260343536373839404142

الإحصائيات

سورة ابراهيم
ترتيب المصحف14ترتيب النزول72
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات6.80
عدد الآيات52عدد الأجزاء0.35
عدد الأحزاب0.70عدد الأرباع2.70
ترتيب الطول33تبدأ في الجزء13
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 8/29آلر: 4/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (34) الى الآية رقم (34) عدد الآيات (1)

= وهي عشرةُ أدلةٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (35) الى الآية رقم (37) عدد الآيات (3)

بعدَ التعجُّبِ من كفرِ أهلِ مكَّةَ ذَكَّرَهم هنا بأبيهم إبراهيمَ عليه السلام لمَّا دعا اللهَ أنْ يجعلَ مكَّةَ آمنةً، وأنْ يبعدَه وبنيِه عن عبادةِ الأصنامِ، وأنَّه أسكنَ هاجرَ وإسماعيلَ عندَ البيتِ الحرامِ ليعبدُوا اللهَ وحدَهُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (38) الى الآية رقم (41) عدد الآيات (4)

لمَّا فرغَ من الدُّعَاءِ بالأهمِّ وهو إقامةُ التوحيدِ أثنَى هنا على ربِّه وحَمِدَه أن رزقَه إسماعيلَ وإسحاقَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الرابع

من الآية رقم (42) الى الآية رقم (42) عدد الآيات (1)

لمَّا خَتَم دعاءَه بيومِ الحسابِ بَيَّنَ اللهُ هنا صفتَه، فذكرَ خوفَ =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة ابراهيم

نعمة الإيمان ونقمة الكفر/ الدعوة إلى التوحيد والشكر

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • ما هي أعظم نعم الله عليك؟:   كثير من الناس إذا سئل: ما هي أعظم نعم الله عليك؟ سيجيب بالأمور المادية (المال أو البيت أو الأولاد أو الزوجة أو الوظيفة ...)، وفي المقابل إذا سئل عن أعظم مصيبة، سيجيب بالأمور الدنيوية وخسارة المال وضياع التجارة. فتأتي "سورة إبراهيم" لتصحّح هذا المفهوم وتوضح أن أعظم نعمة هي نعمة الإيمان، وأن أسوأ مصيبة هي مصيبة الكفر والبعد عن الله تعالى. وإبراهيم عليه السلام : هو نموذج لإنسان عرف أنَّ نعمة الله هي الإيمان وقدرها وشكرها، ووظف باقي ما أنعم به الله عليه لخدمة الدين
  • • إنه إبراهيم::   الخليل، المصطفى، الحليم، الأواه، المنيب، الشاكر، الأمة، الموقن، المخلص، الخيِّر.
  • • إنه إبراهيم::   أبو الأنبياء، شيخ الحنفاء، شيخ المستسلمين لرب العالمين.
  • • إنه إبراهيم::   ثاني أعظم إنسان في تاريح البشرية.
  • • إنه إبراهيم::   الذي سبق أن مررنا به في رحلتنا المباركة مع كتاب الله (في السور السابقة): • إبراهيم الذي اختبره الله بتكاليف فقام بها خير قيام: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: 124]. • إبراهيم الذي ﴿قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ﴾، فقال: ﴿أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 131]. • إبراهيم الذي وقف أمام النمرود يقول له: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: 258]. • إبراهيم الذي سأل ربه ليطمئن قلبه، وينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾ [البقرة: 260]. • إبراهيم الحنيف المسلم: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 67]. • إبراهيم الذي اتخذه الله خليلًا: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: 125]. • إبراهيم الموقن: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: 75]. • إبراهيم الأواه الحليم: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: 114]. • إبراهيم الحليم الأواه المنيب: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾ [هود: 75].
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «إبراهيم».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام .
  • • سبب التسمية ::   لتضمنها قصة إسكانه ولده إسماعيل بمكة، وشكره لله على ما أنعم عليه.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن أعظم نعمة هي نعمة الإيمان، وأن أسوأ مصيبة هي مصيبة الكفر والبعد عن الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   أن الغاية من إنزال القرآن هي دعوة الناس إلى التوحيد وشكر الله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن شكر النعم باللسان والقلب والجوارح سببٌ لزيادتها: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   الحياء من الله، فمن تخطئ بحقه لا يرغب في رؤية وجهك، إلا الله، مع أنك شارد عنه بأخطائك إلا أنه يناديك ليصفح عنك: ﴿يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة إبراهيم من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • السورة لخصت دعوة جميع الأنبياء، ورد أقوامهم عليهم، وبيان عاقبة أقوامهم في 6 آيات (الآيات: 9-14)، وقد كانت تذكر قصص الأنبياء مفصلة كما في سورتي الأعراف وهود، وإبراهيم هو أبو الأنبياء؛ فناسب أن تختص هذه السورة باسمه.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نشكر الله علي أعظم نعمة؛ نعمة الإيمان به.
    • أن نحذر من سلب النعم.
    • ألا نقف على أي باب، إنما نطرق باب من بيده مفاتيح كل شيء: ﴿اللَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ (2).
    • أن نكثر من شكر الله على نعمه باللسان والقلب والجوارح: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ (7).
    • أن نلقِ بِحِمْلِنا كله على الله؛ ونَسِرْ في طريق التوكل: ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (11).
    • أن نراجع أعمالنا قبل أن نخسرها يوم القيامة، هل تسرب إليها رياء أو شرك أو بدعة؟: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ (18).
    • أن نطمئن؛ حقوقنا لنْ تَضيعَ، فغدًا الضَّعيفُ والقَويُّ، الظَّالمُ والمَظلومُ، كلُّهُم سَيقِفونَ أمامَ اللهِ للحِسابِ: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ (21).
    • أن نصبر على الطاعات، وعن المعاصي قبل أن يأتي يومٌ لا ينفع فيه صبرٌ أو جزع: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ﴾ (21).
    • ألا نأمن الشيطان، ونكثر من الاستعاذة بالله منه؛ فإنه سبب كل بلاء: ﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ (22).
    • أن نجلس مع أنفسنا جلسة محاسبة، ونراجع ما مضى من أعمالنا: ﴿ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم﴾ (22).
    • ألا نستبدل تحية أهل الجنة (السلام) بغيرها من التحيات: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ (23).
    • ألا نتوقف عن غرس الكلمات الطيبة، فستبقى تؤتي أثرها كل حين، كل حين، يا للبركة: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ (25).
    • ألا نتسخط على قضاء الله، بل نسلم، وافق هوانا أم لم يوافق، فلله الحكمة: ﴿وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ﴾ (27).
    • أن نستشعر مراقبة الله لنا في السر والعلن: ﴿وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّـهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ (38).
    • ألا نجمع بين الوظيفتين!: ﴿ رَبِّ ٱجۡعَلۡنِي مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلۡ دُعَآءِ ﴾ (40).
    • أن نستغفر لإخواننا الأحياء والأموات: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ (41).

تمرين حفظ الصفحة : 260

260

مدارسة الآية : [34] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ..

التفسير :

[34] وأعطاكم من كل ما طلبتموه، وإن تعدُّوا نِعَم الله عليكم لا تطيقوا عدها ولا إحصاءها ولا القيام بشكرها؛ لكثرتها وتنوُّعها. إن الإنسان لَكثير الظلم لنفسه، كثير الجحود لنعم ربه.

{ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} أي:أعطاكم من كل ما تعلقت به أمانيكم وحاجتكم مما تسألونه إياه بلسان الحال، أو بلسان المقال، من أنعام، وآلات، وصناعات وغير ذلك.

{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} فضلا عن قيامكم بشكرها{ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} أي:هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفَّار لنعم الله، لا يشكرها ولا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه، وعرف حق ربه وقام به.

ففي هذه الآيات من أصناف نعم الله على العباد شيء عظيم، مجمل ومفصل يدعو الله به العباد إلى القيام بشكره، وذكره ويحثهم على ذلك، ويرغبهم في سؤاله ودعائه، آناء الليل والنهار، كما أن نعمه تتكرر عليهم في جميع الأوقات.

تم ختم- سبحانه- هذه النعم بقوله وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ....

أى: وأعطاكم- فضلا عما تقدم من النعم- بعضا من جميع ما سألتموه إياه من نعم، على حسب ما تقتضيه إرادته وحكمته التي لا تعلمونها كما قال- تعالى- وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ، إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ .

قال الجمل ما ملخصه «قوله وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ أى: كل نوع أو كل صنف سألتموه أى: شأنكم أن تسألوه لاحتياجكم إليه، وإن لم تسألوه بالفعل.

وفي «من» قولان: أحدهما أنها زائدة في المفعول الثاني، أى: آتاكم كل ما سألتموه.

والثاني أن تكون تبعيضية أى: وآتاكم بعض جميع ما سألتموه وعلى هذا فالمفعول محذوف تقديره: وآتاكم شيئا من كل ما سألتموه، وهو رأى سيبويه..» .

وجملة «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها» مؤكدة لمضمون ما قبلها.

أى: وإن تحاولوا عد نعم الله عليكم، وتحاولوا تحديد هذا العدد، لن تستطيعوا ذلك لكثرة هذه النعم، وخفاء بعضه عليكم.

والإحصاء: ضبط العدد وتحديده، مأخوذ من الحصا وهو صغار الحجارة لأن العرب كانوا يعدون الأعداد الكثيرة بالحصى تجنبا للخطأ.

قال ابن كثير: «يخبر- سبحانه- عن عجز العباد من تعداد نعمه فضلا عن القيام بشكرها، كما قال طلق بن حبيب- رحمه الله-: إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من يحصيها العباد ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين.

وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لك الحمد غير مكفى- أى لم يكفه غيره بل هو- سبحانه- يكفى غيره- ولا مودع- أى متروك حمده-،ولا مستغنى عنه ربنا- أى هو الذي يحتاج إليه الخلق ... » .

والمراد بالإنسان في قوله إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ نوع معين منه وهو الكافر كما في قوله- تعالى- وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا.

أى: إن الإنسان الكافر لشديد الظلم لنفسه بعبادته لغير الله- تعالى-، ولشديد الجحود والكفران لنعمه- عز وجل.

ويرى بعضهم أن المراد بالإنسان هنا الجنس.

قال الشوكانى: قوله- سبحانه-: إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ أى لنفسه بإغفاله لشكر نعم الله عليه، وظاهره شمول كل إنسان. وقال الزجاج: إن الإنسان هنا اسم جنس يقصد به الكافر خاصة، كما في قوله- تعالى- وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ «كفار» أى: شديد كفران نعم الله عليه، جاحد لها، غير شاكر لله عليها كما ينبغي ويجب عليه» .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد ابتدأت ببيان سوء عاقبة الذين بدلوا نعمة الله كفرا، وثنت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحض المؤمنين الصادقين على الاستزادة من إقامة الصلاة ومن الإنفاق في سبيل الله.

ثم ساقت عشر نعم تدل دلالة واضحة على وحدانية الله- تعالى- وعلمه وقدرته، وهذه النعم هي خلق السموات والأرض، وإنزال المطر من السماء، وإخراج الثمرات به، وتسخير الفلك في البحار، وتسخير الأنهار، وتسخير الشمس والقمر دائبين، وتسخير الليل والنهار.

ثم ختمت ببيان أنه- سبحانه- قد أعطى الناس- فضلا عن كل ذلك- جميع ما يحتاجون إليه في مصالحهم على حسب حكمته ومشيئته ولكن الناس- إلا من عصم الله- لا يقابلون نعمه- سبحانه- بما تستحقه من شكر، لشدة ظلمهم وكثرة جحودهم.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك بعض الدعوات التي تضرع بها إبراهيم- عليه السلام- إلى ربه، وهي دعوات تدل على شكره لخالقه، وحسن صلته به، ورجائه في فضله.. فقال- تعالى-:

وقوله : ( وآتاكم من كل ما سألتموه ) يقول : هيأ لكم كل ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم مما تسألونه بحالكم وقالكم .

وقال بعض السلف : من كل ما سألتموه وما لم تسألوه .

وقرأ بعضهم : " وأتاكم من كل ما سألتموه " .

وقوله : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) يخبر عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلا عن القيام بشكرها ، كما قال طلق بن حبيب - رحمه الله - : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد ، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أصبحوا توابين وأمسوا توابين .

وفي صحيح البخاري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " اللهم ، لك الحمد غير مكفي ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ربنا " .

وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا داود بن المحبر ، حدثنا صالح المري عن جعفر بن زيد العبدي ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين ، ديوان فيه العمل الصالح ، وديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه النعم من الله تعالى عليه . فيقول الله لأصغر نعمه - أحسبه قال في ديوان النعم - خذي ثمنك من عمله الصالح ، فتستوعب عمله الصالح كله ، ثم تنحى وتقول : وعزتك ما استوفيت . وتبقى الذنوب والنعم فإذا أراد الله أن يرحم قال : يا عبدي ، قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك - أحسبه قال : ووهبت لك نعمي - . غريب ، وسنده ضعيف .

وقد روي في الأثر : أن داود - عليه السلام - قال : يا رب ، كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك علي ؟ فقال الله تعالى : الآن شكرتني يا داود ، أي : حين اعترفت بالتقصير عن أداء شكر النعم .

وقال الشافعي - رحمه الله - : الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه ، إلا بنعمة توجب على مؤدي ماضي نعمه بأدائها نعمة حادثة توجب عليه شكره بها .

وقال القائل في ذلك :

لو كل جارحة مني لها لغة تثني عليك بما أوليت من حسن لكان ما زاد شكري إذ شكرت به

إليك أبلغ في الإحسان والمنن

يقول تعالى ذكره: وإن تعدّوا أيها الناس نعمة الله التي أنعمها عليكم لا تطيقوا إحصاء عددها والقيام بشكرها إلا بعون الله لكم عليها.( إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) يقول: إن الإنسان الذي بدل نعمة الله كفرا لظلوم: يقول: لشاكر غير من أنعم عليه ، فهو بذلك من فعله واضع الشكر في غير موضعه ، وذلك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم واستحق عليه إخلاص العبادة له ، فعبد غيره وجعل له أندادا ليضلّ عن سبيله ، وذلك هو ظلمه ، وقوله ( كَفَّارٌ ) يقول: هو جحود نعمة الله التي أنعم بها عليه لصرفه العبادة إلى غير من أنعم عليه ، وتركه طاعة من أنعم عليه.

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : ثنا مِسْعَر ، عن سعد بن إبراهيم ، عن طلق بن حبيب ، قال : إن حقّ الله أثقل من أن تقوم به العباد ، وإن نعم الله أكثر من أن تحصيَها العباد ، ولكن أصبِحوا تَوّابين وأمسُوا توّابين.

التدبر :

وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ فقراء إلا حينما نسأل الله نعود أغنياء.
عمل
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ بينك وبين ما تتمنّىٰ أن تسأل الله بقلبٍ صادِق واثق بالإجابة، وسيؤتيك الله سبحانه.
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ الله (مرغوب) لكل (مطلوب).
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ كم من مطلب تمنته نفسك، ورجوت ربك فلم يخيب ظنك، ففرحت نفسك وقرت عينك فربك كريم لا يرد من طرق بابه.
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ لن يمتن الله علينا إلا بنعمة واقعة حاصلة، فلا تتوقف عن السؤال أبدًا.
عمل
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ كفّك الممتدّة إلى الله بصدق؛ لن تردّ خائبة، فجد في الطلب وأبشر بالعون منه سبحانه.
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ الله يؤتي كل من سأل لكن العبد إما (نسي) أو (كذب).
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ إجابة دعائك أكيدة! قال ابن حجر: «كل داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة، فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه».
لمسة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ لم يقل: (بعض)؛ بل قال الكريم: (مِّن كُلِّ)، بينك وبين فضل الله دعوة صادقة بقلبٍ يُحسِن الظن بربه.
وقفة
[34] سبحان من لا يتعاظمه شيء أن يعطيه، ولا ذنب أن يغفره: ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾، ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: 53].
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ ليس بينك وبين تحقيق أمنيتك إلا أن تسأل الله بقلبٍ صادق موقن بالإجابة، فقط كن مع الله واطرق الباب بقوة.
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ عندى يقين أن الله لا يرد سائلًا أبدًا، لكننا نستعجل.
وقفة
[34] ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ... إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ الله يعطي والعبد ظلوم، العبد يتأخر بما يطلبه ربه؛ والله يحقق ما يطلبه عبده.
وقفة
[34] قال أحدهم: «كان لي موعد بعد صلاة العشاء مع معصية، وفي صلاة العشاء قرأ الإمام: ﴿وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾؛ فتذكرت ما أنا فيه من الخير والنعيم واستحييت»، فاحمد الله علي التوبة.
وقفة
[34] تفكر في نفسك وحالك وما حولك؛ ستعلم عِظَمَ ما أنت فيه من النعم، قال سبحانه: ﴿وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾.
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ قال طلق بن حبيب رضي الله عنه: «إنَّ حقَّ الله أثقلُ من أن يقوم به العباد، وإنَّ نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أَصْبِحُوا توَّابين، وأَمْسُوا توَّابين».
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ لو تأملت في نعمة وبدأت في تِعداد النِّعم المترتبة عليها لعجزت فكيف بتعداد عموم النعم؟
عمل
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ احمد الله الذي جعلك معافى في بدنك آمنًا في بيتك، عندك قوت يومك، مؤمنًا بربك.
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ إلهي، إن قصرنا في حمدك؛ فعذرنا عدم الإحاطة بنعمك.
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ ليس في ماضيك فقط؛ ستظل عاجزًا عن تعداد نعم الله عليك في مستقبلك، سيعطيك، سيعطيك، سيعطيك، وتعجز عن عدها.
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ يكفي أنَّ النَفَس من أدنى نعمه التي لا يكادون يعدّونها، وهو أربعة وعشرون ألف نفَس في كل يوم وليلة.
اسقاط
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ نعمة واحدة نعجز عن شكرها؛ فكيف بـنِعم الله كلها؟!
تفاعل
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ قل: «اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ انظر إلى الأعمى، تفكر في الأصم، تأمل الأبكم، راقب المشلول، زر المرضى، جالس الفقراء؛ لتعلم أنَّك مستودع من النعم، واحمد الله.
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ إن كل جزء من أجزاء الإنسان لو ظهر فيه أدنى خلل وأيسر نقص لنغص النعم على الإنسان، وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت في ملكه حتى يزول عنه ذلك الخلل، فهو سبحانه يدير بدن هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أنَّ الإنسان لا علم له بوجود ذلك فكيف يطيق حصر بعض نعم الله عليه أو يقدر على إحصائها، أو يتمكن من شكر أدناها؟
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ ليس هذا في الماضي فقط، سيعطيك من نعمه في مستقبلك ما لم تستطيع عده أبدًا.
وقفة
[34] طالع أصول النعم: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ من أراد مطالعة أصول النعم، فليسرِّحْ فكره في رياض القرآن، وليتأمَّل ما عدَّد الله فيه من نِعَمه وتعرَّف بها إلى عباده من أول القرآن إلى آخره.
وقفة
[34] كان الحسن البصري يردد في ليلة قوله تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ فقيل له في ذلك؟! فقال: إنَّ فيها لمعتبرًا، ما نرفع طرفًا ولا نرده إلا وقع على نعمة، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر!
وقفة
[34] لما فرغ من تعديد الآيات التي هي بالنسبة إلى المكلفين نعم؛ قال: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾.
وقفة
[34] أصعب عملية حسابية تقوم بها على الإطلاق، هي حساب النعم التي وهبك الله إياها ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾؛ فاحمدوا الله على نعمه يزدكم.
وقفة
[34] أصبحت معافى في بدنك، آمنًا في بيتك، مؤمنًا بربك، لا تجثو عند صنم، ولا تغدو إلى بيعة، ولا تروح إلى كنيسة،لا منة لأحد من الخلق عليك في رزقك ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا﴾.
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ يعجز العبد أن يحصي نِعم الله، كيف بمن يزعم أنه شكرها؟!
وقفة
[34] ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ تأمل كيف قال (نعمة) ولم يقل (نِعَم)، فنعمة واحدة يعجز الإنسان عن شكرها، فكيف بنعم الله كلها؟!
وقفة
[34] آيتان مُتشابهتان بخاتمتين مُختلفتين: ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾، ﴿وإن تَعُدُّوا نعمة الله لا تُحصُوها إنّ الله لغفورٌ رحيم﴾ [النحل: 18]، الأولى: خُتِمَت بتعامُل الإنسان مع الله، والثانية: خُتِمت بتعامل الله مع العبد.
وقفة
[34] لو تفكر المسلم بما أُعطي وما لم يُعطَ؛ لأدرك عظم منة الله عليه، فشكره على تلك النعم العظيمة ﴿وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾.
وقفة
[34] ﴿لَا تُحْصُوهَا﴾ لا تطيقوا عدها، ولا تقوموا بحصرها لكثرتها؛ كالسمع، والبصر، وتقويم الصور، إلى غير ذلك من العافية، والرزق؛ نِعمٌ لا تحصى.
عمل
[34] تذكر ظلمًا وقع منك، وتحلل منه قبل أن تتمنى ولا تستطيع ﴿إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾.
اسقاط
[34، 35] ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار * وإذ قال إبراهيم ربّ اجعل هذا البلد آمنًا﴾ من أعظم النعم (نعمة الأمن) فهل ندركها؟!

الإعراب :

  • ﴿ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ:
  • الواو: حرف عطف. آتاكم: أي منحكم وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. من كل: جار ومجرور متعلق بآتى و «من» تبعيضية أي آتاكم بعض جميع ما سألتموه و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. سألتموه: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. الميم علامة جمع الذكور. الواو لاشباع الميم. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به وجملة «سألتموه» صلة الموصول لا محل لها أي وآتاكم من كل ذلك ما احتجتم اليه أو كل ما سألتموه شيئا. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون هي وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة التقدير: من كل سؤالكم.
  • ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف شرط‍ جازم تعدوا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. نعمة: مفعول به منصوب بالفتحة. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. أي نعمة الله عليكم.
  • ﴿ لا تُحْصُوها:
  • جواب شرط‍ جازم لا محل لها من الاعراب لعدم اقترانها بالفاء. لا: نافية لا عمل لها. تحصوا: فعل مضارع جواب الشرط‍ - جزاؤه-مجزوم بإن تعرب اعراب «تعدوا» و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الانسان: اسم «إنّ» منصوب بالفتحة. اللام-مزحلقة-للتوكيد. و «ظلوم كفار» خبران لأنّ على التتابع مرفوعان بالضمة وهما من صيغ المبالغة أي كثير الظلم كثير الكفران. '

المتشابهات :

ابراهيم: 34﴿وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلۡتُمُوهُۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
النحل: 18﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّـهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل تلك النِّعم العظيمةَ؛ بَيَّنَ هنا أنَّه لم يقتصِرْ عليها، بل أعطَى عبادَه مِن النعم ما لا يعد ولا يحصى، قال تعالى:
﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

من كل:
وقرئ:
بالتنوين أي: من كل ما سألتموه، و «ما» موصولة، مفعول ثان، وهى قراءة ابن عباس، والضحاك، والحسن، ومحمد بن على، وجعفر بن محمد، وعمرو بن فائد، وقتادة، وسلام، ويعقوب، ونافع فى رواية.

مدارسة الآية : [35] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ ..

التفسير :

[35] واذكر -أيها الرسول- حين قال إبراهيم داعياً ربه -بعد أن أسكن ابنه إسماعيل وأمه «هاجَر» وادي «مكة»-:رب اجعل «مكة» بلدَ أمنٍ يأمن كل مَن فيها، وأبعِدني وأبنائي عن عبادة الأصنام.

أي:{ و} اذكر إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هذه الحالة الجميلة، إذ قَال:{ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ} أي:الحرم{ آمِنًا} فاستجاب الله دعاءه شرعا وقدرا، فحرمه الله في الشرع ويسر من أسباب حرمته قدرا ما هو معلوم، حتى إنه لم يرده ظالم بسوء إلا قصمه الله كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم.

ولما دعا له بالأمن دعا له ولبنيه بالأمن فقال:{ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} أي:اجعلني وإياهم جانبا بعيدا عن عبادتها والإلمام بها، ثم ذكر الموجب لخوفه عليه وعلى بنيه بكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها فقال:

هذه بعض الدعوات التي ابتهل بها إبراهيم- عليه السلام- إلى ربه، وقد تقبلها الله- تعالى- منه قبولا حسنا.

وفي هذه الدعوات تنبيه لمشركي مكة الذين بدلوا نعمة الله كفرا، والذين جحدوا نعم الله عليهم، بأن من الواجب عليهم أن يثوبوا إلى رشدهم، وأن يستجيبوا لدعوة الحق، وأن يقتدوا بإبراهيم- عليه السلام- في إيمانه وشكره لخالقه- سبحانه-.

و «إذ» ظرف لما مضى من الزمان، وهو منصوب على المفعولية لفعل محذوف.

و «رب» منادى بحرف نداء محذوف أى: يا رب.

والمراد بالبلد: مكة المكرمة شرفها الله- تعالى-.

والمعنى: واذكر- أيها العاقل- وقت أن قال إبراهيم مناديا ربه: يا رب اجعل هذا البلد ذا أمن وسلام واستقرار.

وقدم إبراهيم- عليه السلام- في دعائه نعمة الأمن على غيرها- لأنها أعظم أنواع النعم، ولأنها إذا فقدها الإنسان، اضطرب فكره، وصعب عليه أن يتفرغ لأمور الدين أو الدنيا بنفس مطمئنة، وبقلب خال من المتغصات والمزعجات.

قال الإمام الرازي: «سئل بعض العلماء: الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال الأمن أفضل، والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ولا يمنعها هذا الكسر من الإقبال على الرعي والأكل والشرب.

ولو أنها ربطت- وهي سليمة- في موضع، وربط بالقرب منها ذئب، فإنها تمسك عن الأكل والشرب، وقد تستمر على ذلك إلى أن تموت.

وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف، أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد، .

وقال الإمام ابن كثير ما ملخصه: «يذكر الله- تعالى- في هذا المقام- محتجا على مشركي مكة الذين كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم- بأن مكة إنما وضعت أول ما وضعت على عبادة الله- تعالى- وحده، وأن إبراهيم قد تبرأ ممن عبد غير الله، وأنه دعا لمكة بالأمن وقد استجاب الله له فقال- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ.. وقال- تعالى- إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ... .

وقال صاحب الكشاف: «فإن قلت: أى فرق بين قوله- تعالى- في سورة البقرة رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً ... .

وبين قوله هنا رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً ... ؟.

قلت: قد سأل في الأول أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون، وسأل في الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن، كأنه قال: هو بلد مخوف فاجعله آمنا..» .

وقوله- سبحانه- وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ حكاية لدعوة أخرى من الدعوات التي تضرع بها إبراهيم- عليه السلام- إلى خالقه- سبحانه-.

وقوله «واجنبنى» بمعنى وأبعدنى مأخوذ من قولك جنبت فلانا عن كذا، إذا أبعدته عنه، وجعلته في جانب آخر، وفعله جنب من باب نصر.

والمراد ببنيه: أولاده من صلبه، أوهم من تناسل معهم.

والأصنام جمع صنم، وهو التمثال الذي كان مشركو العرب يصنعونه من الحجر ونحوه لكي يعبدوه من دون الله.

والمعنى: أسألك يا ربي أن تجعل مكة بلدا آمنا، كما أسألك أن تعصمني وتعصم ذريتي من بعدي من عبادة الأصنام، وأن تجعل عبادتنا خالصة لوجهك الكريم.

وقد بين- سبحانه- في آيات أخرى، أنه قد أجابه في بعض ذريته دون بعض.

ومن ذلك قوله- تعالى- سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ .

يذكر تعالى في هذا المقام محتجا على مشركي العرب ، بأن البلد الحرام مكة إنما وضعت أول ما وضعت على عبادة الله وحده لا شريك له ، وأن إبراهيم الذي كانت عامرة بسببه آهلة تبرأ ممن عبد غير الله ، وأنه دعا لمكة بالأمن فقال : ( رب اجعل هذا البلد آمنا ) وقد استجاب الله له ، فقال تعالى : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ) [ العنكبوت : 67 ] وقال تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ) [ آل عمران : 96 ، 97 ] وقال في هذه القصة : ( رب اجعل هذا البلد آمنا ) فعرفه ، كأنه دعا به بعد بنائها ; ولهذا قال : ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق ) [ إبراهيم : 39 ] ومعلوم أن إسماعيل أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة ، فأما حين ذهب بإسماعيل وأمه وهو رضيع إلى مكان مكة ، فإنه دعا أيضا فقال : ( رب اجعل هذا بلدا آمنا ) [ البقرة : 126 ] كما ذكرناه هنالك في سورة البقرة مستقصى مطولا .

وقال : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته .

ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق من الناس وأنه برئ ممن عبدها ، ورد أمرهم إلى الله ، إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم كما قال عيسى - عليه السلام - : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) [ المائدة : 118 ] وليس في هذا أكثر من الرد إلى مشيئة الله تعالى ، لا تجويز وقوع ذلك .

يقول تعالى ذكره: ( و) اذكر يا محمد (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا) يعني الحَرَم ، بلدا آمنا أهله وسكانه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) يقال منه: جَنَبْته الشرّ فأنا أَجْنُبُه جَنْبا وجَنَّبته الشر ، فأنا أجَنِّبُه تجنيبا ، وأجنبته ذلك فأنا أُجْنِبه إجنابا ، ومن جَنَبْتُ قول الشاعر:

وَتَنْفُــضُ مَهْــدَهُ شَــفَقا عَلَيْــه

وَتَجْنِبُـــهُ قَلائِصَنـــا الصِّعابَــا (1)

ومعنى ذلك: أبعدْني وبنيّ من عبادة الأصنام ، والأصنام: جمع صنم ، والصنم: هو التمثال المصوّر ، كما قال رُؤبة بن العجَّاج في صفة امرأة:

وَهْنانَــةٌ كــالزُّونِ يُجْـلَى صَنَمُـهْ

تَضْحَـكُ عـن أشْـنَبَ عَـذْبٍ مَلْثَمُـهْ (2)

وكذلك كان مجاهد يقول:حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حُذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) قال: فاستجاب الله لإبراهيم دعوته في ولده ، قال : فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته. والصنم: التمثال المصوّر ، ما لم يكن صنما فهو وثَن ، قال: واستجاب الله له ، وجعل هذا البلد آمنا ، ورزق أهله من الثمرات ، وجعله إماما ، وجعل من ذرّيته من يقيم الصلاة ، وتقبَّل دعاءه ، فأراه مناسِكَة ، وتاب عليه.

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن مغيرة ، قال : كان إبراهيم التيميّ يقصُّ ويقول في قَصَصه: من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم ، حين يقول: ربّ( اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ) .

وقوله ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ) يقول: يا ربّ إن الأصنام أضللن: يقول: أزلن كثيرا من الناس عن طريق الهُدى وسبيل الحق حتى عبدوهنّ ، وكفروا بك.

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ) يعني الأوثان.

حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا هشام ، عن عمرو ، عن سعيد ، عن قتادة ( إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ) قال: الأصنام.

وقوله ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) يقول: فمن تبعني على ما أنا عليه من الإيمان بك وإخلاص العبادة لك وفراق عبادة الأوثان ، فإنه مني: يقول: فإنه مستنّ بسنَّتِي ، وعامل بمثل عملي ( وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يقول: ومن خالف أمري فلم يقبل مني ما دعوته إليه ، وأشرك بك ، فإنه غفور لذنوب المذنبين الخَطائين بفضلك ، ورحيم بعبادك تعفو عمن تشاء منهم .

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم لا والله ما كانوا طَعَّانين ولا لعَّانين ، وكان يقال: إنّ من أشرّ عباد الله كلّ طعان لعان ، قال نبيّ الله ابن مريم عليه السلام إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

------------------------

الهوامش:

(1) البيت في ( مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 342 ) قال : جنبت الرجل الأمر ، وهو يجنب أخاه الشر ، وجنبته ( بتشديد النون ) واحد ، وأنشد البيت ، وشدده ذو الرمة فقال :

وشــعر قــد أرقــت لـه بليـل

أجنبـــه المســـاند والمحـــالا

يريد أن المرأة تشفق على طفلها ، فتنفض فراشه خوفا عليه مما يؤذيه ، ولا تركب به النوق الفتية ، وهي القلائص ، لأن نشاطها في السير يؤذيه ، وقال الفراء في معاني القرآن ، ( الورقة 164 ) أهل الحجاز يقولون : جنبني ، خفيفة ، وأهل نجد يقولون : أجنبني شره ، وجنبني شره .

(2) البيت لرؤبة من . أرجوزة له مطلعها : " قلت لزير لم تصله مريمة " ، وقوله " وهنانة " : صفة لأروى في البيت قبله وهو : " إذا حب أروى همه وسدمه ". والزون : الصنم . وملثمة : مقبلة . وقد شبه أروى بالصنم المجلو في البهاء والحسن . والوهنانة كما في اللسان : الكسل عن العمل تنعما . قال أبو عبيدة : الوهنانة التي فيها فترة .

التدبر :

وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ أجاب الله دعاءه بتأمين كل ما فيه، حتى اللقطة والطير والشجر، بل حرم الصيد على القادم إليه مُحرِمًا؛ تعظيمًا له، وتهيئة لتحقيق الأمن فيه.
لمسة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ ما دلالة تنكير كلمة (بلد) في سورة البقرة: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا﴾ [126]، وتعريفها هنا؟ الجواب: الآية الأولى هي دعاء سيدنا ابراهيم قبل أن تكون مكة بلدًا؛ فجاء بصيغة التنكير (بلدًا)، أما الآية الثانية فهي دعاء سيدنا ابراهيم بعد أن أصبحت مكة بلدًا معروفًا؛ فجاء بصيغة التعريف في قوله (البلد).
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ فاستجاب الله دعاءه شرعًا وقدرًا، فحرَّمه الله في الشرع، ويَسَّرَ من أسباب حرمته قدرًا ما هو معلوم، حتى أنَّه لَمْ يُرِدْهُ ظالم بسوء إلا قصمه الله؛ كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم.
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ الحفاظ على أمن البلد من أولى أمنيات الصالحين والدعاة.
عمل
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ ادع الله بأدعية إبراهيم عليه السلام.
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ قَدَّمَ إبراهيم عليه السلام طلب الأمن, ثم ذكر ما يعين على استمرار الأمن وهو التوحيد.
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ البلد الذى يحمل مشعل التوحيد للعالم بأسره، فإن حفظ أمنه واستقراره واجب على كل مسلم، لأنه مهد الإسلام.
عمل
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ إذا دعوت لنفسك بالصلاح والهداية فلا تنس ذريتك؛ لأنهم امتداد لك، وهم وجودك الثاني إن اختفى وجودك.
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ كل الأكاذيب لن تجدي شيئًا، فدعوة الخليل لا تزال تضج بها قلوب الملايين.
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ إمام الحنيفية يخشى عبادة الأصنام؛ وبعضنا مطمئن لكمال إيمانه.
وقفة
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ منذ القدم والأمن مرتبط بالتوحيد (فلا أمن مع الشرك).
تفاعل
[35] ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ اللهم اجمع كلمتنا على الحق، ولا ترفع لمن أراد بنا سوءًا راية، واجعله لمن خلفه عبرة وآية.
تفاعل
[35] ادع الله بأدعية إبراهيم عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِنًا وَٱجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلْأَصْنَامَ﴾، ﴿رَبِّ ٱجْعَلْنِى مُقِيمَ ٱلصَّلَوٰةِ وَمِن ذُرِّيَّتِى ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِى وَلِوَٰلِدَىَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ﴾ [40، 41].
تفاعل
[35] ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾ اللهم من أراد أمن الحرم بسوء؛ فأذقه من عذابك الأليم.
وقفة
[35] إبراهيم دعا ربه: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾، وأجاب الله تعالى دعاءه ﴿وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: 4].
وقفة
[35] ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ استقرار الأمن في الأرض وتحقيق التوحيد لله رب العالمين من أهم الضروريات التي لا تستقيم الحياة إلا بهما، ولا يكتمل أحدهما إلا بالآخر؛ فلا أمن بلا توحيد.
وقفة
[35] ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ لا يأمن الفتنة أحد مهما عظم دينه وورعه وتقواه، فالقلوب بين يدي الله لا يدري بما يختم له.
وقفة
[35] ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ وإنْ مضى على استقامتك أعوام؛ لا غنى لك عن الخوف من غشيان المعاصي.
عمل
[35] ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ أشْرِكْ من تُحب في دعائك، لنْ تخسر شيئًا، قال ابن كثير: «ينبغي لكل داعٍ أن يدعو ‏لنفسه ولوالديه ولذريته».
وقفة
[35] ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ إذا ضمنتَ السلامة من الذنب الكبير؛ سَهُل عليك الصغير.
وقفة
[35] ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾ بدأ بنفسه؛ أصحاب القلوب الحيّة لا يبرؤون أنفسهم.
وقفة
[35] إذا كَانَ إبرَاهِيم الذِّي حَطَّمَ الأَصنَام هو الذِّي يَقُول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، وما ذلِكُم إلَّا لِعِلمِهِ التَّام بِخَطَرِ الشِّرك، وتَجِد المُسلِم مع الأسَف يُقِيم بينَ ظَهرَانِي المُشرِكِين، وقَد يُقلِّد المُشرِكِين، وقَد يَتَأَثَّر بِبَعضِ أَفعَالِهِم، ولَا يَخشَى على أَولَادِهِ مِن أن يَنحَرِفُوا، وأَن يَرتَدُّوا كما حَصَل لِأَولَاد كثير مِمَّن يَعِيش في بِلَادِ الكُّفَّار، ولَا شَكَّ أنَّ هذا تَفرِيط، وخِيَانةٌ للنَّفسِ والوَلَد؛ ولِذا الهِجرَةُ مِن أَوجَبِ الوَاجِبَات، ولَم تُبَح الحِيلَة إلَّا فِي سَبِيلِها، ولَم يُعذَر إلَّا الضَّعِيف المُستَضعَف الذِّي لَا يَستَطِيع، لا يستطيع ولَا عَن طَرِيق الحِيلَة؛ والذي إذا استَطَاع عن طَرِيق الحِيلة؛ تَعَيَّنَت عليهِ الهِجرَة، فالإقَامَةُ بينَ ظَهرَانِي المُشرِكِين؛ لَا شَكَّ أنَّها خَطَرٌ على النَّفس، فَبِكَثرَةِ الإمسَاس يَقِلّ الإحسَاس، وكَم حَصَل مِن عَظَائِم الأُمُور لِبَعضِ مَن يَتَكَرَّرُ منهُ السَفَر؛ فَضلًا عن الإقَامَة بَينَ ظَهرَانِي المُشرِكِين! تَجِدُهُ يَتَسَاهَلُ شَيئًا فَشَيئًا؛ حَتَّى لَا يَكُون الشَّخص الذِّي تَعرِفُهُ مِن قَبل، فالأَسفَار أَضرَارُها عَظِيمة، وَعَوَاقِبُها وَخِيمَة؛ فَضلًا عن الإقَامَة بَينَ ظَهرَانِيهِم التِّي لَا بُدَّ أن يَتَأَثَّر بِها مَهمَا قَال، لَا بُدَّ أن يَتَأَثَّر.
اسقاط
[35] إبراهيم عليه السلام الذي حطّم الأصنام لا يأمن على نفسه الفتنة، فكان يدعو: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، فكيف تأمن على نفسك الفتنة؟!
وقفة
[35] كان ابراهيم بن أدهم يقول: «كيف نأمن وإبراهيم الخليل عليه السلام يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، ويوسف الصديق يقول: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101]».
وقفة
[35] تأمل قول الله جل وعلا مخبرًا عن دعاء إبراهيم: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، هذا إبراهيل خليل الله، الذي حقق التوحيد، وحطَّم الأصنام بيده، خاف على نفسه عبادة الأصنام، وخاف على بنيه، قال إبراهيم التيمي في تفسيرها: «ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟»، وبهذا تعلم أن قولهم: (التوحيد فهمناه) من أكبر مكايد الشيطان.
وقفة
[35] سورة إبراهيم سميت باسم إمام الموحدين، وفيها كلمة التوحيد: ﴿مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً ...﴾ [24]، وفيها دعاء إبراهيم بالثبات على التوحيد: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، وختمت بإعلان التوحيد: ﴿وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ﴾ [52].
وقفة
[35] ينبغي للانسان أن يشمل ذريته في الدعاء؛ لأن الذرية الصالحة من آثار الانسان الصالحة ﴿ومن ذريتنا أمة مسلمة لك﴾ [البقرة: 128]، وقال ابراهيم عليه السلام: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾، فصلاح الذرية له شأن كبير بالنسبة للانسان.
وقفة
[35] دعوات عظيمة من نبي الله إبراهيم عليه السلام بجعل قلوب الناس تشتاق لمكة ليألفها الناس في السكنى ومن رغد العيش كل هذا لإقامة اعظم شعيرة وهي إقامة الصلاة.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ:
  • الواو: استئنافية. إذ: اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمضمر تقديره واذكر. قال: فعل ماض مبني على الفتح. ابراهيم: فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين- على العجمة والعلمية. وجملة قالَ إِبْراهِيمُ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «اذ».
  • ﴿ رَبِّ:
  • منادى بحرف نداء محذوف والأصل: يا ربّ. وهو منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اختصارا واكتفاء بكسرة دالة عليها والياء المحذوفة ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والجملة بعده في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً:
  • اجعل: فعل دعاء بصيغة أمر وهو من أساليب الطلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت: هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. البلد: بدل من «هذا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. آمنا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. أما بالنسبة إلى «هذا» ففيه أوجه أعرابية. يقول الكوفيون إنّ «ذا» اسم موصول لأنه لا يلزم عندهم لاعتبار «ذا» موصولا أن يسبقه اسم استفهام كما يلزم عند البصريين ولا يمنع من اعتباره موصولا عندهم تقدم حرف التنبيه عليه. وأما البصريون فقالوا: إذا تقدم حرف التنبيه لزم أن يكون «ذا» اسم اشارة واذا لم يتقدم حرف التبعية فإن تقدم عليه «ما» أو«من» الاستفهاميان ووجدت الصلة كان موصولا وإلا فهو اسم اشارة وههنا تقدم حرف التنبيه فهو اسم اشارة ولا يكون اسما موصولا. انتهى القولان .. وفي هذا الكتاب سيكتفى باعراب «هذا» متى ذكرت في الآيات الكريمات اسم اشارة من باب الاختصار مع الاحتفاظ‍ بالرأيين المذكورين.
  • ﴿ وَاجْنُبْنِي:
  • أي وابعدني: معطوفة بالواو على «اجعل» وتعرب إعرابها. النون: للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَبَنِيَّ:
  • معطوفة بالواو على ضمير المتكلم في «اجنبني» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم وحذفت النون للاضافة والياء المدغمة ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: وأولادي.
  • ﴿ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ:
  • أن: حرف مصدري ناصب. نعبد: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الأصنام: مفعول به منصوب بالفتحة. و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. التقدير: من عبادة الأصنام. وجملة نَعْبُدَ الْأَصْنامَ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. '

المتشابهات :

البقرة: 126﴿ وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ
ابراهيم: 35﴿ وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     وبعد أن بيَّنَ اللهُ عز وجل بالدَّلائلِ أنَّه لا مَعبودَ إلَّا هو سُبحانَه، وأنَّه لا يجوزُ عِبادةُ غيرِه تعالى البتَّةَ، وقبل ذلك كان التعجب من كفرِ أهلِ مكَّةَ؛ ذَكَّرَهم اللهُ هنا بأبيهم إبراهيمَ عليه السلام لمَّا دعا اللهَ: 1- أنْ يجعلَ مكَّةَ آمنةً. 2- أنْ يبعدَه وبَنيِه عن عبادةِ الأصنامِ، قال تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

واجنبنى:
وقرئ:
وأجنبنى، من «أجنب» ، وهى قراءة الجحدري، وعيسى الثقفي.

مدارسة الآية : [36] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ ..

التفسير :

[36] ربِّ إن الأصنام تسبَّبتْ في إبعاد كثير من الناس عن طريق الحق، فمن اقتدى بي في التوحيد فهو على ديني وسُنَّتي، ومَن خالفني فيما دون الشرك، فإنك غفور لذنوب المذنبين -بفضلك- رحيم بهم، تعفو عمن تشاء منهم.

أي:ضلوا بسببها،{ فَمَنْ تَبِعَنِي} على ما جئت به من التوحيد والإخلاص لله رب العالمين{ فَإِنَّهُ مِنِّي} لتمام الموافقة ومن أحب قوما وتبعهم التحق بهم.

{ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وهذا من شفقة الخليل عليه الصلاة والسلام حيث دعا للعاصين بالمغفرة والرحمة من الله والله تبارك وتعالى أرحم منه بعباده لا يعذب إلا من تمرد عليه.

وقوله: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ... تعليل لسؤال إبراهيم ربه أن يجنبه وذريته عبادة الأصنام.

أى: يا رب لقد تضرعت إليك بأن تعصمني وبنىّ عن عبادة الأصنام، لأنها كانت سببا في إضلال كثير من الناس عن اتباع الحق، وعن الهداية إلى الصراط المستقيم.

وأسند الإضلال إليها مع أنها جمادات لا تعقل، لأنها كانت سببا في إضلال كثير من الناس، فكأنها أضلتهم، فنسبة الإضلال إليها مجازية من باب نسبة الشيء إلى سببه، كما يقال: فلان فتنته الدنيا وأضلته، وهو إنما فتن وضل بسببها.

وقوله- سبحانه- فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ بيان لموقفه- عليه السلام- من المهتدين والضالين.

أى: فمن تبعني من الناس في ديني وعقيدتي، فإنه يصير بهذا الاتباع من أهل ديني وهو دين الإسلام، ومن عصاني ولم يقبل الدخول في الدين الحق، فإنى أفوض أمره إليك، فأنت- سبحانك- لا تسأل عما تفعل وغيرك يسأل.

فالجملة الكريمة تدل على الأدب السامي، والخلق العالي، الذي كان يتحلى به إبراهيم- عليه السلام- في مخاطبته لربه- عز وجل- حيث فوض الأمور إليه دون أن يقطع فيها برأى، كما تدل على رقة قلبه وشفقته على العصاة من الوقوع في العذاب الأليم.

وشبيه بهذه الآية ما حكاه- سبحانه- عن عيسى- عليه السلام- في قوله: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

هذا، ولا نرى وجها لما ذهب إليه بعض المفسرين، من أن قول إبراهيم- عليه السلام- «ومن عصاني فإنك غفور رحيم» كان قبل أن يعلم بأن الله لا يغفر الشرك، أو أن المراد بالمعصية هنا مادون الشرك، أو أن المغفرة مقيدة بالتوبة من الشرك..» .

نقول: لا نرى وجها لكل ذلك، لأن الجملة الكريمة ليس المقصود بها الدعاء بالمغفرة لمن عصى، وإنما المقصود بها تفويض أمر العصاة إلى الله- تعالى- إن شاء غفر لهم ورحمهم، وإن شاء عذبهم.

ثم حكى- سبحانه- دعاء آخر من تلك الأدعية التي تضرع بها إبراهيم إليه- تعالى- فقال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ ...

و «من» في قوله «من ذريتي» للتبعيض.

والوادي: هو المكان المنخفض بين مرتفعات، والمقصود به وادي مكة المكرمة.

والمعنى: يا ربنا إنى أسكنت بعض ذريتي وهو ابني إسماعيل ومن يولد له، بواد غير ذي زرع قريبا من بيتك المحرم، أى: الذي حرمت التعرض له بسوء توقيرا وتعظيما، والذي جعلته مثابة للناس وأمنا، وفضلته على غيره من الأماكن.

وقوله رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ بيان للباعث الذي دفعه لإسكان بعض ذريته في هذا المكان الطيب.

أى: يا ربنا إنى أسكنتهم، هذا المكان ليتفرغوا لإقامة الصلاة في جوار بيتك، وليعمروه بذكرك وطاعتك.

فاللام في قوله «ليقيموا» للتعليل وهي متعلقة بأسكنت.

وخصت الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات، لمزيد فضلها، ولكمال العناية بشأنها.

قال القرطبي: «تضمنت هذه الآية أن الصلاة بمكة أفضل من الصلاة بغيرها، لأن معنى «ربنا ليقيموا الصلاة» أى: أسكنتهم عند بيتك المحرم ليقيموا الصلاة فيه.

وقد اختلف العلماء هل الصلاة بمكة أفضل أو في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؟

فذهب عامة أهل الأثر إلى أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بمائة صلاة، واحتجوا بحديث عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدى هذا بمائة صلاة» .

وقد روى عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث ابن الزبير» .

وقوله فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ دعاء جامع لمطالب الدين والدنيا، لأن الناس يذهبون إلى البيت الحرام للتقرب إلى الله- تعالى-، وليتبادلوا المنافع عن طريق التجارة وغيرها مع السكان المجاورين لهذا البيت المعمور.

والأفئدة: جمع فؤاد، والمراد بها القلوب والنفوس.

والمراد بالناس في قوله «من الناس» المؤمنون منهم، لأنهم هم الذين يذهبون إلى البيت الحرام، ليشهدوا منافع لهم، وليتقربوا إليه- سبحانه- بحج بيته.

وتهوى إليهم: أى تسرع إليهم، يقال: هوى- بفتح الواو- يهوى- بكسرها- إذا أسرع في السير، ومنه قولهم: هوت الناقة تهوى هويا، إذا عدت عدوا شديدا.

والأصل فيه أن يتعدى باللام، وعدى هنا بإلى لتضمنه معنى تميل وتسرع.

أى: يا ربنا إنى تركت بعض ذريتي في جوار بيتك، فأسألك يا إلهى أن تجعل نفوس الناس وقلوبهم تحن إلى هذا المكان، وتطير فرحا إليه، وارزق من تركتهم وديعة في جوار بيتك من الثمرات المختلفة ما يغنيهم لعلهم بهذا العطاء الجزيل يزدادون شكرا لك، ومسارعة في طاعتك وعبادتك.

وقال- سبحانه- فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ولم يقل فاجعل الناس تهوى إليهم، للإشارة إلى أن سعى الناس إليهم يكون عن شوق ومحبة حتى لكأن المسرع إلى هذا الجوار الطيب هو القلب والروح وليس الجسد وحده.

قال صاحب الكشاف ما ملخصه: «وقد أجاب الله- تعالى- دعوة إبراهيم- عليه السلام- فجعل البيت الحرام حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنه، ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارا، وفي أى بلد من الشرق والغرب، ترى الأعجوبة التي يريكها الله بواد غير ذي زرع- وهي اجتماع البواكير من الفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد، وليس ذلك من آياته عجيب، متعنا الله بسكنى حرمه، ووفقنا لشكر نعمه وأدام لنا التشرف بالدخول تحت دعوة إبراهيم، ورزقنا طرفا من سلامة ذلك القلب السليم» .

هذا، وقد ساق الإمام الآلوسى عند تفسيره لهذه الآية قصة إسكان إبراهيم لبعض ذريته في هذا المكان فقال ما ملخصه: «وهذا الإسكان إنما كان بعد أن حدث ما حدث بين إبراهيم وبين زوجه سارة، وذلك أن هاجر أم إسماعيل كانت أمة من القبط لسارة فوهبتها- لإبراهيم عليه السلام- فتزوجها فولدت له إسماعيل. فدبت الغيرة في قلب سارة ولم تصبر على بقائها معها فأخرج إبراهيم- عليه السلام- هاجر وابنها إلى أرض مكة، فوضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس يومئذ أحد، وليس بها ماء، ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفى منطلقا فتبعته هاجر، فقالت له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس.

قالت له ذلك مرارا وهو لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت:

إذا لا يضيعنا، ثم رجعت.

قال عبد الله بن وهب : حدثنا عمرو بن الحارث ، أن بكر بن سوادة حدثه ، عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا قول إبراهيم : ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) وقول عيسى عليه السلام : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) ورفع يديه [ ثم ] قال : " اللهم أمتي ، اللهم أمتي ، اللهم أمتي " وبكى . فقال الله : [ يا جبريل ] اذهب إلى محمد - وربك أعلم - وسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل - عليه السلام - فسأله ، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال [ قال ] فقال الله : اذهب إلى محمد ، فقل له : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك .

حدثني المثنى ، قال : ثنا أصبغ بن الفرج ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : ثنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سؤادة ، حَدثه عن عبد الرحمن بن جُبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، وقال عيسى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فرفع يديه ثم قال: اللَّهُمَّ أُمَّتِي ، اللَّهُمَّ أُمَّتِي ، وبكى ، فقال اللَّه تعالى: يا جبريل اذهب إلى محمد ، وربك أعلم ، فاسأله ما يُبكيه؟ فأتاه جبرئيل فسأله ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال ، قال: فقال الله: يا جبرئيل اذهب إلى محمد وقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءُك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[36] ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ﴾ زيادة أعداد المنحرفين تحفز على الخوف من اللحاق بهم.
وقفة
[36] ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ﴾ إن قلتَ: كيف جعل الأصنام مضلِّةَ، والمضِلُّ ضارٌّ، وقد نفى عنهم الضرر بقوله: ﴿وًيعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَالَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾ [يونس: 18]؟! قلتُ: نسبةُ الِإضلال إليها مجاز، من باب نسبة الشيء إلى سببه، كما يُقال: فتنتهم الدنيا، ودواءٌ مُسْهِل، فهي سببٌ للِإضلال، وفاعلُه حقيقةً هو اللَّهُ تعالى.
وقفة
[36] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَلاَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ الآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [المائدة: 118]؛ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي»، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟»، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ: «يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلاَ نَسُوءُكَ». [مسلم 419].
وقفة
[36] ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ من الشرف أن تكون تابعًا لأهل الحق، لا يخدعوك بوهم الاستقلالية.
وقفة
[36] ﴿فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ تأمل: لم يقل: (ومن عصاني فإنك شديد العقاب)؛ قلوب أُرسلت هداية ورحمة للعباد.
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ يعصونه فيرجو رحمة الله لهم، النفوس الكبيرة تترفّع عن الأحقاد.
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ وهذا من شفقة الخليل عليه الصلاة والسلام؛ حيث دعا للعاصين بالمغفرة والرحمة من الله.
اسقاط
[36] ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ كم تأسرك أخلاق الأنبياء! لم يقل: (من عصاني انتقم منه وزلزل الأرض من تحته)؛ بل طلب لهم المغفرة.
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ لا وجود للانتقام للنفس في قاموس العظماء.
وقفة
[36] ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ دليل على لين قلبه عليه السلام.
وقفة
[36] في دعاء إبراهيم عليه السلام: ﴿وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ بيان لكمال شفقته ورحمته بالناس، حيث إنَّه لم يدعُ على من عصاه، بل توسل إلى الله باسميه الغفور الرحيم أن يغفر لهم ويرحمهم، ودل ذلك كذلك على أنَّه متجرد لربه لا ينتصر لنفسه، ولا يقدم مصلحتها الشخصية على مصلحة الدعوة، فهو يعتقد أن الدعوة هي دعوة الله الحق، ليست مجالًا لأغراض أو مصالح ذاتية؛ جلبًا أو دفعًا.

الإعراب :

  • ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ:
  • ربّ: أعربت في الآية الكريمة السابقة. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هن» ضمير مبهم يعود على الأصنام تصغيرا لشأنها في محل نصب اسم «إنّ» أي إنّ هذه الأصنام. أضللن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون الاناث والضمير في محل رفع فاعل بمعنى: أضلت. وجملة «أضللن في محل رفع خبر «انّ».
  • ﴿ كَثِيراً مِنَ النّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي:
  • كثيرا: مفعول به منصوب بالفتحة. من الناس: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كثيرا» الفاء استئنافية من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الشرطية من فعلها وجوابها-جزائها-في محل رفع خبر «من».تبع: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. النون: للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَإِنَّهُ مِنِّي:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء: رابطة لجواب الشرط‍.إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ».منّي: جار ومجرور متعلق بخبرها بمعنى: فمن اتبعني في طريقي الذي أسلكه فإنه من جماعتي.
  • ﴿ وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب اعرابها. والفعل «عصى» مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر. غفور: خبر «إنّ» مرفوع بالضمة. رحيم: صفة-نعت-لغفور أو خبر ثان لأنّ مرفوع بالضمة. بمعنى غفور رحيم له إن تاب. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا دعا إبراهيمُ عليه السلام ربَّه عز وجل أن يبعدَه وبَنيِه عن عبادةِ الأصنامِ؛ ذكَرَ هنا سَببَ طَلَبِه، وهو أن الأصنام كانت سببًا في إضلال كثير من الناس عن اتباع الحق، قد شاهد أباه وقومه يعبدون الأصنام، قال تعالى:
﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي ..

التفسير :

[37] ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ ليس فيه زرع ولا ماء بجوار بيتك المحرم، ربنا إنني فعلت ذلك بأمرك؛ لكي يؤدوا الصلاة بحدودها، فاجعل قلوب بعض خلقك تَنزِع إليهم وتحنُّ، وارزقهم في هذا المكان من أنواع الثمار؛ لكي يشكروا لك على عظيم نعمك. فاستجاب الله دعاءه.

وذلك أنه أتى بـ "هاجر"أم إسماعيل وبابنها إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو في الرضاع، من الشام حتى وضعهما في مكة وهي -إذ ذاك- ليس فيها سكن، ولا داع ولا مجيب، فلما وضعهما دعا ربه بهذا الدعاء فقال -متضرعا متوكلا على ربه:{ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} أي:لا كل ذريتي لأن إسحاق في الشام وباقي بنيه كذلك وإنما أسكن في مكة إسماعيل وذريته، وقوله:{ بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} أي:لأن أرض مكة لا تصلح للزراعة.

{ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاة} أي:اجعلهم موحدين مقيمين الصلاة لأن إقامة الصلاة من أخص وأفضل العبادات الدينية فمن أقامها كان مقيما لدينه،{ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} أي:تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه.

فأجاب الله دعاءه فأخرج من ذرية إسماعيل محمدا صلى الله عليه وسلم حتى دعا ذريته إلى الدين الإسلامي وإلى ملة أبيهم إبراهيم فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة.

وافترض الله حج هذا البيت الذي أسكن به ذرية إبراهيم وجعل فيه سرا عجيبا جاذبا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد شوقه وعظم ولعه وتوقه، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة.

{ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} فأجاب الله دعاءه، فصار يجبي إليه ثمرات كل شيء، فإنك ترى مكة المشرفة كل وقت والثمار فيها متوفرة والأرزاق تتوالى إليها من كل جانب.

وانطلق إبراهيم- عليه السلام- حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت- وكان إذ ذاك مرتفعا من الأرض كالرابية- ثم دعا بهذه الدعوات، ورفع يديه فقال: رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ.. الآية.

ثم إنها جعلت ترضع ابنها وتشرب مما في السقاء حتى إذا نفد ما في السقاء، عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلبط- أى يتلوى ويتمرغ- من شدة العطش، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا. فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طرف درعها، ثم سعت سعى الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات، ولذلك سعى الناس بينهما سبعا.

فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت: صه! تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت أيضا صوتا فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه وتغرف منه في سقائها وهو يفور، فشربت وأرضعت ولدها، وقال لها الملك: لا تخافي الضيعة، فإن هاهنا بيت الله- تعالى- يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله- تعالى- لن يضيع أهله.

ثم إنه مرت بهما رفقة من جرهم، فرأوا طائرا عائفا- أى يتردد على الماء ولا يمضى- فقالوا: لا طير إلا على الماء، فبعثوا رسولهم فنظر فإذا بالماء، فأتاهم فقصدوه وأم إسماعيل عنده، فقالوا: أشركينا في مائك نشركك في ألباننا، ففعلت، فلما أدرك إسماعيل- عليه السلام- زوجوه امرأة منهم» .

وهذا يدل على أن هذا دعاء ثان بعد الدعاء الأول الذي دعا به عندما ولى عن هاجر وولدها - وذلك قبل بناء البيت ، وهذا كان بعد بنائه - تأكيدا ورغبة إلى الله - عز وجل - ; ولهذا قال : ( عند بيتك المحرم )

وقوله : ( ربنا ليقيموا الصلاة ) قال ابن جرير : هو متعلق بقوله : " المحرم " أي : إنما جعلته محرما ليتمكن أهله من إقامة الصلاة عنده .

( فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير : لو قال : " أفئدة الناس " لازدحم عليه فارس والروم واليهود والنصارى والناس كلهم ، ولكن قال : ( من الناس ) فاختص به المسلمون .

وقوله : ( وارزقهم من الثمرات ) أي : ليكون ذلك عونا لهم على طاعتك وكما أنه ( واد غير ذي زرع ) فاجعل لهم ثمارا يأكلونها . وقد استجاب الله ذلك ، كما قال : ( أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ) [ القصص : 57 ] وهذا من لطفه تعالى وكرمه ورحمته وبركته أنه ليس في البلد الحرام مكة شجرة مثمرة ، وهي تجبى إليها ثمرات ما حولها ، استجابة لخليله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - .

وقال إبراهيم خليل الرحمن هذا القول حين أسكن إسماعيل وأمه هاجَرَ -فيما ذُكِر- مكة .

كما حدثني يعقوب بن إبراهيم والحسن بن محمد قالا ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، قال : نبئت عن سعيد بن جبير ، أنه حدث عن ابن عباس ، قال : إنّ أوّل من سَعى بين الصَّفا والمروة لأمُّ إسماعيل ، وإن أوّل ما أحدث نساء العرب جرّ الذيول لمن أمّ إسماعيل ، قال: لما فرّت من سارة ، أرخت من ذيلها لتعفي أثرها ، فجاء بها إبراهيم ومعها إسماعيل حتى انتهى بهما إلى موضع البيت ، فوضعهما ثم رجع ، فاتبعته ، فقالت: إلى أيِّ شيء تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟ إلى شراب تكلنا؟ فجعل لا يردّ عليها شيئا ، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم ، قالت: إذن لا يضيعنا. قال: فرجعت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كَدَاء ، أقبل على الوادي فدعا ، فقال ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) قال: ومع الإنسانة شَنَّة فيها ماء ، فنفِد الماء فعطشت وانقطع لبنها ، فعطش الصبيّ ، فنظرت أيّ الجبال أدنى من الأرض ، فصَعِدت بالصفا ، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا ؟ فلم تسمع ، فانحدرت ، فلما أتت على الوادي سعت وما تريد السعي ، كالإنسان المجهود الذي يسعى وما يريد السعي ، فنظرت أيّ الجبال أدنى من الأرض ، فصَعِدت المروة فتسمعت هل تسمع صوتا ، أو ترى أنيسا ، فسمعت صوتا ، فقالت كالإنسان الذي يكذّب سمعه: صه ، حتى استيقنت ، فقالت: قد أسمعتني صوتك فأغثني ، فقد هلكتُ وهلك من معي ، فجاء المَلك فجاء بها حتى انتهى بها إلى موضع زمزم ، فضرب بقدمه ففارت عينا ، فعجلت الإنسانة فجعلت في شَنها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رَحِمَ اللهُ أُمَّ إِسْماعيلَ لَوْلا أنَّها عَجِلَتْ لَكانَتْ زَمْزَمُ عَيْنا مَعِينا (3) ". وقال لها الملك: لا تخافي الظمأ على أهل هذا البلد ، فإنما هي عين لشرب ضِيفان الله ، وقال: إن أبا هذا الغلام سيجيء ، فيبنيان لله بيتا هذا موضعه ، قال: ومرّت رفقة من جرهم تريد الشام ، فرأوا الطير على الجبل ، فقالوا: إن هذا الطير لعائف على ماء ، فهل علمتم بهذا الوادي من ماء؟ فقالوا: لا فأشرفوا فإذا هم بالإنسانة ، فأتوها فطلبوا إليها أن ينـزلوا معها ، فأذنت لهم ، قال: وأتى عليها ما يأتي على هؤلاء الناس من الموت ، فماتت ، وتزوج إسماعيل امرأة منهم ، فجاء إبراهيم فسأل عن منـزل إسماعيل حتى دُل عليه ، فلم يجده ، ووجد امرأة له فظة غليظة ، فقال لها: إذا جاء زوجك فقولي له: جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا ، وإنه يقول لك: إني لا أرضى لك عَتَبة بابك فحوِّلها ، وانطلق ، فلما جاء إسماعيل أخبرته ، فقال: ذلك أبي وأنت عتبة بأبي ، فطلقها وتزوّج امرأة أخرى منهم ، وجاء إبراهيم حتى انتهى إلى منـزل إسماعيل ، فلم يجده ، ووجد امرأة له سهلة طليقة ، فقال لها: أين انطلق زوجك؟ فقالت: انطلق إلى الصيد ، قال : فما طعامكم؟ قالت: اللحم والماء ، قال : اللهمّ بارك لهم في لحمهم ومائهم ، اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم ثلاثا ، وقال لها: إذا جاء زوجك فأخبريه ، قولي: جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا ، وإنه يقول لك: قد رضيت لك عتبة بابك ، فأثبتها ، فلما جاء إسماعيل أخبرته. قال: ثم جاء الثالثة ، فرفعا القواعد من البيت.

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : جاء نبيّ الله إبراهيم بإسماعيل وهاجر ، فوضعهما بمكة في موضع زمزم ، فلما مضى نادته هاجر: يا إبراهيم إنما أسألك ثلاث مرات: من أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها ضَرْع ولا زرع ، ولا أنيس ، ولا زاد ولا ماء؟ قال: ربي أمرني ، قالت: فإنه لن يضيِّعنا قال: فلما قفا إبراهيم قال رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ يعني من الحزن وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ . فلما ظمئ إسماعيل جعل يَدْحَض الأرض بعقبه ، فذهبت هاجر حتى علت الصفا ، والوادي يومئذ لاخ ، يعني عميق ، فصعدت الصفا ، فأشرفت لتنظر هل ترى شيئا ؟ فلم تر شيئا ، فانحدرت فبلغت الوادي ، فسعت فيه حتى خرجت منه ، فأتت المروة ، فصعدت فاستشرفت هل ترى شيئا ، فلم تر شيئا. ففعلت ذلك سبع مرّات ، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل ، وهو يَدْحَض الأرض بعقبه ،وقد نبعت العين وهي زمزم. فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء ، فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها ، وأفرغته في سقائها. قال: فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : يَرْحَمُها اللهُ لَوْ تَرَكَتْها لَكانَتْ عَيْنا سائِحَةً تَجْرِي إلى يَوْمِ القِيامَةِ". قال: وكانت جُرهُمُ يومئذ بواد قريب من مكة ، قال: ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء ، فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي ، قالوا: ما لزمته إلا وفيه ماء ، فجاءوا إلى هاجرَ ، فقالوا: إن شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك ، قالت: نعم. فكانوا معها حتى شبّ إسماعيل ، وماتت هاجر فتزوّج إسماعيل امرأة منهم ، قال: فاستأذن إبراهيم سارة أن يأتي ، هاجر ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينـزل ، فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر ، فذهب إلى بيت إسماعيل ، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ليس ههنا ذهب يتصيد ، وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد ثم يرجع ، فقال إبراهيم: هل عندك ضيافة ، هل عندك طعام أو شراب؟ قالت: ليس عندي ، وما عندي أحد. فقال إبراهيم: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه ! وذهب إبراهيم ، وجاء إسماعيل ، فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: جاءني شيخ كذا وكذا ، كالمستخفة بشأنه ، قال : فما قال لك؟ قالت: قال لي: أقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه ، فطلقها وتزوج أخرى. فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ، فأذنت له ، وشرطت عليه أن لا ينـزل ، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب يصيد ، وهو يجيء الآن إن شاء الله ، فأنـزل يرحمك الله قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم ، قال : هل عندك خبز أو بر أو تمر أو شعير؟ قالت: لا. فجاءت باللبن واللحم ، فدعا لهما بالبركة ، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا ، فقالت له: أنـزل حتى أغسل رأسك ، فلم ينـزل ، فجاءته بالمقام فوضعته عن شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه ، فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شق رأسه الأيمن ، ثم حوّلت المقام إلى شقه الأيسر فغسلت شقه الأيسر ، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام ، وقولي له: قد استقامت عتبة بابك ، فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: نعم ، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا ، فقال لي كذا وكذا ، وقلت له كذا وكذا ، وغسلتُ رأسه ، وهذا موضع قدمه على المقام. قال: وما قال لك؟ قالت: قال لي: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: قد استقامت عتبة بابك ، قال : ذاك إبراهيم ، فلبث ما شاء الله أن يلبث ، وأمره الله ببناء البيت ، فبناه هو وإسماعيل ، فلما بنياه قيل: أذن في الناس بالحجّ ، فجعل لا يمرّ بقوم إلا قال: أيها الناس إنه قد بني لكم بيت فحجوه ، فجعل لا يسمعه أحد ، صخرة ولا شجرة ولا شيء ، إلا قال: لبيك اللهم لبيك. قال: وكان بين قوله: ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) وبين قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ كذا وكذا عاما ، لم يحفظ عطاء.

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) وإنه بيت طهَّره الله من السُّوء ، وجعله قبلة ، وجعله حَرَمه ، اختاره نبيّ الله إبراهيم لولده.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) قال: مكة لم يكن بها زرع يومئذ.

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابن كثير ، قال القاسم في حديثه: قال: أخبرني عمرو بن كثير " قال أبو جعفر ": فغيرته أنا فجعلته: قال أخبرني ابن كثير ، وأسقطت عمرا ، لأني لا أعرف إنسانًا يقال له عمرو بن كثير حدّث عنه ابن جريج ، وقد حدَّث به معمر عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة ، وأخشى أن يكون حديث ابن جريج أيضا عن كثير بن كثير ، قال : كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان في أناس مع سعيد بن جبير ليلا فقال سعيد بن جبير للقوم: سلوني قبل ألا تسألوني ، فسأله القوم فأكثروا ، وكان فيما سُئل عنه أن قيل له: أحقّ ما سمعنا في المقام ، فقال سعيد: ماذا سمعتم؟ قالوا: سمعنا أن إبراهيم رسول الله حين جاء من الشام ، كان حلف لامرأته أن لا ينـزل مكة حتى يرجع ، فقرب له المقام ، فنـزل عليه ، فقال سعيد: ليس كذاك: حدثنا ابن عباس ، ولكنه حدثنا حين كان بين أم إسماعيل وسارة ما كان أقبل بإسماعيل ، ثم ذكر مثل حديث أيوب غير أنه زاد في حديثه ، قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : طَلَبُوا النـزولَ مَعَهَا وَقَدْ أَحَبَّتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ الأنْسَ ، فَنـزلُوا وبَعَثَوُا إلى أَهْلِهِمْ فَقَدِمُوا ، وَطَعَامُهُمُ الصَّيْدُ ، يَخْرُجُونَ مِنَ الحَرَمِ وَيخْرُجُ إِسْمَاعِيلُ مَعَهُمْ يَتَصَيَّدُ ، فَلَمَّا بَلَغَ أَنْكَحُوهُ ، وَقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ قَبْلَ ذَلكَ". قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَمَّا دَعا لَهُما أنْ يُبَارِكَ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ والماء ، قال لَهَا هَلْ منْ حَبٍّ أوْ غيرِهِ منَ الطَّعامِ ؟ قالَتْ: لا وَلَوْ وَجَدَ يَوْمَئذٍ لَهَا حَبًّا لَدَعا لَهَا بالبَركَةِ فيهِ". قال ابن عباس: ثم لبث ما شاء الله أن يلبث ، ثم جاء فوجد إسماعيل قاعدا تحت دَوْحة إلى ناحية البئر يبرى نبلا له ، فسلم عليه ونـزل إليه ، فقعد معه وقال: يا إسماعيل ، إن الله قد أمرني بأمر ، قال إسماعيل: فأطع ربك فيما أمرك ، قال إبراهيم: أمرني أن أبني له بيتا ، قال إسماعيل: ابنِ ، قال ابن عباس: فأشار له إبراهيم إلى أكمة بين يديه مرتفعة على ما حولها يأتيها السيل من نواحيها ، ولا يركبها. قال: فقاما يحفران عن القواعد يرفعانها ويقولان رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ربنا تقبل منا إنك سميع الدعاء ، وإسماعيل يحمل الحجارة على رقبته ، والشيخ إبراهيم يبني. فلما ارتفع البنيان وشق على الشيخ تناوله ، قرب إليه إسماعيل هذا الحجَر ، فجعل يقوم عليه ويبني ، ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى ، يقول ابن عباس: فذلك مقام إبراهيم وقيامه عليه.

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) قال: أسكن إسماعيل وأمه مكة.

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : ثنا أبو أحمد ، قال : ثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ( إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) قال: حين وضع إسماعيل.

قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذن: ربنا إني أسكنت بعض ولدي بواد غير ذي زرع. وفي قوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه لم يكن هنالك يومئذ ماء ، لأنه لو كان هنالك ماء لم يصفه بأنه غير ذي زرع عند بيتك الذي حرّمته على جميع خلقك أن يستحلوه.

وكان تحريمه إياه فيما ذكر كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في خطبته: إن هذا البيت أوّل من وليه أناس من طسْم ، فعصوا ربهم واستحلوا حرمته ، واستخفوا بحقه ، فأهلكهم الله. ثم وليهم أناس من جُرهم فَعصوا ربهم واستحلوا حرمته واستخفوا بحقه ، فأهلكهم الله. ثم وليتموه معاشر قريش ، فلا تعصوا ربه ، ولا تستحلوا حرمته ، ولا تستخفوا بحقه ، فوالله لصلاة فيه أحبّ إليّ من مئة صلاة بغيره ، واعلموا أن المعاصي فيه على نحو من ذلك. وقال ( إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ) ولم يأت بما وقع عليه الفعل ، وذلك أن حظّ الكلام أن يقال: إني أسكنت من ذريتي جماعة ، أو رجلا أو قوما ، وذلك غير (4) جائز مع " من " لدلالتها على المراد من الكلام ، والعرب تفعل ذلك معها كثيرا ، فتقول: قتلنا من بني فلان ، وطعمنا من الكلأ وشربنا من الماء ، ومنه قول الله تعالى أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ .

فإن قال قائل: وكيف قال إبراهيم حين أسكن ابنه مكة ( إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) وقد رويت في الأخبار التي ذكرتها أن إبراهيم بنى البيت بعد ذلك بمدة. قيل: قد قيل في ذلك أقوال قد ذكرتها في سورة البقرة ، منها أن معناه: عند بيتك المحرّم الذي كان قبل أن ترفعه من الأرض حين رفعته أيام الطوفان ، ومنها عند بيتك المحرم من استحلال حرمات الله فيه ، والاستخفاف بحقه. وقوله ( رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ ) يقول: فعلت ذلك يا ربنا كي تؤدّى فرائضك من الصلاة التي أوجبتها عليهم في بيتك المحرّم. وقوله ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) يخبر بذلك تعالى ذكره عن خليله إبراهيم أنه سأله في دعائه أن يجعل قلوب بعض خلقه تنـزع إلى مساكن ذريته الذين أسكنهم بواد غير ذي زرع عند بيته المحرَّم. وذلك منه دعاء لهم بأن يرزقهم حج بيته الحرام .

كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام بن سلم ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ( أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) ولو قال أفئدة الناس تهوي إليهم لحجت اليهود والنصارى والمجوس ، ولكنه قال: أفئدة من الناس تهوي إليهم فهم المسلمون.

حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) قال: لو كانت أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم ، ولكنه أفئدة من الناس.

حدثنا ابن حميد وابن وكيع ، قالا ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) قال: لو قال: أفئدة الناس تهوي إليهم ، لازدحمت عليهم فارس والروم.

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا عليّ ، يعني ابن الجعد ، قال : أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، مثله.

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سألت عكرمة عن هذه الآية ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) فقال: قلوبهم تهوي إلى البيت.

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن عكرمة وعطاء وطاوس ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه.

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا سعيد ، عن الحكم ، قال : سألت عطاء وطاوسا وعكرمة ، عن قوله ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) قالوا: الحج.

حدثنا الحسن ، قال : ثنا شبابة وعليّ بن الجعد ، قالا أخبرنا سعيد ، عن الحكم ، عن عطاء وطاوس وعكرمة في قوله ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) قال: هواهم إلى مكة أن يحجوا.

حدثني المثنى ، قال : ثنا آدم ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سألت طاوسا وعكرمة وعطاء بن أبي رباح ، عن قوله ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) فقالوا: اجعل هواهم الحجّ.

حدثنا الحسن ، قال : ثنا يحيى بن عباد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لو كان إبراهيم قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجه اليهود والنصارى والناس كلهم ، ولكنه قال ( أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) قال: تنـزع إليهم.

حدثنا الحسن ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله.

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قالا أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله.

وقال آخرون: إنما دعا لهم أن يهووا السكنى بمكة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) قال: إن إبراهيم خليل الرحمن سأل الله أن يجعل أناسا من الناس يَهْوون سكنى أو سَكْن مكة.

وقوله ( وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ ) يقول تعالى ذكره: وارزقهم من ثمرات النبات والأشجار ما رزقت سكان الأرياف والقرى التي هي ذوات المياه والأنهار ، وإن كنت أسكنتهم واديا غير ذي زرع ولا ماء. فرزقهم جلّ ثناؤه ذلك .

كما حدثنا المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا هشام ، قال : قرأت على محمد بن مسلم الطائفي أن إبراهيم لما دعا للحرم وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ نقل الله الطائف من فلسطين.

وقوله ( لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ) يقول: ليشكروك على ما رزقتهم وتنعم به عليهم.

------------------------

الهوامش:

(2) البيت لرؤبة من . أرجوزة له مطلعها : " قلت لزير لم تصله مريمة " ، وقوله " وهنانة " : صفة لأروى في البيت قبله وهو : " إذا حب أروى همه وسدمه ". والزون : الصنم . وملثمة : مقبلة . وقد شبه أروى بالصنم المجلو في البهاء والحسن . والوهنانة كما في اللسان : الكسل عن العمل تنعما . قال أبو عبيدة : الوهنانة التي فيها فترة .

(3) معينا : جارية سائحة على وجه الأرض .

(4) يريد أن من إذا كان معناها التبعيض . كما في الآية ، لم يجز ذكر المفعول بعدها ، لأنها حينئذ بمعنى المفعول ، أي أسكنت بعض ذريتي بواد غير ذي زرع .

التدبر :

وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي﴾ تركهم فى العراء، أسكنهم بيت التوكل.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾، ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ [يوسف: 86]، ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ﴾ [مريم: 5]، ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: 83]، ﴿إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24]؛ ياه دعوات الأنبياء تفطر القلوب.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ الصحاري المخيفة مع الله واحات أمان.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ انطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنيه -حيث لايرونه- ثم دعا.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ الصادق بطلب المعالي يستعذب الصعاب، بل لا يلتفت لها، فهدفه يستحق التضحيات.
وقفة
[37] ﴿ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم﴾ القفرُ في قرب الأحبة جنةٌ، والشوكُ في شوقِ الوصالِ ورودُ.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ يعظم حزننا وشفقتنا على من نحب عندما يتألمون ونحن بعيدون عنهم.
اسقاط
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ أسكن أهله في واد غير ذي زرع وهو (مطمئن)؛ لأنه أسكنهم عند (بيت) ربه الكريم الرحيم، فهل لنا مثل هذا القلب؟!
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ قال :(ربنا)؛ ليستشعر ربوبية الله، وأن الذي رباه صغيرًا ورزقه لن ينساه في مثل هذا الموطن.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ رحلة شاقة طويلة هجر فيها الأحبة والوطن، كل ذلك من أجل الصلاة.
وقفة
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ السكنى بجوار المساجد يعين على إقامة الصلاة.
وقفة
[37] ﴿ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة﴾ من الخضراء إلى أرض مكة الجرداء ليقيموا الصلاة.
عمل
[37] ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾ لا تيأس من الثمرات مهما كانت الحقول قاحلة، ستكون خصبة حين تقول :يا رب.
وقفة
[37] زمزم قصة دعوة بظهر الغيب سكنى بلدٍ صالح له أثر على الذرية ﴿أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ يكفر الأحفاد لإقامة الأجداد ببلد كفر، قمة التوكل في حياة الخليل إبراهيم عليه السلام.
وقفة
[37] ﴿بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ يعني ليس من شأنه الزرع أصلًا، فهي صخور صماء، لكنه مع ذلك دعا: ﴿وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾، هذا هو حسن الظن بالله.
وقفة
[37] ﴿بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ ومع ذلك هتف بالدعاء: ﴿وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾؛ مهما كانت ظروفك قاحلة سينبت الله الفرج من حيث لا تحتسب، فثق بربك، واسأله من فضله.
وقفة
[37] ﴿عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ توسل إبراهيم بقربهم من البيت المحرم لتستجاب دعوته، يا زائر الحرم أنت عند البيت المحرم؛ فادع.
وقفة
[37] ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ أي: اجعلهم موحدين، مقيمين الصلاة؛ لأن إقامة الصلاة من أخص وأفضل العبادات الدينية، فمن أقامها كان مقيمًا لدينه.
وقفة
[37] ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ ما أضمر عبد في قلبه تعظيم شأن الصلاة إلا هوت إليه قلوب الخلق وأحبته أفئدتهم.
وقفة
[37] ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ شعورنا بالحب يقوي قدرتنا على إقامة الصلاة.
وقفة
[37] ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾ جعل الصلوات طريقًا للأرزاق والثمرات.
وقفة
[37] ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ ألست تحس بأن قلبك حينما يحب شخصًا كأنه يسقط عليه سقوطًا, وهو الهوي, دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام بإقامة الصلاة علاج: لتهاوننا وتثاقلنا وتكاسلنا وتأخيرنا وإماتتنا للصلوات ومنها صلاة الفجر, إذ كل هذه الأمور تناقض الإقامة أو تنقصها.
وقفة
[37] ﴿ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون﴾ إقامة الصلاة وشكر الله من أسباب الاستقرار ونهضة الاقتصاد.
وقفة
[37] ﴿ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون﴾ الأنبياء وأتباعهم يحرصون على إصلاح معاش الناس واستقرارهم كما يحرصون على إصلاح أديانهم.
وقفة
[37] ﴿رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ من فوائد قول إبراهيم عليه السلام: جعل الصلوات طريقًا للأرزاق والثمرات؛ فمن قلَّ رزقه فلتزدد صلاته.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ (تهوي): ألست تحس بأن قلبك حينما يحب شخصًا كأنه (يسقط عليه سقوطًا).
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ قد تعظم بقعة من بقاع الله؛ لأن الله عظمها، وترجو لها الأمان؛ لأنها مهد التوحيد، فحبك لها إيماني.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ والله ما جاء بهؤلاء طبيعة ولا مطر ولا نزهة! إلا هذه الدعوة الخالصة.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ أرق تعبير عن الحب لا يزال القلب يهوي بدون قاع.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ بداية الرحلة في القلب، والجوارح تبع له، ومن حَنّ قلبه؛ أوصله جسده.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ هذه الدعوة من إبراهيم عليه السلام جعلت القلوب تسيرإلى البيت قبل الأقدام.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ قدم لفظ الأفئدة؛ لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة، حتى كأن المسرع هو الفؤاد لا الجسد.
وقفة
[37] من دعاء ابراهيم عليه السلام: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾، وقد استجاب الله دعاءه، وجعل في البيت سرًا عجيبًا جاذبًا للقلوب، فهي تحجه، ولا تقضي منه وطرًا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه ازداد شوقه وعظم ولعه وتوقه، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة.
وقفة
[37] تدبر قول إبراهيم عليه السلام: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ فلم يقل: فاجعل بعض الناس يأتي إليهم، لأن مجرد المجيء قد لا يتحقق معه المراد والغاية، بل ربما حدث الضد، لكن إذا هوت الأفئدة أتت الأبدان تبعًا، وتحقق الحب والتآلف والأنس الذي هم بأمسِّ الحاجة إليه، وقد أجاب الله دعاءه فتحقق مراده.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ خذ بقلوب الناس إليهم، فإنه حيث يهوي القلب يذهب الجسد، فلذلك ليس من مؤمن إلا وقلبه معلق بحب الكعبة.
وقفة
[37] إذا رأيت جموع الوافدين من أقطار الدنيا إلى بيت الله الحرام، وكم بذلوا من أموال! وكم هي السنين التي انتظرها بعضهم ليصل إليه؟ والشوق يقطع قلبه، أدركت شيئًا من أسرار قوله تعالى: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾، وأدركت -أيضًا- بعضًا من معاني إضافة هذا البيت إلى نفسه المقدسة في قوله: ﴿عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾.
وقفة
[37] ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾ دعا لهم بثمرات القلوب قبل ثمرات الحقول، الحب ضرورة إنسانية.
تفاعل
[37] ﴿وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ﴾ سَل الله من فضله الآن.
وقفة
[37] من عظيم دلائل دعوة الخليل لأهل الحرم: ﴿وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ أن الناس لو علموا أنهم سيواجهون الصعوبات في طلب الرزق عند الحرم؛ لما اشتاقت نفوسهم إلى هذا المكان، وإن جاءوا، فربما قلت رغبتهم في البقاء فيه بسبب قلة موارده.
وقفة
[37] في رمضان تجتهد بالدعاء عند فطرك، لم لا نتعلم من دعاء أبي الحنيفية إبراهيم.

الإعراب :

  • ﴿ رَبَّنا:
  • منادى بحرف نداء محذوف وأصله: يا ربنا: منصوب للتعظيم بالفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنِّي أَسْكَنْتُ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ».أسكنت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «أسكنت» في محل رفع خبر إنّ.
  • ﴿ مِنْ ذُرِّيَّتِي:
  • جار ومجرور متعلق بأسكنت و «من» للتبعيض وحذف مفعول«أسكنت» لأنّ «من» تدلّ عليه والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. بمعنى: بعض أهلي أو ناسا أو فريقا من أهلي.
  • ﴿ بِاادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ:
  • جار ومجرور متعلق بأسكن وحذفت ياء الاسم لأنه اسم منقوص نكرة. غير: صفة-نعت-لواد مجرورة مثله وهي مضاف. ذي: مضاف اليه مجرور بالياء لأنه من الاسماء الخمسة وهو مضاف. زرع: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المنونة لأنه نكرة.
  • ﴿ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ:
  • عند: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بأسكن بمعنى «بجوار».بيتك: مضاف اليه مجرور بالكسرة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. المحرم: صفة-نعت-للبيت مجرورة مثلها.
  • ﴿ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ:
  • ربنا: أعربت. اللام: للتعليل وهي حرف جر متعلقة بأسكنت أي ما اسكنتهم هذا الوادي إلاّ لكي يقيموا الصلاة عند بيتك المحرم. يقيموا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه: حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الصلاة: مفعول به منصوب بالفتحة و «أن» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر باللام وجملة «يقيموا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ فَاجْعَلْ:
  • الفاء: سببية أو للتعليل. أجعل فعل دعاء من أساليب الطلب بصيغة أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. من الناس: جار ومجرور متعلق باجعل و «من» لابتداء الغاية أو تبعيضية.
  • ﴿ تَهْوِي إِلَيْهِمْ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. اليهم: جار مجرور متعلق بتهوي بمعنى تسرع اليهم شوقا و «هم» في محل جر بالى والجملة في محل نصب مفعول به ثان بتقدير: هاوية اليهم.
  • ﴿ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ:
  • وارزق: معطوفة بالواو على «اجعل» وتعرب اعرابها و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به و مِنَ الثَّمَراتِ» جار ومجرور متعلق بارزق أو تكون «من» للتبعيض وحذف مفعول ارزق لدلالة «من» عليه.
  • ﴿ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ:
  • لعلّ: حرف مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «لعل».يشكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «يشكرون» في محل رفع خبر «لعل» ومعمولها محذوف بتقدير: يشكرون النعمة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     3- عُمران مكة وجلب الأرزاق إليها، قال تعالى:
﴿ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أفئدة:
وقرئ:
1- بتسهيل الهمزة، وهى قراءة هشام.
2- آفدة، على وزن فاعلة.
3- أفدة، على وزن فعلة.
4- أفودة، بالواو المكسورة، بدل الهمزة، وهى قراءة ابن الهيثم.
تهوى:
وقرئ:
1- بضم التاء، مبنيا للمفعول، من «أهوى» ، بهمزة التعدية، وهى قراءة مسلمة بن عبد الله.
2- بفتح التاء، من «هوى» بمعنى مال، وهى قراءة الجمهور.
3- بفتح التاء، مضارع «هوى» بمعنى: أحب، وهى قراءة على بن أبى طالب، وزيد بن على، ومحمد بن على، وجعفر بن محمد، ومجاهد.

مدارسة الآية : [38] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي ..

التفسير :

[38] ربنا إنك تعلم كل ما نخفيه وما نظهره. وما يغيب عن علم الله شيء من الكائنات في الأرض ولا في السماء.

أي:أنت أعلم بنا منا، فنسألك من تدبيرك وتربيتك لنا أن تيسر لنا من الأمور التي نعلمها والتي لا نعلمها ما هو مقتضى علمك ورحمتك،{ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} ومن ذلك هذا الدعاء الذي لم يقصد به الخليل إلا الخير وكثرة الشكر لله رب العالمين.

ثم حكى- سبحانه- دعاء آخر من تلك الدعوات الخاشعة التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه فقال: رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ، وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ.

أى: يا ربنا إنك وحدك العليم بما تخفيه نفوسنا من أسرار وما تعلنه وتظهره من أقوال، لأن الظاهر والمضمر بالنسبة إليك سواء، فأنت يا إلهى لا يخفى عليك شيء من الأشياء، سواء أكان هذا الشيء في الأرض أم في السماء أم في غيرهما.

وإنما ذكر السماء والأرض لأنهما المشاهدتان للناس، وإلا فعلمه- سبحانه- محيط بكل ما في هذا الكون.

قال ابن جرير : يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم خليله أنه قال : ( ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن ) أي : أنت تعلم قصدي في دعائي وما أردت بدعائي لأهل هذا البلد ، وإنما هو القصد إلى رضاك والإخلاص لك ، فإنك تعلم الأشياء كلها ظاهرها وباطنها ، ولا يخفى عليك منها شيء في الأرض ولا في السماء .

وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن استشهاد خليله إبراهيم إياه على ما نوى وقصد بدعائه وقيله رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ... الآية ، وأنه إنما قصد بذلك رضا الله عنه في محبته أن يكون ولده من أهل الطاعة لله ، وإخلاص العبادة له على مثل الذي هو له ، فقال: ربنا إنك تعلم ما تخفي قلوبنا عند مسألتنا ما نسألك ، وفي غير ذلك من أحوالنا ، وما نعلن من دعائنا ، فنجهر به وغير ذلك من أعمالنا ، وما يخفى عليك يا ربنا من شيء يكون في الأرض ولا في السماء ، لأن ذلك كله ظاهر لك متجل باد ، لأنك مدبره وخالقه ، فكيف يخفى عليك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ قال الزمخشري: «المعنى: إنك أعلم بأحوالنا وما يصلحنا وما يفسدنا منا، وأنت أرحم بنا منا بأنفسنا ولها، فلا حاجة إلى الدعاء والطلب، وإنا ندعوك إظهارًا للعبودية لك، وتخشعًا لعظمتك وتذللًا لعزتك، وافتقارًا إلى ما عندك، واستعجالًا لنيل أياديك، وولهًا إلى رحمتك، وكما يتملق العبد بين يدي سيده رغبة في إصابة معروفه».
وقفة
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ هذه أهم مقولة يصرّح بها ثاني أعظم إنسان في تاريخ البشرية.
وقفة
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ الهمسات التي بنفسك وتفكيرك العاصف وكلماتك المكتومة لا أحد يحس بها أو يعلم بحال، لكن الله يعلم.
وقفة
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ كم تحت الضمائر من سرائر! وكم في الأفئدة من كوامن! اطلع عليها الله وعلم صدق الرغبة ﴿وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ﴾ [الكهف: 58].
عمل
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ تعاهد قلبك حتى إذا نظر له ربك وجده خاليًا من منكرات الأخلاق والأهواء.
وقفة
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ أي: أنت أعلم بنا منا، فنسألك من تدبيرك وتربيتك لنا أن تيسر لنا من الأمور التي نعلمها والتي لا نعلمها بما هو مقتضى علمك ورحمتك.
وقفة
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ ولو لم تقل إلّا (يا رب)؛ الباقي سيعلمُه الله بتفاصيله المعقدة.
اسقاط
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ تذكر: لا يخفى على الله احتياجك وافتقارك إليه.
عمل
[38] ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾ إذا عَجِزت عن شرح ما في داخِلك مِن هموم أو أمور تريدها؛ فقط ردِّدْ هذه الآية، فإنَّه عزَّ وجل يعلم جميع الأمنيَات التي بِداخِلك.
عمل
[38] يعلمُ اللهُ ما يُشغلُ قلبك وعقلك ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: 144]؛ فإذا عجِزت عن شرحِ همومك ردِّدْ هذه الآية: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾.
وقفة
[38] الاقبال علي الله بتفاصيل الضعف عند الدعاء، فمن لا يتقنه إلا الخاصة قيل في معني دعاء الخليل: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾، أي من الوجد بإسماعيل وأمه، حتي مجرد وخزات الحنين شكاها لربه.
وقفة
[38] حين تعجز عن وصف همومك وبث شكواك وشرح ألمك قل: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾.
لمسة
[38] ما دلالة تقديم الأرض على السماء؟ لاحظ المقام فيها والسياق: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ﴾، هذا قاله إبراهيم، أين يسكن إبراهيم؟ في الأرض ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء﴾، لما يتكلم على أهل الأرض مسكنهم يقدمها.
وقفة
[38] في جميع القرآن تتقدم (السموات) على (الأرض) إلا في خمسة مواطن، فحيث تقدمت الأرض فالسياق في شأن أهل الأرض، كقوله: ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾، وتتقدم السموات في الحديث عن الخلق والملك والساعة والرزق.
وقفة
[38] إنك تتعامل مع من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفل، فداو دينك فقد دخله سقم، وهيئ زادك، فقد حضر سفر بعيد ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ رَبَّنا:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة والنداء المكرر دليل التضرع واللجوء الى الله سبحانه.
  • ﴿ إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل في محل نصب اسم «إنّ».تعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وجملة «تعلم» في محل رفع خبر إنّ. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. نخفي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. وجملة «نخفي» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَما نُعْلِنُ:
  • معطوفة بالواو على ما نُخْفِي» وتعرب اعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة. والعائد الى الموصول «ما» ضمير محذوف منصوب بالفعل لأنه مفعول به التقدير ما نخفيه وما نعلنه.
  • ﴿ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. يخفى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيخفى.
  • ﴿ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ:
  • من: حرف جر زائد يفيد الاستغراق بمعنى: وما يخفى عليه شيء ما. شيء: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل «يخفى» في الأرض: جار ومجرور متعلق بيخفى أو بصفة محذوفة من شيء.
  • ﴿ وَلا فِي السَّماءِ:
  • الواو. عاطفة: لا: زائدة لتأكيد النفي. في السماء: معطوفة على فِي الْأَرْضِ» وتعرب مثلها. '

المتشابهات :

آل عمران: 5﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ
يونس: 61﴿وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَآ أَصۡغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرَ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٍ
ابراهيم: 38﴿وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّـهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ
العنكبوت: 22﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا طلَبَ إبراهيمُ عليه السلام مِن اللهِ عز وجل تيسيرَ المنافِعِ لأولادِه، وتَسهيلَها عليهم؛ ذكَرَ أنَّه لا يعلَمُ عواقِبَ الأحوالِ، ونِهاياتِ الأمورِ في المُستقبَل، وأنَّه تعالى هو العالِمُ بها، المحيطُ بأسرارِها، فقال تعالى:
﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي ..

التفسير :

[39] يُثْني إبراهيم على الله تعالى، فيقول:الحمد لله الذي رزقني على كِبَر سني ولديَّ إسماعيل وإسحاق بعد دعائي أن يهب لي من الصالحين، إن ربي لسميع الدعاء ممن دعاه، وقد دعوته ولم يخيِّب رجائي.

فهبتهم من أكبر النعم، وكونهم على الكبر في حال الإياس من الأولاد نعمة أخرى، وكونهم أنبياء صالحين أجل وأفضل،{ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} أي:لقريب الإجابة ممن دعاه وقد دعوته فلم يخيب رجائي،

ثم حكى- سبحانه- ما قاله إبراهيم- عليه السلام- في مقام شكره لله على نعمه فقال- تعالى-: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ، إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ.

والحمد هو الثناء باللسان على من صدرت منه النعمة، وأل فيه للاستغراق أى: جميع أجناس الحمد ثابتة لله رب العالمين، لأن كل ما يستحق أن يقابل بالثناء والحمد فهو صادر عنه- سبحانه- إذ هو الخالق لكل شيء.

وعلى في قوله «على الكبر» للاستعلاء المجازى وهي بمعنى مع. أى: وهب لي مع الكبر الذي لا تحصل معه في الغالب ولادة.

وإسماعيل هو الابن الأكبر لإبراهيم، وقد رزقه الله به من زوجه هاجر كما سبق أن أشرنا-، أما إسحاق فكان أصغر من إسماعيل، وقد رزقه الله به من زوجه ساره.

قال الفخر الرازي: «اعلم أن القرآن يدل على أنه- تعالى- إنما أعطى إبراهيم- عليه السلام- هذين الولدين على الكبر والشيخوخة، فأما مقدار ذلك السن فغير معلوم من القرآن. وإنما يرجع فيه إلى الروايات فقيل لما ولد إسماعيل كان سن إبراهيم تسعا وتسعين سنة، ولما ولد إسحاق كان سنه مائة واثنتي عشرة سنة.

وإنما ذكر قوله «على الكبر لأن المنة بهبة الولد في هذا السن أعظم، من حيث إن هذا الزمان زمان وقوع اليأس من الولادة، والظفر بالحاجة في وقت اليأس من أعظم النعم، ولأن الولادة في هذه السن المتقدمة كانت آية لإبراهيم» .

وجملة «إن ربي لسميع الدعاء» تعليل لجملة «وهب لي على الكبر» أى: وهب لي على الكبر هذين الولدين، لأنه- سبحانه- سمع دعائي وتقبله، وأجاب طلبى دون أن يخيبني.

فالسميع هنا مستعمل على سبيل المجاز في إجابة المطلوب، ومنه قول القائل: سمع الملك كلام فلان، إذا اعتد به وقبله وعمل بمقتضاه. وهو من إضافة الصفة المتضمنة للمبالغة إلى المفعول. أى: إن ربي يسمع دعائي ويجيبه.

ثم حمد ربه - عز وجل - على ما رزقه من الولد بعد الكبر ، فقال : ( الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء ) أي : إنه ليستجيب لمن دعاه ، وقد استجاب لي فيما سألته من الولد .

يقول: الحمد لله الذي رزقني على كبر من السنّ ولدا إسماعيل وإسحاق ( إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ) يقول: إن ربي لسميع دعائي الذي أدعوه به ، وقولي اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ وغير ذلك من دعائي ودعاء غيري ، وجميع ما نطق به ناطق لا يخفى عليه منه شيء.

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن ضرار بن مرّة ، قال : سمعت شيخا يحدّث سعيد بن جبير ، قال : بُشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومئة سنة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ﴾ ما أجملها من كلمة حين تسمعها بأصوات المرضى الخافتة، وعلى شفاه النفوس المتعبة، يقولون: «يا رب لك الحمد» في غمرات الألم!
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ﴾ كما وهب لمن ليس من شأنه الإنجاب؛ سيعطي ذريتي الثمرات في واد ليس من شأنه الزرع.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ﴾ الله يحب منك وصفه نعمته عليك، مثلًا: إذا حمدت ربك فقل: «الحمد لله الذي شفاني مع شدة مرضي وصعوبة حالي».
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ﴾ هل هناك فرق بين: (ارزقني)، و(هب لي) في القرآن الكريم؟ الجواب: الرزق: عطاء متكرر، والهبة: العطاء بدون مقابل، وغالبًا يكون لمرة واحدة.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ﴾ عليك أن تعلم جيدًا أن لحظة الفرج لست أنت من يحددها ولا غيرك، قد تأتيك وأنت على مشارف اليأس والإحباط.
عمل
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ لا يضق صدرك؛ قد تأتيك أمانيك متأخرة، المهم ثق بكرم الله.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ على الكِبَر؛ لا تستعجل الثمرة والأُمنية، فقط عش متفائلًا.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ قد تنتظر كثيرًا، وقد يطول الانتظار ويمر الزمن، ثم يأتيك غوث الله.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ ليس المهم كثرة الذرية، بل المهم بركتهم، هما ولدان فقط لكنهما نجلا أممًا.
تفاعل
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ قل الآن: الحمد لله.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ ظل طول عمره ينتظر الولد ويدعو ربه ولم ييأس حتى جاءه الفرج.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ مجرد أن يسمع الله دعاءك فذلك يكفي بأن يطمئن قلبك وترتاح نفسك.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ النعمة التي تأتي على (خلاف العادة) تحتاج إلى شكر (خاص)، نتقلب بين نعمه سبحانه، ولكل نعمة حقها من الشكر.
وقفة
[39] ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ قال أحدهم ممن تأخر في إنجاب الأبناء حتى غزى شعره الشيب: «كنت أتألم عندما أرى أقراني وأبناءهم معهم كبار وأنا أبنائي أطفال صغار، حتى تدبرت وتأملت قصة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، فهو لم يرزق بالأبناء إلا متأخرًا، قيل أن عمره ٨٦ سنه، لكن عوضه الله بجعل الأنبياء بعده كلهم من ذريته، فهدأت نفسي ورضيت بما كتبه الله لي».
تفاعل
[39] ادع الله أن يرزقك الذرية الصالحة ﴿ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى وَهَبَ لِى عَلَى ٱلْكِبَرِ إِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ ۚ إِنَّ رَبِّى لَسَمِيعُ ٱلدُّعَاءِ﴾.
عمل
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ حدث بها نفسك إن تأخر عنها الفرج، اللهم أجب دعواتنا وحقق آمالنا.
وقفة
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ لا يمكن لمرء وقف بباب الله وعرض حاجته وتوسل إليه ورجاه بقلب صادق وعلق أمله به فخيب الله رجاءه، لا يمكن.
وقفة
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ لم يقل لدعائي، بل الدعاء عامة، هكذا عرف الخليل ربه.
عمل
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ ادع الله وناجه بما في قلبك صغيرًا كان أو كبيرًا، لا تيأس وكن على يقين باﻹجابة!
عمل
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ ثبت بها روحك حين تذبل يأسًا، هاتف بها نفسك إن تأخر عنها الفرج، عش دعاءك يقينًا محققًا .
وقفة
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ هل تخاله غير ذلك؟! متى أيقنت بذلك فلن تنقطع عن سؤاله، ولداومت على دعائه، وأيقنت بإجابته.
وقفة
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ أينما كنت، وكيفما دعوت، الله يسمع دعاءك، ويعلم بحاجتك، وليس لك أحد سواه يجيبك متى أحجمت عن مسألته.
وقفة
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ وإن ألجم الحزن شفتيك وضاق صدرك بالهم، فإنَّ ربك يسمع تمتمات قلبك المكلوم؛ ردد بقلبك: «يا رب يا رب».
وقفة
[39] قول إبراهيم عليه السلام: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ المراد بالسمع ها هنا السمع الخاص؛ وهو سمع الإجابة والقبول؛ لا السمع العام؛ لأنه سميع لكل مسموع.
اسقاط
[39] انظر للعارفين بربهم كيف يتحدثون عنه: قال صالح: ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود: 61]، وقال شعيب: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: 90]، وقال نوح: ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [هود: 41]، وقال يوسف: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ﴾ [يوسف: 100]، وقال إبراهيم: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾، وقال سليمان: ﴿فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: 40].
عمل
[39] ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود: 61]، ﴿إن ربي رَحِيم وَدُودٌ﴾ [هود:90]، ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ دثِّر بها قلبك إذا أوحشتك الحياة.

الإعراب :

  • ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة. لله: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة لله.
  • ﴿ وَهَبَ لِي:
  • الجملة وما تلاها: صلة الموصول لا محل لها. وهب: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لي: جار ومجرور متعلق بوهب.
  • ﴿ عَلَى الْكِبَرِ:
  • جار ومجرور بمعنى: مع الكبر في محل نصب حال أي وهب لي وأنا كبير وفي حال الكبر.
  • ﴿ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. وإسحاق: معطوف بالواو على «اسماعيل» منصوب مثله بالفتحة ولم ينونا لأنهما ممنوعان من الصرف التنوين على العجمة والعلمية.
  • ﴿ إِنَّ رَبِّي:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربّي: اسم «إنّ» منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لَسَمِيعُ الدُّعاءِ:
  • اللام: مزحلقة. سميع: خبر «إنّ» مرفوع بالضمة. الدعاء: مضاف اليه مجرور بالكسرة من اضافة الصفة المشبهة الى مفعولها. '

المتشابهات :

آل عمران: 38﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
ابراهيم: 39﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     وبعد أن فرغَ إبراهيمُ عليه السلام من الدُّعَاءِ بالأهمِّ وهو إقامةُ التوحيدِ؛ حَمِدَ ربَّه على نعمة الولد، فقد وهبه اللهُ ولدين على الكِبَرِ: إسماعيلَ وإسحاقَ، قال تعالى:
﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ..

التفسير :

[40] رب اجعلني مداوماً على أداء الصلاة على أتم وجوهها، واجعل من ذريتي مَن يحافظ عليها، ربنا واستجب دعائي وتقبَّل عبادتي.

ثم دعا لنفسه ولذريته، فقال:رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ

ثم ختم إبراهيم- عليه السلام- تلك الدعوات الطيبات التي تضرع بها إلى ربه، بما حكاه الله عنه في قوله: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ.

أى: يا رب اجعلنى من عبادك الذين يؤدون الصلاة في أوقاتها بإخلاص وخشوع، واجعل من ذريتي من يقتدى بي في ذلك، كما أسألك يا رب أن تتقبل دعائي ولا تخيبني في مطلوب أسألك إياه.

ثم قال : ( رب اجعلني مقيم الصلاة ) أي : محافظا عليها مقيما لحدودها ( ومن ذريتي ) أي : واجعلهم كذلك مقيمين الصلاة ( ربنا وتقبل دعاء ) أي : فيما سألتك فيه كله .

يقول: ربّ اجعلني مؤدّيا ما ألزمتني من فريضتك التي فرضتها عليّ من الصلاة.( وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ) يقول: واجعل أيضا من ذريتي مقيمي الصلاة لك.( رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ) يقول: ربنا وتقبل عملي الذي أعمله لك وعبادتي إياك. وهذا نظير الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنَّ الدُّعاءَ هُوَ العبادَةُ" ثم قرأ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ﴾ هذا الدعاء مفتاح كل خير، فإذا أعانك ﷲ على الصلاة؛ أعانتك الصلاة على كل شيء.
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ لعظيم قدر الصلاة ذكر الله هذه الدعوة من دعاء إبراهيم، مع أنَّه ﷻ لم يذكر من دعائه إلا القليل.
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ لِمَ لم يقل: (رب اجعلني مقيم الصلاة وذريتي) ليدعو لجميع الذرية؟ الجواب: لعلمه أنَّ من ذريته من ليس مؤمنًا كما قال الله: ﴿قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 124].
وقفة
[40] سأل إبراهيم ربه: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ فاستجاب الله دعاءه، قال ﷻ في إسماعيل: ﴿وكان يأمر أهله بالصلاة﴾ [مريم: 55].
وقفة
[40] كان دعاء الأب: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾؛ فجاء الابن: ﴿وكان يأمر أهله بالصلاة﴾ [مريم: 55]، الدعاء والقدوة: ما يراه أبناؤك من أولوياتك سيكون أول اهتماماتهم ولو بعد حين.
عمل
[40] من أراد أن يصلح الله له في ذريته فليدعُ: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾، ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ [الفرقان: 74]، ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾ [الأحقاف: 15].
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ ينسى بعض الناس في آخر دعائه الدعاء بقبول الدعاء، إبراهيم عليه السلام دعا بخمس دعوات ثم قال: «ربنا وتقبَّل دعاء».
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ من أهم ما يميّز سيرته: الدعاء في كل الأحوال، حتى الصلاة يدعو الله أن يقيمها؛ الدعاء عتبة الولاية.
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ من دعاء نبي الله إبراهيم علاجات: تهاوننا وتثاقلنا وتكاسلنا وتأخيرنا وإماتتنا للصلوات ومنها صلا الفجر.
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ أفضل مطلب تطلبه من ربك هو صلاح دينك؛ فإن صلح دينك صلحت دنياك، وآتاك الله من خيرها أكوامًا، فللاستقامة بركة.
وقفة
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾، ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: 45] إقامة الصلاة مظنة لإجابة الدعاء.
اسقاط
[40] ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ ارتق بأمانيك؛ فكن مقيمًا للصلاة، وليس مصليًا فحسب.
لمسة
[40] ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِي﴾ (من) تبعيضية، ليس كل ذريته، فذريته فيهم كفار، ومشركو قريش من ذرية ابراهيم، وعابدو الأصنام هم من أبناء إسماعيل، وقسم من اليهود أولاد إسحق.
وقفة
[40] ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ دعواتك تحتاج دعاء لقبولها.
وقفة
[40] دعا بأربعِ أدعية ثم قال: ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾، فالدعاء والطاعة بعمومهما يعقبهما طلب قبول وانكسار، لا غرور وافتخار.
وقفة
[40] في رمضان تجتهد بالدعاء عند فطرك، لم لا نتعلم من دعاء أبي الحنيفية إبراهيم؟!

الإعراب :

  • ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ:
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة والثلاثين. والنون في «اجعلني» للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. مقيم: مفعول به منصوب وهو مفعول ثان. الصلاة: مضاف اليه مجرور بالكسرة وهو من اضافة اسم الفاعل الى مفعول به.
  • ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي:
  • الواو عاطفة. من ذريتي: جار ومجرور متعلق باجعل ومن للتبعيض أي واجعل بعض ذريتي على طريقتي في ذلك والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وحذف المفعول لأنّ «من» التبعيضية دالة عليه. أي من ذريتي معطوف على المنصوب في اجعلني.
  • ﴿ رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ:
  • ربّ: منادى باداة نداء محذوفة أصلها. يا ربنا. وهو منصوب للتعظيم بالفتحة و «نا» ضمير متصل في محل جر بالاضافة الواو عاطفة، تقبّل: أي استجب: فعل تضرع ودعاء بصيغة أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. دعاء: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة والكسرة دالة على الياء المحذوفة اختصارا أو لأنها رأس آية والياء المحذوفة ضمير متصل في محل جر بالاضافة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     4- أن يجعله مؤديًا للصلاة على أكمل وجه، وذريته كذلك. 5- أن يجيب دعاءه، قال تعالى:
﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

دعاء:
وقرئ:
1- بغير ياء، وهى قراءة طلحة، والأعمش.
2- بياء ساكنة فى الوصل، وهى قراءة ابن كثير.
3- بياء ساكنة فى الوقف، وهى قراءة لبعضهم.

مدارسة الآية : [41] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ..

التفسير :

[41] ربنا اغفر لي ما وقع مني مما لا يسلم منه البشر واغفر لوالديَّ، (وهذا قبل أن يتبيَّن له أن والده عدو لله) واغفر للمؤمنين جميعاً يوم يقوم الناس للحساب والجزاء.

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ فاستجاب الله له في ذلك كله إلا أن دعاءه لأبيه إنما كان عن موعدة وعده إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه

كما أسألك- يا إلهى- أن تغفر لي ذنوبي، وأن تغفر لوالدي وللمؤمنين، يوم يقوم الناس للحساب، فتجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.

وإنما طلب إبراهيم لوالديه المغفرة، قبل أن يتبين له أن والده عدو لله. فلما تبين له ذلك تبرأ منه. قال- تعالى- وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ .

أما أمه فقال بعضهم: إنها كانت مؤمنة، وقال آخرون: لعلها توفيت قبل نبوته.

وبعد أن حكى- سبحانه- تلك الدعوات الطيبات التي تضرع بها إبراهيم إلى ربه، والتي تضمنت أمهات الفضائل، كسلامة القلب، وطهارة النفس، ورقة العاطفة، وحسن المراقبة، وحب الخير لغيره.

بعد كل ذلك حكى- سبحانه- أحوال الظالمين يوم القيامة، وأقوالهم في ذلك اليوم الشديد، ورده- تعالى- عليهم، والأسباب التي أدت إلى خسرانهم ... فقال- تعالى-:

( ربنا اغفر لي ولوالدي ) وقرأ بعضهم : " ولوالدي " على الإفراد وكان هذا قبل أن يتبرأ من أبيه لما تبين له عداوته لله - عز وجل - ( وللمؤمنين ) أي : كلهم ( يوم يقوم الحساب ) أي : يوم تحاسب عبادك فتجزيهم بأعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، [ والله أعلم ] .

وهذا دعاء من إبراهيم صلوات الله عليه لوالديه بالمغفرة ، واستغفار منه لهما. وقد أخبر الله عز ذكره أنه لم يكن اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ .

وقد بيَّنا وقت تبرّئه منه فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته.

وقوله ( وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) يقول: وللمؤمنين بك ممن تبعني على الدين الذي أنا عليه ، فأطاعك في أمرك ونهيك. وقوله ( يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) يعني: يقوم الناس للحساب ، فاكتفى بذكر الحساب من ذكر الناس ، إذ كان مفهوما معناه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ مِن أعظم أنواع البِرِّ هو الاستغفار للوالدين.
اسقاط
[41] قال نوح: ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ [نوح: 28]، وقال إبراهيم: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾، العظماء أوفياء لوالديهم، متى آخر مرة دعوت لوالديك؟!
وقفة
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [نوح: 28]، إبراهيم ونوح لم ينسَيا المؤمنين في دعائهما، كرم النفس يظهر على اللسان.
وقفة
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ وما زالت قلوب الأولياء تتسع وتتسع حتى تشمل أعدادًا لا تُحصى من الخلق، الإيمان جعلها شاسعة الرحمة.
وقفة
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ طيبة قلبك وصفاء نفسك وكرم خلقك وأصالة معدنك تُعْرَف من حبك الخير لإخوانك كما تحبه وترغب به لنفسك.
عمل
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ استغفر لإخوانك الأحياء والأموات والملائكة ستؤمِّن على دعائك: ولك مثل ما دعوت لهم.
تفاعل
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ كرر هذا الدعاء الآن.
وقفة
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ». [ابن ماجة 3660، وصححه الألباني].
وقفة
[41] ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ صباحكم مغفرة من الله ورحمة، ولك مثل ما دعوت لهم.
عمل
[41] دعا إبراهيم عليه السلام ربه: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾، في ساعة استجابة ادع لنفسك ولوالديك و للمؤمنين.

الإعراب :

  • ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِاالِدَيَّ:
  • تعرب اعراب رَبَّنا تَقَبَّلْ» الواردة في الآية الكريمة السابقة. لي: جار ومجرور متعلق باغفر. الواو: عاطفة. لوالدي: جار ومجرور وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت النون للاضافة. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة وفتحت الياء لالتقاء الساكنين وحصل التشديد لإدغامها واضافتها إلى ياء المتكلم. و «لوالدي» متعلق باغفر.
  • ﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ:
  • معطوفة بالواو على «لي» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. يوم: ظرف زمان متعلق باغفر. منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف والجملة بعده: في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَقُومُ الْحِسابُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة. الحساب: فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. '

المتشابهات :

ابراهيم: 41﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
نوح: 28﴿ رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     6- أن يغفر له ولوالديه وسائر المؤمنين، قال تعالى:
﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [42] :ابراهيم     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا ..

التفسير :

[42] ولا تحسبن -أيها الرسول- أن الله غافل عما يعمله الظالمون:من التكذيب بك وبغيرك من الرسل، وإيذاء المؤمنين وغير ذلك من المعاصي، إنما يؤخِّرُ عقابهم ليوم شديد ترتفع فيه عيونهم ولا تَغْمُض؛ مِن هول ما تراه. وفي هذا تسلية لرسول الله محمد -صلى الله عليه وسل

هذا وعيد شديد للظالمين، وتسلية للمظلومين، يقول تعالى:{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} حيث أمهلهم وأدرَّ عليهم الأرزاق، وتركهم يتقلبون في البلاد آمنين مطمئنين، فليس في هذا ما يدل على حسن حالهم فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما، حتى إذا أخذه لم يفلته{ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} والظلم -هاهنا- يشمل الظلم فيما بين العبد وربه وظلمه لعباد الله.{ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} أي:لا تطرف من شدة ما ترى من الأهوال وما أزعجها من القلاقل.

قال الإمام القرطبي: «قوله- تعالى- وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ... هذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن عجبه من أفعال المشركين، ومخالفتهم دين إبراهيم، أى: اصبر كما صبر إبراهيم، وأعلم المشركين أن تأخير العذاب ليس للرضا بأفعالهم، بل سنة الله إمهال العصاة مدة. قال ميمون بن مهران: هذا وعيد للظالم. وتعزية للمظلوم» .

والخطاب في «ولا تحسين» ، يجوز أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم لقصد زيادة تثبيته على الحق، ودوامه على ذلك، ويجوز أن يكون لكل من يصلح للخطاب.

والغفلة: سهو يعترى الإنسان بسبب قلة تيقظه وانتباهه، ولا شك أن ذلك محال في حق الله- تعالى-، لذا وجب حمل المعنى على أن المراد بالغفلة هنا: ترك عقاب المجرمين.

والمراد بالظالمين: كل من انحرفوا عن طريق الحق، واتبعوا طريق الباطل، ويدخل فيهم دخولا أوليا مشركو مكة، الذين أبوا الدخول في الإسلام الذي جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ استئناف وقع تعليلا للنهى السابق.

وقوله «تشخص» من الشخوص بمعنى رفع البصر بدون تحرك يقال شخص بصر فلان- من باب خضع- فهو شاخص، إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف من شدة الخوف والفزع.

والمعنى: ولا تحسبن- أيها الرسول الكريم- أن الله تعالى- تارك عقاب هؤلاء الظالمين، الذين كذبوك في دعوتك، كلا لن يترك الله- تعالى- عقابهم، وإنما يؤخره ليوم هائل شديد، هو يوم القيامة الذي ترتفع فيه أبصار أهل الموقف، فلا تطرف أجفانهم من هول ما يرونه.

يقول [ تعالى شأنه ] ( ولا تحسبن الله ) يا محمد ( غافلا عما يعمل الظالمون ) أي : لا تحسبه إذ أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم ، لا يعاقبهم على صنعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عدا أي : ( إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) أي : من شدة الأهوال يوم القيامة .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ ) يا محمد ( غَافِلا ) ساهيا( عَمَّا يَعْمَلُ ) هؤلاء المشركون من قومك ، بل هو عالم بهم وبأعمالهم محصيًا عليهم ، ليجزيهم جزاءهم في الحين الذي قد سبق في علمه أن يجزيهم فيه.

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عليّ بن ثابت ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران في قوله ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) قال: هي وعيد للظالم وتعزية للمظلوم.

( إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ )

يقول تعالى ذكره: إنما يؤخر ربك يا محمد هؤلاء الظالمين الذين يكذّبونك ويجحَدون نبوّتك ، ليوم تشخص فيه الأبصار. يقول: إنما يؤخِّر عقابهم وإنـزال العذاب بهم ، إلى يوم تشخص فيه أبصار الخلق ، وذلك يوم القيامة .

كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ ) شخصت فيه والله أبصارهم ، فلا ترتدّ إليهم.

التدبر :

وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ أين الظلمة من هذا التهديد المخيف؟!
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ إن قلتَ: كيف يحسبه النبي صلى الله عليه وسلم غافلًا، وهو أعلمُ الخلْقِ باللَّهِ؟! قلتُ: المرادُ دوام نهيه عن ذلك، كقولهِ تعالى: ﴿ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكينَ﴾ [يونس: 105]، وقولِهِ: ﴿وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ﴾ [القصص: 88]، ونظيرُه في الأمر قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّها الذينَ آمَنُوا آمِنُوا باللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: 136]، أو هو نهيٌ لغير النبي صلى الله عليه وسلم ممَّن يحسبه غافلًا، لجهلِهِ بصفاته تعالى.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ يا أيها المظلوم: ﻻ يضيق صدرك فإن لك سند، فالله يرى جور ظالمك وسينصرك نصرًا عزيزًا.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ من الحقائق التي لا يعرفها كثير من الناس ما قرره الإمام المناوي: «فأكثر ما يدخل الموحدين النار مظالم العباد».
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ ويل للظالم من ناصر المظلومين؛ الذي أقسم بعزته لينصرن المظلوم ولو بعد حين.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ أمهل الظالمين وأدر عليهم الأرزاق وتركهم آمنين مطمئنين ليزدادوا إثمًا حتى إذا أخذهم لم يفلتهم.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ الجميل في هذه الحياة أنها قصيرة، لذا فإن حسرة أهل الباطل ستكون مؤجلةٍ لحياة أخرى لا تنقضي، الأمر الذي يبعث الطمأنينة والسكون.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ حتَّى وإنْ رأيتَ الظالمين مستمرِّين في ظلمهم، فإنَّ الله يمهِل ولا يهمل، وسيأتي يوم يُعاقبهم الله بما فعلوا.
عمل
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ فلا تغتر بقوة ظالم أو إمهال الله له، فما من قوي إلا وفوقه القوي سبحانه.
وقفة
[42] كم مرة قرأنا وسمعنا: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ فهل توقفنا عندها؛ لننظر هل ظلمنا أحدًا؟! أزواجنا، أبناءنا، من تحت ولايتنا وكفالتنا؟ أو أننا نتصور أنها خاصة بالرؤساء والقادة؟! فلنتدبرها؛ حتى لا ندخل في هذا التهديد، وسوء العاقبة والمصير!
وقفة
[42] لن تفلت يا ظالم من الذي قال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون﴾.
وقفة
[42] قد يتمادى الظالمون لأن العقوبة لم تلحقهم ولا يعلمون مصيرهم ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
وقفة
[42] يا مظلوم إذا غفل عنك الناس فــ ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
وقفة
[42] إلى كل ظالم: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 19]، وما من يد إلا يد الله فوقها، ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم.
وقفة
[42] الظلم ظلمات في القلب، وفي القبر، وفي الحياة، وفي الآخرة ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ هذا إذًا مصيرهم، وبئس المصير، هذه عدالة الله العظيم، فلتهدأ النفوس، ولتسكن القلوب، ولتتجاوز ضيق اللحظة الحاضرة إلى أفق المستقبل الفسيح.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ ترهب كل ظالم، وتطمئن كل مظلوم .
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ قال ميمون بن مهران: «هي وعيد للظالم وتعزية للمظلوم»؛ ﻟﻨﻮَﻓّﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﺣِﻜَﻢ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﻛﻠﻬﻢ؛ فما في ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﻲﺀٌ ﻻ ﻳﻌﺪﻟﻪ ﺟﻤﺎﻝ ﻭﻻ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻭﺻﻒ.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ قل لي بربك: كيف ينجو الظالم؟!
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ انتصار المظلوم مجرد مسألة وقت، لا يدوم الظلم وإن كثر المتخاذلون.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ أي: اصبر كما صبر إبراهيم، وأَعْلِم المشركين أن تأخير العذاب ليس للرضا بأفعالهم؛ بل سنة الله إمهال العصاة مدة؛ قال ميمون بن مهران: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ لا تستبطئ هلاك الظالمين.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ طب نفسًا أيها المظلوم؛ فظالمك له يوم لن يفلت منه.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ هذا وعيد شديد للظالمين، وتسلية للمظلومين.
وقفة
[42] ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ إنَّها بشرى للمؤمنين وسلوى للمجاهدين، فالظلم لن يستمر مهما طالت أيامه، وإنَّ البغي لن يدوم مهما علا وتجبر.
وقفة
[42] كل ظالم راحل ﻻ محالة وسيترك المظالم خلفه، لكن الله سينقل مظالمه أمامه ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.
عمل
[42] إن أحرقت قلبك جمرة الظلم أطفئ لهيبها بقول الله: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.
وقفة
[42] نظر العقل في هذه الدنيا، فرأى أنَّ فيها من يعيش ظالمًا ويموت ظالمًا، وأنَّ فيها من يعيش مظلومًا ويموت مظلومًا، والرب العادل لا يقرّ الظلم، ولا يدع صاحبه بغير عقاب، ولا يترك من يقع عليه من غير إنصاف، فأيقن العقل أنَّه لا بد من حياة أخرى يُنصف فيها المظلوم ويُعاقب الظالم: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.
وقفة
[42] ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ يوم الاحتضار حيث تشخص الأبصار، لا ينفع الظالم اعتذار، فالبدار البدار، قبل البروز للواحد القهار.
وقفة
[42] ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ أي: لا تَطْرَفُ؛ من شدة ما ترى من الأهوال، وما أزعجها من القلاقل.
وقفة
[42] ﴿إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ هذه عدالة الله عز وجل؛ فلتهدأ النفوس، ولتسكن القلوب، ولتتجاوز ضيق اللحظة الحاضرة إلى أفق المستقبل الفسيح.
وقفة
[42] آه للظالم من يوم ﴿تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾!

الإعراب :

  • ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً:
  • الواو: استئنافية. لا: ناهية جازمة. تحسبن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا ونون التوكيد لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الله غافلا: مفعولا «تحسبن» منصوبان بالفتحة.
  • ﴿ عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ:
  • عما: أصلها: عن: حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون عن مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بغافل. يعمل: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الظالمون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد وجملة يَعْمَلُ الظّالِمُونَ» صلة الموصول لا محل لها والعائد ضمير في محل نصب لأنه مفعول به. التقدير: عما يعمله الظالمون.
  • ﴿ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ:
  • إنما: أداة حصر لا عمل لها أو كافة ومكفوفة. يؤخر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ:
  • جار ومجرور متعلق بيؤخر. تشخص: فعل مضارع مرفوع بالضمة. فيه: جار ومجرور متعلق بتشخص. الأبصار: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ» في محل جر صفة-نعت-للموصوف «يوم» بمعنى: انّما يؤخر حسابهم ليوم تفتح فيه الأبصار فلا تطرف من شدة الهول والفزع. '

المتشابهات :

ابراهيم: 42﴿وَ لَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ
ابراهيم: 47﴿فَـ لَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [42] لما قبلها :     ولَمَّا ختَمَ إبراهيمُ عليه السلام دُعاءَه بيومِ الحِسابِ؛ جاء الحديث هنا عن يوم القيامة؛ تسليةً لرسوله صلى الله عليه وسلم، وتهديدًا للظالمين من أهل مكة أن تأخيرهم وتمتعهم بالحظوظ الدنيوية ليس بإهمال للعقوبة ولا لغفلة عن حالهم، وإنما كان لحكمة اقتضت ذلك، قال تعالى:
﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يؤخرهم:
قرئ:
1- بالنون، وهى قراءة السلمى، والحسن، والأعرج، والمفضل عن عاصم، وعباس بن الفضل، وهارون العتكي، ويونس بن حبيب عن أبى عمرو.
2- بالياء، وهى قراءة الجمهور.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف