3188889909192939495969798

الإحصائيات

سورة طه
ترتيب المصحف20ترتيب النزول45
التصنيفمكيّةعدد الصفحات9.70
عدد الآيات135عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول19تبدأ في الجزء16
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 11/29طه: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (88) الى الآية رقم (94) عدد الآيات (7)

ضلالُ بني إسرائيلَ في عبادتِهم العجلَ، وهارونُ عليه السلام يبيِّنُ لهم الفتنةَ التي وقعُوا فيها، فأصَرُّوا، ثُمَّ معاتبةُ موسى لهارونَ على سكوتِه، وردُّه عليه.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (95) الى الآية رقم (98) عدد الآيات (4)

مناقشةُ موسىعليه السلام للسَّامري، ثُمَّ عقابُ اللهِ للسَّامري في الدُّنيا والآخرةِ، وإلقاءُ موسى عليه السلام العجلَ في البحرِ، ثُمَّ أعلنَ أنَّ الإلهَ المستحقَ للعبادةِ هو اللهُ، الذي وَسِعَ علمُه كلَّ شيءٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة طه

رالإسلام سعادة لا شقاء/ تقوية النبي ﷺ لحمل الرسالة والصبر عليها/ طغيان من أعرض عن هدي الله عز وجل

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • الإسلام هو منهج السعادة::   وقال عنه أيضًا: «وَاللَّهِ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَطْيَبُ عَيْشًا مِنْهُ قَطُّ، مَعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ وخلاف الرَّفَاهِيَةِ وَالنَّعِيمِ بَلْ ضِدِّهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَطْيَبُ النَّاسِ عَيْشًا وأشرحهم صَدْرًا, وَأَقْوَاهُمْ قَلْبًا وَأَسَرُّهُمْ نَفْسًا، تَلُوحُ نَضرَةُ النَّعِيمِ عَلَى وَجْهِهِ، وَكُنَّا إذَا اشْتَدَّ بِنَا الْخَوْفُ، وَسَاءَتْ مِنَّا الظُّنُونُ، وَضَاقَتْ بِنَا الأَرْضُ أَتَيْنَاهُ، فَمَا هُوَ إلا أَنْ نَرَاهُ وَنَسْمَعَ كَلامَهُ فَيَذْهَبَ ذَلِكَ كُلُّهُ, وَيَنْقَلِبَ انْشِرَاحًا وَقُوَّةً وَيَقِينًا وَطُمَأْنِينَةً». هل تعلم ما السر الذي جعل كدر الدنيا عند شيخ الإسلام ابن تيمية سعادة؟ هذا ما سنعرفه من خلال سورة طه.
  • • كيف تشقى مع الرحمن؟:   رسالة السورة تظهر من البداية: ﴿طه * مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَى﴾ (1-2). ومعنى ذلك أن هذا الدين وهذا المنهج ليسا لشقاء الناس، بل إن الإسلام هو منهج السعادة، فلا شقاء مع الإسلام، رغم كل الظروف والصعوبات التي تواجهنا، لكن الشقاء يكون في ترك طريق الله. إن أردت أن تنهي الشقاء من حياتك؛ فعليك بالقرآن: ﴿طه * مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَى﴾ (1-2). إنّ أكثر من يستفيد برسالة هذه السورة هم الشباب البعيدون عن التدين، أو الذين يريدون الالتزام، لكنهم يخافون من أن التزامهم بمنهج الله تعالى سوف يمنعهم من السعادة، ويجلب عليهم الحزن والكآبة ويحرمهم من متع الحياة وأسباب اللهو والترفيه، هذا المفهوم خاطئ جدًا، لذلك تأتي السورة لتؤكد لنا أن الإسلام هو منهج السعادة. كيف ترينا سورة طه هذا المعنى؟ تعال معنا لنعيش مع آيات السورة من أولها.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «طه».
  • • معنى الاسم ::   حرفان من حروف الهجاء، وتنطق: (طاها).
  • • سبب التسمية ::   لافتتاح السورة بهما.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة موسى»، و«سورة الكليم»؛ لاشتمالها على قصة موسى مفصلة، وسمى الكليم؛ لأن الله تعالى كلَّمه.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الإسلام سعادة لا شقاء.
  • • علمتني السورة ::   دع المخلوق وتوجه دائمًا وأبدًا بحاجاتك للخالق، الناس لا تملك شيئًا، لكن الله بحوزته السماوات والأرض: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن على الزوج واجب الإنفاق على الأهل (المرأة) من غذاء، وكساء، ومسكن، ووسائل تدفئة وقت البرد: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العمل على كسب العيش وفعل الأسباب من سنة الأنبياء عليهم السلام: ﴿قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي ثَلاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ: الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَطه».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة طه من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • جو السورة هو جو الرحمة والمن والطمأنينة والرعاية بالمختارين، فلذا جاء نظم ألفاظها سهلًا يشبه سورة مريم السابقة.
    • يذكر العوام أن «يس» و«طه» من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا غير صحيح
    • قال الشيخ ابن باز رحمه الله: وليس «طه» و«يس» من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور؛ مثل «ص» و«ق» و«ن» ونحوها.
    • قال البقاعي: «ومن أعظم فضائلها (أي سورة طه): أن قراءة أولها كان سببًا لإسلام عمر بن الخطاب ...». والصحيح: أن ما ورد أن سورة «طه» كانت سببًا في إسلام عمر بن الخطاب لم يصح رغم شهرته.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نلزم القرآن، فهو من أعظم أسباب السعادة: ﴿طه (1) مَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لِتَشۡقَىٰٓ ﴾ (1، 2).
    • أن نتذكر دومًا أن الله تعالى مطّلع على السرائر والخفيّات, فلا تقل ولا تفعل ما يسخطه سبحانه: ﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ (7).
    • أن نحذر من مصاحبة من اتبع هواه فإنها تعدي وتردي!: ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لَّا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ﴾ (16).
    • أن نجوّدْ عبارتنا: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ۞ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ (27، 28)، ففصاحة لسان الداعية إلى الدين والواعظ المنذر تعين على تدبر ما يقول وفِقهه.
    • أن نحافظ على أذكار الصباح والمساء وأدبار الصلوات وعند النوم: ﴿كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ۞وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا﴾ (33، 34).
    • أن نسأل الله أن يلقي علينا محبة منه, وأن يضع لنا القبول في الأرض, كما أنعم على أوليائه: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي﴾ (39).
    • أن نحرص على القولِ الطَّيبِ مع كل الناس: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا﴾ (44).
    • أن نتواضع؛ لأننا مهما ملكنا، ومهما علونا، ومهما تكبرنا، فيبقى أصلنا من تراب، وإليه سنعود!: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ (55).
    • ألا نتعب أنفسنا مع المعاند؛ لأن في رأسه فكرة لا يريد تغييرها، فهي بنظره الصواب وما سواها هراء!: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ﴾ (56).
    • أن ننكر المنكر: ﴿قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ﴾ (61).
    • أن نحذر من مقولة: «أنا عبد المأمور»، فنحن مؤاخذون بأعمالنا، فالجنود لما أطاعوا فرعون: ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ﴾ (78).
    • ألا نهتم كثيرًا بغضب المخلوق، المهم ألا يغضب علينا الخالق!: ﴿وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ﴾ (81).
    • ألا نتردد في العودة إلى الله مهما لوثتنا الذنوب والخطايا، فالذي سترنا تحت سقف المعصية لن يخذلنا ونحن تحت جناح التوبة: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ﴾ (82).
    • أن نحرص على دخول المسجد قبلَ الأذانِ، فالأعجلُ إلى الطَّاعةِ أحرى بالرِّضا: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ﴾ (84).
    • ألا نواجه الغاضبَ بغضبٍ مثله، بل نتلطَّف في الرَّدِ عليه، فكم من هجرٍ وفراقٍ طويلٍ كان سببُه غضبٌ بسيطٌ لم يجدْ مَن يحتويه، قال هارون لموسى: ﴿يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ (94).
    • أن نقبل على القرآن الكريم تعلمًا، وتعليمًا، وعملًا؛ ففيه النجاة: ﴿وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا ۞ مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا﴾ (99، 100).
    • أن نكثر من الدعاء بزيادة العلم: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ (114).
    • أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ونعوّذ أهلنا وأولادنا منه: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ﴾ (117).
    • أن نحــرص على معـرفة سـيـرة مـن ينصحنا قبـل أن نقبـل نصيحتــه: ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ﴾ (120).
    • ألا نتمنى ما عند غيرنا من زهرة الحياة الدنيا؛ فإنها إلى زوال: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيۡنَيۡكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعۡنَا بِهِۦٓ أَزۡوَٰجٗا مِّنۡهُمۡ زَهۡرَةَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا لِنَفۡتِنَهُمۡ فِيهِۚ وَرِزۡقُ رَبِّكَ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰ ﴾ (131).

تمرين حفظ الصفحة : 318

318

مدارسة الآية : [88] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ ..

التفسير :

[88] فصنع السامري لبني إسرائيل من الذهب عجلاً جسداً يخور خوار البقر، فقال المفتونون به منهم للآخرين:هذا هو إلهكم وإله موسى، نسيه وغَفَل عنه.

تفسير الآيتين 87 و88:ـ

أي:قالوا له:ما فعلنا الذي فعلنا عن تعمد منا، وملك منا لأنفسنا، ولكن السبب الداعي لذلك، أننا تأثمنا من زينة القوم التي عندنا، وكانوا فيما يذكرون استعاروا حليا كثيرا من القبط، فخرجوا وهو معهم وألقوه، وجمعوه حين ذهب موسى ليراجعوه فيه إذا رجع.

وكان السامري قد بصر يوم الغرق بأثر الرسول، فسولت له نفسه أن يأخذ قبضة من أثره، وأنه إذا ألقاها على شيء حيي، فتنة وامتحانا، فألقاها على ذلك العجل الذي صاغه بصورة عجل، فتحرك العجل، وصار له خوار وصوت، وقالوا:إن موسى ذهب يطلب ربه، وهو هاهنا فنسيه، وهذا من بلادتهم، وسخافة عقولهم، حيث رأوا هذا الغريب الذي صار له خوار، بعد أن كان جمادا، فظنوه إله الأرض والسماوات.

ثم بين- سبحانه- ما صنعه لهم السامري من تلك الحلي فقال: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ.

والخوار: الصوت المسموع.

أى: فكانت نتيجة ما قذفوه من الحلي في النار، أن أخرج السامري لهم من ذلك عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أى: صوت كصوت البقر.

قيل: إن الله- تعالى- خلق الحياة في ذلك العجل على سبيل الاختبار والامتحان لهم.

وقيل: لم تكن به حياة، ولكن السامري صنعه لهم بدقة، وجعل فيه منافذ إذا دخلت فيها الريح أخرجت منه صوتا كصوت خوار البقر.

فقال بنو إسرائيل عند ما رأوا العجل الذي صنعه لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى فاعبدوه، لأن موسى نسى إلهه هنا، وذهب ليبحث عنه في مكان آخر، فالضمير في قوله فَنَسِيَ يعود لموسى.

وقولهم هذا يدل على بلادتهم وسوء أدبهم مع نبيهم، فهم لم يكتفوا بعبادة العجل، بل زعموا أن نبيهم الداعي لهم إلى توحيد الله، قد كان يعبد العجل وأنه قد نسى مكانه فذهب يبحث عنه.

وقيل: إن الذي حدث منه النسيان هو السامري، وأن النسيان بمعنى الترك، أى: فترك السامري ما كان عليه من الإيمان الظاهري، ونبذ الدين الذي بعث الله- تعالى- به موسى، وحض الناس على عبادة العجل الذي صنعه لهم.

والقول الأول أرجح، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة، ولأنه هو المأثور عن السلف.

قال ابن جرير: «وأولى الأقوال بالصواب عندنا أن يكون فَنَسِيَ خبرا من الله- تعالى- عن السامري، وأنه وصف موسى بأنه نسى ربه، وأن ربه الذي ذهب يريده هو العجل الذي أخرجه السامري، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه، ولأنه عقيب ذكر موسى، وهو أن يكون خبرا من السامري عنه بذلك أشبه من غيره» .

ولهذا قالوا : ( فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار )

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبادة بن البختري حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد عن سماك ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ; أن هارون مر بالسامري وهو ينحت العجل ، فقال له : ما تصنع؟ فقال : أصنع ما يضر ولا ينفع فقال هارون : اللهم أعطه ما سأل على ما في نفسه ومضى هارون ، فقال السامري : اللهم إني أسألك أن يخور فخار ، فكان إذا خار سجدوا له ، وإذا خار رفعوا رؤوسهم .

ثم رواه من وجه آخر عن حماد وقال : [ أعمل ] ما ينفع ولا يضر .

وقال السدي : كان يخور ويمشي .

فقالوا - أي : الضلال منهم الذين افتتنوا بالعجل وعبدوه - : ( هذا إلهكم وإله موسى فنسي ) أي : نسيه هاهنا ، وذهب يتطلبه . كذا تقدم في حديث " الفتون " عن ابن عباس . وبه قال مجاهد .

قال سماك عن عكرمة عن ابن عباس : ( فنسي ) أي : نسي أن يذكركم أن هذا إلهكم .

وقال محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس فقالوا : ( هذا إلهكم وإله موسى ) قال : فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا شيئا قط يعني مثله ، يقول الله : ( فنسي ) أي : ترك ما كان عليه من الإسلام ، يعني : السامري .

قال الله تعالى ردا عليهم ، وتقريعا لهم ، وبيانا لفضيحتهم وسخافة عقولهم فيما ذهبوا إليه :

القول في تأويل قوله تعالى : قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)

يقول تعالى ذكره: قال قوم موسى لموسى: ما أخلفنا موعدك، يعنون بموعده: عهده الذي كان عهده إليهم.

كما حدثني محمد بن عمرو، ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " وحدثنا الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله مَوْعِدِي قال: عهدي ، وذلك العهد والموعد هو ما بيَّناه قبل.

وقوله (بِملْكِنا) يخبر جلّ ذكره عنهم أنهم أقروا على أنفسهم بالخطأ، وقالوا: إنا لم نطق حمل أنفسنا على الصواب، ولم نملك أمرنا حتى وقعنا في الذي وقعنا فيه من الفتنة.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة بِمَلْكِنَا بفتح الميم، وقرأته عامة قرّاء الكوفة ( بِمُلْكِنا(بضم الميم، وقرأه بعض أهل البصرة ( بِمِلْكِنا) بالكسر، فأما الفتح والضمّ فهما بمعنى واحد، وهما بقدرتنا وطاقتنا، غير أن أحدهما مصدر، والآخر اسم، وأما الكسر فهو بمعنى ملك الشيء وكونه للمالك.

واختلف أيضا أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: ما أخلفنا موعدك بأمرنا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني &; 18-352 &; معاوية، عن عليّ عن ابن عباس، قوله مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا يقول: بأمرنا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (بِمَلْكِنا) قال: بأمرنا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

وقال آخرون: معناه: بطاقتنا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا : أي بطاقتنا.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا يقول: بطاقتنا.

وقال آخرون: معناه: ما أخلفنا موعدك بهوانا، ولكنا لم نملك أنفسنا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا قال: يقول بهوانا، قال: ولكنه جاءت ثلاثة، قال ومعهم حلي استعاروه من آل فرعون، وثياب.

وقال أبو جعفر: وكلّ هذه الأقوال الثلاثة في ذلك متقاربات المعنى، لأن من لم يملك نفسه، لغلبة هواه على ما أمر، فإنه لا يمتنع في اللغة أن يقول: فعل فلان هذا الأمر، وهو لا يملك نفسه وفعله، وهو لا يضبطها وفعله وهو لا يطيق تركه ، فإذا كان ذلك كذلك، فسواء بأيّ القراءات الثلاث قرأ ذلك القارئ، وذلك أن من كسر الميم من الملك، فإنما يوجه معنى الكلام إلى ما أخلفنا موعدك، ونحن نملك الوفاء به لغلبة أنفسنا إيانا على خلافه، وجعله من قول القائل: هذا ملك فلان لما يملكه من المملوكات، وأن من فتحها، فإنه يوجه معنى الكلام إلى نحو ذلك، غير أنه يجعله مصدرا من قول القائل: ملكت الشيء أملكه ملكا وملكة، كما يقال: غلبت فلانا أغلبه غَلبا وغَلَبة، وأن من ضمها فإنه وجَّه معناه إلى ما أخلفنا موعدك بسلطاننا وقدرتنا، أي ونحن نقدر &; 18-353 &; أن نمتنع منه، لأن كل من قهر شيئا فقد صار له السلطان عليه، وقد أنكر بعض الناس قراءة من قرأه بالضمّ، فقال: أيّ ملك كان يومئذ لبني إسرائيل، وإنما كانوا بمصر مستضعفين، فأغفل معنى القوم وذهب غير مرادهم ذهابا بعيدا، وقارئو ذلك بالضم لم يقصدوا المعنى الذي ظنه هذا المنكر عليهم ذلك، وإنما قصدوا إلى أن معناه: ما أخلفنا موعدك بسلطان كانت لنا على أنفسنا نقدر أن نردها عما أتت، لأن هواها غلبنا على إخلافك الموعد.

وقوله وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ يقول: ولكنا حملنا أثقالا وأحمالا من زينة القوم، يعنون من حلي آل فرعون، وذلك أن بني إسرائيل لما أراد موسى أن يسير بهم ليلا من مصر بأمر الله إياه بذلك، أمرهم أن يستعيروا من أمتعة آل فرعون وحليهم، وقال: إن الله مغنمكم ذلك، ففعلوا، واستعاروا من حليّ نسائهم وأمتعتهم، فذلك قولهم لموسى حين قال لهم أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي * قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فهو ما كان مع بني إسرائيل من حلي آل فرعون، يقول: خطئونا بما أصبنا من حليّ عدوّنا.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( أَوْزَارًا قال: أثقالا وقوله مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ قال: هي الحليّ التي استعاروا من آل فرعون، فهي الأثقال.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا قال: أثقالا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ قال: حليهم.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ يقول: من حليّ القبط.

&; 18-354 &;

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ قال: الحليّ الذي استعاروه والثياب ليست من الذنوب في شيء، لو كانت الذنوب كانت حملناها نحملها، فليست من الذنوب في شيء.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ عامة قرّاء المدينة وبعض المكيين (حُمِّلْنا) بضم الحاء وتشديد الميم بمعنى أن موسى يحملهم ذلك، وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة وبعض المكيين ( حَمَلْنا) بتخفيف الحاء والميم وفتحهما، بمعنى أنهم حملوا ذلك من غير أن يكلفهم حمله أحد.

قال أبو جعفر: والقول عندي في تأويل ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، لأن القوم حملوا، وأن موسى قد أمرهم بحمله، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب.

وقوله فَقَذَفْنَاهَا يقول: فألقينا تلك الأوزار من زينة القوم في الحفرة ( فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ) يقول: فكما قذفنا نحن تلك الأثقال، فكذلك ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله فَقَذَفْنَاهَا قال: فألقيناها فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ : كذلك صنع.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد فَقَذَفْنَاهَا قال: فألقيناها فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فكذلك صنع.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة فَقَذَفْنَاهَا : أي فنبذناها.

التدبر :

لمسة
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا﴾ عبّر ربنا عن فعل السامري بالإخراج دون الصنع، ولم يقل: (فصنع لهم عجلًا)؛ إشارة إلى أن صنعه بحيلة مستورة عنهم حتى تمّه، ثم أخرجه وأظهره بعد أن كان محجوبًا لتنطلي حيله على عقولهم.
وقفة
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ كان نتيجة ما قذفوه من الحلي في النار، أن أخرج السامري لهم من ذلك عجلًا جسدًا له خوار، أي صوت كصوت البقر.
وقفة
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ قيل: إن الله خلق الحياة في ذلك العجل على سبيل الاختبار لهم، وقيل: لم تكن به حياة، ولكن السامري صنعه لهم بدقة، وجعل فيه منافذ إذا دخلت فيها الريح أخرجت منه صوتًا كصوت خوار البقر.
وقفة
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ العجل رمز لاستعداد الأمة للضلال، وانظر كيف أظهر بعض أبناء شعوبنا القابلية لمثل هذا الضلال، ووقوعها في خرافات العقائد، وتأييدها لمن جهر بمعاداة الله ورسوله؟!
عمل
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ السامري اختار صورة العجل تحديدًا لأنه كان من قومٍ يعبدون البقر، فأصله ليس من بني إسرائيل, فما زالت ثقافة الأصنام باقية في ذهنة, فمن فوائد الآية: على الأمة أن تحذر أصحاب الثقافات السابقة.
وقفة
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ خداع الناس بتزوير الحقائق مسلك أهل الضلال.
وقفة
[88] ما أسرع تغيير الناس لدينهم؛ فهؤلاء قوم موسى قد عبدوا العجل بعد ذهاب موسى عنهم وهارون بينهم ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ﴾.
وقفة
[88] ﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ هذا دليل فجور اليهود وبلادة فهمهم وسوء أدبهم مع ربهم ونبيهم، فلم يكتفوا بعبادة العجل، بل زعموا أن نبيهم كان يعبده، وأنه نسي مكانه، فذهب للبحث عنه!
وقفة
[88] ﴿فَأَخرَجَ لَهُم عِجلًا جَسَدًا لَهُ خُوارٌ فَقالوا هذا إِلهُكُم وَإِلهُ موسى فَنَسِيَ﴾ عندما يطمس الله قلوبًا كفرت به، فتلك القلوب قد تصدق أى شئ، حتى ولو قيل لهم أن العجل إله، والعياذ بالله.
وقفة
[88] ﴿عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ﴾ أثناء الفتنة يغيب العقل، الخوار كان صوت صفير الهواء الداخل للعجل، فدليل أولوهية العجل هو عين دليل بطلانها, لكن حين الفتنة يغيب العقل, فنعوذ بالله من الفنن.
وقفة
[88] ﴿لَّهُ خُوَارٌ﴾ بئست المميّزات لهذا الإله.
وقفة
[88] ﴿هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ ذهاب موسى لربه جعلها السامري هي الدليل لشبهته (الشبهات المفتون يلقيها، والشيطان ينشرها ويذكيها).
وقفة
[88] ﴿هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ لما رأی بنو إسرائيل العجل الذي صنعه لهم السامري قالوا: هذا إلهكم وإله موسی فاعبدوه، فإن موسى نسي إلهه هنا، وذهب يبحث عنه في مكان آخر.
وقفة
[88] ﴿هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ ذهاب موسى لربه جعلها السامري هي الدليل لشبهته في عبادة العجل، وعلى هذا: الشبهات المفتون يلقيها والشيطان ينشرها ويذكيها, فإذا وجدت دليلًا على باطل فلا تتوقع أنك تجد دليلًا محكمًا متناسقًا, وإنما هي شبهات وظنون زينتها الأوهام.
وقفة
[88] ﴿هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ من فوائد الآية: ألا تأمن؛ فما أسرع دخول الشرك بعد التوحيد، بينما كانوا مؤمنين موحدين عبدوا العجل في مدة أربعين يومًا.
وقفة
[88] ﴿هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ أي نسي الإيمان الذي في قلبه.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَخْرَجَ لَهُمْ:
  • الفاء عاطفة. أخرج: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي السامري. لهم: جار ومجرور متعلق بأخرج و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام بمعنى: فصنع لهم
  • ﴿ عِجْلاً جَسَداً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. جسدا: صفة-نعت-لعجلا منصوب مثلها بالفتحة بمعنى عجلا أحمر من ذهب صنعه من تلك الحلي مجسدا له صوت. أو فأخرج لهم من الحفرة عجلا فحملهم على الضلال.
  • ﴿ لَهُ خُوارٌ:
  • الجملة الاسمية: في محل نصب صفة ثانية لعجلا. بمعنى: له صوت. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. خوار: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَقالُوا:
  • الفاء: عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ هذا إِلهُكُمْ:
  • لجملة الاسمية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إله: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ وَإِلهُ مُوسى:
  • معطوفة بالواو على «إلهكم» مرفوعة مثلها بالضمة. موسى:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-على العجمة والعلمية. وقدرت الحركة على الألف للتعذر.
  • ﴿ فَنَسِيَ:
  • الفاء: استئنافية. نسي: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يعود على موسى، أو السامري بمعنى: فنسي موسى أن يطلبه ههنا وذهب يطلبه عند الطور. أو فنسي السامري: أي ترك ما كان عليه من الايمان الظاهر. وحذف المفعول لمعرفته.'

المتشابهات :

الأعراف: 148﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ وَلَا يَهۡدِيهِمۡ
طه: 88﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولَمَّا أخبرَ اللهُ عز و جل موسى عليه السلام مجملًا أن السَّامِرِيَّ أضَلَّ قومَه؛ فصَّلَ هنا ما فعله السَّامِرِيُّ: فقد صنع لبني إسرائيل من الذهب جَسَدَ عِجل، يَخُور خُوار البقر، وليس فيه روح، فقال المفتونون به منهم للآخرين: «هذا هو إلهكم وإله موسى، نسيه وتركه هنا»، قال تعالى:
﴿ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فنسى:
وقرئ:
بسكون الياء، وهى قراءة الأعمش.

مدارسة الآية : [89] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ..

التفسير :

[89] أفلا يرى الذين عبدوا العجل أنه لا يكلمهم ابتداء، ولا يردُّ عليهم جواباً، ولا يقدر على دفع ضرٍّ عنهم، ولا جلب نفع لهم؟

{ أَفَلَا يَرَوْنَ} أن العجل{ لَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} أي:لا يتكلم ويراجعهم ويراجعونه، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا، فالعادم للكمال والكلام والفعال لا يستحق أن يعبد وهو أنقص من عابديه، فإنهم يتكلمون ويقدرون على بعض الأشياء، من النفع والدفع، بإقدار الله لهم.

وقوله- تعالى-: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا، وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً تقريع لهم على جهلهم وغبائهم وسوء أدبهم.

والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام، أى: أبلغ عمى البصيرة عند هؤلاء السفهاء أنهم لم يفطنوا إلى أن هذا العجل الذي اتخذوه إلها، لا يستطيع أن يجيبهم إذا سألوه أو خاطبوه، ولا يرد عليهم قولا يقولونه له، ولا يملك لهم شيئا لا من الضر ولا من النفع.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا، اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ .

ثم بين- سبحانه- موقف هارون- عليه السلام- من هؤلاء الجاهلين الذين عبدوا العجل، فقال- تعالى-:

( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ) أي : العجل ( أفلا يرون ) أنه لا يجيبهم إذا سألوه ، ولا إذا خاطبوه ، ( ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ) أي : في دنياهم ولا في أخراهم .

قال ابن عباس رضي الله عنه : لا والله ما كان خواره إلا أن يدخل الريح في دبره فيخرج من فيه ، فيسمع له صوت .

وقد تقدم في متون الحديث عن الحسن البصري : أن هذا العجل اسمه بهموت .

وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط ، فألقوها عنهم ، وعبدوا العجل . فتورعوا عن الحقير وفعلوا الأمر الكبير ، كما جاء في الحديث الصحيح عن ابن عمر : أنه سأله رجل من أهل العراق عن دم البعوض إذا أصاب الثوب - يعني : هل يصلي فيه أم لا؟ - فقال ابن عمر ، رضي الله عنه : انظروا إلى أهل العراق ، قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني : الحسين - وهم يسألون عن دم البعوض؟ .

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)

وقوله فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ يقول: فأخرج لهم السامريّ مما قذفوه ومما ألقاه عجلا جسدا له خوار، ويعني بالخوار: الصوت، وهو صوت البقر.

ثم اختلف أهل العلم في كيفية إخراج السامريّ العجل، فقال بعضهم: صاغه صياغة، ثم ألقى من تراب حافر فرس جبرائيل في فمه فخار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ قال: كان الله وقَّت لموسى ثلاثين ليلة ثم أتمها بعشر، فلما مضت الثلاثون قال عدوّ الله السامري: إنما أصابكم الذي أصابكم عقوبة بالحلي الذي كان معكم، فهلموا وكانت حليا تعيروها (1) من آل فرعون، فساروا وهي معهم، فقذفوها إليه، فصوّرها صورة بقرة، وكان قد صرّ في عمامته أو في ثوبه قبضة من أثر فرس جبرائيل، فقذفها مع الحليّ والصورة ( فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ ) فجعل يخور خوار البقر، فقال ( هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى ).

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: لما استبطأ موسى قومه قال لهم السامريّ: إنما احتبس عليكم لأجل ما عندكم من الحليّ، وكانوا استعاروا حليا من آل فرعون فجمعوه فأعطوه السامريّ فصاغ منه عجلا ثم أخذ القبضة التي قبض من أثر الفرس، فرس الملك، فنبذها في جوفه، فإذا هو عجل جسد له خوار، قالوا: هذا إلهكم وإله موسى، ولكن موسى نسي ربه عندكم.

وقال آخرون في ذلك بما حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: أخذ السامريّ من تربة الحافر، حافر فرس جبرائيل، فانطلق موسى واستخلف هارون على بني إسرائيل وواعدهم ثلاثين ليلة، فأتمها الله بعشر، قال لهم هارون: يا بني إسرائيل إن الغنيمة لا تحلّ لكم، وإن حليّ القبط إنما هو غنيمة، فاجمعوها جميعا، فاحفروا لها حفرة فادفنوها، فإن جاء موسى فأحلها أخذتموها، وإلا كان شيئا لم تأكلوه، فجمعوا ذلك الحليّ في تلك الحفرة، فجاء السامريّ بتلك القبضة فقذفها فأخرج الله من الحليّ عجلا جسدا له خوار، وعدّت بنو إسرائيل موعد موسى، فعدوا الليلة يوما، واليوم &; 18-356 &; يوما، فلما كان لعشرين خرج لهم العجل، فلما رأوه قال لهم السامريّ( هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ) فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ذلك حين قال لهم هارون: احفروا لهذا الحليّ حفرة واطرحوه فيها، فطرحوه، فقذف السامريّ تربته، وقوله: ( فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى ) يقول: فقال قوم موسى الذين عبدوا العجل: هذا معبودكم ومعبود موسى، وقوله (فَنَسي) يقول: فضلّ وترك.

ثم اختلف أهل التأويل في قوله (فَنَسِيَ) من قائله ومن الذي وصف به وما معناه، فقال بعضهم: هذا من الله خبر عن السامريّ، والسامريّ هو الموصوف به، وقالوا: معناه: أنه ترك الدين الذي بعث الله به موسى وهو الإسلام.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن حكيم بن جُبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: يقول الله (فَنَسِيَ) : أي ترك ما كان عليه من الإسلام، يعني السامري.

وقال آخرون: بل هذا خبر من الله عن السامريّ، أنه قال لبني إسرائيل، وأنه وصف موسى بأنه ذهب يطلب ربه، فأضلّ موضعه، وهو هذا العجل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبى، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس فَقَذَفْنَاهَا يعني زينة القوم حين أمرنا السامريّ لما قبض قبضة من أثر جبرائيل عليه السلام، فألقى القبضة على حليهم فصار عجلا جسدا له خوار ( فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى ) الذي انطلق يطلبه (فَنَسِيَ) يعني: نسي موسى، ضلّ عنه فلم يهتد له.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَنَسِيَ) يقول: طلب هذا موسى فخالفه الطريق.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة (فَنَسِيَ) يقول: قال السامريّ: موسى نسي ربه عندكم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (فَنَسِي) موسى، قال: هم يقولونه: أخطأ الربّ العجل.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (فَنَسيَ) قال: نسي موسى، أخطأ الربّ العجل، قوم موسى يقولونه.

حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ(فَنَسِيَ) يقول: ترك موسى إلهه هاهنا وذهب يطلبه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله ( هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ) قال: يقول: فنسي حيث وعده ربه هاهنا، ولكنه نسي.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ ) يقول: نسي موسى ربه فأخطأه، وهذا العجل إله موسى.

قال أبو جعفر: والذي هو أولى بتأويل ذلك القول الذي ذكرناه عن هؤلاء، وهو أن ذلك خبر من الله عزّ ذكره عن السامريّ أنه وصف موسى بأنه نسي ربه، وأنه ربه الذي ذهب يريده هو العجل الذي أخرجه السامري، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه، وأنه عقيب ذكر موسى، وهو أن يكون خبرا من السامري عنه بذلك أشبه من غيره.

---------------

الهوامش :

(1) لعله : تعوروها : أي استعاروها ، كما أورده في اللسان في قصة العجل من حديث ابن عباس .

التدبر :

وقفة
[89] ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا﴾ من الأدلّة القرآنية على قياس الأولى، ومشروعيّة الاستدلال به في باب الأسماء والصفات والله أعلم.
وقفة
[89] قال الله لِمَن عَبَدَ العِجْل: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا﴾، فمن صفات الإله أنه يجيب معبوديه، فكيف إذا كان يبادرهم بالنوال قبل السؤال؟!
وقفة
[89] ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ لأن ذلك محل العبرة من فقدانه صفات العاقل؛ لأنهم يَدْعُونه، ويُثنون عليه، ويمجدونه، وهو ساكت، لا يشكر لهم، ولا يَعِدهم باستجابة، وشأن الكامل إذا سمع ثناء أو تلقّى طِلبة أن يجيب.
وقفة
[89] ﴿أَفَلا يَرَونَ أَلّا يَرجِعُ إِلَيهِم قَولًا وَلا يَملِكُ لَهُم ضَرًّا وَلا نَفعًا﴾ ليست رؤية البصر فقط، إنما أيضًا رؤية البصيرة التى عُميت.
وقفة
[89] ﴿وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ لا يوجد أحد على وجه هذه المعمورة يملك أن ينفعك أو يعيطك أو يمنعك إلا الله، فدعها قاعدة في نفسك لترتاح.
لمسة
[89] ﴿وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ وقدم الضرّ على النفع قطعًا لعُذرهم في اعتقاد إلوهيته؛ لأنَّ عذر الخائف من الضرّ أقوى من عذر الراغب في النفع.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَلا يَرَوْنَ:
  • الألف: ألف تقرير بلفظ‍ استفهام. الفاء: زائدة-تزيينية-.لا: نافية لا عمل لها. يرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ أَلاّ يَرْجِعُ:
  • أصلها: «أن» المخففة من الثقيلة لأنها مسبوقة بظن والفعل بعدها مرفوع وخبرها مفصول عنها بحرف نفي وهي حرف مشبه بالفعل واسمها ضمير شأن تقديره: أنه أي أنّ هذا العجل و «لا» نافية لا عمل لها وهي عوض من حرف الشأن والقصة ومن احدى النونين في أنّ عند تخفيفها. يرجع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «لا يرجع» في محل رفع خبر «أن» المخففة و «أن» المخففة وما بعدها في تأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «يرون» لأن الفعل «يرى» هنا بمعنى الظن والعلم يتعدى الى مفعولين وليس بصريا ومعنى «لا يرجع» لا يرد.
  • ﴿ إِلَيْهِمْ قَوْلاً:
  • جار ومجرور متعلق بيرجع و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بإلى. قولا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا:
  • معطوفة بالواو على «لا يرجع اليهم قولا» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ وَلا نَفْعاً:
  • الواو: عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. نفعا: معطوفة على «ضرا» منصوبة مثلها وتعرب اعرابها.'

المتشابهات :

التوبة: 126﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ
طه: 89﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا
الأنبياء: 44﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     ولَمَّا فصَّلَ اللهُ عز و جل ما فعله السَّامِرِيُّ ببني إسرائيل؛ وبَّخَ اللهُ هنا من ضل بهذا العِجل: إن هذا العِجل لا يتكلم ولا يضر ولا ينفع؛ فكيف يكون إلهًا؟! قال تعالى:
﴿ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يرجع:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالنصب، على أن «أن» هى الناصبة للمضارع، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [90] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن ..

التفسير :

[90] ولقد قال هارون لبني إسرائيل من قبل رجوع موسى إليهم:يا قوم إنما اختُبرتم بهذا العجل؛ ليظهر المؤمن منكم من الكافر، وإن ربكم الرحمن لا غيره فاتبعوني فيما أدعوكم إليه من عبادة الله، وأطيعوا أمري في اتباع شرعه.

أي:إن اتخاذهم العجل، ليسوا معذورين فيه، فإنه وإن كانت عرضت لهم الشبهة في أصل عبادته، فإن هارون قد نهاهم عنه، وأخبرهم أنه فتنة، وأن ربهم الرحمن، الذي منه النعم الظاهرة والباطنة، الدافع للنقم وأنه أمرهم أن يتبعوه، ويعتزلوا العجل

وجملة: وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ ... قسمية مؤكدة لما قبلها.

أى: والله لقد نصح هارون- عليه السلام- عبدة العجل من قومه، قبل رجوع موسى إليهم، فقال لهم مستعطفا:.. يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ.. أى: يا قوم إن ضلالكم وكفركم إنما هو بسبب عبادتكم العجل، فالضمير في بِهِ يعود إلى العجل.

وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ هو وحده المستحق للعبادة والطاعة.

وجمع- سبحانه- بين لفظي الرب والرحمن، لجذبهم نحو الحق، واستمالتهم نحوه، وللتنبيه على أنهم متى تابوا قبل الله توبتهم، لأنه- سبحانه- هو الرحمن الرحيم.

والفاء في قوله: فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي لترتيب ما بعدها على ما قبلها.

أى: وما دام الأمر كذلك فاتبعوني وأطيعوا أمرى، في الثبات على الحق، وفي نبذ عبادة العجل، وفي المحافظة على ما عاهدكم عليه موسى- عليه السلام-.

يخبر تعالى عما كان من نهي هارون ، عليه السلام ، لهم عن عبادة العجل ، وإخباره إياهم : إنما هذا فتنة لكم ( وإن ربكم الرحمن ) الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا ، ذو العرش المجيد ، الفعال لما يريد ( فاتبعوني ) أي : فيما آمركم به ، واتركوا ما أنهاكم عنه .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا (89)

يقول تعالى ذكره موبخا عبدة العجل، والقائلين له هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ وعابهم بذلك، وسفه أحلامهم بما فعلوا ونالوا منه: أفلا يرون أن العجل الذي زعموا أنه إلههم وإله موسى لا يكلمهم، وإن كلَّموه لم يرد عليهم جوابا، ولا يقدر على ضرّ ولا نفع، فكيف يكون ما كانت هذه صفته إلها؟ كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم. قال: ثنا عيسى " ح " وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا ) العجل.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد ( أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا ) قال: العجل.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله ( أَفَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ) ذلك العجل الذي اتخذوه ( قَوْلا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا ).

التدبر :

وقفة
[90] ﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ﴾ أكثر من لا ينفع معه الإرشاد هو المفتون، لأن عقله تشرب بفكرة تمكنت منه ولا يريد غيرها.
وقفة
[90] ﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ كان الموحدون الذين ثبتوا مع هارون هم الأقل والأكثر عبدوا العجل, فالتوحيد عزيز فلا تغتر بالكثرة, فالقرآن يربي المؤمن على اتباع الحق وليس كثرة الخلق.
وقفة
[90] ﴿وَلَقَد قالَ لَهُم هارونُ مِن قَبلُ يا قَومِ إِنَّما فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحمنُ فَاتَّبِعوني وَأَطيعوا أَمري﴾ إذا وُكلت بمنصب أو أن تقوم مقام أحد؛ فأدِ ما عليك باجتهاد وأمانة.
وقفة
[90] أنكر منكرًا بالقول والقلب إذا لم تستطع تغييره باليد ﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾.
وقفة
[90]‏ إذا رأيت الناس قد فتنهم شيء من أمور الدنيا عن طاعة ربهم فاقرأ عليهم هذه الآية: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ﴾.
وقفة
[90] ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ قال الرازي: «واعلم أن هارون عليه السلام سلك في هذا الوعظ أحسن الوجوه؛ لأنه زجرهم عن الباطل -أولًا- بقوله: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ﴾، ثم دعاهم إلى معرفة الله -ثانيًا- بقوله: ﴿وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ﴾، ثم دعاهم -ثالثًا- إلى معرفة النبوة بقوله: ﴿فَاتَّبِعُونِي﴾، ثم دعاهم -رابعا- إلى الشرائع بقوله: ﴿وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾، وهذا هو الترتيب الجيد؛ لأنه لا بد قبل كل شيء من إماطة الأذى عن الطريق وهو إزالة الشبهات، ثم معرفة الله تعالى هي الأصل، ثم النبوة، ثم الشريعة فثبت أن هذا الترتيب على أحسن الوجوه».
وقفة
[90] ﴿إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ﴾ الفتن دائمًا تستقطب الجماهير، وتظهر فجأة، وأدلّتها ركيكة، وتستشري في غياب العلماء أو تغييبهم.
وقفة
[90] ﴿وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ﴾ الحق واضح أبلج، لا يحتاج لمن يدلك عليه، لست بحاجة أن تقول إن الشمس بمكانها لم تتغير، إلا لمن أصيب بالعمى!
وقفة
[90] ﴿وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحمنُ﴾ ذكرهم باسم الله الرحمن، وبأنهم متى تابوا غفر لهم الرحمن ذنوبهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد:حرف تحقيق. قال: فعل ماض مبني على الفتح. لهم: اللام حرف جر.و«هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. والجملة بعده في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ هارُونُ مِنْ قَبْلُ:
  • فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف -التنوين-للعجمة والعلمية. من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة في محل جر بمن. أي من قبل أن يقول لهم السامري ما قال. والجاران والمجروران «لهم» و مِنْ قَبْلُ» متعلقان بقال.
  • ﴿ يا قَوْمِ:
  • يا: أداة نداء. قوم: منادى مضاف منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء المحذوفة خطا اكتفاء بالكسرة على ما قبلها ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ:
  • إنما: كافة ومكفوفة. فتنتم: أي ابتليتم: فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطبين. التاء ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور. به: جار ومجرور متعلق بفتنتم والهاء يعود على بالعجل.
  • ﴿ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ:
  • الواو عاطفة. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربّ: اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.والكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. الرحمن: خبر «إن» مرفوع بالضمة. أي هو الرحمن لا غيره.
  • ﴿ فَاتَّبِعُونِي:
  • الفاء استئنافية. اتبعوني: فعل أمر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون:نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَأَطِيعُوا أَمْرِي:
  • معطوفة بالواو على «اتبعوني» أطيعوا تعرب إعراب «اتبعوا» أمري مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير المتكلم في محل جر مضاف اليه.'

المتشابهات :

آل عمران: 31﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فـ اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
طه: 90﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فـ اتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي
غافر: 38﴿وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ
الزخرف: 61﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَ اتَّبِعُونِ ۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     ولَمَّا كان الذَّنبُ بعد العلم أبشَعَ، والضَّلالُ بعد البيان أشنَعَ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن هارون عليه السلام وعظهم، وحذرهم، وبَيَّنَ لهم أن ما ذهبوا إليه من أمر العِجل إنما هو فتنة، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إنما:
وقرئ:
بفتح الهمزة، وهى قراءة فرقة.
وإن ربكم:
1- بكسر الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة الحسن، وعيسى، وأبى عمرو.

مدارسة الآية : [91] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ ..

التفسير :

[91] قال عُبَّاد العجل منهم:لن نزال مقيمين على عبادة العجل حتى يرجع إلينا موسى.

فأبوا وقالوا:{ لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}

ولكن هذه النصيحة الحكيمة من هارون لهم لم تجد أذنا صاغية. بل قابلوا نصيحته لهم بالاستخفاف والتصميم على ما هم فيه من ضلال، إذ قالوا في الرد عليه: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ أى: سنستمر على عبادة العجل، وسنواظب على هذه العبادة مواظبة تامة حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى فنرى ماذا سيكون منه.

فهم لجهالاتهم وانطماس بصائرهم، وسوء أدبهم، يرون أن هارون- عليه السلام- ليس أهلا للنصيحة والطاعة، مع أنه قد خاطبهم بأحكم أسلوب، وألطف منطق.

قال الرازي: واعلم أن هارون- عليه السلام- سلك في هذا الوعظ أحسن الوجوه لأنه زجرهم عن الباطل- أولا- بقوله: يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ ثم دعاهم إلى معرفة الله- ثانيا- بقوله: وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ ثم دعاهم- ثالثا- إلى معرفة النبوة بقوله:

فَاتَّبِعُونِي ثم دعاهم- رابعا- إلى الشرائع بقوله: وَأَطِيعُوا أَمْرِي.

وهذا هو الترتيب الجيد، لأنه لا بد قبل كل شيء من إماطه الأذى عن الطريق وهو إزالة الشبهات، ثم معرفة الله- تعالى- هي الأصل، ثم النبوة، ثم الشريعة: فثبت أن هذا الترتيب على أحسن الوجوه، ولكنهم لجهلهم وعنادهم قابلوا هذا الترتيب الحسن في الاستدلال، بالتقليد والجمود فقالوا: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى .

ثم بين- سبحانه- ما قاله موسى لأخيه هارون بعد أن رأى ما عليه قومهما من ضلال، فقال- تعالى-:

( قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ) أي : لا نترك عبادته حتى نسمع كلام موسى فيه . وخالفوا هارون في ذلك وحاربوه وكادوا أن يقتلوه .

وقوله ( وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ ) يقول: لقد قال لعبدة العجل من بني إسرائيل هارون، من قبل رجوع موسى إليهم، وقيله لهم ما قال مما أخبر الله عنه ( إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ ) يقول: إنما اختبر الله إيمانكم ومحافظتكم على دينكم بهذا العجل الذي أحدث فيه الخوار، ليعلم به الصحيح الإيمان منكم من المريض القلب، الشاكّ في دينه.

كما حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال لهم هارون: ( إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ ) يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل.

وقوله ( وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ) يقول: وإن ربكم الرحمن الذي يعم جميع الخلق نعمه، فاتَّبعوني على ما آمركم به من عبادة الله، وترك عبادة العجل، وأطيعوا أمري فيما آمركم به من طاعة الله، وإخلاص العبادة له .

التدبر :

وقفة
[91] ﴿قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى﴾ لجهالاتهم وانطماس بصائرهم وسوء أدبهم؛ يرون أن هارون عليه السلام ليس أهلًا للنصيحة والطاعة، مع أنه قد خاطبهم بأحكم أسلوب وألطف منطق.
وقفة
[91] ﴿قالوا لَن نَبرَحَ عَلَيهِ عاكِفينَ حَتّى يَرجِعَ إِلَينا موسى﴾ الإصرار على المعصية دليل جهالة وكبر وعناد وعاقبته وخيمة.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة-الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ لَنْ نَبْرَحَ:
  • حرف نفي ونصب واستقبال. نبرح: فعل مضارع ناقص منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ عَلَيْهِ عاكِفِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بعاكفين. عاكفين: خبر الفعل المضارع الناقص منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.بمعنى: لن نزال على عبادته مقيمين.
  • ﴿ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا:
  • حرف غاية وجر بمعنى «الى أن» يرجع: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى. الينا: جار ومجرور متعلق بيرجع.
  • ﴿ مُوسى:
  • فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر. وجملة يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الاعراب و «أن» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بعاكفين.التقدير: لن نبرح عليه عاكفين حتى رجوع موسى الينا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [91] لما قبلها :     ولَمَّا وعظهم هارون عليه السلام وحذرهم؛ ردوا عليه بسوء أدب: «سنستمر على عبادة العِجل حتى يرجع موسى»، فقد رأوا أنه ليس أهلًا للنصيحة والطاعة، مع أنه قد خاطبهم بألطف أسلوب، قال تعالى:
﴿ قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [92] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ ..

التفسير :

[92] قال موسى لأخيه هارون:أيُّ شيء منعك حين رأيتهم ضلُّوا عن دينهم

تفسير الآيتين 92 و93:ـ

فأقبل موسى على أخيه لائما له، وقال:{ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ} فتخبرني لأبادر للرجوع إليهم؟{ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} في قولي{ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}

أى: قال موسى لأخيه هارون على سبيل اللوم والمعاتبة: يا هارون أى شيء منعك من مقاومتهم وقت أن رأيتهم ضلوا بسبب عبادتهم للعجل

يقول مخبرا عن موسى ، عليه السلام ، حين رجع إلى قومه ، فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم ، فامتلأ عند ذلك غيظا ، وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية ، وأخذ برأس أخيه يجره إليه ، وقد قدمنا في " الأعراف " بسط ذلك ، وذكرنا هناك حديث " ليس الخبر كالمعاينة " .

وشرع يلوم أخاه هارون فقال : ( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا)

وقوله ( قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ ) يقول: قال عبدة العجل من قوم موسى: لن نـزال على العجل مقيمين نعبده، حتى يرجع إلينا موسى.

التدبر :

وقفة
[92] العتابُ لا يقطعُ الأخوةَ ﴿قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ﴾.
وقفة
[92] العذل والعتاب لا يقطع الأخوة في الله ﴿أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ يا هارُونُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي موسى. يا: أداة نداء. هارون: منادى علم مبني على الضم في محل نصب. والاسم ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية.
  • ﴿ ما مَنَعَكَ:
  • ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. منع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «منعك» في محل رفع خبر المبتدأ «ما».والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ إِذْ رَأَيْتَهُمْ:
  • إذ: ظرف للزمن بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بمنعك. رأيت فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطب والتاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «رأيتهم» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ضَلُّوا:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال. ضلوا فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.والألف فارقة بمعنى: وقد رأيتهم ضلوا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [92] لما قبلها :     وبعد أن فرغ موسى عليه السلام من محاورة قومه؛ انتقل هنا إلى محاورة أخيه هارون عليه السلام، فعاتبه، قال تعالى:
﴿ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [93] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي

التفسير :

[93]أن لا تتبعني، فتلحق بي وتتركهم؟ أفعصيت أمري فيما أمرتك به من خلافتي والإصلاح بعدي؟

تفسير الآيتين 92 و93:ـ

فأقبل موسى على أخيه لائما له، وقال:{ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا* أَلَّا تَتَّبِعَنِ} فتخبرني لأبادر للرجوع إليهم؟{ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} في قولي{ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}

و «لا» في قوله: أَلَّا تَتَّبِعَنِ مزيدة للتأكيد. والاستفهام في قوله: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي للإنكار.

أى: ما الذي منعك من أن تتبعني في الغضب عليهم لدين الله حين رأيتهم عاكفين على عبادة العجل، أفعصيت أمرى فيما قدمت إليك من قولي: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ وفيما أمرتك به من الصلابة في الدين، لأن وجودك فيهم وقد عبدوا غير الله- تعالى- يعتبر تهاونا معهم فيما لا يصح التهاون فيه.

وكأن موسى- عليه السلام- كان يريد من أخيه هارون- عليه السلام- موقفا يتسم بالحزم والشدة مع هؤلاء الجاهلين، حتى ولو أدى الأمر لمقاتلتهم ...

( ألا تتبعن ) أي : فتخبرني بهذا الأمر أول ما وقع ( أفعصيت أمري ) أي : فيما كنت تقدمت إليك ، وهو قوله : ( اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) [ الأعراف : 142 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)

يقول تعالى ذكره: قال موسى لأخيه هارون لما فرغ من خطاب قومه ومراجعته إياهم على ما كان من خطأ فعلهم: يا هارون أي شيء منعك إذ رأيتهم ضلوا عن دينهم، فكفروا بالله وعبدوا العجل ألا تتبعني.

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عذل موسى عليه أخاه من تركه اتباعه، فقال بعضهم: عذله على تركه السير بمن أطاعه في أثره على ما كان عهد إليه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما قال القوم لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى أقام هارون فيمن تبعه من المسلمين ممن لم يُفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوّف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى ( فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) وكان له هائبا مطيعا.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلا تَتَّبِعَنِي ) قال: تدعهم.

وقال آخرون: بل عذله على تركه أن يصلح ما كان من فساد القوم.

* ذكر من قال ذلك:

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[92، 93] ﴿قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ هذا كله أصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتغييره ومفارقة أهله، وأن المقيم بينهم -لاسيما إذا كان راضيًا- حكمه كحكمهم.
وقفة
[92، 93] ﴿مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ﴾ إذا رأيت الفتن تنهش قلوب الناس ففرّ بدينك.

الإعراب :

  • ﴿ أَلاّ تَتَّبِعَنِ:
  • ذألاّ: أصلها: أن: حرف مصدرية ونصب و «لا» مزيدة «تتبعن: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون: نون الوقاية لا محل لها. والكسرة دالة على ياء المتكلم المحذوفة اختصارا وفي الخط‍ وهي ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به وجملة «تتبعن» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. بمعنى:ما منعك من أن تتبعني في الغضب لله وشدة الزجر عن الكفر والمعاصي. أو بمعنى: ما منعك من الاّ تفعل مثل ما فعلت أنا فتغضب.
  • ﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي:
  • الألف: ألف توبيخ بلفظ‍ استفهام. الفاء: زائدة -تزيينية-عصيت: بمعنى «خالفت» وهو فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المنقلبة ياء لاتصالها بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع فاعل. أمري: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير المتكلم في محل جر مضاف إليه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [93] لما قبلها :     وبعد ذكرِ عتاب موسى لأخيه هارون عليهما السلام؛ بَيَّنَ اللهُ هنا سبب العتاب، فقد كان موسى عليه السلام يرى أن مفارقة هارون عليه السلام لهم، وخروجه من بينهم؛ ليلحق به إلى جبل الطور، كان أزجر لهم من الاقتصار على النصح والوعظ فقط، قال تعالى:
﴿ أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [94] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا ..

التفسير :

[94] ثم أخذ موسى بلحية هارون ورأسه يجرُّه إليه، فقال له هارون:يا بن أمي لا تمسك بلحيتي ولا بشعر رأسي، إني خفتُ -إن تركتهم ولحقت بك- أن تقول:فرَّقت بين بني إسرائيل، ولم تحفظ وصيتي بحسن رعايتهم.

فأخذ موسى برأس هارون ولحيته، يجره من الغضب والعتب عليه، فقال هارون:{ يَا ابْنَ أُمَّ} ترقيق له، وإلا فهو شقيقه{ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} فإنك أمرتني أن أخلفك فيهم، فلو تبعتك، لتركت ما أمرتني بلزومه وخشيت لأئمتك، و{ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} حيث تركتهم، وليس عندهم راع ولا خليفة، فإن هذا يفرقهم ويشتت شملهم، فلا تجعلني مع القوم الظالمين، ولا تشمت فينا الأعداء، فندم موسى على ما صنع بأخيه، وهو غير مستحق لذلك فـ{ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}

وهنا يرد هارون على أخيه موسى ردا يبدو فيه الرفق والاستعطاف فيقول: ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي.

أى: قال هارون لموسى محاولا أن يهدئ من غضبه، بتحريك عاطفة الرحم في قلبه:

يا بن أمى لا تمسك بلحيتي ولا برأسى على سبيل التأنيب لي. فإنى لست عاصيا لأمرك، ولا معرضا عن اتباعك.

قال الآلوسى ما ملخصه: خص الأم بالإضافة استعطافا وترقيقا لقلبه، لا لما قيل من أنه كان أخاه لأمه، فإن الجمهور على أنهما كانا شقيقين.

وقوله: تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي

... روى أنه أخذ شعر رأسه بيمينه، ولحيته بشماله، وكان موسى- عليه السلام- حديدا متصلبا غضوبا لله- تعالى-، وغلب على ظنه أن هارون قد قصر معهم.. .

وقوله: نِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

استئناف لتعليل موجب النهى، بتحقيق أنه غير عاص لأمره، وغير معرض عن اتباعه.

أى: يا بن أمى لا تأخذ بلحيتي ولا برأسى، فإنى ما حملني على البقاء معهم وعلى ترك مقاتلتهم بعد أن عبدوا العجل، إلا خوفي من أن تقول لي- لو قاتلتهم أو فارقتهم بمن معى من المؤمنين- إنك بعملك هذا قد جعلت بنى إسرائيل فرقتين متنازعتين لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

أى: ولم تتبع وتطع قولي لك: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ولذلك لم أقدم على مقاتلتهم بمن معى من المؤمنين، ولم أقدم كذلك على مفارقتهم، بل بقيت معهم ناصحا واعظا، حتى تعود أنت إليهم، فتتدارك الأمر بنفسك، وتعالجه برأيك.

قال بعض العلماء ما ملخصه: وهذه الآية الكريمة ... تدل على لزوم إعفاء اللحية وعدم حلقها، لأنه لو كان هارون حالقا لحيته لما أخذ بها موسى- إذ من المشهور أن اللحية تطلق على الشعر النابت في العضو المخصوص وهو الذقن- وبذلك يتبين لك أن إعفاء اللحية سمت الرسل الكرام الذين أمرنا الله- تعالى- بالاقتداء بهم.

فقد قال- تعالى-: بعد أن ذكر عددا من الأنبياء منهم هارون: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ... .

والعجب من الذين مسخت ضمائرهم ... حتى صاروا ينفرون من صفات الذكورية، وشرف الرجولة إلى خنوثة الأنوثة.. .

هذا، وبعد أن انتهى موسى من سماع اعتذار أخيه هارون، اتجه بغضبه إلى السامري- رأس الفتنة ومدبرها- فأخذ في زجره وتوبيخه، وقد حكى- سبحانه- ذلك في قوله- تعالى-:

قال : ( يا ابن أم ) ترفق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه; لأن ذكر الأم هاهنا أرق وأبلغ ، أي : في الحنو والعطف; ولهذا قال : ( يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) .

هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه ، حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم قال ( إني خشيت ) أن أتبعك فأخبرك بهذا ، فتقول لي : لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم ( ولم ترقب قولي ) أي : وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم .

قال ابن عباس : وكان هارون هائبا له مطيعا .

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله ( مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلا تَتَّبِعَنِي ) قال: أمر موسى هارون أن يصلح، ولا يتبع سبيل المفسدين، فذلك قوله ( أَلا تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) بذلك.

التدبر :

وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ﴾ لم يقل: (يا أخي)، بل قال: (يا ابن أمَّ)؛ حين نحتاجُ للحنانِ والرَّحمةَ نذكرُ الأمَّ.
عمل
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ﴾ لا تواجه الغاضبَ بغضبٍ مثله، بل تلطَّفْ في الرَّدِ عليه، فكم من هجرٍ وفراقٍ طويلٍ كان سببُه غضبٌ بسيطٌ لم يجدْ مَن يحتويه.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ﴾ من أساليب الاسترحام التذكير بالآصرة.
لمسة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ﴾ لماذا عدل هارون عن ندائه بـ (يا أخي) إلى (يَا ابْنَ أُمَّ)؟ الجواب: للترقيق لأن ذِكر الأم فيه تذكير بأقوى أواصر الأخوة، وهي آصرة الولادة من بطن واحد، والرضاع من لبن واحد، وهذا من شأنه أن يهدئ من غضب موسى، وأيضًا ربنا ما ذكر أبو موسى، وإنما ذكر أمه، هي التي خافت وكادت لتبدي به، وقالت لأخته قصيه، وأصبح فؤادها فارغًا، وهي التي قاست، فهذا تذكير بأمه لما قاست.
وقفة
[94] ﴿قالَ يَا ابنَ أُمَّ لا تَأخُذ بِلِحيَتي﴾ اللحية سمت الأنبياء والصالحين من بعدهم.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ موسي عليه السلام أنكر على هارون عليهما السلام باليد حتي وصل للأخذ بلحيته ورأسه، ومع هذا قال: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأعراف: 151]، فالإنكار بين المؤمنين لا يمنع من العفو والدعاء.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ هذه الآية الكريمة بضميمة آية الأنعام إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية؛ فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها، وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ﴾ [الأنعام: 90]، ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين: ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾، فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أُمِر نبيُّنا ﷺ بالاقتداء بهم، وأمره ﷺ بذلك أمر لنا؛ لأن أمر القدوة أمر لأتباعه.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ ذكره برحمة الأم، ما أعظم رحمة الأم! رزقنا الله وإياكم بر والدينا، وحفظ من كان حيًا ورحم من كان ميتًا.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ عدل هارون عن ندائه بـ (يا أخي) إلى (يَا ابْنَ أُمَّ) للترقيق لأن ذِكر الأم فيه تذكير بأقوى أواصر الأخوة، وهي آصرة الولادة من بطن واحد، والرضاع من لبن واحد، وهذا من شأنه أن يهدئ من غضب موسى، ربنا ما ذكر أبو موسى، وإنما ذكر أمه هي التي خافت وكادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها، وقالت لأخته قصيه، وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا، وهي التي قاست، فهذا تذكير بأمه لما قاست.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ لم يقل: (يا أخي)، قال: (يَا ابْنَ أُمَّ)، عرف أثر ذكر الأم، كم أنت بلسم يا أمي!
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ اللحية زينة الصالحين منذ القِدم.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ التودد مفتاح القلب لقبول النهي أو النصيحة.
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ حين نحتاج للحنان، نذكر الأم دائمًا!
وقفة
[94] ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ ترقق له بذكر الأم، مع أنه شقيقه لأبويه؛ لأن ذكر الأم ههنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف.
وقفة
[94] اللحية شرف وكمال للرجال، ولذلك كانت من شعار الأنبياء والصالحين ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾.
وقفة
[94] إذا ضممت قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾ إلى قوله سبحانه –لما ذكر جملة من الأنبياء ومنهم هارون-: ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [ الأنعام:90]، تبين لزوم إعفاء اللحية وعدم حلقها، لأن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا ﷺ بالاقتداء بهم، وأمره ﷺ بذلك أمر لنا.
وقفة
[94] التلطف في الرد على الغضبان، ومناداته بما يرقق قلبه من أسباب تهدئته ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾.
وقفة
[94] وفر لحيتك ولا تحلقها؛ فإنها سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾.
وقفة
[94] قال هارون لموسى: ﴿يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي﴾، ذكر الأم لحظة الخصومة بين الأخوة يطفئ النار.
وقفة
[94] ﴿لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي﴾ وفِّر لحيتَك ولا تحلقْها، فإنَّها سُنَّةُ الأنبياءِ.
وقفة
[94] ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ من كمالات الأخلاق أن تكون حذرًا في سلوكك وكلماتك لئلا يسئ الصالحون فهمك.
وقفة
[94] ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ لقد كانت جريمتهم كبرى، لكنه توجس من الفرقة.
وقفة
[94] ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ كان هذا ظن هارون عليه السلام، مهما كان قرب الآخرين منا فلن يعرفوا ما نريد دائمًا، لذا علينا أن نعذرهم.
وقفة
[94] ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ مخاوف الأنبياء من الفرقة والشتات.
وقفة
[94] من دلائل قول هارون عليه السلام: ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ أن بعض المجتمعات قابلة للإفتراق، فمن الفقه ترك ما يخشي منه التفرقة.
وقفة
[94] ﴿إِنّي خَشيتُ أَن تَقولَ فَرَّقتَ بَينَ بَني إِسرائيلَ وَلَم تَرقُب قَولي﴾ إذا وكلت لفترة بأمر ما لابد أن تضع فى الحسبان رد الفعل لأى عمل تقوم به، وتضع تبريرًا لكل تصرف أتيت به.
وقفة
[94] ﴿وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ نبيّ كريم ينتظر سماع قول رسول زمانه حتى يعمل به، وبعضنا يرمي بقول رسولنا عُرض الحائط ويتّبع وسوسات يسميها عقلًا.
وقفة
[94] قال هارون: ﴿وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾، بعض الوصايا (تتجسد) أمامك كأنك (أنت) تراها وتراقبها.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال هارون.
  • ﴿ يَا بْنَ أُمَّ:
  • يا: أداة نداء. بن: منادى مضاف منصوب بالفتحة. أمّ:مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة جوازا.وقيل: يجوز في هذا النوع من المنادى أن يكون المضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة فتح آخره-الميم-أو كسرها لأن ثبوت الياء في هذه الحالة قليل وحذفها للتخفيف. والياء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وقال الزمخشري: قرئت ابن أم بالفتح تشبيها بالعدد المركب خمسة عشر، وبالكسر بطرح ياء الاضافة. أي ياء المتكلم.
  • ﴿ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي:
  • لا: ناهية جازمة. تأخذ: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.بلحيتي: جار ومجرور متعلق بتأخذ والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة. وفتح اللام لغة أهل الحجاز. والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ وَلا بِرَأْسِي:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النهي. برأسي: معطوفة على «بلحيتي» وتعرب إعرابها. وفي الآية حذف. وهو قول موسى: أفعصيت أمري ثم جذبه من لحيته ورأسه فقال هارون لا تأخذ بلحيتي بمعنى لا تفعل بي هذا. وقيل ان موسى لم يفعل ذلك معاقبة لهارون.
  • ﴿ إِنِّي خَشِيتُ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير المتكلم في محل نصب اسم «انّ».خشيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير المتكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل وجملة «خشيت» في محل رفع خبر «ان» بمعنى: اني خفت ان غضبت عليهم. ويجوز أن تكون الباء في «بلحيتي» زائدة و «لحيتي» اسما مجرورا لفظا منصوبا محلا بتأخذ.
  • ﴿ أَنْ تَقُولَ:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. تقول: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة «تقول» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها:بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لخشيت.
  • ﴿ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-فرقت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع فاعل. بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بفرقت. بني: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه للاضافة وهو مضاف. اسرائيل: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف-التنوين-للعجمة والتأنيث.
  • ﴿ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي:
  • الواو عاطفة. لم: حرف نفي وجزم وقلب. ترقب:أي تحفظ‍: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت-أي ضمير المخاطب و «قولي» مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

الأعراف: 150﴿وَأَلۡقَى ٱلۡأَلۡوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأۡسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُۥٓ إِلَيۡهِۚ قَالَ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي
طه: 94﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [94] لما قبلها :     لما عاتب موسى عليه السلام أخاه هارون عليه السلام بشدةٍ، وأخذ بلحيته ورأسه معًا؛ رَدَّ هارون هنا ردًّا فيه رِفْق واستعطاف، إذ أضافه إلى الأم مع كونه أخاه لأبيه وأمه، وبَيَّنَ له أنه خاف إن تركهم أن يتفرقوا، قال تعالى:
﴿ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ترقب:
وقرئ:
بضم التاء وكسر القاف، مضارع «أرقب» ، وهى قراءة أبى جعفر.

مدارسة الآية : [95] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ

التفسير :

[95] قال موسى للسامري:فما شأنك يا سامري؟ وما الذي دعاك إلى ما فعلته؟

أي:ما شأنك يا سامري، حيث فعلت ما فعلت؟،

أى: قال موسى- عليه السلام- للسامري: فَما خَطْبُكَ أى: ما شأنك، وما الأمر العظيم الذي جعلك تفعل ما فعلت؟ مصدر خطب يخطب- كقعد يقعد- ومنه قولهم:

هذا خطب يسير أو جلل، وجمعه خطوب. وخصه بعضهم بما له خطر من الأمور، وأصله:

الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب والتشاور، ويخطب الخطيب الناس من أجله.

قول موسى ، عليه السلام ، للسامري : ما حملك على ما صنعت؟ وما الذي عرض لك حتى فعلت ما فعلت؟

قال محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان السامري رجلا من أهل باجرما ، وكان من قوم يعبدون البقر ، وكان حب عبادة البقر في نفسه ، وكان قد أظهر الإسلام مع بني إسرائيل . وكان اسم السامري : موسى بن ظفر .

وفي رواية عن ابن عباس : [ أنه ] كان من كرمان .

وقال قتادة : كان من قرية اسمها سامرا .

وقوله ( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي ) وفي هذا الكلام متروك، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام عليه، وهو: ثم أخذ موسى بلحية أخيه هارون ورأسه يجرّه إليه، فقال هارون ( يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي ).

وقوله ( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) فاختلف أهل العلم في صفة التفريق بينهم، الذي خشيه هارون، فقال بعضهم: كان هارون خاف أن يسير بمن أطاعه، وأقام على دينه في أثر موسى، ويخلف عبدة العجل، وقد قَالُوا له لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى فيقول له موسى (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) بسيرك بطائفة، وتركك منهم طائفة وراءك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد، في قول الله تعالى ( ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري ) قَالَ (...... خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) قال: خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: خشيت أن نقتتل فيقتل بعضنا بعضا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ( إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) قال: كنا نكون فرقتين فيقتل بعضنا بعضا حتى نتفانى.

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، القول الذي قاله ابن عباس من أن موسى عذل أخاه هارون على تركه اتباع أمره بمن اتبعه من أهل الإيمان، فقال له هارون: إني خشيت أن تقول، فرّقت بين جماعتهم، فتركت بعضهم وراءك، وجئت ببعضهم، وذلك بين في قول هارون للقوم يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي وفي جواب القوم له وقيلهم لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى .

وقوله ( وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) يقول: ولم تنظر قولي وتحفظه، من مراقبة الرجل الشيء، وهي مناظرته بحفظه.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس ( وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) قال: لم تحفظ قولي.

التدبر :

وقفة
[95] ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ قال ابن عاشور: «ولعل موسى لم يغلظ له القول کما أغلظ لهارون؛ لأنه كان جاهلًا بالدين فلم يكن في ضلاله عجب، ولعل هذا يؤيد ما قيل: إن السامري لم يكن من بني إسرائيل، ولكنه كان من القبط، ولما كان موسی مبعوثًا لبني إسرائيل خاصة، كان اتباع غير الإسرائيليين لشريعة موسى أمرًا غير واجب على غير الإسرائيليين، ولكنه مرغب فيه لما فيه من الاهتداء، فلذلك لم يعنفه موسی؛ لأن الأجدر بالتعنيف هم القوم الذين عاهدوا الله على الشريعة».
وقفة
[95] ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ مع وجود الدعاة الأقوياء يخرس المنافقون الخبثاء, ومما يدل لذلك من قصة السامري أنه لم يخرج إلا بعد ذهاب موسي عليه السلام.
وقفة
[95] ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ رءوس الضلالة لا يحاورون وإنما يُستجوبون ويهددون.
وقفة
[95] ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ هنالك مواقف لا ينفع معها التجاهل أو عدم الاكتراث، بل مواجهة حاسمة لا تقبل أنصاف الحلول لوضع النقاط على الحروف.
لمسة
[95] ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ سأل بقوله: (فَمَا خَطْبُكَ)؟ ولم يقل له: (ما شأنك) أو (ما طلبك)؟ لأن الخطب هو الشأن المكروه، كقوله تعالى: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ﴾ [الذاريات: 31]، وكأنه يقول له: ما هي مصيبتك التي أصيب بها القوم؟ وما غرضك مما فعلت؟ وهذا يناسب ما أتى به السامري من بدعة وكفر أضلّ به الناس.
وقفة
[95] لما قيل لموسى: ﴿قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾، توجه إلى قومه أولًا: ﴿يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾؟! ثم نائبه في غيابه: ﴿يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا﴾ [92]؟ ثم صاحب الفتنة: ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ [95]؟ وإنما بدأ بهم في اللوم؛ لأن البالغ العاقل مسئول عن نفسه، فليس يعذره قوة الإغراء، ولا تيسر أسباب الشر فالتبعة عليه أولًا.
وقفة
[95، 96] عذر السامري مسجل بنصه في القرآن العظيم، مهما كانت الجريمة فإنها لا تبرر تشويه الحقائق أو إخفاءها ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ َبصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾.
وقفة
[95، 96] ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ َبصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ بداية الشرك بدعة مستحسنة.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي موسى: بمعنى: فالتفت موسى للسامري وقال له.
  • ﴿ فَما خَطْبُكَ:
  • الفاء: زائدة. ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خطبك: خبر «ما» مرفوع بالضمة والكاف ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل جر بالاضافة بمعنى: فما شأنك؟ وما الذي فعلته؟ .
  • ﴿ يا سامِرِيُّ:
  • يا: أداة نداء. سامريّ: منادى مبني على الضم في محل نصب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [95] لما قبلها :     وبعد أن فرغَ موسى عليه السلام من محاورة قومه، ثم محاورة أخيه هارون عليه السلام؛ انتقل هنا إلى محاورةِ السَّامِرِي، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [96] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا ..

التفسير :

[96] قال السامري:رأيت ما لم يروه -وهو جبريل عليه السلام- على فرس، وقت خروجهم من البحر وغرق فرعون وجنوده، فأخذتُ بكفي تراباً من أثر حافر فرس جبريل، فألقيته على الحليِّ الذي صَنعتُ منه العجل، فكان عجلاً جسداً له خوار؛ بلاء وفتنة، وكذلك زيَّنت لي نفسي الأمّ

{ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} وهو جبريل عليه السلام على فرس رآه وقت خروجهم من البحر، وغرق فرعون وجنوده على ما قاله المفسرون، فقبضت قبضة من أثر حافر فرسه، فنبذتها على العجل،{ وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} أن أقبضها، ثم أنبذها، فكان ما كان

وقد رد السامري على موسى بقوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أى: علمت ما لم يعلمه القوم، وفطنت لما لم يفطنوا له، ورأيت ما لم يروه.

قال الزجاج: يقال: بصر بالشيء يبصر- ككرم وفرح- إذا علمه، وأبصره إذا نظر إليه.

وقيل: هما بمعنى واحد.

فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها روى أن السامري رأى جبريل- عليه السلام- حين جاء إلى موسى ليذهب به إلى الميقات لأخذ التوراة عن الله- عز وجل- ولم ير جبريل أحد غير السامري من قوم موسى، ورأى الفرس كلما وضعت حافرها على شيء اخضرت، فعلم أن للتراب الذي تضع عليه الفرس حافرها شأنا، فأخذ منه حفنة وألقاها في الحلي المذاب فصار عجلا جسدا له خوار.

والمعنى قال السامري لموسى: علمت ما لم يعلمه غيرى فأخذت حفنة من تراب أثر حافر فرس الرسول وهو جبريل- عليه السلام- فألقيت هذه الحفنة في الحلي المذاب، فصار عجلا جسدا له خوار.

وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أى: ومثل هذا الفعل سولته لي نفسي، أى زينته وحسنته لي نفسي، لأجعل بنى إسرائيل يتركون عبادة إلهك يا موسى، ويعبدون العجل الذي صنعته لهم.

وعلى هذا التفسير الذي سار عليه كثير من المفسرين، يكون المراد بالرسول: جبريل- عليه السلام- ويكون المراد بأثره: التراب الذي أخذه من موضع حافر فرسه.

هذا، وقد نقل الفخر الرازي عن أبى مسلم الأصفهاني رأيا آخر في تفسير الآية فقال ما ملخصه: ليس في القرآن ما يدل على ما ذكره المفسرون، فهنا وجه آخر، وهو أن يكون المراد بالرسول: موسى- عليه السلام- وبأثره: سنته ورسمه الذي أمر به، فقد يقول الرجل: فلان يقص أثر فلان ويقتص أثره إذا كان يمتثل رسمه، والتقدير: أن موسى لما أقبل على السامري بالتوبيخ وبسؤاله عن الأمر الذي دعاه إلى إضلال القوم بعبادة العجل، رد عليه بقوله: بصرت بما لم يبصروا به، أى: عرفت أن الذي أنتم عليه ليس بحق، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيها الرسول، أى: أخذت شيئا من علمك ودينك فنبذته، أى:

طرحته.. .

وعلى هذا التفسير الذي ذهب إليه أبو مسلم يكون المراد بالرسول: موسى- عليه السلام- ويكون المراد بأثره: دينه وسنته وعلمه.

ويكون المعنى الإجمالى للآية: أن السامري قال لموسى- عليه السلام- كنت قد أخذت جانبا من دينك وعلمك، ثم تبين لي أنك على ضلال فنبذت ما أخذته عنك وسولت لي نفسي أن أصنع للناس عجلا لكي يعبدوه لأن عبادته أراها هي الحق.

وقد رجح الإمام الرازي في تفسيره ما ذهب إليه أبو مسلم فقال: واعلم أن هذا القول الذي قاله أبو مسلم ليس فيه إلا مخالفة للمفسرين، ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه.

1- أن جبريل ليس مشهورا باسم الرسول، ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تجعل لام التعريف إشارة إليه.

2- أنه لا بد فيه من الإضمار، وهو قبضته من أثر حافر فرس الرسول، والإضمار خلاف الأصل.

3- أنه لا بد من التعسف في بيان أن السامري كيف اختص من بين جميع الناس برؤية جبريل ومعرفته؟ ثم كيف عرف أن لتراب حافر فرسه هذا الأثر؟ والذي ذكروه أن جبريل هو الذي رباه بعيد...

وقد رد الإمام الآلوسى على الإمام الفخر الرازي- رحمهما الله- فقال ما ملخصه:

1- عهد في القرآن الكريم إطلاق الرسول على جبريل، كما في قوله- تعالى-:

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وعدم جريان ذكره فيما تقدم لا يمنع أن يكون معهودا، ويجوز أن يكون إطلاق الرسول عليه كان شائعا في بنى إسرائيل.

2- تقدير المضاف في الكلام أكثر من أن يحصى، وقد عهد ذلك في كتاب الله غير مرة.

3- رؤية السامري دون غيره لجبريل، كان ابتلاء من الله- تعالى- ليقضى الله أمرا كان مفعولا، ومعرفته تأثير ذلك الأثر دون غيره كانت بسبب ما ألقى في روعه من أنه لا يلقيه على شيء فيقول له كن كذا إلا كان- كما في خبر ابن عباس- أو كانت لما شاهد من خروج النبات بالوطء- كما في بعض الآثار-...

ويبدو لنا أن ما ذهب إليه أبو مسلم، أقرب إلى ما يفيده ظاهر القرآن الكريم، إذا ما استبعدنا تلك الروايات التي ذكرها المفسرون في شأن السامري وفي شأن رؤيته لجبريل.

ولا نرى حرجا في استبعادها، لأنها عارية عن السند الصحيح إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أو إلى أصحابه، ويغلب على ظننا أنها من الإسرائيليات التي نرد العلم فيها إلى الله- تعالى-.

( قال بصرت بما لم يبصروا به ) أي : رأيت جبريل حين جاء لهلاك فرعون ، ( فقبضت قبضة من أثر الرسول ) أي : من أثر فرسه . وهذا هو المشهور عند كثير من المفسرين أو أكثرهم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، أخبرنا عبيد الله بن موسى ، أخبرنا إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي بن عمارة ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : إن جبريل ، عليه السلام ، لما نزل فصعد بموسى إلى السماء ، بصر به السامري من بين الناس ، فقبض قبضة من أثر الفرس قال : وحمل جبريل موسى خلفه ، حتى إذا دنا من باب السماء ، صعد وكتب الله الألواح وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح . فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده قال : نزل موسى ، فأخذ العجل فأحرقه . غريب . وقال مجاهد : ( فقبضت قبضة من أثر الرسول ) قال : من تحت حافر فرس جبريل ، قال : والقبضة ملء الكف ، والقبضة بأطراف الأصابع .

قال مجاهد : نبذ السامري ، أي : ألقى ما كان في يده على حلية بني إسرائيل ، فانسبك عجلا جسدا له خوار حفيف الريح فيه ، فهو خواره .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن يحيى ، أخبرنا علي ابن المديني ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا عمارة ، حدثنا عكرمة; أن السامري رأى الرسول ، فألقي في روعه أنك إن أخذت من أثر هذا الفرس قبضة فألقيتها في شيء ، فقلت له : " كن فكان " فقبض قبضة من أثر الرسول ، فيبست أصابعه على القبضة ، فلما ذهب موسى للميقات وكان بنو إسرائيل استعاروا حلي آل فرعون ، فقال لهم السامري : إنما أصابكم من أجل هذا الحلي ، فاجمعوه . فجمعوه ، فأوقدوا عليه ، فذاب ، فرآه السامري فألقي في روعه أنك لو قذفت هذه القبضة في هذه فقلت : " كن " كان . فقذف القبضة وقال : " كن " ، فكان عجلا له خوار ، فقال : ( هذا إلهكم وإله موسى ) .

ولهذا قال : ( فنبذتها ) أي : ألقيتها مع من ألقى ، ( وكذلك سولت لي نفسي ) أي : حسنته وأعجبها إذ ذاك .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)

يعني تعالى ذكره بقوله ( فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ) قال موسى للسامري: فما شأنك يا سامري، وما الذي دعاك إلى ما فعلته. كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ) قال: ما أمرك؟ ما شأنك؟ ما هذا الذي أدخلك فيما دخلت فيه.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ) قال: ما لك يا سامريّ؟

التدبر :

وقفة
[96] ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ يقال أنه رأي جبريل عليه السلام ممتطيًا جواده مع موسي وقومه, فأخذت أثرًا من حافر فرسة لأنة ملك مبارك, وقد يكون صادقًا في دعواه إلا أن اللافت للأمر أن المفتون محروم، وإلا فإن رؤيته لجبريل عليه السلام مدعاة للثبات والإيمان والخير واليقين، فكم نعمة صيّرتها الفتنة نقمة!
وقفة
[96] ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ المراد: علمت مالم يعلموه, فأصبحت ذا بصيرة وعلم, فقول السامري هو حجة الضالين عمومًا، وهي: وهم التفرد دون الناس.
وقفة
[96] ﴿بَصُرْتُ﴾ أي علمت، وأبصرت بالألف تأتي للرؤية الحسية.
عمل
[96] ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ الغرور أول طريق الضلال؛ فاحذر.
وقفة
[96] ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ أصحاب الضلالات عادة ذوي ثقافة تميّزهم عن الجماهير، وخواء ديني يقحمهم في العظائم.
وقفة
[96] ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ كل من أتي بشيء جديد في الشريعة فهو سامريها.
عمل
[96] ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ لا تتكبر وتغتر بنفسك، فقد يكون فيهما هلاكك وحتفك.
وقفة
[96] قال السامري: ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾؛ حجة الضالين: (وهم التفرد دون الناس).
وقفة
[96] ﴿بصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ نقل الفخر الرازي عن أبي مسلم الأصفهاني أن المراد بالرسول هو موسی عليه السلام، وبأثره: سنته، والتقدير: أن موسى لما أقبل على السامري بالتوبيخ، رد عليه: بصرت بما لم يبصروا به، أي عرفت أن الذي أنتم عليه ليس الحق، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك يا موسى، أي أخذت شيئًا من دينك فنبذته، لما تبين لي أنك على ضلال، وسولت لي نفسي أن أصنع للناس عجلًا لكي يعبدوه؛ لأن أرى عبادته هي الحق.
وقفة
[96] المُحرّف للدين يدّعي معرفة ما لا يعرفه غيره، ويجذب الناس للماديات، ويُسوّغ باطله بآثار النبوة ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾.
وقفة
[96] ﴿وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ لا يوجد شخص انجرف مع هوى نفسه وأطاعها بما تأمره، فدلته على خير! فالنفس كالفرس الجموح تحتاج للجم.
وقفة
[96] قالت امرأة العزيز: ﴿وما أبرئ نفسي﴾ [يوسف: 53]، وقال السامري: ﴿وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾، إصلاح النفس يحميك مما يُحرجك ويضطرك للاعتذار.
تفاعل
[96] استعذ بالله من النفس الأمارة بالسوء التي تزين المعصية ﴿وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.أي السامرى والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ بَصُرْتُ بِما لَمْ:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير المتكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل بمعنى علمت. بما: جار ومجرور متعلق ببصرت و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. لم: حرف نفي وجزم وقلب.
  • ﴿ يَبْصُرُوا بِهِ:
  • فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة به: جار ومجرور متعلق بيبصروا وجملة لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب بمعنى علمت بما لم يعلموا به. أو رأيت ما لم يروه وهو جبريل الذي جاءك بالوحي.
  • ﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً:
  • معطوفة بالفاء على «بصرت» وتعرب إعرابها. قبضة: مفعول به سمّي بالمصدر منصوب بالفتحة.
  • ﴿ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «قبضة». الرسول: مضاف اليه مجرور بالكسرة بمعنى فأخذت قليلا من التراب الذي وطئه الرسول أي جبريل أو بمعنى من أثر حافر فرس الرسول فحذف المضاف والمضاف اليه الأول وبقي المضاف إليه الثاني معربا باعراب المضاف إليه.
  • ﴿ فَنَبَذْتُها:
  • معطوفة بالفاء على «قبضت» وتعرب إعرابها و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى فالقيتها على الذهب أو الحلي.
  • ﴿ وَكَذلِكَ:
  • الواو: استئنافية. الكاف: اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب نائب عن المصدر أو صفة لمفعول مطلق محذوف بتقدير: ومثل ذلك التسويل سولت لي نفسي. أي وسولت لي نفسي تسويلا مثل ذلك. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. و «ذا» اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة. بمعنى: فلما صنعناه عجلا سرت فيه الحياة فصوت. أو ومثل ذلك سهلت وهونت وزينت لي نفسي.
  • ﴿ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي:
  • شرح معناها. سولت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. لي: جار ومجرور متعلق بسولت. نفسي: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. والياء ضمير المتكلم في محل جر مضاف إليه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     لما سأل موسى عليه السلام السَّامِرِي: ما الذي دفعك إلى ما صنعت؟ جاء هنا رد السَّامِرِي، قال تعالى:
﴿ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بصرت بما لم يبصروا:
1- بضم الصاد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر الصاد فى الأول وفتحها فى الثاني، وهى قراءة الأعمش، وأبى السمال.
3- بضم الباء وكسر الصاد فى الأول، وضم الباء وفتح الصاد فى الثاني، على البناء للمفعول فيهما، هى قراءة عمرو بن عبيد.
4- تبصروا، بتاء الخطاب، لموسى وبنى إسرائيل، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وابن بحرية، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، وابن مناذر، وابن سعدان، وقعنب.
فقبضت قبضة:
1- بالضاد المعجمة فيهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالصاد فيهما، وهو الأخذ بأطراف الأصابع، وهى قراءة عبد الله، وأبى، وابن الزبير، وحميد، والحسن.
3- قبضت، بإدغام الضاد فى تاء المتكلم، وإبقاء الإطباق مع تشديد التاء، وهى قراءة ابن محيصن.
4- قبضة، بضم القاف والصاد المهملة، وهى قراءة الحسن، بخلاف عنه، وقتادة، ونصر بن عاصم.

مدارسة الآية : [97] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ..

التفسير :

[97] قال موسى للسامري:فاذهب فإن عقوبتك في الحياة الدنيا أن تعيش منبوذاً تقول لكل أحد:لا أَمَسُّ ولا أُمَسُّ، وإن لك موعداً في الآخرة لعذابك وعقابك، لن يُخْلفك الله إياه، وسوف تلقاه، وانظر إلى معبودك الذي أقمت على عبادته لنُحرقنَّه بالنار، ثم لنَذْرُونَّ

فقال له موسى:{ فَاذْهَبْ} أي:تباعد عني واستأخر مني{ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} أي:تعاقب في الحياة عقوبة، لا يدنو منك أحد، ولا يمسك أحد، حتى إن من أراد القرب منك، قلت له:لا تمسني، ولا تقرب مني، عقوبة على ذلك، حيث مس ما لم يمسه غيره، وأجرى ما لم يجره أحد،{ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ} فتجازى بعملك، من خير وشر،{ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} أي:العجل{ لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} ففعل موسى ذلك، فلو كان إلها، لامتنع ممن يريده بأذى ويسعى له بالإتلاف، وكان قد أشرب العجل في قلوب بني إسرائيل، فأراد موسى عليه السلام إتلافه وهم ينظرون، على وجه لا تمكن إعادته بالإحراق والسحق وذريه في اليم ونسفه، ليزول ما في قلوبهم من حبه، كما زال شخصه، ولأن في إبقائه محنة، لأن في النفوس أقوى داع إلى الباطل، فلما تبين لهم بطلانه، أخبرهم بمن يستحق العبادة وحده لا شريك له

وقوله- سبحانه-: قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ حكاية لما قاله موسى- عليه السلام- للسامري.

والمساس: مصدر ماسّ- بالتشديد- كقتال من قاتل، وهو منفي بلا التي لنفى الجنس.

والمعنى: قال موسى للسامري: مادمت قد فعلت ذلك فاذهب، فإن لك في مدة حياتك، أن تعاقب بالنبذ من الناس، وأن تقول لهم إذا ما اقترب أحد منك: لا مِساسَ أى لا أمسّ أحدا ولا يمسّنى أحد، ولا أخالط أحدا ولا يخالطني أحد.

قال صاحب الكشاف: عوقب في الدنيا بعقوبة لا شيء أطم منها وأوحش وذلك أنه منع من مخالطة الناس منعا كليا، وحرم عليهم ملاقاته ومكالمته ومكالمته ومبايعته ومواجهته، وكل ما يعايش به الناس بعضهم بعضا. وإذا اتفق أن يماس أحدا- رجلا أو امرأة- حم الماس والممسوس- أى أصيبا بمرض الحمى- فتحامى الناس وتحاموه، وكان يصيح: لا مساس. وعاد في الناس أوحش من القاتل اللاجئ إلى الحرم، ومن الوحش النافر في البرية.. .

وقال الآلوسى ما ملخصه: والسر في عقوبته على جنايته بما ذكر. أنه ضد ما قصده من إظهار ذلك ليجتمع عليه الناس ويعززوه، فكان ما فعله سببا لبعدهم عنه وتحقيره. وقيل:

عوقب بذلك ليكون الجزاء من جنس العمل، حيث نبذ فنبذ، فإن ذلك التحامى عنه أشبه شيء بالنبذ...

قالوا: وهذه الآية الكريمة أصل في نفى أهل البدع والمعاصي وهجرانهم وعدم مخالطتهم.

ثم بين- سبحانه- عقوبة السامري في الآخرة، بعد بيان عقوبته في الدنيا فقال:

وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ.

وقوله: تُخْلَفَهُ قرأها الجمهور بضم التاء وفتح اللام. أى: وإن لك موعدا في الآخرة لن يخلفك الله- تعالى- إياه. بل سينجزه لك، فيعاقبك يومئذ العقاب الأليم الذي تستحقه بسبب ضلالك وإضلالك، كما عاقبك في الدنيا بعقوبة الطرد والنفور من الناس.

وقرأ ابن كثير وأبو عمر لَنْ تُخْلَفَهُ بضم التاء وكسر اللام أى: وإن لك موعدا في الآخرة لن تستطيع التخلف عنه، أو المهرب منه، بل ستأتيه وأنت صاغر..

ثم بين- سبحانه- ما فعله موسى- عليه السلام- بالعجل الذي صنعه السامري لإضلال الناس. فقال: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً.

أى: وقال موسى- أيضا- للسامري: وانظر الى معبودك العجل الذي أقمت على عبادته أنت وأتباعك في غيبتي عنكم.

لَنُحَرِّقَنَّهُ بالنار أمام أعينكم، والجملة جواب لقسم محذوف، أى: والله لنحرقنه ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً أى: ثم لنذرينّه في البحر تذرية، بحيث لا يبقى منه عين ولا أثر.

يقال: نسف الطعام ينسفه نسفا، إذا فرقه وذراه بحيث لا يبقى منه شيء.

وقد نفذ موسى- عليه السلام- ذلك حتى يظهر للأغنياء الجاهلين الذين عبدوا العجل، أنه لا يستحق ذلك. وإنما يستحق الذبح والتذرية، وأن عبادتهم له إنما هي دليل واضح على انطماس بصائرهم، وشدة جهلهم.

( قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ) أي : كما أخذت ومسست ما لم يكن أخذه ومسه من أثر الرسول ، فعقوبتك في الدنيا أن تقول : " لا مساس " أي : لا تماس الناس ولا يمسونك .

( وإن لك موعدا ) أي : يوم القيامة ، ( لن تخلفه ) أي : لا محيد لك عنه .

وقال قتادة : ( أن تقول لا مساس ) قال : عقوبة لهم ، وبقاياهم اليوم يقولون : لا مساس .

وقوله : ( وإن لك موعدا لن تخلفه ) قال الحسن ، وقتادة ، وأبو نهيك : لن تغيب عنه .

وقوله : ( وانظر إلى إلهك ) أي : معبودك ، ( الذي ظلت عليه عاكفا ) أي : أقمت على عبادته ، يعني : العجل ( لنحرقنه ) قال الضحاك عن ابن عباس ، والسدي : سحله بالمبارد ، وألقاه على النار .

وقال قتادة : استحال العجل من الذهب لحما ودما ، فحرقه بالنار ، ثم ألقاه ، أي : رماده في البحر; ولهذا قال : ( ثم لننسفنه في اليم نسفا ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، أنبأنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمارة بن عبد وأبي عبد الرحمن ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : إن موسى لما تعجل إلى ربه ، عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي نساء بني إسرائيل ، ثم صوره عجلا قال : فعمد موسى إلى العجل ، فوضع عليه المبارد ، فبرده بها ، وهو على شط نهر ، فلم يشرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب . فقالوا لموسى : ما توبتنا ؟ قال : يقتل بعضكم بعضا .

وهكذا قال السدي : وقد تقدم في تفسير سورة " البقرة " ثم في حديث " الفتون " بسط ذلك .

وقوله ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ) يقول: قال السامريّ: علمت ما لم يعلموه، وهو فعلت من البصيرة: أي صرت بما عملت بصيرا عالما.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: لما قتل فرعون الولدان قالت أمّ السامريّ: لو نحيته عني حتى لا أراه، ولا أدري قتله، فجعلته في غار، فأتى جبرائيل، فجعل كفّ نفسه في فيه، فجعل يُرضعه العسل واللبن، فلم يزل يختلف إليه حتى عرفه، فمن ثم معرفته إياه حين قال: ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ).

وقال آخرون: هي بمعنى: أبصرت ما لم يبصروه، وقالوا: يقال: بصرت بالشيء وأبصرته، كما يقال: أسرعت وسرعت ما شئت.

* ذكر من قال: هو بمعنى أبصرت: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ) يعني فرس جبرائيل عليه السلام.

وقوله ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) يقول: قبضت قبضة من أثر حافر فرس جبرائيل.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما قذفت بنو إسرائيل ما كان معهم من زينة آل فرعون في النار، وتكسرت، ورأى السامري أثر فرس جبرائيل عليه السلام، فأخذ ترابا من أثر حافره، ثم أقبل إلى النار فقذفه فيها، وقال: كن عجلا جسدا له خوار، فكان للبلاء والفتنة.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قبض قبضة من أثر جبرائيل، فألقى القبضة على حليهم فصار عجلا جسدا له خوار، فقال: هذا إلهكم وإله موسى.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا ) قال: من تحت حافر فرس جبرائيل، نبذه السامريّ على حلية بني إسرائيل، فانسبك عجلا جسدا له خوار، حفيف الريح فيه فهو خواره، والعجل: ولد البقرة.

واختلف القرّاء في قراءة هذين الحرفين، فقرأته عامَّة قرّاء المدينة والبصرة ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ) بالياء، بمعنى: قال السامريّ بصرت بما لم يبصر به بنو إسرائيل. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا بِهِ) بالتاء على وجه المخاطبة لموسى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بمعنى: قال السامريّ لموسى: بصرت بما لم تبصر به أنت وأصحابك.

والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء مع صحة معنى كل واحدة منهما، وذلك أنه جائز أن يكون السامريّ رأى جبرائيل، فكان عنده ما كان بأن حدثته نفسه بذلك أو بغير ذلك من الأسباب، أن تراب حافر فرسه الذي كان عليه يصلح لما حدث عنه حين نبذه في جوف العجل، ولم يكن علم ذلك عند موسى، ولا عند أصحابه من بني إسرائيل، فلذلك قال لموسى ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا بِهِ) أي علمت بما لم تعلموا به. وأما إذا قرئ(بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) بالياء، فلا مؤنة فيه، لأنه معلوم أن بني إسرائيل لم يعلموا ما الذي يصلح له ذلك التراب.

وأما قوله ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) فإن قرّاء الأمصار على قراءته بالضاد، بمعنى: فأخذت بكفي ترابا من تراب أثر فرس الرسول.

ورُوي عن الحسن البصري وقَتادة ما حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن عباد بن عوف، عن الحسن أنه قرأها( فَقَبَصْتُ قَبْصَةً ) بالصاد.

وحدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن عباد، عن قَتادة مثل ذلك بالصاد بمعنى: أخذت بأصابعي من تراب أثر فرس الرسول، والقبضة عند العرب: الأخذ بالكفّ كلها، والقبصة: الأخذ بأطراف الأصابع.

وقوله (فَنَبَذْتُها) يقول: فألقيتها( وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) يقول: وكما فعلت من إلقائي القبضة التي قبضت من أثر الفرس على الحلية التي أوقد عليها حتى انسبكت فصارت عجلا جسدا له خوار ، ( سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) يقول: زينت لي نفسي أن يكون ذلك كذلك.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد ( وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) قال: كذلك حدثتني نفسي.

التدبر :

وقفة
[97] ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ لماذا لم يقتل موسی السامري؟ ألم يكن ذلك أسهل وأسرع في التخلص من سمومه وشروره؟ والجواب: فارق كبير بين الانتقام والعقوبة، فالعقوبة لها هدف تربوي، تصدر من مسئولية تجاه المجتمع لتنقيه من شوائب الجريمة، وهو ما فعله موسی.
وقفة
[97] ﴿قالَ فَاذهَب فَإِنَّ لَكَ فِي الحَياةِ أَن تَقولَ لا مِساسَ﴾ عقوبة الإبعاد والنفى وعدم التواصل مع بنى جنسه لهى عقوبة قاسية شديدة، فالإنسان خُلق اجتماعيًا بطبعه.
وقفة
[97] ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ﴾ هذه الآية أصل في نفي أهل البدع والمعاصي وهجرانهم، وألا يخَالطوا، وقد فعل النبي ﷺ ذلك بكعب بن مالك، والثلاثة الذين خلفوا رضي الله عنهم.
وقفة
[97] ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ﴾ الجزاء من جنس العمل، كما أن السامري مس ما لا يحل له من أثر الرسول فقد عوقب بأن لا يمس أحدًا من الناس ولا يمسه أحد، وکما أراد بالعجل الذي صنعه أن يجمع الناس حوله، فعاقبه الله بعكس مقصوده فلا يتواصل معه أحد.
وقفة
[97] ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ﴾ سواء كان السامري رجلًا طامحًا في قيادة بني إسرائيل، أو يرغب أن تكون له سيادة دينية عليهم، أو طامعًا في سرقة ذهب الناس، فقد طرد من حياتهم، وصار منبوذًا، وهذا أفضل علاج لمن فتنوا به، فعبدوا العجل، أن يفر منهم عاجزًا ملعونًا حقيرًا.
وقفة
[97] ﴿لَا مِسَاسَ﴾ أراد موسى عليه السلام معاقبته، حين أراد السامري أن يجمع الناس حوله، ويجعل له أتباعًا، بأن ينفر عنه الأتباع، ويضطر إلى العزلة، فلا يلمس أحدًا، ولا يلمسه أحدٌ، بل يهرب منهم، ويطلب منهم عدم القرب منه، وهذه عقوبة مناسبة له.
وقفة
[97] ﴿لَا مِسَاسَ﴾ يعني: منبوذًا مطرودًا لا يَمَسُكَ أحدٌ، ولا تمس أنت أحدًا، ومن لطائف هذه العقوبة تحديدًا: أن من أفسد على الناس دينهم أُفسدت عليه دنياه عقوبة له.
وقفة
[97] ﴿وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ الحل الأمثل للتعامل مع منابع الفتنة.
وقفة
[97] ﴿وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ ففعل موسى ذلك، فلو كان إلهًا لامتنع ممن يريده بأذى ويسعى له بالإتلاف، وكان قد أُشْرِبَ العجل في قلوب بني إسرائيل، فأراد موسى عليه السلام إتلافه -وهم ينظرون- على وجه لا تمكن إعادته، بالإحراق والسحق، وذريه في اليم، ونسفه؛ ليزول ما في قلوبهم من حبه، كما زال شخصه.
وقفة
[97] ﴿وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ حين يمس الرأي الثوابت العقدية لا مكان (للرأي الآخر) و(حرية الرأي).
وقفة
[97] كم يفرح الله سبحانه بانتصار أوليائه له، وتحطيمهم لكل ما عبد دونه ﴿وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾.
عمل
[97] احرق إله الهوى الذي في قلبك، ثم انسفه في بحر الطاعة نسفًا ﴿وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾.
وقفة
[97] إزالة الباطل من قلوب الناس يجب أن يكون بأحكم طريقة تقنعهم ببطلانه ﴿وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾.
وقفة
[97] ﴿لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ﴾ حرق ونسف وتدمير الأصنام مقصد من مقاصد الأنبياء، والنبوّات يصعب دحضها بفكرة المصالح.
وقفة
[97] ﴿لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ﴾ طمس معالم الكفر وآثاره مقصد شرعي.
لمسة
[97] ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ﴾ في اللغة: نحرّقه يعني نبرده بالمبرد، ونحرقه بالنار حتى يبين أولًا عجز هذا الإله عن الدفاع عن نفسه، يبرده ويحرقه لا يستطيع أن يفعل شيئًا، وينسفه في اليم يعني يئول إلى العدم، يذوب مع الماء وينتهي، لو بقي منه شيء قد يكون مدعاة للعبادة، يمكن أن يعظموه، لو دفنه ربما يخرجونه ويعبدوه.
وقفة
[97] ﴿لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ﴾ ونبينا ﷺ يهدم مسجد الضرار مع إمكانية الاستفادة، وكل هذا قطع للباطل أمام العيون قبل القلوب.
وقفة
[97] ﴿لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ لا يكفي أن تضع الحرام جانبًا، لا بد أن تضرم فيه نيران الكره، وتنسفه في يم النسيان نسفًا.
وقفة
[97] ﴿لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ كان يمكن تغييبه بأدنى من ذلك، لكنه أراد أن يجتثه من قلوبهم، لابد من نسف الرياء من قلوبنا في يم التوحيد نسفًا.
وقفة
[97] ﴿لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ عجل من ذهب ومع ذلك يرمى في البحر؛ ليقطع من القلوب التعلق بغير الله.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ فَاذْهَبْ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فاذهب: الفاء: زائدة. اذهب: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ:
  • الفاء: استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لك: جار ومجرور في محل نصب خبر انّ مقدم. في الحياة: جار ومجرور متعلق بخبر انّ بمعنى: فانّ قولك لا مساس عقوبتك في الحياة.
  • ﴿ أَنْ تَقُولَ:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. تقول: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وجملة «تقول» صلة «أن» المصدرية لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب اسم «إن» المؤخر.
  • ﴿ لا مِساسَ:
  • لا: ناهية جازمة. مساس: اسم فعل أمر بمعنى «مس» مبني على الفتح أي بمعنى: لا تمسني والمعنى: أنّ كل من لمسته تأخذه الحمى وتأخذك معه فلا تفتر عن قول لا مِساسَ» أي لا تمسني كلما قرب منك أحد.
  • ﴿ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ:
  • الواو عاطفة. إن لك: أعربت. موعدا: اسم «إن» مؤخر منصوب بالفتحة. لن: حرف نفي ونصب واستقبال.
  • ﴿ تُخْلَفَهُ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به المعنى: لن يخلفه الله. أي يوم القيامة فيتولى معاقبتك وجملة لَنْ تُخْلَفَهُ» في محل نصب صفة لموعدا
  • ﴿ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ:
  • الواو عاطفة. أنظر: تعرب اعراب «اذهب».إلى الهك: جار ومجرور متعلق بانظر والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً:
  • الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة-نعت-للإله. ظلت: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع اسم «ظل» عليه: جار ومجرور متعلق بخبر ظل. عاكفا: خبر «ظل» منصوب بالفتحة. وأصله: ظللت فحذفت اللام الأولى ونقلت حركتها الى الظاء بمعنى: الذي واظبت على عبادته أي دمت.
  • ﴿ لَنُحَرِّقَنَّهُ:
  • اللام لام التوكيد. نحرقنه: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والنون لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والهاء ضمير الغائب في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ:
  • حرف عطف. لننسفنه: معطوفة على «نحرقنه» وتعرب إعرابها بمعنى: لنذرينه.
  • ﴿ فِي الْيَمِّ نَسْفاً:
  • جار ومجرور متعلق بننسف. أي في البحر. نسفا: مفعول مطلق-مصدر-منصوب بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [97] لما قبلها :     وبعد أن استمع موسى عليه السلام لرد السَّامِرِي؛ بَيَّنَ له هنا ما سينزل به من الجزاء في الدنيا والآخرة، ثم تدمير العِجلِ الذي صنعه، قال تعالى:
﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مساس:
1- بكسر الميم، وفتح السين الأخيرة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الميم وكسر السين الأخيرة، وهى قراءة الحسن، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة، وقعنب.
تخلفه:
1- بالتاء المضمومة وفتح اللام، على معنى: لن يقع فيه خلف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم التاء وكسر اللام، أي: لن تستطيع الحيدة عنه، وهى قراءة ابن كثير، والأعمش، وأبى عمرو.
3- بفتح التاء وضم اللام، وهى قراءة أبى نهيك.
وفى اللوامح: بفتح الياء وضم اللام، يعنى: قراءة أبى نهيك السابقة.
4- بالنون وكسر اللام، أي: لا ننقص مما وعدناك من الزمان شيئا، وهى قراءة ابن مسعود، والحسن، بخلاف عنه.
ظلت:
1- بظاء مفتوحة ولام ساكنة، وهى قراءة الجمهور، ونصر بن عاصم.
وقرئ:
2- بكسر الظاء ولام ساكنه، وهى قراءة ابن مسعود، وقتادة، والأعمش، بخلاف عنه، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة، وابن يعمر، بخلاف عنه كذلك.
3- بضمها ولام ساكنة، وهى قراءة ابن يعمر.
4- ظللت، بلامين على الأصل، ورويت عن أبى، والأعمش.
لنحرقنه:
1- مشددا، مضارع «حرق» مشددا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مخففا، من «أحرق» رباعيا، وهى قراءة الحسن، وقتادة، وأبى جعفر، وأبى رجاء، والكلبي.
3- بفتح النون وسكون الحاء، وضم الراء، وهى قراءة على، وابن عباس، وحميد، وأبى جعفر، فى رواية، عمرو بن فائد.
لننسفنه:
1- بكسر السين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضم السين، وهى قراءة فرقة، منهم: عيسى.
3- بضم النون الأولى وفتح الثانية وتشديد السين، وهى قراءة ابن مقسم.

مدارسة الآية : [98] :طه     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا ..

التفسير :

[98] إنما إلهكم -أيها الناس- هو الله الذي لا معبود بحق إلا هو، وسع علمه كل شيء.

أي:لا معبود إلا وجهه الكريم، فلا يؤله، ولا يحب، ولا يرجى ولا يخاف، ولا يدعى إلا هو، لأنه الكامل الذي له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، المحيط علمه بجميع الأشياء، الذي ما من نعمة بالعباد إلا منه، ولا يدفع السوء إلا هو، فلا إله إلا هو، ولا معبود سواه.

وقوله- تعالى-: إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً. استئناف مسوق لإحقاق الحق وإبطال الباطل. أى: إنما المستحق للعبادة والتعظيم هو الله- تعالى- وحده، الذي وسع علمه كل شيء. ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.

وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد قصت علينا بأسلوب بليغ حكيم، جوانب من رعاية الله- تعالى- لنبيه موسى- عليه السلام- ورحمته به، كما قصت علينا تلك المحاورات التي تمت بين موسى وفرعون، وبين موسى والسحرة كما حدثتنا عن جانب من النعم التي أنعم الله- تعالى- بها على بنى إسرائيل، وكيف أنهم قابلوها بالجحود والكنود وبإيذاء نبيهم موسى- عليه السلام-.

ثم أشار- سبحانه- بعد ذلك إلى العبرة من قصص الأولين، وإلى التنويه بشأن القرآن الكريم، وإلى أن يوم القيامة آت لا ريب فيه، فقال- تعالى-:

وقوله : ( إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما ) يقول لهم موسى ، عليه السلام : ليس هذا إلهكم ، إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ] أي : لا يستحق ذلك على العباد إلا هو ، ولا تنبغي العبادة إلا له ، فإن كل شيء فقير إليه ، عبد لربه .

وقوله : ( وسع كل شيء علما ) نصب على التمييز ، أي : هو عالم بكل شيء ، ( أحاط بكل شيء علما ) [ الطلاق : 12 ] ، ( وأحصى كل شيء عددا ) [ الجن : 28 ] ، فلا ( يعزب عنه مثقال ذرة ) [ سبأ : 3 ] ، ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام : 59 ] ، ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود : 6 ] والآيات في هذا كثيرة جدا .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)

يقول تعالى ذكره: قال موسى للسامريّ: فاذهب فإن لك في أيام حياتك أن تقول: لا مساس: أي لا أمس، ولا أُمسُّ.. وذُكر أن موسى أمر بني إسرائيل أن لا يؤاكلوه، ولا يخالطوه، ولا يبايعوه، فلذلك قال له: إن لك في الحياة أن تقول لا مساس، فبقي ذلك فيما ذكر في قبيلته.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: كان والله السامريّ عظيما من عظماء بني إسرائيل، من قبيلة يقال لها سامرة، ولكن عدوّ الله نافق بعد ما قطع البحر مع بني إسرائيل، قوله ( فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ ) فبقاياهم اليوم يقولون لا مساس.

وقوله ( وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ ) اختلفت القراء في قراءته، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والكوفة (لن تُخْلَفَهُ) بضم التاء وفتح اللام بمعنى: وإن لك موعدا لعذابك وعقوبتك على ما فعلت من إضلالك قومي حتى عبدوا العجل من دون الله، لن يخلفكه الله، ولكن يذيقكه، وقرأ ذلك الحسن وقَتادة وأبو نهيك ( وَإنَّ لَكَ مَوْعِدا لَنْ تُخْلِفَهُ) بضمّ التاء وكسر اللام، بمعنى: وإن لك موعدا لن تخلفه أنت يا سامريّ، وتأوّلوه بمعنى: لن تغيب عنه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبا نهيك يقرأ ( لَن تُخْلِفَهُ أنْتَ) يقول: لن تغيب عنه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ ) يقول: لن تغيب عنه.

قال أبو جعفر: والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، لأنه لا شكّ أن الله موف وعده لخلقه بحشرهم لموقف الحساب، وأن الخلق موافون ذلك اليوم، فلا الله مخلفهم ذلك، ولا هم مخلفوه بالتخلف عنه، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب في ذلك.

وقوله ( وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ) يقول: وانظر إلى معبودك الذي ظلت عليه مقيما تعبده.

كما حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ) الذي أقمت عليه.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: فقال له موسى ( وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ) يقول: الذي أقمت عليه. وللعرب في ظلت: لغتان: الفتح في الظاء، وبها قرأ قرّاء الأمصار، والكسر فيها، وكأن الذين كسروا نقلوا حركة اللام التي هي عين الفعل من ظللت إليها، ومن فتحها أقرّ حركتها التي كانت لها قبل أن يحذف منها شيء، والعرب تفعل في الحروف التي فيها التضعيف ذاك، فيقولون في مَسِسْت مَست ومِسْت وفي هممت بذلك: همت به، وهل أحست فلانا وأحسسته، كما قال الشاعر:

خَــلا أنَّ العِتــاقَ مِــنَ المَطايـا

أحَسْــنَ بِــهِ فَهُـنَّ إلَيْـهِ شُـوسُ (2)

وقوله (لَنحرّقَنَّه) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الحجاز والعراق (لَنُحَرّقَنَّهُ) بضم النون وتشديد الراء، بمعنى لنحرقنه بالنار قطعة قطعة، ورُوي عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك ( لَنُحْرِقَنَّهُ) بضم النون، وتخفيف الراء، بمعنى: لنحرقنه بالنار إحراقة واحدة، وقرأه أبو جعفر القارئ: ( لَنَحرُقَنَّهُ) بفتح النون وضم الراء بمعنى: لنبردنه بالمبارد من حرقته أحرقه وأحرّقه، كما قال الشاعر:

بِــذِي فِــرْقَيْنِ يَـوْمَ بَنُـو حُـبَيْبٍ

نُيُـــوبَهُمُ عَلَيْنـــا يَحْرُقُونـــا (3)

والصواب في ذلك عندنا من القراءة (لَنُحَرِّقَنَّهُ) بضم النون وتشديد الراء، من الإحراق بالنار.

كما حدثني عليّ قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لَنُحَرقَنَّهُ) يقول: بالنار.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (لَنُحَرّقَنَّهُ) فحرّقه ثم ذراه في اليم ، وإنما اخترت هذه القراءة لإجماع الحجة من القرّاء عليها.

وأما أبو جعفر، فإني أحسبه ذهب إلى ما حدثنا به موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط عن السديّ( وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) ثم أخذه فذبحه، ثم حرقه بالمبرد، ثم ذراه في اليم، فلم يبق بحر يومئذ إلا وقع فيه شيء منه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) قال: وفي بعض القراءة لنذبحنه ثم لنحرقنه، ثم لننسفنه في اليمّ نسفا.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في حرف ابن مسعود ( وانْظُرْ إلى إلهِكَ الَّذي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفا لَنذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنُحَرّقنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ في اليَمّ نَسْفا).

وقوله ( ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) يقول: ثم لنذرّينه في البحر تذرية، يقال منه: نسف فلان الطعام بالمنسف: إذا ذراه فطير عنه قشوره وترابه باليد أو الريح.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) يقول: لنذرينه في البحر.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: ذراه في اليمّ، واليمّ: البحر.

حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: ذراه في اليم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في اليمّ، قال: في البحر.

---------------

الهوامش:

(2) البيت لأبي زبيد الطائي ( اللسان : حسس ) . ورواية الشطر الثاني فيه : " حسين به فهن إليه شوس " . قال : حس بالشيء يحس ( كيقتل ) حسا ( بالفتح ) وحسا ( بالكسر ) وحسيسا ، وأحس به ، وأحسه : شعر به . وأما قولهم " أحست بالشيء " فعلى الحذف كراهية التقاء المثلين . قال سيبويه : وكذلك يفعل في كل بناء يبنى اللام من الفعل منه على السكون ، لا تصل إليه الحركة ، شبهوها بأقمت . الأزهري : ويقال : هل أحست : بمعنى أحسست . ويقال : حست بالشيء إذا علمته وعرفته . قال : ويقال : أحسست الخبر وأحسته وحسيت وحست : إذا عرفت منه طرفا وتقول ما أحسست بالخبر وما أحست وما حسيت وما حست : أي لم أعرف منه شيئا . . . وربما قالوا : حسيت بالخبر ، وأحسيت به ، يبدلون من السين ياء ، قال أبو زبيد : " خلا أن . . . البيت " . قال الجوهري وأبو عبيدة يروي بيت أبي زبيد ؛ " أحسن به فهو إليه شوس " . وأصله أحسن . أه . ويقال في ظل وما وما أشبهه كل مضعف مكسور العين في الماضي : ظللت أفعل كذا ، بلامين ، وظلت أفعل كذا بحذف اللام الأولى ، وبفتح الفاء . وظلت أفعل كذا ، بحذف اللام ونقل حركتها إلى الظاء .

(3) البيت أنشده المفضل الضبي ونسبه لعامر بن شقيق ( اللسان : حرق ، ومعجم ما استعجم للبكري 210 ) وذو فرقين أو ذات فريقين كما في معجم ما استعجم : هضبة ببلاد بني تميم - بين طريق البصرة والكوفة وهي إلى الكوفة أقرب . أه . وفي شرح الحماسة للتبريزي ( 2 : 67 ) نسب القصيدة لعامر بن شقيق من بني كوز بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك . وقبل البيت :

فــإنك لــو رأيــت ولـم تريـه

أكــف القــوم تخــرق بالقنينــا

قال : وذو فرقين : هضبة في بلاد بني أسد ، من ناحية الفرات . وقوله " بذي فرقين" : يجوز أن يتعلق بقوله : " لو رأيت" ، ويجوز أن يتعلق بتخرق بالقنينا . وكذلك قوله " يوم بني حبيب " : ويجوز أن يكون ظرفا لكل واحد من الفعلين ، لأنهما ظرفان ، والفاعل ، تيينا+ لها . ويقال : هو يحرق أنيابه : أحدهما للزمان والآخر للمكان ، وأضاف اليوم إلى الجملة التي بعده ، لأن الأزمنة تضاف إلى الجمل ، من الابتداء والخبر ، والفعل والفاعل ، تبيينا لها. ويقال : هو يحرق أنيابه : إ ذا حك بعضها ببعض تهديدا ، ويقال : هو يحرق عليه الأرم ، أي يصف بأنيابه تغيظا . ويقال : حرقه إذا حك بعضها ببعض تهديدا ، ويقال : هو يحرق عليه الأرم ، أي يصرف بأنيابه تغيظا . ويقال : حرقه بالمبرد : إذا برده . وحكى أبو حاتم : فلان يحرق نابه على ، برفع الباء ، لأنه هو الذي يحرق . وقال أبو العلاء قوله " بذي فرقين " : أراد : ذات فرقين ، فذكر على معنى الموضع أو الجبل وهي التي ذكرها عبيد في قوله * فـــذات فــرقين فــالقليب *

قيل : هي تثنية كسنام الفالج ، فلذلك سميت ذات فرقين .

القول في تأويل قوله تعالى : كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كما قصصنا عليك يا محمد نبأ موسى وفرعون وقومه وأخبار بني إسرائيل مع موسى ( كَذَلِكَ نَقُصُّ &; 18-368 &; عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ ) يقول: كذلك نخبرك بأنباء الأشياء التي قد سبقت من قبلك، فلم تشاهدها ولم تعاينها ، وقوله ( وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا ) يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله عليه وسلم: وقد آتيناك يا محمد من عندنا ذكرا يتذكر به، ويتعظ به أهل العقل والفهم، وهو هذا القرآن الذي أنـزله الله عليه، فجعله ذكرى للعالمين .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
98] ﴿إِنَّمَا إِلَـٰهُكُمُ اللَّـهُ﴾ (إنما) تأتي لتنفي ما قبلها، وتثبت ما بعدها، فهي تنفي الألوهية عن عجل السامري، وتثبت الألوهية لله تعالى.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّما إِلهُكُمُ:
  • إنّما: كافة ومكفوفة. إله: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة الكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم علامة جمع الذكور..
  • ﴿ اللهُ:
  • خبر المبتدأ «إلهكم» ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو الله. والجملة الاسمية «هو الله» في محل رفع خبر الأول.
  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة-نعت-للفظ‍ الجلالة «الله» ويجوز أن يكون خبرا ثانيا للمبتدإ الأول أو بدلا من لفظ‍ الجلالة «الله».
  • ﴿ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثامنة. وسع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «وسع» صلة الموصول لا محل لها. وجملة لا إِلهَ إِلاّ هُوَ» اعتراضية لا محل لها من الإعراب. كل: مفعول به أول منصوب بالفتحة
  • ﴿ شَيْءٍ عِلْماً:
  • شيء: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. علما: مفعول به ثان منصوب بالفتحة وأصل محل «علما» التمييز وهو في المعنى فاعل. لأن وسع متعد الى مفعول واحد. ولما ثقل نقل الى التعدية الى مفعولين فنصبهما معا على المفعولية فترد بالنقل ما كان فاعلا «مفعولا».'

المتشابهات :

طه: 98﴿إِنَّمَا إِلَـٰهُكُمُ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا
الحشر: 22﴿هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
الحشر: 23﴿هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [98] لما قبلها :     ولَمَّا فَرَغَ موسى عليه السلام مِن إبطال الباطل؛ عاد هنا إلى بيانِ الدِّينِ الحَقِّ، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وسع:
وقرئ:
بفتح السين مشددة، وهى قراءة قتادة، ومجاهد.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف