36034567891011

الإحصائيات

سورة الفرقان
ترتيب المصحف25ترتيب النزول42
التصنيفمكيّةعدد الصفحات7.30
عدد الآيات77عدد الأجزاء0.37
عدد الأحزاب0.75عدد الأرباع3.00
ترتيب الطول29تبدأ في الجزء18
تنتهي في الجزء19عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 5/14تبارك: 1/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (3) الى الآية رقم (6) عدد الآيات (4)

= وبالرَّغمِ من هذه الأدلَّةِ على وحدانيةِ اللهِ وقدرتِه اتَّخَذَ المشركُونَ آلهةً مخلوقةً عاجزةً، ثُمَّ طَعَنُوا في القرآنِ فقالُوا أنَّه كذِبٌ (الشُّبهةُ الأولَى)، وأنَّه أساطيرُ الأولينَ (الشُّبهةُ الثانيةُ).

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (11) عدد الآيات (5)

بعدَ طعنِ المشركينَ في القرآنِ، طَعنُوا هنا في النَّبي المُنزَلِ عليه القرآنُ لأنَّه يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواقِ (الشُّبهةُ الثالثةُ)، واقترحُوا ثلاثةَ أمورٍ، ثُمَّ أنكرُوا القيامةَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الفرقان

صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لحظات صعبة::   كل واحد منا مرت عليه لحظات صعبة، قد تجد نفسك فجأة فريسة لاتهامات الناس، وكذبهم، وافتراءاتهم، وسوء ظنونهم، وتكون الحقيقة مختلفة تمامًا عما يقولون وعما يفترون.والشعور بالظلم شعور مرير. هنا تأتي سورة الفرقان لتقول لك : لقد تعرض من هو أفضل منك بكثير إلى ما هو أسوأ من هذا بكثير، فَلِمَ تعتقد أنك استثناء؟! تأخذنا السورة إلى داخل نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم ، إلى مواضع تلك الطعنات التي حاول كفار مكة أن يجرحوه من خلالها. فتهمس السورة: تماسك وتجلد إذن، هذا هو الرجل الذي بلغ الكمال الإنساني، ورغم ذلك فقد تعرض لأسوأ مما تعرضت له.كف عن التذمر والبكاء، حاول أن لا تكترث لما يقولون. سورة الفرقان فيها شيء من الحزن النبيل الراقي الذي كان يشعر به صلى الله عليه وسلم في المرحلة التي نزلت فيها السورة، نحن في منتصف المرحلة المكية تقريبًا، بعد هجرة الحبشة وقبل الإسراء. وكفار مكة لا يزالون على عنادهم، لا يزالون يتهمونه بشتى الاتهامات ويتعرضون له بالسخرية والانتقاص.يسخرون ويتسائلون عن أهمية ما جاء به محمد، كل شيء مما يقوله موجود في أخبار الأولين، لم يأت بجديد، محمد يجمع ما كتب من قبل، ويساعده في ذلك من له علم بما في أخبار الآخرين.كانوا يعيبون عليه بشريته، يعيبون عليه أنه يتصرف كما الناس، ويأكل كما يأكلون، ويمشي في أسواقهم. أي ظلم أن تشعر أن من يرفضك يتحجج بكونك إنسان ليرفضك، ماذا أفعل مثلًا؟ ماذا تقترحون؟ يقترحون أن يكون معه مَلَكَ، أو يدله ربُه على كنز يغنيه عن العمل تمامًا، أو أن يجعل له جنة بحيث يأكل منها متى ما أراد، بدلًا من السعي للرزق. ولا يعني هذا أن كل انتقاد يوجه لنا يدل على أننا على صواب، فبعض ما يوجه لنا من انتقادات تكون صحيحة تمامًا، ويكون ما نفعله هو الخطأ، ليس الانتقاد دليلًا للخطأ ولا للصواب، ولا التصفيق دليلًا على أي منهما أيضًا.
  • • محاور سورة الفرقان::   سورة الفرقان تتحدث عن صدق القرآن وسوء عاقبة من يكذب بالله ورسوله وكتابه، عبر 3 محاور: 1- أنواع التكذيب التي لقيها النبي صلى الله عليه وسلم. 2- التحذير من سوء عاقبة التكذيب. 3- تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فتسير السورة على نفس المنوال: بيان أنواع تكذيب المشركين، ثم ذكر عاقبته، ثم طمأنة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة الفرقان».
  • • معنى الاسم ::   الفرقان: اسم من أسماء القرآن الكريم، سمى بذلك؛ لأنه يفرق أي يفصل بين الحق والباطل، يفصل بين الحلال والحرام.
  • • سبب التسمية ::   لوقوع لفظ الفرقان في أولها (وقد وقع في غيرها).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين.
  • • علمتني السورة ::   القرآن فرقان بين الحق والباطل.
  • • علمتني السورة ::   أن الله أنزل القرآن الكريم نذيرًا لنا، فلنعمل بما جاء به: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الغنى فتنة للفقير، والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار، دار الفتن والابتلاء والاختبار: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الفرقان من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أكثر سورة تكرر فيها لفظ (تبارك)؛ حيث تكرر 3 مرات، في الآيات (1، 10، 61)، وقد تكرر هذا اللفظ في القرآن كله 9 مرات، ومعنى (تبارك) أي: تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته.
    • احتوت سورة الفرقان على السجدة الثامنة من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف-، وجاءت في الآية (60).
    • احتوت سورة الفرقان على 14 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف عباد الرحمن (63-76).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نفرق بين الحق والباطل، وبين أهل الحق وأهل الباطل.
    • أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا: ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ (2).
    • أن نصبر على الأذى في الدعوةِ إلى اللهِ، فإنَّه صلى الله عليه وسلم سَمِعَ من أذى القومِ الشيءَ الكثيرَ: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ (4).
    • أن نحذر أن نكونَ سببًا في ضلالِ أحَدٍ: ﴿أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي ...﴾ (17).
    • أن نبتعد عن محبطات العمل من شرك ورياء، أو منٍّ وأذى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾ (23).
    • أن نحذر اتباع طرق الشيطان ونستعيذ بالله منه؛ فإنه سيخذل أتباعه يوم القيامة: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ... وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا﴾ (27-29).
    • أن يكون لنا وردًا من القرآن في اليوم، وأن نتبع أوامره، ونجتنب نواهيه: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ (30).
    • أن نحذر اتباع الهوى؛ فإنه يضل عن سبيل الله: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾ (43).
    • أن نقتدي بالنبي ﷺ، وندعو العصاة إلى الله، ونبدأ بالبشارة قبل النذارة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ (56).
    • أن نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة بدون أجر: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ (57).
    • أن نحرص على أن نكون من عباد الرحمن الذين من صفاتهم: لا يتكبرون، ويقابلون السيئة بالحسنة: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ (63).
    • أن نحافظ على قيام الليل: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ (64).
    • أن نحرص أن يكون إنفاقنا على أنفسنا أو أهلنا بدون إسراف ولا تقصير: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ (67).
    • أن نتأمل في عظيم رحمة الله تعالى وفضله؛ حيث يبدل سيئات عبده التائب إلى حسنات: ﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ (70).
    • ألا ننسى الدعاء ﻷولادنا بالصلاح والهداية؛ فهم ثمرة الفؤاد وأحق الناس بالبر والإحسان: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ (74).

تمرين حفظ الصفحة : 360

360

مدارسة الآية : [3] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا ..

التفسير :

[3] واتخذ مشركو العرب معبودات من دون الله لا تستطيع خَلْق شيء، والله خلقها وخلقهم، ولا تملك لنفسها دَفْعَ ضر أو جلب نفع، ولا تستطيع إماتة حي أو إحياء ميت، أو بعث أحد من الأموات حيّاً من قبره.

أي:من أعجب العجائب وأدل الدليل على سفههم ونقص عقولهم، بل أدل على ظلمهم وجراءتهم على ربهم أن اتخذوا آلهة بهذه الصفة، في كمال العجز أنها لا تقدر على خلق شيء بل هم مخلوقون، بل بعضهم مما عملته أيديهم.{ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ْ} أي:لا قليلا ولا كثيرا، لأنه نكرة في سياق النفي.

{ وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ْ} أي:بعثا بعد الموت، فأعظم أحكام العقل بطلان إلهيتها وفسادها وفساد عقل من اتخذها آلهة وشركاء للخالق لسائر المخلوقات من غير مشاركة له في ذلك، الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع الذي يحيي ويميت ويبعث من في القبور ويجمعهم ليوم النشور، وقد جعل لهم دارين دار الشقاء والخزي والنكال لمن اتخذ معه آلهة أخرى، ودار الفوز والسعادة والنعيم المقيم لمن اتخذه وحده معبودا.

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك أن المشركين لم يفطنوا إلى ما اشتمل عليه هذا الكون من تنظيم دقيق، ومن صنع حكيم يدل على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، بل إنهم- لانطماس بصائرهم- عبدوا مخلوقا مثلهم فقال- تعالى-: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ....

والضمير في قوله وَاتَّخَذُوا.. يعود على المشركين المفهوم من قوله وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ أو من المقام.

أى: واتخذ هؤلاء المشركون معبودات باطلة يعبدونها من دون الله- عز وجل-، وهذه المعبودات لا تقدر على خلق شيء من الأشياء، بل هي من مخلوقات الله- تعالى-.

وعبر عن هذه الآية بضمير العقلاء في قوله لا يَخْلُقُونَ جريا على اعتقاد الكفار أنها تضر وتنفع، أو لأن من بين من اتخذوهم آلهة بعض العقلاء كالمسيح والعزير والملائكة..

وأيضا هؤلاء الذين اتخذهم المشركون آلهة: لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فضلا عن غيرهم ضَرًّا وَلا نَفْعاً فهم لا يملكون دفع الضر عن أنفسهم، ولا جلب النفع لذواتهم وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً أى: ولا يقدرون على إماتة الأحياء. ولا على إحياء الموتى في الدنيا، ولا على بعثهم ونشرهم في الآخرة.

فأنت ترى أن الله- تعالى- قد وصف تلك الآلهة المزعومة بسبع صفات، كل صفة منها كفيلة بسلب صفة الألوهية عنها، فكيف وقد اجتمعت هذه الصفات السبع فيها؟!!.

إن كل من يشرك مع الله- تعالى- أحدا في العبادة. لو تدبر هذه الآية وأمثالها من آيات القرآن الكريم لأيقن واعتقد أن المستحق للعبادة والطاعة إنما هو الله رب العالمين.

ثم حكى- سبحانه- بعض الشبهات التي أثارها المشركون حول القرآن الكريم الذي أنزله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم فقال:

يخبر تعالى عن جهل المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، الخالق لكل شيء ، المالك لأزمة الأمور ، الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . ومع هذا عبدوا معه من الأصنام ما لا يقدر على خلق جناح بعوضة ، بل هم مخلوقون ، ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ، فكيف يملكون لعابديهم؟ ( ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ) أي : ليس لهم من ذلك شيء ، بل ذلك مرجعه كله إلى الله عز وجل ، الذي هو يحيي ويميت ، وهو الذي يعيد الخلائق يوم القيامة أولهم وآخرهم ، ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ لقمان : 28 ] ، ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] ، ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) [ النازعات : 13 ، 14 ] ، ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون ) [ الصافات : 19 ] ، ( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون ) [ يس : 53 ] . فهو الله الذي لا إله غيره ولا رب سواه ، ولا تنبغي العبادة إلا له; لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . وهو الذي لا ولد له ولا والد ، ولا عديل ولا نديد ولا وزير ولا نظير ، بل هو الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .

يقول تعالى ذكره مقرعا مشركي العرب بعبادتهم ما دونه من الآلهة, ومعجبا أولي النهى منهم, ومنبههم على موضع خطأ فعلهم وذهابهم عن منهج الحقّ، وركوبهم من سبل الضلالة ما لا يركبه إلا كل مدخول الرأي، مسلوب العقل: واتخذ هؤلاء المشركون بالله من دون الذي له مُلك السماوات والأرض وحده. من غير شريك, الذي خلق كل شيء فقدّره، آلهة : يعني أصناما بأيديهم يعبدونها, لا تخلق شيئا وهي تخلق, ولا تملك لأنفسها نفعا تجرّه إليها، ولا ضرّا تدفعه عنها ممن أرادها بضرّ, ولا تملك إماتة حيّ، ولا إحياء ميت، ولا نشره من بعد مماته, وتركوا عبادة خالق كلّ شيء، وخالق آلهتهم، ومالك الضرّ والنفع، والذي بيده الموت والحياة والنشور. والنشور: مصدر نُشر الميت نشورا, وهو أن يُبعث ويحيا بعد الموت.

التدبر :

وقفة
[3] ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الآلهة التي يعبدها المشركون من دونه متصفة بستة أشياء؛ كل واحد منها برهان قاطع أن عبادتها مع الله لا وجه لها بحال، بل هي ظلم متناه، وجهل عظيم، الأول منها: أنها لا تخلق شيئًا، أي: لا تقدر على خلق شيء. والثاني منها: أنها مخلوقة كلها؛ أي: خلقها خالق كل شيء. والثالث: أنها لا تملك لأنفسها ضرًّا ولا نفعًا، الرابع والخامس والسادس: أنها لا تملك موتًا، ولا حياةً، ولا نشورًا؛ أي: بعثًا بعد الموت.
وقفة
[3] ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ اتصاف الإله الحق بالخلق والنفع والإماتة والإحياء، وعجز الأصنام عن كل ذلك.
عمل
[3] ألقِ كلمة، أو أرسل رسالة عن التوحيد مبينًا للناس أن المالك لأمور العباد هو الله وحده، وأنه لا نافع ولا ضار إلا الله تعالى، ﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَاتَّخَذُوا:
  • الواو استئنافية. اتخذوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والالف فارقة. اي واتخذ هؤلاء الكفرة.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً:
  • جار ومجرور متعلق باتخذوا او بحال من آلِهَةً» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. آلهة: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت-لآلهة.لا: نافية لا عمل لها. يخلقون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. شيئا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَهُمْ يُخْلَقُونَ:
  • الواو عاطفة. والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب صفة ثانية لآلهة. هم: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. يخلقون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية يَخْلُقُونَ» في محل رفع خبر هُمْ».
  • ﴿ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا:
  • معطوفة بالواو على لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً» وتعرب اعرابها. لأنفس: جار ومجرور متعلق بلا يملكون. و هُمْ» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ:
  • الواو عاطفة. لا: زائدة لتأكيد النفي. نفعا:معطوفة على ضَرًّا» منصوبة مثلها بالفتحة. وجملة وَلا يَمْلِكُونَ» أعربت
  • ﴿ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً:
  • موتا: معطوفة على ضَرًّا» منصوبة مثلها.وما بعدها: معطوف على مَوْتاً».ولا: أعربت. بمعنى: لا يستطيعون إماتة احد ولا اعادة الحياة له.'

المتشابهات :

الأعراف: 191﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
النحل: 20﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ
الفرقان: 3﴿وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا وصفَ اللهُ نفسَه بهذه الصفات التي توجب له العبادة والطاعة؛ ذكرَ هنا أن المشركين اتخذوا آلهةً مخلوقةً عاجزةً، قال تعالى:
﴿ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا ..

التفسير :

[4] وقال الكافرون بالله:ما هذا القرآن إلا كذب وبهتان اختلقه محمد، وأعانه على ذلك أناس آخرون، فقد ارتكبوا ظلماً فظيعاً، وأتوا زوراً شنيعاً؛ فالقرآن ليس مما يمكن لبشر أن يختلقه.

أي:وقال الكافرون بالله الذي أوجب لهم كفرهم أن قالوا في القرآن والرسول:إن هذا القرآن كذب كذبه محمد وإفك افتراه على الله وأعانه على ذلك قوم آخرون.

فرد الله عليهم ذلك بأن هذا مكابرة منهم وإقدام على الظلم والزور، الذي لا يمكن أن يدخل عقل أحد وهم أشد الناس معرفة بحالة الرسول صلى الله عليه وسلم وكمال صدقه وأمانته وبره التام وأنه لا يمكنه، لا هو ولا سائر الخلق أن يأتوا بهذا القرآن الذي هو أجل الكلام وأعلاه وأنه لم يجتمع بأحد يعينه على ذلك فقد جاءوا بهذا القول ظلما وزورا.

والإفك: أسوأ الكذب. يقال: أفك فلان- كضرب وعلم- أفكا، إذا قال أشنع الكذب وأقبحه.

والزور في الأصل: تحسين الباطل. مأخوذ من الزور وهو الميل وأطلق على الباطل زور لما فيه من الميل عن الصدق إلى الكذب، ومن الحق إلى ما يخالفه.

أى: وقال الذين كفروا في شأن القرآن الكريم الذي أنزله الله- تعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ما هذا القرآن إلا كذب وبهتان افْتَراهُ واختلقه محمد صلّى الله عليه وسلّم من عند نفسه، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ أى وأعانه وساعده على هذا الاختلاق قَوْمٌ آخَرُونَ من اليهود أو غيرهم، كعداس- مولى حويطب بن عبد العزى- ويسار- مولى العلاء بن الحضرمي- وأبى فكيهة الرومي. وكان هؤلاء من أهل الكتاب الذين أسلموا.

وقوله- تعالى-: فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً رد على أقوال الكافرين الفاسدة وجاءوا بمعنى فعلوا، وقوله: ظُلْماً منصوب به. والتنوين للتهويل.

أى: فقد فعل هؤلاء الكافرون بقولهم هذا ظلما عظيما وزورا كبيرا، حيث وضعوا الباطل موضع الحق، والكذب موضع الصدق.

ويصح أن يكون قوله: ظُلْماً منصوبا بنزع الخافض أى: فقد جاءوا بظلم عظيم، وكذب فظيع، انحرفوا به عن جادة الحق والصواب.

يقول تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار ، في قولهم عن القرآن : ( إن هذا إلا إفك ) : أي : كذب ، ( افتراه ) يعنون النبي صلى الله عليه وسلم ، ( وأعانه عليه قوم آخرون ) أي : واستعان على جمعه بقوم آخرين . قال الله تعالى : ( فقد جاءوا ظلما وزورا ) أي : فقد افتروا هم قولا باطلا ، هم يعلمون أنه باطل ، ويعرفون كذب أنفسهم فيما يزعمون .

يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بالله، الذين اتخذوا من دونه آلهة: ما هذا القرآن الذي جاءنا به محمد ( إِلا إِفْكٌ ) يعني: إلا كذب وبهتان ( افْتَرَاهُ ) اختلقه وتخرّصه بقوله: ( وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) ذكر أنهم كانوا يقولون: إنما يعلِّم محمدا هذا الذي يجيئنا به اليهود, فذلك قوله: ( وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) يقول: وأعان محمدا على هذا الإفك الذي افتراه يهود.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) قال: يهود.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

وقوله: ( فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) يقول تعالى ذكره: فقد أتى قائلو هذه المقالة, يعني الذين قالوا: ( إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) ظلما, يعني بالظلم نسبتهم كلام الله وتنـزيله إلى أنه إفك افتراه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد بيَّنا فيما مضى أن معنى الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فكان ظلم قائلي هذه المقالة القرآن بقيلهم هذا وصفهم إياه بغير صفته، والزور: أصله تحسين الباطل. فتأويل الكلام: فقد أتى هؤلاء، القوم في قيلهم ( إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) كذبا محضا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، وحدثني القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) قال: كذبًا.

التدبر :

وقفة
[4] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ﴾ رمتني بدائها وانسلت، اتهموه بالإفك وهم الأفاكون المفترون، فقد كانوا أشد الناس علمًا بحاله، وأنه أميَّ لا يكتب، ولا يجتمع بمن يكتب.
وقفة
[4] من طبع الكارهين للحق وأهله تجاهل ماضيهم الشريف، فكفار قريش رموا النبي ﷺ بالكذب مع يقينهم بأنه أصدقهم ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ﴾.
وقفة
[4] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ الطعن في الدليل طعن في المدلول؛ وأهل الضلال يحرصون على الطعن في الطرق الموصلة إلى الحق، وفي أهله؛ ليصدوا الناس عن الحق.
وقفة
[4] ﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا إِن هذا إِلّا إِفكٌ افتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيهِ قَومٌ آخَرونَ فَقَد جاءوا ظُلمًا وَزورًا﴾ الكافرون دائمًا يظنون السوء ويعتقدون فى وجود معاونين، ولكن الله يعلم أن ما يقولون هو الظلم والزور بعينه.
وقفة
[4] عادة المعاندين للحق: اتهام المصلحين بالكذب والتغرير بالناس، وأن لهم أجندة خارجية كما قيل عن محمد ﷺ ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾.
وقفة
[4] شبهة بعض المستشرقين أن القرآن تعاليم أديان سابقة، فضحها القرآن كقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾.
عمل
[4] اصبر على الأذى في الدعوةِ إلى اللهِ، فإنَّه ﷺ سَمِعَ من أذى القومِ الشيءَ الكثيرَ ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾.
وقفة
[4] ﴿إِفْكٌ افْتَرَاهُ﴾ من طبعِ الكارهين للحقِّ وأهلِه تجاهلُ ماضيهِم الشريفِ، فكفارُ قريشٍ رمُوا النَّبي بالكذبِ، وقد كانوا يلقِّبونَه بالصَّادقِ الأمينِ.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الَّذِينَ:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ كَفَرُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.إن: حرف نفي لا عمل له بمعنى «ما».هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والاشارة الى القرآن الكريم. الا: اداة حصر لا محل لها. افك: خبر هَذا» مرفوع بالضمة بمعنى: ما هذا القرآن الا اختلاق.
  • ﴿ افْتَراهُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب رفع-نعت-لإفك. افترى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الرسول الكريم. كما ادعى هؤلاء الكفرة.والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ:
  • معطوفة بالواو على اِفْتَراهُ» وهي فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. عليه: جار ومجرور متعلق بأعانه.
  • ﴿ قَوْمٌ آخَرُونَ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. آخرون: صفة-نعت-لقوم مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الواو لانها جمع مذكر سالم والنون عوض عن الحركة في المفرد.
  • ﴿ فَقَدْ جاؤُ:
  • الفاء استئنافية. قد: حرف تحقيق. جاءوا: تعرب اعراب كَفَرُوا» بمعنى «ارتكبوا» بقولهم هذا. او أتوا بقولهم هذا على الرسول الكريم.
  • ﴿ ظُلْماً وَزُوراً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. وزورا: معطوفة بالواو على ظُلْماً» منصوبة مثلها بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     وبعد الثَّناء على اللهِ الَّذي نزَّلَ القرآنَ؛ ذكرَ اللهُ هنا بعض الشبهات التى أثارها المشركون حول القرآن: الشُّبهةُ الأولَى: أنْ قالُوا إنَّ القرآن كذِبٌ، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ ..

التفسير :

[5] وقالوا عن القرآن:هو أحاديث الأولين المسطرة في كتبهم، استنسخها محمد، فهي تُقْرَأ عليه صباحاً ومساء.

ومن جملة أقاويلهم فيه أن قالوا:هذا الذي جاء به محمد{ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا ْ} أي:هذا قصص الأولين وأساطيرهم التي تتلقاها الأفواه وينقلها كل أحد استنسخها محمد{ فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ْ} وهذا القول منهم فيه عدة عظائم:

منها:رميهم الرسول الذي هو أبر الناس وأصدقهم بالكذب والجرأة العظيمة.

ومنها:إخبارهم عن هذا القرآن الذي هو أصدق الكلام وأعظمه وأجله - بأنه كذب وافتراء.

ومنها:أن في ضمن ذلك أنهم قادرون أن يأتوا بمثله وأن يضاهي المخلوق الناقص من كل وجه للخالق الكامل من كل وجه بصفة من صفاته، وهي الكلام.

ومنها:أن الرسول قد علمت حالته وهم أشد الناس علما بها، أنه لا يكتب ولا يجتمع بمن يكتب له وقد زعموا ذلك.

ثم حكى- سبحانه- مقولة أخرى من مقولاتهم الفاسدة فقال: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.

والأساطير: جمع أسطورة بمعنى أكذوبة واكتتبها: أى: أمر غيره بكتابتها له. أو جمعها من بطون كتب السابقين.

أى: أن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا بقولهم السابق في شأن القرآن، بل أضافوا إلى ذلك قولا آخر أشد شناعة وقبحا، وهو زعمهم أن هذا القرآن أكاذيب الأولين وخرافاتهم، أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم غيره بكتابتها له، وبجمعها من كتب السابقين فَهِيَ أى: هذه الأساطير تُمْلى عَلَيْهِ أى: تلقى عليه صلّى الله عليه وسلّم بعد اكتتابها ليحفظها ويقرأها على أصحابه بُكْرَةً وَأَصِيلًا أى: في الصباح والمساء أى: تملى عليه خفية في الأوقات التي يكون الناس فيها نائمين أو غافلين عن رؤيتهم.

( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها ) يعنون : كتب الأوائل استنسخها ، ( فهي تملى عليه ) أي : تقرأ عليه ) بكرة وأصيلا ) أي : في أول النهار وآخره .

وهذا الكلام - لسخافته وكذبه وبهته منهم - كل أحد يعلم بطلانه ، فإنه قد علم بالتواتر وبالضرورة : أن محمدا رسول الله لم يكن يعاني شيئا من الكتابة ، لا في أول عمره ولا في آخره ، وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده إلى أن بعثه الله نحوا من أربعين سنة ، وهم يعرفون مدخله ومخرجه ، وصدقه ، وبره وأمانته ونزاهته من الكذب والفجور وسائر الأخلاق الرذيلة ، حتى إنهم لم يكونوا يسمونه في صغره إلى أن بعث إلا الأمين ، لما يعلمون من صدقه وبره . فلما أكرمه الله بما أكرمه به ، نصبوا له العداوة ، ورموه بهذه الأقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها ، وحاروا ماذا يقذفونه به ، فتارة من إفكهم يقولون : ساحر ، وتارة يقولون : شاعر ، وتارة يقولون : مجنون ، وتارة يقولون : كذاب ، قال الله تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ) [ الإسراء : 48 ] .

ذكر أن هذه الآية نـزلت في النضر بن الحارث, وأنه المعني بقوله: ( وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ).

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب, قال: ثنا يونس بن بكير, قال: ثنا محمد بن إسحاق, قال: ثنا شيخ من أهل مصر, قدم منذ بضع وأربعين سنة, عن عكرمة, عن ابن عباس, قال: كان النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ من شياطين قريش, وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصب له العداوة, وكان قد قدم الحيرة, تعلَّم بها أحاديث ملوك فارس، وأحاديث رستم وأسفنديار, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا، فذكّر بالله وحدّث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم، من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام, ثم يقول: أنا والله يا معشر قُريش أحسن حديثا منه. فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار, ثم يقول: ما محمد أحسن حديثا مني، قال: فأنـزل الله تبارك وتعالى في النضر ثماني آيات من القرآن, قوله: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ وكل ما ذُكِر فيه الأساطير في القرآن.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ثني محمد بن أبي محمد, عن سعيد أو عكرمة, عن ابن عباس نحوه, إلا أنه جعل قوله: " فأنـزل الله في النضر ثماني آيات ", عن ابن إسحاق, عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج ( أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ) أشعارهم وكهانتهم، وقالها النضر بن الحارث.

فتأويل الكلام: وقال هؤلاء المشركون بالله، الذين قالوا لهذا القرآن إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ محمد صلى الله عليه وسلم: هذا الذي جاءنا به محمد أساطير الأوّلين, يعنون أحاديثهم التي كانوا يسطرونها في كتبهم, اكتتبها محمد صلى الله عليه وسلم من يهود، ( فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ ) يعنون بقوله: ( فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ ) فهذه الأساطير تقرأ عليه, من قولهم: أمليت عليك الكتاب وأمللت ( بُكْرَةً وَأَصِيلا ) يقول: وتملى عليه غدوة وعشيا.

التدبر :

وقفة
[5] ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ زعموا لسخافتهم أن رسول الله أمر غيره بكتابتها له، ثم ألقيت عليه بعد اكتتابها ليحفظها؛ لأنه أمي لا يقدر أن يكرر الكتاب من نفسه، وفعل ذلك خفية في الأوقات التي يكون الناس فيها نائمين أو غافلين.
وقفة
[5] ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ كان المشركون على علم ويقين بأميَّة الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف يتهمونه بكتابة أساطير الأولين؟ إن أميَّة الرسول صلى الله عليه وسلم هي ما دفع المشركين إلى التعبير بـ: (اكْتَتَبَهَا) دون كتبها؛ لأن الاكتتاب يدل على التكلّف لحصول الكتابة، وهذا التكلف يقتضي أن يسأل النبي من يكتبها له، ولذلك قيّد الكتابة بالإملاء فقالوا: (فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ).
وقفة
[5] صاحب الهوى غايته أن يرد الحق، وحججه أعذار، أقوام ترد الحق لأنه قديم: ﴿أساطير الأولين﴾ وأخرى ترده لأنه جديد: ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾ [المؤمنون: 24].
وقفة
[5] وصفوا دعوة النبي ﷺ بالتخلُّف القديم فقالوا: ﴿أساطير الأولين﴾، وقالوا: ستموت دعوته بموته ووصفوه بـ: ﴿الأبتر﴾ [الكوثر: 3]، فماتوا ومات دينهم وبقي ذكر محمد ودينه.
وقفة
[5] من لا يريد الحق لن يعجز عن إيجاد سبب لرده، المشركون يعلمون أن النبي ﷺ لا يكتب فجعلوه يستكتب ﴿أساطير الأولين اكتتبها﴾.
وقفة
[5، 6] ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ (إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) دعاء لهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار لهم بأن رحمته واسعة، وأن حلمه عظيم، وأن من تاب إليه تاب عليه؛ فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم، وفجورهم وبهتانهم، وكفرهم وعنادهم، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا، يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به-مقول القول-.اساطير: خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي اساطير الاولين او ما جاءنا به اساطير الاولين. الاولين: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره: الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. بمعنى: ما سطره الاقدمون من خرافات.
  • ﴿ اكْتَتَبَها:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من الاساطير. اكتتب: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى: كتبها لنفسه واخذها. ومن احسن ما قيل في تفسيرها ما ذكره كشاف الزمخشري.المعنى: اكتتبها كاتب له لانه (صلّى الله عليه وسلّم) كان اميا لا يكتب بيده، وذلك من تمام اعجازه. ثم حذفت اللام فأفضى الفعل الى الضمير فصار اكتتبها اياه كاتب كقوله-واختار موسى قومه-ثم بنى الفعل للضمير الذي هو اياه فانقلب مرفوعا مستترا بعد ان كان بارزا منصوبا، وبقي ضمير الاساطير على حاله فصار اكتتبها كما ترى
  • ﴿ فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ:
  • ظرف زمان متعلق بتملى منصوب على الظرفية بالفتحة بمعنى وقت البكور وهي الساعات الاولى من الصباح. واصيلا: معطوفة بالواو على بُكْرَةً» منصوبة مثلها بمعنى وقبل الغروب. ويجوز ان تكون بُكْرَةً» حالا من الضمير منصوبا بالفتحة. و أَصِيلاً» معطوفة على بُكْرَةً» وتعرب مثلها.'

المتشابهات :

النحل: 24﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
الفرقان: 5﴿وَ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     الشُّبهةُ الثانيةُ للمشركين: أنْ قالُوا إنَّ القرآن أساطيرُ الأولينَ، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

اكتتبها:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة طلحة.
تملى:
وقرئ:
تتلى، بالتاء، بدل الميم، وهى قراءة طلحة، وعيسى.

مدارسة الآية : [6] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ ..

التفسير :

[6] قل -أيها الرسول- لهؤلاء الكفار:إن الذي أنزل القرآن هو الله الذي أحاط علمه بما في السموات والأرض، إنه كان غفوراً لمن تاب من الذنوب والمعاصي، رحيماً بهم حيث لم يعاجلهم بالعقوبة.

فلذلك رد عليهم ذلك بقوله:{ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ْ} أي:أنزله من أحاط علمه بما في السماوات وما في الأرض، من الغيب والشهادة والجهر والسر كقوله:{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ْ}

ووجه إقامة الحجة عليهم أن الذي أنزله، هو المحيط علمه بكل شيء، فيستحيل ويمتنع أن يقول مخلوق ويتقول عليه هذا القرآن، ويقول:هو من عند الله وما هو من عنده ويستحل دماء من خالفه وأموالهم، ويزعم أن الله قال له ذلك، والله يعلم كل شيء ومع ذلك فهو يؤيده وينصره على أعدائه، ويمكنه من رقابهم وبلادهم فلا يمكن أحدا أن ينكر هذا القرآن، إلا بعد إنكار علم الله، وهذا لا تقول به طائفة من بني آدم سوى الفلاسفة الدهرية.

وأيضا فإن ذكر علمه تعالى العام ينبههم:ويحضهم على تدبر القرآن، وأنهم لو تدبروا لرأوا فيه من علمه وأحكامه ما يدل دلالة قاطعة على أنه لا يكون إلا من عالم الغيب والشهادة، ومع إنكارهم للتوحيد والرسالة من لطف الله بهم، أنه لم يدعهم وظلمهم بل دعاهم إلى التوبة والإنابة إليه ووعدهم بالمغفرة والرحمة، إن هم تابوا ورجعوا فقال:{ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا ْ} أي:وصفه المغفرة لأهل الجرائم والذنوب، إذا فعلوا أسباب المغفرة وهي الرجوع عن معاصيه والتوبة منها.{ رَحِيمًا ْ} بهم حيث لم يعاجلهم بالعقوبة وقد فعلوا مقتضاها، وحيث قبل توبتهم بعد المعاصي وحيث محا ما سلف من سيئاتهم وحيث قبل حسناتهم وحيث أعاد الراجع إليه بعد شروده والمقبل عليه بعد إعراضه إلى حالة المطيعين المنيبين إليه.

وقد أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالرد عليهم بما يخرس ألسنتهم فقال: قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...

أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الذين زعموا أن القرآن أساطير الأولين، وأنك افتريته من عند نفسك، وأعانك على هذا الافتراء قوم آخرون ... قل لهم: كذبتم أشنع الكذب وأقبحه، فأنتم أول من يعلم بأن هذا القرآن له من الحلاوة والطلاوة، وله من حسن التأثير ما يجعله- باعتراف- زعمائكم ليس من كلام البشر وإنما الذي أنزله علىّ هو الله- تعالى- الذي يعلم السر في السموات والأرض، أى: يعلم ما خفى فيهما ويعلم الأسرار جميعها فضلا عن الظواهر.

قال الآلوسى: «قل» لهم ردا عليهم وتحقيقا للحق: أنزله الله- تعالى- الذي لا يعزب عن علمه شيء من الأشياء، وأودع فيه فنون الحكم والأسرار على وجه بديع، لا تحوم حوله الأفهام، حيث أعجزكم قاطبة بفصاحته وبلاغته، وأخبركم بمغيبات مستقبلة، وأمور مكنونة، لا يهتدى إليها ولا يوقف- إلا بتوفيق الله- تعالى- العليم الخبير- عليها..

ثم ختم- سبحانه- الآية بما يفتح باب التوبة للتائبين، وبما يحرضهم على الإيمان والطاعة لله رب العالمين فقال- تعالى-: إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً.

أى: إنه- سبحانه- واسع المغفرة والرحمة، لمن ترك الكفر وعاد إلى الإيمان، وترك العصيان وعاد إلى الطاعة.

قال الإمام ابن كثير: وقوله: إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً دعاء لهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن رحمته واسعة، وأن حمله عظيم وأن من تاب إليه تاب عليه، فهؤلاء مع كذبهم.

وافترائهم. وفجورهم. وبهتهم. وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا، يدعوهم- سبحانه- إلى التوبة والإقلاع عما هم عليه من كفر إلى الإسلام والهدى. كما قال- تعالى-: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ. وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.. قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود. قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة..

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك شبهة ثالثة، تتعلق بشخصية النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث أنكروا أن يكون الرسول من البشر وأن يكون آكلا للطعام وماشيا في الأسواق، فقال- تعالى-:

وقال تعالى في جواب ما عاندوا هاهنا وافتروا : ( قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض ) أي : أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع في الخارج ، ماضيا ومستقبلا ( أنزله الذي يعلم السر ) أي : الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض ، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر .

وقوله : ( إنه كان غفورا رحيما ) : دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن رحمته واسعة ، وأن حلمه عظيم ، وأن من تاب إليه تاب عليه . فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتهم وكفرهم وعنادهم ، وقولهم عن الرسول والقرآن ما قالوا ، يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى ، كما قال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة : 73 - 74 ] ، وقال تعالى : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) [ البروج : 10 ] . قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة [ سبحانه وتعالى ] .

وقوله: ( قُلْ أَنـزلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المكذّبين بآيات الله من مشركي قومك: ما الأمر كما تقولون من أن هذا القرآن أساطير الأولين، وأن محمد صلى الله عليه وسلم افتراه وأعانه عليه قوم آخرون, بل هو الحقّ, أنـزله الربّ الذي يعلم سرّ من في السماوات ومن في الأرض, ولا يخفى عليه شيء, ومحصي ذلك على خلقه, ومجازيهم بما عزمت عليه قلوبهم، وأضمروه في نفوسهم ( إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) يقول: إنه لم يزل يصفح عن خلقه ويرحمهم, فيتفضل عليهم بعفوه, يقول: فلأن ذلك من عادته في خلقه, يمهلكم أيها القائلون ما قلتم من الإفك، والفاعلون ما فعلتم من الكفر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج ( قُلْ أَنـزلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: ما يسرّ أهل الأرض وأهل السماء.

التدبر :

وقفة
[6] ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ أنزل هذا الكتاب وهو يعلم أسرار آلامك.
وقفة
[6] ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ حتى أسرارك التي تختلج في صدرك ستجد علاجها في القرآن ولا حاجة لكشفها.
وقفة
[6] ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ قد خص السر والله أعلم لما يحويه القرآن من الأسرار التي تظهر مع الأيام، وتثبت صدقه.
وقفة
[6] ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الله يعلم كل سر خفي في السموات والأرض، ومن جملة الأسرار التي يعلمها، ما يسره أهل الباطل من كيد وافتراء على أهل الحق، وبراءة أهل الحق من ذلك، ولأن الله يعلم، فسيجازي بعمله، المفتري بعقوبة، والمفترى عليه بمثوبة.
وقفة
[6] ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وذكر (السِّرَّ) دون الجهر؛ لأنه من علم السر فهو في الجهر أعلم.
عمل
[6] تذكر أن الله تعالى يعلم ما غاب وخفي، فكيف بما ظهر ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾!
وقفة
[6] ﴿قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما﴾ كذبوا بالدين وسخروا من نبيه ﷺ ومع ذلك يعدهم بمغفرته.
عمل
[6] سل الله تعالى المغفرة والرحمة ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.
عمل
[6] ﴿الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ إحساسُك أنَّك مكشوفٌ عند اللهِ مهمٌّ في تربيةِ نفسِك.
وقفة
[6] قالوا علي القرآن إفك، وقالوا أساطير الأولين، فليقولوا ما يشاؤون، فهو سبحانه ﴿الَّذي يَعلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ إِنَّهُ كانَ غَفورًا رَحيمًا﴾.
وقفة
[6] هناك من الناس من يخفون أسرارهم عن البشر ويبثون شكواهم للذي ﴿يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ﴾.
وقفة
[6] ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ إثبات صفتي المغفرة والرحمة لله.
وقفة
[6] ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ لا أحد خارج دائرة المغفرة والرحمة، ولو كان ممن كذب وافترى على رسول الله، فليبشر كل من أذنب وأسرف على نفسه.
وقفة
[6] إن قيل: ما مناسبة قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ لما قبله؟ فالجواب: أنه لما ذكر أقوال الكفار أعقبها بذلك لبيان أنه غفور رحيم في كونه لم يعجل عليهم بالعقوبة؛ بل أمهلهم، وإن أسلموا تاب عليهم، وغفر لهم.

الإعراب :

  • ﴿ قُلْ:
  • فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. والجملة بعده في محل نصب مفعول به- مقول القول-.
  • ﴿ أَنْزَلَهُ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-اي القرآن الكريم في محل نصب مفعول به مقدم.
  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السر: مفعول به منصوب بالفتحة. في السموات: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من السر.والارض: معطوفة بالواو على السَّماااتِ».وتعرب اعرابها.
  • ﴿ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبر «ان».كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر جوازا تقديره هو. غفورا: خبر كانَ» منصوب بالفتحة الظاهرة. رحيما: صفة-نعت-لغفورا. ويجوز ان تكون خبرا ثانيا لكان.'

المتشابهات :

الفرقان: 6﴿قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
النساء: 23﴿وَأَن تَجۡمَعُواْ بَيۡنَ ٱلۡأُخۡتَيۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
النساء: 106﴿وَٱسۡتَغۡفِرِ ٱللَّهَۖ إِنَّ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
النساء: 129﴿وَإِن تُصۡلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
الأحزاب: 24﴿إِن شَآءَ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الشبهتين؛ أمرَ اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم بالرد عليهم بما يخرس ألسنتهم، قال تعالى:
﴿ قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ ..

التفسير :

[7] وقال المشركون:ما لهذا الذي يزعم أنه رسول الله -يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم- يأكل الطعام مثلنا، ويمشي في الأسواق لطلب الرزق؟ فهلَّا أرسل الله معه مَلَكاً يشهد على صدقه،

هذا من مقالة المكذبين للرسول الذين قدحوا بها في رسالته، وهو أنهم اعترضوا بأنه هلا كان ملكا أو مليكا، أو يساعده ملك فقالوا:{ مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} أي:ما لهذا الذي ادعى الرسالة؟ تهكما منهم واستهزاء.

{ يَأْكُلُ الطَّعَامَ} وهذا من خصائص البشر فهلا كان ملكا لا يأكل الطعام، ولا يحتاج إلى ما يحتاج إليه البشر،{ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} للبيع والشراء وهذا -بزعمهم- لا يليق بمن يكون رسولا، مع أن الله قال:{ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}

{ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} أي:هلا أنزل معه ملك يساعده ويعاونه،{ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} وبزعمهم أنه غير كاف للرسالة ولا بطوقه وقدرته القيام بها.

ذكر بعض المفسرين في سبب نزول هذه الآيات أن جماعة من قريش قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم إن كنت تريد بما جئت به مالا جمعنا لك المال حتى تكون أغنانا، وإن كنت تريد ملكا، جعلناك ملكا علينا..

فقال صلّى الله عليه وسلّم: «ما أريد شيئا مما تقولون، ولكن الله تعالى بعثني إليكم رسولا، وأنزل على كتابا، وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربي، ونصحت لكم. فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علىّ أصبر لأمر الله- تعالى- حتى يحكم بيني وبينكم» .

فقالوا: فإن كنت غير قابل شيئا مما عرضنا عليك، فسل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك، وسله أن يجعل لك جنانا وقصورا..

فقال لهم صلّى الله عليه وسلّم: «ما أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله- تعالى- بعثني بشيرا ونذيرا» فأنزل الله تعالى في قولهم ذلك..

والضمير في قوله- تعالى-: وَقالُوا يعود إلى مشركي قريش و «ما» استفهامية بمعنى إنكار الوقوع ونفيه، وهي مبتدأ، والجار والمجرور بعدها الخبر. وجملة «يأكل الطعام» حال من الرسول.

أى: أن مشركي قريش لم يكتفوا بقولهم إن محمد صلّى الله عليه وسلّم قد افترى القرآن، وإن القرآن أساطير الأولين. بل أضافوا إلى ذلك أنهم قالوا على سبيل السخرية والتهكم والإنكار لرسالته: كيف يكون محمدا صلّى الله عليه وسلّم رسولا، وشأنه الذين نشاهده بأعيننا. أنه «يأكل الطعام» كما يأكل سائر الناس «ويمشى في الأسواق» أى: ويتردد فيها كما نتردد طلبا للرزق. «لولا أنزل إليه ملك» أى: هلا أنزل إليه ملك يعضده ويساعده ويشهد له بالرسالة «فيكون» هذا الملك «معه نذيرا» أى: منذرا من يخالفه بسوء المصير.

يخبر تعالى عن تعنت الكفار وعنادهم وتكذيبهم للحق بلا حجة ولا دليل منهم ، وإنما تعللوا بقولهم : ( مال هذا الرسول يأكل الطعام ) ، يعنون : كما نأكله ، ويحتاج إليه كما نحتاج إليه ، ( ويمشي في الأسواق ) أي : يتردد فيها وإليها طلبا للتكسب والتجارة ، ( لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ) يقولون : هلا أنزل إليه ملك من عند الله ، فيكون له شاهدا على صدق ما يدعيه! وهذا كما قال فرعون : ( فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين ) [ الزخرف : 53 ] . وكذلك قال هؤلاء على السواء ، تشابهت قلوبهم; ولهذا قال :

ذُكر أن هاتين الآيتين نـزلتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان مشركو قومه قالوا له ليلة اجتماع أشرافهم بظهر الكعبة, وعرضوا عليه أشياء, وسألوه الآيات.

فكان فيما كلموه به حينئذ, فيما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ثني محمد بن أبي محمد, مولى زيد بن ثابت, عن سعيد بن جُبير, أو عكرمة مولى ابن عباس, عن ابن عباس أن قالوا له: فإن لم تفعل لنا هذا- يعني ما سألوه من تسيير جبالهم عنهم, وإحياء آبائهم, والمجيء بالله والملائكة قبيلا وما ذكره الله في سورة بني إسرائيل، فخذ لنفسك, سل ربك يبعث معك ملَكا يصدّقك بما تقول، ويراجعنا عنك, وسله فيجعل لك قصورا وجنانا، وكنوزا من ذهب وفضة, تغنيك عما نراك تبتغي, فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه, حتى نعلم فضلك ومنـزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بفاعل، فأنـزل الله في قولهم: أن خذ لنفسك ما سألوه، أن يأخذ لها، أن يجعل له جنانا وقصورا وكنوزا, أو يبعث معه ملَكا يصدّقه بما يقول، ويردّ عنه من خاصمه.( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلا أُنـزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنـز أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا ).

فتأويل الكلام: وقال المشركون ما لهذا الرسول يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم, الذي يزعم أن الله بعثه إلينا يأكل الطعام كما نأكل، ويمشي في أسواقنا كما نمشي ( لَوْلا أُنـزلَ إِلَيْهِ ) يقول: هلا أنـزل إليه ملَك إن كان صادقا من السماء, فيكون معه منذرا للناس, مصدّقا له على ما يقول, أو يلقى إليه كنـز من فضة أو ذهب، فلا يحتاج معه إلى التصرّف في طلب المعاش .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ استدل بالآية على إباحة دخول الأسواق للعلماء وأهل الدين والصلاح؛ خلافًا لمن كرهه لهم.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ﴾: يعنون: محمدًا ﷺ، ﴿يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾ كما نأكل نحن، ﴿وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾: يلتمس المعاش كما نمشي؛ فلا يجوز أن يمتاز عنَّا بالنبوة. وكانوا يقولون له: لست أنت بمَلَك ولا بملِك؛ لأنك تأكل والملك لا يأكل، ولست بملك؛ لأن الملك لا يتسوق، وأنت تتسوق وتتبذل. وما قالوه فاسد؛ لأن أكله الطعام لكونه آدميًّا، ومشيه في الأسواق لتواضعه، وكان ذلك صفة له، وشيء من ذلك لا ينافي النبوة.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ من دأب المكذبين الاستهزاء والنيل من الدعاة إلى الله تعالى.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ تواضع النبي ﷺ حيث يعيش كما يعيش الناس.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ الرسالة لا تستلزم انتفاء البشرية عن الرسول.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ حين يفلس الخصم، يلجأ إلى الطعن في الشخص لا الفكرة.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ لم يجدوا نقصًا أو خللًا؛ فتحولوا إلى طبيعته البشريَّة، عظيم أيها الرسول.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ لو لم يكن كذلك لقالوا: (ما لهذا الرسول لا يأكل الطعام ولا يمشي في الأسواق)، وهكذا صاحب الهوى لا تعرف له مسارًا.
وقفة
[7] ﴿وَقَالُوا مَالِ هَـٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ لِمَ اعترض المشركون على نبوة الرسول من خلال أكله الطعام، ومشيه بالأسواق فقط، ولم يعترضوا على نبوته بالنكاح مثلًا؟ خصُّوا أكل الطعام والمشي في الأسواق للاعتراض على نبوته دون غيرها من الخصائص البشرية؛ لأن هذين الحالين أي أكل الطعام والمشي في الأسواق هما من الأحوال المشاهدة المتكررة.
وقفة
[7] ﴿وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ فيه إباحة دخول الأسواق للعلماء وأهل الدين والصلاح خلافًا لمن كرهها لهم.
لمسة
[7] ﴿فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ لم يقولوا: (وبشيرًا) وهذا يدل على لددهم في الخصومة، وأنهم يريدون أن يكونوا في نذارة دائمة.
وقفة
[7، 8] في القرآن تنبيه المؤمن إلى أن غالب طرق الحصار الإعلامي، قديمًا وحديثًا؛ قائم -بالإضافة إلى أسلوب الاتهام والسباب- على أسلوب التعجيز ﴿لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ مالِ هذَا الرَّسُولِ:
  • ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.لهذا: اللام حرف جر. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ ما».الرسول: بدل من اسم الاشارة مجرور بالكسرة. وقد فصلت اللام عن اسم الاشارة خارجة عن اوضاع الخط‍ العربي وخط‍ المصحف سنة لا تغير. بمعنى: ما لهذا الزاعم انه رسول. وفي تساؤلهم استهانة.
  • ﴿ يَأْكُلُ الطَّعامَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من الرسول. يأكل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. الطعام:مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ:
  • الواو عاطفة. يمشي: معطوفة على يَأْكُلُ» وتعرب اعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الياء للثقل. في الاسواق: جار ومجرور متعلق بيمشي. بمعنى: ما له يأكل الطعام مثلنا أي مثل ما نأكل. ويمشي في الاسواق كمشينا فيها.
  • ﴿ لَوْلا أُنْزِلَ:
  • حرف تحضيض بمعنى «هلا» لا عمل له. انزل: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.
  • ﴿ إِلَيْهِ مَلَكٌ:
  • جار ومجرور متعلق بأنزل. ملك: نائب فاعل مرفوع بالضمة بمعنى: هلا أنزل إليه ملك يساعده
  • ﴿ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً:
  • الفاء سببية. يكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة. واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. مع: ظرف مكان يدل على المصاحبة متعلق بيكون والهاء ضمير متصل-ضمير الغائب-مبني على الضم في محل جر بالاضافة و نَذِيراً» خبر «يكون» منصوب بالفتحة. وجملة «يكون معه نذيرا» صلة «ان» المضمرة لا محل لها. و «ان» المصدرية المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق.'

المتشابهات :

الأنعام: 8﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوۡ أَنزَلۡنَا مَلَكٗا لَّقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ
الفرقان: 7﴿وَقَالُواْ مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشِي فِي ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     الشُّبهةُ الثالثةُ للمشركين: أنكرَ المشركون أن يكون الرسولُ من البشر؛ لأنَّه يأكلُ الطعامَ ويمشي في الأسواقِ، ثم اقترحُوا ثلاثةَ أمورٍ: 1- أن ينزل إليه ملك من عند الله، يكون شاهدًا على صدق ما يدعيه، قال تعالى :
﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فيكون:
1- بالنصب، على جواب التخصيص، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالرفع، عطفا على «أنزل» ، لأن «أنزل» فى موضع رفع، وهو ماض وقع موقع المضارع.

مدارسة الآية : [8] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ ..

التفسير :

[8]أو يهبط عليه من السماء كنز من مال، أو تكون له حديقة عظيمة يأكل من ثمرها، وقال هؤلاء الظالمون المكذبون:ما تتبعون أيها المؤمنون إلا رجلاً به سحر غلب على عقله.

{ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} أي:مال مجموع من غير تعب،{ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} فيستغني بذلك عن مشيه في الأسواق لطلب الرزق.{ وَقَالَ الظَّالِمُونَ} حملهم على القول ظلمهم لا اشتباه منهم،{ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} هذا وقد علموا كمال عقله وحسن حديثه، وسلامته من جميع المطاعن.

«أو يلقى إليه» أى: إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم «كنز» أى: مال عظيم يغنيه عن التماس الرزق بالأسواق كسائر الناس، وأصل الكنز، جعل المال بعضه على بعض وحفظه. من كنز التمر في الوعاء، إذا حفظه. «أو تكون له» صلّى الله عليه وسلّم «جنة يأكل منها» أى: حديقة مليئة بالأشجار المثمرة، لكي يأكل منها ونأكل معه من خيرها.

«وقال الظالمون» فضلا عن كل ذلك «إن تتبعون» أى: ما تتبعون «إلا رجلا مسحورا» أى: مغلوبا على عقله، ومصابا بمرض قد أثر في تصرفاته.

فأنت ترى أن هؤلاء الظالمين قد اشتمل قولهم الذي حكاه القرآن عنهم- على ست قبائح- قصدهم من التفوه بها صرف الناس عن اتباعه صلّى الله عليه وسلّم.

قال صاحب الكشاف عند تفسيره لهذه الآيات: أى: إن صح أنه رسول الله فما باله حاله كحالنا «يأكل الطعام» كما نأكل، ويتردد في الأسواق لطلب المعاش كما نتردد. يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش، ثم نزلوا عن اقتراحهم أن يكون ملكا إلى، اقتراح أن يكون إنسانا معه ملك، حتى يتساندا في الإنذار والتخويف، ثم نزلوا- أيضا- فقالوا: وإن لم يكن مرفودا بملك، فليكن مرفودا بكنز يلقى إليه من السماء يستظهر به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش. ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون رجلا له بستان يأكل منه ويرتزق ... وأراد بالظالمين: إياهم بأعيانهم. وضع الظاهر موضع المضمر ليسجل عليهم بالظلم فيما قالوا.. .

( أو يلقى إليه كنز ) أي : علم كنز [ يكون ] ينفق منه ، ( أو تكون له جنة يأكل منها ) أي : تسير معه حيث سار . وهذا كله سهل يسير على الله ، ولكن له الحكمة في ترك ذلك ، وله الحجة البالغة ( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) .

( أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ ) يقول: أو يكون له بستان ( يَأْكُلُ مِنْهَا ).

واختلف القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين ( يَأْكُلُ ) بالياء, بمعنى: يأكل منها الرسول. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين ( نَأْكُلُ مِنْهَا ) بالنون, بمعنى: نأكل من الجنة.

وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بالياء، وذلك للخبر الذي ذكرنا قبل بأن مسألة من سأل من المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يسأل ربه هذه الخلال لنفسه لا لهم. فإذ كانت مسألتهم إياه ذلك كذلك, فغير جائز أن يقولوا له: سل لنفسك ذلك لنأكل نحن.

وبعدُ, فإن في قوله تعالى ذكره: تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ دليلا بيِّنا على أنهم إنما قالوا له: اطلب ذلك لنفسك, لتأكل أنت منه, لا نحن.

وقوله: ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ ) يقول: وقال المشركون للمؤمنين بالله ورسوله: ( إِنْ تَتَّبِعُونَ ) أيها القوم باتباعكم محمدا( إِلا رَجُلا ) به سحر.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ﴾ المال فتنة، والافتتان بالأغنياء سمة كل العصور.
وقفة
[8] ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا﴾ ذكر أصحاب السير أن هذه المقولة صدرت من كبراء المشركين، وفي مجلس لهم مع رسول الله ﷺ، وأن هذه الأباطيل التي ذكروها تداولها أهل المجلس وأشاعوها في الناس، فنزلت هذه الآية.

الإعراب :

  • ﴿ أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ:
  • او: حرف عطف للتخيير. يلقى: فعل مضارع مبني للمجهول. مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر. إليه: جار ومجرور متعلق بيلقى. كنز: نائب فاعل مرفوع بالضمة بمعنى يمنح كنزا.
  • ﴿ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ:
  • او: اعربت. تكون: معطوفة على يُلْقى» وهي فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة الظاهرة. له: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم لتكون. جنة: اسمها مؤخر مرفوع بالضمة.
  • ﴿ يَأْكُلُ مِنْها:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير لَهُ» او في محل رفع صفة-نعت-لجنة. يأكل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. منها: جار ومجرور متعلق بيأكل
  • ﴿ وَقالَ الظّالِمُونَ:
  • الواو استئنافية. قال: فعل ماض مبني على الفتح.الظالمون: فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد. والجملة بعده في محل نصب مفعول به لقال
  • ﴿ إِنْ تَتَّبِعُونَ:
  • إن: نافية بمعنى «ما» لا عمل لها. تتبعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً:
  • إلا اداة حصر لا عمل لها. رجلا: مفعول به منصوب بالفتحة. مسحورا: صفة-نعت-لرجلا منصوبة مثلها بالفتحة.والكلمة اسم مفعول بمعنى: مصاب بسحر فهو مختل العقل.'

المتشابهات :

الإسراء: 47﴿إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا
الفرقان: 8﴿أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     2- أن يُلقى إليه كنزٌ من السماء؛ ينفق منه حتى لا يحتاج إلى المشي في الأسواق لطلب المعاش. 3- أو يكون له بستان يعيش من غلته، حتى لا يحتاج إلى تحصيل الرزق كسائر الناس، قال تعالى:
﴿ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أو تكون:
وقرئ:
أو يكون، بالياء، وهى قراءة قتادة، والأعمش.
يأكل:
1- بياء الغيبة، أي: الرسول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يأكلون، وهى قراءة زيد بن على، وحمزة، والكسائي، وابن وثاب، وطلحة.

مدارسة الآية : [9] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ ..

التفسير :

[9] انظر -أيها الرسول- كيف قال المكذبون في حقك تلك الأقوال العجيبة التي تشبه -لغرابتها- الأمثال؛ ليتوصلوا إلى تكذيبك؟ فبَعُدوا بذلك عن الحق، فلا يجدون سبيلاً إليه؛ ليصححوا ما قالوه فيك من الكذب والافتراء.

{ انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} وهي:أنه هلا كان ملكا وزالت عنه خصائص البشر؟ أو معه ملك لأنه غير قادر على ما قال، أو أنزل عليه كنز، أو جعلت له جنة تغنيه عن المشي في الأسواق أو أنه كان مسحورا.{ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} قالوا أقوالا متناقضة كلها جهل وضلال وسفه، ليس في شيء منها هداية بل ولا في شيء منها أدنى شبهة تقدح في الرسالة، فبمجرد النظر إليها وتصورها يجزم العاقل ببطلانها ويكفيه عن ردها، ولهذا أمر تعالى بالنظر إليها وتدبرها والنظر:هل توجب التوقف عن الجزم للرسول بالرسالة والصدق؟ ولهذا أخبر أنه قادر على أن يعطيك خيرا كثيرا في الدنيا

وقد رد الله- تعالى- على مقترحاتهم الفاسدة، بالتهوين من شأنهم وبالتعجيب من تفاهة تفكيرهم، وبالتسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه منهم فقال: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا.

أى: انظر- أيها الرسول الكريم- إلى هؤلاء الظالمين، وتعجب من تعنتهم، وضحالة عقولهم. وسوء أقاويلهم. حيث وصفوك تارة بالسحر. وتارة بالشعر. وتارة بالكهانة. وقد ضلوا عن الطريق المستقيم في كل ما وصفوك به. وبقوا متحيرين في باطلهم، دون أن يستطيعوا الوصول إلى السبيل الحق. وإلى الصراط المستقيم.

فالآية الكريمة تعجيب من شأنهم، واستعظام لما نطقوا به. وحكم عليهم بالخيبة والضلال، وتسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما قالوه في شأنه.

قال الله تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال ) أي : جاءوا بما يقذفونك به ويكذبون به عليك ، من قولهم " ساحر ، مسحور ، مجنون ، كذاب ، شاعر " وكلها أقوال باطلة ، كل أحد ممن له أدنى فهم وعقل يعرف كذبهم وافتراءهم في ذلك; ولهذا قال : ( فضلوا ) أي : عن طريق الهدى ، ( فلا يستطيعون سبيلا ) وذلك لأن كل من خرج عن الحق فإنه ضال حيثما توجه; لأن الحق واحد ومنهج متحد ، يصدق بعضه بعضا .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: انظر يا محمد إلى هؤلاء المشركين الذين شبهوا لك الأشباه بقولهم لك: هو مسحور, فضلوا بذلك عن قصد السبيل، وأخطؤوا طريق الهدى والرشاد، فلا يستطيعون يقول: فلا يجدون سبيلا إلى الحقّ, إلا فيما بعثتك به, ومن الوجه الذي ضلوا عنه.

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ثني محمد بن أبى محمد, عن سعيد بن جُبير, أو عكرمة, عن ابن عباس ( انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا ) أي التمسوا الهدى في غير ما بعثتك به إليهم فضلوا, فلن يستطيعوا أن يصيبوا الهدى في غيره.

وقال آخرون في ذلك ما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا ) قال: مخرجا يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك.

وقوله: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول تعالى ذكره: تقدس الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك.

واختلف أهل التأويل في المعني ب: " ذلك " التي في قوله: ( جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: خيرا مما قال هؤلاء المشركون لك يا محمد: هلا أوتيته وأنت لله رسول، ثم بين تعالى ذكره عن الذي لو شاء جعل له من خير مما قالوا, فقال: ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ).

* ذكر من قال ذلك.

التدبر :

وقفة
[9] ﴿انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا﴾، أي: عن طريق الهدى، ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ ذلك لأنَّ كلَّ من خرج عن الحق فإنه ضالٌّ حيثما توجه؛ لأن الحق واحد ومنهج متحد، يصدق بعضه بعضًا.
وقفة
[9] تفانوا في التكذيب؛ فغرقوا في التضليل وضاعوا عن السبيل ﴿انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾.
وقفة
[9] ﴿ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ افتروا الأكاذيب، فعاقبهم الله بالضلال؛ ولذا لم يروا شمس الحق بازغة في رابعة النهار.

الإعراب :

  • ﴿ انْظُرْ كَيْفَ:
  • فعل امر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره انت. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. والجملة من كَيْفَ» وما بعدها في محل نصب مفعول به لانظر.
  • ﴿ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. لك: جار ومجرور متعلق بضربوا. الامثال: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَضَلُّوا:
  • الفاء سببية. ضلوا: تعرب اعراب ضَرَبُوا» بمعنى: فتاهوا عن سبيل الحق.
  • ﴿ فَلا يَسْتَطِيعُونَ:
  • الفاء استئنافية. لا: نافية لا عمل لها. يستطيعون:فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ سَبِيلاً:
  • مفعول به منصوب بالفتحة. بمعنى: فلا يجدون طريقا للرجوع عما قذفوك به.'

المتشابهات :

الإسراء: 48﴿ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا
الفرقان: 9﴿ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ مقترحات المشركين؛ تعجبَ هنا من أقوالهم وتفاهة تفكيرهم، وحكم عليهم بالخيبة والضلال، قال تعالى:
﴿ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ ..

التفسير :

[10] عَظُمَتْ بركات الله، وكَثُرَتْ خيراته، الذي إن شاء جعل لك -أيها الرسول- خيراً مما تمنَّوه لك، فجعل لك في الدنيا حدائق كثيرة تتخللها الأنهار، ويجعل لك فيها قصوراً عظيمة.

{ تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} أي:خيرا مما قالوا، ثم فسره بقوله:{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} مرتفعة مزخرفة، فقدرته ومشيئته لا تقصر عن ذلك ولكنه تعالى -لما كانت الدنيا عنده في غاية البعد والحقارة- أعطى منها أولياءه ورسله ما اقتضته حكمته منها، واقتراح أعدائهم بأنهم هلا رزقوا منها رزقا كثيرا جدا ظلم وجراءة.

ثم أضاف- سبحانه- إلى هذه التسلية. تسلية أخرى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم فقال- تعالى-: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً.

أى: جل شأن الله تعالى، وتكاثرت خيراته، فهو- سبحانه- الذي- إن شاء- جعل لك في هذه الدنيا- أيها الرسول الكريم- خيرا من ذلك الذي اقترحوه من الكنوز والبساتين، بأن يهبك جنات عظيمة تجرى من تحت أشجارها الأنهار، ويهبك قصورا فخمة ضخمة.

ولكنه- سبحانه- لم يشأ ذلك، لأن ما ادخره لك من عطاء كريم خير وأبقى.

فقوله- تعالى-: إِنْ شاءَ كلام معترض لتقييد عطاء الدنيا، أى: إن شاء أعطاك في الدنيا أكثر مما اقترحوه، أما عطاء الآخرة فهو محقق ولا قيد عليه.

وقوله- سبحانه-: جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ تفسير لقوله: خَيْراً مِنْ ذلِكَ فهو بدل أو عطف بيان.

ثم قال تعالى مخبرا نبيه أنه لو شاء لآتاه خيرا مما يقولون في الدنيا وأفضل وأحسن ، فقال [ تعالى ] ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ) .

قال مجاهد : يعني : في الدنيا ، قال : وقريش يسمون كل بيت من حجارة قصرا ، سواء كان كبيرا أو صغيرا .

وقال سفيان الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن خيثمة ; قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك ، ولا يعطى أحد من بعدك ، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله؟ فقال : اجمعوها لي في الآخرة ، فأنزل الله عز وجل في ذلك : ( تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ) .

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) خيرا مما قالوا.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) قال: مما قالوا وتمنوا لك, فيجعل لك مكان ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار.

وقال آخرون: عني بذلك المشي في الأسواق، والتماس المعاش.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, فيما يرى الطبري, عن سعيد بن جُبير, أو عكرمة, عن ابن عباس قال: ثم قال: ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ) من أن تمشي في الأسواق، وتلتمس المعاش كما يلتمسه الناس,( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ).

قال أبو جعفر: والقول الذي ذكرناه عن مجاهد في ذلك أشبه بتأويل الآية, لأن المشركين إنما استعظموا أن لا تكون له جنة يأكل منها، وأن لا يلقى إليه كنـز واستنكروا أن يمشي في الأسواق، وهو لله رسول، فالذي هو أولى بوعد الله إياه أن يكون وعدا بما هو خير مما كان عند المشركين عظيما, لا مما كان منكرا عندهم، وعني بقوله: ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) بساتين تجري في أصول أشجارها الأنهار.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) قال: حوائط.

وقوله: ( وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ) يعني بالقصور: البيوت المبنية.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: قال أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ) قال: بيوتا مبنية مشيدة, كان ذلك في الدنيا، قال: كانت قريش ترى البيت من الحجارة قصرا كائنا ما كان.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ) مشيدة في الدنيا, كل هذا قالته قريش. وكانت قريش ترى البيت من حجارة ما كان صغيرا (1) قصرا.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن حبيب قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت أن نعطيك من خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك، ولا يعطى من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند الله تعالى، فقال: " اجمعوها لي في الآخرة "، فأنـزل الله في ذلك ( تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا ).

------------------------

الهوامش:

(1) الظاهر أنه سقط من قلم الناسخ " أو كبيرًا" كما يفيده ما قبله . والذي في ابن كثير " صغيرًا كان أو كبيرًا "

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[10] ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[10] ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾ ما أهون أن يهب الله نبيه في الدنيا خيرًا مما اقترحوه! فيجعل له مئات الجنات والقصور، لكن المال ليس علامة كرامة، بل الكرامة هي ربح الآخرة، فاختص الله بها أولياءه، وهي النعيم الأغلى والأبقى.
وقفة
[10] الغاية من الدعوة إلى الله هو ما يحصل به نعيم الآخرة لا نعيم الدنيا ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا﴾.
وقفة
[10] قال أحدهم: «كنت واقفًا عند إشارةٍ مروريَّة بجوار برج من أشهر الأبراج الشاهقة في منطقة الخليج، فحدثتني نفسي: لو أنَّ هذا البرج بما فيه لك، ماذا أنت صانع؟! فما هي إلا ثوان معدودة، وقبل أن ينبعث الضوء الأخضر عرضت لي آية في كتاب الله، هي والله أحبُّ إلى قلبي من ملء الأرض ذهبًا وأبراجًا: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا﴾».
عمل
[10] لا تبتئس بما حرمت منه وحازه غيرك ﴿إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾، لكنها حكمته في المنع والعطاء، ولو علم أن العطاء يُصلِحك لأعطاك، لكنه كثيرًا ما يمنع وقاية وتهذيبًا، كما أنه قد يعطي ابتلاء وتعذيبًا.

الإعراب :

  • ﴿ تَبارَكَ الَّذِي:
  • اعربت في الآية الكريمة الاولى. بمعنى: تكاثر خير.الذي: اي تكاثر خير الله الذي.
  • ﴿ إِنْ شاءَ:
  • إن: حرف شرط‍ جازم. شاء: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
  • ﴿ جَعَلَ لَكَ خَيْراً:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها من الاعراب. بمعنى: ان اراد وهب لك في الدنيا خيرا. جعل: جواب الشرط‍ في محل جزم بإن يعرب اعراب شاءَ».لك: جار ومجرور متعلق بجعل. خيرا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ مِنْ ذلِكَ:
  • من: حرف جر. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بمن. اللام للبعد والكاف للخطاب. اي مما قالوا. والجار والمجرور متعلق بالمفعول خَيْراً».
  • ﴿ جَنّاتٍ:
  • مفعول به ثان منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المؤنث السالم. اي منحك جنات.
  • ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت- لجنات. تجري: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت: جار ومجرور متعلق بتجري او بحال محذوفة من الانهار بتقدير تجري الانهار كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. الانهار: فاعل مرفوع بالضمة
  • ﴿ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً:
  • الواو عاطفة. يجعل: فعل مضارع بمعنى الماضي «وجعل» معطوف على جَعَلَ» او فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه سكون آخره لانه معطوف على محل الفعل جَعَلَ» اي الجزم ومعناه الاستقبال.والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لك: جار ومجرور متعلق بيجعل. قصورا: مفعول به منصوب بالفتحة. أي قصورا جميلة في الآخرة.'

المتشابهات :

الفرقان: 1﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ
الفرقان: 10﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيۡرٗا مِّن ذَٰلِكَ
الفرقان: 61﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجٗا
الزخرف: 85﴿و تَبَارَكَ الَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
الملك: 1﴿ تَبَارَكَ الَّذِي

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إبْراهِيمَ المُقْرِئُ، قالَ: أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ أبِي الفُراتِ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ البُخارِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ فَرْقَدٍ، قالَ: حَدَّثَنا إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ، قالَ: حَدَّثَنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا عَيَّرَ المُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالفاقَةِ وقالُوا: ﴿مالِ هَذا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي في الأسْواقِ﴾ [الفرقان: ٧] حَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِذَلِكَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِن عِنْدِ رَبِّهِ مُعَزِّيًا لَهُ، فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللَّهِ، رَبُّ العِزَّةِ يُقْرِئُكَ السَّلامَ، ويَقُولُ لَكَ: ﴿وما أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إلّا إنَّهم لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ويَمْشُونَ في الأسْواقِ﴾ [الفرقان: ٢٠] . أيْ يَبْتَغُونَ المَعاشَ في الدُّنْيا. قالَ: فَبَيْنا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ والنَّبِيُّ ﷺ يَتَحَدَّثانِ إذْ ذابَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتّى صارَ مِثْلَ الهُرْدَةِ. قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، وما الهُرْدَةُ ؟ قالَ: ”العَدَسَةُ“ . فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”ما لَكَ ذُبْتَ حَتّى صِرْتَ مِثْلَ الهُرْدَةِ ؟“ . فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، فُتِحَ بابٌ مِن أبْوابِ السَّماءِ لَمْ يَكُنْ فُتِحَ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ، وإنِّي أخافُ أنْ يُعَذَّبَ قَوْمُكَ عِنْدَ تَعْيِيرِهِمْ إيّاكَ بِالفاقَةِ. فَأقْبَلَ النَّبِيُّ ﷺ وجِبْرِيلُ يَبْكِيانِ إذْ عادَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ إلى حالِهِ فَقالَ: أبْشِرْ يا مُحَمَّدُ، هَذا رِضْوانُ خازِنُ الجَنَّةِ قَدْ أتاكَ بِالرِّضا مِن رَبِّكَ. فَأقْبَلَ رِضْوانُ حَتّى سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، رَبُّ العِزَّةِ يُقْرِئُكَ السَّلامَ - ومَعَهُ سَفَطٌ مِن نُورٍ يَتَلَأْلَأُ - ويَقُولُ لَكَ رَبُّكَ: هَذِهِ مَفاتِيحُ خَزائِنِ الدُّنْيا مَعَ ما لا يُنْتَقَصُ لَكَ مِمّا عِنْدِي في الآخِرَةِ مِثْلُ جَناحِ بَعُوضَةٍ. فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إلى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ كالمُسْتَشِيرِ لَهُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ إلى الأرْضِ فَقالَ: تَواضَعْ لِلَّهِ. فَقالَ: ”يا رِضْوانُ، لا حاجَةَ لِي فِيها، الفَقْرُ أحَبُّ إلَيَّ، وأنْ أكُونَ عَبْدًا صابِرًا شَكُورًا“ . فَقالَ رِضْوانُ عَلَيْهِ السَّلامُ: أصَبْتَ، أصابَ اللَّهُ بِكَ. وجاءَ نِداءٌ مِنَ السَّماءِ، فَرَفَعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ رَأْسَهُ فَإذا السَّماواتُ قَدْ فُتِحَتْ أبْوابُها إلى العَرْشِ، وأوْحى اللَّهُ تَعالى إلى جَنَّةِ عَدْنٍ أنْ تُدَلِّيَ غُصْنًا مِن أغْصانِها عَلَيْهِ عِذْقٌ عَلَيْهِ غُرْفَةٌ مِن زَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ، لَها سَبْعُونَ ألْفَ بابٍ مِن ياقُوتَةٍ حَمْراءَ، فَقالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ بَصَرَكَ. فَرَفَعَ فَرَأى مَنازِلَ الأنْبِياءِ وغُرَفَهم، فَإذا مَنازِلُهُ فَوْقَ مَنازِلِ الأنْبِياءِ فَضْلًا لَهُ خاصَّةً، ومُنادٍ يُنادِي: أرَضِيتَ يا مُحَمَّدُ ؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”رَضِيتُ، فاجْعَلْ ما أرَدْتَ أنْ تُعْطِيَنِي في الدُّنْيا ذَخِيرَةً عِنْدَكَ في الشَّفاعَةِ يَوْمَ القِيامَةِ“ .ويَرَوْنَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ أنْزَلَها رِضْوانُ وهو قَوْلُهُ: ﴿تَبارَكَ الَّذِي إن شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ ويَجْعَل لَّكَ قُصُورًا﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     وبعد التعجب من مقترحات المشركين؛ بَيَّنَ اللهُ لرسولِه صلى الله عليه وسلم أنه إن شاء جعل له في هذه الدنيا خيرًا من الذي اقترحوه من الكنوز والبساتين، بأن يهبه جنات عظيمة تجرى من تحت أشجارها الأنهار، ويهبه قصورًا فخمة، ولكنه لم يشأ ذلك؛ لأن ما ادخره له في الآخرة من عطاء كريم خير وأبقى، قال تعالى:
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ويجعل:
1- بالجزم، وهى قراءة الجمهور، ومن السبعة: نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو عمرو.
وقرئ:
2- بالرفع، وهى قراءة مجاهد، وابن عامر، وابن كثير، وحميد، وأبى بكر، ومحبوب، عن أبى عمرو.
3- بالنصب، على إضمار «أن» ، وهى قراءة عبيد الله بن موسى، وطلحة بن سليمان.
قال أبو الفتح: وهى قراءة ضعيفة.

مدارسة الآية : [11] :الفرقان     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن ..

التفسير :

[11] وما كذبوك؛ لأنك تأكل الطعام، وتمشي في الأسواق، بل كذَّبوا بيوم القيامة وما فيه من جزاء، وأعتدنا لمن كذب بالساعة ناراً حارة تُسَعَّر بهم.

ولما كانت تلك الأقوال التي قالوها معلومة الفساد أخبر تعالى أنها لم تصدر منهم لطلب الحق، ولا لاتباع البرهان وإنما صدرت منهم تعنتا وظلما وتكذيبا بالحق، فقالوا ما بقلوبهم من ذلك ولهذا قال:{ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ} والمكذب المتعنت الذي ليس له قصد في اتباع الحق، لا سبيل إلى هدايته ولا حيلة في مجادلته وإنما له حيلة واحدة وهي نزول العذاب به، فلهذا قال:{ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا} أي:نارا عظيمة قد اشتد سعيرها، وتغيظت على أهلها واشتد زفيرها.

ثم انتقل- سبحانه- من الحديث عن قبائحهم المتعلقة بوحدانية الله تعالى، وبشخصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الحديث عن رذيلة أخرى من رذائلهم المتكاثرة، ألا وهي إنكارهم للبعث والحساب، فقال- تعالى-: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً. أى إن هؤلاء الكافرين لم يكتفوا باتخاذ آلهة من دون الله- تعالى-، ولم يكتفوا بالسخرية من رسوله صلّى الله عليه وسلّم بل أضافوا إلى ذلك أنهم كذبوا بيوم القيامة وما فيه من بعث وحشر وثواب وعقاب. والحال أننا بقدرتنا وإرادتنا قد أعددنا وهيأنا لمن كذب بهذا اليوم سعيرا. أى: نارا عظيمة شديدة الاشتعال.

وقال- سبحانه-: وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ ولم يقل: لمن كذب بها. للمبالغة في التشنيع عليهم، والزجر لهم، إذ أن التكذيب بها كفر يستحق صاحبه الخلود في النار المستعرة.

ثم صور- سبحانه- حالهم عند ما يعرضون على النار، وهلعهم عند ما يلقون فيها، كما بين- سبحانه- حال المتقين وما أعد لهم من نعيم مقيم، فقال- تعالى-:

وقوله : ( بل كذبوا بالساعة ) أي : إنما يقول هؤلاء هكذا تكذيبا وعنادا ، لا أنهم يطلبون ذلك تبصرا واسترشادا ، بل تكذيبهم بيوم القيامة يحملهم على قول ما يقولونه من هذه الأقوال ، ( وأعتدنا ) أي : وأرصدنا ( لمن كذب بالساعة سعيرا ) أي : عذابا أليما حارا لا يطاق في نار جهنم .

وقال الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير : " السعير " : واد من قيح جهنم .

يقول تعالى ذكره: ما كذب هؤلاء المشركون بالله، وأنكروا ما جئتهم به يا محمد من الحق من أجل أنك تأكل الطعام، وتمشي في الأسواق, ولكن من أجل أنهم لا يوقنون بالمعاد، ولا يصدقون بالثواب والعقاب تكذيبا منهم بالقيامة، وبعث الله الأموات أحياء لحشر القيامة ,

( وَأَعْتَدْنَا ) يقول: وأعددنا لمن كذب ببعث الله الأموات أحياء بعد فنائهم لقيام الساعة, نارا تسعر عليهم وتتقد.

التدبر :

وقفة
[11] ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾ أي: إنما يقول هؤلاء هكذا تكذيبًا وعنادًا، لا أنهم يطلبون ذلك تبصرًا واسترشادًا، بل تكذيبهم بيوم القيامة يحملهم على ما يقولونه من هذه الأقوال.
تفاعل
[11] ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ﴾ قل: «اللهم أحسن عاقبتي في الأمور كلها، وأجرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة».
تفاعل
[11] ﴿وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ بَلْ كَذَّبُوا:
  • بل: حرف عطف للاضراب يفيد الاستئناف. بمعنى: بل اتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة. كذبوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. بمعنى: بل كذب هؤلاء بيوم القيامة فكيف يلتفتون الى هذا الجواب وهم لا يؤمنون بالآخرة.
  • ﴿ بِالسّاعَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بكذبوا. اي بيوم القيامة.
  • ﴿ وَأَعْتَدْنا:
  • الواو استئنافية. اعتد: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى: وقد هيأنا.
  • ﴿ لِمَنْ كَذَّبَ:
  • اللام: حرف جر. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بأعتدنا. كذب: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. وجملة كَذَّبَ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ بِالسّاعَةِ سَعِيراً:
  • جار ومجرور متعلق بكذب. سعيرا: مفعول به منصوب بالفتحة. اي نارا شديدة الاستعار.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     وبعد تكذيب المشركين بالقرآن وبالرسول صلى الله عليه وسلم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنهم أيضًا كذبوا بيوم القيامة، وما فيه من بعث وحساب وجزاء، ثم توعدهم بالنار، قال تعالى:
﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف