20187888990919293

الإحصائيات

سورة التوبة
ترتيب المصحف9ترتيب النزول113
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات21.00
عدد الآيات129عدد الأجزاء1.05
عدد الأحزاب2.10عدد الأرباع8.50
ترتيب الطول7تبدأ في الجزء10
تنتهي في الجزء11عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 2/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (88) الى الآية رقم (90) عدد الآيات (3)

لَمَّا شرحَ حالَ المُنافقينَ في الفِرارِ عن الجِهادِ بَيَّنَ هنا أنَّ حالَ الرَّسولِ ﷺ والذينَ آمَنُوا معه بالضِّدِّ منه، وذكرَ ثوابَهم، ولَمَّا ذكرَ أعذارَ المنافقينَ في المدينةِ ذكرَ هنا أعذارَ المنافقينَ من الأعرابِ البدوِ.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (91) الى الآية رقم (93) عدد الآيات (3)

لَمَّا ذكرَ أصحابَ الأعذارِ الواهيةِ ناسَبه ذكرُ أصحابِ الأعذارِ الحقيقيةِ المقبولةِ، ولَمَّا بَيَّنَ أنَّ كُلَّ أولئكَ ما عليهم مِن سَبيلٍ، بَقِيَ بيانُ مَن عليهم السَّبيلُ فذَكَرَهم.

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة التوبة

باب التوبة مفتوح للجميع (دعوة الجميع للتوبة)/ البلاغ الأخير في سورة التوبة/ سياسة الإسلام في التعامل مع الكافرين والمنافقين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا غابت «بسم الله الرحمن الرحيم»؟:   1- قالوا: لأن السورة نزلت في فضح المنافقين والكفّار وأعمالهم، قال علي بن أبي طالب عندما سئل عن عدم كتابة البسملة في سورة التوبة: إن «بسم الله الرحمن الرحيم» أمان، وبراءة -أي سورة التوبة- نزلت بالسيف، ليس فيها أمان. 2- وقالوا: لأن براءة سخط، والبسملة «بسم الله الرحمن الرحيم» رحمة، فكيف الجمع بين السخط والرحمة!
  • • ما علاقة هذه الموضوعات بالتوبة؟:   إنه بالرغم من أن السورة قد تضمنت التهديد الشديد للكفار والمنافقين، لكنها حرصت على إبقاء باب التوبة مفتوحًا لجميع الناس، وتدعو الجميع إلى التوبة في مرات عديدة.بعض الناس حين يقرأ هذه السورة يشعر بشدتها على الكفار والمنافقين، والبعض الآخر يقرأها فيشعر برحمة الله الواسعة والتي تتجلى في قبوله التوبة من جميع البشر، وهؤلاء أقرب إلى فهم معاني السورة
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «التوبة»، و«براءة».
  • • معنى الاسم ::   التوبة: ترك الذنب مع الندم، وبراءة: مصدرُ الفعل (برأ) بمعنى خَلِص، وبراءة: أي إعذار وإنذار.
  • • سبب التسمية ::   هي أكثر سورة وردت فيها كلمة التوبة ومشتقاتها، وسميت «براءة»؛ لأنها مفتتحة بها، أي تسمية لها بأول كلمة منها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «الفاضحة»؛ لأنها فضحت المنافقين وكشفت أسرارهم، و«المُقَشقِشة» أي: المبرِّئة من النِّفاق.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن باب التوبة مفتوح للجميع.
  • • علمتني السورة ::   أن التوبة إعلان للبداية الجديدة، إعلان للحياة الجديدة، إعلان للهجرة من الظلمات إلى النور، من الضيق الى السعة، من الحزن إلى السعادة
  • • علمتني السورة ::   التوبة أنَّ الجهاد سبيل الأمة إلى العزّة، وطريقها إلى الريادة، متى أقامته قويَت وعزّت، وإذا تخلّت عنه ضعفت وهانت.
  • • علمتني السورة ::   حرمة دخول الكافر حدود الحرم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة»، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».وسورة التوبة من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.
    • عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «أَنْ تَعَلَّمُوا سُورَةَ التَّوْبَةِ، وَعَلِّمُوا نِسَاءَكُمْ سُورَةَ النُّورِ».
    • وذلك أن سورة التوبة ذُكِرَ فيها أحكام الجهاد فناسبت الرجال، وسورة النور ذُكِرَ فيها أحكام الحجاب فناسبت النساء.
    • عن إبراهيم قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ مَرَّةً وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُجَاعِلَ -أي يدفع جُعالة لمن يخرج بدلًا عنه-، فِي بَعْثٍ خَرَجَ عَلَيْهِ، فَأَصْبَحَ وَهُوَ يَتَجَهَّزُ فَقُلْتُ لَهُ: «مَا لَكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُجَاعِلَ؟»، قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنِّي قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ سُورَةَ بَرَاءَةَ؛ فَسَمِعْتُهَا تَحُثُّ عَلَى الْجِهَادِ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي السورة الوحيدة التي لم تبدأ بـ «بسم الله الرحمن الرحيم».
    • تمتاز بكثرة أسمائها، فهي تأتي بعد سورة الفاتحة في كثرة الأسماء، ومعظم هذه الأسماء أطلق عليها بسبب ما فيها من دلالات وصفات تفضح المنافقين.
    • هي آخر سور السبع الطِّوَال، وهي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة».
    • أفاضت في الحديث عن المنافقين وصفاتهم إفاضة لا توجد في غيرها من سور القرآن الكريم.
    • ذكرت فيها أحداث غزوة تبوك، وهي آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم في رجب 9 هـ.
    • أكثر سورة وردت فيها كلمة التوبة ومشتقاتها، ولذا لم تذكر فئة إلا وحثتها على التوبة: كالكفار، والمشركين والمنافقين والعصاة والمؤمنين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبادر إلى التوبة والرجوع إلى الله قبل أن يفاجئنا الموت، وندعو كل الناس إلى ذلك.
    • أن نتعلم سياسة الإسلام في التعامل مع الكافرين والمنافقين.
    • أن نلزم الوفاء بالعهود مع المشركين إلى مدتها إلا إذا خانوا؛ فإن خانوا فيجب إخبارهم بنقض العهد: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ ...﴾ (4).
    • أن نقرأ كلام الله على من حولنا من غير المسلمين؛ رجاء هدايتهم: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّـهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ﴾ (6).
    • ألا نَأْمَن غير المسلمين، ولا نُسَلِّم لهم أنفسنا مهما كانت وعودهم؛ فإنهم لا يؤمَنون: ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ﴾ (8).
    • أن نحذر اتخاذ بطانة من أعداء الدين: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً﴾ (16).
    • أن نتعلم أحكام التعامل مع الكفار من أهل الذمة وغيرهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا﴾ (28).
    • ألا نوالي الكفار؛ حتى ولو كانوا من الأقربين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (23).
    • أن تكون محبة الله ورسوله أغلى عندنا من كلّ شيء سواها: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ (24).
    • ألا نقدم على محبة الله أحدًا: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ ...﴾ (24).
    • أن نستبشِر؛ سيُصبحُ الإسلام هو الدينُ الذي يُعبَدُ اللهُ به في الأرضِ لا غيره: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ (33). • أن نظهر الأشهر الهجرية في تعاملاتنا قدر الاستطاعة؛ فهي المقدمة عند الله، وهي من مظاهر الدين الإسلامي: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّـهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ (36).
    • أن نلقي المحاضرات، أو نرسل رسائل عن خطر التحايل على الشريعة وأهمية مراقبة الله: ﴿يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّـهُ﴾ (37).
    • ألا نشعر بالضعف إلا لله، ولا نطأطئ رؤوسنا لسواه: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا﴾ (40).
    • أن نتبرع بشيء من أموالنا للجهات الخيرية؛ فهذا من الجهاد بالمال: ﴿انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ﴾ (41).
    • أن نستفتِح العِتابَ بأجملِ الكلماتِ؛ لنستميلَ قلبَ مَن نُعاتِبُ: ﴿عَفَا اللَّـهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ (43)، تأمَّلْ: بدأَ بالعَفوِ عن الخَطأِ قبلَ أن يعاتِبَه على ارتكابِه.
    • ألا نتأثر لخذلان بعض الناس لنا؛ فقد يكون الله ثبطهم لفسادٍ عَلِمه أنه سيكون لو كانوا معكم: ﴿وَلَـٰكِن كَرِهَ اللَّـهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ﴾ (46).
    • ألا نخاف ولا نحزن من أقدار الدنيا؛ فلن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (51).
    • ألا نضع زكاة أموالنا إلا في المصارف التي حددها الله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (60).
    • ألا نتناول شعائر الدين وأحكامه بسخرية واستهزاء، ولو على سبيل المزاح والضحك، فالخائض فيها على خطر عظيم: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ (65، 66).
    • أن نحرص على الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنْكرِ مخالفة لحالِ المنافقين: ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ﴾ (67).
    • أن ندرس قصص الأنبياءِ حتى نكونَ من الذين يعتبرون ويتعظون إذا تُليتْ عليهم أنباءُ الرسلِ وأممهِم: ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ (70).
    • أن نتقي الله تعالى في سرنا وجهرنا؛ فإن الله علام الغيوب: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّـهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ (78).
    • ألا نسخر من صدقة مسلم؛ ولو قلت: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّـهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (79).
    • أن ندعو الله أن يرزقنا الحلم: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ (114).

تمرين حفظ الصفحة : 201

201

مدارسة الآية : [87] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ ..

التفسير :

[87] رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار، وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، وختم الله على قلوبهم؛ بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سبيل الله، فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم.

قال تعالى ‏{‏رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ‏}‏ أي‏:‏ كيف رضوا لأنفسهم أن يكونوا مع النساء المتخلفات عن الجهاد، هل معهم فقه أو عقل دلهم على ذلك‏؟‏ أم طبع الله على قلوبهم فلا تعي الخير، ولا يكون فيها إرادة لفعل ما فيه الخير والفلاح‏؟‏ فهم لا يفقهون مصالحهم، فلو فقهوا حقيقة الفقه، لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال التي تحطهم عن منازل الرجال‏.‏

وقوله: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ زيادة في تحقيرهم وذمهم.

والخوالف: جمع خالفة، ويطلق على المرأة المتخلفة عن أعمال الرجال لضعفها، كما يطلق لفظ الخالفة- أيضا- على كل من لا خير فيه.

والمعنى: رضى هؤلاء المنافقون لأنفسهم، أن يبقوا في المدينة مع النساء، ومع كل من لا خير فيه من الناس، ولا يرضى بذلك إلا من هانت كرامته، وسقطت مروءته، وألف الذل والصغار.

وقوله وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ بيان لما ترتب على استمرارهم في النفاق، وعدم رجوعهم إلى طريق الحق.

أى: أنه ترتب على رسوخهم في النفاق، وإصرارهم على الفسوق والعصيان أن ختم الله على قلوبهم، فصارت لا تفقه ما في الإيمان والجهاد من الخير والسعادة، وما في النفاق والشقاق من الشقاء والهلاك.

وقوله : ( وطبع على قلوبهم ) أي : بسبب نكولهم عن الجهاد والخروج مع الرسول في سبيل الله ، ( فهم لا يفقهون ) أي : لا يفهمون ما فيه صلاح لهم فيفعلوه ، ولا ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه .

القول في تأويل قوله : رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: رضي هؤلاء المنافقون = الذين إذا قيل لهم: آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله, استأذنك أهل الغنى منهم في التخلف عن الغزو والخروج معك لقتال أعداء الله من المشركين = أن يكونوا في منازلهم، كالنساء اللواتي ليس عليهن فرض الجهاد, فهن قعود في منازلهنّ وبيوتهنّ (1) =(وطبع على قلوبهم)، يقول: وختم الله على قلوب هؤلاء المنافقين =(فهم لا يفقهون)، عن الله مواعظه، فيتعظون بها. (2)

* * *

وقد بينا معنى " الطبع "، وكيف الختم على القلوب، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (3)

* * *

وبنحو الذي قلنا في معنى " الخوالف " قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

17064- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قال: " الخوالف " هنّ النساء.

17065- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، يعني: النساء.

17066- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حبوية أبو يزيد, عن يعقوب القمي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قال: النساء.

17067-...... قال: حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك: (مع الخوالف)، قال: مع النساء.

17068- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، أي: مع النساء.

17069- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة والحسن: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قالا النساء.

17070- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

17071- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.

17072- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قال: مع النساء.

---------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير " الخوالف " فيما سلف ص : 405 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .

(2) انظر تفسير " فقه " فيما سلف ص : 399 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

(3) انظر تفسير " الطبع " فيما سلف 13 : 10 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[87] ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ قد تتخلف عن الخير يومًا ما رغمًا عنك، فتجد نفسك بين غير المؤمنين، فاكره هذه الحال بقلبك وإياك أن ترضاها، خطر.
وقفة
[87] ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ يبدأ الشيطان خطة التدرج من كراهية الذنب، ثم اعتیاده، ثم الرضا به، كيد أبالسة!
وقفة
[87] ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ قد تضطر بأن تكون مع الخوالف يومًا، حبل النجاة هنا: ألا ترضى تلك الحال.
وقفة
[87] ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ بداية التخلف كانت (الرضى به).
وقفة
[87] ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ﴾ (الخوالف): جمع (خالفة) وليس (خالف)، وجمعهم على (خوالف)؛ لإنهم رضوا لأنفسهم أن يكونوا مثل حكم النساء في التخلف عن الجهاد.
وقفة
[87] ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ نعوذ بالله، تخلفوا عن نصرة المؤمنين فدمغت قلوبهم بالنفاق.
وقفة
[87] من العلم ما لا يفقهه القاعد عن الجهاد بدون عذر مهما بلغ من العلم ﴿رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون﴾.
وقفة
[87] قد ترضى النفس بفعلها وقناعاتها وهي على باطل، استدراج من الله وإغواء لها ﴿رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون﴾.
عمل
[87] اقرأ كتابًا، أو استمع إلى مقطع صوتي يرفع همتك للطاعة وعمل الخير؛ ككتب السنة النبوية وتراجم الأعلام؛ فالرضا بالدون والمعصية من شأن المنافقين، لا من صفات المؤمنين ﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾.
تفاعل
[87] ﴿وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
تفاعل
[87] ﴿وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾ قل: «اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على دينك، اللهم أصلح لنا قلوبنا».
عمل
[87] أدِّ بعض الأعمال التي تصلح القلب وتحييه؛ كزيارة المقابر، ومساعدة محتاج أو مسكين، ونحوها، ﴿وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾.
وقفة
[87] ﴿فهم لا يفقهون﴾ لا تظن أن كل عدم فهم من جهة المنافق ناتج عن مراوغة وخداع، قدر لا بأس به من ذلك نتيجة غباء حقيقي، وحمق متجذر.

الإعراب :

  • ﴿ رَضُوا:
  • فعل ماض مبني على الفتح الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ:
  • الباء حرف جر. أن: حرف مصدري ناصب. يكونوا: فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والألف فارقة.مع: ظرف مكان يدل على المصاحبة والاجتماع. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق برضوا. الخوالف: مضاف اليه مجرور بالكسرة. بمعنى «مع النساء» وشبه الجملة «مَعَ الْخَوالِفِ» متعلق بخبر «يَكُونُوا» و «الْخَوالِفِ» جمع «خالفة» وهو كناية عن تخلف المرأة عن المجاهدين وجملة «يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ» صلة «أن» لا محل لها.
  • ﴿ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ:
  • الواو: استئنافية. طبع: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. على قلوب: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة أي وختم على قلوبهم.
  • ﴿ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ:
  • الفاء استئنافية. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. يفقهون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا يَفْقَهُونَ» في محل رفع خبر «هم» بمعنى أغلفت قلوبهم عن الفهم فهم لا يفهمون. '

المتشابهات :

التوبة: 87﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ
التوبة: 93﴿رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ و طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
النحل: 108﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ
محمد: 16﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد ذكرِ تحايل أهل الثراء من المنافقين للتخلف عن الجهاد؛ ذمهم اللهُ عز وجل هنا بأنهم رضوا لأنفسهم بأن يكونوا مع الخوالف من النساء والصبيان وأصحاب الأعذار ممن ليس عليهم فرض الجهاد، قال تعالى:
﴿ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [88] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ..

التفسير :

[88] إنْ تخلَّف هؤلاء المنافقون عن الغزو، فقد جاهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون معه بأموالهم وأنفسهم، وأولئك لهم النصر والغنيمة في الدنيا، والجنة والكرامة في الآخرة، وأولئك هم الفائزون.

يقول تعالى‏:‏ إذا تخلف هؤلاء المنافقون عن الجهاد، فاللّه سيغني عنهم، وللّه عباد وخواص من خلقه اختصهم بفضله يقومون بهذا الأمر، وهم ‏{‏الرَّسُولُ‏}‏ محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ‏}‏ غير متثاقلين ولا كسلين، بل هم فرحون مستبشرون، ‏{‏وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ‏}‏ الكثيرة في الدنيا والآخرة، ‏{‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏ الذين ظفروا بأعلى المطالب وأكمل الرغائب‏.‏

وقوله- سبحانه- لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ استدراك لبيان حال الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، بعد بيان حال المنافقين.

أى: إذا كان حال المنافقين كما وصفنا من جبن وتخاذل وهوان ... فإن حال المؤمنين ليس كذلك، فإنهم قد وقفوا إلى جانب رسولهم صلى الله عليه وسلم فجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله، وأطاعوه في السر والعلن، وآثروا ما عند الله على كل شيء في هذه الحياة ...

وقد بين- سبحانه- جزاءهم الكريم فقال: وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ أى: أولئك المؤمنون الصادقون لهم الخيرات التي تسر النفس، وتشرح الصدر في الدنيا والآخرة وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بسعادة الدارين.

لما ذكر تعالى ذم المنافقين ، بين ثناء المؤمنين ، وما لهم في آخرتهم ، فقال : ( لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا ) إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم .

وقوله : ( وأولئك لهم الخيرات ) أي : في الدار الآخرة ، في جنات الفردوس والدرجات العلى .

القول في تأويل قوله : لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: لم يجاهد هؤلاء المنافقون الذين اقتصصت قصصهم المشركين, لكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والذين صدقوا الله ورسوله معه، هم الذين جاهدوا المشركين بأموالهم وأنفسهم, فأنفقوا في جهادهم أموالهم وأتعبوا في قتالهم أنفسهم وبذلوها (4) =(وأولئك)، يقول: وللرسول وللذين آمنوا معه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم =(الخيرات), وهي خيرات الآخرة, وذلك: نساؤها، وجناتها، ونعيمها.

* * *

= واحدتها " خَيْرَة ", كما قال الشاعر: (5)

وَلَقَــدْ طَعَنْــتُ مَجَـامِعَ الـرَّبَلاتِ

رَبَــلاتِ هِنْــدٍ خَــيْرَةِ المَلِكـاتِ (6)

و " الخيرة "، من كل شيء، الفاضلة. (7)

* * *

=(وأولئك هم المفلحون)، يقول: وأولئك هم المخلدون في الجنات، الباقون فيها، الفائزون بها. (8)

------------------------

الهوامش :

(4) انظر تفسير " الجهاد " فيما سلف ص : 411 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(5) لرجل من بني عدي ، عدي تيم تميم ، وهو جاهلي .

(6) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 267 ، واللسان ( خير ) ، و " الربلات " جمع " ربلة " ( بفتح الراء وسكون الباء ، أو فتحها ) ، وهي لحم باطن الفخذ . عنى أمرًا قبيحًا . وقوله " خيرة " ، مؤنث " خير " ، صفة ، لا بمعنى التفضيل ، يقال : " رجل خير ، وامرأة خيرة " ، فإذا أردت التفضيل قلت : " فلانة خير الناس " .

(7) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 267 .

(8) انظر تفسير " الفلاح " فيما سلف 13 : 574 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[88] ﴿لَـٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ﴾ رسول الله ﷺ يتقدم موكب التضحية، ومن ورائه كل داعية صادق، عليه أن يدعو الناس بحاله قبل مقاله، وعمله قبل لسانه.
وقفة
[88] المال الذي بين يديك إنما هو لاختبارك, فأنفقه حيث يحب الله ورسوله، ولو كان ذلك مكروهًا لنفسك ﴿لَـٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
تفاعل
[88] ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ لكِنِ الرَّسُولُ:
  • حرف عطف للاستدراك مهمل غير عامل لأنه مخفف وحرّك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين. الرسول: مبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ:
  • الواو: عاطفة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع وهو الاسم المبتدأ- الرسول- آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. مع: ظرف مكان يدل على المصاحبة في محل نصب على الظرفية. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة وجملة «آمَنُوا مَعَهُ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ: الجملة:
  • في محل رفع خبر المبتدأ.جاهدوا: وتعرب إعراب «آمَنُوا». بأموال: جار ومجرور متعلق بجاهدوا و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وأنفسهم:معطوفة بالواو: على «أموالهم» وتعرب مثلها.
  • ﴿ وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ:
  • واو: عاطفة. أولئك: معطوفة على «أُولئِكَ» الأولى وتعرب إعرابها. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون حرك آخره بالضم للاشباع في محل رفع مبتدأ ثان. المفلحون: خبر «هُمُ» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية «هُمُ الْمُفْلِحُونَ» في محل رفع خبر «أُولئِكَ» ويجوز أن تعرب «هُمُ»:ضمير فصل أو حرف عماد لا محل لها و «الْمُفْلِحُونَ» خبر «أُولئِكَ». '

المتشابهات :

الأنفال: 72﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ
الحجرات: 15﴿ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ
التوبة: 81﴿وَكَرِهُوٓاْ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ
التوبة: 44﴿لَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ
التوبة: 88﴿لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُۖ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولَمَّا شرحَ اللهُ عز وجل حالَ المُنافقينَ في الفِرارِ عن الجِهادِ؛ بَيَّنَ هنا أنَّ حالَ الرَّسولِ r والذينَ آمَنُوا معه بالضِّدِّ منه، قال تعالى:
﴿ لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [89] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي ..

التفسير :

[89] أعدَّ الله لهم يوم القيامة جنات تجري مِن تحت قصورها وأشجارها الأنهار ماكثين فيها أبداً. ذلك هو الفلاح العظيم.

‏{‏أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏}‏ فتبا لمن لم يرغب بما رغبوا فيه، وخسر دينه ودنياه وأخراه، وهذا نظير قوله تعالى ‏{‏قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ‏}‏‏.‏

«أعد الله» - تعالى- لهؤلاء المؤمنين الصادقين «جنات تجرى من» تحت ثمارها وأشجارها ومساكنها «الأنهار خالدين» في تلك الجنات خلودا أبديا، و «ذلك» العطاء الجزيل، هو «الفوز العظيم» الذي لا يدانيه فوز، ولا تقاربه سعادة.

وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذمت المنافقين لجبنهم، وسوء نيتهم، وتخلفهم عن كل خير ... ومدحت الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، الذين نهضوا بتكاليف العقيدة، وأدوا ما يجب عليهم نحو خالقهم وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمته- سبحانه.

وبعد أن بين- سبحانه- أحوال المنافقين من سكان المدينة، أتبع ذلك بالحديث عن المنافقين من الأعراب سكان البادية فقال- تعالى:

لما ذكر تعالى ذنب المنافقين وبين ثناءه على المؤمنين وما لهم في آخرتهم فقال " لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا " إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم وقال " وأولئك لهم الخيرات " أي في الدار الآخرة في جنات الفردوس والدرجات العلى.

القول في تأويل قوله : أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أعد الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وللذين آمنوا معه (9) =(جنات), وهي البساتين، (10) تجري من تحت أشجارها الأنهار =(خالدين فيها)، يقول: لابثين فيها, لا يموتون فيها, ولا يظعنون عنها (11) =(ذلك الفوز العظيم)، يقول: ذلك النجاء العظيم، والحظّ الجزيل. (12)

-------------------

الهوامش :

(9) انظر تفسير " أعد " فيما سلف ص : 31 ، 267 .

(10) انظر تفسير " الجنة " فيما سلف من فهارس اللغة ( جنن ) .

(11) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة ( خلد ) .

(12) انظر تفسير " الفوز " فيما سلف ص : 357 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[89] ﴿أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُمْ﴾ من الذي أعد؟! لو أن ملكًا من ملوك الأرض دعاك إلى ضيافته، لو أن أغنى أغنياء العالم استضافك في قصر من قصوره، فكيف تكون لذتك؟! فكيف والله جل جلاله هو الذي أعد وهيأ؟! وفيه إشعار بغاية العناية الإلهية.
تفاعل
[89] ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[89] ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ يومًا ما سيَموت الموت، ونحيا في الجنة مُخَلَّدِين؛ عش على هذا الأمل إن شئت أن تعيش.

الإعراب :

  • ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ:
  • أعدّ: فعل ماض مبني على الفتح. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. لهم: جار ومجرور متعلق بأعدّ. و «هم»: ضمير الغائبين يعود الى الرسول الكريم والذين آمنوا معه مبني على السكون في محل جر باللام
  • ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي:
  • جنات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. تجري: فعل مضارع مرفوع للتجرد بالضمة المقدرة على الياء للثقل والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب صفة- نعت- لجنّات.
  • ﴿ مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • جار ومجرور متعلق بتجري. و «ها»: ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الأنهار: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ خالِدِينَ فِيها:
  • حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. فيها: جار ومجرور متعلق بخالدين.
  • ﴿ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ:
  • ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. الفوز: خبر لمبتدأ محذوف تقديره:هو مرفوع بالضمة. العظيم: صفة للفوز مرفوع مثله بالضمة وجملة «هو الفوز العظيم» في محل رفع خبر ذلك أو يكون الجار والمجرور «مِنْ تَحْتِهَا» متعلقا بحال من «الْأَنْهارُ» تجري الأنهار أي كائنة تحتها. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     وبعد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وفلاحهم؛ ذكرَ هنا ثوابَهم في الآخرة، قال تعالى:
﴿ أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [90] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ ..

التفسير :

[90] وجاء جماعة من أحياء العرب حول «المدينة» يعتذرون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج للغزو، وقعد قوم بغير عذر أظهروه، جرأة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. سيصيب الذين كفروا مِن هؤلاء عذاب أليم ف

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ جاء الذين تهاونوا، وقصروا منهم في الخروج لأجل أن يؤذن لهم في ترك الجهاد، غير مبالين في الاعتذار لجفائهم وعدم حيائهم، وإتيانهم بسبب ما معهم من الإيمان الضعيف‏.‏

وأما الذين كذبوا اللّه ورسوله منهم، فقعدوا وتركوا الاعتذار بالكلية، ويحتمل أن معنى قوله‏:‏ ‏{‏الْمُعَذِّرُونَ‏}‏ أي‏:‏ الذين لهم عذر، أتوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليعذرهم، ومن عادته أن يعذر من له عذر‏.‏

‏{‏وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ في دعواهم الإيمان، المقتضي للخروج، وعدم عملهم بذلك، ثم توعدهم بقوله‏:‏ ‏{‏سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏}‏ في الدنيا والآخرة‏.‏

قال القرطبي ما ملخصه: قوله- تعالى-: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ قرأ الأعرج والضحاك المعذرون مخففا، ورواها أبو كريب عن أبى بكر عن عاصم ... وهي من أعذر، ومنه قد أعذر من أنذر، أى: قد بالغ في العذر من تقدم إليك فأنذرك، وأما، «المعذرون» بالتشديد- وهي قراءة الجمهور- ففيها قولان:

أحدهما: أنه يكون المحق، فهو في المعنى المعتذر، لأن له عذرا، فيكون «المعذرون» على هذه أصله المعتذرون، ثم أدغمت التاء في الذال ...

وثانيهما: أن المعذر قد يكون غير محق، وهو الذي يعتذر ولا عذر له.

والمعنى، أنهم اعتذروا بالكذب ...

قال الجوهري: وكان ابن عباس يقول: لعن الله المعذرين، كان الأمر عنده أن المعذر- بالتشديد- هو المظهر للعذر، اعتلالا من غير حقيقة له في العذر ... » .

ومن هذه الأقوال التي نقلناها عن القرطبي يتبين لنا أن من المفسرين من يرى أن المقصود من المعذرين: أصحاب الأعذار المقبولة.

وقد رجح الإمام ابن كثير هذا الرأى فقال: بين الله- تعالى- حال ذوى الأعذار في ترك الجهاد، وهم الذين جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، ويبينون له ما هم فيه من الضعف وعدم القدرة على الخروج وهم من أحياء العرب ممن حول المدينة.

قال الضحاك عن ابن عباس: إنه كان يقرأ «وجاء المعذرون» - بالتخفيف، ويقول:

هم أهل العذر ... وهذا القول أظهر في معنى الآية لأنه- سبحانه- قال بعد هذا: وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

أى: لم يأتوا فيعتذروا ... » .

وعلى هذا الرأى تكون الآية قد ذكرت قسمين من الأعراب: قسما جاء معتذرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسما لم يجئ ولم يعتذر، وهذا القسم هو الذي توعده الله بسوء المصير.

ومنهم من يرى أن المقصود بالمعذرين: أصحاب الأعذار الباطلة، وقد سار على هذا الرأى صاحب الكشاف فقال: «المعذرون» من عذر في الأمر، إذا قصر فيه وتوانى ولم يجد فيه، وحقيقته أنه يوهم أن له عذرا فيما يفعل ولا عذر له.

أو المعتذرون بإدغام التاء في الذال، وهم الذين يعتذرون بالباطل، كقوله، يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم ...

وقرئ «المعذرون» بالتخفيف: وهو الذي يجتهد في العذر ويحتشد فيه. قيل هم أسد وغطفان. قالوا: إن لنا عيالا، وإن بنا جهدا فائذن لنا في التخلف.

وقيل: هم رهط عامر بن الطفيل، قالوا: إن غزونا معك أغارت أعراب طيئ على أهالينا ومواشينا، فقال صلى الله عليه وسلم «سيغنيني الله عنكم» وعن مجاهد: نفر من غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله- تعالى- وعن قتادة: اعتذروا بالكذب ... .

وعلى هذا الرأى تكون الآية الكريمة قد ذكرت قسمين- أيضا- من الأعراب، إلا أن أولهما قد اعتذر بأعذار غير مقبولة، وثانيهما لم يعتذر، بل قعد في داره مصرا على كفره، ولذا قال أبو عمرو بن العلاء: كلا الفريقين كان سيئا: قوم تكلفوا عذرا بالباطل وهم الذين عناهم الله- تعالى. بقوله وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ، وقوم تخلفوا من غير عذر فقعدوا جرأة على الله وهم المنافقون، فتوعدهم الله بقوله: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

والذي يبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الصواب لتناسقه مع ما يفيده ظاهر الآية، لأن الآية الكريمة ذكرت نوعين من الأعراب، أحدهما: المعذرون.

أى أصحاب الأعذار، وثانيهما: الذين قعدوا في بيوتهم مكذبين لله ولرسوله، فتوعدهم- سبحانه- بالعذاب الأليم، ولأنه لا توجد قرينة قوية تجعلنا نرجح أن المراد بالمعذرين هنا، أصحاب الأعذار الباطلة، لأن التفسير اللغوي للكلمة- كما نقلنا عن القرطبي- يجعلها صالحة للأعذار المقبولة، فكان الحمل على حسن الظن أولى، والله، تعالى، بعد ذلك هو العليم بأحوال العباد، ما ظهر منها وما بطن.

وعلى هذا يكون معنى الآية الكريمة: وعند ما استنفر النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى غزوة تبوك، جاءه أصحاب الأعذار من الأعراب ليستأذنوه في عدم الخروج معه، فقبل صلى الله عليه وسلم ما هو حق منها.

وقوله: وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ بيان للفريق الثاني من الأعراب وهو الذي لم يجئ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معتذرا.

أى: وقعد عن الخروج إلى تبوك، وعن المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم للاعتذار، أولئك الذين كذبوا الله ورسوله في دعوى الإيمان، وهم الراسخون في النفاق والعصيان من الأعراب سكان البادية.

وقوله: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وعيد لهم بسوء العاقبة في الدارين.

أى: سيصيب الذين أصروا على كفرهم ونفاقهم من هؤلاء الأعراب، عذاب أليم في الدنيا والآخرة، أما الذين رجعوا عن كفرهم ونفاقهم منهم، وتابوا إلى الله- تعالى- توبة صادقة، فهؤلاء عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا.

ثم ذكر- سبحانه- الأعذار الشرعية المقبولة عنده وعند رسوله، والتي تجعل صاحبها لا حرج عليه إذا ما قعد معها عن القتال، فقال، تعالى:

ثم بين تعالى حال ذوي الأعذار في ترك الجهاد الذين جاءوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون إليه ، ويبينون له ما هم فيه من الضعف ، وعدم القدرة على الخروج ، وهم من أحياء العرب ممن حول المدينة .

قال الضحاك ، عن ابن عباس : إنه كان يقرأ : " وجاء المعذرون " بالتخفيف ، ويقول : هم أهل العذر .

وكذا روى ابن عيينة ، عن حميد ، عن مجاهد سواء .

قال ابن إسحاق : وبلغني أنهم نفر من بني غفار منهم : خفاف بن إيماء بن رحضة .

وهذا القول هو الأظهر في معنى الآية ؛ لأنه قال بعد هذا : ( وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) أي : لم يأتوا فيعتذروا .

وقال ابن جريج عن مجاهد : ( وجاء المعذرون من الأعراب ) قال : نفر من بني غفار ، جاءوا فاعتذروا ، فلم يعذرهم الله . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، ومحمد بن إسحاق ، والقول الأول أظهر والله أعلم ، لما قدمنا من قوله بعده : ( وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) أي : وقعد آخرون من الأعراب عن المجيء للاعتذار ، ثم أوعدهم بالعذاب الأليم ، فقال : ( سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم ) .

القول في تأويل قوله : وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (90)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وجاء)، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم =(المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم)، في التخلف =(وقعد)، عن المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد معه (13) =(الذين كذبوا الله ورسوله)، وقالوا الكذب, واعتذرُوا بالباطل منهم. يقول تعالى ذكره: سيُصيب الذين جحدوا توحيد الله ونبوة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم منهم، عذابٌ أليم. (14)

* * *

فإن قال قائل: (وجاء المعذّرون)، وقد علمت أن " المعذِّر "، في كلام العرب، إنما هو: الذي يُعَذِّر في الأمر فلا يبالغ فيه ولا يُحكمه؟ وليست هذه صفة هؤلاء, وإنما صفتهم أنهم كانوا قد اجتهدوا في طلب ما ينهضون به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوّهم, وحرصوا على ذلك, فلم يجدوا إليه السبيل, فهم بأن يوصفوا بأنهم: " قد أعذروا "، أولى وأحق منهم بأن يوصفوا بأنهم " عذَّروا ". وإذا وصفوا بذلك، (15) فالصَّواب في ذلك من القراءة، ما قرأه ابن عباس, وذلك ما:-

17073- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا بشر بن عمارة, عن أبي روق، عن الضحاك قال: كان ابن عباس يقرأ: ( وَجَاءَ الْمُعْذِرُونَ )، مخففةً, ويقول: هم أهل العذر.

= مع موافقة مجاهد إياه وغيره عليه؟

قيل: إن معنى ذلك على غير ما ذهبتَ إليه, وإن معناه: وجاء المعتذِرون من الأعراب = ولكن " التاء " لما جاورت " الذال " أدغمت فيها, فصُيِّرتا ذالا مشدَّدة، لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى, كما قيل: " يذَّكَّرون " في " يتذكرون ", و " يذكّر " في " يتذكر " وخرجت العين من " المعذّرين " إلى الفتح, لأن حركة التاء من " المعتذرين "، وهي الفتحة، نقلت إليها، فحركت بما كانت به محركة. والعرب قد توجِّه في معنى " الاعتذار "، إلى " الإعذار ", فيقول: " قد اعتذر فلان في كذا ", يعني: أعذر, (16) ومن ذلك قول لبيد:

إِلَـى الحَـوْلِ ثُـمَّ اسْـمُ السَّلامِ عَلَيْكُمَا

ومَـنْ يَبْـكِ حَـوْلا كَـامِلا فَقَدِ اعتَذَرْ (17)

فقال: فقد اعتذر, بمعنى: فقد أعْذَر.

* * *

على أن أهل التأويل قد اختلفوا في صفة هؤلاء القوم الذين وصفهم الله بأنهم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم " معذِّرين ".

فقال بعضهم: كانوا كاذبين في اعتذارهم, فلم يعذرهم الله.

* ذكر من قال ذلك:

17074- حدثني أبو عبيدة عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي, عن الحسين قال: كان قتادة يقرأ: (وجاء المعذرون من الأعراب)، قال: اعتذروا بالكذب.

17075- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يحيى بن زكريا, عن ابن جريج, عن مجاهد: (وجاء المعذرون من الأعراب)، قال: نفر من بني غفار، جاءوا فاعتذروا, فلم يعذرهم الله.

* * *

= فقد أخبر من ذكرنا من هؤلاء: أن هؤلاء القوم إنما كانوا أهل اعتذار بالباطل لا بالحق، فغير جائز أن يوصفوا بالإعذار، إلا أن يوصفوا بأنهم أعْذَرُوا في الاعتذار بالباطل. فأمّا بالحق = على ما قاله من حكينا قوله من هؤلاء = فغير جائز أن يوصَفوا به.

* * *

وقد كان بعضهم يقول: إنما جاءوا معذّرين غير جادِّين, يعرضون ما لا يريدون فعله. فمن وجَّهه إلى هذا التأويل فلا كلفة في ذلك, غير أني لا أعلم أحدًا من أهل العلم بتأويل القرآن وجَّه تأويله إلى ذلك, فأستحبُّ القول به. (18)

وبعدُ, فإن الذي عليه من القراءة قرأة الأمصار، التشديد في " الذال ", أعني من قوله: (المُعَذّرُونَ)، ففي ذلك دليلٌ على صحة تأويل من تأوله بمعنى الاعتذار، لأن القوم الذين وُصفوا بذلك لم يكلفوا أمرًا عَذَّرُوا فيه, وانما كانوا فرقتين: إما مجتهد طائع، وإما منافق فاسقٌ، لأمر الله مخالف. فليس في الفريقين موصوفٌ بالتعذير في الشخوص مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنما هو معذّر مبالغٌ, أو معتَذِر.

فإذا كان ذلك كذلك, وكانت الحجة من القرأة مجمعة على تشديد " الذال " من " المعذرين ", عُلم أن معناه ما وصفناه من التأويل.

* * *

وقد ذكر عن مجاهد في ذلك موافقة ابن عباس.

17076- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن حميد قال: قرأ مجاهد: (وَجاءَ المُعذَرُونَ)، مخففةً, وقال: هم أهل العذر.

17077- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قال: كان المعذرون، [فيما بلغني، نفرًا من بني غِفارٍ، منهم: خفاف بن أيماء بن رَحَضة، ثم كانت القصة لأهل العذر، حتى انتهى إلى قوله: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ، [الآية]. (19)

-----------------------

(13) انظر تفسير " القعود " فيما سلف ص : 412 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(14) انظر تفسير " أليم " فيما سلف من فهارس اللغة ( ألم ) .

(15) في المطبوعة : " بأنهم عذروا ، إذا وصفوا بذلك " ، كأنه متعلق بالسالف .

والصواب أنه ابتداء كلام ، والواو في " وإذا " ثابتة في المخطوطة .

(16) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 447 ، 448 .

(17) سلف البيت وتخريجه 1 : 119 ، تعليق : 1 .

(18) في المطبوعة : " فاستحبوا " جمعًا ، وإنما جاء الخطأ من سوء كتابة المخطوطة ، لأنه أراد أن يكتب بعد آخر الباء واوًا ، ثم عدل عن ذلك ، فأخذ الناشر بما عدل عنه الناسخ ! ! .

(19) الأثر : 17077 - سيرة ابن هشام 4 : 197 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 17063 . وكان هذا الخبر في المخطوطة والمطبوعة مبتورًا ، أتممته من سيرة ابن هشام ، ووضعت تمامه بين القوسين .

التدبر :

وقفة
[90] ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾: (المعذِرون) قرئت مُخَفّفَة من كَانَ لَهُ عذر (مِنَ الْأَعْرَاب) من بني غفار، (المعذّرون) قرئت مُشَدّدَة يَعْنِي من لم يكن لَهُ عذر من المنافقين، وعلى رأسهم ابن سلول، وهنا كل قراءة أعطت معنى، فلا تنافر بين القراءات.
وقفة
[90] ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ﴾ أصحاب الأعذار قسمان: قسم صاحب عذر حقيقي وهم المعذرون، وقسم کاذب في أعذاره، وهم المنافقون.
وقفة
[90] ﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ﴾ وهم المنافقون (كذَبوا) قرئت بتخفيف الدال، المنافقون كذَبوا الله وسوله في تلك الغزوة (كذَّبوا) قرئت بتضعيف الدال، وهذا يفيد تكذيب المنافقين لله ورسوله في كل أمر وتشريع وموطن.
لمسة
[90] ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ إنما قال ﴿مِنْهُمْ﴾؛ لأنه تعالى كان عالمًا بأن بعضهم سيؤمن ويتخلص من هذا العقاب، فذكر لفظة (من) الدالة على التبعيض.
تفاعل
[90] ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ:
  • الواو: استئنافية. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. المعذرون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد بمعنى: المقصرون أو المعتذرون وهذا اللفظ مشتق إمّا من عذر في الأمر أيّ قّصر فيه وإمّا من اعتذر بادغام التاء في الذال وحصول التشديد في الذال أي بنقل حركة التاء الى العين وبمعنى أن يوهموا أن لهم عذرا فيما يفعلون ولا عذر لهم وقيل أيضا أريد به المعتذرون بالصحة وبه فسر المعتذرون. من الأعراب: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الْمُعَذِّرُونَ» وهم أهل البادية. واحده: أعرابي. وهذا غير العربي الذي معناه المنتسب الى بلاد العرب.
  • ﴿ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ:
  • اللام حرف جر للتعليل. يؤذن: فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بأن مضمرة بعد اللام. لهم: اللام حرف جر. و «هم»:ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور «لَهُمْ» في محل رفع نائب فاعل. و «أن» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بجاء وجملة «يؤذن» صلة «أن» المضمرة لا محل لها بمعنى: ليؤذن لهم في القعود.
  • ﴿ وَقَعَدَ الَّذِينَ:
  • الواو: عاطفة. قعد: فعل ماض مبني على الفتح. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وكذبوا: أي لم يصدقوا. الله لفظ الجلالة:مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. ورسوله: معطوف بالواو على لفظ الجلالة. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • السين: حرف استقبال- تسويف- للقريب.يصيب: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. كفروا: تعرب اعراب «كَذَبُوا» وجملة «كَفَرُوا» صلة الموصول لا محل لها
  • ﴿ مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول «الَّذِينَ» و «هم»: ضمير متصل في محل جر بالباء. وعذاب: فاعل مرفوع بالضمة. أليم: صفة لعذاب مرفوعة بالضمة. '

المتشابهات :

الأنعام: 124﴿ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّـهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ
التوبة: 90﴿وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ عز وجل أعذارَ المُنافِقينَ الذين كانوا في المدينةِ؛ ذكرَ هنا أعذارَ المنافقينَ من الأعرابِ البدوِ، قال تعالى:
﴿ وَجَاء الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

المعذرون:
قرئ:
1- بفتح العين وتشديد الذال، وهى قراءة الجمهور.
كذبوا:
1- بالتخفيف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتشديد، وهى قراءة أبى، والحسن.

مدارسة الآية : [91] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى ..

التفسير :

[91] ليس على أهل الأعذار، مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج، إثم في القعود إذا أخلصوا لله ورسوله، وعملوا بشرعه، ما على مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو ناصح لله ولرسوله من طر

لما ذكر المعتذرين، وكانوا على قسمين، قسم معذور في الشرع، وقسم غير معذور، ذكر ذلك بقوله‏:‏

‏{‏لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ‏}‏ في أبدانهم وأبصارهم، الذين لا قوة لهم على الخروج والقتال‏.‏ ‏{‏وَلَا عَلَى الْمَرْضَى‏}‏‏.‏

وهذا شامل لجميع أنواع المرض الذي لا يقدر صاحبه معه على الخروج والجهاد، من عرج، وعمى، وحمى، وذات الجنب، والفالج، وغير ذلك‏.‏

‏{‏وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ‏}‏ أي‏:‏ لا يجدون زادا، ولا راحلة يتبلغون بها في سفرهم، فهؤلاء ليس عليهم حرج، بشرط أن ينصحوا للّه ورسوله، بأن يكونوا صادقي الإيمان، وأن يكون من نيتهم وعزمهم أنهم لو قدروا لجاهدوا، وأن يفعلوا ما يقدرون عليه من الحث والترغيب والتشجيع على الجهاد‏.‏

‏{‏مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ‏}‏ أي‏:‏ من سبيل يكون عليهم فيه تبعة، فإنهم ـ بإحسانهم فيما عليهم من حقوق اللّه وحقوق العباد ـ أسقطوا توجه اللوم عليهم، وإذا أحسن العبد فيما يقدر عليه، سقط عنه ما لا يقدر عليه‏.‏

ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي‏:‏ أن من أحسن على غيره، في ‏[‏نفسه‏]‏ أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتب على إحسانه نقص أو تلف، أنه غير ضامن لأنه محسن، ولا سبيل على المحسنين، كما أنه يدل على أن غير المحسن ـ وهو المسيء ـ كالمفرط، أن عليه الضمان‏.‏

‏{‏وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ ومن مغفرته ورحمته، عفا عن العاجزين، وأثابهم بنيتهم الجازمة ثواب القادرين الفاعلين‏.‏

ذكر المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات، منها ما جاء عن زيد بن ثابت أنه قال كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أكتب «براءة» ، فإنى لواضع القلم على أذنى، إذ أمرنا بالقتال، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه، إذ جاء أعمى فقال: كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى؟ فنزلت لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى ... الآية.

وروى العوفى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه.

فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مقرن المزني، فقالوا: يا رسول الله، احملنا.

فقال لهم: «والله لا أجد ما أحملكم عليه» ، فتولوا وهم يبكون وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملا، فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله، أنزل عذرهم في كتابه فقال: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى ... الآية.

وقال محمد بن إسحاق- في سياق غزوة تبوك-: ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاءون وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم ... فاستحملوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم، وكانوا أهل حاجة فقال: «لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون.»

والضعفاء: جمع ضعيف، وهو من ليس عنده القوة على القيام بتكاليف الجهاد، كالشيوخ والنساء والصبيان ...

والمرضى: جمع مريض، وهم الذين عرضت لهم أمراض حالت بينهم وبين الاشتراك في القتال، وهؤلاء عذرهم ينتهى بزوال أمراضهم.

والمعنى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ العاجزين عن القتال لعلة في تكوينهم، أو لشيخوخة أقعدتهم، وَلا عَلَى الْمَرْضى الذين حالت أمراضهم بينهم وبين الجهاد وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ وهم الفقراء القادرون على الحرب، ولكنهم لا يجدون المال الذين ينفقونه في مطالب الجهاد، ولا يجدون الرواحل التي يسافرون عليها إلى أرض المعركة، ليس على هؤلاء جميعا حَرَجٌ أى: إثم أو ذنب بسبب عدم خروجهم مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك لقتال الكافرين ...

وقوله: إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ: بيان لما يجب عليهم في حال قعودهم.

قال الجمل: ومعنى النصح- هنا- أن يقيموا في البلد، ويحترزوا عن إنشاء الأراجيف، وإثارة الفتن، ويسعوا في إيصال الخير إلى أهل المجاهدين الذين خرجوا إلى الغزو، ويقوموا بمصالح بيوتهم، ويخلصوا الإيمان والعمل لله ويتابعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، فجملة هذه الأمور تجرى مجرى النصح لله ورسوله، .

وقوله: ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ استئناف مقرر لمضمون ما قبله.

والمحسنون. جمع محسن، وهو الذي يؤدى ما كلفه الله به على وجه حسن.

والسبيل: الطريق السهل الممهد الموصل إلى البغية. ومن، زائدة لتأكيد النفي.

أى: ليس لأحد أى طريق يسلكها لمؤاخذة هؤلاء المحسنين، بسبب تخلفهم عن الجهاد، بعد أن نصحوا لله ولرسوله، وبعد أن حالت الموانع الحقيقية بينهم وبين الخروج للجهاد.

قال الآلوسى: والجملة استئناف مقرر لمضمون ما سبق على أبلغ وجه: وألطف سبك، وهو من بليغ الكلام، لأن معناه: لا سبيل لعاتب عليهم، أى: لا يمر بهم العاتب، ولا يجوز في أرضهم، فما أبعد العتاب عنهم، وهو جار مجرى المثل.

ويحتمل أن يكون تعليلا لنفى الحرج عنهم والْمُحْسِنِينَ على عمومه. أى: ليس عليهم حرج، لأنه ما على جنس المحسنين سبيل، وهم من جملتهم وقال صاحب المنار: «والشرع الإلهى يجازى المحسن بأضعاف إحسانه، ولا يؤاخذ المسيء إلا بقدر إساءته، فإذا كان أولئك المعذورون في القعود عن الجهاد محسنين في سائر أعمالهم بالنصح المذكور. انقطعت طرق المؤاخذة دونهم والإحسان أعم من النصح المذكور فالجملة الكريمة تتضمن تعليل رفع الحرج عنهم مقرونا بالدليل، فكل ناصح لله ورسوله محسن، ولا سبيل إلى مؤاخذة المحسن وإيقاعه في الحرج، وهذه المبالغة في أعلى مكانة من أساليب البلاغة .

وقوله: وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أى: والله تعالى- واسع المغفرة، كثير الرحمة، يستر على عباده المخلصين ما يصدر عنهم من تقصير تقتضيه طبيعتهم البشرية.

م بين تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد فيها عن القتال ، فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه ، وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ، ومنه العمى والعرج ونحوهما ، ولهذا بدأ به . ما هو عارض بسبب مرض عن له في بدنه ، شغله عن الخروج في سبيل الله ، أو بسبب فقره لا يقدر على التجهز للحرب ، فليس على هؤلاء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم ، ولم يرجفوا بالناس ، ولم يثبطوهم ، وهم محسنون في حالهم هذا ؛ ولهذا قال : ( ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم )

وقال سفيان الثوري ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ثمامة - رضي الله عنه - قال : قال الحواريون : يا روح الله ، أخبرنا عن الناصح لله ؟ قال : الذي يؤثر حق الله على حق الناس ، وإذا حدث له أمران - أو : بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة - بدأ بالذي للآخرة ثم تفرغ للذي للدنيا .

وقال الأوزاعي : خرج الناس إلى الاستسقاء ، فقام فيهم بلال بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر من حضر : ألستم مقرين بالإساءة ؟ قالوا : اللهم نعم . فقال : اللهم ، إنا نسمعك تقول : ( ما على المحسنين من سبيل ) اللهم وقد أقررنا بالإساءة فاغفر لنا وارحمنا واسقنا . ورفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا .

وقال قتادة : نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو المزني .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي ، حدثنا ابن جابر ، عن ابن فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكنت أكتب " براءة " فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر ما ينزل عليه ، إذ جاء أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فأنزل الله ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ) الآية .

وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه الآية : وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءته عصابة من أصحابه ، فيهم عبد الله بن مغفل المزني فقالوا : يا رسول الله ، احملنا ، فقال لهم : والله لا أجد ما أحملكم عليه . فتولوا ولهم بكاء ، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ، ولا يجدون نفقة ولا محملا ، فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه ، فقال : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) إلى قوله تعالى : ( فهم لا يعلمون ) .

القول في تأويل قوله : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ليس على أهل الزمانة وأهل العجز عن السفر والغزو, (20) ولا على المرضى, ولا على من لا يجد نفقة يتبلَّغ بها إلى مغزاه = " حرج ", وهو الإثم، (21) يقول: ليس عليهم إثم، إذا نصحوا لله ولرسوله في مغيبهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم =(ما على المحسنين من سبيل) ، يقول: ليس على من أحسن فنصح لله ولرسوله في تخلّفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجهاد معه، لعذر يعذر به، طريقٌ يتطرَّق عليه فيعاقب من قبله (22) =(والله غفور رحيم)، يقول: والله ساتر على ذنوب المحسنين, يتغمدها بعفوه لهم عنها =(رحيم)، بهم، أن يعاقبهم عليها. (23)

* * *

وذكر أن هذه الآية نـزلت في " عائذ بن عمرو المزني".

* * *

وقال بعضهم في " عبد الله بن مغفل ".

* * *

* ذكر من قال: نـزلت في " عائذ بن عمرو ".

17078- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله)، نـزلت في عائذ بن عمرو.

* * *

* ذكر من قال: نـزلت في " ابن مغفل ".

17079- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى)، إلى قوله: حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه, فجاءته عصابة من أصحابه، فيهم " عبد الله بن مغفل المزني", فقالوا: يا رسول الله، احملنا. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أجد ما أحملكم عليه! فتولوا ولهم بكاءٌ, وعزيزٌ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، (24) ولا يجدون نفقةً ولا محملا. فلما رأى الله حرصَهم على محبته ومحبة رسوله, أنـزل عذرهم في كتابه فقال: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج)، إلى قوله: فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ .

----------------------

الهوامش :

(20) انظر تفسير " الضعفاء " فيما سلف 5 : 551 8 : 19 .

(21) انظر تفسير " الحرج " فيما سلف 12 : 295 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(22) انظر تفسير " المحسن " و " السبيل " فيما سلف من فهارس اللغة ( حسن ) ، ( سبل ) .

(23) انظر تفسير " غفور " و " رحيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) ، ( رحم ) .

(24) في المطبوعة : " وعز عليهم " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو محض صواب .

التدبر :

وقفة
[91] ﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ﴾ فيها رفعُ الجهاد على الضعيف والمريض، ومن لا يجد نفقة للجهاد.
وقفة
[91] ﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ هذه الآية أصل في سقوط التكليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء سقط عنه، ولا فرق بين العجز من جهة القوة أو العجز من جهة المال.
لمسة
[91] (ضعفاء) بالتنكير مرة بالألف: ﴿وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار﴾ [البقرة: 266]، وهم ورثته الصِّبْية، قليلي المال، فالتنكير لوصف حالهم فهو ضعف مادي ومعنوي. و(الضعفاء) بالتعريف مرة بالألف: ﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ﴾، وهم العجزة الذين لا قوة لهم، فهو ضعف معنوي، والتعريف لاستغراق الضعف. و(الضعفؤا) بالتعريف مرتين بالواو: ﴿وبرزوا لله جميعًا فقال الضعفؤا للذين استكبروا﴾ [إبراهيم: 21]، ﴿وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفؤا للذين استكبروا﴾ [غافر: 47]، وهذا ضعف مكانة، لا ضعف مادي ولا معنوي.
وقفة
[91] ﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ﴾ ما معنى النصح هنا؟! الجواب: بيان ما يجب على القاعدين عن الجهاد بعذر، قال الجمل: «ومعنى النصح -هنا- أن يقيموا في البلد، ويحترزوا عن إنشاء الأراجيف، وإثارة الفتن، ويسعوا في إيصال الخير إلى أهل المجاهدين الذين خرجوا إلى الغزو، ويقوموا بمصالح بيوتهم، ويخلصوا الإيمان والعمل لله ويتابعوا الرسول ﷺ، فجملة هذه الأمور تجري مجرى النصح لله ورسوله.
وقفة
[91] ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ﴾ أحوج ما يحتاج الجهاد للمال الحلال؛ وهذا غالبًا في أموال المساكين، فحلال قليل مع إيمان كبير نصرٌ معجل.
وقفة
[91] ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ﴾ أي: أخلصوا لله ورسوله قصدهم وحبهم.
وقفة
[91] ﴿إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ﴾ يعني: بنياتهم وأقوالهم، وإن لم يخرجوا للغزو، ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾: وصفهم بالمحسنين لأنهم نصحوا لله ورسوله، ورفع عنهم العقوبة، والتعنيف، واللوم.
وقفة
[91] ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ هذه الآية أصل في رفع العقاب عن كل محسن.
وقفة
[91] ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ لا سبيل لعاتب عليهم، أي: لا يمرُّ بهم العاتب، ولا يجتاز أرضهم، فما أبعد العتاب عنهم، ولا مؤاخذة لهؤلاء المحسنين، بسبب تخلفهم عن الجهاد، بعد أن نصحوا لله ولرسوله، وبعد أن حالت الموانع الحقيقية بينهم وبين الجهاد.
وقفة
[91] ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ ليس لأحد أن يسلك أي سبيل أو طريق لمؤاخذة أو عتاب هؤلاء المحسنين، بعد أن أقعدتهم الموانع الحقيقية عن الجهاد، والمعنى: لا سبيل يستطيع أي معاتب أن يمر به إليهم، ولا حتى أن يقترب منهم، فما أبعد العتاب عنهم! وهذا من أفصح البيان.
وقفة
[91] ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ هنيئًا للمحسنين! أثبتَ أجرهم، ورفعَ ذكرهم، وزكَّاهم ربهم، وأعتذر لخطئهم، ودفع اللوم عنهم، فهم رابحون في كل حال.
وقفة
[91] ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ المحسن إلى الناس تكرمًا منه لا يؤاخَذ إن وقع منه تقصير.
وقفة
[91] ﴿وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ إشارة إلى أن الإنسان محل التقصير والعجز وإن اجتهد, فلا يسعه إلا العفو.

الإعراب :

  • ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ:
  • ليس: فعل ماض ناقص مبني على الفتح. على الضعفاء: جار ومجرور متعلق بخبر «لَيْسَ» مقدم.
  • ﴿ وَلا عَلَى الْمَرْضى:
  • معطوفة بالواو: على «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ» وتعرب إعرابها. لا: زائدة لتاكيد النفي وعلامة جر «الْمَرْضى» الكسرة المقدرة للتعذر
  • ﴿ وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ:
  • معطوفة بالواو أيضا على «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ» وتعرب إعرابها. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بعلى.لا: نافية لا عمل لها. يجدون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة صلة الموصول.
  • ﴿ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. ينفقون: تعرب اعراب «يَجِدُونَ» حرج: اسم «لَيْسَ» مؤخرمرفوع بالضمة والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول التقدير: ما ينفقونه.
  • ﴿ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ:
  • إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه وهي أداة شرط غير جازمة. نصحوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بنصحوا. الواو:عاطفة. رسوله: اسم مجرور باللام وعلامة جره الكسرة والهاء: ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة. أي إذا نصحوا لله ورسوله بالايمان والطاعة. والجملة بعد «إِذا» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما: نافية لا عمل لها أي فليس عليهم إثم .. ولا إلى معاتبتهم سبيل و «حَرَجٌ» بمعنى «إثم». على المحسنين: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. من: حرف زائد. سبيل: مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر.
  • ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
  • الواو: استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. غفور: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. رحيم: صفة- نعت- لغفور أو خبر ثان للفظ الجلالة مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [91] لما قبلها :     وبعد ذكرِ أصحاب الأعذارِ الواهيةِ؛ ناسَبه ذكرُ أصحابِ الأعذارِ الحقيقيةِ المقبولةِ، قال تعالى:
﴿ لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إذا نصحوا لله:
وقرئ:
إذا نصحوا الله، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [92] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا ..

التفسير :

[92] وكذلك لا إثم على الذين إذا ما جاؤوك يطلبون أن تعينهم بحملهم إلى الجهاد قلت لهم:لا أجد ما أحملكم عليه من الدوابِّ، فانصرفوا عنك، وقد فاضت أعينهم دَمعاً أسفاً على ما فاتهم من شرف الجهاد وثوابه؛ لأنهم لم يجدوا ما ينفقون، وما يحملهم لو خرجوا للجهاد في س

‏{‏وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ‏}‏ فلم يصادفوا عندك شيئا ‏{‏قُلْتَ‏}‏ لهم معتذرا‏:‏ ‏{‏لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ‏}‏ فإنهم عاجزون باذلون لأنفسهم، وقد صدر منهم من الحزن والمشقة ما ذكره اللّه عنهم‏.‏

فهؤلاء لا حرج عليهم، وإذا سقط الحرج عنهم، عاد الأمر إلى أصله، وهو أن من نوى الخير، واقترن بنيته الجازمة سَعْيٌ فيما يقدر عليه، ثم لم يقدر، فإنه ينزل منزلة الفاعل التام‏.‏

وقوله: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ ... معطوف على ما قبله، من عطف الخاص على العام، اعتناء بشأنهم، وجعلهم كأنهم لتميزهم جنس آخر، مع أنهم مندرجون مع الذين وصفهم الله قبل ذلك «لا يجدون ما ينفقون» .

أى: لا حرج ولا إثم على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون، إذا ما تخلفوا عن الجهاد، وكذلك لا حرج ولا إثم- أيضا- على فقراء المؤمنين، الذين إذا ما أتوك لتحملهم على الرواحل التي يركبونها لكي يخرجوا معك إلى هذا السفر الطويل قلت لهم يا محمد «لا أجد ما أحملكم عليه» .

وفي هذا التعبير ما فيه من تطييب قلوب هؤلاء السائلين فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول لهم إن ما تطلبونه أنا أسأل عنه، وأفتش عليه فلا أجده، ولو وجدته لقدمته إليكم.

وقوله: تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ بيان للآثار التي ترتبت على عدم وجود ما يحملهم من رواحل: لكي يخرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تبوك.

أى: أن هؤلاء المؤمنين الفقراء، عند ما اعتذرت لهم بقولك: «لا أجد ما أحملكم عليه» انصرفوا من مجلسك، وأعينهم تسيل بالدموع من شدة الحزن لأنهم لا يجدون المال الذي ينفقونه في مطالب الجهاد، ولا الرواحل التي يركبونها في حال سفرهم إلى تبوك.

فالجملة الكريمة تعطى صورة صادقة مؤثرة للرغبة الصادقة في الجهاد، وللألم الشديد للحرمان من نعمة أدائه.

وبمثل هذه الروح ارتفعت راية الإسلام، وعزت كلمته، وانتشرت دعوته.

هذا، ومن الأحكام والآداب التي نستطيع أن نأخذها من هاتين الآيتين ما يأتى:

1- أن التكاليف الإسلامية تقوم على اليسر ورفع الحرج، ومن مظاهر ذلك: أن الجهاد. وهو ذروة سنام الإسلام، قد أعفى الله- تعالى- منه الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون وسائله ومتطلباته.

قال الإمام القرطبي : قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى.. هذه الآية أصل في سقوط التكليف عن العاجز، فكل من عجز عن شيء مسقط عنه، ولا فرق بين العجز من جهة القوة أو العجز من جهة المال. ونظير هذه الآية قوله. تعالى-:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وقوله: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ .

2- أنه متى وجدت النية الصادقة في فعل الخير. حصل الثواب وإن لم يكن هناك عمل، بدليل أن المؤمنين الذين لم يخرجوا للجهاد لعذر شرعي، بشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم مشاركون لمن خرج في الأجر.

قال الإمام ابن كثير: في الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. «إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا، ولا سرتم سيرا إلا وهم معكم قالوا: وهم بالمدينة قال نعم حبسهم العذر» .

وروى الإمام أحمد عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد خلفتم بالمدينة رجالا، ما قطعتم واديا، ولا سلكتم طريقا، إلا شاركوكم في الأجر، حبسهم المرض» .

3- أن الصحابة- رضى الله عنهم- ضربوا أروع الأمثال في الحرص على الجهاد والاستشهاد وأن أعذارهم الشرعية لم تمنع بعضهم من المشاركة في القتال ...

فهذا عبد الله بن أم مكتوم وكان يخرج إلى غزوة أحد ويطلب أن يحمل اللواء. وهذا عمرو ابن الجموح- وكان أعرج- يخرج في مقدمة الجيوش فيقول له الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد عذرك» فيقول: «والله لأحفرن بعرجتي هذه الجنة» - أى لأتركن آثار أقدامى فيها.

ومن كان يؤتى به وهو يمشى بين الرجلين معتمدا عليهما من شدة ضعفه» ومع ذلك يقف في صفوف المجاهدين.

وبهذه القلوب السليمة، والعزائم القوية والنفوس النقية التي خالط الإيمان شغافها..

ارتفعت كلمة الحق، وعزت كلمة الإسلام.

وبعد أن بين- سبحانه- أحكام أصحاب الأعذار المقبولة، أتبع ذلك ببيان أحكام الأعذار الكاذبة، والصفات القبيحة، فقال تعالى.

وقال مجاهد في قوله : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ) نزلت في بني مقرن من مزينة .

وقال محمد بن كعب : كانوا سبعة نفر ، من بني عمرو بن عوف : سالم بن عمير ، ومن بني واقف : هرمي بن عمرو ، ومن بني مازن بن النجار : عبد الرحمن بن كعب - ويكنى أبا ليلى - ومن بني المعلى : [ سلمان بن صخر ، ومن بني حارثة : عبد الرحمن بن يزيد أبو عبلة ، وهو الذي تصدق بعرضه فقبله الله منه ] ، ومن بني سلمة : عمرو بن عنمة وعبد الله بن عمرو المزني .

وقال محمد بن إسحاق في سياق غزوة تبوك : ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم البكاءون - وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم ، من بني عمرو بن عوف : سالم بن عمير وعلبة بن زيد أخو بني حارثة ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ، أخو بني مازن بن النجار ، وعمرو بن الحمام بن الجموح ، أخو بني سلمة ، وعبد الله بن المغفل المزني ؛ وبعض الناس يقول : بل هو عبد الله بن عمرو المزني ، وهرمي بن عبد الله ، أخو بني واقف ، وعرباض بن سارية الفزاري ، فاستحملوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا أهل حاجة ، فقال : لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمر بن الأودي ، حدثنا وكيع ، عن الربيع ، عن الحسن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد خلفتم بالمدينة أقواما ، ما أنفقتم من نفقة ، ولا قطعتم واديا ، ولا نلتم من عدو نيلا إلا وقد شركوكم في الأجر ، ثم قرأ : ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه ) الآية .

وأصل هذا الحديث في الصحيحين من حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا ، ولا سرتم [ مسيرا ] إلا وهم معكم . قالوا : وهم بالمدينة ؟ قال : نعم ، حبسهم العذر .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد خلفتم بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا ، ولا سلكتم طريقا إلا شركوكم في الأجر ، حبسهم المرض .

ورواه مسلم ، وابن ماجه ، من طرق ، عن الأعمش ، به .

القول في تأويل قوله : وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولا سبيل أيضًا على النفر الذين إذا ما جاءوك، لتحملهم، يسألونك الحُمْلان، ليبلغوا إلى مغزاهم لجهاد أعداءِ الله معك، يا محمد, قلت لهم: لا أجد حَمُولةً أحملكم عليها =(تولوا)، يقول: أدبروا عنك, (25) =(وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا)، وهم يبكون من حزن على أنهم لا يجدون ما ينفقون، (26) ويتحمَّلون به للجهادِ في سبيل الله.

* * *

وذكر بعضهم: أن هذه الآية نـزلت في نفر من مزينة.

* ذكر من قال ذلك:

17080- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه)، قال: هم من مزينة.

17081- حدثني المثنى قال: أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، قال: هم بنو مُقَرِّنٍ، من مزينة.

17082- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن ابن جريج قراءةً، عن مجاهد في قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، إلى قوله: (حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون)، قال: هم بنو مقرِّن. من مزينة.

17083- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير, عن ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، قال: هم بنو مقرِّن من مزينة.

17084-...... قال، حدثنا أبي, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن عروة, عن ابن مغفل المزني, وكان أحد النفر الذين أنـزلت فيهم: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، الآية.

17085- حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير, عن ابن عيينة, عن ابن جريج، عن مجاهد في قوله: (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا)، قال: منهم ابن مقرِّن = وقال سفيان: قال الناس: منهم عرباض بن سارية.

* * *

وقال آخرون: بل نـزلت في عِرْباض بن سارية.

* ذكر من قال ذلك:

17086- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو عاصم, عن ثور بن يزيد, عن خالد بن معدان, عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر الكلاعي قالا دخلنا على عرباض بن سارية, وهو الذي أنـزل فيه: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، الآية. (27)

17087- حدثني المثنى قال، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال، حدثنا الوليد قال، حدثنا ثور, عن خالد, عن عبد الرحمن بن عمرو, وحجر بن حجر بنحوه.

* * *

وقال آخرون: بل نـزلت في نفر سبعة، من قبائل شتى.

* ذكر من قال ذلك:

17088- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر, عن محمد بن كعب وغيره قال: جاء ناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحملونه, فقال: (لا أجد ما أحملكم عليه)! فأنـزل الله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، الآية. قال: هم سبعة نفر: من بني عمرو بن عوف: سالم بن عمير = ومن بني واقف: هرمي بن عمرو (28) = ومن بني مازن بن النجار: عبد الرحمن بن كعب, يكنى أبا ليلى = ومن بني المعلى: سلمان بن صخر = ومن بني حارثة: عبد الرحمن بن يزيد، أبو عبلة, وهو الذي تصدق بعرضِه فقبله الله منه = ومن بني سَلِمة: عمرو بن غنمة, وعبد الله بن عمرو المزني.

17089- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم)، إلى قوله: (حزنًا)، وهم البكاؤون، كانوا سبعة. (29)

------------------------

الهوامش :

(25) انظر تفسير " التولي " فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).

(26) انظر تفسير " تفيض من الدمع " فيما سلف 10 : 507

(27) الأثر : 17086 - " عبد الرحمن بن عمرو بن عبسة السلمي " ، ثقة ، مترجم في التهذيب . و " حجر بن حجر الكلاعي " ، ثقة ، مترجم في التهذيب .

(28) في المطبوعة والمخطوطة : " حرمي بن عمرو " ، والصواب " هرمي " بالهاء ، انظر ترجمته في الإصابة .

(29) الأثر : 17089 - سيرة ابن هشام 4 : 197 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 17077 ، وليس فيه في هذا الموضع قوله : " وهم سبعة " . وأما عدتهم عند ابن إسحاق فقد ذكرها ابن هشام في سيرته 4 : 161 ، وقال : " وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم " ، ثم عددهم .

التدبر :

وقفة
[92] ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾ دمعة غالية؛ استحقت لصِدقِها أن تُسجَّل في القرآن ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾ [119].
وقفة
[92] ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ فهؤلاء لا حرج عليهم، وإذا سقط الحرج عنهم عاد الأمر إلى أصله، وهو: أن من نوى الخير، واقترن بنيته الجازمة سعيٌ فيما يقدر عليه، ثم لم يقدر؛ فإنه يُنَزَّل منزلة الفاعل التام.
وقفة
[92] ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ وهم سبعة نفر سموا بالبكائين، أتوا رسول الله ﷺ، فقالوا: يا رسول الله، إن الله قد ندبنا إلى الخروج معك؛ فاحملنا، فأجابهم النبي ﷺ كما أخبر الله عنه في قوله تعالى: (قلت لا أجد ما أحملكم عليه) تولوا وهم يبكون.
وقفة
[92] الصحابة بكوا لفوات الطاعة، مع أنهم معذورون بنص القرآن، فهل بكيت يومًا على فوات طاعة؟ ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ تولوا بدموعهم ورحلوا بها عن عيون الخلق، لكن الله رآها.
اسقاط
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ القوم بكوا على فوات الطاعات، فليتنا نبكي على ارتكابنا للمحرمات.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ إن المحزون في أمر الله في علو من الله.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ قد يتولى المرء عن النصرة عجزًا، لكن حتمًا ستفيض عيناه!
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ من العبادات: الحزن على فوات الطاعات.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ لم ينطقوا بكلمة، لكن دموعهم كانت تخطب خطبة ضافية على خدودهم.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ بمثل هذه الروح انتصر الإسلام، وبمثل هذه الروح عزت كلمته، فلننظر أين نحن من هؤلاء؟!
وقفة
[92] يبكون علي فوات الطاعة فكيف بكاؤهم علي فعل المعصية؟! ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ كل المشاعر المحبوسة في صدرك، ولم تجد لها تعبيرًا غير دمعك، فالله قد أحاط بها علمًا، وهو الجبار الذي سيجبرك.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ أترى أن الله يهدر هذا اليقين الراسخ؟! وهذه الرغبة العميقة في التضحية؟! إن النية الصادقة سجلت لهم ثواب المجاهدين؛ لأنهم قعدوا راغمين.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ هل حصل أن تألّمْتَ على فوات طاعة معينة حتى فاضت عيناك؟ انظر لأولئك الأخيار كيف بكوا على فوات طاعة؟! فاتتهم رغمًا عنهم، دون أدنى تقصير منهم؟ هل تألمت عند فوات صلاة مثلًا؟ أم هل تألمت عند ارتكاب معصية؟ يا أخي الألم علامة الإيمان، فضع قلبك على الميزان، وقِس مستوى إيمانك وراجع نفسك، كم بلغ مقياس حرارتك الإيمانية؟!
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ إن القتيل مضرجًا بدموعه مثل القتيل مضرجًا بدمائه.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ حين نعجز أن نفعل أفعال الكبار في خدمة الإسلام يكفينا هذا الفيضان لنلحق.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ البكاء على قدر حُرقة القلب، دعها تمتلئ ثم تفيض.
وقفة
[92] فى الحياة ليس شرطًا أن تبدو متماسكًا دائمًا! ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾، الانكسار تعبير عن حقيقة إنسانيتنا ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ ضاقت أيديهم عن بذل الأموال والنفقات، فتطوعت العيون بدلًا منها ببذل الدموع والحسرات.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ مما غاب من العبادات: الحزن على عدم القدرة على القيام بالطاعات.
اسقاط
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ بکی قوم على فوات الطاعات، وبکی غیرهم على ارتكاب السيئات، هم درجات عند الله.
اسقاط
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ الحزن على فوات بعض العبادات دليل على الصدق والإخلاص.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ عجيب هذا الحزن المبكي، إنه حرقة القلب على الدين واشتعاله بهمّ خدمته والبذل له.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ فالأمرُ تجاوزَ (الدمعَ) إلى الفيَضان، كلّ ذلك حزَنًا على فواتِ الطّاعة!
اسقاط
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ هكذا بكوا لفوات قربة من القربات التي كانوا معذورين فيها لفقرهم! فكم بكينا لفوات قربات لسنا معذورين فيها؟! بل فتش فستجد في الناس من يبكي لفوات شهوة، أو معصية، أو هزيمة ناديه المفضل!
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ الحزن على فوت الطاعة من ثمرة حبها، والاهتمام بها؛ لأن المرء لا يحزن إلا على ما عز عليه.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ حث الجميع على الصدقة: إما يد تدفع، أو عين تدمع.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ هلّا سألنا أنفسنا صراحة: ممَ تفيض أعيننا من الدمع؟! أبفوات طاعة أم بفوات دنيا؟!
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ يحزّ على قلب المؤمن فوات فرص الخير.
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ شحَّت أيديهم لم يجدوا ما يتصدقوا به، فجادت أعينهم بالدمع!
وقفة
[92] ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ علامة الإيمان الحزن لفوات طاعة، قلب المؤمن حي.
وقفة
[92] بمقدار قوة الإيمان يشتد حزن الإنسان على فوات الطاعة، وضعيف الإيمان تفوت طاعته ولا يتأثر ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾.
وقفة
[92] الفقراء ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ لصدق مشاعرهم أشاد الله بمدامعهم، (فرب دمعة هي صدقة).
وقفة
[92] الحزن على فوات الطاعة علامة إيمان ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾، والتفنن في التخلًّص منها: علامة نفاق ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي﴾ [التوبة: 49].
وقفة
[92] تأمل حال أولئك الذين: ﴿تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِن الدَّمع حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾، لم تجُد بالخير أيديهم؛ فجادت بالحسرة أعينهم.
وقفة
[92] بينما: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [81]، هنالك آخرون: ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾، في الشدائد تظهر العزائم؛ وتتباين المشاعر.
وقفة
[92] الإنسان السليم يندم على الخطأ الذي فعله، والإنسان النقي يندم على الصواب الذي لم يفعله، قال تعالى: ﴿تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾.
وقفة
[92] ﴿وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا﴾ لا تقلق؛ الأخيار يشاركونك الحزن, لست وحدك.
وقفة
[92] ﴿وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ حزن وفيض من الدموع لفقد طاعة، هل أحسست بها يومًا؟!
وقفة
[92] ﴿حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ أحزانكم من أجل دين الله قربة وطاعة، حزنك سجدة قلب تقبلها الله منك.
وقفة
[92] ﴿حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ هل حزنت على فوات طاعة من الطاعات؟! إن نلتها فاحمد الله فهذه من صفات المؤمنين.
وقفة
[92] ﴿حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ﴾ الحزنُ على فواتِ بعضِ الطَّاعاتِ دليلٌ على الصِّدقِ والإِخلاصِ.
وقفة
[92] الصَّحابةُ بَكُوا على فواتِ الطَّاعاتِ، وهم مَعذُورون بنَصِ القُرآنِ، فليتنا نبكي على ارتكابِ المحرَّماتِ.
وقفة
[92] هل بكيتَ يومًا على فواتِ طاعةٍ؟

الإعراب :

  • ﴿ وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ:
  • الواو: عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي.على حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بمن وهو مضاف على الآية السابقة. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه منصوب بجوابه أداة شرط غير جازمة. ما: زائدة لوقوعها بعد «إِذا» أتوك: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وجملة «أَتَوْكَ» في محل جر بالإضافة
  • ﴿ لِتَحْمِلَهُمْ:
  • اللام حرف جر للتعليل. تحمل: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به و «أن» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام.والجار والمجرور متعلق بأتوك وجملة «تحملهم» صلة «أن» المضمرة لا محل لها والمعنى: يطلبون إليك أن تعطيهم دوابّ لحملهم وايصالهم الى ميدان الجهاد. و «تحملهم» «أي تعطيهم».
  • ﴿ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ:
  • ي وقلت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. لا: نافية لا عمل لها. أجد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنا. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أحمل: تعرب إعراب «أَجِدُ» الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. عليه: جار ومجرور متعلق بأحملكم وجملة «أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ» صلة الموصول لا محل لها. والجملة «لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ» في محل نصب مفعول به- مقول القول- والجملة الفعلية وقلت لا أجد ما أحملكم عليه «معطوفة أو متوسطة بين الشرط والجزاء كالجملة الاعتراضية لا محل لها من الإعراب والمعنى: ليس لديّ دوابّ تحملكم. والجملة جواب الاستفسار كأنه قيل ما لهم خرجوا باكين فقيل: قلت لا أجد ما أحملكم عليه.
  • ﴿ تَوَلَّوْا:
  • بمعنى: خرجوا. تعرب إعراب «أتوا» وجملة «تَوَلَّوْا» جواب شرط غير جازم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ:
  • الواو: حالية. والجملة بعدها: في محل نصب حال. أعين: مبتدأ مرفوع بالضمة. و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. تفيض: فعل مضارع مرفوع بالضمة.والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي. وجملة «تَفِيضُ» في محل رفع خبر «أَعْيُنُهُمْ» من: حرف جر- بيانية- الدمع: اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور «مِنَ الدَّمْعِ» في محل نصب تمييز بتقدير:تفيض دمعا وهو أبلغ من «يفيض دمعها» وجملة «تَفِيضُ» بمعنى فائضة.
  • ﴿ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا:
  • حزنا: مفعول له- لأجله- منصوب بالفتحة. ألّا:أي لئلا يجدوا ومحله النصب على أنه مفعول له- لأجله- وناصبة «حَزَناً» ويجوز أن يكون ألا يجدوا بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر بمعنى: من عدم وجدانهم. الّا: مكونة من «أن» حرف مصدري ناصب و «لا» نافية لا عمل لها. يجدوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «لا يجدوا» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ ما يُنْفِقُونَ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.ينفقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «يُنْفِقُونَ» صلة الموصول لا محل لها والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما ينفقونه على خروجهم إلى ميادين الجهاد. '

المتشابهات :

المائدة: 83﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ
التوبة: 92﴿تَوَلَّوا وَّ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولا عَلى الَّذِينَ إذا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهم قُلْتَ لا أجِدُ ما أحْمِلُكم عَلَيْهِ﴾ نَزَلَتْ في البَكّائِينَ وكانُوا سَبْعَةً: مَعْقِلُ بْنُ يَسارٍ، وصَخْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ الأنْصارِيُّ، وعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ الأنْصارِيُّ، وسالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ، وثَعْلَبَةُ بْنُ عَنَمَةَ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، أتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالُوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ قَدْ نَدَبَنا لِلْخُرُوجِ مَعَكَ، فاحْمِلْنا عَلى الخِفافِ المَرْقُوعَةِ والنِّعالِ المَخْصُوفَةِ فَنَغْزُوَ مَعَكَ. فَقالَ: ”لا أجِدُ ما أحْمِلُكم عَلَيْهِ“ . فَتَوَلَّوْا وهم يَبْكُونَ. وقالَ مُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في بَنِي مُقَرِّنٍ؛ مَعْقِلٍ وسُوَيْدٍ والنُّعْمانِ.'
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [92] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل الضُّعَفاءَ والمرضى والفُقَراءَ، وبَيَّنَ أنَّه يجوزُ لهم التخلُّفُ عن الجِهادِ؛ ذكَرَ هنا قِسمًا آخرَ مِن المعذورينَ، قال تعالى:
﴿ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [93] :التوبة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ ..

التفسير :

[93] إنما الإثم واللوم على الأغنياء الذين جاؤوك -أيها الرسول- يطلبون الإذن بالتخلف، وهم المنافقون الأغنياء، اختاروا لأنفسهم القعود مع النساء وأهل الأعذار، وختم الله على قلوبهم بالنفاق، فلا يدخلها إيمان، فهم لا يعلمون سوء عاقبتهم بتخلفهم عنك وتركهم الجهاد

‏إِنَّمَا السَّبِيلُ‏}‏ يتوجه واللوم يتناول الذين يستأذنوك وهم أغنياء قادرون على الخروج لا عذر لهم، فهؤلاء ‏{‏رَضُوا‏}‏ لأنفسهم ومن دينهم ‏{‏بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ‏}‏ كالنساء والأطفال ونحوهم‏.‏

‏{‏و‏}‏ إنما رضوا بهذه الحال لأن اللّه طبع على قلوبهم أي‏:‏ ختم عليها، فلا يدخلها خير، ولا يحسون بمصالحهم الدينية والدنيوية، ‏{‏فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ‏}‏ عقوبة لهم، على ما اقترفوا‏.‏

فهذه الآيات الكريمة بيان لما سيكون من أمر المنافقين الذين قعدوا في المدينة بدون عذر، بعد أن يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم والمؤمنون من تبوك.

والمعنى: إذا كان الضعفاء والمرضى ومن في حكمهم، لا إثم ولا عقوبة عليهم بسبب تخلفهم عن الجهاد، فإن «السبيل» أى الإثم والعقوبة «على الذين يستأذونك» في التخلف «وهم أغنياء» أى يملكون كل وسائل الجهاد من مال وقوة وعدة.

وقوله: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ استئناف تعليلى مسبوق لمزيد مذمتهم.

أى: استأذنوك في القعود مع غناهم وقدرتهم على القتال، لأنهم لخلو قلوبهم من الإيمان، ولسقوط همتهم وجبنهم، رضوا لأنفسهم أن يقبعوا في المدينة مع الخوالف من النساء والصبيان والعجزة.

وقوله: وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ بيان لسوء مصيرهم.

أى: وبسبب هذا الإصرار على النفاق، والتمادي في الفسوق والعصيان، ختم الله- تعالى- على قلوبهم، فصارت لا تعلم ما يترتب على ذلك من مصائب دينية ودنيوية وأخروية.

ثم رد تعالى الملامة على الذين يستأذنون في القعود وهم أغنياء ، وأنبهم في رضاهم بأن يكونوا مع النساء الخوالف في الرحال ، ( وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون ) .

القول في تأويل قوله : إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (93)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما السبيل بالعقوبة على أهل العذر، يا محمد, ولكنها على الذين يستأذنونك في التخلف خِلافَك، وترك الجهاد معك، وهم أهل غنى وقوّةٍ وطاقةٍ للجهاد والغزو, نفاقًا وشكًّا في وعد الله ووعيده (30) =(رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، يقول: رضوا بأن يجلسوا بعدك مع النساء = وهن " الخوالف "، خلف الرجال في البيوت, ويتركوا الغزو معك، (31) =(وطبع الله على قلوبهم)، يقول: وختم الله على قلوبهم بما كسبوا من الذنوب (32) =(فهم لا يعلمون)، سوء عاقبتهم، بتخلفهم عنك، وتركهم الجهاد معك، وما عليهم من قبيح الثناء في الدنيا، وعظيم البلاء في الآخرة.

------------------------

الهوامش:

(30) انظر تفسير " السبيل " فيما سلف من فهارس اللغة ( سبل ) .

(31) انظر تفسير " الخوالف " فيما سلف ص : 413 ، تعليق : 1، والمراجع هناك .

(32) انظر تفسير " الطبع " فيما سلف ص : 413 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

التدبر :

عمل
[93] لا تعتذرْ وأنتَ كاذبٌ أو مُخَادِعٌ؛ فاللهُ يعلمُ السرَّ وأخْفَى ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ ۚ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
تفاعل
[93] ﴿وَطَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
تفاعل
[93] قل في دعائك: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم أصلح لي قلبي» ﴿وَطَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
وقفة
[93] ﴿فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أي: لا علم لهم؛ فلذلك جهلوا ما في الجهاد من منافع الدارَين لهم, فلذلك رضوا بما لا يرضى به عاقل, وهو أبلغ مِن نفي الفقه في الأولى.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ:
  • إنماّ: كافة ومكفوفة. السبيل: مبتدأ مرفوع بالضمة. على: حرف جر. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ. بمعنى: انما السبيل بالمعاتبة هو على الذين.
  • ﴿ يَسْتَأْذِنُونَكَ:
  • الواو: حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. هم:ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أغنياء: خبر «هُمْ» مرفوع بالضمة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعلاء
  • ﴿ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ:
  • رضوا: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بأن: الباء حرف جر. أن: حرف مصدري ناصب. يكونوا: فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والألف فارقة.مع: ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق بخبر «يَكُونُوا» الخوالف: مضاف اليه مجرور بالكسرة. و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق برضوا وجملة «يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ» صلة» أن المصدرية لا محل لها. والجملة «رَضُوا وما بعدها» استئنافية. أي واقعة جوابا لسؤال بتقدير: ما بالهم استأذنوا وهم اغنياء؟ فقيل: رضوا بالانتظام في جملة الخوالف أي النساء المتخلفات عن الجهاد أو الارتحال.
  • ﴿ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ:
  • الواو: استئنافية. طبع: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجار والمجرور «عَلى قُلُوبِهِمْ» متعلق بطبع. أي ختم و «هم»: ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ:
  • الفاء استئنافية. هم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. يعلمون: تعرب إعراب «يستأذنون» وجملة «لا يَعْلَمُونَ» في محل رفع خبر «هم» وحذف مفعول «لا يَعْلَمُونَ» اختصارا لأنه معلوم. أي لا يعلمون عاقبة أفعالهم. '

المتشابهات :

التوبة: 87﴿ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ
التوبة: 93﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [93] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل أنَّ كُلَّ أولئك ما عليهم مِن سَبيلٍ، بَقِيَ بيانُ مَن عليهم السَّبيلُ في تلك الحالِ؛ فذَكَرَهم هنا، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف