21879808182838485868788

الإحصائيات

سورة يونس
ترتيب المصحف10ترتيب النزول51
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات109عدد الأجزاء0.65
عدد الأحزاب1.30عدد الأرباع5.30
ترتيب الطول10تبدأ في الجزء11
تنتهي في الجزء11عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 4/29آلر: 1/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (79) الى الآية رقم (83) عدد الآيات (5)

فرعونُ يُحْضِرُ السَّحرةَ ليُظْهِرَ للنَّاسِ أنَّ ما أتى به موسى عليه السلام نوعٌ منَ السِّحرِ، فيصُدُّ النَّاسَ عنه، وإيمانُ طائفةٍ مِنْ بني إسرائيلَ بدعوةِ موسى عليه السلام.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (84) الى الآية رقم (88) عدد الآيات (5)

لمَّا آمَنَ البعضُ وهم خائفُونَ مِن فِرعونَ أمرَهُم موسى عليه السلام هنا ما يُوجِبُ الطُمَأنينةُ وهو التوكُّلُ على اللهِ، وأنْ يتَّخِذُوا بُيُوتًا في مصرَ ويجْعلُوها أماكنَ يُصَلُّون فيها عندَ الخوفِ، فلمَّا يَئِسَ من إيمانِ فرعونَ وملئِه دَعَا عليهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يونس

تثبيت النبي ﷺ/ الدعوة إلى الإيمان بالله قبل فوات الأوان/ التسليم لقضاء الله وقدره وبيان حكمة الله وتدبيره

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هل تتحدث سورة يونس عن قصة يونس عليه السلام ؟:   الجواب: لا، لم تتحدث سورة يونس عن قصة يونس عليه السلام. لم تذكر قصته، بل ذكرت قومه مرة واحدة فقط (وفي آية واحدة فقط، آية من 109 آية)، وهى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ (98). فالكلام هنا عن قومه، وهو الآن ليس موجودًا معهم، لأنه تركهم وكان في بطن الحوت عند إيمانهم. ذُكِرَ يونس عليه السلام في القرآن 6 مرات: 4 بالاسم الصريح في: النساء والأنعام ويونس والصافات، وذكر بالوصف في سورتين؛ في الأنبياء: ذا النون، وفي القلم: صاحب الحوت. وذكرت قصته في: الأنبياء والصافات والقلم، وذكر الاسم فقط في: النساء والأنعام ويونس.
  • • لماذا سميت السورة باسم يونس ولم تذكر قصته هنا؟:   والجواب: أن قوم نوح هلكوا، وآل فرعون غرقوا، لكن قوم يونس نجوا، فكانت السورة رسالة للنبي ﷺ: اصبر يا محمد ﷺ على قومك، لا تستعجل كما استعجل يونس، فسوف يؤمن أهل مكة كما آمن قوم يونس (وقد وقع هذا بالفعل في فتح مكة). ولهذا نحن الآن لا نستغرب ما فعله النبي ﷺ عندما جاءه مَلَكُ الْجِبَالِ أثناء رجوعه من الطائف، وقال له: «يَا مُحَمّدُ، إنْ شِئْت أَطْبَقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ»، فكان رده ﷺ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» . ونلاحظ: أن يونس عليه السلام هو النبي الوحيد الذي آمن به قومه ولم يهلكهم العذاب. فكانت السورة بشري ضمنية لرسول الله ﷺ أنك ستكون مثل يونس في هذا الأمر، قومك سيسلمون علي يديك بإذن الله، ولن يهلكهم العذاب (وهذا ما حدث بالفعل في فتح مكة بعد ذلك).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «يونس».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله يونس بن متى عليه السلام ، أرسله الله إلى أهل نينوى من أرض الموصل.
  • • سبب التسمية ::   لما ‏تضمنته ‏من ‏العظة ‏والعبرة ‏برفع ‏العذاب ‏عن ‏قومه ‏حين ‏آمنوا ‏بعد ‏أن ‏كاد ‏يحل ‏بهم ‏البلاء ‏والعذاب، ‏وهذه ‏من ‏الخصائص ‏التي ‏خصَّ ‏الله ‏بها ‏قوم ‏يونس.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   : لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن النفع والضر بيد الله عز وجل وحده دون ما سواه: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   التسليم لقضاء الله وقدره.
  • • علمتني السورة ::   أن الله حافظ عبده، فبقي يونس في بطن الحوت دون أن يموت، وقد أعاده الله للحياة.
  • • علمتني السورة ::   ما يقدره الله حولك من أحداث وأخبار ونوازل إنما هو تذكير لك، فاحذر أن تكون عنها غافلًا: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • o عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة يونس من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة يونس تعتبر -بحسب ترتيب المصحف- أول سور المئين.
    • سورة يونس تعتبر -بحسب ترتيب المصحف- أول سورة تسمى باسم نبي، والسور التي سميت باسم نبي 6 سور، هي: يونس، وهود، وإبراهيم، ويوسف، ومحمد، ونوح عليهم السلام.
    • سورة يونس تشبه سورة الأنعام من حيث الموضوع والأسلوب، فكلتاهما تتناول حقائق العقيدة من حيث الجانب النظري، ومواجهة ومجادلة المشركين.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبادر بالتوبة قبل فوات الأوان، قبل أن يقال لنا: (آلآن) كما قيل لفرعون.
    • أن نُسَلِّم لقضاء الله وقدره.
    • أن لا نيأس من دعوة الناس أبدًا.
    • أن نطيع الله وننفذ ما يأمرنا به مهما شعرنا باليأس والتعب، سيأتي الفرج يومًا من عنده.
    • أن نتذكر كلّما خشينا أمرًا، أو اعترانا همّ، أو أصابتنا كُربة، أن الله وحده من: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ (3).
    • أن نتذكر ضُّرًا أو مرضًا كشفه الله عنا، ثم نجتهد في حمده وشكره: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ﴾ (12).
    • ألا نؤمل في الناس خيرًا أكثر من اللازم: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ (12)، فقد تحسن إلى إنسان فلا يكافئك على إحسانك، فلا تتعجب، فمن الناس من يكشف الله عنه الضُرَّ فيمر كأن الله لم يكشف عنه شيئًا، فإذا كان هذا تعامله مع خالقه فمن باب أولى أن يكون تعامله مع عبد مثله ومخلوق مثله أردى من ذلك وأسوأ.
    • أن نستمر في تذكر الآخرة؛ ففي هذا حماية من الوقوع في المعاصي: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (15).
    • أن نحذر من الوقوع في الشرك، ونحذر من حولنا، ونبين لهم أن من الشرك دعاء غير الله أو الاستشفاع بالأموات: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ﴾ (18).
    • أن نتقي ثلاثة أمور فإنها ترجع على صاحبها: 1- المكر: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (فاطر 43). 2- البغي: ﴿إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم﴾ (23). 3- النكث: ﴿فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ﴾ (الفتح 10).
    • ألا نغتر بالحياة الدنيا وزينتها؛ فإنها حياة قصيرة: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ ... فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾ (24).
    • أن نحسن أعمالنا في الدنيا ليحسن الله إلينا يوم القيامة: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ﴾ (26). • ألا نقلق؛ فالذي يدبر الأمر هو الله، حتى المشركين يعرفون ذلك: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ... وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ (31).
    • أن نقرأ آيات التحدي، ونتفكر في عجز المشركين: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ (38).
    • أن نحدد شخصًا أو مجموعة يذكروننا بالمعصية، ونحتسب الأجر في ترك صحبتهم: ﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (41).
    • أن نفتدي أنفسنا اليوم من عذاب الله، ولو بقليل مال، أو يسير طعام أو شراب، أو ركعة، أو سجدة، قبل أن نتمنى أن نفتدي بالدنيا وما فيها: ﴿وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ﴾ (54).
    • أن نحتاط في الفتوى، ونحذر من القول على الله بلا علم: ﴿وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (60).
    • أن نتقي الله تعالى في سرنا وجهرنا؛ فجميع أعمالنا محصاة علينا من خير وشر: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (61).
    • أن نُذَكِّر أنفسنا بـ: ‏﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ﴾ (72) عند كل عمل نقوم به، لا ننتظر جزاءً إلا من الله. • ألا نترك موضع إبرة في قلوبنا فيه اعتماد على غير الله: ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ (84).
    • أن نحرص على التأمين حال سماع الدعاء؛ فإن التأمين بمنْزلة الدعاء: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا﴾ (89). • أن تكون دعوتنا إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة؛ وليست بالإكراه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (99).
    • أن نخلص العبادة لله وحده لا شريك له: ﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (105). • ألا نقلق، بل نطمئن ونتوكل على الله فهو المدبر: ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّـهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (107).

تمرين حفظ الصفحة : 218

218

مدارسة الآية : [79] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ ..

التفسير :

[79] وقال فرعون:جيئوني بكل ساحر متقن للسحر.

{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ‏}‏ معارضًا للحق، الذي جاء به موسى، ومغالطًا لملئه وقومه‏:‏ ‏{‏ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ‏}‏ أي‏:‏ ماهر بالسحر، متقن له‏.‏ فأرسل في مدائن مصر، من أتاه بأنواع السحرة، على اختلاف أجناسهم وطبقاتهم‏.‏

أى: وقال فرعون لخاصته بعد أن رأى من موسى الإصرار على دعوته ودعوة قومه إلى عبادة الله وحده، وبعد أن شاهد عصاه وقد تحولت إلى ثعبان مبين.

قال فرعون لخاصته بعد أن رأى كل ذلك من موسى- عليه السلام- ائْتُونِي أيها الملأ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ أى: بكل ساحر من أفراد مملكتي تكون عنده المهارة التامة في فن السحر، والخبرة الواسعة بطرقه وأساليبه.

ذكر تعالى قصة السحرة مع موسى ، عليه السلام ، في سورة الأعراف ، وقد تقدم الكلام عليها هناك . وفي هذه السورة ، وفي سورة طه ، وفي الشعراء ؛ وذلك أن فرعون - لعنه الله - أراد أن يتهرج على الناس ، ويعارض ما جاء به موسى ، عليه السلام ، من الحق المبين ، بزخارف السحرة والمشعبذين ، فانعكس عليه النظام ، ولم يحصل له ذلك المرام ، وظهرت البراهين الإلهية في ذلك المحفل العام ، و ( فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) [ الشعراء : 46 - 48 ] فظن فرعون أن يستنصر بالسحار ، على رسول عالم الأسرار ، فخاب وخسر الجنة ، واستوجب النار .

( وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال فرعون لقومه: ائتوني بكل من يسحر من السحرة، عليم بالسحر (1) .

-----------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير " السحر " فيما سلف ص : 155 : تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

، وتفسير " عليم " فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[79] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ يصدِّق الطاغية بمرور الوقت كذبه، فما زال فرعون يظن موسى ساحرًا، ويريد أن يقابله بسحر مثله.
وقفة
[79] ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ الباطل لا يتقوَّى بالمكاثرة، إن ساعةً من ساعات الحق تهوي بصروح الباطل بإذن الله ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود: 49].
وقفة
[79] حينما كان السحر لصالحه بحث عنه: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾، وحينما رأى فرعون حجة موسى صار السحر عنده فرية: ﴿قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى﴾ [القصص: 36].
وقفة
[79] المبادىء تحدد الأعداء، إلا عند أهل الأهواء تتغير الأعداء بحسب الأهواء، حذَّر فرعون من السحرة ثم استعان بهم ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾.
وقفة
[79] اﻻنتقائية هي أكبر اﻷشياء فضحًا لمن كره الحق، فإن فرعون وقومه اتهموا موسى ﴿أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ﴾ [طه: 57]، فإذا بفرعون يقول: ﴿ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وقال فرعون:
  • الواو: عاطفة. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. فرعون: فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون الاسم لأنه ممنوع من الصرف على المعجمة والعلمية.
  • ﴿ إئْتُوني بكل ساحر عليم:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به - مقول القول - إئتوني: فعل أمر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. والنون: للوقاية. والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بكل: جار ومجرور متعلق بائتوني. ساحر: مضاف إليه مجرور بالكسرة. عليم: صفة لساحر مجرورة مثله. '

المتشابهات :

الشعراء: 37﴿يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ
الأعراف: 109﴿قَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّ هَٰذَا لَ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
الأعراف: 112﴿يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
يونس: 79﴿وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ٱئۡتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
الشعراء: 34﴿قَالَ لِلۡمَلَإِ حَوۡلَهُۥٓ إِنَّ هَٰذَا لَ سَاحِرٍ عَلِيمٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [79] لما قبلها :     ولَمَّا ادَّعى فِرعونُ ومَلؤُه أنَّ ما جاء به موسى عليه السلام هو سِحرٌ؛ أمر فرعونُ هنا بجمع السَّحرة ليُظْهِرَ للنَّاسِ أنَّ ما أتى به موسى عليه السلام نوعٌ منَ السِّحرِ، فيصُدُّ النَّاسَ عنه، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ساحر:
قرئ:
سحار، وهى قراءة ابن مصرف، وابن وثاب، وعيسى، وحمزة، والكسائي.

مدارسة الآية : [80] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم ..

التفسير :

[80] فلما جاء السحرة فرعون قال لهم موسى:ألقوا على الأرض ما معكم من حبالكم وعصيِّكم.

‏{‏فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ‏}‏ للمغالبة مع موسى ‏{‏قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ‏}‏ أي‏:‏ أي شيء أردتم، لا أعين لكم شيئًا، وذلك لأنه جازم بغلبته، غير مبال بهم، وبما جاءوا به‏.‏

وقوله: فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ ... معطوف على كلام محذوف يستدعيه المقام والتقدير، فامتثل القوم أمر فرعون وأسرعوا في إحضار السحرة، فلما جاءوا والتقوا بموسى- عليه السلام- وخيروه بقوله إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى.

قالَ لَهُمْ مُوسى على سبيل التحدي أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ من ألوان سحركم، ليرى الناس حقيقة فعلكم، وليميزوا بين حقي وباطلكم.

؛ وإنما قال لهم ذلك لأنهم اصطفوا - وقد وعدوا من فرعون بالتقريب والعطاء الجزيل - ( قالوا ياموسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا ) [ طه : 65 ، 66 ] ، فأراد موسى أن تكون البداءة منهم ، ليرى الناس ما صنعوا ، ثم يأتي بالحق بعده فيدمغ باطلهم ؛ ولهذا لما ( ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ) [ الأعراف : 116 ] ، ( فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) [ طه : 67 ، 69 ]

(فلما جاء السحرة ) ، فرعونَ ، قال موسى: (ألقوا ما أنتم ملقون) ، من حبالكم وعصيِّكم.

* * *

وفي الكلام محذوف قد ترك، وهو: " فأتوه بالسحرة، فلما جاء السحرة "، ولكن اكتفى بدلالة قوله: (فلما جاء السحرة) ، على ذلك، فترك ذكره.

وكذلك بعد قوله: (ألقوا ما أنتم ملقون) ، محذوفٌ أيضًا قد ترك ذكرُه، وهو: فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ، فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى ، ولكن اكتفى بدلالة ما ظَهَر من الكلام عليه، فتُرك ذكره.

* * *

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[80] ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ﴾ وإنما أمرهم موسى بأن يبتدئوا بإلقاء سحرهم إظهارًا لقوة حجته؛ لأن شأن المبتدئ بالعمل المتباري فيه أن يكون أمكن في ذلك العمل من مباريه، ولاسيما الأعمال التي قوامها التمويه والترهيب، والتي يتطلَّب المستنصر فيها السبق إلى تأثر الحاضرين وإعجابهم.
وقفة
[80] ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ﴾ قال بعض العلماء: «جواز الأمر بالسحر لدحضه، وكذلك طلب إيراد الشبهات لحلها».
وقفة
[80] ﴿أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ﴾ قال الآلوسي: «لا يخفى ما في الإبهام من التحقير والإشعار بعدم المبالاة، والمراد أمرهم بتقديم ما صمموا على فعله ليظهر إبطاله، وليس المراد الأمر بالسحر والرضا به».

الإعراب :

  • ﴿ فلما جاء السحرة:
  • الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى\"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بجوابه. جاء: فعل ماضٍ مبني على الفتح. السحرة: فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية \"جاء السحرة\" في محل جر بالإضافة. بمعنى فلما جاء السحرة والتقوا موسى.
  • ﴿ قال لهم موسى:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها. قال فعل ماضٍ مبني على الفتح. لهم: اللام حرف جر و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقال. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ ألقوا ما أنتم ملقون:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- ألقوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أنتم: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ملقون: خبر \"أنتم\" مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد والجملة الاسمية \"أنتم ملقون\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب والعائد ضمير منصوب محلاً لأنه مفعول به أي ملقوه. '

المتشابهات :

الأعراف: 113﴿وَ جَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ
يونس: 80﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ
الشعراء: 41﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [80] لما قبلها :     وبعد أن أمرَ فرعونُ بجمع السَّحرة؛ حضروا بسرعة، قال تعالى: ه
﴿ فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [81] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا ..

التفسير :

[81] فلما ألقَوا حبالهم وعصيَّهم قال لهم موسى:إنَّ الذي جئتم به وألقيتموه هو السحر، إن الله سيُذْهب ما جئتم به وسيُبطله، إن الله لا يصلح عمل مَن سعى في أرض الله بما يكرهه، وأفسد فيها بمعصيته.

{‏فَلَمَّا أَلْقَوْا‏}‏ حبالهم وعصيهم، إذا هي كأنها حيات تسعى، فـ ‏{‏قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ‏}‏ أي‏:‏ هذا السحر الحقيقي العظيم، ولكن مع عظمته ‏{‏إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ‏}‏ فإنهم يريدون بذلك نصر الباطل على الحق، وأي فساد أعظم من هذا‏؟‏‏!‏‏!‏

وهكذا كل مفسد عمل عملاً، واحتال كيدًا، أو أتى بمكر، فإن عمله سيبطل ويضمحل، وإن حصل لعمله روجان في وقت ما، فإن مآله الاضمحلال والمحق‏.‏

وأما المصلحون الذين قصدهم بأعمالهم وجه الله تعالى، وهي أعمال ووسائل نافعة، مأمور بها، فإن الله يصلح أعمالهم ويرقيها، وينميها على الدوام، فألقى موسى عصاه، فتلقفت جميع ما صنعوا، فبطل سحرهم، واضمحل باطلهم‏.

فَلَمَّا أَلْقَوْا أى: فلما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم.

قالَ لهم مُوسى على سبيل السخرية مما صنعوه.

ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ، إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ أى: قال لهم موسى: أيها السحرة، إن الذي جئتم به هو السحر بعينه، وليس الذي جئت به أنا مما وصفه فرعون وملؤه بأنه سحر مبين.

وإن الذي جئتم به سيمحقه الله ويزيل أثره من النفوس، عن طريق ما أمرنى الله به- سبحانه- من إلقاء عصاي، فقد جرت سنته- سبحانه- أنه لا يصلح عمل الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وصنيعكم هذا هو من نوع الإفساد وليس من نوع الإصلاح.

فعند ذلك قال موسى لما ألقوا : ( ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، حدثنا عبد الرحمن - يعني الدشتكي - أخبرنا أبو جعفر الرازي ، عن ليث - وهو ابن أبي سليم - قال : بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تعالى ، تقرأ في إناء فيه ماء ، ثم يصب على رأس المسحور : الآية التي من سورة يونس : ( فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين)

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما ألقوا ما هم ملقوه ، قال لهم موسى: ما جئتم به السحر.

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق ( مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ ) على وجه الخبر من موسى عن الذي جاءت به سحرة فرعون ، أنه سحرٌ. كأن معنى الكلام على تأويلهم: قال موسى: الذي جئتم به أيّها السحرة ، هو السحر.

* * *

وقرأ ذلك مجاهد وبعض المدنيين والبصريين: (مَا جِئْتُمْ بِهِ آلسِّحْرُ) على وجه الاستفهام من موسى إلى السحرة عما جاؤوا به، أسحر هو أم غيره؟ (2)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب ، قراءة من قرأه على وجه الخبر لا على الاستفهام، لأن موسى صلوات الله وسلامه عليه ، لم يكن شاكا فيما جاءت به السحرة أنه سحر لا حقيقة له ، فيحتاج إلى استخبار السحرة عنه ، أي شيء هو؟

وأخرى أنه صلوات الله عليه قد كان على علم من السحرة، إنما جاء بهم فرعون ليغالبوه على ما كان جاءهم به من الحق الذي كان الله آتاه، فلم يكن يذهب عليه أنهم لم يكونوا يصدِّقونه في الخبر عمّا جاءوه به من الباطل، فيستخبرهم أو يستجيز استخبارهم عنه، ولكنه صلوات الله عليه أعلمهم أنه عالم ببطول ما جاؤوا به من ذلك بالحق الذي أتاه ، (3)

ومبطلٌ كيدهم بحَدِّه . (4)

وهذه أولى بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخرى.

* * *

فإن قال قائل: فما وجه دخول الألف واللام في " السحر " إن كان الأمر على ما وصفت ، وأنت تعلم أن كلام العرب في نظير هذا أن يقولوا: " ما جاءني به عمرو درهمٌ ، والذي أعطاني أخوك دينار " ، ولا يكادون أن يقولوا (5)

: الذي أعطاني أخوك الدرهم ، وما جاءني به عمرو الدينار؟

قيل له: بلى، كلام العرب إدخال " الألف واللام " في خبر " ما " و " الذي" إذا كان الخبر عن معهود قد عرفه المخاطَب والمخاطِب، بل لا يجوز إذا كان ذلك كذلك إلا بالألف واللام، لأنّ الخبر حينئذ خبرٌ عن شيء بعينه معروف عند الفريقين، وإنما يأتي ذلك بغير " الألف واللام " ، (6) إذا كان الخبر عن مجهول غير معهود ولا مقصود قصدَ شيء بعينه، فحينئذ لا تدخل الألف واللام في الخبر. (7) وخبرُ موسى كان خبرًا عن معروف عنده وعند السحرة، وذلك أنها كانت نسبت ما جاءهم به موسى من الآيات التي جعلها الله عَلَمًا له على صدقه ونبوته ، إلى أنه سحرٌ، فقال لهم موسى: السحرُ الذي وصفتم به ما جئتكم به من الآيات أيها السحرة، هو الذي جئتم به أنتم ، لا ما جئتكم به أنا. ثم أخبرهم أن الله سيبطله. فقال: (إن الله سيبطله) ، يقول: سيذهب به، فذهب به تعالى ذكره ، بأن سلط عليه عصا موسى قد حوّلها ثعبانًا يتلقَّفه ، حتى لم يبق منه شيء ، (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) ، يعني: أنه لا يصلح عمل من سعى في أرض الله بما يكرهه ، وعمل فيها بمعاصيه. (8)

* * *

وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب: (مَا أَتَيْتُمْ بِهِ سِحْرٌ).

* * *

وفي قراءة ابن مسعود: (مَا جِئْتُمْ بِهِ سِحْرٌ) ، (9) وذلك مما يؤيد قراءة من قرأ بنحو الذي اخترنا من القراءة فيه.

-----------------------

الهوامش :

(2) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 475 ، وفيه تفصيل مفيد .

(3) في المخطوطة : " ما جاؤوا به من ذلك الحق الذي أتاه " ، وأرجح أن ناسخ المخطوطة قد أسقط شيئًا من الكلام ، ولكن ما في المطبوعة يؤدي عن معناه ، وذلك بزيادة الباء في " بالحق " ، وإن كانت الجملة عندي ضعيفة .

(4) في المطبوعة : " بجده " بالجيم ، والصواب بالحاء . و " الحد " الشدة والبأس والسطوة .

(5) هكذا في المخطوطة " لا يكادون أن يقولوا " ، وبعد " يقولوا " حرف " ط " دلالة على الخطأ ، وليس خطأ . وقد عقد ابن هشام في شواهد التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح : 98 - 102 ، فصلا جيدًا في وقوع خبر " كاد " مقرونا به " أن " ، وذكر شواهده في الحديث وفي الشعر ، واحتج لذلك أحسن الاحتجاج .

(6) في المطبوعة والمخطوطة أسقط " واللام " .

(7) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 475 .

(8) انظر تفسير " الإفساد " فيما سلف من فهارس اللغة ( فسد ) .

(9) انظر هاتين القراءتين في معاني القرآن للفراء 1 : 475 .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[81] ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ وإنما كان السحرة مفسدين لأن قصدهم تضليل عقول الناس؛ ليكونوا مسخرين لهم، ولا يعلموا أسباب الأشياء؛ فيبقوا آلة فيما تأمرهم السحرة، ولا يهتدوا إلى إصلاح أنفسهم سبيلًا. أما السحرة الذين خاطبهم موسى عليه السلام فإفسادهم أظهر؛ لأنهم يحاولون إبطال دعوة الحق، والدين القويم، وترويج الشرك والضلالات.
عمل
[81] ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ لكل مسحور ينتظر الفرج، كن على يقين وثقة أن الله على كل شيء قدير، توكل عليه سبحانه وأحسن الظن به وابذل السبب، ولن تهزم.
وقفة
[81] ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ الثقة بالله وبنصره والتوكل عليه ينبغي أن تكون من صفات المؤمن القوي.
عمل
[81] أرسل رسالة تحذر فيها من السحر وأهله ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
عمل
[81] اقرأ هذه الآيات المباركات على نفسك، وعلى من به عين أو سحر؛ فإن لها تأثيرًا بإذن الله تعالى، ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
وقفة
[81] ﴿مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ قال الطاهر بن عاشور مبينًا طبيعة الباطل المضمحلة وزواله الحتمي: «فإذا نفى الله إصلاحها فذلك بتركها وشأنها، ومن شأن الفساد أن يتضاءل مع الزمان حتى يضمحل».
وقفة
[81] هذا منهج إلهي مطرد، وسنة ربانية جارية تجاه كل جبار ومفسد في الأرض، تدبر هذه الآيات وأمثالها تدرك حقيقة: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾، ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف: 152]، ﴿بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: 18]، فلِم الانهزام أمام الباطل؟ ﴿إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: 81].
وقفة
[81] ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ الثقة بالله وبنصره من صفات المؤمن القوي.
وقفة
[81] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ وهكذا كل مفسد عمل عملًا، واحتال كيدًا، أو أتى بمكر؛ فإن عمله سيبطل ويضمحل، وإن حصل لعمله رواج في وقت ما فإن مآله الاضمحلال، والمحق. وأما المصلحون -الذين قصدهم بأعمالهم وجه الله تعالى، وهي أعمال ووسائل نافعة مأمور بها- فإن الله يصلح أعمالهم، ويرقيها، وينميها على الدوام، السؤال: ما مآل الأعمال الفاسدة؟ وما مآل الأعمال الصالحة؟
وقفة
[81] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ قد يعلو الباطل زمنًا طال أم قصر؛ لحكمة أرادها الله، وفي النهاية ينتصر الحق!
وقفة
[81] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ فلا يصلح عمل من سعى في أرض الله بما يكرهه، وعمل فيها بمعاصيه ولا يؤيده بجميل الخاتمة.
وقفة
[81] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله عبد الرحمن بن نُعيم ينصحه في سطر واحد: «أما بعد، فاعمل عمل من يعلم أن الله لا يصلح عمل المفسدين».
عمل
[81] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ ثِق بأنه مهما نجح أهل الباطل في مُخطَّطاتهِم فمصيرُها الفشل، وتَحَوَّلُ هذه الأعمال إلى خيبة وندم.
وقفة
[81] يستحيل أن يكون الفساد صلاحًا، وﻻ المفسد مصلحًا، فالفساد فساد، والصلاح صلاح، ولن يصلح عمل المفسد مهما زوق ظاهره ورقشه ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
عمل
[81] مهما رأيت المفسدين يسعون في الإفساد؛ فاطمئن والجأ إلى الله بحسن طاعة فـ ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
وقفة
[81] الأعمال الفاسدة إلى زوال وإن قويت، والأعمال الصالحة باقية تمكث وتنفع صاحبها والناس ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
وقفة
[81] من سنن الله الكونية والتي جاءت في محكم التنزيل؛ أن المفسد لا يوفق للصلاح والخير ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
وقفة
[81، 82] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ مهما بهرجوه وزينوه؛ لقد قضى الله أن يكون عمل المفسدين غير صالح ﴿وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فلما ألقوا قال موسى:
  • فلما: وقال موسى: أعربتا في الآية الكريمة السابقة. القوا: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ألقوا: جملة في محل جر بالإضافة. أي فلما ألقوا عصيهم وحبالهم قال موسى. فحذف الفعول به اختصاراً لأنه معلوم من سياق الكلام.
  • ﴿ ما جئتم به السحر:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. جئتم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. به: جار ومجرور متعلق بجئتم. السحر: خبر \"ما\" مرفوع بالضمة وجملة \"جئتم به\" صلة الموصول لا محل لها. أي الذي جئتم به هو السحر.
  • ﴿ إنّ الله سيبطله:
  • الجملة: في محل نصب حال من السحر. إن: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله: اسم \"إن\" منصوب للتعظيم بالفتحة. السين: حرف استقبال - تسويف - للقريب. يبطله: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو أي سبحانه. وجملة \"سيبطله\" في محل رفع خبر \"ان\". والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ إنّ الله لا يصلح:
  • إنّ الله: أعربت. لا: نافية لا عمل لها يصلح تعرب إعراب \"يبطل\" وجملة \"لا يصلح عمل المفسدين\" في محل رفع خبر \"إن\".
  • ﴿ عمل المفسدين:
  • عمل: مفعول به منصوب بالفتحة. المفسدين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض عن تنوين المفرد. ويجوز أن تعرب \"ما\" اسم استفهام في محل رفع مبتدأ بمعنى: أي شيء. وجئتم به: في محل رفع خبره. والسحر خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. '

المتشابهات :

الأعراف: 116﴿قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ
يونس: 81﴿ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبْطِلُهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [81] لما قبلها :     ولمَّا طلبَ موسى عليه السلام من السحرة أن يلقُوا ما معهم؛ ألقَى السَّحرةُ ما معهم، وهنا يخاطبهم موسى عليه السلام غيرَ مكْترث بهم، ولا بما صنعوا، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

السحر:
قرئ:
1- آلسحر، بهمزة ممدودة، وهى قراءة أبى عمرو، ومجاهد، وابن القعقاع.
2- السحر، بهمزة الوصل، وهى قراءة باقى السبعة، والجمهور.

مدارسة الآية : [82] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ ..

التفسير :

[82] ويثبِّت الله الحق الذي جئتكم به من عنده فيُعليه على باطلكم بكلماته وأمره، ولو كره المجرمون أصحابُ المعاصي مِن آل فرعون.

فألقي السحرة سجدًا حين تبين لهم الحق. فتوعدهم فرعون بالصلب، وتقطيع الأيدي والأرجل، فلم يبالوا بذلك وثبتوا على إيمانهم.

وأما فرعون وملؤه، وأتباعهم، فلم يؤمن منهم أحد، بل استمروا في طغيانهم يعمهون.

وقوله: وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ تأكيد لسنة الله- تعالى- في تنازع الحق والباطل، والصلاح والفساد.

أى: أنه جرت سنة الله تعالى- أن لا يصلح عمل المفسدين، بل يمحقه ويبطله، وأنه- سبحانه- يحق الحق أى يثبته ويقويه ويؤيده بِكَلِماتِهِ النافذة، وقضائه الذي لا يرد، ووعده الذي لا يتخلف وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ذلك لأن كراهيتهم لإحقاق الحق وإبطال الباطل، لا تعطل مشيئة الله، ولا تحول بين تنفيذ آياته وكلماته وقد كان الأمر كذلك فقد أوحى الله إلى موسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ. فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ .

ثم انتقلت السورة الكريمة للحديث عن جانب مما دار بين موسى- عليه السلام- وبين قومه بنى إسرائيل، إثر الحديث عن جانب مما دار بينه وبين فرعون وملئه وسحرته فقال- تعالى-:

(ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ) والآية الأخرى : ( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ) [ الأعراف : 118 - 122 ] ، وقوله ( إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ) [ طه : 69 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن موسى أنه قال للسحرة: (ويحق الله الحق) ، يقول: ويثبت الله الحق الذي جئتكم به من عنده، فيعليه على باطلكم، ويصححه ، " بكلماته "، يعني : بأمره (10) ، (ولو كره المجرمون) ، يعني الذين اكتسبوا الإثم بربِّهم ، (11) بمعصيتهم إياه.

-----------------------

الهوامش :

(10) انظر تفسير " يحق الحق بكلماته " فيما سلف 13 : 407 ، تعليق : 2 ، 3 ، والمراجع هناك .

(11) انظر بيان معنى " أثم بربه " فيما سلف ص : 155 ، تعليق : 3 : ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[82] ﴿وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ﴾ الإحقاق هو التثبيت، ومنه سُمِّي الحق حقًا لأنه الثابت، وقول الله تعالى: ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ فمعناه بكلماته السابقة الأزلية في الوعد بذلك.
وقفة
[82] ﴿وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ ما أحوجنا إلى اليقين بهذه الآية في زمن طغى فيه المجرمون واستبدوا فقتَّلوا الأبرياء وسفكوا الدماء وتحالفوا مع الشياطين! سيحق الله الحق رغم أنف كل مجرم متكبر وسيبزغ فجر الأمة من جديد.
وقفة
[82] ﴿وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ عُرف عن شيخ الإسلام ابن تيمية نظرته الإيمانية التفاؤلية في أشد الأحوال والنوازل، سواء في تعامله مع قضايا عصره أو في تقريراته، ومن ذلك قوله في الفتاوى: «ومن سنة الله: أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه؛ فيحق الحق بكلماته، ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق».

الإعراب :

  • ﴿ ويحقُّ الله:
  • الواو استئنافية. يحق: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ الحق بكلماته:
  • الحق: مفعول به منصوب بالفتحة - أي يبينه. بكلماته: جار ومجرور متعلق بيحق والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ولو كره المجرمون:
  • الواو: حالية. والجملة المؤولة بعدها. في محل نصب حال. لو: مصدرية. كره. فعل ماضٍ مبني على الفتح. المجرمون. فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد و\"لو\" المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. أي مع كره المجرمين احقاق الله الحق بكلماته وجملة \"كره المجرمون\" صلة \"لو\" المصدرية لا محل لها ويكون المفعول محذوفاً اختصاراً بمعنى ولو كره المجرمون ذلك. '

المتشابهات :

يونس: 82﴿ وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ
الأنفال: 7﴿وَيُرِيدُ اللَّـهُ أَن وَيُحِقُّ اللَّـهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِين
الشورى: 24﴿وَيَمْحُ اللَّـهُ الْبَاطِلَ وَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [82] لما قبلها :     وبعد بيان أن لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ؛ جاء هنا أنه تعالى يثبت الحق الذي فيه صلاح الخلق، وينصره على ما يعارضه من الباطل، قال تعالى:
﴿ وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [83] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ ..

التفسير :

[83] فما آمن لموسى عليه السلام -مع ما أتاهم به من الحجج والأدلة- إلا ذرية من قومه من بني إسرائيل، وهم خائفون من فرعون وملئه أن يفتنوهم بالعذاب، فيصدُّوهم عن دينهم، وإن فرعون لَجبار مستكبر في الأرض، وإنه لمن المتجاوزين الحد في الكفر والفساد.

{ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} أي:شباب من بني إسرائيل، صبروا على الخوف، لما ثبت في قلوبهم الإيمان.

{ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} عن دينهم{ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ} أي:له القهر والغلبة فيها، فحقيق بهم أن يخافوا من بطشته.

{ و} خصوصًا{ إِنَّهُ} كان{ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} أي:المتجاوزين للحد، في البغي والعدوان.

والحكمة -والله أعلم- بكونه ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، أن الذرية والشباب، أقبل للحق، وأسرع له انقيادًا، بخلاف الشيوخ ونحوهم، ممن تربى على الكفر فإنهم -بسبب ما مكث في قلوبهم من العقائد الفاسدة- أبعد من الحق من غيرهم.

قال الجمل: «قوله- سبحانه- فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ ... لما ذكر الله- تعالى- ما أتى به موسى- عليه السلام- من المعجزات العظيمة الباهرة، أخبر- سبحانه- أنه مع مشاهدة هذه المعجزات، ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه. وإنما ذكر الله هذا تسلية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان كثير الاهتمام بإيمان قومه، وكان يغتم بسبب إعراضهم عن الإيمان به، واستمرارهم على الكفر والتكذيب، فبين الله له أن له أسوة بالأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-. لأن ما جاء به موسى من المعجزات، كان أمرا عظيما. ومع ذلك فما آمن له إلا ذرية من قومه» .

والآية الكريمة معطوفة على كلام محذوف يدل عليه السياق، والتقدير: لقد أتى موسى- عليه السلام- بالمعجزات التي تشهد بصدقه، والتي على رأسها، أن ألقى عصاه فإذا هي تبتلع ما فعله السحرة، ومع كل تلك البراهين الدالة على صدقه، فما آمن به إلا ذرية من قومه.

والمراد بالذرية هنا: العدد القليل من الشباب، الذين آمنوا بموسى، بعد أن تخلف عن الإيمان آباؤهم وأغنياؤهم.

قال الآلوسى: قوله إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ أى: إلا أولاد بعض بنى إسرائيل حيث دعا- عليه السلام- الآباء فلم يجيبوه خوفا من فرعون، وأجابته طائفة من شبابهم فالمراد من الذرية: الشبان لا الأطفال .

والضمير في قوله مِنْ قَوْمِهِ يعود لموسى- عليه السلام-، وعليه يكون المعنى:

فما آمن لموسى- عليه السلام- في دعوته إلى وحدانية الله، إلا عدد قليل من شباب قومه بنى إسرائيل، الذين كانوا يعيشون في مصر، والذين كان فرعون يسومهم سوء العذاب، أما آباؤهم وأصحاب الجاه فيهم، فقد انحازوا إلى فرعون طمعا في عطائه، وخوفا من بطشه بهم.

ويرى بعض المفسرين أن الضمير في قوله مِنْ قَوْمِهِ يعود إلى فرعون لا إلى موسى.

فيكون المعنى: فما آمن لموسى إلا عدد قليل من شباب قوم فرعون.

قال ابن كثير ما ملخصه مرجحا هذا الرأى: «يخبر الله- تعالى- أنه لم يؤمن بموسى- عليه السلام- مع ما جاء به من الآيات والحجج، إلا قليل من قوم فرعون، من الذرية- وهم الشباب-، على وجل وخوف منه ومن ملئه.

قال العوفى عن ابن عباس: «إن الذرية التي آمنت لموسى من قوم فرعون منهم:

امرأته، ومؤمن آل فرعون، وخازنه، وامرأة خازنه» .

ثم قال: واختار ابن جرير قول مجاهد في الذرية، أنها من بنى إسرائيل، لا من قوم فرعون. لعود الضمير على أقرب مذكور.

وفي هذا نظر، لأن من المعروف أن بنى إسرائيل كلهم آمنوا بموسى. واستبشروا به، فقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به.

وإذا تقرر هذا فكيف يكون المراد إلا ذرية من قوم موسى وهم بنو إسرائيل؟» .

والذي نراه أن ما اختاره ابن جرير من عودة الضمير إلى موسى- عليه السلام- أرجح، لأن هناك نوع خفاء في إطلاق كلمة الذرية على من آمن من قوم فرعون، ومنهم زوجته، وامرأة خازنه.

ولأنه لا دليل على أن بنى إسرائيل كلهم قد آمنوا بموسى، بل الحق أن منهم من آمن به ومنهم من كفر به، كقارون والسامري وغيرهما.

ولأن رجوع الضمير إلى موسى- عليه السلام- هو الظاهر المتبادر من الآية، لأنه أقرب مذكور، وليس هناك ما يدعو إلى صرف الآية الكريمة عن هذا الظاهر.

ورحم الله ابن جرير فقد قال في ترجيحه لما ذهب إليه من عودة الضمير إلى موسى- عليه السلام- ما ملخصه:

وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية، القول الذي ذكرته عن مجاهد وهو أن الذرية في هذا الموضع، أريد بها ذرية من أرسل إليه موسى من بنى إسرائيل، وإنما قلت هذا القول أولى بالصواب، لأنه لم يجر في هذه الآية ذكر لغير موسى، فلأن تكون الهاء في قوله مِنْ قَوْمِهِ من ذكر موسى لقربها من ذكره أولى من أن تكون من ذكر فرعون، لبعد ذكره منها.

ولأن في قوله عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ الدليل الواضح على أن الهاء في قوله إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ من ذكر موسى لا من ذكر فرعون، لأنها لو كانت من ذكر فرعون لكان الكلام على خوف منه، ولم يكن على خوف من فرعون..» .

وقوله: عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ ... حال من كلمة ذُرِّيَّةٌ، وعَلى هنا بمعنى مع. والضمير في قوله مَلَائِهِمْ يعود إلى ملأ الذرية، وهم كبار بنى إسرائيل الذين لاذوا بفرعون طمعا في عطائه أو خوفا من عقابه ولم يتبعوا موسى- عليه السلام-.

والمعنى: فما آمن لموسى الا عدد قليل من شباب قومه، والحال أن إيمانهم كان مع خوف من فرعون ومن أشراف قومهم أن يفتنوهم عن دينهم، أى: أن يعذبوهم ليحملوهم على ترك اتباع موسى- عليه السلام.

والضمير في يَفْتِنَهُمْ يعود إلى فرعون خاصة، لأنه هو الآمر بالتعذيب ولأن الملأ إنما كانوا يأتمرون بأمره، وينتهون عن نهيه، فهم كالآلة في يده يصرفها كيف يشاء.

وجملة أَنْ يَفْتِنَهُمْ في تأويل مصدر، بدل اشتمال من فرعون، أى: على خوف من فرعون فتنته.

وقوله: وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ اعتراض تذييلى مؤكد لمضمون ما قبله، ومقرر لطغيان فرعون وعتوه.

أى: وإن فرعون المتكبر متجبر في أرض مصر كلها، وإنه لمن المسرفين المتجاوزين لكل حد في الظلم والبغي وادعاء ما ليس له.

والمتجبرون والمسرفون يحتاجون في مقاومتهم إلى إيمان عميق، واعتماد على الله وثيق، وثبات يزيل المخاوف ويطمئن القلوب إلى حسن العاقبة، ولذا قال موسى لأتباعه المؤمنين:

يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ.

يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى ، عليه السلام ، مع ما جاء به من الآيات البينات والحجج القاطعات والبراهين الساطعات ، إلا قليل من قوم فرعون ، من الذرية - وهم الشباب - على وجل وخوف منه ومن ملئه ، أن يردوهم إلى ما كانوا عليه من الكفر ؛ لأن فرعون كان جبارا عنيدا مسرفا في التمرد والعتو ، وكانت له سطوة ومهابة ، تخاف رعيته منه خوفا شديدا .

قال العوفي : عن ابن عباس : ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم ) قال : فإن الذرية التي آمنت لموسى ، من أناس غير بني إسرائيل ، من قوم فرعون يسير ، منهم : امرأة فرعون ، ومؤمن آل فرعون ، وخازن فرعون ، وامرأة خازنه .

وروى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ) يقول : بني إسرائيل .

وعن ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة ( الذرية ) : القليل .

وقال مجاهد في قوله : ( إلا ذرية من قومه ) يقول : بني إسرائيل . قال : هم أولاد الذين أرسل إليهم موسى ، من طول الزمان ، ومات آباؤهم .

واختار ابن جرير قول مجاهد في الذرية : أنها من بني إسرائيل لا من قوم فرعون ، لعود الضمير على أقرب المذكورين .

وفي هذا نظر ؛ لأنه أراد بالذرية الأحداث والشباب وأنهم من بني إسرائيل ، فالمعروف أن بني إسرائيل كلهم آمنوا بموسى ، عليه السلام ، واستبشروا به ، وقد كانوا يعرفون نعته وصفته والبشارة به من كتبهم المتقدمة ، وأن الله تعالى سينقذهم به من أسر فرعون ويظهرهم عليه ؛ ولهذا لما بلغ هذا فرعون حذر كل الحذر فلم يجد عنه شيئا . ولما جاء موسى آذاهم فرعون أشد الأذى ، و ( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ) [ الأعراف : 129 ] . وإذا تقرر هذا فكيف يكون المراد إلا ذرية من قوم موسى ، وهم بنو إسرائيل ؟ .

( على خوف من فرعون وملئهم ) أي : وأشراف قومهم أن يفتنهم ، ولم يكن في بني إسرائيل من يخاف منه أن يفتن عن الإيمان سوى قارون ، فإنه كان من قوم موسى ، فبغى عليهم ؛ لكنه كان طاويا إلى فرعون ، متصلا به ، متعلقا بحباله ومن قال : إن الضمير في قوله : ( وملئهم ) عائد إلى فرعون ، وعظم الملك من أجل اتباعه أو بحذف " آل " فرعون ، وإقامة المضاف إليه مقامه - فقد أبعد ، وإن كان ابن جرير قد حكاهما عن بعض النحاة . ومما يدل على أنه لم يكن في بني إسرائيل إلا مؤمن قوله تعالى :

القول في تأويل قوله تعالى : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلم يؤمن لموسى ، مع ما أتاهم به من الحجج والأدلّة (إلا ذرية من قومه ) خائفين من فرعون وملئهم.

ثم اختلف أهل التأويل في معنى الذرية في هذا الموضع.

فقال بعضهم: الذرية في هذا الموضع: القليل.

*ذكر من قال ذلك:

17774- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فما آمن لموسى إلا ذرّية من قومه) ، قال، كان ابن عباس يقول: " الذرية ": القليل.

17775- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله تعالى: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) ، " الذرية "، القليل، كما قال الله تعالى: كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ [سورة الأنعام: 133]

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: فما آمن لموسى إلا ذرية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل لطول الزمان، لأن الآباء ماتوا وبقي الأبناء، فقيل لهم " ذرية "، لأنهم كانوا ذرية من هلك ممن أرسل إليهم موسى عليه السلام. (12)

*ذكر من قال ذلك:

17776- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله تعالى: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) ، قال: أولاد الذين أرسل إليهم من طول الزمان ، ومات آباؤهم.

17777- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ،

17778- وحدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه.

17779- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه) ، قال: أولاد الذين أرسل إليهم موسى ، من طول الزمان ومات آباؤهم.

17780- حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا سفيان، عن الأعمش: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم) ، قال: أبناء أولئك الذين أرسل إليهم ، فطال عليهم الزمان وماتت آباؤهم.

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فما آمن لموسى إلا ذرية من قوم فرعون.

*ذكر من قال ذلك:

17781- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم) ، قال: كانت الذرية التي آمنت لموسى من أناس غير بني إسرائيل ، من قوم فرعون يسير، منهم : امرأة فرعون، ومؤمن آل فرعون، وخازن فرعون، وامرأة خازنه.

* * *

وقد روي عن ابن عباس خبرٌ يدل على خلاف هذا القول، وذلك ما:-

17782- حدثني به المثنى قال ، حدثنا أبو صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (ذرية من قومه) ، يقول: بني إسرائيل.

* * *

، فهذا الخبر ، ينبئ عن أنه كان يرى أن " الذرية " في هذا الموضع ، (13) هم بنو إسرائيل دون غيرهم من قوم فرعون.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بتأويل الآية، القولُ الذي ذكرته عن مجاهد، وهو أن " الذرية " ، في هذا الموضع أريد بها ذُرّية من أرسل إليه موسى من بني إسرائيل، فهلكوا قبل أن يقرُّوا بنبوته لطول الزمان، فأدركت ذريّتهم ، فآمن منهم من ذكر الله ، بموسى.

وإنما قلت : " هذا القولُ أولى بالصواب في ذلك " ، لأنه لم يجر في هذه الآية ذكرٌ لغير موسى، فَلأن تكون " الهاء " ، في قوله : " من قومه " ، من ذكر موسى لقربها من ذكره، أولى من أن تكون من ذكر فرعون ، لبعد ذكره منها، إذ لم يكن بخلاف ذلك دليلٌ ، من خبرٍ ولا نظرٍ.

وبعدُ، فإن في قوله: (على خوف من فرعون وملئهم)، الدليلُ الواضح على أن الهاء في قوله: (إلا ذرية من قومه)، من ذكر موسى، لا من ذكر فرعون، لأنها لو كانت من ذكر فرعون لكان الكلام ، " على خوف منه "، ولم يكن (على خوف من فرعون) .

* * *

وأما قوله: (على خوف من فرعون) ، فإنه يعني على حال خوف ممن آمن من ذرية قوم موسى بموسى ، فتأويل الكلام: فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ، من بني إسرائيل ، وهم خائفون من فرعون وملئهم أن يفتنوهم.

* * *

وقد زعم بعض أهل العربية أنه إنما قيل: " فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه "، لأن الذين آمنوا به إنما كانت أمهاتهم من بني إسرائيل، وآباؤهم من القبط، فقيل لهم " الذرية " ، من أجل ذلك، كما قيل لأبناء الفرس الذين أمهاتهم من العرب وآباؤهم من العجم: " أبناء ". (14) .

والمعروف من معنى " الذرية " في كلام العرب: أنها أعقاب من نسبت إليه من قبل الرجال والنساء، كما قال جل ثناؤه: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ، [سورة الإسراء: 3] ، وكما قال: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ ثم قال بعد: وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ ، [سورة الأنعام: 84، 85] ، فجعل من كان من قبل الرجال والنساء من ذرية إبراهيم.

* * *

وأما قوله: (وملئهم)، فإن " الملأ ": الأشراف. (15) وتأويل الكلام: على خوف من فرعون ومن أشرافهم.

* * *

واختلف أهل العربية فيمن عُني بالهاء والميم اللتين في قوله: (وملئهم) ، فقال بعض نحويي البصرة: عُني بها الذرية. وكأنّه وجَّه الكلام إلى: ( فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، على خوف من فرعون) وملأ الذرِّية من بني إسرائيل.

* * *

وقال بعض نحويي أهل الكوفة: (16)

عني بهما فرعون. قال: وإنما جاز ذلك وفرعون واحد، لأن الملك إذا ذكر بخوفٍ أو سفر أو قدوم من سفر ، (17) ذهب الوهم إليه وإلى من معه. وقال: ألا ترى أنك تقول: " قدم الخليفة فكثر الناس "، تريد ، بمن معه ، " وقدم فغلت الأسعار " ، لأنك تنوي بقدومه قدوم من معه. (18)

* * *

قال: وقد يكون أن تريد أن بـ " فرعون " آل فرعون، وتحذف " الآل " ، (19) فيجوز، كما قال: وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ، [سورة يوسف: 82] ، يريد أهل القرية، والله أعلم. قال: ومثله قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ، [سورة الطلاق: 1]. (20)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: " الهاء والميم " عائدتان على " الذرية ". ووجَّه معنى الكلام إلى أنه : على خوف من فرعون، وملأ الذرية ، لأنه كان في ذرية القرن الذين أرسل إليهم موسى من كان أبوه قبطيًا وأمه إسرائيلية. فمن كان كذلك منهم، كان مع فرعون على موسى.

* * *

وقوله: (أن يفتنهم) ، يقول: كان إيمان من آمن من ذرية قوم موسى على خوف من فرعون ، " أن يفتنهم " بالعذاب، فيصدّهم عن دينهم، ويحملهم على الرجوع عن إيمانهم والكفر بالله. (21)

وقال: (أن يفتنهم) ، فوحَّد ولم يقل: " أن يفتنوهم "، لدليل الخبر عن فرعون بذلك : أن قومه كانوا على مثل ما كان عليه ، لما قد تقدم من قوله: (على خوف من فرعون وملئهم).

* * *

وقوله: (وإن فرعون لعال في الأرض) ، يقول تعالى ذكره: وإن فرعون لجبّارٌ مستكبر على الله في أرضه ، " وإنه لمن المسرفين "، وإنه لمن المتجاوزين الحقّ إلى الباطل، (22) وذلك كفره بالله وتركه الإيمان به ، وجحودُه وحدانية الله ، وادّعاؤه لنفسه الألوهة ، وسفكه الدماء بغير حِلِّها.

-----------------------

الهوامش :

(12) انظر تفسير " الذرية " فيما سلف 12 : 127 ، 128 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

وانظر تفسير بمعنى " القليل " في معاني القرآن للفراء 1 : 476 .

(13) في المطبوعة : " ينبئ عنه " ، وأثبت ما في المخطوطة .

(14) هو الفراء في معاني القرآن 1 : 476 .

(15) انظر تفسير " الملأ " فيما سلف ص : 155 تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(16) في المطبوعة : " نحويي الكوفة " ، وأثبت ما في المخطوطة " .

(17) في المطبوعة : "الخوف" ، والصواب من معاني القرآن للفراء . أما المخطوطة فقد أسقط ناسخها وكتب : "لأن الملك ، وقال : ألا ترى" .

(18) في المطبوعة " : لأنا ننوي بقدومه . . . " ، وفي المخطوطة : " لأنا ننوي بقدومه وقدوم من معه " ، وهو خطأ ، وأثبت ما في معاني القرآن للفراء .

(19) في المطبوعة ، " وبحذف " ، وفي المخطوطة : " فتحذف آل فرعون " ، وهو خطأ ، صوابه من معاني القرآن .

(20) هذا الذي مضى نص مقالة الفراء في معاني القرآن 1 : 476 ، 477 .

(21) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف من فهارس اللغة ( فتن ) .

(22) انظر تفسير " الإسراف " فيما سلف ص : 37 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[83] ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ أي: شباب من بني إسرائيل، والحكمة -والله أعلم- بكونه ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه: أن الذرية والشباب أقبل للحق، وأسرع له انقيادًا، بخلاف الشيوخ ونحوهم ممن تربى على الكفر؛ فإنهم -بسبب ما مكث في قلوبهم من العقائد الفاسدة- أبعد من الحق من غيرهم.
وقفة
[83] ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ الذرية: الشباب، الشباب قادة التغيير.
وقفة
[83] فئة الشباب أقبل للحق من غيرهم، فلا تهملهم في دعوتك مهما كثر الاستهتار والعبث عندهم، ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾.
وقفة
[83] ﴿فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾ الشباب أقبلُ للحق، وأسرع له انقيادًا، فإذا أردت نهضة أمة فابدأ بصناعة شبابها.
وقفة
[83] ﴿فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ﴾ خاف الكثيرون، لكن الله نصر موسى والقليلين معه.
لمسة
[83] ﴿عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ﴾ (ملئهم) بالجمع، وليس (ملئه)؛ فالضمير يعود على ملأ القوم أنفسهم وليس على فرعون، هؤلاء أشراف بني إسرائيل يخافون على جماعتهم أن يصيبهم البلاء فيمنعوهم؛ خوفًا عليهم أو على أنفسهم، إذن هو يؤول المعنى: على خوف من فرعون ومن أشراف قومهم أن يفتنهم فرعون، فالفتنة تقع على الجميع، إذن هو ملئهم وليس ملأ فرعون.
وقفة
[83] الإسراف من صفات المتعالين، والمتعالون هم المتكبرون أمثال فرعون ﴿وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فما آمن لموسى:
  • الفاء: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. آمن: فعل ماضٍ مبني على الفتح. لموسى: أي بموسى: جار ومجرور متعلق بآمن وقد عدّي الفعل هنا باللام وعلامة جر الاسم الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بدلاً من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على وزن \"فعلى\" أو بالكسرة المقدرة لأنه على وزن \"مُفعَل\".
  • ﴿ إلاّ ذرية من قومه:
  • إلاّ: أداة حصر لا عمل لها. ذرية: فاعل \"آمن\" مرفوع بالضمة. من قومه: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من \"ذرية\" والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أي من بني اسرائيل.
  • ﴿ على خوف من فرعون وملئهم:
  • أي مع خوف: جار ومجرور متعلق بحال من \"ذرية\" أي خائفين. من فرعون: جار ومجرور متعلق بخوف. أو بالحال المقدر وعلامة جر الاسم الفتحة بدلاً من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على المعجمة والعلمية وقد حذف المضاف \"آل\" المجرور بمن وحلّ المضاف إليه \"فرعون\" محل \"آل\" بدليل مجيء الضمير في \"ملئهم\" على صيغة الجمع. وملئهم: أي وأشراف ملئهم: معطوفة بالواو على \"آل فرعون\" والأصوب على \"من قومه\" ملأ: مضاف إليه مجرور بالكسرة و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أن يفتنهم:
  • أنّ: حرف مصدري ناصب. يفتن: فعل مضارع منصوب بأنّ وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. أي أن يعذبهم فرعون و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. و\"أن\" وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بدل اشتمال من المبدل منه \"من قومه\" التقدير: من فتنتهم أي من تعذيبهم. أو في محل نصب مفعول به للمصدر \"خوف\" بتقدير خافوا تعذيب فرعون لهم. وجملة \"يفتنهم\" صلة \"أن\" المصدرية لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ وإن فرعون لعالٍ في الأرض:
  • الواو: تعليلية بتقدير ولأنّ فرعون .. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. فرعون: اسم \"إن\" منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على المعجمة والعلمية لعال: اللام: لام التوكيد -المزحلقة-. عالٍ: خبر \"إن\" مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المنونة المحذوفة لأنه اسم نكرة. في الأرض: جار ومجرور متعلق بعال. و\"العال\" بمعنى المتغلب.
  • ﴿ وإنه لمن المسرفين:
  • الواو عاطفة. إنه: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم \"إنّ\" اللام مزحلقة. من المسرفين: جار ومجرور متعلق بخبر \"إنّ\" وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. بمعنى: وإنه لمن المسرفين في الجبروت. '

المتشابهات :

الأعراف: 137﴿وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ
النمل: 12﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ۖ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَوۡمٗا فَٰسِقِينَ
يونس: 83﴿فَمَآ ءَامَنَ لِمُوسَىٰٓ إِلَّا ذُرِّيَّةٞ مِّن قَوۡمِهِۦ عَلَىٰ خَوۡفٖ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفۡتِنَهُمۡۚ وَإِنَّ فِرۡعَوۡنَ لَعَالٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [83] لما قبلها :     وبعد بيان أنَّ فِرعونَ ومَلأَه لم يُؤمِنوا بموسى عليه السلام ؛ جاء هنا بيان ثمرة دعوة موسى عليه السلام في بني إسرائيل، قال تعالى:
﴿ فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يفتنهم:
وقرئ:
بضم الياء، من «أفتن» ، وهى قراءة الحسن، ونبيح.

مدارسة الآية : [84] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن ..

التفسير :

[84] وقال موسى:يا قومي إن صدقتم بالله -جلَّ وعلا- وامتثلتم شرعه فثقوا به، وسلِّموا لأمره، وعلى الله توكلوا إن كنتم مذعنين له بالطاعة.

{ وَقَالَ مُوسَى} موصيًا لقومه بالصبر، ومذكرًا لهم ما يستعينون به على ذلك فقال:{ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} فقوموا بوظيفة الإيمان.

{ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} أي:اعتمدوا عليه، والجؤوا إليه واستنصروه.

أى: قال موسى لقومه تطمينا لقلوبهم، وقد رأى الخوف من فرعون يعلو وجوه بعضهم:

يا قوم إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ حق الإيمان، وأسلمتم وجوهكم له حق الإسلام فعليه وحده اعتمدوا، وبجنابه وحده تمسكوا، فإن من توكل على الله واتجه إليه، كان الله معه بنصره وتأييده.

قول تعالى مخبرا عن موسى أنه قال لبني إسرائيل : ( ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ) أي : فإن الله كاف من توكل عليه ، ( أليس الله بكاف عبده ) [ الزمر : 36 ] ، ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) [ الطلاق : 3 ] .

وكثيرا ما يقرن الله بين العبادة والتوكل ، كما في قوله تعالى : ( فاعبده وتوكل عليه ) [ هود : 123 ] ، ( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ) [ الملك : 29 ] ، ( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) [ المزمل : 9 ] ، وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل موسى نبيِّه لقومه: يا قوم إن كنتم أقررتم بوحدانية الله، وصدقتم بربوبيته ، (فعليه توكلوا) ، يقول: فبه فثقوا، ولأمره فسلموا، (23)

فإنه لن يخذل وليّه، ولن يسلم من توكل عليه (24) ، (إن كنتم مسلمين) ، يقول: إن كنتم مذعنين لله بالطاعة، فعليه توكلوا. (25)

-----------------------

الهوامش :

(23) انظر تفسير " التوكل " فيما سلف ص : 147 ، تعليق : 5 ، والمراجع هناك .

(24) في المطبوعة : " ويسلم " ، وفي المخطوطة : " ولم يسلم " ، والصواب ما أثبت .

(25) انظر تفسير " الإسلام " فيما سلف من فهارس اللغة ( سلم ) .

التدبر :

عمل
[84] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾ قَدِّم برهان إيمانك مع الصباح؛ لا تترك موضع إبرة في قلبك فيه اعتماد على غير الله.
وقفة
[84] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾ التوكل من لوازم الإيمان ومقتضياته؛ فجعل التوكل شرطًا في الإيمان، فدلَّ على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل، وجعل دليل صحة الإسلام التوكل.
وقفة
[84] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾ ليس الإيمان بالأقوال فحسب، فلا بد فيه من صدق الأحوال.
وقفة
[84] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ الإيمان الصادق يقتضي صدق التوكّل على الله.
عمل
[84] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ فاشترط في الإيمان به والإسلام له التوكل عليه؛ فتوكل على الله في شأنك كله.
عمل
[84] ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ اختبر إيمانك بالتوكل، بقدر ما فيك من تفويض همومك لربك يكون إيمانك.
وقفة
[84] وجوب التوكل على الله تعالى لتحمل عبء الدعوة إلى الله تعالى والقيام بطاعته ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾.
وقفة
[84] التوكل جزء من جوهر الإيمان والإسلام ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾.
وقفة
[84] في عالَمٍ تملؤه الصراعات ما أحوج القلوب أن تأخذ ريَّها من وصية النبي الكليم عليه السلام! ﴿وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾.
وقفة
[84] ﴿يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾ أوسع أبواب الإيمان: التوكل على الرحمن.
وقفة
[84] ﴿يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّـهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا﴾ كلما قوي إيمانك عظم توكلك.
وقفة
[84] ﴿فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ﴾ قال الرازي: «واعلم أن من توكل على الله في كل المهمات؛ كفاه الله تعالى كل الملمات».

الإعراب :

  • ﴿ وقال موسى:
  • الواو: استئنافية. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ يا قوم:
  • الجملة بتقدير أنادي قومي: في محل نصبَ مفعول به -مقول القول- يا: أداة نداء. قوم: منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة وهي الحركة الدالة على ياء المتكلم المحذوفة اختصارًا. والياء المحذوفة ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إن كنتم آمنتم بالله:
  • إنْ: حرف شرط جازم. كنتم: فعل ماضٍ ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإنْ. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم \"كان\" والميم علامة جمع الذكور. آمنتم: فعل ماضٍ تام مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. بالله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بآمنتم. وجملة \"آمنتم\" في محل نصب خبر \"كان\".
  • ﴿ فعليه توكلوا:
  • الجملة: جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. عليه: جار ومجرور متعلق بتوكلوا. توكلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ إنْ كنتم مسلمين:
  • إن كنتم: أعربت. مسلمين: خبر \"كان\" منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير: إن كنتم مسلمين فعلى الله توكلوا. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ عز وجل خَوَفَ من آمن بموسى عليه السلام ؛ أتبَعَه هنا بما يُوجِبُ الطُّمأنينةَ، وهو التوكُّلُ على اللهِ، فإن مَن راقَبَه تلاشى عنده كلُّ عَظيمٍ، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [85] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ..

التفسير :

[85] فقال قوم موسى له:على الله وحده لا شريك له اعتمدنا، وإليه فوَّضنا أمرنا، ربنا لا تنصرهم علينا فيكون ذلك فتنة لنا عن الدين، أو يُفتن الكفارُ بنصرهم، فيقولوا:لو كانوا على حق لما غُلبوا.

{ فَقَالُوا} ممتثلين لذلك{ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} أي:لا تسلطهم علينا، فيفتنونا، أو يغلبونا، فيفتتنون بذلك، ويقولون:لو كانوا على حق لما غلبوا.

ثم حكى القرآن جوابهم الذي يدل على صدق يقينهم فقال: فَقالُوا أى مجيبين لنصيحة نبيهم عَلَى اللَّهِ وحده لا على غيره تَوَكَّلْنا واعتمدنا وفوضنا أمورنا إليه.

رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أى يا ربنا لا تجعلنا موضوع فتنة وعذاب للقوم الظالمين. بأن تمكنهم منا فيسوموننا سوء العذاب، وعندئذ يعتقدون أنهم على الحق ونحن على الباطل، لأننا لو كنا على الحق- في زعمهم- لما تمكنوا منا، ولما انتصروا علينا.

وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك ، فقالوا : ( على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) أي : لا تظفرهم بنا ، وتسلطهم علينا ، فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل ، فيفتنوا بذلك . هكذا روي عن أبي مجلز ، وأبي الضحى .

وقال ابن أبي نجيح وغير واحد ، عن مجاهد : لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون ، ولا بعذاب من عندك ، فيقول قوم فرعون : لو كانوا على حق ما عذبوا ، ولا سلطنا عليهم ، فيفتنوا بنا .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا ابن عيينة ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد : ( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) [ أي ] لا تسلطهم علينا ، فيفتنونا .

القول في تأويل قوله تعالى : فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقال قوم يا موسى لموسى: (على الله توكلنا) ، أي به وثقنا، وإليه فوَّضنا أمرنا.

* * *

وقوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، يقول جل ثناؤه مخبرًا عن قوم موسى أنهم دعوا ربهم فقالوا: يا ربنا لا تختبر هؤلاء القوم الكافرين، ولا تمتحنهم بنا‍! (26) ، يعنون قوم فرعون.

* * *

وقد اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سألوه ربَّهم من إعاذته ابتلاء قوم فرعون بهم.

فقال بعضهم: سألوه أن لا يظهرهم عليهم، فيظنُّوا أنهم خيرٌ منهم ، وأنهم إنما سُلِّطوا عليهم لكرامتهم عليه وهوان الآخرين.

*ذكر من قال ذلك:

17783- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز، في قوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، قال: لا يظهروا علينا ، فيروا أنهم خير منا.

17784- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد، عن عمران بن حدير، عن أبى مجلز في قوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)، قال: قالوا: لا تظهرهم علينا فيروا أنهم خيرٌ منّا.

17785- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، قال: لا تسلّطهم علينا ، فيزدادوا فتنة.

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تسلطهم علينا فيفتنونا.

*ذكر من قال ذلك:

17786- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)، لا تسلطهم علينا فيفتنونا.

17787- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، قال: لا تسلطهم علينا فيضلونا.

17788- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله ، وقال أيضًا : فيفتنونا.

17789- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون، ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: " لو كانوا على حقّ ما سُلِّطنا عليهم ولا عُذِّبوا " ، فيفتتنوا بنا.

17790- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: (لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، قال: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك، فيقول قوم فرعون: " لو كانوا على حق ما سُلِّطنا عليهم ولا عذِّبوا " ، فيفتتنوا بنا.

17791- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد قوله: (لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) ، قال: لا تصبنا بعذاب من عندك ولا بأيديهم ، فيفتتنوا ويقولوا: " لو كانوا على حق ما سُلِّطنا عليهم ولا عذِّبوا ".

17792- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)، لا تبتلنا ربنا فتجهدنا ، وتجعله فتنة لهم ، هذه الفتنة. وقرأ: فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ، [سورة الصافات: 63] ، قال المشركون ، حين كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ويرمونهم، أليس ذلك فتنة لهم وسوءًا لهم، وهي بلية للمؤمنين؟.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن القوم رغبوا إلى الله في أن يُجيرهم من أن يكونوا محنة لقوم فرعون وبلاءً، وكلُّ ما كان من أمر كان لهم مصدَّة عن اتباع موسى والإقرار به ، وبما جاءهم به، فإنه لا شك أنه كان لهم " فتنة "، وكان من أعظم الأمور لهم إبعادًا من الإيمان بالله ورسوله. وكذلك من المصدَّة كان لهم عن الإيمان: أن لو كان قوم موسى عاجلتهم من الله محنةٌ في أنفسهم ، من بلية تنـزل بهم، فاستعاذ القوم بالله من كل معنى يكون صادًّا لقوم فرعون عن الإيمان بالله بأسبابهم.

-----------------------

الهوامش :

(26) انظر تفسير " الفتنة " فيما سلف من فهارس اللغة ( فتن ) .

التدبر :

لمسة
[85] ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا﴾ في تقديم (التوكل) على (الدعاء) تنبيه للداعي على أن يتوكل على الله أولًا لتجاب دعوته.
وقفة
[85] ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ أي: لا تمكنهم من عذابنا، فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما عذبناهم، فيفتنون بذلك.
عمل
[85] ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ على الداعي أن يقدم التوكل على الدعاء؛ لتجاب دعوته.
وقفة
[85] ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ أي: يا رب لا تمكنهم من عذابنا؛ لئلا يقول الظالمون وأتباعهم: لو كان هؤلاء على الحق لنصرهم الله!
تفاعل
[85] ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ادعُ الآن.
وقفة
[85] ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾، ودعا الخليلُ عليه السلام فقال: ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الممتحنة: 5]، وبعض من يتعامل مع الخدم يصبح فتنة بسوء فعاله.
وقفة
[85] ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ قال ابن كثير: «لا تظفرهم بنا، وتسلطهم علينا، فيظنوا أنهم إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل».
وقفة
[85] اغترار الطغاة العتاة بغلبتهم على المؤمنين يستوجب دفع ذلك بالدعاء ﴿رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
عمل
[85، 86] ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ تقديم التوكل على الدعاء -وإن كان بيانًا لامتثال أمر موسى عليه السلام لهم- به تلويح بأن الداعي حقه أن يبني دعاءه على التوكل على الله تعالى؛ فإنه أرجى للإجابة، ولا يتوهمن أن التوكل مناف للدعاء؛ لأنه أحد الأسباب للمقصود.
وقفة
[85، 86] ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ بيان أهمية الدعاء، وأنه من صفات المتوكلين.
لمسة
[85، 86] ﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ في تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على أن الداعي ينبغي له أن يتوكل أولًا لتجاب دعوته.

الإعراب :

  • ﴿ فقالوا:
  • الفاء استئنافية. قالوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضميرِ متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ على الله توكلنا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول-. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بتوكلنا. توكل: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ ربنا لا تجعلنا:
  • رب: منادى منصوب للتعظيم بالفتحة وهو مضاف و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. لا: حرف دعاء بصيغة نهي وهي جازمة. تجعل: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ فتنة:
  • مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة وقد حلّت الكلمة محل المفعول المقدر أي لا تجعلنا موضع فتنة.
  • ﴿ للقوم الظالمين:
  • جار ومجرور متعلق بفتنة. الظالمين صفة للقوم مجرورة مثلها وعلامة الجر الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته. '

المتشابهات :

الأعراف: 89﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰتِحِينَ
يونس: 85﴿فَقَالُوا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا أمرهم موسى عليه السلام بالتوكُّل على اللهِ؛ سارعوا إلى ما أمرهم به، قال تعالى: فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا/ وبعد أن امتثل بنو إسرائيل لِما أمرهم به موسى عليه السلام ؛ دعوا ربهم بدعاءين: الدعاء الأول: لا تمكنهم منا، فيعتقدون أنهم على الحق ونحن على الباطل، قال تعالى: /رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)
﴿ فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [86] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

التفسير :

[86] ونجِّنا برحمتك من القوم الكافرين فرعون وملئه؛ لأنهم كانوا يأخذونهم بالأعمال الشاقة.

{ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} لنسلم من شرهم، ولنقيم [على] ديننا على وجه نتمكن به من إقامة شرائعه، وإظهاره من غير معارض، ولا منازع.

ثم أضافوا إلى هذا الدعاء دعاء آخر، أكثر صراحة من سابقه في المباعدة بينهم وبين الظالمين فقالوا وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ.

أى: نحن لا نلتمس منك يا مولانا ألا تجعلنا فتنة لهم فقط، بل نلتمس منك- أيضا- أن تنجينا من شرور القوم الكافرين، وأن تخلصنا من سوء جوارهم، وأن تفرق بيننا وبينهم كما فرقت بين أهل المشرق وأهل المغرب.

قال الإمام الشوكانى: «وفي هذا الدعاء الذي تضرعوا به إلى الله- دليل على أنه كان لهم اهتمام بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم» .

( ونجنا برحمتك ) أي : خلصنا برحمة منك وإحسان ، ( من القوم الكافرين ) أي : الذين كفروا الحق وستروه ، ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك .

القول في تأويل قوله تعالى : وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ونجِّنا يا ربنا برحمتك، فخلِّصنا من أيدي القوم الكافرين ، قوم فرعون، لأنهم كان يستعبدونهم ويستعملونهم في الأشياء القَذِرة من خدمتهم.

* * *

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[86] ﴿وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال الشوكاني: «وفي هذا الدعاء الذي تضرعوا به إلى الله دليل على أنه كان لهم اهتمام بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم».
تفاعل
[86] ﴿وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ ادعُ الآن.

الإعراب :

  • ﴿ ونجنا:
  • الواو استئنافية. نجّ: فعل تضرع والتماس بصيغة طلب مبني على حذف آخره -حرف العلة- والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. و\"نا\" ضمير متصل في محل نصب مفعول به مبني على السكون.
  • ﴿ برحمتك من القوم الكافرين:
  • جار ومجرور متعلق بنجنا. والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. من القوم: جار ومجرور متعلق بنجنا. الكافرين: صفة للقوم مجرورة مثلها وعلامة جرها الياء لأنها جمع مذكر سالم. والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     والدعاء الثاني: النجاة من القوم الكافرين، قال تعالى:
﴿ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [87] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن ..

التفسير :

[87] وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون أن اتخذا لقومكما بيوتاً في «مصر» تكون مساكن وملاجئ تعتصمون بها، واجعلوا بيوتكم أماكن تصلُّون فيها عند الخوف، وأدُّوا الصلاة المفروضة في أوقاتها. وبشِّر المؤمنين المطيعين لله بالنصر المؤزر، والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى

{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ} حين اشتد الأمر على قومهما، من فرعون وقومه، وحرصوا على فتنتهم عن دينهم.

{ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} أي:مروهم أن يجعلوا لهم بيوتًا، يتمكنون]به[ من الاستخفاء فيها.

{ وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} أي:اجعلوها محلا، تصلون فيها، حيث عجزتم عن إقامة الصلاة في الكنائس، والبيع العامة.

{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} فإنها معونة على جميع الأمور،{ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} بالنصر والتأييد، وإظهار دينهم، فإن مع العسر يسرًا، إن مع العسر يسرًا، وحين اشتد الكرب، وضاق الأمر، فرجه الله ووسعه.فلما رأى موسى، القسوة والإعراض من فرعون وملئه، دعا عليهم وأمن هارون على دعائه.

وبعد هذا الدعاء المخلص، وجه الله- تعالى- نبيه موسى وأخاه هارون- عليهما السلام- إلى ما يوصل إلى نصرهما ونصر أتباعهما فقال- تعالى- وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ...

وقوله تَبَوَّءا من التبوء وهو اتخاذ المباءة أى المنزل، كالتوطن بمعنى اتخاذ الوطن.

يقال بوأته وبوأت له منزلا إذا أنزلته فيه، وهيأته له.

والمعنى: وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون بعد أن لج فرعون في طغيانه وفي إنزال العذاب بالمؤمنين- أن اتخذا لقومكما المؤمنين بيوتا خاصة بهم في مصر، ينزلون بها، ويستقرون فيها، ويعتزلون فرعون وجنده، إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا.

وقوله وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أى: واجعلوا هذه البيوت التي حللتم بها مكانا لصلاتكم وعبادتكم، بعد أن حال فرعون وجنده بينكم وبين أداء عباداتكم في الأماكن المخصصة لذلك.

قال القرطبي: «المراد صلوا في بيوتكم سرا لتأمنوا، وذلك حين أخافهم فرعون، فأمروا بالصبر واتخاذ المساجد في البيوت، والإقدام على الصلاة، والدعاء، إلى أن ينجز الله وعده، وهو المراد بقوله قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا وكان من دينهم أنهم لا يصلون إلا في البيع والكنائس ماداموا على أمن، فإذا خافوا فقد أذن لهم أن يصلوا في بيوتهم ... » .

وقوله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أى: داوموا عليها، وأدوها في أوقاتها بخشوع وإخلاص، فإن في أدائها بهذه الصورة. وسيلة إلى تفريج الكروب، وفي الحديث الشريف: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى» .

وقوله وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ تذييل قصد به بعث الأمل في نفوسهم متى أدوا ما كلفوا به.

أى: وبشر المؤمنين بالنصر والفلاح في الدنيا، وبالثواب الجزيل في الآخرة.

قال صاحب الكشاف: «فإن قلت: كيف نوع الخطاب فثنى أولا، ثم جمع، ثم وحد آخرا؟

قلت: خوطب موسى وهارون- عليه السلام- أن يتبوآ لقومهما بيوتا ويختاراها للعبادة، وذلك مما يفوض إلى الأنبياء. ثم سيق الخطاب عاما لهما ولقومهما باتخاذ المساجد والصلاة فيها، لأن ذلك واجب على الجمهور. ثم خص موسى- عليه السلام- بالبشارة التي هي الغرض تعظيما لها، وللمبشر بها» .

ولأن بشارة الأمة- كما يقول الآلوسى- وظيفة صاحب الشريعة، وهي من الأعظم أسرّ وأوقع في النفس .

هذا، ومن التوجيهات الحكيمة التي نأخذها من هذه الآية الكريمة، أن مما يعين المؤمنين على النصر والفلاح، أن يعتزلوا أهل الكفر والفسوق والعصيان، إذا لم تنفع معهم النصيحة، وأن يستعينوا على بلوغ غايتهم بالصبر والصلاة، وأن يقيموا حياتهم فيما بينهم على المحبة الصادقة، وعلى الأخوة الخالصة، وأن يجعلوا توكلهم على الله وحده وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً.

ثم حكى القرآن الكريم بعد ذلك، ما تضرع به موسى- عليه السلام- إلى الله- تعالى- من دعوات خاشعات، بعد أن يئس من إيمان فرعون وملئه فقال- سبحانه-:

يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه ، وكيفية خلاصهم منهم وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون ، عليهما السلام ( أن تبوءا ) أي : يتخذا لقومهما بمصر بيوتا .

واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) فقال الثوري وغيره ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : أمروا أن يتخذوها مساجد .

وقال الثوري أيضا ، عن ابن منصور ، عن إبراهيم : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم .

وكذا قال مجاهد ، وأبو مالك ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبوه زيد بن أسلم : وكأن هذا - والله أعلم - لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ، أمروا بكثرة الصلاة ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) [ البقرة : 156 ] . وفي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى . أخرجه أبو داود . ولهذا قال تعالى في هذه الآية : ( واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) أي : بالثواب والنصر القريب .

وقال العوفي ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية قال : قالت بنو إسرائيل لموسى ، عليه السلام : لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة ، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم ، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة . وقال مجاهد : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة ، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة ، يصلون فيها سرا . وكذا قال قتادة ، والضحاك .

وقال سعيد بن جبير : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) أي : يقابل بعضها بعضا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن اتخذا لقومكما بمصر بيوتًا.

* * *

، يقال منه: " تبوَّأ فلان لنفسه بيتًا "، إذا اتخذه. وكذلك تبوَّأ مصْحفًا "، إذا اتخذه ، " وبوأته أنا بيتًا " : إذا اتخذته له. (27)

* * *

، (واجعلوا بيوتكم قبلة)، يقول: واجعلوا بيوتكم مساجدَ تصلُّون فيها.

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة) . (28)

فقال بعضهم في ذلك نحو الذي قلنا فيه.

*ذكر من قال ذلك:

17793- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان ، عن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، قال: مساجد.

17794- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو نعيم قال ، حدثنا سفيان، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: أمروا أن يتخذوها مساجد.

17795-. . . . قال حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال ، حدثنا زهير قال ، حدثنا خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس في قول الله تعالى: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: كانوا يَفْرَقُون من فرعون وقومه أن يصلُّوا، فقال لهم: (اجعلوا بيوتكم قبلة)، يقول: اجعلوها مسجدًا حتى تصلوا فيها.

17796- حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، قال: خافوا ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

17797- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: (واجعلوا بيوتكم قبلة) قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

17798- حدثني المثنى قال ، حدثنا الحماني قال ، حدثنا شبل، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، قال: كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

17799- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: كانوا لا يصلون إلا في البِيَع، وكانوا لا يصلون إلا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

17800- . . . . قال، حدثنا جرير عن ليث، عن مجاهد قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

17801- قال، حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبي مالك: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: كانت بنو إسرائيل تخاف فرعون، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد يصلون فيها.

17802- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، يقول: مساجد.

17803-. . . . قال، حدثنا أحمد بن يونس قال ، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، قال: كانوا يصلون في بيوتهم يخافون.

17804- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن الحباب، عن أبي سنان، عن الضحاك: (أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) ، قال: مساجد.

17805- حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم.

17806- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، قال: قال أبي (29) اجعلوا في بيوتكم مساجدكم تصلُّون فيها، تلك " القبلة ".

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: واجعلوا مساجدكم قِبَل الكعبة.

*ذكر من قال ذلك:

17807- حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، يعني الكعبة.

17808- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين) ، قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: لا نستطيع أن نظْهرَ صلاتنا مع الفراعنة! فأذن الله لهم أن يصلوا في بيوتهم، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قِبَل القبلة.

17809- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: قال ابن عباس في قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، يقول: وجِّهوا بيوتكم ، " مساجدكم " نحو القبلة، ألا ترى أنه يقول: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ [سورة النور: 36].

17810- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (واجعلوا بيوتكم قبلة)، قال: قِبَل القبلة.

17811- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (بيوتكم قبلة)، قال: نحو الكعبة، حين خاف موسى ومن معه من فرعون أن يصلُّوا في الكنائس الجامعة، فأمروا أن يجعلوا في بيوتهم مساجد مستقبلةً الكعبة يصلون فيها سرًّا.

17812- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، ثم ذكر مثله سواء.

17813-. . . . قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا)، مساجد.

17814-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن نجيح، عن مجاهد: في قوله: (أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتًا) ، قال: مصر، " الإسكندرية ".

17815- حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: وذلك حين منعهم فرعون الصلاة، فأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم ، وأن يوجهوا نحو القبلة.

17816- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (بيوتكم قبلة) ، قال: نحو القبلة.

17817- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا إسحاق، عن أبي سنان، عن الضحاك: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) قال: مساجد ، (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: قبل القبلة.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: واجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضًا.

*ذكر من قال ذلك:

17818- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قال: يقابل بعضها بعضًا.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، القول الذي قدمنا بيانه، وذلك أن الأغلب من معاني " البيوت " ، وإن كانت المساجد بيوتًا ، البيوت المسكونة ، إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد. لأن " المساجد " لها اسم هي به معروفة ، خاصٌّ لها، وذلك " المساجد ". فأمّا " البيوت " المطلقة بغير وصلها بشيء ، ولا إضافتها إلى شيء، فالبيوت المسكونة.

وكذلك " القبلة " الأغلب من استعمال الناس إيّاها في قبل المساجد وللصلوات.

فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز توجيه معاني كلام الله إلا إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللسان الذي نـزل به ، دون الخفيّ المجهول ، ما لم تأت دلالة تدل على غير ذلك ، ولم يكن على قوله: (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، دلالةٌ تقطع العذرَ بأن معناه غير الظاهر المستعمل في كلام العرب ، لم يجز لنا توجيهه إلى غير الظاهر الذي وصفنا.

وكذلك القول في قوله (قبلة)

* * *

، (وأقيموا الصلاة)، يقول تعالى ذكره: وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها. (30) . وقوله: (وبشر المؤمنين) ، يقول جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام: وبشر مقيمي الصلاة المطيعي الله ، يا محمد ، المؤمنين بالثواب الجزيل منه. (31)

----------------------

الهوامش :

(27) انظر تفسير " بوأ " فيما سلف 7 : 164 / 12 : 541 .

(28) انظر تفسير " القبلة " فيما سلف 3 : 131 .

(29) في المطبوعة وحدها : " قال قال أبو زيد " ، يعني ، أباه زيدًا ، والقائل هو " ابن زيد " . وأثبت ما في المخطوطة .

(30) انظر تفسير " إقامة الصلاة " فيما سلف من فهارس اللغة ( قوم ) .

(31) انظر تفسير " التبشير " فيما سلف ص : 124 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[87] أمر الله بإصلاح دنيا الناس حتى العناية بمساكنهم، وهي على كل ذي قدرة تولى أمرهم ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا﴾.
وقفة
[87] الأمة التي لم تُصلح دنياها لن تقوى بدينها وقد أمر الله موسى وهارون باتخاذ المساكن مع المساجد ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا﴾.
لمسة
[87] لماذا بدأ الخطاب للمثنى: ﴿أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا﴾، ثم الجمع: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، ثم المفرد: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾؟ (تَبَوَّءآَ) التبوؤ هو الاتخاذ، (باء) بمعنى رجع إلى مكانه، بالمثنّى الكلام مع موسى وهارون أي تبوءا بيوتًا جديدة مهيَّأة للسفر قد تكون خيمًا، أو من الخصّ ِكأنهم خطوا خطوة في طريق الهجرة، طُلِب من موسى وأخيه، أوحي إلى هارون كما أوحي إلى موسى؛ لأن هذه القضية تتعلق بشؤون الأمة بعمل وإجراءات تخص الناس، (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) التفت إلى جمهور بني إسرائيل؛ ليتجمعوا في هذه البيوت، وهو ليس لموسى وهارون هنا، وإنما لعموم بني إسرائيل فاستعمل الجمع، وقف العلماء عند كلمة قبلة هنا ما المراد بها؟ قسم قالوا: بعضها مقابل بعض، وقسم قال: اجعلوا بيوتكم التي كانت في الشام قِبلة صلُّوا إليها، وقسم قال: مساجد، صلُّوا فيها، هل كانت قبلة موسى الكعبة؟ الجواب نعم، (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ) يستدل العلماء منها باتجاه المعنى أنه اجعلوا بيوتكم متجهة إلى الكعبة وصلّوا، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) التفت التفاتًا آخر أن البشارة إنما تكون من موسى ليكون لها وقع أعظم من أن تكون من هارون أو منهما، فنجد أنه مرة ثنَّى؛ للاشتغال بشؤون الناس، ومرة جمع؛ لأن الأمر عام، ورجع فأفرد لتكون البشارة أوقع وأعلى منزلة.
وقفة
[87] ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ تأكيد أهمية الصلاة ووجوب إقامتها في كل الأديان السماوية، وفي كل الأحوال.
عمل
[87] ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ اجعل بيتك قبلة للمؤمنين ومنارة للحائرين وواحة للمهتدين.
اسقاط
[87] ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ﴾ لا عذر لأحد في ترك الصلاة، منعهم فرعون من الصلاة؛ فأمرهم الله أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم.
وقفة
[87] ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ﴾ الصلاة أمان الأرواح والبلدان، وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى» [أبو داود 1319، وحسنه الألباني].
وقفة
[87] ما معنى (صلاة) ومشتقاتها في القرآن؟ الشعيرة: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، الدعاء: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ﴾ [التوبة: 103]، الثناء: ﴿إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56].
وقفة
[87] ﴿وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين﴾ هذا التوجيه الرباني جاء في أصعب اللحظات التي مر بها موسى عليه السلام وقومه.
وقفة
[87] ﴿وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين﴾ في الأحداث يتأكد أمران: الصلاة وأهميتها في بث السكينة والثبات، والتفاؤل وحسن الظن بالله وأثره في النفوس، وهكذا كان النبي ﷺ متفائلًا في أحلك الظروف.
وقفة
[87] ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ جاء هذا الأمر لموسى في شدة من ظلم فرعون وطغيانه، فما بال كثير من المسلمين عند الأزمات يبثون التشاؤم والقنوط بين إخوانهم!
وقفة
[87] ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يقول أحد العلماء: «كلما تعرضت للبلاء ثم قرأت هذه الآية إلا كانت لي عونًا وثباتًا».
تفاعل
[87] ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ استبشر الآن.
وقفة
[87] ضعف الأمة أمر عارض قد يحمل فجرًا جديدًا ومستقبلًا واعدًا، وقد ختم الله أمره لموسى وهارون إبان ضعف بني إسرائيل في مصر بقوله: ﴿وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وأوحينا إلى موسى:
  • الواو: استئنافية. أوحي: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. و\"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. إلى موسى: جار ومجرور متعلق بأوحينا. وعلامة جر الاسم الفتحة المقدرة للتعذر على الألف بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على وزن \"فعلى\" أو بالكسرة المقدرة على وزن \"مفعل\".
  • ﴿ وأخيه:
  • معطوفة بالواو على \"موسى\" مجرورة أيضًا وعلامة الجر الياء لأنها من الأسماء الخمسة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أن تبوءا:
  • أنْ: حرف مصدري. تبوءا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والألف علامة التثنية ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. وأنْ المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي بأنْ. التقدير: بالتنبوء. والجار والمجرور متعلق بأوحينا. وجملة \"تبوّءا\" صلة \"أنْ\" المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ لقومكما بمصر بيوتًا:
  • جار ومجرور متعلق بتبؤا. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. الميم حرف عماد والألف حرف دال على تثنية المخاطب. بمصر: جار ومجرور في محل نصب حال لأنه متعلق بصفة محذوفة من \"بيوتًا\" وعلامة جر الاسم الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على العلمية. بيوتًا: مفعول به منصوب بالفتحة. أي اتخذا بيوتًا لكما بمصر أي في مصر.
  • ﴿ واجعلوا بيوتكم قبلة:
  • الواو عاطفة. اجعلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بيوتكم: مفعول به منصوب بالفتحة والكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. قبلة: مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين:
  • الواو عاطفة. أقيموا الصلاة: تعرب إعراب \"اجعلوا بيوت\" الواو عاطفة. بشر: فعل أمر مبني على السكون حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. المؤمنين: مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. أي وبشرهم بالفوز في الدنيا والآخرة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     وبعد أن فوَّضَ بنو إسرائيل الأمرَ لله؛ أمرَ اللهٌ عز وجل موسى وهارون ببناء المساكن، والإقبال على الصلوات، وتبشير المؤمنين بأن الله سينصرهم على فرعون، قال تعالى:
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [88] :يونس     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ ..

التفسير :

[88] وقال موسى:ربنا إنك أعطيت فرعون وأشراف قومه زينة من متاع الدنيا، فلم يشكروا لك؛ وإنما استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم، فلا ينتفعوا بها، واختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع.

{ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً} يتزينون بها من أنواع الحلي والثياب، والبيوت المزخرفة، والمراكب الفاخرة، والخدام،{ وَأَمْوَالًا} عظيمة{ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} أي:إن أموالهم لم يستعينوا بها إلا على الإضلال في سبيلك، فيضلون ويضلون.

{ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} أي:أتلفها عليهم:إما بالهلاك، وإما بجعلها حجارة، غير منتفع بها.

{ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي:قسها{ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}

قال ذلك، غضبًا عليهم، حيث تجرؤوا على محارم الله، وأفسدوا عباد الله، وصدوا عن سبيله، ولكمال معرفته بربه بأن الله سيعاقبهم على ما فعلوا، بإغلاق باب الإيمان عليهم.

والزينة: اسم لما يتزين به الإنسان من ألوان اللباس وأوانى الطعام والشراب، ووسائل الركوب.. وغير ذلك مما يستعمله الإنسان في زينته ورفاهيته.

والمال: يشمل أصناف الزينة، ويشمل غير ذلك مما يتملكه الإنسان.

والمعنى: وقال موسى- عليه السلام- مخاطبا ربه، بعد أن فقد الأمل في إصلاح فرعون وملئه: يا ربنا إنك أعطيت فرعون وأشراف قومه وأصحاب الرياسات منهم، الكثير من مظاهر الزينة والرفاهية والتنعم، كما أعطيتهم الكثير من الأموال في هذه الحياة الدنيا.

وهذا العطاء الجزيل لهم قد يضعف الإيمان في بعض النفوس، إما بالإغراء الذي يحدثه مظهر النعمة في نفوس الناظرين إليها، وإما بالترهيب الذي يملكه هؤلاء المنعمون، بحيث يصيرون قادرين على إذلال غيرهم.

واللام في قوله رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ لام العاقبة والصيرورة أى: أعطيتهم ما أعطيتهم من الزينة والمال، ليخلصوا لك العبادة والطاعة، وليقابلوا هذا العطاء بالشكر، ولكنهم لم يفعلوا بل قابلوا هذه النعم بالجحود والبطر، فكانت عاقبة أمرهم الخسران والضلال، فأزل يا مولانا هذه النعم من بين أيديهم.

قال القرطبي: «اختلف في هذه اللام، وأصح ما قبل فيها- وهو قول الخليل وسيبويه- أنها لام العاقبة والصيرورة، وفي الخبر: «إن لله- تعالى- ملكا ينادى كل يوم: لدوا للموت وابنوا للخراب» أى: لما كان عاقبة أمرهم إلى الضلال، صار كأنه أعطاهم ليضلوا» .

وقال صاحب المنار: «قوله: رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ أى: لتكون عاقبة هذا العطاء إضلال عبادك عن سبيلك الموصلة إلى مرضاتك باتباع الحق والعدل والعمل الصالح، ذلك لأن الزينة سبب الكبر والخيلاء والطغيان على الناس، وكثرة الأموال تمكنهم من ذلك، وتخضع رقاب الناس لهم، كما قال- تعالى- إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى.

فاللام في قوله لِيُضِلُّوا تسمى لام العاقبة والصيرورة، وهي الدالة على أن ما بعدها أثر وغاية فعلية لمتعلقها، يترتب عليه بالفعل لا بالسببية، ولا بقصد فاعل الفعل الذي تتعلق به كقوله- تعالى- فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ... .

ومنهم من يرى أن هذه اللام للتعليل، والفعل منصوب بها، فيكون المعنى:

وقال موسى مخاطبا ربه: يا ربنا إنك قد أعطيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، وإنك يا ربنا قد أعطيتهم ذلك على سبيل الاستدراج ليزدادوا طغيانا على طغيانهم، ثم تأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

وشبيه بهذه الجملة في هذا المعنى قوله- تعالى-: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ، إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ .

وقد رجح هذا المعنى الإمام ابن جرير فقال: «والصواب من القول في ذلك عندي أنها لام كي، ومعنى الكلام: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من زينة الحياة الدنيا والأموال لتفتنهم فيه، ويضلوا عن سبيلك عبادك عقوبة منك لهم، وهذا كما قال جل ثناؤه لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً. لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ. .

ومنهم من يرى أن هذه اللام هي لام الدعاء، وأنها للدعاء عليهم بالزيادة من الإضلال والغواية فيكون المعنى:

وقال موسى يا ربنا إنك أعطيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا اللهم يا ربنا زدهم ضلالا على ضلالهم.

وقد سار على هذا الرأى صاحب الكشاف. فقد قال ما ملخصه: «فإن قلت: ما معنى قوله: لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؟

قلت: هو دعاء بلفظ الأمر كقوله: ربنا اطمس واشدد. وذلك أنه لما عرض عليهم آيات الله وبيناته عرضا مكررا، وردد عليهم النصائح والمواعظ زمانا طويلا. وحذرهم من عذاب الله ومن انتقامه، وأنذرهم سوء عاقبة ما كانوا عليه من الكفر والضلال، ورآهم لا يزيدون على عرض الآيات إلا كفرا وعلى الإنذار إلا استكبارا، وعن النصيحة إلا نبوا، ولم يبق له مطمع فيهم. وعلم بالتجربة وطول الصحبة أو بوحي من الله، أنه لا يجيء منهم إلا الغي والضلال.

لما رأى منهم كل ذلك: اشتد غضبه عليهم، وكره حالهم، فدعا الله عليهم بما علم أنه لا يكون غيره وهو ضلالهم.

فكأنه قال: ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال..»

وعلى أية حال فهذه الأقوال الثلاثة، لكل واحد منها اتجاهه في التعبير عن ضيق موسى- عليه السلام- لإصرار فرعون وشيعته على الكفر، ولما هم فيه من نعم لم يقابلوها بالشكر، بل قابلوها بالجحود والبطر.

وإن كان الرأى الأول هو أظهرها في الدلالة على ذلك، وأقربها إلى سياق الآية الكريمة.

قال الشوكانى: «وقرأ الكوفيون لِيُضِلُّوا بضم الياء. أى: ليوقعوا الإضلال على غيرهم. وقرأ الباقون بالفتح أى يضلون في أنفسهم» .

وقوله: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ، وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ. فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ دعا عليهم بما يستحقونه من عقوبات بسبب إصرارهم على الكفر والضلال.

والطمس: الإهلاك والإتلاف ومحو أثر الشيء يقال: طمس الشيء ويطمس طموسا إذا زال بحيث لا يرى ولا يعرف لذهاب صورته.

والشد: الربط والطبع على الشيء، بحيث لا يخرج منه ما هو بداخله، ولا يدخل فيه ما هو خارج منه.

والمعنى: وقال موسى مخاطبا ربه: يا ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، وقد أعطيتهم ذلك ليشكروك، ولكنهم لم يفعلوا، بل قابلوا عطاءك بالجحود، اللهم يا ربنا اطمس على أموالهم بأن تهلكها وتزيلها وتمحقها من بين أيديهم، حتى ترحم عبادك المؤمنين، من سوء استعمال الكافرين لنعمك في الإفساد والأذى.

وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ بأن تزيدها قسوة على قسوتها، وعنادا على عنادها مع استمرارها على ذلك، حتى يأتيهم العذاب الأليم الذي لا ينفع عند إتيانه إيمان، ولا تقبل معه توبة، لأنهما حدثا في غير وقتهما.

قال الجمل: «وهذا الطمس هو أحد الآيات التسع التي أوتيها موسى- عليه السلام- .

وقال الإمام ابن كثير: «وهذه الدعوة كانت من موسى- عليه السلام- غضبا لله- تعالى- ولدينه على فرعون وملئه. الذين تبين له أنه لا خير فيهم، كما دعا نوح- عليه السلام- على قومه فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً.. ولهذا استجاب الله- تعالى- لموسى- عليه السلام- هذه الدعوة فيهم..» .

هذا إخبار من الله تعالى عما دعا به موسى ، عليه السلام ، على فرعون وملئه ، لما أبوا قبول الحق واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ، ظلما وعلوا وتكبرا وعتوا ، قال : ( ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة ) أي : من أثاث الدنيا ومتاعها ، ( وأموالا ) أي : جزيلة كثيرة ، ( في ) هذه ( الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ) - بفتح الياء - أي : أعطيتهم ذلك وأنت تعلم أنهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجا منك لهم ، كما قال تعالى : ( لنفتنهم فيه )

وقرأ آخرون : ( ليضلوا ) بضم الياء ، أي : ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك ، ليظن من أغويته أنك إنما أعطيت هؤلاء هذا لحبك إياهم واعتنائك بهم .

( ربنا اطمس على أموالهم ) قال ابن عباس ، ومجاهد : أي : أهلكها . وقال الضحاك ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس : جعلها الله حجارة منقوشة كهيئة ما كانت .

وقال قتادة : بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة .

وقال محمد بن كعب القرظي : اجعل سكرهم حجارة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، عن أبي معشر ، حدثني محمد بن قيس : أن محمد بن كعب قرأ سورة يونس على عمر بن عبد العزيز : ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه ) إلى قوله : ( اطمس على أموالهم ) إلى آخرها [ فقال له : عمر يا أبا حمزة أي شيء الطمس ؟ قال : عادت أموالهم كلها حجارة ] فقال عمر بن عبد العزيز لغلام له : ائتني بكيس . [ فجاءه بكيس ] فإذا فيه حمص وبيض ، قد قطع حول حجارة .

وقوله : ( واشدد على قلوبهم ) قال ابن عباس : أي اطبع عليها ، ( فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )

وهذه الدعوة كانت من موسى ، عليه السلام ، غضبا لله ولدينه على فرعون وملئه ، الذين تبين له أنه لا خير فيهم ، ولا يجيء منهم شيء كما دعا نوح ، عليه السلام ، فقال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) [ نوح : 26 ، 27 ] ؛ ولهذا استجاب الله تعالى لموسى ، عليه السلام ، فيهم هذه الدعوة ، التي أمن عليها أخوه هارون ، فقال تعالى : ( قد أجيبت دعوتكما )

قال أبو العالية ، وأبو صالح ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب القرظي ، والربيع بن أنس : دعا موسى وأمن هارون ، أي : قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون .

وقد يحتج بهذه الآية من يقول : " إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها ؛ لأن موسى دعا وهارون أمن " .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال موسى يا ربَّنا إنك أعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم (32) ، وهم " الملأ " ، " زينة " ، من متاع الدنيا وأثاثها (33) ، (وأموالا) من أعيان الذهب والفضة ، (في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك )، يقول موسى لربه: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من ذلك ليضلُّوا عن سبيلك.

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه بعضهم: ( لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ )، بمعنى: ليضلوا الناسَ، عن سبيلك ، ويصدّوهم عن دينك.

* * *

وقرأ ذلك آخرون: (لِيَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) ، بمعنى: ليضلوا هم عن سبيلك، فيجورُوا عن طريق الهدى. (34)

* * *

فإن قال قائل: أفكان الله جل ثناؤه ، أعطَى فرعون وقومه ، ما أعطاهم من زينة الدنيا وأموالها ، ليضلوا الناس عن دينه ، أو ليضلُّوا هم عنه ، ؟ فإن كان لذلك أعطاهم ذلك، فقد كان منهم ما أعطاهم لذلك، (35) فلا عتب عليهم في ذلك؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت. (36)

وقد اختلف أهل العلم بالعربية في معنى هذه " اللام " التي في قوله: (ليضلوا).

فقال بعض نحويي البصرة: معنى ذلك: ربنا فَضَلوا عن سبيلك، كما قال: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ، [سورة القصص: 8] ، أي فكان لهم ، وهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوًا وحزنًا، وإنما التقطوه فكان لهم. قال: فهذه " اللام " تجيء في هذا المعنى. (37)

* * *

وقال بعض نحويي الكوفة: هذه " اللام "، " لام كي" (38) ، ومعنى الكلام: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم ، كي يضلوا ، ثم دعا عليهم.

* * *

وقال آخر: هذه اللامات في قوله : (ليضلوا) و لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا ، وما أشبهها بتأويل الخفض: آتيتهم ما أتيتهم لضَلالهم ، والتقطوه لكونه ، لأنه قد آلت الحالة إلى ذلك. والعرب تجعل " لام كي" ، في معنى " لام الخفض "، و " لام الخفض " في معنى " لام كي" ، لتقارب المعنى، قال الله تعالى: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ (39) [سورة التوبة: 95] أي لإعراضكم، ولم يحلفوا لإعراضهم، وقال الشاعر: (40)

سَــمَوْتَ وَلَـمْ تَكُـنْ أَهْـلا لِتَسْـمُو

وَلَكِــنَّ المُضَيِّــعَ قَــدْ يُصَــابُ

قال: وإنما يقال: " وما كنت أهلا للفعل "، ولا يقال " لتفعل " إلا قليلا. قال: وهذا منه.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أنها " لام كي" ، ومعنى الكلام: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من زينة الحياة الدنيا والأموال لتفتنهم فيه، ويضلوا عن سبيلك عبادَك، عقوبة منك. وهذا كما قال جل ثناؤه: لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ، [سورة الجن: 16-17].

* * *

وقوله: (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم)، هذا دعاء من موسى، دعا الله على فرعون وملئه أن يغير أموالهم عن هيئتها، ويبدلها إلى غير الحال التي هي بها، وذلك نحو قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ، [سورة النساء: 47]. يعني به: من قبل أن نغيرها عن هيئتها التي هي بها.

* * *

، يقال منه: " طَمَسْت عينَه أَطْمِسْها وأطمُسُها طَمْسًا وطُمُوسا " . وقد تستعمل العرب " الطمس " في العفوّ والدثور ، وفي الاندقاق والدروس، (41) كما قال كعب بن زهير:

مِـنْ كُـلِّ نَضَّاحَـةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ

عُرْضَتُهَـا طَـامِسُ الأَعْـلامِ مَجْهُول (42)

* * *

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك في هذا الموضع. فقال جماعة منهم فيه مثل قولنا.

*ذكر من قال ذلك:

17820- حدثني زكريا بن يحيى بن زائدة قال ، حدثنا حجاج قال ، حدثني ابن جريج، عن عبد الله بن كثير قال: بلغنا عن القرظي في قوله: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: اجعل سُكّرهم حجارة. (43)

17821- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن محمد بن كعب القرظي قال: اجعل سكرهم حجارة.

17822- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا يحيى بن يمان، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: (اطمس على أموالهم) قال: اجعلها حجارة.

17823- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال ، حدثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس في قوله: (اطمس على أموالهم) ، قال: صارت حجارة.

17824- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: بلغنا أن زروعهم تحوَّلت حجارة.

17825- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ربنا اطمس على أموالهم)، قال: بلغنا أن حَرْثًا لهم صارت حجارة. (44)

17826- حدثني المثنى قال ، حدثنا قبيصة بن عقبة قال ، حدثنا سفيان: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: يقولون: صارت حجارة.

17827- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يحيى الحماني قال: أخبرنا ابن المبارك، عن إسماعيل عن أبي صالح في قوله: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: صارت حجارة.

17828- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: بلغنا أن حروثًا لهم صارت حجارة.

17829- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان، قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: جعلها الله حجارةً منقوشة على هيئة ما كانت.

17830- حدثنا يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: (ربنا اطمس على أموالهم)، قال: قد فعل ذلك، وقد أصابهم ذلك، طمَس على أموالهم، فصارت حجارةً، ذهبهم ودراهمهم وعَدَسهم ، وكلُّ شيء.

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أهلكها.

*ذكر من قال ذلك:

17831- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال ، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (ربنا اطمس على أموالهم) ، قال: أهلكها.

17832- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

17833- حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.

17834- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (ربنا اطمس على أموالهم) ، يقول: دمِّر عليهم وأهلك أموالهم.

* * *

وأما قوله: (واشدد على قلوبهم) ، فإنه يعني: واطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح بالإيمان، كما:-

17835- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: وقال موسى قبل أن يأتي فرعون: " ربنَا اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم "، فاستجاب الله له، وحال بين فرعون وبين الإيمان حتى أدركه الغرق، فلم ينفعه الإيمان.

17836- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (واشدد على قلوبهم) ، يقول: واطبع على قلوبهم ، (حتى يروا العذاب الأليم) ، وهو الغرق.

17837- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واشدد على قلوبهم)، بالضلالة.

17838-. . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واشدد على قلوبهم) ، قال: بالضلالة.

17839- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

17840- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (واشدد على قلوبهم)، يقول: أهلكهم كفارًا.

* * *

وأما قوله: (فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) ، فإن معناه: فلا يصدقوا بتوحيد الله ويقرُّوا بوحدانيته ، حتى يروا العذاب الموجع، (45) كما:-

17841- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فلا يؤمنوا) ، بالله فيما يرون من الآيات ، (حتى يروا العذابَ الأليم).

17842- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

17843-. .. . قال ، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

17844- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

17845- حدثنا المثنى قال ، حدثنا إسحاق، قال: سمعت المنقري يقول: (فلا يؤمنوا) ، يقول: دعا عليهم. (46)

* * *

واختلف أهل العربية في موضع: (يؤمنوا).

فقال بعض نحويي البصرة: هو نصبٌ، لأن جواب الأمر بالفاء ، أو يكون دُعاء عليهم إذ عصوا . وقد حكي عن قائل هذا القول أنه كان يقول: هو نصبٌ ، عطفًا على قوله: (ليضلوا عن سبيلك) .

* * *

وقال آخر منهم، (47) وهو قول نحويي الكوفة: موضعه جزمٌ ، على الدعاء من موسى عليهم، بمعنى: فلا آمنوا، كما قال الشاعر: (48)

فَـلا يَنْبَسِـطْ مِنْ بَيْن عَيْنَيْكَ مَا انزوَى

وَلا تَلْقَنِـــي إِلا وَأَنْفُــكَ رَاغِــمُ (49)

بمعنى: " فلا انبسط من بين عينيك ما انـزوى " ، " ولا لقيتني" ، على الدعاء.

* * *

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: هو دعاء، كأنه قال: اللهم فلا يؤمنوا. قال: وإن شئت جعلتها جوابًا لمسألته إياه، لأن المسألة خرجت على لفظ الأمر، فتجعل : (فلا يؤمنوا)، في موضع نصب على الجواب، وليس يسهل. قال: ويكون كقول الشاعر: (50)

يَــا نَــاقُ سِـيرِي عَنَقًـا فَسِـيحَا

إِلَـــى سُـــلَيْمَانَ فَنَسْـــتَريحَا (51)

قال: وليس الجواب يسهلُ في الدعاء ، لأنه ليس بشرط. (52)

* * *

قال أبو جعفر:والصواب من القول في ذلك ، أنه في موضع جزم على الدعاء، بمعنى: فلا آمنوا ، وإنما اخترت ذلك لأن ما قبله دعاءٌ، وذلك قوله: (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم)، فإلحاق قوله: (فلا يؤمنوا)، إذ كان في سياق ذلك بمعناه أشبهُ وأولى.

* * *

وأما قوله: (حتى يروا العذاب الأليم)، فإنّ ابن عباس كان يقول: معناه: حتى يروا الغرق ، وقد ذكرنا الرواية عنه بذلك من بعض وجوهها فيما مضى. (53)

17846- حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال ابن عباس: (فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) ، قال: الغرق.

------------------------

الهوامش:

(32) انظر تفسير " الملأ " فيما سلف ص : 166 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(33) انظر تفسير " الزينة " فيما سلف 12 : 389 .

(34) انظر هاتين القراءتين في معاني القرآن للفراء 1 : 477 .

(35) في المطبوعة : " ما أعطاه لأجله " ، وأثبت ما في المخطوطة .

(36) في المخطوطة ، أسقط الناسخ فكتب : " فلا عتب عليهم في ذلك بخلاف ما توهمت " ، وقد أصاب ناشر المطبوعة فيما استظهره من السياق .

(37) أي معنى العاقبة والمآل .

(38) هو الفراء في معاني القرآن 1 : 477 .

(39) في المطبوعة والمخطوطة : " يحلفون بالله " بغير السين ، وهذا حق التلاوة .

(40) لم أعرف قائله .

(41) انظر تفسير " الطمس " فيما سلف 8 : 444 ، 445 .

(42) سلف البيت وتخريجه وشرحه 4 : 424 / 8 : 444 .

(43) سقط من الترقيم سهوًا ، رقم : 17819 .

(44) في المطبوعة : " حروثًا " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب أيضًا .

(45) انظر تفسير " الأليم " فيما سلف من فهارس اللغة ( ألم ) .

(46) الأثر : 17845 - "المنقري " ، هكذا في المطبوعة . وفي المخطوطة : " المعري " غير منقوطة ، وقد أعياني أن أعرف من يعني .

(47) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1 : 281 .

(48) هو الأعشى .

(49) ديوانه : 58 ، من قصيدته في هجاء يزيد بن مسهر الشيباني ، يقول له :

فَهَـانَ عَلَيْنَـا مَـا يَقُـولُ ابْـنُ مُسْهرٍ

بِـــرَغْمِكَ إذْ حَـلّتْ عَلَيْنَـا اللَّهَـازِمُ

يَزِيـدُ يَغُـضُّ الطَّــرْفَ دُونِي , كَأَنَّمَا

زَوَى بَيْــنَ عَيْنَيْـهِ عَـلَى المَحَـاجِمُ

فَــلاَ يَنبَسِــطْ . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فأقســم باللــه الـذي أنـا أعبـده

لتصطفقــن يومــا عليـك المـآتم

.

(50) هو أبو النجم .

(51) سيبويه 1 : 421 ، معاني القرآن للفراء 1 : 478 ، وغيرهما . وسيأتي في التفسير 13 : 159 ( بولاق ) . من أرجوزة له في سليمان بن عبد الملك ، لم أجدها مجموعة في مكان . و "العنق " ، ضرب من السير . و" الفسيح " الواسع البليغ .

(52) هذا الذي سلف نص كلام الفراء في معاني القرآن 1 : 477 ، 478 .

(53) انظر ما سلف رقم : 18735 ، 18736 .

التدبر :

وقفة
[88] تأمل مقالة موسى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ﴾ كم من صريع لزينة الحضارة المادية، خطف لمعُ الدينار بصرَه عن زيف الضلالة.
تفاعل
[88] ادع بهذا الدعاء على من اشتد في حربه على الإسلام والمسلمين: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾.
وقفة
[88] ﴿رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ﴾ قال القرطبي: «اختُلِف في هذه اللام، وأصح ما قيل فيها -وهو قول الخليل وسيبويه- أنها لام العاقبة والصيرورة».
وقفة
[88] ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ﴾ من صور الطمس: أ. ينقلب الذهب المعدن حجارة كما قاله السلف رحمهم الله. ب. انهيار العملة فتكون كالحجارة غير نافعة. جـ. تتحجر مزارعهم وفواكههم ويتجمد ماؤهم, والله على كل شيء قدير.
وقفة
[88] ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ مشروعية الدعاء على الظالم.
وقفة
[88] ﴿وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ الشد على القلب: هو الصد والمنع، فلا تلين أو تنشرح للإيمان.
وقفة
[88] ﴿وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ قال ابن القيم: «وهذا الشد والتقسية من كمال عدل الرب سبحانه في أعدائه، فإنه جعل عقوبة لهم على كفرهم وإعراضهم، كعقوبته لهم بالمصائب؛ ولهذا كان محمودًا فهو حسن منه وأقبح شيء منهم، فإنه عدل منه وحكمة وهو ظلم منهم وسفه، فالقضاء والقدر فعل عادل حكيم غني عليم، يضع الخير والشر في أليق المواضع لهما والمقضي المقدر يكون من العبد ظلمًا وجورًا وسفهًا، وهو فعل جاهلٍ ظالمٍ سفيه».
وقفة
[88] ﴿فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ وهذه الدعوة كانت من موسى عليه السلام غضبًا لله ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين له أنهم لا خير فيهم، ولا يجيء منهم شيء؛ كما دعا نوح عليه السلام فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: 26،27].
وقفة
[88، 89] الذي يقول (آمين) خلف الداعي هو كالداعي سواء، قال الله: ﴿وقال موسى ربنا﴾، ثم قال: ﴿قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا﴾، الداعي واحد، والإجابة للاثنين موسى وهارون.
وقفة
[88، 89] ﴿قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا﴾ إنْ قلتَ: لمَ أضافَ الدعوةَ إليها، مع أنها إنما صدرت من موسى عليه السلام: ﴿وقال موسى﴾؟ قلتُ: أضافهما إليهما؛ لأن هارون كان يؤمِنُّ على دعاء موسى، والتأمينُ دعاءٌ في المعنى، أو لأن هارون دعا أيضًا مع موسى، إلَّا أنه تعالى خص موسى بالذِّكر، لأنه كان أسبقَ بالدعوة، أو أحرص عليها.

الإعراب :

  • ﴿ وقال موسى:
  • الواو استئنافية. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على آخره للتعذر.
  • ﴿ ربنا:
  • منادى بأداة نداء محذوفة أي يا ربنا، منصوب للتعظيم بالفتحة وهو مضاف و \"نا\" ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ إنك آتيت فرعون:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب اسم إنّ. و \"آتيت\" فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل وجملة \"آتيت\"وما تلاها: في محل رفع خبر \"إن\" فرعون: مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف \"التنوين\" على المعجمة والعلمية.
  • ﴿ وملأه:
  • معطوفة بالواو على \"فرعون\" منصوبة مثلها بالفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ زينة وأموالًا:
  • زينة: مفعول به منصوب بالفتحة وهو مفعول ثانٍ لآتيت. وأموالًا: معطوفة بالواو على \"زينة\" منصوبة مثلها.
  • ﴿ في الحياة الدنيا:
  • جار ومجرور متعلق بآتيت. الدنيا: صفة -نعت- للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ ربنا ليضلوا:
  • ربنا: أعربت. ليضلوا أي ليضلوا بلألائها الناس عن صراطك ابتلاء بهم. اللام للتعليل. لام كي- وهي حرف جر يضلوا: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد اللام وعند الكوفيين الفعل منصوب باللام نفسها وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي ليزدادوا إثمًا وضلالة و\"أن\" وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بآتيت. وجملة \"يضلوا\" صلة \"أن\" المصدرية المضمرة لا محل لها من الإعراب ومفعول \"يضلوا\" محذوف أي الناس.
  • ﴿ عن سبيلك ربنا:
  • جار ومجرور متعلق بيضلوا والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. ربنا: أعربت.
  • ﴿ اطمس على أموالهم:
  • اطمس: فعل دعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت بمعنى عاقبهم بتبديد أموالهم. على أموال: جار ومجرور متعلق باطمس. و \"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ واشدد على قلوبهم:
  • معطوفة بالواو على \"اطمس على أموالهم\" وتعرب إعرابها.
  • ﴿ فلا يؤمنوا:
  • الفاء عاطفة. لا نافية لا عمل لها. لا يؤمنوا: معطوفة على \"ليضلوا\" وتعرب إعرابها.
  • ﴿ حتى يروا العذاب الأليم:
  • بمعنى: حتى يذوقوا العذاب الأليم جزاء لهم على تجبرهم وتمردهم على رسلك. حتى حرف غاية وجر. يروا: فعل مضارع منصوب بأنْ مضمرة بعد \"حتى\" تعرب إعراب يضلوا\" والجار والمجرور متعلق بيؤمنوا. العذاب: مفعول به منصوب بالفتحة. الأليم: صفة للعذاب منصوبة مثلها. '

المتشابهات :

يونس: 88﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَـ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ
الشعراء: 201﴿ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولمَّا بالغَ موسى عليه السلام في إظهارِ المُعجِزاتِ، ورأى القومَ مُصرِّينَ على الجُحودِ والعِنادِ؛ دعا عليهم، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ليضلوا:
قرئ:
1- بضم الياء، وهى قراءة الكوفيين، وقتادة، والأعمش، وعيسى، والحسن، والأعرج، بخلاف عنهما.
2- بفتحها، وهى قراءة الحرميين، والعربيين، ومجاهد، وأبى رجاء، وشيبة، وأبى جعفر، وأهل مكة.
3- بكسرها، على الموالاة بين الكسرات، وهى قراءة الشعبي.
اطمس:
وقرئ:
بضم الميم، وهى لغة مشهورة، وبها قرأ الشعبي.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف