْظَمِ المَساجِدِ حُرْمَةً عَلى اللهِ, بَيْنَما عِيسَى يَطُوفُ بالبَيْتِ وَمَعَهُ المُسْلِمُونَ, إذْ تَضْطَرِبُ الأرْضُ تحْتَهُمْ, تَحَرُّكَ القِنْديلِ, وَيَنْشَق الصَّفا ممَّا يَلي المَسْعَى, وَتَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنَ الصَّفا، أوَّلُ ما يَبْدُو رأْسُها، مُلَمَّعَةٌ ذَاتُ وَبَرٍ وَرِيشٍ, لَمْ يُدْرِكْها طالبٌ, وَلَنْ يَفُوتَها هاربٌ, تَسِمُ النَّاسَ مُؤْمِنٌ وكافِرٌ, أمَّا المُؤْمِنُ فَتَتْرُكُ وَجْهَهُ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرّيّ, وتَكْتُبُ بينَ عَيْنَيْهِ مُؤْمِنٌ , وأمَّا الكافُِر فَتَنْكُتُ بينَ عَيْنَيْهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاء كافِرٌ".

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو الحسين, عن حماد بن سلمة, عن علي بن زيد بن جدعان, عن أوس بن خالد, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى, فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنِ بالْعَصَا, وَتَخْتِمُ أنْفَ الكَافِرِ بِالْخَاتَمِ, حَتَّى إنَّ أَهْلَ البَيْتِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ هذَا: يا مُؤْمِنُ, وَيَقُولُ هَذَا: يا كافِرُ".

قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قال: هي دابة ذات زغب وريش, ولها أربع قوائم تخرج من بعض أودية تهامة, قال: قال عبد الله بن عمر: إنها تنكت في وجه الكافر نكتة سوداء, فتفشو في وجهه, فيسودّ وجهه, وتنكت في وجه المؤمن نكتة بيضاء فتفشو في وجه, حتى يبيضّ وجهه, فيجلس أهل البيت على المائدة, فيعرفون المؤمن من الكافر, ويتبايعون في الأسواق, فيعرفون المؤمن من الكافر.

حدثني ابن عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب, قالا ثنا ابن الهاد, عن عمر بن الحكم, أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: تخرج الدابة من شعب, فيمسّ رأسها السحاب, ورجلاها في الأرض ما خرجتا, فتمرّ بالإنسان يصلي, فتقول: ما الصلاة من حاجتك فتخطمه.

حدثنا صالح بن مسمار, قال: ثنا ابن أبي فديك, قال: ثنا يزيد بن عياض, عن محمد بن إسحاق, أنه بلغه عن عبد الله بن عمرو, قال: تخرج دابة الأرض ومعها خاتم سليمان وعصا موسى, فأما الكافر فتختم بين عينيه بخاتم سليمان, وأما المؤمن فتمسح وجهه بعصا موسى فيبيض.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( تُكَلِّمُهُمْ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار: ( تُكَلِّمُهُمْ ) بضم التاء وتشديد اللام, بمعنى تخبرهم وتحدثهم, وقرأه أبو زرعة بن عمرو: " تَكْلِمُهُمْ" بفتح التاء وتخفيف اللام بمعنى: تسمهم.

والقراءة التي لا أستجيز غيرها في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) قال: تحدثهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: (أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ ) وهي في بعض القراءة " تحدثهم " تقول لهم: (أن الناس كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس, في قوله: ( تُكَلِّمُهُمْ ) قال: كلامها تنبئهم (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ َ ).

وقوله: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء الحجاز والبصرة والشام: " إنَّ النَّاسَ" بكسر الألف من " إن " على وجه الابتداء بالخبر عن الناس أنهم كانوا بآيات الله لا يوقنون; وهي وإن كسرت في قراءة هؤلاء فإن الكلام لها متناول. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض أهل البصرة: (أَنَّ النَّاسَ كَانُوا ) بفتح أن بمعنى: تكلمهم بأن الناس, فيكون حينئذ نصب بوقوع الكلام عليها.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مستفيضتان في قراءة الأمصار, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

وقفة
[82] ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ الوقع: الشيء الشديد، وكل وقع في القرآن هو وقع شديد، إلا في قوله تعالى: ﴿وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ﴾ [النساء: 100].
وقفة
[82]﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ تنزل الدابة ناطقة كعلامة من علامات الساعة، ولا يقبل عندها الايمان، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَلاَثٌ إِذَا خَرَجْنَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الأَرْضِ» [مسلم 158].
وقفة
[82] ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ لم التعجب؟! أليس تكلم النمل؟! وتكلم الطير؟! وتكلم الجن!؟ فسوف تتكلم الدابة.
وقفة
[82] ﴿وَإِذا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم أَخرَجنا لَهُم دابَّةً مِنَ الأَرضِ تُكَلِّمُهُم أَنَّ النّاسَ كانوا بِآياتِنا لا يوقِنونَ﴾ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَليه وسَلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ: «الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلى الله عَليه وسَلم، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ» [مسلم 2901].
وقفة
[82] ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ مرض آخر الزمان ضعف اليقين.
وقفة
[82] ﴿دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾ والمعنى أنهم لم يسمعوا من البشر الذين هم مثلهم، فكان عليهم أن يسمعوا من دابة، والدابة أقل منهم، وهذا من باب التحقير لهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا:
  • الواو استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه.
  • ﴿ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. وقع: فعل ماض مبني على الفتح. القول: فاعل مرفوع بالضمة. على: حرف جر. و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بوقع. بمعنى: واذا حصل ما وعدوا من قيام الساعة والعذاب.
  • ﴿ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اخرج: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بأخرجنا. دابة: مفعول به منصوب بأخرجنا وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بأخرجنا او بصفة لدابة. تكلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به بمعنى «تخاطبهم». وجملة تُكَلِّمُهُمْ» في محل نصب صفة او حال لدابة.
  • ﴿ أَنَّ النّاسَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الناس: اسم أَنَّ» منصوب بالفتحة. و أَنَّ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر اي بأن الناس. والجار والمجرور متعلق بتكلمهم.
  • ﴿ كانُوا بِآياتِنا:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر أَنَّ».كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة. بآيات: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. والضمير يعود لله سبحانه لان الحكاية هي لقوله تعالى عند ذلك وفيمن قرأ بكسر أَنَّ» يكون على معنى بآيات ربنا.
  • ﴿ لا يُوقِنُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان».ولا يوقنون: اي لا يعتقدون: لا: نافية لا عمل لها. يوقنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

النمل: 82﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
النمل: 85﴿وَ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     وبعد تشبيه المشركين بالموتى ثم بالصُّم ثم بالعُمي؛ هَدَّدَهم اللهُ هنا بذِكرِ بعض علامات الساعة وأهوالها؛ لكي تعتبر النفوس وتخشع لله تعالى، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تكلمهم:
1- بالتشديد، من الكلام، أو من الكلم، وهو الجرح، والتشديد للتكثير، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح التاء وسكون الكاف، مخفف اللام، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وأبى زرعة، والجحدري، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة.
أن الناس:
قرئ:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الكوفيون، وزيد بن على.
2- بكسرها، وهى قراءة باقى السبعة.
3- بأن، وهى قراءة ابن مسعود.

مدارسة الآية : [83] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ ..

التفسير :

[83] ويوم نجمع يوم الحشر من كل أمة جماعة ممن يكذب بأدلتنا وحججنا، يُحْبَس أولهم على آخرهم؛ ليجتمعوا كلهم، ثم يساقون إلى الحساب.

يخبر تعالى عن حالة المكذبين في موقف القيامة وأن الله يجمعهم، ويحشر من كل أمة من الأمم فوجا وطائفة{ مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} يجمع أولهم على آخرهم وآخرهم على أولهم ليعمهم السؤال والتوبيخ واللوم.

وقوله- سبحانه-: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ بيان إجمالى لحال المكذبين بالساعة عند قيامها، بعد بيان بعض أشراطها.

والظرف متعلق بمحذوف. والحشر: الجمع، قالوا والمراد بهذا الحشر: حشر الكافرين إلى النار، بعد حشر الخلائق جميعها، والفصل بينهم.

والفوج: يطلق في الأصل على الجماعة التي تسير بسرعة، ثم توسع فيه فصار يطلق على كل جماعة، وإن لم يكن معها مرور أو إسراع.

وقوله: يُوزَعُونَ من الوزع. بمعنى الكف والمنع، يقال: وزعه عن الشيء، إذا كفه عنه، ومنعه من غشيانه، والوازع في الحرب، هو الموكل بتنظيم الصفوف، ومنع الاضطراب فيها.

والمعنى: واذكر- أيها العاقل لتعتبر وتتعظ- يوم نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم فَوْجاً.

أى: جماعة من الذين كانوا يكذبون في الدنيا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وقدرتنا فَهُمْ يُوزَعُونَ أى: فهم يقفون بين أيدينا، داخرين صاغرين، بحيث لا يتقدم أحد منهم على أحد، وإنما يتحركون ويساقون إلى حيث نريد منهم، ويتجمعون جميعا ليلقوا مصيرهم المحتوم.

وأفرد- سبحانه- هؤلاء المكذبين بالذكر. - مع أن الحشر يشمل الناس جميعا- لإبراز الحال السيئة التي يكونون عليها عند ما يجمعون للحساب دون أن يشذ منهم أحد، ودون أن يتحرك أولهم حتى يجتمع معه آخرهم..

يقول تعالى مخبرا عن يوم القيامة ، وحشر الظالمين المكذبين بآيات الله ورسله إلى بين يدي الله ، عز وجل ، ليسألهم عما فعلوه في الدار الدنيا ، تقريعا وتوبيخا ، وتصغيرا وتحقيرا فقال : ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ) أي : من كل قوم وقرن فوجا ، أي : جماعة ، ( ممن يكذب بآياتنا ) ، كما قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) [ الصافات : 22 ] ، وقال تعالى ( وإذا النفوس زوجت ) [ التكوير : 7 ] .

وقوله : ( فهم يوزعون ) قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : يدفعون . وقال قتادة : وزعة ترد أولهم على آخرهم . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يساقون .

يقول تعالى ذكره: ويوم نجمع من كل قرن وملة فوجا, يعني جماعة منهم, وزمرة (مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا ) يقول: ممن يكذّب بأدلتنا وحججنا, فهو يحبس أوّلهم على آخرهم, ليجتمع جميعهم, ثم يساقون إلى النار.

وبنحو ما قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) يعني: الشيعة عند الحشر.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) قال: زمرة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) قال: زمرة زمرة (فَهُمْ يُوزَعُونَ ).

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: يقول: فهم يدفعون.

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, في قوله: ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: يحبس أولهم على آخرهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: ( فَهُمْ يُوزَعُونَ ) قال: وزعة تردّ أولاهم على أخرهم.

وقد بيَّنت معنى قوله: ( يُوزَعُونَ ) فيما مضى قبل بشواهده, فأغني ذلك عن إعادته في هذا الموضع.

التدبر :

وقفة
[83] ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ فوجٌ من كبار طُغَاتهم، ليرى التابعون مصارع المتبوعين، ويشهد الضعفاء مصارع الأقوياء، فتنقطع كل آمالهم في النجاة.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ:
  • الواو عاطفة. يوم: مفعول به لفعل مضمر تقديره: واذكر يوم: منصوب وعلامة نصبه الفتحة. نحشر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. والجملة الفعلية نَحْشُرُ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً:
  • جار ومجرور متعلق بنحشر او بحال من فَوْجاً». أمة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. فوجا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي جماعة كثيرة.
  • ﴿ مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا:
  • اصلها: من: حرف جر. و مِنْ» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من فَوْجاً».يكذب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بآيات: جار ومجرور متعلق بيكذب. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. والجملة الفعلية يُكَذِّبُ بِآياتِنا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ:
  • الفاء استئنافية او تكون واقعة في جواب مِنْ» المتضمنة معنى الشرط‍.هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. يوزعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية يُوزَعُونَ» في محل رفع خبر «هم» بمعنى: يحبس اولهم على آخرهم فيكبكبون في النار.'

المتشابهات :

النمل: 17﴿وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
النمل: 83﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ
فصلت: 19﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّـهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الدابة، وهي من علامات الساعة الكبرى؛ جاء الحديث هنا عن يوم الحشر، وحال المكذبين بالساعة عند قيامها، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [84] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم ..

التفسير :

[84] حتى إذا جاء من كل أمة فوج ممن يكذب بآياتنا فاجتمعوا قال الله:أكذَّبْتم بآياتي التي أنزلتها على رسلي، وبالآيات التي أقمتها دلالة على توحيدي واستحقاقي وحدي للعبادة، ولم تحيطوا علماً ببطلانها، حتى تُعرضوا عنها وتُكَذِّبوا بها، أم أي شيء كنتم تعملون؟

{ حَتَّى إِذَا جَاءُوا} وحضروا قال لهم موبخا ومقرعا:{ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا} العلم أي:الواجب عليكم التوقف حتى ينكشف لكم الحق وأن لا تتكلموا إلا بعلم، فكيف كذبتم بأمر لم تحيطوا به علما؟{ أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي:يسألهم عن علمهم وعن عملهم فيجد عليهم تكذيبا بالحق، وعملهم لغير الله أو على غير سنة رسولهم.

ثم بين - سبحانه - أحوالهم بعد ذلك فقال : ( حتى إِذَا جَآءُوا ) أى : حتى إذا ما وصلوا إلى موقف الحساب قال الله - تعالى - لهم على سبيل التأنيب والتوبيخ ( أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي ) الدالة على وحدانيتى وعلى أن الآخرة حق . وأن الحساب حق وجملة ، ( وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً ) حالية ، لزيادة التشنيع عليهم . والتجهيل لهم .

أى : أكذبتم بآياتى الدالة على أن البعث حق ، دون أن تتفكروا فيها ، ودون أن يكون عندكم أى علم أو دليل على صحة هذا التكذيب .

ثم أضاف - سبحانه - إلى هذا التوبيخ لهم ، توبيخا أشد وأعظم ، فقال : ( أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

أى : إذا لم تكونوا قد كذبتم بآياتى ، فولوا لنا ماذا كنتم تعملون ، فإننا لا يخفى علينا شىء منها ، ولا نعاقبكم إلا عليها .

( حتى إذا جاءوا ) أي : أوقفوا بين يدي الله عز وجل ، في مقام المساءلة ، ( قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون ) أي : ويسألون عن اعتقادهم ، وأعمالهم فلما لم يكونوا من أهل السعادة ، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم : ( فلا صدق ولا صلى . ولكن كذب وتولى ) [ القيامة : 31 ، 32 ] ، فحينئذ قامت عليهم الحجة ، ولم يكن لهم عذر يعتذرون به ، كما قال تعالى : ( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون . ويل يومئذ للمكذبين ) [ المرسلات : 35 ، 37 ] ،

وقوله: ( حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي ) يقول تعالى ذكره: حتى إذا جاء من كل أمة فوج ممن يكذب بآياتنا فاجتمعوا قال الله: ( أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي ) أي: بحججي وأدلتي ( وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا ) يقول: ولم تعرفوها حق معرفتها، ( أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) فيها من تكذيب أو تصديق.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[84] الواجب على المسلم وطالب العلم أن يتوقف عن أي مسألة ليس له فيها علم حتى ينكشف له الحق؛ فلا يتكلم إلا بعلم، ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾.
وقفة
[84، 85] ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا * وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ ﴾ أي شيء اشتغلتم به من العمل للآخرة الخالدة؟! كأنه قال: كل عمل غير عمل الآخرة ليس بعمل (فهم لا ينطقون) أي ليس لهم عذر ولا حجة، وقيل: يختم على أفواههم فلا ينطقون، قاله أكثر المفسرين.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا جاؤُ:
  • حتى: حرف غاية للابتداء. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. جاءوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة جاؤُ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة قالَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. كذبتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. بآياتي: جار ومجرور متعلق بكذبتم والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: ونسألهم أكذبتم بآياتي.
  • ﴿ وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً:
  • بمعنى: ولم تدركوا معانيها. الواو حالية. والجملة بعدها في محل نصب حال بتقدير: أكذبتم بها بادئ الرأي من غير فكر في احاطة العلم بكنهها. او تكون عاطفة عطفت ما بعدها على فعل مقدر بمعنى: أجحدتم آياتي ولم تلقوا اذهانكم لتبصرها. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تحيطوا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بها: جار ومجرور متعلق بتحيطون. علما: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ أَمّا ذا:
  • أم: المتصلة لانها مسبوقة باستفهام عاطفة. ماذا: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وهي توبيخ وتقريع بلفظ‍ استفهام.
  • ﴿ كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعملون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية تَعْمَلُونَ» في محل نصب خبر «كان» وحذفت صلتها لانه سبقها ما يدل عليها بمعنى: تعملون بها. ويجوز أن تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ و إِذا» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع خبر «ما» بمعنى: ما الذي أيّ شيء كنتم تعملون فتكون جملة كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. وثمة وجه آخر لاعراب الجملة وهو أن يكون اسم الاستفهام «ماذا» في محل نصب خبرا مقدما لكنتم و تَعْمَلُونَ» في محل نصب حالا من ضمير كُنْتُمْ».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     وبعد حَشْرِهم؛ ذكرَ مجيئَهم لموقف الحساب، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تَعْمَلُونَ أما ذا:
وقرئ:
بتخفيف الميم، أدخلت أداة الاستفهام على اسم الاستفهام، على سبيل التوكيد، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [85] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا ..

التفسير :

[85]وحقَّتْ عليهم كلمة العذاب؛ بسبب ظلمهم وتكذيبهم، فهم لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم ما حلَّ بهم من سوء العذاب.

{ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} أي:حقت عليهم كلمة العذاب بسبب ظلمهم الذي استمروا عليه وتوجهت عليهم الحجة،{ فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ} لأنه لا حجة لهم.

ولا شك أن هذا التساؤل المقصود منه تأنيبهم وتقريعهم ، والاستهزاء بهم ، لأنه من المعروف أنهم كذبوا بآيات الله ، وأنهم قد قضوا حياتهم فى الكفر والضلال ، ولذا وقوفا واجمين لا يحيرون جوابا ، فكانت النتيجة كما قال - تعالى - بعد ذلك : ( وَوَقَعَ القول عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ ) . أى : وحل العذاب عليهم بسبب ظلمهم وجحودهم ، فاستقبلوه باستسلام وذلة ، دون أن يستطيعوا النطق بكلمة تنفعهم . أو بحجة يدافعون بها عن أنفسهم . . .

فالمقصود بوقوع القول عليهم : إقامة الحجة عليهم ، ونزول العذاب بهم واستحقاقهم له بسبب ظلمهم وكفرهم .

وهكذا قال هاهنا : ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ) أي : بهتوا فلم يكن لهم جواب ; لأنهم كانوا في الدار الدنيا ظلمة لأنفسهم ، وقد ردوا إلى عالم الغيب والشهادة الذي لا تخفى عليه خافية .

يقول تعالى ذكره: ووجب السخط والغضب من الله على المكذّبين بآياته ( بِمَا ظَلَمُوا ) يعني بتكذيبهم بآيات الله, يوم يحشرون (فهم لا ينطقون )

يقول: فهم لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم عظيم ما حلّ بهم ووقع عليهم من القول.

التدبر :

وقفة
[85] ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ﴾ قال قتادة: «كيف ينطقون ولا حجة لهم».

الإعراب :

  • ﴿ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ:
  • الواو عاطفة. وقع: فعل ماض مبني على الفتح. القول: فاعل مرفوع بالضمة. على حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بوقع اي وحل بهم العذاب اي وقع العذاب الموعود.
  • ﴿ بِما ظَلَمُوا:
  • الباء حرف جر. ما: مصدرية. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة ظَلَمُوا» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و«ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بوقع والتقدير: بسبب ظلمهم. فحذف المجرور المضاف وحل المصدر المضاف اليه محله بمعنى: فغشيهم العذاب بسبب ظلمهم وهو التكذيب بآيات الله.
  • ﴿ فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ:
  • الفاء عاطفة اي فيشغلهم عن النطق والاعتذار. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. ينطقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة في محل رفع خبر «هم».'

المتشابهات :

النمل: 82﴿وَإِذَ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
النمل: 85﴿وَ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا لم يجدوا جوابًا لهذين السؤالين؛ كانت النتيجة عملية، وهي أن العذاب الذي وُعدوا به في الدنيا بسبب ظلمهم وكفرهم، قد حل بهم الآن في الدار الآخرة، قال تعالى:
﴿ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [86] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ ..

التفسير :

[86] ألم ير هؤلاء المكذبون بآياتنا أنا جعلنا الليل يستقرُّون فيه وينامون، والنهار يبصرون فيه للسعي في معاشهم؟ إن في تصريفهما لَدلالة لقوم يؤمنون بكمال قدرة الله ووحدانيَّته وعظيم نعمه.

أي:ألم يشاهدوا هذه الآية العظيمة والنعمة الجسيمة وهو تسخير الله لهم الليل والنهار، هذا بظلمته ليسكنوا فيه ويستريحوا من التعب ويستعدوا للعمل، وهذا بضيائه لينتشروا فيه في معاشهم وتصرفاتهم.{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} على كمال وحدانية الله وسبوغ نعمته.

وبعد هذا التوبيخ لهم وهم فى ساحة الحشر ، انتقلت السورة إلى توبيخهم على فعلتهم حين كانوا فى الدنيا . فتقول : ( أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا الليل لِيَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً ) .

أى : أبلغت الغفلة والجهالة بهؤلاء المكذبين - أنهم يعيشون - فى هذا الكون ليأكلوا ويشربوا ويتمتعوا ، دون أن يعتبروا أو يتفكروا .

لقد أوجدنا لهم ليلا يسكنون فيه ، وأوجدنا لهم نهارا يبتغون فيه أرزاقهم ، وجعلنا الليل والنهار بهذا المقدار ، لتتيسر لهم أسباب الحياة والراحة ، فكيف لم يهتدوا إلى أن لهذا الكون خالقا حكيما قادرا؟

( إِنَّ فِي ذَلِكَ ) الذى جعلناه ، لهم ، من وجود الليل والنهار بهذه الطريقة ( لآيَاتٍ ) بينات واضحات على وحدانيتنا وقدرتنا ( لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) بأن الله - تعالى - هو الخالق لكل شىء وهو الإله الحق لا إله سواه .

وذلك ، لأن من تأمل فى تعاقب الليل والنهار بتلك الصورة البديعة المطردة ، وفى اختلافهما طولا وقصرا ، وظلمة وضياء . . . أيقن بأن لهذا الكون إلها واحدا قادرا على إعادة الحياة إلى الأموات ، ليحاسبهم على أعمالهم .

قال الآلوسى : وقوله : ( والنهار مُبْصِراً ) أى : ليبصروا بما فيه من الإضاءة ، وطرق التقلب فى أمور معاشهم ، فبولغ حيث جعل الإبصار الذى هو حال الناس حالا له ، ووصفا من أوصافه التى جعل عليها بحيث لم ينفك عنها ، ولم يسلك فى الليل هذا المسلك . لما أن تأثير ظلام الليل فى السكون ، ليس بمثابة تأثير ضوء النهار فى الإبصار .

ثم قال تعالى منبها على قدرته التامة ، وسلطانه العظيم ، وشأنه الرفيع الذي تجب طاعته والانقياد لأوامره ، وتصديق أنبيائه فيما جاءوا به من الحق الذي لا محيد عنه ، فقال ( ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه ) أي : فيه ظلام تسكن بسببه حركاتهم ، وتهدأ أنفاسهم ، ويستريحون من نصب التعب في نهارهم . ( والنهار مبصرا ) أي : منيرا مشرقا ، فبسبب ذلك يتصرفون في المعايش والمكاسب ، والأسفار والتجارات ، وغير ذلك من شئونهم التي يحتاجون إليها ، ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) .

وقوله : ( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ ) يقول تعالى ذكره: ألم ير هؤلاء المكذّبون بآياتنا تصريفنا الليل والنهار, ومخالفتنا بينهما بتصييرنا هذا سكنًا لهم يسكنون فيه ويهدءون، راحة أبدانهم من تعب التصرِّف والتقلب نهارا, وهذا مضيئا يبصرون فيه الأشياء ويعاينونها فيتقلبون فيه لمعايشهم, فيتفكروا في ذلك, ويتدبروا, ويعلموا أن مصرِّف ذلك كذلك هو الإله الذي لا يعجزه شيء, ولا يتعذر عليه إماتة الأحياء, وإحياء الأموات بعد الممات, كما لم يتعذر عليه الذهاب بالنهار والمجيء بالليل, والمجيء بالنهار والذهاب بالليل مع اختلاف أحوالهما(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن في تصييرنا الليل سكنا, والنهار مبصرا لدلالة لقوم يؤمنون بالله على قدرته على ما آمنوا به من البعث بعد الموت, وحجة لهم على توحيد الله.

التدبر :

عمل
[86] ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ نم ليلة مبكرًا ثم نم ليلة أخرى متأخرًا وانظر الفرق بينهما على نفسيتك وصحتك، وأعمالك وعبادتك.
وقفة
[86] ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ليكون الليل وقت سكونهم، والنهار وقت طلب معاشهم، فلا تقلبوا سنن الله، فتضطرب حياتكم.
وقفة
[86] ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ جاء بهذه الآيات التي تتحدث عن الكون، بعد الكلام عن الآخرة؛ ليبين أنه لا عذر لهم في إنكار الآخرة، وهذه الآيات أمام أعينهم تدل على وحدانية الله تعالى.
وقفة
[86] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ خصَّ المؤمنين بالذِّكر، مع أن غيرههم مثلَهم؛ لأنهم المنتفعون بالآيات.
وقفة
[86] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي: قضيت بأن إيمانهم لا يزال يتجدد، فهم كل يوم في علو وارتفاع.
وقفة
[86] ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ دلالة النوم على الموت، والاستيقاظ على البعث.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ يَرَوْا:
  • الالف الف استفهام لا عمل لها. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ أَنّا جَعَلْنَا:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» المدغمة بالنون ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم إِنَّ».جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر ان. و إِنَّ» وما بعدها: بتأويل مصدر سد مسد مفعولي يَرَوْا» على معنى «ألم يعلموا» او في محل نصب مفعول به ليروا على معنى «ألم يبصروا».
  • ﴿ اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ:
  • الليل: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ليسكنوا: اللام حرف جر للتعليل. يسكنوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. فيه: جار ومجرور متعلق بيسكنوا. وجملة «يسكنوا» صلة «ان» المضمرة لا محل لها. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بجعلنا. بمعنى خلقناه او اوجدناه للسكن والهدوء والاستقرار. وعلى هذا المعنى يكون المصدر المؤول في محل نصب مفعولا لأجله.
  • ﴿ وَالنَّهارَ مُبْصِراً:
  • معطوفة بالواو على اللَّيْلَ» وتعرب اعرابها. مبصرا: حال من النهار منصوب بالفتحة. واصله: ليبصروا فيه ويعملوا. وهو اسم فاعل وحذف مفعوله لانه معلوم بمعنى: ليبصروا فيه طرق التقلب في المكاسب.
  • ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ:
  • اعربت في الآية الكريمة الثانية والخمسين.'

المتشابهات :

الأنعام: 99﴿مُشۡتَبِهٗا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٍۗ ٱنظُرُوٓاْ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَيَنۡعِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
النحل: 79﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
النمل: 86﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا جَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِيَسۡكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
العنكبوت: 24﴿إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
الروم: 37﴿أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
الزمر: 52﴿يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     وبعد توبيخ المكذبين في ساحة الحشر؛ وَبَّخِهم اللهُ هنا وذَكَّرَهم بحشرهم كل ليلة إلى النوم، ثم بعثهم من المنام، وإظهار الظلام الذي هو كالموت بعد النور، وبعث النور بعد إفنائه بالظلام، قال تعالى :
﴿ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [87] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ ..

التفسير :

[87] واذكر -أيها الرسول- يوم يَنفخ الملَك في «القَرْن» ففزع مَن في السموات ومَن في الأرض فزعاً شديداً مِن هول النفخة، إلا مَنِ استثناه الله ممن أكرمه وحفظه من الفزع، وكل المخلوقات يأتون إلى ربهم صاغرين مطيعين.

يخوف تعالى عباده ما أمامهم من يوم القيامة وما فيه من المحن والكروب، ومزعجات القلوب فقال:{ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ} بسبب النفخ فيه{ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي:انزعجوا وارتاعوا وماج بعضهم ببعض خوفا مما هو مقدمة له.{ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} ممن أكرمه الله وثبته وحفظه من الفزع.{ وَكُلٌّ} من الخلق عند النفخ في الصور{ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} صاغرين ذليلين، كما قال تعالى:{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} ففي ذلك اليوم يتساوى الرؤساء والمرءوسون في الذل والخضوع لمالك الملك.

أى: ونفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله- تعالى- لهم عدم الفزع والخوف.

والمراد بهؤلاء الذين لا يفزعون، قيل: الأنبياء، وقيل: الشهداء، وقيل: الملائكة.

ولعل الأنسب أن يكون المراد ما يعم هؤلاء السعداء وغيرهم، ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه، لأنه لم يرد نص صحيح يحددهم.

وقوله- سبحانه-: وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ أى: وكل واحد من هؤلاء الفزعين المبعوثين عند النفخة، أتوا إلى موقف الحشر، للوقوف بين يدي الله- تعالى- داخِرِينَ أى: صاغرين أذلاء.

يقال: دخر فلان- كمنع وفرح- دخرا ودخورا. إذا صغر وذل.

يخبر تعالى عن هول يوم نفخة الفزع في الصور ، وهو كما جاء في الحديث : " قرن ينفخ فيه " . وفي حديث ( الصور ) أن إسرافيل هو الذي ينفخ فيه بأمر الله تعالى ، فينفخ فيه أولا نفخة الفزع ويطولها ، وذلك في آخر عمر الدنيا ، حين تقوم الساعة على شرار الناس من الأحياء ، فيفزع من في السموات ومن في الأرض ( إلا من شاء الله ) ، وهم الشهداء ، فإنهم أحياء عند ربهم يرزقون .

قال الإمام مسلم بن الحجاج : حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة ، عن النعمان بن سالم : سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي ، سمعت عبد الله بن عمرو ، رضي الله عنه ، وجاءه رجل فقال : ما هذا الحديث الذي تحدث أن الساعة تقوم إلى كذا وكذا ؟ فقال : سبحان الله - أو : لا إله إلا الله - أو كلمة نحوهما - لقد هممت ألا أحدث أحدا شيئا أبدا ، إنما قلت : إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما يخرب البيت ، ويكون ويكون . ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين - [ لا أدري أربعين ] يوما ، أو أربعين شهرا ، أو أربعين عاما - فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود ، فيطلبه فيهلكه . ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ، حتى لو أن أحدهم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه " . قال : سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع ، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ، وهم في ذلك دار رزقهم ، حسن عيشهم . ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا [ ورفع ليتا ] . قال : " وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله " . قال : " فيصعق ويصعق الناس ، ثم يرسل الله - أو قال : ينزل الله مطرا كأنه الطل - أو قال : الظل - نعمان الشاك - فتنبت منه أجساد الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون . ثم يقال : يا أيها الناس ، هلموا إلى ربكم ، وقفوهم إنهم مسئولون . ثم يقال : أخرجوا بعث النار . فيقال : من كم ؟ فيقال : من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين " . قال : " فذلك يوم يجعل الولدان شيبا ، وذلك يوم يكشف عن ساق " .

وقوله : ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا " الليت : هو صفحة العنق ، أي : أمال عنقه ليستمعه من السماء جيدا .

فهذه نفخة الفزع . ثم بعد ذلك نفخة الصعق ، وهو الموت . ثم بعد ذلك نفخة القيام لرب العالمين ، وهو النشور من القبور لجميع الخلائق ; ولهذا قال : ( وكل أتوه داخرين ) - قرئ بالمد ، وبغيره على الفعل ، وكل بمعنى واحد - و ( داخرين ) أي : صاغرين مطيعين ، لا يتخلف أحد عن أمره ، كما قال تعالى : ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ) [ الإسراء : 52 ] ، وقال ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ) [ الروم : 25 ] . وفي حديث الصور : أنه في النفخة الثالثة يأمر الله الأرواح ، فتوضع في ثقب في الصور ، ثم ينفخ إسرافيل فيه بعدما تنبت الأجساد في قبورها وأماكنها ، فإذا نفخ في الصور طارت الأرواح ، تتوهج أرواح المؤمنين نورا ، وأرواح الكافرين ظلمة ، فيقول الله ، عز وجل : وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى جسدها . فتجيء الأرواح إلى أجسادها ، فتدب فيها كما يدب السم في اللديغ ، ثم يقومون فينفضون التراب من قبورهم ، قال الله تعالى : ( يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون ) [ المعارج : 43 ] .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى: ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ) وقد ذكرنا اختلافهم فيما مضى, وبيَّنا الصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده, غير أنا نذكر في هذا الموضع بعض ما لم يذكر هناك من الأخبار, فقال بعضهم: هو قرن يُنفخ فيه.

*ذكر بعض من لم يُذكر فيما مضى قبل من الخبر عن ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: (ويوم يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ) قال كهيئة البوق.

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قال: الصور: البوق قال: هو البوق صاحبه آخذ به يقبض قبضتين بكفيه على طرف القرن، بين طرفه وبين فيه قدر قبضة أو نحوها, قد برك على ركبة إحدى رجليه, فأشار, فبرك على ركبة يساره مقعيًا على قدمها عقبها تحت فخذه وأليته وأطراف أصابعها في التراب.

قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن أبي بكر بن عبد الله, قال: الصور كهيئة القرن قد رفع إحدى ركبتيه إلى السماء, وخفض الأخرى, لم يلق جفون عينه على غمض منذ خلق الله السموات مستعدًا مستجدًا, قد وضع الصور على فيه ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي, عن إسماعيل بن رافع المدني, عن يزيد بن زياد - قال أبو جعفر: والصواب: يزيد بن أبي زياد - عن محمد بن كعب القرظي, عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله, ما الصور؟ قال: " قَرنٌ", قال: وكيف هو؟ قال: " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلاثُ نَفَخاتٍ: الأولى: نَفْخَةُ الفَزَعِ, والثَّانِيَةُ: نَفْخَةُ الصَّعْقِ, والثَّالِثَةُ: نَفْخَةُ القِيَامِ لِلهِ رَبِّ العَالَمينَ, يَأْمُرُ اللهُ إسْرَافِيلَ بالنَّفْخَةِ الأولى, فيَقُولُ: انْفُخْ نَفْخَةَ الفَزَعِ, فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الفَزَعِ, فَيَفْزَعُ أهْلُ السَّمَاوَاتِ وأَهْلُ الأرْضِ, إلا مَنْ شاءَ اللهُ, وَيأْمُرُهُ اللهُ فَيَمُدُّ بِها ويطوِّلهَا, فَلا يَفْتُرُ, وَهيَ الَّتي يَقُولُ اللهُ: وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ فَيُسَيِّرُ اللهُ الجِبالَ, فَتَكُون سَرَابا, وَتُرَجُّ الأرْضُ بأهْلِها رجا, وهي التي يقول الله: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ فَتَكُونُ الأرضُ كالسَّفِينَةِ المُوثَقَةِ فِي البَحْرِ, تَضْرِبُها الأمْوَاجُ, تُكْفأ بأَهْلِها, أوْ كالقِنْدِيِل المُعَلَّقِ بالوَتَر, تُرَجِّحُهُ الأرْياحُ, فَتَمِيدُ النَّاسُ على ظَهْرها, فَتَذْهَلُ المَرَاضِعُ, وَتَضَعُ الحَوَامِلُ, وَتَشِيبُ الولْدَانُ, وَتَطِيرُ الشَّياطِينُ هارِبَةً, حَتَّى تَأتِي الأقْطار, فَتَتَلَقَّاهَا المَلائِكَةُ, فَتَضْرِبُ وُجُوهَها, فَتَرْجِعُ, وَيُوَلي النَّاسُ مُدْبِرينَ يُنادي بَعْضُهُمْ بَعْضًا, وَهُوَ الَّذِي يَقُوُل اللهُ: يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ فبَيْنَما هُمْ عَلى ذلكَ إذْ تَصَدَّعَتِ الأرْضُ مِنْ قُطْرٍ إلى قُطْرٍ, فَرَأوَا أمْرًا عَظِيما, فَأَخَذَهُمْ لِذَلكَ مِنَ الكَرْب ما اللهُ أعْلَمُ بِهِ, ثُمَّ نَظَرُوا إلى السَّماءِ, فإذَا هِي كَالمُهْلِ, ثُمَّ خُسِفَ شَمْسُها وَقَمَرُها, وانْتَثَرتْ نُجُومُها, ثُمَّ كُشِطَتْ عَنْهُمْ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والأمْوَاتُ لا يعْلَمُون بِشَيْءٍ مِنْ ذلكَ" , فقال أبو هريرة: يا رسول الله, فمن استثنى الله حين يقول: ( فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) قال: " أولَئِكَ الشُّهَدَاءُ, وإنَّمَا يَصِلُ الفَزَعُ إلى الأحْياءِ, أُولَئِكَ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ, وَقاهُمُ اللهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَومِ وآمَنَهُمْ, وَهُوَ عَذَابُ اللهِ يَبْعَثُهُ عَلى شِرارِ خَلْقِه ".

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا إسماعيل بن رافع, عن محمد بن كعب القرظي, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله تَبارَكَ وتَعالى لَمَّا فَرَغَ مِنَ السَّمَواتِ والأرْضِ, خَلَقَ الصُّورَ‍ فَأعْطاهُ مَلَكًا, فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ, شَاخِصٌ بِبَصَرِه إلى العَرْشِ, يَنْتَظِرُ مَتى يُؤمَرُ". قال: قُلْتُ: يا رسول الله, وما الصُّورُ؟ قال: " قَرْنٌ", قلت: فكيف هو؟ قال: " عَظِيمٌ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ, إنَّ عِظَمَ دائِرَةٍ فيه, لَكَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ والأرْض, يَأْمُرُهُ فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الفَزَعِ, فَيفْزَعُ أهْلُ السَّمَاوَاتِ والأرْضِ إلا مَنْ شاءَ اللهِ", ثم ذكر باقي الحديث نحو حديث أبي كُرَيب عن المحاربي, غير أنه قال في حديثه " كالسفينة المرفأة في البحر ".

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ونفخ في صور الخلق.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ) أي في الخلق. قوله: (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ ) يقول: ففزع من في السموات من الملائكة ومن في الأرض من الجن والإنس والشياطين, من هول ما يعاينون ذلك اليوم.

فإن قال قائل: وكيف قيل: (فَفَزِعَ), فجعل فزع وهي فعل مردودة على ينفخ, وهي يَفْعُلُ؟ قيل: العرب تفعل ذلك في المواضع التي تصلح فيها إذا, لأن إذا يصلح معها فعل ويفعل, كقولك: أزورك إذا زرتني, وأزورك إذا تزورني, فإذا وضع مكان إذا يوم أجرى مجرى إذا. فإن قيل: فأين جواب قوله: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ ) ؟ قيل: جائز أن يكون مضمرا مع الواو, كأنه قيل: ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون, وذلك يوم ينفخ في الصور. وجائز أن يكون متروكا اكتفي بدلالة الكلام عليه منه, كما قيل: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فترك جوابه.

وقوله: ( إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) قيل: إن الذين استثناهم الله في هذا الموضع من أن ينالهم الفزع يومئذ الشهداء, وذلك أنهم أحياء عند ربهم يُرزقون, وإن كانوا في عداد الموتى عند أهل الدنيا, وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد ذكرناه في الخبر الماضي.

وحدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا العوّام عمن حدثه, عن أبي هريرة, أنه قرأ هذه الآية: (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) قال: هم الشهداء.

وقوله: (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) يقول: وكلّ أتوه صاغرين.

وبمثل الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) يقول: صاغرين.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة: ( وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) قال: صاغرين.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) قال: الداخر: الصاغر الراغم, قال: لأن المرء الذي يفزع إذا فزع إنما همته الهرب من الأمر الذي فزع منه, قال: فلما نُفخ في الصور فزعوا, فلم يكن لهم من الله منجى.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار : " وَكُل آتَوهُ" بمدّ الألف من أتوه على مثال فاعلوه (2) سوى ابن مسعود, فإنه قرأه: " وكُلٌّ أتُوهُ" على مثال فعلوه, واتبعه على القراءة به المتأخرون الأعمش وحمزة, واعتلّ الذين قرءوا ذلك على مثال فاعلوه بإجماع القراء على قوله: ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ ) قالوا: فكذلك قوله: "آتَوهُ" في الجمع. وأما الذين قرءوا على قراءة عبد الله, فإنهم ردوه على قوله: ( فَفَزِعَ ) كأنهم وجَّهوا معنى الكلام إلى: ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض, وأتوه كلهم داخرين, كما يقال في الكلام: رأى وفر وعاد وهو صاغر.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار, ومتقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

------------------------

الهوامش:

(2) آتوه: جمع آتى بوزن فاعل. وأصله آتيوه، نقلت الضمة من الياء لاستثقالها إلى التاء، ثم حذفت الياء، لسكونها وسكون الواو بعدها فصار آتوه على وزن فاعلوه. ووزنها قبل حذف الياء فاعلوه، وهو الذي أراده المؤلف.

التدبر :

وقفة
[87] ﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ﴾ إن يومًا تفزع فيه الملائكة حرس السماء؛ لجديرٌ بأن يتقيه أهل الأرض!
وقفة
[87] ﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ الذين لا يفزعون: قيل الأنبياء، وقيل الشهداء، وقيل الملائكة، ولعل الأنسب أن يكون المراد ما يعم هؤلاء السعداء وغيرهم، ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه، لأنه لم يرد نص صحيح يحددهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَوْمَ:
  • الواو عاطفة. يوم: مفعول به بفعل مضمر تقديره واذكر منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. ينفخ: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. في الصور: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل بمعنى: يوم يدعى الناس للحساب والنفخ في الصور اي البوق كناية عن استدعاء الناس للحساب. وقال بعض المفسرين ان الكلمة جمع صورة والنفخ فيها من قبل اسرافيل يعيد الحياة اليها.
  • ﴿ فَفَزِعَ مَنْ:
  • الفاء عاطفة. فزع: فعل ماض مبني على الفتح معطوف على يُنْفَخُ» ولم يقل فيفزع لمسألة دقيقة وهي الاشعار بتحقق الفزع وثبوته وانه كائن لا محالة لان الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به والمراد فزعهم عند النفخة الاولى حين يصعقون. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فِي السَّماواتِ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل مضمر بمعنى: استقر او هو مستقر في السموات. وجملة «استقر في السموات» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على مَنْ فِي السَّماواتِ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ إِلاّ مَنْ:
  • إلا: اداة استثناء. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا.
  • ﴿ شاءَ اللهُ:
  • الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. شاء: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بمعنى: الا من ثبت الله قلبه من الملائكة.
  • ﴿ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ:
  • الواو استئنافية. كل: مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الاضافة وجمع الفعل بعده على المعنى اي على معنى «فزع من في السموات .. ».اتوه: فعل ماض مبني على الفتح او الضم المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية أَتَوْهُ» في محل رفع خبر المبتدأ. داخرين: حال من ضمير الغائبين في أَتَوْهُ» منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. اي صاغرين اذلاء.'

المتشابهات :

النمل: 87﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ
الزمر: 68﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الحشرِ؛ جاء هنا ذكرُ النفخ في الصور، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أتوه:
1- فعلا ماضيا، وهى قراءة عبد الله، وحمزة، وحفص.
وقرئ:
2- آتوه، اسم فاعل، وهى قراءة الجمهور.
داخرين:
قرئ:
دخرين، بغير ألف، وهى قراءة الحسن، والأعمش.

مدارسة الآية : [88] :النمل     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ ..

التفسير :

[88] وترى الجبال تظنها واقفة مستقرة، وهي تسير سيراً حثيثاً كسير السحاب الذي تسيِّره الرياح، وهذا مِن صنع الله الذي أحسن كل شيء خلقه وأتقنه. إن الله خبير بما تفعلون أيها الناس من خير وشر، وسيجازيكم على ذلك.

ومن هوله أنك{ ترى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} لا تفقد [شيئا] منها وتظنها باقية على الحال المعهودة وهي قد بلغت منها الشدائد والأهوال كل مبلغ وقد تفتت ثم تضمحل وتكون هباء منبثا. ولهذا قال:{ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} من خفتها وشدة ذلك الخوف وذلك{ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} فيجازيكم بأعمالكم.

وقوله- تعالى-: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ.. معطوف على قوله- سبحانه- قبل ذلك: يُنْفَخُ فِي الصُّورِ.

أى: في هذا اليوم الهائل الشديد، يفزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، وترى الجبال الراسيات الشامخات، تَحْسَبُها جامِدَةً أى ثابتة في أماكنها، والحال أنها تمر في الجو مر السحاب، الذي تسيره الرياح سيرا حثيثا.

وهكذا تصور الآيات الكريمة أهوال ذلك اليوم هذا التصوير البديع المعجز المؤثر، فالناس جميعا- إلا من شاء الله- فزعون وجلون، والجبال كذلك كأنها قد أصابها ما أصاب الناس، حتى لكأنها- وهي تسرع الخطا-. السحاب في خفته ومروقه وتناثره، ثم يعقب- سبحانه- على كل ذلك بقوله صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ.

ولفظ صُنْعَ يجوز أن يكون منصوبا على الإغراء أى: انظروا صنع الله- تعالى- الذي أتقن كل شيء فقد أحسن- سبحانه- ما خلقه وأحكمه، وجعله في أدق صورة، وأكمل هيئة، وصدق الله- تعالى- إذ يقول وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً.

قال صاحب فتح القدير: وانتصاب «صنع» على المصدرية، أى: صنع الله ذلك صنعا. وقيل هو مصدر مؤكد لقوله: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وقيل منصوب على الإغراء .

وجملة: إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ تعليل لما قبله. أى: صنع الله ما خلقه على هذا الإحكام العجيب، والإتقان البديع، لأنه- سبحانه- خبير بما تفعلونه ومطلع على ما تخفونه وما تعلنونه.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة ببيان جزاء من أحسن، وبيان جزاء من أساء، وببيان منهج الرسول صلّى الله عليه وسلّم في دعوته فقال- تعالى-:

وقوله : ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) أي : تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه ، وهي تمر مر السحاب ، أي : تزول عن أماكنها ، كما قال تعالى : ( يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا ) [ الطور : 9 ، 10 ] ، وقال ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) [ طه : 105 ، 107 ] ، وقال تعالى : ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة ) [ الكهف : 47 ] .

وقوله : ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) أي : يفعل ذلك بقدرته العظيمة الذي قد أتقن كل ما خلق ، وأودع فيه من الحكمة ما أودع ، ( إنه خبير بما تفعلون ) أي : هو عليم بما يفعل عباده من خير وشر فيجازيهم عليه .

يقول تعالى ذكره: ( وَتَرَى الْجِبَالَ ) يا محمد ( تَحْسبَهُا ) قائمة (وهي تَمُرُّ ).

كالذي حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً ) يقول: قائمة. وإنما قيل : ( وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ) لأنها تجمع ثم تسير, فيحسب رائيها لكثرتها أنها واقفة, وهي تسير سيرا حثيثا, كما قال الجعدي:

بِـأَرْعَنَ مِثْـلَ الطَّـوْدِ تَحْسِـبُ أَنَّهُـمْ

وُقُــوفٌ لحِــاجٍ والرّكـابُ تُهَمْلـجُ (3)

قوله: ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) وأوثق خلقه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) يقول: أحكم كلّ شيء.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) يقول: أحسن كلّ شيء خلقه وأوثقه.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: (الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) قال: أوثق كلّ شيء وسوّى.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد: ( أتْقَنَ ) أوثق.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم وخبرة بما يفعل عباده من خير وشرّ وطاعة له ومعصية, وهو مجازي جميعهم على جميع ذلك على الخير الخيرَ, وعلى الشرِّ الشرّ نظيره.

------------------------

الهوامش :

(1) سقط كلام المؤلف في تأويل الآية رقم 82، ويدل عليه إيراد كلام أهل التأويل فيه.

(2) آتوه: جمع آتى بوزن فاعل. وأصله آتيوه، نقلت الضمة من الياء لاستثقالها إلى التاء، ثم حذفت الياء، لسكونها وسكون الواو بعدها فصار آتوه على وزن فاعلوه. ووزنها قبل حذف الياء فاعلوه، وهو الذي أراده المؤلف.

(3) الأرعن: يريد به الجيش العظيم، شبهه بالجبل الضخم ذي الرعان، وهي الفضول، كرعان الجبال. والرعن الأنف العظيم من الجبل تراه متقدمًا. وقيل الأرعن: هو المضطرب لكثرته. والطود: الجبل العظيم والحاج: جمع حاجة، وتهملج: تمشى الهملجة، والهملجة: سير حسن في سرعة، والبيت شاهد على أن الشيء الضخم تراه وهو يتحرك، فتحسبه ساكنًا، مع أنه مسرع في سيره جدًا، وذلك كسير الجيش، وكسير السفينة في البحر، يحسبها الناظر إليها وهي مجدة في سيرها، كأنها واقفة. وذلك هو شأن الجبال عند القيامة: تراها كأنها جامدة، وهي تسير مسرعة كالسحاب.

التدبر :

وقفة
[88] ﴿وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب﴾، ﴿ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا﴾ [طه: 105-107] كيف نجمع بينهما؟ الجواب: إن ذلك باختلاف أحوال: ففي أول الأمر تسير سير السحاب، وترى كالواقفة لعظمها؛ كسير الشمس والقمر في رأى العين، ثم بعد ذلك تتضاءل، فتكون كالعهن المنفوش، ثم تنسف فتكون الأرض قاعًا صفافًا، والنسف هو تفريق الريح الغبار فيصير كالهباء.
وقفة
[88] ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّـهِ﴾ تفكَّروا في عظمة الخالق.
وقفة
[88] كل ما خلقه الله فله فيه حكمة؛ كما قال: ﴿صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: 7]. وهو سبحانه غني عن العالمين؛ فالحكمة تتضمن شيئين: أحدهما: حكمة تعود إليه؛ يحبها، ويرضاها. والثاني: إلى عباده، هي نعمة عليهم يفرحون بها، ويلتذون بها.
وقفة
[88] الإحسان هو الإتقان: ﴿صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، وقال: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة: 7].
وقفة
[88] ﴿صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ يكتشف الإنسان إتقان نظام الكون ودقته فيعميه غروره لأنه المكتشف عن الإيمان بالله لأنه الصانع.
عمل
[88] لا تلهينك حسن الصورة وجمالها عن عظمة من أبدع تصويرها وصنعها؛ إنَّها من: ﴿صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَتَرَى:
  • الواو عاطفة. ترى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً:
  • الجبال: مفعول به منصوب بترى وعلامة نصبه الفتحة وهو من رؤية العين اي وتبصر الجبال. تحسب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به اول. جامدة: مفعول به ثان منصوب بتحسب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية تَحْسَبُها جامِدَةً» في محل نصب حال. بمعنى: تراها ثابتة واقفة في مكان واحد.
  • ﴿ وَهِيَ تَمُرُّ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هي: ضمير منفصل-ضمير الغائبة-مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تمر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي. والجملة الفعلية تَمُرُّ» في محل رفع خبر هِيَ».
  • ﴿ مَرَّ السَّحابِ:
  • مر: مفعول مطلق-مصدر-منصوب بالفتحة وهو مضاف. السحاب: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة اي تسير الريح السحاب او تجري جري السحاب.
  • ﴿ صُنْعَ اللهِ:
  • صنع: مفعول مطلق-مصدر-مؤكد ومؤكده محذوف وهو الناصب ليوم ينفخ بمعنى: يوم ينفخ في الصور .. أثاب الله المحسنين وعاقب المجرمين اي فأناب وعاقب او وصنع ذلك صنع الله مثل: صبغة الله ... فطرة الله. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ الَّذِي أَتْقَنَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة-نعت-للفظ‍ الجلالة. أتقن: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة أَتْقَنَ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ كُلَّ شَيْءٍ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ إِنَّهُ خَبِيرٌ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «ان».خبير: خبرها مرفوع بالضمة.
  • ﴿ بِما تَفْعَلُونَ:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. تفعلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة تَفْعَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لانه مفعول به. التقدير: تفعلونه. ويجوز ان تكون «ما» مصدرية فتكون الجملة تَفْعَلُونَ» صلتها لا محل لها. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقا بخبير.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أن كل أهل السماوات والأرض يأتون إليه أذلاء مطيعين؛ ذكرَ هنا حالَ ما هو أعظَمُ منهم خَلْقًا، قال تعالى:
﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تفعلون:
قرئ:
1- بالياء، وهى قراءة العربيين، وابن كثير.
2- بتاء الخطاب، وهى قراءة باقى السبعة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف