349105106107108109110111112113114115116117118

الإحصائيات

سورة المؤمنون
ترتيب المصحف23ترتيب النزول74
التصنيفمكيّةعدد الصفحات8.00
عدد الآيات118عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول25تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء18عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 5/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (105) الى الآية رقم (111) عدد الآيات (7)

بعدَ دخولِهم النَّارَ يأتي هنا اعترافُ المشركينَ بأسبابِ عذابِهم، وهي: غَلَبةُ أهوائِهم وشهواتهم، واستهزاؤُهم بالمؤمنينَ، ونسيانُهم ذكرَ اللهِ، ثُمَّ بيانُ جزاءِ الذينَ صبرُوا، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (112) الى الآية رقم (118) عدد الآيات (7)

= ثُمَّ سؤالُ الكافرينَ عن مدَّةِ لبثِهِم في الأرضِ توبيخًا لهم على إنكارِهم البعثَ، ووعيدُ من يدْعو معَ اللهِ إلهًا آخَرَ، ثُمَّ خُتِمَتْ السورةُ بخيبةِ الكافرينَ كما افتُتحت بفلاحِ المؤمنينَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة المؤمنون

المؤمنون؛ أين أنت من صفاتهم؟

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • أين أنت من هذه الصفات؟:   هذه السورة تذكر لك أهم صفات المؤمنين؛ لتراجع تصرفاتك وتقيم أعمالك. وكأنها تسأل قارئ القرآن: أين أنت من صفات هؤلاء المؤمنين المفلحين الذين عُرضت عليك صفاتهم؟ كما أنها تلفت نظرك إلى معنى مهم: وهو أن هذه الصفات تجمع ما بين الأخلاق والعبادات، فترى أول صفة هي صفة عبادة، ثم التي بعدها صفة خلق وهكذا.
  • • تعالوا بنا الآن نعرض الآيات والصفات على أنفسنا (الإسقاط)::   تبدأ السورة بقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ﴾ (1)، فمن هم؟ وكيف نكون منهم؟ تعالوا نبدأ الرحلة، نعرض صفات المؤمنين على أنفسنا (ونعطي لكل صفة تحققت فينا درجة من 10): 1- ﴿ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَـٰشِعُونَ﴾ (2): كيف تؤدي صلاتك؟ هل تخشع فيها أم لا؟ كم نقطة تعطي نفسك عن هذا السؤال؟ 2- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ﴾ (3): هل تمسك لسانك عما لا يفيد من الكلام؟ هل تعرض عن مجالس الغيبة؟ هل تقع في النميمة؟ 3- ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ (4): هل أخرجت زكاة مالك أم لا؟ متى تصدقت آخر مرة؟ وبكم؟ 4- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ﴾ (5): كيف أنت مع حفظ الفرج؟ والعفة والبعد عن كل ما يؤدي إلى الزنا؟ 5، 6- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رٰعُونَ﴾ (8): كيف حفظك للأمانة؟ من أبسط الأمانات (مبلغ صغير أو كتاب استعرته من صديق)، إلى أمانة الدين وحفظه ونشره بين الناس؟ هل تحافظ على عهودك؟ 7- ﴿وَٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوٰتِهِمْ يُحَـٰفِظُونَ﴾ (9): هل تحافظ على الصلاة في أول وقتها؟ وتحافظ على الجماعة؟ كم نقطة تعطي نفسك على أداء الصلاة والمحافظة عليها؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «المؤمنون».
  • • معنى الاسم ::   المؤمنون: هم مَن آمن بأركان الإيمان الستة؛ اعتقادًا وقولًا وعملًا.
  • • سبب التسمية ::   : لافتتاحها بفلاح المؤمنين، وصفاتهم، وجزائهم في الآخرة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة قد أفلح»؛ لافتتاحها بهذا.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صفات المؤمنين الصادقين, وأصول الدين من التوحيد والرسالة والبعث.
  • • علمتني السورة ::   أن التدرج في الخلق والشرع سُنَّة إلهية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن عاقبة الكافر الندامة والخسران: ﴿قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من طاب مطعمه طاب عمله، ثمرة أكل الحلال الطيب العمل الصالح: ﴿أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَافْتَتَحَ بِسُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى أَوْ عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ. وسورة المؤمنون من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • احتوت سورة المؤمنون على 11 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف المؤمنين وأخلاقهم وبيان ما يجب عليهم تجاه ربهم وتجاه الناس، وهي الآيات (من 1 إلى 11).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نجاهد أنفسنا للاتصاف بصفات المؤمنين؛ فنكون: ممن يخشع في صلاته، وممن يبتعد عن الكلام الذي لا فائدة منه، ويخرج زكاة ماله، ويبتعد عن الزنا، ويحافظ على الأمانة، والعهود والوعود، والصلوات: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ (1-9).
    • أن نتذكر عند الشرب أو الغسل أن نعمة الماء العذب من أكثر نعم الله الدنيوية علينا، ونكثر من شكر الله عليها: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ (18).
    • ألا نتكل على نسبنا؛ فالأنساب لا تنجي من عذاب الله: ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ (27).
    • أن نتذكر موقفًا أنقذنا الله فيه من حرج أو خطر، ونحمد الله على ذلك: ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (28).
    • أن نتدبر قصص المرسلين، ونتأملها؛ فإن الله ما ذكرها إلا لما فيها من الدروس والعبر: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ (30).
    • أن نستعيذ بالله أن يلهينا النعيم عن طاعته والقرب منه: ﴿وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ (33).
    • أن نحذر من الخروج عن جماعة المسلمين: ﴿وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ (52-53).
    • أن ننتبه من غفلتنا؛ فقد تكون النعم المنزلة علينا استدراجًا: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ﴾ (55-56).
    • ألا نغتر بعملنا الصالح؛ بل نبقى خائفين من الله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ﴾ (57).
    • أن نكون من المسارعين في الخيرات؛ الذين من صفاتهم: الخشية والخوف من الله تعالى، الإيمان بآيات الله تعالى، عدم الإشراك بالله، الإنفاق والعطاء في سبيل الله والخوف منه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ (57-61).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه مفسدة: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ (71).
    • أن نتضرع إلى الله أن يكشف الكرب والضر عن المسلمين: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾.
    • أن نقرأ ونتفكر في نعمة السمع، والبصر، والعقل، ثم نشكر الله عليها: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ (78).
    • أن نحسِن إلى شخصٍ أساءَ إلينا بمسامحتِه وإهداءِ هديةٍ له: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ﴾ (96).
    • أن نستعيذ بالله من همزات الشياطين: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (97).
    • أن نعمل الصالحات في حياتنا؛ حتى لا تكون أمنياتنا عند الممات: ﴿حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا﴾ (99-100).
    • أن ندعو الله بهذا الدعاء: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ (109).
    • أن ننصح من يسخر من الدعاةِ إلى اللهِ, ونقرأْ عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ۞ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ (109، 110). • ألا نصرف شيئًا من الدعاء لغير الله: ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (117).

تمرين حفظ الصفحة : 349

349

مدارسة الآية : [105] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ ..

التفسير :

[105] يقال لهم:ألم تكن آيات القرآن تتلى عليكم في الدنيا، فكنتم بها تكذبون؟

فيقال لهم - توبيخا ولوما -:{ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} تدعون بها، لتؤمنوا، وتعرض عليكم لتنظروا،{ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} ظلما منكم وعنادا، وهي آيات بينات، دالات على الحق والباطل، مبينات للمحق والمبطل

ثم يقال لهم بعد كل هذا العذاب المهين على سبيل التقريع والتوبيخ: أَلَمْ تَكُنْ آياتِي الدالة على وحدانيتي وقدرتي وصدق رسلي تُتْلى عَلَيْكُمْ في الدنيا على ألسنة هؤلاء الرسل الكرام فَكُنْتُمْ بِها أى: بهذه الآيات تُكَذِّبُونَ هؤلاء الرسل فيما جاءوكم به من عندي من هدايات وإرشادات.

هذا تقريع من الله تعالى لأهل النار ، وتوبيخ لهم على ما ارتكبوا من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم ، التي أوبقتهم في ذلك ، فقال : ( ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ) أي : قد أرسلت إليكم الرسل ، وأنزلت الكتب ، وأزلت شبهكم ، ولم يبق لكم حجة تدلون بها كما قال : ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [ النساء : 165 ] ، وقال : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) [ الإسراء : 15 ] ، وقال : ( كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير . قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير . وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير . فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) [ الملك : 8 11 ] ، ولهذا قالوا :

يقول تعالى ذكره: يقال لهم ( أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ ) يعني آيات القرآن تتلى عليكم في الدنيا( فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ) وترك ذكر يقال؛ لدلالة الكلام عليه ( قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

اسقاط
[105] هل تؤثر فيك هذه الآية: ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾؟ اجعلها أمام عينيك كلما هممت بمعصية، تخيل أن الله سبحانه يخاطبك بها فأرتدع، فها هو القرآن بين أظهرنا يتلي آناء الليل والنهار، نورًا يمحو ظلمات الهوي، لا يترك لأحد علي الله حجة، فلنستمع لآياته، ونتعظ بها قبل أن يقال لنا: (أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ).
وقفة
[105] ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ التبكيت وتوجيه اللوم إلى أهل النار عذاب آخر مع عذاب النار.
وقفة
[105] إلى كل من أعرض عن القرآن ماذا سُتجيب إذا قال الله لك: ﴿ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون﴾؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَكُنْ آياتِي:
  • الألف ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تكن: فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. آياتي: اسم «تكن» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير متصل في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ تُتْلى عَلَيْكُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «تكن» تتلى أي تقرأ: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي. عليكم: جار ومجرور والميم علامة جمع الذكور والجار والمجرور متعلق بتتلى.
  • ﴿ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ:
  • الفاء عاطفة. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان».والميم علامة جمع الذكور. بها: جار ومجرور متعلق بخبر «كنتم» تكذبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تكذبون بها» في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

المؤمنون: 66﴿ قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ
المؤمنون: 105﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
الجاثية: 31﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [105] لما قبلها :     وبعد وصف عذاب أهل النار؛ ذكرَ اللهُ هنا ما يقال لهم على سبيل التوبيخ، وبيانًا لما به حق عليهم العذاب، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [106] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ..

التفسير :

[106] لما بلَّغتهم الرسل وأنذرتهم قالوا يوم القيامة:ربنا غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا المقدَّرة علينا في سابق علمك، وكنا في فعلنا ضالين عن الهدى.

فحينئذ أقروا بظلمهم، حيث لا ينفع الإقرار{ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} أي:غلبت علينا الشقاوة الناشئة عن الظلم والإعراض عن الحق، والإقبال على ما يضر، وترك ما ينفع،{ وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} في عملهم، وإن كانوا يدرون أنهم ظالمون، أي:فعلنا في الدنيا فعل التائه، الضال السفيه، كما قالوا في الآية الأخرى:{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}

وكأنهم قد خيل إليهم- بعد هذا السؤال التوبيخي، أنهم قد أذن لهم في الكلام، وأن اعترافهم بذنوبهم قد ينفعهم فيقولون- كما حكى القرآن عنهم-: قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا ... أى: يا ربنا تغلبت علينا أنفسنا الأمارة بالسوء، فصرفتنا عن الحق، وتغلبت علينا ملذاتنا وشهواتنا وسيئاتنا التي أفضت بنا إلى هذا المصير المؤلم وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ عن الهدى والرشاد، بسبب شقائنا وتعاستنا.

( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ) أي : قد قامت علينا الحجة ، ولكن كنا أشقى من أن ننقاد لها ونتبعها ، فضللنا عنها ولم نرزقها .

اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: ( غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) بكسر الشين، وبغير ألف، وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة: &; 19-75 &; " شَقاوَتُنا " بفتح الشين والألف.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، وقرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وتأويل الكلام: قالوا: ربنا غلبت علينا ما سبق لنا في سابق علمك وخطّ لنا في أمّ الكتاب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد، قوله: ( غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) قال: التي كتبت علينا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) التي كتبت علينا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.

وقال، قال ابن جريج: بلغنا أن أهل النار نادوا خَزَنة جهنم: أنْ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ فلم يجيبوهم ما شاء الله فلما أجابوهم بعد حين قالوا: فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ قال: ثم نادوا مالكا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ فسكت عنهم مالك خازن جهنم، أربعين سنة ثم أجابهم فقال: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ثم نادى الأشقياء ربهم، فقالوا: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ فسكت عنهم مثل مقدار الدنيا، ثم أجابهم بعد ذلك تبارك وتعالى اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ .

قال (1) ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، قال: ينادي أهلُ النار أهلَ الجنة فلا يجيبونهم ما شاء الله، ثم يقال: أجيبوهم، وقد قطع الرَّحم والرحمة، فيقول أهل الجنة: يا أهل النار، عليكم غضب الله، يا أهل النار، عليكم لعنة الله، يا أهل النار، لا لبَّيْكم ولا سَعْدَيْكُم، ماذا تقولون؟ فيقولون: ألم نك في الدنيا آباءكم وأبناءكم وإخوانكم وعشيرتكم، فيقولون: بلى، فيقولون: أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ .

قال (2) ثني حجاج عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القُرظِي، قال: ثني عَبْدة المروزِيّ، عن عبد الله بن المبارك، عن عمرو بن أبي ليلى، قال: سمعت محمد بن كعب، زاد أحدهما على صاحبه: قال محمد بن كعب: بلغني، أو ذُكر لي، أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب، فردّوا عليهم ما قال الله، فلما أيسوا نادَوا: يا مالك، وهو عليهم، وله مجلس في وسطها، وجسور تمرّ عليها ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: يا مالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ، سألوا الموت، فمكث لا يجيبهم ثمانين ألفَ سنة من سني الآخرة، أو كما قال، ثم انحط إليهم، فقال: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ فلما سمعوا ذلك قالوا: فاصبروا، فلعلّ الصبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله، قال: فصبروا، فطال صبرهم، فنادوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ أي مَنْجى. فقام إبليس عند ذلك فخطبهم، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ فلما سمعوا مقالته، مَقَتُوا أنفسهم، قال: فنُودوا لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ * قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا الآية، قال: فيجيبهم الله ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ قال: فيقولون: ما أيسنا بعد؛ قال: ثم دعوا مرّة أخرى، فيقولون: رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ قال: فيقول الرب تبارك وتعالى: وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا يقول الرب: لو شئت لهديت الناس جميعا، فلم يختلف منهم أحد وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا يقول: بما تركتم أن تعملوا ليومكم هذا إِنَّا نَسِينَاكُمْ أي تركناكم وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال: فيقولون: ما أيسنا بعد، قال: فيدعون مرّة أخرى: رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ قال: فيقال لهم: أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ... الآية، قال: فيقولون: ما أيسنا بعد ثم قالوا مرّة أخرى: رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قال: فيقول: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ إلى: نَصِيرٍ ، ثم مكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: ( أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ) فلما سمعوا ذلك قالوا: الآن يرحمنا، فقالوا عند ذلك: ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ) أي: الكتاب الذي كتب علينا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا الآية، فقال عند ذلك: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ قال: فلا يتكلمون فيها أبدا، فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم. وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض، فأطبقت عليهم. قال عبد الله بن المبارك في حديثه: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه قال: فذلك قوله: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، أنه قال: فوالذي أنـزل القرآن على محمد، والتوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، ما تكلم أهل النار كلمة بعدها إلا الشهيق والزَّعيق في الخلد أبدا، ليس له نفاد.

قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، قال: كنا في جنازة ومعنا أبو جعفر القارئ، فجلسنا، فتنحى أبو جعفر، فبكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا جعفر؟ قال: أخبرني زيد بن أسلم أن أهل النار لا يتنفسون.

وقوله: ( وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ) يقول: كنا قوما ضَلَلْنا عن سبيل الرشاد، وقصد الحقّ.

التدبر :

وقفة
[106] ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا﴾ أي: قد قامت علينا الحجة، ولكن كنا أشقى من أن ننقاد لها ونتبعها.
وقفة
[106] ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ وأحسن ما قيل في معناه: غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا، فسمى اللذات والأهواء شقوة؛ لأنهما يؤديان إليها، وقيل: حسن الظن بالنفس، وسوء الظن بالخلق.
وقفة
[106] ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ نطقوا بالحق، لكن للأسف! يوم لا ينفع الإقرار، ولا تقبل الأعذار.
وقفة
[106] ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ التعلل بالأقدار وسوء الحظ هو سمة الفاشلين من أهل الدنيا ومن أهل الآخرة.
عمل
[106] ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ هذه هي الحقيقة لو اعترفوا بها قبل فوات الوقت؛ تدارك نفسك الآن قبل فوات الأوان.
وقفة
[106] ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ القلب يتنازعه قوتان: الهوى والايمان، إن غلب الايمان كان من المؤمنين، وإن غلب الهوى كان من الضآلين، نعوذ بالله أن نكون من الضآلين.
عمل
[106] ﴿قالوا رَبَّنا غَلَبَت عَلَينا شِقوَتُنا وَكُنّا قَومًا ضالّينَ﴾ غلبتهم أنفسهم كما يزعمون بسبب ظلمة قلوبهم، وإبتعادهم عن الحق وكفرهم، ونحن ما حجتنا إذا غلبتنا أنفسنا؟!
عمل
[106] لا تكن ممن قال الله عنهم: ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾، بل كن ممن قال الله عنهم: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ [النازعات: 40].

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا رَبَّنا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربنا: منادى بأداة نداء محذوفة والتقدير: يا ربنا. وهو منصوب بالفتحة ومضاف و «نا» ضمير متصل- ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر مضاف اليه
  • ﴿ غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا:
  • فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. علينا: جار ومجرور متعلق بغلبت. شقوة: فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ:
  • الواو عاطفة. كنا: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» قوما: خبر «كان» منصوب بالفتحة. ضالين: صفة-نعت- لقوما منصوبة مثلها وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجملة غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [106] لما قبلها :     وبعد هذا السؤال التوبيخى؛ اعترفوا هنا وأقروا بذنوبهم، قال تعالى:
﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

شقوتنا:
وقرئ:
1- شقاوتنا، بفتح الشين، وهى قراءة عبد الله، والحسن، وقتادة، وحمزة، والكسائي، والمفضل، عن عاصم، وأبان، والزعفراني، وابن مقسم.
2- شقاوتنا، بكسر الشين، وهى قراءة قتادة أيضا، والحسن، فى رواية خالد بن حوشب، عنه.
3- شقوتنا، بكسر الشين وسكون القاف، وهى لغة كثيرة فى الحجاز، وهى قراءة باقى السبعة، والجمهور.
4- شقوتنا، بفتح الشين وسكون القاف، وهى قراءة شبل، فى اختياره.

مدارسة الآية : [107] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا ..

التفسير :

[107] ربنا أخرجنا من النار، وأعدنا إلى الدنيا، فإن رجعنا إلى الضلال فإنا ظالمون نستحق العقوبة.

{ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} وهم كاذبون في وعدهم هذا، فإنهم كما قال تعالى:{ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} ولم يبق الله لهم حجة، بل قطع أعذارهم، وعمرهم في الدنيا، ما يتذكر فيه [من] المتذكر، ويرتدع فيه المجرم

رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها أى: من هذه النار التي تلفح وجوهنا فَإِنْ عُدْنا إلى ما نحن عليه من الكفر وارتكاب السيئات فَإِنَّا ظالِمُونَ أى: فإنا متجاوزون لكل حد في الظلم، ونستحق بسبب ذلك عذابا أشد مما نحن فيه.

وهكذا يصور القرآن بأسلوبه البديع المؤثر، أحوال الكافرين يوم القيامة، تصويرا ترتجف له القلوب، وتهتز منه النفوس، وتقشعر من هوله الأبدان.

ثم قالوا : ( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) أي : ردنا إلى الدار الدنيا ، فإن عدنا إلى ما سلف منا ، فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة ، كما قالوا : ( فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل . ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ) [ غافر : 11 ، 12 ] أي : لا سبيل إلى الخروج; لأنكم كنتم تشركون بالله إذا وحده المؤمنون .

يقول تعالى ذكره، مخبرا عن قيل الذين خفَّت موازين صالح أعمالهم يوم القيامة في جهنم: ربنا أخرجنا من النار، فإن عدنا لما تكره منا من عمل، فإنا ظالمون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[107] ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ معلوم أن ردَّهم إلى الدنيا لا يكون، لكن الله علم أنه لو كان فكيف كان يكون.
وقفة
[107، 108] قال عبد الله بن عمرو : «إن أهل النار نادوا: ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾، قال: فخلى عنهم أربعين عامًا، ثم أجابهم: ﴿إِنَّكُم مَّاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ۷۷]، فقالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾، فخلى عنهم مثل الدنيا، ثم أجابهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾، قال: فلم ينبس القوم بعد ذلك بكلمة، إن كان إلا الزفير والشهيق».

الإعراب :

  • ﴿ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها:
  • ربنا: أعربت. أخرج: فعل توسل وتضرع بصيغة طلب مبني على السكون لاتصاله بنا والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به. منها: جار ومجرور أي من النار متعلق بأخرجنا.
  • ﴿ فَإِنْ عُدْنا:
  • الفاء استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. عدنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا فعل الشرط‍ في محل جزم بإن. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-في محل رفع فاعل، أي فإن عدنا لما كنا عليه.
  • ﴿ فَإِنّا ظالِمُونَ:
  • الفاء واقعة في جواب الشرط‍.إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-المدغم بالنون مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» ظالمون: خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. والجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [107] لما قبلها :     ولَمَّا اعترفوا بذنوبهم؛ تخيلوا أن هذا الاعتراف ينفعهم، فطلبوا الخروج من النار للرجوع إلى الإيمان، قال تعالى:
﴿ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [108] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ

التفسير :

[108] قال الله عز وجل لهم:امكثوا في النار أذلاء ولا تخاطبوني. فانقطع عند ذلك دعاؤهم ورجاؤهم.

فقال الله جوابا لسؤالهم:{ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} وهذا القول - نسأله تعالى العافية- أعظم قول على الإطلاق يسمعه المجرمون في التخييب، والتوبيخ، والذل، والخسار، والتأييس من كل خير، والبشرى بكل شر، وهذا الكلام والغضب من الرب الرحيم، أشد عليهم وأبلغ في نكايتهم من عذاب الجحيم

وقوله- سبحانه-: قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ جواب على طلبهم الخروج من النار، والعودة إلى الدنيا.

أى: قال الله- تعالى- لهم على سبيل الزجر والتيئيس: اخْسَؤُا فِيها اسكتوا وانزجروا انزجار الكلاب، وامكثوا في تلك النار وَلا تُكَلِّمُونِ في شأن خروجكم منها، أو في شأن عودتكم إلى الدنيا.

هذا جواب من الله تعالى للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار ، يقول : ( اخسئوا فيها ) أي : امكثوا فيها صاغرين مهانين أذلاء . ) ولا تكلمون ) أي : لا تعودوا إلى سؤالكم هذا ، فإنه لا جواب لكم عندي .

قال العوفي ، عن ابن عباس : ( اخسئوا فيها ولا تكلمون ) قال : هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان المروزي ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو قال : إن أهل جهنم يدعون مالكا ، فلا يجيبهم أربعين عاما ، ثم يرد عليهم : إنكم ماكثون . قال : هانت دعوتهم والله على مالك ورب مالك . ثم يدعون ربهم فيقولون : ( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين . ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) قال : فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين ، ثم يرد عليهم : ( اخسئوا فيها ولا تكلمون ) قال : والله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة ، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم . قال : فشبهت أصواتهم بأصوات الحمير ، أولها زفير وآخرها شهيق .

وقال أيضا : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، حدثنا أبو الزعراء قال : قال عبد الله بن مسعود : إذا أراد الله ألا يخرج منهم أحدا يعني : من جهنم غير وجوههم وألوانهم ، فيجيء الرجل من المؤمنين ، فيشفع فيقول : يا رب . فيقول : من عرف أحدا فليخرجه . فيجيء الرجل فينظر فلا يعرف أحدا فيقول : أنا فلان . فيقول : ما أعرفك .

، قال : فعند ذلك يقول : ( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ) ، فعند ذلك يقول : ( اخسئوا فيها ولا تكلمون ) . وإذا قال ذلك ، أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر .

وقوله: ( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا ) يقول تعالى ذكره: قال الربّ لهم جلّ ثناؤه مجيبا( اخْسَئُوا فِيهَا ) أي: اقعدوا في النار، يقال منه: خَسَأتْ فلانا أخْسَؤُه خَسْأً وخُسُوءا، وخَسيء هو يخسَأ، وما كان خاسئا، ولقد خَسِيء، ( ولا تُكَلِّمُونِ ) فعند ذلك أيس المساكين من الفرج، ولقد كانوا طامعين فيه.

كما حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن بن مَهْديّ، قال: ثنا سفيان، عن سَلمة بن كُهَيل، قال: ثني أبو الزعراء، عن عبد الله، في قصة ذكرها في الشفاعة، قال: فإذا أراد الله ألا يُخْرج منها، يعني من النارأحدا، غير وجوههم وألوانهم، فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع فيهم، فيقول: يا ربّ، فيقول: من عرف أحدا فليخرجه؛ قال: فيجيء الرجل فينظر فلا يعرف أحدا، فيقول: يا فلان يا فلان، فيقول: ما أعرفك. فعند ذلك يقولون: ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) فَيَقُولُ ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) فإذا قالوا ذلك؛ انطبقت عليهم جهنم فلا يخرج منها بشر.

حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن شَهر بن حَوْشب، عن معدي كرب، عن أبي الدَّرْداء، قال: يرسل أو يصبّ على أهل النار الجوع، فيعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون، فيغاثون بالضريع، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فلا يغني ذلك عنهم شيئا فيستغيثون، فيغاثون بطعام ذي غُصّة، فإذا أكلوه نَشِب في حلوقهم، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يحدرون الغصة بالماء، فيستغيثون، فيرفع إليهم الحميم في كلاليب الحديد، فإذا انتهى إلى وجوههم شوى وجوههم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم، قال: فينادون مالكا: لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ، قال: فيتركهم ألف سنة، ثم يجيبهم: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ، قال: فينادون خزنة جهنم: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ، قال: فيقولون ما نجد أحدا خيرا لنا من ربنا ) ، فينادون ربهم ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) قال: فيقول الله: ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال: فعند ذلك يئسوا من كل خير، فيدعون بالويل والشَّهيق والثُّبور.

حدثني محمد بن عُمارة الأسديّ، قال: ثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، قال: ثنا قُطْبة بن عبد العزيز الأسديّ، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أمّ الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يُلْقَى على أهْلِ النَّارِ الجُوع... " ثم ذكر نحوًا منه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمي، عن هارون بن عنترة، عن عمرو بن مرّة، قال: يرى أهل النار في كل سبعين عاما ساق مالك، خازن النار، فيقولون: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ فيجيبهم بكلمة، ثم لا يرونه سبعين عاما فيستغيثون بالخَزَنة، فيقولون لهم: ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ فيجيبونهم أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ... الآية. فيقولون: ادعوا ربكم، فليس أحد أرحم من ربكم، فيقولون: ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) قال: فيجيبهم،: ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) فعند ذلك ييأسُون من كلّ خير، ويأخذون في الشهيق والوَيْل والثُّبور.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال: بلغني أنهم ينادُون مالكا فيقولون: لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ فيسكت عنهم قدر أربعين سنة، ثم يقول: إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ قال: ثم ينادون ربهم، فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يقول: ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال: فييأس القوم فلا يتكلمون بعدها كلمة، وكان إنما هو الزفير والشهيق، قال قتادة: صوت الكافر في النار مثل صوت الحمار، أوّله زفير، وآخره شهيق.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.

حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الله بن عيسى، قال: أخبرني زياد الخراسانيّ، قال: أسنده إلى بعض أهل العلم، فنسيته، في قوله: ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال: فيسكتون، قال: فلا يسمع فيها حس إلا كطنين الطَّسْت.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) هذا قول الرحمن عزّ وجلّ، حين انقطع كلامهم منه.

التدبر :

وقفة
[108] كل فشل في الدنيا طريق للنجاح، وأي فشل في الآخرة طريق للهلاك ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾.
وقفة
[108] ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ قال بعض السلف عن هذه الآية: «إنها أقسى كلمة يسمعها أهل النار، وهي من أشد ما يعذبون به».
وقفة
[108] ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ الكافر حقير مهان عند الله.
وقفة
[108] ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ انقطع عند ذلك الدعاء، وتبدد الرجاء، وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون وأطبقت عليهم النار فهم فيها يتصارخون.
تفاعل
[108] ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[108] أقسى عبارةٍ يسمعها أهلُ النَّارِ: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾، جمع لهم بين العذاب النفسي والحسي.
وقفة
[108] أعظم خزي وإذلال قول الله لأهل النار: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾، فجمع لهم بين العذاب النفسي والحسي.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية بعده: في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ اخْسَؤُا فِيها:
  • فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف افرقة. فيها: جار ومجرور متعلق باخسئوا. أي بمعنى: اسكتوا أي ذلوا فيها وانزجروا.
  • ﴿ وَلا تُكَلِّمُونِ:
  • بمعنى: ولا تكلموني في رفع العذاب فإنه لا يرفع ولا يخفف. الواو استئنافية. لا: ناهية جازمة. تكلمون: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والنون نون الوقاية لا محل لها. والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [108] لما قبلها :     ولَمَّا طلبوا الخروج من النار للرجوع إلى الإيمان؛ جاء هنا الرد على طلبِهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [109] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي ..

التفسير :

[109] إنه كان فريق من عبادي -وهم المؤمنون- يَدْعون:ربنا آمنا فاستر ذنوبنا، وارحمنا، وأنت خير الراحمين.

ثم ذكر الحال التي أوصلتهم إلى العذاب، وقطعت عنهم الرحمة فقال:{ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} فجمعوا بين الإيمان المقتضي لأعماله الصالحة، والدعاء لربهم بالمغفرة والرحمة، والتوسل إليه بربوبيته، ومنته عليهم بالإيمان، والإخبار بسعة رحمته، وعموم إحسانه، وفي ضمنه، ما يدل على خضوعهم وخشوعهم، وانكسارهم لربهم، وخوفهم ورجائهم.

وقوله- تعالى- إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ ... تعليل لزجرهم عن طلب الخروج أى: اخسئوا في النار ولا تكلمون، لأنه كان في الدنيا فريق كبير من عبادي المؤمنين يقولون بإخلاص ورجاء: رَبَّنا آمَنَّا بك واتبعنا رسلك فَاغْفِرْ لَنا ذنوبنا وَارْحَمْنا برحمتك التي وسعت كل شيء وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.

ثم قال تعالى مذكرا لهم بذنوبهم في الدنيا ، وما كانوا يستهزئون بعباده المؤمنين وأوليائه ، فقال : ( إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين )

يقول تعالى ذكره: ( إِنَّهُ ) وهذه الهاء في قوله " إنه " هي الهاء التي يسميها أهل العربية المجهولة، وقد بينت معناها فيما مضى قبلُ. ومعنى دخولها في الكلام، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ( كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي ) يقول: كانت جماعة من عبادي، وهم أهل الإيمان بالله، يقولون في الدنيا: ( رَبَّنَا آمَنَّا ) بك وبرسلك، وما جاءوا به من عندك ( فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ) وأنت خير من رحم أهل البلاء، فلا تعذبنا بعذابك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[109] قوله في هذه الآية: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي﴾ يدل فيه لفظ (إِنَّ) المكسورة المشددة، على أن الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم، وسخريتهم من الفريق المؤمن الذي يقول: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾؛ فالكفار يسخرون من ضعفاء المؤمنين في الدنيا حتى ينسيهم ذلك ذكر الله، والإيمان به؛ فيدخلون بذلك النار.
وقفة
[109] ﴿إنه كان فريق من عبادي يقولون﴾ ثناء محفز لمعرفة قولهم والمحافظة عليه ﴿ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين﴾.
تفاعل
[109] ﴿إِنَّهُ كانَ فَريقٌ مِن عِبادي يَقولونَ رَبَّنا آمَنّا فَاغفِر لَنا وَارحَمنا وَأَنتَ خَيرُ الرّاحِمينَ﴾ كل خلقه عباده، ولكن المؤمنين منهم فقط يطلبون الغفران والرحمة ويثنون عليه سبحانه، فاللهم اجعلنا من عبادك المؤمنين.
عمل
[109] ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ احفظ هذا الدعاء القرآني، وحفظه أولادك، وحافظ عليه.
وقفة
[109] ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ في الآية إشارة إلى مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، كأن يقول العبد مثلًا: «اللهم بإيماني بك، واتباعي لرسولك، اغفر لي وارحمني».
وقفة
[109] ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ الثناء على الله مظهر من مظاهر الأدب في الدعاء.
تفاعل
[109] ادع بهذا الدعاء: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾.
وقفة
[109] ﴿خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ فكل راحم للعبد فالله خير له منه أرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأرحم به من نفس.
وقفة
[109، 110] ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ يستفاد من هذا: التحذير من السخرية، والاستهزاء بالضعفاء والمساكين، والاحتقار لهم، والإزراء عليهم، والاشتغال بهم فيما لا يغني، وأن ذلك مبعد من الله عز وجل.
عمل
[109، 110] احذر الاستهزاء بالصالحين ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والهاء ضمير الشأن مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» وخبرها الجملة الفعلية بعدها في محل رفع. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. فريق اسم «كان» مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ عِبادِي:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «فريق» والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَقُولُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ رَبَّنا آمَنّا:
  • منادى بأداة نداء محذوفة وتقديره: يا ربنا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. آمن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «آمنا» في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا:
  • الفاء استئنافية. اغفر: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. لنا: جار ومجرور متعلق باغفر. وارحمنا: معطوفة بالواو على «اغفر لنا» وتعرب اعرابها. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الرّاحِمِينَ:
  • الواو استئنافية. أنت: ضمير منفصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خير: خبر «أنت» مرفوع بالضمة. الراحمين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

آل عمران: 16﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
المائدة: 83﴿تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ
المؤمنون: 109﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [109] لما قبلها :     وبعد رفض طلب الخروج من النار، وزجرهم؛ ذَكَّرَهم اللهُ هنا ببعض مواقف عنادهم وظلمهم؛ ليبين أنهم يستحقون هذا العذاب، قال تعالى:
﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إنه:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، أي: لأنه، وهى قراءة أبى، وهارون العتكي.

مدارسة الآية : [110] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي ..

التفسير :

[110] فاشتغلتم بالاستهزاء بهم حتى نسيتم ذكر الله، فبقيتم على تكذيبكم، وقد كنتم تضحكون منهم سخرية واستهزاء.

فهؤلاء سادات الناس وفضلائهم،{ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ} أيها الكفرة الأنذال ناقصو العقول والأحلام{ سِخْرِيًّا} تهزءون بهم وتحتقرونهم، حتى اشتغلتم بذلك السفه.{ حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} وهذا الذي أوجب لهم نسيان الذكر، اشتغالهم بالاستهزاء بهم، كما أن نسيانهم للذكر، يحثهم على الاستهزاء، فكل من الأمرين يمد الآخر، فهل فوق هذه الجراءة جراءة؟!

وقوله- سبحانه-: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ... هو محط التعليل، أى: فكان حالكم معهم أنكم سخرتم واستهزأتم بهم.

حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي أى: فاتخذتموهم سخريا، وداومتم على ذلك، وشغلكم هذا الاستهزاء، حتى أنسوكم- لكثرة انهماككم في السخرية بهم- تذكر عقابي لكم في هذا اليوم، وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ في الدنيا، وتتغامزون عند ما ترونهم استخفافا بهم.

فلهذه الأسباب، اخسئوا في النار ولا تكلمون، أما هؤلاء المؤمنون الذين كنتم تستهزءون بهم في الدنيا.

أي : فسخرتم منهم في دعائهم إياي وتضرعهم إلي ، ( حتى أنسوكم ذكري ) أي : حملكم بغضهم على أن نسيتم معاملتي ( وكنتم منهم تضحكون ) أي : من صنيعهم وعبادتهم ، كما قال تعالى : ( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون ) [ المطففين : 29 ، 30 ] أي : يلمزونهم استهزاء .

يقول تعالى ذكره: فاتخذتم أيها القائلون لربكم رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ في الدنيا، القائلين فيها: رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ سُخْريا. والهاء والميم في قوله: ( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ ) من ذكر الفريق.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( سِخْرِيًّا ) فقرأه بعض قرّاء الحجاز وبعض أهل البصرة والكوفة ( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ) بكسر السين، ويتأوّلون في كسرها أن معنى ذلك الهزء، ويقولون: إنها إذا ضُمت فمعنى الكلمة: السُّخْرة والاستعباد. فمعنى الكلام على مذهب هؤلاء: فاتخذتم أهل الإيمان بي في الدنيا هُزُؤًا ولعبا، تهزءون بهم، حتى أنسوكم ذكري. وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة: ( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سُخْرِيًّا ) بضم السين، وقالوا: معنى الكلمة في الضمّ والكسر واحد. وحكى بعضهم عن العرب سماعا لِجِّيّ ولُجِّي، ودِرِيّ، ودُرِيّ، منسوب إلى الدرّ، وكذلك كِرسيّ وكُرسيّ؛ وقالوا ذلك من قيلهم كذلك، نظير قولهم في جمع العصا: العِصِيّ بكسر العين، والعُصِيّ بضمها; قالوا: وإنما اخترنا الضم في السِّخري؛ لأنه أفصح اللغتين.

والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنى واحد، قد قرأ بكلّ واحدة منهما علماء من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ ذلك فمصيب، وليس يُعْرف من فرق بين معنى ذلك إذا كسرت السين وإذا ضمت؛ لما ذكرت من الرواية عمن سمع من العرب ما حَكَيت عنه.

ذكر الرواية به عن بعض من فَرَّق في ذلك بين معناه مكسورة سينه ومضمومة.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد ( فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ) قال: هما مختلفتان: سِخريا، وسُخريا، يقول الله: وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا قال: هذا سِخريّا: يُسَخِّرونهم، والآخرون: الذين يستهزئون بهم هم سُخريًّا، فتلك سِخريًّا يُسَخرونهم عندك، فسخَّرك رفعك فوقه، والآخرون: استهزءوا بأهل الإسلام هي: سُخريّا يَسْخَرون منهم. فهما مختلفتان. وقرأ قول الله: وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ وقال: يسخرون منهم كما سخر قوم نوح بنوح، اتخذوهم سُخريًّا: اتخذوهم هُزُؤًا، لم يزالوا يستهزئون بهم.

وقوله: ( حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي ) يقول: لم يزل استهزاؤكم بهم، أنساكم ذلك من فعلكم بهم ذكري، فألْهَاكم عنه ( وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ) .

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي ) قال: أنسى هؤلاء الله استهزاؤُهم بهم، وضحكهم بهم، وقرأ: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ حتى بلغ: إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ .

التدبر :

وقفة
[110] ما شغل أحد نفسه بتتبع زلات الناس والسخرية منهم؛ إلا غفل عن ذكر الله، حتى يقسو قلبه، فلا يلين مع الرقائق ﴿فاتخذتموهم سِخريا حتى أنسوكم ذكري﴾.
وقفة
[110] ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ وهذا الذي أوجب لهم نسيان الذكر: اشتغالهم بالاستهزاء بالمؤمنين، كما أن نسيانهم للذكر، يحثهم على الاستهزاء، فكل من الأمرين يمد الآخر، فهل فوق هذه الجراءة جراءة؟!
عمل
[110] ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ انصحْ شخصًا رأيتَه يسخرُ من الدعاةِ إلى اللهِ, واقرأْ عليه هذه الآيةَ.
وقفة
[110] ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ الاستهزاء بالصالحين ذنب عظيم يستحق صاحبه العذاب.
وقفة
[110] ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾ صفة متكررة في القرآن لأهل النار، فالويل للمستهزئ بالدين وأهله!
وقفة
[110] الأسلوب الساخر والاستهزاء لا يُوصل صاحبه إلى شيء وإنما يحجب عنه التأمل في الحقيقة ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ﴾.
عمل
[110] ﴿فَاتَّخَذتُموهُم سِخرِيًّا حَتّى أَنسَوكُم ذِكري وَكُنتُم مِنهُم تَضحَكونَ﴾ راقب نفسك؛ فإنشغالك ولمدد طويلة بما لا ينفع قد يكون بداية الطريق للزلل والإبتعاد عن جادة الطريق المستقيم.

الإعراب :

  • ﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا:
  • الفاء: استئنافية. اتخذتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل. والميم علامة جمع الذكور والواو لاشباع الميم و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول. سخريا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. بمعنى: اتخذتموهم هزؤا وتشاغلتم بهم ساخرين.
  • ﴿ حَتّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي:
  • حتى: حرف غاية عاطفة. أنسوكم: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصالها بواو الجماعة وبقيت الفتحة دالة عليها الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. ذكري: مفعول به ثان منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ:
  • الواو عاطفة. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. منهم: جار ومجرور متعلق بتضحكون و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن. تضحكون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تضحكون» في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [110] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ حال المؤمنين؛ ذكرَ هنا استهزاء وسخرية الكافرين منهم، قال تعالى:
﴿ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سخريا:
1- بكسر السين، وهى قراءة الحسن، وأبى عمرو.
وقرئ:
2- بضم السين، وهى قراءة أصحاب عبد الله، وابن أبى إسحاق، والأعرج.

مدارسة الآية : [111] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا ..

التفسير :

[111] إني جزيت هذا الفريق من عبادي المؤمنين الفوز بالجنة؛ بسبب صبرهم على الأذى وطاعة الله.

{ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} على طاعتي، وعلى أذاكم، حتى وصلوا إلي.{ أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} بالنعيم المقيم، والنجاة من الجحيم، كما قال في الآية الأخرى:{ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} الآيات.

فإنى جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ الجزاء الحسن بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ فوزا ليس هناك ما هو أكبر منه.

وبعد هذا الرد الذي فيه ما فيه من الزجر للكافرين، وبعد بيان أسبابه، وما اشتمل عليه من تبكيت وتقريع، يوجه إليهم- سبحانه- سؤالا يزيدهم حسرة على حسرتهم، فيقول:

ثم أخبر عما جازى به أولياءه وعباده الصالحين ، فقال : ( إني جزيتهم اليوم بما صبروا ) أي : على أذاكم لهم واستهزائكم منهم ، ( أنهم هم الفائزون ) أي : جعلتهم هم الفائزين بالسعادة والسلامة والجنة ، الناجين من النار .

وقوله: ( إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا ) يقول تعالى ذكره: إني أيُّها المشركون بالله المخلَّدون في النار، جَزَيْت الذين اتخذتموهم في الدنيا سخريا من أهل الإيمان بي، وكنتم منهم تضحكون اليوم، بما صبروا على ما كانوا يلقَون بينكم من أذى سخريتكم وضحككم منهم في الدنيا( أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ).

اختلفت القرّاء في قراءة: " إنَّهُمْ" فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة: ( " أنَّهُمْ " بفتح الألف من " أنهم " بمعنى: جزيتهم هذا ، فأن في قراءة هؤلاء في موضع نصب، بوقوع قوله جزيتهم عليها؛ لأن معنى الكلام عندهم: إني جزيتهم اليوم الفوز بالجنة؛ وقد يحتمل النصب من وجه آخر، وهو أن يكون موجَّها معناه: إلى أني جزيتهم اليوم بما صبروا؛ لأنهم هم الفائزون بما صبروا في الدنيا، على ما لَقُوا في ذات الله، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: " إنّي" بكسر الألف منها، بمعنى الابتداء، وقالوا: ذلك ابتداء من الله مدحهم.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر الألف؛ لأن قوله: " جَزَيْتُهُم "، قد عمل في الهاء والميم، والجزاء إنما يعمل في منصوبين، وإذا عمل في الهاء والميم لم يكن له العمل في " أن " فيصير عاملا في ثلاثة إلا أن ينوي به التكرير، فيكون نصب " أنّ" حينئذ بفعل مضمر، لا بقوله: جزيتهم ، وإن هي نصبت بإضمار لام، لم يكن له أيضا كبير معنى; لأن جزاء الله عباده المؤمنين بالجنة، إنما هو على ما سَلَف من صالح أعمالهم في الدنيا، وجزاؤه إياهم، وذلك في الآخرة هو الفوز، فلا معنى لأن يَشْرُط لهم الفوز بالأعمال ثم يخبر أنهم إنما فازوا، لأنهم هم الفائزون.

فتأويل الكلام إذ كان الصواب من القراءة ما ذكرنا: إني جزيتهم اليوم الجنة بما صبروا في الدنيا على أذاكم بها في أنهم اليوم هم الفائزون بالنعيم الدائم والكرامة الباقية أبدا؛ بما عملوا من صالحات الأعمال في الدنيا، ولقوا في طلب رضاي من المكاره فيها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ لم يقل: (بما صلوا)، أو: (بما صاموا)، أو: (بما تصدقوا)؛ بل: (بِمَا صَبَرُوا)؛ ﻷن الصبر عبادة تؤديها وأنت تنزف وجعًا.
وقفة
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ صبرك في الدنيا وبكائك وهمك سوف يجزيك الله عليه في جنات ونعيم، فقط اصبر ووكل أمرك لخالقك الرحيم.
عمل
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا﴾ اصبر ولا تجزع وثق بما عند الله؛ فلا تخفى عليه سبحانه حاجاتك ودموعك، ولا يعجزه إصلاح حالك، لكنه يحب كثرة الإلحاح من عبده.
وقفة
[111] رحلة المؤمن في الدنيا ليست للاستجمام، هي رحلة جهاد وثبات وصبر ليحقق الفلاح ويتحقق له الفوز ﴿إني جزيتهم اليوم بما صبروا﴾.
عمل
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ اصبر، واصبر، واصبر، ثم اصبر، حتى تفوز، إنما الدنيا صبر ساعة.
وقفة
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ فلا فوز يُنال إلا بصبرٍ جميل، خالص لوجه الله، فاللهم ارزقنا الصبر الجميل.
وقفة
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ ﺭﺑﺢ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻳﺎ ﻣﺴﻠﻢ، ﺻﺒﺮ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻓﻮﺯ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ.
عمل
[111] ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ صبر نفسك بتلك الآية عندما تتزين لك الدنيا وتهم أن تذهب بك بعيدًا.
وقفة
[111] منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾.
وقفة
[111] الصبر من أعظم أسباب الفوز في الدنيا والآخرة ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾.
وقفة
[111] ﴿إِنّي جَزَيتُهُمُ اليَومَ بِما صَبَروا أَنَّهُم هُمُ الفائِزونَ﴾ الجزاء يومها من لدن كريم رحيم عفو غفور، فكيف سيكون؟! اللهم لا تحرمنا وارزقنا صبرًا جميلًا على الإبتلاء.
لمسة
[111] ﴿إِنّي جَزَيتُهُمُ اليَومَ بِما صَبَروا أَنَّهُم هُمُ الفائِزونَ﴾ تركت مفتوحة، فلم يذكر رب العزة الفائزون بماذا؛ لتذهب النفس كل مذهب فى تخيل هذا الفوز، وكيف سيكون.
تفاعل
[111] ﴿أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم «إن» جزيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. اليوم: مفعول فيه-ظرف زمان-متعلق بجزيت منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ بِما صَبَرُوا:
  • الباء حرف جر. ما: مصدرية. صبروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «صبروا» صلة «ما» لا محل لها. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير: بصبرهم على ما لا قوه من المحن أو بسبب صبرهم. أو بدل ما احتملوه من مشاق الصبر والجار والمجرور متعلق بجزيت.
  • ﴿ أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ:
  • أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن».هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. الفائزون: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الاسمية هُمُ الْفائِزُونَ» في محل رفع خبر «أن» ويجوز أن تكون «هم» فاصلة أي ضمير فصل أو عماد لا محل له. و «الفائزون» خبر «أنّ» و «أنّ» مع ما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان لجزيت التقدير: جزيتهم فوزهم. ويجوز أن يكون المصدر المؤول في محل نصب بنزع الخافض أي بأنهم هم الفائزون.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [111] لما قبلها :     وبعد ذكرِ سخرية الكافرين من المؤمنين؛ ذكرَ اللهُ هنا ما جازى به أولئك المؤمنين، قال تعالى:
﴿ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أنهم هم:
قرئ:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة زيد بن على، وحمزة، والكسائي، وخارجة، عن نافع.
2- بالفتح، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [112] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[112] ويُسْألُ الأشقياء في النار:كم بقيتم في الدنيا من السنين؟ وكم ضيَّعتم فيها من طاعة الله؟

{ قَالَ} لهم على وجه اللوم، وأنهم سفهاء الأحلام، حيث اكتسبوا في هذه المدة اليسيرة كل شر أوصلهم إلى غضبه وعقوبته، ولم يكتسبوا ما اكتسبه المؤمنون [من] الخير، الذي يوصلهم إلى السعادة الدائمة ورضوان ربهم.{ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}

أى: قال الله- تعالى- لهم بعد أن زجرهم وأمرهم أن يسكتوا سكوت هوان وذلة: كم عدد السنين التي لبثتموها في دنياكم التي تريدون الرجوع إليها؟

ولا شك أن الله- تعالى- يعلم مقدار الزمن الذي لبثوه، ولكنه سألهم ليبين لهم قصر أيام الدنيا، بالنسبة لما هم فيه من عذاب مقيم، وليزيد في حسرتهم وتوبيخهم.

يقول تعالى منبها لهم على ما أضاعوه في عمرهم القصير في الدنيا من طاعة الله تعالى وعبادته وحده ، ولو صبروا في مدة الدنيا القصيرة لفازوا كما فاز أولياؤه المتقون ، ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ) أي : كم كانت إقامتكم في الدنيا؟

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ) وفي قوله: ( لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة على وجه الخبر: ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ ) ، وكذلك قوله: ( قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ ). ووجه هؤلاء تأويل الكلام إلى أن الله قال لهؤلاء الأشقياء من أهل النار وهم في النار: ( كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ) ؟ وأنهم أجابوا الله فقالوا: ( لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) ، فنسِي الأشقياء؛ لعظيم ما هم فيه من البلاء والعذاب مدة مكثهم التي كانت في الدنيا، وقَصُرَ عندهم أمد مكثهم الذي كان فيها؛ لما حلّ بهم من نقمة الله، حتى حسبوا أنهم لم يكونوا مكثوا فيها إلا يوما أو بعض يوم. ولعلّ بعضهم كان قد مكث فيها الزمان الطويل، والسنين الكثيرة.

وقرأ ذلك عامة قرّاء أهل الكوفة على وجه الأمر لهم بالقول، كأنه قال لهم: قولوا كم لبثتم في الأرض؟ وأخرج الكلام مخْرج الأمر للواحد، والمعنيُّ به الجماعة، إذ كان مفهوما معناه، وإنما اختار هذه القراءة من اختارها من أهل الكوفة؛ لأن ذلك في مصاحفهم: " قُلْ" بغير ألف، وفي غير مصاحفهم بالألف.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ ذلك: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ) على وجه الخبر، لأن وجه الكلام لو كان ذلك أمرا، أن يكون قولوا على وجه الخطاب للجمع; لأن الخطاب فيما قبل ذلك وبعده، جرى لجماعة أهل النار، فالذي هو أولى أن يكون كذلك قوله قولوا لو كان الكلام جاء على وجه الأمر، وإن كان الآخر جائزا، أعني التوحيد، لما بيَّنت من العلة لقارئ ذلك كذلك، وجاء الكلام بالتوحيد في قراءة جميع القراء، كان معلوما أن قراءة ذلك على وجه الخبر عن الواحد أشبه، إذ كان ذلك هو الفصيح المعروف من كلام العرب، فإذا كان ذلك ذلك، فتأويل الكلام: قال الله كم لبثتم في الدنيا من عدد سنين؟ قالوا مجيبين له: لبثنا فيها يوما أو بعض يوم، فاسأل العادّين، لأنا لا ندري، قد نسينا ذلك.

واختلف أهل التأويل في المعني بالعادين، فقال بعضهم: هم الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم، ويُحْصُون عليهم ساعاتهم.

*ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[112، 113] ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ والغرض من هذا: توقيفهم على أن أعمارهم قصيرة، أداهم الكفر فيها إلى عذاب طويل.
وقفة
[112، 113] ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ تضييع العمر لازم من لوازم الكفر.
وقفة
[112، 113] ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ سئلوا عن السنين فأجابوا بالأيام؛ لأن فزع يوم القيامة أطار عقولهم، وأراهم عشرات السنين أقل من يوم في جوار الخلود.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ كَمْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. كم: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للبثتم أي كم مكثتم.
  • ﴿ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل «ضمير المخاطبين» مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. في الأرض: جار ومجرور متعلق بلبثتم.
  • ﴿ عَدَدَ سِنِينَ:
  • عدد: تمييز لكم منصوب بالفتحة وهو مضاف. سنين:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد. وكلمة «سنين» جمع «سنة» تعرب بالحركات والحروف. وهنا أعربت بالحروف.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [112] لما قبلها :     وبعد هذا الرد الذي فيه ما فيه من الزجر للكافرين، وبيان أسبابه، وما اشتمل عليه من توبيخ وتبكيت؛ يوجه اللهُ لهم هنا سؤالًا يزيدهم حسرة على حسرتهم، قال تعالى:
﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قل:
1- على الأمر، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وابن كثير.
وقرئ:
2- قال، وهى قراءة باقى السبعة.
عدد سنين:
1- على الإضافة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- عددا، بالتنوين، وهى قراءة الأعمش، والمفضل، عن عاصم.

مدارسة الآية : [113] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ ..

التفسير :

[113] قالوا لِهول الموقف وشدة العذاب:بقينا فيها يوماً أو بعض يوم، فاسأل الحُسَّاب الذين يعدُّون الشهور والأيام.

{ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} كلامهم هذا، مبني على استقصارهم جدا، لمدة مكثهم في الدنيا وأفاد ذلك، لكنه لا يفيد مقداره، ولا يعينه، فلهذا قالوا:{ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ} أي:الضابطين لعدده ، وأما هم ففي شغل شاغلوعذاب مذهل، عن معرفة عدده

وهنا يقولون في يأس وذلة: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وهو جواب يدل على استصغارهم للمدة التي لبثوها في الدنيا. بجانب ما هم فيه من عذاب.

وقوله- تعالى- فَسْئَلِ الْعادِّينَ يشعر بذهولهم عن التحقق من مقدار المدة التي لبثوها في الدنيا.

أى: فاسأل المتمكنين من معرفة المدة التي مكثناها في الدنيا.

( قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين ) أي : الحاسبين

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ) قال: الملائكة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

وقال آخرون: بل هم الحُسّاب.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة: ( فاسأل الْعَادِّينَ ) قال: فاسأل الحُسّاب.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قَتادة: ( فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ) قال: فاسأل أهل الحساب.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال كما قال الله جلّ ثناؤه: ( فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ ) وهم الذين يَعُدّون عدد الشهور والسنين وغير ذلك، وجائز أن يكونوا الملائكة، وجائز أن يكونوا بني آدم وغيرهم، ولا حجة بأيّ ذلك من أيّ ثبتت صحتها، فغير جائز توجيه معنى ذلك إلى بعض العادّين دون بعض.

التدبر :

وقفة
[113] قال الله تعالي: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر: 1، 2]، إذا كانت الإقامة في القبر مجرد زيارة مع أنها قد تمتد آلاف السنين، فبم نصف إقامتنا في الدنيا التي لا تتجاوز عدد سنين؟ تأمل: ﴿قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ﴾، فيا طول حسرة المفرطين!
وقفة
[113] التناحر والصراعات والخلافات والتشاحن والحب والبغض والنفاق والمجاملات والصراع على المراكز والسلطات، وكافة المعاملات الدنيوية حلوها ومرها، كل هذا سيقال عنه يوما ما: ﴿لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ﴾
وقفة
[113] ﴿يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ هذه أيضًا إجابة الماكثين طويلًا في غيبوبة الموت أو النوم، فعزير قال: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَـٰذِهِ اللَّـهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّـهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ﴾ [البقرة: 259]، وأصحاب الكهف قالوا: ﴿وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۚ﴾ [الكهف: 19]، والسبب أنهم تصوروا أن هذه أطول مدة يمكن أن يبقوا فيها.
وقفة
[113] ﴿فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ﴾ هم الملائكة.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ
  • هذه الآية أعربت في الآية الكريمة التاسعة والخمسين بعد المائتين من سورة البقرة. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فَسْئَلِ الْعادِّينَ:
  • الفاء استئنافية. اسأل: فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. العادين: مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. بمعنى لا نعرف من عدد السنين الا أنا نحسبه يوما أو بعض يوم لما نحن فيه من العذاب فسل من فيه أن يعد. وكلمة «العادين» اسم فاعل وحذف مفعوله لمعرفته من السياق أي العادين أعمار العباد أو أيامهم.'

المتشابهات :

البقرة: 259﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِاْئَةَ عَامٖ
الكهف: 19﴿قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ
المؤمنون: 113﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [113] لما قبلها :     وبعد سؤال الكافرين عن مدَّةِ لبثِهِم في الأرضِ توبيخًا لهم على إنكارِهم البعثَ؛ جاء هنا ردُّهم الذي يدل على استصغارهم للمدة التى لبثوها في الدنيا بجانب ما هم فيه من عذاب، قال تعالى:
﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

العادين:
وقرئ:
1- العادين، بتخفيف الدال، أي: الظالمين، وهى قراءة الحسن، والكسائي، فى رواية.
2- العاديين، أي: القدماء، المعمرين، قالها الزمخشري.

مدارسة الآية : [114] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ..

التفسير :

[114] قال لهم:ما لبثتم إلا وقتاً قليلاً لو صبرتم فيه على طاعة الله لفزتم بالجنة، لو كان عندكم علم بذلك؛ وذلك لأن مدة مكثهم في الدنيا قليلة جدّاً بالنسبة إلى طول مدتهم خالدين في النار.

فقال لهم:{ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} سواء عينتم عدده، أم لا{ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

فيرد الله- تعالى- عليهم بقوله قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ أى: ما لبثتم في الدنيا، إِلَّا قَلِيلًا أى: إلا وقتا قليلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ شيئا من العلم لأدركتم أن ما لبثتموه في الدنيا، هو قليل جدا بالنسبة إلى مكثكم في النار بسبب إصراركم على كفركم في حياتكم الدنيا. فجواب لو محذوف، لدلالة الكلام عليه.

ولا يتعارض قولهم هنا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ مع آيات أخرى ذكرت بأنهم يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً وبأنهم ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كما في قوله- تعالى-. وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ ... .

لأن كل فريق منهم قد أخبر بما تبادر إلى ذهنه، فبعضهم قال: لبثنا عشرا، وبعضهم قال:

لبثنا يوما أو بعض يوم، وبعضهم أقسم بأنه ما لبث في الدنيا غير ساعة.

وهذا يدل على أن أهوال العذاب، قد أنستهم ما كانوا فيه في الدنيا من متاع، وما انغمسوا فيه من شهوات ...

( قال إن لبثتم إلا قليلا ) أي : مدة يسيرة على كل تقدير ( لو أنكم كنتم تعلمون ) أي : لما آثرتم الفاني على الباقي ، ولما تصرفتم لأنفسكم هذا التصرف السيئ ، ولا استحققتم من الله سخطه في تلك المدة اليسيرة ، ولو أنكم صبرتم على طاعة الله وعبادته كما فعل المؤمنون لفزتم كما فازوا .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوزير ، حدثنا الوليد ، حدثنا صفوان ، عن أيفع بن عبد الكلاعي; أنه سمعه يخطب الناس فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قال : يا أهل الجنة ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم . قال : لنعم ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : رحمتي ورضواني وجنتي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين؟ ثم يقول : يا أهل النار ، كم لبثتم في الأرض عدد سنين؟ قالوا : لبثنا يوما أو بعض يوم . فيقول : بئس ما اتجرتم في يوم أو بعض يوم : ناري وسخطي ، امكثوا فيها خالدين مخلدين " .

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا ) اختلافهم في قراءة قوله: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ والقول عندنا في ذلك في هذا الموضع، نحو القول الذي بيَّناه قبل في قوله: كَمْ لَبِثْتُمْ وتأويل الكلام على قراءتنا: قال الله لهم: ما لبثتم في الأرض إلا قليلا يسيرا، لو أنكم كنتم تعلمون قدر لبثكم فيها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[114] ﴿قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ حياتك قصيرة مهما طالت، فتحمل في سبيل الله كل أذى ومشقة.
وقفة
[114] ﴿قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ما علموا حقارة الدنيا إلا بعد أن عاينوا أهوال الآخرة!
وقفة
[112-114] ﴿قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ سُئلوا عن السِّنين فأجابوا باليومِ، حياتُك قصيرةٌ، فاغتنمْها.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِنْ لَبِثْتُمْ:
  • إن: مخففة مهملة نافية بمعنى «ما» لبثتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ إِلاّ قَلِيلاً:
  • إلاّ: أداة حصر لا عمل لها. قليلا: صفة-نعت-لمصدر محذوف أو نائبة عنه بتقدير إلاّ لبثا قليلا.
  • ﴿ لَوْ أَنَّكُمْ:
  • لو: حرف شرط‍ غير جازم. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «أن» كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل- ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تعلمون» في محل نصب خبر «كان» ومفعول «تعلمون» محذوف بمعنى «تعلمون ذلك» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره: ثبت. التقدير: لو ثبت علمكم وجواب الشرط‍ محذوف بتقدير لرأيتم أمرا مهولا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [114] لما قبلها :     وبعد ردهم؛ رَدَّ اللهُ عليهم هنا بأن ما لبثتموه في الدنيا، هو قليل جدًّا بالنسبة إلى مكثكم في النار، بسبب إصراركم على كفركم في حياتكم الدنيا، قال تعالى:
﴿ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قال:
وقرئ:
1- قل، على الأمر، وهى قراءة الأخوين.
2- قال، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [115] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ ..

التفسير :

[115] أفحسبتم -أيها الخلق- أنما خلقناكم مهملين، لا أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب، وأنكم إلينا لا ترجعون في الآخرة للحساب والجزاء؟

أي:{ أَفَحَسِبْتُمْ} أيها الخلق{ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} أي:سدى وباطلا، تأكلون وتشربون وتمرحون، وتتمتعون بلذات الدنيا، ونترككم لا نأمركم، و[لا] ننهاكم ولا نثيبكم، ولا نعاقبكم؟ ولهذا قال:{ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} لا يخطر هذا ببالكم

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ... للإنكار والنفي.

والحسبان هنا: بمعنى الظن. والفاء معطوفة على محذوف مقدر. والعبث: اللعب وما لا فائدة فيه من قول أو فعل.

أى: أغرتكم الدنيا، وغفلتم عن مصيركم، فحسبتم أنما خلقناكم عبثا لا لحكمة تقتضيها إرادتنا من خلقكم، وحسبتم كذلك أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ يوم القيامة للحساب والجزاء.

وقوله : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ) أي : أفظننتم أنكم مخلوقون عبثا بلا قصد ولا إرادة منكم ولا حكمة لنا ، ( وأنكم إلينا لا ترجعون ) أي : لا تعودون في الدار الآخرة ، كما قال : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) [ القيامة : 36 ] ، يعني هملا .

وقوله: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) يقول تعالى ذكره: أفحسبتم أيها الأشقياء أنا إنما خلقناكم إذ خلقناكم، لعبا وباطلا وأنكم إلى ربكم بعد مماتكم لا تصيرون أحياء، فتجزون بما كنتم في الدنيا تعملون؟ .

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء المدينة والبصرة والكوفة: ( لا تُرْجَعُونَ ) بضَمّ التاء: لا تُردّون، وقالوا: إنما هو من مَرْجِع الآخرة، لا من الرجوع إلى الدنيا، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة " لا تَرْجِعُونَ" وقالوا: سواء في ذلك مرجع الآخرة، والرجوع إلى الدنيا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إنهما قراءتان متقاربتا المعنى; لأن من ردّه الله إلى الآخرة من الدنيا بعد فنائه، فقد رَجَع إليها، وأن من رجع إليها، فبردّ الله إياه إليها رجع. وهما مع ذلك قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) قال: باطلا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[115] العقل الملحد يذم أي تصرف عبثي بلا هدف، ويتجاهل أنه يؤمن أن وجوده كله عبث، فلماذا ينتقد عبث تصرفاته ووجوده كله عبث؟! ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً﴾.
وقفة
[115] افتتحت سورة المؤمنون بأطوار خلق الإنسان: ﴿ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين﴾ [12]، وختمت: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا﴾، سبحانك ما خلقت هذا باطلًا.
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ لم يخلقنا الله للعبث ولا للهو، ولم يأمرنا بذلك، ومع هذا فأكثر الخلق عابثون، وفي اللهو غارقون.
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ يفسّرها قول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]؛ سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ قال الرازي: «لولا القيامة لا تميز المطيع من العاصي، والصديق من الزنديق، وحينئذ يكون خلق هذا العالم عبثًا (حاشاه)».
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ قال الحكيم الترمذي: «إن الله تعالى خلق الخلق عبيدًا ليعبدوه، فيثيبهم على العبادة، ويعاقبهم على تركها، فإن عبدوه فهم اليوم له عبيد أحرار کرام من رق الدنيا، ملوك في دار الإسلام، وإن رفضوا العبودية فهم اليوم عبيد أباق، سقاط لئام، وغدًا أعداء في السجون بين أطباق النيران».
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ الهمة العالية تجعل لحياتك قيمة أكبر، ومن يعش بغير هدف فلا قيمة ولا معني لحياته.
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ دليلك إلى استقامتك على الصراط أن تجعل لحياتك هدفًا، وأن تتذكر أن لك مرجعًا للحساب.
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ منهج حياة: من علم أنه خُلق لهدف وأن مرجعه إلى الله؛ استقام وأفلح.
وقفة
[115] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾ تأمل هذا الاستفهام: فكم يحمل في طياته من التوبيخ والتحقير والتقريع! فهم لا يقولون بأن الإنسان خُلِق عبثًا ولكن يلزم من إنكارهم البعث أن يكون خلْق الناس مشتملًا على عبث، فنزلوا منزلة من حسب ذلك فوبِّخوا بما يلازم اعتقادهم.
وقفة
[115] تأمل قوله سبحانه: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون﴾؛ لترفع همتك وتشد عزيمتك وتعمل جاهدًا لآخرتك.
وقفة
[115] إذا ضعفت همتك وفترت عزيمتك وشغلتك دنياك وأنستك أخراك؛ فتذكر قوله ﷻ: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾.
وقفة
[115، 116] ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ فَتَعَالَى اللَّـهُ: أي تعاظم وارتفع عن هذا الظن الباطل الذي يرجع إلى القدح في حكمته.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما:
  • الألف ألف استفهام. الفاء: زائدة-تزيينية-حسبتم: بمعنى: أفظننتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ما» المصدرية لا محل لها. والجملة من «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي حسبتم.
  • ﴿ خَلَقْناكُمْ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «خلقناكم» صلة «ما» المصدرية لا محل لها. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب اسم «أنّ» وخبر «أن» محذوف تقديره: جاء. التقدير: أفظننتم أن خلقكم جاء عبثا. ويجوز أن تكون «أنما» كافة ومكفوفة فتكون أداة حصر.
  • ﴿ عَبَثاً:
  • حال منصوب بالفتحة بمعنى: عابثين ويجوز أن يكون مفعولا له- لأجله-أي خلقناكم للعبث.
  • ﴿ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ:
  • الجملة: معطوفة بالواو على أَنَّما خَلَقْناكُمْ» ويجوز أن تكون معطوفة على «عبثا» أي للعبث ونترككم غير مرجوعين. أنّ: حرف نصب وتوكيد. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «أن» والميم علامة جمع الذكور. الينا: جار ومجرور متعلق بلا ترجعون. لا: نافية لا عمل لها. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل وجملة لا تُرْجَعُونَ» في محل رفع خبر «أن».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [115] لما قبلها :     وبعد توبيخهم؛ زاد اللهُ هنا في توبيخهم على تماديهم في الغفلة: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا ولعبًا دون حكمة، قال تعالى:
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لا ترجعون:
قرئ:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الأخوين.
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [116] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا ..

التفسير :

[116] فتعالى الله الملك المتصرف في كل شيء، الذي هو حق، ووعده حق، ووعيده حق، وكلُّ شيء منه حق، وتَقَدَّس عن أن يخلق شيئاً عبثاً أو سَفَهاً، لا إله غيره ربُّ العرشِ الكريمِ، فعرشُ الرحمن موصوفٌ بالكرم؛ لشَرَفه، والعرشُ أعظمُ المخلوقات.

{ فَتَعَالَى اللَّهُ} أي:تعاظم وانتفع عن هذا الظن الباطل، الذي يرجع إلى القدح في حكمته.{ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} فكونه ملكا للخلق كلهم حقا، في صدقه، ووعده، ووعيده، مألوها معبودا، لما له من الكمال{ رَبُّ الْعَرْشِ الكريم} فما دونه من باب أولى، يمنع أن يخلقكم عبثا.

إن جزاء هذا الحسبان الباطل، هو هذا المصير المهين الذي تصطلون بناره اليوم. ثم نزه- سبحانه- ذاته عن أن يكون قد خلقهم عبثا فقال: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ....

أى: فتعاظم وتقدس عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله، الله الملك الحق، فهو- عز وجل- منزه عن أن يخلق الناس بدون حكمة أو غرض صحيح.

لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فإن كل ما عداه مخلوق له، وهو- سبحانه- رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.

وقوله : ( فتعالى الله الملك الحق ) أي : تقدس أن يخلق شيئا عبثا ، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك ، ( لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) ، فذكر العرش; لأنه سقف جميع المخلوقات ، ووصفه بأنه كريم ، أي : حسن المنظر بهي الشكل ، كما قال تعالى : ( فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) [ لقمان : 10 ] .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا إسحاق بن سليمان شيخ من أهل العراق أنبأنا شعيب بن صفوان ، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال : كان آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنكم لم تخلقوا عبثا ، ولن تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم ، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله ، وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه ، وباع نافدا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقين ، حتى تردون إلى خير الوارثين؟ ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، حتى تغيبوه في صدع من الأرض ، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد ، قد فارق الأحباب وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مرتهن بعمله ، غني عما ترك ، فقير إلى ما قدم . فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ، ونزول الموت بكم ثم جعل طرف ردائه على وجهه ، فبكى وأبكى من حوله .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يحيى بن نصر الخولاني ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي هبيرة عن حنش بن عبد الله; أن رجلا مصابا مر به عبد الله بن مسعود ، فقرأ في أذنه هذه الآية : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق ) ، حتى ختم السورة فبرأ ، [ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ] ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بماذا قرأت في أذنه؟ " فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال " .

وروى أبو نعيم من طريق خالد بن نزار ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ، وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ، قال : فقرأناها فغنمنا وسلمنا .

وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف الواسطي ، حدثنا أبو المسيب سلمة بن سلام ، حدثنا بكر بن خنيس ، عن نهشل بن سعيد ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن : بسم الله الملك الحق ، ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ) [ الزمر : 67 ] ، ( بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ) [ هود : 41 ] .

يقول تعالى ذكره: فتعالى الله الملك الحق عما يصفه به هؤلاء المشركون، من أن له شريكا، وعما يضيفون إليه من اتخاذ البنات ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) يقول: لا معبود تنبغي له العبودة إلا الله الملك الحقّ( رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) والربُّ: مرفوع بالردّ على الحقّ، ومعنى الكلام: فتعالى الله الملك الحقّ، ربّ العرش الكريم، لا إله إلا هو.

التدبر :

لمسة
[116] ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ بما أن الحق يقابل الباطل؛ فإن مفهوم الصفة: (الْمَلِكُ الْحَقُّ) يقتضي أن مُلْك غيره باطل غير مستكمل حقيقة المالكية، إذ كل من ينسب إليه المُلْك عدا الله تعالى هو مالك من جهة ومملوك من جهة لما فيه من نقص واحتياج، ومن ثمَّ فإن مُلْكه مُلْكٌ باطلٌ؛ لأنه ادّعاء مُلْك غير تام، ولذلك وصف الله تعالى ذاته بالعلو فقال: (فَتَعَالَى اللَّهُ).
تفاعل
[116] ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[116] ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ يا الله، آية تخلع الفؤاد، سبحانك ربنا ما أعظمك! سبحانك ما عبدناك حق عبادتك!
وقفة
[116] ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ التعالى هو المبالغة في العلو، وقد تعالى الله عن الولد والشريك، وتعالى عن أن يخلق شيئًا عبثًا، وتعالى أن يقضي أمرًا لغير حكمة، وتعالى عن أي ظن باطل يظنه الخلق به ويقدح في حكمته.
وقفة
[116] ﴿فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ وإذا سألت: ما الدليل على هذا العلو أو ما أسبابه؟! فالجواب: انفراده بالألوهية، وبأنه مالك أعظم المخلوقات وهو العرش، وذلك من أعظم أدلة العظمة.
وقفة
[116] ﴿لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ لماذا وصف الله العرش بأنه کريم؟ قال الرازی: «وإنما وصفه بالكريم؛ لأن الرحمة تنزل منه والخير والبركة، ولنسبته إلى أكرم الأكرمين، كما يقال: بيت كريم، إذا كان ساكنوه کرامًا».
وقفة
[116] رب كريم: ﴿رب العرش الكريم﴾، وكتاب كريم: ﴿إنه لقرآن كريم﴾ [الواقعة: 77]، نفحات الكرم الإلهي تُستجلب من الكريم بالعيش مع كتابه الكريم.

الإعراب :

  • ﴿ فَتَعالَى اللهُ:
  • الفاء استئنافية. تعالى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بمعنى: تنزه عن ذلك أي عن أن يخلق شيئا للعبث واللعب.
  • ﴿ الْمَلِكُ الْحَقُّ:
  • صفتان-نعتان-للفظ‍ الجلالة مرفوعان بالضمة. ويجوز أن يكون «الملك» خبر لمبتدإ محذوف تقديره: هو الملك الحق و «الحق» صفة- نعت-للملك مرفوع مثله بالضمة.
  • ﴿ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ:
  • لا: نافية للجنس تعمل عمل «إن».إله: اسمها مبني على الفتح في محل نصب. إلاّ: أداة حصر أو استثناء. هو: ضمير منفصل في محل رفع بدلا من محل لا إِلهَ» لأن محل «لا» وما عملت فيه الرفع على الابتداء. ولو كان موضع «هو» المستثنى نصبا لكان إلاّ إياه. وخبر «لا» النافية للجنس محذوف تقديره: كائن أو موجود. أو «هو».
  • ﴿ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ:
  • ربّ: خبر «هو» مرفوع بالضمة. العرش:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة و «الكريم» صفة-نعت- للعرش مجرور مثله بالكسرة. ووصف العرش بالكرم لأن الرحمة تنزل منه والخير والبركة أو لنسبه الى أكرم الأكرمين.'

المتشابهات :

طه: 114﴿ فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۗ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ
المؤمنون: 116﴿ فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [116] لما قبلها :     ولَمَّا سألهم اللهُ موبخًا: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا ولعبًا دون حكمة؛ نَزَّه اللهُ نفسَه هنا أن يخلُق شيئًا عبثًا بلا حكمة، قال تعالى:
﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الكريم:
وقرئ:
بالرفع، صفة لرب العرش، أو العرش، وهى قراءة أبان بن تغلب، وابن محيصن، وأبى جعفر، وإسماعيل، عن ابن كثير.

مدارسة الآية : [117] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ..

التفسير :

[117] ومن يعبد مع الله الواحد إلهاً آخر، لا حجة له على استحقاقه العبادة، فإنما جزاؤه على عمله السيِّئ عند ربه في الآخرة. إنه لا فلاح ولا نجاة للكافرين يوم القيامة.

أي:ومن دعا مع الله آلهة غيره، بلا بينة من أمره ولا برهان يدل على ما ذهب إليه، وهذا قيد ملازم، فكل من دعا غير الله، فليس له برهان على ذلك، بل دلت البراهين على بطلان ما ذهب إليه، فأعرض عنها ظلما وعنادا، فهذا سيقدم على ربه، فيجازيه بأعماله، ولا ينيله من الفلاح شيئا، لأنه كافر،{ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} فكفرهم منعهم من الفلاح.

ثم هدد- سبحانه- كل من يعبد غيره أشد تهديد فقال: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ أى: ومن يدع مع الله- تعالى- إلها آخر في عبادته أو مناجاته أو أقواله، أو أفعاله ...

لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ أى: لا دليل له على هذه العبادة، وليس لهذه الجملة الكريمة مفهوم مخالفة، بل هي صفة مطابقة للواقع، لأن كل عابد لغير الله، لا دليل له على هذه العبادة إطلاقا، إذ العبادة لا تكون إلا لله- تعالى- وحده.

فذكر هذه الجملة لإقرار الواقع وتأكيده، لا لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق.

وقوله فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ تهديد شديد لمن يدعو مع الله- تعالى- إلها آخر. أى: من يفعل ذلك فسيلقى الحساب الشديد، والجزاء الرادع، من عند ربه- عز وجل-، لأن عدالته قد اقتضت أن الكافرين به لا ينالون الفلاح، وإنما ينالون الخزي والخسران.

يقول تعالى متوعدا من أشرك به غيره ، وعبد معه سواه ، ومخبرا أن من أشرك بالله ( لا برهان له ) أي : لا دليل له على قوله فقال : ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به ) ، وهذه جملة معترضة ، وجواب الشرط في قوله : ( فإنما حسابه عند ربه ) أي : الله يحاسبه على ذلك .

ثم أخبر : ( إنه لا يفلح الكافرون ) أي : لديه يوم القيامة ، لا فلاح لهم ولا نجاة .

قال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل : " ما تعبد؟ " قال : أعبد الله ، وكذا وكذا حتى عد أصناما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأيهم إذا أصابك ضر فدعوته ، كشفه عنك؟ " . قال : الله عز وجل . قال : [ " فأيهم إذا كانت لك حاجة فدعوته أعطاكها؟ " قال : الله عز وجل . قال ] : " فما يحملك على أن تعبد هؤلاء معه؟ " قال : أردت شكره بعبادة هؤلاء معه أم حسبت أن يغلب عليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعلمون ولا يعلمون " قال الرجل بعد ما أسلم : لقيت رجلا خصمني .

هذا مرسل من هذا الوجه ، وقد روى أبو عيسى الترمذي في جامعه مسندا عن عمران بن الحصين ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك .

يقول تعالى ذكره: ومن يدع مع المعبود الذي لا تصلح العبادة إلا له معبودا آخر، لا حجة له بما يقول، ويعمل من ذلك ولا بينة.

كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) قال: بينة.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: ( لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) قال: حُجة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد، في قوله: ( لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) قال: لا حجة.

وقوله: ( فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) يقول: فإنما حساب عمله السَّيِّئ عند ربه وهو مُوَفِّيه جزاءه إذا قدم عليه ( إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) يقول: إنه لا ينجح أهل الكفر بالله عنده ولا يدركون الخلود والبقاء في النعيم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[117] ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ انظر كيف افتتح السورة بفلاح المؤمنين، وختمها بعدم فلاح الكافرين؛ ليبين البون بين الفريقين، والله أعلم.
عمل
[117] ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ حَذِّر أهلك ومن تعرف من الأقوال والأفعال الشركية، وبَيَّن لهم خطورتها.
وقفة
[117] ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ قال الرازي: «نبه تعالى بالآية، على أن كل ما لا برهان فيه، لا يجوز إثباته، وذلك يوجب صحة النظر وفساد التقليد».
وقفة
[117] رسالة المؤمنون: الإيمان سبيل الفلاح: ﴿قد أفلح المؤمنون﴾ [1]، والكفر سبيل الخسران: ﴿إنه لا يفلح الكافرون﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَمَنْ يَدْعُ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر «من» يدع: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره -حرف العلة-والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى: ومن يعبد.
  • ﴿ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ:
  • مع: اسم ولاضافته فهو ظرف مكان بمعنى: الاجتماع والمصاحبة في محل نصب متعلق بيدعو وهو مضاف. الله لفظ‍ الجلالة: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة جره الكسرة. الها: مفعول به منصوب بالفتحة. آخر: صفة-نعت-لإلها منصوب مثله بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-لأنه على وزن-أفعل.
  • ﴿ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ:
  • بمعنى: لا دليل على إثباته. والجملة: في محل نصب صفة-نعت-لإلها وهو من باب التهكم بمدعي إله مع الله. ويجوز أن تكون الجملة اعتراضية لا محل لها لأنها مؤكدة لمعنى الكلام. والوجه الثاني أصوب. لا: نافية للجنس تعمل عمل «انّ» برهان: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب، له وبه: جاران ومجروران متعلقان بخبر «لا» وخبر «لا» محذوف وجوبا.
  • ﴿ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ:
  • الجملة: جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء: واقعة في جواب الشرط‍ -الجزاء-انما: كافة ومكفوفة.حسابه: مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة. عند: ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بخبر المبتدأ «حسابه» ربه: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-في محل جر بالاضافة بمعنى: فهو يجازيه بما يستحقه.
  • ﴿ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ:
  • إنّ: حرف مشبه بالفعل وهو حرف نصب وتوكيد. والهاء ضمير الشأن مبني على الضم في محل نصب اسم «انّ» ويجوز أن يكون الهاء ضمير الغائب يعود على الموصول في مَنْ يَدْعُ» لا: نافية لا عمل لها. يفلح: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكافرون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. والجملة الفعلية لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ» في محل رفع خبر «ان».'

المتشابهات :

المؤمنون: 117﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
القصص: 82﴿وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [117] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أنه الملك الحق الذي لا إله إلا هو؛ أتبعه بتهديد كل من يعبد غيره أشد تهديد، ثُمَّ خُتِمَتْ السورةُ بخيبةِ الكافرينَ كما افتُتحت بفلاحِ المؤمنينَ، قال تعالى:
﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إنه:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الهمزة، وهى قراءة الحسن، وقتادة.
يفلح:
وقرئ:
بفتح الياء واللام، وهى قراءة الحسن.

مدارسة الآية : [118] :المؤمنون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ ..

التفسير :

[118] وقل -أيها النبي-:ربِّ تجاوَزْ عن الذنوب وارحم؛ وأنت خير مَن رحم ذا ذنب، فقبل توبته ولم يعاقبه على ذنبه.

{ وَقُلْ} داعيا لربك مخلصا له الدين{ رَبِّ اغْفِرْ} لنا حتى تنجينا من المكروه، وارحمنا، لتوصلنا برحمتك إلى كل خير{ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} فكل راحم للعبد، فالله خير له منه، أرحم بعبده من الوالدة بولدها، وأرحم به من نفسه.

تم تفسير سورة المؤمنين، من فضل الله وإحسانه.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بقوله: وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ أى: وقل- أيها الرسول الكريم- مناجيا ربك: رب اغفر للمؤمنين ذنوبهم، وارحم العصاة منهم، وأنت يا مولانا خير من يرحم، وخير من يغفر.

قال الآلوسى: «وفي تخصيص هذا الدعاء بالذكر ما يدل على أهمية ما فيه، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلّم أبا بكر أن يقول نحوه في صلاته. فقد أخرج الشيخان عن أبى بكر- رضى الله عنه- قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي. فقال له قل: «اللهم إنى ظلمت نفسي ظلما كثيرا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» .

وبعد:

فهذه هي سورة «المؤمنون» وهذا تفسير محرر لها. نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.

وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وقوله : ( وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ) هذا إرشاد من الله إلى هذا الدعاء ، فالغفر إذا أطلق معناه محو الذنب وستره عن الناس ، والرحمة معناها : أن يسدده ويوفقه في الأقوال والأفعال .

آخر تفسير سورة المؤمنون .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا محمد: ربّ استر عليّ ذنوبي بعفوك عنها، وارحمني بقبول توبتك، وتركك عقابي على ما اجترمت ( وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ) يقول: وقل : أنت يا ربّ خير من رحم ذا ذنب، فقبل توبته، ولم يعاقبه على ذنبه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[118] ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ﴾ لا يوجد من هو أرحم من الله بك؛ حتى وإن كنت من المذنبين، لله أرحم من الأم بولدها.
لمسة
[118] لماذا حذف متعلِّق: ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ﴾؟ في دعائك تقول: «اللهم اغفر لي ذنبي وارحمني»، وبالتالي فإنك تحدد مفعول المغفرة، لكن هنا حذفه لتفويض الأمر إلى الله في يقين المغفور لهم والمرحومين، ولإطلاق المغفرة في كل شيء دون تعيين.
وقفة
[118] ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ قال الآلوسي: «وفي تخصيص هذا الدعاء بالذكر ما يدل على أهمية ما فيه، وقد علم النبي  أبا بكر أن يقول نحوه في صلاته، فقد أخرج الشيخان عن أبي بكر أنه قال: يا رسول الله، عَلِّمني دُعَاءً أَدعُو بِهِ في صَلاتي، قَالَ: قُلْ: اللَّهمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كثِيرًا، وَلا يَغْفِر الذُّنوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِر لي مغْفِرَةً مِن عِنْدِكَ، وَارحَمْني، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفور الرَّحِيم. [البخاري 7387]».
وقفة
[118] ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ هذا إرشاد من الله إلى هذا الدعاء.
عمل
[118] ما أعظم ختم سورة المؤمنون بقوله: ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾، فاجعلها من دعواتك أيها المؤمن الكريم.
تفاعل
[118] ادع الآن بهذا الدعاء: ﴿رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقُلْ رَبِّ:
  • الواو استئنافية. قل ربّ: أعربت في الآية الكريمة الثالثة والتسعين.
  • ﴿ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرّاحِمِينَ:
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة بعد المائة.'

المتشابهات :

المؤمنون: 109﴿رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
المؤمنون: 118﴿وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
الأعراف: 151﴿وَأَدۡخِلۡنَا فِي رَحۡمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
يوسف: 64﴿فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَٰفِظٗاۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
يوسف: 92﴿قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
الأنبياء: 83﴿وَأَيُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥٓ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [118] لما قبلها :     وبعد أن هدَّدَ اللهُ الكافرين، وحكمَ عليهم بعدم الفلاح؛ أمرَ رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوجَّه إليه بسؤال المغفرة والرحمة؛ ليفوز بالفلاح، قال تعالى:
﴿ وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رب:
وقرئ:
بالضم، وهى قراءة ابن محيصن.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف