361121314151617181920

الإحصائيات

سورة الفرقان
ترتيب المصحف25ترتيب النزول42
التصنيفمكيّةعدد الصفحات7.30
عدد الآيات77عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول29تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء19عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 5/14تبارك: 1/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (16) عدد الآيات (5)

بعدَ طعنِ المشركينَ في القرآنِ والنَّبي المنزلِ عليه القرآنُ وإنكارِهم القيامةِ، بَيَّنَ اللهُ هنا ما أعدَّه لهم في النَّارِ، وما أعدَّه لعبادِه المتَّقينَ في الجَنَّةِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (17) الى الآية رقم (20) عدد الآيات (4)

= ثُمَّ تذكرُ الآياتُ سؤالَ اللهِ للمعبودينَ من دونِه توبيخًا للعابدينَ، وردَّهم عليه، ثُمَّ الردَّ على طعنِ المشركينَ في النَّبي ﷺ أنَّه يأكلُ الطَّعامَ ويمشي في الأسواقِ بأنَّ هذه عادةٌ مستمرةٌ في كلِّ الرسلِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الفرقان

صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لحظات صعبة::   كل واحد منا مرت عليه لحظات صعبة، قد تجد نفسك فجأة فريسة لاتهامات الناس، وكذبهم، وافتراءاتهم، وسوء ظنونهم، وتكون الحقيقة مختلفة تمامًا عما يقولون وعما يفترون.والشعور بالظلم شعور مرير. هنا تأتي سورة الفرقان لتقول لك : لقد تعرض من هو أفضل منك بكثير إلى ما هو أسوأ من هذا بكثير، فَلِمَ تعتقد أنك استثناء؟! تأخذنا السورة إلى داخل نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم ، إلى مواضع تلك الطعنات التي حاول كفار مكة أن يجرحوه من خلالها. فتهمس السورة: تماسك وتجلد إذن، هذا هو الرجل الذي بلغ الكمال الإنساني، ورغم ذلك فقد تعرض لأسوأ مما تعرضت له.كف عن التذمر والبكاء، حاول أن لا تكترث لما يقولون. سورة الفرقان فيها شيء من الحزن النبيل الراقي الذي كان يشعر به صلى الله عليه وسلم في المرحلة التي نزلت فيها السورة، نحن في منتصف المرحلة المكية تقريبًا، بعد هجرة الحبشة وقبل الإسراء. وكفار مكة لا يزالون على عنادهم، لا يزالون يتهمونه بشتى الاتهامات ويتعرضون له بالسخرية والانتقاص.يسخرون ويتسائلون عن أهمية ما جاء به محمد، كل شيء مما يقوله موجود في أخبار الأولين، لم يأت بجديد، محمد يجمع ما كتب من قبل، ويساعده في ذلك من له علم بما في أخبار الآخرين.كانوا يعيبون عليه بشريته، يعيبون عليه أنه يتصرف كما الناس، ويأكل كما يأكلون، ويمشي في أسواقهم. أي ظلم أن تشعر أن من يرفضك يتحجج بكونك إنسان ليرفضك، ماذا أفعل مثلًا؟ ماذا تقترحون؟ يقترحون أن يكون معه مَلَكَ، أو يدله ربُه على كنز يغنيه عن العمل تمامًا، أو أن يجعل له جنة بحيث يأكل منها متى ما أراد، بدلًا من السعي للرزق. ولا يعني هذا أن كل انتقاد يوجه لنا يدل على أننا على صواب، فبعض ما يوجه لنا من انتقادات تكون صحيحة تمامًا، ويكون ما نفعله هو الخطأ، ليس الانتقاد دليلًا للخطأ ولا للصواب، ولا التصفيق دليلًا على أي منهما أيضًا.
  • • محاور سورة الفرقان::   سورة الفرقان تتحدث عن صدق القرآن وسوء عاقبة من يكذب بالله ورسوله وكتابه، عبر 3 محاور: 1- أنواع التكذيب التي لقيها النبي صلى الله عليه وسلم. 2- التحذير من سوء عاقبة التكذيب. 3- تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فتسير السورة على نفس المنوال: بيان أنواع تكذيب المشركين، ثم ذكر عاقبته، ثم طمأنة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة الفرقان».
  • • معنى الاسم ::   الفرقان: اسم من أسماء القرآن الكريم، سمى بذلك؛ لأنه يفرق أي يفصل بين الحق والباطل، يفصل بين الحلال والحرام.
  • • سبب التسمية ::   لوقوع لفظ الفرقان في أولها (وقد وقع في غيرها).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين.
  • • علمتني السورة ::   القرآن فرقان بين الحق والباطل.
  • • علمتني السورة ::   أن الله أنزل القرآن الكريم نذيرًا لنا، فلنعمل بما جاء به: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الغنى فتنة للفقير، والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار، دار الفتن والابتلاء والاختبار: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الفرقان من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أكثر سورة تكرر فيها لفظ (تبارك)؛ حيث تكرر 3 مرات، في الآيات (1، 10، 61)، وقد تكرر هذا اللفظ في القرآن كله 9 مرات، ومعنى (تبارك) أي: تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته.
    • احتوت سورة الفرقان على السجدة الثامنة من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف-، وجاءت في الآية (60).
    • احتوت سورة الفرقان على 14 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف عباد الرحمن (63-76).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نفرق بين الحق والباطل، وبين أهل الحق وأهل الباطل.
    • أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ (2).
    • أن نصبر على الأذى في الدعوةِ إلى اللهِ، فإنَّه صلى الله عليه وسلم سَمِعَ من أذى القومِ الشيءَ الكثيرَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ (4).
    • أن نحذر أن نكونَ سببًا في ضلالِ أحَدٍ: ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي ...﴾ (17).
    • أن نبتعد عن محبطات العمل من شرك ورياء، أو منٍّ وأذى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾ (23).
    • أن نحذر اتباع طرق الشيطان ونستعيذ بالله منه؛ فإنه سيخذل أتباعه يوم القيامة: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ... وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا﴾ (27-29).
    • أن يكون لنا وردًا من القرآن في اليوم، وأن نتبع أوامره، ونجتنب نواهيه: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (30).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه يضل عن سبيل الله: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ (43).
    • أن نقتدي بالنبي ﷺ، وندعو العصاة إلى الله، ونبدأ بالبشارة قبل النذارة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ (56).
    • أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة بدون أجر: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ (57).
    • أن نحرص على أن نكون من عباد الرحمن الذين من صفاتهم: لا يتكبرون، ويقابلون السيئة بالحسنة: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ (63).
    • أن نحافظ على قيام الليل: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ (64).
    • أن نحرص أن يكون إنفاقنا على أنفسنا أو أهلنا بدون إسراف ولا تقصير: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ (67).
    • أن نتأمل في عظيم رحمة الله تعالى وفضله؛ حيث يبدل سيئات عبده التائب إلى حسنات: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ (70).
    • ألا ننسى الدعاء ﻷولادنا بالصلاح والهداية؛ فهم ثمرة الفؤاد وأحق الناس بالبر والإحسان: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (74).

تمرين حفظ الصفحة : 361

361

مدارسة الآية : [12] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ..

التفسير :

[12] إذا رأت النار هؤلاء المكذبين يوم القيامة من مكان بعيد، سمعوا صوت غليانها وزفيرها، من شدة تغيظها منهم.

{ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} أي:قبل وصولهم ووصولها إليهم،{ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا} عليهم{ وَزَفِيرًا} تقلق منهم الأفئدة وتتصدع القلوب، ويكاد الواحد منهم يموت خوفا منها وذعرا قد غضبت عليهم لغضب خالقها وقد زاد لهبها لزيادة كفرهم وشرهم.

وقوله تعالى: إِذا رَأَتْهُمْ ... الضمير فيه يعود إلى «سعيرا» والتغيظ في الأصل:

إظهار الغيظ، وهو شدة الغضب الكامن في القلب.

والزفير: ترديد النفس من شدة الغم والتعب حتى تنتفخ منه الضلوع، فإذا ما اشتد كان له صوت مسموع.

والمعنى: أن هؤلاء الكافرين الذين كذبوا بالساعة، قد اعتدنا لهم بسبب هذا التكذيب نارا مستعرة، إذا رأتهم هذه النار من مكان بعيد عنها. سمعوا لها غليانا كصوت من اشتد غضبه، وسمعوا لها زفيرا. أى: صوتا مترددا كأنها تناديهم به.

فالآية الكريمة تصور غيظ النار من هؤلاء المكذبين تصويرا مرعبا، يزلزل النفوس ويخيف القلوب.

والتعبير بقوله- تعالى-: مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ يزيد هذه الصورة رعبا وخوفا، لأنها لم تنتظرهم إلى أن يصلوا إليها، بل هي بمجرد أن تراهم من مكان بعيد- والعياذ بالله- يسمعون تغيظها وزفيرها وغضبها عليهم، وفرحها بإلقائهم فيها.

قال الآلوسى: وإسناد الرؤية إليها حقيقة على ما هو الظاهر، وكذا نسبة التغيظ والزفير فيما بعد، إذ لا امتناع في أن يخلق الله تعالى النار حية مغتاظة زافرة على الكفار، فلا حاجة إلى تأويل الظواهر الدالة على أن لها إدراكا كهذه الآية، وكقوله- تعالى-: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ . وقوله: صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري: «شكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضى بعضا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف..» .

وقوله : ( إذا رأتهم ) أي : جهنم ( من مكان بعيد ) يعني : في مقام المحشر . قال السدي : من مسيرة مائة عام ( سمعوا لها تغيظا وزفيرا ) أي : حنقا عليهم ، كما قال تعالى : ( إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ ) [ الملك : 7 ، 8 ] أي : يكاد ينفصل بعضها من بعض; من شدة غيظها على من كفر بالله .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا إدريس بن حاتم بن الأخيف الواسطي : أنه سمع محمد بن الحسن الواسطي ، عن أصبغ بن زيد ، عن خالد بن كثير ، عن خالد بن دريك ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يقل علي ما لم أقل ، أو ادعى إلى غير والديه ، أو انتمى إلى غير مواليه ، فليتبوأ [ مقعده من النار " . وفي رواية : " فليتبوأ ] بين عيني جهنم مقعدا " قيل : يا رسول الله ، وهل لها من عينين؟ قال : " أما سمعتم الله يقول : ( إذا رأتهم من مكان بعيد ) الآية .

ورواه ابن جرير ، عن محمد بن خداش ، عن محمد بن يزيد الواسطي ، به .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عيسى بن سليم ، عن أبي وائل قال : خرجنا مع عبد الله - يعني : ابن مسعود - ومعنا الربيع بن خثيم فمروا على حداد ، فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في النار ، ونظر الربيع بن خثيم إليها فتمايل ليسقط ، فمر عبد الله على أتون على شاطئ الفرات ، فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية : ( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ) فصعق - يعني : الربيع بن خثيم - فحملوه إلى أهل بيته ورابطه عبد الله إلى الظهر فلم يفق ، رضي الله عنه .

وحدثنا أبي : حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : إن العبد ليجر إلى النار ، فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير ، ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف .

هكذا رواه ابن أبي حاتم مختصرا ، وقد رواه الإمام أبو جعفر بن جرير :

حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : إن الرجل ليجر إلى النار ، فتنزوي وتنقبض بعضها إلى بعض ، فيقول لها الرحمن : ما لك؟ قالت : إنه يستجير مني . فيقول : أرسلوا عبدي . وإن الرجل ليجر إلى النار ، فيقول : يا رب ، ما كان هذا الظن بك؟ فيقول : فما كان ظنك؟ فيقول : أن تسعني رحمتك . فيقول : أرسلوا عبدي ، وإن الرجل ليجر إلى النار ، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير ، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف . وهذا إسناد صحيح .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير في قوله : ( سمعوا لها تغيظا وزفيرا ) قال : إن جهنم تزفر زفرة ، لا يبقى ملك ولا نبي إلا خر ترعد فرائصه ، حتى إن إبراهيم عليه السلام ، ليجثو على ركبتيه ويقول : رب ، لا أسألك اليوم إلا نفسي .

( إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ )، يقول: إذا رأت هذه النار التي اعتدناها لهؤلاء المكذبين أشخاصهم من مكان بعيد, تغيظت عليهم، وذلك أن تغلي وتفور، يقال: فلان تغيظ على فلان, وذلك إذ غضب عليه، فغلى صدره من الغضب عليه، وتبين في كلامه، (وَزَفِيرًا), وهو صوتها.

فإن قال قائل: وكيف قيل ( سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا ) والتغيظ: لا يسمع، قيل معنى ذلك: سمعوا لها صوت التغيظ من التلهب والتوقد.

حدثني محمود بن خداش, قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي, قال: ثنا أصبع بن زيد الوَرَّاقُ, عن خالد بن كثير, عن فديك, عن رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يَقُولُ عَليَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْنَ عَيْنَيْ جَهَنَّمَ مَقْعَدًا " قالوا: يا رسول الله, وهل لها من عين؟ قال: " أَلَمْ تَسْمَعُوا إلى قَوْلِ اللهِ ( إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ) ... الآية.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر في قوله: ( سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ) قال: أخبرني المنصور بن المعتمر, عن مجاهد, عن عبيد بن عمير, قال: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك ولا نبي إلا خر ترعد فرائضه حتى إن إبراهيم ليجثو على ركبتيه, فيقول: يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي!.

حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: إن الرجل ليجر إلي النار, فتنـزوي، وينقبض بعضها إلى بعض, فيقول لها الرحمن: ما لك؟ فتقول: إنه ليستجير مني! فيقول: أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجر إلى النار, فيقول: يا رب ما كان هذا الظن بك؟ فيقول: ما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك، قال: فيقول أرسلوا عبدي. وإن الرجل ليجرُّ إلى النار، فتشهق إليه النار شهوق البغلة إلى الشعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف.

التدبر :

وقفة
[12] ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ قد غضبت عليهم لغضب خالقها، وقد زاد لهبها لزيادة كفرهم وشرهم.
وقفة
[12] ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ النار كائن حي يرى ويسمع ويتكلم وله شهيق وزفير، وقد قال الله عن كلام النار: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيد﴾ [ق: 30]، وعن أبي هُرَيْرَة t قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ؛ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ» [البخاري 3260].
وقفة
[12] ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ لِمَ جعل إزجاءهم في النار ورؤيتها لهم من مكان بعيد؟ وما الوجه من ذكر القيد ﴿مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾؟ جعل الله إزجاءهم إلى النار من مكان بعيد زيادة في النكاية بهم؛ لأن بُعد المكان يقتضي زيادة المشقة في الوصول، ويقتضي طول الرعب مما سمعوا، فما أعظم موقف الرعب إذا طال أمده!
تفاعل
[12] ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[12] ﴿إِذا رَأَتهُم مِن مَكانٍ بَعيدٍ سَمِعوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفيرًا﴾ كما لو كانت النار ترى رؤية حادة وثاقبة، تطول البعيد قبل القريب، وتتنفس، وتغتاظ، سلم يا رب سلم.
وقفة
[12] ﴿إِذا رَأَتهُم مِن مَكانٍ بَعيدٍ سَمِعوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفيرًا﴾ يرتعب الناس من سماع صوت قوى مخيف قادم من بعيد لا يدرون كنهه، فما بالنا بصوت جهنم وهى مغتاظة من الكافرين وتتوعدهم!
وقفة
[12] ﴿إِذا رَأَتهُم مِن مَكانٍ بَعيدٍ سَمِعوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفيرًا﴾ تأملوا: (مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ)؛ ومع ذلك رأتهم وتيقنت من كونهم طلبها ومبتغاها.
وقفة
[12] ﴿إِذا رَأَتهُم مِن مَكانٍ بَعيدٍ سَمِعوا لَها تَغَيُّظًا وَزَفيرًا﴾ الكافرون من نفس هذا المكان البعيد سمعوا زفيرها، وشعروا بغيظها، قدرات خاصة يعطيها الله لعباده جميعًا؛ ليستطيعوا استيعاب المشهد برمته.

الإعراب :

  • ﴿ إِذا رَأَتْهُمْ:
  • اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه اداة شرط‍ غير جازمة. والجملة الفعلية بعده في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف. رأت: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة. التاء لا محل لها. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي يعود على النار و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة. بعيد: صفة-نعت- لمكان مجرورة مثلها. بمعنى اذا أبصرتهم قادمين اليها من مكان بعيد. وقيل ان معنى الرؤية معنى مجازي. وقيل ان رؤية جهنم جائزة لان قدرة الله تعالى صالحة بخلقه لها ادراكا حسيا.
  • ﴿ سَمِعُوا لَها:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها. سمعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. لها: جار ومجرور متعلق بسمعوا.
  • ﴿ تَغَيُّظاً وَزَفِيراً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. وزفيرا: معطوفة بالواو على تَغَيُّظاً» منصوبة مثلها بالفتحة بمعنى: سمعوا صوت تأججها غضبا على الكفار.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     وبعد توعد المشركين بالنار؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن هذه النار إذا رأتهم من مكان بعيد عنها سمعوا لها غليانًا كصوت من اشتد غضبه، وسمعوا لها زفيرًا كأنها تناديهم به، قال تعالى:
﴿ إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [13] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا ..

التفسير :

[13] وإذا أُلقوا في مكان شديد الضيق من جهنم -وقد قُرِنت أيديهم بالسلاسل إلى أعناقهم- دَعَوْا على أنفسهم بالهلاك للخلاص منها.

{ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ} أي:وقت عذابهم وهم في وسطها، جمع في مكان بين ضيق المكان وتزاحم السكان وتقرينهم بالسلاسل والأغلال، فإذا وصلوا لذلك المكان النحس وحبسوا في أشر حبس{ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} دعوا على أنفسهم بالثبور والخزي والفضيحة وعلموا أنهم ظالمون معتدون، قد عدل فيهم الخالق حيث أنزلهم بأعمالهم هذا المنزل، وليس ذلك الدعاء والاستغاثة بنافعة لهم ولا مغنية من عذاب الله

ثم حكى- سبحانه- حالهم عند ما يستقرون فيها فقال: وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً.

أى: أن النار إن رأت هؤلاء المجرمين سمعوا لها ما يزعجهم ويفزعهم، وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً أى: وإذا ما طرحوا فيها في مكان ضيق منها، حالة كونهم مُقَرَّنِينَ أى:

مقيدين بالأغلال بعضهم مع بعض أو مع الشياطين الذين أضلوهم.

دَعَوْا هُنالِكَ أى: تنادوا هنالك في ذلك المكان بقولهم ثُبُوراً أى: هلاكا وخسرانا يقال فلان ثبره الله- تعالى- أى: أهلكه إهلاكا لا قيام له منه.

أى: يقولون عند ما يلقون فيها، يا هلاكنا أقبل فهذا أوانك، فإنك أرحم بنا مما نحن فيه.

وقوله : ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا ) قال قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو قال : مثل الزج في الرمح أي : من ضيقه .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرني نافع بن يزيد ، عن يحيى بن أبي أسيد - يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن قول الله ( وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين ) قال : " والذي نفسي بيده ، إنهم ليستكرهون في النار ، كما يستكره الوتد في الحائط " .

وقوله ( مقرنين ) قال أبو صالح : يعني مكتفين : ( دعوا هنالك ثبورا ) أي : بالويل والحسرة والخيبة .

يقول تعالى ذكره: وإذا ألقي هؤلاء المكذّبون بالساعة من النار مكانا ضيقا, قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال ( دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا )

واختلف أهل التأويل في معنى الثبور, فقال بعضهم: هو الويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس. في قوله: ( وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ) يقول: ويلا.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا ) يقول: لا تدعوا اليوم ويلا واحدا, وادعوا ويلا كثيرا.

وقال آخرون: الثبور الهلاك.

* ذكر من قال ذلك:

التدبر :

وقفة
[13] ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ﴾ جمع بين: ضيق المكان، وتزاحم السكان، وتقرينهم بالسلاسل والأغلال.
وقفة
[13] ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُّقَرَّنِينَ﴾ المكان الذي يلقون فيه ضيق، ليزداد كربهم وعذابهم، ولا يكون لهم أدنى مهرب، وشبَّهوا ضيق النار بالوتد حين يُدْخَل في الحائطِ بقوة.
وقفة
[13] ﴿وَإِذا أُلقوا مِنها مَكانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنينَ﴾ وصف يدخل الرعب فى القلوب: الإلقاء أى من عالٍ، والمكان ضيقًا مكتظًا، وكلهم مكبلون بسلاسل غليظة، ولا تنسوا أين هذا المكان؟ هى جهنم وبئس المصير.
وقفة
[13] ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ تأمل هذا الوصف المهين لأولئك المساقين إلى النار، فقد عبَّر عن إدخالهم النار بالإلقاء، فلم يقل تعالى: (إذا أُدخلوا منها)؛ لأن الدخول فيه شيء من التكريم، بل قال (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا)؛ لأن الإلقاء ليس فيه إلا المهانة، فالإلقاء هو الرمي، وهل يرمي الإنسان ما فيه نفاسة أو قيمة؟ وكذلك لا قيمة للكافرين فهم لا يستحقون إلا الرمي والإلقاء.
تفاعل
[13] ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[13] عندما يكون العمل فى غير المكان المناسب ولا فى الوقت المناسب ﴿دَعَوا هُنالِكَ ثُبورًا﴾

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذا أُلْقُوا:
  • معطوفة بالواو على إِذا» الاولى وتعرب مثلها. القوا: بمعنى «رموا» فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم المقدر على الياء المحذوفة تخفيفا ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والالف فارقة. وجملة أُلْقُوا» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً:
  • منها: جار ومجرور متعلق بألقوا. مكانا: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. ضيقا: صفة-نعت- لمكانا منصوبة مثلها بالفتحة بمعنى: الى مكان ضيق فحذف الجار فانتصب الاسم على الظرفية. ويجوز ان تكون حالا منصوبا بالفتحة.
  • ﴿ مُقَرَّنِينَ:
  • حال منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. بمعنى: مشدودة ايديهم الى اعناقهم بالسلاسل.
  • ﴿ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً:
  • الجملة الفعلية جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب بمعنى: نادوا في ذلك المكان ويلا وثبورا اي وهلاكا. دعوا:فعل ماض مبني على الضم المقدر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصالها بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. هنا: اسم اشارة للمكان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بدعوا. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. ثبورا:مفعول به لدعوا منصوب بالفتحة ويجوز ان يكون مفعولا مطلقا-مصدرا- اي ثبروا ثبورا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     وبعد أن وصفَ اللهُ حالَ الكفار حينما يكونون بالبعد من جهنم؛ وصف هنا حالَهم عند ما يُلْقَون فيها، قال تعالى:
﴿ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مقرنين:
وقرئ شاذا:
مقرنون، بالواو، وهى قراءة أبى شيبة، صاحب معاذ بن جبل.
ثبورا:
وقرئ:
بفتح الثاء، وهى قراءة عمرو بن محمد.

مدارسة الآية : [14] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا ..

التفسير :

[14] فيقال لهم تيئيساً:لا تَدْعوا اليوم بالهلاك مرة واحدة، بل مرات كثيرة، فلن يزيدكم ذلك إلا غمّاً، فلا خلاص لكم.

:{ لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} أي:لو زاد ما قلتم أضعاف أضعافه ما أفادكم إلا الهم والغم والحزن.

ووصف- سبحانه- المكان الذي يلقون فيه بالضيق، للإشارة إلى زيادة كربهم، فإن ضيق المكان يعجزهم عن التفلت والتململ. وهنا يسمعون من يقول لهم على سبيل الزجر والسخرية المريرة، لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً. أى: اتركوا اليوم طلب الهلاك الواحد. واطلبوا هلاكا كثيرا لا غاية لكثرته، ولا منتهى لنهايته.

قال صاحب الكشاف: قوله: وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً أى: أنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدا، وإنما هو ثبور كثير، إما لأن العذاب أنواع وألوان كل نوع منها ثبور لشدته وفظاعته، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلوا غيرها، فلا غاية لهلاكهم .

( لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ) وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد عن أنس بن مالك; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أول من يكسى حلة من النار إبليس ، فيضعها على حاجبيه ، ويسحبها من خلفه ، وذريته من بعده ، وهو ينادي : يا ثبوراه ، وينادون : يا ثبورهم . حتى يقفوا على النار ، فيقول : يا ثبوراه . ويقولون : يا ثبورهم . فيقال لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ، وادعوا ثبورا كثيرا " .

لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، ورواه ابن أبي حاتم ، عن أحمد بن سنان ، عن عفان ، به : ورواه ابن جرير ، من حديث حماد بن سلمة به .

وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ) أي : لا تدعوا اليوم ويلا واحدا ، وادعوا ويلا كثيرا .

وقال الضحاك : الثبور : الهلاك .

والأظهر : أن الثبور يجمع الهلاك والويل والخسار والدمار ، كما قال موسى لفرعون : ( وإني لأظنك يافرعون مثبورا ) [ الإسراء : 102 ] أي : هالكا . وقال عبد الله بن الزبعرى :

إذ أجاري الشيطان في سنن الغي ي ، ومن مال ميله مثبور

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: ( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا ) الثبور: الهلاك.

قال أبو جعفر: والثبور في كلام العرب: أصله انصراف الرجل عن الشيء, يقال منه: ما ثبرك عن هذا الأمر: أي ما صرفك عنه، وهو في هذا الموضع دعاء هؤلاء القوم بالندم على انصرافهم عن طاعة الله في الدنيا، والإيمان بما جاءهم به نبيّ الله صلى الله عليه وسلم حتى استوجبوا العقوبة منه, كما يقول القائل: وا ندامتاه, وا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله: وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول في قوله: ( دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ) أي هلكة, ويقول: هو مصدر من ثبر الرجل: أي أهلك, ويستشهد لقيله في ذلك ببيت ابن الزّبَعْرى:

إذ أُجـاري الشَّـيطَان فـي سَـنَن الغي

ومــن مَــال مَيْلَــهُ مَثْبُــورا (1)

وقوله: ( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ) أيها المشركون ندمًا واحدًا: أي مرة واحدة, ولكن ادعوا ذلك كثيرا. وإنما قيل: ( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا ) لأن الثبور مصدر؛ والمصادر لا تجمع, وإنما توصف بامتداد وقتها وكثرتها, كما يقال: قعد قعودا طويلا وأكل أكلا كثيرا.

حدثنا محمد بن مرزوق, قال: ثنا حجاج, قال: ثنا حماد قال: ثنا عليّ بن زيد, عن أنس بن مالك, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أوَّلُ مَنْ يُكْسَى حُلَّةً مِنَ النَّار إِبْلِيسُ, فَيَضَعُها عَلى حاجبَيْه, ويَسْحَبُها مِنْ خَلْفِهِ, وَذُرَّيَّتُهُ مِنْ خَلْفِهِ, وَهُوَ يَقُولُ: يا ثُبُورَاه، وَهُمْ يُنَادُونَ: يا ثُبُورَهُمْ فيقال: ( لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ) ".

------------------------

الهوامش:

(1) البيت لعبد الله بن الزبعرى شاعر قريش الذي كان يهجو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ثم خرج إليه وأسلم بعد فتح مكة ، وقال حين أسلم شعرًا ، منه هذا البيت من مقطوعة أربعة أبيات أنشدها ابن إسحاق في السيرة (طبعة الحلبي 4 : 61) ومعنى أجاري : أباري وأعارض . والسنن بالتحريك : وسط الطريق . ومثبور : هالك . والشاهد فيه عند المؤلف أن الثبور معناه الهلاك والمثبور : الهالك

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ الثبور: الهلاك، ودعاؤه أن يقال: «واثبوراه»، أي: «تعال يا ثبور، فهذا حينك وزمانك».
تفاعل
[14] ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[14] ﴿وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾ لا يكفيهم ثبور واحدٌ، بل ثبورٌ كثيرٌ، من شدة ما يرون ويشاهدون.
وقفة
[14] قال الرازي: ومعنی ﴿وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا﴾: أنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم منه واحدًا، إنما هو ثبور کثير: - إما لأن العذاب أنواع وألوان، لكل نوع منها ثبور لشدته وفظاعته. - أو لأنهم کلما نضجت جلودهم بدلوا غيرها. - أو لأن ذلك العذاب دائم، فلهم في كل وقت من الأوقات التي لا نهاية لها ثبور. - أو لأنهم ربما يجدون بسبب ذلك القول نوعًا من الخفة.

الإعراب :

  • ﴿ لا تَدْعُوا:
  • الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف بمعنى: يقال لهم: لا تدعوا. لا: ناهية جازمة. تدعوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً:
  • اليوم: مفعول فيه-ظرف زمان-منصوب على الظرفية متعلق بلا تدعوا وعلامة نصبه الفتحة. ثبورا: مفعول به منصوب بالفتحة. واحدا: صفة-نعت-لثبورا منصوبة مثلها بالفتحة. بمعنى:لا تدعوا اي لا تنادوا اليوم هلاكا واحدا.
  • ﴿ وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً:
  • الواو استئنافية للاستدراك بمعنى «بل».ادعوا:فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. ثبورا كثيرا: تعرب اعراب ثُبُوراً ااحِداً» بمعنى بل نادوا انواعا كثيرة من الهلاك.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد دعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما يقال لهم، قال تعالى:
﴿ لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ثبورا:
وقرئ:
بفتح الثاء، وهى قراءة عمرو بن محمد.

مدارسة الآية : [15] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ..

التفسير :

[15] قل لهم -أيها الرسول-:أهذه النار التي وُصِفتْ لكم خيرٌ أم جنة النعيم الدائم التي وُعِد بها الخائفون من عذاب ربهم، كانت لهم ثواباً على عملهم، ومآلاً يرجعون إليه في الآخرة؟

أي:قل لهم -مبينا لسفاهة رأيهم واختيارهم الضار على النافع-:{ أَذَلِكَ} الذي وصفت لكم من العذاب{ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} التي زادها تقوى الله فمن قام بالتقوى فالله قد وعده إياها،{ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً} على تقواهم{ وَمَصِيرًا} موئلا يرجعون إليها، ويستقرون فيها ويخلدون دائما أبدا.

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يبين لهم ما أعده- سبحانه- لعباده المتقين، فقال: قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً، لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ. كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا.

واسم الإشارة. ذلك يعود إلى ما ذكر من العذاب المهين لهم والاستفهام للتقريع والتهكم.

والعائد إلى الموصول محذوف، أى: وعدها الله- تعالى- للمتقين، وإضافته الجنة إلى الخلد للمدح وزيادة السرور للذين وعدهم الله- تعالى- بها.

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الكافرين، أذلك العذاب المهين الذي أعد لكم خير، أم جنة الخلد التي وعدها الله- تعالى- للمتقين، والتي كانَتْ لَهُمْ بفضل الله وكرمه جَزاءً على أعمالهم الصالحة وَمَصِيراً طيبا يصيرون إليه.

يقول تعالى : يا محمد ، هذا الذي وصفناه من حال أولئك الأشقياء ، الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ، فتتلقاهم بوجه عبوس وبغيظ وزفير ، ويلقون في أماكنها الضيقة مقرنين ، لا يستطيعون حراكا ، ولا انتصارا ولا فكاكا مما هم فيه - : أهذا خير أم جنة الخلد التي وعدها الله المتقين من عباده ، التي أعدها لهم ، وجعلها لهم جزاء على ما أطاعوه في الدنيا ، وجعل مآلهم إليها .

يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المكذّبين بالساعة: أهذه النار التي وصف لكم ربكم صفتها وصفة أهلها خير؟ أم بستان الخلد الذي يدوم نعيمه ولا يبيد, الذي وعد من اتقاه في الدنيا بطاعته فيما أمره ونهاه؟ وقوله: ( كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا ) يقول: كانت جنة الخلد للمتقين جزاء أعمالهم لله في الدنيا بطاعته، وثواب تقواهم إياه، ومصيرا لهم, يقول: ومصيرا للمتقين يصيرون إليها في الآخرة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[15] ﴿قل أذلك خير نزلا أم جنة الخلد﴾ لا مجال للمقارنة، ألا ما أشد حسرة المفرطين!
وقفة
[15] ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ المتدبر يخرج من هذا السؤال بحقيقة كبرى، وهي أن التقوى أعظم زاد وجب على المسلم أن يتزود به للآخرة، وأن العاقل هو من شمر عن ساعد الجد للعمل من أجل هذه الحقيقة، وترك ما دون ذلك من القيل والقال، وكثرة السؤال عما لا ينفع ولا يغني من ضروب المحال.
عمل
[15] كلما هممت بمعصية؛ تذكر: ﴿قُل أذلكَ خيرٌ أم جنّة الخُلدالّتي وُعِد المتقون﴾.
عمل
[15] يقول أحد الصالحين: إذا دعتك نفسك إلى معصية فحاورها حوارًا لطيفًا بهذه الآية: ﴿قُل أذلكَ خيرٌ أم جنّة الخُلدالّتي وُعِد المتقون﴾.
تفاعل
[15] ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ سل الله تعالى جنة الخلد، وأن يجعلك من عباده المتقين.
وقفة
[15] ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾ لا مجال للمقارنة بين الجنة والنار، وإنما يغزو الشيطان قلوبنا حين تغيب هذه المقارنة عن الأذهان، فنؤثر لذة حقيرة تورث عذابًا طويلًا، ونزهد في طاعة يسيرة تورث نعيمًا مقيمًا.
وقفة
[15] ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾ وأخبرني: أي لقاء هنا لم يعقبه فراق؟! أي لذة ليس بعدها ألم؟! أي زيادة لم يلحقها نقصان؟! أهذه دار تُشترى على حساب الجنة؟!
عمل
[15] يا حفيدة الطاهرات: الزينة مصطلح فضفاض، فاتقي الله في زينتك وتذكري: ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾.
وقفة
[15] فضل التقوى، فمن آمن واتقى فقد استوجب الدرجات العلى ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾.
وقفة
[15] الجمع بين الترهيب من عذاب الله والترغيب في ثوابه ﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا﴾.
وقفة
[15] إذا رأيتَ ما يعجبك من متاع الدنيا وزينتها، وتعلقت نفسك بذلك، فتدبر قوله تعالى: ﴿قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيراً﴾، وستجد قلبك يسمو في مقامات الزهد والرضا.
وقفة
[15-16] في الآيتين جاء ذكر الخلود فى الجنة مرتين، وذلك للتحفيز والمسارعة والتسابق لدخولها، اللهم اجعلنا من المتقين الخالدين فى الجنة.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره انت.
  • ﴿ أَذلِكَ خَيْرٌ:
  • الهمزة: همزة الاستفهام لا محل لها. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. خير: خبر ذلِكَ» مرفوع بالضمة بمعنى: أذلك احسن وافضل.
  • ﴿ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ:
  • م: حرف عطف. جنة: معطوفة على «المبتدأ» مرفوعة بالضمة. الخلد: مضاف إليه مجرور بالكسرة وحذف خبر جَنَّةُ» لان ما قبله يدل عليه.
  • ﴿ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع صفة -نعت-للجنة. وعد: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.المتقون: نائب فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجملة وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» صلة الموصول لا محل لها بمعنى التي وعد الله بها المتقين.
  • ﴿ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً:
  • الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية للجنة.كانت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي. لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بخبر «كان».جزاء: خبر «كان» منصوب بالفتحة. ومصيرا: معطوفة بالواو على جَزاءً» منصوبة مثلها بالفتحة.'

المتشابهات :

الفرقان: 15﴿قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ
الصافات: 62﴿ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ ما أعدَّه للمشركين في النَّارِ؛ بَيَّنَ هنا ما أعدَّه لعبادِه المتَّقينَ في الجَنَّةِ، قال تعالى:
﴿ قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ ..

التفسير :

[16] لهؤلاء المطيعين في الجنة ما يشتهون من ملاذِّ النعيم، متاعهم فيه دائم، كان دخولهم إياها على ربك -أيها الرسول- وعداً مسؤولاً، يسأله عباد الله المتقون، والله لا يخلف وعده.

{ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ} أي:يطلبون وتتعلق بهم أمانيهم ومشيئتهم، من المطاعم والمشارب اللذيذة والملابس الفاخرة والنساء الجميلات والقصور العاليات والجنات والحدائق المرجحنة والفواكه التي تسر ناظريها وآكليها، من حسنها وتنوعها وكثرة أصنافها والأنهار التي تجري في رياض الجنة وبساتينها، حيث شاءوا يصرفونها ويفجرونها أنهارا من ماء غير آسن وأنهارا من لبن لم يتغير طعمه وأنهارا من خمر لذة للشاربين وأنهارا من عسل مصفى وروائح طيبة، ومساكن مزخرفة، وأصوات شجية تأخذ من حسنها بالقلوب ومزاورة الإخوان، والتمتع بلقاء الأحباب، وأعلى من ذلك كله التمتع بالنظر إلى وجه الرب الرحيم وسماع كلامه، والحظوة بقربه والسعادة برضاه والأمن من سخطه واستمرار هذا النعيم ودوامه وزيادته على ممر الأوقات وتعاقب الآنات{ كَانَ} دخولها والوصول إليها{ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا} يسأله إياها، عباده المتقون بلسان حالهم ولسان مقالهم، فأي الدارين المذكورتين خير وأولى بالإيثار؟ وأي:العاملين عمال دار الشقاء أو عمال دار السعادة أولى بالفضل والعقل والفخر يا أولي الألباب؟

لقد وضح الحق واستنار السبيل فلم يبق للمفرط عذر في تركه الدليل، فنرجوك يا من قضيت على أقوام بالشقاء وأقوام بالسعادة أن تجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة، ونستغيث بك اللهم من حالة الأشقياء ونسألك المعافاة منها.

لَهُمْ فِيها في تلك الجنة ما يَشاؤُنَ أى: ما يشاءونه من خيرات وملذات حالة كونهم خالِدِينَ فيها خلودا أبديا.

كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا أى: كان ذلك العطاء الكريم الذي تفضلنا به على عبادنا المتقين ووعدناهم به، من حقهم أن يسألونا تحقيقه لعظمه وسمو منزلته، كما قال- تعالى- حكاية عنهم في آية أخرى رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ، إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ .

وعلى هذا المعنى يكون قوله مَسْؤُلًا بمعنى جديرا أن يسأل عنه المؤمنون لعظم شأنه.

ويجوز أن يكون السائلون عنه الملائكة، كما في قوله- تعالى-: رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ.. .

ويرى بعضهم أن المعنى. كان ذلك العطاء للمؤمنين وعدا منا لهم، ونحن بفضلنا وكرمنا سننفذ هذا الوعد، قال- تعالى-: وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ.. .

هذا، وقد تكلم العلماء هنا عن المراد بلفظ «خير» في قوله- تعالى- قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ وقالوا: إن هذا اللفظ صيغة تفضيل، والمفضل عليه هنا وهو العذاب لا خير فيه البته، فكيف عبر- سبحانه- بلفظ خير؟

وقد أجابوا عن ذلك بأن المفاضلة هنا غير مقصودة، وإنما المقصود هو التهكم بهؤلاء الكافرين الذين آثروا الضلالة على الهداية، واستحبوا الكفر على الإيمان.

قال أبو حيان- رحمه الله-: و «خير» هنا ليست تدل على الأفضلية، بل هي على ما جرت به عادة العرب في بيان فضل الشيء، وخصوصيته بالفضل دون مقابلة. كقول الشاعر: فشر كما لخير كما الفداء.. وكقول العرب: الشقاء أحب إليك أم السعادة. وكقوله- تعالى- حكاية عن يوسف- عليه السلام-: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ .

ثم تنتقل السورة الكريمة إلى الحديث عن حالهم عند ما يعرضون هم وآلهتهم للحشر والحساب يوم القيامة، وقد وقفوا جميعا أمام ربهم للسؤال والجواب، قال- تعالى-:

( لهم فيها ما يشاءون ) [ أي ] : من الملاذ : من مآكل ومشارب ، وملابس ومساكن ، ومراكب ومناظر ، وغير ذلك ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب أحد . وهم في ذلك خالدون أبدا دائما سرمدا بلا انقطاع ولا زوال ، ولا انقضاء ، لا يبغون عنها حولا . وهذا من وعد الله الذي تفضل به عليهم ، وأحسن به إليهم ، ولهذا قال : ( كان على ربك وعدا مسئولا ) أي لا بد أن يقع وأن يكون ، كما حكاه أبو جعفر بن جرير ، عن بعض علماء العربية أن معنى قوله : ( وعدا مسئولا ) أي : وعدا واجبا .

وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ( كان على ربك وعدا مسئولا ) يقول : سلوا الذي واعدتكم - أو قال : واعدناكم - ننجز .

وقال محمد بن كعب القرظي في قوله : ( كان على ربك وعدا مسئولا ) : إن الملائكة تسأل لهم ذلك : ( ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ) [ غافر : 8 ] .

وقال أبو حازم : إذا كان يوم القيامة قال المؤمنون : ربنا عملنا لك بالذي أمرتنا ، فأنجز لنا ما وعدتنا . فذلك قوله : ( وعدا مسئولا ) .

وهذا المقام في هذه السورة من ذكر النار ، ثم التنبيه على حال أهل الجنة ، كما ذكر تعالى في سورة " الصافات " حال أهل الجنة ، وما فيها من النضرة والحبور ، ثم قال : ( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون ) [ الصافات : 62 - 70 ] .

وقوله: ( لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ) يقول: لهؤلاء المتقين في جنة الخلد التي وعدهموها الله ما يشاءون مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ( خَالِدِينَ ) فيها, يقول: لابثين فيها ماكثين أبدا, لا يزولون عنها ولا يزول عنهم نعيمها. وقوله: ( كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولا ) وذلك أن المؤمنين سألوا ربهم ذلك في الدنيا حين قالوا: وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ يقول الله تبارك وتعالى: وكان إعطاء الله المؤمنين جنة الخلد التي وصف صفتها في الآخرة وعدا وعدهم الله على طاعتهم إياه في الدنيا، ومسألتهم إياه ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس ( كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولا ) قال: فسألوا الذي وعدهم وتنجزوه.

حدثني يونس. قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولا ) قال: سألوه إياها في الدنيا, طلبوا ذلك فأعطاهم وعدهم إذ سألوه أن يعطيهم، فأعطاهم, فكان ذلك وعدا مسئولا كما وقَّت أرزاق العباد في الأرض قبل أن يخلقهم فجعلها أقواتا للسائلين, وقَّت ذلك على مسألتهم، وقرأ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ .

وقد كان بعض أهل العربية يوجه معنى قوله: ( وَعْدًا مَسْئُولا ) إلى أنه معنيّ به وعدا واجبا, وذلك أن المسئول واجب, وإن لم يُسأل كالدين, ويقول ذلك نظير قول العرب: لأعطينك ألفا وعدا مسئولا بمعنى واجب لك، فتسأله.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿لَهُم فيها ما يَشاءونَ﴾ أيا ما كان ما تتمنى وتشتهى؛ ستجده هناك.
تفاعل
[16] ﴿لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[16] ﴿لهم فيها ما يشاءون خالدين﴾ كل المرادات لا تحصل إلا في الجنة؛ فهل من مشمر؟!
وقفة
[16] ﴿لَّهُمْ فِيهَا (مَا يَشَاءُونَ) خَالِدِينَۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا﴾ من أجمل لذائذ الجنة (الحرية).
اسقاط
[16] ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ كم مرة سألت الله فيها الجنة اليوم؟ عشرة؟! عشرون؟! مائة مرة؟! أكثر؟! أقل؟! ألا إنه كلما زاد الشوق زاد الإلحاح في الطلب، وطرق المحب باب الدعاء بلا ملل.
وقفة
[16] ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا﴾ المسؤول هو الذي يسأله من له حق عنده ويطالب به، فمن الذي له حقٌّ عند الله حتى يسأل ويطالب بحقِّه؟ الحقيقة أن هذه مبالغة في تحقيق وعد الله، كما يشكرك شاكرٌ على إحسانك، فتقول له: «لا شكر على واجب»، وإلا فلا حق لأحدٍ على الله.

الإعراب :

  • ﴿ لَهُمْ فِيها:
  • اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. فيها: جار ومجرور اي في الجنة.
  • ﴿ ما يَشاؤُنَ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. يشاءون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يَشاؤُنَ» صلة الموصول لا محل لها. والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به. التقدير: ما يشاءونه.
  • ﴿ خالِدِينَ:
  • حال منصوب بالياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. اي خالدين في نعيم الجنة.
  • ﴿ كانَ عَلى رَبِّكَ:
  • فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود على ما يَشاؤُنَ».على ربك: جار ومجرور متعلق بكان والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَعْداً مَسْؤُلاً:
  • خبر كانَ» منصوب بالفتحة. مسئولا: صفة-نعت- لوعدا منصوبة مثلها بمعنى: كان ذلك موعودا يطلب إليه انجازه.'

المتشابهات :

النحل: 31﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلۡمُتَّقِينَ
الفرقان: 16﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْدًا مَّسْئُولًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ ما أعدَّه لعبادِه المتَّقينَ في الجَنَّةِ؛ وصف هنا مقدارَ تنعمهم فيها، قال تعالى:
﴿ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن ..

التفسير :

[17] ويوم القيامة يحشر الله المشركين وما كانوا يعبدونه من دونه، فيقول لهؤلاء المعبودين:أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء عن طريق الحق، وأمرتموهم بعبادتكم، أم هم ضلوا السبيل، فعبدوكم مِن تلقاء أنفسهم؟

يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتبريهم منهم، وبطلان سعيهم فقال:{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} أي:المكذبين المشركين{ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ} الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع لمن عبدهم:{ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك أم ذلك من تلقاء أنفسهم؟

وقوله- تعالى-: وَيَوْمَ منصوب على المفعولية بفعل مقدر، والمقصود من ذكر اليوم: تذكيرهم بما سيحدث فيه من أهوال حتى يعتبروا ويتعظوا، والضمير في «يحشرهم» للكافرين الذين عبدوا غير الله- تعالى-.

وقوله: وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ معطوف على مفعول «يحشرهم» والمراد بهؤلاء الذين عبدوهم من دون الله: الملائكة وعزير وعيسى وغيرهم من كل معبود سوى الله- تعالى-.

والمعنى: واذكر لهم- أيها الرسول الكريم- حالهم لعلهم أن يعتبروا يوم نحشرهم جميعا للحساب والجزاء يوم القيامة، ونحشر ونجمع معهم جميع الذين كانوا يعبدونهم غيرى.

ثم نوجه كلامنا لهؤلاء المعبودين من دوني فأقول لهم: أأنتم- أيها المعبودون- كنتم السبب في ضلال عبادي عن إخلاص العبادة لي، بسبب إغرائكم لهم بذلك أم هم الذين من تلقاء أنفسهم قد ضلوا السبيل، بسبب إيثارهم الغي على الرشد، والكفر على الإيمان؟.

والسؤال للمعبودين إنما هو من باب التقريع للعابدين، وإلزامهم الحجة وزيادة حسرتهم، وتبرئة ساحة المعبودين.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، قالَ سُبْحانَكَ .

وقوله- عز وجل-: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ: أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قالُوا: سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ.. .

قال الإمام الرازي ما ملخصه: فإن قيل: إنه- سبحانه- عالم في الأزل بحال المسئول عنه فما فائدة السؤال؟.

والجواب: هذا استفهام على سبيل التقريع للمشركين، كما قال- سبحانه- لعيسى:

أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ولأن أولئك المعبودين لما برءوا أنفسهم وأحالوا ذلك الضلال عليهم، صار تبرّؤ المعبودين عنهم أشد في حسرتهم وحيرتهم .

وقال- سبحانه- أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ولم يقل. ضلوا عن السبيل، للإشعار بأنهم قد بلغوا في الضلال أقصاه ومنتهاه.

والجواب: هذا استفهام على سبيل التقريع للمشركين، كما قال- سبحانه- لعيسى:

أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ولأن أولئك المعبودين لما برءوا أنفسهم وأحالوا ذلك الضلال عليهم، صار تبرّؤ المعبودين عنهم أشد في حسرتهم وحيرتهم .

وقال- سبحانه- أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ولم يقل. ضلوا عن السبيل، للإشعار بأنهم قد بلغوا في الضلال أقصاه ومنتهاه.

يقول تعالى مخبرا عما يقع يوم القيامة من تقريع الكفار في عبادتهم من عبدوا من دون الله ، من الملائكة وغيرهم ، فقال : ( ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله ) . قال مجاهد : عيسى ، والعزير ، والملائكة . ( فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ) أي : فيقول الرب تبارك وتعالى [ للمعبودين ] أأنتم دعوتم هؤلاء إلى عبادتكم من دوني ، أم هم عبدوكم من تلقاء أنفسهم ، من غير دعوة منكم لهم؟ كما قال الله تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب . ما قلت لهم ) إلى آخر الآية; [ المائدة : 116 - 117 ]

يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المكذّبين بالساعة، العابدين الأوثان، وما يعبدون من دون الله من الملائكة والإنس والجنّ.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) فيقول: ( أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ ) قال: عيسى وعُزير والملائكة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, نحوه.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأه أبو جعفر القارئ وعبد الله بن كثير: ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ ) بالياء جميعا, بمعنى: ويوم يحشرهم ربك, ويحشر ما يعبدون من دون فيقول. وقرأته عامة قرّاء الكوفيين (نَحْشُرُهُمْ) بالنون, فنقول. وكذلك قرأه نافع.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وقوله: ( فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ ) يقول: فيقول الله للذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون الله: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء: يقول: أنتم أزلتموهم عن طريق الهدى، ودعوتموهم إلى الغيّ والضلالة حتى تاهوا وهلكوا, أم هم ضلوا السبيل، يقول: أم عبادي هم الذين ضلوا سبيل الرشد والحقّ وسلكوا العطب.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[17] ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ يحشر الله العابد والمعبود، فتنعقد بينهم المواجهة، فمن المعبودون؟! قال مجاهد: «هو عيسى والعزير والملائكة»، فيسألهم الله: «أأنتم دعوتم عبادي لعبادتكم من دوني؟»، فيتبرأون ممن عبدهم، فتقوم عليهم الحجة.
وقفة
[17] ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ فإن قيل: فإن كانت الأصنام التي تعبد تحشر، فكيف تنطق وهي جماد؟ قيل له: ينطقها الله تعالى يوم القيامة كما ينطق الأيدي والأرجل.
عمل
[17] استغفر الله أن تكون سببًا في ضلال أحد، أو غواية أحد؛ فإنك ستسأل عن ذلك ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾.
وقفة
[17] يا لهول الموقف إذا سئل المعبودون عمن عبدوهم، والمظلومون عمن ظلموهم ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾.
عمل
[17] ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي﴾ احذرْ أن تكونَ سببًا في ضلالِ أحَدٍ.
وقفة
[17] ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ تكرر الحديث عن الضلال في سورة الفرقان: (أضللتم، ضلوا السبيل، أضلني عن الذكر، أضل سبيلًا، ليضلنا)، وعلاجه: التمسك بالقرآن الحق وعدم هجره.
وقفة
[17] يقول الله يوم القيامة للمعبودين: ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ من تلقاء أنفسهم باختيارهم، ولم تضلوهم أنتم؟ ولأجل ذلك بين هذا المعنى بقوله: (هُمْ) ليتحقق إسناد الضلال إليهم؛ فإنما سألهم الله هذا السؤال -مع علمه بالأمور- ليوبخ الكفار الذين عبدوهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَوْمَ:
  • الواو استئنافية. يوم: مفعول به منصوب بفعل مضمر تقديره واذكر يوم وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ يَحْشُرُهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. يحشر: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و يَحْشُرُهُمْ» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. اي ويوم يجمعهم.
  • ﴿ وَما يَعْبُدُونَ:
  • الواو عاطفة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لانه معطوف على منصوب وهو ضمير الغائبين في يَحْشُرُهُمْ». يعبدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة يَعْبُدُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد ضمير منصوب محلا لانه مفعول به. التقدير: وما يعبدونه.
  • ﴿ مِنْ دُونِ اللهِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول ما».الله: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ فَيَقُولُ:
  • معطوفة بالفاء على «يحشر» وتعرب اعرابها. اي فيقول لهم: اي للمعبودين من دونه سبحانه.
  • ﴿ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ:
  • الهمزة همزة توبيخ بلفظ‍ استفهام. انتم: ضمير منفصل- ضمير المخاطبين-في محل رفع مبتدأ. والجملة الفعلية بعده: في محل رفع خبره. أضللتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ عِبادِي هؤُلاءِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. الياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. هؤلاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل نصب صفة -نعت-لعبادي.
  • ﴿ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ:
  • أم: حرف عطف. وهي أَمْ» المتصلة لانها مسبوقة بهمزة استفهام. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. ضلوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. السبيل: مفعول به منصوب بالفتحة. والاصل: ضلوا عن السبيل فترك الجار وعدّي الفعل الى المجرور. وجملة ضَلُّوا السَّبِيلَ» في محل رفع خبر المبتدأ يَحْشُرُهُمْ».والجملة الاسمية هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ» معطوفة بأم على الجملة الابتدائية أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ» لا محل لها من الاعراب.'

المتشابهات :

الأنعام: 22﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ
يونس: 28﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ
الأنعام: 128﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ
سبإ: 40﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَـٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ
يونس: 45﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ
الفرقان: 17﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَـٰؤُلَاءِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ ما أعد للمشركين في النار؛ ذكرَ هنا أحوالَهم مع معبوداتهم، وسؤالَ اللهِ للمعبودينَ من دونِه توبيخًا للعابدينَ، قال تعالى:
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يحشرهم:
1- بالياء، وهى قراءة أبى جعفر، والأعرج، وابن كثير، وحفص.
وقرئ:
2- بالنون، وهى قراءة الحسن، وطلحة، وابن عامر.
فيقول:
1- بالياء، وهى قراءة أبى جعفر، والأعرج، وابن كثير، وحفص.
وقرئ:
2- بالنون، وهى قراءة الحسن، وطلحة، وابن عامر.

مدارسة الآية : [18] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي ..

التفسير :

[18] قال المعبودون من دون الله:تنزيهاً لك -يا ربنا- عَمَّا فعل هؤلاء، فما يصحُّ أن نَتَّخِذ سواك أولياء نواليهم، ولكن متعتَ هؤلاء المشركين وآباءهم بالمال والعافية في الدنيا، حتى نسوا ذكرك فأشركوا بك، وكانوا قوماً هلكى غلب عليهم الشقاء والخِذْلان.

{ قَالُوا سُبْحَانَكَ} نزهوا الله عن شرك المشركين به وبرؤوا أنفسهم من ذلك،{ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا} أي:لا يليق بنا ولا يحسن منا أن نتخذ من دونك من أولياء نتولاهم ونعبدهم وندعوهم، فإذا كنا محتاجين ومفتقرين إلى عبادتك متبرئين من عبادة غيرك، فكيف نأمر أحدا بعبادتنا؟ هذا لا يكون أو، سبحانك عن{ أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} وهذا كقول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام:{ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} الآية.وقال تعالى:{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ}{ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} فلما نزهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا:{ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ} في لذات الدنيا وشهواتها ومطالبها النفسية،{ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ} اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها، فحافظوا على دنياهم وضيعوا دينهم{ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} أي:بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح لا يصلحون إلا للهلاك والبوار، فذكروا المانع من اتباعهم الهدى وهو التمتع في الدنيا الذي صرفهم عن الهدى، وعدم المقتضي للهدى وهو أنهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووجد المانع فلا تشاء من شر وهلاك، إلا وجدته فيهم

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما أجاب به المعبودون فقال: قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً.

أى قال المعبودون لخالقهم- عز وجل-: «سبحانك» أى: ننزهك تنزيها تاما عن الشركاء وعن كل ما لا يليق بجلالك وعظمتك، وليس للخلائق جميعا أن يعبدوا أحدا سواك. ولا يليق بنا نحن أو هم أن نعبد غيرك، وأنت يا مولانا الذي أسبغت عليهم وعلى آبائهم الكثير من نعمك. «حتى نسوا الذكر» أى: حتى تركوا ما أنزلته عليهم على ألسنة رسلك من الدعوة إلى عبادتك وحدك لا شريك لك «وكانوا» بسبب ذلك «قوما بورا» أى: هلكى، جمع بائر من البوار وهو الهلاك.

قال القرطبي: وقوله بُوراً أى: هلكى قاله ابن عباس.. وقال الحسن «بورا» أى: لا خير فيهم، مأخوذ من بوار الأرض، وهو تعطيلها عن الزرع فلا يكون فيها خير.

وقال شهر بن حوشب: البوار: الفساد والكساد، من قولهم: بارت السلعة إذا كسدت كساد الفساد.. وهو اسم مصدر يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث .

وهكذا، يتبرأ المعبودون من ضلال عابديهم، ويوبخونهم على جحودهم لنعم الله- تعالى- وعلى عبادتهم لغيره. ويعترفون لخالقهم- عز وجل- بأنه لا معبود بحق سواه.

ولهذا قال تعالى مخبرا عما يجيب به المعبودون يوم القيامة : ( قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ) قرأ الأكثرون بفتح " النون " من قوله : ( نتخذ من دونك من أولياء ) أي : ليس للخلائق كلهم أن يعبدوا أحدا سواك ، لا نحن ولا هم ، فنحن ما دعوناهم إلى ذلك ، بل هم قالوا ذلك من تلقاء أنفسهم من غير أمرنا ولا رضانا ونحن برآء منهم ومن عبادتهم ، كما قال تعالى : ( ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) [ سبأ : 40 - 41 ] . وقرأ آخرون : " ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء " أي : ما ينبغي لأحد أن يعبدنا ، فإنا عبيد لك ، فقراء إليك . وهي قريبة المعنى من الأولى .

( ولكن متعتهم وآباءهم ) أي : طال عليهم العمر حتى نسوا الذكر ، أي : نسوا ما أنزلته إليهم على ألسنة رسلك ، من الدعوة إلى عبادتك وحدك لا شريك لك .

( وكانوا قوما بورا ) قال ابن عباس : أي هلكى . وقال الحسن البصري ، ومالك عن الزهري : أي لا خير فيهم . وقال ابن الزبعرى حين أسلم :

يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أجاري الشيطان في سنن الغ

ي ، ومن مال ميله مثبور

يقول تعالى ذكره: قالت الملائكة الذين كان هؤلاء المشركون يعبدونهم من دون الله وعيسى: تنـزيها لك يا ربنا، وتبرئة مما أضاف إليك هؤلاء المشركون, ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء نواليهم, أنت ولينا من دونهم, ولكن متعتهم بالمال يا ربنا في الدنيا والصحة، حتى نسوا الذكر وكانوا قوما هَلْكى، قد غلب عليهم الشقاء والخذلان.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) يقول: قوم قد ذهبت أعمالهم وهم في الدنيا, ولم تكن لهم أعمال صالحة.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) يقول: هلكى.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) يقول: هلكى.

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر عن الحسن ( وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) قال: هم الذين لا خير فيهم، حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا ) قال: يقول: ليس من الخير في شيء. البور: الذي ليس فيه من الخير شيء.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ) فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار ( نَتَّخِذَ ) بفتح النون سوى الحسن ويزيد بن القعقاع, فإنهما قرآه: (أنَّ نُتَّخَذَ) بضم النون. فذهب الذين فتحوها إلى المعنى الذي بَيَّنَّاه في تأويله من أن الملائكة وعيسى، ومن عُبِد من دون الله من المؤمنين، هم الذين تبرّءوا أن يكون كان لهم وليّ غير الله تعالى ذكره. وأما الذين قرءوا ذلك بضمّ النون, فإنهم وجهوا معنى الكلام إلى أن المعبودين في الدنيا إنما تبرّءوا إلى الله أن يكون كان لهم أن يعبدوا من دون الله جلّ ثناؤه, كما أخبر الله عن عيسى، أنه قال إذا قيل: أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ....* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بفتح النون, لعلل ثلاث: إحداهن إجماع من القرّاء عليها. والثانية: أن الله جلّ ثناؤه ذكر نظير هذه القصة في سورة سبأ, فقال: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ ، فأخبر عن الملائكة أنهم إذا سُئلوا عن عبادة من عبدهم تبرّءوا إلى الله من ولايتهم, فقالوا لربهم: أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ فذلك يوضح عن صحة قراءة من قرأ ذلك ( مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ ) بمعنى: ما كان ينبغي لنا أن نتخذهم من دونك أولياء. والثالثة: أن العرب لا تدخل " مِن " هذه التي تدخل في الجحد إلا في الأسماء, ولا تدخلها في الأخبار, لا يقولون: ما رأيت أخاك من رجل, وإنما يقولون: ما رأيت من أحد, وما عندي من رجل، وقد دخلت ها هنا في الأولياء، وهي في موضع الخبر, ولو لم تكن فيها " من " كان وجها حسنا. وأما البور: فمصدر واحد وجمع للبائر, يقال: أصبحت منازلهم بورا: أي خالية لا شيء فيها, ومنه قولهم: بارت السوق وبار الطعام إذا خلا من الطلاب والمشتري، فلم يكن له طالب, فصار كالشيء الهالك; ومنه قول ابن الزبعْرى:

يَــا رَسُــولَ المَلِيــكِ إنَّ لسـانِي

رَاتــقٌ مــا فَتَقْـتُ إذْ أنـا بُـورُ (2)

وقد قيل: إن بور: مصدر, كالعدل والزور والقطع, لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وإنما أريد بالبور في هذا الموضع أن أعمال هؤلاء الكفار كانت باطلة؛ لأنها لم تكن لله كما ذكرنا عن ابن عباس.

القول في تأويل قوله تعالى : فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا

يقول تعالى ذكره مخبرا عما هو قائل للمشركين عند تبرّي من كانوا يعبدونه في الدنيا من دون الله منهم: قد كذّبوكم أيها الكافرون من زعمتم أنهم أضلوكم، ودعوكم إلى عبادتهم بما تقولون، يعني بقولكم, يقول: كذّبوكم بكذبكم.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ) يقول الله للذين كانوا يعبدون عيسى وعُزيرا والملائكة, يكذّبون المشركين.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ) قال: عيسى وعُزيرا والملائكة, يكذّبون المشركين بقولهم.

وكان ابن زيد يقول في تأويل ذلك: ما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا ) قال: كذّبوكم بما تقولون بما جاء من عند الله جاءت به الأنبياء والمؤمنون آمنوا به، وكذب هؤلاء فوجه ابن زيد تأويل قوله: ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ ) إلى: فقد كذّبوكم أيها المؤمنون المكذّبون بما جاءهم به محمد من عند الله، بما تقولون من الحقّ, وهو أن يكون خبرا عن الذين كذّبوا الكافرين في زعمهم أنهم دعوهم إلى الضلالة، وأمروهم بها على ما قاله مجاهد من القول الذي ذكرناه عنه أشبه وأولى; لأنه في سياق الخبر عنهم، والقراءة في ذلك عندنا( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ) بالتاء على التأويل الذي ذكرناه, لإجماع الحجة من قرّاء الأمصار عليه. وقد حُكي عن بعضهم أنه قرأه (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا يَقُولُونَ) بالياء, بمعنى: فقد كذبوكم بقولهم.

وقوله جلّ ثناؤه ( فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا ) يقول: فما يستطيع هؤلاء الكفار صرف عذاب الله حين نـزل بهم عن أنفسهم, ولا نصرها من الله حين عذّبها وعاقبها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا ) قال: المشركون لا يستطيعونه.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا ) قال: المشركون. قال ابن جُرَيج: لا يستطيعون صرف العذاب عنهم, ولا نصر أنفسهم.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( فَمَا يَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلا نَصْرًا ) قال: لا يستطيعون يصرفون عنهم العذاب الذي نـزل بهم حين كذّبوا, ولا أن ينتصروا قال: وينادي مناد يوم القيامة حين يجتمع الخلائق: ما لكم لا تناصرون، قال: من عبد من دون الله لا ينصر اليوم من عبده, وقال العابدون من دون الله: لا ينصره اليوم إلهه الذي يعبد من دون الله, فقال الله تبارك وتعالى: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ وقرأ قول الله جلّ ثناؤه فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ .

ورُوي عن ابن مسعود في ذلك ما حدثنا به أحمد بن يونس, قال: ثنا القاسم, قال: ثنا حجاج, عن هارون, قال: هي في حرف عبد الله بن مسعود (فَمَا يَسْتَطِيعُونَ لكَ صَرْفًا) فإن تكن هذه الرواية عنه صحيحة صحّ التأويل الذي تأوّله ابن زيد في قوله: ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ) ويصير قوله ( فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ ) خبرا عن المشركين أنهم كذّبوا المؤمنين, ويكون تأويل قوله حينئذ (فَمَا يَسْتَطِيعُونَ لكَ صَرْفًا) فما يستطيع يا محمد هؤلاء الكفار لك صرفا عن الحق الذي هداك الله له, ولا نصر أنفسهم, مما بهم من البلاء الذي هم فيه, بتكذيبهم إياك.

------------------------

الهوامش:

(2) البيت لعبد الله بن الزبعرى قاله حين أسلم عند فتح مكة . وهو في أول المقطوعة قبل البيت الذي مضى شرحه قبل هذا . وراتق : مصلح لما أفسدت ، وأصل الرتق السد للثوب الممزق بإصلاح ما تقطع منه . وفتقت : أي أفسدت من الدين ، فكل إثم فتق وتمزيق ، وكل ثوبة رتق وإصلاح . وبور : هالك . يقال : رجل بور وبائر ، وقوم بور ، وأصل البور : مصدر بار يبور بورًا ، ثم وصف به فلزم الإفراد لأن المصادر لا تجمع . وقال المؤلف : إنه مصدر واحد (غير مجموع) ، وجمع للبائر ، قال يقال: أصبحت منازلهم بورًا ، أي خالية

التدبر :

تفاعل
[18] ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[18] ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾: نزهوا اللَّه مِن أن يكون معه آلهة، ﴿مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾: ما كَان ينبغي لَنا أَن نوالي أَعداءكَ، بل أَنت ولينا من دونهِم، وقيل: ما كَان لَنا أَن نأْمرهم بعبادتنا ونحْن نعبدكَ.
وقفة
[18] ﴿وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ﴾ أي: في الدنيا بالصحة، والغنى، وطول العمر بعد موت الرسل صلوات الله عليهم ﴿حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ﴾ أي: تركوا ذكرك، فأشركوا بك بطرًا وجهلًا.
وقفة
[18] ﴿وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ خطورة طول العمر وسعة الرزق على الإنسان الغافل عن ربه.
وقفة
[18] ﴿وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ بقدرِ انشغالِ قلبكَ بمُتعِ الدُّنيا تزدادُ غفلتُكَ عن ذكرِ اﷲِ، وتُصبحُ عُرضةً للشَّقاءِ والهلاكِ.
وقفة
[18] ﴿وَلكِن مَتَّعتَهُم وَآباءَهُم حَتّى نَسُوا الذِّكرَ وَكانوا قَومًا بورًا﴾ إن وجدت نفسك مهملًا للذكر مبتعدًا عنه؛ فاعرف أنما شغلتك الدنيا وزينتها.
وقفة
[18] ﴿وَلكِن مَتَّعتَهُم وَآباءَهُم حَتّى نَسُوا الذِّكرَ وَكانوا قَومًا بورًا﴾ الذكر ينبت الخير فى قلبك، ويحفظه من التصحر.
وقفة
[18] ﴿مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ﴾ كم من متعة حرمك الله منها؛ من أجل أن تقترب منه!
وقفة
[18] ﴿مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ﴾ متع الدنيا مُنْسِية لذكر الله.
وقفة
[18] الزمن مظنة الغفلة: ﴿بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر﴾ [الأنبياء: 44]، ﴿ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر﴾ [القصص: 45]، ﴿ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر﴾.
وقفة
[18] ﴿وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ ‏الانغماس في مُتع الدنيا إفلاسٌ أُخروي.
تفاعل
[18] ﴿وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ كثرة النعيم والترف يطغيان العبد ويكسلوه عن الطاعة ويلهيانه عن الذكر، اللهم أعطنا ما يكفينا ويغنينا، وعافنا مما يطغينا.
وقفة
[18] ﴿حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ نسيان الذِّكر بوار، قال قتادة: «والله ما نسي قومٌ ذكر الله عز وجل إلا باروا وفسدوا».

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا سُبْحانَكَ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. سبحانك: مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف التقدير: نسبح سبحانك: بمعنى: ننزهك عن الانداد ونقدسك. والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. والجملة «نسبح سبحانك» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا:
  • ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماض تام مبني على الفتح بمعنى: ما كان يصح لنا ولا يستقيم لنا. ينبغي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. لنا: جار ومجرور متعلق بينبغي وجملة «ما كان ينبغي لنا وما بعدها» في محل نصب مفعول به-مقول القول- اي ثم قالوا.
  • ﴿ أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ:
  • ان حرف مصدري ناصب. نتخذ: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. من دونك: جار ومجرور متعلق بنتخذ والكاف ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وجملة نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ» صلة كانَ» المصدرية لا محل لها. و كانَ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل يَنْبَغِي».وفاعل كانَ» ضمير مستتر او اسم محذوف بتقدير: ما كان الامر. وثمة وجه آخر للاعراب وهو الاصوب. تكون كانَ» فعلا ماضيا ناقصا. اسمها المصدر المؤول من أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ» وخبره الجملة الفعلية يَنْبَغِي لَنا» في محل نصب.
  • ﴿ مِنْ أَوْلِياءَ:
  • من: حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. أولياء: اسم مجرور لفظا بمن وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-لأنه على وزن-أفعلاء-منصوب محلا لأنه مفعول به لنتخذ.
  • ﴿ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ:
  • الواو للاستدراك. لكن: مخففة لا عمل لها بمعنى «بل».متعت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. الواو عاطفة. آباء: معطوفة على «هم» ضمير الغائبين منصوبة بالفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ حَتّى نَسُوا الذِّكْرَ:
  • حتى: حرف غاية وابتداء. نسوا: فعل ماض مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والالف فارقة. الذكر: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: حتى نسوا التذكر لنعمك او حتى نسوا ذكر الله والايمان به او القرآن والشرائع.
  • ﴿ وَكانُوا قَوْماً بُوراً:
  • الواو عاطفة. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم كانَ» والالف فارقة. قوما: خبر كانَ» منصوب بالفتحة. بورا: صفة-نعت- لقوما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. بمعنى قوما هالكين. والبور: الهلاك يوصف به الواحد والجمع. ويجوز ان يكون جمع بائر كعائد وعود.'

المتشابهات :

البقرة: 32﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا
الفرقان: 18﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ
سبإ: 41﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد سؤال اللهِ للمعبودينَ من دونِه توبيخًا للعابدينَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا ما أجاب به المعبودون، قال تعالى:
﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما كان ينبغى:
1- بثبوت «كان» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ما ينبغى، بسقوط «كان» ، وهى قراءة علقمة.
نتخذ:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يتخذ، مبنيا للمفعول، وهى قراءة أبى الدرداء، وزيد بن ثابت، وأبى رجاء، ونصر بن علقمة، وزيد بن على، وأخيه الباقر، ومكحول، والحسن، وأبى جعفر، وحفص بن عبيد، والنخعي، والسلمى، وشيبة، وأبى بشر، والزعفراني.

مدارسة الآية : [19] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا ..

التفسير :

[19] فيقال للمشركين:لقد كَذَّبكم هؤلاء الذين عبدتموهم في ادِّعائكم عليهم، فها أنتم أولاء لا تستطيعون دَفْعاً للعذاب عن أنفسكم، ولا نصراً لها، ومَن يشرك بالله فيظلم نفسه ويعبد غير الله، ويمت على ذلك، يعذبه الله عذاباً شديداً.

فلما تبرؤوا منهم قال الله توبيخا وتقريعا للعابدين{ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ} إنهم أمروكم بعبادتهم ورضوا فعلكم، وأنهم شفعاء لكم عند ربكم، كذبوكم في ذلك الزعم وصاروا من أكبر أعدائكم فحق عليكم العذاب،{ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا} للعذاب عنكم بفعلكم أو بفداء أو غير ذلك،{ وَلَا نَصْرًا} لعجزكم وعدم ناصركم. هذا حكم الضالين المقلدين الجاهلين كما رأيت أسوأ حكم، وأشر مصير.

وأما المعاند منهم الذي عرف الحق وصدف عنه فقال في حقه:{ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ} بترك الحق ظلما وعنادا{ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} لا يقادر قدره ولا يبلغ أمره.

وهنا يوجه- سبحانه- خطابه إلى هؤلاء العابدين الجهلاء الكاذبين فيقول: فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً ...

أى: قال الله- تعالى- لهؤلاء الكافرين على سبيل التقريع والتبكيت: والآن لقد رأيتم تكذيب من عبدتموهم لكم، وقد حق عليكم العذاب بسبب كفركم وكذبكم، وصرتم لا تملكون له «صرفا» أى: دفعا بأية صورة من الصور. وأصل الصرف: رد الشيء من حالة إلى حالة أخرى، ولا تملكون له- أيضا- «نصرا» أى فردا من أفراد النصر لا من جهة أنفسكم، ولا من جهة غيركم، بل لقد حل بكم العذاب حلولا لا فكاك لكم منه بأى وسيلة من الوسائل.

«ومن يظلم منكم» أى: ومن يكفر بالله- تعالى- منكم أيها المكلفون بالإيمان «نذقه عذابا كبيرا» لا يقادر قدره في الخزي والهوان.

قال صاحب الكشاف: هذه المفاجأة بالاحتجاج والإلزام- في قوله: فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ حسنة رائعة، خاصة إذا انضم إليها الالتفات، وحذف القول، ونحوها قوله- تعالى-:

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ، فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ... وقول القائل:

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ثم القفول فقد جئنا خراسانا وبذلك نرى الآيات الكريمة قد أقامت الحجة على الكافرين بطريقة تخرس ألسنتهم، وتجعلهم أهلا لكل ما يقع عليهم من عذاب أليم.

ثم تعود السورة مرة أخرى إلى تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإلى الرد على شبهات أعدائه فتقول:

قال الله تعالى : ( فقد كذبوكم بما تقولون ) أي : فقد كذبكم الذين عبدتم فيما زعمتم أنهم لكم أولياء ، وأنكم اتخذتموهم قربانا يقربونكم إليه زلفى ، كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 - 6 ] .

وقوله : ( فما يستطيعون صرفا ولا نصرا ) أي : لا يقدرون على صرف العذاب عنهم ولا الانتصار لأنفسهم ، ( ومن يظلم منكم ) أي : يشرك بالله ، ( نذقه عذابا كبيرا ) .

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به: ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ) أيها المؤمنون- يعني بقوله: ( وَمَنْ يَظْلِمْ ) ومن يشرك بالله فيظلم نفسه، فذلك نذقه عذابا كبيرا كالذي ذكرنا أنَّا نذيقه الذين كذّبوا بالساعة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثني الحسين, قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جُرَيج, في قوله: ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ) قال: يشرك ( نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ).

حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن الحسن, في قوله: ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ ) قال: هو الشرك:

التدبر :

وقفة
[19] ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ انظر سوء عاقبة التقليد الأعمى، تكذيب على الملأ، وعذاب شديد لا يستطيون صرفه، ولا يجرؤ أحد على التقدم لنصرتهم.
وقفة
[19] ﴿صَرْفًا وَلَا نَصْرًا﴾ الصرف: أن تدفع عن ذاتك بذاتك، النصر: أن تدفع عن نفسك بقوة غيرك.
وقفة
[19] ﴿وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ العذاب قرين الظلم؛ يكبر بكبره ويزول بزواله.
وقفة
[19] إلى كل ظالم: ﴿ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون﴾ [إبراهيم: 42]، ﴿ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا﴾، وما من يد إلا يد الله فوقها، ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم.
تفاعل
[19] ﴿نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.
وقفة
[19] ﴿نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾ ما الفرق بين المسِّ والإذاقة في القرآن؟ الذوق والمس يأتي للضر وغير الضر، الذوق هو إدراك الطعم، والمسُّ هو أي اتصال، أما كون المس يأتي مع الشر فغير صحيح؛ لأن المس يأتي مع الرحمة أيضًا، فليس هنالك تقييد في الاستعمال.

الإعراب :

  • ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ:
  • الجملة واقعة مقولا لقول مقدر بمعنى: قال للكافرين ها هم آلهتكم فقد كذبوكم. الفاء: استئنافية. قد: حرف تحقيق. كذبوكم: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ بِما تَقُولُونَ:
  • جار ومجرور متعلق بكذبوا. ما: مصدرية. تقولون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة تَقُولُونَ» صلة «ما» المصدرية لا محل لها. وما: وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر متعلق بكذبوا. وشبه الجملة الجار والمجرور «بقولكم» بدل من الضمير بتقدير: فقد كذبوا بقولكم.
  • ﴿ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً:
  • الفاء استئنافية بمعنى التعليل. ما: نافية لا عمل لها. تستطيعون: وتعرب اعراب تَقُولُونَ».صرفا: مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: فما تستطيعون يا كفار دفعا او حيلة للعذاب عن انفسكم. او صرف العذاب عنكم.
  • ﴿ وَلا نَصْراً:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. نصرا: معطوفة على صَرْفاً» وتعرب مثلها.
  • ﴿ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبره. يظلم: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. منكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من مَنْ» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ نُذِقْهُ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. نذقه: فعل مضارع جواب الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء لان الاصل «نذيقه» لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ عَذاباً كَبِيراً:
  • مفعول به ثان منصوب بالفتحة. كبيرا: صفة-نعت-لعذابا منصوبة مثلها بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     ولَمَّا تبرأ المعبودون من العابدين؛ قال اللهُ توبيخًا وتقريعًا للعابدين:
﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تقولون:
1- بالتاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالياء، وهى قراءة أبى حيوة، وابن الصلت، عن قنبل.
تستطيعون:
1- بتاء الخطاب، وهى قراءة حفص، وأبى حيوة، والأعمش، وطلحة.
وقرئ:
2- بالياء، وهى قراءة ابن كثير، وأبى بكر.
نذقه:
وقرئ:
يذقه، بياء الغيبة، أي: الله.

مدارسة الآية : [20] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ..

التفسير :

[20] وما أرسلنا قبلك -أيها الرسول- أحداً مِن رسلنا إلا كانوا بشراً، يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق. وجعلنا بعضكم -أيها الناس- لبعض ابتلاء واختباراً بالهدى والضلال، والغنى والفقر، والصحة والمرض، هل تصبرون، فتقوموا بما أوجبه الله عليكم، وتشكروا له، فيثيبك

ثم قال تعالى جوابا لقول المكذبين:{ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}{ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ في الْأَسْوَاقِ} فما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما جعلناهم ملائكة، فلك فيهم أسوة، وأما الغنى والفقر فهو فتنة وحكمة من الله تعالى كما قال:{ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} الرسول فتنة للمرسل إليهم واختبار للمطيعين من العاصينوالرسل فتناهم بدعوة الخلق، والغنى فتنة للفقير والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار دار الفتن والابتلاء والاختبار.

والقصد من تلك الفتنة{ أَتَصْبِرُونَ} فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة فيثيبكم مولاكمأم لا تصبرون فتستحقون المعاقبة؟

{ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} يعلم أحوالكم، ويصطفي من يعلمه يصلح لرسالته ويختصه بتفضيله ويعلم أعمالكم فيجازيكم عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

أى: وما أرسلنا قبلك- أيها الرسول الكريم- أحدا من رسلنا، إلا وحالهم وشأنهم أنهم يأكلون الطعام الذي يأكله غيرهم من البشر. ويمشون في الأسواق كما يمشى غيرهم من الناس، طلبا للرزق.

وإذا فقول المشركين في شأنك «مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى في الأسواق» قول يدل على جهالاتهم وسوء نياتهم فلا تتأثر به، ولا تلتفت إليه، فأنت على الحق وهم على الباطل.

وقوله- تعالى-: وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً بيان لسنة من سنن الله- تعالى- في خلقه، اقتضتها حكمته ومشيئته.

أى: اختبرنا بعضكم ببعض، وبلونا بعضكم ببعض، ليظهر قوى الإيمان من ضعيفه، إذ أن قوى الإيمان لتصديقه بقضاء الله وقدره يثبت على الحق ويلتزم بما أمره الله- تعالى- به، أما ضعيف الإيمان فإنه يحسد غيره على ما آتاه الله- تعالى- من فضله. كما حسد المشركون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على منصب النبوة الذي أعطاه الله- تعالى- إياه وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ .

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ أى: إن الدنيا دار بلاء وامتحان، فأراد- سبحانه- أن يجعل بعض العبيد فتنة لبعض على العموم في جميع الناس، فالصحيح: فتنة للمريض. والغنى: فتنة للفقير.. ومعنى هذا، أن كل واحد مختبر بصاحبه، فالغنى ممتحن بالفقير، فعليه أن يواسيه ولا يسخر منه، والفقير ممتحن بالغنى، فعليه أن لا يحسده. ولا يأخذ منه إلا ما أعطاه، وأن يصبر كل واحد منهما على الحق.. والرسول المخصوص بكرامة النبوة فتنة لأشراف الناس من الكفار في عصره ...

فالفتنة: أن يحسد المبتلى المعافى. والصبر: أن يحبس كلاهما نفسه، هذا عن البطر وذاك عن الضجر.. .

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَتَصْبِرُونَ للتقرير. أى: أتصبرون على هذا الابتلاء والاختبار فتنالوا من الله- تعالى- الأجر، أم لا تصبرون فيزداد همكم وغمكم؟

ويصح أن يكون الاستفهام بمعنى الأمر. أى: اصبروا على هذا الابتلاء كما في قوله- تعالى-: ... وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ.. أى: أسلموا.. وكما في قوله- سبحانه-: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ أى: انتهوا عن الخمر والميسر.

ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً أى: وكان ربك أيها الرسول الكريم- بصيرا بأحوال النفوس الطاهرة والخفية، وبتقلبات القلوب وخلجاتها.

فاصبر على أذى قومك، فإن العاقبة لك ولأتباعك المؤمنين.

فهذا التذييل فيه ما فيه من التسلية والتثبيت لفؤاد النبي صلّى الله عليه وسلّم.

ثم حكت السورة للمرة الرابعة تطاول المشركين وجهالاتهم، وردت عليهم بما يخزيهم، وبينت ما أعد لهم من عذاب في يوم لا ينفعهم فيه الندم.

يقول تعالى مخبرا عن جميع من بعثه من الرسل المتقدمين : إنهم كانوا يأكلون الطعام ، ويحتاجون إلى التغذي به ( ويمشون في الأسواق ) أي : للتكسب والتجارة ، وليس ذلك بمناف لحالهم ومنصبهم; فإن الله جعل لهم من السمات الحسنة ، والصفات الجميلة ، والأقوال الفاضلة ، والأعمال الكاملة ، والخوارق الباهرة ، والأدلة [ القاهرة ] ، ما يستدل به كل ذي لب سليم ، وبصيرة مستقيمة ، على صدق ما جاءوا به من الله عز وجل . ونظير هذه الآية الكريمة قوله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ) [ الأنبياء : 8 ] .

وقوله : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) أي : اختبرنا بعضكم ببعض ، وبلونا بعضكم ببعض ، لنعلم من يطيع ممن يعصي; ولهذا قال : ( أتصبرون وكان ربك بصيرا ) أي : بمن يستحق أن يوحى إليه ، كما قال تعالى : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [ الأنعام : 124 ] ، ومن يستحق أن يهديه الله لما أرسلهم به ، ومن لا يستحق ذلك .

وقال محمد بن إسحاق في قوله : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) قال : يقول الله : لو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون ، لفعلت ، ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بهم ، وأبتليهم بهم .

وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله : إني مبتليك ، ومبتل بك " . وفي المسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة " ، وفي الصحيح أنه - عليه أفضل الصلاة والسلام - خير بين أن يكون نبيا ملكا أو عبدا رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا .

وهذا احتجاج من الله تعالى ذكره لنبيه على مشركي قومه الذين قالوا: مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ وجواب لهم عنه يقول لهم جلّ ثناؤه: وما أنكر يا محمد هؤلاء القائلون: ما لهذا الرسول يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق, من أكلك الطعام، ومشيك في الأسواق, وأنت لله رسول، فقد علموا أنا ما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، كالذي تأكل أنت وتمشي, فليس لهم عليك بما قالوا من ذلك حجة.

فإن قال قائل: فإن (من) ليست في التلاوة, فكيف قلت: معنى الكلام: إلا من إنهم ليأكلون الطعام؟ قيل: قلنا في ذلك: معناه: أن الهاء والميم في قوله: إنهم, كناية أسماء لم تذكر, ولا بد لها من أن تعود على من كُني عنه بها, وإنما ترك ذكر " من " وإظهاره في الكلام اكتفاء بدلالة قوله: ( مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) عليه, كما اكتفي في قوله: وَمَا مِنَّا إِلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ من إظهار " من ", ولا شكّ أن معنى ذلك: وما منا إلا من له مقام معلوم, كما قيل وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا ومعناه: وإن منكم إلا من هو واردها، فقوله: ( إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ) صلة لمن المتروك, كما يقال في الكلام: ما أرسلت إليك من الناس إلا من إنه ليبلغك الرسالة, فإنه ليبلغك الرسالة، صلة لمن.

وقوله: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) يقول تعالى ذكره: وامتحنا أيها الناس بعضكم ببعض, جعلنا هذا نبيا وخصصناه بالرسالة, وهذا ملِكا وخصصناه بالدنيا, وهذا فقيرًا وحرمناه الدنيا لنختبر الفقير بصبره على ما حرم مما أعطيه الغنيّ, والملك بصبره على ما أعطيه الرسول من الكرامة, وكيف رضي كل إنسان منهم بما أعطى، وقسم له, وطاعته ربه مع ما حرم مما أعطى غيره. يقول فمن أجل ذلك لم أعط محمدا الدنيا, وجعلته يطلب المعاش في الأسواق, ولأبتليكم أيها الناس, وأختبر طاعتكم ربكم وإجابتكم رسوله إلى ما دعاكم إليه, بغير عرض من الدنيا ترجونه من محمد أن يعطيكم على اتباعكم إياه، لأني لو أعطيته الدنيا, لسارع كثير منكم إلى اتباعه طمعا في دنياه أن يَنال منها.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن أبي رجاء, قال: ثني عبد القدوس, عن الحسن, في قوله: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) ... الآية, يقول هذا الأعمى: لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان, ويقول هذا الفقير: لو شاء الله لجعلني غنيا مثل فلان, ويقول هذا السقيم: لوشاء الله لجعلني صحيحا مثل فلان.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, في قوله: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) قال: يمسك عن هذا، ويوسع على هذا, فيقول: لم يعطني مثل ما أعطى فلانا, ويبتلى بالوجع كذلك, فيقول: لم يجعلني ربي صحيحا مثل فلان في أشباه ذلك من البلاء, ليعلم من يصبر ممن يجزع.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, قال: ثني ابن إسحاق, قال: ثني محمد بن أبي محمد, فيما يرى الطبري, عن عكرمة, أو عن سعيد, عن ابن عباس, قال: وأنـزل عليه في ذلك من قولهم: ( مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ ) ... الآية: ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ) : أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا على ما تسمعون منهم, وترون من خلافهم, وتتبعوا الهدى بغير أن أعطيهم عليه الدنيا، ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي، فلا يخالفون لفعلت, ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بكم وأبتليكم بهم.

وقوله: (وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) يقول: وربك يا محمد بصير بمن يجزع ومن يصبر على ما امتحن به من المحن.

كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج (وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا) إن ربك لبصير بمن يجزع، ومن يصبر.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ هذا يدل على فضل هداية الخلق بالعلم، ويبين شرف العالم على الزاهد المنقطع، فإن النبي ﷺ كالطبيب، والطبيب يكون عند المرضى، فلو انقطع عنهم هلكوا.
وقفة
[20] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ بشرية الرسل نعمة من الله للناس لسهولة التعامل معهم.
وقفة
[20] ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ عش طبيعتك؛ العظماء يكرهون التكلُّف.
وقفة
[20] لا يسوغ أن يجعل الداعية حول نفسه هالة من الفروق بينه وبين الناس: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾.
وقفة
[20] كان الأنبياء يطلبون أرزاقهم في الأسواق، فالإسلام دين العمل والتكسب ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾.
وقفة
[20] الإسلام دين العمل والتكسب، بل إن طلب الرزق في الأسواق من سنن الأنبياء قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ وقد كان من خيرة الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة من اشتغل بالتجارة، منهم: أبو بكر وعثمان وابن عوف والزبير وطلحة رضي الله عنهم.
وقفة
[20] ﴿لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ مخالطة الداعية للناس ومشاركتهم بعض أمور حياتهم أدعى لقربه منهم وقبولهم دعوته.
وقفة
[20] ﴿وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ إذا رأيت العالم والداعية يخالط الناس ويغشى مجالسهم ولا يترفع عليهم؛ فاعلم أنه أشبه بالأنبياء.
اسقاط
[20] ﴿وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ هذا حال الأنبياء، فأين الدعاة من هذه الآية؟! وكيف وصولهم وانتشارهم إلى الشرائح التي لا تغشى المساجد، اهدم صومعتك أيها الداعية.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ أي: بلية؛ فالغني فتنة للفقير؛ يقول الفقير: «ما لي لم أكن مثله»، والصحيح فتنة للمريض، والشريف فتنة للوضيع، وقال ابن عباس: «أي جعلت بعضكم بلاء لبعض لتصبروا على ما تسمعون منهم».
عمل
[20] ﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة﴾ هذه الدار دار الفتن والابتلاء، فتقع الفتنة منك وعليك، من القريب والبعيد؛ فاستعذ دومًا بربك.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ ومن ذلك أن يبتلي المؤمن بصاحب المنكر، هل يحتسب عليه لتكون النجاة، أم يسكت عنه فيكون الهلاك.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ نحنُ فتنةٌ لبعضِنا، الغنيُّ فتنةٌ للفقيرِ، والمُعافَى فتنةٌ للمريضِ، والهدفُ: هل تصبرُ؟
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ القصد من الفتنة: (أَتَصْبِرُونَ)، فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة فيثيبكم مولاكم، أم لا فتستحقون المعاقبة.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ تفاوت الناس في النعم والنقم اختبار إلهي لعباده.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ من خذلان العبد أن يكون ضالًّا في نفسه فتنة لغيره: فاللهم لا تفتني بعبادك, ولا تفتن بي عبادك, فلا تشغلني بهم ولا تشغلهم بي.
وقفة
[20] ‏﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾‏ الاختــلاف فطـرة، والصبـر امتحــان.
وقفة
[20] ‏﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ ‏كلهم في طريقك اختبارًا لك؛ أتصبر؟!
وقفة
[20] التفاوت بين الناس في النعم والنقم واختلاف مستويات العلم، كل ذلك من اختبار الله لعباده ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾.
وقفة
[20] إذا رأيت من أحدهم ما يُؤلم قلبك تذكر: ﴿وجعلنا بعضكُم لِبعضٍ فِتنةً أَتَصبِرُون﴾، واعلم أنك ممتحن، فهل أنت صابر؟!
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلنا بَعضَكُم لِبَعضٍ فِتنَةً أَتَصبِرونَ﴾ يرزق الله كل إنسان برزق يختلف من شخص لآخر، وهذا الاختلاف فيه فتنة للبعض وابتلاء وامتحان للنفس، أيصبر على ما رزق الله به غيره؟
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ قد تُفتَن بمن حولك؛ ليرى الله صبرك! كن في عداد الصابرين؛ فالله بصير بحالك.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ الغنى فتنة للفقير، والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار، دار الفتن والابتلاء والاختبار.
وقفة
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ اختلافنا في الغنى والفقر والصحة والمرض نوع من الاختبار، يحتاج إلى صبر.
تفاعل
[20] ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ قل: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك».
وقفة
[20] لا يقلقنك اعتراض المبطلين طريقك، فإنما هم كالبكتيريا التي يحتاجها جسمك كي تنشط مناعتك للمقاومة ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾.
وقفة
[20] يبتلي الله الناس ببعضهم في الحياة، وأشدهم صبرًا وحلمًا على الناس أزكاهم نتيجة ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾.
وقفة
[20] إن التفاوت بين الناس بعيد الشُّقة مع أنهم من أبوين اثنين، فإن اختلافهم في أوضاعهم وخلالهم مثار امتحان بالغ الجدوى، ولذا قال جلَّ شأنه: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَما أَرْسَلْنا:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ:
  • ظرف زمان متعلق بأرسلنا منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف. والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة والمخاطب هو الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلّم) وحذف مفعول أَرْسَلْنا» اكتفاء بالجار والمجرور مِنَ الْمُرْسَلِينَ» او بتقدير وما ارسلنا قبلك احدا او رجالا من الرسل. من: حرف جر. المرسلين: اسم مجرور بمن وعلامة جره الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ:
  • إلا: اداة حصر لا عمل لها. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «ان».اللام لام الابتداء-المزحلقة-للتوكيد. يأكلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لَيَأْكُلُونَ» في محل رفع خبر «إن».والجملة في محل نصب صفة-نعت-للموصوف المحذوف مفعول أَرْسَلْنا» بمعنى: وما ارسلنا قبلك احدا من الرسل الا آكلين وماشين
  • ﴿ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة.ويمشون: معطوفة بالواو على «يأكلون» وتعرب مثلها. في الاسواق: جار ومجرور متعلق بيمشون. وقيل هذا القول رد على من قال ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق.
  • ﴿ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ:
  • الواو استئنافية. جعلنا: تعرب اعراب أَرْسَلْنا».بعضكم: مفعول به منصوب بالفتحة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ لِبَعْضٍ فِتْنَةً:
  • جار ومجرور متعلق بفتنة. فتنة: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. بمعنى: وابتلينا بعضكم ببعض.
  • ﴿ أَتَصْبِرُونَ:
  • الهمزة همزة استفهام لا عمل لها. تصبرون: تعرب اعراب «يأكلون» بمعنى أتصبرون على هذه الفتنة اي هذا الابتلاء فتجتازونها بنجاح ام تخفقون فيها.
  • ﴿ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً:
  • الواو استئنافية. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. ربك: اسم كانَ» مرفوع للتعظيم بالضمة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. بصيرا: خبر كانَ» منصوب بالفتحة بمعنى: بصيرا بأعمالكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا طعنَ المشركون في النَّبي صلى الله عليه وسلم بسبب أنَّه يأكلُ الطَّعامَ ويمشي في الأسواقِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنها عادةٌ مستمرةٌ في كلِّ الرسلِ، قال تعالى:
﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إنهم:
وقرئ:
أنهم، بالفتح، على زيادة اللام.
ويمشون:
1- مضارع «مشى» خفيفا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مشددا، مبنيا للمفعول، أي: تمشيهم حوائجهم إلى الناس، وهى قراءة على، وابن مسعود، وعبد الرحمن ابن عبد الله.
3- مشددا، مبنيا للفاعل، وهى قراءة أبى عبد الرحمن السلمى.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف