416121314151617181920

الإحصائيات

سورة السجدة
ترتيب المصحف32ترتيب النزول75
التصنيفمكيّةعدد الصفحات3.00
عدد الآيات30عدد الأجزاء0.18
عدد الأحزاب0.35عدد الأرباع1.40
ترتيب الطول51تبدأ في الجزء21
تنتهي في الجزء21عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 18/29آلم: 6/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (12) الى الآية رقم (14) عدد الآيات (3)

بعدَ إنكارِ المشركينَ للبعثِ والردِّ عليهم بَيَّنَ اللهُ هنا ذُلَهم ونَدمَهم يومَ القيامةِ وطلبَهم مهلةً جديدةً، ثُمَّ بَيَّنَ جزاءَهم وما يُقال لهم توبيخًا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (15) الى الآية رقم (20) عدد الآيات (6)

لمَّا ذَكَرَ اللهُ المشركينَ المُنكرينَ للبعثِ أتبعَه هنا بذكرِ المؤمنينَ: صفاتِهم في الدُّنيا وجزائِهم في الآخرةِ، ثُمَّ نفى اللهُ المساواةَ بينَ المؤمنِ وبينَ الفاسقِ، وذَكَرَ جزاءَ كلِّ فريقٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة السجدة

الخضوع لله

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • محور السورة::   سورة السجدة نعرف محورها من اسمها: (السجدة)، فهي سورة الخضوع لله سبحانه وتعالى، لذلك حملت اسمًا هو رمز الخضوع والتسليم: السجود. وفيها آية السجدة التي تصوّر المؤمنين يخرّون سجدًا، وهذه قمة الخضوع: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾
  • • بداية السورة::   بدأت السورة بأن القرآن منزل من عند الله رب العالمين، ثم دعت للتأمل في قدرته تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ... ﴾ (4)، فمن تأمل قدرة مولاه خضع له ولم يتكبر. ثم: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (5)، وطالما أنه هو الذي يدبر الأمر وجب الخضوع له سبحانه. ثم: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ﴾ (7). ولأنها سورة الخضوع؛ يأتي فيها ذكر الموت، حتى نتذكر الآخرة، ويفيق الغافلون من غفلتهم ويخضعوا لله حتى يكونوا من الفائزين في الدنيا والآخرة: ﴿قُلْ يَتَوَفَّـٰكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِى وُكّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (11).
  • • مع أي الفريقين أنت؟:   الفريق الأول: وهم الذين لم يخضعوا لله في الدنيا، فتبين السورة عقابهم، فعدم الخضوع لله في الدنيا إيمانًا به وتعظيمًا له ينتج عنه خضوع ذلٍ في الآخرة: ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءوسِهِمْ عِندَ رَبّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ (12). الفريق الثاني: وهم الذين يخضعون لله تعالى في الدنيا، فتمدحهم السورة: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـئَايَـٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّدًا وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (15)، المؤمنون خاضعون لله والسجود لله عندهم عزة ورفعة. ثم وصفت حالهم: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (16)، فعندما يلجأون إلى النوم، ترفضه أجسامهم، وانظر إلى عبارة (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ) ما أروعها! فالنوم والسرير يمثلان بالنسبة لكثير من الناس الراحة، أما الخاضعون، فهم يرفضون النوم لما يحملونه من حب للعبادة وخوف من النار وطمعًا بالجنة. وكأن السورة تعرض لك النموذجين وتسألك: مع أي الفريقين أنت؟ ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ (18). والله تعالى يمهل أولئك المتكبرين حتى يعودوا إليه، ويرسل لهم بعض الابتلاءات والعذاب عساهم يخضعون لربهم جل وعلا: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (21). ثم تبين السورة كيف يكرم الله من خضع له من بني إسرائيل، ويعزه في الدنيا قبل الآخرة: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِـئَايَـٰتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (24).
  • • وختام السورة::   ختمت السورة بهلاك المكذبين: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ (26)، فإن من عرف كيف أخذ الله من عصاه خضع له ولم يتكبر.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «‏السجدة»، و«آلم تنزيل»، و«آلم تنزيل السجدة».
  • • معنى الاسم ::   السجود هو الخضوع، ومنه سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأرض.
  • • سبب التسمية ::   سميت «السجدة»؛ ‏لما ‏ذكر ‏الله ‏فيها ‏من ‏أوصاف ‏المؤمنين ‏الذين ‏إذا ‏سمعوا ‏آيات ‏القرآن ‏خروا ‏سجدًا، وفيها آية سجدة، وسميت «آلم تنزيل»، و«آلم تنزيل السجدة» تسمية للسورة بمفتتحها.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة المضاجع»؛ لوقوع هذا اللفظ بها (وقد ورد في غيرها)، وسورة «سجدة لقمان» لوقوعها بعد سورة لقمان، أي سورة السجدة المجاورة لسورة لقمان، كما سموا سورة «حم السجدة» وهي سورة فصلت «سورة سجدة المؤمن»؛ لوقوعها بعد سورة المؤمن (غافر).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الخضوع لله، والاستسلام المطلق له سبحانه.
  • • علمتني السورة ::   أن الحكمة من بعثة الرسل هي هداية أقوامهم إلى الصراط المستقيم: ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   ثبوت صفة الاستواء لله من غير تشبيه ولا تمثيل: ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾
  • • علمتني السورة ::   السجدة أن تدبير الله لنا أسرع من وقت انتظارنا؛ لنتفاءل ونُحسن الظن بالله، فهو على كل شيء قدير: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: (الم تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ، وَ(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ)».
    • عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ: (الم تَنْزِيلُ) السَّجْدَةَ، وَ(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة السجدة من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • حرص النبي صلى الله عليه وسلم على قراءتها في كل ليلة قبل أن ينام، وفي صلاة الفجر يوم الجمعة.
    • احتوت السورة على السجدة العاشرة -بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة، في الآية (15).
    • هي آخر السور الست -بحسب ترتيب المصحف- التي افتتحت بحروف التهجي ﴿الم﴾، وهي: البقرة، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة.
    • هي آخر السور -بحسب ترتيب المصحف- التي افتتحت بثلاثة حروف تهجي، وعددها 13 سورة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نخضع لله تعالى، ونستسلم له في كل أمورنا.
    • أن ندعو الله تعالى أن يدبّر لنا أمورنا, وأن يرزقنا العلم النافع, فهو المدبر والعليم: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ﴾ (5).
    • أن نشكر الله تعالى على نعمه: ﴿ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ (9).
    • أن نتذكر لحظة الوفاة التي نقابل الله تعالى فيها بعملنا؛ إن خيرًا، أو شرًا: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (11).
    • أن نعمل الصالحاتِ الآن قبلَ أن نتمنَّى عملَها ولا نستطيعُ: ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾ (12).
    • أن نسجد سجدة تلاوة عند قراءة هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ (15).
    • أن نضبط المنبّه لنقوم ونصلي من الليل وندعو ربنا: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ (16).
    • أن يكون لنا خبيئة عمل صالح، نعمل عملًا صالحًا لا يطّلع عليه إلا الله: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (17).
    • أن نأخذ العبرة والعظة من الأمم السابقة: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ (26).
    • أن نطمئن؛ فالخير المكتوب لنا يعرفُ طريقَه ويُساقُ إلينا؛ فلا داعي للقلق!: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ﴾ (27).

تمرين حفظ الصفحة : 416

416

مدارسة الآية : [12] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو ..

التفسير :

[12] ولو ترى -أيها المخاطب- إذ المجرمون الذين أنكروا البعث قد خفضوا رؤوسهم عند ربهم من الخزي والعار قائلين:ربنا أبصرنا قبائحنا، وسمعنا منك تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا، وقد تُبْنا إليك، فارجعنا إلى الدنيا لنعمل فيها بطاعتك، إنا قد أيقنَّا الآن

لما ذكر تعالى رجوعهم إليه يوم القيامة، ذكر حالهم في مقامهم بين [يديه]فقال:{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} الذين أصروا على الذنوب العظيمة،{ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} خاشعين خاضعين أذلاء، مقرين بجرمهم، سائلين الرجعة قائلين:{ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} أي:بأن لنا الأمر، ورأيناه عيانًا، فصار عين يقين.

{ فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} أي:صار عندنا الآن، يقين بما [كنا]نكذب به، أي:لرأيت أمرا فظيعًا، وحالاً مزعجة، وأقوامًا خاسرين، وسؤلًا غير مجاب، لأنه قد مضى وقت الإمهال.

ثم صور- سبحانه- أحوال هؤلاء الكافرين، عند ما يقفون للحساب، تصويرا مرعبا مخيفا فقال: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.

وجواب «لو» محذوف، والتقدير: لرأيت شيئا تقشعر من هوله الأبدان.

وقوله: ناكِسُوا من النكس، وهو قلب الشيء على رأسه كالتنكيس.. وفعله من باب نصر- والخطاب يصح أن يكون للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصلح له.

أى: ولو ترى- أيها الرسول الكريم- حال أولئك المجرمين الذين أنكروا البعث والجزاء، وهم يقفون أمام خالقهم بذلة وخزي، لحسابهم على أعمالهم.. لو ترى ذلك لرأيت شيئا ترتعد له الفرائص، وتهتز منه القلوب.

وقوله: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ حكاية لما يقولونه في هذا الموقف العصيب. أى: يقولون بذلة وندم: يا ربنا نحن الآن نبصر مصيرنا، ونسمع قولك ونندم على ما كنا فيه من كفر وضلال، فَارْجِعْنا إلى الدنيا، لكي نَعْمَلْ عملا صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ الآن بأن ما جاءنا به رسولك هو الحق، وأن البعث حق. وأن الجزاء حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق.

يخبر تعالى عن حال المشركين يوم القيامة ، وحالهم حين عاينوا البعث ، وقاموا بين يدي الله حقيرين ذليلين ، ناكسي رؤوسهم ، أي : من الحياء والخجل ، يقولون : ( ربنا أبصرنا وسمعنا ) أي : نحن الآن نسمع قولك ونطيع أمرك ، كما قال تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) [ مريم : 38 ] . وكذلك يعودون على أنفسهم بالملامة إذا دخلوا النار بقولهم : ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) [ الملك : 10 ] . وهكذا هؤلاء يقولون : ( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا ) أي : إلى الدار الدنيا ، ( نعمل صالحا إنا موقنون ) أي : قد أيقنا وتحققنا أن وعدك حق ولقاءك حق ، وقد علم الرب تعالى منهم أنه لو أعادهم إلى الدار الدنيا لكانوا كما كانوا فيها كفارا يكذبون آيات الله ويخالفون رسله ، كما قال : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ) [ الأنعام : 27 - 29 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لو ترى يا محمد هؤلاء القائلين: أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ إذ هم ناكسوا رءوسهم عند ربهم حياء من ربهم. للذي سلف منهم من معاصيه في الدنيا، يقولون: يا(رَبَّنَا أبْصَرْنا) ما كنا نكذّب به من عقابك أهل معاصيك (وَسَمِعْنَا) منك تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا(فارجعنا) يقول: فارددنا إلى الدنيا نعمل فيها بطاعتك، وذلك العمل الصالح (إنَّا مُوقَنُونَ) يقول: إنا قد أيقنا الآن ما كنا به في الدنيا جهالا من وحدانيتك وأنه لا يصلح أن يُعبد سواك، ولا ينبغي أن يكون ربّ سواك، وأنك تحيي وتميت، وتبعث من في القبور بعد الممات والفناء وتفعل ما تشاء.

وبنحو ما قلنا في قوله: (نَاكِسُوا رُءُوسِهمْ) قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد قوله: (وَلَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمونَ ناكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدِ رَبَّهِمْ) قال: قد حزنوا واستحيوا.

التدبر :

لمسة
[12] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ﴾ لم يقل: (ولو تعلم)؛ لأن إخبار الله كأنه رؤيا العين، فحين يخبرك الله بأمر، فاعلم أنه أصدق ما ترى عيناك؛ لأن عينيك قد تخدعانك، أما إخبار الله لك فهو الحق الذي لا شك فيه.
وقفة
[12] ﴿وَلَو تَرى﴾ إخبار الله حق، كالرؤية بالعين المجردة سواءً بسواء.
لمسة
[12] ﴿وَلَو تَرى إِذِ المُجرِمونَ ناكِسو رُءوسِهِم عِندَ رَبِّهِم﴾ وجواب (لو) متروك، تقديره: لو رأيت حالهم لرأيت ما يُعتبر به، ولشاهدت العجب.
تفاعل
[12] ﴿وَلَو تَرى إِذِ المُجرِمونَ ناكِسو رُءوسِهِم عِندَ رَبِّهِم﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[12] ﴿وَلَو تَرى إِذِ المُجرِمونَ ناكِسو رُءوسِهِم عِندَ رَبِّهِم﴾ الجزاء من جنس العمل، فكما تكبروا ورفعوا رؤوسهم استعلاءً وظلمًا وافتراءً؛ نكسوا رؤوسهم خزيًا وعارًا وذلًا فى هذا المشهد الشديد الرهبة.
وقفة
[12] ﴿وَلَو تَرى إِذِ المُجرِمونَ ناكِسو رُءوسِهِم عِندَ رَبِّهِم﴾ لو كان هذا الحياء في الدنيا لنفعهم.
وقفة
[12] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ ما أشد تنكيس رءوس المجرمين غدًا في ذل وخزي وندامة، بعدما لاقوا ألوان التقريع والإهانة، وهم في قبضة الرب سبحانه، لا يستطيعون فكاكًا ولا إفلاتًا من نار القيامة.
وقفة
[12] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ غدًا تشفي صدور المؤمنين برؤية مصائر المجرمين! حذف الله جواب الشرط، وتقديره: لرأيت أمرًا عجابًا، يشفي صدرك مما فعلوه وأجرموه.
عمل
[12] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ ولو ترى حال المجرمين في الآخرة؛ لرأيت أمرا مهولًا، ﴿نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ﴾ عبارة عن الذل، والغم، والندم، ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ تقديره: يقولون: ربنا قد علمنا الحقائق.
وقفة
[12] ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ إيمان الكفار يوم القيامة لا ينفعهم؛ لأنها دار جزاء لا دار عمل.
وقفة
[12] ﴿ولَوْ تَرى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أبْصَرْنا وسَمِعْنا فارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحًا إنّا مُوقِنُونَ﴾ ونَكْسُ الرُّءُوسِ عَلامَةُ الذُّلِّ والنَّدامَةِ، وذَلِكَ مِمّا يُلاقُونَ مِنَ التَّقْرِيعِ والإهانَةِ.
وقفة
[12] ﴿إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ لرفضهم السجود باختيارهم في الدنيا فالجزاء من جنس العمل.
وقفة
[12] ﴿إِذِ المُجرِمونَ ناكِسو رُءوسِهِم عِندَ رَبِّهِم﴾ المتأمل لهول هذا الموقف المتمعن فى هذه الكلمات بحق (عِندَ رَبِّهِمْ)؛ لن يجروء على القيام بأى عمل يدمغه بالإجرام.
وقفة
[12] ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ سَمِعُوا وأبصَرُوا؛ لكن للأسفِ بعدَ فواتِ الأوانِ.
وقفة
[12] ﴿أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ قدم البصر هنا؛ لأنه في الآخرة يرى ويبصر أهوالها، ثم بعد ذلك يتكلم عنها، بخلاف الآيات الأخرى التي قدمت السمع على البصر.
عمل
[12] اعملْ الصالحاتِ الآن قبلَ أن تتمنَّى عملَها ولا تستطيعُ ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾.
وقفة
[12] إن علمًا لا يبعدك اليوم عن المعاصي، ولا يحملك على الطاعة؛ لن يبعدك غدًا عن نار جهنم، وإذا لم تعمل اليوم، ولم تتدراك أيامك الماضية، فستقول غدًا يوم القيامة: ﴿فَارجِعنا نَعمَل صالِحًا﴾، فسيقال لك: يا أحمق! أنت قد جئت من هناك!
وقفة
[12] ﴿فَارجِعنا نَعمَل صالِحًا إِنّا موقِنونَ﴾ الكاذب المحترف للكذب لا تفرق معه على من يكذب وفى أى موقف.
وقفة
[12] ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾ وهل ينفع اليقين وهم على عتبات الجحيم؟! وكيف يفيد الإيمان الواقف على أبواب النيران؟
وقفة
[12] ﴿إِنّا موقِنونَ﴾ كذب فج، وإلا فأين كان هذا اليقين فى الحياة الدنيا؟!
وقفة
[12] ﴿إِنّا موقِنونَ﴾ نفسُك املؤها باليقين وبالحق والإيمان الآن، وأقبل على الله عابدًا حامدًا شاكرًا قبل أن يأتى يومٌ لا فائدة فيه من القسم والوعود.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ:
  • الواو استئنافية. لو: حرف للتمني لا عمل له. والتمني لرسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) بتقدير: وليتك ترى، جعل الله سبحانه له تمني أن يرى المجرمين على تلك الحالة المزرية من الخزي ليشمت بهم. أو تكون حرف شرط‍ غير جازم-حرف امتناع لامتناع-وجوابها محذوفا بتقدير: لرأيت أمرا فظيعا أو لرأيت أسوأ حال ترى.
  • ﴿ تَرى:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والمخاطب هو الرسول الكريم. أو تكون المخاطبة لأي كان دون ارادة مخاطب بعينه ولم يتعد الفعل الى مفعول لأنه بمعنى «ولو تكون منك الرؤية» والحرفان «لو» و «إذ» كلاهما للمضي وإنما جاز ذلك لأن المترقب من الله بمنزلة الموجود المقطوع به في تحققه ولا يقدر لترى ما يتناوله.
  • ﴿ إِذِ الْمُجْرِمُونَ:
  • اسم مبني على السكون ظرف زمان في محل نصب متعلق بترى وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين وهو مضاف. المجرمون: مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد والجملة الاسمية من المبتدأ والخبر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ:
  • خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للاضافة وهو مضاف من اضافة اسم الفاعل الى معموله. رءوس: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة بمعنى: مطأطئو رءوسهم.
  • ﴿ عِنْدَ رَبِّهِمْ:
  • ظرف مكان متعلق باسم الفاعل «ناكسو» وهو مضاف منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. رب: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة أي يوم يلقونه.
  • ﴿ رَبَّنا أَبْصَرْنا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-أي لفعل محذوف تقديره ويقولون أو قائلين. رب: منادى بأداة نداء محذوفة. التقدير: يا ربنا وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة. ويجوز أن يتعلق الظرف «عند» بحال محذوفة بتقدير مستغيثين عند ربهم. أو ويستغيثون عند ربهم بقولهم: ربنا. أبصرنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل وحذف مفعولها أي أبصرنا صدق وعدك ووعيدك. أو لا يتعدى بمعنى: كنا عميا وصما فأبصرنا وسمعنا.
  • ﴿ وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا:
  • معطوفة بالواو على «أبصرنا» وتعرب اعرابها أي وسمعنا منك تصديق رسلك. الفاء استئنافية. أرجع: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أي فأعدنا الى الدنيا.
  • ﴿ نَعْمَلْ صالِحاً:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. صالحا: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي نعمل عملا صالحا فحذف المفعول الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
  • ﴿ إِنّا مُوقِنُونَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير متصل -ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ». موقنون: خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

السجدة: 12﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ
الأنعام: 93﴿وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ
سبإ: 31﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ رجوعَهم إليه يومَ القيامةِ؛ ذكَرَ هنا حالَهم عندما يقفون بينَ يَديه للحساب، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ناكسوا:
1- اسم فاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- نكسوا، فعلا ماضيا، و «رؤوسهم» مفعول به، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [13] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ ..

التفسير :

[13] ولو شئنا لآتينا هؤلاء المشركين بالله رشدهم وتوفيقهم للإيمان، ولكن حق القول مني ووجب لأملأنَّ جهنم من أهل الكفر والمعاصي، من صنفي الجنِّ والإنس أجمعين؛ وذلك لاختيارهم الضلالة على الهدى.

وكل هذا بقضاء اللّه وقدره، حيث خلى بينهم وبين الكفر والمعاصي، فلهذا قال:{ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} أي:لهدينا الناس كلهم، وجمعناهم على الهدى، فمشيئتنا صالحة لذلك، ولكن الحكمة، تأبى أن يكونوا كلهم على الهدى، ولهذا قال:{ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} أي:وجب، وثبت ثبوتًا لا تغير فيه.

{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فهذا الوعد، لا بد منه، ولا محيد عنه، فلا بد من تقرير أسبابه من الكفر والمعاصي.

ولكن هذا الإيقان والاعتراف منهم، قد جاء في غير أوانه، ولذا لا يقبله- سبحانه- منهم، ولذا عقب- سبحانه- على ما قالوه بقوله: وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها.... أى: ولو شئنا أن نؤتى كل نفس رشدها وهداها وتوفيقها إلى الإيمان، لفعلنا، لأن إرادتنا نافذة، وقدرتنا لا يعجزها شيء.

وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي أى: ولكن ثبت وتحقق قولي.

لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ أى من الجن وسموا بذلك لاستتارهم عن الأنظار.

ومن النَّاسِ أَجْمَعِينَ بسبب فسوقهم عن أمرنا، وتكذيبهم لرسلنا.

فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن قدرة الله- تعالى- لا يعجزها شيء، إلا أن حكمته- سبحانه- قد اقتضت أن الذين سبق في علمه أنهم يؤثرون الضلالة على الهداية، لسوء استعدادهم، يكون مصيرهم إلى النار، وأما الذين آثروا الهداية على الضلالة لنقاء نفوسهم، وكمال استعدادهم، فيكون مصيرهم إلى جنة عرضها السموات والأرض.

كما أن حكمته- سبحانه- قد اقتضت أن يميز الإنسان على غيره، بأن يجعل له طبيعة خاصة يملك معها اختيار طريق الهدى أو طريق الضلال. كما قال- تعالى- إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ، إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً.

وقال هاهنا ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) ، كما قال تعالى ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) [ يونس : 99 ] .

( ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) أي : من الصنفين ، فدارهم النار لا محيد لهم عنها ولا محيص لهم منها ، نعوذ بالله وكلماته التامة من ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13)

يقول تعالى ذكره: (وَلَوْ شِئْنَا) يا محمد (لآتَيْنَا) هؤلاء المشركين بالله من قومك وغيرهم من أهل الكفر بالله (هُدَاهَا) يعني: رشدها وتوفيقها للإيمان بالله (وَلَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مني) يقول: وجب العذاب مني لهم، وقوله: (لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ منَ الجِنَّة والنَّاسِ أجمَعِينَ) يعني: من أهل المعاصي والكفر بالله منهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَلَوْ شِئْنا لآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) قال: لو شاء الله لهدى الناس جميعا، لو شاء الله لأنـزل عليهم من السماء آية، فظلت أعناقهم لها خاضعين، (وَلَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي) حقّ القول عليهم.

التدبر :

تفاعل
[13] ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ ادعُ الله الآن أن يهديك إلى الصراط المستقيم.
عمل
[13] ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ الهداية بيد الله تعالى، فاسأل الله إياها دومًا.
وقفة
[13] ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ من تدبر هذه الآية: اجتهد بالدعاء بالهداية لمن يريد أن يدعوه، قبل أن يبدأ في دعوته ونصحه.
عمل
[13] ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ ادعو بإلحاح مستحضرًا أن الهداية بيد الله، اللهم اهدني فيمن هديت، ربي اهدني الصراط المستقيم.
وقفة
[13] ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ لو شاء الله لهدى الناس جميعًا، لكنه لم يشأ ذلك، بل شاء أن يخلق الناس مختارين بين طريقي الهدى والضلال، ووضع لهم دواعي الخوف والرجاء، فأخبر عن جزاءين: الجنة والنار، وترك لهم حرية الاختيار، واقتصار الآية على ذكر النار في غاية المناسبة؛ لأنها تأتي في إطار الرد على من أنكر البعث بعد الموت.
وقفة
[13] ما أعظم فضل الله علينا بالهداية لدينه، تدبر هذه الآية: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾.
وقفة
[13] ﴿وَلَـٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ المؤمنون من الجن يدخلون الجنة، وكافرهم يدخل النار، وأما هل يراهم المؤمنون في الجنة أم لا يرونهم؟ فليس في هذا نص صحيح صريح.
وقفة
[13] ﴿وَلَـٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ قال أبو بكر بن عياش: قال لي رجل مرة وأنا شاب: «خلص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رق الآخرة، فإن أسير الآخرة غير مفكوك أبدًا»، فوالله ما نسيتها بعد.
تفاعل
[13] ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ استعذ بالله من جهنم.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَوْ شِئْنا:
  • الواو: عاطفة. لو: حرف شرط‍ غير جازم. شئنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَآتَيْنا:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. اللام واقعة في جواب «لو» آتينا: تعرب اعراب «شئنا».
  • ﴿ كُلَّ نَفْسٍ هُداها:
  • مفعولا «آتينا» أي لمنحنا كل نفس هداها منصوبان وعلامة نصب الاول الفتحة الظاهرة والثاني الفتحة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. و «نفس» مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي:
  • الواو زائدة. لكن: حرف عطف للاستدراك مخففة مهملة. حق: فعل ماض مبني على الفتح. القول: فاعل مرفوع بالضمة. مني: جار ومجرور متعلق بحق بمعنى وجب قولي وثبت.
  • ﴿ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ:
  • اللام لام التوكيد. أملأن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والنون لا محل لها. جهنم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكلمة معربة ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث.
  • ﴿ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ:
  • جار ومجرور متعلق بلأملأن. والناس: معطوفة بالواو على «الجنة» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى: من الجن والانس.
  • ﴿ أَجْمَعِينَ:
  • توكيد للجنة والناس مجرور أيضا وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والكلمة جمع «أجمع» و «أجمع» مفرد في معنى الجمع والمؤنث جمعاء.'

المتشابهات :

الإسراء: 86﴿ وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
الأعراف: 176﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ
الفرقان: 51﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا
السجدة: 13﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا اعترفوا وطلبوا الرجوع إلى الدنيا ليؤمنوا ويعملوا صالحًا؛ جاء هنا الردُّ عليهم بعدم قبول ما طلبوا، فقد جاء هذا الاعتراف في غير أوانه، ثم بَيَّنَ لهم أنه لو أراد هداية الناس قسرًا بدون اختيار منهم لفعل، قال تعالى:
﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ ..

التفسير :

[14] يقال لهؤلاء المشركين -عند دخولهم النار على سبيل التوبيخ-:فذوقوا العذاب؛ بسبب غفلتكم عن الآخرة وانغماسكم في لذائذ الدنيا، إنا تركناكم اليوم في العذاب، وذوقوا عذاب جهنم الذي لا ينقطع؛ بما كنتم تعملون في الدنيا من الكفر بالله ومعاصيه.

{ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} أي:يقال للمجرمين، الذين ملكهم الذل، وسألوا الرجعة إلى الدنيا، ليستدركوا ما فاتهم، قد فات وقت الرجوع ولم يبق إلا العذاب، فذوقوا العذاب الأليم، بما نسيتم لقاء يومكم هذا، وهذا النسيان نسيان ترك، أي:بما أعرضتم عنه، وتركتم العمل له، وكأنكم غير قادمين عليه، ولا ملاقيه.

{ إِنَّا نَسِينَاكُمْ} أي:تركناكم بالعذاب، جزاء من جنس عملكم، فكما نَسِيتُمْ نُسِيتُمْ،{ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ} أي:العذاب غير المنقطع، فإن العذاب إذا كان له أجل وغاية، كان فيه بعض التنفيس والتخفيف، وأما عذاب جهنم - أعاذنا اللّه منه - فليس فيه روح راحة، ولا انقطاع لعذابهم فيها.{ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} من الكفر والفسوق والمعاصي.

ثم بين- سبحانه- ما يقال لهؤلاء المجرمين عند ما يلقى بهم في جهنم فقال- تعالى-:

فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ، وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

والذوق حقيقة إدراك المطعومات. والأصل فيه أن يكون في أمر مرغوب في ذوقه وطلبه.

والتعبير به هنا عن ذوق العذاب من باب التهكم بهم.

والفاء في قوله: فَذُوقُوا لترتيب الأمر بالذوق على ما قبله والباء للسببية. والمراد بالنسيان لازمه، وهو الترك والإهمال.

أى: ويقال لهؤلاء المجرمين عند ما يلقى بهم في النار: ذوقوا لهيبها وسعيرها بسبب نسيانكم وإهمالكم وجحودكم ليوم القيامة وما فيه من حساب. وإننا من جانبنا قد أهملناكم وتركناكم.

بسبب إصراركم على كفركم، وذوقوا العذاب الذي أنتم مخلدون فيه بسبب أعمالكم القبيحة في الدنيا «جزاء وفاقا» .

وكرر- سبحانه- لفظ فَذُوقُوا على سبيل التأكيد، وزيادة التقريع والتأنيب.

ثم تترك السورة الكريمة هؤلاء المجرمين يذوقون العذاب، وتنتقل إلى الحديث عن مشهد آخر، عن مشهد يشرح النفوس، ويبهج القلوب، إنه مشهد المؤمنين الصادقين، وما أعد الله- تعالى- من ثواب قال- تعالى-:

( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ) أي : يقال لأهل النار على سبيل التقريع والتوبيخ : ذوقوا [ هذا ] العذاب بسبب تكذيبكم به ، واستبعادكم وقوعه ، وتناسيكم له; إذ عاملتموه معاملة من هو ناس له ، ( إنا نسيناكم ) أي : [ إنا ] سنعاملكم معاملة الناسي; لأنه تعالى لا ينسى شيئا ولا يضل عنه شيء ، بل من باب المقابلة ، كما قال تعالى : ( اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ) [ الجاثية : 34 ] .

وقوله : ( وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون ) أي : بسبب كفركم وتكذيبكم ، كما قال في الآية الأخرى : ( لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا إنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا وكل شيء أحصيناه كتابا فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) [ النبأ : 24 - 30 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14)

يقول تعالى ذكره: يقال لهؤلاء المشركين بالله إذا هم دخلوا النار: ذوقوا عذاب الله بما نسيتم لقاء يومكم هذا في الدنيا، (إنَّا نَسِيناكُمْ) يقول: إنا تركناكم اليوم في النار.

وقوله: (وَذُوقُوا عَذَابَ الخُلْدِ) يقول: يقال لهم أيضا: ذوقوا عذابا تخلدون فيه إلى غير نهاية (بِما كُنْتُمْ) في الدنيا(تَعْمَلُونَ) من معاصي الله.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ) قال: نسوا من كلّ خير، وأما الشرّ فلم ينسوا منه.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس في قوله: (إنَّا نَسِيناكُمْ) يقول: تركناكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[14] ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ المؤمن يتذكر الآخرة: فإذا رأى حر الدنيا تذكر نار الآخرة، وإذا سمع باختبار الدنيا تذكر اختبار الآخرة، وهكذا شأن الأخيار: ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ﴾ [ص: 46]، أي: إنا خصصناهم بخاصة عظيمة، حيث جعلنا ذكرى الدار الآخرة في قلوبهم، فعملوا لها بطاعتنا، ودعوا الناس إليها، وذكَّروهم بها.
وقفة
[14] ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ خطر الغفلة عن لقاء الله يوم القيامة.
وقفة
[14] ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ الجزاء من جنس العمل، نسوا أمر الله، فكانت عقوبتهم النسيان في أعماق النيران.
وقفة
[14] ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ۖ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ الله لا ينسی حاشاه، لكنه عبر عن الترك والإهمال بالنسيان.
وقفة
[14] ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ لو نسيك أحد في قصر وأغلق عليك، لكان هذا من بواعث الألم وأسباب العذاب، فكيف لو نسيك في قعر النار؟!
وقفة
[14] ما أقوى هذه الكلمة ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ على قلب ينكسر راجيًا أن لا يكون من أولئك الذين نساهم الله! تخيل فقط لو قال لكِ أخ عزيز على قلبك: «نسيتك» في موقف أنت بحاجته ووقوفه بجنبك؟ ولله المثل الأعلى، وأمرالآخرة أجلّ وأعظم، فماذا سيكون شعورك حين يقول ربّ العزة إنَّا نسيناكم؟!
تفاعل
[14] ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.

الإعراب :

  • ﴿ فَذُوقُوا:
  • الفاء: عاطفة. ذوقوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة في محل نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره: فنقول لهم: ذوقوا. وحذف مفعولها اختصارا التقدير: فذوقوا العذاب.
  • ﴿ بِما نَسِيتُمْ:
  • الباء حرف جر. ما: مصدرية. نسيتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وجملة «نسيتم» صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء التقدير: بسبب نسيانكم والجار والمجرور متعلق بذوقوا.
  • ﴿ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا:
  • مفعول «نسي» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. يومكم: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر صفة-نعت-لليوم. بمعنى مصير يومكم هذا. ويجوز أن يكون «نسيتم» غير متعد بمعنى: بسبب نسيانكم و «لقاء» منصوبا على الظرفية الزمانية.
  • ﴿ إِنّا نَسِيناكُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إنّ» نسيناكم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة «نسيناكم» في محل رفع خبر «انّ».
  • ﴿ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ:
  • الواو عاطفة. ذوقوا: أعربت. عذاب: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الخلد: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ بِما كُنْتُمْ:
  • الباء حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. وجملة كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» صلة «ما» الاسم الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: بما كنتم تعملونه. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية. فتكون الجملة الفعلية بعدها صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بذوقوا. التقدير: بسبب أعمالكم.
  • ﴿ تَعْمَلُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

يونس: 52﴿ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
السجدة: 14﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ۖ وَ ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ لهم أنَّه لا رُجوعَ إلى الدُّنيا؛ أنَّبَهم هنا على تكذيبهم بهذا اليوم، واستبعادهم لوقوعه، قال تعالى:
﴿ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ..

التفسير :

[15] إنما يصدق بآيات القرآن ويعمل بها الذين إذا وُعِظوا بها أو تُليت عليهم سجدوا لربهم خاشعين مطيعين، وسبَّحوا الله في سجودهم بحمده، وهم لا يستكبرون عن السجود والتسبيح له، وعبادته وحده لا شريك له.

لما ذكر تعالى الكافرين بآياته، وما أعد لهم من العذاب، ذكر المؤمنين بها، ووصفهم، وما أعد لهم من الثواب، فقال:{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} [أي]إيمانًا حقيقيًا، من يوجد منه شواهد الإيمان، وهم:{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا} بآيات ربهم فتليت عليهم آيات القرآن، وأتتهم النصائح على أيدي رسل اللّه، ودُعُوا إلى التذكر، سمعوها فقبلوها، وانقادوا، و{ خَرُّوا سُجَّدًا} أي:خاضعين لها، خضوع ذكر للّه، وفرح بمعرفته.

{ وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} لا بقلوبهم، ولا بأبدانهم، فيمتنعون من الانقياد لها، بل متواضعون لها، قد تلقوها بالقبول، والتسليم، وقابلوها بالانشراح والتسليم، وتوصلوا بها إلى مرضاة الرب الرحيم، واهتدوا بها إلى الصراط المستقيم.

أى: إِنَّما يُؤْمِنُ ويصدق بِآياتِنَا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا، أصحاب النفوس النقية الصافية، الذين إذ ذكروا بها، أى: بهذه الآيات.

خَرُّوا سُجَّداً لله- تعالى- من غير تردد وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أى: ونزهوه عن كل ما لا يليق به- عز وجل- وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ عن طاعته- سبحانه-، وعن الانقياد لأمره ونهيه.

يقول تعالى : ( إنما يؤمن بآياتنا ) أي : إنما يصدق بها ( الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا ) أي : استمعوا لها وأطاعوها قولا وفعلا ( وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ) [ أي ] عن اتباعها والانقياد لها ، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة ، [ وقد ] قال الله تعالى : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (15)

يقول تعالى ذكره: ما يصدق بحججنا وآيات كتابنا إلا القوم الذين إذا ذكروا بها ووعظوا(خَرّوا) لله (سجدا) لوجوههم، تذلُّلا له، واستكانة لعظمته، وإقرارا له بالعبوديَّة (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ ربِّهِمْ) يقول: وسبحوا الله في سجودهم بحمده، فيبرئونه مما يصفه أهل الكفر به، ويضيفون إليه من الصاحبة والأولاد والشركاء والأنداد (وهم لا يستكبرون) يقول: يفعلون ذلك، وهم لا يستكبرون عن السجود له والتسبيح، لا يستنكفون عن التذلُّل له والاستكانة. وقيل: إن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن قوما من المنافقين كانوا يخرجون من المسجد إذا أقيمت الصلاة، ذُكر ذلك عن حجاج، عن ابن جُرَيج.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[15] ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا﴾ الفعل المضارع (يؤمن) يفيد التجدد؛ وعليه: سماع القرآن يجدد الإيمان.
وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ سمعوا القرآن فخروا سجدًا؛ لأن سماع القرآن من أعظم ما يورث رقة القلب ويعالج قسوته.
وقفة
[15] ﴿إنما يؤمن بآیاتنا الذين إذا ذُكِّروا بها خروا سُجدًا﴾ هذه الآية يُستدل بها على أن من لم يسجد لله فليس بمؤمن، وهذا يقتضي كفر تارك الصلاة.
وقفة
[15] ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ دعوى الإيمان بلا أعمال، دعوى يشوبها البطلان.
وقفة
[15] أبعد الناس عن الكبر أهل القرآن ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
تفاعل
[15] اسجد سجدة تلاوة عند قراءة هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
وقفة
[15] ﴿إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ لما سمعوا القرآن سقطوا سجدًا، سماع القرآن يورث رقة المشاعر.
وقفة
[15] ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ لن تجد أمتع ولا أنفع من سجدة خضوع وخشوع، يسجدُها معك كل ما فيك، الجسد والروح، الشعائر والمشاعر.
وقفة
[15] ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ أنفع السجود للقلوب ما جمع بين: تنزيه الله عن النقائص، وشكر الله على الفضائل.
وقفة
[15] ﴿خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أي: خروا سجدًا لله تعالى على وجوههم؛ تعظيمًا لآياته، وخوفًا من سطوته وعذابه.
تفاعل
[15] ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[15] ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ ما أعظم فضل التسبيح! عَنْ أَبِى ذَرٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ أَىُّ الْكَلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ» [مسلم 2731].
وقفة
[15] ﴿وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ من وعظ بالله، كان من تمام اتِّعاظه إتراب جبينه بالسجود لله؛ تواضعًا له، وتذلُّلًا لجلاله، وهو مندوب إليه بهذه الآية -والله أعلم-، خلافًا على الجبابرة والكفَّار، ومَن تأخذُه العزَّة بالإثم.
وقفة
[15، 16] كثرة الصلاة لله وتسبيحه ودعائه تورث التواضع ﴿إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا:
  • كافة ومكفوفة. يؤمن: فعل مضارع مرفوع بالضمة. بآيات جار ومجرور متعلق بيؤمن و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة بمعنى بمعجزاتنا أو ببراهيننا.
  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. ويجوز أن تكون «ما» في «انما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل نصب اسم «ان» وجملة «يؤمن» صلة الموصول لا محل لها و «الذين» خبر لمبتدإ محذوف تقديره «هم الذين» وهذه الجملة الاسمية في محل رفع خبر «انّ» ولكن الوجه الأول من الاعراب في «انما» أي كافة ومكفوفة هو السائد والأصح.
  • ﴿ إِذا ذُكِّرُوا بِها:
  • ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه مضمن معنى الشرط‍.ذكروا: الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «اذا» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. بها: جار ومجرور متعلق بذكروا.
  • ﴿ خَرُّوا سُجَّداً:
  • الجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها من الاعراب. خروا: أي سقطوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. سجدا: حال من ضمير «خروا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي ساجدين.
  • ﴿ وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ:
  • معطوفة بالواو على خَرُّوا سُجَّداً» وتعرب إعرابها. بحمد: جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «سبحوا» أي حامدين. ربّ: مضاف اليه مجرور بالاضافة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي نزهوا ربهم حامدين له نعمه.
  • ﴿ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ:
  • الواو حالية والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال. هم: ضمير منفصل-ضمير الغائبين-في محل رفع مبتدأ. لا: نافية لا عمل لها. يستكبرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة لا يَسْتَكْبِرُونَ» في محل رفع خبر «هم» بمعنى وهم لا يأنفون عن العبادة والطاعة لله سبحانه.'

المتشابهات :

النحل: 49﴿وَلِلَّـهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
السجدة: 15﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ الكافِرينَ بآياتِه، وما أعَدَّ لهم مِنَ العذابِ؛ ذكَرَ هنا المؤمِنينَ بها ووصْفَهم، قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [16] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ ..

التفسير :

[16] ترتفع جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله عن فراش النوم، يتهجدون لربهم في صلاة الليل، يدعون ربهم خوفاً من العذاب وطمعاً في الثواب، ومما رزقناهم ينفقون في طاعة الله وفي سبيله.

{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} أي:ترتفع جنوبهم، وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ عندهم منه وأحب إليهم، وهو الصلاة في الليل، ومناجاة اللّه تعالى.

ولهذا قال:{ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} أي:في جلب مصالحهم الدينية والدنيوية، ودفع مضارهما.{ خَوْفًا وَطَمَعًا} أي:جامعين بين الوصفين، خوفًا أن ترد أعمالهم، وطمعًا في قبولها، خوفًا من عذاب اللّه، وطمعًا في ثوابه.

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} من الرزق، قليلاً كان أو كثيرًا{ يُنْفِقُونَ} ولم يذكر قيد النفقة، ولا المنفق عليه، ليدل على العموم، فإنه يدخل فيه، النفقة الواجبة، كالزكوات، والكفارات، ونفقة الزوجات والأقارب، والنفقة المستحبة في وجوه الخير، والنفقة والإحسان المالي، خير مطلقًا، سواء وافق غنيًا أو فقيرًا، قريبًا أو بعيدًا، ولكن الأجر يتفاوت، بتفاوت النفع، فهذا عملهم.

ثم صور- سبحانه- أحوالهم في عبادتهم وتقربهم إلى الله، تصويرا بديعا فقال:

تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً.

والتجافي: التحرك إلى جهة أعلى. وأصله من جفا فلان السرج عن فرسه، إذا رفعه.

ويقال تجافى فلان عن مكانه، إذا انتقل عنه.

والجنوب: جمع جنب. وأصله الجارحة، والمراد به الشخص.

والمضاجع: جمع مضجع، وهو مكان الاتكاء للنوم.

والمعنى: أن هؤلاء المؤمنين الصادقين، تتنحى وترتفع أجسامهم، عن أماكن نومهم، وراحتهم، حالة كونهم يدعون ربهم بإخلاص وإنابة خَوْفاً من سخطه عليهم، وَطَمَعاً في رضاه عنهم.

وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ من فضلنا وخيرنا يُنْفِقُونَ في وجوه البر والخير.

ثم قال [ تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) يعني بذلك قيام الليل ، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة . قال مجاهد والحسن في قوله تعالى ] : ( تتجافى جنوبهم ) يعني بذلك قيام الليل .

وعن أنس ، وعكرمة ، ومحمد بن المنكدر ، وأبي حازم ، وقتادة : هو الصلاة بين العشاءين . وعن أنس أيضا : هو انتظار صلاة العتمة . رواه ابن جرير بإسناد جيد .

وقال الضحاك : هو صلاة العشاء في جماعة ، وصلاة الغداة في جماعة .

( يدعون ربهم خوفا وطمعا ) أي : خوفا من وبال عقابه ، وطمعا في جزيل ثوابه ، ( ومما رزقناهم ينفقون ) ، فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية ، ومقدم هؤلاء وسيدهم وفخرهم في الدنيا والآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال عبد الله بن رواحة ، رضي الله عنه :

وفينا رسول الله يتلو كتابه إذا انشق معروف من الصبح ساطع [ أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا

به موقنات أن ما قال واقع ] يبيت يجافي جنبه عن فراشه

إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

وقال الإمام أحمد : حدثنا روح وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن مرة الهمداني ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عجب ربنا من رجلين : رجل ثار من وطائه ولحافه ، ومن بين أهله وحيه إلى صلاته ، [ فيقول ربنا : أيا ملائكتي ، انظروا إلى عبدي ، ثار من فراشه ووطائه ، ومن بين حيه وأهله إلى صلاته ] رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي . ورجل غزا في سبيل الله ، عز وجل ، فانهزموا ، فعلم ما عليه من الفرار ، وما له في الرجوع ، فرجع حتى أهريق دمه ، رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي . فيقول الله ، عز وجل للملائكة : انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ، ورهبة مما عندي ، حتى أهريق دمه " .

وهكذا رواه أبو داود في " الجهاد " ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، به بنحوه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأصبحت يوما قريبا منه ، ونحن نسير ، فقلت : يا نبي الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . قال : " لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " . ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، وصلاة الرجل في جوف الليل " . ثم قرأ : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) ، حتى بلغ ) يعملون ) . ثم قال : " ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ " فقلت : بلى ، يا رسول الله . فقال : " رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " . ثم قال : " ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ " فقلت : بلى ، يا نبي الله . فأخذ بلسانه ثم قال : " كف عليك هذا " . فقلت : يا رسول الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به . فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال : على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم " .

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم ، من طرق عن معمر ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح . ورواه ابن جرير من حديث شعبة ، عن الحكم قال : سمعت عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تكفر الخطيئة ، وقيام العبد في جوف الليل " ، وتلا هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) .

ورواه أيضا من حديث الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن الحكم ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ، ومن حديث الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، والحكم عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ مرفوعا بنحوه . ومن حديث حماد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن شهر ، عن معاذ بن جبل ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قوله تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) قال : " قيام العبد من الليل " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا فطر بن خليفة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، والحكم ، وحكيم بن جبير ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ بن جبل قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال : " إن شئت أنبأتك بأبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل " ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) .

ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا علي بن مسهر ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق : سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم . ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) الآية ، فيقومون وهم قليل " .

وقال البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب ، حدثنا الوليد بن عطاء بن الأغر ، حدثنا عبد الحميد بن سليمان ، حدثني مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال بلال لما نزلت هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) [ الآية ] ، كنا نجلس في المجلس ، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء ، فنزلت هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) .

ثم قال : لا نعلم روى أسلم عن بلال سواه ، وليس له طريق عن بلال غير هذه الطريق .

القول في تأويل قوله تعالى : تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) يقول تعالى ذكره: تتنحَّى جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله، الذين وصفت صفتهم، وترتفع من مضاجعهم التي يضطجعون لمنامهم، ولا ينامون (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا) في عفوه عنهم، وتفضُّله عليهم برحمته ومغفرته (ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في سبيل الله، ويؤدّون منه حقوق الله التي أوجبها عليهم فيه. وتتجافى: تتفاعل من الجفاء، والجفاء: النبو، كما قال الراجز:

وَصَــاحِبي ذَاتُ هِبــاب دَمْشَــقُ

وَابــنُ مِــلاطٍ مُتجــاف أرْفَـقُ (1)

يعني: أن كرمها سجية عن ابن ملاط، وإنما وصفهم تعالى ذكره بتجافي جنوبهم عن المضاجع؛ لتركهم الاضطجاع للنوم شغلا بالصلاة.

واختلف أهل التأويل في الصلاة التي وصفهم جلّ ثناؤه، أن جنوبهم تتجافى لها عن المضطجع، فقال بعضهم: هي الصلاة بين المغرب والعشاء، وقال: نـزلت هذه الآية في قوم كانوا يصلون في ذلك الوقت.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن أبي عروبة، قال: قال قتادة، قال أنس في قوله: كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ قال: كانوا يتنفَّلون فيما بين &; 20-179 &; المغرب والعشاء، وكذلك (تتجافى جنوبهم) قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن سعيد، عن قَتادة، عن أنس في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ) قال: يصلون ما بين هاتين الصلاتين.

حدثني عليّ بن سعيد الكنديّ، قال: ثنا حفص بن غياث، عن سعيد، عن قَتادة، عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: ما بين المغرب والعشاء.

حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا يزيد بن حيان، قال: ثنا الحارث بن وجيه الراسبي، قال: ثنا مالك بن دينار، عن أنس بن مالك، أن هذه الآية نـزلت في رجال من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ).

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قَتادة، عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: كانوا يتطوعون فيما بين المغرب والعشاء.

قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن أنس (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: ما بين المغرب والعشاء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: كانوا يتنفَّلون ما بين صلاة المغرب وصلاة العشاء.

وقال آخرون: عنى بها صلاة المغرب (2) .

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن طلحة، عن عطاء (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: عن العتمة.

وذُكر عن حجاج، عن ابن جريج، قال: قال يحيى بن صَيفي، عن أبي سلمة، قال: العتمة.

وقال آخرون: لانتظار صلاة العتمة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الله بن أبي زياد، قال: ثنا عبد العزيز بن عبد إلى الأويسي، عن &; 20-180 &; سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك، أن هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) نـزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة.

وقال آخرون: عنى بها قيام الليل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، عن الحسن (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: قيام الليل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: هؤلاء المتهجدون لصلاة الليل.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) يقومون يصلون من الليل.

وقال آخرون: إنما هذه صفة قوم لا تخلو ألسنتهم من ذكر الله.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: اخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُم خَوْفا وَطَمَعا): وهم قوم لا يزالون يذكرون الله، إما في صلاة، وإما قياما، وإما قعودا، وإما إذا استيقظوا من منامهم، هم قوم لا يزالون يذكرون الله.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ ...) إلى آخر الآية، يقول: تتجافى لذكر الله، كلما استيقظوا ذكروا الله، إما في الصلاة، وإما في قيام، أو في قعود، أو على جنوبهم، فهم لا يزالون يذكرون الله.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله وصف هؤلاء القوم بأن جنوبهم تنبو عن مضاجعهم، شغلا منهم بدعاء ربهم وعبادته خوفا وطمعا، وذلك نبوّ جنوبهم عن المضاجع ليلا؛ لأن المعروف من وصف الواصف رجلا بأن جنبه نبا عن مضجعه، إنما هو وصف منه له بأنه جفا عن النوم في وقت منام الناس المعروف، وذلك الليل دون النهار، وكذلك تصف العرب الرجل إذا وصفته بذلك، يدلّ على ذلك قول عبد الله بن رواحة الأنصاري رضي الله عنه في صفة نبيّ الله صلى الله عليه وسلم:

يَبِيـتُ يُجـافِي جَنْبَـهُ عَـنْ فِراشِـهِ

إذا اسْـتَثْقَلَت بالمُشْـرِكِينَ المَضَـاجِعُ (3)

فإذا كان ذلك كذلك، وكان الله تعالى ذكره لم يخصص في وصفه هؤلاء القوم بالذي وصفهم به من جفاء جنوبهم عن مضاجعهم من أحوال الليل وأوقاته حالا ووقتا دون حال ووقت، كان واجبا أن يكون ذلك على كلّ آناء الليل وأوقاته. وإذا كان كذلك كان من صلى ما بين المغرب والعشاء، أو انتظر العشاء الآخرة، أو قام الليل أو بعضه، أو ذكر الله في ساعات الليل، أو صلى العتمة ممن دخل في ظاهر قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) لأن جنبه قد جفا عن مضجعه في الحال التي قام فيها للصلاة قائما صلى أو ذكر الله، أو قاعدا بعد أن لا يكون مضطجعا، وهو على القيام أو القعود قادر، غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن توجيه الكلام إلى أنه معني به قيام الليل أعجب إليّ؛ لأن ذلك أظهر معانيه، والأغلب على ظاهر الكلام، وبه جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذلك ما حدثنا به ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن الزبير يحدّث عن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " ألا أدلُّكَ عَلى أبْواب الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وَقِيامُ العَبْدِ في جَوْفِ اللَّيْلِ" وتلا هذه الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ".

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن حماد، قال: ثنا أبو أسامة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت والحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بنحوه.

حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا آدم، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عُتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل، &; 20-182 &; قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بأبْوابِ الخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وَقِيامُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ).

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يزيد بن حيان، عن حماد بن سلمة، قال: ثنا عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ) قال: " قِيامُ العَبْدِ مِن اللَّيْل ".

حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع، قال: ثني أبي، قال: ثني زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى بائع القتّ، عن مجاهد، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل، ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه، فقال: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ).

وأما قوله: (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفا وَطَمَعا...) الآية، فإن بنحو الذي قلنا (4) في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) قال: خوفا من عذاب الله، وطمعا في رحمة الله، ومما رزقناهم ينفقون فى طاعة الله، وفي سبيله.

--------------------------

الهوامش :

(1) البيتان للزفيان (انظرهما في الملحق بديوان العجاج 100). والهباب: النشاط والإسراع في السير. والدمشق: الناقة الخفيفة السريعة، وأنشد أبو عبيدة قول الزفيان:

وَمَنْهَــل طــامٍ عَلَيْــهِ الغَلْفَــقُ

يُنِــيرُ أوْ يُسْــدِى بِــهِ الخَـوَرْنَقُ

وَرَدْتُـــهُ واللَّيْـــلُ دَاجٍ أبْلَــقُ

وَصَــاحبي ذَات هِبــاب دَمْشَــقُ

كأنهـــا بعْـــدَ الكَــلالِ زَوْرَقُ

ولم يذكر البيت الثاني، وهو محل الشاهد عند المؤلف. وفي (اللسان: ملط) قال النضر: الملاطان: ما عن يمين الكركرة وشمالها. وابنا ملاطي البعير: هما العضدان، وقيل كتفاه، وابنا ملاط: العضدان والكتفان. الواحد: ابن ملاط. وقال ابن السكيت: ابنا ملاط: العضدان. والمتجافي: البائن عن جنبها، وذلك أقوى لسيرها. والأرفق: المنفتل المرفق عن الجنب، وهو أرفق، وناقة رفقاء. ا هـ. وقال الأزهري: الذي حفظه بهذا المعنى: ناقة دفقاء، وجمل أدفق، إذا انفتق مرفقه عن جنبه. وفي (اللسان: دفق) ورجل أدفق: إذا انحنى صلبه من كبر أو غم. وأنشد المفضل * وابــن مـلاط متجـاف أدفـق *

ا هـ. وأنشد أبو عبيدة البيتين في مجاز القرآن (الورقة 193 - أ) ولم ينسبه. ثم قال: أدفق (بالدال) أي متنح عن كركرتها. ا هـ .

(2) لعله صلاة العتمة، يعني العشاء، كما تفيده الآثار بعد.

(3) البيت لعبد الله بن رواحة الأنصاري أحد شعراء النبي صلى الله عليه وسلم. ويجافي: يباعد واستثقلت ثقلت: والمضاجع: جمع مضجع، وهو الفراش ينام فيه أو موضعه. والبيت شاهد ثاني على التجافي في قوله تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) : معناه: تبعد. قال أبو عبيدة في مجازالقرآن ( الورقة 195 - ب ): أي ترتفع عنها وتتنحى، لأنهم يصلون بالليل. ا هـ.

(4) انظر تفسير المؤلف للآية في صدر الكلام عليها ص 99.

التدبر :

وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ﴾ حب الله سرى في أجسادهم، حتى الجنوب ذاتها عافت الفرش، وتململت من الرقاد.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ﴾ تتجافى اليوم لِـتَنعَمَ غدًا!
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ ترتفع جنوبهم، وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ، وهو الصلاة في الليل، ومناجاة الله.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ رياح الأسحار تحمل حنين المحبين، وأنين المذنبين، ودموع التائبين، وتأوهات اﻷوابين.
وقفة
[16] ﴿تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ﴾ قد يداعب النوم جفونهم لكن أجسادهم تأبى إلا القيام ..
وقفة
[16] ﴿تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ﴾ وعندما تتسق الجوارح مع القلب فى خط واحد حدثنى..
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ مِن هدي المؤمنين قيام الليل.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ تتجافى الأجساد في الليالِ الباردة، لِـتَنعَـمَ وتفـوز بجنات عـدن الخـالدة.
عمل
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ شاركهـم الآن، الآن، كن واحدًا منهم.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ رأى أحدهم في منامه خيامًا مضروبة، فسأل: لمن هذه الخيام؟ فقيل له: هذه خيام المتهجدين بالقرآن، فكان لا ينام الليل!
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ تتجافي الأجساد عن الفرش في الليالي الباردة، فتكون المكافأة جنات عدن خالدة.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ كان عبد العزيز بن رواد إذا جن عليه الليل يأتي فراشه، فيمد يده عليه ويقول: «إنك للين، ووالله إن في الجنة لألين منك».
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ تعب الصالحين في مضار الدنيا، هو سبب فوزهم في سباق الآخرة.
عمل
[16] ﴿تتجافى جُنوبهم عن المضاجع﴾ يغالبك النوم، يُغالبك النعاس؟ قم وجاهد، توضأ وصلِّ لله، فأي شرف أن يصطفيك الله لمناجات الوتر.
وقفة
[16] قِيَامُ اللَّيل فِي رَمَضان: النَّبي عليه الصَّلاةُ والسَّلام قام اللَّيل، وجَمْعٌ من أهْلِ العِلم يَرَوْن أنَّ القِيَام بالنِّسبةِ لهُ واجِب، وفي حَقِّ غيرِهِ مَنْدُوب، وهُو من أفْضَل الأعمال، وهُو دَأْبُ الصَّالِحِينْ، وجَاءَ الحَثُّ عليهِ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾، ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذَّاريات: 17]، ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ [الزُّمر: 9]، هذهِ النُّصُوص تجعل طَالبَ العِلْم يَوْجَل إذا فَاتَهُ قِيَامُ اللَّيل، فَأَيُّ فَضْلٍ فاتهُ! وأَيُّ أَجْرٍ عَظِيم حُرِمَ منهُ!
اسقاط
[16] تأمل حالك في الليالي المباركة هل تشعر بلذة النوم وحب الفراش؟ أو أنك تأوي إلى فراشك قدر حاجتك؛ لتستعين بذلك على العبادة، فتلحظ أنك كلما استغرقك النوم قمت فزعًا؛ خوفًا من فوات هذه المغانم؟ تدبر هذه الآية؛ لتكتشف أي (عابد) أنت: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾، فمن ضيع الليالي المباركة، فهو لما سواها أضيع.
وقفة
[16] من علامات محبة الله لك: أن يقيمك تصلي بين يديه في جوف الليل ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾، وما تُترك الراحة والنوم إلا للمحبوب.
وقفة
[16] في الليل أسرارٌ وسكون، وأجمل ما فيه مناجاةُ الحيِّ القيُّوم ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾.
وقفة
[16] الجفاء الذي يورث أنسًا ولذة ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ لحظة قيامك للصلاة ساعة يحبها الله، ويجيب دعوتك فيها، حين تقوم قل: «يا رب».
وقفة
[16] هل تظن أن عاقلًا له حاجة عند ربه ينام وقت السَّحر؟! ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ نغَّصوا راحة جنوبهم ليقوموا إلى راحة قلوبهم، مناجاة الله.
اسقاط
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ وأنت؟!
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ لذة العُبَّـاد في وقت السَّحَر.
عمل
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ لِمَ لا تفعل مثلهم؟! ستجد سعادة قد فقدتها بين ملذّات الحياة.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه.
اسقاط
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ لِمَ لا نشاركهم؟! لعلنا نجد سعادة، قد فقدناها بين ملذّات الحياة.
وقفة
[16] المؤمن يكون جسده في مضجعه، وقلبه قد قطع المراحل مسافرًا إلى حبيبه، فإذا أخذ مضجعه اجتمع عليه حبه وشوقه، فيهزه المضجع إلى مسكنه، كما قال تعالى في حق المحبين: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾.
عمل
[16] عبّاد الليل: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾، فكن واحدًا منهم.
وقفة
[16] إن غاية الحياة تتحقق كلها في الصلاة؛ فالصلاة اتصال بالله واستعداد لحياة الخلود، ثم إنها لذة لا تعدلها -إذا أقيمت على وجهها- لذة من لذائذ الحياة، تدبر حال المحبين للصلاة: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ ... وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ قاموا الليل ثم أنفقوا، طول قيام الليل من أسباب سعة الرزق.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ مَوَاضِع الِاضْطِجَاع بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا ﴿يَدْعُونَ رَبّهمْ خَوْفًا﴾ مِنْ عِقَابه ﴿وَطَمَعًا﴾ فِي رَحْمَته ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ يَتَصَدَّقُونَ.
عمل
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ كلما تقرب إلى الكريم زاد كرمًا، فسارع بالنفقة وبادر بالصدقة.
اسقاط
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ إذا قرأتها يصيبك: إما طرب في القلب أنسًا, أو ألم في النفس حزنًا, فاستر يا رب تقصيرنا.
وقفة
[16] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ بلغ من تقواهم أن جنوبهم اعتادت القيام والتنحي عن الاضطجاع حتي نسب التجافي للجنوب؛ فكأن جنوبهم هي التي تجفو عن المضاجع, فمن أطاع الله وتعبد الله أخضع الله له أعضاءه, نسب التجافي للجنوب؛ فمن أطاع الله سخر الله أعضاءه لطاعته، فسبحان من سخر الجنب لتبتعد عن المضجع.
عمل
[16] اضبط منبّهك لتقوم وتصلي من الليل وتدعو ربك ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾.
وقفة
[16] صلاة الليل دأب الصالحين، وقربة إلى الله، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾.
وقفة
[16] ﴿يَدعونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا﴾ نعبد الله على جانبى الخوف والرجاء معًا.
وقفة
[16] ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ قال ابن الجوزي: «لا يصعبن على الخيل تضميرها، فستفرح به يوم السباق».
وقفة
[16] ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ (وَطَمَعًا) أي: في رضاه الموجب لثوابه، وعبر به دون الرجاء؛ إشارة إلى أنهم لشدة معرفتهم بنقائصهم لا يعدون أعمالهم شيئًا، بل يطلبون فضله بغير سبب، وإذا كانوا يرجون رحمته بغير سبب فهم مع السبب أرجى؛ فهم لا ييأسون من روحه.
وقفة
[16] ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ هذا حال أهل قيام الليل؛ يدعون ربهم خوفًا من عقابه قبل الطمع في ثوابه، فهل دعونا ربنا خوفًا قبل أن ندعوه طمعًا؟
وقفة
[16] من تأمل هذه الآيات: ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾ [الأنبياء: 90]، ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾، ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ [الإسراء: 57] وغيرها، أدرك أن المنهج الحق للمؤمن الموفق في عباداته، بل في حياته أن يكون بين الخوف والرجاء، فلا يطغى أحدهما على الآخر، وهذا هو هدي الأنبياء وسلف الأمة.
وقفة
[16] ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ الحكم العام: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا، والحكم الخاص: من غلب عليه التقصير واليأس، فالرجاء أولى به، ومن غلب عليه استمراء الرقود واعتياد الفتور، فالخوف أولى به.
وقفة
[16] ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ ولما ذكر إيثارهم التقرب إلى الله على حظوظ لذاتهم الجسدية؛ ذكر معه إيثارهم إياه على ما به نوال لَذات أخرى؛ وهو المال.
عمل
[16] ﴿وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ﴾ تصدق اليوم بصدقة.
وقفة
[16] ﴿وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ﴾ انتبه جيدًا، فما معك ليس ملكك ولا بسببك، إنما هو محض رزق من الله لك كى تنفق منه.
وقفة
[16] ﴿وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ﴾ الإيمان والإنفاق وجهان لعملة واحدة.
وقفة
[16، 17] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ... فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ لا جزاء أعظم للذي يترك النوم والراحة فيقوم يصلي لربه إلا شيء يفوق خياله.
وقفة
[16، 17] ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ... فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ من قرَّى عينه بمناجاة الله سِرًّا في ظلمة الليل؛ أقرَّ الله عينه عنده بما لم يُطلع عليه بشرًا.
وقفة
[16، 17] من أعظم ما يحفز لقيام الليل تذكر: ساعة المناجاة لله: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾، تذكر جزائهم من النعيم: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير لا يَسْتَكْبِرُونَ» تتجافى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. جنوب: فاعل مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. عن المضاجع: جار ومجرور متعلق بتتجافى. أي تنبو أو تتباعد أو ترتفع جنوبهم عن الفرش أو مواضع الاضطجاع ومفردها مضجع. وهو موضع الاضطجاع بالأرض.
  • ﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال. أيضا. يدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. ربّ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ خَوْفاً وَطَمَعاً:
  • حال من ضمير «يدعون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وطمعا: معطوفة بالواو على «خوفا» منصوبة وعلامة نصبها الفتحة بتقدير: خائفين وطامعين. أو يكونان مفعولين لهما «لأجلهما» منصوبين وعلامة نصبها الفتحة.
  • ﴿ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ:
  • الواو عاطفة والجملة بعدها في محل نصب حال لأنها معطوفة على جملة حالية وهي يَدْعُونَ رَبَّهُمْ» بتقدير: يدعون ربهم وينفقون مما رزقناهم. مما: اصلها: من حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. وقد أدغمت نون «من» بما: رزق:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «رزقناهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. أو تكون «ما» مصدرية والجملة بعدها: صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلقا بينفقون. ينفقون: تعرب اعراب «يدعون».'

المتشابهات :

الأعراف: 56﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ
الرعد: 12﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ
الروم: 24﴿وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
السجدة: 16﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿تَتَجافى جُنُوبُهم عَنِ المَضاجِعِ﴾ قالَ مالِكُ بْنُ دِينارٍ: سَألْتُ أنَسَ بْنَ مالِكٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: فِيمَن نَزَلَتْ ؟ فَقالَ: كانَ أُناسٌ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُصَلُّونَ مِن صَلاةِ المَغْرِبِ إلى صَلاةِ العِشاءِ الآخِرَةِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ.أخْبَرَنا أبُو إسْحاقَ المُقْرِئُ، قالَ: أخْبَرَنِي الحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا مُوسى بْنُ مُحَمَّدٍ، قالَ: حَدَّثَنا الحُسَيْنُ بْنُ عَلُّويَهْ، قالَ: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ بْنُ عِيسى، قالَ: حَدَّثَنا المُسَيَّبُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: فِينا نَزَلَتْ مَعاشِرَ الأنْصارِ: ﴿تَتَجافى جُنُوبُهم عَنِ المَضاجِعِ﴾ . كُنّا نُصَلِّي المَغْرِبَ فَلا نَرْجِعُ إلى رِحالِنا حَتّى نُصَلِّيَ العِشاءَ الآخِرَةَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ .وقالَ الحَسَنُ ومُجاهِدٌ: نَزَلَتْ في المُتَهَجِّدِينَ الَّذِينَ يَقُومُونَ اللَّيْلَ إلى الصَّلاةِ.ويَدُلُّ عَلى صِحَّةِ هَذا ما أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الخَشّابُ، قالَ: أخْبَرَنا إبْراهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأصْفَهانِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ السَّرّاجُ، قالَ: حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قالَ: حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ قالَ: بَيْنَما نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وقَدْ أصابَنا الحَرُّ فَتَفَرَّقَ القَوْمُ، فَنَظَرْتُ فَإذا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أقْرَبُهم مِنِّي، فَدَنَوْتُ مِنهُ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أنْبِئْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ ويُباعِدُنِي مِنَ النّارِ. قالَ: ”لَقَدْ سَألْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وإنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلى مَن يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ ولا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمُ الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ، وتُؤَدِّي الزَّكاةَ المَفْرُوضَةَ، وتَصُومُ رَمَضانَ، وإنْ شِئْتَ أنْبَأْتُكَ بِأبْوابِ الخَيْرِ كُلِّها“ . فَقالَ: قُلْتُ: أجَلْ يا رَسُولَ اللَّهِ. قالَ: ”الصَّوْمُ جُنَّةٌ، والصَّدَقَةُ تُكَفِّرُ الخَطِيئَةَ، وقِيامُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ يَبْتَغِي وجْهَ اللَّهِ تَعالى“ . قالَ: ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ ﴿تَتَجافى جُنُوبُهم عَنِ المَضاجِعِ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ المؤمِنينَ ووصْفَهم؛ صور هنا أحوالهم في عبادتِهم وتقربِهم إلى الله تصويرًا بديعًا، قال تعالى:
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ ..

التفسير :

[17] فلا تعلم نفس ما ادَّخر الله لهؤلاء المؤمنين مما تَقَرُّ به العين، وينشرح له الصدر؛ جزاء لهم على أعمالهم الصالحة.

وأما جزاؤهم، فقال:{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ} يدخل فيه جميع نفوس الخلق، لكونها نكرة في سياق النفي. أي:فلا يعلم أحد{ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} من الخير الكثير، والنعيم الغزير، والفرح والسرور، واللذة والحبور، كما قال تعالى على لسان رسوله:"أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر"

فكما صلوا في الليل، ودعوا، وأخفوا العمل، جازاهم من جنس عملهم، فأخفى أجرهم، ولهذا قال:{ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

وقوله- سبحانه-: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ... بيان للعطاء الجزيل، والثواب العظيم. أى: فلا تعلم نفس من النفوس سواء أكانت لملك مقرب، أم لنبي مرسل، ما أخفاه الله- تعالى- لهؤلاء المؤمنين المتهجدين بالليل والناس نيام، من ثواب تقر به أعينهم، وتسعد به قلوبهم، وتبتهج له نفوسهم..

وهذا العطاء الجزيل إنما هو بسبب أعمالهم الصالحة في الدنيا.

وهكذا نرى في هذه الآيات الكريمة صورة مشرقة لعباد الله الصالحين، وللثواب الذي لا تحيط به عبارة، والذي أكرمهم الله- تعالى- به.

وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات، عددا من الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل، منها ما رواه الإمام أحمد عن معاذ بن جبل- رضى الله عنه- قال: كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه. ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، أخبرنى بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار. فقال: «لقد سألت عن عظيم، وأنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين، ثم قرأ صلّى الله عليه وسلم: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ... »

وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ثم يرجع فينادى: ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع» .

وعن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن الله- تعالى- قال: «أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر».

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن عدالته قد اقتضت عدم التسوية بين الأخيار والأشرار، وأن كل إنسان إنما يجازى يوم القيامة على حسب عمله فقال- تعالى-.

وقوله : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) أي : فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم ، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد ، لما أخفوا أعمالهم أخفى الله لهم من الثواب ، جزاء وفاقا; فإن الجزاء من جنس العمل .

قال الحسن [ البصري ] : أخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين ، ولم يخطر على قلب بشر . رواه ابن أبي حاتم .

قال البخاري : قوله : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) الآية : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " . قال أبو هريرة : فاقرءوا إن شئتم : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) .

قال : وحدثنا سفيان ، حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال الله مثله . قيل لسفيان : رواية ؟ قال : فأي شيء ؟ .

ورواه مسلم والترمذي من حديث سفيان بن عيينة ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح .

ثم قال البخاري : حدثنا إسحاق بن نصر ، حدثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، حدثنا أبو صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ذخرا من بله ما أطلعتم عليه " ، ثم قرأ : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) .

قال أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قرأ أبو هريرة : " قرات أعين " . انفرد به البخاري من هذا الوجه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى قال : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " .

أخرجاه في الصحيحين من رواية عبد الرزاق . ورواه الترمذي في التفسير ، وابن جرير ، من حديث عبد الرحيم بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله . ثم قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال حماد : أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من يدخل الجنة ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " .

رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة به .

وروى الإمام أحمد : حدثنا هارون ، حدثنا ابن وهب ، حدثني أبو صخر ، أن أبا حازم حدثه قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي ، رضي الله عنه ، يقول : شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة ، حتى انتهى ، ثم قال في آخر حديثه : " فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " ، ثم قرأ هذه الآية : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع [ يدعون ربهم خوفا وطمعا ] ) ، إلى قوله : ( يعملون ) .

وأخرجه مسلم في صحيحه عن هارون بن معروف ، وهارون بن سعيد ، كلاهما عن ابن وهب ، به .

وقال ابن جرير : حدثني العباس بن أبي طالب ، حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا سلام بن أبي مطيع ، عن قتادة ، عن عقبة بن عبد الغافر ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يروي عن ربه ، عز وجل ، قال : " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " . لم يخرجوه .

وقال مسلم أيضا في صحيحه : حدثنا ابن أبي عمر وغيره ، حدثنا سفيان ، حدثنا مطرف بن طريف وعبد الملك بن سعيد ، سمعا الشعبي يخبر عن المغيرة بن شعبة قال : سمعته على المنبر - يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال : " سأل موسى ، عليه السلام ربه عز وجل : ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول : أي رب ، كيف وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب . فيقول : لك ذلك ، ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله ، فقال في الخامسة : رضيت رب . فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك . فيقول : رضيت رب . قال : رب ، فأعلاهم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت ، غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر " ، قال : ومصداقه من كتاب الله : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) .

ورواه الترمذي عن ابن أبي عمر ، وقال : حسن صحيح ، قال : ورواه بعضهم عن الشعبي ، عن المغيرة ولم يرفعه ، والمرفوع أصح .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن منير المدائني ، حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ، حدثنا زياد بن خيثمة ، عن محمد بن جحادة ، عن عامر بن عبد الواحد قال : بلغني أن الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ، ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه ، فتقول له : قد أنى لك أن يكون لنا منك نصيب ؟ فيقول : من أنت ؟ فتقول : أنا من المزيد . فيمكث معها سبعين سنة ، ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه ، فتقول له : قد أنى لك أن يكون لنا منك نصيب ، فيقول : من أنت ؟ فتقول : أنا التي قال الله : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) .

وقال ابن لهيعة : حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير قال : تدخل عليهم الملائكة في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات ، معهم التحف من الله من جنات عدن ما ليس في جناتهم ، وذلك قوله : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) ، ويخبرون أن الله عنهم راض .

وقال ابن جرير : حدثنا سهل بن موسى الرازي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن صفوان بن عمرو ، عن أبي اليمان الهوزني - أو غيره - قال : الجنة مائة درجة ، أولها درجة فضة وأرضها فضة ، ومساكنها فضة ، [ وآنيتها فضة ] وترابها المسك . والثانية ذهب ، وأرضها ذهب ، ومساكنها ذهب ، وآنيتها ذهب ، وترابها المسك . والثالثة لؤلؤ ، وأرضها لؤلؤ ، ومساكنها اللؤلؤ ، وآنيتها اللؤلؤ ، وترابها المسك . وسبع وتسعون بعد ذلك ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . ثم تلا هذه الآية : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن الحكم بن أبان ، عن الغطريف ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الروح الأمين قال : " يؤتى بحسنات العبد وسيئاته ، ينقص بعضها من بعض ، فإن بقيت حسنة [ واحدة ] وسع الله له في الجنة " ، قال : فدخلت على " يزداد " فحدث بمثل هذا الحديث ، قال : فقلت : فأين ذهبت الحسنة ؟ قال : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) [ الأحقاف : 16 ] . قلت : قوله تعالى : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ) ، قال : العبد يعمل سرا أسره إلى الله ، لم يعلم به الناس ، فأسر الله له يوم القيامة قرة أعين .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)

يقول تعالى ذكره: فلا تعلم نفسٌ ذي نفس ما أخفي الله لهؤلاء الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هاتين الآيتين، مما تقرّ به أعينهم في جنانه يوم القيامة (جَزَاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) يقول: ثوابا لهم على أعمالهم التي كانوا في الدنيا يعملون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، &; 20-183 &; عن أبي عبيدة (5) قال: قال عبد الله: إن في التوراة مكتوبا: لقد أعدّ الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر، ولم تسمع أذن، وما لم يسمعه ملك مقرّب. قال: ونحن نقرؤها: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسُ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ).

حدثنا خلاد، قال: أخبرنا النضر بن شميل، قال: أخبرنا إسرائيل، قال: أخبرنا أبو إسحاق، عن عُبيدة بن ربيعة، عن ابن مسعود، قال: مكتوب في التوراة على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، في القرآن (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ منْ قُرَّةِ أعْيُن جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ).

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: خبئ لهم ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال سفيان: فيما علمت على غير وجه الشكّ.

حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عبيدة، قال: قال عبد الله، قال -يعني- الله: " أعددت لعبادي الصالحين ما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب ناظر (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ من قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بما كانُوا يعْلَمونَ)".

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن صلت، عن قيس بن الربيع، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة الحارثي، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن في التوراة للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع من الكرامة، ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر، ولم تسمع أذن، وإنه لفي القرآن (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُن).

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا الأشجعي، عن ابن أبجر، قال: سمعت الشعبيّ يقول: سمعت المغيرة بن شعبة يقول على المنبر: إن موسى صلى الله عليه وسلم سأل &; 20-184 &; عن أبخس أهل الجنة فيها حظا، فقيل له: رجل يُؤتى به وقد دخل أهل الجنة الجنة، قال: فيقال له: ادخل، فيقول: أين وقد أخذ الناس أخذاتهم؟ فيقال: اعدد أربعة ملوك من ملوك الدنيا، فيكون لك مثل الذي كان لهم، ولك أخرى شهوة نفسك، فيقول: أشتهي كذا وكذا، واشتهي كذا، وقال: لك أخرى، لك لذّة عينك، فيقول: ألذّ كذا وكذا، فيقال: لك عشرة أضعاف مثل ذلك، وسأله عن أعظم أهل الجنة فيها حظا، فقال: ذاك شيء ختمت عليه يوم خلقت السموات والأرض. قال الشعبي: فإنه في القرآن: ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).

حدثني أحمد بن محمد الطَّوسي، قال: ثنا الحميدي، قال: ثنا ابن عُيينة، وحدثني به القرقساني، عن ابن عيينة، عن مطرف بن طريف، وابن أبجر، سمعنا الشعبيّ يقول: سمعت المغيرة بن شعبة على المنبر يرفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم: " إنَّ مُوسَى سألَ رَبَّهُ: أيْ رَبّ، أيُّ أهْلِ الجَنَّةِ أدْنى مَنـزلةً؟ قال: رَجُلٌ يَجيءُ بَعْدَما دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فَيُقالُ لَهُ: ادْخُلْ. فَيَقُولَ: كَيْفَ أَدْخُلُ وَقَدْ نـزلُوا منازِلَهُمْ؟ فَيقالُ لَهُ: أتَرْضَى أنْ يَكُونَ لكَ مِثْلَ ما كانَ لِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيا؟ فَيَقُولُ: بَخ أيْ رب قَدْ رَضِيتُ، فَيُقالُ لَهُ: إنَّ لَكَ هَذَا وَمِثْلَهُ وَمِثْلَهُ وَمِثْلَهُ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ أيْ رَبّ رَضِيتُ، فَيُقالُ لَهُ: إنَّ لَكَ هَذَا وَعَشْرَةُ أمثالِهِ مَعَهُ، فَيقُول: رَضِيتُ أيْ رَبّ، فَيُقالُ لَهُ: فإنَّ لَكَ مَعَ هَذَا ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، قالَ: فَقالَ مُوسَى: أيْ ربّ، وأيُّ أهْل الجَنَّة أرْفَعُ مَنـزلَةً، قَالَ: إيَّاها أرَدْتُ، وسأُحَدّثكَ عَنْهُمْ غَرسْتُ لَهُمْ كَرَامَتِي بِيَدي، وَخَتَمْتُ عَلَيْها، فَلا عَيْنٌ رأت، وَلا أُذُنٌ سَمعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ. قالَ: وَمِصْدَاقُ ذلِكَ فِي كِتاب اللهِ(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِي لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُن جِزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ).

حدثنا محمد بن منصور الطوسي، قال: ثنا إسحاق بن سليمان، قال: ثنا عمرو بن أبي قَيْس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس في قوله: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وكان عرش الله على الماء، ثم اتخذ لنفسه جنة، ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقها بلؤلؤة واحدة، قال: وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ قال: وهي التي لا تعلم نفس، أو قال: هما التي لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء &; 20-185 &; بما كانوا يعملون. قال: وهي التي لا تعلم الخلائق ما فيها أو ما فيهما يأتيهم كل يوم منها أو منهما تحفة.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جُبَير، بنحوه.

حدثنا سهل بن موسى الرازي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن صفوان بن عمرو، عن أبي اليمان الهوزني أو غيره، قال: الجنة مئة درجة، أوّلها درجة فضة، أرضها فضة، ومساكنها فضة، وآنيتها فضة، وترابها المسك. والثانية ذهب، وأرضها ذهب، ومساكنها ذهب، وآنيتها ذهب، وترابها المسك. والثالثة لؤلؤ، وأرضها لؤلؤ، ومساكنها لؤلؤ، وآنيتها لؤلؤ، وترابها المسك. وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأته، ولا أذن سمعته، ولا خطر على قلب بشر، وتلا هذه الآية (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ).

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا المحاربي وعبد الرحيم، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قالَ اللهُ: أَعْدَدْتُ لِعبادي الصَّالِحينَ ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ، واقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ، قَالَ اللهُ: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ)".

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا أبو معاوية وابن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعْدَدْتُ لِعبَادي الصَّالِحِينَ، مَا لا عَيْنٌ رَأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" قال أبو هريرة: ومِن بَلْهَ ما أطلعكم عليه، اقرَءُوا إن شئتم: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ) قال أبو هريرة: نقرؤها: (قُرَّاتِ أعْيُنٍ).

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، عن الروح الأمين، قال: " يُؤْتَي بِحَسَناتِ العَبْدِ وَسَيِّئاتِهِ، فَيَنْقُصُ بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ، فإنْ بَقِيَتْ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ، وَسَّعَ اللهُ لَهُ فِي الجَنَّة "، قال: فدخلت على يزداد، فحدّث بمثل هذا؛ قال: قلت: فأين ذهبت الحسنة؟ قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ، قلت: قوله: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ) قال: العبد يعمل سرّا أسرّه إلى الله لم يعلم به الناس، فأسرّ الله له يوم القيامة قرّة عين.

حدثني العباس بن أبي طالب، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: ثنا سلام بن أبي مطيع، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يروي عن ربه، قال: " أَعْدَدْتُ لِعِبادِيَ الصَّالِحينَ ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ".

حدثني أبو السائب، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني أبو صخر، أن أبا حازم حدثه، قال: سمعت سهل بن سعد يقول: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: " فيهَا ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" ثم قرأ هذه الآية تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ... إلى قوله: (جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ).

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن عوف، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قالَ رَبُّكُمْ: أَعْدَدْتُ لِعَبادِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحاتِ ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ".

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي ذلك عن ربه، " قالَ رَبُّكُمْ: أَعْدَدْتُ لِعِبادي الصَّالِحينَ ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشِرٍ".

حدثني ابن وكيع، قال: ثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ) قال: أخفوا عملا في الدنيا، فأثابهم الله بأعمالهم.

حدثني القاسم بن بشر، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال حماد: أحسبه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ يَنْعَمْ وَلا يَبْؤُسْ، لا تَبْلَى ثِيابُهُ، وَلا يَفْنَى شَبابُهُ، في الجَنَّةِ ما لا عَيْنٌ رأتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ".

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أعْيُنٍ) فقرأ ذلك بعض المدنيين والبصريين، وبعض الكوفيين: (أُخْفِيَ) بضم الألف وفتح الياء &; 20-187 &; بمعنى فُعِل. وقرأ بعض الكوفيين: (أُخْفِي لَهُمْ) بضم الألف وإرسال الياء، بمعنى أفعل، أخفي لهم أنا.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، لأن الله إذا أخفاه فهو مخفي، وإذا أخفي فليس له مخف غيره، و " ما " في قوله: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ) فإنها إذا جعلت بمعنى الذي كانت نصبا بوقوع تعلم عليها كيف قرأ القارئ أخفي، وإذا وجهت إلى معنى أيّ كانت رفعا إذا قرئ أخفى بنصب الياء وضم الألف، لأنه لم يسمّ فاعله، وإذا قرئ أُخفِي بإرسال الياء كانت نصبا بوقوع أخفي عليها.

-------------------

الهوامش :

(5) عبيدة بن ربيعة بضم العين. وقيل: هو عبيد بفتحها وبلا هاء. وهو الذي يروي عنه أبو إسحاق كما في الخلاصة، وفي الأصل: أبي عبيدة، ولعل "أبي" زيادة من الناسخ.

التدبر :

وقفة
[17]‏ ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم﴾ ما أعظم هذا التشويق الإلهي للجنة! الذي لا يبقي لمؤمنٍ طمعًا في حرام.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم﴾ كم ارتجو حسن الجزاء! كم بكت قلوبهم شوقًا لربهم وتقصيرًا وخوفًا! فأثابهم بما يتعدى الحلم والخيال.
وقفة
[17] من أخفى عبادته عن أعين البشر؛ أعد الله له جزاء في الجنة لم ترهُ عين بشر، ولذلك أتت آية: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم﴾ بعد ذكر قيام الليل.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ أي: فلا يعلم أحدٌ عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد؛ لما أخفوا أعمالهم، كذلك أخفى الله لهم من الثواب، جزاء وفاقًا؛ فإن الجزاء من جنس العمل.
تفاعل
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ لك أن تطلق لنفسك عنان الخيال، وتتصور ما لم يخطر لك على بال، فهنالك ما هو أجمل وأروع!
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ هو نعيم لك وحدك، حتى في لذة التخيل والتصور لا يشاركك فيه غيرك، اللهم إنا نسألك من فضلك.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ لذة الدهشة والانبهار والترقب.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ لم يجعل لنعيم الجنة اسمًا، بل هو شيء مفاجئ، لم يخطر على قلب بشر، ولم تره عين، ولم تسمع به أذن، وما جاء إنما هو أمثلة: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ [الرعد: 35]، فهذه أمثلة، والأمثلة ليست كالحقيقة.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ حين يخفي لك من تحب مفاجأة ستشتاق إليها، كيف لو كان العظيم هو من أخفاها لك!
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ كل غيمة حزن وتعب علت محياك، ستذهب بها بهجة الجنة، وفرحة الجنة، ونعيم الجنة، ورفاهية الجنة، وأُنس الجنة، وسعادة الجنة.
وقفة
[17] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾». [البخاري 4779].
عمل
[17] لا تحزن إذا آلمتك أوجاعك وتكدست عليك المصائب، وكن على ثقه دومًا أن الله يخبئ لك أجمل مما تمنيت ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾.
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قال الحسن البصري: «أخفى قوم عملهم؛ فأخفى الله لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر».
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ هذه لذة الخبر، فكيف بلذة النظر؟!
وقفة
[17] ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ لابد من عمل، ومن أجلّ أعمالهم: قيامهم لصلاة الفجر والناس نائمون.
وقفة
[17] ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعلمون﴾ تأمل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس!
وقفة
[17] ﴿فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهُمْ منْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جزاءً بما كانُوا يعْمَلُونَ﴾ أي تلهف تخلقه هذه الآية في قلوب المؤمنين الطائعين! إن استمرار هذه اللهفة هو كاستمرار تدفق الوقود الدافع لمزيد العمل مع الصبر مهما طال الطريق.
وقفة
[17] ﴿فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهُمْ منْ قُرَّةِ أعْيُنٍ جزاءً بما كانُوا يعْمَلُونَ﴾ ‏من أحب أن تفتح له فرجة في قلبه - أي انشراحًا في صدره - فليكن عمله في السر أفضل من العلانية.
وقفة
[17] ﴿فَلا تَعلَمُ نَفسٌ ما أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزاءً بِما كانوا يَعمَلونَ﴾ تأملوا: الله يخفى عنك ليفاجئك بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، اللهم فردوسك الأعلى.
وقفة
[17] الإنسان حينما يكون عمله صالحًا في الدنيا تنتظره سعادةٌ لا يعلمها إلا الله ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
عمل
[17] ليكن لك خبيئة عمل صالح، اعمل عملًا صالحًا لا يطّلع عليه إلا الله ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ:
  • الفاء استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. تعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة. نفس: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ ما أُخْفِيَ لَهُمْ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون بمعنى «الذي» في محل نصب مفعول به. أخفي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأخفي أي أخفاه الله لهم بمعنى ولا تدري الذي ادخره الله لأهل الجنة. وجملة أُخْفِيَ لَهُمْ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» بمعنى حالة كونه من قرة أعين لأن «من» حرف جر بياني. و «ما» اسم مبهم. اعين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى: من السرور والارتياح سرور قلوبهم وارتياح نفوسهم.
  • ﴿ جَزاءً بِما كانُوا:
  • مفعول لأجله-له-أو من أجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة أو مفعول مطلق-مصدر-منصوب بفعل مضمر بمعنى وما سيجازون به جزاء لهم. بما: الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. وجملة كانُوا يَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد -الراجع-الى الموصول ضمير منصوب لأنه مفعول به. التقدير: بما كانوا يعملونه. أو تكون «ما» مصدرية والجملة بعدها صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء بمعنى على حسن أعمالهم.
  • ﴿ يَعْمَلُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

التوبة: 82﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
التوبة: 95﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ ۖ إِنَّهُمْ رِجْسٌ ۖ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
فصلت: 28﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ۖ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا صلوا في الليل، وأخفوا أعمالهم؛ جازاهم اللهُ من جنس عملهم، فأخفى أجرهم، قال تعالى:
﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أخفى:
1- فعلا ماضيا مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فعلا مضارعا للمتكلم، وهى قراءة حمزة، والأعمش، ويعقوب.
3- فعلا ماضيا مبنيا للفاعل، وهى قراءة محمد بن كعب.
4- نخفى، بالنون، وهى قراءة ابن مسعود.
قرة:
وقرئ:
قرات، على الجمع، بالألف والتاء، وهى قراءة عبد الله، وأبى الدرداء، وأبى هريرة، وعون العقيلي.

مدارسة الآية : [18] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ ..

التفسير :

[18] أفمن كان مطيعاً لله ورسوله مصدقاً بوعده ووعيده، مثل من كفر بالله ورسله وكذب باليوم الآخر؟ لا يستوون عند الله.

ينبه تعالى، العقول على ما تقرر فيها، من عدم تساوي المتفاوتين المتباينين، وأن حكمته تقتضي عدم تساويهما فقال:{ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا} قد عمر قلبه بالإيمان، وانقادت جوارحه لشرائعه، واقتضى إيمانه آثاره وموجباته، من ترك مساخط اللّه، التييضر وجودها بالإيمان.

{ كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} قد خرب قلبه، وتعطل من الإيمان، فلم يكن فيه وازع ديني، فأسرعت جوارحه بموجبات الجهل والظلم، من كل إثم ومعصية، وخرج بفسقه عن طاعة الله.

أفيستوي هذان الشخصان؟.

{ لَا يَسْتَوُونَ} عقلاً وشرعًا، كما لا يستوي الليل والنهار، والضياء والظلمة، وكذلك لا يستوي ثوابهما في الآخرة.

والاستفهام في قوله: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً.. للإنكار، والفسوق: الخروج عن طاعة الله.

أى: أفمن كان في هذه الدنيا مؤمنا بالله حق الإيمان، كمن كان فيها فاسقا وخارجا عن طاعة الله- تعالى- وعن دينه الذي ارتضاه لعباده؟

كلا، إنهم لا يستوون لا في سلوكهم وأعمالهم، ولا في جزائهم الدنيوي أو الأخروى.

وقد ذكروا أن هذه الآية نزلت في شأن الوليد بن عقبة، وعلى بن أبى طالب- رضى الله عنه-، حيث قال الوليد لعلى: أنا أبسط منك لسانا، وأحد سنانا، وأملأ في الكتيبة جسدا، فقال له على: اسكت، فإنما أنت فاسق، فنزلت هذه الآية .

يخبر تعالى عن عدله [ وكرمه ] أنه لا يساوي في حكمه يوم القيامة من كان مؤمنا بآياته متبعا لرسله ، بمن كان فاسقا ، أي : خارجا عن طاعة ربه مكذبا لرسله إليه ، كما قال تعالى : ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) [ الجاثية : 21 ] ، وقال تعالى : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) ، وقال تعالى : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر : 20 ] ; ولهذا قال تعالى هاهنا : ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) أي : عند الله يوم القيامة .

القول في تأويل قوله تعالى : أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ (18)

يقول تعالى ذكره: أفهذا الكافر المكذّب بوعد الله ووعيده، المخالف أمر الله ونهيه، كهذا المؤمن بالله، والمصدّق بوعده ووعيد، المطيع له في أمره ونهيه، كلا لا يستوون عند الله يقول: لا يعتدل الكفَّار بالله، والمؤمنون به عنده، فيما هو فاعل بهم يوم القيامة. وقال: ( لا يَسْتَوُونَ ) فجمع، وإنما ذكر قبل ذلك اثنين: مؤمنا وفاسقا؛ لأنه لم يرد بالمؤمن: مؤمنا واحدا، وبالفاسق: فاسقا واحدا، وإنما أريد به جميع الفسَّاق، وجميع المؤمنين بالله. فإذا كان الاثنان غير مصمود لهما ذهبت لهما العرب مذهب الجمع.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت في عليّ بن أبي طالب، رضوان الله عليه، والوليد بن عُقبة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: ثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نـزلت بالمدينة، في عليّ بن أبي طالب، والوليد &; 20-188 &; بن عقبة بن أبي معيط كان بين الوليد وبين عليّ كلام، فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لسانا، وأحدّ منك سنانا، وأرد منك للكتيبة، فقال عليّ: اسكت، فإنك فاسق، فأنـزل الله فيهما: ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ ) إلى قوله: (بِهِ تُكَذّبُونَ).

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ ) قال: لا والله ما استووا في الدنيا، ولا عند الموت، ولا في الآخرة.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[18] ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾ المؤمن خيرٌ من ملء الأرض من الفُساق، ولو كانوا أكثر ثراء وأفصح لسانًا وأعظم عمرانًا.
وقفة
[18] ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ﴾ المرادُ بالفاسق هنا: الكافرُ، بقرينةِ التفصيل بعده، وإِلَّا فالفاسقُ مؤمنٌ، ونظيره قولُه تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمينَ كَالمُجْرِمينَ﴾ [القلم: 35]، وقوله: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجعلَهُمْ كالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [الجاثية: 21]، إذ ليسَ كلُّ مجرمٍ ومسيءٍ كافرٌ.
وقفة
[18] ﴿أَفَمَن كانَ مُؤمِنًا كَمَن كانَ فاسِقًا﴾ تساؤل يجب أن يدور بخلدك دائمًا، والإجابة واضحة وصريحة: ﴿لا يَستَوونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً:
  • الهمزة همزة انكار بلفظ‍ استفهام دخلت على الفاء لإنكار أن تقع شبهة. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. مؤمنا: خبر «كان» منصوب بالفتحة وجملة كانَ مُؤْمِناً» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. أي أفمن كان مؤمنا بالله.
  • ﴿ كَمَنْ كانَ فاسِقاً:
  • الكاف اسم مبني على الفتح بمعنى «مثل» في محل رفع خبر المبتدأ «من» الأولى. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. ويجوز أن تكون الكاف حرف جر للتشبيه. و «من» في محل جر بالكاف. وشبه الجملة «كمن» متعلقا بخبر المبتدأ «من» الأولى. كان فاسقا: تعرب اعراب كانَ مُؤْمِناً» بمعنى: كان خارجا عن حدود الشرع والجملتان محمولتان على لفظ‍ «من» ومعناها هنا: الجمع بدليل قوله لا يَسْتَوُونَ».
  • ﴿ لا يَسْتَوُونَ:
  • بمعنى: كلا لا يستوون. والجملة جواب الاستفهام لا محل لها من الاعراب. لا: نافية لا عمل لها. يستوون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

الأنعام: 122﴿ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
هود: 17﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى
السجدة: 18﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ
محمد: 14﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أفَمَن كانَ مُؤْمِنًا كَمَن كانَ فاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ﴾ نَزَلَتْ في عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ والوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ.أخْبَرَنا أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأصْفَهانِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الحافِظُ، قالَ: أخْبَرَنا إسْحاقُ بْنُ بُنانٍ الأنْماطِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا حُبَيْشُ بْنُ مُبَشِّرٍ الفَقِيهُ، قالَ: حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسى، قالَ: حَدَّثَنا ابْنُ أبِي لَيْلى، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ الوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ لِعَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنا أحَدُّ مِنكَ سِنانًا، وأبْسَطُ مِنكَ لِسانًا، وأمْلَأُ لِلْكَتِيبَةِ مِنكَ. فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ: اسْكُتْ فَإنَّما أنْتَ فاسِقٌ. فَنَزَلَ: ﴿أفَمَن كانَ مُؤْمِنًا كَمَن كانَ فاسِقًا لّا يَسْتَوُونَ﴾ . قالَ: يَعْنِي بِالمُؤْمِنِ عَلِيًّا، وبِالفاسِقِ الوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ حالى المجرمين والمؤمنين؛ ذكرَ هنا سؤالًا للعقلاء: هل يستوي الفريقان؟ ثم بَيَّنَ أنهما لا يستويان، قال تعالى:
﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..

التفسير :

[19] أما الذين آمنوا بالله وعملوا بما أُمِروا به فجزاؤهم جنات يأوون إليها، ويقيمون في نعيمها ضيافة لهم؛ جزاءً لهم بما كانوا يعملون في الدنيا بطاعته.

{ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} من فروض ونوافل{ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى} أي:الجنات التي هي مأوى اللذات، ومعدن الخيرات، ومحل الأفراح، ونعيم القلوب، والنفوس، والأرواح، ومحل الخلود، وجوار الملك المعبود، والتمتع بقربه، والنظر إلى وجهه، وسماع خطابه.

{ نُزُلًا} لهم أي:ضيافة، وقِرًى{ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فأعمالهم التي تفضل اللّه بها عليهم، هي التي أوصلتهم لتلك المنازل الغالية العالية، التي لا يمكن التوصل إليها ببذل الأموال، ولا بالجنود والخدم، ولا بالأولاد، بل ولا بالنفوس والأرواح، ولا يتقرب إليها بشيء

أصلا، سوى الإيمان والعمل الصالح.

ثم فصل- سبحانه- حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة الفاسقين، فقال: أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله حق الإيمان وَعَمِلُوا الأعمال الصَّالِحاتِ.

فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى أى: فلهم الجنات التي يأوون إليها، ويسكنون فيها نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ والنزل: أصله ما يهيّأ للضيف النازل من الطعام والشراب والصلة، ثم عمم في كل عطاء. أى: فلهم جنات المأوى ينزلون فيها نزولا مصحوبا بالتكريم والتشريف جزاء أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا.

وقد ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما : أنها نزلت في علي بن أبي طالب ، وعقبة بن أبي معيط ; ولهذا فصل حكمهم فقال :( أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) أي : صدقت قلوبهم بآيات الله وعملوا بمقتضاها ، وهي الصالحات ( فلهم جنات المأوى ) أي : التي فيها المساكن والدور والغرف العالية ) نزلا ) أي : ضيافة وكرامة ( بما كانوا يعملون)

وقوله: ( أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى ) يقول تعالى ذكره: أما الذين صدّقوا الله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله ورسوله، فلهم جنات المأوى: يعني بساتين المساكن التي يسكنونها في الآخرة ويأوون إليها. وقوله: (نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يقول: نـزلا بما أنـزلهموها جزاء منه لهم بما كانوا يعملون في الدنيا بطاعته.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الجنة عمل يسير وأجر كبير.
وقفة
[19] ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الجنة عمل يسير وأجر كبير، تأمل ما حدث لعمرو بن ثابت بن وقش الأشهلي، وهو ابن أخت حذيفة بن اليمان، عَنْ الْبَرَاء بن مالك t قال: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أُسْلِمُ؟ قَالَ: أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ، فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا». [البخاري 2808].
لمسة
[19] ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ (فلهم): هذه لام التمليك، وهي تفيد مزيد الإكرام؛ لأنه إن قال: اسكنوا هذه الجنة، فيحتمل هذا أن يكون على سبيل الإعارة، وله أن يسترد جنته منهم متى شاء، وأما مع هذه اللام المباركة، فهو بمثابة صك تمليك أبدي.
تفاعل
[19] ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى﴾ سَل الله الجنة الآن.
وقفة
[19] ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ العمل الصالح سبب دخول الجنة، والعمل ثلاثة أنواع: عمل القلب: وأوله الإيمان، النية الصالحة، وإخلاص العمل لله. والثاني: عمل اللسان بالنطق بالشهادتين، ثم الذكر والدعاء والتسبيح. والثالث: عمل الجوارح من صلاة وصيام وزكاة وحج وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

الإعراب :

  • ﴿ أَمَّا:
  • حرف شرط‍ وتفصيل. وسميت حرف شرط‍ لأن جوابها مقترن بفاء لا تفارقها أي لا تفارق أما.
  • ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. آمنوا:فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب اعرابها.الصالحات: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
  • ﴿ فَلَهُمْ جَنّاتُ الْمَأْوى:
  • الفاء واقعة في جواب «أما» والجملة الاسمية بعدها:في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. جنات: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المأوى: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. بمعنى جنات المسكن الدائم.
  • ﴿ نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ:
  • تعرب اعراب «جزاء». بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» الواردة في الآية الكريمة السابعة عشرة. أو تكون «نزلا» تمييزا أو حالا من «الجنات».'

المتشابهات :

آل عمران: 57﴿وَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
النساء: 173﴿فَـ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ
الروم: 15﴿فَـ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
الجاثية: 30﴿فَـ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ
السجدة: 19﴿ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ أن الفريقين لا يستويان؛ بَيَّنَ هنا مآل كل منهما يوم القيامة، وبدأ بالمؤمنين، قال تعالى:
﴿ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نزلا:
1- بضم الزاى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكانها، وهى قراءة أبى حيوة.

مدارسة الآية : [20] :السجدة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ..

التفسير :

[20] وأما الذين خرجوا عن طاعة الله وعملوا بمعاصيه فمستقرهم جهنم، كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها، وقيل لهم -توبيخاً وتقريعاً-:ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون في الدنيا.

{ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} أي:مقرهم ومحل خلودهم، النار التي جمعت كل عذاب وشقاء، ولا يُفَتَّرُ عنهم العقاب ساعة.

{ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} فكلما حدثتهم إرادتهم بالخروج، لبلوغ العذاب منهم كل مبلغ، ردوا إليها، فذهب عنهم روح ذلك الفرج، واشتد عليهم الكرب.

{ وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} فهذا عذاب النار، الذي يكون فيه مقرهم ومأواهم، وأما العذاب الذي قبل ذلك، ومقدمة له وهو عذاب البرزخ، فقد ذكر بقوله:

وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا أى: خرجوا عن طاعتنا، وعن دعوة رسولنا صلّى الله عليه وسلم فَمَأْواهُمُ النَّارُ أى: فمنزلتهم ومسكنهم ومستقرهم النار وبئس القرار.

كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها هربا من لهيبها وسعيرها وعذابها.

أُعِيدُوا فِيها مرغمين مكرهين، وردوا إليها مهانين مستذلين.

وَقِيلَ لَهُمْ على سبيل الزجر والتأنيب وزيادة الحسرة في قلوبهم.

ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ في الدنيا، وتستهزءون بمن ينذركم به، ويخوفكم منه.

أي : خرجوا عن الطاعة ، ( فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ) كقوله : ( كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ) الآية [ الحج : 22 ] .

قال الفضيل بن عياض : والله إن الأيدي لموثقة ، وإن الأرجل لمقيدة ، وإن اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم .

( وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ) أي : يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا .

وقوله: (وأمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) يقول تعالى ذكره: وأما الذين كفروا بالله، وفارقوا طاعته (فَمأْوَاهُمُ النَّارُ) يقول: فمساكنهم التي يأوون إليها في الآخرة النار ( كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ ) في الدنيا(تُكَذّبُونَ) أن الله أعدّها لأهل الشرك به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وأمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) أشركوا(وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) والقوم مكذّبون كما ترون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ الفسق هنا هو الكفر، ومع الكفر لا التفات إلى الأعمال، لذا لم يقل: (وأما الذين فسقوا وعملوا السيئات)، ولو جعل الله النار في مقابل الكفر وعمل السيئات، لظن ظان أن مجرد الكفر لا عقاب عليه، وهذا باطل.
وقفة
[20] ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ الفسق نوعان؛ قال عطاء: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»، فمنه الفسق الذي يخرج عن الملة، كما قال في حق إبليس: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: 50]، ومنه ما لا يخرج عن الملة، كقوله تعالى: ﴿وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ [البقرة: 282]، وقوله في الذين يرمون المحصنات: ﴿وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 4].
تفاعل
[20] ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[20] ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ فكلما حدثتهم إرادتهم بالخروج لبلوغ العذاب منهم كل مبلغ، ردوا إليها، فذهب عنهم روح ذلك الفرج، واشتد عليهم الكرب.
تفاعل
[20] ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[20] ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ قال الفضيل بن عياض: «والله ما طمعوا في الخروج؛ لأنَّ الأرجل مقيَّدة والأيدي موثَّقة، ولكن يرفعهم لهبُها، وتردُّهم مقامعها».
وقفة
[20] ﴿وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كنْتُمْ بِهِ تُكَذَبُونَ﴾ قال ذلكَ هنا، وقال في سبأ: ﴿عَذَابَ النَّارِ الّتي كنتُمْ بها تُكذّبُون﴾ [سبأ: 42]، ذكَّر الوصف والضميرَ هنا، نظرًا للمضاف وهو العذابُ، وأنّثهما ثمَّ نظرًا للمضافِ إليه وهو النَّارُ، وخُصَّ ما هنا بالتذكير، لأن النَّار وقعتْ موقع ضميرها لتقدّم ذكره، والضميرُ لا يُوصف فناسبَ التذكيرُ، وفي سبأ لم يتقدَّمْ ذكرُ النَّارِ ولا ضميرُها، فناسب التأنيثُ.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْااهُمُ النّارُ:
  • معطوفة بالواو على أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا .. فَلَهُمْ جَنّاتُ الْمَأْوى» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. و «مأوى» مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. النار: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.
  • ﴿ كُلَّما أَرادُوا:
  • كل: اسم منصوب على نيابة الظرفية الزمانية متعلق بشبه جواب الشرط‍ «أعيدوا» وهو مضاف. و «ما» مصدرية و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالاضافة. ارادوا: الجملة صلة «ما» المصدرية لا محل لها من الاعراب وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها:
  • حرف مصدرية ونصب. يخرجوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة يَخْرُجُوا مِنْها» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. منها: جار ومجرور متعلق بيخرجوا و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «أراد».
  • ﴿ أُعِيدُوا فِيها:
  • الجملة لا محل لها من الاعراب لأنها مشبهة لجواب الشرط‍.أعيدوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. فيها: جار ومجرور متعلق بأعيدوا.
  • ﴿ وَقِيلَ لَهُمْ:
  • الواو عاطفة. قيل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. لهم: اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل.
  • ﴿ ذُوقُوا:
  • الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل» وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ عَذابَ النّارِ الَّذِي:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. النار:مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة-نعت-للعذاب.
  • ﴿ كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. به: جار ومجرور متعلق بخبر «كان» تكذبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تكذبون» في محل نصب خبر «كان».'

المتشابهات :

السجدة: 20﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ
سبإ: 42﴿فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ حسن عاقبة المؤمنين؛ بَيَّنَ هنا سوء عاقبة الفاسقين، قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف