5437891011

الإحصائيات

سورة المجادلة
ترتيب المصحف58ترتيب النزول105
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات3.50
عدد الآيات22عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.40
ترتيب الطول47تبدأ في الجزء28
تنتهي في الجزء28عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 12/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (8) عدد الآيات (2)

ثُمَّ أكَّدَ هنا علمَه تعالى بكلِّ شيءٍ، ومنه التَّناجِي وهو الكلامُ سِرًّا بينَ اثنينِ فأكثرَ، وعقابُ المُتناجِينَ بالإثمِ والعُدوانِ ومعصيةِ الرَّسولِ كما كان يفعلُ اليهودُ والمنافقُون.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (9) الى الآية رقم (11) عدد الآيات (3)

ثُمَّ أمَرَ هنا بالتَّناجي بالبرِّ والتَّقوى، ولمَّا نَهَى عن سببٍ من أسبابِ التَّباغضِ، أمرَ هنا بسببٍ من أسبابِ زيادةِ المَحبَّةِ وهو التَّوسعُ في المجالسِ، ثُمَّ بيانُ فضلِ العلماءِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة المجادلة

الولاء للمؤمنين والبراء ممن حاد الله ورسوله/ تربية المؤمنين على الالتزام بحدود الله السميع العليم

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الوقفة الأولى: الظهار::   الوقفة الأولى أسرية ؛ لأن سلامة الأسرة تعنى سلامة المجتمع، ولن يقوى مجتمع يتكون من أسرٍ مهلهلة. تبدأ السورة بأسرة معرضة للتفكك؛ رجل قال لزوجته: «أنت علي كظهر أمي»، وهذا معناه أن تحْرُم عليه، فلا يقربها في الفراش ولا يعطيها حقها، ظلم شديد للمرأة، وعادة من أقبح العادات الجاهلية التي كانت لا تزال موجودة في مجتمع المدينة، فنزلت آيات السورة لتعطي للمرأة حقها من فوق سبع سماوات: ﴿قَدْ سَمِعَ ٱلله قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى ٱلله وَٱلله يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما إِنَّ ٱلله سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (1). ثم تضع الآيات حلًا لمن يقع في الظهار، ومن حجم الكفارة نعلم كبر الذنب الذي يمارسه مرتكب فِعلة الظهار، ثلاثة أمور على الترتيب لا التخيير، ولا يحق للرجل مس امرأته قبل ذلك.
  • • الوقفة الثانية: النجوى::   والتناجي هو الكلام سرًا بين اثنين فأكثر، وتحريمه إذا كان تناجيًا بالإثم والعدوان، وهذا دأب اليهود والمنافقين: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ... فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ...﴾ (8-9).
  • • الوقفة الثالثة: آداب المجلس::   وهنا دعوة لتبادل الاحترام بين أفراد المجتمع، ومعرفة حق وجهاء المجتمع؛ كأصحاب السابقة والعلماء: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ...﴾ (11).
  • • الوقفة الرابعة: أدب مناجاة الرسول::   ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ...﴾ (12).
  • • الوقفة الخامسة: الولاء الكامل لله والتبرؤ من أعدائه::   ﴿لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱلله وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ٱلله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ ...﴾ (22)، كلام شديد ولهجة قوية، إياك أن تحب من يعادي دينك، الأمر ليس فقط متعلقًا بأفعالك، بل حتى بمشاعرك القلبية، ولا بد من التذكير أن الحديث هنا مختص بالمناهج والحضارات التي تعادي الإسلام، فلو كانوا غير مؤذين أو محاربين فلا بأس من التعامل معهم، كما سنرى في سورة الممتحنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «المجادلة» (بكسر الدال وفتحها).
  • • معنى الاسم ::   المجادَلة (بالفتح): المناظرة والمخاصمة، والمجادِلة (بالكسر): اسم فاعل للمرأة التي جادلت الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر زوجها.
  • • سبب التسمية ::   لأَنَّهَا افْتُتِحَتْ بِقَضِيَّةِ مُجَادَلَةِ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ لَدَى النبي صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ مُظَاهَرَةِ زَوْجِهَا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ قَدْ سَمِعَ»، و«سُورَةُ الظِّهَارِ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   مراقبة الله تعالى.
  • • علمتني السورة ::   سعة علم الله وإحاطته للأصوات: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ﴾ (1).
  • • علمتني السورة ::   إذا أصابك هم أو حزن فتوجه إلى الله: ﴿وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الله حرم التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة المجادلة من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة المجادلة من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة المجادلة هي السورة الوحيدة التي تكرر في جميع آياتها لفظ الجلالة (الله).
    • بسورة المجادلة يبدأ النصف الثاني للقرآن الكريم بحسب عدد سوره البالغة 114 سورة، فمن الفاتحة إلى الحديد 57 سورة، ومن المجادلة إلى الناس 57 سورة أيضًا.
    • ويلاحظ أن النصف الأول لعدد سور القرآن استغرق تسعة أعشار القرآن (90%)، بينما النصف الثاني من عدد سور القرآن استغرق عُشْر القرآن (10%) فقط، وهذا يدل على أن سور القرآن روعي في ترتيبها طول السورة في الغالب.
    • سورة المجادلة أُولَى سور الجزء الـ 28، والذي سُمِّي بما افتتحت به سورة المجادلة: (قد سمع)، وهذا الجزء يحتوي على 9 سور: تبدأ بالمجادلة وتنتهي بالتحريم، وكلها سور مدنية، وهي تهتم بأحداث السيرة في العهد المدني والتشريع الإسلامي؛ كما هو شأن القرىن المكي.
    • من اللافت للنظر أنَّ هذا الجزء الـ (28) ابتدأ بقصة امرأة -خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ- في أول سورة المجادلة، وانتهى بذكر نماذج نسائية -امرأة نوح، وامرأة لوط، وامرأة فرعون، ومريم بنت عمران- في آخر سورة التحريم.
    • وأيضًا السورة قبل الأخيرة هي: سورة الطلاق، والطلاق متعلق بالمرأة.
    • والسورة الثالثة في الجزء هي: الممتحنة، وجَاءَتْ فِيهَا آيَةُ امْتِحَانِ إِيمَانِ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَأْتِينَ مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرَاتٍ إِلَى الْمَدِينَةِ.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نراقب الله تعالى دائمًا.
    • أن نعرض مشكلاتنا الأسرية المعضلة على صاحب علم وحكمة: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّـهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ (1).
    • أن نتذكَّر هذه الآية في كلِّ حوارٍ لنا: ﴿وَاللَّـهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ (1).
    • أن نحذر من تعدى حدود الله: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (4).
    • ألا نحتقر ذنبًا؛ لأن الاحتقار يقود لنسيان الاستغفار: ﴿أَحْصَاهُ اللَّـهُ وَنَسُوهُ﴾ (6).
    • أن نحسن القول والعمل؛ لأننا سننبأ بكل أعمالنا يوم القيامة: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ...ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (7).
    • أن ندعو لمن علمونا لصبرهم على تعليمنا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ ۚ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (12).
    • أن نحرص على اتِّباعِ سُنَّةِ النَّبي: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ﴾ (13).
    • أن نحذر من موالاة الكفار: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِم ...﴾ (14).
    • ألا نوالي من حارب الله ورسوله، ولو كانوا من الأقربين: ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ...﴾ (22).

تمرين حفظ الصفحة : 543

543

مدارسة الآية : [7] :المجادلة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ..

التفسير :

[7] ألم تعلم أن الله تعالى يعلم كل شيء في السموات والأرض؟ ما يتناجى ثلاثة مِن خلقه بحديث سرٍّ إلا هو رابعهم بعلمه وإحاطته، ولا خمسةٌ إلا هو سادسهم، ولا أقلُّ من هذه الأعداد المذكورة ولا أكثرُ منها إلا هو معهم بعلمه في أيِّ مكان كانوا، لا يخفى عليه شيء من

وأنه{ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا} والمراد بهذه المعية معية العلم والإحاطة بما تناجوا به وأسروه فيما بينهم، ولهذا قال:{ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ثم قال تعالى:

ثم أقام- سبحانه- الأدلة على شمول علمه فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ.

والاستفهام في قوله: أَلَمْ تَرَ.. للتقرير، والرؤية بمعنى العلم والإدراك القلبي..

والخطاب لكل من هو أهل له.

والنجوى: اسم مصدر بمعنى المسارة، يقال: نجوته نجوا ونجوى وناجيته مناجاة، أى:

ساررته بكلام على انفراد. وأصله: ان تخلو بمن تناجيه بسر معين في نجوة من الأرض، أى:

في مكان مرتفع منفصل عما حوله.

وقيل: أصله من النجاة، لأن الإسرار بالشيء فيه معاونة على النجاة.

وتطلق النجوى على القوم المتناجين، كما في الآية التي معنا.

قال الآلوسى: وقوله- تعالى-: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ استئناف مقرر لما قبله من سعة علمه- تعالى-، و «يكون» من كان التامة. و «من» مزيدة و «نجوى» فاعل، وإضافتها إلى ثلاثة من إضافة المصدر إلى فاعله.. والاستثناء في قوله إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ مفرغ من أهم الأحوال ... .

والمعنى: لقد علمت- أيها العاقل- علما لا يخالطه شك أو تردد، أن الله- تعالى- يعلم علما تاما، ما في السموات وما في الأرض من كائنات مختلفة الأجناس والأنواع.. وأنه- سبحانه- ما يقع من تناجى ثلاثة فيما بينهم إلا وهو تعالى- يعلمه، كأنه حاضر معهم، ومشاهد لهم، كما يعلمه الرابع حين يكون معهم في التناجي.

وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ أى: ولا يكون التناجي بين خمسة إلا وهو- سبحانه- معهم، يعلم ما يتناجون به كما يعلم ذلك سادسهم فيما لو كان التناجي بين ستة.

وقوله- تعالى- وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا بيان لشمول علمه لجميع الأحداث.

أى: ولا يقع التناجي بين ما هو أقل من ذلك العدد أو أكثر- كالاثنين والستة- إلا وهو- سبحانه- يعلم علما تاما ما يجرى بينهم في أى مكان كانوا، وعلى أية حالة وجدوا.

ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ أى: ثم يخبرهم- سبحانه- يوم القيامة بما عملوه في الدنيا من أعمال كبيرة أو صغيرة، ويجازيهم عليها بما يستحقونه من ثواب أو عقاب.

إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فهو- سبحانه- لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

والمقصود بهذه الآية الكريمة، بيان شمول علم الله- تعالى- لكل شيء، وأنه- سبحانه- يحصى على الناس أعمالهم إحصاء الحاضر معهم، المشاهد لهم، الذي لا يعزب عنه شيء من حركاتهم أو سكناتهم، ولذا افتتح- سبحانه- الآية بالعلم، واختتمها بالعلم- أيضا-.

قال الإمام الرازي ما ملخصه: ذكر- سبحانه- الثلاثة والخمسة لوجوه: أحدها: أن هذه إشارة إلى كمال رحمته، وذلك لأن الثلاثة إذا اجتمعوا، فإذا أخذ اثنان في التناجي والمشاورة بقي الواحد ضائعا وحيدا، فيضيق قلبه فيقول الله- تعالى- له: أنا جليسك وأنيسك.

وثانيها: أن العدد الفرد أشرف من الزوج، لأن الله وتر يحب الوتر، فخص الأعداد الفردية بالذكر للتنبيه على شرفها.

وثالثها: أن الآية نزلت في قوم من المنافقين، اجتمعوا على التناجي مغايظة للمؤمنين، وكانوا على هذين العددين: أى كانوا في مرة ثلاثة وفي مرة أخرى خمسة- فنزلت الآية الكريمة بيانا للواقع .

ويبدو لنا أن ذكر العدد إنما هو من باب التمثيل، وأن المقصود الأصلى من الآية الكريمة، بيان أن علم الله- تعالى- يشمل كل كبير وصغير، وكثير وقليل، ولذا قال- سبحانه-:

وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا.

قال القرطبي: قال الفراء: المعنى غير مقصود، والعدد غير مقصود، لأنه- تعالى- إنما قصد- وهو أعلم- أنه مع كل عدد قل أو كثر، يعلم ما يقولون سرا وجهرا، ولا تخفى عليه خافية، فمن أجل ذلك اكتفى بذكر بعض العدد، دون بعض.. .

ثم قال تعالى مخبرا عن إحاطة علمه بخلقه واطلاعه عليهم ، وسماعه كلامهم ، ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا ، فقال : ( ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة ) أي : من سر ثلاثة ( إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) أي : يطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم ، ورسله أيضا مع ذلك تكتب ما يتناجون به ، مع علم الله وسمعه لهم ، كما قال : ( ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ) [ التوبة : 78 ] وقال ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ) [ الزخرف : 80 ] ; ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علم الله تعالى ولا شك في إرادة ذلك ولكن سمعه أيضا مع علمه محيط بهم ، وبصره نافذ فيهم ، فهو سبحانه مطلع على خلقه ، لا يغيب عنه من أمورهم شيء .

ثم قال : ( ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) قال الإمام أحمد : افتتح الآية بالعلم ، واختتمها بالعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ألم تنظر يا محمد بعين قلبك فترى ( أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ ) من شيء، لا يخفى عليه صغير ذلك وكبيره؛ يقول جلّ ثناؤه: فكيف يخفى على من كانت هذه صفته أعمال هؤلاء الكافرين وعصيانهم ربهم، ثم وصف جلّ ثناؤه قربه من عباده وسماعه نجواهم، وما يكتمونه الناس من أحاديثهم، فيتحدثونه سرًا بينهم، فقال: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ ) من خلقه، (إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ )، يسمع سرّهم ونجواهم، لا يخفى عليه شيء من أسرارهم، (وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ &; 23-237 &; سَادِسُهُمْ ) يقول: ولا يكون من نجوى خمسة إلا هو سادسهم كذلك، (وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ ) يقول: ولا أقل من ثلاثة (وَلا أَكْثَرَ ) من خمسة، (إِلا هُوَ مَعَهُمْ ) إذا تناجوا، (أَيْنَمَا كَانُوا ) يقول: في أيّ موضع ومكان كانوا.

وعني بقوله: (هُوَ رَابِعُهُمْ )، بمعنى: أنه مشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه. كما حدثني عبد الله بن أبي زياد، قال: ثني نصر بن ميمون المضروب، قال: ثنا بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك، في قوله: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ ) ... إلى قوله: (هُوَ مَعَهُمْ ) قال: هو فوق العرش وعلمه معهم (أَيْنَمَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .

وقوله: (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) يقول تعالى ذكره: ثم يخبر هؤلاء المتناجين وغيرهم بما عملوا من عمل، مما يحبه ويسخطه يوم القيامة.(إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) يقول: إن الله بنجواهم وأسرارهم، وسرائر أعمالهم، وغير ذلك من أمورهم وأمور عباده عليم.

واختلفت القراء في قراءة قوله: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ )، فقرأت قرّاء الأمصار ذلك (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ) بالياء، خلا أبي جعفر القارئ، فإنه قرأه ( مَا تَكُونُ ) بالتاء. والياء هي الصواب في ذلك، لإجماع الحجة عليها، ولصحتها في العربية.

التدبر :

عمل
[7] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ﴾ تذكَّرْ دائمًا سعة علم الله تعالى، وأنَّه لا تَخفَى عليه خَافيةٌ.
وقفة
[7] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ﴾ مع أن الله عالٍ بذاته على خلقه؛ إلا أنَّه مطلع عليهم بعلمه لا يخفى عليه أي شيء.
وقفة
[7] هل من تأكيد أقوى من هذا ودليلًا على رقابة الله علينا؟ فماذا تفعلون؟
وقفة
[7] ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ...﴾ يا للبهجة حين تحمده وتدعو إليه، وهو يسمعك ويراك!
عمل
[7] ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ...﴾ لا تقلق من تدابير البشر؛ فعلم الله محيط بهم، وبصره نافذ فيهم، مطلع عليهم لا يغيب من أمورهم شيء.
وقفة
[7] ﴿مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ...﴾ مهما دبَّر الحاقدون من المكايد للمسلمين في خَلَواتهمْ، وأحاطوا بإخفاء خُططهم وتدابيرهم، فإنَّ الله مطَّلعٌ على ضمائرهم، ومحيطٌ بسرائرهم.
وقفة
[7] ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلّاَ هُوَ سَادِسُهُمْ﴾ إن قلت: لمَ خصَّ الثلاثة والخمسة بالذّكر؟ قلت: لأن قومًا من المنافقين تحلَّقوا للتناجي، وكانوا بعدَّة العدد المذكور، مغايظةً للمؤمنين، فنزلت الآية بصفة حالهم عند تناجيهم، أو لأن العدد الفرد أشرفُ من الزوج، لأن الله تعالى وترٌ يحبُّ الوتر، فخُصِّص العددان المذكوران بالذّكر، تنبيهًا على أنه لا بدَّ من رعاية الأمور الِإلهية في جميع الأمور، ثم بعدد ذكرهما زيد عليهما ما يعمُّ غيرهما من المتناجين بقوله: ﴿وَلَا أَدْنى منْ ذَلِكَ وَلَا أَكثرَ﴾ تعميمًا للفائدة.
وقفة
[7] ﴿هُوَ مَعَهُمْ﴾ أعظم ما يبعث على الإحسان والتقوى: استشعار العبد رقابة الله تعالى ومعيته له، وعلمه بظاهره وباطنه في كل حال.
وقفة
[7] ﴿هُوَ مَعَهُمْ﴾ افتتح الكلام بالعلم، وختمه بالعلم؛ ولهذا قال ابن عباس والضحاك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل: «هو معهم بعلمه».

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • الألف ألف استفهام لفظا ومعناه التقرير. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره-حرف العلة-والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب. وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا جوازا تقديره هو.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «يعلم» في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها في تأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «ترى» أي ألم تعلم.
  • ﴿ ما فِي السَّماواتِ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في السموات: جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره: استقر أو وجد. وجملة «استقر في السماوات» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَما فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على ما فِي السَّماااتِ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ:
  • نافية لا عمل لها. يكون: فعل مضارع تام مرفوع بالضمة. وقد ذكر الفعل لأن فاعله «نجوى» مؤنث غير حقيقي ولأنه مفصول عنه بمن. أو على أن المعنى ما يكون شيء من النجوى. من: حرف جر زائد لتاكيد معنى النفي. نجوى: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل وقدرت الحركة على آخره للتعذر وهي اسم من المناجاة والسر أي التناجي وهي مضاف. ثلاثة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي من نجوى ثلاثة نفر. أو تكون موصوفة بها أي من أهل نجوى ثلاثة فحذف الأهل. ويجوز أن تكون «ثلاثة» بدلا من «نجوى» وجرت على اللفظ‍ لا الموضع. والمعنى: ما يتسار ثلاثة.
  • ﴿ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ:
  • حرف تحقيق بعد النفي لا عمل له. هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ و «رابع» خبره مرفوع بالضمة. و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ:
  • معطوفة بالواو على ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ» وتعرب اعرابها و «لا» زائدة لتاكيد معنى النفي. أي الا الله رابعهم وإلا الله سادسهم.
  • ﴿ وَلا أَدْنى:
  • الواو عاطفة. لا: أعربت. أدنى: معطوفة على «نجوى» فهو مجرور مثلها وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لانه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» وبوزن الفعل. والحركة مقدرة على آخره للتعذر. ويجوز أن تكون «لا» نافية للجنس. و «أدنى» اسمها مبنيا على الفتح المقدر على الألف للتعذر في محل نصب وخبرها محذوفا وجوبا.
  • ﴿ مِنْ ذلِكَ:
  • حرف جر. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بمن. اللام للبعد والكاف للخطاب والجار والمجرور متعلق بأدنى. أي ولا أقل من عدديهم.
  • ﴿ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ:
  • معطوفة بالواو على وَلا أَدْنى» وتعرب اعرابها. إلا هو. أعربت. مع: ظرف مكان أو اسم يدل على الظرفية بمعنى الاجتماع والمصاحبة منصوب متعلق بخبر «هو» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَيْنَ ما كانُوا:
  • ظرف مكان مبني على الفتح في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم. ما: زائدة. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
  • ﴿ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ:
  • حرف عطف. ينبئ: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. أي ثم يخبرهم.
  • ﴿ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. يوم: ظرف زمان متعلق بينبئ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. القيامة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم بالفتحة. بكل: جار ومجرور متعلق بخبر «إن».
  • ﴿ شَيْءٍ عَلِيمٌ:
  • شيء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. عليم: خبر «ان» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

البقرة: 231﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
المائدة: 97﴿ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ و أَنَّ اللَّـهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنَّه على كلِّ شيءٍ شهيدٌ، لا يخفَى عليه شيءٌ؛ أكَّدَ هنا علمَه تعالى بكلِّ شيءٍ، ومنه التَّناجِي وهو الكلامُ سِرًّا بينَ اثنينِ فأكثرَ، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما يكون:
1- بالياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتاء، وهى قراءة أبى جعفر، وأبى حيوة، وشيبة.
ثلاثة ... خمسة:
وقرئا:
بالنصب، على الحال، وهى قراءة ابن أبى عبلة.
ولا أكثر:
1- عطفا، على لفظ المخفوض.
وقرئ:
2- بالرفع، عطفا على موضع «نجوى» ، وهى قراءة الحسن، وابن أبى إسحاق، والأعمش، وأبى حيوة، وسلام، ويعقوب.
3- ولا أكبر، بالباء والرفع، وهى قراءة الحسن أيضا، ومجاهد، والخليل بن أحمد، ويعقوب أيضا.
ينبئهم:
1- بالتشديد والهمزة وضم الهاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالتخفيف والهمز.
3- بالتخفيف وترك الهمز وكسر الهاء، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [8] :المجادلة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا ..

التفسير :

[8] ألم تر -أيها الرسول- إلى اليهود الذين نُهوا عن الحديث سرّاً بما يثير الشك في نفوس المؤمنين، ثم يرجعون إلى ما نُهوا عنه، ويتحدثون سرّاً بما هو إثم وعدوان ومخالفة لأمر الرسول؟ وإذا جاءك -أيها الرسول- هؤلاء اليهود لأمر من الأمور حيَّوك بغير التحية التي ج

النجوى هي:التناجي بين اثنين فأكثر، وقد تكون في الخير، وتكون في الشر.

فأمر الله تعالى المؤمنين أن يتناجوا بالبر، وهو اسم جامع لكل خير وطاعة، وقيام بحق لله ولعبادهوالتقوى، وهي [هنا]:اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم، فالمؤمن يمتثل هذا الأمر الإلهي، فلا تجده مناجيا ومتحدثا إلا بما يقربه من الله، ويباعده من سخطه، والفاجر يتهاون بأمر الله، ويناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، كالمنافقين الذين هذا دأبهم وحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى{ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} أي:يسيئون الأدب معك في تحيتهم لك،{ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} أي:يسرون في أنفسهمما ذكره عالم الغيب والشهادة عنهم، وهو قولهم:{ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} ومعنى ذلك أنهم يتهاونون بذلك، ويستدلون بعدم تعجيل العقوبة عليهم، أن ما يقولون غير محذور، قال تعالى في بيان أنه يمهل ولا يهمل:{ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي:تكفيهم جهنم التي جمعت كل شقاء وعذاب [عليهم]، تحيط بهم، ويعذبون بها{ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} وهؤلاء المذكورون إما أناس من المنافقين يظهرون الإيمان، ويخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب الذي يوهمون أنهم أرادوا به خيراوهم كذبة في ذلك، وإما أناس من أهل الكتاب، الذين إذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا:"السام عليك يا محمد"يعنون بذلك الموت.

ثم عجّب الله- تعالى- نبيه صلى الله عليه وسلم من حال قوم يؤثرون الغي على الرشد، وينصحون فلا يستجيبون للنصيحة، وينهون عن الشرور فيأبون إلا الانغماس فيها، فقال- تعالى-: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ، وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ.

قال الآلوسى: قال ابن عباس: نزلت في اليهود والمنافقين، كانوا يتناجون دون المؤمنين، وينظرون إليهم ويتغامزون بأعينهم عليهم، يوهمونهم عند أقاربهم أنهم أصابهم شر، فلما كثر ذلك منهم. شكا المؤمنون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن التناجي دون المؤمنين، فعادوا لمثل فعلهم.

والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والهمزة للتعجب من حالهم، وصيغة المضارع للدلالة على تكرار فعلهم، وتجدده، واستحضار صورته الغريبة .

والمعنى: إن شئت أن تعجب- أيها الرسول الكريم- فاعجب من حال هؤلاء اليهود والمنافقين الذين نهيتهم أنت عن التناجي فيما بينهم، بما يقلق المؤمنين ويغيظهم ... ولكنهم لم يستجيبوا لنصحك ونهيك، بل استمروا على تناجيهم بما هو إثم وعدوان ومعصية لك، ولما جئتهم به من عند الله- تعالى-.

وعبر بقوله- تعالى-: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ للإشعار بأنهم قوم لا تؤثر فيهم النصائح وإنما هم يستمعون إليها، ثم يهجرون العمل بها. ويعودون إلى فجورهم وفسقهم.

ووصف تناجيهم بأنه كان مشتملا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول، لا على الإثم فقط أو على العدوان فقط.. لبيان أن تناجيهم مشتمل على كل أنواع السوء والفحشاء، فهم يتناجون بكلام هو إثم وشر في ذاته، وبأقوال مشتملة على ظلم المؤمنين والاعتداء على دينهم وعلى أعراضهم، وبأفعال هي معصية للرسول صلى الله عليه وسلم، لأنهم لم يستجيبوا لنهيه إياهم عن المناجاة بما يؤذى المؤمنين ويحزنهم.. بل استمروا في طغيانهم يعمهون.

والباء في قوله: بِالْإِثْمِ للملابسة، أى يتناجون متلبسين بالإثم وبالعدوان وبمعصية الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم بين- سبحانه- أن هؤلاء المنافقين ومن لف لفهم من اليهود، لم يكتفوا بتلك المناجاة القبيحة التي كانوا يديرونها فيما بينهم، لإغاظة المؤمنين، بل أضافوا إلى ذلك النطق أمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلام السيئ وبالعبارات التي تدل على سوء طويتهم، فقال- تعالى-:

وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ.

أى: وإذا جاء هؤلاء المنافقون واليهود إلى مجلسك- أيها الرسول الكريم- ألقوا إليك بتحية، هذه التحية لم يأذن بها الله- تعالى- ولم يخاطبك بها.

وقد كان المنافقون عند ما يدخلون على الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقولون له كلمة: «السلام عليكم» - وهي تحية الإسلام، إنما يقولون له: أنعم صباحا أو مساء.. متجنبين النطق بتحية الإسلام، ومستعملين تحية الجاهلية.

روى الشيخان عن عائشة: أن ناسا من اليهود، دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام- أى: الموت- عليك يا أبا القاسم. فقال صلى الله عليه وسلم «وعليكم» .

قالت عائشة: وقلت: عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم.

فقال صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن الله لا يحب الفاحش والمتفحش.

فقلت: ألا تسمعهم يقولون: السام؟ فقال صلى الله عليه وسلم «أو سمعت قولي: عليكم» فأنزل الله- تعالى- وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ .

ثم بين- سبحانه- رذيلة أخرى من رذائلهم المتعددة فقال: وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ.

والمراد بأنفسهم هنا: أى فيما بينهم وفي مجامعهم، أو فيما بينهم وبين أنفسهم.

أى: إذا جاءك هؤلاء المنافقون ومن على شاكلتهم في الضلال، نطقوا أمامك بتحية لم يحيك بها الله- تعالى- ولا يكتفون بذلك، بل يقولون فيما بينهم على سبيل التباهي والجحود للحق لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ أى: هلا يعذبنا الله بسبب ما قلناه لو كان محمد صلى الله عليه وسلم رسولا من عنده- تعالى- أى: أنهم ينكرون نبوته صلى الله عليه وسلم لأنها- في زعمهم لو كانت حقا، لعذبهم الله- تعالى- بسبب إساءتهم إليه، وإعراضهم عن نهيه لهم.

وقد رد الله- تعالى- عليهم بما يكبتهم، وبما يسلى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ.

أى: لا تحزن- أيها الرسول الكريم- لمسالك هؤلاء المنافقين معك ومع أصحابك، فإن هؤلاء المنافقين ومن لف لفهم، كافيهم من العذاب جهنم يصلونها ويقاسون حرها، فبئس المصير جهنم لو كانوا يعلمون.

وبعد أن فضح الله- تعالى- المنافقين ومن على شاكلتهم في الكفر والضلال، وبين سوء عاقبتهم بسبب مسالكهم الخبيثة.. بعد كل ذلك وجه الله- تعالى- ثلاث نداءات إلى المؤمنين، أدبهم فيها بأدبه السامي.. فقال- تعالى-:

قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ) قال : اليهود وكذا قال مقاتل بن حيان ، وزاد : كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين اليهود موادعة ، وكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جلسوا يتناجون بينهم ، حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله - أو : بما يكره المؤمن - فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم ، فترك طريقه عليهم . فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجوى ، فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى ، فأنزل الله : ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثني سفيان بن حمزة ، عن كثير ، عن زيد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا نتناوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيت عنده ; يطرقه من الليل أمر وتبدو له حاجة . فلما كانت ذات ليلة كثر أهل النوب والمحتسبون حتى كنا أندية نتحدث ، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ما هذا النجوى ؟ ألم تنهوا عن النجوى ؟ " . قلنا : تبنا إلى الله يا رسول الله ، إنا كنا في ذكر المسيح فرقا منه . فقال : " ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه ؟ " . قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : " الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل " . هذا إسناد غريب ، وفيه بعض الضعفاء

وقوله : ( ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ) أي : يتحدثون فيما بينهم بالإثم ، وهو ما يختص بهم ، والعدوان وهو ما يتعلق بغيرهم ، ومنه معصية الرسول ومخالفته ، يصرون عليها ويتواصون بها .

وقوله : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) قال ابن أبي حاتم :

حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن مسلم عن مسروق ، عن عائشة قالت : دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم . فقالت عائشة : وعليكم السام واللعنة قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عائشة ، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " . قلت : ألا تسمعهم يقولون : السام عليك ؟ فقال رسول الله : " أوما سمعت أقول : وعليكم ؟ " . فأنزل الله : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله )

وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم : عليكم السام والذام واللعنة . وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنه يستجاب لنا فيهم ، ولا يستجاب لهم فينا "

وقال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس مع أصحابه ، إذ أتى عليهم يهودي فسلم عليهم ، فردوا عليه ، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل تدرون ما قال ؟ " . قالوا : سلم يا رسول الله . قال : " بل قال : سام عليكم ، أي : تسامون دينكم " . قال رسول الله : " ردوه " . فردوه عليه . فقال نبي الله : " أقلت : سام عليكم ؟ " . قال : نعم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا : عليك " أي : عليك ما قلت

وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح ، وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة بنحوه

وقوله : ( ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) أي : يفعلون هذا ، ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السلام ، وإنما هو شتم في الباطن ، ومع هذا يقولون في أنفسهم : لو كان هذا نبيا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن ; لأن الله يعلم ما نسره ، فلو كان هذا نبيا حقا لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا ، فقال الله تعالى : ( حسبهم جهنم ) أي : جهنم كفايتهم في الدار الآخرة ( يصلونها فبئس المصير )

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سام عليك ، ثم يقولون في أنفسهم : ( لولا يعذبنا الله بما نقول ) ؟ ، فنزلت هذه الآية : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) إسناد حسن ولم يخرجوه

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله إذا حيوه : " سام عليك " قال الله : ( حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ) .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)

&; 23-238 &;

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ) من اليهود، (ثُمَّ يَعُودُونَ )، فقد نهى الله عز وجل إياهم عنها، ويتناجون بينهم بالإثم والعدوان ومعصية الرسول.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ) قال: اليهود.

قوله: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ ) يقول جلّ ثناؤه: ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى، (وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ) يقول جلّ ثناؤه: ويتناجون بما حرّم الله عليهم من الفواحش والعدوان، وذلك خلاف أمر الله، ومعصية الرسول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (وَيَتَنَاجَوْنَ ) فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين والبصريين (وَيَتَنَاجَوْنَ ) على مثال يتفاعلون، وكان يحيى وحمزة والأعمش يقرءون ( وَيَنْتَجُونَ ) على مثال يفتعلون. واعتلّ الذين قرءوه (يَتَنَاجَوْنَ ) بقوله: إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ولم يقل: إذا انتجيتم.

وقوله: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وإذا جاءك يا محمد هؤلاء الذين نهوا عن النجوى، الذين وصف الله جلّ ثناؤه صفتهم، حيوك بغير التحية التي جعلها الله لك تحية، وكانت تحيتهم التي كانوا يحيونه بها، التي أخبر الله أنه لم يحيه بها فيما جاءت به الأخبار، أنهم كانوا يقولون: السام عليك.

ذكر الرواية الواردة بذلك:

حدثنا ابن حُميد وابن وكيع قالا ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: " جاء ناس &; 23-239 &; من اليهود إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقالوا: السام عليك يا أبا القاسم، فقلت: السام عليكم، وفعل الله بكم وفعل، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: يا عائشة إنَّ الله لا يُحِبُّ الفُحش، فقلت: يا رسول الله، ألست ترى ما يقولون؟ فقال: " ألست ترينني أرد عليهم ما يقولون؟ أقول: عليكم " وهذه الآية في ذلك نـزلت: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير ).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: " كان اليهود يأتون النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيقولون: السام عليكم، فيقول: عليكم، قالت عائشة: السام عليكم وغضب الله، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " إنَّ الله لا يحبُّ الفاحشَ المُتَفحِّشَ"، قالت: إنهم يقولون: السام عليكم، قال: " إني أقول: عليكم "، فنـزلت: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) قال: فإن اليهود يأتون النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيقولون: السام عليكم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) قال: كانت اليهود يأتون النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيقولون: السام عليكم.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) ... إلى (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) قال: كان المنافقون يقولون لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا حيوه: سام عليكم، فقال الله: (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) .

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح.

&; 23-240 &;

عن مجاهد، في قوله: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) قال: يقولون: سام عليكم، قال: هم أيضًا يهود.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) قال: اليهود كانت تقول: سام عليكم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري أن عائشة فطنت إلى قولهم، فقالت: وعليكم السامة واللعنة، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " مهلا يا عائشة إن الله يحِبُّ الرّفْقَ في الأمرِ كُلِّه "، فقالت: يا نبيّ الله ألم تسمع ما يقولون؟ قال: " أفلم تسمعي ما أردُّ عليهم؟ أقول: عليكم ".

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أنّ نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بينما هو جالس مع أصحابه، إذ أتى عليهم يهوديّ، فسلم عليهم، فردوا عليه، فقال نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " هَلْ تَدْرُونَ ما قَال؟ " قالوا: سلم يا رسول الله، قال: " بَلْ قَالَ: سأْمٌ عليْكُمْ، أي تسأمون دينكم، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " أَقُلْتَ سَأمٌ عليْكُمْ؟ قَالَ: نعم، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " إذا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكَ": أي عليك ما قلت.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) قال: هؤلاء يهود، جاء ثلاثة نفر منهم إلى باب النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فتناجوا ساعة، ثم استأذن أحدهم، فأذن له النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: السام عليكم، فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " عَلَيْكَ"، ثُمَّ الثاني، ثُمَّ الثَالِثُ قال ابن زيد: السام: الموت.

وقوله جلّ ثناؤه: (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ) يقول جل ثناؤه: ويقول محيوك بهذه التحية من اليهود: هلا يعاقبنا الله بما نقول لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيعجل عقوبته لنا على ذلك، يقول الله: حَسْب &; 23-241 &; قائلي ذلك يا محمد جهنم، وكفاهم بها يصلونها يوم القيامة، فبئس المصير جهنم.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ﴾ فيها تحريم النجوي؛ وهو تحدث الاثنين سرًّا بحضرة الثالث.
وقفة
[8] ﴿وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ من صفات المنافقين: التناجي سرًّا في إثم أو عدوان أو في مخالفة أمر الله ورسوله.
وقفة
[8] ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ﴾ كانوا إذا دخلوا على النبي ﷺ يخفتون لفظ السلام عليكم؛ لأنه شعار الإسلام، ولما فيه من جمع معنى السلامة؛ يعدلون عن ذلك ويقولون: أَنْعِمْ صباحًا، وهي تحية العرب في الجاهلية؛ لأنهم لا يحبون أن يتركوا عوائد الجاهلية.
وقفة
[8] ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ﴾ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم فَقَالُوا: «السَّامُ عَلَيْكُمْ»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ»، قَالَتْ: «أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟» قَالَ: «قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ». [مسلم 2165].
وقفة
[8] ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ﴾ لا أمانَ لليهود ولا عهد ولا ميثاق، فهم أمُّةُ فجور وكذب وخداع، حتى سلامهم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم جعلوه سبًّا مقذعًا شنيعًا.
وقفة
[8] ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ﴾ التحية بغير السلام ليست من سمات المؤمنين، فكيف إذا كانت بلفظ غير مشروع!
وقفة
[8] ﴿وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ﴾ التحدي باستعجال العذاب دليل على انطماس البصيرة؛ إذ يظن الفاجر أنَّ تأخر العقوبات الظاهرة علامةٌ على سقوطها، وما درى المسكين ما ينتظره يوم الحساب.
تفاعل
[8] ﴿حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
لمسة
[8] ﴿جَهَنَّمُ يَصلَونَها فَبِئسَ المَصيرُ﴾ بالفاء لما فيه من معنى التعقيب، أي بئس المصير ما صاروا إليه وهو جهنم.
وقفة
[8] مشهد يستحق الرؤية بحق وهذا للاتعاظ وعدم العودة لما نهانا الله عنه وإلا: ﴿جَهَنَّمُ يَصلَونَها فَبِئسَ المَصيرُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. وهي فعل هنا من رؤية القلب وقد عديت بإلى على معنى: ألم ينته علمك اليهم؟ بمعنى: ألم تنظر إليهم؟
  • ﴿ إِلَى الَّذِينَ:
  • حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بإلى. والجار والمجرور متعلق بترى.
  • ﴿ نُهُوا عَنِ النَّجْوى:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. عن النجوى: جار ومجرور متعلق بنهوا. وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وكسر آخر «عن» لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ:
  • حرف عطف. يعودون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لِما نُهُوا عَنْهُ:
  • اللام حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيعودون. نهوا: أعربت. عنه: جار ومجرور متعلق بنهوا.
  • ﴿ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ:
  • معطوفة بالواو على «يعودون» وتعرب اعرابها. بالاثم: جار ومجرور متعلق بيتناجون. والعدوان: معطوفة بالواو على «الاثم» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ:
  • تعرب اعراب وَالْعُدْاانِ» الرسول: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَإِذا جاؤُكَ:
  • الواو استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط‍ خافض لشرطه متعلق بجوابه. جاءوك: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. وجملة «جاءوك» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ حَيَّوْكَ:
  • الجملة: جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. تعرب اعراب «جاءوك» والفتحة دالة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة.
  • ﴿ بِما لَمْ:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بحيوك. لم: حرف نفي وجزم وقلب.
  • ﴿ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ:
  • فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة. الكاف ضمير متصل للمخاطب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. به: جار ومجرور متعلق بيحي. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الفعلية المجزومة صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ:
  • الواو عاطفة. يقولون: تعرب اعراب «يعودون» في أنفس: جار ومجرور متعلق بيقولون و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ:
  • حرف تحضيض بمعنى «هلا» لا عمل له. يعذب: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بمعنى: ماله ان كان نبيا حقا لا يدعو علينا حتى يعذبنا الله بما نقول.
  • ﴿ بِما نَقُولُ:
  • أعربت. نقول: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن وجملة «نقول» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد-الراجع-محذوف وهو منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: بما نقوله. أي بسبب ما نقوله. فحذف المضاف.
  • ﴿ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- أي فقال الله تعالى كفاهم جهنم عذابا. حسب: مبتدأ مرفوع بالضمة. و«هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة أي كافيهم. جهنم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث.
  • ﴿ يَصْلَوْنَها:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أي يدخلونها.
  • ﴿ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ:
  • الفاء: استئنافية. بئس: فعل ماض لانشاء الذم مبني على الفتح. المصير: فاعل مرفوع بالضمة وجملة «بئس المصير» استئنافية لا محل لها من الاعراب. وحذف المخصوص بالذم لأن ما قبله يدل عليه.'

المتشابهات :

المجادلة: 8﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّـهُ
المجادلة: 9﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في اليَهُودِ والمُنافِقِينَ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَتَناجَوْنَ فِيما بَيْنَهم دُونَ المُؤْمِنِينَ، ويَنْظُرُونَ إلى المُؤْمِنِينَ ويَتَغامَزُونَ بِأعْيُنِهِمْ، فَإذا رَأى المُؤْمِنُونَ نَجْواهم قالُوا: ما نَراهم إلّا وقَدْ بَلَغَهم عَنْ أقْرِبائِنا وإخْوانِنا الَّذِينَ خَرَجُوا في السَّرايا قَتْلٌ أوْ مَوْتٌ أوْ مُصِيبَةٌ أوْ هَزِيمَةٌ، فَيَقَعُ ذَلِكَ في قُلُوبِهِمْ ويُحْزِنُهم، فَلا يَزالُونَ كَذَلِكَ حَتّى يَقْدَمَ أصْحابُهم وأقْرِباؤُهم. فَلَمّا طالَ ذَلِكَ وكَثُرَ شَكَوْا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأمَرَهم ألّا يَتَناجَوْا دُونَ المُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ، وعادُوا إلى مُناجاتِهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ.أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الخَشّابُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو إسْحاقَ إبْراهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأصْفَهانِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ السَّرّاجُ، قالَ: حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قالَ: حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِي الضُّحى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: جاءَ ناسٌ مِنَ اليَهُودِ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالُوا: السّامُ عَلَيْكَ يا أبا القاسِمِ. فَقُلْتُ: السّامُ عَلَيْكم، وفَعَلَ اللَّهُ بِكم. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”مَهْ يا عائِشَةُ؛ فَإنَّ اللَّهَ تَعالى لا يُحِبُّ الفُحْشَ ولا التَّفَحُّشَ“ . فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ألَسْتَ تَرى ما يَقُولُونَ ؟ قالَ: ”ألَسْتِ تَرَيْنَ أرُدُّ عَلَيْهِمْ ما يَقُولُونَ؛ أقُولُ: وعَلَيْكم“ . قالَتْ: ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في ذَلِكَ: ﴿وإذا جاءُوكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ .أخْبَرَنا أبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الغازِي، قالَ: أخْبَرَنا أبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ الحِيرِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المُثَنّى، قالَ: حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: حَدَّثَنا شَيْبانُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أنَسٍ، أنَّ يَهُودِيًّا أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: السّامُ عَلَيْكَ. فَرَدَّ القَوْمُ، فَقالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ: ”هَلْ تَدْرُونَ ما قالَ ؟“ . قالُوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، سَلَّمَ يا نَبِيَّ اللَّهِ. قالَ: ”لا، ولَكِنْ قالَ كَذا وكَذا، رُدُّوهُ عَلَيَّ“ . فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ، فَقالَ: ”قُلْتَ: السّامُ عَلَيْكم ؟“ . قالَ: نَعَمْ. فَقالَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ ذَلِكَ: ”إذا سَلَّمَ عَلَيْكم أحَدٌ مِن أهْلِ الكِتابِ فَقُولُوا: وعَلَيْكَ“ . أيْ عَلَيْكَ ما قُلْتَ. فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا جاءُوكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ أنه عليمٌ بالسر والنجوى؛ عجَّبَ اللهُ نبيَّه صلى الله عليه وسلم من حال اليهود والمنافِقين الذين كانوا يتناجون إذا رأوا مؤمنًا، فنهاهم الله عن النجوى، ثم هم يرجعون إلى ما نهاهم الله عنه، قال تعالى:أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وبعْدَ أنْ ذكَرَ حالَهم في اختلاءِ بَعضِهم ببَعضٍ؛ ذكَرَ حالَ نِيَّاتِهم الخبيثةِ عندَ الحضورِ في مَجلِسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويتناجون:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- وينتجون، مضارع «انتجى» ، وهى قراءة حمزة، وطلحة، والأعمش، ويحيى بن وثاب، ورويس.

مدارسة الآية : [9] :المجادلة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ..

التفسير :

[9] يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا تحدثتم فيما بينكم سرّاً، فلا تتحدثوا بما فيه إثم من القول، أو بما هو عدوان على غيركم، أو مخالفة لأمر الرسول، وتحدثوا بما فيه خير وطاعة وإحسان، وخافوا الله بامتثالكم أوامره واجتنابكم نواهيه، فإليه وحد

فقوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ تعليم وإرشاد منه- سبحانه- للمؤمنين، لكي يكون حديثهم فيما بينهم، يقوم على الخير لا على الشر، وعلى الطاعة لا على المعصية، وعلى البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، حتى لا يتشبهوا بالمنافقين، الذين كانوا على النقيض من ذلك.

أى: يا من آمنتم بالله- تعالى- حق الإيمان، إِذا تَناجَيْتُمْ بأن أسر بعضكم إلى بعض حديثا فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ كما هو شأن المنافقين ومن على شاكلتهم في الكفر والضلال.

وَتَناجَوْا فيما بينكم بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى والبر ضد الإثم والعدوان، وهو يعم جميع أفعال الخير التي أمر الله- تعالى- بها.

والتقوى: الامتثال لأمر الله- تعالى- وصيانة النفس عن كل مالا يرضاه.

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أى:

وراقبوا الله- تعالى- في كل أحوالكم، فإنه وحده يكون مرجعكم يوم القيامة، وسيبعثكم ويجمعكم للحساب والجزاء.

ثم قال الله مؤدبا عباده المؤمنين ألا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين : ( يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ) أي : كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين ، ( وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون ) أي : فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي أحصاها عليكم ، وسيجزيكم بها .

قال الإمام أحمد : حدثنا بهز ، وعفان قالا : أخبرنا همام ، حدثنا قتادة ، عن صفوان بن محرز قال : كنت آخذا بيد ابن عمر ، إذ عرض له رجل فقال : كيف سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في النجوى يوم القيامة ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ، ويقرره بذنوبه ، ويقول له : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أن قد هلك ، قال : فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم . ثم يعطى كتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين " .

أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله (إِذَا تَنَاجَيْتُمْ ) بينكم، (فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ) ولكن (وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ )، يعني: طاعة الله، وما يقرّبكم منه، (وَالتَّقْوَى ) يقول: وباتقائه بأداء ما كلَّفكم من فرائضه واجتناب معاصيه، (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) يقول: وخافوا الله الذي إليه مصيركم، وعنده مجتمعكم في تضييع فرائضه، والتقدّم على معاصيه أن يعاقبكم عليه عند مصيركم إليه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[9] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ قال ابن عطيَّة: «خصَّ الإثم بالذكر؛ لعمومه، والعدوان؛ لعظمته في نفسه؛ إذ هي ظلامات العباد، ومعصية الرسول؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك».
عمل
[9] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ لا تقل في السر كلامًا تستحي من النطق به في العلن.
عمل
[9] ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ﴾ إذا كان أهل الباطل يجتمعون ويأتمرون بمعصية الله ورسوله، فعلى أهل الحق أن يجتمعوا على البر والتقوى؛ نصرةً لدينهم وشريعة ربهم.
عمل
[9] اجلس مع مسلم وتكلم في موضوع يزيد من إيمانك، وتناجوا بالبر والتقوى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
وقفة
[9] لأن القرآن مثانى، وللتبشير والتسرية جاء ذكر المناجاة الحقة، وكيفيتها، وورد ذكر جزاؤها؛ للتشجيع والرغبة فيها.
وقفة
[9] ﴿فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ من لم تعتد أذنه على سماع الإثم السري؛ فسيعان على ترك الإثم الجهري.
لمسة
[9] ﴿فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ كثيرًا ما يقترن بكلام النجوى العدوان؛ وقدم الإثم لأنه لا تكاد تنفك عنه النجوى والأسرار.
اسقاط
[9] ﴿فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ النهي في الآية واضح؛ نحتاج أن ننتهي.
وقفة
[9] ﴿وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ﴾ لما كان كثير من الخلق يأثمون بالتناجي؛ يأمر الله المؤمنين أن تكون نجواهم بالبر والتقوى.
وقفة
[9] ﴿وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ﴾ لو عملنا بها كما أمرنا الله لانحسرت خلافاتنا، وحوصرت مشكلاتنا، وتعاظمت أجورنا.
وقفة
[9] ﴿وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ﴾ ألزم نفسك بها اعرض كلامك عليها قبل البدء به إن وافقها فعلى بركة الله وإن عارضها فالصمت خير.
وقفة
[9] مِن أكبرِ ما يُعينُك على تَقْوى اللهِ: تذكَّر الوقوفَ بين يديه تعالى، والجزاء على ما جنت يديك ﴿وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ:
  • أداة نداء. أي: اسم مبني على الضم في محل نصب لأنه منادى. و «ها» للتنبيه زائدة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب لأنه بدل من «أي» والجملة بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ آمَنُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ إِذا تَناجَيْتُمْ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. تناجيتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فَلا تَتَناجَوْا:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط‍.لا: ناهية جازمة. تتناجوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب بمعنى: فلا تتساروا. وجملة-تناجيتم-: في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْاانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ وَتَناجَوْا:
  • الواو استئنافية للاستدراك. تناجوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى:
  • جار ومجرور متعلق بتناجوا. والتقوى: معطوفة بالواو على «البر» مجرورة وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
  • ﴿ وَاتَّقُوا اللهَ:
  • دمعطوفة بالواو على «تناجوا» وتعرب اعرابها. الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ الَّذِي إِلَيْهِ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة-نعت- للفظ‍ الجلالة. اليه: جار ومجرور متعلق بتحشرون.
  • ﴿ تُحْشَرُونَ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.'

المتشابهات :

البقرة: 203﴿لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
المائدة: 96﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
المجادلة: 9﴿وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     ولَمَّا ذَمَّ اللهُ اليهودَ والمنافِقينَ على التَّناجي بالإثمِ والعُدوانِ ومَعصيةِ الرَّسولِ؛ حَذَّرَ المؤمِنينَ أن يكونوا مثلهم، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تناجيتم:
وقرئ:
انتجيتم، وهى قراءة عبد الله.
فلا تتناجوا:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإدغام التاء فى التاء، وهى قراءة ابن محيصن.
3- فلا تنتجوا، مضارع «انتجى» ، وهى قراءة الكوفيين، والأعمش، وأبى حيوة، وعبد الله، ورويس.
والعدوان:
1- بضم العين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى حيوة.
ومعصية:
1- على الإفراد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ومعصيات، على الجمع، وهى قراءة الضحاك.

مدارسة الآية : [10] :المجادلة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ..

التفسير :

[10] إنما التحدث خفية بالإثم والعدوان من وسوسة الشيطان، فهو المزيِّن لها، والحامل عليها؛ ليُدْخِل الحزن على قلوب المؤمنين، وليس ذلك بمؤذي المؤمنين شيئاً إلا بمشيئة الله تعالى وإرادته. وعلى الله وحده فليفوِّض المؤمنون به جميع أمورهم.

يقول تعالى:{ إِنَّمَا النَّجْوَى} أي:تناجي أعداء المؤمنين بالمؤمنين، بالمكر والخديعة، وطلب السوء من الشيطان، الذي كيده ضعيف ومكره غير مفيد.

{ لِيَحزن الَّذِينَ آمَنُوا} هذا غاية هذا المكر ومقصوده،{ وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} فإن الله تعالى وعد المؤمنين بالكفاية والنصر على الأعداء، وقال تعالى:{ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} فأعداء الله ورسوله والمؤمنين، مهما تناجوا ومكروا، فإن ضرر ذلكعائد إلى أنفسهم، ولا يضر المؤمنين إلا شيء قدره الله وقضاه،{ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أي:ليعتمدواعليه ويثقوا بوعده، فإن من توكل على الله كفاه، وتولى أمر دينه ودنياه

والمراد بالنجوى في قوله- تعالى- بعد ذلك: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا..: نجوى المنافقين فيما بينهم، وهي التي عبر عنها- سبحانه- قبل ذلك بقوله:

وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ.

فأل في قوله- تعالى-: النَّجْوى للعهد، أى: إنما النجوى المعهودة التي كان يتناجى المنافقون بها فيما بينهم، كائنة من الشيطان لا من غيره، لأنه هو الذي حرضهم وأغراهم، بأن يتساروا بالإثم والعدوان.

وقوله: لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا قرأ الجمهور: لِيَحْزُنَ- بفتح الياء وضم الزاى- مضارع حزن، فيكون الَّذِينَ آمَنُوا فاعل، والحزن: الهم والغم.

أى: زين الشيطان للمنافقين هذه النجوى السيئة، لكي يحزن المؤمنون ويغتموا، بسبب ظنهم أن من وراء هذه النجوى أخبارا سيئة تتعلق بهم أو بذوبهم.

وقرأ نافع لِيَحْزُنَ- بضم الياء وكسر الزاى- فيكون الَّذِينَ آمَنُوا مفعولا.

أى: فعل الشيطان ما فعل مع المنافقين، لكي يدخل الحزن والغم على المؤمنين.

وأسند- سبحانه- النجوى إلى الشيطان، باعتبار أنه هو الذي يوسوس بها، ويزينها في قلوب هؤلاء المنافقين وأشباههم.

وجملة: وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ معترضة لتثبيت المؤمنين، وتسليتهم عما أصابهم من المنافقين.

واسم ليس: الشيطان أو التناجي، والاستثناء مفرغ من أهم الأحوال، و «شيئا» منصوب على المفعول المطلق.

أى: لا تحزنوا- أيها المؤمنون- لمسالك المنافقين معكم، ولا تخافوا من تناجيهم فيما بينهم، فإنها نجوى زينها لهم الشيطان، واعلموا أن كيد الشيطان لن يضركم شيئا من الضرر في حال من الأحوال إلا في حال إرادة الله- تعالى- ومشيئته.

وما دام الأمر كما بينت لكم، فاجعلوا توكلكم- أيها المؤمنون- على الله- تعالى- وحده، ولا تبالوا بالمنافقين، ولا بتناجيهم، ولا بما يسوله الشيطان لهم من قبائح، فإن كل شيء بقضاء الله وقدره.

قال الآلوسى ما ملخصه: وحاصل هذا الكلام أن ما يتناجى المنافقون به مما يحزن المؤمنين. إن وقع فهو إرادة الله- تعالى- ومشيئته، ولا دخل للمنافقين فيه، وما دام الأمر كذلك، فلا يكترث المؤمنون بتناجيهم، وليتوكلوا على الله- عز وجل- ولا يخافوا من تناجيهم.

ثم إن التناجي بين المؤمنين قد يكون منهيا عنه، فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه» .

ومثل التناجي في ذلك، أن يتكلم اثنان بحضور ثالث بلغة لا يفهمها الثالث، إن كان يحزنه ذلك .

وروى الإمام مسلم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه، فإن ذلك يحزنه» .

والخلاصة أن تعاليم الإسلام، تنهى عن التناجي في الحالات التي توقع الريبة في القلوب، وتزعزع الثقة بين الأفراد والجماعات.

وهذا النهى لون من الأدب الحكيم الذي يحفظ للمؤمنين مودتهم ومحبتهم ويبعد عن نفوسهم الشكوك والريب، ويطرد عن قلوبهم نزغات الشيطان الذي يجرى من ابن آدم مجرى الدم.

ثم قال تعالى : ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) أي : إنما النجوى - وهي المسارة - حيث يتوهم مؤمن بها سوءا ( من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ) يعني : إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه ، ( ليحزن الذين آمنوا ) أي : ليسوءهم ، وليس ذلك بضارهم شيئا إلا بإذن الله ، ومن أحس من ذلك شيئا فليستعذ بالله وليتوكل على الله ، فإنه لا يضره شيء بإذن الله .

وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن ، كما قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، وأبو معاوية قالا : حدثنا الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجين اثنان دون صاحبهما ، فإن ذلك يحزنه " . وأخرجاه من حديث الأعمش

وقال عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث إلا بإذنه ; فإن ذلك يحزنه " . انفرد بإخراجه مسلم عن أبي الربيع ، وأبي كامل ، كلاهما عن حماد بن زيد ، عن أيوب به

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)

يقول تعالى ذكره: إنما المناجاة من الشيطان، ثم اختلف أهل العلم في النجوى التي أخبر الله أنها من الشيطان، أيّ ذلك هو، فقال بعضهم: عُنِيَ بذلك مناجاة المنافقين بعضهم بعضًا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ): كان المنافقون يتناجون بينهم، وكان ذلك يغيظ المؤمنين، ويكبر عليهم، فأنـزل الله في ذلك القرآن: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا ) ... الآية.

&; 23-242 &;

وقال آخرون بما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) قال: كان الرجل يأتي رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يسأله الحاجة، ليرى الناس أنه قد ناجى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: وكان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لا يمنع ذلك من أحد. قال: والأرض يومئذ حرب على أهل هذا البلد، وكان إبليس يأتي القوم فيقول لهم: إنما يتناجون في أمور قد حضرت، وجموع قد جمعت لكم وأشياء، فقال الله: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) ... إلى آخر الآية.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: كان المسلمون إذا رأوا المنافقين خلوا يتناجون، يشقّ عليهم، فنـزلت: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) .

وقال آخرون: عُنِي بذلك أحلام النوم التي يراها الإنسان في نومه فتحزنه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن داود البلخي، قال: سئل عطية، وأنا أسمع الرؤيا، فقال: الرؤيا على ثلاث منازل، فمنها وسوسة الشيطان، فذلك قوله: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ )، ومنها ما يحدّث نفسه بالنهار فيراه بالليل، ومنها كالأخذ باليد.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عُنِي به مناجاة المنافقين بعضهم بعضًا بِالإثْمِ والعدوان، وذلك أن الله جلّ ثناؤه تقدم بالنهي عنها بقوله: إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ ، ثم عما في ذلك من المكروه على أهل الإيمان، وعن سبب نهيه إياهم عنه، فقال: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا )، فبيَّن بذلك (1) ، إذ كان النهي عن رؤية المرء في &; 23-243 &; منامه كان كذلك، وكان عقيب نهيه عن النجوى بصفة أنه من صفة ما نهى عنه.

وقوله: ( وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: وليس التناجي بضارّ المؤمنين شيئا إلا بإذن الله، يعني بقضاء الله وقدره.

وقوله: ( وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) يقول تعالى ذكره: وعلى الله فليتوكل في أمورهم أهل الإيمان به، ولا يحزنوا من تناجي المنافقين ومن يكيدهم بذلك، وأن تناجيهم غير ضارّهم إذا حفظهم ربهم.

التدبر :

وقفة
[10] تعكير صفو حياة المؤمن وإدخال الحزن عليه هدف شيطاني؛ ليفسد عليه حياته ﴿إنما النجوى من الشيطان﴾ وعلاجه التوكل على الله.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ تسويق الأحزان تجارة الشيطان.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ التحزين من الشيطان، فمن أخبر بحزنه؛ فإنما يخبر بلعب الشيطان به.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ النجوى من مداخل الشيطان على المؤمنين ليحزنهم ويوغل صدور بعضهم على بعض.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ المحادثات السرية من مواطن حضور الشياطين.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الحزن القلبي من عمل الشيطان ليفسد على المسلم عبادته وعادته.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يروم الشيطان إحزان المؤمن بأي طريق، المهم أن يحزن المؤمن، وإغاظته بـ ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كل شيء يجلب الهم والحزن والغم فإن الله يريد منا أن نتجنبه.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ، حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ» [مسلم 2184]، وسبب الحزن أن يظن أن الاثنين يتناولانه بسوء أو يخفيان عنه شيئًا.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ كان ابن عمر يتحدث مع رجل، فجاء آخر يريد أن يناجيه، فلم يناجه حتى دعا رابعًا، فقال له وللأول: «تأخرا»، وناجى الرجل الطالب للمناجاة.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الحزن القلبي من عمل الشيطان ليفسد على المسلم عبادته وعادته، فمن حَزِنَ الحزن الذي أفسد عليه دينه أو دنياه فقد حقَّق للشيطان مراده.
تفاعل
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الأصوات الخافته التي تسخر منك وتحتقر إنجازك، وتهتف في داخلك باليأس؛ أصوات الشيطان، لا تستمع لها.
وقفة
[10] ﴿إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا﴾ ما أسرع ما يوسوس الشيطان لمن رأى من يتناجيان بأنهما يتحدثان فيه! وهذا من تلاعب الشيطان بالقلوب.
وقفة
[10] ﴿إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا﴾ المسلم الحق يراعي مشاعر إخوانه، فلا يأتي من الأفعال ما يحزنهم أو يدخل في نفوسهم الريبة والتوجس.
وقفة
[10] ﴿إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا﴾ الحزن من العلل الموهنة للعزيمة والمانعة من النهوض والتشمير، ومن ثمَّ لم يكن شيءٌ أحبَّ إلى الشيطان من إدخال الحزن في قلوب المؤمنين.
وقفة
[10] ﴿إِنَّمَا النَّجوى مِنَ الشَّيطانِ لِيَحزُنَ الَّذينَ آمَنوا﴾ من أعظم مقاصد الشيطان إدخال الحزن على المؤمن كمـا أن مـن أعظـم مقاصـد الشريعـة إسعـاد المـؤمـن.
عمل
[10] ﴿إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا﴾ إن انتابك شعور بالضيق والحزن؛ فاعلم أنه من الشيطان، واستعن بالله وتوكل عليه، واستعذ به من الهم والحزن.
وقفة
[10] الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن ﴿إِنَّمَا النَّجوى مِنَ الشَّيطانِ لِيَحزُنَ الَّذينَ آمَنوا﴾، فالحزن مرض من أمراض القلب، يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره.
عمل
[10] إذا أتاك الحزن فاعلم أن مصدره الشيطان؛ فهو يقصد إدخال الحزن على قلبك ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
عمل
[10] أحسن الظن بالمؤمنين؛ فإن النجوى لا تكون إلا عن سوء ظن ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
وقفة
[10] للشيطان هجمات على القلب، يدخل فيها القلق على الإنسان والتعب النفسي حتى يكدر عليه حياته، واستمع إلى قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ﴾.
وقفة
[10] من صور النجوي المعاصرة: تناجي الأعداء من يهود ونصارى ومنافقين، ومن خلال الآية فذلك يوجب على الأمة: - التبصر: لقوله ﴿النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾. - معرفة الهدف وهو: ﴿لِيَحْزُنَ﴾. - الحذر: لقوله: ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ يعني يضرهم بما يأذن الله به. - العلاج: لقوله: ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
عمل
[10] ﴿الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ علينا أن ننتَبِهَ لكلماتِنا وأفعالِنا، ونتَأكَّدَ أنَّنا لا نسبِّبُ حزنًا للمؤمنين، إحزَانُ المؤمنِ فعلُ الشَّياطين.
وقفة
[10] قال الله عن الشيطان: ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ التحزين من جنود إبليس؛ فطرد الحزن إيمان.
عمل
[10] ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ... وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ اقهر حزنك بالتوكل، فوض كل شؤونك لربك.
وقفة
[10] ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ... وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ لا شيء يذهب الأحزان مثل التوكل.
وقفة
[10] ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ لا يقضى على الأحزان مثل التوكل على الرحمن.
وقفة
[10] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ كلما زاد الإيمان كان التوكل أكمل.
وقفة
[10] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ حملك الصعب إن أنزلته بالله فلن يخذلك، فربك لا يخيب من اعتمد عليه، ووكل أمره إليه، والجأ ظهره إليه.
عمل
[10] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ﺃﻟﻖِ ﺑِﺤِﻤْﻠِﻚ ﻛﻠﻪ ﻋﻠﻰ الله، ﻭﺳِﺮْ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ؛ ﺳﺘﺼﻞ ﺳﺎﻟﻤًﺎ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ.
وقفة
[10] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ لا يتم الاعتماد حتى يحسن العبد ظنه بربه، ويثق به في كفايته الأمر الذي اعتمد عليه به، وبحسب إيمان العبد يكون توكله.
وقفة
‏[10] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ الله يريد منا أن نشعر بالسلام الداخلي فلا ضجيج أفكار يقلقنا، وﻻ خوف يستنزف طاقتنا.
وقفة
[10] ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ من توكل على الله حقَّ التوكل لم يخيب آماله، ولم يبطل سعيه، وكفاه شر الشيطان، وحفظه من وساوسه وكيده.
وقفة
[10] من علاجات الحزن التوكل على الله ﴿وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ:
  • كافة ومكفوفة. النجوى: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. من الشيطان: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. وهي النجوى بالاثم والعدوان من الشيطان.
  • ﴿ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا:
  • اللام حرف جر للتعليل. يحزن: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. وجملة «يحزن الذين آمنوا» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بالنجوى أي أن الشيطان يزينها لهم فكأنه ليغيظ‍ الذين آمنوا ويحزنهم.
  • ﴿ وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ:
  • الواو: استئنافية. ليس: فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الشيطان أو الحزن. الباء حرف جر زائد للتوكيد. ضار: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ليس» بمعنى وليس مضرهم و «ضار» اسم فاعل، و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وهو في الأصل مفعول اسم الفاعل. وقد اضيف اسم الفاعل الى معموله.
  • ﴿ شَيْئاً:
  • صفة-نعت-لمصدر-مفعول مطلق-محذوف منصوب بالفتحة. أي «ضررا شيئا».
  • ﴿ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ:
  • أداة حصر لا عمل لها. بإذن: جار ومجرور متعلق بضار. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة. أي إلا بمشيئته سبحانه.
  • ﴿ وَعَلَى اللهِ:
  • الواو استئنافية. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بيتوكلون.
  • ﴿ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ:
  • الفاء زائدة أو استئنافية. اللام لام الأمر. يتوكل: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه: سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. المؤمنون: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

ابراهيم: 12﴿وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ ءَاذَيۡتُمُونَاۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ
آل عمران: 122﴿إِذۡ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمۡ أَن تَفۡشَلَا وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَاۗ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
آل عمران: 160﴿فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
المائدة: 11﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
التوبة: 51﴿هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
ابراهيم: 11﴿وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأۡتِيَكُم بِسُلۡطَٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
المجادلة: 10﴿وَلَيۡسَ بِضَآرِّهِمۡ شَيۡ‍ًٔا إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
التغابن: 13﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     ولَمَّا شدَّد اللهُ في أمرِ النَّجوى المذمومةِ، وكان لا يَفعَلُها إلَّا أهلُ النِّفاقِ، فكان رُبَّما ظَنَّ ظانٌّ أنَّه يَحدُثُ عنها ضَرَرٌ لأهلِ الدِّينِ؛ بَيَّنَ أنَّ ضَرَرَها إنَّما يعودُ عليهم، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ليحزن:
وقرئ:
بفتح الياء والزاى، و «الذين» فاعل.

مدارسة الآية : [11] :المجادلة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ..

التفسير :

[11] يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا طُلب منكم أن يوسع بعضكم لبعض المجالس فأوسعوا، يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة، وإذا طلب منكم -أيها المؤمنون- أن تقوموا من مجالسكم لأمر من الأمور التي يكون فيها خير لكم فقوموا، يرفع الله مكانة المؤ

هذا تأديبمن الله لعباده المؤمنين، إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود.

وليس ذلك بضار للجالسشيئا، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو، والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه.

{ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا} أي:ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم لحاجة تعرض،{ فَانْشُزُوا} أي:فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة، فإن القيام بمثل هذه الأمور من العلم والإيمان، والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجات بحسب ما خصهم الله به، من العلم والإيمان.

{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} فيجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

وفي هذه الآية فضيلة العلم، وأن زينته وثمرته التأدب بآدابه والعمل بمقتضاه.

ثم لفت- سبحانه- أنظار المؤمنين إلى أدب رفيع فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ.

وقد ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما روى عن قتادة أنه قال: نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا، ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.

وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية يوم الجمعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ في الصفة، وفي المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا في المجالس فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك، فردوا عليهم السلام، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم.

فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم، فشق ذلك عليه، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر: قم يا فلان، قم يا فلان.

فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجوههم.

فقال المنافقون: ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس؟ والله ما رأيناه قد عدل على هؤلاء.. فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رحم الله رجلا يفسح لأخيه» فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا، ونزلت هذه الآية .

وقوله تَفَسَّحُوا من التفسح، وهو تفعل بمعنى التوسع، يقال: فسح فلان لفلان في المجلس- من باب نفع- إذا أوجد له فسحة في المكان ليجلس فيه.

والمعنى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان، إذا قيل لكم توسعوا في مجالسكم لتسع أكبر قدر من إخوانكم فامتثلوا واستجيبوا. لأن فعلكم هذا يؤدى إلى أن يفسح الله- تعالى- لكم في رحمته، وفي منازلكم في الجنة، وفي كل شيء تحبونه.

وحذف- سبحانه- متعلق يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ليشمل كل ما يرجو الناس أن يفسح الله لهم فيه من رزق، ورحمة، وخير دنيوى وأخروى.

والمراد بالمجالس: مجالس الخير، كمجالس الذكر، والجهاد، والصلاة، وطلب العلم، وغير ذلك من المجالس التي يحبها الله- تعالى-.

وقراءة الجمهور: «إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس» ، بالإفراد على إرادة الجنس..

أى: قيل لكم تفسحوا في أى مجلس خير فافسحوا.. لأن هذا التوسع يؤدى إلى ازدياد المحبة والمودة بينكم. وقرأ عاصم بصيغة الجمع.

ثم أرشدهم- سبحانه- إلى نوع آخر من الأدب السامي فقال: وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا.

والنشوز الارتفاع عن الأرض. يقال: نشز ينشز وينشز- من بابى نصر وضرب- إذا ارتفع من مكانه.

أى: وإذا قبل لكم- أيها المؤمنون- انهضوا من أماكنكم، للتوسعة على المقبلين عليكم، فانهضوا ولا تتكاسلوا.

وقوله: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ جواب الأمر في قوله: فَانْشُزُوا.

وعطف «الذين أوتوا العلم» على «الذين آمنوا» من باب عطف الخاص على العام، على سبيل التعظيم والتنويه بقدر العلماء.

أى: وإذا قيل لكم ارتفعوا عن مواضعكم في المجالس فارتفعوا، فإنكم إن تفعلوا ذلك، يرفع الله- تعالى- المؤمنين الصادقين منكم درجات عظيمة في الآخرة، ويرفع العلماء منكم درجات أعظم وأكبر.

ويرى بعضهم أن المراد بالموصولين واحد، والعطف في الآية لتنزيل التغاير في الصفات، منزلة التغاير في الذات.

والمعنى: يرفع الله الذين آمنوا العالمين درجات عظيمة لا يعلم مقدارها إلا الله- تعالى-.

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يدل على شمول علمه فقال: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.

أى: والله- تعالى- مطلع اطلاعا تاما على نواياكم، وعلى ظواهركم وبواطنكم، فاحذروا مخالفة أمره، واتبعوا ما أرشدكم إليه من أدب وسلوك.

هذا: ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية الكريمة: أن إفساح المؤمن لأخيه المؤمن في المجلس، من الآداب الإسلامية التي ينبغي التحلي بها، لأن هذا الفعل بجانب رفعه للدرجات فإنه سبب للتوادد والتعاطف والتراحم.

قال القرطبي ما ملخصه: والصحيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه للخير والأجر، سواء أكان مجلس حرب، أم ذكر، أم مجلس يوم الجمعة ... ولكن بدون أذى، فقد أخرج الشيخان عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه» .

وعن ابن عمر- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان يقام الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه آخر، «ولكن تفسحوا وتوسعوا» .

وعلى أية حال فإن الآية الكريمة ترشد المؤمنين في كل زمان ومكان، إلى لون من مكارم الأخلاق، ألا وهو التوسعة في المجالس، وتقديم أهل العلم والفضل، وإنزالهم منازلهم التي تليق بهم في المجالس.

كذلك أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة أنه يجوز القيام للقادم.

قال الإمام ابن كثير: وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء- على أقوال:

فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث: «قوموا إلى سيدكم» .

ومنهم من منع من ذلك، محتجا بحديث: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما. فليتبوأ مقعده من النار» .

ومنهم من فضل فقال: يجوز القيام للقادم من سفر، وللحاكم في محل ولايته، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ، فإنه لما استقبله النبي صلى الله عليه وسلم حاكما في بنى قريظة، فرآه مقبلا قال للمسلمين: «قوموا إلى سيدكم» ، وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه- والله أعلم-.

فأما اتخاذه- أى القيام- دينا، فإنه من شعار الأعاجم.. وفي الحديث المروي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس حيث انتهى به المجلس، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس، وكان الصحابة يجلسون منه على مراتبهم، فالصديق عن يمينه، وعمر عن يساره، وبين يديه غالبا عثمان وعلى لأنهما كانا ممن يكتب الوحى، وكان يأمرهما بذلك.. .

كذلك أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة، فضل العلماء وسمو منزلتهم.

قال صاحب الكشاف: عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال: يا أيها الناس افهموا هذه الآية، ولترغبكم في العلم. وفي الحديث الشريف: «بين العالم والعابد مائة درجة» وفي حديث آخر: «فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم» .

وعن بعض الحكماء أنه قال: ليت شعري أى شيء أدرك من فاته العلم، وأى شيء فات من أدرك العلم.

وعن الأحنف: كل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل يصير .

يقول تعالى مؤدبا عباده المؤمنين ، وآمرا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ) وقرئ ) في المجلس ) ( فافسحوا يفسح الله لكم ) وذلك أن الجزاء من جنس العمل ، كما جاء في الحديث الصحيح : " من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة " وفي الحديث الآخر : " ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " ولهذا أشباه كثيرة ; ولهذا قال : ( فافسحوا يفسح الله لكم ) .

قال قتادة : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر ، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض .

وقال مقاتل بن حيان : أنزلت هذه الآية يوم جمعة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ في الصفة ، وفي المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سلموا على القوم بعد ذلك ، فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم ، فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يحملهم على القيام ، فلم يفسح لهم ، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار ، من غير أهل بدر : " قم يا فلان ، وأنت يا فلان " . فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه ، وعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - الكراهة في وجوههم ، فقال المنافقون : ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ؟ والله ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء ، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب لنبيهم ، فأقامهم وأجلس من أبطأ عنه . فبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رحم الله رجلا فسح لأخيه " . فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا ، فتفسح القوم لإخوانهم ، ونزلت هذه الآية يوم الجمعة . رواه ابن أبي حاتم .

وقد قال الإمام أحمد ، والشافعي : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ، ولكن تفسحوا وتوسعوا " .

وأخرجاه في الصحيحين من حديث نافع به

وقال الشافعي : أخبرنا عبد المجيد ، عن ابن جريج قال : قال سليمان بن موسى ، عن جابر بن عبد الله . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ولكن ليقل : افسحوا " . على شرط السنن ولم يخرجوه

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الملك بن عمرو ، حدثنا فليح ، عن أيوب عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن يعقوب بن أبي يعقوب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ، ثم يجلس فيه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم "

ورواه أيضا عن سريج بن يونس ، ويونس بن محمد المؤدب ، عن فليح به . ولفظه : " لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ، ولكن افسحوا يفسح الله لكم " تفرد به أحمد

وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال : فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث : " قوموا إلى سيدكم " ومنهم من منع من ذلك محتجا بحديث : " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " ومنهم من فصل فقال : يجوز عند القدوم من سفر ، وللحاكم في محل ولايته ، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ ، فإنه لما استقدمه النبي - صلى الله عليه وسلم - حاكما في بني قريظة فرآه مقبلا قال للمسلمين : " قوموا إلى سيدكم " . وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه ، والله أعلم . فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار العجم . وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته لذلك

وفي الحديث المروي في السنن : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس حيث انتهى به المجلس ، ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس ، وكان الصحابة ، رضي الله عنهم ، يجلسون منه على مراتبهم فالصديق يجلسه عن يمينه ، وعمر عن يساره ، وبين يديه غالبا عثمان ، وعلي ; لأنهما كانا ممن يكتب الوحي ، وكان يأمرهما بذلك ، كما رواه مسلم من حديث الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " وما ذاك إلا ليعقلوا عنه ما يقوله ، صلوات الله وسلامه عليه ; ولهذا أمر أولئك النفر بالقيام ليجلس الذين وردوا من أهل بدر ، إما لتقصير أولئك في حق البدريين ، أو ليأخذ البدريون من العلم بنصيبهم ، كما أخذ أولئك قبلهم ، أو تعليما بتقديم الأفاضل إلى الأمام .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير التيمي عن أبي معمر ، عن أبي مسعود قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، ليليني منكم أولو الأحلام والنهى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " . قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافا .

وكذا رواه مسلم وأهل السنن ، إلا الترمذي ، من طرق عن الأعمش به .

وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء ثم العلماء ، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة .

وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ، ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله "

ولهذا كان أبي بن كعب - سيد القراء - إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناء الناس ، ويدخل هو في الصف المقدم ، ويحتج بهذا الحديث : " ليليني منكم أولو الأحلام والنهى " . وأما عبد الله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه ، عملا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه . ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلق بهذه الآية ، وإلا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع ، وفي الحديث الصحيح : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ، أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه "

وقال الإمام أحمد : حدثنا عتاب بن زياد ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما " .

ورواه أبو داود ، والترمذي ، من حديث أسامة بن زيد الليثي به . وحسنه الترمذي .

وقد روي عن ابن عباس ، والحسن البصري ، وغيرهما أنهم قالوا في قوله تعالى : ( إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا ) يعني : في مجالس الحرب ، قالوا : ومعنى قوله : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : انهضوا للقتال .

وقال قتادة : ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) أي : إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا .

وقال مقاتل بن حيان إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كانوا إذا كانوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته فأرادوا الانصراف أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجا من عنده ، فربما يشق ذلك عليه - عليه السلام - وقد تكون له الحاجة ، فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا ، كقوله : ( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ) [ النور : 28 ]

وقوله : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : لا تعتقدوا أنه إذا فسح أحد منكم لأخيه إذا أقبل ، أو إذا أمر بالخروج فخرج ، أن يكون ذلك نقصا في حقه ، بل هو رفعة ومزية عند الله ، والله تعالى لا يضيع ذلك له ، بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة ، فإن من تواضع لأمر الله رفع الله قدره ، ونشر ذكره ; ولهذا قال : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير ) أي : خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي ؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزى . قال : وما ابن أبزى ؟ فقال : رجل من موالينا . فقال عمر بن الخطاب استخلفت عليهم مولى ؟ . فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، قاض . فقال عمر ، رضي الله عنه : أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال : " إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين "

وهكذا رواه مسلم من غير وجه ، عن الزهري به . وقد ذكرت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاة في شرح " كتاب العلم " من صحيح البخاري ، ولله الحمد والمنة .

القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)

يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ )، يعني بقوله: تفسَّحوا: توسعوا، من قولهم مكان فسيح إذا كان واسعًا.

واختلف أهل التأويل في المجلس الذي أمر الله المؤمنين بالتفسح فيه، فقال بعضهم: ذلك كان مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) قال: مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقال ذاك خاصة.

حدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، &; 23-244 &; عن مجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) ... الآية، كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنُّوا بمجلسهم عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) قال: كان هذا للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومن حوله خاصة يقول: استوسعوا حتى يصيب كلّ رجل منكم مجلسًا من النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهي أيضًا مقاعد للقتال.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) قال: كان الناس يتنافسون في مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقيل لهم: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ) .

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) قال: هذا مجلس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كان الرجل يأتي فيقول: افسحوا لي رحمكم الله، فيضنّ كلّ أحد منهم بقربه من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأمرهم الله بذلك، ورأى أنه خير لهم.

وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك في مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا &; 23-245 &; فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) قال: ذلك في مجلس القتال.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسحوا في المجلس، ولم يخصص بذلك مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دون مجلس القتال، وكلا الموضعين يقال له مجلس، فذلك على جميع المجالس من مجالس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ومجالس القتال.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) على التوحيد، غير الحسن البصري وعاصم، فإنهما قرآ ذلك (فِي الْمَجَالِسِ ) على الجماع . وبالتوحيد قراءة ذلك عندنا لإجماع الحجة من القرّاء عليه.

وقوله: (فَافْسَحُوا ) يقول: فوسعوا، (يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) يقول: يوسع الله منازلكم في الجنة، (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) يقول تعالى ذكره: وإذا قيل ارتفعوا، وإنما يُرَاد بذلك: وإذا قيل لكم قوموا إلى قتال عدوّ، أو صلاة، أو عمل خير، أو تفرّقوا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقوموا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) إلى (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) قال: إذا قيل: انشزوا فانشزوا إلى الخير والصلاة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فَانْشُزُوا ) قال: إلى كلّ خير، قتال عدوّ، أو أمر بالمعروف، أو حقّ ما كان.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَإِذَا &; 23-246 &; قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) يقول: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا. وقال الحسن: هذا كله في الغزو.

حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) : كان إذا نودي للصلاة تثاقل رجال، فأمرهم الله إذا نودي للصلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها.

وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) قال: انشزوا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال: هذا في بيته إذا قيل انشزوا، فارتفعوا عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن له حوائج، فأحبّ كلّ رجل منهم أن يكون آخر عهده برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال: (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) .

وإنما اخترت التأويل الذي قلت في ذلك، لأن الله عز وجل أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا، أن ينشزوا، فعم بذلك الأمر جميع معاني النشوز من الخيرات، فذلك على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة (فَانْشُزُوا ) بضم الشين، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسرها.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان بمنـزلة يعكفُون ويعكِفون، ويعرُشون ويعرِشون، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيب.

قوله: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) يقول تعالى ذكره: يرفع الله المؤمنين منكم أيها القوم بطاعتهم ربهم، فيما أمرهم به من التفسح في المجلس إذا قيل لهم تفسحوا، أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها، ويرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين، الذين لم يؤتوا العلم بفضل علمهم درجات، إذا عملوا بما أمروا به.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: &; 23-247 &; (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) إن بالعلم لأهله فضلا وإن له على أهله حقًا، ولعمري للحقّ عليك أيها العالم فضل، والله معطي كل ذي فضل فضله.

وكان مطرف بن عبد الله بن الشِّخِّير يقول: فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.

وكان عبد الله بن مطرف يقول: إنك لتلقى الرجلين أحدهما أكثر صومًا وصلاة وصدقة، والآخر أفضل منه بونًا بعيدًا، قيل له: وكيف ذاك؟ فقال: هو أشدّهما ورعًا لله عن محارمه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.

وقوله: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) يقول تعالى ذكره: والله بأعمالكم أيها الناس ذو خبرة، لا يخفى عليه المطيع منكم ربه من العاصي، وهو مجاز جميعكم بعمله المحسن بإحسانه، والمسيء بالذي هو أهله، أو يعفو.

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) المراد من هذه العبارة أن عدم تأتي النهى عن الرؤيا المنامية، وتقدم النهي عن المناجاة بمعنى المسارة، يوضحان ما اختاره، من أن النجوى معناه المسارة، تأمل.

التدبر :

وقفة
[11] قال قتادة: «نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلًا، ضنوا بمجالسهم عند رسول الله ﷺ، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض».
وقفة
[11] ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ نداءات الله للمؤمنين ترسم صورة متكاملة لظبط إيقاع حياة المؤمن وآخرته على شرع الله، من أدق الأمور حتى أعظمها.
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا﴾ فيه استحباب التفسح في مجالس العلم والذكر.
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ إذا كان جزاء الفسح في المكان، هو توسعة الرزق في الدنيا، وتوسعة المنازل في الجنة، وهي لا تضر الفاسحَ شيئًا، ولا تكلفه جهدًا، فكيف بمن فرج عن مسلم كربة، أو دفع عنه مسغبة، أو قضى له حاجة؟!
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ والجزاء من جنس العمل؛ فإنَّ مَن فسح فسح الله له، ومن وسَّع لأخيه وسَّع الله عليه.
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ هذا تأديب من الله لعباده المؤمنين،إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب أن يفسحوا له.
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ كيف بمن يسعى لإخوانه؟!
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ ما أكرمَ الله! بحركةٍ بسيطة تفسح بها لأخيك ليجلس يوسع الله لك أبواب رزق من حيث لا تحتسب، فكيف بمن يسعى ويركض من أجل حوائج الناس وتفريج كربهم؟!
عمل
[11] افسح لأخيك في الحلقة والمجلس والدرس يفسح الله لك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾.
عمل
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا﴾ لا يبعد أن يدخل في إشارات هذه الآية فسح المجال للمتحدث، وترك الاستئثار بالحديث في المجلس، والبعد عن مقاطعة من يشرع بحديث، أو تكذيبه، أو إكمال كلامه، والله أعلم.
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا﴾ من آداب المجالس التوسيع فيها للآخرين.
وقفة
[11] لما أمر الله عباده بأدبين من آداب المجالسة فقال: ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا﴾ أعقبهما بقوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، فدل على أن أهل العلم أولى من أخذ بهذين الأدبين، وأنهم أولى من تؤدب معهم بهما، وأن مجالسهم أولى المجالس بالقيام بهما.
وقفة
[11] ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ... يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ﴾ يتساوى المتبعين لأوامر الله المطيعين له مع أهل العلم فى الدرجات.
وقفة
[11] قال: ﴿تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ﴾، ثم قال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾؛ رفعتك ليست بتوسطك المجالس، إنما هي بالإيمان والعلم.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا﴾ والتفسيح المأمور به هو التوسع دون القيام؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ «يَكْرَهُ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسَ مَكَانَهُ» [البخاري 6270].
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ كيف بمن يسعى لإخوانه؟! يوسع الله حياتك بحركة يسيرة تتحركها ليقعد أخوك، كيف بمن يسعى ويركض من أجلهم؟!
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ بمجرد فسحة لأخيك في المجلس لا تكلفك شيء يوسع الله لك في الدنيا والآخرة، فكيف إن فرجت كربته؟!
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ كل من وسَّع على عباد الله أبواب الراحة؛ وسَّع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة، ولا تُقيد الآية بالتفسح بالمجالس.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ لا يضيق شيء فسحه الله؛ ومن ذلك دلالة هذه الآية الكريمة.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ قال الرازي: «واعلم أن هذه الآية دلت على أن كل من وسَّع على عباد الله أبواب الخير والراحة، وسَّع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة، ولا ينبغي للعاقل أن يُقيِّد الآية بالتفسح في المجلس، بل المراد منه إيصال الخير إلى المسلم، وإدخال السرور في قلبه».
وقفة
[11] ﴿فافسحوا يفسح الله لكم﴾ إيصال أي خير إلى المسلم، وإدخال السرور عليه؛ يوسع الله عليك خيرات الدنيا والآخرة، ولا تُقيد بالتفسح في المجلس.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ تستجيب الأماكن والجغرافيا حين تتسع القلوب والنوايا.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ كلما فسح العبد أفسح الله له، فمن فسح في مجلسه أوسع الله صدره، ومن وسع على أهله وسع الله راحته.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قلوب المؤمنين لا تشتكي الوحر، وتقارب القلوب يصدِّقه تقارب الابدان.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ رُبَّ عمل صغير أورثَ الأجر الكبير، فافسح لإخوانك عن تواضع وطيب خاطر؛ يَفسح الله لك فيما تُحب أن يُفسحَ لك فيه.
وقفة
[11] ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾ لا يظننَّ أحدكم أنَّ لين جانبه واستجابته لرغبة صاحب المجلس بالإفساح للآخرين ينقص من قدره، بل هو رفعةٌ له في الدنيا والآخرة.
عمل
[11] إذا ضاق المجلس فافسح لأخيك بنفس طيبة، تأمل التعبير بالفسح دون التوسع للدلالة على رحابة الصدر بذلك ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾.
وقفة
[11] أوصى الله إخوة الإيمان بقوله: ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾، إذا تآخت القلوب توسعت المجالس؛ لم تضق يومًا مجالس الأحباب.
وقفة
[11] ولو لم يأت فضيلة للتفسح إلا قوله: ﴿فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾؛ لكفى باعثًا على المبادرة بالتفسح فضلًا عن أنه أطلق جزاءه ولم يقيده ليعم؛ كرمًا منه تعالى.
وقفة
[11] ﴿يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ أي: في قبوركم، وقيل: في قلوبكم، وقيل: يوسع عليكم في الدنيا والآخرة.
عمل
[11] حذف الله سبحانه متعلّق: ﴿يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ﴾؛ ليشمل كل ما يرجو الناس أن يُفسح الله لهم فيه من رزق، ورحمة، وخير دنيوي وأخروي؛ استحضر هذه النية مع كل إفساح في مجلس.
وقفة
[11] إذا شعرت من صاحب المجلس كراهية لبقائك فانصرف؛ تأمل التعبير بالنشوز دون الانصراف في قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا﴾، لتضمن النشوز الكراهية.
وقفة
[11] ﴿يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ العالِم يرفعه الله، والجاهل يرفعه الناس.
وقفة
[11] ﴿يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ ليس كل عالم يرتفع بعلمه، وذلك بسبب ضعف إيمانه وقلة إخلاصه، وإن كثر علمه واشتهر اسمه.
وقفة
[11] ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ من رفعه الله فلن يستطيع البشر إسقاطه؛ إلا من اختار لنفسه السقوط: ﴿واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها﴾ [الأعراف: 175].
وقفة
[11] ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ رفعتك تكون بقدر إيمانك وما تحمل من علم.
وقفة
[11] ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ إذا جمع الإنسان مع الإيمان العلم النافع والعمل الصالح، فقد حاز الخير كله؛ شرفًا في الدنيا ورفعةً في الآخرة.
وقفة
[11] ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ عن ابن مسعود قال: «ما خصَّ الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية، فضَّل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يُؤتَوا العلم».
وقفة
[11] ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ من تكفل الله برفعه؛ لن يسقطه أقلام وأصوات العابثين، ولا اتهاماتهم.
وقفة
[11] من فضائل التفقه في الدين: رفعة درجة صاحبه في الدنيا والآخرة ﴿يرفعِ اللهُ الذينَ آمنوا منكم والذين أُوتوا العِلمَ درجاتٍ﴾.
وقفة
[11] ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ لا شيء يعدل قيمة العلم، وهو أولى ركائز التطور والتقدم الحضاري ﴿ولقد ءاتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين﴾ [النمل: 15].
لمسة
[11] قال تعالى: ﴿يرفعِ اللهُ الذينَ آمنوا منكم والذين أُوتوا العِلمَ درجاتٍ﴾ ولم يقل (يرفعكم)؛ ليدل ذلك على فضيلة الإيمان والعلم عمومًا، وأن بهما تحصل الرفعة في الدنيا والآخرة، ويدل على أن من ثمرات العلم والإيمان: سرعة الانقياد لأمر الله، وأن هذه الآدب ونحوها إنما تنفع صاحبها، ويحصل له بها الثواب، إذا كانت صادرة عن العلم والإيمان.
وقفة
[11] من عمل بهذا القرآن تصديقًا وطاعة وتخلقًا: فإن الله تعالى يرفعه به في الدنيا وفي الآخرة، وذلك لأن هذا القرآن هو أصل العلم، ومنبع العلم، وكل العلم، وقد قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.
وقفة
[11] كم من عالم لا يرتفع بعلمه! وذلك لضعف إيمانه، وقلة إخلاصه، وضعف عنايته بأمر قلبه، لا لقلة علمه، وذلك أن الله وعد بالرفعة من جمع الإيمان والعلم فقال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، وهذا سر ارتفاع قدر أفراد من العلماء من بين سائر أهل العلم.
وقفة
[11] إن كنت طالب علم حقًّا، فلا تنتظر أي رفعة من خلق، فقد تكفل الله تعالى برفعك.
وقفة
[11] يرفعه العلم درجات؛ لأنه يتجه به لله العلي الأعلى.
وقفة
[11] من ثمرات العلم الشرعي أنه يرفع من مكانة صاحبه في الدنيا وعنده ﷻ.
وقفة
[11] ﴿والذين أوتوا العلم درجات﴾ كلما ترقيت في مدارج العلم؛ زاد إيمان القلب، وعلا مكانك عند ربك.
وقفة
[11] ﴿أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ اللام في العلم ليست للاستغراق، وإنما هي للعهد؛ أي: العلم الذي بعث الله به نبيه ﷺ، وإذا كانوا قد أوتوا هذا العلم كان اتباعهم واجبًا.
عمل
[11] ﴿أوتوا العلم﴾ لا تغتر بعلمك، إنما هو شيء أوتيته وعُلمته، ليس لك منه شيء.

الإعراب :

  • ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ:
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة. قيل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.
  • ﴿ لَكُمْ تَفَسَّحُوا:
  • جار ومجرور متعلق بقيل والميم علامة جمع الذكور. تفسحوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «تفسحوا» في محل رفع نائب فاعل. بمعنى: توسعوا. أي ليفسح بعضكم عن بعض.
  • ﴿ فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا:
  • جار ومجرور متعلق بتفسحوا. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.افسحوا: تعرب اعراب «تفسحوا» وجملة «فافسحوا» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب
  • ﴿ يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الأمر-الطلب-وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. لكم: أعربت.
  • ﴿ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب اعرابها. بمعنى: انهضوا.
  • ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. آمنوا: أعربت. منكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة لاسم الموصول. التقدير: حال كونهم منكم. و «من» حرف جر بياني.
  • ﴿ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ:
  • معطوفة بالواو على الَّذِينَ آمَنُوا» وتعرب إعرابها. والفعل «أوتوا» مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. العلم: مفعول به منصوب بالفتحة. درجات: تمييز منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ:
  • أعربت في الآية الثالثة. بمعنى والله ذو خبرة بعملكم أو خبير بأعمالكم.'

المتشابهات :

لقمان: 29﴿كُلّٞ يَجۡرِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَأَنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
البقرة: 234﴿فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
البقرة: 271﴿وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّ‍َٔاتِكُمۡۗ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
آل عمران: 180﴿وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
الحديد: 10﴿وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
المجادلة: 3﴿ذَٰلِكُمۡ تُوعَظُونَ بِهِۦۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
المجادلة: 11﴿وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
التغابن: 8﴿وَٱلنُّورِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلۡنَاۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ﴾ قالَ مُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ: نَزَلَتِ الآيَةُ في الأغْنِياءِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يَأْتُونَ النَّبِيَّ ﷺ فَيُكْثِرُونَ مُناجاتَهُ ويَغْلِبُونَ الفُقَراءَ عَلى المَجالِسِ، حَتّى كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ مِن طُولِ جُلُوسِهِمْ ومُناجاتِهِمْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، وأمَرَ بِالصَّدَقَةِ عِنْدَ المُناجاةِ، فَأمّا أهْلُ العُسْرَةِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، وأمّا أهْلُ المَيْسَرَةِ فَبَخِلُوا، واشْتَدَّ ذَلِكَ عَلى أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ.وقالَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنَّ في كِتابِ اللَّهِ لَآيَةً ما عَمِلَ بِها أحَدٌ قَبْلِي، ولا يَعْمَلُ بِها أحَدٌ بَعْدِي: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ﴾ . كانَ لِي دِينارٌ فَبِعْتُهُ بِدَراهِمَ، وكُنْتُ إذا ناجَيْتُ الرَّسُولَ تَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ حَتّى نَفِدَ، فَنُسِخَتْ بِالآيَةِ الأُخْرى: ﴿أأشْفَقْتُمْ أن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكم صَدَقاتٍ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     وبعد أن نهَى اللهُ عبادَه المؤمِنينَ عَمَّا يكونُ سَبَبًا للتَّباغُضِ والتَّنافُرِ؛ أمَرَهم الآنَ بما يَصيرُ سببًا لزيادةِ المحبَّةِ والموَدَّةِ، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تفسحوا:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تفاسحو، وهى قراءة داود بن أبى هند، وقتادة، وعيسى.
فى المجلس:
1- على الإفراد، بكسر اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على الإفراد، بفتح اللام، وهو الجلوس.
وقرئ:
3- فى المجالس، بالجمع، وهى قراءة عاصم، وقتادة، وعيسى.
فافسحوا يفسح:
وقرئا:
1- بضم السين، فيهما، وهى قراءة أبى جعفر، وشيبة، والأعرج، وابن عامر، ونافع، وحفص.
2- بكسرها، فيهما، وهى قراءة الحسن، والأعمش، وطلحة، وباقى السبعة.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف