571111213141516171819202122232425262728

الإحصائيات

سورة نوح
ترتيب المصحف71ترتيب النزول71
التصنيفمكيّةعدد الصفحات1.70
عدد الآيات28عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.60
ترتيب الطول69تبدأ في الجزء29
تنتهي في الجزء29عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 15/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (11) الى الآية رقم (20) عدد الآيات (10)

لمَّا دعَاهُم للاستغفارِ بَيَّنَ لهم هنا ثمراتِه، ثُمَّ وبَّخَهم لسُوءِ أدَبِهم مع اللهِ، ودعَاهُم للتَّفكُّرِ في خَلقِ الإنسانِ وخَلقِ السَّماواتِ والأرضِ للاستدلالِ على وجودِ اللهِ ووحدانيتِه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (21) الى الآية رقم (28) عدد الآيات (8)

بعدَ كلِّ ما سبقَ أصرَّ قومُ نوحٍ على عبادةِ الأصنامِ، فدعَا نوحٌ عليه السلام عليهم بالهلاكِ والدَّمارِ، ثُمَّ دعَا بالمغفرةِ له ولوالديهِ وللمؤمنينَ والمؤمناتِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة نوح

الدعوة إلى الله تعالى

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • تفاني الداعية::   نوح عليه السلام (950 سنة دعوة)، والذي تظهر تجربته مدى الجهد والعناء والصبر والإصرار من الداعية حيث لا مكافأة له إلا رضوان الله عز وجل، وما في هذه التجربة من تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم والجماعة المسلمة للقيام بواجب الدعوة والصبر عليها.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «نوح».
  • • معنى الاسم ::   نوح: هو نبي الله نوح عليه السلام شيخ المرسلين؛ لأنه أطولهم عمرًا، وأول رسول أرسل لقوم كافرين، وهو من أولي العزم من الرسل، وهو الأب الثاني للبشرية، وقد ذكر في القرآن 43 مرة.
  • • سبب التسمية ::   سميت ‏بهذا ‏الاسم؛ ‏لأنها ‏خُصَّتْ ‏بذكر ‏قصة ‏نوح منذ بداية ‏الدعوة ‏حتى ‏الطوفان ‏وهلاك ‏المكذبين.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   مدى الجهد والعناء والصبر والإصرار الذي بذله الأنبياء الكرام.
  • • علمتني السورة ::   محبة الأنبياء الكرام.
  • • علمتني السورة ::   فنون الدعوة إلى الله.
  • • علمتني السورة ::   إذا عبدت الله حق عبادته واتقيته، فإن الله يغفر لك ذنبك؛ فبادر بالطاعات قبل حلول الأجل: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ ... إِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة نوح من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة نوح من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • امتازت سورة نوح أن قصة نوح u مع قومه شملت جميع آيات السورة، وهذا بخلاف ما هو معهود في السور التي تستخدم أسلوب القصص كسور الأعراف وهود وغيرهما؛ حيث أن القصص فيها لا تشمل جميع آيات السورة، بل تشمل أمورًا أخرى كمقدمة وتعقيبات، حتى سورة يوسف التي شملت قصة يوسف u فقط لم تشمل قصته جميع آياتها، بل بدأت بمقدمة ثم تعقيبات على القصة في نهاية السورة، ولكن يوجد سورة واحدة تشبه أسلوب سورة نوح، وهي سورة الفيل، فقد شملت قصة أصحاب الفيل جميع آياتها.
    • سورة نوح آخر السور الست -بحسب ترتيب المصحف- التي سميت بأسماء الرسل الكرام، وهي: يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، ومحمد، ونوح، وهناك 4 سور أخرى سميت أيضًا بأسماء الرسل ولكن ليس كاسم مشهور، بل كأسماء أخرى للسورة، وهي: 1- سورة موسى (كاسم آخر لسورة طه).
    2- سورة سليمان (كاسم آخر لسورة النمل).
    3- سورة داود (كاسم آخر لسورة ص).
    4- سورة عيسى (كاسم آخر لسورة الصف).
    فهذه 10 سور سميت بأسماء الرسل، وكلهن مكية عدا سورتي محمد وعيسى (الصف) فهما من السور المدنية، وفي هذا دلالة واضحة أن من أسلوب القرآن المكي ذكر قصص الأنبياء.
    • ذُكِرَ في القرآن الكريم أسماء 9 أصنام للكفار؛ خمسة منهم ذكروا في سورة نوح، وهم: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، أصنام قوم نوح عليه السلام، وثلاثة أصنام ذكروا في سورة النجم، وهم: اللات، والعزى، ومناة، أصنام مشركي قريش والعرب، وصنم واحد ذكر في سورة الصافات، وهو: بعل، وهو صنم قوم إلياس عليه السلام.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتعلم فنون الدعوة إلى الله.
    • أن نقتدي بالأنبياء في بذلهم وصبرهم وجهادهم في الدعوة إلى الله.
    • أن نبادر بالطاعات قبل حلول الأجل: ﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ...إِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ﴾ (3، 4).
    • أن نستمر في الدعوة وننوع أساليبها: ﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ۞ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا﴾ (8، 9).
    • أن نكثر من الاستغفار، فكثرة الاستغفار جالبة للمطر، ودافعة للفقر، وعلاج للعقم: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ ...﴾ (10-12).
    • أن نستحي من الله في الخلوة أعظم مما نستحي من أكابر الناس: ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ (13).
    • أن نوقر الله ونعظمه: ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ (13).
    • أن نتأدب مع الله؛ كما فعل نوح u: ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾ (21)، ولم يقل: (عَصَوكَ)، نسبَ عصيانَهم إلى أمرِه هو.
    • أن نحذر الذنوب؛ فهي سبب للهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة: ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ (25).
    • ألا نشعر أنّ غيرنا أحوج للمغفرة منا، بل نقدم النفس في الدعاء: ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ (28).

تمرين حفظ الصفحة : 571

571

مدارسة الآية : [11] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا

التفسير :

[11] إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيراً متتابعاً

ورغبهم أيضا، بخير الدنيا العاجل، فقال:{ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} أي:مطرا متتابعا، يروي الشعاب والوهاد، ويحيي البلاد والعباد.

يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً والمراد بالسماء هنا: المطر لأنه ينزل منها، وقد جاء في الحديث الشريف أن من أسماء المطر السماء، فقد روى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني أنه قال «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل..» أى: على إثر أمطار نازلة بالليل.

ومنه قول بعض الشعرا:

إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

والمدرار: المطر الغزير المتتابع، يقال: درت السماء بالمطر، إذا نزل منها بكثرة وتتابع، والدر، والدرور معناه: السيلان.. فقوله مِدْراراً صيغة مبالغة منهما.

أى: استغفروا ربكم وتوبوا إليه، فإنكم إذا فعلتم ذلك أرسل الله- تعالى- عليكم بفضله ورحمته، أمطارا غزيرة متتابعة، لتنتفعوا بها في مختلف شئون حياتكم.

ثم قال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي ستنزل بها المطر .

وقال ابن عباس وغيره : يتبع بعضه بعضا .

القول في تأويل قوله تعالى : يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)

وقوله: ( يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) يقول: يسقيكم ربكم إن تبتم ووحدتموه وأخلصتم له العبادة الغيث، فيرسل به السماء عليكم مدرارا متتابعا.

وقد حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا سفيان، عن مطرف، عن الشعبيّ، قال: خرج عمر بن الخطاب يستسقي، فما زاد على الاستغفار، ثم رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقيت، فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنـزل بها المطر، ثم قرأ ( اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) وقرأ الآية التي في سورة هود حتى بلغ: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ .

التدبر :

وقفة
[10، 11] ﴿فقلت استغفروا ربكم ... يرسل السماء عليكم مدرار﴾ إذا كان اﻻستغفار يطلق قيود السماء فتمطر؛ فكيف يفعل اﻻستغفار بالقلب؟!
وقفة
[11، 12] قال الشعبي: خرج عمر يستسقي، فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا فقالوا: «ما رأيناك استسقيت؟»، فقال: «لقد طلبتُ المطر بمجاديح السماء التي يُستَنَزَل بها المطر»، ثم قرأ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا﴾.
وقفة
[11، 12] ﴿يُرْسِلْ ... وَيُمْدِدْكُمْ ... وَيَجْعَلْ ... وَيَجْعَلْ ...﴾ باختصار: كلُّ ما تريدُه يأتيكَ بالاستغفارِ.

الإعراب :

  • ﴿ يُرْسِلِ:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب- الأمر- وعلامة جزمه السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي الرب سبحانه.
  • ﴿ السَّماءَ عَلَيْكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي المطر. عليكم: جار ومجرور متعلق بيرسل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِدْراراً:
  • حال من السماء منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. أي كثير الدرور وجاءت الكلمة على التذكير على معنى- السماء- وهو المطر.'

المتشابهات :

هود: 52﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ
نوح: 11﴿ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     ولَمَّا دعَاهُم للاستغفارِ؛ بَيَّنَ لهم هنا ثمراتِه، وهي: ١- يُنزل اللهُ عليكم المطرَ متتابعًا، قال تعالى:
﴿ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ ..

التفسير :

[12]ويكثرْ أموالكم وأولادكم، ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها، ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم

{ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} أي:يكثر أموالكم التي تدركون بها ما تطلبون من الدنيا وأولادكم،{ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} وهذا من أبلغ ما يكون من لذات الدنيا ومطالبها.

وفضلا عن ذلك: وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ أى: بساتين عظيمة، وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً جارية تحت أشجار هذه الجنات، لتزداد جمالا ونفعا.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: «إن قوم نوح لما كذبوه زمانا طويلا، حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم.. فرجعوا إلى نوح، فقال لهم: استغفروا ربكم من الشرك، حتى يفتح عليكم أبواب نعمه.

واعلم أن الاشتغال بالطاعة، سبب لانفتاح أبواب الخيرات، ويدل عليه وجوه: أحدها:

أن الكفر سبب لخراب العالم. والإيمان سبب لعمارة العالم. وثانيها: الآيات الكثيرة التي وردت في هذا المعنى، ومنها قوله- تعالى- وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ.. وثالثها: أن عمر خرج يستسقى فما زاد على الاستغفار.

فقيل له: ما رأيتك استسقيت؟ فقال: لقد استسقيت لكم بمجاديح السماء، والمجاديح: جمع مجدح- بكسر فسكون وهو نجم من النجوم المعروفة عند العرب.

وشكا رجل الى الحسن البصري الفاقة، وشكا إليه آخر الجدب، وشكا إليه ثالث قلة النسل.. فأمر الجميع بالاستغفار.. فقيل له: أتاك رجال يشكون إليك أنواعا من الحاجة، فأمرتهم جميعا بالاستغفار؟ فتلا الحسن هذه الآيات الكريمة .

وما قاله الإمام الرازي- رحمه الله-، يؤيده القرآن الكريم في كثير من آياته، ويؤيده واقع الحياة التي نحياها ونشاهد أحداثها.

أما آيات القرآن الكريم فمنها قوله- تعالى-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً .

وقوله- سبحانه- على لسان هود- عليه السلام-: وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ.. .

وقال- عز وجل-: مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً .

وأما واقع الحياة. فإننا نشاهد بأعيننا الأمم التي تطبق شريعة الله- تعالى- وتعمل بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من آداب وأحكام وهدايات.

نرى هذه الأمم سعيدة في حياتها، آمنة في أوطانها، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، وإذا أصابها شيء من النقص في الأنفس أو الثمرات.. فذلك من باب الامتحان الذي يمتحن الله- تعالى- به عباده، والذي لا يتعارض مع كون العاقبة الطيبة إنما هي لهذه الأمم الصادقة في إيمانها.

وما يجرى على الأمم والشعوب، يجرى أيضا على الأفراد والجماعات، فتلك سنة الله التي لا تتغير.

أما الأمم الفاسقة عن أمر ربها، فإنها مهما أوتيت من ثراء وبسطة في الرزق ... فإن حياتها دائما تكون متلبسة بالقلق النفسي، والشقاء القلبي، والاكتئاب الذي يؤدى إلى فساد الحال واضطراب البال.

وقوله : ( ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) أي : إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ، كثر الرزق عليكم ، وأسقاكم من بركات السماء ، وأنبت لكم من بركات الأرض ، وأنبت لكم الزرع ، وأدر لكم الضرع ، وأمدكم بأموال وبنين ، أي : أعطاكم الأموال والأولاد ، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار ، وخللها بالأنهار الجارية بينها .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا

وقوله: ( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ) يقول: ويعطكم مع ذلك ربكم أموالا وبنين، فيكثرها عندكم ويزيد فيما عندكم منها( وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ ) يقول: يرزقكم بساتين ( وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) تسقون منها جناتكم ومزارعكم؛ وقال ذلك لهم نوح، لأنهم كانوا فيما ذُكر قوم يحبون الأموال والأولاد.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ... إلى قوله: ( وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) قال: رأى نوح قوما تجزّعت أعناقهم حرصا على الدنيا، فقال: هلموا إلى طاعة الله، فإن فيها درك الدنيا والآخرة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[12] ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ التذكير بالجزاء الدنيوي بعد الأخروي من طرق المرسلين مع أقوامهم ﴿يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا﴾ [هود: 3].
وقفة
[10-12] عن الحسن أن رجلًا شكا إليه الجدب، فقال: «استغفر الله»، وشكا إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له بعض القوم: «أتاك رجال يشكون إليك أنواعًا من الحاجة، فأمرتهم كلهم بالاستغفار!»، فتلا له: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾.
اسقاط
[10-12] كل هذا في الاستغفار ونغفل عنه!
وقفة
[10-12] من رام تيسير الأمور؛ فليكثر الاستغفار.
وقفة
[10-12] فوائد الاستغفار.
وقفة
[10-12] الذنوب أقفال الرحمات والاستغفار مفاتيحها.
وقفة
[10-12] قال قَتادة: «كانوا أهل حبٍّ للدنيا، فاستدعاهم إلى الآخرة من الطريق التي يحبُّونها»؛ إذ النفسُ مولعةٌ بحبِّ العاجل دون الآجل.
وقفة
[10-12] الاشتغالُ بالطَّاعات والقرُبات، سببٌ لانفتاح أبواب الخيرات والبرَكات.
وقفة
[10-12] باختصار كل ما تريده يأتيك بالاستغفار.
وقفة
[10-12] تعددت الخَيْرات والسبب واحد.
وقفة
[10-12] الاستغفار يفتح أبواب السماء، ويفرّج الهمّ والغمّ ويدفع البلاء.
وقفة
[10-12] من داوم الاستغفار تيسرت أموره.
وقفة
[10-12] لا بأس بالاستغفار بلا عدد معين بقصد التوبة مع تيسير الزواج والمال.
وقفة
[12، 13] ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا * مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ عدل بهم من مقام الترغيب إلى مقام الترهيب كما في: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ﴾ [فصلت: 43].

الإعراب :

  • ﴿ وَيُمْدِدْكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «يرسل» وتعرب إعرابها وعلامة جزم الفعل سكون آخره الكاف: ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة الجمع.
  • ﴿ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بيمدد. وبنين: معطوفة بالواو على «أموال» مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ:
  • تعرب إعراب «وَيُمْدِدْكُمْ» لكم: جار ومجرور متعلق بيجعل والميم علامة جمع الذكور. جنات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً:
  • معطوفة بالواو على «وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ» وتعرب إعرابها وعلامة نصب المفعول الفتحة.'

المتشابهات :

الإسراء: 6﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا
نوح: 12﴿ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ٢- يعطيكم بكثرةٍ أموالًا. ٣- يعطيكم أولادًا. ٤- يجعل لكم بساتين تأكلون من ثمارها. ٥- يجعل لكم أنهارًا تشربون منها، وتسقون زروعكم ومواشيكم، قال تعالى:
﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ ..

التفسير :

[13]ما لكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه

{ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} أي:لا تخافون لله عظمة، وليس لله عندكم قدر.

وقوله- سبحانه- بعد ذلك حكاية عن نوح- عليه السلام-: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً: بيان لما سلكه نوح في دعوته لقومه، من جمعه بين الترغيب والترهيب.

فهو بعد أن أرشدهم إلى أن استغفارهم وطاعتهم لربهم، تؤدى بهم إلى البسطة في الرزق..

أتبع ذلك بزجرهم لسوء أدبهم مع الله- تعالى- منكرا عليهم استهتارهم واستخفافهم بما يدعوهم إليه.

وقوله: ما لَكُمْ مبتدأ وخبر، وهو استفهام قصد به توبيخهم والتعجيب من حالهم.

ولفظ «ترجون» يرى بعضهم أنه بمعنى تعتقدون. والوقار معناه: التعظيم والإجلال.

هذا مقام الدعوة بالترغيب ، ثم عدل بهم إلى دعوتهم بالترهيب فقال : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا ) أي : عظمة ، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقال ابن عباس : لا تعظمون الله حق عظمته ، أي : لا تخافون من بأسه ونقمته .

وقوله: ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: ما لكم لا ترون لله عظمة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) يقول: عظمة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: لا ترون لله عظمة.

حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، مثله.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح وقيس، عن مجاهد، في قوله: ( لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: لا تبالون لله عظمة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عمرو بن عبيد، عن منصور، عن مجاهد ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: كانوا لا يبالون عظمة الله.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) يقول: عظمة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: لا تبالون عظمة ربكم؛ قال: والرجاء: الطمع والمخافة.

وقال آخرون: معنى ذلك: لا تعظمون الله حق عظمته.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني سلم بن جنادة، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته.

وقال آخرون: ما لكم لا تعلمون لله عظمة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) يقول: ما لكم لا تعلمون لله عظمة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك ما لكم لا ترجون لله عاقبة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) أي عاقبة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: لا ترجون لله عاقبة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ما لكم لا ترجون لله طاعة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قول الله: ( مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) قال: الوقار: الطاعة.

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال: معنى ذلك: ما لكم لا تخافون لله عظمة، وذلك أن الرجاء قد تضعه العرب إذا صحبه الجحد في موضع الخوف، كما قال أبو ذُويب:

إذا لَسَـعَتْهُ النَّحْـلُ لَـم يَـرْجُ لَسْـعَها

وَخالَفَهـا فـي بَيْـتِ نُـوبٍ عَوَاسِـلِ (1)

يعني بقوله: " ولم يرج ": لم يخف.

التدبر :

وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ ومن وقاره أن تستحي منه في الخلوة أعظم مما تستحي من أكابر الناس.
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ قال ابن القيم: «ولو تمكَّن وقارُ الله وعظمتُه في قلب العبد، لما تجرَّأ على معاصيه».
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ لا يلتفت قلبٌ لمخلوق، ويتعلق به، إلا من ضعف توقيره وتعظيمه لربه، رب لا تكلنا لغيرك.
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ من أعظم الجهل والظلم أن تطلب التعظيم والتوقير من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره.
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ أي: ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أحدكم بالعقوبة، أي: أيُّ عذر لكم في ترك الخوف من الله.
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ لو عظَّموا الله وعرفوا حق عظمته وحَّدوه وأطاعوه وشكروه؛ فطاعته سبحانه واجتناب معاصيه والحياء منه بحسب وقاره في القلب.
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ ويحك، توقر مديرك وأميرك، وتخافهما وترعى حقهما أكثر من مراعاة حق الله، ما أعظم جهل العبد وأظلمه!
وقفة
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ الوقار بمعنى العظمة والسلطان، والمعنى: ما لكم لا تخافون عظمة الله وسلطانه!
عمل
[13] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾ إياك أن تجعل الله أهون الناظرين إليك.
وقفة
[13] وجوب توقير الله وتعظيمه بتوحيده وعدم الإشراك به ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا﴾.
وقفة
[13، 14] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ عجبًا ممن يطلب التعظيم والتوقير من الناس وقلبه خالٍ من تعظيم الله وتوقيره، نعوذ بالله من الجهل.
وقفة
[13، 14] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ المؤمن الصادق يتعرف على الله من خلال التفكر في مخلوقاته.
وقفة
[13، 14] ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ التفكر في تطور خلقك من نطفة حتى صرت خلْقًا سويًّا يزيد في القلب عبودية التوقير لله.
وقفة
[13، 14] توقير الله جل وعلا وتعظيمه ليس كلمات تتحرك بها الألسن بلا فهم أو عمل، أو عبادات ظاهرة يؤديها المرء بلا روح ﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّـهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ما لَكُمْ:
  • اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد الانكار. لكم: جار ومجرور متعلق بالخبر والميم علامة جمع الذكور. بمعنى: أي غرض لكم.
  • ﴿ لا تَرْجُونَ:
  • الجملة: الفعلية في محل نصب حال. لا: نافية لا عمل لها. ترجون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. أي لا تأملون. أو لا تخافون عظمة الله وعند الأخفش: لا تخافون لله عظمة.
  • ﴿ لِلَّهِ وَقاراً:
  • جار ومجرور للتعظيم متعلق بلا ترجون. وقارا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي توقيرا. بمعنى تعظيما. أي مالكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله اياكم في دار الثواب. لله: بيان للموقر وليس صلة للوقار لأنه تقدم عليه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد أن دعَاهُم للاستغفارِ، وبَيَّنَ لهم ثمراتِه؛ وَبَّخَهم هنا لسُوءِ أدَبِهم مع اللهِ، قال تعالى:
﴿ مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا

التفسير :

[14]وقد خلقكم في أطوار متدرجة:نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ولحماً؟

{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أي:خلقا [من] بعد خلق، في بطن الأم، ثم في الرضاع، ثم في سن الطفولية، ثم التمييز، ثم الشباب، إلى آخر ما وصل إليه الخلق، فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع، متعين أن يفرد بالعبادة والتوحيد، وفي ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على الإقرار بالمعاد، وأن الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يعيدهم بعد موتهم.

والأطوار: جمع طور، وهو المرة والتارة من الأفعال والأزمان.

أى: ما الذي حدث لكم- أيها القوم- حتى صرتم لا تعتقدون لله- تعالى- عظمة أو إجلالا، والحال أنه- سبحانه- هو الذي خلقكم وأوجدكم في أطوار متعددة، نطفة، فعلقة، فمضغة.

كما قال- سبحانه- وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً، فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ .

وكما قال- تعالى- اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً، يَخْلُقُ ما يَشاءُ، وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ .

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً قيل:

الرجاء هنا بمعنى الخوف.

أى: ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أخذكم بالعقوبة.

وقيل: المعنى: مالكم لا تعلمون لله عظمة.. أولا ترون لله عظمة.. أو لا تبالون أن لله عظمة.. والوقار: العظمة، والتوقير: التعظيم.. .

وبعد هذا الترغيب والترهيب والتوبيخ.. أخذ في لفت أنظارهم إلى عجائب صنع الله في خلقه، فقال: أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً. وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً.

( وقد خلقكم أطوارا ) قيل : معناه من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة ، ويحيى بن رافع ، والسدي ، وابن زيد .

وقوله: ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا )

يقول: وقد خلقكم حالا بعد حال، طورا نُطْفة، وطورا عَلَقة، وطورا مضغة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) يقول: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) قال: من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم ما ذكر حتى يتمّ خلقه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) طورا نطفة، وطورا علقة، وطورا عظاما، ثم كسا العظام لحما، ثم أنشأه خلقا آخر، أنبت به الشعر، فتبارك الله أحسن الخالقين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) قال: نطفة، ثم علقة، ثم خلقا طورا بعد طور.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) يقول: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) قال: طورا النطفة، ثم طورا أمشاجا حين يمشج النطفة الدم، ثم يغلب الدم على النطفة، فتكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون عظاما، ثم تكسى العظام لحما.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) قال: نطفة، ثم علقة، شيئا بعد شيء.

التدبر :

وقفة
[14] ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ كل طور هو إيجاد خلق لم يكن موجودًا من قبل، فالموجود في الصبي لم يكن موجودًا في الجنين، والموجود في الكهل لم يكن فيه وهو غلام، وهذا التطور العجيب دليل على إمكان الإيجاد بعد الموت.

الإعراب :

  • ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً:
  • الواو حالية والجملة بعدها: في محل نصب حال. قد: حرف تحقيق. خلقكم: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب حال والميم علامة جمع الذكور. أطورا: حال من الضمير في «خلقكم» منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. أي تارات: خلقكم أولا ترابا ثم خلقكم نطفا ثم خلقكم علقا ثم خلقكم عظاما ولحما ثم أنشأكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا أمَرَهم نُوحٌ عليه السَّلامُ بتَعظيمِ اللهِ؛ استَدَلَّ على التَّوحيدِ بوُجوهٍ مِنَ الدَّلائِلِ: ١- خَلْق الإنسانِ، قال تعالى:
﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ ..

التفسير :

[15] ألم تنظروا كيف خلق الله سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض

واستدل أيضا عليهم بخلق السماوات التي هي أكبر من خلق الناس، فقال:{ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} أي:كل سماء فوق الأخرى.

والاستفهام في قوله: أَلَمْ تَرَوْا.. للتقرير، والرؤية: بصرية وعلمية، لأنهم يشاهدون مخلوقات الله- تعالى- ويعلمون أنه- سبحانه- هو الخالق. وطِباقاً أى: متطابقة كل طبقة أعلى من التي تحتها.

أى: لقد علمتم ورأيتم أن الله- تعالى- هو الذي خلق سَبْعَ سَماواتٍ متطابقة، بعضها فوق بعض

وقوله : ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ) ؟ أي : واحدة فوق واحدة ، وهل هذا يتلقى من جهة السمع فقط ؟ أو هي من الأمور المدركة بالحس ، مما علم من التسيير والكسوفات ، فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها بعضا ، فأدناها القمر في السماء الدنيا وهو يكسف ما فوقه ، وعطارد في الثانية ، والزهرة في الثالثة ، والشمس في الرابعة ، والمريخ في الخامسة ، والمشتري في السادسة ، وزحل في السابعة . وأما بقية الكواكب - وهي الثوابت - ففي فلك ثامن يسمونه فلك الثوابت . والمتشرعون منهم يقولون : هو الكرسي ، والفلك التاسع ، وهو الأطلس ، والأثير عندهم الذي حركته على خلاف حركة سائر الأفلاك ، وذلك أن حركته مبدأ الحركات ، وهي من المغرب إلى المشرق ; وسائر الأفلاك عكسه من المشرق إلى المغرب ، ومعها يدور سائر الكواكب تبعا ، ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها ، فإنها تسير من المغرب إلى المشرق . وكل يقطع فلكه بحسبه ، فالقمر يقطع فلكه في كل شهر مرة ، والشمس في كل سنة مرة ، وزحل في كل ثلاثين سنة مرة ، وذلك بحسب اتساع أفلاكها وإن كانت حركة الجمع في السرعة متناسبة ، هذا ملخص ما يقولونه في هذا المقام ، على اختلاف بينهم في مواضع كثيرة ، لسنا بصدد بيانها ، وإنما المقصود أن الله سبحانه : ( خلق الله سبع سماوات طباقا)

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح صلوات الله وسلامه عليه، لقومه المشركين بربهم، محتجا عليهم بحجج الله في وحدانيته: (أَلَمْ تَرَوْا ) أيها القوم فتعتبروا(كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ) بعضها فوق بعض، والطباق: مصدر من قولهم: طابقت مطابقة وطباقا. وإنما عني بذلك: كيف خلق الله سبع سموات، سماء فوق سماء مطابقة.

التدبر :

وقفة
[15] ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّـهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ لا أحد يعلم أين تقع السماوات السبع؟! هل ما نراه حولنا وتوصلت إليه مراكب الفضاء هي السماء الدنيا؟ فأين باقي السماوات؟ هذا ما لا يعلمه أحد إلا الله.
وقفة
[15] ﴿أَلَم تَرَوا كَيفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبعَ سَماواتٍ طِباقًا﴾ أمر إلهى بالتأمل فى الكون من حولنا.
عمل
[15، 16] تأمل في خلق السموات والأرض واستخرج فائدتين ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّـهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَوْا:
  • الألف ألف استفهام لفظا ومعناه التقرير. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تروا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. خلق: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ سَبْعَ سَماواتٍ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. سموات: مضاف اليه مجرور وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ طِباقاً:
  • صفة- نعت- لسبع منصوبة وعلامة نصبها الفتحة. أي كل سماء كالطبق للأخرى أي طبقات جمع «طبقة».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ٢- خَلْق السَّماواتِ السَبْع، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ ..

التفسير :

[16] وجعل القمر في هذه السموات نوراً، وجعل الشمس مصباحاً مضيئاً يستضيء به أهل الأرض؟

{ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} لأهل الأرض{ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} .

ففيه تنبيه على عظم خلق هذه الأشياء، وكثرة المنافع في الشمس والقمر الدالة على رحمته وسعة إحسانه، فالعظيم الرحيم، يستحق أن يعظم ويحب ويعبد ويخاف ويرجى.

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً أى: وجعل- سبحانه- بقدرته القمر في السماء الدنيا نورا للأرض ومن فيها.

وإنما قال فِيهِنَّ مع أنه في السماء الدنيا، لأنها محاطة بسائر السموات فما فيها يكون كأنه في الكل. أو لأن كل واحدة منها شفافة، فيرى الكل كأنه سماء واحدة. فساغ أن يقال فيهن.

وقوله: وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً أى: كالسراج في إضاءتها وتوهجها وإزالة ظلمة الليل، إذ السراج هو المصباح الزاهر نوره، الذي يضيء ما حوله.

قال الآلوسى: قوله وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً أى: منورا لوجه الأرض في ظلمة الليل، وجعله فيهن مع أنه في إحداهن- وهي السماء الدنيا-، كما يقال: زيد في بغداد وهو في بقعة منها. والمرجح له الإيجاز والملابسة بالكلية والجزئية، وكونها طباقا شفافة.

وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً يزيل الظلمة.. وتنوينه للتعظيم، وفي الكلام تشبيه بليغ، ولكون السراج أعرف وأقرب، جعل مشبها به، ولاعتبار التعدي إلى الغير في مفهومه بخلاف النور، كان أبلغ منه. .

وقال بعض العلماء: وفي جعل القمر نورا، إيماء إلى أن ضوء القمر ليس من ذاته. فإن القمر مظلم. وإنما يستضيء بانعكاس أشعة الشمس على ما يستقبلها من وجهه، بحسب اختلاف ذلك الاستقبال من تبعض وتمام، هو أثر ظهوره هلالا.. ثم بدرا.

وبعكس ذلك جعلت الشمس سراجا، لأنها ملتهبة، وأنوارها ذاتية فيها، صادرة عنها إلى الأرض وإلى القمر، مثل أنوار السراج تملأ البيت.. .

( وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ) أي : فاوت بينهما في الاستنارة فجعل كلا منهما أنموذجا على حدة ، ليعرف الليل والنهار بمطلع الشمس ومغيبها ، وقدر القمر منازل وبروجا ، وفاوت نوره ، فتارة يزداد حتى يتناهى ثم يشرع في النقص حتى يستسر ، ليدل على مضي الشهور والأعوام ، كما قال : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ) [ يونس : 5 ] .

وقوله: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ) يقول: وجعل القمر في السموات السبع نورا(وَجَعَلَ الشَّمْسَ ) فيهن (سِرَاجًا ).

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثني أبي، عن قتادة (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) ذكر لنا أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يقول: إن ضوء الشمس والقمر نورهما في السماء، اقرءوا إن شئتم: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا )... إلى آخر الآية.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن عبد الله بن عمرو أنه قال: إن الشمس والقمر وجوههما قِبَل السموات، وأقفيتهما قِبَل الأرض، وأنا أقرأ بذلك آية من كتاب الله: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ).

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ) يقول: خلق القمر يوم خلق سبع سموات.

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول: إنما قيل (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ) على المجاز، كما يقال: أتيت بني تميم، وإنما أتى بعضهم.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ في جعل القمر نورًا إيماء إلى أن ضوء القمر ليس ذاتيًّا، فإن القمر مظلم، وإنما يستضيء بانعكاس أشعة الشمس عليه.

الإعراب :

  • ﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ:
  • الواو عاطفة. جعل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. القمر: مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: وصير.
  • ﴿ فِيهِنَّ نُوراً:
  • حرف جر. هن: ضمير الاناث عائد على «السموات» مبني على الفتح في محل جر بفي والجار والمجرور في محل نصب حال لأنه متعلق بصفة محذوفة لنورا مقدمة عليه وقيل: في بمعنى «مع» عند الكوفيين أي «معهن». نورا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً:
  • معطوفة بالواو على «وجعل الْقَمَرَ نُوراً» وتعرب إعرابها. أي ضياء.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ٣- تسخير الشمس والقمر، قال تعالى:
﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا

التفسير :

[17] والله أنشأ أصلكم من الأرض إنشاء

{ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} حين خلق أباكم آدم وأنتم في صلبه.

ثم انتقل نوح- عليه السلام- من تنبيههم إلى ما في خلق السموات والشمس والقمر من دلالة على وحدانية الله وقدرته.. إلى لفت أنظارهم إلى التأمل في خلق أنفسهم، وفي مبدئهم وإعادتهم إلى الحياة مرة أخرى بعد موتهم، فقال- كما حكى القرآن عنه-: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها، وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً.

والمراد بأنبتكم: أنشأكم وأوجدكم، فاستعير الإنبات للإنشاء للمشابهة بين إنبات النبات، وإنشاء الإنسان، من حيث إن كليهما تكوين وإيجاد للشيء بقدرته- تعالى-.

والمراد بأنبتكم: أنبت أصلكم وهو أبوكم آدم، فأنتم فروع عنه. ونَباتاً مصدر لأنبت على حذف الزوائد، فهو مفعول مطلق لأنبتكم، جيء به للتوكيد، ومصدره القياسي «إنباتا» ، واختير «نباتا» لأنه أخف.

قال الجمل: قوله: نباتا، يجوز أن يكون مصدرا لأنبت على حذف الزوائد. ويسمى اسم مصدر، ويجوز أن يكون مصدرا لنبتم مقدرا. أى: فنبتّم نباتا- فيكون منصوبا بالمطاوع المقدر. .

وقوله : ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ) هذا اسم مصدر ، والإتيان به ها هنا أحسن ،

(وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا ) يقول: والله أنشأكم من تراب الأرض، فخلقكم منه إنشاء.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَاللَّـهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ والنبات منه: الطيب والخبيث, والين والقاسي, ومآله للموت, وكذلك الإنسان.
وقفة
[17] ﴿وَاللَّـهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ أنبت أصلكم وهو أبوكم آدم، فنحن فروع من أبي البشر.
وقفة
[17، 18] ﴿وَاللَّـهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ كلماتٌ قليلة اختصرت رحلةً طويلة، من ساعة الخلق إلى ساعة البعث، ما أحرانا أن نتأملَها ونتدبرَ معانيها؛ لنعمل لحياتنا الباقية لا لحياتنا الفانية!

الإعراب :

  • ﴿ وَاللَّهُ:
  • الواو: استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة بعده: في محل رفع خبره.
  • ﴿ أَنْبَتَكُمْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً:
  • جار ومجرور متعلق بأنبتكم. نباتا: مفعول مطلق- مصدر- منصوب بأنبتكم لتضمنه معنى «نبتم» لتقارب المعنى وعلامة نصبه الفتحة على معنى أنبتكم فنبتم نباتا. أو نائب عن المصدر المؤكد لعامله لأنه ملاقيه في الاشتقاق أو هو اسم للمصدر أقيم الاسم مقام المصدر لأن المصدر اذا كان لأفعل فاسم المصدر فعال.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ٤- خَلْق آدم من ترابِ الأرض، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا

التفسير :

[18]ثم يعيدكم في الأرض بعد الموت، ويخرجكم يوم البعث إخراجاً محققاً

{ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا} عند الموت{ وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} للبعث والنشور، فهو الذي يملك الحياة والموت والنشور.

أى: والله- تعالى- هو الذي أوجد وأنشأ أباكم آدم من الأرض إنشاء وجعلكم فروعا عنه، ثم يعيدكم إلى هذه الأرض بعد موتكم لتكون قبورا لكم، ثم يخرجكم منها يوم البعث للحساب والجزاء.

وعبر- سبحانه- عن الإنشاء بالإنبات، لأن هذا التعبير يشعر بأن الإنسان مخلوق محدث، وأنه مثل النبات يحصد ثم يعود إلى الحياة مرة أخرى.

وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله: «استعير الإنبات للإنشاء كما يقال: زرعك الله للخير. وكانت هذه الاستعارة أدل دليل على الحدوث لأنهم إذا كانوا نباتا كانوا محدثين لا محالة حدوث النبات» .

( ثم يعيدكم فيها ) أي : إذا متم ) ويخرجكم إخراجا ) أي : يوم القيامة يعيدكم كما بدأكم أول مرة .

(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ) يقول: ثم يعيدكم في الأرض كما كنتم ترابا فيصيركم كما كنتم من قبل أن يخلقكم (وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ) يقول ويخرجكم منها إذا شاء أحياء كما كنتم بشرا من قبل أن يعيدكم فيها، فيصيركم ترابا إخراجا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[18] ﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ الناس الذين نبتوا من الأرض سيعودون إلى جوفها مرة أخرى، يعيدهم الله إليها كما أنبتهم منها.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها:
  • حرف عطف. يعيدكم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. فيها: جار ومجرور متعلق بيعيدكم أي مقبورين.
  • ﴿ وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً:
  • معطوفة بالواو على «يعيدكم» وتعرب إعرابها. أي ثم يخرجكم يوم القيامة. اخراجا: مفعول مطلق- مصدر- منصوب وعلامة نصبه الفتحة وتاكيد الاخراج بالمصدر بمعنى: حقا لا محالة و «في» في «فيها» بمعنى «إلى» أي يعيدكم الى الأرض.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ٥، ٦- عودة الإنسان إلى الأرض بعد الموت، ثم خروجه منها للبعث، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا

التفسير :

[19]والله جعل لكم الأرض ممهدة كالبساط

{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} أي:مبسوطة مهيأة للانتفاع بها.

ثم ختم نوح- عليه السلام- إرشاداته لقومه، بلفت أنظارهم إلى نعمة الأرض التي يعيشون عليها، فقال: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً.

أى: والله- تعالى- وحده هو الذي جعل لكم- بفضله ومنته- الأرض مبسوطة.

حيث تتقلبون عليها كما يتقلب النائم على البساط.

وجعلها لكم كذلك لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا أى: لكي تتخذوا منها لأنفسكم طرقا فِجاجاً أى: متسعة جمع فج وهو الطريق الواسع.

وقوله: بِساطاً تشبيه بليغ. أى: جعلها لكم كالبساط، وهذا لا يتنافى مع كون الأرض كروية، لأن الكرة إذا عظمت جدا، كانت القطعة منها كالسطح والبساط في إمكان الانتفاع بها، والتقلب على أرجائها.

( والله جعل لكم الأرض بساطا ) أي : بسطها ومهدها وقررها وثبتها بالجبال الراسيات الشم الشامخات .

القول في تأويل قوله تعالى : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح لقومه، مذكِّرهم نِعَم ربه: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِسَاطًا ) تستقرّون عليها وتمتهدونها.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا﴾ فلولا أنه بسطها لما تمكنا من حرثها وغرسها وزرعها والبناء والسكون على ظهرها.
وقفة
[19، 20] ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا﴾ قال السعدي: «فلولا أنه بسطها لما تمكنا من حرثها وغرسها وزرعها والبناء والسكون على ظهرها».

الإعراب :

  • ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً:
  • الواو عاطفة. والجملة الفعلية بعد لفظ الجلالة في محل رفع خبره ولفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة بعده أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة. لكم: جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور أو متعلق بصفة مقدمة لبساطا.'

المتشابهات :

النحل: 72﴿ وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
النحل: 80﴿ وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا
النحل: 81﴿ وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا
نوح: 19﴿ وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم الْأَرْضَ بِسَاطًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ٧- جعل الأرض مبسوطة مهيَّأة للسُّكْنى، قال تعالى:
﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا

التفسير :

[20]لتسلكوا فيها طرقاً واسعة.

{ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} فلولا أنه بسطها، لما أمكن ذلك، بل ولا أمكنهم حرثها وغرسها وزرعها، والبناء، والسكون على ظهرها.

وهكذا نرى أن نوحا- عليه السلام- قد سلك مع قومه مسالك متعددة لإقناعهم بصحة ما يدعوهم إليه، ولحملهم على طاعته، والإيمان بصدق رسالته.

لقد دعاهم بالليل والنهار، وفي السر وفي العلانية، وبين لهم أن طاعتهم لله- تعالى- تؤدى إلى إمدادهم بالأموال والأولاد، والجنات والأنهار ووبخهم على عدم خشيتهم من الله- تعالى- وذكرهم بأطوار خلقهم، ولفت أنظارهم إلى بديع صنعه- سبحانه- في خلق السموات والشمس والقمر، ونبههم إلى نشأتهم من الأرض، وعودتهم إليها، وإخراجهم منها للحساب والجزاء، وأرشدهم إلى نعم الله- تعالى- في جعل الأرض مبسوطة لهم.

وهكذا حاول نوح- عليه السلام- أن يصل إلى آذان قومه وإلى عقولهم وقلوبهم، بشتى الأساليب الحكيمة، والتوجيهات القويمة، في صبر طويل وإرشاد دائم.

ولكن قومه كانوا قد بلغوا الغاية في الغباء والجهالة والعناد والطغيان، لذا نرى السورة الكريمة تحكى عن نوح- عليه السلام- ضراعته إلى ربه، والتماسه منه- تعالى- استئصال شأفتهم، وقطع دابرهم، لنستمع في تدبر إلى قوله- تعالى-.

( لتسلكوا منها سبلا فجاجا ) أي : خلقها لكم لتستقروا عليها وتسلكوا فيها أين شئتم ، من نواحيها وأرجائها وأقطارها ، وكل هذا مما ينبههم به نوح عليه السلام على قدرة الله وعظمته في خلق السماوات والأرض ، ونعمه عليهم فيما جعل لهم من المنافع السماوية والأرضية ، فهو الخالق الرزاق ، جعل السماء بناء ، والأرض مهادا ، وأوسع على خلقه من رزقه ، فهو الذي يجب أن يعبد ويوحد ولا يشرك به أحد ; لأنه لا نظير له ولا عديل له ، ولا ند ولا كفء ، ولا صاحبة ولا ولد ، ولا وزير ولا مشير ، بل هو العلي الكبير .

وقوله: ( لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا ) يقول: لتسلكوا منها طرقا صعابا متفرقة؛ والفجاج: جمع فجّ، وهو الطريق.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا ) قال: طرقا وأعلاما.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا ) قال: طرقا.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا ) يقول: طُرقًا مختلفة.

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ لِتَسْلُكُوا مِنْها:
  • اللام: لام التعليل حرف جر. تسلكوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. منها: جار ومجرور متعلق بتسلكوا. وجملة «تسلكوا منها» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الإعراب. و«ان» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بجعل. أو في محل نصب مفعول من أجله.
  • ﴿ سُبُلًا فِجاجاً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. فجاحا: صفة- نعت- لسبلا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. أي طرقا واسعة منفجة. وهي جمع «فج».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ٨- الطرق الواسعة، قال تعالى:
﴿ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي ..

التفسير :

[21] قال نوح:ربِّ إن قومي بالغوا في عصياني وتكذيبي، واتبع الضعفاءُ منهم الرؤساءَ الضالين الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالاً في الدنيا وعقاباً في الآخرة

{ قَالَ نُوحٌ} شاكيا لربه:إن هذا الكلام والوعظ والتذكير ما نجع فيهم ولا أفاد.

{ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} فيما أمرتهم به{ وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} أي:عصوا الرسول الناصح الدال على الخير، واتبعوا الملأ والأشراف الذين لم تزدهم أموالهم ولا أولادهم إلا خسارا أي:هلاكا وتفويتا للأرباح فكيف بمن انقاد لهم وأطاعهم؟!

وقوله- سبحانه-: قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا.. كلام مستأنف. لأن ما سبقه يستدعى سؤالا تقديره: ماذا كانت عاقبة قوم نوح بعد أن نصحهم ووعظهم بتلك الأساليب المتعددة؟ فكان الجواب: قالَ نُوحٌ- عليه السلام- بعد أن طال نصحه لقومه، وبعد أن مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وبعد أن يئس من إيمانهم وبعد أن أخبره- سبحانه- أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن.

قالَ متضرعا إلى ربه رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي أى: إن قومي قد عصوني وخالفوا أمرى، وكرهوا صحبتي، وأصروا واستكبروا استكبروا استكبارا عظيما عن دعوتي.

وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً أى: إنهم أصروا على معصيتي، ولم يكتفوا بذلك بل بجانب إعراضهم عنى، اتبعوا غيرى.. اتبعوا رؤساءهم أهل الأموال والأولاد الذين لم تزدهم النعم التي أنعمت بها عليهم إلا خسرانا وجحودا، وضلالا في الدنيا، وعقوبة في الآخرة.

فالمراد بالذين لم يزدهم مالهم وولدهم إلا خسارا: أولئك الكبراء والزعماء الذين رزقهم الله المال والولد، ولكنهم استعملوا نعمه في معصيته لا في طاعته.

يقول تعالى مخبرا عن نوح عليه السلام ، أنه أنهى إليه ، وهو العليم الذي لا يعزب عنه شيء ، أنه مع البيان المتقدم ذكره ، والدعوة المتنوعة المتشملة على الترغيب تارة والترهيب أخرى : أنهم عصوه وكذبوه وخالفوه ، واتبعوا أبناء الدنيا ممن غفل عن أمر الله ، ومتع بمال وأولاد ، وهي في نفس الأمر استدراج وإنظار لا إكرام ; ولهذا قال : ( واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ) قرئ ) وولده ) بالضم وبالفتح ، وكلاهما متقارب .

وقوله: ( قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي ) فخالفوا أمري، وردّوا عليّ ما دعوتهم إليه من الهدى والرشاد ( وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَارًا ) يقول: واتبعوا في معصيتهم إياي من دعاهم إلى ذلك، ممن كثر ماله وولده، فلم تزده كثرة ماله وولده إلا خسارا، بُعدا من الله، وذهابا عن مَحَجَّة الطريق.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَوَلَدُهُ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة: ( وَوَلَدُهُ ) بفتح الواو واللام، وكذلك قرءوا ذلك في جميع القرآن. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بضم الواو وسكون اللام، وكذلك كلّ ما كان من ذكر الولد من سورة مريم إلى آخر القرآن. وقرأ أبو عمرو كلّ ما في القرآن من ذلك بفتح الواو واللام في غير هذا الحرف الواحد في سورة نوح، فإنه كان يضمّ الواو منه.

والصواب من القول عندنا في ذلك، أن كلّ هذه القراءات قراءات معروفات، متقاربات المعاني، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

وقفة
[21] ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾ سبحان الله! ما أعظم أدب هذا النبي الكريم مع الله! إذ نزَّه الله عن فعل قومه فنسب عصيانهم إلى أمره هو، فلم يقل: (عَصَوكَ).
وقفة
[21] ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾ الشكوى لله فقط.
عمل
[21] ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾ إذا اعترضَت طريقَك عقَبةٌ كؤودٌ، فلا تبتئس ولا تحزن، ولكن ارفع إلى مولاك يدَيك، وقُل: يا رب، يا رب.
وقفة
[21] ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ فإن البسط لهم في الدنيا كان سببًا لطغيانهم وبطرهم، واتباعهم لأهوائهم حتى كفروا واستغلوا غيرهم، فغلبوا عليهم، فكانوا سببًا في شقائهم وخسارتهم بخسارتهم.
وقفة
[21] البعض يفسده المال، والبعض يفسده العيال.
وقفة
[21] وبعد تفصيل للنعم، نجد قول نوح عليه السلام: ﴿رَبِّ إِنَّهُم عَصَوني وَاتَّبَعوا مَن لَم يَزِدهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلّا خَسارًا﴾، البعض لا فائدة ترجى منه، فلا إيمان ولا إذعان.
وقفة
[21] ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ أحيانًا يكون الحصول على المال وجمعه خسائر لا أرباح.
وقفة
[21] ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ ما أكثرَ المتبوعينَ الذين يُسَخِّرون مالهم وجاههم في صدِّ الخَلق عن الحقِّ! فلا يزيدُهم ذلك إلا خسارًا.
وقفة
[21] ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ اتَّبع أهلَ الدين والتقوى؛ فإنهم كحامل المسك لا تنالُ منهم إلا طِيبًا، وإياك وأهلَ الدنيا؛ فإنهم كنافخ الكِير، إن لم يُحرق ثوبَك آذاكَ بريحه الخبيثة.
عمل
[21] ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾ إن أغلى ما تَمْلِكُ عقلَك فلا تبِعهُ لأحد، وإياك والتبعيَّةَ العمياء؛ فإنها تُفضي إلى الهُلكِ والضياع.
وقفة
[21] من أعداء الدعوة من يؤتى مالًا وولدًا، لكنه سيكون وبالًا عليه: ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾، فلا يحزن الداعية حينئذ.
وقفة
[21] دور الأكابر في إضلال الأصاغر ظاهر مُشَاهَد ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ نُوحٌ رَبِّ:
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة. نوح: فاعل مرفوع بالضمة وما بعده في محل نصب مفعول به- مقول القول-.
  • ﴿ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان» عصوني: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون: نون الوقاية. والياء ضمير متصل- ضمير المتكلم- في محل نصب مفعول به. وجملة «عصوني» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ وَاتَّبَعُوا مَنْ:
  • معطوفة بالواو على «عصوا» وتعرب إعرابها. من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يزده: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. ماله: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً:
  • معطوفة بالواو على «ماله» وتعرب إعرابها. إلا: أداة حصر لا عمل لها. خسارا: مفعول به ثان منصوب وعلامة الفتحة أي خسارة بمعنى هلاكا في الآخرة.'

المتشابهات :

الإسراء: 82﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا
فاطر: 39﴿وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا
نوح: 21﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     وبعد أن دعا نوحٌ عليه السَّلامُ قَومَه إلى اللهِ، ونَبَّهَهم على هذه الدَّلائِلِ الظَّاهِرةِ؛ حكَى عنهم أنواعَ قَبائِحِهم وأقوالِهم وأفعالِهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وولده:
1- بفتح الواو واللام، وهى قراءة السلمى، والحسن، وأبى رجاء. وابن وثاب، وأبى جعفر، وشيبة، ونافع، وعاصم، وابن عامر.
وقرئ:
2- بضم الواو وسكون اللام، وهى قراءة ابن الزبير، والحسن أيضا، والنخعي، والأعرج، ومجاهد، والأخوين، وابن كثير، وأبى عمرو، ونافع، فى رواية خارجة.
3- بكسر الواو وسكون اللام، وهى قراءة الحسن أيضا، والجحدري، وقتادة، وزر، وطلحة، وابن أبى إسحاق، وأبى عمرو، فى رواية.

مدارسة الآية : [22] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا

التفسير :

[22] ومكر رؤساء الضلال بتابعيهم من الضعفاء مكراً عظيماً

{ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} أي:مكرا كبيرا بليغا في معاندة الحق.

وقوله: وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً صفة أخرى من صفاتهم الذميمة، وهو معطوف على صلة «من» والجمع باعتبار معناها، كما أن الإفراد في الضمائر السابقة باعتبار اللفظ.

والمكر: هو التدبير في خفاء لإنزال السوء بالممكور به.

أى: أن هؤلاء الزعماء الذين استعملوا نعمك في الشر، لم يكتفوا بتحريض أتباعهم على معصيتي، بل مكروا بي وبالمؤمنين مكرا قد بلغ النهاية في الضخامة والعظم.

فقوله: كُبَّاراً مبالغة في الكبر والعظم. أى: مكرا كبيرا جدا لا تحيط بحجمه العبارة.

وكان من مظاهر مكرهم: تحريضهم لسفلتهم على إنزال الأذى بنوح- عليه السلام- وبأتباعه، وإيهامهم لهؤلاء السفلة أنهم على الحق، وأن نوحا ومن معه على الباطل.

وقوله : ( ومكروا مكرا كبارا ) قال مجاهد : ( كبارا ) أي عظيما . وقال ابن زيد : ( كبارا ) أي : كبيرا . والعرب تقول : أمر عجيب وعجاب وعجاب . ورجل حسان ، وحسان : وجمال وجمال ، بالتخفيف والتشديد ، بمعنى واحد .

والمعنى في قوله : ( ومكروا مكرا كبارا ) أي : باتباعهم في تسويلهم لهم بأنهم على الحق والهدى ، كما يقولون لهم يوم القيامة : ( بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ) [ سبأ : 33 ] ولهذا قال هاهنا : ( ومكروا مكرا كبارا )

وقوله: ( وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ) يقول: ومكروا مكرا عظيما.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( كُبَّارًا ) قال: عظيما.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا ) كثيرا، كهيئة قوله: لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا والكُبَّار: وهو &; 23-639 &; الكبير، كما قال ابن زيد، تقول العرب: أمر عجيب وعجاب بالتخفيف، وعُجَّاب بالتشديد؛ ورجل حُسَان وحَسَّان، وجُمال وَجمَّالٌ بالتخفيف والتشديد، وكذلك كبير وكُبَّار بالتخفيف والتشديد.

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ حين يصف الله الكبير مكرهم بالكِبَر، فتخيل كيف يكون؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَمَكَرُوا:
  • معطوفة بالواو على «لَمْ يَزِدْهُ» وهي تعرب إعراب «اتبعوا» أي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والضمير راجع الى «من» وهو بصيغة الجمع لأن «من» مفرد لفظا بمعنى الجمع.
  • ﴿ مَكْراً كُبَّاراً:
  • مفعول مطلق- مصدر- منصوب وعلامة نصبه الفتحة. كبارا: صفة- نعت- لمكرا منصوبة مثلها بالفتحة وفي التشديد مبالغة أي مكرا عظيما أي مفرطا في الكبر.'

المتشابهات :

النمل: 50﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
نوح: 22﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     ولَمَّا كانَتْ كَثْرَةُ الرُّؤَساءِ قُوَّةً أُخْرى إلى قُوَّتِهِمْ بِمَتاعِ الدُّنْيا، وكانَ التَّقْدِيرُ: فَأمَرْتُهم بِالإيمانِ فَأبَوْا، وأمَرُوهم بِالكُفْرِ فانْقادُوا لَهُمْ؛ بَيَّنَ هنا أن هَؤُلاءِ الرُّؤَساءَ مكروا مكرًا كبيرًا بليغًا في معاندة الحقِّ، قال تعالى:
﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

كبارا:
1- بتشديد الباء، وهى لغة يمانية، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بخف الباء، وهى قراءة عيسى، وابن محيصن، وأبى السمال.
3- بكسر الكاف وفتح الباء، وهى قراءة زيد بن على، وابن محيصن، فيما روى عنه أبو الإخريط وهب بن واضح.

مدارسة الآية : [23] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا ..

التفسير :

[23]وقالوا لهم:لا تتركوا عبادة آلهتكم إلى عبادة الله وحده، التي يدعو إليها نوح، ولا تتركوا وَدّاً ولا سُواعاً ولا يغوث ويعوق ونَسْراً، وهي أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، وكانت أسماء رجال صالحين، لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يقيمو

{ وَقَالُوا} لهم داعين إلى الشرك مزينين له:{ لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} فدعوهم إلى التعصب على ما هم عليه من الشرك، وأن لا يدعوا ما عليه آباؤهم الأقدمون، ثم عينوا آلهتهم فقالوا:{ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} وهذه أسماء رجال صالحين لما ماتوا زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم لينشطوا -بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها، ثم طال الأمد، وجاء غير أولئك فقال لهم الشيطان:إن أسلافكم يعبدونهم، ويتوسلون بهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ولهذا أوصى رؤساؤهم للتابعين لهم أن لا يدعوا عبادة هذه الآلهة.

وكان من مظاهر مكرهم- أيضا- ما حكاه القرآن بعد ذلك عنهم في قوله: وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً.

أى: ومن مظاهر مكر هؤلاء الرؤساء أنهم قالوا لأتباعهم. احذروا أن تتركوا عبادة آلهتكم، التي وجدتم على عبادتها آباءكم، واحذروا أيضا أن تتركوا عبادة هذه الأصنام الخمسة بصفة خاصة، وهي: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا.

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله. فقد روى البخاري عن ابن عباس: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما «ود» فكانت لقبيلة بنى كلب بدومة الجندل. وأما «سواع» فكانت لهذيل، وأما «يغوث» فكانت لبنى غطيف، وأما «يعوق» فكانت لهمدان، وأما «نسر» فكانت لحمير.

وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح- عليه السلام- فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون عليها أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا.

وقال ابن جرير: كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر. فعبدوهم. .

وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله .

قال البخاري : حدثنا إبراهيم ، حدثنا هشام ، عن ابن جريج وقال عطاء ، عن ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد : أما ود : فكانت لكلب بدومة الجندل ; وأما سواع : فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ، أما يعوق : فكانت لهمدان ، وأما نسر : فكانت لحمير لآل ذي كلاع ، وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ، ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت

وكذا روي عن عكرمة والضحاك وقتادة وابن إسحاق نحو هذا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هذه أصنام كانت تعبد في زمن نوح .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن موسى عن محمد بن قيس ) [ يغوث ] ويعوق ونسرا ) قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم .

وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث عليه السلام ، من طريق إسحاق بن بشر قال : وأخبرني جويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس أنه قال : ولد لآدم عليه السلام ، أربعون ولدا ، عشرون غلاما وعشرون جارية ، فكان ممن عاش منهم : هابيل وقابيل وصالح وعبد الرحمن - والذي كان سماه عبد الحارث - وود وكان ود يقال له " شيث " ويقال له : " هبة الله " وكان إخوته قد سودوه ، وولد له سواع ويغوث ويعوق ونسر .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو عمر الدوري ، حدثني أبو إسماعيل المؤدب ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن أبي حزرة عن عروة بن الزبير قال : اشتكى آدم عليه السلام ، وعنده بنوه : ود ويغوث [ ويعوق ] وسواع ونسر - قال وكان ود أكبرهم وأبرهم به .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا يعقوب ، عن أبي المطهر قال : ذكروا عند أبي جعفر - وهو قائم يصلي - يزيد بن المهلب قال : فلما انفتل من صلاته قال : ذكرتم يزيد بن المهلب أما إنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله . قال : ثم ذكر ودا - قال : وكان ود رجلا مسلما وكان محببا في قومه ، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه ، فلما رأى إبليس جزعهم عليه ، تشبه في صورة إنسان ، ثم قال : إني أرى جزعكم على هذا الرجل ، فهل لكم أن أصور لكم مثله ، فيكون في ناديكم فتذكرونه ؟ قالوا : نعم ، فصور لهم مثله ، قال : ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه ، فلما رأى ما بهم من ذكره قال : هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ، فيكون له في بيته فتذكرونه ؟ قالوا : نعم . قال : فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله ، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به ، قال : وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به ، قال وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إياه ، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم ، فكان أول ما عبد من غير الله الصنم الذي سموه ودا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالا (24)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن إخبار نوح، عن قومه: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) كان هؤلاء نفرًا من بني آدم فيما ذُكر عن آلهة القوم التي كانوا يعبدونها.

وكان من خبرهم فيما بلغنا ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمد بن قيس (وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال: كانوا قومًا صالحين من بنى آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صوّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوّروهم، فلما ماتوا، وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقون المطر فعبدوهم.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرِمة، قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام.

وقال آخرون: هذه أسماء أصنام قوم نوح.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال: كان ودّ لهذا الحيّ من كَلْب بدومة الجَندل، وكانت سُواع لهذيل برياط، وكان يغوث لبني عُطَيف من مُراد بالجُرْف من سبَأ، وكان يعوق لهمدان ببلخع، وكان نسر لذي كلاع من حِمْير؛ قال: وكانت هذه الآلهة يعبدها قوم نوح، ثم اتخذها العرب بعد ذلك. والله ما عدا خشبة أو طينة أو حجرًا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال: كانت آلهة يعبدها قوم نوح، ثم عبدتها العرب بعد ذلك، قال: فكان ودّ لكلب بدومة الجندل، وكان سُواعٌ لهُذَيل، وكان يغوث لبني عطيف من مراد بالجُرف، وكان يعوق لهمْدان، وكان نَسْر لذي الكُلاع من حِمْير.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال: هذه أصنام كانت تُعبد في زمان نوح.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال: هذه أصنام، وكانت تُعبد في زمان نوح.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) هي آلهة كانت تكون باليمن.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) قال: هذه آلهتهم التي يعبدون.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وُدًّا ) فقرأته عامة قرّاء المدينة ( وُدًّا ) بضم الواو، وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة: (وَدًّا ) بفتح الواو.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

وقفة
[23] ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ قال ابن جرير: «كانوا قومًا صالحين من بنى آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صوّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوَّروهم، فلما ماتوا، وجاء آخرون دبَّ إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يُسقون المطر، فعبدوهم».
وقفة
[23] ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ كفار اليوم ككفار الأمس، لا يفتؤون يزيِّنون الشرورَ للعامة، ويصرفونهم عن الحق؛ بفتح أبواب الشُّبهات وإثارة الشهوات، مستخدمين في ذلك كلَّ الوسائل من مال وإعلام وغيرهما.
وقفة
[23] ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ انظر إلى جلَدِ الكفار في الإفساد، وتواصيهم وصبرهم على باطلهم، أوَ ليس أهلُ الحقِّ أولى بذلك!

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو: عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به- مقول القول-.
  • ﴿ لا تَذَرُنَّ:
  • ناهية جازمة. تذرن: فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة في محل جزم بلا الناهية. وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد الثقيلة لا محل لها من الإعراب. أي لا تتركن وهذا الفعل لا ماضي له.
  • ﴿ آلِهَتَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور وهو قول الماكرين «الرؤساء» لهم. أي لا تتركوا آلهتكم إلى عبادة رب نوح.
  • ﴿ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا:
  • معطوفة بالواو على «لا تَذَرُنَّ» وتعرب إعرابها. ودا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وهو صنم من أصنام قوم نوح. وقيل كان على صورة رجل.
  • ﴿ وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً:
  • اسماء لأصنام أخرى معطوفة بواوات العطف على «ودا» منصوبة بالفتحة. و «لا» زائدة للتوكيد. ومنع «يغوث» و «يعوق» من الصرف للتعريف ووزن الفعل أي لأنهما يشبهان الفعل المضارع. وقيل كان «سواع» على صورة امرأة. و «يغوث» على صورة أسد و «يعوق» على صورة فرس.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ أن الرُّؤَساءَ مكروا مكرًا كبيرًا بليغًا؛ بَيَّنَ هنا مكرَهم المُتمثِّلَ في دعوتِهم إلى التَّعصُّبِ على ما هم عليه من الشِّركِ، وأن لا يَدَعُوا ما عليه آباؤهم الأقدمون، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ودا:
قرئ:
1- بضم الواو، وهى قراءة نافع، وأبى جعفر، وشيبة، بخلاف عنهم.
2- بفتحها، وهى قراءة الحسن، والأعمش، وطلحة، وباقى السبعة.
ولا يغوث ويعوق:
1- بغير تنوين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتنوينهما، وهى قراءة الأشهب.

مدارسة الآية : [24] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ ..

التفسير :

[24]وقد أضلَّ هؤلاء المتبوعون كثيراً من الناس بما زيَّنوا لهم من طرق الغَواية والضلال. ثم قال نوح عليه السلام:ولا تزد -يا ربنا- هؤلاء الظالمين لأنفسهم بالكفر والعناد إلا بُعْداً عن الحق

{ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} أي:وقد أضل الكبار والرؤساء بدعوتهم كثيرا من الخلق،{ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} أي:لو كان ضلالهم عند دعوتي إياهم بحق، لكان مصلحة، ولكن لا يزيدون بدعوة الرؤساء إلا ضلالا أي:فلم يبق محل لنجاحهم ولا لصلاحهم، ولهذا ذكر الله عذابهم وعقوبتهم الدنيوية والأخروية،

وقوله- تعالى-: وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً، وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا معمول لقول مقدر، وهذا القول المقدر معطوف على أقوال نوح السابقة.

أى: قال نوح مناجيا ربه بعد أن يئس من إيمان قومه: يا رب، إن قومي قد عصوني، وإنهم قد اتبعوا رؤساءهم المغرورين، وإن هؤلاء الرؤساء قد مكروا بي وبأتباعى مكرا عظيما، ومن مظاهر مكرهم أنهم حرضوا السفهاء على العكوف على عبادة أصنامهم.. وأنهم قد أضلوا خلقا كثيرا بأن حببوهم في الكفر وكرهوا إليهم الإيمان.

وقال نوح- أيضا- وأسألك يا رب أن لا تزيد الكافرين إلا ضلالا على ضلالهم، فأنت الذي أخبرتنى بأنه لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ.

وإذا فدعاء نوح- عليه السلام- عليهم بالازدياد من الضلال الذي هو ضد الهدى، إنما كان بعد أن يئس من إيمانهم، وبعد أن أخبره ربه أنهم لن يؤمنوا.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً الضمير للرؤساء، ومعناه: وقد أضلوا كثيرا قبل هؤلاء الذين أمروهم بأن يتمسكوا بعبادة الأصنام.. ويجوز أن يكون الضمير للأصنام، كقوله- تعالى- إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ.

فإن قلت: علام عطف قوله: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا؟ قلت: على قوله رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي على حكاية كلام نوح.. ومعناه: قال رب إنهم عصون، وقال: ولا تزد الظالمين إلا ضلالا.

فإن قلت: كيف جاز أن يريد لهم الضلال، ويدعو الله بزيادته؟ قلت: لتصميمهم على الكفر، ووقوع اليأس من إيمانهم.. ويجوز أن يريد بالضلال: الضياع والهلاك.. .

وقوله : ( وقد أضلوا كثيرا ) يعني الأصنام التي اتخذوها أضلوا بها خلقا كثيرا ، فإنه استمرت عبادتها في القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم وسائر صنوف بني آدم . وقد قال الخليل عليه السلام ، في دعائه : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) [ إبراهيم : 35 ، 36 ] .

وقوله : ( ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ) دعاء منه على قومه لتمردهم وكفرهم وعنادهم ، كما دعا موسى على فرعون ومثله في قوله : ( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) [ يونس : 88 ] وقد استجاب الله لكل من النبيين في قومه ، وأغرق أمته بتكذيبهم لما جاءهم به .

وقوله: (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح: وقد ضلّ بعبادة هذه الأصنام التي أُحدثت على صور هؤلاء النفر المسمينَ في هذا الموضع كثير من الناس فنُسِب الضّلال إذ ضلَّ بها عابدوها إلى أنها المُضِلة.

وقوله: (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالا ) يقول: ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم بآياتنا إلا ضلالا إلا طبعًا على قلبه، حتى لا يهتدي للحقّ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[24] ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ لعل ضلال الظالمين اليوم هو أثر استجابة دعوة نبي الله نوح من آلاف السنين!
وقفة
[24] الضلال والخيبة وعدم الهداية مصير كل ظالم ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾، ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 358]، ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ [طه: 111].

الإعراب :

  • ﴿ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً:
  • الواو حالية. والجملة بعدها: في محل نصب حال. قد: حرف تحقيق. أضلوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة. كثيرا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والضمير في «أضلوا» للرؤساء. أي أضل الرؤساء كثيرا من المتمسكين بعبادة الزصنام ويجوز أن تكون «كثيرا» صفة نائبة عن المصدر. أي وقد أضلوا بإضلالهم إضلالا كثيرا ويجوز أن يكون الضمير للأصنام. أي أضلوا كثيرا من الناس.
  • ﴿ وَلا تَزِدِ:
  • الواو عاطفة. لا: للدعاء بصيغة النهي. والعطف على قوله «انهم عصوني» على حكاية كلام نوح عليه السلام بعد «قال» وبعد الواو النائبة عنه. ومعناه: قال رب إنهم عصوني، وقال: لا تزد الظالمين الاضلالا والجملة في محل نصب مفعول به- مقول القول-. تزد: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. وحذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ الظَّالِمِينَ:
  • مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ إِلَّا ضَلالًا:
  • أداة حصر لا عمل لها. ضلالا: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.'

المتشابهات :

نوح: 24﴿وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا
نوح: 28﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد بيان ما قاله الرُّؤَساءُ؛ ذكرَ هنا أن هؤلاء الرؤساء أضلوا بدعوتهم كثيرًا من الخلق، ثم دعا على قومه؛ لتمردهم وعنادهم، قال تعالى:
﴿ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ..

التفسير :

[25]فبسبب ذنوبهم وإصرارهم على الكفر والطغيان أُغرقوا بالطوفان، وأُدخلوا عقب الإغراق ناراً عظيمة اللهب والإحراق، فلم يجدوا من دون الله مَن ينصرهم، أو يدفع عنهم عذاب الله.

{ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} في اليم الذي أحاط بهم{ فَأُدْخِلُوا نَارًا} فذهبت أجسادهم في الغرق وأرواحهم للنار والحرق، وهذا كله بسبب خطيئاتهم، التي أتاهم نبيهم نوح ينذرهم عنها، ويخبرهم بشؤمها ومغبتها، فرفضوا ما قال، حتى حل بهم النكال،{ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} ينصرونهم حين نزل بهم الأمر الأمر، ولا أحد يقدر يعارض القضاء والقدر.

وقوله- سبحانه-: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً كلام معترض بين ضراعات نوح إلى ربه. والمقصود به التعجيل ببيان سوء عاقبتهم، والتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه.

و «من» في قوله مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ للتعليل، و «ما» مزيدة لتأكيد هذا التعليل.

والخطيئات جمع خطيئة، والمراد بها هنا: الإشراك به- تعالى- وتكذيب نوح- عليه السلام- والسخرية منه ومن المؤمنين.

أى: بسبب خطيئاتهم الشنيعة، وليس بسبب آخر أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً يصلون سعيرها في قبورهم إلى يوم الدين، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.

وهم عند ما نزل بهم الطوفان الذي أهلكهم، وعند ما ينزل بهم عذاب الله في الآخرة. لن يجدوا أحدا ينصرهم ويدفع عنهم عذابه- تعالى- لا من الأصنام التي تواصوا فيما بينهم بالعكوف على عبادتها، ولا من غير هذه الأصنام.

فالآية الكريمة تعريض بمشركي قريش، الذين كانوا يزعمون أن أصنامهم ستشفع لهم يوم القيامة، والذين حكى القرآن عنهم قولهم: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى.

والتعبير بالفاء في قوله: أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً للإشعار بأن دخولهم النار كان في أعقاب غرقهم بدون مهلة، وبأن صراخهم وعويلهم كان بعد نزول العذاب بهم مباشرة، إلا أنهم لم يجدوا أحدا، يدفع عنهم شيئا من هذا العذاب الأليم.

يقول تعالى : ( مما خطاياهم ) وقرئ : ( خطيئاتهم ) ) أغرقوا ) أي : من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم ( أغرقوا فأدخلوا نارا ) أي : نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار ، ( فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) أي : لم يكن لهم معين ولا مغيث ولا مجير ينقذهم من عذاب الله كقوله : ( قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) [ هود : 43 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)

يعني تعالى ذكره بقوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ ) من خطيئاتهم (أُغْرِقُوا ) والعرب تجعل " ما " صلة فيما نوى به مذهب الجزاء، كما يقال: أينما تكن أكن، وحيثما تجلس أجلس، ومعنى الكلام: من خطيئاتهم أُغرقوا.

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ ) قال: فبخطيئاتهم (أُغْرِقُوا ) فأدخلوا نارا، وكانت الباء ههنا فصلا في كلام العرب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، قوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا ) قال: بخطيئاتهم أُغرقوا.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ ) فقرأته عامة قرّاء الأمصار غير أبي عمرو (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ ) بالهمز والتاء ، وقرأ ذلك أبو عمرو ( مِما خَطاياهُمْ ) بالألف بغير همز.

والقول عندنا أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب.

وقوله: (فَأُدْخِلُوا نَارًا ) جهنم (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا ) تقتصّ لهم ممن فعل ذلك بهم، ولا تحول بينهم وبين ما فعل بهم.

التدبر :

وقفة
[25] ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا﴾ هذه الآية ومثيلاتها دالة دلالة صريحة على أن ما يصيبنا من كوارث إنما هو بسبب خطايانا، ومحاولة بعض الناس الهرب عن معاني مثل هذه الآيات والتشكيك فيها إنما هو مصادمة لصريح القرآن، وغفلة عن تدبر معانيه والانتفاع بها، وتطمين للمذنبين، وادعاء للكمال في النفس والمجتمع، وهو علامة على قسوة القلب، ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنعام: 43].
عمل
[25] ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا﴾ احذر خطيئاتك وغدراتك لا تستصغرها، ربما تحسبها هينة وهي عند الله عظيمة، اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دقها وجلها.
وقفة
[25] ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ الذنب بلا توبة لا بد له عند الله من عقوبة، قد تتأخر لكنها نازلة لا محالة.
وقفة
[25] ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ فجمع الله لهم أقصى العقوبتين: الإغراق، والإحراق مقابل أعظم الذنبين: الضلال والإضلال.
وقفة
[25] ﴿مِمّا خَطيئَاتِهِم أُغرِقوا فَأُدخِلوا نارًا﴾ الله عز وجل هو العدل.
وقفة
[25] ﴿مِمّا خَطيئَاتِهِم أُغرِقوا فَأُدخِلوا نارًا﴾ من الغرق فى الماء حتى جهنم مباشرة، يا رب سلم.
تفاعل
[25] ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[25] شؤم الذنوب، وأنها سبب عقوبات عامة وخاصة، وتخذل العبد أحوج ما يكون إلى عون ربه: ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾.
وقفة
[25] الذنوب سبب للهلاك في الدنيا، والعذاب في الآخرة ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾.
وقفة
[25] إنما هي أعمالُك أيها المسلم ترفعُك وترتقي بك، ولا يظلم ربُّك أحدًا ﴿مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ:
  • أصلها: من: حرف جر للتعليل بمعنى اللام أي بسبب. و «ما» المدغمة زائدة للتوكيد والجار والمجرور متعلق بأغرقوا. خطيئات: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة أي من أجل خطيئاتهم.
  • ﴿ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. أي أغرقهم الله بالطوفان. الفاء عاطفة للتعقيب وجملة «أدخلوا» معطوفة على «أغرقوا» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ ناراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ونكرت لتعظيمها أو لأن الله أعد لهم على حسب خطيئآتهم نوعا من النار.
  • ﴿ فَلَمْ يَجِدُوا:
  • الفاء: حرف عطف. لم: حرف نفي وجزم وقلب. يجدوا: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ:
  • اللام: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بلم يجدوا. من دون: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «أنصارا» لأنه متعلق بصفة مقدمة لأنصارا. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة.
  • ﴿ أَنْصاراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي فلم يجدوا لهم من دون الله آلهة ينصرونهم ويمنعونهم من عذاب الله وفي القول تهكم بهم وتعريض باتخاذهم من دون الله.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا دعا نوحٌ عليه السَّلامُ عليهم؛ استجاب الله دعاءه، فأغرقهم بالطوفان في الدنيا، وأدخلهم النَّار في الآخرة، قال تعالى:
﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خطيئاتهم:
1- جمعا، وبالألف والتاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- جمعا بالألف والتاء مع إبدال الهمزة ياء، وإدغام ياء المد فيها، وهى قراءة أبى رجاء.
3- على الإفراد مهموزا، وهى قراءة الجحدري، وعبيد، عن أبى عمرو.
4- خطاياهم، جمع تكسير، وهى قراءة الحسن، وعيسى، والأعرج، بخلاف عنهم، وأبى عمرو.
أغرقوا:
1- بالهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- غرقوا، بالتشديد، وهى قراءة زيد بن على.
3- ما أغرقوا، بزيادة «ما» ، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [26] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ ..

التفسير :

[26] وقال نوح -عليه السلام- بعد يأسه من قومه:ربِّ لا تترك من الكافرين بك أحداً حيّاً على الأرض يدور ويتحرك

{ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} يدور على وجه الأرض، وذكر السبب في ذلك

ثم واصلت السورة الكريمة حكاية ما ناجى نوح به ربه، فقالت: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً.

أى: وقال نوح متابعا حديثه مع ربه، ومناجاته له: يا رب، لا تترك على الأرض من هؤلاء الكافرين دَيَّاراً أى: واحدا يسكن دارا، أو واحدا منهم يدور في الأرض ويتحرك عليها، بل خذهم جميعا أخذ عزيز مقتدر.

فقوله دَيَّاراً مأخوذ من الدار، أو الدوران، وهو التحرك، والمقصود: لا تذر منهم أحدا أصلا، بل اقطع دابرهم جميعا.

قالوا: والديار من الأسماء التي لا تستعمل إلا في النفي العام. يقال: ما بالدار ديار.

أى: ليس بها أحد ألبتة، وهو اسم بزنة فيعال.

( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) أي : لا تترك على [ وجه ] الأرض منهم أحدا ولا تومريا وهذه من صيغ تأكيد النفي .

قال الضحاك : ( ديارا ) واحدا . وقال السدي : الديار : الذي يسكن الدار .

فاستجاب الله له ، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه ، وقال : ( سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) [ هود : 43 ] .

وقال ابن أبي حاتم : قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني شبيب بن سعد ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو رحم الله من قوم نوح أحدا ، لرحم امرأة ، لما رأت الماء حملت ولدها ثم صعدت الجبل ، فلما بلغها الماء صعدت به منكبها ، فلما بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها ، فلما بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها ، فلو رحم الله منهم أحدا لرحم هذه المرأة " .

هذا حديث غريب ، ورجاله ثقات ، ونجى الله أصحاب السفينة الذين آمنوا مع نوح عليه السلام ، وهم الذين أمره الله بحملهم معه .

وقوله: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ) ويعني بالدَّيار: من يدور في الأرض، فيذهب ويجيء فيها وهو فَيْعال من الدوران ديوارًا، اجتمعت الياء والواو، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة، وأدغمت الواو فيها، وصيرتا ياءً مشددة، كما قيل: الحيّ القيام من قمت، وإنما هو قيوام، والعرب تقول: ما بها ديار ولا عريب، ولا دويّ ولا صافر، ولا نافخ ضرمة، يعني بذلك كله: ما بها أحد.

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا (28)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل نوح في دعائه إياه على قومه: إنك يا ربّ إن تذر الكافرين أحياء على الأرض، ولم تهلكهم بعذاب من عندك ( يُضِلُّوا عِبَادَكَ ) الذين قد آمنوا بك، فيصدوهم عن سبيلك، ( وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا ) في دينك ( كَفَّارًا ) لنعمتك.

وذُكر أن قيل نوح هذا القول ودعاءه هذا الدعاء، كان بعد أن أوحى إليه ربه: أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ .

* ذكر من قال ذلك:

التدبر :

وقفة
[26] ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ فيه مشروعية الدعاء على الظالم، ودعاء سعيد بن جبير على الحجاج لما أمر بقتله مشهور، فقد قال: «اللهم لا تُسَلِّطه على أحد يقتله بعدي».
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ لا عليكَ أن تدعوَ على الظالمين بالهلاك والدمار، ما لم يتوبوا إلى الله ويرجعوا إلى الصلاح والوقار، وأولى من ذلك الدعاء بهدايتهم.
تفاعل
[26] ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ قل: اللهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ.
وقفة
[26] بدعوة واحدة صادقة مخلصة أغرق أهل الأرض جميعهم إلا من شاء الله: ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾، وهلك فرعون بدعوة موسى.
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى ٱلْأَرْضِ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ دَيَّارًا﴾ قل: «اللهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ, وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ».
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافرِينَ دَيَاراً﴾ إن قلتَ: كيف دعا نوحٌ على قومه بذلك، مع أنه أُرسل إليهم ليهديهم وُيرشدهم؟ قلت: إنما دعا عليهم بذلك، بعد أن أعلمه الله تعالى أنهم لا يُؤمنون ﴿وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ﴾ [هود: 36].
وقفة
[26، 27] ما من شر في الأرض إلا ومن ورائه كافر, وكل شر في المسلم ففي الكافر ما هو أشد منه ضررًا, ومن تأمل ذلك عرف لماذا قال نوح: ﴿رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾، وجميع شرورهم يجمعها قوله: ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ فصلي الله وسلم على نوح.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ نُوحٌ رَبِّ:
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة الحادية والعشرين وتعرب إعرابها.
  • ﴿ لا تَذَرْ:
  • تعرب إعراب «لا تَزِدِ» في الآية الكريمة الرابعة والعشرين وهو ليس له فعل ماض أي لا تدع.
  • ﴿ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بلا تذر من الكافرين: جار ومجرور متعلق بصفة مقدمة من «ديارا» في محل نصب حال وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.
  • ﴿ دَيَّاراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي أحدا من اصحاب الدور وهو من الاسماء المستعملة في النفي العام. يقال: ما بالدار ديار.'

المتشابهات :

نوح: 21﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا
نوح: 26﴿ قَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا أخبرَ اللهُ نُوحًا عليه السَّلام أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن؛ دعا عليهم بالهلاك، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ ..

التفسير :

[27]إنك إن تتركهم دون إهلاك يُضلوا عبادك الذين قد آمنوا بك عن طريق الحق، ولا يأت من أصلابهم وأرحامهم إلا مائل عن الحق شديد الكفر بك والعصيان لك

{ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} أي:بقاؤهم مفسدة محضة، لهم ولغيرهم، وإنما قال نوح -عليه السلام- ذلك، لأنه مع كثرة مخالطته إياهم، ومزاولته لأخلاقهم، علم بذلك نتيجة أعمالهم، لا جرم أن الله استجاب دعوته، فأغرقهم أجمعين ونجى نوحا ومن معه من المؤمنين.

وقوله إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ تعليل لدعائه عليهم جميعا بالهلاك. أى: يا رب لا تترك منهم أحدا سالما، بل أهلكهم جميعا لأنك إن تترك منهم أحدا على أرضك بدون إهلاك، فإن هؤلاء المتروكين من دأبهم- كما رأيت منهم زمانا طويلا- إضلال عبادك عن طريق الحق.

وقوله: وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً زيادة في ذمهم وفي التشنيع عليهم.

والفاجر: هو المتصف بالفجور، والملازم له ملازمة شديدة، والفجور: هو الفعل البالغ للنهاية في الفساد والقبح.

والكفار: هو المبالغ في الكفر، والجحود لنعم الله- تعالى-.

أى: إنك يا إلهى إن تتركهم بدون إهلاك، يضلوا عبادك عن كل خير، وهم فوق ذلك، لن يلدوا إلا من هو مثلهم في الفجور والكفران لأنهم قد نشّأوا أولادهم على كراهية الحق، وعلى محبة الباطل.

قال الجمل: فإن قيل: كيف علم نوح أن أولادهم يكفرون؟ أجيب: بأنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، فعرف طباعهم وأحوالهم، وكان الرجل منهم ينطلق إليه بابنه ويقول له: احذر هذا- أى نوحا- فإنه كذاب، وإن أبى حذرني منه، فيموت الكبير، وينشأ الصغير على ذلك.

وعلى أية حال فالذي نعتقده أن نوحا- عليه السلام- ما دعا عليهم بهذا الدعاء، وما قال في شأنهم هذا القول- وهو واحد من أولى العزم من الرسل- إلا بعد أن يئس من يمانهم، وإلا بعد أن أخبره ربه: أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، وإلا بعد أن رأى منهم- بعد ألف سنة إلا خمسين عاما عاشها معهم- أنهم قوم قد استحبوا العمى على الهدى، وأن الأبناء منهم يسيرون على طريقة الآباء في الكفر والفجور..

وقوله : ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ) أي : إنك إن أبقيت منهم أحدا أضلوا عبادك ، أي : الذين تخلقهم بعدهم ( ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) أي : فاجرا في الأعمال كافر القلب ، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا أما والله ما دعا عليهم حتى أتاه الوحي من السماء أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فعند ذلك دعا عليهم نبي الله نوح فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ( إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا) ثم دعاه دعوة عامة فقال.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[27] ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ أي: بقاؤهم مفسدة محضة؛ لهم ولغيرهم، وإنما قال نوح عليه السلام ذلك لأنه مع كثرة مخالطته إياهم، ومزاولته لأخلاقهم، علم بذلك نتيجة أعمالهم؛ لا جرم أن الله استجاب دعوته فأغرقهم أجمعين، ونجَّا نوحًا ومن معه من المؤمنين.
وقفة
[27] ﴿إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ كيف عرف نوح عليه السلام ذلك؟ الجواب: قال الرازي: «بالنص والاستقراء، أما النص فقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ﴾ [هود: 35]، وأما الاستقراء: فهو أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فعرف طباعهم وجربهم، وكان الرجل منهم ينطلق بابنه إليه ويقول: احذر هذا فإنه كذاب، وإن أبي أوصاني بمثل هذه الوصية، فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك».

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان» والجملة الشرطية من فعل الشرط وجوابه- جزائه- في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ إِنْ تَذَرْهُمْ:
  • حرف شرط جازم. تذر: فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ يُضِلُّوا عِبادَكَ:
  • فعل مضارع جواب الشرط- جزاؤه- مجزوم بإن أو مجزوم بإن تذرهم. وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عبادك: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلا يَلِدُوا إِلَّا:
  • معطوفة بالواو على «يضلوا» وتعرب إعرابها. لا: نافية لا عمل لها. إلا: أداة حصر لا عمل لها.
  • ﴿ فاجِراً كَفَّاراً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. كفارا: صفة- نعت- لفاجرا منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة وهي من صيغ المبالغة «فعال بمعنى فاعل» أي كثير الكفران.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     ولَمَّا كان الرُّسُلُ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ لا يَقولونَ ولا يَفعَلونَ إلَّا ما فيه مَصلحةُ الدِّينِ؛ عَلَّل نوحٌ عليه السَّلامُ دُعاءَه بقَولِه:
﴿ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :نوح     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن ..

التفسير :

[28]ربِّ اغفر لي، ولوالديَّ، ولمن دخل بيتي مؤمناً، وللمؤمنين والمؤمنات بك، ولا تزد الكافرين إلا هلاكاً وخسراناً في الدنيا والآخرة.

{ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء، فقال:{ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} أي:خسارا ودمارا وهلاكا.

تم تفسير سورة نوح عليه السلام [والحمد لله]

وإلى جانب دعاء نوح- عليه السلام- على الكافرين بالهلاك الساحق.. نراه يختتم دعاءه بالمغفرة والرحمة للمؤمنين، فيقول: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ.

أى: يا رب أسألك أن تغفر لي ذنوبي، وأن تغفر لوالدي- أيضا- ذنوبهما، ويفهم من هذا الدعاء أنهما كانا مؤمنين، وإلا لما دعا لهما بهذا الدعاء.

وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً واغفر يا إلهى لكل من دخل بيتي وهو متصف بصفة الإيمان، فيخرج بذلك من دخله وهو كافر كامرأته وابنه الذي غرق مع المغرقين.

وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أى: واغفر يا رب ذنوب المؤمنين والمؤمنات بك إلى يوم القيامة.

وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً أى: ولا تزد الظالمين إلا هلاكا وخسارا ودمارا. يقال:

تبره يتبره، إذا أهلكه. ويتعدى بالتضعيف فيقال: تبره الله تتبيرا، ومنه قوله- تعالى-:

إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ.

وهكذا اختتمت السورة الكريمة بهذا الدعاء الذي فيه طلب المغفرة للمؤمنين، والهلاك للكافرين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ثم قال : ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا ) قال الضحاك : يعني : مسجدي ، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها ، وهو أنه دعا لكل من دخل منزله وهو مؤمن ، وقد قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، أنبأنا سالم بن غيلان : أن الوليد بن قيس التجيبي أخبره : أنه سمع أبا سعيد الخدري - أو : عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد : - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تصحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي " .

ورواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن المبارك ، عن حيوة بن شريح به ، ثم قال الترمذي : إنما نعرفه من هذا الوجه .

وقوله : ( وللمؤمنين والمؤمنات ) دعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات ، وذلك يعم الأحياء منهم والأموات ; ولهذا يستحب مثل هذا الدعاء ، اقتداء بنوح عليه السلام ، وبما جاء في الآثار ، والأدعية [ المشهورة ] المشروعة .

وقوله : ( ولا تزد الظالمين إلا تبارا ) قال السدي : إلا هلاكا . وقال مجاهد : إلا خسارا ، أي : في الدنيا والآخرة .

آخر تفسير سورة " نوح " [ عليه السلام ولله الحمد والمنة ] .

( رَبِّ اغْفِرْ لِي) وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ )... إلى قوله: ( تَبَارًا ).

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ثم ذكره نحوه.

وقوله: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ) يقول: ربّ اعف عني، واستر عليّ ذنوبي وعلى والدي ( وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا ) يقول: ولمن دخل مسجدي ومصلايَ مصلِّيا مؤمنا، يقول: مصدّقا بواجب فرضك عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر بن آدم، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن أبي سنان، عن الضحاك ( وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا ) قال: مسجدي.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سلمة، عن أبي سنان سعيد، عن الضحاك مثله.

وقوله: ( وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) يقول: وللمصدّقين بتوحيدك والمصدّقات.

وقوله: ( وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا ) يقول: ولا تزد الظالمين أنفسهم بكفرهم إلا خسارًا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( إِلا تَبَارًا ) قال: خسارًا.

وقد بينت معنى قول القائل: تبرت، فيما مضى بشواهده، وذكرت أقوال أهل التأويل فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، قال: قال معمر: ثنا الأعمش، عن مجاهد، قال: كانوا يضربون نوحًا حتى يُغْشَى عليه، فإذا أفاق قال: ربّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.

التدبر :

وقفة
[28] ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ لعلَّ من حكمة تقديم النفس في الدعاء؛ تنبيه المؤمن أن لا يشعر أنَّ غيره أحوج للمغفرة منه، مما قد يكون فيه تزكية للنفس.
وقفة
[28] ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ داوم على الدعاء لوالديك أحياء أو أموات، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ, فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ» [ابن ماجة 3660، وصححه الألباني].
عمل
[28] أكثِروا من قولِ: ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ فإنَّها تجمعُ بين عِبادتَين: البِرُّ والاستغفارُ.
اسقاط
[28] قال نوح: ﴿رب اغفر لي ولوالدي﴾، وقال إبراهيم: ﴿ربنا اغفر لي ولوالدي﴾ [إبراهيم: 41] العظماء أوفياء لوالديهم، متى آخر مرة دعوت لوالديك؟
وقفة
[28] ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ يؤخذ من هذا أن سنة الدعاء أن يقدم الإنسان الدعاء لنفسه على الدعاء لغيره.
وقفة
[28] خص المذكورين؛ لتأكد حقهم، وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء.
وقفة
[28] نوح لم ينسَ المؤمنين في دعائه؛ كرم النفس يظهر على اللسان.
عمل
[28] غفرانُ الذنوب نعمةٌ كبرى ومنَّةٌ عظمى؛ فهي سببٌ في دخول الجنان، والفوز بالرضا والرضوان، فأكثروا من الاستغفار لأنفسكم وأهليكم.
عمل
[28] لئن تناءت بك الديار عن الأهل والأصحاب؛ إنهم معك ما تذكرتهم بدعواتك، وخصَّصتهم باستغفارك؛ فلا تبخل عليهم فإنه من البر.
وقفة
[28] الافتقار إلي الله وعونه شعور ينبغي ألا يفارق نفس المؤمن مهما بلغ في درجات الطاعة, ومراتب الصلاح والرشد.
تفاعل
[28] قل: ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾.
وقفة
[28] ﴿وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ من دخل بيتي شرع لي أن أدعو له؛ فكيف بمن دخل قلبي!
وقفة
[28] ﴿وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ لابد مع الولاء للمؤمنين والدعاء لهم، من البراءة من الظالمين، والدعاء عليهم.
وقفة
[28] لماذا قال نوح: ﴿وللمؤمنين والمؤمنات﴾ مع أن النساء لا يذكرن عادة، لأنهن داخلات في صيغة المذكر؟ الجواب: لعله ذكر ذلك من باب استجلاب رحمة الله ومغفرته للجميع، والله يحب الإلحاح في الدعاء، وهو من نبل نفس نبي الله نوح وكرم نفسه، حيث خصص الجميع بالذكر في طلب المغفرة.

الإعراب :

  • ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي:
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة. اغفر: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي: جار ومجرور متعلق باغفر.
  • ﴿ وَلِوالِدَيَّ:
  • معطوف بالواو على ياء المتكلم في «لي» باعادة الحرف مجرور وعلامة جره الياء لأنها مثنى وحذفت النون للاضافة والياء ضمير متصل- ضمير المتكلم- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. والجار والمجرور متعلق باغفر.
  • ﴿ وَلِمَنْ دَخَلَ:
  • تعرب اعراب «والدي». من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. دخل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «دخل» صلة الموصول لا محل لها
  • ﴿ بَيْتِيَ مُؤْمِناً:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء. والياء أعربت في «والدي» مؤمنا: حال منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ:
  • معطوفة على «لي» وباعادة الحرف اللام وعلامة جرها الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. والمؤمنات: معطوفة بالواو على المؤمنين وعلامة جرها الكسرة
  • ﴿ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً:
  • أعربت في الآية الكريمة الرابعة والعشرين. إلا تبارا أي إلا هلاكا.'

المتشابهات :

ابراهيم: 41﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
نوح: 28﴿ رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     وبعد أن دعا نوحٌ عليه السَّلامُ على الكُفَّارِ؛ استَغفَرَ للمُؤمِنينَ؛ فبدأ بنَفْسِه، ثمَّ بمَن وجَبَ بِرُّه عليه، ثمَّ للمُؤمِنينَ، قال تعالى:
﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ولوالدى:
1- على التثنية، وهى قراءة الحسين بن على، ويحيى بن يعمر، والنخعي، والزهري، وزيد بن على.
وقرئ:
2- بكسر الدال، على الإفراد، يريد: أباه الأقرب، وهى قراءة ابن جبير، والجحدري.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف