5365152535455565758596061626364656667686970717273747576

الإحصائيات

سورة الواقعة
ترتيب المصحف56ترتيب النزول46
التصنيفمكيّةعدد الصفحات3.30
عدد الآيات96عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.30
ترتيب الطول49تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الشرط: 1/7_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (51) الى الآية رقم (56) عدد الآيات (6)

بقيةُ جزاءِ القِسْمِ الثَّاني (أصحابِ الشِّمالِ).

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (57) الى الآية رقم (67) عدد الآيات (11)

بعدَ بيانِ مآلِ الأقسامِ الثَّلاثةِ ذَكَرَ أدلَّةَ الوَحْدانيةِ والقدرةِ على البَعْثِ: خلقُ الإنسانِ، وإخراجُ النباتِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (68) الى الآية رقم (76) عدد الآيات (9)

أدلَّةٌ أُخرى للوَحدانيةِ والقدرةِ على البَعْثِ: إنزالُ الماءِ، وخلقُ قوةِ الإحراقِ في النَّارِ، ثُمَّ القَسَمُ بمنازلِ النُّجومِ على صدقِ القرآنِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الواقعة

التذكير بيوم القيامة، وانقسام الناس فيه إلى ثلاثة أقسام

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة الواقعة تنادي وبكل بوضوح::   اختاروا أن تكونوا بين أحد هذه الأصناف الثلاثة: 1- السابقون المقرّبون. 2- أصحاب اليمين. 3- أصحاب الشمال.
  • • لذلك في بدايتها نرى هذا التقسيم::   ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَـٰثَةً * فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ * وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ﴾ (7-10). ثم تمضي السورة في الحديث عنهم (بالترتيب التنازلي) ، وعن مصير كل واحد منهم، وتختتم أيضًا بنفس الأصناف الثلاثة: ﴿فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّـٰتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ * فَسَلَـٰمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذّبِينَ ٱلضَّالّينَ * فَنُزُلٌ مّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ (88-94).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الواقعة».
  • • معنى الاسم ::   الواقعة: بمعنى الحادثة العظيمة، وهي اسم من أسماء يوم القيامة.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها به؛ ولأنها مملوءة بوقائع القيامة، وقد جاء لفظ الواقعة في سورة أخرى، وهي سورة الحاقة آية (15).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الناس ينقسمون يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام.
  • • علمتني السورة ::   أن من انخفض يوم القيامة لن يرتفع أبدًا، ومن ارتفع يومئذ لن ينخفض أبدًا: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العمل الصالح سبب لنيل النعيم في الآخرة: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   سبب وقوع أهل الشمال في العذاب يوم القيامة: كانوا منغمسين في ملذات الحياة الدنيا، كانوا يصرون على الشرك بالله تعالى، وكانوا لا يؤمنون بيوم البعث: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ شِبْت»، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كَوِّرَتْ».
    • سورة الواقعة من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الواقعة مع سورة القلم، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الواقعة من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الواقعة من المفصل.
    • قَالَ مَسْرُوقٌ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ نَبَأَ الْأَوَّلِينَ، وَنَبَأَ الْآخِرِينَ، وَنَبَأَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَنَبَأَ أَهْلِ النَّارِ، وَنَبَأَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَنَبَأَ أَهْلِ الْآخِرَةِ فَلْيَقْرَأْ سُورَةَ الْوَاقِعَة».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • من السور الخمس التي شيبت النبي صلى الله عليه وسلم.
    • يوجد في القرآن الكريم 12 سورة سميت بأسماء يوم القيامة وأهوالها، هي: الدخان، الواقعة، التغابن، الحاقة، القيامة، النبأ، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الغاشية، الزلزلة، القارعة.
    • سورة الواقعة أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بالشرط، من أصل 7 سور افتتحت بأسلوب الشرط، وهي: الواقعة، المنافقون، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الزلزلة، النصر، وكلها جاءت في قسم المفصل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستعد ليوم القيامة بالإكثار من الأعمال الصالحة.
    • أن نسأل الله علو درجتنا في الآخرة: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ (3).
    • أن نسابق غيرنا إلى طاعة الله، كدخول المسجد للصلاة مثلًا: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ (10).
    • أن نتصدق على فقير بفـاكهة أو لحم لننال فـاكهة الجنة ولحمها: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ۞ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ (20، 21).
    • أن نحمد الله كلما شربنا الماء: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ (68).
    • أن نتذكَّر نارَ الآخرةِ كلَّما رأينا نارًا: ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ (73).
    • أن نتوضأ قبل أن نمس المصحف: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (79).

تمرين حفظ الصفحة : 536

536

مدارسة الآية : [51] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ

التفسير :

[51] ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى المكذبون بوعيد الله ووعده،

{ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ} عن طريق الهدى، التابعون لطريق الردى،{ الْمُكَذِّبُونَ} بالرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق والوعد والوعيد.

ثم بين - سبحانه - ما سيحل بهم من عذاب فى هذا اليوم فقال : ( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضآلون المكذبون لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ . . ) .

والجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - : ( قُلْ إِنَّ الأولين والآخرين لَمَجْمُوعُونَ . . . ) وداخلة فى حيز القول . و ( ثُمَّ ) للتراخى الزمانى أو الرتبى والخطاب للمشركين الذين أعرضوا عن دعوة النبى - صلى الله عليه وسلم - .

"ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون" وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم.

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51)

يقول تعالى ذكره لأصحاب الشمال: ثم إنكم أيها الضالون عن طريق الهدى، المكذّبون بوعيد الله ووعده، لآكلون من شجر من زقوم.

وقوله: ( فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) يقول: فمالئون من الشجر الزَّقوم بطونهم.

واختلف أهل العربية في وجه تأنيث الشجر في قوله: (فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) : أي من الشجر، (فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ ) لأن الشجر تؤنث وتذكر، وأنث لأنه حمله على الشجرة لأن الشجرة قد تدلّ على الجميع، فتقول العرب: نبتت قبلنا شجرة مرّة وبقلة رديئة، وهم يعنون الجميع، وقال بعض نحويي الكوفة .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[51] ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ﴾ الضالون هنا ليس المراد بهم النصارى الضالون فحسب، بل المراد عموم من ابتعد عن كتاب ربه وسنة نبيه ﷺ وكفر بالله، فدخل في ذلك أهل الشرك وأهل الإلحاد واليهود والنصارى.
لمسة
[51] قال هنا: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ﴾ بتقديم الضالين، وقال في آخر السورة: ﴿وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ﴾ [۹۲] بتقديم المكذين، فهل بينهما فرق؟ في هذه الآية مراعاة لترتيب الحصول؛ لأنهم ضلّوا أولًا عن الحق، فكذَبوا بالبعث، لكن في آخر السورة فالكلام عن مصائر الناس عند الموت، ومنهم الذين كذبوا بالحشر، فضلوا طريق الجنة.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ:
  • حرف عطف. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» وخبرها في الآية الكريمة التالية. والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَيُّهَا الضّالُّونَ:
  • أصلها: يا أيها. حذفت أداة النداء اختصارا واكتفاء بالمنادى. أي: منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الضالون: نعت لأي مرفوعة على لفظ‍ «أي» لا موضعها. وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ الْمُكَذِّبُونَ:
  • صفة-نعت-للضالون مرفوعة مثلها وتعرب إعرابها. أي الضالون عن الهدى المكذبون بالبعث.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [51] لما قبلها :     وبعد إنكارِهم للبعث، ثم الرَدِّ عليهم؛ وصفَهم اللهُ هنا بأنهم ضالون، مكذبون، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [52] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ

التفسير :

[52]لآكلون من شجر من زقوم، وهو من أقبح الشجر،

{ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} وهو أقبح الأشجار وأخسها، وأنتنها ريحا، وأبشعها منظرا.

و ( مِن ) فى قوله : ( مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ ) ابتدائية ، وفى قوله : ( مِّن زَقُّومٍ ) بيانية .

وشجر الزقوم : لا وجود له فى الدنيا ، وإنما يخلقه الله - تعالى - فى النار كما يخلق غيره من أصناف العذاب ، كالحيات والعقارب .

وقيل : هو شجر سام ، متى مسه جسد إنسان ، تورم هذا الإنسان ومات ويوجد هذا الشجر فى الأراضى المجدبة المجاورة للصحراء .

والزقوم من التزقم ، وهو ابتلاع الشىء الكريه ، بمشقة شديدة .

والمعنى : ثم قل لهم - أيها الرسول الكريم - على سبيل التقريع والتبكيت : إنكم أيها الضالون عن الحق . المكذبون بالبعث والجزاء ، لآكلون يوم القيامة من شجر ، هو شجر الزقوم ، الذى هو أخبث الشجر وأبشعه .

"ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون" وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم.

(لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ) ، وفي قراءة عبد الله ( لآكِلُونَ مِنْ شجرة مِنْ زَقُّومٍ ) على واحدة، فمعنى شجر وشجرة واحد، لأنك إذا قلت أخذت من الشاء، فإن نويت واحدة أو أكثرّ من ذلك، فهو جائز.

التدبر :

وقفة
[52] ﴿لَآكِلونَ مِن شَجَرٍ مِن زَقّومٍ﴾ اضطرارًا سيأكلون من فرط جوعهم، سلم يا رب.

الإعراب :

  • ﴿ لَآكِلُونَ:
  • اللام لام التوكيد-المزحلقة-آكلون: خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ مِنْ شَجَرٍ:
  • جار ومجرور متعلق بآكلون. و «من» حرف جر لابتداء الغاية.
  • ﴿ مِنْ زَقُّومٍ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لشجر و «من» حرف جر بياني.أي لبيان الشجر وتفسيره وهو تمييز له. لأن «الشجر» مبهم تبين بمعنى «زقوم» أي الذي هو زقوم. وهو شجر له ثمر مر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [52] لما قبلها :     وبعد وصفِهم بالضلالِ والتكذيبِ؛ تعودُ الآيات لبيان أصناف أخرى لعذابهم: ١- أنهم آكلون من شجر من زقوم، وهو من أقبح الشجر، قال تعالى:
﴿ لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

شجر:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- شجرة، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [53] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ

التفسير :

[53]فمالئون منها بطونكم؛ لشدة الجوع،

{ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} والذي أوجب لهم أكلها -مع ما هي عليه من الشناعة- الجوع المفرط، الذي يلتهب في أكبادهم وتكاد تنقطع منه أفئدتهم. هذا الطعام الذي يدفعون به الجوع، وهو الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

( فَمَالِئُونَ مِنْهَا البطون ) أى : فمالئون من هذه الشجرة الخبيثة بطونكم ، لشدة الجوع الذى حل بكم . . .

وجاء الضمير مؤنثا فى قوله : ( مِنْهَا ) لأن الشجر هنا بمعنى الشجرة ، أو لأن ضمائر الجمع لغير العاقل تأتى مؤنثة فى الغالب .

"ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون" وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم.

ثم قال (فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) يريد من الشجرة؛ ولو قال: فمالئون منه إذا لم يذكر الشجر كان صوابا يذهب إلى الشجر في منه، ويؤنث الشجر، فيكون منها كناية عن الشجر والشجر يؤنث ويذكر، مثل التمر يؤنث ويذكر.

والصواب من القول في ذلك عندنا القول الثاني، وهو أن قوله: (فَمَالِئُونَ مِنْهَا ) مراد به من الشجر أنث للمعنى، وقال (فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ ) مذكرا للفظ الشجر.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[52، 53] ﴿لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾ والذي أوجب لهم أكلها -مع ما هي عليه من الشناعة- الجوع الشديد، لكن الطعام الذي أرادوا أن يدفعوا به الجوع، لا يسمن ولا يغني من جوع.

الإعراب :

  • ﴿ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ:
  • معطوفة بالفاء على «آكلون من شجر» وتعرب إعرابها. و «ها» يعود على «شجر» وأنث ضمير الشجر على المعنى أي معنى الجماعة. البطون: مفعول به منصوب باسم الفاعل وعلامة نصبه الفتحة أي بطونكم أيها الضالون المكذبون.'

المتشابهات :

الصافات: 66﴿فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ
الواقعة: 53﴿ فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [53] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الأكل؛ ذكرَ هنا مقدارَ أكلهم، قال تعالى:
﴿ فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [54] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ

التفسير :

[54]فشاربون عليه ماء متناهياً في الحرارة لا يَرْوي ظمأ،

وأما شرابهم، فهو بئس الشراب، وهو أنهم يشربون على هذا الطعام من الماء الحميم الذي يغلي في البطون شرب الإبل الهيم أي:العطاش، التي قد اشتد عطشها، أو [أن الهيم] داء يصيب الإبل، لا تروى معه من شراب الماء.

ثم قال - تعالى - : ( فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الحميم فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم ) والضمير فى قوله : ( عَلَيْهِ ) يعود على الأكل المستفاد من قوله : ( لآكِلُونَ ) . . .

أى : ثم إنكم إيها الضالون المكذبون بعد هذا الأكل الخبيث من شجرة الزقوم . . . تشربون عليه فى بطونكم - ماء - قد بلغ درجات الحرارة ، فصرتم فى شرابكم كالإبل العطاش التى لا يرويها الماء مهما كثر لأنها مصابة بداء ، هذا الداء يمنعها من الشبع منه ، فما تزال تشرب منه حتى تهلك .

( فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم ) وهي الإبل العطاش ، واحدها أهيم ، والأنثى هيماء ، ويقال : هائم وهائمة .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة : الهيم : الإبل العطاش الظماء .

وعن عكرمة أنه قال : الهيم : الإبل المراض ، تمص الماء مصا ولا تروى .

وقال السدي : الهيم : داء يأخذ الإبل فلا تروى أبدا حتى تموت ، فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدا .

وعن خالد بن معدان : أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم عبة واحدة من غير أن يتنفس ثلاثا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54)

يقول تعالى ذكره: فشاربٌ أصحابُ الشمال على الشجر من الزَّقوم إذا أكلوه، فملئوا منه بطونهم من الحميم الذي انتهى غليه وحرّه. وقد قيل: إن معنى قوله: (فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ ) : فشاربون على الأكل من الشجر من الزقوم.

التدبر :

وقفة
[54، 55] شدة نار جهنم وما فيها من العذاب البدني والنفسي ﴿فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ:
  • معطوفة بالفاء على «آكلون من شجر» الواردة في الآية الكريمة الثانية والخمسين وتعرب إعرابها وذكر ضمير «شجر» هنا في «عليه» على اللفظ‍
  • ﴿ مِنَ الْحَمِيمِ:
  • جار ومجرور متعلق بشاربون لأنه اسم فاعل. أي شاربون من الماء المتناهي في الحرارة'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [54] لما قبلها :     ٢- شاربون ماءً متناهيًا في الحرارة، قال تعالى :
﴿ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [55] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ

التفسير :

[55]فشاربون منه بكثرة، كشرب الإبل العطاش التي لا تَرْوى لداء يصيبها.

وأما شرابهم، فهو بئس الشراب، وهو أنهم يشربون على هذا الطعام من الماء الحميم الذي يغلي في البطون شرب الإبل الهيم أي:العطاش، التي قد اشتد عطشها، أو [أن الهيم] داء يصيب الإبل، لا تروى معه من شراب الماء

فقوله : ( الهيم ) صفة لموصوف محذوف ، أى : الإبل الهيم ، جمع أهيم للمذكر ، وهيماء للمؤنث .

والهيام - بضم الهاء - داء يصيب الإبل ، يجعلها تشرب فلا تشبع ، وما تزال تشرب حتى تهلك ، أو تسقم سقما شديدا يؤدى إلى موتها ، والفاء فى قوله - تعالى - : ( فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ ) عطف على ( لآكِلُونَ . . ) لإفادة أن شربهم مع عطشهم الشديد ، يأتى بعد أكلهم من الزقوم ، بدون مهلة أو استراحة .

وقوله : ( فَشَارِبُونَ شُرْبَ . . ) تأكيد لما قبله ، للتنبيه على أن هذا الشراب - مع فظاعته وقبحه - لا مفر منه ، ولا انفكاك لهم عنه .

( فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم ) وهي الإبل العطاش ، واحدها أهيم ، والأنثى هيماء ، ويقال : هائم وهائمة .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة : الهيم : الإبل العطاش الظماء .

وعن عكرمة أنه قال : الهيم : الإبل المراض ، تمص الماء مصا ولا تروى .

وقال السدي : الهيم : داء يأخذ الإبل فلا تروى أبدا حتى تموت ، فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدا .

وعن خالد بن معدان : أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم عبة واحدة من غير أن يتنفس ثلاثا .

وقوله: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة (شُرْبَ الْهِيمِ ) بضم الشين، وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة والبصرة والشأم ( شُرْبَ الهِيمِ (1) ) اعتلالا بأن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال لأيام مني: " وإنَّها أيَّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ".

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إنهما قراءتان قد قرأ بكلّ واحدة منهما علماء من القرّاء مع تقارب معنييهما، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب في قراءته، لأن ذلك في فتحه وضمه نظير فتح قولهم: الضَّعف والضُّعف بضمه. وأمَّا الهيم، فإنها جمع أهيم، والأنثى هيماء؛ والهيم: الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الماء. ومن العرب من يقول: هائم، والأنثى هائمة، ثم يجمعونه على هيم، كما قالوا: عائط وعِيط، وحائل وحول؛ ويقال: إن الهيم: الرمل، بمعنى أن أهل النار يشربون الحميم شرب الرمل الماء.

* ذكر من قال عنى بالهيم الإبل العطاش:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (شُرْبَ الْهِيمِ ) يقول: شرب الإبل العطاش.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: الإبل الظماء.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن عمران بن حدير، عن عكرِمة، في قوله: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: هي الإبل المِراضى، تَمُصّ الماء مَصًّا ولا تَرْوَى.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، في قوله: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: الإبل يأخذها العُطاش، فلا تزال تشرب حتى تهلك.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خصيف، عن عكرِمة (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: هي الإبل يأخذها العطاش.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن عباس، قال: هي الإبل العطاش.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: الإبل الهيم.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) الهيم: الإبل العطاش، تشرب فلا تروى يأخذها داء يقال له الهُيام.

حدثنا بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: داء بالإبل لا تَرْوَى معه.

* ذكر من قال هي الرملة:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) قال: السِّهْلةُ (2) .

------------------------

الهوامش:

(1) يريد بفتح الشين، يفهم من كلامه بعد في توجيه القراءة. وقد صرح الفراء بكلمة "بالفتح" فيما نقله عن الكسائي عن يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن جريج (معاني القرآن: مصورة الجامعة رقم 24059 ص 324).

(2) في (اللسان: سهل) عن الجوهري: السهلة، بكسر السين: رمل ليس بالدقاق. وقال قبله: السهلة والسهل: ثراب كالرمل يجىء به الماء‌

التدبر :

وقفة
[54، 55] ﴿فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ﴾ الهيم: الإبل تصاب بداء تشرب منه فلا ترتوي، وتتعذب فلا تموت وتستريح، فشبَّه أهل النار بها وهو أحط تشبيه.

الإعراب :

  • ﴿ فَشارِبُونَ شُرْبَ:
  • أعربت. شرب: مفعول مطلق-مصدر-لاسم الفاعل «شاربون» لبيان النوع منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.و«شاربون» معطوفة على الأولى.
  • ﴿ الْهِيمِ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. أي شرب الإبل العطاش التي بها داء الهيام وهو داء تشرب منه ولا تروى.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [55] لما قبلها :     ٣- شاربون منه بكثرة، كشرب الإبل العطاش التي لا تَرْوى لداء يصيبها، قال تعالى:
﴿ فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

شرب:
1- بضم الشين، وهو مصدر، وهى قراءة نافع، وعاصم، وحمزة.
وقرئ:
2- بكسرها، اسم بمعنى «المشروب» ، وهى قراءة مجاهد، وأبى عثمان النهدي.
3- بفتحها، وهو مصدر مقيس، وهى قراءة الأعرج، وابن المسيب، وشعيب بن الحبحاب، ومالك بن دينار، وابن جريج، وباقى السبعة.

مدارسة الآية : [56] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ

التفسير :

[56] هذا الذي يلقونه من العذاب هو ما أُعدَّ لهم من الزاد يوم القيامة. وفي هذا توبيخ لهم وتهكُّم بهم.

{ هَذَا} الطعام والشراب{ نُزُلُهُمْ} أي:ضيافتهم{ يَوْمَ الدِّينِ} وهي الضيافة التي قدموها لأنفسهم، وآثروها على ضيافة الله لأوليائه.

قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات بقوله : ( هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدين ) والنزل : ما يعد للضيف من منزل حسن ، ومأكل حسن لإكرامه .

أى : هذا المذكور من أنواع العذاب المهين . . . . نزلهم ومسكنهم ومقرهم أول قدومهم يوم الجزاء . .

فالإشارة بقوله : ( هذا ) إلى ما ذكر قبل ذلك من عذاب مهين ، من مظاهره أكلهم من الزقوم ، وشربهم من الحميم .

والتعبير عما أعد لهم من عذاب بالنزل ، على سبل التهكم ، كما فى قول الشاعر :

وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهَفات له نزلا

وبذلك نرى الآيات الكريمة ، وقد بينت ما أعد لأصحاب الشمال ، من عذاب مهين ، بأسلوب تقشعر من هوله الأبدان . . .

وبعد هذا الحديث الجامع عن أقسام الناس يوم القيامة ، وعن جزاء كل قسم . . . أخذت السورة الكريمة فى إقامة الأدلة على وحدانية الله - تعالى - وعلى كمال قدرته . . .

وجاءت هذه الأدلة لا عن طريق أمور تخييلية ، أو فلسفية ، أو غيبية . . . وإنما عن طريق أمور يحسونها بأنفسهم ، ويشاهدونها بأعينهم . . . عن طريق خلقهم ، وزروعهم التى يزاولونها بأيديهم ، والماء الذى يشربونه ، والنار التى يوقدونها .

ثم قال تعالى : ( هذا نزلهم يوم الدين ) أي : هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم ، كما قال في حق المؤمنين : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ) [ الكهف : 107 ] أي : ضيافة وكرامة .

‌وقوله: (هَذَا نـزلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي وصفت لكم أيها الناس، أن هؤلاء المكذّبين الضالين يأكلونه من شجر من زقوم، ويشربون عليه من الحميم، هو نـزلهم الذي ينـزلهم ربهم يوم الدين، يعني: يوم يدين الله عباده.

التدبر :

وقفة
[56] ﴿هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾ أي: رزقهم الذي أُعِدَّ لهم، كالنُّزُل الذي يُعدُّ للأضياف إكرامًا لهم، وهو غاية التهكم بهم.
وقفة
[56] ﴿هذا نُزُلُهُم يَومَ الدّينِ﴾ أى نزل ومقام هذا! يا رب سلم.

الإعراب :

  • ﴿ هذا نُزُلُهُمْ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. نزل: خبر «هذا» مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي هذا رزقهم. وفي القول الكريم تهكم بهم
  • ﴿ يَوْمَ الدِّينِ:
  • ظرف زمان مفعول فيه-منصوب على الظرفية متعلق بمضمر بمعنى يقدم لهم يوم القيامة وهو مضاف. الدين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     ولَمَّا كان كأنَّه قيل: هذا عَذابُهم كُلُّه؟! قيل تهكُّمًا بهم، ونِكايةً لهم: هذا فقط ضيافتهم التي يُسْتَقبلون بها، قال تعالى:
﴿ هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نزلهم:
1- بضم الزاى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بسكونها، وهو أول ما يأكله الضيف، وفيه تهكم بالكفار، وهى قراءة ابن محيصن، وخارجة، عن نافع، ونعيم، ومحبوب، وأبى زيد، وهارون، وعصمة، وعياش، كلهم عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [57] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ

التفسير :

[57] نحن خلقناكم -أيها الناس- ولم تكونوا شيئاً، فهلَّا تصدِّقون بالبعث.

ثم ذكر الدليل العقلي على البعث، فقال:{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ} أي:نحن الذين أوجدناكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا، من غير عجز ولا تعب، أفليس القادر على ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ بلى إنه على كل شيء قدير، ولهذا وبخهم على عدم تصديقهم بالبعث، وهم يشاهدون ما هو أعظم منه وأبلغ.

لنستمع إلى السورة الكريمة ، وهى تحكى كل ذلك فتقول : ( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ . . . ) .

قوله - تعالى - : ( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ ) رد على إنكار المشركين للبعث والجزاء ، ولولا هنا للتحضيض ، والفاء لترتيب التحضيض على ما قبله .

أى : نحن الذين خلقناكم - أيها الجاحدون - هذا الخلق الأول بقدرتنا وحدها ، فهلا صدقتم بذلك ، وأطعتم رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فيما جاءكم به من عندنا ، وأيقنتم بأن الأولين والآخرين سيقفون أمامنا يوم القيامة للحساب؟

فالمراد بقوله - تعالى - : ( خَلَقْنَاكُمْ ) : خلقهم من سلاله من طين ، ثم جعلهم نطفة فى قرار مكين كما قال - تعالى - : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين ) فإن قيل : إنهم كانوا يعترفون بأن الله - تعالى - قد خلقهم ، بدليل قوله - تعالى - : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله . . . ) فما فائدة قوله - سبحانه - ( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ . . ) ؟

فالجواب أنهم لما كان اعترافهم بمنزلة العدم ، حيث أشركوا مع الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة قيل لهم على سبيل الإلزام والتبكيت : ( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ . . ) .

يقول تعالى مقررا للمعاد ، وردا على المكذبين به من أهل الزيغ والإلحاد ، من الذين قالوا : ( أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ) [ الصافات : 16 ] ، وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد ، فقال : ( نحن خلقناكم ) أي : نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ; فلهذا قال : ( فلولا تصدقون ) أي : فهلا تصدقون بالبعث ! ثم قال مستدلا عليهم بقوله :

وقوله: (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ ) يقول تعالى ذكره لكفار قريش والمكذّبين بالبعث: نحن خلقناكم أيها الناس ولم تكونوا شيئًا، فأوجدناكم بشرا، فهلا تصدّقون من فعل ذلك بكم في قيله لكم: إنه يبعثكم بعد مماتكم وبِلاكم في قبوركم، كهيأتكم قبل مماتكم.

التدبر :

وقفة
[57] ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ﴾ دور البشر في أمر هذا الخلق لا يزيد على أن يودع الرجل ما يُمني رحم امرأة، ثم ينقطع عمله وعملها، وتأخذ يد القدرة في العمل وحدها في هذا الماء المهين.
وقفة
[57] ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ﴾ يحضهم الله على التصديق بكل وجه! نحن خلقناكم فلولا تصدقون بالإعادة وتقرُّون بها، كما أقررتم بالنشأة الأولى، وهي خلقكم، إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ﴾ [الزخرف: 87].
وقفة
[57] ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ﴾ أي فهلاَّ تُصدِّقون بأنَّا خلقناكم! إن قلتَ: كيف قال ذلك مع أنهم مصدِّقون بذلك، بدليل قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ﴾ [الزخرف: 87]؟ قلتُ: هم وإنْ صدَّقوا بألسنتهم، لكنْ لما كان مذهبهم خلافَ ما يقتضيه التصديقُ، كانوا كأنهم مكذبون به، أو أن ذلك تحضيضٌ على التصديق بالبعث بعد الموت، بالاستدلال بالخلق الأول، فكأنه قال: هو خلقكم أولًا باعترافكم فلا يمتنع عليه أن يعيدكم ثانيًا، فهلَّا تُصدِّقون بذلك؟!
وقفة
[57] الاعتراف بالعبودية لله على ما أنعم وتفضل علينا من الخلق والرزق والتدبير ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ نَحْنُ خَلَقْناكُمْ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ.خلق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «خلقناكم» في محل رفع خبر «نحن».
  • ﴿ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ:
  • الفاء استئنافية. لولا: بمعنى «هلا» وهي حرف تحضيض لا عمل له. أي تحضيض على التصديق. إما بالخلق لأنهم مكذبون به على الرغم من تصديقهم وإما بالبعث. تصدقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف المفعول اختصارا لأنه معلوم من السياق. أي فهلا تصدقون أن من قدر على الإحياء قدر على البعث.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     وبعد بيانِ مآلِ الأقسامِ الثَّلاثةِ، والرد على من أنكرَ البعث؛ ذَكَرَ هنا أربعةً من الأدلَّةِ على صحةِ البَعثِ وإمكانه: الدَّليلُ الأوَّلُ: خلقُ الإنسانِ؛ لأنَّ القادر على بدءِ الخلق أقدرُ على إعادته، قال تعالى:
﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [58] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ

التفسير :

[58] أفرأيتم النُّطَف التي تقذفونها في أرحام نسائكم،

أي:أفرأيتم ابتداء خلقتكم من المني الذي تمنون.

ثم ذكر - سبحانه - بعد ذلك أربعة أدلة على صحة هذا البعث وإمكانه ، أما الدليل الأول فتراه فى قوله - تعالى - : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الخالقون . . . ) .

وقوله : ( تُمْنُونَ ) مأخوذ من أمنى بمعنى قذف المنى ، يقال : أمنى الرجل النطفة ، إذا قذفها . والاستفهام للتقرير ، والرؤية علمية . ( مَّا ) موصولة وهى المفعول الأول لقوله ( أَفَرَأَيْتُمْ ) والجملة الفعلية صلة الموصول ، والعائد إلى الموصول محذوف . وجملة : أأنتم تخلقونه . . . هو المفعول الثانى .

والضمير المنصوب فى قوله : ( تَخْلُقُونَهُ ) يعود إلى الاسم الموصول فى قوله : ( مَّا تُمْنُونَ ) . أى : أخبرونى - أيها المشركون عما تصبونه وتقذفونه من المنى فى أرحام النساء؟ أأنتم تخلقون ما تمنونه من النطف علقا فمضغا . . أم نحن الذين خلقنا ذلك؟ لا شك أنكم تعرفون بأننا نحن الذين خلقنا كل ذلك ، وما دام الأمر كما تعرفون ، فلماذا عبدتم مع الله - تعالى - آلهة أخرى .

فالاستفهام للتقرير حيث إنهم لا يملكون إلا الاعتراف بأن الله - تعالى - وحده خلق الإنسان فى جميع أطواره .

قال الجمل : و ( أَم ) فى هذه المواضع الأربعة منقطعة ، لوقوع جملة بعدها ، والمنقطعة تقدر ببل والهمزة الاستفهامية ، فيكون الكلام مشتملا على استفهامين ، الأول : أأنتم تخلقونه؟ وجوابه : لا . والثانى : مأخوذ من ( أَم ) أى : بل أنحن الخالقون؟ وجوابه نعم .

( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) أي : أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها ، أم الله الخالق لذلك ؟

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58)

يقول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بالبعث: أفرأيتم أيها المُنكرون قُدرة الله على إحيائكم من بعد مماتكم - النطف التي تمنون في أرحام نسائكم- أنتم تخلقون تلك أم نحن الخالقون.

التدبر :

وقفة
[58، 59] ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ الأسئلة العميقة التي تخاطب العقل مفتاح للتفكر والتدبر، وباب مشرع لبلوغ اليقين.
وقفة
[58، 59] ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ هل تعلم أن الحد الأدنى المطلوب من الحيوانات المنوية لحدوث الحمل يقدَّر بنحو 15 مليون حيوان منوي في السنتيمتر المكعَّب، وفيما يتعلق بحجم السائل المنوي فيجب أن يكون على الأقل ما بين 2 إلى 6 سنتيمتر مكعب، أإله مع الله؟!

الإعراب :

  • ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ:
  • الهمزة همزة استفهام لا محل لها. الفاء زائدة-تزيينية. رأيتم:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ ما تُمْنُونَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.تمنون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل وجملة «تمنون» صلة الموصول لا محل لها والعائد- الراجع-الى الموصول ضمير محذوف اختصارا منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: ما تمنونه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [58] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ خَلْقَ الإنسانِ؛ ذكرَ ابتداءَ خَلْقِه مِن المَنِيِّ، قال تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تمنون:
1- بضم التاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى قراءة ابن عباس، وأبى السمال.

مدارسة الآية : [59] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ

التفسير :

[59] هل أنتم تخلقون ذلك بشراً أم نحن الخالقون؟

فهل أنتم خالقون ذلك المني وما ينشأ منه؟ أم الله تعالى الخالق الذي خلق فيكم من الشهوة وآلتها من الذكر والأنثى، وهدى كلا منهما لما هنالك، وحبب بين الزوجين، وجعل بينهما من المودة والرحمة ما هو سبب للتناسل.

ثم ذكر - سبحانه - بعد ذلك أربعة أدلة على صحة هذا البعث وإمكانه ، أما الدليل الأول فتراه فى قوله - تعالى - : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الخالقون . . . ) .

وقوله : ( تُمْنُونَ ) مأخوذ من أمنى بمعنى قذف المنى ، يقال : أمنى الرجل النطفة ، إذا قذفها . والاستفهام للتقرير ، والرؤية علمية . ( مَّا ) موصولة وهى المفعول الأول لقوله ( أَفَرَأَيْتُمْ ) والجملة الفعلية صلة الموصول ، والعائد إلى الموصول محذوف . وجملة : أأنتم تخلقونه . . . هو المفعول الثانى .

والضمير المنصوب فى قوله : ( تَخْلُقُونَهُ ) يعود إلى الاسم الموصول فى قوله : ( مَّا تُمْنُونَ ) . أى : أخبرونى - أيها المشركون عما تصبونه وتقذفونه من المنى فى أرحام النساء؟ أأنتم تخلقون ما تمنونه من النطف علقا فمضغا . . أم نحن الذين خلقنا ذلك؟ لا شك أنكم تعرفون بأننا نحن الذين خلقنا كل ذلك ، وما دام الأمر كما تعرفون ، فلماذا عبدتم مع الله - تعالى - آلهة أخرى .

فالاستفهام للتقرير حيث إنهم لا يملكون إلا الاعتراف بأن الله - تعالى - وحده خلق الإنسان فى جميع أطواره .

قال الجمل : و ( أَم ) فى هذه المواضع الأربعة منقطعة ، لوقوع جملة بعدها ، والمنقطعة تقدر ببل والهمزة الاستفهامية ، فيكون الكلام مشتملا على استفهامين ، الأول : أأنتم تخلقونه؟ وجوابه : لا . والثانى : مأخوذ من ( أَم ) أى : بل أنحن الخالقون؟ وجوابه نعم .

( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) أي : أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها ، أم الله الخالق لذلك ؟

التدبر :

تفاعل
[59] ﴿أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.

الإعراب :

  • ﴿ أَأَنْتُمْ:
  • الهمزة همزة استفهام لفظا وهمزة تقرير صار نفيا لأنه موجب معنى.أنتم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع فاعل لفعل محذوف جوازا هو من جنس الفعل بعده تقديره: أتخلقونه أنتم تخلقونه. ويجوز أن يكون في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبره ولكن كونه فاعلا لمحذوف أولى من جهة همزة الاستفهام.
  • ﴿ تَخْلُقُونَهُ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والضمير يعود على ما تُمْنُونَ» بمعنى أأنتم تقدرونه وتصورونه.
  • ﴿ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ:
  • حرف عطف وهي «أم» المتصلة. نحن: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ و «الخالقون» خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [59] لما قبلها :     ولَمَّا كانت العِبرةُ بالمُسَبَّبِ لا بالسَّبَبِ، نَبَّه على ذلك بتَجديدِ الإنكارِ؛ تَنبيهًا على أنَّهم وإن كانوا مُعتَرِفينَ بتفَرُّدِه بالإبداعِ، فإنَّ إنكارَهم للبَعثِ مُستلزِمٌ لإنكارِهم لذلك، فقال تعالى:
﴿ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [60] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا ..

التفسير :

[60] نحن قَدَّرنا بينكم الموت، وما نحن بعاجزين

نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ

ثم أكد سبحانه - خلقه لكل شىء ، وقدرته على كل شىء . فقال - تعالى - ( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .

أى : نحن وحدنا الذين قدرنا لموتكم آجالا مختلفة ، وأعمارا متفاوتة ، فمنكم من يموت صغيرا ، ومنكم من يموت كبيرا ، وما نحن بمسبوقين ، أى : وما نحن بمغلوبين على ذلك ، بل نحن قادرون قدرة تامة على تحديد آجالكم ، فمن حضره أجله فلن يستطيع أن يتأخر عنه ساعة ، أو يتقدم عنه ساعة . كما قال - تعالى - : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ).

ثم قال : ( نحن قدرنا بينكم الموت ) أي : صرفناه بينكم .

وقال الضحاك : ساوى فيه بين أهل السماء والأرض .

( وما نحن بمسبوقين ) أي : وما نحن بعاجزين .

وقوله: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) يقول تعالى ذكره: نحن قدرنا بينكم أيها الناس الموت، فعجَّلناه لبعض، وأخَّرناه عن بعض إلى أجل مسمى.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ) قال: المستأخر والمستعجل.

وقوله: (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ) يقول تعالى ذكره: (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) أيها الناس في أنفسكم وآجالكم، فمفتات علينا فيها في الأمر الذي قدّرناه لها من حياة وموت بل لا يتقدم شيء من أجلنا، ولا يتأخر عنه.

التدبر :

وقفة
[60] ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي أوجبناه على مقدار معلوم لكل أحد لا يتعداه؛ فقصرنا عمر هذا، وربما كان في الأوج من قوة البدن وصحة المزاج، وأطلنا عمر هذا، وقد يكون في الحضيض من ضعف البدن واضطراب المزاج، وأنتم معترفون بأنه سبحانه رتب أفعاله على مقتضى الكمال والقدرة والحكمة البالغة.
وقفة
[60، 61] ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ نحن لسنا بعاجزين ولا بمغلوبين على إهلاككم وإبدالكم بأمثالكم، ولسنا أيضًا بعاجزين على تبديل صوركم إن أردنا مسخكم، فقد مسخ الله أقوامًا قردة وخنازير، عقوبة لهم على عدوانهم.

الإعراب :

  • ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ:
  • تعرب إعراب «نحن خلقنا» الواردة في الآية الكريمة السابعة والخمسين. بينكم: مفعول فيه ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بقدرنا وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. الموت: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها في لغة بني تميم ونجذ وبمنزلة «ليس» عند الحجازيين. نحن: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ على اللغة الأولى واسم «ما» على اللغة الثانية الباء حرف جر زائد. مسبوقين: اسم مجرور لفظا وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد مرفوع محلا على اللغة الأولى ومنصوب محلا على اللغة الثانية على أنه خبر «نحن» أو خبر «ما» بمعجزين بل قادرون على ذلك.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [60] لما قبلها :     ولَمَّا كان الجوابُ عن قولِه: ﴿أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ هو: أنتَ الخالقُ وحدَك، وكان ربَّما نازَع في ذلك أهلُ الطَّبائِعِ، وكانت المفاوتةُ للآجالِ معَ المساواةِ في اسميةِ الحياةِ مِن الدَّلائلِ العظيمةِ على تمامِ القدرةِ على الإفناءِ والإبداءِ بالاختيارِ، مبطلةً لقولِ أهلِ الطَّبائعِ دافعةً لهم؛ أكَّد ذلك الدليلَ بقولِه تعالى:
﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

قدرنا:
1- بشد الدال، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بخفها، وهى قراءة ابن كثير.

مدارسة الآية : [61] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ ..

التفسير :

[61]عن أن نغيِّر خلقكم يوم القيامة، وننشئكم فيما لا تعلمونه من الصفات والأحوال.

عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ

وقوله - تعالى - : ( على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ) متعلق بقوله : ( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت . . ) .

والمراد بتبديل أمثالهم : إيجاد قوم آخرين من ذرية أولئك الذين ماتوا .

والمعنى : نحن وحدنا الذين قدرنا بينكم الموت وحددناه على حسب مشيئتنا ونحن الذين فى قدرتنا أن نبدل من الذين ماتوا منكم أشباها لهم ، نوجدهم بقدرتنا - أيضا - كما قال - سبحانه - : ( وَرَبُّكَ الغني ذُو الرحمة إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُمْ مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ) ويصح أن يكون قوله - تعالى - : ( قَدَّرْنَا ) بمعنى قضينا وكتبنا ، ويكون قوله : ( على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ) متعلق بقوله ( بِمَسْبُوقِينَ ) ، ويكون المراد بتبديل أمثالهم . إيجاد قوم آخرين سواهم .

والمعنى : نحن الذين وحدنا كتبنا عليكم ، وقضيناه على جميع الخلق فكل نفس ذائقة الموت ، وما نحن بمغلوبين على إهلاككم ، وعلى خلق أمثالكم بدلا منكم كما قال - تعالى - : ( ياأيها الناس أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله والله هُوَ الغني الحميد إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى الله بِعَزِيزٍ ) وقوله - سبحانه - : ( وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) بيان للون آخر من ألوان قدرته - تعالى - .

أى : نحن لسنا بعاجزين ولا بمغلوبين . . . على أن نهلككم ونأتى بدلا منكم بغيركم . ولسنا - أيضا - بعاجزين على أن ننشئكم بعد إهلاككم فيما لا تعلمونه من الصور ، والهيئات ، والصفات .

قال صاحب الكشاف : قوله - تعالى - : ( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت ) أى : قدرناه تقديرا ، وقسمناه عليكم قسمة الرزق على اختلاف وتفاوت كما تقتضيه مشيئتنا فاختلف أعماركم من قصير وطويل ومتوسط .

وقوله : ( وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) يقال : سبقته على الشىء إذا أعجزته عنه ، وغلبته عليه ، ولم تمكنه منه ، فمعنى قوله ( وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ) أنا قادرون على ذلك لا تغلبوننا عليه . وأمثالكم جمع مثل - بسكون الثاء - أى : على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق ( وَ ) على أن ( نُنشِئَكُمْ ) فى خلق لا تعلمونها وما عهدتم مثلها . يعنى أنا نقدر على الأمرين جميعا : على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم ، فيكف نعجز عن إعادتكم .

ويجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل ، بفتحتين أى : على أن نبدل ونغير صفاتكم التى أنتم عليها فى خلقكم وأخلاقكم ، وننشئكم فى صفات لا تعلمونها .

( على أن نبدل أمثالكم ) أي : نغير خلقكم يوم القيامة ، ( وننشئكم في ما لا تعلمون ) أي : من الصفات والأحوال .

وقوله: (عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ ) يقول: على أن نُبَدّل منكم أمْثالَكَمْ بعد مهلككم فنجيء بآخرين من جنسكم.

وقوله: (وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لا تَعْلَمُونَ ) يقول: ونبدلكم عما تعلمون من أنفسكم فيما لا تعلمون منها من الصور.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (وَنُنْشِئَكُمْ ) في أي خلق شئنا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ:
  • حرف جر. أن: حرف مصدرية ونصب. نبدل: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. وجملة «نبدل» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الإعراب.و«أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بقدرنا. أو بمسبوقين أي لسنا بمعجزين بل قادرون على تبديل أمثالكم.
  • ﴿ أَمْثالَكُمْ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. أي على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق.
  • ﴿ وَنُنْشِئَكُمْ:
  • معطوفة بالواو على «نبدل» وتعرب إعرابها بمعنى: وعلى أن ننشئكم. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فِي ما لا تَعْلَمُونَ:
  • حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بننشئ. لا: نافية لا عمل لها.تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا تَعْلَمُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب والعائد -الراجع-الى الموصول ضمير محذوف اختصارا منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: في عالم أو خلق لا تعلمونه أو في صفات لا تعلمونها.'

المتشابهات :

الواقعة: 61﴿ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ
المعارج: 41﴿ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [61] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الموت؛ جاءَ الاستدلالُ على المعادِ من خلال مسألة الموت، قال تعالى:
﴿ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [62] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا ..

التفسير :

[62] ولقد علمتم أن الله أنشأكم النشأة الأولى ولم تكونوا شيئاً، فهلَّا تذكَّرون قدرة الله على إنشائكم مرة أخرى.

أحالهم الله تعالى على الاستدلالبالنشأة الأولى على النشأة الأخرى، فقال:{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ} أن القادر على ابتداء خلقكم، قادر على إعادتكم.

ثم لفت - سبحانه - أنظارهم إلى ما يعلمونه من حالهم فقال : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ ) .

أى : والله لقد علمتم النشأة الأولى من خلقكم ، حيث أوجدناكم من نطفة فعلقة فمضغة . . فهلا تذكرتم ذلك وعقلتموه ، وعرفتم أن من قدر على خلقكم ولم تكونوا شيئا مذكورا . . . قادر على إعادتكم إلى الحياة مرة أخرى؟

فالمقصود بهذه الآيات الكريمة إقامة الأدلة الساطعة ، على إمكانية البعث وعلى أن من قدر على خلق الإنسان مع العدم قادر على إعادته .

قال القرطبى : وفى الخبر : عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى ، وهو يرى النشأة الأولى . وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة ، وهو لا يسعى لدار القرار .

ثم قال : ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) أي : قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة - وهي البداءة - قادر على النشأة الأخرى ، وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى ، وكما قال : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ] ، وقال : ( أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ) [ مريم : 67 ] ، وقال : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) [ يس : 77 - 79 ] ، وقال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) ؟ [ القيامة : 36 - 40 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (62)

يقول تعالى ذكره: ولقد علمتم أيها الناس الإحداثة الأولى التي أحدثناكموها، ولم تكونوا من قبل ذلك شيئًا.

وبنحو الذين قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (النَّشْأَةَ الأولَى ) قال: إذ لم تكونوا شيئًا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأولَى ) يعني خلق آدم لستَ سائلا أحدًا من الخلق إلا أنبأك أن الله خلق آدم من طين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأولَى ) قال: هو خلق آدم.

حدثني محمد بن موسى الحرسي، قال: ثنا جعفر بن سليمان، قال: سمعت أبا عمران الجوني يقرأ هذه الآية (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأولَى ) قال: هو خلق آدم.

وقوله: (فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ ) يقول تعالى ذكره: فهلا تذكرون أيها الناس، فتعلموا أن الذي أنشأكم النشأة الأولى، ولم تكونوا شيئا، لا يتعذّر عليه أن يعيدكم من بعد مماتكم وفنائكم أحياء.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[62] ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ﴾ دلالة الخلق الأول على سهولة البعث ظاهرة.
وقفة
[62] ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ﴾ يا من تستبعدون البعث بعد الموت، ألا ترون الحياة تدب حولكم بالمطر في البذرة اليابسة والأرض الميتة؟!
وقفة
[62] ﴿فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ﴾ فهلا تذكرون أيها الناس، فتعلموا أن الذي أنشأكم النشأة الأولى، ولم تكونوا شيئًا، لا يتعذر عليه أن يعيدكم من بعد مماتكم وفنائكم أحياء.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ:
  • الواو: استئنافية. اللام: للابتداء والتوكيد. قد: حرف تحقيق. علمتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ النَّشْأَةَ الْأُولى:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الأولى: صفة -نعت-للنشأة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابعة والخمسين-أصلها:تتذكرون. حذفت احدى التاءين اختصارا'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     وبعد الاستدلال على المعادِ من خلال مسألة الموت؛ أحالهم اللهُ على الاستدلال بالنَّشأة الأولى على النَّشأة الأخرى، فالقادر على ابتداء الخلق قادر على إعادته، قال تعالى:
﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

تذكرون:
وقرئ:
1- بشد الذال.
2- بخفها، وضم الكاف، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [63] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ

التفسير :

[63] أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه

وهذا امتنان منه على عباده، يدعوهم به إلى توحيده وعبادته والإنابة إليه، حيث أنعم عليهم بما يسره لهم من الحرث للزروع والثمار، فتخرج من ذلك من الأقوات والأرزاق والفواكه، ما هو من ضروراتهم وحاجاتهم ومصالحهم، التي لا يقدرون أن يحصوها، فضلا عن شكرها، وأداء حقها، فقررهم بمنته،

ثم انتقتل السورة الكريمة إلى بيان الدليل الثانى على صحة البعث وإمكانيته . فقال - تعالى - : ( أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) .

والحرث : شق الأرض من أجل زراعتها ، والمراد به هنا : وضع البذر فيها بعد حرثها .

يقول تعالى "أفرأيتم ما تحرثون" وهو شق الأرض وإثارتها والبذر فيها.

وقوله: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ ) يقول تعالى ذكره: أفرأيتم أيها الناس الحرث الذي تحرثونه .

التدبر :

وقفة
[63] ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ﴾ إذا أكلت طعامًا فعدِّد المراحلَ التي انتقلَ إليها الطَّعامُ حتَّى أصبحَ مُهَيَّأً للأكلِ، ثم احمد اللهَ على ذلك.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والخمسين. أي ما تحرثونه من الطعام أي تبذرون حبه وتعملون في أرضه. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعولا به لرأيتم أي حرثكم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [63] لما قبلها :     الدَّليلُ الثاني: إخراجُ النباتِ، قال تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [64] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ

التفسير :

[64] هل أنتم تُنبتونه في الأرض أم نحن نُقِرُّ قراره وننبته في الأرض؟

{ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} أي:أأنتم أخرجتموه نباتا من الأرض؟ أم أنتم الذين نميتموه؟ أم أنتم الذين أخرجتم سنبله وثمره حتى صار حبا حصيدا وثمرا نضيجا؟ أم الله الذي انفرد بذلك وحده، وأنعم به عليكم؟ وأنتم غاية ما تفعلون أن تحرثوا الأرض وتشقوها وتلقوا فيها البذر، ثم بعد ذلك لا علم عندكم بما يكون بعد ذلك، ولا قدرة لكم على أكثر من ذلك ومع ذلك، فنبههم على أن ذلك الحرث معرض للأخطار لولا حفظ الله وإبقاؤه لكم بلغة ومتاعا إلى حين.

أى : أخبرونى عن البذور التى تلقون بها فى الأرض بعد حرثها ، أأنتم الذين تنبتونها وتصيرونها زرعا بهيجا نضرا أم نحن الذين نفعل ذلك؟ لا شك أنا نحن الذين نصير هذه البذور زروعا ونباتا يانعا .

( أأنتم تزرعونه ) أي : تنبتونه في الأرض ( أم نحن الزارعون ) أي : بل نحن الذين نقره قراره وننبته في الأرض .

قال ابن جرير : وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي ، حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تقولن : زرعت ، ولكن قل : حرثت " قال أبو هريرة : ألم تسمع إلى قوله : ( أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) .

ورواه البزار ، عن محمد بن عبد الرحيم ، عن مسلم ، الجميع به .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن عطاء ، عن أبي عبد الرحمن : لا تقولوا : زرعنا ولكن قولوا : حرثنا .

وروي عن حجر المدري أنه كان إذا قرأ : ( أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون ) وأمثالها يقول : بل أنت يا رب .

(أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) يقول: أأنتم تصيرونه زرعًا، أم نحن نجعله كذلك؟

وقد حدثني أحمد بن الوليد القرشي، قال: ثنا مسلم بن أبي مسلم الحرميّ، قال: ثنا مخلد بن الحسين، عن هاشم، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " لا تَقُولَنَّ زَرَعْتُ ولَكنْ قُلْ حَرَثْتُ" قال أبو هريرة ألم تسمع إلى قول الله (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ) .

التدبر :

تفاعل
[64] ﴿أَأَنتُم تَزرَعونَهُ أَم نَحنُ الزّارِعونَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[64] ﴿أَأَنتُم تَزرَعونَهُ أَم نَحنُ الزّارِعونَ﴾ حتى الكلمة الطيبة تلقيها؛ فالله يزرعها في القلوب.
وقفة
[59-64] ﴿أَأَنتُم تَخلُقونَهُ أَم نَحنُ الخالِقونَ﴾، ﴿أَأَنتُم تَزرَعونَهُ أَم نَحنُ الزّارِعونَ﴾ تساؤلان يحملان من السخرية والاستهزاء بهؤلاء، من فرط غرورهم يظنون أن بيدهم الأمر، فيظنون أنهم الخالقون وأنهم الزارعون.

الإعراب :

  • ﴿ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والخمسين. أي أأنتم تنبتونه وتردونه نباتا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     ولَمَّا كانوا لا يَدَّعُونَ القُدرةَ على الإنباتِ بوَجهٍ، وكان القادِرُ عليه قادِرًا على كُلِّ شَيءٍ، وهم يَعتَقِدونَ في أمرِ البَعثِ ما يُؤَدِّي إلى الطَّعنِ في قُدرتِه؛ كَرَّر الإنكارَ عليهم، قال تعالى:
﴿ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [65] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ ..

التفسير :

[65]لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيماً، لا يُنتفع به في مطعم، فأصبحتم تتعجبون مما نزل بزرعكم،

{ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ} أي:الزرع المحروث وما فيه من الثمار{ حُطَامًا} أي:فتاتا متحطما، لا نفع فيه ولا رزق،{ فَظَلْتُمْ} أي:فصرتم بسبب جعله حطاما، بعد أن تعبتم فيه وأنفقتم النفقات الكثيرة{ تَفَكَّهُونَ} أي:تندمون وتحسرون على ما أصابكم، ويزول بذلك فرحكم وسروركم وتفكهكم

ولو نشاء لجعلنا هذا النبات ( حُطَاماً ) أى مكسرا مهشما يابسا لا نفع فيه ، فظللتم بسبب ذلك ( تَفَكَّهُونَ ) أى : فصرتم بسبب ما أصاب زرعكم من هلاك ، تتعجبون مما أصابه ، وتتحسرون على ضياع أموالكم ، وتندمون على الجهد الذى بذلتموه من غير فائدة . . .

وأصل التفكه : التنقل فى الأكل من فاكهة إلى أخرى ، ثم استعير للتنقل من حديث إلى آخر ، وهو هنا ما يكون من أحاديثهم المتنوعة بعد هلاك الزرع .

والمراد بالتفكه هنا : التعجب والندم والتحسر على ما أصابهم .

وقوله تعالى "لو نشاء لجعلناه حطاما " أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا وأبقيناه لكم رحمة بكم ولو نشاء لجعلناه حطاما أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده "فظلتم تفكهون".

القول في تأويل قوله تعالى : لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)

يقول تعالى ذكره: لو نشاء جعلنا ذلك الزرع الذي زرعناه حُطامًا، يعني هشيما لا يُنْتفع به في مطعم وغذاء.

وقوله: ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فظلتم تتعجبون مما نـزل بكم في زرعكم من المصيبة باحتراقه وهلاكه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال: تعجبون.

حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال: تعجبون.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال: تعجبون.

وقال آخرون: معنى ذلك: فظلتم تلاومون بينكم في تفريطكم في طاعة ربكم جلّ ثناؤه، حتى نالكم بما نالكم من إهلاك زرعكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة، في قوله: ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) يقول: تلاومون.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حرب البكري، عن عكرِمة ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال: تلاومون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظلتم تندمون على ما سلف منكم في معصية الله التي أوجب لكم عقوبته، حتى نالكم في زرعكم ما نالكم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثني ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال: تندمون.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال تندمون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظلتم تعجبون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) قال: تعجبون حين صنع بحرثكم ما صنع به، وقرأ قول الله عزّ وجلّ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) وقرأ قول الله وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ قال: هؤلاء ناعمين، وقرأ قول الله جل ثناؤه فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . . . إلى قوله: كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ( فَظَلْتُمْ ) : فأقمتم تعجبون مما نـزل بزرعكم وأصله من التفكه بالحديث إذا حدّث الرجلُ الرجلَ بالحديث يعجب منه، ويلهى به، فكذلك ذلك. وكأن معنى الكلام: فأقمتم تتعجبون يُعََجِّب بعضكم بعضا مما نـزل بكم.

التدبر :

وقفة
[65] ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ تتعجبون من إهلاك الله لزرعكم، وهذا التعجب منكم يستحق كل تعجب، فماذا تنتظرون جزاء كفرهم إلا هذا؟!
وقفة
[65] ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ إن الحسرة على فقدان موجود وحرمان موفور، لهي أشد على النفس وأنكى، ولو شاء الله لجعل زرعنا هشيمًا تذروه الرياح، أفلا نتفكر؟!
وقفة
[63-65] ﴿أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ أي: بعد أن يخرج وتتعلق به النفوس يجعله الله حطامًا، ولم يأت التعبير بـ (لو نشاء لم ننبته) لأن كونه ينبت وتتعلق به النفس، ثم يكون حطامًا أشد وقعًا على النفس من كونه لا ينبت أصلًا.

الإعراب :

  • ﴿ لَوْ نَشاءُ:
  • حرف شرط‍ غير جازم. نشاء: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «لو» هنا حرف امتناع لامتناع.
  • ﴿ لَجَعَلْناهُ حُطاماً:
  • اللام: واقعة في جواب «لو» للتوكيد. جعل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. بمعنى لصيرناه. حطاما: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي هشيما.
  • ﴿ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ:
  • الفاء سببية. ظل: فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «ظل» والميم علامة جمع الذكور. وأصلها:فظللتم أي فبقيتم وصرتم. وحذفت اللام الأولى المكسورة للتخفيف.وتفكهون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «تفكهون» في محل نصب خبر «ظل» وأصلها: تتفكهون أي تعجبون أو تندمون وحذفت احدى التاءين تخفيفا.'

المتشابهات :

الواقعة: 65﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
الواقعة: 70﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [65] لما قبلها :     ولَمَّا كان الجوابُ قَطْعًا: «أنت الفاعِلُ لذلك وَحْدَك»؛ قال مُوَضِّحًا -لأنَّه ما زَرَعَه غَيرُه- بأنَّ الفاعِلَ الكامِلَ هو مَن يَدفَعُ عَمَّا صَنَعَه ما يُفسِدُه، ومَن إذا أراد إفسادَه لم يَقدِرْ أحَدٌ على مَنْعِه، قال تعالى:
﴿ لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فظلتم:
1- بفتح الظاء، ولام واحدة ساكنة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة أبى حيوة، وأبى بكر.
3- فظللتم، على الأصل، بكسر اللام، وهى قراءة عبد الله، والجحدري.
4- فظللتم، على الأصل، وبفتح اللام، ورويت عن الجحدري أيضا.
والمشهور: ظللت، بالكسر.
تفكهون:
1- بالتاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- تفكنون، أي: تندمون، وهى قراءة أبى حرام.

مدارسة الآية : [66] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ

التفسير :

[66]وتقولون:إنا لخاسرون معذَّبون،

{ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} أي:إنا قد نقصنا وأصابتنا مصيبة اجتاحتنا.

وقوله - سبحانه - : ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) مقول لقول محذوف . أى : فصرتم بسبب تحطيم زروعكم تتعجبون ، وتقولون على سبيل التحسر : إنا لمهلكون بسبب هلاك أقواتنا ، من الغرام بمعنى الهلاك . أو إنا لمصابون بالغرم والاحتياج والفقر ، بسبب ما أصاب زرعنا . من الغرم وهو ذهاب المال بلا مقابل .

ثم فسر ذلك بقوله : ( إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) أي : لو جعلناه حطاما لظلتم تفكهون في المقالة ، تنوعون كلامكم ، فتقولون تارة : ( إنا لمغرمون ) أي : لملقون .

وقال مجاهد ، وعكرمة : إنا لمولع بنا ، وقال قتادة : معذبون . وتارة تقولون : بل نحن محرومون .

وقال مجاهد أيضا : ( إنا لمغرمون ) ملقون للشر ، أي : بل نحن محارفون ، قاله قتادة ، أي : لا يثبت لنا مال ، ولا ينتج لنا ربح .

وقال مجاهد : ( بل نحن محرومون ) أي : مجدودون ، يعني : لا حظ لنا .

قال ابن عباس ، ومجاهد : ( فظلتم تفكهون ) : تعجبون . وقال مجاهد أيضا : ( فظلتم تفكهون ) تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم .

وهذا يرجع إلى الأول ، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم . وهذا اختيار ابن جرير .

وقال عكرمة : ( فظلتم تفكهون ) تلاومون . وقال الحسن ، وقتادة ، والسدي : ( فظلتم تفكهون ) تندمون . ومعناه إما على ما أنفقتم ، أو على ما أسلفتم من الذنوب .

قال الكسائي : تفكه من الأضداد ، تقول العرب : تفكهت بمعنى تنعمت ، وتفكهت بمعنى حزنت .

وقوله: ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم: إنا لمولع بنا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا يزيد بن الحباب قال: أخبرني الحسين بن واقد، قال: ثني يزيد النحويّ عن عكرِمة، في قول الله تعالى ذكره ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) قال: إنا لمولع بنا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: قال مجاهد في قوله: ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) أي لمولع بنا.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنا لمعذّبون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) : أي معذّبون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنا لملقون للشرّ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) قال: مُلْقون للشرّ.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: إنا لمعذّبون، وذلك أن الغرام عند العرب: العذاب، ومنه قول الأعشى:

يُعــاقِبْ يَكُــنْ غَرَامـا وَإنْ يعـط

جَــــزيلا فإنَّـــهُ لا يُبـــالي (3)

يعني بقوله: يكن غرامًا: يكن عذابًا. وفي الكلام متروك اكتفى بدلالة الكلام عليه، وهو: فظلتم تفكهون " تقولون " إنا لمغرمون، فترك تقولون من الكلام لما وصفنا.

التدبر :

وقفة
[66، 67] ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ كم غرمنا وأصابتنا المصائب من جراء معصيتنا، وكم حُرِمنا بسبب ذنوبنا، لكن قليلين من ينتبهون إلى أن الله يأخذ بالذنب ويعاقب به، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَىْ رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِى أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَىْ رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ» [مسلم 2758].

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا لَمُغْرَمُونَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» وأصله: اننا وحذفت احدى النونين تخفيفا ولكثرة الاستعمال فحصل التشديد. اللام لام التوكيد-المزحلقة- مغومون: خبر «ان» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [66] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ تَفَكُّهَهم، وكان التَّفَكُّهُ يُطلَقُ على التَّعَجُّبِ والتَّنَدُّمِ، وعلى التَّنَعُّمِ؛ بَيَّنَ المرادَ بقَولِه حِكايةً لتفَكُّهِهم:
﴿ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

إنا:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- أئنا، بهمزتين، وهى قراءة الأعمش، والجحدري، وأبى بكر.

مدارسة الآية : [67] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

التفسير :

[67]بل نحن محرومون من الرزق.

ثم تعرفون بعد ذلك من أين أتيتم، وبأي سبب دهيتم، فتقولون:{ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} فاحمدوا الله تعالى حيث زرعه الله لكم، ثم أبقاه وكمله لكم، ولم يرسل عليه من الآفات ما به تحرمون نفعه وخيره.

وتقولون - أيضا - : ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) من منافع هذا الزرع الذى كنا نعلق الآمال على الانتفاع به ، والاستفادة بثماره .

قال الإمام القرطبى - رحمه الله - عند تفسيره لهذه الآيات : والمستحب لكل من يلقى البذر فى الأرض أن يقرأ بعد الاستعاذة : ( أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ . . . ) الآيات . ثم يقول : بل الله الزارع ، والمنبت والمبلغ . اللهم صلى على محمد ، وارزقنا ثم هذا الزرع ، وجنبنا ضرره ، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ، ولآلائك من الذاكرين ، وبارك فيه يا رب العالمين .

ثم فسر ذلك بقوله : ( إنا لمغرمون بل نحن محرومون ) أي : لو جعلناه حطاما لظلتم تفكهون في المقالة ، تنوعون كلامكم ، فتقولون تارة : ( إنا لمغرمون ) أي : لملقون .

وقال مجاهد ، وعكرمة : إنا لمولع بنا ، وقال قتادة : معذبون . وتارة تقولون : بل نحن محرومون .

وقال مجاهد أيضا : ( إنا لمغرمون ) ملقون للشر ، أي : بل نحن محارفون ، قاله قتادة ، أي : لا يثبت لنا مال ، ولا ينتج لنا ربح .

وقال مجاهد : ( بل نحن محرومون ) أي : مجدودون ، يعني : لا حظ لنا .

قال ابن عباس ، ومجاهد : ( فظلتم تفكهون ) : تعجبون . وقال مجاهد أيضا : ( فظلتم تفكهون ) تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم .

وهذا يرجع إلى الأول ، وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم . وهذا اختيار ابن جرير .

وقال عكرمة : ( فظلتم تفكهون ) تلاومون . وقال الحسن ، وقتادة ، والسدي : ( فظلتم تفكهون ) تندمون . ومعناه إما على ما أنفقتم ، أو على ما أسلفتم من الذنوب .

قال الكسائي : تفكه من الأضداد ، تقول العرب : تفكهت بمعنى تنعمت ، وتفكهت بمعنى حزنت .

وقوله: ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) يعني بذلك تعالى ذكره أنهم يقولون: ما هلك زرعنا وأصبنا به من أجل ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) ولكنا قوم محرومون، يقول: إنهم غير مجدودين، ليس لهم جًدّ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) قال: حُورِفنا فحرمنا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) قال: أي محارَفون.

------------------------

الهوامش:

(3) ‌البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة. وقد مر الاستشهاد به في الجزء التاسع عشر ص 35 من هذه الطبعة. فراجعه ثمة وأنشده المؤلف هنا عند قوله تعالى "إنا لمغرمون" وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 176 -1) معذبون، وأنشد بيت بشر بن أبي خازم:

ويــوم النســار ويــوم الجفــا

ر كــان عذابــا وكــان غرامـا

وقد مر تفسير هذا البيت في (19 : 36) من هذه الطبعة، فراجعه ثمة.

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ:
  • حرف اضراب للاستئناف. نحن: ضمير رفع منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. محرومون: خبر «نحن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد أي نحن قوم محرومون فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.'

المتشابهات :

الواقعة: 67﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
القلم: 27﴿فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [67] لما قبلها :     وبعد أن قالوا: «إنا لخاسرون معذَّبون»؛ أضربوا عن قولهم هذا، وانتقلوا فقالوا:
﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [68] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ

التفسير :

[68] أفرأيتم الماء الذي تشربونه لتحيَوْا به،

لما ذكر تعالى نعمته على عباده بالطعام، ذكر نعمته عليهم بالشراب العذب الذي منه يشربون، وأنهم لولا أن الله يسره وسهله، لما كان لكم سبيل إليه.

ثم ذكر - سبحانه - الدليل الثالث على إمكانية البعث ، وعلى كمال قدرته - تعالى - فقال : ( أَفَرَأَيْتُمُ المآء الذي تَشْرَبُونَ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المزن أَمْ نَحْنُ المنزلون لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ ) .

أى : وأخبرونى - أيضا - عن الماء الذى تشربونه .

ثم قال تعالى : ( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن ) يعني : السحاب . قاله ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد . ( أم نحن المنزلون ) يقول : بل نحن المنزلون .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68)

يقول تعالى ذكره: أفرأيتم أيها الناس الماء الذي تشربون، أأنتم أنـزلتموه من السحاب فوقكم إلى قرار الأرض، أم نحن منـزلوه لكم.

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله المُزن، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مِنَ الْمُزْنِ ) قال السحاب.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[68] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ واقتصر سبحانه على ذكر الشرب -مع كثرة فوائد الماء ومنافعه- لأنه أعظم فوائده وأجل منافعه.
عمل
[68] احمد الله كلما شربت ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾.
اسقاط
[68] ﴿أَفَرَأَيتُمُ الماءَ الَّذي تَشرَبونَ﴾ تلقائيًّا تمد يدك لكوب الماء وتشربه، هل تفكرت فى هذا الماء وكيف وصلك؟
وقفة
[68، 69] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ أقوي الأدلة هي أقربها منا, وأكثرها مخالطة لنا, ولكن ما أشد غفلتنا عنها! ولو تدبرنا فضل الله في كل شربة ماء لكنا في شكر لنعمائه لا ينقطع.
وقفة
[68، 69] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ إن صعود الماء الملح من البحار إلى سحب السماء، ثم هطله من جديد عذبًا سائغًا؛ لموقظٌ في القلوب الحية عبادةَ الشكر.
وقفة
[68، 69] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ لو منع الله المطر من السماء، فمن يستطيع من البشر أن يُنزل منه قطرة واحدة؟!
وقفة
[68، 69] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ من كثرة ارتباط العرب بالماء، كان يقال للعرب: (بنو ماء السماء)، فهي أحد أهم النعم التي يرفل فيها العباد، ويغفلون عن شكرها.
وقفة
[68، 69] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ لذا شرع الله لنا صلاة الاستسقاء عند انقطاع المطر، وهي ركعتان بلا أذان ولا إقامة.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الثامنة والخمسين. الماء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ الَّذِي تَشْرَبُونَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه صفة -نعت-للماء. تشربون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تشربون» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف اختصارا ولأنه حذف مراعاة لفواصل الآيات وهو منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير:تشربونه. أي الماء العذب الصالح للشرب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [68] لما قبلها :     الدَّليلُ الثالثُ: إنزالُ المَاء من السَّحاب، قال تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [69] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ ..

التفسير :

[69]أأنتم أنزلتموه من السحاب إلى قرار الأرض، أم نحن الذين أنزلناه رحمة بكم؟

وأنه الذي أنزله من المزن، وهو السحاب والمطر، ينزله الله تعالى فيكون منه الأنهار الجارية على وجه الأرض وفي بطنها، ويكون منه الغدران المتدفقة، ومن نعمته أن جعله عذبا فراتا تسيغه النفوس

أأنتم الذين أنزلتموه من ( المزن ) أى : من السحاب أم نحن الذين أنزلناه؟

لا شك أننا نحن الذين أنزلناه ، ولا تستطيعون إنكار ذلكن لأن إنكاركم لذلك يعتبر نوعا من المكابرة المكشوفة ، والمغالطة المفضوحة .

وتخصيص هذا الوصف ، وهو ( الذي تَشْرَبُونَ ) بالذكر ، مع كثرة منافع الماء ، لأن الشرب أهم المقاصد التى من أجلها أنزل - سبحانه - الماء من السحاب .

ثم قال تعالى : ( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن ) يعني : السحاب . قاله ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد . ( أم نحن المنزلون ) يقول : بل نحن المنزلون .

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: (أَأَنْتُمْ أَنـزلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ) أي من السَّحاب.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (أَأَنْتُمْ أَنـزلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ) قال: المزن: السحاب اسمها، أنـزلتموه من المزن، قال: السحاب.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: (أَنـزلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ) قال: المزن: السماء والسحاب.

التدبر :

وقفة
[69] ﴿أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ وتتضمن هذه الآية أمرين: أحدهما: الامتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به؛ ليشكروه على نعمته عليهم. الثاني: البرهان الموجب للاعتبار بأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذره، وانتقاله إلى استواء حاله من العفن والتتريب حتى صار زرعًا أخضر، ثم جعله قويًّا مشتدًّا أضعاف ما كان عليه؛ فهو بإعادة من أمات أخف عليه وأقدر. وفي هذا برهان مقنع لذوي الفطر السليمة.
وقفة
[69] ﴿أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ الاعتقاد بأن للكواكب أثرًا في نزول المطر كفر وهو من عادات الجاهلية.
تفاعل
[69] ﴿أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[69، 70] تأمل قوله تعالى: ﴿أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ لم يقل: لو نشاء لم ننزل؛ لكن قال: لو نشاء جعلناه أجاجًا -أي: مالحًا لا يمكن أن يشرب-، فما الحكمة في اختيار هذه اللفظة: ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾؟ لم يقل: (لو نشاء لم ننزِّل)؛ لأن حسرة الإنسان على ماء بين يديه، ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود.

الإعراب :

  • ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والخمسين. انزلتموه: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور الواو لاشباع الميم والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.من المزن: جار ومجرور متعلق بأنزل أو متعلق بحال محذوفة من الضمير التقدير: أنزلتموه حال كونه ماء من المزن أي من السحاب. مفرده مزنة.وقيل: هو السحاب الأبيض خاصة وهو أعذب ماء'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [69] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ عُنْصُرُهُ في جِهَةِ العُلُوِّ؛ قالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ مُقَرِّرًا لَهُمْ:
﴿ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [70] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا ..

التفسير :

[70] لو نشاء جعلنا هذا الماء شديد الملوحة، لا يُنتفع به في شرب ولا زرع، فهلَّا تشكرون ربكم على إنزاله الماء العذب لنفعكم.

ولو شاء لجعله ملحا أجاجا مكروها للنفوس. لا ينتفع به{ فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} الله تعالى على ما أنعم به عليكم.

وقوله - سبحانه - : ( لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً . . ) بيان لمظهر من مظاهر رحمته - سبحانه - .

ومفعولى المشيئة هنا وفى ما قبله إلى قوله ( لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً . . . ) محذوف ، للاكتفاء عنه بجواب الشرط .

والماء الأجاج : هو الماء الشديد الملوحة والمرارة فى وقت واحد .

أى : لو نشاء أن نجعل هذا الماء النازل من المزن لشربكم ، ماء جامعا بين الملوحة والمرارة لفعلنا ، ولكنا لم نشأ ذلك رحمة بكم ، وفضلا منا عليكم .

وقوله : ( فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ ) حض على الشكر لله - تعالى - أى : فهلا شكرتم الله - تعالى - على هذه النعم ، وأخلصتم له العبادة والطاعة ووضعتم نعمه فى مواضعها .

فالمراد بالشكر هنا : أن يواظب العبد على شكر ربه ، وعلى المداومة على ما يرضيه وعلى استعمال النعم فيما خلقت له .

أما شكر الرب - عز وجل - لعبده فمعناه : منحه الثواب الجزيل ، على عمله الصالح : ومنه قوله - تعالى - : ( وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ ) قال بعض العلماء : واعلم أن مادة الشكر تتعدى إلى النعمة تارة ، وإلى النعم أخرى .

فإن عديت إلى النعمة ، تعدت إليها بنفسها دون حرف الجر ، كقوله - تعالى - : ( رَبِّ أوزعني أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ . . . ) وإن عديت إلى المنعم تعدت إليه بحرف الجر الذى هو اللام ، كقوله - تعالى - : ( واشكروا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ . . . ) وقال - سبحانه - هنا : ( لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ) وقال فى الآيات السابقة : ( لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً . . ) بلام التأكيد ، لأن إنزال الماء من السماء وتحويله من ماء عذب إلى ماء ملح ، مما لا يتوهم أن لأحد قدرة عليه سوى الله - تعالى - لذا لم يحتج الأمر إلى تأكيد . . .

أما جفاف الزرع بعد نضارته ، حتى يعود حطاما ، فمما يحتمل أنه من فعل الزارع ، أو لأى سبب آخر ، كآفة زراعية ، لذا أكد - سبحانه - أنه هو الفاعل لذلك على الحقيقة ، وأنه - تعالى - قادر على تحطيمه بعد نموه وريعانه .

لو نشاء جعلناه أجاجا ) أي : زعاقا مرا لا يصلح لشرب ولا زرع ، ( فلولا تشكرون ) أي : فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا ! ( لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) [ النحل : 10 ، 11 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه إذا شرب الماء قال : " الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا " .

وقوله: (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا ) يقول تعالى ذكره: لو نشاء جعلنا ذلك الماء الذي أنـزلناه لكم من المزن مِلحًا، وهو الأجاج، والأجاج من الماء: ما اشتدّت ملوحته، يقول: لو نشاء فعلنا ذلك به فلم تنتفعوا به في شرب ولا غرس ولا زرع.

وقوله: (فَلَوْلا تَشْكُرُونَ ) يقول تعالى ذكره: فهلا تشكرون ربكم على إعطائه ما أعطاكم من الماء العذب لشربكم ومنافعكم، وصلاح معايشكم، وتركه أن يجعله أجاجًا لا تنتفعون به.

التدبر :

وقفة
[70] ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ أخشى إن لم نشكر الله على نعمة المطر أن يجعل الماء مالحًا لا ينبت زرعًا ولا يسقي إنسانًا ولا ينتفع به حيوان.
وقفة
[70] ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ كان بعض الصالحين يدعو مع شرب الماء العذب: «الحمد لله الذي جعله عذبًا فراتًا برحمته، ولم يجعله ملحًا أجاجًا بذنوبنا».
عمل
[70] ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ ولم يقل: (لو نشاء منعنا إنزاله)؛ لأن كونهم ينظرون إلى الماء ولا يمكنهم شربه أشد حسرة، النعمة قد تتحول إلى نقمة؛ فاحذر.

الإعراب :

  • ﴿ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة والستين بمعنى «لجعلناه» ملحا وحذفت اللام اختصارا.
  • ﴿ فَلَوْلا تَشْكُرُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة السابعة والخمسين وحذف مفعولها اختصارا لأنه معلوم من السياق أي فهلاّ تشكرون عدم جعله ملحا.'

المتشابهات :

الواقعة: 65﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
الواقعة: 70﴿ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [70] لما قبلها :     ولَمَّا كان الجَوابُ عمَّا سَبقَ: «أنتَ وَحْدَك فعَلْتَ ذلك، على غِناكَ عن الخَلْقِ، بما لك مِنَ الرَّحمةِ، وكَمالِ الذَّاتِ والصِّفاتِ»؛ قال مُذَكِّرًا بنِعمةٍ أُخرى:
﴿ لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [71] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ

التفسير :

[71] أفرأيتم النار التي توقدون،

وهذه نعمة تدخل في الضروريات التي لا غنى للخلق عنها، فإن الناس محتاجون إليها في كثير من أمورهم وحوائجهم، فقررهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله تعالى الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفأوها وأخمدوها.

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الدليل الرابع على قدرته - تعالى - على البعث والنشور ، فقال - تعالى - : ( أَفَرَأَيْتُمُ النار التي تُورُونَ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ المنشئون نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ) .

وقوله : ( تُورُونَ ) أى : توقدون ، من أورى النار إذا قدحها وأوقدها . ويقال : وَرَى الزندُ يَرِى وَرْيًا ، إذا خرجت ناره - وفعله من باب وعى - وأوراه غيره إذا استخرج النار منه .

وقوله : ( لِّلْمُقْوِينَ ) مأخوذ من أقوى الرجل إذا دخل فى القواء ، وهو الفضاء الخالى من العمران ، والمراد بهم هنا المسافرون ، لأنهم فى معظم الأحيان يسلكون فى سفرهم الصحارى والفضاء من الأرض .

وخصهم - سبحانه - بالذكر ، لأنهم أكثر من غيرهم انتفاعا بالنار ، وأحوج من غيرهم إليها .

والمراد بشجرة النار : المرخ والعفار ، وهما شجرتان ، يقدح غصن إحدهما بغصن الأخرى فتتولد النار منهما بقدرة الله - تعالى - .

ومن أمثال العرب : لكل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار . أى : وعلا على غيرهما المرخ والعفار لأنهما أكثر الشجر نصيبا فى استخراج النار ، فهو مثل يضرب فى تفضيل الشىء على غيره .

والمعنى : وأخبرونى - أيضا - عن النار التى تقدحونها وتستخرجونها من الشجر الرطب الأخضر ، أأنتم خلقتم شجرتها ، واخترعتم أصلها ، أم نحن الخالقون لها وحدنا؟

لا شك أن الجواب الذى لا جواب غيره ، أننا نحن الذين أنشأنا شجرتها لا أنتم .

قال "أفرأيتم النار التي تورون" أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها.

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)

يقول تعالى ذكره: أفرأيتم أيها الناس النار التي تستخرجون من زَنْدكم .

التدبر :

وقفة
[71] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ ما أسهل تحويل الاستمتاع بالدفء إلى عبادة بنية صالحة!
وقفة
[71] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ لم يذكر نهاية النار، كما ذكر نهاية ما سبقها من الماء والحرث والمني، حتى تبقى عظة وتخويفًا للناس، وعبرة لهم.
وقفة
[58-71] ﴿أفرأيتم ... أفرأيتم ... أفرأيتم ... أفرأيتم﴾ كل ما نراه حولنا يذكرنا بربنا الخالق جل وعلا، ويحثنا على شكره، ويدعونا لتذكر الرجوع إليه.
وقفة
[71، 72] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ﴾ وهذه نعمة تدخل في الضروريات التي لا غنى للخلق عنها.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والستين. تورون: أي تقدحون. التقدير:تورونها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     الدَّليلُ الرابعُ: خَلقُ النَّار من الشَّجر الأخضر، قال تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [72] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ ..

التفسير :

[72]أأنتم أوجدتم شجرتها التي تُقْدح منها النار، أم نحن الموجدون لها؟

وهذه نعمة تدخل في الضروريات التي لا غنى للخلق عنها، فإن الناس محتاجون إليها في كثير من أمورهم وحوائجهم، فقررهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله تعالى الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفأوها وأخمدوها.

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الدليل الرابع على قدرته - تعالى - على البعث والنشور ، فقال - تعالى - : ( أَفَرَأَيْتُمُ النار التي تُورُونَ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ المنشئون نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ) .

وقوله : ( تُورُونَ ) أى : توقدون ، من أورى النار إذا قدحها وأوقدها . ويقال : وَرَى الزندُ يَرِى وَرْيًا ، إذا خرجت ناره - وفعله من باب وعى - وأوراه غيره إذا استخرج النار منه .

وقوله : ( لِّلْمُقْوِينَ ) مأخوذ من أقوى الرجل إذا دخل فى القواء ، وهو الفضاء الخالى من العمران ، والمراد بهم هنا المسافرون ، لأنهم فى معظم الأحيان يسلكون فى سفرهم الصحارى والفضاء من الأرض .

وخصهم - سبحانه - بالذكر ، لأنهم أكثر من غيرهم انتفاعا بالنار ، وأحوج من غيرهم إليها .

والمراد بشجرة النار : المرخ والعفار ، وهما شجرتان ، يقدح غصن إحدهما بغصن الأخرى فتتولد النار منهما بقدرة الله - تعالى - .

ومن أمثال العرب : لكل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار . أى : وعلا على غيرهما المرخ والعفار لأنهما أكثر الشجر نصيبا فى استخراج النار ، فهو مثل يضرب فى تفضيل الشىء على غيره .

والمعنى : وأخبرونى - أيضا - عن النار التى تقدحونها وتستخرجونها من الشجر الرطب الأخضر ، أأنتم خلقتم شجرتها ، واخترعتم أصلها ، أم نحن الخالقون لها وحدنا؟

لا شك أن الجواب الذى لا جواب غيره ، أننا نحن الذين أنشأنا شجرتها لا أنتم .

"أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون" أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها وللعرب شجرتان "إحداهما" المرخ "والأخـرى" العفار إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار.

(أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا ) يقول: أأنتم أحدثتم شجرتها واخترعتم أصلها(أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ) يقول: أَمْ نحن اخترعنا ذلك وأحدثناه؟.

التدبر :

وقفة
[72] ﴿أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ﴾ يُفَتن الإنسان بحيازة الأسباب المادية، فتأتي آيات القرآن لترده إلى الصواب، وتنسب الفضل لأهله، وتذكِّر العبد بأن لولا الله، لما تمتع بنعمة واحدة مما هو غارق فيه من النعم.
وقفة
[72] ﴿أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ﴾ إن في إخراج النار من الشجر الأخضر لدليلًا على قدرة الله العظيم على الخلق والبعث.
تفاعل
[72] ﴿أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[68-72] إنزال الماء وإنبات الأرض والنار التي ينتفع بها الناس نعم تقتضي من الناس شكرها لله، فالله قادر على سلبها متى شاء.

الإعراب :

  • ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والخمسين. أنشأتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.شجرتها: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ هَذا مِن عَجائِبِ الصُّنْعِ؛ كَرَّرَ التَّقْرِيرَ والإنْكارَ تَنْبِيهًا عَلَيْهِ، قال تعالى:
﴿ أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [73] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ

التفسير :

[73] نحن جعلنا ناركم التي توقدون تذكيراً لكم بنار جهنم ومنفعة للمسافرين.

{ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} للعباد بنعمة ربهم، وتذكرة بنار جهنم التي أعدها الله للعاصين، وجعلها سوطا يسوق به عباده إلى دار النعيم،{ وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} أي:[المنتفعين أو] المسافرين وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر بذلك أعظم من غيره، ولعل السبب في ذلك، لأن الدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها الله متاعا للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار، فلما بين من نعمه ما يوجب الثناء عليه من عباده وشكره وعبادته،

ونحن الذين جعلناها تذكرة ، تذكر الناس بها فى دار الدنيا إذا أحسوا بشدة حرارتها ، بنار الآخرة التى هى أشد وأبقى ، حتى يقلعوا عن الأقوال والأفعال التى تؤدى بهم إلى نار الآخرة .

ونحن - أيضا - الذين جعلنا هذه النار ( مَتَاعاً ) أى منفعة ( لِّلْمُقْوِينَ ) أى للمسافرين ، والذين هم فى حاجة إليها فى شئونهم المختلفة .

وقوله : ( نحن جعلناها تذكرة ) قال مجاهد ، وقتادة : أي تذكر النار الكبرى .

قال قتادة : ذكر لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا قوم ، ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " . قالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية ! قال : " قد ضربت بالماء ضربتين - أو : مرتين - حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها " .

وهذا الذي أرسله قتادة رواه الإمام أحمد في مسنده ، فقال :

حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، وضربت بالبحر مرتين ، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد " .

وقال الإمام مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " . فقالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية فقال : " إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا " .

رواه البخاري من حديث مالك ، ومسلم من حديث أبي الزناد ، ورواه مسلم من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة به . وفي لفظ : " والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " .

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن عمرو الخلال ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا معن بن عيسى القزاز ، عن مالك ، عن عمه أبي السهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم ؟ لهي أشد سوادا من [ دخان ] ناركم هذه بسبعين ضعفا " .

قال الضياء المقدسي : وقد رواه ابن مصعب عن مالك ، ولم يرفعه ، وهو عندي على شرط الصحيح .

وقوله : ( ومتاعا للمقوين ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والنضر بن عربي : معنى ) للمقوين ) المسافرين ، واختاره ابن جرير ، وقال : ومنه قولهم : " أقوت الدار إذا رحل أهلها " .

وقال غيره : القي والقواء : القفر الخالي البعيد من العمران .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : المقوي هنا الجائع .

وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : ( ومتاعا للمقوين ) للحاضر والمسافر ، لكل طعام لا يصلحه إلا النار . وكذا روى سفيان ، عن جابر الجعفي ، عن مجاهد .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( للمقوين ) المستمتعين الناس أجمعين . وكذا ذكر عن عكرمة .

وهذا التفسير أعم من غيره ، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الكل محتاجون للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع . ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار ، وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه ، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى ، وأوقد ناره فأطبخ بها واصطلى ، واشتوى واستأنس بها ، وانتفع بها سائر الانتفاعات . فلهذا أفرد المسافرون وإن كان ذلك عاما في حق الناس كلهم . وقد يستدل له بما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي الشامي ، عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " المسلمون شركاء في ثلاثة : النار والكلأ والماء " .

وروى ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاث لا يمنعن : الماء والكلأ والنار " .

وله من حديث ابن عباس مرفوعا مثل هذا وزيادة وثمنه ولكن في إسناده عبدالله بن خراش بن حوشب وهو ضعيف والله أعلم.

وقوله: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً ) يقول: نحن جعلنا النار تذكرة لكم تذكرون بها نار جهنّم، فتعتبرون وتتعظون بها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (تَذْكِرَةً ) قال: تذكرة النار الكبرى.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * ءَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً ) للنار الكبرى.

ذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " نَارُكُمْ هَذِهِ التِي تُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قالوا: يا نبيّ الله إنْ كَانَتْ لكَافِية، قَالَ: قَدْ ضُرِبَتْ بالمَاءِ ضَرْبَتَيْنِ أَوْ مَرَّتَيْنِ، لِيسْتَنْفَعَ بِهَا بَنُو آدَمَ وَيَدْنُو مِنْها ".

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد (تَذْكِرَةً ) قال: للنار الكبرى التي في الآخرة.

وقوله: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) اختلف أهل التأويل في معنى المقوين، فقال بعضهم: هم المسافرون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس في قوله: (لِلْمُقْوِينَ ) قال: للمسافرين.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) قال: يعني المسافرين.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) قال للمُرْمل: المسافر.

حدثني ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة وفي قوله: (لِلْمُقْوِينَ ) قال: للمسافرين.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) قال: للمسافرين.

وقال آخرون: عُنِي بالْمُقْوِين: المستمتعون بها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قوله: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) للمستمتعين الناس أجمعين.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) للمستمتعين المسافر والحاضر.

حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب الشهيد، قال: ثنا عتاب بن بشر، عن خصيف في قوله: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) قال: للخلق.

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك: الجائعون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، في قوله: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ ) قال: المقوي: الجائع: في كلام العرب، يقول: أقويت منه كذا وكذا: ما أكلت منه كذا وكذا شيئًا.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي قول من قال: عُنِي بذلك للمسافر الذي لا زاد معه، ولا شيء له، وأصله من قولهم: أقوت الدار: إذا خلت من أهلها وسكانها كما قال الشاعر:

أَقْــوَى وأقْفَـرَ مِـنْ نُعْـمٍ وغَيَّرَهـا

هُـوجُ الرّيـاح بهـابي الـتُّرْبِ مَوَّارِ (4)

يعني بقوله " أقوى ": خلا من سكانه، وقد يكون المقوي: ذا الفرس القويّ، وذا المال الكثير في غير هذا الموضع.

------------------------

الهوامش:

(4) البيت للنابغة الذبياني من قصيدته التي مطلعها "عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار" وهو البيت الثاني بعد المطلع. ذكرها وليم الورد البروسي في العقد الثمين، ص 269 وجعلها من الشعر المنحول إلى النابغة. والقصيدة سبعة وأربعون بيتا. واستشهد المؤلف بالبيت عند قوله تعالى "ومتاعا للمقوين" قال: عني بذلك المسافر الذي لا زاد معه ولا شيء، وأصله من أقوت الدار: إذا خلت من أهلها وسكانها، كما قال الشعر: "أقوى وأقفر ... البيت" . يعني بقوله "أقفر": خلا من سكانه. ا هـ.

التدبر :

وقفة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ أخبر سبحانه عن النار أنها تذكرة، تُذكِّر بنار الآخرة، وهي منفعة للمقوين -أي: المسافرين-. والسؤال: لماذا خصَّ الله المسافرين بالذكر مع أن منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين؟ والجواب: تنبيهًا لعباده -والله أعلم- على أنهم كلهم مسافرون، وأنهم في هذه الدار على جناح سفر، ليسوا مقيمين ولا مستوطنين.
عمل
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ كلَّما أوقدتَ نارًا تستدفىءُ بها تذكَّر نارَ الآخرةِ.
لمسة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ قدَّمَ كونَها تذكرةً على كونِها متاعًا، ليُعلَمَ أنَّ الفائدةَ الأخرويةَ أتمُّ وبالذِّكرِ أهمُّ.
وقفة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ أي: المسافرين، إذا جلسنا حول النار، فهل نحن نتذكر نار الآخرة؟ نعمة الله علينا بها؟
وقفة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ أي أن في دار الدنيا إذا أحسوا شدة حرارتها تذكروا بها نار الآخرة التي هي أشد منها حرًا.
وقفة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ جعل الله نار الدنيا تذكرة بنار الآخرة أولًا، ثم جعلها متاعًا لخلقه ثانيًا؛ ليعلم العبد أن العمل للآخرة أولى من العمل للدنيا، فشتان بين دار فناء ودار بقاء!
وقفة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ تلك النار تذكرة للمقوين أي المسافرين، ومن هم؟ كلنا ذلك الشخص، فنحن على سفر إلى الدار الآخرة.
وقفة
[73] ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ لماذا خص الله المقوين؟ تنبيهًا لعباده على أنهم كلهم مسافرون، وأنهم في هذه الدار على جناح سفر.
عمل
[73] كلما أوقدت نارًا تتدفأ بها فتذكر قوله تعالى: ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾، قال الشنقيطي: «أي: أن في دار الدنيا إذا أحسوا شدة حرارتها تذكروا بها نار الآخرة التي هي أشد منها حرًّا، لينزجروا عن الأعمال المقتضية لدخول النار».
وقفة
[73] كما أن في نار الدنيا نفعًا للعباد؛ ففيها تذكير لهم بنار الآخرة ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾.
وقفة
[73] ﴿لِّلْمُقْوِينَ﴾: المسافرين، وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر بذلك أعظم من غيره، ولعل السبب في ذلك لأن الدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه.
وقفة
[71-73] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ نار ذكرى للآخرة ومتاع في الدنيا.
وقفة
[71-73] ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ ... وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ أي: للمستمتعين على أحد الأقوال حتى في اﻻستمتاع بإيقاد النار عبادة.
وقفة
[58-73] ﴿أفرأيتم ما تمنون﴾، ﴿أفرأيتم ما تحرثون﴾، ﴿أفرأيتم الماء الذي تشربون﴾، ﴿أفرأيتم النار التي تورون﴾ بدأ بذكر خلق الإنسان، ثم ذكر ما لا غنى له عنه، وهو الحب الذي منه قوامه وقرته، ثم الماء الذي منه سوغه وعجنه، ثم النار التي منه نضجه وصلاحه.

الإعراب :

  • ﴿ نَحْنُ جَعَلْناها:
  • أعربت في الآية الكريمة السابعة والخمسين. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول.
  • ﴿ تَذْكِرَةً وَمَتاعاً:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ومتاعا:معطوفة بالواو على «تذكرة» وتعرب إعرابها بمعنى: نحن جعلنا نار الزناد تذكيرا لنار جهنم أو جعلناهم حاضرة ينظرون اليها ويذكرون ما أوعدوا به ومنفعة للسائرين في القفار أو للجائعين.
  • ﴿ لِلْمُقْوِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بجعلنا أو بصفة محذوفة لمتاعا. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. يقال: أقوى القوم: صاروا بالقواء وهو القفر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولَمَّا كان الجوابُ عمَّا سَبقَ قَطْعًا: «أنتَ وَحْدَك»، قال دالًّا على ذلك؛ تنبيهًا على عِظَمِ هذا الخَبَرِ:
﴿ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ

التفسير :

[74] فنزِّه -أيها النبي- ربك العظيم الكاملَ الأسماء والصفات، الكثيرَ الإحسان والخيرات.

أمر بتسبيحه وتحميدهفقال:{ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} أي:نزه ربك العظيم، كامل الأسماء والصفات، كثير الإحسان والخيرات، واحمده بقلبك ولسانك، وجوارحك، لأنه أهل لذلك، وهو المستحق لأن يشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ويطاع فلا يعصى.

والفاء فى قوله - تعالى - : ( فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها .

أى : وما دام الأمر كذلك ، فسبح - أيها العاقل - باسم ربك العظيم ، بأن تنزهه عن الشرك والولد ، وبأن تخلص له العبادة والطاعة .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد ذكرت أربعة أدلة على إمكانية البعث : الأول عن طريق خلق الإنسان . والثانى عن طريق إنبات النبات ، والثالث عن طريق إنزال الماء من السحاب : والرابع عن طريق إنشاء الشجر الذى تستخرج منه النار .

وإنها لأدلة واضحة على كمال قدرة الله - تعالى - ووحدانيته لكل عبد منيب .

وقوله : ( فسبح باسم ربك العظيم ) أي : الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة الماء العذب الزلال البارد ، ولو شاء لجعله ملحا أجاجا كالبحار المغرقة . وخلق النار المحرقة ، وجعل ذلك مصلحة للعباد ، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم ، وزاجرا لهم في المعاد .

القول في تأويل قوله تعالى : فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: فسبح يا محمد بذكر ربك العظيم، وتسميته.

التدبر :

وقفة
[74] ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ تنزيهه تعالى وتعظيمه جل وعلا بعد ذكر نعمه سبحانه مدح عليها؛ فهو شكر للمنعم في الحقيقة.
وقفة
[74] ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ قل: «سبحان ربي العظيم»: 1- تنزيهًا له عما يقول الكافرون. 2- تعجبًا من أمر المجادلين في آياته والجاحدين بنعمائه. 3- شكرًا له على نعمه التي لا تحصى. 4- تذكيرًا لنفسك الأمارة بالسوء إن اتهمت الله في حكمته في أمر من الأمور أو شككت في قدرته.
عمل
[74] ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ إن تلفت قلبك وجال بصرك وقف علي شواهد ناطقة بكمال قدرة الله وتناهي عظمته, فأدم التسبيح بحمده والتمجيد لفضله.
وقفة
[74] ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ أي نزِّهْ ربَّك، فقوله (باسم) زائدٌ، أو المعنى: نزِّهْ اسم ربك، فالباء زائدةٌ والاسم باقٍ على معناه، أو هو بمعنى الذات، أو بمعنى الذِّكر، أو الباءُ متعلقةٌ بمحذوفٍ، والمرادُ بالتسبيح الصلاةُ وباسم ربك: التكبيرُ، أي افتتحْ الصلاةَ بالتكبِير.
عمل
[74] ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ أي سبح ربك واذكره بقلبك ولسانك، فأعظم الذكر أجرًا ما واطأ فيه القلب اللسان؛ ولذا أقحم الاسم تنبيهًا على هذا المعنى.
تفاعل
[74] ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ سَبِّح الله الآن.
عمل
[74] إذا ما ركعت أيها المؤمن في صلاتك؛ فاستحضر مع ذكر الركوع أمر الله تعالى: ﴿فسبح باسم ربك العظيم﴾، فإن ذلك أدعى لخشوع قلبك وحضور فكرك.
عمل
[74] قل في ركوعك: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَسَبِّحْ:
  • الفاء استئنافية. سبح: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت
  • ﴿ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ:
  • جار ومجرور متعلق بسبح. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. العظيم: صفة -نعت-لاسم أو ربك مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أي فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك أو فسبح بذكر ربك'

المتشابهات :

الواقعة: 74﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ
الواقعة: 96﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ
الحاقة: 52﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ مِن نِعَمِه ما يُوجِبُ الثَّناءَ عليه مِن عِبادِه، وشُكرَه وعبادتَه؛ أمرَ بتَسبيحِه وتحميدِه، قال تعالى:
﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [75] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ

التفسير :

[75] أقسم الله تعالى بمساقط النجوم في مغاربها في السماء،

أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي:مساقطها في مغاربها، وما يحدث الله في تلك الأوقات، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده.

وبعد أن ساق - سبحانه - هذه الأدلة المتنوعة على كمال قدرته وعلى صحة البعث . . .

التفت - سبحانه - بالحديث إلى أولئك الذين وصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين . . . فرد عليهم بما يخرس ألسنتهم ، ونعت القرآن بنعوت جليلة فقال - تعالى - : ( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ . . . ) .

قال بعض العلماء : ورد القسم على هذا النحو فى القرآن الكريم كثيرا ، ومن ذلك قوله - تعالى - : ( فَلاَ أُقْسِمُ بالشفق والليل وَمَا وَسَقَ ) وقوله : ( فَلاَ أُقْسِمُ بالخنس الجوار الكنس . . ) وقد جاء على غير هذه الصورة ، أى : من غير لا النافية ، ومن غير الفعل " أقسم " كما فى قوله - تعالى - : ( فَوَرَبِّ السمآء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ . . ) ( وتالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ . . ) وتارة يكون القسم بأشياء مختلفة من خلقه - تعالى - كالصافات ، والطور ، والتين ، والقرآن . والفاء فى قوله - تعالى - : ( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم ) للتفريع على ما تقدم من أدلة البعث .

و ( لاَ ) عند أكثر المفسرين فى هذا التركيب وأمثاله : مزيدة للتأكيد ، كما فى قوله - تعالى - : ( لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب . . ) أى ليعلم أهل الكتاب . والمعنى هنا : فأقسم بمواقع النجوم . . .

قالوا : وزيادتها هنا جاءت جريا على سنن العرب من زيادتها قبل القسم ، كما قى قولهم : لا وأبيك ، كأنهم ينفون ما سوى المقسم عليه ، فيفيد الكلام التأكيد .

ويرى بعضهم أن ( لاَ ) هنا : للنفى فيكون المعنى : فلا أقسم بمواقع النجوم ، لأن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم أصلا فضلا عن هذا القسم العظيم .

قال الآلوسى ما ملخصه : ( فَلاَ أُقْسِمُ . . . ) لا مزيدة للتأكيد مثلها فى قوله - تعالى - : ( لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب ) أو هى لام القسم - بعينها - أشبعت فتحتها فتولدت منها ألف أى : فلأقسم .

وقيل إن لا هنا للنفى والرد على ما يقوله الكفار فى القرآن من أنه سحر ، كأنه قيل : فلا صحة لما يقولون فيه ، ثم استؤنف فقيل أقسم . .

وقال بعضهم إن " لا " كثيرا ما يؤتى بها قبل القسم على نحو الاستفتاح ، كما فى قوله لا وأليك . .

وقال أبو مسلم وجمع : إن الكلام على ظاهره المتبادر منه . والمعنى : لا أقسم إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم . أى : لا يحتاج إلى قسم أصلا ، فضلا عن هذا القسم العظيم .

والمواقع : جمع موقع ، وموقع الشىء ما يوجد فيه ، وما يسقط من مكان مرتفع .

فالمراد بمواقع النجوم : مساقطها التى تسقط فيها عند غروبها . . . وقيل : مواضعها من بروجها فى السماء ، ومنازلها منها . . وقيل : المراد مواقعها يوم القيامة عدما تنتشر وتتفرق . . وأقسم - سبحانه - بذلك ، للتنويه بشأنها ، ولما فيها من الدلالة على أن لهذا الكون خالقا قادرا حكيمان يسير كواكبه بدقة ونظام بديع ، لا اختلال معه ولا اضطراب . . إذ كل نجم من هذه النجوم المتناثرة فى الفضاء ، له مجاله الذى يغيب فيه ، وله مكانة الذى لا يصطدم فيه بغيره .

قال بعض العلماء : إن هذه النجوم والكواكب ، التى تزيد على عدة بلايين نجم ، ما يمكن ريته بالعين المجردة ، وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تحسن به الأجهزة ، دون أن تراه كلها تسبح فى الفلك الغامض ، ولا يوجد أى احتمال أن يقترب مجال مغناطيسى لنجم ، من مجال نجم آخر ، أو يصطدم بكوكب آخر .

. .

ومن العلماء من يرى أن المراد بمواقع النجوم أوقات نزول القرآن نجما نجما ، وطائفة من الآيات تلى طائفة أخرى . .

قال ابن كثير : واختلفوا فى معنى قوله " بمواقع النجوم " فعن ابن عباس أنه يعنى نجوم القرآن فإنه نزل جملة ليلة القدر ، من السماء العليا إلى السماء الدنيا ، ثم نزل مفرقا بعد ذلك . . .

وعن قتادة : " مواقع النجوم " منازلها . . وقال مجاهد : مطالعها ومشارقها . . . وعن الحسن : انتشارها يوم القيامة . .

ويبدو لنا أن تفسير النجوم هنا ، بنجوم السماء هو الأرجح ، لأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة .

قال جويبر ، عن الضحاك : إن الله لا يقسم بشيء من خلقه ، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه .

وهذا القول ضعيف . والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله عز وجل ، يقسم بما شاء من خلقه ، وهو دليل على عظمته . ثم قال بعض المفسرين : " لا " هاهنا زائدة ، وتقديره : أقسم بمواقع النجوم . ورواه ابن جرير ، عن سعيد بن جبير . ويكون جوابه : ( إنه لقرآن كريم ) .

وقال آخرون : ليست " لا " زائدة لا معنى لها ، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسما به على منفي ، كقول عائشة رضي الله عنها : " لا والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط " وهكذا هاهنا تقدير الكلام : " لا أقسم بمواقع النجوم ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة ، بل هو قرآن كريم " .

وقال ابن جرير : وقال بعض أهل العربية : معنى قوله : ( فلا أقسم ) فليس الأمر كما تقولون ، ثم استأنف القسم بعد : فقيل : أقسم .

واختلفوا في معنى قوله : ( بمواقع النجوم ) ، فقال حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس يعني : نجوم القرآن ; فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا ، ثم نزل مفرقا في السنين بعد . ثم قرأ ابن عباس هذه الآية .

وقال الضحاك عن ابن عباس : نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - عشرين سنة ، فهو قوله : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) نجوم القرآن .

وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وأبو حزرة .

وقال مجاهد أيضا : ( بمواقع النجوم ) في السماء ، ويقال : مطالعها ومشارقها . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، وهو اختيار ابن جرير . وعن قتادة : مواقعها : منازلها . وعن الحسن أيضا : أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة . وقال الضحاك : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) يعني بذلك : الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا ، قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا .

وقوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) فقال بعضهم: عُنِي بقوله: ( فَلا أُقْسِمُ ) : أقسم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم عن سعيد بن جبير ( فَلا أُقْسِمُ ) قال: أقسم.

وقال بعض أهل العربية: معنى قوله: ( فَلا ) فليس الأمر كما تقولون ثم استأنف القسم بعد فقيل أقسم وقوله: ( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: فلا أقسم بمنازل القرآن، وقالوا: أنـزل القرآن على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم نجومًا متفرّقة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حُصَين، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: نـزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين بعد. قال: وتلا ابن عباس هذه الآية ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: نـزل متفرّقًا.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، في قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: أنـزل الله القرآن نجومًا ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرِمة: إن القرآن نـزل جميعًا، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نـزل جميعًا في ليلة القدر.

حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن جده، عن الأعمش، عن مجاهد ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: هو مُحْكَم القرآن.

حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها.

حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) أي مساقطها.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بمنازل النجوم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: بمنازل النجوم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بانتثار النجوم عند قيام الساعة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قال: قال الحسن انكدارها وانتثارها يوم القيامة.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النجوم ومغايبها في السماء، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل، من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به.

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة بموقع على التوحيد، وقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين بمواقع: على الجماع.

والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.

التدبر :

لمسة
[75] ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ فلا أقسم: أي أقسم، و(لا) للتأكيد، على عادة العرب في كلامهم أنهم إذا أقسموا على إثبات أمر واضح قالوا: «لا أقسم»، أي: لا يُحتاج إلى قسم.
وقفة
[75] ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ هل اللام هنا للنفي أو للتأکيد؟ الجواب: الأقرب أنها نافية، تنفي كلام المشركين أي: ليس الأمر كما تقولون.
وقفة
[75، 76] ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم﴾ ملايين النجوم تبتعد عن بعضها آلاف السنوات، تدور في مئات المجرات، فما أعظم من خلقهن!
وقفة
[75، 76] ﴿فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم﴾ إن ربنا سبحانه هو أصدق القائلين، وإنه لغني عن القسم والحلف، ولكنه يقسم إيقاظًا لقلوب عباده، وتبصيرًا لهم بعظم مايقسم به.

الإعراب :

  • ﴿ فَلا أُقْسِمُ:
  • الفاء: استئنافية. لا: زائدة للتوكيد وقد شرحت في سورة القيامة. أقسم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
  • ﴿ بِمَواقِعِ النُّجُومِ:
  • جار ومجرور متعلق بأقسم. النجوم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة أي بمساقطها'

المتشابهات :

الواقعة: 75﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
الحاقة: 38﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ
المعارج: 40﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ
التكوير: 15﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ
الإنشقاق: 16﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ
القيامة: 1﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ
القيامة: 2﴿بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ لَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
البلد: 1﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ الأدلة على الألوهية والبعث والجزاء؛ أعقب هذا بذكر الأدلة على النبوة وصدق القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فلا أقسم:
1- على أن «لا» زائدة مؤكدة. وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فلا أقسم، وهى قراءة الحسن، وعيسى.
بمواقع:
1- جمعا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بموقع، مفردا، مرادا به الجمع، وهى قراءة عمرو، وعبد الله، وأهل المدينة، وحمزة، والكسائي.

مدارسة الآية : [76] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ

التفسير :

[76]وإنه لقَسَم لو تعلمون قَدْره عظيم.

ثم عظم هذا المقسم به، فقال:{ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} وإنما كان القسم عظيما، لأن في النجوم وجريانها، وسقوطها عند مغاربها، آيات وعبرا لا يمكن حصرها.

وقوله - سبحانه - : ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) كلام معترض بين القسم وجوابه والضمير فى " وإنه " يعود إلى القسم المذكور فى قوله : ( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم ) أو يعود إلى ( بِمَوَاقِعِ النجوم ) بتأويله بمعنى المذكور . . .

قال صاحب الكشاف : ( بِمَوَاقِعِ النجوم ) أى : بمساقطها ، ومغاربها . . . واستعظم ذلك بقوله : ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) . . وهو اعتراض فى اعتراض ، لأنه اعترض به بين المقسم والمقسم عليه ، وهو قوله : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) واعترض بقوله - لو تعلمون - بين الموصوف وصفته . . .

وجواب " لو " إما محذوف بالكلية لأنه لا يتعلق بذكره غرض ، إذ المقصود هو نفى علمهم ، أى : أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم عظيم ، ولكنكم لا تعلمون قيمته ومنزلته .

وإما أن يكون جوابها مقدرا ، فيكون المعنى : أقسم بمواقع النجوم ، وإنه لقسم عظيم لو كان عندكم علم نافع ، لعظمتموه ، ولآمنتم بما أقسمنا عليه ، ولكنكم لم تعظموه ولم تؤمنوا لجهلكم ، ولانطماس بصائركم .

وقوله "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به عليه.

وقوله: ( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) يقول تعالى ذكره وإن هذا القسم الذي أقسمت لقسم لو تعلمون ما هو، وما قدره، قسم عظيم من المؤخر الذي معناه التقديم، وإنما هو: وأنه لقسم عظيم لو تعلمون عظمه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[76] ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ أي: وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتُم المقسم به عليه.
وقفة
[76] ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ دليل انتفاء علمهم بعظمة الله أنهم لم يوحدوه وأشركوا معه غيره، فالعلم النظري لا يكفي، ولو علموا عظمة الخلق، لعلموا الخالق، ولو عظموا الخالق لأطاعوه ولم يخالفوه.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ:
  • الواو اعتراضية. إنه: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام: لام التوكيد-المزحلقة-قسم: خبر «إن» مرفوع بالضمة وجملة «انه لقسم عظيم» اعتراضية لا محل لها من الإعراب بين المقسم والمقسم عليه وهو قوله: انه لقرآن كريم الوارد في الآية الكريمة التالية. وعلى هذا التفسير يكون إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ» جملة مؤولة جوابا للقسم لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ:
  • حرف للتمني لا عمل له. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. عظيم: صفة -نعت-للموصوف-قسم-مرفوع مثله بالضمة. وجملة لَوْ تَعْلَمُونَ» اعتراضية بين الموصوف وصفته لا محل لها من الإعراب'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     ولَمَّا أقسَمَ اللهُ بأماكنِ النجوم ومواقعها؛ عَظَّمَ هذا المُقسَمَ به، قال تعالى:
﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف