510303132333435363738

الإحصائيات

سورة محمد
ترتيب المصحف47ترتيب النزول95
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات4.00
عدد الآيات38عدد الأجزاء0.19
عدد الأحزاب0.38عدد الأرباع1.50
ترتيب الطول44تبدأ في الجزء26
تنتهي في الجزء26عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 8/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (30) الى الآية رقم (34) عدد الآيات (5)

= بكشفِ أحقادِهِم، فلهُم صفاتٌ يُعْرَفُونَ بها مهمَا اجتهدُوا في إخفائِها، وأنَّ الاختبارَ سُنَّةٌ إلهيةٌ لتمييزِ المؤمنِ من المنافقِ، ثُمَّ هدَّدَ الذينَ كفرُوا وصدُّوا النَّاسَ عن سبيلِ اللهِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (35) الى الآية رقم (38) عدد الآيات (4)

= وحَذَّرَ من الضعفِ ودعوةِ الأعداءِ للصُلحِ حِرصًا على الحياةِ، فإنَّ الحياةَ الدُّنيا لهوٌ ولعبٌ، ثُمَّ الدعوةُ إلى الإنفاقِ، والتحذيرُ من البُخلِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة محمد

اتِّباع النَّبي ﷺ مقياس قبول الأعمال

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إذن فعن أي شيء تحدثت سورة محمد؟:   فما موضوع هذه السورة؟ هل تتحدث سورة محمد عن فضائل النبي ﷺ؟ الجواب: لا. هل تتحدث سورة محمد عن أخلاق النبي ﷺ أو صفاته أو سيرته؟ الجواب: لا.
  • • فما علاقة العمل بمحمد ﷺ؟:   أكثر شيء تكرر في السورة هو قضية العمل. عدد آيات السورة 38 آية، يتكرر الحديث عن قبول العمل أو إحباط العمل 12 مرة.
  • • الطاعة ميزان الاتباع::   الجواب: في كل مرة من هذه المرات تربط الآيات هذا المعنى بطاعة الله وطاعة الرسول ﷺ، كقوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَـٰلَكُمْ ...﴾ (33). ومن هنا نستخلص محور السورة: طاعة النبي ﷺ واتباعه هما مقياس قبول الأعمال وإحباطها. معنى غالٍ ومهم، استشعره وأنت تقرأ هذه السورة الكريمة، واسأل نفسك: أين أنا من سنة النبي ﷺ وعبادته وأخلاقه.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «محمد».
  • • معنى الاسم ::   محمد: هو خاتم الأنبياء والمرسلين، خير خلق الله.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذا الاسم في الآية (2).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة القتال»؛ لذكر أحكام القتال والأسرى والغنائم فيها، وسورة «الذين كفروا» تسمية للسورة بأولها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن اتِّباع النَّبي ﷺ هو مقياس قبول الأعمال.
  • • علمتني السورة ::   أن الله لن يقبل أعمال الكفار بسبب: كفرهم بالله، وصدهم عن سبيل الله، وأنهم كرهوا ما أنزل الله (القرآن الكريم): ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   خطورة قطيعة الأرحام: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   أهمية تدبر كتاب الله، وخطر الإعراض عنه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه: «أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة محمد من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة محمد اهتمت ببيان أحكام القتال والجهاد في سبيل الله، فهي تشبه لحد كبير سورة الأنفال من حيث الموضوع، ولكن سورة الأنفال ذكرت أحكام الجهاد من خلال التعقيب على أحداث غزوة بدر، وسورة محمد ذكرت أحكام الجهاد مطلقة دون التقييد بغزوة معينة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتبع النَّبي صلى الله عليه وسلم في كل أمورنا، فهذا مقياس قبول الأعمال.
    • أن نسأل الله تعالى أن يغفر لنا ويصلح شأننا: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ (2).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا فنتبع الهوى: ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم﴾ (14).
    • أن نستعد ليوم القيامة بالعمل الصالح: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ۚ فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ (18)، فنزرع من الخيرِ ما نستطع، ولا نُسوِّف التَّوبةَ.
    • أن نجعل أهم قضية في حياتنا هي أهم قضية في القرآن: (التوحيد)، نعش ونتكلم ونكتب ونقم وننام ونسافر ونفرح ونحزن من أجلها: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ﴾ (19).
    • أن نستغفر الله من ذنوبنا، ونسأل الله أن يغفر للمؤمنين والمؤمنات ذنوبهم: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ (19).
    • أن نتدبر القرآن ونعمل بما فيه؛ فهذا هو الهدف من قراءة القرآن: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (24).
    • أن ندعو الله أن يطـهر قلوبنا من النفـاق والرياء والعجـب: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ (29).
    • أن نقصد بأعمالنا كلها وجه الله وحده، ولا نقصد رضا الناس أو مدحهم: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ (33).
    • أن نعتزّ بالحق الذي معنا ولا نضعف: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾ (35).

تمرين حفظ الصفحة : 510

510

مدارسة الآية : [30] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ..

التفسير :

[30] ولو نشاء -أيها النبي- لأريناك أشخاصهم، فلعرفتهم بعلامات ظاهرة فيهم، ولتعرفنَّهم فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم. والله تعالى لا تخفى عليه أعمال مَن أطاعه ولا أعمال من عصاه، وسيجازي كُلّاً بما يستحق.

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} أي:بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم.{ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} أي:لا بد أن يظهر ما في قلوبهم، ويتبين بفلتات ألسنتهم، فإن الألسن مغارف القلوب، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} فيجازيكم عليها.

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر قدرته فقال: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ، وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.

والمراد بالإراءة هنا: التعريف والعلم الذي يقوم مقام الرؤية بالبصر، كما في قولهم:

سأريك يا فلان ما أصنع بك. أى: سأعلمك بذلك.

والفاء في قوله: فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ لترتيب المعرفة على الإراءة، والمراد بسيماهم:

علاماتهم. يقال: سوم فلان فرسه تسويما، إذا جعل له علامة يتميز بها.

وكررت اللام في قوله: فَلَعَرَفْتَهُمْ للتأكيد.

ولحن القول: أسلوب من أساليبه المائلة عن الطريق المعروفة، كأن يقول للقائل قولا يترك فيه التصريح إلى التعريض والإبهام، يقال: لحنت لفلان ألحن لحنا، إذا قلت له قولا يفهمه عنك ويخفى على غيره.

قال الجمل: واللحن يقال على معنيين، أحدهما: الكناية بالكلام حتى لا يفهمه غير مخاطبك- ومنه قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لبعض أصحابه في غزوة الأحزاب: «وإن وجدتموهم- أى: بنى قريظة- على الغدر فالحنوا لي لحنا أعرفه» .

والثاني: صرف الكلام من الإعراب إلى الخطأ- أى: من النطق السليم إلى النطق الخطأ-.

ويقال من الأول: لحنت- بفتح الحاء- ألحن فأنا لاحن، ويقال من الثاني: لحن- بكسر الحاء إذا لم ينطق نطقا سليما- فهو لحن.

والمعنى: ولو نشاء إعلامك وتعريفك- أيها الرسول الكريم- بهؤلاء المنافقين وبذواتهم وأشخاصهم لفعلنا، لأن قدرتنا لا يعجزها شيء فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ أى: بعلاماتهم الخاصة بهم، والتي يتميزون بها عن غيرهم.

وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ- أيضا- فِي لَحْنِ الْقَوْلِ أى: ولتعرفنهم بسبب أقوالهم المائلة عن الأساليب المعروفة في الكلام، حيث يتخاطبون فيما بينهم بمخاطبات لا يقصدون ظاهرها، وإنما يقصدون أشياء أخرى فيها الإساءة إليك وإلى أتباعك.

قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ يقول- تعالى-: ولو نشاء يا محمد لأريناك أشخاصهم، فعرفتهم عيانا، ولكن لم يفعل- سبحانه- ذلك في جميع المنافقين، سترا منه على خلقه.

وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ أى: فيما يبدون من كلامهم الدال على مقاصدهم. كما قال عثمان- رضى الله عنه-: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه. وفي الحديث: «ما أسر أحد سريرة إلا كساه الله جلبابها» .

وعن أبى مسعود عقبة بن عمرو قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطبة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «إن منكم منافقين، فمن سميت فليقم. ثم قال: قم يا فلان، قم يا فلان- حتى سمى ستة وثلاثين رجلا- ثم قال: إن فيكم- أو منكم- فاتقوا الله» .

وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ ببان لعلمه الشامل- سبحانه- وتهديد لمن يجترح السيئات، أى: والله- تعالى- يعلم أعمالكم علما تاما كاملا، وسيجازيكم عليها بما تستحقون من ثواب أو عقاب.

وقوله : ( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ) يقول تعالى : ولو نشاء يا محمد لأريناك أشخاصهم ، فعرفتهم عيانا ، ولكن لم يفعل تعالى ذلك في جميع المنافقين سترا منه على خلقه ، وحملا للأمور على ظاهر السلامة ، ورد السرائر إلى عالمها ، ( ولتعرفنهم في لحن القول ) أي : فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم ، يفهم المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه ، وهو المراد من لحن القول ، كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه : ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه ، وفلتات لسانه . وفي الحديث : " ما أسر أحد سريرة إلا كساه الله جلبابها ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر " . وقد ذكرنا ما يستدل به على نفاق الرجل ، وتكلمنا على نفاق العمل والاعتقاد في أول " شرح البخاري " ، بما أغنى عن إعادته هاهنا . وقد ورد في الحديث تعيين جماعة من المنافقين . قال الإمام أحمد :

حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن سلمة ، عن عياض بن عياض ، عن أبيه ، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو - رضي الله عنه - قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " إن منكم منافقين ، فمن سميت فليقم " . ثم قال : " قم يا فلان ، قم يا فلان ، قم يا فلان " . حتى سمى ستة وثلاثين رجلا ثم قال : " إن فيكم - أو : منكم - فاتقوا الله " . قال : فمر عمر برجل ممن سمى مقنع قد كان يعرفه ، فقال : ما لك ؟ فحدثه بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : بعدا لك سائر اليوم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)

( وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ ) يقول تعالى : ولو نشاء يا محمد لعرّفناك هؤلاء المنافقين حتى تعرفهم من قول القائل: سأريك ما أصنع، بمعنى سأعلمك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

وقوله: (فلعرفتهم بسيماهم) يقول: فلتعرفهم بعلامات النفاق الظاهرة منهم في فحوى كلامهم وظاهر أفعالهم ثم إن الله تعالى ذكره عرفه إياهم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ )... إلى آخر الآية, قال: هم أهل النفاق, وقد عرّفه إياهم في براءة, فقال: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ، وقال: فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا .

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ )... الآية, هم أهل النفاق ( فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) فعرّفه الله إياهم في سوره براءة, فقال: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ، وقال ( قل لهم لن تَنْفِرُوا (1) معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ) .

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ) قال: هؤلاء المنافقون, قال: والذي أسروا من النفاق هو الكفر.

قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ ) قال: هؤلاء المنافقون, قال: وقد أراه الله إياهم, وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد, قال: فأبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا الله; فلما أبوا إلا أن تمسكوا بلا إله إلا إلله حُقِنت دماؤهم, ونكحوا ونوكحوا بها.

وقوله ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) يقول: ولتعرفنّ هؤلاء المنافقين في معنى قولهم نحوه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) قال قولهم: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ) لا يخفى عليه العامل منكم بطاعته, والمخالف ذلك, وهو مجازي جميعكم عليها.

الهوامش:

(1) التلاوة " لن تخرجوا"

التدبر :

وقفة
[30] ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾ ولو نشاء يا محمد لأريناك أشخاصهم فعرفتهم عيانًا، ولكن لم يفعل تعالى ذلك في جميع المنافقين سترًا منه على خلقه، وحملًا للأمور على ظاهر السلامة، وردًّا للسرائر إلى عالمها.
وقفة
[30] ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾، وقال: ﴿وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ﴾ [الحج: 72] وهذا أمر محسوس لمن له قلب، فإن ما في القلب من النور والظلمة والخير والشر يسري كثيرًا إلى الوجه والعين، وهما أعظم الأشياء ارتباطًا بالقلب.
وقفة
[30] ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ سرائر المنافقين وخبثهم يظهر على قسمات وجوههم وأسلوب كلامهم.
وقفة
[30] قال تعالى عن المنافقين: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ فمعرفة المنافق في لحن القول لا بد منها، وأما معرفته بالسيما فموقوفة على المشيئة.
وقفة
[30] عن عثمان رضي الله عنه قال: «ما أسرَّ أحدٌ سريرة إلاَّ أظهرها الله على صفحاتِ وجهه، وفلتات لسانه»، وقد قال تعالى عن المنافقين: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾، ثم قال: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾.
وقفة
[30] إذا أردت أن تتعرَّف على النفاق والمنافقين؛ فارقب أيام الفتن ﴿ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول﴾.
وقفة
[30] ﴿فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾ الصادق لا يخفى على أحد، ملامحه تدلك عليه، والمنافق مجرد أن تكلم بإمكانك كشفه في لحظة، فسبحان من لم يجعل لهم سترًا!
وقفة
[30] كان المنافقون يُعرفون بلحون الأقوال، واليوم يُعرفون بصريح الأفعال ﴿فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ كلما تحدثوا أكثر اتضحت معالم اللحن.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ في مقالاتهم، في بحوثهم، في خطبهم ومحاضراتهم، في نتائج مراكز أبحاثهم، تتبعها فقط، فستجد الكثير من خططهم ومكرهم.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ لابد يومًا وتسقط الأقنعة.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ سهُل ظهور حديث النفاق لتعدد الوسائل: صحف، شاشات، ومواقع تواصل، وغيرها، وقد كانت محصورة في حديث المجالس.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ ظهور ما في نفس الإنسان من كلامه أبين من ظهوره على صفحات وجهه.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ المنافق لابد وأن يسقط قناعه بسقطات لسانه وزلات قلمه.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ يلحن بلسانه فينكشف لنا مافي قلبه، زﻻت اللسان خفايا النفوس.
وقفة
[30] ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ ما في قلبك سيظهر على فلتات لسانك؛ فالألسن مغارف القلوب، تظهر ما فيها خير أو شر.
وقفة
[30] قال الله عن المنافقين: ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾، فهذا مقسم عليه، محقق لا شرط فيه؛ وذلك أن ظهور ما في قلب الإنسان على لسانه أعظم من ظهوره في وجهه، لكنه يبدو في الوجه بدوًا خفيًّا يعلمه الله.
وقفة
[30] مهما جملت الجسد فإن الجينات الوراثية هي التي تؤثر في النتاج،كذلك المبطل إذا جمل قوله فإن نتاج باطنه يفضحه ‏﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾.
عمل
[30] اذكر ثلاثًا من صفات المنافقين جاءت في القرآن الكريم ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾.
وقفة
[30] ﴿وَاللَّـهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ لست بحاجة الى أضواء وإعلانات وترويج، يكفيك أن الله رب كل شيء ومالكه يعلم عملك، فهذا يكفيك، وهو الذي يرفعك.
وقفة
[30] خاتمة الآية مخيفةٌ للمتوارين بأفعالهم السيئة والمصرِّين عليها.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ نَشاءُ:
  • الواو استئنافية. لو: حرف شرط‍ غير جازم. نشاء: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن وحذف مفعولها اختصارا.
  • ﴿ لَأَرَيْناكَهُمْ:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب واللام واقعة في جواب «لو».أري: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به اول و «هم» ضمير الغائبين ضمير موصل في محل نصب مفعول به ثان بمعنى لعرفناك عليهم.
  • ﴿ فَلَعَرَفْتَهُمْ:
  • اللام معطوفة بالفاء على لام «لأريناكهم».عرفت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به بمعنى حتى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك
  • ﴿ بِسِيماهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بعرفت و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة اي بعلامتهم التي يعلمون بها.
  • ﴿ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ:
  • الواو: استئنافية. اللام واقعة مع النون في جواب قسم محذوف. تعرفن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت والنون لا محل لها من الاعراب و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ:
  • جار ومجرور متعلق بتعرف. القول: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى في نحوه عن الصواب اي انحرافه عن الصواب. وقيل: في فحوى القول ومعناه.
  • ﴿ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ:
  • اعربت في الآية الكريمة السادسة والعشرين والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ١٠- ظُهُورُ النِّفاقِ في تَقَاسِيمِ الوَجْهِ وفَلَتَاتِ اللِّسَانِ، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [31] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ ..

التفسير :

[31] ولنختبرنكم -أيها المؤمنون- بالقتال والجهاد لأعداء الله حتى يظهر ما علمه سبحانه في الأزل؛ لنميز أهلَ الجهاد منكم والصبر على قتال أعداء الله، ونختبر أقوالكم وأفعالكم، فيظهر الصادق منكم من الكاذب.

ثم ذكر أعظم امتحان يمتحن به عباده، وهو الجهاد في سبيل الله، فقال:{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ} أي:نختبر إيمانكم وصبركم،{ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} فمن امتثل أمر الله وجاهد في سبيل الله لنصر دينه وإعلاء كلمته فهو المؤمن حقا، ومن تكاسل عن ذلك، كان ذلك نقصا في إيمانه.

ثم بين- سبحانه- سنة من سننه في خلقه فقال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ.

أى: ولنعاملنكم- أيها الناس- معاملة المختبر لكم بالتكاليف الشرعية المتنوعة، حتى نبين ونظهر لكم المجاهدين منكم من غيرهم، والصابرين منكم وغير الصابرين وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ أى: ونظهر أخباركم حتى يتميز الحسن منها من القبيح.

فالمراد بقوله: حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ.. إظهار هذا العلم للناس، حتى يتميز قوى الإيمان من ضعيفه، وصحيح العقيدة من سقيمها.

وإلى هنا نجد الآيات الكريمة قد هددت المنافقين تهديدا شديدا، ووبختهم على مسالكهم الذميمة، وفضحتهم على رءوس الأشهاد، وحذرت المؤمنين من شرورهم.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بالدعوة إلى صلاح الأعمال، وبتهديد الكافرين بالعذاب الشديد، وبتبشير المؤمنين بالثواب الجزيل، وبدعوتهم إلى الإكثار من الإنفاق في سبيله.. فقال- تعالى-:

"ولنبلونكم" أي لنختبرنكم بالأوامر والنواهي "حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم" وليس في تقدم علم الله تعالى بما هو كائن أنه سيكون شك ولا ريب فالمراد حتى نعلم وقوعه ولهذا يقول ابن عباس رضي الله عنهما في مثل هذا إلا لنعلم أي لنرى.

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)

يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ) أيها المؤمنون بالقتل, وجهاد أعداء الله ( حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ ) يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم, وأهل الصبر على قتال أعدائه, فيظهر ذلك لهم, ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشكّ والحيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق ونبلو أخباركم, فنعرف الصادق منكم من الكاذب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله ( حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ) , وقوله وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ونحو هذا قال: أخبر الله سبحانه المؤمنين أن الدنيا دار بلاء, وأنه مبتليهم فيها, وأمرهم بالصبر, وبشَّرهم فقال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ثم أخبرهم أنه هكـذا فعـل بأنبيائه, وصفوته لتطيب أنفسهـم, فقال: مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا فالبأساء: الفقر, والضّراء: السقم, وزُلزلوا بالفتن وأذى الناس إياهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ) قال: نختبركم, البلوى: الاختبار. وقرأ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ قال: لا يختبرون وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ... الآية .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) , فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بالنون ( نبلو ) و ( نعلم ) , ونبلو على وجه الخبر من الله جلّ جلاله عن نفسه, سوى عاصم فإنه قرأ جميع ذلك بالياء والنون هي القراءة عندنا لإجماع الحجة من القراء عليها, وإن كان للأخرى وجه صحيح.

التدبر :

وقفة
[31] ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ لا بد للمحبوب من اختبار المحب، ولا بد مع كل قول من تمحيص الصدق، وإلا كثر المدَّعون، وتزاحم على الغنيمة المنافقون.
عمل
[31] ادع الله أن يجعلك من الصابرين ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾.
وقفة
[31] عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت فُضيلاً يقول ذات ليلةٍ وهو يقرأ سورة محمد، وهو يبكي ويردد هذا الآية: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم﴾، وجعل يقول (وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم)، ويردد: وتبلو أخبارنا، إن بلوت أخبارنا فضحتنا، وهتكت أستارنا! أنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا! ويبكي.
وقفة
[31] البلاء هو امتحان من ربك لمعرفة مدى صبرك، وحتى تفوز بالخير فليشاهد الله منك خيرًا.
وقفة
[31] لابد للمحبوب من اختبار المحب.
وقفة
[31] الاختبار سُنَّة إلهية؛ لتمييز المؤمنين من المنافقين.
وقفة
[31] بالابتلاء يتبين المجتهد من غيره، ويتبين الصادق من الكاذب، والخبيث من الطيب.
وقفة
[31] علق الحافظ الذهبي على الابتلاء الذي تعرض له الإمام مالك -وربطه بهذه الآية- فقال: «فالمؤمن إذا امتحن صبر، واتعظ، واستغفر، ولم يتشاغل بذم من انتقم منه، فالله حكم مقسط، ثم يحمد الله على سلامة دينه، ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له».
وقفة
[31] قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكي، وقال: «اللهم لا تبتلينا، فإنك إذا بلوتنا فضحتنا، وهتكت أستارنا».
وقفة
[31] إيمانك بالقضاء والقدر يقتضي الصبر على البلاء والمصيبة|.
وقفة
[31] سكون اﻷمة وقت الرخاء يحجبها عن فهم الحقيقة، فيبتليها الله بأزمات تصحح بها المسار.
وقفة
[31] يبلو الله اﻷمة بعدوها ليكشف حقيقة زعمها، ويعلِّق رفع البلاء بما ينكشف من تلك الحقيقة.
وقفة
[31] كثيرٌ من الناس لا تظهر حقيقة فكرهم إلا في الأزمات فيُنزلها الله ليُخرج السرائر.
وقفة
[31] ليس كل صادق في قوله صادقا من قلبه والابتلاء يميز من يتحدث بعاطفة عمن يتحدث بعقيدة.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ:
  • الواو استئنافية. اللام لام التوكيد او واقعة في جواب قسم محذوف. نبلو: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والنون لا محل لها من الاعراب بمعنى ولنختبرنكم او ولنمتحننكم.
  • ﴿ حَتّى نَعْلَمَ:
  • حرف جر للتعليل بمعنى «لكي».نعلم: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. وجملة «نعلم» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى.والجار والمجرور متعلق بنبلو.
  • ﴿ الْمُجاهِدِينَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد
  • ﴿ مِنْكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المجاهدين» بتقدير: حالة كونهم منكم والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَا:
  • معطوفتان على «المجاهدين» و «نعلم» وتعربان اعرابهما. اي الصابرين على الشدائد
  • ﴿ أَخْبارَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.'

المتشابهات :

البقرة: 155﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
محمد: 31﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     ١١- إِظْهَارُ مَكْنُونِ صُدُورِ أهلِ النِّفاقِ للخلائق، قال تعالى :
﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولنبلولنكم ... ونبلو:
1- بالنون، فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئا:
2- بالياء، فيهما، وهى قراءة أبى بكر.

مدارسة الآية : [32] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن ..

التفسير :

[32] إن الذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وصدوا الناس عن دينه، وخالفوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فحاربوه من بعد ما جاءتهم الحجج والآيات أنه نبي من عند الله، لن يضروا دين الله شيئاً، وسيُبْطِل ثواب أعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ لأنه

هذا وعيد شديد لمن جمع أنواع الشر كلها، من الكفر بالله، وصد الخلق عن سبيل الله الذي نصبه موصلا إليه.

{ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} أي:عاندوه وخالفوه عن عمد وعناد، لا عن جهل وغي وضلال، فإنهم{ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} فلا ينقص به ملكه.

{ وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} أي:مساعيهم التي بذلوها في نصر الباطل، بأن لا تثمر لهم إلا الخيبة والخسران، وأعمالهم التي يرجون بها الثواب، لا تقبل لعدم وجود شرطها.

والمراد بالذين كفروا في قوله: - تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ جميع الكافرين، كمشركي قريش، والمنافقين، وأهل الكتاب.

أى: إن الذين كفروا بكل ما يجب الإيمان به، وَصَدُّوا غيرهم عن الإيمان بالحق.

و «سبيل الله» الواضح المستقيم.

وَشَاقُّوا الرَّسُولَ أى: عادوه وخالفوه وآذوه، وأصل المشاقة: أن تصير في شق وجانب، وعدوك في شق وجانب آخر، والمراد بها هنا: العداوة والبغضاء.

وقوله: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ ذم وتجهيل لهم، حيث حاربوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بعد أن ظهر لهم أنه على الحق، وأنه صادق فيما يبلغه عن ربه.

وقوله: لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ بيان للآثار السيئة التي ترتبت على هذا الصدود والعداوة.

أى: هؤلاء الذين كفروا، وصدوا غيرهم عن سبيل الله، وحاربوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هؤلاء لن يضروا الله- تعالى- شيئا بسبب كفرهم وضلالهم، وسيبطل- سبحانه- أعمالهم التي عملوها في الدنيا، وظنوها نافعة لهم، كإطعام الطعام، وصلة الأرحام.

لأن هذه الأعمال قد صدرت من نفس كافرة ولن يقبل- سبحانه- عملا من تلك النفوس، كما قال- تعالى-: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً.

وكما قال- سبحانه-: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.

يخبر تعالى عمن كفر وصد عن سبيل الله ، وخالف الرسول وشاقه ، وارتد عن الإيمان من بعد ما تبين له الهدى : أنه لن يضر الله شيئا ، وإنما يضر نفسه ويخسرها يوم معادها ، وسيحبط الله عمله فلا يثيبه على سالف ما تقدم من عمله الذي عقبه بردته مثقال بعوضة من خير ، بل يحبطه ويمحقه بالكلية ، كما أن الحسنات يذهبن السيئات .

وقوله ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: إن الذين جحدوا توحيد الله, وصدوا الناس عن دينه الذي ابتعث به رسله ( وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ) يقول: وخالفوا رسوله محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فحاربوه وآذَوه من بعد ما علموا أنه نبيّ مبعوث, ورسول مرسل, وعرفوا الطريق الواضح بمعرفته, وأنه لله رسول.

وقوله ( لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ) لأن الله بالغ أمره, وناصر رسوله, ومُظهره على من عاداه وخالفه ( وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ) يقول: وسيذهب أعمالهم التي عملوها في الدنيا فلا ينفعهم بها في الدنيا ولا الآخرة, ويبطلها إلا مما يضرهم.

التدبر :

وقفة
[32] ﴿إِنَّ الذِينَ كفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ...﴾ نزلتْ في قوم ارتدوا عن الإِيمان، وقوله تعالى قبل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ ارتدُّوا عَلَى أدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لهُمْ وأمْلَى لَهُمْ﴾ [25] نزلت في اليهود، فليس بتكرارٍ.
وقفة
[32] ﴿وَشَاقُّوا الرَّسُولَ﴾ ناقش من تشاء، وجادل من تشاء، وخالف من تشاء؛ لكن لا تخالف الرسول وتسلك غير نهجه الرباني، فلا أحد يشتري حتفه بيده.
وقفة
[32] ﴿لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾ نحن بحاجة إلى الله، الله ليس بحاجة لنا، ومهما عصيته فلن تضره بشيء؛ بل تضر نفسك، وتهلكها بيدك.
وقفة
[32] ﴿لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾ أعداء الإسلام يحاربون الله لا المسلمين، فاطمئنوا، لن يضروا الله شيئًا؛ سيبطل كيدهم، ويحبط تدبيرهم.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ
  • القسم الأول من هذه الآية الكريمة اعرب في الآية الكريمة الخامسة والعشرين.وصدوا: معطوفة بالواو على «كفروا» وتعرب اعرابها. عن سبيل: جار ومجرور متعلق بصدوا. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. وشاقوا: معطوفة بالواو على «كفروا» وتعرب اعرابها. و «الرسول» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى ونازعوا الرسول.
  • ﴿ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ:
  • الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ان».لن: حرف نصب ونفي واستقبال. يضروا: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ شَيْئاً:
  • صفة لمفعول مطلق-مصدر-او نائبة عنه. التقدير: ضررا شيئا منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: لن يضروا الله بكفرهم شيئا.
  • ﴿ وَسَيُحْبِطُ‍ أَعْمالَهُمْ:
  • الواو عاطفة. السين: حرف استقبال-تسويف-.يحبط‍: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اعمال: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة اي سيبطل جزاء اعمالهم الاخرى.'

المتشابهات :

آل عمران: 176﴿وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلَّا يَجۡعَلَ لَهُمۡ حَظّٗا فِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ
آل عمران: 177﴿إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
محمد: 32﴿مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَىٰ لَن يَضُرُّوا اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أن المنافقين ستفضح أسرارهم، وأنهم سيلقون شديد الأهوال حين وفاتهم؛ ذكرَ هنا حالَ جماعة من أهل الكتاب، وهم بنو قُريظة والنّضير، كفروا بالله وصدوا الناس عن سبيل الله، وعادوا الرسول بعد أن شاهدوا نعته في التوراة، وما ظهر على يديه من المعجزات، فأخبر أن هؤلاء لن يضروا الله شيئًا بكفرهم، بل يضرون أنفسهم، وسيحبط اللهُ مكايدهم التي نصبوها لإبطال دينه، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا ..

التفسير :

[33] يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه أطيعوا الله وأطيعوا الرسول في أمرهما ونهيهما، ولا تبطلوا ثواب أعمالكم بالكفر والمعاصي.

يأمر تعالى المؤمنين بأمر به تتم أمورهم، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية، وهو:طاعته وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه، والطاعة هي امتثال الأمر، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة.

وقوله:{ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} يشمل النهي عن إبطالها بعد عملها، بما يفسدها، من من بها وإعجاب، وفخر وسمعة، ومن عمل بالمعاصي التي تضمحل معها الأعمال، ويحبط أجرها، ويشمل النهي عن إفسادها حال وقوعها بقطعها، أو الإتيان بمفسد من مفسداتها.

فمبطلات الصلاة والصيام والحج ونحوها، كلها داخلة في هذا، ومنهي عنها، ويستدل الفقهاء بهذه الآية على تحريم قطع الفرض، وكراهة قطع النفل، من غير موجب لذلك، وإذا كان الله قد نهى عن إبطال الأعمال، فهو أمر بإصلاحها، وإكمالها وإتمامها، والإتيان بها، على الوجه الذي تصلح به علما وعملا.

ثم وجه- سبحانه- نداء إلى المؤمنين، أمرهم فيه بالمداومة على طاعته ومراقبته فقال.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ.

أى: يا من آمنتم بالله- تعالى- حق الإيمان، أطيعوا الله- تعالى- في كل ما أمركم به. وأطيعوا رسوله صلّى الله عليه وسلّم ولا تبطلوا ثواب أعمالكم بسبب ارتكابكم للمعاصي، التي على رأسها النفاق والشقاق، والمن والرياء، وما يشبه ذلك من ألوان السيئات.

عن أبى العالية قال: كان أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم بظنون أنه لا يضر مع «لا إله إلا الله» ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت هذه الآية، فخافوا أن يبطل الذنب العمل.

وروى نافع عن ابن عمر قال: كنا معشر أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولا حتى نزلت هذه الآية، فقلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا:

الكبائر الموجبات والفواحش حتى نزل قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ.

فلما نزلت كففنا من القول في ذلك، فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش، ونرجو لمن لم يصبها

وقد قال الإمام محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة : حدثنا أبو قدامة ، حدثنا وكيع ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظنون أنه لا يضر مع " لا إله إلا الله " ذنب ، كما لا ينفع مع الشرك عمل ، فنزلت : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) فخافوا أن يبطل الذنب العمل .

ثم روي من طريق عبد الله بن المبارك : أخبرني بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا معشر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبول ، حتى نزلت : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) ، فقلنا : ما هذا الذي يبطل أعمالنا ؟ فقلنا : الكبائر الموجبات والفواحش ، حتى نزلت : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ النساء : 48 ] ، فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك ، فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش ، ونرجو لمن لم يصبها .

ثم أمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله التي هي سعادتهم في الدنيا والآخرة ، ونهاهم عن الارتداد الذي هو مبطل للأعمال ; ولهذا قال : ( ولا تبطلوا أعمالكم ) أي : بالردة ; ولهذا قال بعدها :

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ

يقول تعالى ذكره: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله ورسوله ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) في أمرهما ونهيهما( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) يقول: ولا تبطلوا بمعصيتكم إياهما, وكفركم بربكم ثواب أعمالكم فإن الكفر بالله يحبط السالف من العمل الصالح.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ )... الآية, من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا عمله بعمل سيئ فليفعل, ولا قوة إلا بالله, فإن الخير ينسخ الشر, وإن الشر ينسخ الخير, وإن ملاك الأعمال خواتيمها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[33] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ ما حدود طاعة الرسول؟! قال ابن عاشور: «فطاعة الرسول ﷺ التي أمروا بها هي امتثال ما أمر به ونهي عنه من أحكام الدين، وأما ما ليس داخلًا تحت التشريع، فطاعة أمر الرسول فيه طاعة انتصاح وأدب، ألا ترى أن بريرة لم تطع رسول الله ﷺ في مراجعة زوجها مغيث، لما علمت أن أمره إياها ليس بعزم».
وقفة
[33] ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾: يحتمل أربعة معان: أحدها: لا تبطلوا أعمالكم بالكفر بعد الإيمان، والثاني: لا تبطلوا حسناتكم بفعل السيئات, والثالث: لا تبطلوا أعمالكم بالرياء والعجب، والرابع: لا تبطلوا أعمالكم بأن تقتطعوها قبل تمامها.
عمل
[33] ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ اجعلْ أعمالكَ كلَّها للهِ وحدَه، لا تقصِدْ رضا النَّاسِ أو مدحَهم، لا تبعثره بالمِنَّة.
عمل
[33] ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ افعل المعروف، وانسه، ولا تذكره، ولا تذكر لمن قدمته له، حافظ على عملك، احرسه، لا تبعثره بالمنة، لتكن يدك ونفسك طيبة.
وقفة
[33] ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ ويستدل الفقهاء بهذه الآية على تحريم قطع الفرض، وكراهة قطع النفل، من غير موجب لذلك.
وقفة
[33] ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ هل السيئات والكبائر تمحو الحسنات؟! الجواب: لا، بل الحسنات تمحو السيئات، وليس العكس، إلا أن تكون سيئة رياء أو مَنَ، فإنها تحبط العمل، وتضيع أجره.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ:
  • اعربت في الآية الكريمة السابعة. أطيعوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا:
  • معطوفة بالواو على أَطِيعُوا اللهَ» وتعرب اعرابها والواو عاطفة. لا: ناهية جازمة. تبطلوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ أَعْمالَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. المراد: لا تبذلوها بمعصية الرسول الكريم'

المتشابهات :

النساء: 59﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ
محمد: 33﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     وبعد تهديد المنافقين، ثم أهل الكتاب؛ أمرَ اللهُ عبادَه المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [34] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن ..

التفسير :

[34] إن الذين جحدوا أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له وصدُّوا الناس عن دينه، ثم ماتوا على ذلك، فلن يغفر الله لهم، وسيعذبهم عقاباً لهم على كفرهم، ويفضحهم على رؤوس الأشهاد.

هذه الآية والتي في البقرة قوله:{ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} مقيدتان، لكل نص مطلق، فيه إحباط العمل بالكفر، فإنه مقيد بالموت عليه، فقال هنا:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر{ وَصَدُّوا} الخلق{ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} بتزهيدهم إياهم بالحق، ودعوتهم إلى الباطل، وتزيينه،{ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} لم يتوبوا منه،{ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} لا بشفاعة ولا بغيرها، لأنه قد تحتم عليهم العقاب، وفاتهم الثواب، ووجب عليهم الخلود في النار، وسدت عليهم رحمة الرحيم الغفار.

ومفهوم الآية الكريمة أنهم إن تابوا من ذلك قبل موتهم، فإن الله يغفر لهم ويرحمهم، ويدخلهم الجنة، ولو كانوا مفنين أعمارهم في الكفر به والصد عن سبيله، والإقدام على معاصيه، فسبحان من فتح لعباده أبواب الرحمة، ولم يغلقها عن أحد، ما دام حيا متمكنا من التوبة.

وسبحان الحليم، الذي لا يعاجل العاصين بالعقوبة، بل يعافيهم، ويرزقهم، كأنهم ما عصوه مع قدرته عليهم.

ثم بين- سبحانه- سوء مصير الذين استمروا على كفرهم حتى ماتوا عليه فقال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله- تعالى-، وبكل ما يجب الإيمان به.

وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أى: ومنعوا غيرهم عن الطريق التي توصلهم إلى طاعة الله ورضاه. ثُمَّ ماتُوا جميعا، وَهُمْ كُفَّارٌ دون أن يقلعوا عن كفرهم.

فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ شيئا من ذنوبهم، لأن استمرارهم على الكفر حال بينهم وبين المغفرة.

ومن الآيات الكثيرة التي تشبه هذه الآية في معناها قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ، فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ.

( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ) ، كقوله ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) الآية .

وقوله ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الذين أنكروا توحيد الله, وصدوا من أراد الإيمان بالله وبرسوله عن ذلك, ففتنوهم عنه, وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من ذلك, ثم ماتوا وهم كفار: يقول: ثم ماتوا وهم على ذلك من كفرهم ( فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) يقول: فلن يعفو الله عما صنع من ذلك, ولكنه يعاقبه عليه, ويفضحه به على رءوس الأشهاد.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ بيان صريح أن الموت على الكفر يوجِب الخلود في النار.
تفاعل
[34] ﴿فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ ادعُ الله الآن أن يغفر لك.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ:
  • اعربت في الآية الكريمة الثانية والثلاثين. اي ومنعوا الناس عن الاسلام.
  • ﴿ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ:
  • ثم: حرف عطف للتراخي. ماتوا: تعرب اعراب «كفروا» والواو حالية. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وجملة هُمْ كُفّارٌ» في محل نصب حال.
  • ﴿ كُفّارٌ فَلَنْ:
  • خبر «هم» مرفوع بالضمة والفاء واقعة في جواب «الذين» اي دخلت في خبر «ان» لان اسمها «الذين» متضمن اسم الشرط‍.لن: حرف نفي ونصب واستقبال.
  • ﴿ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ:
  • جملة فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ» في محل رفع خبر «ان».يغفر:فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة واللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيغفر.'

المتشابهات :

التوبة: 80﴿إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ
محمد: 34﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ بطلان عمل الكافر؛ بَيَّنَ هنا أن الكافرَ لن يُغفر له طالما ماتَ على الكفرِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ..

التفسير :

[35] فلا تضعفوا -أيها المؤمنون بالله ورسوله- عن جهاد المشركين، وتجْبُنوا عن قتالهم، وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة، وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم، والله تعالى معكم بنصره وتأييده. وفي ذلك بشارة عظيمة بالنصر والظَّفَر على الأعداء. ولن يُنْقصكم الله ثواب أع

{ فَلَا تَهِنُوا} أي:لا تضعفوا عن قتال عدوكم، ويستولي عليكم الخوف، بل اصبروا واثبتوا، ووطنوا أنفسكم على القتال والجلاد، طلبا لمرضاة ربكم، ونصحا للإسلام، وإغضابا للشيطان.

ولا تدعوا إلى المسالمة والمتاركة بينكم وبين أعدائكم، طلبا للراحة،{ و} الحال أنكم{ أنتم الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ} أي:ينقصكم{ أَعْمَالُكُم}

فهذه الأمور الثلاثة، كل منها مقتض للصبر وعدم الوهن كونهم الأعلين، أي:قد توفرت لهم أسباب النصر، ووعدوا من الله بالوعد الصادق، فإن الإنسان، لا يهن إلا إذا كان أذل من غيره وأضعف عددا، وعددا، وقوة داخلية وخارجية.

الثاني:أن الله معهم، فإنهم مؤمنون، والله مع المؤمنين، بالعون، والنصر، والتأييد، وذلك موجب لقوة قلوبهم، وإقدامهم على عدوهم.

الثالث:أن الله لا ينقصهم من أعمالهم شيئا، بل سيوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله، خصوصا عبادة الجهاد، فإن النفقة تضاعف فيه، إلى سبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وقال تعالى:{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

فإذا عرف الإنسان أن الله تعالى لا يضيع عمله وجهاده، أوجب له ذلك النشاط، وبذل الجهد فيما يترتب عليه الأجر والثواب، فكيف إذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة فإن ذلك يوجب النشاط التام، فهذا من ترغيب الله لعباده، وتنشيطهم، وتقوية أنفسهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم.

والفاء في قوله: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ فصيحة، والخطاب للمؤمنين على سبيل التبشير والتثبيت والحض على مجاهدة المشركين.

أى: إذا كان الأمر كما ذكرت لكم من أن الله- تعالى- لن يغفر للكافرين..

فَلا تَهِنُوا أى: فلا تضعفوا- أيها المؤمنون- أمامهم. ولا تخافوا من قتالهم.. من الوهن بمعنى الضعف، وفعله وهن بمعنى ضعف، ومنه قوله- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ، فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وقوله: وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ معطوف على تَهِنُوا داخل في حيز النهى.

أى: فلا تضعفوا عن قتال الكافرين، ولا تدعوهم إلى الصلح والمسالمة على سبيل الخوف منهم، وإظهار العجز أمامهم، فإن ذلك نوع من إعطاء الدنية التي تأباها تعاليم دينكم.

وقوله: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ، وَاللَّهُ مَعَكُمْ، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ جمل حالية.

أى: لا تضعفوا ولا تستكينوا لأعدائكم والحال أنكم أنتم الأعلون، أى: الأكثر قهرا وغلبة لأعدائكم، والله- تعالى- معكم بعونه ونصره وتأييده.

وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ أى: ولن ينقصكم شيئا من أجور أعمالكم، يقال: وترت فلانا حقه- من باب وعد- إذ انقصته حقه ولم تعطه له كاملا، وترت الرجل، إذا قتلت له قتيلا، أو سلبت منه ماله.

قالوا: ومحل النهى عن الدعوة إلى صلح الكفار ومسالمتهم، إذا كان هذا الصلح أو تلك المسالمة تؤدى إلى إذلال المسلمين أو إظهارهم بمظهر الضعيف القابل لشروط أعدائه.. أما إذا كانت الدعوة إلى السلم لا تضر بمصلحة المسلمين فلا بأس من قبولها، عملا بقوله- تعالى-: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.

ثم قال لعباده المؤمنين : ( فلا تهنوا ) أي : لا تضعفوا عن الأعداء ، ( وتدعوا إلى السلم ) أي : المهادنة والمسالمة ، ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عددكم وعددكم ; ولهذا قال : ( فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون ) أي : في حال علوكم على عدوكم ، فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ، ورأى الإمام في المعاهدة والمهادنة مصلحة ، فله أن يفعل ذلك ، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صده كفار قريش عن مكة ، ودعوه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين ، فأجابهم إلى ذلك .

وقوله : ( والله معكم ) فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء ، ( ولن يتركم أعمالكم ) أي : ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها ، بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)

يقول تعالى ذكره: فلا تضعفوا أيها المؤمنون بالله عن جهاد المشركين وتجبُنوا عن قتالهم. كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَلا تَهِنُوا ) قال: لا تضعفوا.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَلا تَهِنُوا ) لا تضعف أنت.

وقوله ( وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) يقول: لا تضعفوا عنهم وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة, وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم ( وَاللَّهُ مَعَكُمْ ) يقول: والله معكم بالنصر لكم عليهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, غير أنهم اختلفوا في معنى قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) فقال بعضهم: معناه: وأنتم أولى بالله منهم. وقال بعضهم: مثل الذي قلنا فيه.

ذكر من قال ذلك, وقال معنى قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) أنتم أولى بالله منهم.

حدثني أحمد بن المقدام, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت أبي يحدّث, عن قتادة, في قوله ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) قال: أي لا تكونوا أولى الطائفتين تصرع.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) قال: لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت لصاحبتها, ودعتها إلى الموادعة, وأنتم أولى بالله منهم والله معكم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ ) قال: لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت إلى صاحبتها( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) قال: يقول: وأنتم أولى بالله منهم ذكر من قال معنى قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) : أنتم الغالبون الأعزّ منهم.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نحيح, عن مجاهد, قوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) قال: الغالبون مثل يوم أُحد, تكون عليهم الدائرة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, فى قوله ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) قال: هذا منسوخ, قال: نسخه القتال والجهاد, يقول: لا تضعف أنت وتدعوهم أنت إلى السلم وأنت الأعلى, قال: وهذا حين كانت العهود والهدنة فيما بينه وبين المشركين قبل أن يكون القتال, يقول: لا تهن فتضعف, فيرى أنك تدعو. إلى السلم وأنت فوقه, وأعزّ منه ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) أنتم أعزّ منهم, ثم جاء القتال بعد فنسخ هذا أجمع, فأمره بجهادهم والغلظة عليهم. وقد قيل: عنى بقوله ( وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ ) وأنتم الغالبون آخر الأمر, وإن غلبوكم في بعض الأوقات, وقهروكم في بعض الحروب.

وقوله ( فَلا تَهِنُوا ) جزم بالنهي, وفي قوله ( وَتَدْعُوا ) وجهان: أحدهما الجزم على العطف على تهنوا, فيكون معنى الكلام: فلا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم, والآخر النصب على الصرف.

وقوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) يقول: ولن يظلمكم أجور أعمالكم فينقصكم ثوابها, من قولهم: وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا فأخذت له مالا غصبا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله يقول ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) يقول: لن يظلمكم أجور أعمالكم.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) قال: لن ينقصكم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) : أي لن يظلمكم أعمالكم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, مثله.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) قال: لن يظلمكم, أعمالكم ذلك يتركم.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) قال: لن يظلمكم أعمالكم.

التدبر :

عمل
[35] القرآن مليء بما يبعث على التفاؤل: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: 139]، ﴿لَا تَقْنَطُوا﴾ [الزمر: 53]، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا﴾ [يوسف: 87]، ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾، فتفاءلوا يا أهل القرآن.
وقفة
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ قال السيوطي: «قال الكيا: فيه دليل على منع مهادنة الكفار إلا عند الضرورة وتحريم ترك الجهاد إلا عند العجز».
وقفة
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾ أي: لا تضعفوا عن الأعداء، ﴿وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾ أي: المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عَدَدِكُم وعُدَدِكُم، ﴿وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ أي: في حال علوكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك.
وقفة
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ قال ابن كثير: «أي في حال علوكم على عدوكم، فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين، ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة، فله أن يفعل ذلك، كما فعل رسول الله ﷺ حين صده كفار قريش عن مكة ودعوه إلى الصلح، ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين، فأجابهم ﷺ إلى ذلك».
وقفة
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ من كان على الحق فلا ينبغي أن تكسر نفسه، ويخضع للأمر الواقع، فرياح نصره ستهب لا محالة.
وقفة
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ تأييد الله لعباده المؤمنين بالنصر والتسديد.
وقفة
[35] تعلمنا سورة محمد أهمية النظر في العواقب: فالكفار في أول أمرهم كانوا قوَّة، ثم بدَّدها الله على أيدي المؤمنين ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾.
عمل
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾ لا تشعر بالضعف، ليس لأنك قوي بنفسك أو لمساندة الآخرين لك، لكن لأن الله معك.
عمل
[35] ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾ اعتزَّ بالحق الذي معك ولا تضعف! فأنت تأوي إلى ركن شديد.
وقفة
[35] مظاهر الضعف في الأمة ينبغي ألا تعميها عما لها من عناصر القوة، وأقواها: علو مبادئها ومعية الله: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾، وهذا ما أدركه أعداؤها على أرض الواقع في ميادين الجهاد، مما جعلهم يسعون للحوار بزخم غير مسبوق، وما ذاك إلا ليحصلوا في ميدان الحوار ما عجزوا عنه في ميدان القتال.
وقفة
[35] المؤمن عزيز بإيمانه فلا يجبن ولا يضعف ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.
وقفة
[35] يرتفع الإنسان ويعلو بمقدار إيمانه: ﴿وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾، ويوضع بمقدار اتباعه لهواه: ﴿وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى﴾.
وقفة
[35] ﴿وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾ فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء.
وقفة
[35] ﴿وَاللَّـهُ مَعَكُمْ﴾ والله معكم، فلستم وحدكم، إنكم في صحبة العلي الجبار القادر القهار، وهو لكم نصير حاضر معكم، يدافع عنكم، فما يكون أعداؤكم هؤلاء والله معكم؟!
وقفة
[35] ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ في لحظاتِ ضعفك، في نشوةِ قوتـك، في مختلف حالاتك؛ الله ﷻ يراك ويسمعك.
وقفة
[35] ﴿وَاللَّـهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ ما دمت متمسكًا بالله ونهجه؛ فالله لن يتركك، ولن يخذلك، وسيكون ركنك القوي الذي يحميك ويؤيدك، فليطمئن قلبك.
وقفة
[35] ﴿وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ وعد من الله بتسديد أعمال عباده وتوفيقهم للنجاح فيها، فتعبير عدم وتر الأعمال أي عدم نقصانها فيه كناية عن التوفيق فيها.

الإعراب :

  • ﴿ فَلا تَهِنُوا:
  • الفاء استئنافية. لا: ناهية جازمة. تهنوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. واصله: توهنوا: اي ولا تضعفوا وتذلوا للعدو.
  • ﴿ وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ:
  • معطوفة بالواو على «تهنوا» وتعرب اعرابها. اي ولا تدعوا فهو مجزوم لدخوله في حكم النهي ويجوز ان يكون جوابا منصوبا باضمار «أن».الى السلم: جار ومجرور متعلق بتدعوا اي الى الصلح.
  • ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ:
  • الواو حالية. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.انتم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. الاعلون: خبر «انتم» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد بمعنى: وانتم العالون اي الغالبون.
  • ﴿ وَاللهُ مَعَكُمْ:
  • الواو عاطفة. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. مع: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر المبتدأ.والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى: والله ناصركم.
  • ﴿ وَلَنْ يَتِرَكُمْ:
  • الواو عاطفة. لن: حرف نفي ونصب وتوكيد. يتركم:فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول والميمعلامة جمع الذكور والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى:يمدكم بنصره ويؤيدكم ولن يضيع عليكم اعمالكم وهو من وترت الرجل:اذا قتلت له قتيلا من ولد او اخ وحقيقته أفردته من قريبه او ماله من الوتر وهو الفرد فشبه اضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر
  • ﴿ أَعْمالَكُمْ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. التقدير: في اعمالكم مثل قولنا: دخلت الدار اي في الدار فحذف الجار واوصل الفعل وبمعنى لن ينقصكم اعمالكم'

المتشابهات :

آل عمران: 139﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
النساء: 104﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ
محمد: 35﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّـهُ مَعَكُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنَّ عَمَلَ الكافِرِ الَّذي له صورةُ الحَسناتِ مُحبَطٌ، وذَنْبَه الَّذي هو أقبَحُ السَّيِّئاتِ غيرُ مَغفورٍ؛ أمَرَ هنا بالقِتالِ، ولُزومِ الجِهادِ، وحَذَّرَ مِن تَركِه، وبَشَّرَ بأن النصرَ حليفُ المؤمنين، قال تعالى:
﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وتدعوا:
1- مضارع «دعا» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتشديد الدال، أي تفتروا، وهى قراءة السلمى.
السلم:
1- بفتح السين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الحسن، وأبى رجاء، والأعمش، وعيسى، وطلحة، وحمزة، وأبى بكر، (وانظر الآية 208، من سورة البقرة) .

مدارسة الآية : [36] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ..

التفسير :

[36] إنما الحياة الدنيا لعب وغرور. وإن تؤمنوا بالله ورسوله، وتتقوا الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه، يؤتكم ثواب أعمالكم، ولا يسألْكم إخراج أموالكم جميعها في الزكاة، بل يَسْألُكم إخراج بعضها.

هذا تزهيد منه لعباده في الحياة الدنيا بإخبارهم عن حقيقة أمرها، بأنها لعب ولهو، لعب في الأبدان ولهو في القلوب، فلا يزال العبد لاهيا في ماله، وأولاده، وزينته، ولذاته من النساء، والمآكل والمشارب، والمساكن والمجالس، والمناظر والرياسات، لاعبا في كل عمل لا فائدة فيه، بل هو دائر بين البطالة والغفلة والمعاصي، حتى تستكمل دنياه، ويحضره أجله، فإذا هذه الأمور قد ولت وفارقت، ولم يحصل العبد منها على طائل، بل قد تبين له خسرانه وحرمانه، وحضر عذابه، فهذا موجب للعاقل الزهد فيها، وعدم الرغبة فيها، والاهتمام بشأنها، وإنما الذي ينبغي أن يهتم به ما ذكره بقوله:{ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا} بأن تؤمنوا بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتقوموا بتقواه التي هي من لوازم الإيمان ومقتضياته، وهي العمل بمرضاته على الدوام، مع ترك معاصيه، فهذا الذي ينفع العبد، وهو الذي ينبغي أن يتنافس فيه، وتبذل الهمم والأعمال في طلبه، وهو مقصود الله من عباده رحمة بهم ولطفا، ليثيبهم الثواب الجزيل، ولهذا قال:{ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} أي:لا يريد تعالى أن يكلفكم ما يشق عليكم، ويعنتكم من أخذ أموالكم، وبقائكم بلا مال، أو ينقصكم نقصا يضركم.

ثم بين- سبحانه- ما يدل على هوان هذه الدنيا فقال: إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ.

قال الجمل: يعنى كيف تمنعكم الدنيا عن طلب الآخرة، وقد علمتم أن الدنيا كلها لعب ولهو، إلا ما كان منها في عبادة الله- تعالى- وطاعته.

واللعب: ما يشغل الإنسان وليس فيه منفعة في الحال أو المآل، ثم إذا استعمله الإنسان ولم ينتبه لأشغاله المهمة فهو اللعب، وإن أشغله عن مهمات نفسه فهو اللهو .

وَإِنْ تُؤْمِنُوا إيمانا حقا وَتَتَّقُوا الله- تعالى- يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ كاملة غير منقوصة، وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ أى: ولا يأمركم- سبحانه- أن تخرجوا جميع أموالكم على سبيل دفعها في الزكاة المفروضة، أو في صدقة التطوع، فالسؤال بمعنى الأمر والتكليف ويصح أن يكون المعنى: ولا يسألكم رسولكم صلّى الله عليه وسلّم شيئا من أموالكم، على سبيل الأجر له على تبليغ دعوة ربه، كما قال- تعالى-: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ.

فالضمير على المعنى الأول يعود إلى الله تعالى، وعلى الثاني يعود إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم

يقول تعالى تحقيرا لأمر الدنيا وتهوينا لشأنها : ( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) أي : حاصلها ذلك إلا ما كان منها لله عز وجل ; ولهذا قال : ( وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسألكم أموالكم ) أي : هو غني عنكم لا يطلب منكم شيئا ، وإنما فرض عليكم الصدقات من الأموال مواساة لإخوانكم الفقراء ، ليعود نفع ذلك عليكم ، ويرجع ثوابه إليكم .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)

يقول تعالى ذكره: حاضا عباده المؤمنين على جهاد أعدائه, والنفقة في سبيله, وبذل مهجتهم في قتال أهل الكفر به: قاتلوا أيها المؤمنون أعداء الله وأعداءكم من أهل الكفر, ولا تدعكم الرغبة في الحياة إلى ترك قتالهم, فإنما الحياة الدنيا لعب ولهو, إلا ما كان منها لله من عمل في سبيله, وطلب رضاه. فأما ما عدا ذلك فإنما هو لعب ولهو, يضمحلّ فيذهب ويندرس فيمرّ, أو إثم يبقى على صاحبه عاره وخزيه ( وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ) يقول: وإن تعملوا في هذه الدنيا التي ما كان فيها مما هو لها, فلعب ولهو, فتؤمنوا به وتتقوه بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه, وهو الذي يبقى لكم منها, ولا يبطل بطول اللهو واللعب, ثم يؤتكم ربكم عليه أجوركم, فيعوّضكم منه ما هو خير لكم &; 22-191 &; منه يوم فقركم, وحاجتكم إلى أعمالكم ( وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ) يقول: ولا يسألكم ربكم أموالكـم, ولكنه يكلفكم توحيده, وخلع ما سواه من الأنداد, وإفراد الألوهية والطاعة له .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[36] ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ لا تكدر خاطرك ولا تتعب نفسك بهمومها، فالدنيا كاسمها فلا تنزل لمستواها، وحلق بهمتك لما هو أعلى منها.
وقفة
[36] تتبعت حياة مشاهير في العقود الماضية علماء وسياسين ورياضيين وفنانين وأدباء وما آلت إليه نهاياتهم، كلها تقول: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾.
وقفة
[36] ليس من الإيمان التباهي بالدنيا سواء كان سياحات خارجية أو موضات ونحوها، فكل ذلك من الغرور وكسر قلوب الفقراء وإشعال الغيرة ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾.
وقفة
[36] الحياة الدنيا لعب ولهو حين لا يكون وراءها غاية سامية، وحين تعاش لمحض اللذة المنقطعة عن منهج الله، والإيمان والتقوى وحدهما يخرجان الدنيا عن هذا الوصف وهذا العبث.
وقفة
[36] قال ابن عاشور: «هذا تحذير من أن يحملهم حب لذائذ العيش على الزهادة في مقابلة العدو، ويتلو إلى مسالمته، فإن ذلك يغري العدو بهم».
وقفة
[36] تقديم اللعب على اللهو واللهو على اللعب: ﴿لعب ولهو﴾ ، ﴿لهو ولعب﴾ : - قدم اللعب خمس مرات ، قدم اللهو مرتين اللعب : حياة الطفولة ، اللهو : حياة الكبار - قدم اللعب على الأصل ، لأن حياة الإنسان تبدأ باللعب وقدم اللهو مرة في الآخرة لما سئل أهل النار في الأعراف ، وأخرى في بيان حقيقة الدنيا عند الآخرة وأنها لهو.
وقفة
[36] ﴿وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ﴾ من يقدم خيرًا يجد خيرًا، فالله لا يجحد حق أحد، ويحفظ لك صنيعك لو كان صغيرًا، النكران تجده عند البشر.
وقفة
[36] ﴿وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ﴾ ولا يسألكم ربكم أموالكم لإيتاء الأجر، بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم عليها الجنة؛ نظيره قوله: ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ﴾ [الذاريات:57]. وقيل: لا يسألكم محمد أموالكم؛ نظيره: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ [ص: 86]، وقيل: معنى الآية: لا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلها في الصدقات، إنما يسألانكم غيضًا من فيض -ربع العشر- فطيبوا بها نفسًا.
وقفة
[36، 37] من رفق الله بعباده أنه لا يطلب منهم إنفاق كل أموالهم في سبيل الله.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا:
  • كافة ومكفوفة. الحياة: مبتدأ مرفوع بالضمة.الدنيا: صفة-نعت-للحياة مرفوعة بالضمة المقدرة على الالف للتعذر.
  • ﴿ لَعِبٌ وَلَهْوٌ:
  • خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. ولهو: معطوفة بالواو على «لعب» مرفوعة مثلها بالضمة.
  • ﴿ وَإِنْ تُؤْمِنُوا:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. تؤمنوا: فعل الشرط‍ وهو فعل مضارع مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة بمعنى وان تؤمنوا بالله.
  • ﴿ وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «تؤمنوا» وتعرب اعرابها. يؤتكم:فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول والميم علامة جمع الذكور. وجملة «يؤتكم»: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ أُجُورَكُمْ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى: ثواب ايمانكم وتقواكم.
  • ﴿ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ:
  • الواو عاطفة. لا: نافية لا عمل لها. يسألكم اموالكم: تعرب اعراب يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ» وعلامة جزم الفعل «يسأل» السكون بمعنى ولا يطلب اليكم جميع اموالكم بل يطلب جزءا قليلا تزكون به'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     وبعد أنْ أمَرَ اللهُ المُؤمِنينَ بتَركِ المعاصي لأنَّها مُحبِطةٌ لثَوابِ الأعمالِ الصَّالِحةِ، وأمَرَهم بالجِهادِ ومُقاتَلةِ الأعداءِ نُصرةً لدِينِه، ووعَدَهم بأنَّ اللهَ ناصِرُهم وهم الأعلَوْنَ، فلا يَنْبَغي لهم أن يَطلُبوا المُهادَنةَ مِن العُدُوِّ خَوَرًا وجُبنًا خَوفًا على الحياةِ ولَذَّاتِها؛ أكَّدَ هنا أنَّه لا يَنبَغي لهم الحِرصُ على الدُّنيا؛ فإنَّها ظلٌّ زائلٌ، وعَرَضٌ غيرُ باٍق، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ ..

التفسير :

[37] إن يسألكم أموالكم، فيُلِحَّ عليكم ويجهدكم، تبخلوا بها وتمنعوه إياها، ويُظْهِرْ ما في قلوبكم من الحقد إذا طلب منكم ما تكرهون بذله.

{ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ}

أي:ما في قلوبكم من الضغن، إذا طلب منكم ما تكرهون بذله.

والدليل على أن الله لو طلب منكم أموالكم وأحفاكم بسؤالها، أنكم تمتنعون منها.

ثم أشار- سبحانه- إلى جانب من حكمته في تشريعاته فقال: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ.

وقوله فَيُحْفِكُمْ من الإحفاء بمعنى الإلحاف: وهو المبالغة في الطلب. يقال: أحفاه في المسألة، إذا ألح عليه في طلبها إلحاحا شديدا، ومنه قوله- تعالى- لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وأصله من أحفيت البعير، إذا أرهقته في المشي حتى انبرى ورق خفه.

أى: إن يكلفكم بأخراج جميع أموالكم، ويبالغ في طلب ذلك منكم، تبخلوا بها فلا تعطوها، وبذلك يُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ أى: يظهر أحقادكم وكراهيتكم لهذا التكليف، لأن حبكم الجم للمال يجعلكم تكرهون كل تشريع يأمركم بإخراج جميع أموالكم.

فقوله فَيُحْفِكُمْ عطف على فعل الشرط، وقوله تَبْخَلُوا جواب الشرط، وقوله: وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ معطوف على هذا الجواب.

ثم قال : ( إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ) أي : يحرجكم تبخلوا : ( ويخرج أضغانكم )

قال قتادة : " قد علم الله أن في إخراج الأموال إخراج الأضغان " . وصدق قتادة فإن المال محبوب ، ولا يصرف إلا فيما هو أحب إلى الشخص منه .

( إن يسألكموها ) : يقول جلّ ثناؤه: إن يسألكم ربكم أموالكم ( فيحفكم ) يقول: فيجهدكم بالمسألة, ويلحّ عليكم بطلبها منكم فيلحف, تبخلوا: يقول: تبخلوا بها وتمنعوها إياه, ضنا منكم بها, ولكنه علم ذلك منكم, ومن ضيق أنفسكم فلم يسألكموها.

وقوله ( وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ ) يقول: ويخرج جلّ ثناؤه لو سألكم أموالكم بمسألته ذلك منكم أضغانكم قال: قد علم الله أن في مسألته المال خروج الأضغان.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا ) قال: الإحفاء: أن تأخذ كل شيء بيديك (2) .

التدبر :

وقفة
[37] ﴿إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ لو سألكم كل أموالكم، لبخلتم بها، وظهرت أضغان قلوبكم بكراهية ما أمر الله به؛ لذا كان من لطفه ورحمته بعباده أن راعي الطبيعة البشرية وسايرها حين فرض التكاليف، وهو الأعلم بمن خلق، وهو اللطيف الخبير.
وقفة
[37] ﴿إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ قال قتادة: «قد علم الله تعالى أن في إخراج الأموال إخراج الأضغان».
وقفة
[37] ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ ما من شيء أفسد لعلاقات الأفراد فيما بينهم كإخراج الضغن الذي بالنفوس، ولا تخرج الأضغان إلا بالتعدي على حقوق الغير.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ يَسْئَلْكُمُوها:
  • حرف شرط‍ جازم. يسأل: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بان وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول والميم علامة جمع الذكور والواو لاشباع الميم. و «ها» ضمير متصل اوصل مع الضمير الاول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان و «ها» يعود على الاموال. اي يسألكم اياها.
  • ﴿ فَيُحْفِكُمْ:
  • معطوفة بالفاء على «يسألكم» وتعرب اعرابها وعلامة جزم الفعل حذف آخره حرف العلة بمعنى: فيجهدكم ويطلبها كلها والاحفاء: المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء
  • ﴿ تَبْخَلُوا:
  • فعل مضارع جواب الشرط‍ -جزاؤه-مجزوم بان وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة بمعنى:تبخلوا بها. والجملة: جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «تبخلوا» مجزومة مثلها وعلامة جزمها السكون والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اضغانكم:مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى: فيظهر او يبرز احقادكم على الرسول الكريم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أنه لا يسأل المؤمنين إخراج أموالكم جميعها في الزكاة؛ أشار هنا إلى حكمتِه ورحمتِه في عدمِ سؤالِه إنفاقَ أموالِهم كلِّها، قال تعالى:
﴿ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويخرج:
1- جزما، على جواب الشرط، والفعل مسند إلى الله تعالى، أو إلى الرسول ﷺ، أو البخل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، على الاستئناف، أي: وهو يخرج، وهى قراءة عبد الوارث، عن أبى عمرو.
3- تخرج، بالتاء مفتوحة وضم الراء والجيم، و «أضغانكم» بالرفع، وهى قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن محيصن، وأيوب بن المتوكل، واليماني.

مدارسة الآية : [38] :محمد     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي ..

التفسير :

[38] ها أنتم -أيها المؤمنون- تُدْعَون إلى النفقة في جهاد أعداء الله ونصرة دينه، فمنكم مَن يَبْخَلُ بالنفقة في سبيل الله، ومَن يَبْخَلْ فإنما يبخل عن نفسه، والله تعالى هو الغنيُّ عنكم وأنتم الفقراء إليه، وإن تتولوا عن الإيمان بالله وامتثال أمره يهلككم، ويأ

أنكم{ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} على هذا الوجه، الذي فيه مصلحتكم الدينية والدنيوية.

{ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ} أي:فكيف لو سألكم، وطلب منكم أموالكم في غير أمر ترونه مصلحة عاجلة؟ أليس من باب أولى وأحرى امتناعكم من ذلك.

ثم قال:{ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} لأنه حرم نفسه ثواب الله تعالى، وفاته خير كثير، ولن يضر الله بترك الإنفاق شيئا.

فإن الله هو{ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} تحتاجون إليه في جميع أوقاتكم، لجميع أموركم.

{ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} عن الإيمان بالله، وامتثال ما يأمركم به{ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} في التولي، بل يطيعون الله ورسوله، ويحبون الله ورسوله، كما قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}

تم تفسير سورة القتال، والحمد لله رب العالمين.

ثم تختتم السورة الكريمة بالدعوة إلى الإنفاق في سبيل الله فقال: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ- أيها المؤمنون- تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أى: في وجوه الخير التي على رأسها الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، ونصرة دينه.

فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ أى: فمنكم- أيها المخاطبون- من يبخل بماله عن الإنفاق في وجوه الخير وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ أى: ومن يبخل فإنما يبخل عن داعي نفسه لا عن داعي ربه، أو فإنما يبخل على نفسه. يقال: بخل عليه وعنه- كفرح وكرم- بمعنى، لأن البخل فيه معنى المنع والإمساك ومعنى التضييق على من منع عنه المعروف، فعدى بلفظ عَنْ نظرا للمعنى الأول، ولفظ على نظرا للمعنى الثاني.

وَاللَّهُ- تعالى- هو الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ إليه، لاحتياجكم إلى عونه احتياجا تاما، وَإِنْ تَتَوَلَّوْا أى: وإن تعرضوا عن هذا الإرشاد الحكيم.

يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ أى: يخلق بدلكم قوما آخرين.

ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ أى: ثم لا يكونوا أمثالكم في الإعراض عن الخير، وفي البخل بما آتاهم الله من فضله.

والمتأمل في هذه الآية يراها قد اشتملت على أسمى ألوان الدعوة إلى الإيمان والسخاء، والنهى عن الجحود والبخل.

وبعد فهذا تفسير وسيط لسورة محمد صلّى الله عليه وسلّم نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ) أي : لا يجيب إلى ذلك ( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) أي : إنما نقص نفسه من الأجر ، وإنما يعود وبال ذلك عليه ، ( والله الغني ) أي : عن كل ما سواه ، وكل شيء فقير إليه دائما ; ولهذا قال : ( وأنتم الفقراء ) أي : بالذات إليه . فوصفه بالغنى وصف لازم له ، ووصف الخلق بالفقر وصف لازم لهم ، [ أي ] لا ينفكون عنه .

وقوله : ( وإن تتولوا ) أي : عن طاعته واتباع شرعه ( يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) أي : ولكن يكونون سامعين مطيعين له ولأوامره .

وقال ابن أبي حاتم ، وابن جرير : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة [ رضي الله عنه ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ، قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ؟ قال : فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي ثم قال : " هذا وقومه ، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس " تفرد به مسلم بن خالد الزنجي ، ورواه عنه غير واحد ، وقد تكلم فيه بعض الأئمة ، والله أعلم .

آخر تفسير سورة القتال .

القول في تأويل قوله تعالى : هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)

يقول تعالى ذكره للمؤمنين: ( هاأنْتُمْ ) أيها الناس ( هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول: تدعون إلى النفقة في جهاد أعداء الله ونُصرة دينه ( فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ) بالنفقة فيه, وأدخلت " ها " في موضعين, لأن العرب إذا أرادت التقريب جعلت المكنّى بين " ها " وبين " ذا ", فقالت: ها أنت ذا قائما, لأن التقريب جواب الكلام, فربما أعادت " ها " مع " ذا ", وربما اجتزأت بالأولى, وقد حُذفت الثانية, ولا يقدّمون أنتم قبل " ها ", لأن ها جواب فلا تقرب بها بعد الكلمة.

وقال بعض نحويي البصرة: جعل التنبيه في موضعين للتوكيد.

وقوله ( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ) يقول تعالى ذكره: ومن يبخل بالنفقة في سبيل الله, فإنما يبخل عن بخل نفسه, لأن نفسه لو كانت جوادا لم تبخل بالنفقة في سبيل الله, ولكن كانت تجود بها( وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ) يقول تعالى ذكره: ولا حاجة لله أيها الناس إلى أموالكم ولا نفقاتكم, لأنه الغنيّ عن خلقه والخلق الفقراء إليه, وأنتم من خلقه, فأنتم الفقراء إليه, وإنما حضكم على النفقة في سبيله, ليُكسبكم بذلك الجزيل من ثوابه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ) قال: ليس بالله تعالى ذكره إليكم حاجة وأنتم أحوج إليه.

وقوله تعالى ذكره: ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) يقول تعالى ذكره: وإن تتولوا أيها الناس عن هذا الدين الذي جاءكم. به محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فترتدّوا راجعين عنه ( يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) يقول: يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلا منكم يصدّقون به, ويعملون بشرائعه ( ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) يقول: ثم لا يبخلوا بما أُمروا به من النفقة في سبيل الله, ولا يضيعون شيئا من حدود دينهم, ولكنهم يقومون بذلك كله على ما يُؤمرون به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) يقول: إن توليتم عن كتابي وطاعتي أستبدل قوما غيركم. قادر والله ربنا على ذلك على أن يهلكهم, ويأتي من بعدهم من هو خير منهم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) قال: إن تولوا عن طاعة الله.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) (3) .

وذُكر أنه عنى بقوله ( يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) : العجم من عجم فارس.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بزيع البغدادي أبو سعيد, قال: ثنا إسحاق بن منصور, عن مسلم بن خالد, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة, قال: " لما نـزلت ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) كان سلمان إلى جنب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين إن تولينا استبدلوا بنا, قال: فضرب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على منكب سلمان, فقال: من هذا وقومه, والذي نفسي بيده لَوْ أنَّ الدّينَ تَعَلَّقَ بالثُّرَيَّا لَنالَتْهُ رِجالٌ من أهْل فارِس ".

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني مسلم بن خالد, عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أبيه, عن أبي هريرة " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تلا هذه الآية ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولَّينا استبدلوا بنا, ثم لا يكونوا أمثالنا, فضرب على فخذ سلمان قال: هَذَا وَقَوْمُهُ, وَلَوْ كانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتنَاولَهُ رِجالٌ مِنَ الفُرْسِ" .

حدثنا أحمد بن الحسن الترمذيّ, قال: ثنا عبد الله بن الوليد العَدَني, قال: ثنا مسلم بن خالد, عن العلاء, عن أبيه, عن أبي هريرة, قال: " نـزلت هذه الآية وسلمان الفارسيّ إلي جنب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم تحكّ ركبته ركبته ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) قالوا: يا رسول الله ومن الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا, قال: فضرب فخذ سلمان ثم قال: هَذَا وَقَوْمُهُ".

وقال: مجاهد في ذلك ما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) من شاء.

وقال آخرون: هم أهل اليمن.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عوف الطائيّ, قال: ثنا أبو المغيرة, قال: ثنا صفوان بن عمرو, قال: ثنا راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جُبير وشريح بن عبيد, في قوله ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) قال: أهل اليمن.

آخر تفسير سورة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم

.

------------------------

الهوامش:

(3) لم يأت بالتأويل هنا ، اكتفاء بدلالة ما قبله عليه ، لأن الرواية في الحديثين عن يونس بن عبد الأعلى .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[38] ﴿هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ﴾ كم مرة دُعيت فيها للإنفاق؟ فمرة أجبت، ومرات بخلت؟! وحينًا أقبلت، وأحيانًا كثيرة أعرضت، وما زال العرض ساريًا، والإعراض قائمًا.
وقفة
[38] ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ ما تبذله اليوم إن هو إلا رصيد مدَّخر لك، ستجده في يوم أحوج ما تكون فيه إلى رصيد، يوم تجرّد من كل ما تملك، فلا تجد إلا هذا الرصيد المدخور، فإذا بخلت اليوم بالبذل، فإنما تبخل عن نفسك، وتخصم من رصيدك، وتضن بالمال عن ذاتك، وتغلق باب العطاء في وجهك.
وقفة
[38] ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ تراجعك عن الإنفاق ليس بخلًا عن الفقير، وإنما هو بخلٌ عن نفسك أنت.
وقفة
[38] ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ العطاء الذي تتصدق به على الناس بالحقيقة أنت تتصدق به على نفسك؛ ليوم ستكون بأمس الحاجة لحسنة واحدة.
لمسة
[38] ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ انظر أداة الحصر (إنما)؛ من منعك فلم يبخل عليك أنت، لأن الله سيعطيك ولن يكلك إليه، ولكنه حرم نفسه.
عمل
[38] أنفق اليوم جزءًا من مصروفك في سبيل الله ولا تبخل به ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾.
وقفة
[38] من الخذلان أن يطلب منك أحدهم مساعدةً فتتهرب! أو عفوًا فتتجاهل! لكن الخذلان الحقيقي هو: خذلان نفسك لنفسك: ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾.
وقفة
[38] ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ أي: إنما ضرر بخله على نفسه؛ فكأنه بخل على نفسه بالثواب الذي يستحقه بالإنفاق، ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ أي: يأت بقوم على خلاف صفتكم، بل راغبين في الإنفاق في سبيل الله.
وقفة
[38] ﴿وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ الفقير الصادق من شهد افتقاره إلى الله، ومن افتقر إلى الله استغنى بالله، ومن افتقر إلى غير الله وقع في الذلِّ والهوان.
وقفة
[38] ﴿وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ الله غني عن طاعتكم، وأنتم الفقراء إلى رحمته، والله غني لا يحتاج إليكم، وأنتم الفقراء ولا بديل لكم عنه.
وقفة
[38] ﴿وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ بسبب فقركم يحسن بعضكم إلى بعض، وحتى الغني منكم فقير، ويحتاج لانتفاع بإحسانه عاجلًا أو آجلًا، فعاجلًا بتشوفه إلى الشكر والثناء، وآجلًا بطمعه في نيل ثواب الله وحسن الجزاء.
وقفة
[38] ﴿وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ يقين دعه يستقر بنفسك، فهو وحده من يكسر جموح نفسك، أنت مسكين فقير لرحمة ربك ولو ملكت الدنيا بأسرها.
وقفة
[38] ﴿وَاللَّـهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ استشعر عظمته وغناه وسعة خزائنه، وضعفك وفقرك وحاجتك له؛ لتطلب بلا يأس ولتكون من الشاكرين المحسنين.
اسقاط
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ خُوطب بها الصحابة، فهل تظن أن غيابي أو غيابك مشكلة؟!
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ الدين باقٍ، وأنت الزائل.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ أبواب الدين مسدودة، وثغور الإسلام محروسة، والله يستعمل لطاعته من أحبه من خلقه.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ كل مسؤولية شرعية تتخلى عنها دولة أو مؤسسة أو فرد، يقيض الله من يحملها، واستغنى الله، والله غني حميد.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ الدين ليس بحاجة إلى ذواتنا، هناك من هم أطهر وأنقى يصطفيهم الله حين نتخلى عنه.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ وردت في آيات الجهاد مرة وفي آيات الإنفاق مرة، إن لم تجاهد سيجاهد غيرك، وإن لم تنفق فسينفق غيرك، هكذا يجب أن نفهمها.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ جاءت بالتهديد لمن ترك الجهاد بالمال كما في سورة محمد، وجاءت كذلك بالتهديد لمن ترك الجهاد بالنفس كما في سورة التوبة.
وقفة
[38] العمل لهذا الدين لا يتوقف على أشخاص ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ سنة الاستبدال تنتظر كل من لم يبذل غاية ما يستطيع لإقامة الدين ونصرة رب العالمين.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ إن الإيمان هبة ضخمة، لا يعدلها في هذا الوجود شيء، والحياة رخيصة، والمال زهيد زهيد، حين يوضع الإيمان في كفة، ويوضع في الكفة الأخرى كل ما عداه، ومن ثم كان هذا الإنذار أهول ما يواجهه المؤمن، وهو يتلقاه من الله.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ إن وجدت بنفسك طاعة لله؛ فاعلم أنه اختارك لفضله، وردد: اللهم استعملنا ولاتستبدلنا.
عمل
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ إن وفَّقك اللهُ لطاعةٍ أو أعانَكَ على عملٍ دعويٍّ؛ فاعلم أنَّه اختاركَ لفضلِه، وردِّدْ: «اللهمَّ استعمِلنا ولا تستبدِلنا».
وقفة
[38] انتصار الدين لا ينتظر أحدًا، كسر الغرور في العمل للإسلام يكون حين يدرك كل عامل بأن انتصار الدين ليس متوقفًا عليه أبدًا ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾.
وقفة
[38] الدين ليس حكرًا على لون أو لسان أو طائفة، فمن حمله نصرة لله أعين عليه، ومن تولى فقد قال الله: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾.
وقفة
[38] إن مات ضمير اﻷمة فلابد من ضمير جديد يمرّ بحملٍ فلأواء فمخاض فوﻻدة؛ إذ ﻻ وﻻدة إﻻ بتلك المراحل ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾.
وقفة
[38] لا خوف على دين الله؛ فدين الله عزيز ومنصور، وإنما الخاسر من خسر نفسه، بأن تولى ونكص على عقبيه: ﴿فمن نكث فإنما ينكث على نفسه﴾ [الفتح: 10]، ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾.
وقفة
[38] ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ سنة الله أن يبقى دينه ظاهرًا؛ فمن تخلى عن دوره في تنفيذ إرادته وإظهار دينه استبدلهم الله تعالى، وهو القادر على كل شيء.
وقفة
[38] ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ وعدٌ إلهيٌّ عظيم ببقاءٍ قويٍّ متينٍ لهذا الدين.
وقفة
[38] دين الله محفوظ، وأمره غالب بمن انتسب إليه اليوم أو بغيرهم؛ فلا خوف عليه، وإنما الخوف من التقصير في حقه.
وقفة
[38] الإسلام لا يبكي أحدًا! ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.
وقفة
[38] واعلم أنَّ شريعة السماء تسير غير آبهة بأسماء المتخاذلين، تسقط أسماء، وتعلو أسماء ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.
وقفة
[38] نحن أمة تحمل رسالة؛ وهذا الحِمل له ركنان: العبودية: ﴿أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾ [النحل: 36]، والبلاغ: ﴿تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾ [آل عمران: 110]، فمن قصَّر في الركنين أو أحدهما ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ:
  • للتنبيه. انتم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والهاء للتنبيه. اولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع خبر «انتم».
  • ﴿ تُدْعَوْنَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية في محل نصب حال ويجوز ان تكون بدلا من اسم الاشارة «هؤلاء» او تكون في محل رفع خبرا ثانيا للمبتدإ «انتم» بمعنى يطلب اليكم.
  • ﴿ لِتُنْفِقُوا:
  • اللام حرف جر للتعليل. تنفقوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «تنفقوا» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام.والجار والمجرور متعلق بتدعون.
  • ﴿ فِي سَبِيلِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بتنفقوا. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ فَمِنْكُمْ مَنْ:
  • الفاء استئنافية. منكم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر بمعنى: فمنكم ناس.
  • ﴿ يَبْخَلُ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يبخل» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: ناس يبخلون به او بها على معنى الزكاة. لان معنى لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ» اي النفقة في الغزو او الزكاة
  • ﴿ وَمَنْ يَبْخَلْ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجزائه في محل رفع خبره. يبخل: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن والفاء واقعة في جواب الشرط‍.انما: كافة ومكفوفة. يبخل:اعربت. عن نفسه: جار ومجرور متعلق بيبخل والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى على نفسه. و «عن» هنا حرف جر للاستعلاء بمعنى «على» اي ومن يبخل بالصدقة واداء الفريضة فلا يتعداه ضرره بمعنى فانما يعود وبال بخله على نفسه لا غيره
  • ﴿ وَاللهُ الْغَنِيُّ:
  • الواو استئنافية للتعليل. الله لفظ‍ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الغني: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ:
  • الواو عاطفة. انتم: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. الفقراء: خبره مرفوع بالضمة
  • ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا:
  • الواو عاطفة. ان: حرف شرط‍ جازم. تتولوا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة معطوفة على وَإِنْ تُؤْمِنُوا» الواردة في الآية الكريمة السادسة والثلاثين بمعنى: وان تعرضوا عن الدين.
  • ﴿ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ:
  • فعل مضارع جواب الشرط‍ مجزوم بان وعلامة جزمه سكون آخره. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. قوما غيركم: مفعولا «يستبدل» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة بمعنى: يخلققوما سواكما راغبين في الايمان والتقوى. وقد تعدى الفعل اليهما بنفسه لانه بمعنى يجعل ويصير اي ينحي الاول ويجعل الثاني مكانه اي يقيم مقامكم غيركم والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور
  • ﴿ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ:
  • حرف عطف. لا: نافية لا عمل لها. يكونوا:فعل مضارع ناقص مجزوم لانه معطوف على مجزوم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع اسمه والالف فارقة. أمثال: خبرها منصوب بالفتحة. كم: اعربت «في غيركم» وجملة «يستبدل» وما بعدها:جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

آل عمران: 66﴿ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ
النساء: 109﴿ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّـهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
محمد: 38﴿ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ
آل عمران: 119﴿ هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا أخبَرَ اللهُ ببُخْلِهم لو سُئِلوا أموالَهم، دَلَّ عليه بمَن يَبخَلُ منهم عَمَّا سألَه منهم، وهو جزءٌ يَسيرٌ جِدًّا مِن أموالِهم، قال تعالى:
﴿ هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف