104163164165166167168169170

الإحصائيات

سورة النساء
ترتيب المصحف4ترتيب النزول92
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات29.50
عدد الآيات176عدد الأجزاء1.50
عدد الأحزاب3.00عدد الأرباع12.00
ترتيب الطول2تبدأ في الجزء4
تنتهي في الجزء6عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
النداء: 1/10 يا أيها النَّاس: 1/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (163) الى الآية رقم (166) عدد الآيات (4)

تستمرُ الآياتُ في مناقشةِ أهلِ الكتابِ وإظهارِ عنادِهِم ببيانِ وحدةِ الوحي لجميعِ الرسلِ، وأنَّ مهمَّتَهم: مبشِّرينَ ومنذرينَ، فإن كفرُوا بمُحَمَّدٍ ﷺ فاللهُ يشهدُ والملائكةُ بأنَّه رسولُه.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (167) الى الآية رقم (170) عدد الآيات (4)

بعدَ ذكرِ شهادةِ اللهِ وشهادةِ الملائكةِ بأن مُحَمَّدًا ﷺ رسولُه، بَيَّنَ اللهُ هنا ضلالَ الكافرينَ وظلمَهم لأنفسِهم ثُمَّ توعدَهم، ثُمَّ دعا النَّاسَ جميعًا إلى الإيمانِ بما جاءَ به مُحَمَّدٌ ﷺ.

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة النساء

العدل والرحمة بالضعفاء/ العلاقات الاجتماعية في المجتمع

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا قلنا أن السورة تتكلم عن المستضعفين؟:   من طرق الكشف عن مقصد السورة: اسم السورة، أول السورة وآخر السورة، الكلمة المميزة أو الكلمة المكررة، ... أ‌- قد تكرر في السورة ذكر المستضعفين 4 مرات، ولم يأت هذا اللفظ إلا في هذه السورة، وفي موضع واحد من سورة الأنفال، في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (الأنفال 26).وهذه المواضع الأربعة هي: 1. ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ...﴾ (75). 2. ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (97). 3. ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ...﴾ (98). 4. ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ... وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ ...﴾ (127). كما جاء فيها أيضًا: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ (28). ب - في أول صفحة من السورة جاء ذكر اليتيم والمرأة، وقد سماهما النبي ﷺ «الضعيفين». عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ» . جـ - ورد لفظ (النساء) في القرآن 25 مرة، تكرر في هذه السورة 11 مرة، وفي البقرة 5 مرات، وفي آل عمران مرة واحدة، وفي المائدة مرة، وفي الأعراف مرة، وفي النور مرتين، وفي النمل مرة، وفي الأحزاب مرتين، وفي الطلاق مرة.
  • • لماذا الحديث عن المرأة يكاد يهيمن على سورة تتحدث عن المستضعفين في الأرض؟:   لأنها أكثر الفئات استضعافًا في الجاهلية، وهي ببساطة مظلومة المظلومين، هناك طبقات أو فئات كثيرة تتعرض للظلم، رجالًا ونساء، لكن النساء في هذه الطبقات تتعرض لظلم مركب (فتجمع مثلًا بين كونها: امرأة ويتيمة وأمة، و... وهكذا). والسورة تعرض النساء كرمز للمستضعفين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «النساء».
  • • معنى الاسم ::   ---
  • • سبب التسمية ::   كثرة ‏ما ‏ورد ‏فيها ‏من ‏الأحكام ‏التي ‏تتعلق ‏بهن ‏بدرجة ‏لم ‏توجد ‏في ‏غيرها ‏من ‏السور.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   ‏‏«سورة ‏النساء ‏الكبرى» ‏مقارنة ‏لها بسورة ‏الطلاق التي تدعى «سورة ‏النساء ‏الصغرى».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الإسلام لم يظلم المرأة كما زعموا، بل كَرَّمَهَا وَشَرَّفَهَا وَرَفَعَهَا، وَجَعَلَ لها مكانة لَمْ تَنْعَمْ بِهِ امْرَأَةٌ فِي أُمَّةٍ قَطُّ، وها هي ثاني أطول سورة في القرآن اسمها "النساء".
  • • علمتني السورة ::   أن الناس أصلهم واحد، وأكرمهم عند الله أتقاهم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن المهر حق للمرأة، يجب على الرجل دفعه لها كاملًا: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾
  • • علمتني السورة ::   جبر الخواطر: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟!»، قَالَ: «نَعَمْ»، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قَالَ: «حَسْبُكَ الْآنَ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ».
    • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة»، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة النساء من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «مَنْ قَرَأَ آلَ عِمْرَانَ فَهُوَ غَنِيٌّ، وَالنِّسَاءُ مُحَبِّرَةٌ».
    • عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرَ قَالَ: «كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ تَعَلَّمُوا سُورَةَ النِّسَاءِ وَالْأَحْزَابِ وَالنُّورِ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتح بالنداء، من أصل 10 سورة افتتحت بذلك.
    • أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتح بـ«يأيها الناس»، من أصل سورتين افتتحتا بذلك (النساء والحج).
    • ثاني أطول سورة بعد البقرة 29,5 صفحة.
    • خُصَّتْ بآيات الفرائض والمواريث، وأرقامها (11، 12، 176).
    • جمعت في آيتين أسماء 12 رسولًا من أصل 25 رسولًا ذكروا في القرآن (الآيتان: 163، 164).
    • هي الأكثر إيرادًا لأسماء الله الحسنى في أواخر آياتها (42 مرة)، وتشمل هذه الأسماء: العلم والحكمة والقدرة والرحمة والمغفرة، وكلها تشير إلى عدل الله ورحمته وحكمته في القوانين التي سنّها لتحقيق العدل.
    • هي أكثر سورة تكرر فيها لفظ (النساء)، ورد فيها 11 مرة.
    • اهتمت السورة بقضية حقوق الإنسان، ومراعاة حقوق الأقليات غير المسلمة، وبها نرد على من يتهم الإسلام بأنه دين دموي، فهي سورة كل مستضعف، كل مظلوم في الأرض.
    • فيها آية أبكت النبي صلى الله عليه وسلم (كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الذي سبق قبل قليل).
    • اختصت السورة بأعلى معاني الرجاء؛ فنجد فيها:
    - ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ (31).
    - ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (40).
    - ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (48).
    - ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ (64).
    - ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (110).
    - ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (26).
    - ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ (27).
    - ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ (28).
    * الإسلام وحقوق النساء:
    - في تسمية السورة باسم (النساء) إشارة إلى أن الإسلام كفل للمرأة كافة حقوقها، ومنع عنها الظلم والاستغلال، وأعطاها الحرية والكرامة، وهذه الحقوق كانت مهدورة في الجاهلية الأولى وفي كل جاهلية .فهل سنجد بعد هذا من يدّعي بأن الإسلام يضطهد المرأة ولا يعدل معها؟ إن هذه الادّعاءات لن تنطلي على قارئ القرآن بعد الآن، سيجد أن هناك سورة كاملة تتناول العدل والرحمة معهنَّ، وقبلها سورة آل عمران التي عرضت فضائل مريم وأمها امرأة عمران، ثم سميت سورة كاملة باسم "مريم".
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نرحم الضعفاء -كالنساء واليتامى وغيرهم- ونعدل معهم ونحسن إليهم.
    • أن نبتعد عن أكل أموال اليتامى، ونحذر الناس من ذلك: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ...﴾ (2). • أن نبادر اليوم بكتابة الوصية: ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (11).
    • أن نخفف من المهور اقتداء بالنبي في تخفيف المهر: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا﴾ (20).
    • أن نحذر أكل الحرام: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم﴾ (29).
    • أن نجتنب مجلسًا أو مكانًا يذكرنا بكبيرة من كبائر الذنوب، ونكثر من الاستغفار: ﴿إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا﴾ (31).
    • أن لا نُشقي أنفسنا بالنظر لفضل منحه الله لغيرنا: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ (32)، ونرضى بقسمة الله لنا.
    • أن نسعى في صلح بين زوجين مختلفين عملًا بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا﴾ (35).
    • أن نبر الوالدين، ونصل الأرحام، ونعطي المحتاج، ونكرم الجار: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ...﴾ (36).
    • ألا نبخل بتقديم شيء ينفع الناس في دينهم ودنياهم حتى لا نكون من: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ (37).
    • ألا نحقر الحسنة الصغيرة ولا السيئة الصغيرة: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ (40).
    • أن نتعلم أحكام التيمم: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (43).
    • ألا نمدح أنفسنا بما ليس فينا، وألا نغتر بمدح غيرنا لنا: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ (49).
    • ألا نحسد أحدًا على نعمة، فهي من فضل الله، ونحن لا نعلم ماذا أخذ الله منه؟: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ﴾ (54).
    • أن نقرأ كتابًا عن فضل أداء الأمانة وأحكامها لنعمل به: ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾ (58).
    • أن نرد منازعاتنا للدليل من القرآن والسنة: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ﴾ (59).
    • ألا ننصح علانيةً من أخطأ سرًا، فيجهر بذنبه فنبوء بإثمه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا﴾ (63).
    • أَنْ نُحَكِّمَ كِتَابَ اللهِ بَيْنَنَا، وَأَنْ نَرْضَى بِحُكْمِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْ تَطِيبَ أنَفْسنا بِذَلِكَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ...﴾ (65).
    • أن نفكر في حال المستضعفين المشردين من المؤمنين، ونتبرع لهم ونكثر لهم الدعاء.
    • ألا نخاف الشيطان، فهذا الشيطان في قبضة الله وكيده ضعيف، نعم ضعيف، قال الذي خلقه: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ (76).
    • أن نقوم بزيارة أحد العلماء؛ لنسألهم عن النوازل التي نعيشها: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ ...﴾ (83).
    • أن نرد التحية بأحسن منها أو مثلها: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ (86).
    • أن نحذر من قتل المؤمن متعمدًا: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ ...﴾ (93).
    • ألا نكون قساة على العصاة والمقصرين: ﴿كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ (94)، فالإنسان يستشعر -عند مؤاخذته غيره- أحوالًا كان هو عليها تساوي أحوال من يؤاخذه، أو أكثر.
    • أن ننفق من أموالنا في وجوه الخير، ونجاهِد أنفسنا في الإنفاق حتى نكون من المجاهدين في سبيل الله بأموالهم: ﴿فَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ (95).
    • أن نستغفر الله كثيرًا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم: ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (106).
    • أن نراجع نوايـانا، وننو الخـير قبل أن ننام: ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ﴾ (108).
    • أن نصلح أو نشارك في الإصلاح بين زوجين مختلفين: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ (128).
    • أن نعدل بين الناس ونشهد بالحق؛ ولو على النفس والأقربين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّـهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ...﴾ (135).
    • ألا نقعد مع من يكفر بآيات الله ويستهزأ بها: ﴿إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّـهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ...﴾ (140).

تمرين حفظ الصفحة : 104

104

مدارسة الآية : [163] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا ..

التفسير :

[163] إنا أوحينا إليك -أيها الرسول- بتبليغ الرسالة كما أوحينا إلى نوح والنبيِّين من بعده، وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، والأسباط -وهم الأنبياء من ولد يعقوب، الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة- وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان. وآت

تفسير الايات من 163 حتى 165:ـ يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله من الشرع العظيم والأخبار الصادقة ما أوحى إلى هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي هذا عدة فوائد:منها:أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس ببدع من الرسل، بل أرسل الله قبله من المرسلين العدد الكثير والجم الغفير فاستغراب رسالته لا وجه له إلا الجهل والعناد. ومنها:أنه أوحى إليه كما أوحى إليهم من الأصول والعدل الذي اتفقوا عليه، وأن بعضهم يصدق بعضا ويوافق بعضهم بعضا. ومنها:أنه من جنس هؤلاء الرسل، فليعتبره المعتبر بإخوانه المرسلين، فدعوته دعوتهم؛ وأخلاقهم متفقة؛ ومصدرهم واحد؛ وغايتهم واحدة، فلم يقرنه بالمجهولين؛ ولا بالكذابين ولا بالملوك الظالمين. ومنها:أن في ذكر هؤلاء الرسل وتعدادهم من التنويه بهم، والثناء الصادق عليهم، وشرح أحوالهم مما يزداد به المؤمن إيمانا بهم ومحبة لهم، واقتداء بهديهم، واستنانا بسنتهم ومعرفة بحقوقهم، ويكون ذلك مصداقا لقوله:{ سَلَامٌ عَلَى نُــوحٍ فـِي الْعَـالَمِيـنَ}{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}{ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ}{ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} فكل محسن له من الثناء الحسن بين الأنام بحسب إحسانه. والرسل -خصوصا هؤلاء المسمون- في المرتبة العليا من الإحسان. ولما ذكر اشتراكهم بوحيه ذكر تخصيص بعضهم، فذكر أنه آتى داود الزبور، وهو الكتاب المعروف المزبور الذي خص الله به داود عليه السلام لفضله وشرفه، وأنه كلم موسى تكليما، أي:مشافهة منه إليه لا بواسطة حتى اشتهر بهذا عند العالمين فيقال:"موسى كليم الرحمن". وذكر أن الرسل منهم من قصه الله على رسوله، ومنهم من لم يقصصه عليه، وهذا يدل على كثرتهم وأن الله أرسلهم مبشرين لمن أطاع الله واتبعهم، بالسعادة الدنيوية والأخروية، ومنذرين من عصى الله وخالفهم بشقاوة الدارين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا:{ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} فلم يبق للخَلْق على الله حجة لإرساله الرسل تترى يبينون لهم أمر دينهم، ومراضي ربهم ومساخطه وطرق الجنة وطرق النار، فمن كفر منهم بعد ذلك فلا يلومن إلا نفسه. وهذا من كمال عزته تعالى وحكمته أن أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، وذلك أيضا من فضله وإحسانه، حيث كان الناس مضطرين إلى الأنبياء أعظم ضرورة تقدر فأزال هذا الاضطرار، فله الحمد وله الشكر. ونسأله كما ابتدأ علينا نعمته بإرسالهم، أن يتمها بالتوفيق لسلوك طريقهم، إنه جواد كريم.

قال الإِمام الرازى: اعلم أنه - تعالى - لما حكى أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء، وذكر - سبحانه - بعد ذلك أنهم لا يسألون لأجل الاسترشاد، ولكن لأجل العناد واللجاج، وحكى أنواعا كثيرة من فضائحهم وقبائحهم... شرع - سبحانه - بعد ذلك فى الجواب عن شبهاتهم فقال: { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ }.

وقوله { أَوْحَيْنَآ } من الإِيحاء و الوحى. والوحى فى الأصل: الإِعلام فى خفاء عن طريق الإِشارة، أو الإِيماء، أو الإِلهام، أو غير ذلك من المعانى التى تدل على أنه إعلام خاص، وليس أعلاما ظاهراً.

والمراد به هنا إعلام الله - تعالى - نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ما أراد إعلامه به من قرآن أو غيره.

والمعنى: إنا أوحينا إليك يا محمد بكلامنا وأوامرنا ونواهينا وهداياتنا.. كما اوحينا إلى نبينا نوح وإلى سائر الأنبياء الذين جاءوا من بعده. فأنت يا محمد لست بدعا من الرسل، وإنما أنت رسول من عند الله - تعالى - تلقيت رسالتك منه - سبحانه - كما تلقاها غيرك من الرسل.

وأكد - سبحانه - خبر إيحائه صلى الله عليه وسلم، للاهتمام بهذا الخبر، ولإِبطال ما أنكره المنكرون لوحى الله - تعالى - على أنبيائه ورسله فقد حكى القرآن عن الجاحدين للحق أنهم قالوا:

{ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ }

وبدأ سبحانه؛ بنوح عليه السلام، لأنه الأب الثانى للبشرية بعد آدم عليه السلام، ولأن فى ذكره معنى التهديد لأولئك الجاحدين للرسالة السماوية، فقد أجاب الله تعالى، دعاءه فى الكافرين فأغرقهم أجمعين.

قال الجمل: وإنما بدأ الله - تعالى - بذكر نوح - عليه السلام - لأنه أول نبى بعث بشريعة، وأول نذير على الشرك. وكان أول من عذبت أمته لردهم دعوته. وكان أطول الأنبياء عمرا.

والتشبيه فى قوله: { كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ } تشبيه بجنس الوحى، وإن اختلفت أنواعه، واختلف الموحى به.

والكاف فى قوله { كَمَآ } نعت لمصدر محذوف، { مَآ } مصدرية. أى: إنا أوحينا إليك إيحاءً مثل إيحائنا إلى نوح - عليه السلام -.

وقوله { مِن بَعْدِهِ } جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة للبنيين أى: والنبيين الكائنين من بعده أى: من بعد نوح.

وقوله: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ } معطوف على أوحينا إلى نوح، داخل معه فى حكم التشبيه.

أى: أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، وكما أوحينا إلى إبراهيم من آزر، وكما أوحينا إلى ابنه اسماعيل، وابنه إسحاق، وكما أوحينا إلى يعقوب بن إسحاق، وكما أوحينا إلى الأسباط وهم أولاد يعقوب.

قال الآلوسى: والأسباط هم أولاد يعقوب - عليه السلام - فى المشهور. وقال غير واحد: إن الأسباط فى ولد إسحاق كالقبائل فى أولاد إسماعيل وقد بعث منهم عدة رسل. فيجوز أن يكون - سبحانه - أراد بالوحى إليهم، الوحى إلى الأنبياء منهم. كما تقول: أرسلت إلى بنى تميم، وتريد أرسلت إلى وجوههم ولم يصح أن الأسباط الذين هم إخوة يوسف كانوا أنبياء، بل الذى صح عندى - وألف فيه الجلال السيوطى رسالة - خلافه ".

وكرر - سبحانه - كلمة { وَأَوْحَيْنَآ } للإِشعار بوجود فترة زمنية طويلة بين نوح وبين إبراهيم - عليهما السلام -.

ثم ذكر - سبحانه - عدداً آخر من الأنبياء تشريفا وتكريما لهم فقال { وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }.

أى: أوحينا إليك يا محمد كما أوحينا إلى هؤلاء الأنبياء السابقين، وكما أوحينا إلى عيسى ابن مريم الذى أنكر نبوته اليهود الذين يسألونك الأسئلة المتعنتة، وإلى أيوب الذى ضرب به المثل فى الصبر، وإلى يونس بن متى الذى لم ينس ذكر الله وهو فى بطن الحوت، وإلى هارون أخى موسى، وإلى سليمان بن داود الذى آتاه الله ملكا لم يؤته لأحد من بعده.

وقوله: { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } معطوف على قوله: أوحينا، وداخل فى حكمه لأن إيتاء الزبور من باب الإِيحاء.

وأوثر. قوله هنا: وآتينا على أوحينا؛ لتحقق المماثلة فى أمر خاص وهو إيتاء الكتاب بعد تحققها فى مطلق الإِيحاء.

والزبور - بفتح الزاى - اسم الكتاب الذى أنزله الله على داود - عليه السلام - قالوا: ولم يكن فيه أحكام، بل كان كله مواعظ وحكم وتقديس وتحميد وثناء على الله - تعالى -.

ولفظ (زبور) هنا بمعنى مزبور أى متكوب. فهو على وزن فعول ولكن بمعنى مفعول. وزبر معناه كتب. أى: وآتينا داود كتابا مكتوبا.

قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال سكين وعدي بن زيد : يا محمد ، ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى . فأنزل الله في ذلك من قولهما : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) إلى آخر الآيات .

وقال ابن جرير : حدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قال : أنزل الله : ( يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء ) إلى قوله ( وقولهم على مريم بهتانا عظيما ) فما تلاها عليهم - يعني على اليهود - وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة ، جحدوا كل ما أنزل الله وقالوا : ما أنزل الله على بشر من شيء ، ولا موسى ولا عيسى ، ولا على نبي من شيء . قال : فحل حبوته ، وقال : ولا على أحد . . فأنزل الله عز وجل : ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) [ الأنعام : 91 ] .

وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب القرظي نظر ; فإن هذه الآية مكية في سورة الأنعام ، وهذه الآية التي في سورة النساء مدنية ، وهي رد عليهم لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، قال الله تعالى ( فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ) [ النساء : 153 ] ، ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه ، وما هم عليه الآن من الكذب والافتراء . ثم ذكر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدمين ، فقال : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا )

والزبور : اسم الكتاب الذي أوحاه الله إلى داود ، عليه السلام ، وسنذكر ترجمة كل واحد من هؤلاء الأنبياء ، عليهم من الله [ أفضل ] الصلاة والسلام ، عند قصصهم في السور الآتية ، إن شاء الله ، وبه الثقة ، وعليه التكلان .

القول في تأويل قوله : إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا (163)

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح "، إنا أرسلنا إليك، يا محمد، بالنبوة كما أرسلنا إلى نوح، وإلى سائر الأنبياء الذين سَمَّيتهم لك من بعده، والذين لم أسمِّهم لك، (1) كما:-

10839- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن منذرٍ الثوري، عن الربيع بن خُثَيم في قوله: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده "، قال: أوحى إليه كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله. (2)

* * *

وذكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن بعض اليهود لما فضحهم الله بالآيات التي أنـزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم= وذلك من قوله: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَـزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ = فتلا ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: " ما أنـزل الله على بشر من شيء بعد موسى "! فأنـزل الله هذه الآيات، تكذْيبًا لهم، وأخبر نبيَّه والمؤمنين به أنه قد أنـزل عليه بعد موسى وعلى من سماهم في هذه الآية، وعلى آخرين لم يسمِّهم، كما:-

10840- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير= وحدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة= عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير= أو عكرمة، عن ابن عباس قال، قال سُكَين وعدي بن زيد: يا محمد، ما نعلم الله أنـزل على بشر من شيء بعد موسى! فأنـزل الله في ذلك من قولهما: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " إلى آخر الآيات. (3)

* * *

وقال آخرون: بل قالوا= لما أنـزل الله الآيات التي قبل هذه في ذكرهم=: " ما أنـزل الله على بشر من شيء، ولا على موسى، ولا على عيسى "! فأنـزل الله جل ثناؤه: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ، [سورة الأنعام: 91]، ولا على موسى ولا على عيسى.

*ذكر من قال ذلك:

10841- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي قال: أنـزل الله: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَـزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ إلى قوله: وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ، فلما تلاها عليهم= يعني: على اليهود= وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة، جحدوا كل ما أنـزل الله، وقالوا: " ما أنـزل الله على بشر من شيء، ولا على موسى ولا على عيسى!! وما أنـزل الله على نبي من شيء "! قال: فحلَّ حُبْوَته وقال: (4) ولا على أحد!! فأنـزل الله جل ثناؤه: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [سورة الأنعام: 91]

* * *

وأما قوله: " وآتينا داود زبورًا "، فإن القرأة اختلفت في قراءته.

فقرأته عامة قرأة أمصار الإسلام، غير نفر من قرأة الكوفة: ( وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ) ، بفتح " الزاي" على التوحيد، بمعنى: وآتينا داود الكتاب المسمى " زبورًا ".

* * *

وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفيين: ( وَآتَيْنَا دَاوُدَ زُبُورًا ) ، بضم " الزاي" جمع " زَبْرٍ".

كأنهم وجهوا تأويله: وآتينا داود كتبًا وصحفًا مَزْبورة.

* * *

= من قولهم: " زَبَرت الكتاب أزْبُره زَبْرًا " و " ذَبُرته أذْبُره ذَبْرًا "، إذا كتبته. (5)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندنا، قراءة من قرأ: ( وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا )، بفتح " الزاي"، على أنه اسم الكتاب الذي أوتيه داود، كما سمى الكتاب الذي أوتيه موسى " التوراة "، والذي أوتيه عيسى " الإنجيل "، والذي أوتيه محمد " الفرقان "، لأن ذلك هو الاسم المعروف به ما أوتي داود. وإنما تقول العرب: " زَبُور داود "، بذلك تعرف كتابَه سائرُ الأمم.

------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير"أوحى" فيما سلف 6 : 405 ، 406.

(2) الأثر: 10839 -"منذر الثوري" هو"منذر بن يعلى الثوري" أبو يعلى. روى عن محمد بن علي بن أبي طالب ، والربيع بن خثيم ، وسعيد بن جبير ، وغيرهم. روى عنه ابنه الربيع بن المنذر ، والأعمش ، وفطر بن خليفة وغيرهم. ثقة قليل الحديث. مترجم في التهذيب.

(3) الأثر: 10840 - سيرة ابن هشام 2 : 211 ، وهو تابع الآثار التي آخرها قديمًا: 9792 وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عدي بن ثابت" ، وهو خطأ بلا شك ، ففي سيرة ابن هشام وغيرها"عدي بن زيد" ، ولم أجد في أسماء الأعداء من يهود"عدي بن ثابت".

و"سكين بن أبي سكين" ، و"عدي بن زيد" من بني قينقاع ، ذكرهم ابن هشام في السيرة في الأعداء من يهود 2 : 161.

(4) "الحبوة" (بضم الحاء وفتحها ، وسكون الباء): الثوب الذي يحتبى به. و"الاحتباء": أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ، ويشده عليها. وقد يكون"الاحتباء" باليدين عوض الثوب.

(5) انظر تفسير"الزبور" فيما سلف 7 : 450 ، 451 ، وبين هنا ما أجمله هناك ، وهذا من ضروب اختصاره التفسير.

التدبر :

وقفة
[163] إثبات النبوة والرسالة في شأن نوح وإبراهيم وغيرِهما مِن ذرياتهما ممن ذكرهم الله، وممن لم يذكر أخبارهم لحكمة يعلمها سبحانه.
وقفة
[163] ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾ وإنما بدأ الله تعالى بذکر نوح عليه السلام؛ لأنه أول نبی بعث بشريعة، وأول نذير على الشرك، وكان أول من عذبت أمته لردهم دعوته، وكان أطول الأنبياء عمرًا.
عمل
[163] ابدأ اليوم برنامجًا تقرأ أو تسمع فيه قصص الأنبياء، مبتدئًا بأولي العزم من الرسل ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ...﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلم للتعظيم في محل نصب اسم «إن». أوحى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. إليك: جار ومجرور متعلق بأوحينا. وجملة «أَوْحَيْنا» في محل رفع خبر «إن».
  • ﴿ كَما أَوْحَيْنا:
  • الكاف حرف جر للتشبيه. ما: مصدرية. أوحينا: سبق إعرابها. و «ما المصدرية وما بعدها» بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق محذوف. التقدير أوحينا اليك إيحاء كإيحائنا الى نوح. وجملة «أَوْحَيْنا» صلة «ما» المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بأوحينا. والنبيين: معطوفة بالواو على «نُوحٍ» مجرورة بالياء لانها جمع مذكر سالم وقد صرف نوح لأنه ثلاثي أوسطه ساكن. من بعده: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «النَّبِيِّينَ». والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ:
  • معطوفة بالواو على «أَوْحَيْنا» الاولى وتعرب إعرابها. إلى ابراهيم: جار ومجرور متعلق بأوحينا. وابراهيم والأسماء التي بعدها ممنوعة من الصرف وعلامة جرها الفتحة بدلا من الكسرة لأنها أسماء أعجمية واعلام.
  • ﴿ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ:
  • أسماء معطوفة بواوات العطف على «إِبْراهِيمَ» وتعرب إعرابه، وعلامة جر «الْأَسْباطِ» الكسرة.
  • ﴿ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً:
  • وآتينا: تعرب إعراب «وَأَوْحَيْنا». داود: مفعول به أول منصوب بالفتحة ولم ينون لانه ممنوع من الصرف «التنوين». زبورا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة. '

المتشابهات :

النساء: 163﴿وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا
الإسراء: 55﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا

أسباب النزول :

  • قوله تعالى إنا أوحينا إليك روى ابن أسحق عن ابن عباس قال قال عدي بن زيد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شئ من بعد موسى فأنزل الله الآية '
  • المصدر أسباب النزول للواحدي

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [163] لما قبلها :     وبعد بيان أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، وأنهم لم يسألوا لأجل الاسترشاد، ولكن لأجل العناد والجدال، وذكر أنواع كثيرة من فضائحهم وقبائحهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا وحدة الوحي لجميعِ الرسلِ، فمحمد صلى الله عليه وسلم ليس بدعًا من الرسل، بل رسول من عند الله، تلقى رسالة منه سبحانه كما تلقاها غيره من الرسل، قال تعالى:
﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا

القراءات :

يونس:
قرئ:
1- بكسر النون، وهى لغة لبعض العرب، وهى قراءة نافع.
2- بفتح النون، وهى لغة لبعض بنى عقيل، وهى قراءة النخعي، وابن وثاب.
3- بضم النون، وهى لغة الحجاز، وهى قراءة الجمهور.
زبورا:
وقرئ:
بضم الزاى، وهى قراءة حمزة.

مدارسة الآية : [164] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن ..

التفسير :

[164] وأرسلنا رسلاً قد قصصناهم عليك في القرآن من قبل هذه الآية، ورسلاً لم نقصصهم عليك لحكمة أردناها. وكلَّم الله موسى تكليماً؛ تشريفاً له بهذه الصفة. وفي هذه الآية الكريمة إثبات صفة الكلام لله -تعالى- كما يليق بجلاله، وأنه سبحانه كلَّم نبيه موسى -عليه الس

تفسير الايات من 163 حتى 165:ـ يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله من الشرع العظيم والأخبار الصادقة ما أوحى إلى هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي هذا عدة فوائد:منها:أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس ببدع من الرسل، بل أرسل الله قبله من المرسلين العدد الكثير والجم الغفير فاستغراب رسالته لا وجه له إلا الجهل والعناد. ومنها:أنه أوحى إليه كما أوحى إليهم من الأصول والعدل الذي اتفقوا عليه، وأن بعضهم يصدق بعضا ويوافق بعضهم بعضا. ومنها:أنه من جنس هؤلاء الرسل، فليعتبره المعتبر بإخوانه المرسلين، فدعوته دعوتهم؛ وأخلاقهم متفقة؛ ومصدرهم واحد؛ وغايتهم واحدة، فلم يقرنه بالمجهولين؛ ولا بالكذابين ولا بالملوك الظالمين. ومنها:أن في ذكر هؤلاء الرسل وتعدادهم من التنويه بهم، والثناء الصادق عليهم، وشرح أحوالهم مما يزداد به المؤمن إيمانا بهم ومحبة لهم، واقتداء بهديهم، واستنانا بسنتهم ومعرفة بحقوقهم، ويكون ذلك مصداقا لقوله:{ سَلَامٌ عَلَى نُــوحٍ فـِي الْعَـالَمِيـنَ}{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}{ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ}{ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} فكل محسن له من الثناء الحسن بين الأنام بحسب إحسانه. والرسل -خصوصا هؤلاء المسمون- في المرتبة العليا من الإحسان. ولما ذكر اشتراكهم بوحيه ذكر تخصيص بعضهم، فذكر أنه آتى داود الزبور، وهو الكتاب المعروف المزبور الذي خص الله به داود عليه السلام لفضله وشرفه، وأنه كلم موسى تكليما، أي:مشافهة منه إليه لا بواسطة حتى اشتهر بهذا عند العالمين فيقال:"موسى كليم الرحمن". وذكر أن الرسل منهم من قصه الله على رسوله، ومنهم من لم يقصصه عليه، وهذا يدل على كثرتهم وأن الله أرسلهم مبشرين لمن أطاع الله واتبعهم، بالسعادة الدنيوية والأخروية، ومنذرين من عصى الله وخالفهم بشقاوة الدارين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا:{ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} فلم يبق للخَلْق على الله حجة لإرساله الرسل تترى يبينون لهم أمر دينهم، ومراضي ربهم ومساخطه وطرق الجنة وطرق النار، فمن كفر منهم بعد ذلك فلا يلومن إلا نفسه. وهذا من كمال عزته تعالى وحكمته أن أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، وذلك أيضا من فضله وإحسانه، حيث كان الناس مضطرين إلى الأنبياء أعظم ضرورة تقدر فأزال هذا الاضطرار، فله الحمد وله الشكر. ونسأله كما ابتدأ علينا نعمته بإرسالهم، أن يتمها بالتوفيق لسلوك طريقهم، إنه جواد كريم.

ثم أجمل - سبحانه - بيان الرسل الذين أرسلهم فقال: { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ }.

وقوله: { وَرُسُلاً } منصوب بفعل مقدر قبله. أى: وأرسلنا رسلا قد أخبرناك عنهم، وقصصنا عليك أنباءهم فيما نزل عليك من قرآن قبل نزول الآيات عليك. وأرسلنا رسلا آخرين غيرهم لم نقصص عليك أخبارهم؛ لأن حكمتنا تقتضى ذلك، ولأن فيما قصصناه عليك من أخبار بعضهم عظات وعبرا لقوم يؤمنون.

هذا، وقد تكلم بعض العلماء عن عدد الأنبياء والرسل، واستندوا فى كلامهم على أخبار وأحاديث لم تسلم أسانيدها من الطعن فيها.

قال ابن كثير: وقد اختلف فى عدد الأنبياء والمرسلين، والمشهور فى ذلك حديث أبى ذر الطويل، وذلك فيما رواه ابن مردويه فى تفسيره حيث قال: حدثنا إبراهيم بن محمد. عن أبى إدريس الخولانى " عن أبى ذر قال: قلت يا رسول الله: كم عدد الأنبياء؟ قال: " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. قلت يا رسول الله. كم الرسل منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر.. " ".

وقوله: { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً } تشريف لموسى - عليه السلام - بهذه الصفة ولهذا يقال له: موسى الكليم. أى. وخاطب الله موسى مخاطبة من غير واسطة.

قال الجمل: والجملة إما معطوفة على قوله: { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } عطف القصة على القصة، وإما حال بتقدير قد كما ينبئ عنه تغيير الأسلوب بالالتفات.

وقوله { تَكْلِيماً } مصدر مؤكد لعامله رافع لاحتمال المجاز.

قال الفراء: العرب تسمى ما وصل إلى الإِنسان كلاما بأى طريق وصل. ما لم يؤكد بالمصدر. فإن أكد به لم يكن إلا حقيقة الكلام.

فدل قوله { تَكْلِيماً } على أن موسى قد سمع كلام الله - تعالى - حقيقة من غير واسطة، ولكن بكيفية لا يعلمها إلا هو - سبحانه -.

وقد سابق بعض المفسرين نقولا حسنة فى مسألة كلام الله - تعالى - فارجع إليها إن شئت.

وقوله ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك ) أي : من قبل هذه الآية ، يعني : في السور المكية وغيرها .

وهذه تسمية الأنبياء الذين نص على أسمائهم في القرآن ، وهم : آدم وإدريس ، ونوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وشعيب ، وموسى ، وهارون ، ويونس ، وداود ، وسليمان ، وإلياس ، واليسع ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى [ عليهم الصلاة والسلام ] وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين ، وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم .

وقوله : ( ورسلا لم نقصصهم عليك ) أي : خلقا آخرين لم يذكروا في القرآن ، وقد اختلف في عدة الأنبياء والمرسلين والمشهور في ذلك حديث أبي ذر الطويل ، وذلك فيما رواه ابن مردويه ، رحمه الله ، في تفسيره ، حيث قال : حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن ، والحسين بن عبد الله بن يزيد قالا حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني حدثني أبي عن جدي ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ، كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " . قلت : يا رسول الله ، كم الرسل منهم ؟ قال : " ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير " . قلت : يا رسول الله ، من كان أولهم ؟ قال : " آدم " . قلت : يا رسول الله ، نبي مرسل ؟ قال : " نعم ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، ثم سواه قبلا " . ثم قال : " يا أبا ذر ، أربعة سريانيون : آدم ، وشيث ، ونوح ، وخنوخ - وهو إدريس ، وهو أول من خط بقلم - وأربعة من العرب : هود ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك يا أبا ذر ، وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى ، وآخرهم عيسى . وأول النبيين آدم ، وآخرهم نبيك " .

قد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه : " الأنواع والتقاسيم " وقد وسمه بالصحة ، وخالفه أبو الفرج بن الجوزي ، فذكر هذا الحديث في كتابه " الموضوعات " ، واتهم به إبراهيم بن هشام هذا ، ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث فالله أعلم .

وقد روي الحديث من وجه آخر ، عن صحابي آخر ، فقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عوف ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قلت : يا نبي الله ، كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا " .

معان بن رفاعة السلامي ضعيف ، وعلي بن يزيد ضعيف ، والقاسم أبو عبد الرحمن ضعيف أيضا .

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أحمد بن إسحاق أبو عبد الله الجوهري البصري ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعث الله ثمانية آلاف نبي ، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل ، وأربعة آلاف إلى سائر الناس " .

وهذا أيضا إسناد ضعيف فيه الربذي ضعيف ، وشيخه الرقاشي أضعف منه أيضا والله أعلم .

وقال أبو يعلى : حدثنا أبو الربيع ، حدثنا محمد بن ثابت العبدي ، حدثنا محمد بن خالد الأنصاري ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي ، ثم كان عيسى ابن مريم ، ثم كنت أنا " .

وقد رويناه عن أنس من وجه آخر ، فأخبرني الحافظ أبو عبد الله الذهبي ، أخبرنا أبو الفضل بن عساكر ، أنبأنا الإمام أبو بكر القاسم بن أبي سعيد الصفار ، أخبرتنا عمة أبي ، عائشة بنت أحمد بن منصور بن الصفار ، أخبرنا الشريف أبو السنابك هبة الله بن أبي الصهباء محمد بن حيدر القرشي ، حدثنا الإمام الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني قال : أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا أحمد بن طارق ، حدثنا مسلم بن خالد ، حدثنا زياد بن سعد ، عن محمد بن المنكدر ، عن صفوان بن سليم ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت على إثر من ثلاثة آلاف نبي من بني إسرائيل " . وهذا غريب من هذا الوجه وإسناده لا بأس به ، رجاله كلهم معروفون إلا أحمد بن طارق هذا ، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح والله أعلم .

حديث أبي ذر الغفاري الطويل في عدد الأنبياء عليهم السلام :

قال محمد بن الحسين الآجري : حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الفريابي إملاء في شهر رجب سنة سبع وتسعين ومائتين ، حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني ، حدثنا أبي ، عن جده عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي ذر قال : دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده ، فجلست إليه فقلت : يا رسول الله ، إنك أمرتني بالصلاة . قال : " الصلاة خير موضوع فاستكثر أو استقل " . قال : قلت : يا رسول الله ، فأي الأعمال أفضل ؟ قال : " إيمان بالله ، وجهاد في سبيله " . قلت : يا رسول الله ، فأي المؤمنين أفضل ؟ قال : " أحسنهم خلقا " . قلت : يا رسول الله ، فأي المسلمين أسلم ؟ قال : " من سلم الناس من لسانه ويده " . قلت : يا رسول الله ، فأي الهجرة أفضل ؟ قال : " من هجر السيئات " . قلت : يا رسول الله ، أي الصلاة أفضل ؟ قال : " طول القنوت " . قلت : يا رسول الله ، فأي الصيام أفضل ؟ قال : " فرض مجزئ وعند الله أضعاف كثيرة " . قلت : يا رسول الله ، فأي الجهاد أفضل ؟ قال : " من عقر جواده وأهريق دمه " . قلت : يا رسول الله ، فأي الرقاب أفضل ؟ قال : " أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها " . قلت : يا رسول الله فأي الصدقة أفضل ؟ قال : " جهد من مقل ، وسر إلى فقير " . قلت : يا رسول الله ، فأي آية ما أنزل عليك أعظم [ منها ] ؟ قال : " آية الكرسي " . ثم قال : " يا أبا ذر ، وما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة " . قال : قلت : يا رسول الله ، كم الأنبياء ؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " قال : قلت : يا رسول الله ، كم الرسل من ذلك ؟ قال : " ثلاثمائة ، وثلاثة عشر جم غفير كثير طيب " . قلت : فمن كان أولهم ؟ قال : " آدم " . قلت : أنبي مرسل ؟ قال : " نعم ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وسواه قبيلا ثم قال : " يا أبا ذر ، أربعة سريانيون : آدم ، وشيث ، وخنوخ - وهو إدريس ، وهو أول من خط بقلم - ونوح . وأربعة من العرب : هود ، وشعيب ، وصالح ، ونبيك يا أبا ذر . وأول أنبياء بني إسرائيل موسى ، وآخرهم عيسى . وأول الرسل آدم ، وآخرهم محمد " . قال : قلت : يا رسول الله ، كم كتابا أنزله الله ؟ قال : " مائة كتاب وأربعة كتب ، وأنزل الله على شيث خمسين ، صحيفة ، وعلى خنوخ ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، وأنزل على موسى من قبل التوراة عشر صحائف والإنجيل والزبور والفرقان " . قال : قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : " كانت كلها : يا أيها الملك المسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها ولو كانت من كافر . وكان فيها مثال : وعلى العاقل أن يكون له ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يفكر في صنع الله ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب . وعلى العاقل ألا يكون ضاغنا إلا لثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة لمعاش ، أو لذة في غير محرم . وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه " . قال : قلت : يا رسول الله ، فما كانت صحف موسى ؟ قال : " كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح ، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب ، وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل " قال : قلت : يا رسول الله ، فهل في أيدينا شيء مما في أيدي إبراهيم وموسى ، وما أنزل الله عليك ؟ قال : " نعم ، اقرأ يا أبا ذر : ( قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى . بل تؤثرون الحياة الدنيا . والآخرة خير وأبقى . إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى ) [ الأعلى : 14 - 19 ] .

قال : قلت يا رسول الله ، فأوصني . قال : " أوصيك بتقوى الله ، فإنه رأس أمرك " .

قال : قلت يا رسول الله ، زدني . قال : " عليك بتلاوة القرآن ، وذكر الله ، فإنه ذكر لك في السماء ، ونور لك في الأرض " .

قال : قلت : يا رسول الله ، زدني . قال : " إياك وكثرة الضحك . فإنه يميت القلب ، ويذهب بنور الوجه " . قلت : زدني . قال : " عليك بالجهاد ، فإنه رهبانية أمتي " . قلت : زدني . قال : " عليك بالصمت إلا من خير ، فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك " .

قلت : زدني . قال : " انظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإنه أجدر لك ألا تزدري نعمة الله عليك " .

قلت : زدني . قال : " أحبب المساكين وجالسهم ، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك " . قلت : زدني . قال : " صل قرابتك وإن قطعوك " . قلت : زدني . قال : " قل الحق وإن كان مرا " .

قلت : زدني . قال : " لا تخف في الله لومة لائم " .

قلت : زدني . قال : " يردك عن الناس ما تعرف عن نفسك ، ولا تجد عليهم فيما تحب ، وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك . أو تجد عليهم فيما تحب " .

ثم ضرب بيده صدري ، فقال : " يا أبا ذر ، لا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن الخلق "

وروى الإمام أحمد ، عن أبي المغيرة ، عن معان بن رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة : أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر أمر الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، وفضل آية الكرسي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأفضل الشهداء ، وأفضل الرقاب ، ونبوة آدم ، وأنه مكلم ، وعدد الأنبياء والمرسلين ، كنحو ما تقدم .

وقال عبد الله بن الإمام أحمد : وجدت في كتاب أبي بخطه : حدثني عبد المتعالي بن عبد الوهاب ، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ، حدثنا مجالد عن أبي الوداك قال : قال أبو سعيد : هل تقول الخوارج بالدجال ؟ قال : قلت : لا . فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني خاتم ألف نبي أو أكثر ، وما بعث نبي يتبع إلا وقد حذر أمته منه ، وإني قد بين لي ما لم يبين [ لأحد ] وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى ، كأنها نخامة في حائط مجصص ، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري ، معه من كل لسان ، ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء ، وصورة النار سوداء تدخن " .

وقد رويناه في الجزء الذي فيه رواية أبي يعلى الموصلي ، عن يحيى بن معين ، حدثنا مروان بن معاوية ، حدثنا مجالد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني أختم ألف ألف نبي أو أكثر ، ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم الدجال . . . . " وذكر تمام الحديث ، هذا لفظه بزيادة " ألف " وقد تكون مقحمة والله أعلم . وسياق رواية الإمام أحمد أثبت وأولى بالصحة ، ورجال إسناد هذا الحديث لا بأس بهم ، وروي هذا الحديث من طريق جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال الحافظ أبو بكر البزار :

حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لخاتم ألف نبي أو أكثر ، وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال ، وإني قد بين لي ما لم يبين لأحد منهم وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور " .

وقوله : ( وكلم الله موسى تكليما ) وهذا تشريف لموسى ، عليه السلام ، بهذه الصفة ; ولهذا يقال له : الكليم . وقد قال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان المالكي ، حدثنا مسيح بن حاتم ، حدثنا عبد الجبار بن عبد الله قال : جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال : سمعت رجلا يقرأ : " وكلم الله موسى تكليما " فقال أبو بكر : ما قرأ هذا إلا كافر ، قرأت على الأعمش ، وقرأ الأعمش على [ يحيى ] بن وثاب ، وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي ، وقرأ أبو عبد الرحمن ، على علي بن أبي طالب ، وقرأ علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وكلم الله موسى تكليما ) .

وإنما اشتد غضب أبي بكر بن عياش ، رحمه الله ، على من قرأ كذلك ; لأنه حرف لفظ القرآن ومعناه ، وكان هذا من المعتزلة الذين ينكرون أن [ يكون ] الله كلم موسى ، عليه السلام ، أو يكلم أحدا من خلقه ، كما رويناه عن بعض المعتزلة أنه قرأ على بعض المشايخ : " وكلم الله موسى تكليما " فقال له : يا ابن اللخناء ، فكيف تصنع بقوله تعالى : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ) [ الأعراف : 143 ] ، يعني : أن هذا لا يحتمل التحريف ولا التأويل .

وقال ابن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا أحمد بن الحسين بن بهرام ، حدثنا محمد بن مرزوق ، حدثنا هانئ بن يحيى ، عن الحسن بن أبي جعفر ، عن قتادة عن يحيى بن وثاب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما كلم الله موسى كان يبصر دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء " . وهذا حديث غريب ، وإسناده لا يصح ، وإذا صح موقوفا كان جيدا .

وقد روى الحاكم في مستدركه وابن مردويه ، من حديث حميد بن قيس الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كان على موسى يوم كلمه ربه جبة صوف ، وكساء صوف ، وسراويل صوف ، ونعلان من جلد حمار غير ذكي " .

وقال ابن مردويه بإسناده عن جويبر ، عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن الله ناجى موسى بمائة ألف كلمة وأربعين ألف كلمة ، في ثلاثة أيام ، وصايا كلها ، فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم مما وقع في مسامعه من كلام الرب ، عز وجل .

وهذا أيضا إسناد ضعيف ، فإن جويبرا ضعيف ، والضحاك لم يدرك ابن عباس ، رضي الله عنه . فأما الأثر الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وغيرهما من طريق الفضل بن عيسى الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : لما كلم الله موسى يوم الطور ، كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه ، فقال له موسى : يا رب ، هذا كلامك الذي كلمتني به ؟ قال : لا يا موسى ، أنا كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ، ولي قوة الألسنة كلها ، وأنا أقوى من ذلك . فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا : يا موسى ، صف لنا كلام الرحمن . قال : لا أستطيعه . قالوا : فشبه لنا . قال : ألم تسمعوا إلى صوت الصواعق فإنها قريب منه ، وليس به . وهذا إسناد ضعيف ، فإن الفضل هذا الرقاشي ضعيف بمرة .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، عن جزء بن جابر الخثعمي ، عن كعب قال : إن الله لما كلم موسى كلمه بالألسنة كلها سوى كلامه ، فقال له موسى يا رب ، هذا كلامك ؟ قال : لا ولو كلمتك بكلامي لم تستقم له . قال : يا رب ، فهل من خلقك شيء يشبه كلامك ؟ قال : لا وأشد خلقي شبها بكلامي أشد ما تسمعون من الصواعق .

فهذا موقوف على كعب الأحبار ، وهو يحكي عن الكتب المتقدمة المشتملة على أخبار بني إسرائيل ، وفيها الغث والسمين .

القول في تأويل قوله : وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنا أوحينا إليك، كما أوحينا إلى نوح وإلى رسل قد قصصناهم عليك، ورسل لم نقصصهم عليك.

* * *

فلعل قائلا يقول: فإذ كان ذلك معناه، فما بال قوله: " ورسلا " منصوبًا غير مخفوض؟ قيل: نصب ذلك إذ لم تعد عليه " إلى " التي خفضت الأسماء قبله، وكانت الأسماء قبلها، وإن كانت مخفوضة، فإنها في معنى النصب. لأن معنى الكلام: إنا أرسلناك رسولا كما أرسلنا نوحًا والنبيين من بعده، فعُطفت " الرسل " على معنى الأسماء قبلها في الإعراب، لانقطاعها عنها دون ألفاظها، إذ لم يعد عليها ما خفضها، كما قال الشاعر. (6)

لَــوْ جِــئْتَ بِـالْخُبْزِ لَـهُ مُنَشَّـرَا

وَالْبَيْــضَ مَطْبُوخًـا مَعًـا والسُّـكَّرَا

لَمْ يُرْضِهِ ذلِكَ حَتَّى يَسْكَرَا (7)

* * *

وقد يحتمل أن يكون نصب " الرسل "، لتعلق " الواو " بالفعل، بمعنى: وقصصنا رسلا عليك من قبل، كما قال جل ثناؤه: يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [سورة الإنسان: 31] . (8)

* * *

وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبيّ( ورسل قد قصصناهم عليك من قبل ورسل لم نقصصهم عليك ) ، فرفعُ ذلك، إذ قرئ كذلك، بعائد الذكر في قوله: " قصصناهم عليك ". (9)

* * *

وأما قوله: " وكلم الله موسى تكليمًا "، فإنه يعني بذلك جل ثناؤه: وخاطب الله بكلامه موسى خطابًا، وقد:-

10842- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا نوح بن أبي مريم، وسئل: كيف كلم الله موسى تكليمًا؟ فقال: مشافهة. (10)

* * *

وقد:-

10843- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن ابن مبارك، عن معمر ويونس، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال، أخبرني جزى بن جابر الخثعمي قال: سمعت كعبًا يقول: إن الله جل ثناؤه لما كلم موسى، كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه= يعني: كلام موسى= فجعل يقول: يا رب، لا أفهم! حتى كلمه بلسانه آخر الألسنة، فقال: يا رب هكذا كلامك؟ قال: لا ولو سمعت كلامي= أي: على وجهه= لم تك شيئًا!

= قال ابن وكيع: قال أبو أسامة (!!): وزادني أبو بكر الصغاني في هذا الحديث أن موسى قال: يا رب، هل في خلقك شيء يشبه كلامك؟ قال: لا وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدُّ ما تسمع الناسُ من الصواعق. (11)

10844- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر قال، سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: سئل موسى: ما شبهت كلام ربك مما خلق؟ فقال موسى: الرعد الساكب. (12)

10845- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، حدثنا عبد الله بن وهب &; 9-406 &; قال، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال، أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن: أنه أخبره عن جزء بن جابر الخثعمي قال: لما كلّم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه، فطفق يقول: والله يا رب، ما أفقه هذا!! حتى كلمه بلسانه آخر الألسنة بمثل صوته، فقال موسى: يا ربِّ هذا كلامك؟ قال: لا. قال: هل في خلقك شيء يشبه كلامك؟ قال: لا وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشد ما يسمع الناس من الصواعق. (13)

10846- حدثني أبو يونس المكي قال، حدثنا ابن أبي أويس قال، أخبرني أخي، عن سليمان، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أنه أخبره جزء بن جابر الخثعمي: أنه سمع [كعب] الأحبار يقول: لما كلم الله موسى بالألسنة كلها قبل لسانه، فطفق موسى يقول: أي رب، والله ما أفقه هذا!! حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته، فقال موسى: أي رب، أهكذا كلامك؟ فقال: لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئًا! قال: أي رب، هل في خلقك شيء يشبه كلامك؟ فقال: لا وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدّ ما يسمع من الصواعق. (14)

10847- حدثنا ابن عبد الرحيم قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا زهير، عن يحيى، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن جزء بن جابر: أنه سمع كعبًا يقول: لما كلم الله موسى بالألسنة قبل لسانه، طفق موسى يقول: أي رب، إني لا أفقه هذا!! حتى كلمه الله آخر الألسنة بمثل لسانه، فقال موسى: أي رب، هذا كلامك؟ قال الله: لو كلمتك بكلامي لم تكن شيئًا! قال، يا رب، فهل من خلقك شيء يشبه كلامك؟ قال: لا وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدُّ ما يسمع من الصواعق. (15)

-----------------------

الهوامش :

(6) لم أعرف قائله.

(7) في المخطوطة: "لو جيت لنا بالخير مبشرًا" ، وهو فاسد جدًا ، والصواب ما في المطبوعة. وقوله: "منشرًا" أي مبسوطًا بسطًا ، كما يبسط الثوب ، كأنه يعني الرقاق بعضه على بعض.

(8) قد بين أبو جعفر ذلك في تفسير"سورة الإنسان" 29 : 140 (بولاق) فقال: و"نصب (الظالمين) لأن الواو ظرف ل"أعد". والمعنى: وأعد للظالمين عذابًا أليمًا".

(9) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 295.

(10) الأثر: 10842 -"نوح بن أبي مريم" ، أبو عصمة القرشي ، قاضي مرو. كان أبوه مجوسيًا ويقال له: "نوح الجامع" ، وسمي"الجامع" ، لأنه أخذ الفقه عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى ، والحديث عن حجاج بن أرطاة وطبقته ، والتفسير عن الكلبي ومقاتل ، والمغازي عن ابن إسحاق ، وكان مع ذلك عالمًا بأمور الدنيا. وكان شديدًا على الجهمية والرد عليهم ، تعلم منه نعيم بن حماد الرد على الجهمية. ولكنه كان مع ذلك كله ذاهب الحديث ، ليس بثقة ، لا يجوز الاحتجاج به. وقال ابن حبان: "نوح الجامع: جمع كل شيء إلا الصدق"!! مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 2 / 111 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 484.

وفي المخطوطة إشكال ، وذلك أن فيها: "نوح بن أبي هند" ، واضحة الكتابة جدًا ، ولكني لم أجد"نوح بن أبي هند" ، ولم أستطع أن أجد له تصحيفًا أو تحريفًا. فأبقيت ما في المطبوعة على حاله ، وأثبت هذا الذي في المخطوطة ، عسى أن أوفق بعد إلى الصواب في هذا الإسناد.

(11) الأثر: 10843 -"أبو أسامة" ، هو: "حماد بن زيد بن أسامة" مضى برقم: 5265 ، والاختلاف في اسمه. و"أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام" ، مضت ترجمته رقم: 2351 ، 7820.

و"جزى بن جابر الخثعمي" ، ترجم له البخاري في الكبير 1 / 2 / 254 ، 255 ، باسم"جرز بن جابر الخثعمي" وقال: "قاله أبو اليمان ، عن شعيب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن". ثم قال: "وقال عبد الرزاق ، عن معمر: جريز بن جابر الخثعمي" [قلت: الصواب"جزى" ، كما في مخطوطة الطبري ، وكما نص عليه ابن أبي حاتم كما سيأتي]. ثم قال البخاري: "وقال يونس وابن أخي الزهري والزبيدي: جزء". ثم قال أيضًا: "وقال إسماعيل ، عن أخيه سليمان عن ابن أبي عتيق: جرو بن جابر" [قلت: وهو الإسناد الآتي رقم: 10846].

أما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1 / 1 / 546 ، 547 ، فقد ترجم له باسم: "جزء بن جابر الخثعمي" ، وقال: "في رواية شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري" ، فدل هذا على أن ترجمة البخاري له ، جائز أن تكون باسم"جزء بن جابر" ، بل أرجح أن ذلك هو الصواب إن شاء الله.

ثم قال ابن أبي حاتم: "وفي رواية معمر: جزى بن جابر ، وهو وهم تابعه عليه الزبيدي" ، فوافق البخاري في رواية معمر ، وخالفه في متابعة الزبيدي ، فإن البخاري قال عنه في روايته"جزء". ثم قال أيضًا: "ويقال: حزن بن جابر" سمعت أبي يقول ذلك" ، وأخشى أن يكون في نسخة ابن أبي حاتم تحريف ، وأن يكون صوابها كما في البخاري: "جرو" بالراء ، أو "جزو" بالزاي. وكل هذا مشكل لا يهتدي فيه إلى اليقين ، إنما هو النقل. ثم انظر الآثار من رقم: 10845 - 10847.

وكان في المطبوعة: "جزء من جابر" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو الصواب الذي يدل عليه كلام البخاري وابن أبي حاتم ، لأن هذه هي رواية معمر.

ثم يأتي إشكال آخر ، ففي المخطوطة: "قال ابن كعب ، قال أبو أسامة ، وزادني أبو بكر الصغاني ...".

أما "ابن كعب" ، فخطأ ظاهر لا شك فيه ، إنما هو كما في المطبوعة: "ابن وكيع" ، وسها الناسخ ، لذكر"كعب الأحبار" في الخبر ، فضللته الكافات في"وكيع" و"كعب" حتى نسي فكتب"ابن كعب".

وأما الإشكال ، فإن"أبا بكر الصغاني" ، هو"محمد بن إسحاق بن جعفر" الحافظ الرحلة ، وهو شيخ الطبري ، مضت روايته عنه في مواضع ، انظر رقم: 4074 ، وفيها ترجمته ، ورقم: 4330 وروى عنه في المنتخب من ذيل المذيل (الملحق بتاريخه) ص: 104 ، كما أشرت إليه. ولا شك في أن"أبا أسامة حماد بن زيد" ، لم يرو عنه قط. فواضح أن القائل: "وزادني أبو بكر الصغاني" هو أبو جعفر محمد بن جرير نفسه.

وإذن ، فما قوله: "قال ابن وكيع ، قال أبو أسامة"؟ لا أدري على التحقيق ، فإما أن يكون سقط من الناسخ شيء. وإما أن يكون المملي (أبو جعفر ، أو غيره) ، أراد أن ينتقل إلى الإسناد التالي رقم: 10844 ، فأملى صدر الإسناد ، ثم عاد لما فاته من تتمة كلام أبي جعفر في الخبر 10843 ، وهو قوله: "وزادني أبو بكر الصغاني" ، ولم ينتبه الكاتب عنه لما وقع فيه المملي من التردد. هذا غاية ما أجد من تفسير ذلك. هذا ، والمخطوطة لا يعتمد عليها في هذا الموضع كل الاعتماد ، لأن فيها خرمًا أو حذفًا كما سترى في الأسانيد: 10845 - 10847 ، ولله وحده العلم. وكتبه: محمود محمد شاكر.

وقد كان في المطبوعة: "أشد ما تسمع" ، وأثبت ما في المخطوطة.

(12) الأثر: 10844 -"عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب" ، مضى برقم: 7819. وقد كان في المخطوطة: "... عبد الله بن عمرو" ، وهو خطأ بين.

وقوله: "الرعد الساكب" ، هكذا قرأتها ، وفي المخطوطة والمطبوعة: "الرعد الساكن" بالنون في آخره ، ولست أجد لها معنى يعقل. أما "الساكب" ، فإنه الوصف المعقول في صفة شدة صوت الرعد ، وذلك تتابعه وانسياحه. وفي الحديث: "فإذا سكب المؤذن بالأولى من صلاة الفجر ، قام فركع ركعتين خفيفتين" ، وذلك صفة المؤذن إذا أذن ، فأطال في أذانه وردده ورجعه ، وأصله من"سكب الماء" ، ثم استعير"السكب" للإفاضة في الكلام أو غيره من الأصوات ، كما يقال: "أفرغ في أذني حديثًا" ، أي: ألقى وصب.

(13) الأثر: 10845 -"جزء بن جابر الخثعمي" ، هذا هو الصواب ، لأنه رواية يونس عن ابن شهاب الزهري ، التي أشار إليها البخاري ، كما أثبته في التعليق على الأثر رقم: 10843.

(14) الأثر: 10846 -"أبو يونس المكي" شيخ الطبري ، لم أعرفه ، ولم أجده ، ولم تمر بي قبل ذلك له رواية عنه.

و"ابن أبي أويس" هو: "إسماعيل عبد الله بن أويس بن مالك الأصبحي" مضت ترجمته برقم: 45.

و"أخوه" هو: "أبو بكر: عبد الرحمن بن عبد الله بن أويس" ، مضى أيضًا برقم: 45.

و"سليمان" ، هو: "سليمان بن بلال التيمي القرشي". مضى برقم: 4333 ، 4923.

و"ابن أبي عتيق" أو "محمد بن أبي عتيق" ، هو: "محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق" ، مضت ترجمته برقم: 4923 ، 10317.

وهذا هو الإسناد الذي أشار إليه البخاري ، كما ذكرت في التعليق على الأثر رقم: 10843 ، وأن روايته فيه"جرو بن جابر" ، وذكره ابن أبي حاتم أيضًا ، فانظر ما قلت فيه هناك.

وكان في المطبوعة هنا: "أنه سمع الأحبار تقول" ، ولكن تدل الروايات السالفة والآتية ، وما أشار إليه البخاري وابن أبي حاتم ، أن صواب ذلك"كعب الأحبار" ، فزدت"كعب" بين القوسين ، وهو الصواب المحض إن شاء الله.

(15) الأثر: 10847 - هذا إسناد لم يشر إليه البخاري ، ولا ابن أبي حاتم. هذا ، والأخبار الثلاثة الأخيرة من رقم: 10845 - 10847 ، ليست في المخطوطة. فكأن الناسخ قد اختصر في كتابه.

ومهما يكن من أمر هذا الخبر ، فإن صفة ربنا تعالى وتقدست أسماؤه ، مما لا يؤخذ عن كعب الأحبار وأشباهه ، بل الأمر فيها لله وحده ، هو كما يثني على نفسه ، وكما بلغ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا كعب الأحبار ومن لف لفه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[164] ﴿وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ كثير من الرسل لا يعرفهم الناس، فهل ضرهم ذلك عند ربهم؟! ليست شهرة الإنسان هي المقياس عند الله، وإنما بما قدم لدين الله.
وقفة
[164] ﴿وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ لا يكن همُّك أن تشتهر، فما دام الله راضيًا عنك فهذه أعظم شهرة، حتى الرسل لم يضرهم أن أخفى الله أسماء بعضهم في كتابه.
وقفة
[164] ﴿وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ البشارة قبل النذارة، والترغيب قبل الترهيب، وكلاهما مطلوب.
وقفة
[164] ﴿وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾ في الأرض أناس صالحين لا تعلمونهم، الله يعلمهم.
وقفة
[164] لا تهتم بالشهرة؛ كثيرًا من الرسل والأنبياء لا نعرفهم ﴿وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾، فالشهرة ليست مقياس عند الله؛ إنما التقوى والعمل هي النجاة.
وقفة
[164] كم أناس صادقين عاشوا وماتوا وهم أصدق الناس، وما علم بهم أحد! ﴿وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ﴾، الشهرة ليست المعيار الوحيد لفضلاء الأمم.
وقفة
[164] ﴿وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا﴾ إثبات صفة الكلام لله تعالى على وجه يليق بذاته وجلاله، فقد كلَّم الله تعالى نبيه موسى عليه السلام.
لمسة
[164] ﴿وَكَلَّمَ اللَّـهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا﴾ لو قرأنا لفهمنا أن الله تعالى قد وقع منه الكلام لموسى، فلِمَ جاء المصدر تكليمًا؟ لأن المعنى يحتمل التكليم المباشر أو الوحي، فلما أتى المصدر أكَّد تكليم الله تعالى لموسى، بحيث لا يحتمل أنه أرسل إليه جبريل بالكلام.

الإعراب :

  • ﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ:
  • الواو: عاطفة. رسلا: اسم منصوب بمضمر في معنى أوحينا إليك وهو أرسلنا أو نبّأنا: مفعول به منصوب بالفتحة المنونة قد: حرف تحقيق. قصصنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلم سبحانه للتعظيم والفاعل هو الضمير «نا» و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «قَدْ قَصَصْناهُمْ» في محل نصب صفة لرسلا.
  • ﴿ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ:
  • جار ومجرور متعلق بقصصنا. من: حرف جر. قبل: ظرف مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن.
  • ﴿ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ:
  • ورسلا: معطوف بالواو على «رُسُلًا» وتعرب إعرابها، ويجوز أن تعرب حالا منصوبا بالفتحة المنونة لم: حرف نفي وجزم وقلب. نقصص: فعل مضارع مجروم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وفاعله: ضمير مستتر وجوبا تقديره: نحن و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. عليك: جار ومجرور متعلق بنقصص. وجملة «لَمْ نَقْصُصْهُمْ في محل نصب صفة لرسلا.
  • ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ:
  • الواو: استئنافية. كلم: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ مُوسى تَكْلِيماً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الالف للتعذر. تكليما: مفعول مطلق تسلط عليه عامل- فعل- من لفظه منصوب بالفتحة المنونة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [164] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أسماء بعض الرسل؛ بَيَّنَ له هنا أن هناك الكثير من الرسل لم يسمِّهم له، ولم يقصص له أخبارهم، فقال تعالى:
﴿ وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا

القراءات :

ورسلا ... ورسلا:
قرئا:
بالرفع: على الابتداء، وجاز الابتداء بالنكرة هنا لأنه موضع تفصيل، وهى قراءة أبى.
الله:
قرئ:
بالنصب، على أن «موسى» هو المكلم، وهى قراءة إبراهيم، وابن وثاب.

مدارسة الآية : [165] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ ..

التفسير :

[165] أرسَلْتُ رسلاً إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي، ومنذرين بعقابي؛ لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزاً في ملكه، حكيماً في تدبيره.

تفسير الايات من 163 حتى 165:ـ يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله من الشرع العظيم والأخبار الصادقة ما أوحى إلى هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي هذا عدة فوائد:منها:أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس ببدع من الرسل، بل أرسل الله قبله من المرسلين العدد الكثير والجم الغفير فاستغراب رسالته لا وجه له إلا الجهل والعناد. ومنها:أنه أوحى إليه كما أوحى إليهم من الأصول والعدل الذي اتفقوا عليه، وأن بعضهم يصدق بعضا ويوافق بعضهم بعضا. ومنها:أنه من جنس هؤلاء الرسل، فليعتبره المعتبر بإخوانه المرسلين، فدعوته دعوتهم؛ وأخلاقهم متفقة؛ ومصدرهم واحد؛ وغايتهم واحدة، فلم يقرنه بالمجهولين؛ ولا بالكذابين ولا بالملوك الظالمين. ومنها:أن في ذكر هؤلاء الرسل وتعدادهم من التنويه بهم، والثناء الصادق عليهم، وشرح أحوالهم مما يزداد به المؤمن إيمانا بهم ومحبة لهم، واقتداء بهديهم، واستنانا بسنتهم ومعرفة بحقوقهم، ويكون ذلك مصداقا لقوله:{ سَلَامٌ عَلَى نُــوحٍ فـِي الْعَـالَمِيـنَ}{ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}{ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ}{ سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} فكل محسن له من الثناء الحسن بين الأنام بحسب إحسانه. والرسل -خصوصا هؤلاء المسمون- في المرتبة العليا من الإحسان. ولما ذكر اشتراكهم بوحيه ذكر تخصيص بعضهم، فذكر أنه آتى داود الزبور، وهو الكتاب المعروف المزبور الذي خص الله به داود عليه السلام لفضله وشرفه، وأنه كلم موسى تكليما، أي:مشافهة منه إليه لا بواسطة حتى اشتهر بهذا عند العالمين فيقال:"موسى كليم الرحمن". وذكر أن الرسل منهم من قصه الله على رسوله، ومنهم من لم يقصصه عليه، وهذا يدل على كثرتهم وأن الله أرسلهم مبشرين لمن أطاع الله واتبعهم، بالسعادة الدنيوية والأخروية، ومنذرين من عصى الله وخالفهم بشقاوة الدارين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فيقولوا:{ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} فلم يبق للخَلْق على الله حجة لإرساله الرسل تترى يبينون لهم أمر دينهم، ومراضي ربهم ومساخطه وطرق الجنة وطرق النار، فمن كفر منهم بعد ذلك فلا يلومن إلا نفسه. وهذا من كمال عزته تعالى وحكمته أن أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، وذلك أيضا من فضله وإحسانه، حيث كان الناس مضطرين إلى الأنبياء أعظم ضرورة تقدر فأزال هذا الاضطرار، فله الحمد وله الشكر. ونسأله كما ابتدأ علينا نعمته بإرسالهم، أن يتمها بالتوفيق لسلوك طريقهم، إنه جواد كريم.

وقوله: { رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ }.

بيان لوظيفة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وللحكمة من إرسالهم. وقوله: { رُّسُلاً } منصوب على المدح، أو بفعل مقدر قبله، أى: وأرسلنا رسلا. والمراد بالحجة هنا: المعذرة التى يعتذر بها الكافرون والعصاة.

أى: وكما أوحينا إليك يا محمد بما أوحينا من قرآن وهدايات. وأرسلناك للناس رسولا، فقد أرسلنا من قبلك رسلا كثيرين مبشرين من آمن وعمل صالحا يرضاه الله عنه فى الدنيا والآخرة، ومنذرين من كفر وعصى بسوء العقبى، وقد أرسل - سبحانه - الرسل مبشرين ومنذرين لكى { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ } يوم القيامة، أى لكى لا تكون لهم معذرة يعتذرون بها كأن يقولوا. يا ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا فيبين لنا شرائعك، ويعلمنا أحكامك وأوامرك ونواهيك، فقد أرسلنا إليهم الرسل مبشرين ومنذرين لكى لا تكون لهم حجة يحتجون بها، كما قال - تعالى -

{ وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ }

قال الآلوسى: فالآية ظاهرة فى أنه لا بد من الشرع وإرسال الرسل. وأن العقل لا يغنى عن ذلك. وزعم المعتزلة أن العقل كاف وأن مسألة الرسل إنما هو للتنبيه عن سنة الغفلة التى تعترى الإِنسان من دون اختيار. فمعنى الآية عندهم: لئلا يبقى للناس على الله حجة.

وتسمية ما يقال عند ترك الإِرسال حجة مع استحالة أن يكون لأحد عليه - سبحانه - حجة مجاز. بتنزيل المعذرة فى القبول عنده - تعالى - بمقتضى كرمه ولطفه منزلة الحجة القاطعة التى لا مرد لها ".

وقوله: { حُجَّةٌ } اسم يكون.

وخبره قوله " للناس " وقوله: على الله حال من حجة. وقوله: { بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } أى: بعد إرسال الرسل وتبليغ الشريعة على ألسنتهم وهو متعلق بالنفى أى: لتنفى حجتهم واعتذارهم بعد إرسال الرسل.

قال ابن كثير: وقد ثبت فى الصحيحين عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا أحد أغير من الله، ومن أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن. ولا أحد أحب إليه المدح من الله، ومن أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين " وفى لفظ آخر: " ومن أجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه ".

وقوله: { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } تذييل قصد به بيان قدرته التى لا تغالب وحكمته التى لا تحيط أحد بكنهها. أى: وكان الله - تعالى - وما زال هو القادر الغالب على كل شئ، الحكيم فى جميع أفعاله وتصرفاته، وسيجازى الذين أساؤوا بما عملوا، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.

هذا وللمرحوم الأستاذ الإِمام محمد عبده كلام نفس فى كتابه (رسالة التوحيد) عن: حاجة البشر إلى إرسال الرسل، وعن وظيفتهم - عليهم الصلاة والسلام - وما قاله فى ذلك: الرسل يرشدون العقل إلى معرفة الله وما يجب أن يعرف من صفاته. ويبينون الحد الذى يجب أن ييقف عنده فى طلب ذلك العرفان. على وجه لا يشق عليه الاطمئنان إليه، ولا يرفع ثقته بما آتاه الله من القوة.

الرسل يبينون للناس ما اختلفت عليه عقولهم وشهواتهم. وتنازعته مصالحهم ولذاتهم. فيفصلون فى تلك المخاصمات بأمر الله الصادع. ويؤيدون بما يبلغون عنه ما تقوم به المصالح العامة. ولا يفوت به المصالح الخاصة.

الرسل يضعون لهم بأمر الله حدودا عامة. يسهل عليهم أن يردوا إليها أعمالهم. كاحترام الدماء البشرية إلا بحق. مع بيان الحق الذى تهدر له، وحظر تناول شئ ما كسبه الغير إلا بحق. مع بيان الحق الذى يبيح تناوله. واحترام الأعراض. مع بيان ما يباح وما يحرم من الأبضاع.

يحملونهم على تحويل أهوائهم عن اللذائذ الفانية إلى طلب الرغائب السامية آخذين فى ذلك كله بطرف من الترغيب والترهيب والإِنذار والتبشير حسبما أمرهم الله - جل شأنه -.

يفصلون فى جميع ذلك للناس ما يؤهلهم لرضا الله عنهم وما يعرضهم لسخطه عليهم. ثم يحيطون بيانهم بنبأ الدار الآخرة، وما أعد الله فيها من الثواب وحسن العقبى، لمن وقف عند حدوده. وأخذ بأوامره.

وبهذا تطمئن النفوس، وتثلج الصدور، ويعتصم المرزوء بالصبر، انتظارا لجزيل الأجر. أو إرضاء لمن بيده الأمر. وبهذا ينحل أعظم مشكل فى الاجتماع الإِنسانى، لا يزال العقلاء يجهدون أنفسهم فى حلة إلى اليوم.

وقوله : ( رسلا مبشرين ومنذرين ) أي : يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات ، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب .

وقوله : ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ) أي : أنه تعالى أنزل كتبه وأرسل رسله بالبشارة والنذارة ، وبين ما يحبه ويرضاه مما يكرهه ويأباه ; لئلا يبقى لمعتذر عذر ، كما قال تعالى : ( ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) [ طه : 134 ] ، وكذا قوله تعالى : ( ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم [ فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ] ) [ القصص : 47 ] .

وقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود ، [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أحد أغير من الله ، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله ، من أجل ذلك مدح نفسه ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين " وفي لفظ : " من أجل ذلك أرسل رسله ، وأنزل كتبه " .

القول في تأويل قوله : رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده، ومن ذكر من الرسل (16) =" رسلا "، فنصب " الرسل " على القطع من أسماء الأنبياء الذين ذكر أسماءهم (17) =" مبشرين "، يقول: أرسلتهم رسلا إلى خلقي وعبادي، مبشرين بثوابي من أطاعني واتبع أمري وصدَّق رسلي، ومنذرين عقابي من عصاني وخالف أمري وكذب رسلي=" لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل "، يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين، لئلا يحتجّ من كفر بي وعبد الأنداد من دوني، أو ضل عن سبيلي بأن يقول إن أردتُ عقابه: لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى [سورة طه: 134]. فقطع حجة كلّ مبطل ألحدَ في توحيده وخالف أمره، بجميع معاني الحجج القاطعة عذرَه، إعذارًا منه بذلك إليهم، لتكون لله الحجة البالغة عليهم وعلى جميع خلقه.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

10849- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل "، فيقولوا: ما أرسلت إلينا رسلا.

* * *

=" وكان الله عزيزًا حكيمًا "، يقول: ولم يزل الله ذا عِزة في انتقامه ممن انتقم [منه] من خلقه، (18) على كفره به، ومعصيته إياه، بعد تثبيته حجَّتَه عليه برسله وأدلَّتَه=" حكيمًا "، في تدبيره فيهم ما دبّره. (19)

-----------------

الهوامش :

(16) في المخطوطة: "ومن ذكر الرسل" ، بإسقاط"من" ، والصواب ما في المطبوعة.

(17) في المطبوعة والمخطوطة: "فنصب به الرسل" ، بزيادة"به" ، والصواب حذفها. انظر معنى"القطع" فيما سلف من فهارس المصطلحات.

(18) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام.

(19) انظر تفسير"عزيز" فيما سلف: ص408 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك= وتفسير"حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[165] الآية ظاهرة في أنه لا بد من الشرع وإرسال الرسل, وأن العقل لا يغني عن ذلك.
عمل
[165] أرسل رسالة تحمل البشارة بالخير، وأخرى تحمل النذارة من الشر ﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾.
وقفة
[165] ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ﴾ ولهذا لا يجوز قتال الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة حتى يدعوا إلى الإسلام.
وقفة
[165] ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ﴾ قال القشيري: «أنَّى يكون لمن له إلى الله حاجة على الله حجّة؟! ولكنَّ الله خاطبهم على حسب عقولهم».
وقفة
[165] أقام الله تعالى الحجة على عباده، وأعذر إليهم ببعثة الرسل، وإنزال الكتب، فليس لأحد عذر بعد ذلك ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ:
  • أسماء منصوبة على التكرير تعرب إعراب «رُسُلًا» في الآية الكريمة السابقة. وهي في محل نصب بدل وعلامة نصب «مُبَشِّرِينَ» الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. ومنذرين: معطوفة بالواو على «مُبَشِّرِينَ» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ:
  • اللام: لام التعليل حرف جر. ألّا: مركبة من «أن» حرف مصدرية ونصب و «لا» نافية لا عمل لها. يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. للناس: جار ومجرور متعلق بخبر «يَكُونَ» المقدم. و «أن وما تلاها» بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل وجملة «يَكُونَ مع اسمها وخبرها» صلة «أن» لا محل لها.
  • ﴿ عَلَى اللَّهِ:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق باسم «يَكُونَ» أو بحال منه لأنه متعلق بصفة قدمت عليه.
  • ﴿ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ:
  • اسم «يَكُونَ» مؤخر مرفوع بالضمة. بعد: ظرف مكان متعلق بصفة لحجة. الرسل: مضاف اليه مجرور بالكسرة
  • ﴿ وَكانَ اللَّهُ:
  • الواو: استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله: اسم «كانَ» مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ عَزِيزاً حَكِيماً:
  • خبر «كانَ» منصوب بالفتحة المنونة. حكيما: صفة لعزيزا منصوب مثله بالفتحة. '

المتشابهات :

النساء: 165﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّـهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
البقرة: 213﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّـهُ النَّبِيِّينَ مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ
الأنعام: 48﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
الكهف: 56﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [165] لما قبلها :     وبعد الحديث عن الرسلِ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا مهمَّتَهم: مبشِّرينَ ومنذرينَ، قال تعالى:
﴿ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [166] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ ..

التفسير :

[166] إن يكفر بك اليهود وغيرهم -أيها الرسول- فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنْزَلَ عليه القرآن العظيم، أنزله بعلمه، وكذلك الملائكة يشهدون بصدق ما أوحي إليك، وشهادة الله وحدها كافية.

لما ذكر أن الله أوحى إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحى إلى إخوانه من المرسلين، أخبر هنا بشهادته تعالى على رسالته وصحة ما جاء به، وأنه{ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} يحتمل أن يكون المراد أنزله مشتملا على علمه، أي:فيه من العلوم الإلهية والأحكام الشرعية والأخبار الغيبية ما هو من علم الله تعالى الذي علم به عباده. ويحتمل أن يكون المراد:أنزله صادرا عن علمه، ويكون في ذلك إشارة وتنبيه على وجه شهادته، وأن المعنى:إذا كان تعالى أنزل هذا القرآن المشتمل على الأوامر والنواهي، وهو يعلم ذلك ويعلم حالة الذي أنزله عليه، وأنه دعا الناس إليه، فمن أجابه وصدقه كان وليه، ومن كذبه وعاداه كان عدوه واستباح ماله ودمه، والله تعالى يمكنه ويوالي نصره ويجيب دعواته، ويخذل أعداءه وينصر أولياءه، فهل توجد شهادة أعظم من هذه الشهادة وأكبر؟"ولا يمكن القدح في هذه الشهادة إلا بعد القدح بعلم الله وقدرته وحكمته وإخباره تعالى بشهادة الملائكة على ما أنزل على رسوله، لكمال إيمانهم ولجلالة هذا المشهود عليه. فإن الأمور العظيمة لا يستشهد عليها إلا الخواص، كما قال تعالى في الشهادة على التوحيد:{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وكفى بالله شهيدا.

وقوله - سبحانه -: { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } استدراك قصد به الرد على جحود أهل الكتاب للحق الذى جاء به النبى صلى الله عليه وسلم فقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال:

" دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود فقال لهم: " إنى والله أعلم أنكم لتعلمون أنى رسول الله. فقالوا: ما نعلم ذلك " فأنزل الله قوله: { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ }. الآية.

والمقصود من الآية الكريمة تسلية النبى صلى الله عليه وسلم عن تكذيب كثير من الناس له، وإدخال الطمأنينة على قلبه، فكأنه - سبحانه - يقول له:

لم يشهد أهل الكتاب بأنك رسول من عند الله وصادق فيما تبلغه عنه { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ } أى: لكن الله يشهد بأن الذى أنزله إليك من قرآن هو الحق الذى لا ريب فيه.

وقوله: { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } أى: أنزله بعلم تام، وحكمة بالغة، أو بما علمه من مصالح عباده فى إنزاله عليك.

وقوله: { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ يَشْهَدُونَ } أى: والملائكة يشهدون بأنك صادق فى رسالتك، وبأن ما أنزله الله عليك هو الحق الذى لا تحوم حوله شبهة.

وقوله. { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } أى: وكفى بشهادة الله شهادة بأنك على الحق وإن لم يشهد غيره لك. فإنه لا عبرة لإِنكار المنكرين لنبوتك، ولا قيمة لجحود الجاحدين لما نزل عليك بعد شهادة الله لك بأنك نبيه ورسوله، لتخرج الناس بإذنه من ظلمات الجاهلية إلى نور الإِسلام.

وقد أجاد صاحب الكشاف فى توضيح تلك المعانى حيث قال: فإن قلت الاستدارك لا بد له من مستدرك فما هو فى قوله: { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ }.

قلت: لما سأل أهل الكتاب إنزال كتاب من السماء، واحتج عليهم بقوله { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } قال: لكن الله يشهد. بمعنى: أنهم لا يشهدون لكن الله يشهد...

ومعنى شهادة الله بما أنزل إليه، إثباته لصحته بإظهار المعجزات، كما تثبت الدعاوى بالبينات وشهادة الملائكة: شهادة بأنه حق وصدق.

فإن قلت: ما معنى قوله: { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } قلت: معناه أنزله متلبسا بعلمه الخاص الذى لا يعلمه غيره. وهو تأليفه على نظم وأسلوب يعجز عنه كل بليغ وصاحب بيان، وموقعه مما قبله موقع الجملة المفسرة، لأنه بيان للشهادة. وقيل: أنزله وهو عالم بأنك أهل لإِنزاله إليك وأنك مبلغه. ويحتمل: أنه أنزله وهو عالم به رقيب عليه حافظ له من الشيطان برصد من الملائكة، والملائكة يشهدون بذلك.

هذا، والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة يراها قد أثبتت صدق النبى صلى الله عليه وسلم فى رسالته بالأدلة الساطعة. والحجج الواضحة؛ وبينت وظيفة الرسل - عليهم السلام - وحكمة الله فى إرسالهم، وزادت للنبى صلى الله عليه وسلم طمأنينة بأنه على الحق، لأن الله قد شهد له بذلك، وكفى بشهادة الله شهادة مهما خالفها المخالفون، وأعرض عنها المعرضون.

ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما عليه الكافرون من ضلال وخسران، وما سيصير إليه حالهم يوم القيامة من ذل ومهانة، ووجه إلى الناس جميعا نداء أمرهم فيه بالإِيمان وترك الكفر والعصيان فقال - تعالى -: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ...عَلِيماً حَكِيماً }.

لما تضمن قوله تعالى : ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) إلى آخر السياق ، إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم والرد على من أنكر نبوته من المشركين وأهل الكتاب ، قال الله تعالى : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك ) أي : وإن كفر به من كفر به ممن كذبك وخالفك ، فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزل عليه الكتاب ، وهو : القرآن العظيم الذي ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) [ فصلت : 42 ] ; ولهذا قال : ( أنزله بعلمه ) أي : فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه ، من البينات والهدى والفرقان وما يحبه الله ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل ، وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة ، التي لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب ، إلا أن يعلمه الله به ، كما قال [ تعالى ] ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) [ البقرة : 255 ] ، وقال ( ولا يحيطون به علما ) [ طه : 110 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا الحسن بن سهل الجعفري وخزز بن المبارك قالا حدثنا عمران بن عيينة ، حدثنا عطاء بن السائب قال : أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي القرآن ، وكان إذا قرأ عليه أحدنا القرآن قال : قد أخذت علم الله ، فليس أحد اليوم أفضل منك إلا بعمل ، ثم يقرأ : ( أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ) وقوله ( والملائكة يشهدون ) أي : بصدق ما جاءك وأوحي إليك وأنزل عليك ، مع شهادة الله تعالى لك بذلك ( وكفى بالله شهيدا )

وقد قال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود ، فقال لهم : " إني لأعلم - والله - إنكم لتعلمون أني رسول الله " . فقالوا : ما نعلم ذلك . فأنزل الله عز وجل : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه [ والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ] ) .

القول في تأويل قوله : لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن يكفر بالذي أوحينا إليك، يا محمد، اليهود الذين سألوك أن تنـزل عليهم كتابًا من السماء، وقالوا لك: مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ فكذبوك، فقد كذبوا. ما الأمر كما قالوا: لكن الله يشهد بتنـزيله إليك ما أنـزل من كتابه ووحيه، أنـزل ذلك إليك بعلم منه بأنك خِيرَته من خلقه، وصفِيُّه من عباده، ويشهد لك بذلك ملائكته، فلا يحزنك تكذيبُ من كذَّبك، وخلافُ من خالفك=" وكفى بالله شهيدًا "، يقول: وحسبك بالله شاهدًا على صدقك دون ما سواه من خلقه، فإنه إذا شهد لك بالصدق ربك، لم يَضِرْك تكذيب من كذَّبك.

وقد قيل: إن هذه الآية نـزلت في قوم من اليهود، دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى اتباعه، وأخبرهم أنهم يعلمون حقيقة نبوّته، فجحدوا نبوَّته وأنكروا معرفته.

ذكر الخبر بذلك:

10850- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير= أو عكرمة= عن ابن عباس قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من يهود، فقال لهم: إني والله أعلم إنكم لتعلمون أنيّ رسول الله! فقالوا: ما نعلم ذلك! فأنـزل الله: " لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدًا ".

10851- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة وسعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عِصابة من اليهود، ثم ذكر نحوه. (20)

10852- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: " لكن الله يشهد بما أنـزل إليك أنـزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدًا "، شهودٌ والله غير مُتَّهمة.

--------------

الهوامش :

(20) الأثران: 10850 ، 10851 - سيرة ابن هشام 2 : 211 مع اختلاف في لفظه ، وهو تابع الأثر السالف رقم: 10840.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[166] تسلية النبي محمد عليه الصلاة والسلام ببيان أن الله تعالى يشهد على صدق دعواه في كونه نبيًّا، وكذلك تشهد الملائكة.
وقفة
[166] ﴿لَّـٰكِنِ اللَّـهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا﴾ في الآية استدراك وإعلاء لمنزلة ومقام النبي صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يخاطبه لئن لم يشهد أهل الكتاب على صدق نبوتك؛ فالله قد شهَد بذلك، وشهادة الله تعالى خير من شهادتهم، ومن أعظم من الله شاهدًا؟
وقفة
[166] هذا الكتاب فيه شيء من علم الله الذي أراد أن يطلع العباد عليه مما يحبه ويرضاه، وما يكرهه ويأباه ﴿لَّـٰكِنِ اللَّـهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا﴾.
عمل
[166] اقرأ أو استمع إلى محاضرة عن إعجاز القرآن الكريم ﴿لَّـٰكِنِ اللَّـهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا﴾.
وقفة
[166] ﴿أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ قال ابن كثير: «فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه»، فأين طلاب العلم عن كتاب الله فهمًا وتعلمًا وتدبرًا؟
وقفة
[166] قال عطاء بن السائب: أقرأني أبو عبد الرحمن السُّلَمي القرآن، وكان إذا قرأ عليه أحدنا القرآن قال: «قد أخذتَ علم الله؛ فليس أحدٌ اليومَ أفضل منك إلا بعمل»، ثم يقرأ قوله: ﴿أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ:
  • حرف عطف مهمل وهو يفيد الاستدراك لا عمل له لأنه مخفف. الله: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يشهد: فعل مضارع مرفوع بالضمة وفاعله: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة «يَشْهَدُ» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ:
  • جار ومجرور متعلق بيشهد. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. أنزل: فعل ماض مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إليك: جار ومجرور متعلق بأنزل. وجملة «أَنْزَلَ إِلَيْكَ» صلة الموصول والعائد ضمير منصوب محلا لأنّه مفعول به التقدير: أنزله إليك.
  • ﴿ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ:
  • الجار والمجرور متعلق بحال محذوفة أي أنزله مقرونا بعلمه. أنزل: سبق إعرابها، والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. بعلمه: جار ومجرور. الهاء: ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ:
  • الواو: حالية. الملائكة: مبتدأ مرفوع بالضمة. يشهدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل، وجملة «يَشْهَدُونَ» في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية «وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ» في محل نصب حال. وانزله بعلمه: مفسر لما قبله.
  • ﴿ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً:
  • الواو: استئنافية. كفى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. الباء: حرف جر زائد. الله لفظ الجلالة: مجرور للتعظيم لفظا مرفوع محلا على انه فاعل الفعل «كَفى». شهيدا: تمييز منصوب بالفتحة ويجوز أن يكون حالا. '

المتشابهات :

النساء: 166﴿لَـٰكِنِ اللَّـهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ
التوبة: 107﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
الحشر: 11﴿وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
المنافقون: 1﴿وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ

أسباب النزول :

  • قوله تعالى لكن الله يشهد الآية روى ابن إسحاق عن ابن عباس قال دخل جماعة من اليهود على رسول لله صلى الله عليه وسلم فقال لهم إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله فقالوا ما نعلم ذلك فأنزل الله ولكن الله يشهد '
  • المصدر أسباب النزول للواحدي

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [166] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَر اللهُ عز وجل أنَّه أَوْحى إلى رسوله محمَّد صلى الله عليه وسلم، كما أَوْحى إلى إخوانِه من المُرسَلين عليهم السَّلام؛ أخبَر هنا بشهادتِه تعالى وشهادة الملائكة على صِحَّة ما جاء به، قال تعالى:
﴿ لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا

القراءات :

لكن الله:
قرئ:
بالتشديد ونصب لفظ الجلالة، وهى قراءة السلمى، والجراح، والحكمي.
أنزل إليك:
وقرئ:
مبنيا للمفعول، وهى قراءة الحسن.
أنزله:
وقرئ:
نزله، مشددا، وهى قراءة السلمى.

مدارسة الآية : [167] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن ..

التفسير :

[167] إن الذين جحدوا نُبُوَّتك، وصدُّوا الناس عن الإسلام، قد بَعُدوا عن طريق الحق بُعداً شديداً.

لما أخبر عن رسالة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وأخبر برسالة خاتمهم محمد، وشهد بها وشهدت ملائكته -لزم من ذلك ثبوت الأمر المقرر والمشهود به، فوجب تصديقهم، والإيمان بهم واتباعهم. ثم توعد من كفر بهم فقال:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} أي:جمعوا بين الكفر بأنفسهم وصدِّهم الناس عن سبيل الله. وهؤلاء هم أئمة الكفر ودعاة الضلال{ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا} وأي ضلال أعظم من ضلال من ضل بنفسه وأضل غيره، فباء بالإثمين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان

وقوله: { وَصَدُّواْ } من الصد بمعنى المنع والانصراف عن الشئ.

قال الراغب: والصد قد يكون انصرافا عن الشئ وامتناعا نحو:

{ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً }

وقد يكون صرفا ومنعا نحو:

{ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ }

والمعنى: إن الذين كفروا بالحق الذى جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أى: وأعرضوا عن الطريق الذى أمر الله بسلوكه وهو طريق الإِسلام ولم يكتفوا بذلك بل منعوا غيرهم أيضا عن سلوكه.

إنهم بفعلهم هذا { قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } أى: قد ضلوا - بسبب كفرهم وصدهم أنفسهم والناس عن الحق - ضلالا بلغ الغاية فى الشدة والشناعة.

وقوله : ( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا ) أي : كفروا في أنفسهم فلم يتبعوا الحق ، وسعوا في صد الناس عن اتباعه والاقتداء به ، قد خرجوا عن الحق وضلوا عنه ، وبعدوا منه بعدا عظيما شاسعا .

ثم أخبر تعالى عن حكمه في الكافرين بآياته وكتابه ورسوله ، الظالمين لأنفسهم بذلك ، وبالصد عن سبيله وارتكاب مآثمه وانتهاك محارمه ، بأنه لا يغفر لهم

القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالا بَعِيدًا (167)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إنّ الذين جحدوا، يا محمد، نبوتك بعد علمهم بها، من أهل الكتاب الذين اقتصصت عليك قصتهم، وأنكروا أن يكون الله جل ثناؤه أوحى إليك كتابه=" وصدوا عن سبيل الله "، يعني: عن الدين الذي بعثَك الله به إلى خلقه، وهو الإسلام. وكان صدهم عنه، قِيلُهم للناس الذين يسألونهم عن محمد من أهل الشرك: " ما نجد صفة محمد في كتابنا!"، وادعاءهم أنهم عُهِد إليهم أن النبوّة لا تكون إلا في ولد هارون ومن ذرية داود، وما أشبه ذلك من الأمور التي كانوا يثبِّطون الناس بها عن اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتصديق به وبما جاء به من عند الله.

* * *

وقوله: " قد ضلُّوا ضلالا بعيدًا "، يعني: قد جاروا عن قصد الطريق جورًا شديدًا، وزالوا عن المحجّة. (21)

وإنما يعني جل ثناؤه بجورهم عن المحجة وضلالهم عنها، إخطاءَهم دين الله الذي ارتضاه لعباده، وابتعث به رسله. يقول: من جحد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وصدَّ عما بُعث به من الملة من قَبِل منه، فقد ضلّ فذهب عن الدين الذي هو دين الله الذي ابتعث به أنبياءه، ضلالا بعيدًا. (22)

-------------------

الهوامش :

(21) انظر تفسير"الصد" فيما سلف ص: 391 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك. وانظر تفسير"سبيل الله" في فهارس اللغة.

(22) انظر تفسير"ضل ضلالا بعيدًا" فيما سلف ص: 314 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[167] الضلال أعم من الكفر، فكل كفر ضلال، وليس كل ضلال كفرًا، والناس في الضلال نوعان: ضال غير مضل، وضال مضل، وهو أعظمها جرمًا وأكبرها عقابًا، وهذا هو الضلال البعيد.
لمسة
[167] ﴿قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ وصف الله تعالى الضلال بالبعيد ولم يصفه بالكبير، فإن المرء يسير في طريق الضلال ليقطع أشواطًا في هذا الطريق، وكلما سار في ركابه غاص في أعماقه وابتعد، وفي هذا بيان عن شدة ضلالهم بحيث لا يُدرَك.
تفاعل
[167] ﴿قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ استعذ بالله من الضلال.
وقفة
[167، 168] جزاء الصد عن الله عدم التوفيق للتوبة ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـه ... لمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إِنَّ». كفروا: فعل ماض مبني على الضم. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة صلة الموصول.
  • ﴿ وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ:
  • معطوفة بواو العطف على «كَفَرُوا» وتعرب إعرابها. عن سبيل: جار ومجرور متعلق بصدوا. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ قَدْ ضَلُّوا:
  • قد: حرف تحقيق، ضلوا: تعرب إعراب «كَفَرُوا» وجملة «قَدْ ضَلُّوا» في محل رفع خبر «إِنَّ».
  • ﴿ ضَلالًا بَعِيداً:
  • مفعول مطلق منصوب بالفتحة المنونة. بعيدا: صفة- نعت- له منصوبة مثله بالفتحة. '

المتشابهات :

النساء: 167﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا
النحل: 88﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ
محمد: 1﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
محمد: 32﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ
محمد: 34﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَهُمْ
الحج: 25﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [167] لما قبلها :     بعد ذكرِ شهادةِ اللهِ وشهادةِ الملائكةِ بأن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رسولُه؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا ضلالَ الكافرينَ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِيدًا

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [168] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ ..

التفسير :

[168] إن الذين كفروا بالله وبرسوله؛ وظلموا باستمرارهم على الكفر، لم يكن الله ليغفر ذنوبهم، ولا ليدلَّهم على طريق ينجيهم.

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا} وهذا الظلم هو زيادة على كفرهم، وإلا فالكفر عند إطلاق الظلم يدخل فيه. والمراد بالظلم هنا أعمال الكفر والاستغراق فيه، فهؤلاء بعيدون من المغفرة والهداية للصراط المستقيم. ولهذا قال:{ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا}

ثم أكد - سبحانه - هذا المعنى بقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بما يجب الإِيمان به { وَظَلَمُواْ } أنفسهم بإيرادها موارد التهلكة، وظلموا غيرهم بأن حببوا إليه الفسوق والعصيان وكرهوا إليه الطاعة والإِيمان.

إن هؤلاء الذين جمعوا بين الكفر والظلم { لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً }.

أى: لم يكن الله ليغفر لهم، لأنه - سبحانه - لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ولم يكن - سبحانه - ليهديهم طريق من طرق الخير، لكنه - سبحانه - يهديهم إلى طريق تؤدى بهم إلى جهنم خالدين فيها أبدا، بسبب إيثارهم الغى على الرشد، والضلالة على الهداية، وبسبب فساد استعدادهم، وسوء اختيارهم.

والتعبير بالهداية فى جانب طريق النار من باب التهكم بهم.

"ولا يهديهم طريقا" أي سبيلا إلى الخير.

القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فكفروا بالله بجحود ذلك، وظلموا بمُقامهم على الكفر على علم منهم، بظلمهم عبادَ الله، وحسدًا للعرب، وبغيًا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم=" لم يكن الله ليغفر لهم "، يعني: لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها، ولكنه يفضحهم بها بعقوبته إياهم عليها (23) =" ولا ليهديهم طريقًا "، يقول: ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا، الذين وصفنا صفتهم، فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثوابَ الله، ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة، ولكنه يخذلهم عن ذلك، حتى يسلكوا طريق جهنم. وإنما كنى بذكر " الطريق " عن الدين. وإنما معنى الكلام: لم يكن الله ليوفقهم للإسلام، ولكنه يخذلهم عنه إلى " طريق جهنم "، وهو الكفر، يعني: حتى يكفروا بالله ورسله، فيدخلوا جهنم=" خالدين فيها أبدًا "، يقول: مقيمين فيها أبدًا=" وكان ذلك على الله يسيرًا "، يقول: وكان تخليدُ هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم في جهنم، على الله يسيرًا، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه، ولا له أحد يمنعه منه، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك، وكان ذلك على الله يسيرًا، لأن الخلق خلقُه، والأمرَ أمرُه.

___________________

الهوامش :

(23) في المطبوعة: "إياهم عليهم" ، والصواب من المخطوطة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[168] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا﴾ قال القرطبي: «يعني اليهود، أي ظلموا محمدًا بکتمان نعته، وأنفسهم إذ كفروا، والناس إذ كتموهم».
وقفة
[168] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا﴾ إن الذين جحدوا رسالة محمد ﷺ فكفروا بالله بجحود ذلك، وظلموا بمقامهم على الكفر على علم منهم، بظلمهم عباد الله، وحسدًا للعرب، وبغيًا على رسوله محمد ﷺ، ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ يعني: لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها.
وقفة
[168] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ نفيٌ عن الله أن يغفر لهم، وهو قمة التحذير من البقاء على الكفر والظلم، فإن هذا الحكم تعلق بوصف ولم يتعلق بشخص، فعليهم أن يقلعوا عن الكفر والظلم حتى لا يكونوا من الذين كفروا وظلموا.
وقفة
[168] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا﴾ وقد نفي عن الله أن يغفر لهم تحذيرًا من البقاء.
تفاعل
[168] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا﴾ استعذ بالله أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[168، 169] الكافرون والظالمون لا يهديهم الله إلا إلى طريقٍ واحد، وهو طريق جهنم؛ فما بال بعض الناس يتبعهم ويفرح بتقليدهم ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾.
لمسة
[168، 169] ﴿وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ﴾ هذا الاستثناء فيه تأكيد الشيء بما يشبه ضدَّه، والكلام هنا مسوقٌ للإنذار، وفيه تهكُّم، فالإقحام لهم في طريق جهنم ليس بهديٍ؛ لأن الهدى هو إرشاد الضالِّ إلى المكان المحبوب، وأنَّى لطريق جهنم أن يكون محبوبًا!

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا:
  • تعرب إعراب «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا «الواردة في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ:
  • لم: حرف نفي وجزم وقلب. يكن: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه: سكون آخره حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت واوه تخفيفا. الله: اسمها مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ لِيَغْفِرَ لَهُمْ:
  • اللام: لام الجحود «النفي» وهي حرف جر. يغفر: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لهم: جار ومجرور متعلق بيغفر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بحرف الجر. و «أن» المضمرة بعد لام الجحود وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بلام الجحود. والجار والمجرور متعلق بالخبر المحذوف لكان. التقدير: لم يكن الله مريدا لمغفرتهم. وجملة «يغفر لهم» صلة «أن» المصدرية لا محل لها. والجملة الفعلية «لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مع خبرها» في محل رفع خبر «إِنَّ».
  • ﴿ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً:
  • الواو: عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي ليهدي: معطوفة على «لِيَغْفِرَ» وتعرب إعرابها. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول طريقا مفعول به ثان للفعل «يهدي» منصوب بالفتحة المنونة. '

المتشابهات :

النساء: 137﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلَۢا
النساء: 168﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَّمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [168] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل ضلالَ الكافرينَ؛ بَيَّنَ هنا ظلمَهم لأنفسِهم، ثُمَّ توعدَهم، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [169] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ..

التفسير :

[169] إلا طريق جهنم ماكثين فيها أبداً، وكان ذلك على الله يسيراً، فلا يعجزه شيء.

{إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} وإنما تعذرت المغفرة لهم والهداية لأنهم استمروا في طغيانهم، وازدادوا في كفرانهم فطبع على قلوبهم وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا،{ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}{ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} أي:لا يبالي الله بهم ولا يعبأ، لأنهم لا يصلحون للخير، ولا يليق بهم إلا الحالة التي اختاروها لأنفسهم.

وقوله { خَالِدِينَ فِيهَآ } حال مقدرة من الضمير المنصوب فى { يَهْدِيَهُمْ } ، لأن المراد بالهداية هداتيهم فى الدنيا إلى طريق جهنم. أى: ما يؤدى بهم إلى الدخول فيها.

وقوله { أَبَداً } منصوب على الظرفية، وهو مؤكد للخلود فى النار؛ رافع لاحتمال أن يراد بالخلود المكث الطويل.

أى: خالدين فيها خلودا أبديا بحيث لا يخرجون منها.

وقوله: { وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } تذييل قصد به تحقير شأنهم، وبيان أنه - سبحانه - لا يعبأ بهم.

والمراد: وكان ذلك - أى: انتفاء غفران ذنبوهم، وانتفاء هدايتهم إلى طريق الخير، وقذفهم فى جهنم وبئس المهاد - كان كل ذلك على الله يسيرا. أى: هينا سهلا لأنه - سبحانه - لا يستعصى على قدرته شئ.

( إلا طريق جهنم ) وهذا استثناء منقطع ( خالدين فيها أبدا [ وكان ذلك على الله يسيرا ] ) .

القول في تأويل قوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فكفروا بالله بجحود ذلك، وظلموا بمُقامهم على الكفر على علم منهم، بظلمهم عبادَ الله، وحسدًا للعرب، وبغيًا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم=" لم يكن الله ليغفر لهم "، يعني: لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها، ولكنه يفضحهم بها بعقوبته إياهم عليها (23) =" ولا ليهديهم طريقًا "، يقول: ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا، الذين وصفنا صفتهم، فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثوابَ الله، ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة، ولكنه يخذلهم عن ذلك، حتى يسلكوا طريق جهنم. وإنما كنى بذكر " الطريق " عن الدين. وإنما معنى الكلام: لم يكن الله ليوفقهم للإسلام، ولكنه يخذلهم عنه إلى " طريق جهنم "، وهو الكفر، يعني: حتى يكفروا بالله ورسله، فيدخلوا جهنم=" خالدين فيها أبدًا "، يقول: مقيمين فيها أبدًا=" وكان ذلك على الله يسيرًا "، يقول: وكان تخليدُ هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم في جهنم، على الله يسيرًا، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه، ولا له أحد يمنعه منه، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك، وكان ذلك على الله يسيرًا، لأن الخلق خلقُه، والأمرَ أمرُه.

___________________

الهوامش :

(23) في المطبوعة: "إياهم عليهم" ، والصواب من المخطوطة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[169] ﴿إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ والخلود هو المكث الطويل، وقوله (أبدًا) لرفع احتمال أن يراد بالخلود المكث الطويل بل لإفادة العذاب الأبدي.
لمسة
[169] ﴿إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ تستعمل (أبدًا) للمستقبل، و(قطّ) للماضي، فخطأ أن نقول: (ما رأيته أبدًا)، وهذا خطأ لغوي شائع، والصواب أن نقول: (لا أكلمه أبدًا)، و(ما رأيته قطّ).
تفاعل
[169] ﴿إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ استعذ بالله من جهنم.
عمل
[169] عندما يستصعب عليك أي أمر؛ حدث نفسك بقول الله ﷻ: ﴿وكَان ذلك عَلَى الله يسِيرًا﴾، فإن حسـن ظنك بالله الرحيم سوف يمنحك الرضا والتسليم.
وقفة
[167- 169] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ﴾ أي: جمعوا بين الكفر بأنفسهم وصدِّهم الناس عن سبيل الله؛ وهؤلاء هم أئمة الكفر ودعاة الضلال، ﴿قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا﴾: وأي ضلال أعظم من ضلال من ضل بنفسه وأضل غيره، فباء بالإثمين ورجع بالخسارتين وفاتته الهدايتان، ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ﴾: وإنما تعذرت المغفرة لهم والهداية لأنهم استمروا في طغيانهم، وازدادوا في كفرانهم، فطبع على قلوبهم، وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا.

الإعراب :

  • ﴿ إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ:
  • إلّا: أداة استثناء ويجوز أن تكون في محل نصب صفة بمعنى «غير». طريق: مستثنى بالّا منصوب على الاستثناء وعلامة نصبه الفتحة. جهنم: مضاف اليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة. لأنه ممنوع من الصرف «التنوين» للمعرفة والتأنيث ويجوز أن تكون «إِلَّا» أداة حصر و «طَرِيقَ» بدلا من «طَرِيقاً».
  • ﴿ خالِدِينَ فِيها:
  • حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ أَبَداً وَكانَ ذلِكَ:
  • أبدا: ظرف زمان للتأكيد في المستقبل منصوب بالفتحة. وكان: الواو: استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. ذلك: ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «كانَ». اللام: للبعد، والكاف: للخطاب.
  • ﴿ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «كانَ». يسيرا: خبر «كانَ» منصوب بالفتحة المنونة وجملة «كانَ مع اسمها وخبرها» استئنافية لا محل لها. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [169] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل ضلالَ الكافرينَ ثم توعدَهم؛ تهكم بهم هنا، وبَيَّنَ أنه سيهديهم إلى طريق تؤدى بهم إلى جهنم، قال تعالى:
﴿ إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [170] :النساء     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ ..

التفسير :

[170] يا أيها الناس قد جاءكم رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام دين الحق من ربكم، فَصَدِّقوه واتبعوه، فإن الإيمان به خير لكم، وإن تُصرُّوا على كفركم فإن الله غني عنكم وعن إيمانكم؛ لأنه مالك ما في السموات والأرض. وكان الله عليماً بأقوالكم وأفعالكم،

يأمر تعالى جميع الناس أن يؤمنوا بعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وذكر السبب الموجب للإيمان به، والفائدة في الإيمان به، والمضرة من عدم الإيمان به، فالسبب الموجب هو إخباره بأنه جاءهم بالحق.أي:فمجيئه نفسه حق، وما جاء به من الشرع حق، فإن العاقل يعرف أن بقاء الخلق في جهلهم يعمهون، وفي كفرهم يترددون، والرسالة قد انقطعت عنهم غير لائق بحكمة الله ورحمته، فمن حكمته ورحمته العظيمة نفس إرسال الرسول إليهم، ليعرفهم الهدى من الضلال، والغي من الرشد، فمجرد النظر في رسالته دليل قاطع على صحة نبوته. وكذلك النظر إلى ما جاء به من الشرع العظيم والصراط المستقيم. فإن فيه من الإخبار بالغيوب الماضية والمستقبلة، والخبر عن الله وعن اليوم الآخر -ما لا يعرف إلا بالوحي والرسالة. وما فيه من الأمر بكل خير وصلاح، ورشد وعدل وإحسان، وصدق وبر وصلة وحسن خلق، ومن النهي عن الشر والفساد والبغي والظلم وسوء الخلق، والكذب والعقوق، مما يقطع به أنه من عند الله. وكلما ازداد به العبد بصيرة، ازداد إيمانه ويقينه، فهذا السبب الداعي للإيمان. وأما الفائدة في الإيمان فأخبر أنه خير لكم والخير ضد الشر. فالإيمان خير للمؤمنين في أبدانهم وقلوبهم وأرواحهم ودنياهم وأخراهم. وذلك لما يترتب عليه من المصالح والفوائد، فكل ثواب عاجل وآجل فمن ثمرات الإيمان، فالنصر والهدى والعلم والعمل الصالح والسرور والأفراح، والجنة وما اشتملت عليه من النعيم كل ذلك مسبب عن الإيمان. كما أن الشقاء الدنيوي والأخروي من عدم الإيمان أو نقصه. وأما مضرة عدم الإيمان به صلى الله عليه وسلم فيعرف بضد ما يترتب على الإيمان به. وأن العبد لا يضر إلا نفسه، والله تعالى غني عنه لا تضره معصية العاصين، ولهذا قال:{ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي:الجميع خلقه وملكه، وتحت تدبيره وتصريفه{ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا} بكل شيء{ حَكِيمًا} في خلقه وأمره. فهو العليم بمن يستحق الهداية والغواية، الحكيم في وضع الهداية والغواية موضعهما.

ثم وجه - سبحانه - نداء إلى الناس جميعا يأمرهم فيه بالإِيمان وينهاهم عن الكفر فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ }.

أى: يأيها المكلفون من الناس جميعا، قد جاءكم الرسول المشهود له بالصدق فى رسالته، بالهدى ودين الحق من ربكم، فآمنوا به وصدقوه وأطيعوه، يكن إيمانكم خيرا لكم فى الدنيا والآخرة.

فالخطاب فى الآية الكريمة للناس أجمعين، سواء أكان عربيا أم غير عربى أبيض أم أسود، بعيدا أم قريبا.

.. لأن رسالته صلى الله عليه وسلم عامة وشاملة للناس جميعا.

والمراد بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم فأل فيه للعهد: وإيراده بعنوان الرسالة لتأكيد وجوب طاعته.

وقوله: { بِٱلْحَقِّ } متعلق بمحذوف على أنه حال من الرسول. أى: جاءكم الرسول ملتبسا بالحق الذى لا يحوم حوله باطل.

وقوله: { مِن رَّبِّكُمْ } متعلق بمحذوف على أنه حال أيضا من الحق. أو متعلق بجاء. أى: جاءكم من عند الله - تعالى - وليس منقولا.

ويرى بعضهم أن قوله { خَيْراً } خبر لكان المحذوفة مع اسمها، أى: فآمنوا به يكن إيمانكم خيرا لكم.

ويرى آخرون أنه صفة لمصدر محذوف. أى: فآمنوا إيمانا خيرا لكم. وهى صفة مؤكدة على حد أمس الدابر لا يعود، لأن الإِيمان لا يكون إلا خيراً.

فأنت ترى أن هذه الجملة الكريمة قد حضت الناس على الإِيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لم يجئهم بشئ باطل وإنما جاءهم بالحق الثابت الموافق لفطرة البشر أجمعين، ولأنه لم يجئهم بما جاءهم به من عند نفسه وإنما جاءهم بما جاءهم به من عند الله - تعالى - ولأنه لم يجئهم بما يفضى بهم إلى الشرور والآثام، وإنما جاءهم بما يوصلهم إلى السعادة فى الدنيا وإلى الفوز برضا الله فى الآخرة.

تلك هى عاقبة المؤمنين، أما عاقبة الكافرين فقد حذر - سبحانه - منها بقوله: { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }.

أى: وإن تكفروا - أيها الناس - فلن يضر الله كفركم، فإنه - سبحانه - له ما فى السماوات والأرض خلقا وملكا وتصرفا، وكان الله - تعالى - عليما علما تاما بأحوال خلقه، حكيما فى جميع أفعاله وتدبيراته.

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد توعدت الكافرين بسوء المصير، وحضت الناس على الدخول فى زمرة المؤمنين، وحذرتهم من الكفر حتى ينجوا يوم القيامة من عذاب السعير.

ثم وجهت السورة الكريمة بعد ذلك نداء إلى أهل الكتاب حذرتهم فيه من المغالاة فى شأن عيسى - عليه السلام - وبينت لهم وللناس أن عيسى إنما هو عبد الله ورسوله، وبشرت المؤمنين بالأجر الجزيل، وأنذرت المستكبرين بالعذاب الأليم. استمع إلى القرآن الكريم وهو يرشد إلى كل ذلك فيقول: { يٰأَهْلَ....صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }.

ثم قال تعالى : ( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم ) أي : قد جاءكم محمد - صلوات الله وسلامه عليه - بالهدى ودين الحق ، والبيان الشافي من الله ، عز وجل ، فآمنوا بما جاءكم به واتبعوه يكن خيرا لكم .

ثم قال : ( وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض ) أي : فهو غني عنكم وعن إيمانكم ، ولا يتضرر بكفرانكم ، كما قال تعالى : ( وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) [ إبراهيم : 8 ] وقال هاهنا : ( وكان الله عليما حكيما ) أي : بمن يستحق منكم الهداية فيهديه ، وبمن يستحق الغواية فيغويه ) حكيما ) أي : في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره .

القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)

قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: " يا أيها الناس "، مشركي العرب، وسائرَ أصناف الكفر=" قد جاءكم الرسول "، يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم، قد جاءكم=" بالحق من ربكم "، يقول: بالإسلام الذي ارتضاه الله لعباده دينًا، يقول:=" من ربكم "، يعني: من عند ربكم (24) =" فآمنوا خيرًا لكم "، يقول: فصدِّقوه وصدّقوا بما جاءكم به من عند ربكم من الدين، فإن الإيمان بذلك خير لكم من الكفر به=" وإن تكفروا "، يقول: وإن تجحدوا رسالتَه وتكذّبوا به وبما جاءكم به من عند ربكم، فإن جحودكم ذلك وتكذيبكم به، لن يضرَّ غيركم، وإنما مكروهُ ذلك عائدٌ عليكم، دون الذي أمركم بالذي بعث به إليكم رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، (25) وذلك أن لله ما في السموات والأرض، ملكًا وخلقًا، لا ينقص كفركم بما كفرتم به من أمره، وعصيانكم إياه فيما عصيتموه فيه، من ملكه وسلطانه شيئًا (26) =" وكان الله عليمًا حكيمًا "، يقول: " وكان الله عليمًا "، بما أنتم صائرون إليه من طاعته فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، ومعصيته في ذلك، على علم منه بذلك منكم، أمركم ونهاكم (27) =" حكيمًا " يعني: حكيمًا في أمره إياكم بما أمركم به، وفي نهيه إياكم عما نهاكم عنه، وفي غير ذلك من تدبيره فيكم وفي غيركم من خلقه. (28)

* * *

واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله نصب قوله: " خيرًا لكم ".

فقال بعض نحويي الكوفة: نصب " خيرًا " على الخروج مما قبله من الكلام، (29) لأن ما قبله من الكلام قد تمَّ، وذلك قوله: " فآمنوا ". وقال: قد سمعت العرب تفعل ذلك في كل خبر كان تامًّا، ثم اتصل به كلام بعد تمامه، على نحو اتصال " خير " بما قبله. فتقول: " لتقومن خيرًا لك " و " لو فعلت ذلك خيرًا لك "، و " اتق الله خيرًا لك ". قال: وأما إذا كان الكلام ناقصًا، فلا يكون إلا بالرفع، كقولك: " إن تتق الله خير لك "، و وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ [سورة النساء: 25].

* * *

وقال آخر منهم: جاء النصب في" خير "، لأن أصل الكلام: فآمنوا هو خيرٌ لكم، فلما سقط" هو "، الذي [هو كناية] ومصدرٌ، (30) اتّصل الكلام بما قبله، والذي قبله معرفة، و " خير " نكرة، فانتصب لاتصاله بالمعرفة لأن الإضمار من الفعل " قم فالقيام خير لك "، (31) و " لا تقم فترك القيام خير لك ". فلما سقط اتصل بالأول. وقال: ألا ترى أنك ترى الكناية عن الأمر تصلح قبل الخبر، فتقول للرجل: " اتق الله هو خير لك "، أي: الاتقاء خير لك. وقال: ليس نصبه على إضمار " يكن "، لأن ذلك يأتي بقياس يُبْطل هذا. ألا ترى أنك تقول: " اتق الله تكن محسنًا "، ولا يجوز أن تقول: " اتق الله محسنًا "، وأنت تضمر " كان "، ولا يصلح أن تقول: " انصرنا أخانا "، وأنت تريد: " تكن أخانا "؟ (32) وزعم قائل هذا القول أنه لا يجيز ذلك إلا في" أفعل " خاصة، (33) فتقول: " افعل هذا خيرًا لك "، و " لا تفعل هذا خيرًا لك "، و " أفضل لك ".، ولا تقول: " صلاحًا لك ". وزعم أنه إنما قيل مع " أفعل "، لأن " أفعل " يدل على أن هذا أصلح من ذلك.

* * *

وقال بعض نحويي البصرة: نصب " خيرًا "، لأنه حين قال لهم: "آمنوا "، أمرهم بما هو خيرٌ لهم، فكأنه قال: اعملوا خيرًا لكم، وكذلك: انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ [سورة النساء: 171]. قال: وهذا إنما يكون في الأمر والنهي خاصة، ولا يكون في الخبر= لا تقول: " أن أنتهي خيرًا لي"؟ (34) ولكن يرفع على كلامين، لأن الأمر والنهي يضمر فيهما= فكأنك أخرجته من شيء إلى شيء، لأنك حين قلت له: " انته "، (35) كأنك قلت له: " اخرج من ذا، وادخل في آخر "، (36) واستشهد بقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة:

فَوَاعِدِيـــهِ سَـــرْحَتَيْ مَـــالِكٍ

أوِ الـــرُّبَى بَيْنَهُمَـــا أَسْـــهَلا (37)

كما تقول: " واعديه خيرًا لك ". قال: وقد سمعت نصبَ هذا في الخبر، تقول العرب: "آتي البيت خيرًا لي، وأتركه خيرًا لي"، وهو على ما فسرت لك في الأمر والنهي. (38)

وقال آخر منهم: نصب " خيرًا "، بفعل مضمر، واكتفى من ذلك المضمر بقوله: (39) " لا تفعل هذا " أو " افعل الخير "، وأجازه في غير " أفعل "، فقال: " لا تفعل ذاك صلاحًا لك ".

* * *

وقال آخر منهم: نصب " خيرًا " على ضمير جواب " يكن خيرًا لكم ". (40) وقال: كذلك كل أمر ونهي. (41)

* * *

---------------

الهوامش :

(24) انظر تفسير"من ربكم" بمثله ، فيما سلف 6 : 440.

(25) في المطبوعة: "دون الله الذي أمركم ..." ، وأثبت ما في المخطوطة.

(26) السياق: لا ينقص كفركم ... من ملكه وسلطانه شيئًا".

(27) في المطبوعة: "وعلى علم ..." بزيادة الواو ، وأثبت ما في المخطوطة.

(28) انظر تفسير"عليم" و"حكيم" فيما سلف من فهارس اللغة.

(29) انظر"الخروج" فيما سلف من فهارس المصطلحات.

(30) في المطبوعة: "الذي هو مصدر" ، وفي المخطوطة"الذي مصدر" ، ورجحت أن الصواب ما أثبت ، لأن تأويل الكلام ، على مذهبه هذا: فالإيمان خير لكم ، فالضمير"هو" كناية عن"الإيمان" ، وهو مصدر.

(31) أخشى أن يكون سقط قبل قوله: "لأن الإضمار من الفعل: "قم فالقيام خير لك ..." إلى آخر الكلام ، ما يصلح أن يكون هذا تابعًا له ، كأنه ضرب مثلين هما: "قم خير لك" و"لا تقم خير لك". ومع ذلك فقد تركت الكلام على حاله ، ووضعت بينه نقطًا للدلالة على ذلك....

(32) من أول قوله: "ألا ترى أنك ترى الكناية ..." إلى هذا الموضع ، هو نص كلام الفراء في معاني القرآن 1 : 295 ، 296. فظاهر إذن أن هذه مقالة الفراء ، ما قبل هذا ، وما بعده. إلا أني لم أجده في هذا الموضع من معاني القرآن ، فلعل أبا جعفر جمعه من كتابه في مواضع أخر ، عسى أن أهتدي إليها فأشير إليها بعد.

(33) في المخطوطة: "أفعال خاصة" ، وهو خطأ ظاهر.

(34) في المطبوعة: "أنا أنتهي" والصواب من المخطوطة.

(35) في المطبوعة والمخطوطة: "اتقه" بالقاف ، والصواب"انته" ، لأن المثال قبله: "أن أنتهي خيرًا لي".

(36) في المخطوطة"وأخرج في آخر" ، خطأ ظاهر.

وهذا القول الذي ذكره هو قول سيبويه في الكتاب 1 : 143 ، وبسط القول فيه ، واختصره أبو جعفر.

(37) ديوانه: 131 ، سيبويه 1 : 143 ، الخزانة 1 : 280 وغيرها كثير ، وبعد البيت:

وَلْيِــأْتِ إِنْ جَــاءَ عَــلَى بَغْلَــةٍ

إِنِّــي أَخَـافُ الْمُهْـرَ أَنْ يَصْهَـلا!

وقوله: "أسهلا" ، أي: ائت أسهل الأمرين عليك. هذا تفسيره على مقالة سيبويه.

(38) هذا تمام كلام سيبويه ، ولكن أعياني أن أجد مكانه في الكتاب.

(39) في المطبوعة: "كقوله: لا تفعل هذا" ، وأثبت ما في المخطوطة.

(40) قوله: "ضمير" هو ، الإضمار ، مصدر - لا بمعنى مضمر في اصطلاح سائر النحاة. وانظر ما سلف 1 : 427 ، تعليق: 1 / 2 : 107 ، تعليق: 1 / 8 : 273 ، تعليق: 1.

(41) هذه مقالة أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 143.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[170] هذه الآية تشير لعالمية الإسلام، لأن رسالته ﷺ عامة، وتشمل الناس جميعًا.
وقفة
[170] ﴿وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ لن يتغير شيء في هذا الكون بكفر أحد، سوی سخط الشجر والحجر علیه فإن الكون كله خاضع لله طائع له.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ:
  • يا: أداة نداء. أي منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» للتنبيه. الناس: بدل من «أي» مرفوع بالضمة على حركة «أي».
  • ﴿ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ:
  • قد: حرف تحقيق. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. الكاف: ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم: علامة جمع الذكور. الرسول: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الرَّسُولُ». أي محقا. أو بمعنى: معه الحق. من ربكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الحق» و «مِنْ» حرف جر بياني. الكاف ضمير متصل «ضمير المخاطبين» في محل جر بالاضافة والميم للجمع.
  • ﴿ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ:
  • الفاء: استئنافية تفيد التعليل. آمنوا: فعل أمر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. خيرا: مفعول به لفعل مضمر تقديره: اقصدوا أو ائتوا. ويجوز أن يكون صفة لمفعول مطلق أي: فآمنوا إيمانا خيرا لكم مما انتم عليه. ويحتمل أن يكون خبرا لفعل «يكن» بتقدير فآمنوا يكن الايمان خيرا لكم. لكم: جار ومجرور. والميم: علامة جمع الذكور و «لَكُمْ» متعلق بخيرا أو بصفة محذوفة له.
  • ﴿ وَإِنْ تَكْفُرُوا:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف شرط جازم. تكفروا: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ فَإِنَّ لِلَّهِ:
  • أي فانّ الله غني عنكم. الفاء: رابطة لجواب الشرط. إنّ: حرف نصب وتوكيد. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر «ان» المقدم وجملة «فَإِنَّ لِلَّهِ ما» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.
  • ﴿ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» مؤخر. في السموات: جار ومجرور. والأرض: معطوفة بالواو على «السَّماواتِ» مجرورة مثلها والجار والمجرور «فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» متعلق بصلة موصول محذوفة. التقدير: ما استقر في السموات والأرض
  • ﴿ وَكانَ اللَّهُ:
  • الواو: استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله: اسم «كانَ» مرفوع للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ عَلِيماً حَكِيماً:
  • خبر «كانَ» منصوب بالفتحة المنونة. حكيما: صفة- نعت- لعليما منصوب مثله بالفتحة. '

المتشابهات :

النساء: 170﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ
النساء: 174﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا
يونس: 108﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ
يونس: 57﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [170] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ عز وجل ضلالَ الكافرينَ وظلمَهم لأنفسِهم؛ دعا النَّاسَ جميعًا إلى الإيمانِ بما جاءَ به مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف