53470717273747576777812345678910111213141516

الإحصائيات

سورة الرحمن
ترتيب المصحف55ترتيب النزول97
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات3.20
عدد الآيات78عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.00
ترتيب الطول50تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 11/21_
سورة الواقعة
ترتيب المصحف56ترتيب النزول46
التصنيفمكيّةعدد الصفحات3.30
عدد الآيات96عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.30
ترتيب الطول49تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الشرط: 1/7_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (68) الى الآية رقم (78) عدد الآيات (11)

بقيةُ وصفِ الجَنَّتَينِ، ثُمَّ ختامُ السُّورةِ بتمجيدِ اللهِ والثناءِ عليه على ما أنعَمَ على عبادِهِ من فنونِ النِّعمِ والإكرامِ وهو أنسبُ خِتامٍ لسُورةِ الرَّحمَنِ ليتناسقَ البدءُ معَ الخِتامِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (6) عدد الآيات (6)

يومُ القيامةِ وما فيه من أهوالٍ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (7) الى الآية رقم (16) عدد الآيات (10)

تقسيمُ النَّاسِ في الآخرةِ إلى ثلاثةٍ: أصحابُ اليمينِ، وأصحابُ الشمالِ، والسابقون، ثُمَّ بيانُ جزاءِ القِسْمِ الثالثِ (السابقين).

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الرحمن

تذكير العباد بنعم الله عليهم في الدنيا والآخرة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هم إخوانكم في التكليف::   سورة الرحمن رحلة مع نعم الله الكثيرة على العباد: فذكرت آية: ﴿فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ﴾ 31 مرة، في كل مرة لها معنى يختلف عن غيره، حيث يراد بالآلاء فيها: النعمة التي ذُكرت قبلها، وهي تختلف في كل آية عن الأخرى • وتأتي في المقدمة: نعمة تعليم القرآن؛ لأن القرآن هو المنة الكبري التي امتن الله بها على الإنسان، ولذا تقدم ذكره على خَلْق الإنسان. • ثم تمضي السورة في تعداد نعمه العظيمة التي نعيش معها دون أن نستشعر قيمتها: الشمس والقمر والنجم والسماء وما فيها، والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب ورمان وريحان و... • ثم يأتي عرض لفئتين من الناس: أولهما هي الفئة التي كذبت بنعم الله: ﴿يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـٰهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِى وَٱلأَقْدَامِ﴾ (41)، ووصف عذابهم في النار.ثم يأتي ذكر الفئة المقابلة: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ﴾ (46)، ووصف نعيمهم في الجنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الرحمن».
  • • معنى الاسم ::   اسم من أسماء الله الحسنى الدالة على صفة الرحمة.
  • • سبب التسمية ::   وَجْهُ تَسْمِيَةِ هَذِهِ السُّورَةِ بِسُورَةِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهَا ابْتُدِئَتْ بِاسْمِهِ تَعَالَى: الرَّحْمنُ؛ ولأنها مملؤة بذكر نعم الله وهي راجعة إلى هذا الاسم.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «عَرُوسَ الْقُرْآنِ» (ورد في حديث ضعيف).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   التفكر في نعم الله، وحمده عليها.
  • • علمتني السورة ::   ابتداء الرحمن بذكر نعمه بالقرآن دلالة على شرف القرآن وعظم منته على الخلق به: ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾
  • • علمتني السورة ::   وجوب العدل في الوزن وتحريم البخس: ﴿أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾
  • • علمتني السورة ::   افتقار الخلق كلهم إلى الله: ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ جَابِرِ بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا، فَقَالَ: «لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، قَالُوا: لاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
    • سورة الرحمن من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الرحمن مع سورة النجم، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الرحمن من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الرحمن من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • استخدمت سورة الرحمن في غالبها أسلوب الترغيب؛ وذلك بتعداد نعمه تعالى على عباده، بينما نجد أن سورة القمر السابقة استخدمت أسلوب الترهيب؛ وذلك بذكر مصارع الأمم السابقة وتوعد الكفار وإنذارهم، وفي هذا تنوع لأساليب الدعوة إلى الله تعالى، وتربية الفرد والمجتمع.
    • احتوت سورة الرحمن على أكثر لازمة تكررت في القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكررت 31 مرة؛ لأن محور السورة هو تعداد نعم الله على الثقلين: الإنس والجن، فبعد كل نعمة أو نِعم يعددها الله تأتي هذه العبارة لتُذَكِّر الإنس والجن بنعم الله الجزيلة عليهم.
    • سورة الرحمن هي السورة الوحيدة التي جاء في وسطها آية تتكون من كلمة واحدة، وهي قوله تعالى: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ (64)، أما في فواتح السور فقد جاءت في عدة سور آيات تتكون من كلمة واحدة؛ كسورة البقرة، والفجر، والضحى، وغيرها.
    • السور التي سميت باسم من أسماء الله الحسنى أربع سور، وهي: فاطر، وغافر، والرحمن، والأعلى.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتفكر في نعم الله، ونحمده عليها.
    • أن نحمد الله على أن علمنا القرآن: ﴿الرَّحْمَـٰنُ ۞ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ (1، 2).
    • أن نُعيد ترتيب اهتماماتنا قبل الرحيل: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۞ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ (26، 27).
    • أن نعترف دومًا بفقرنا إلى الله: ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (29).
    • ألا نقلق من الغد؛ فغدًا شأنٌ آخر: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ (29).
    • أن نذكر أنفسنا بأهوال يوم القيامة: ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ (37).
    • أن نستعيذ بالله من عذاب جهنّم: ﴿هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ (43).
    • أن نحدث الناس عن الجنة والنار: ﴿هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ (43).
    • أن نعمل أعمالًا تدل على خوفنا من الله: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ (46).
    • أن نحسن في عبادتنا مع الله، وأن نحسن إلى عباد الله: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ (60).
سورة الواقعة

التذكير بيوم القيامة، وانقسام الناس فيه إلى ثلاثة أقسام

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة الواقعة تنادي وبكل بوضوح::   اختاروا أن تكونوا بين أحد هذه الأصناف الثلاثة: 1- السابقون المقرّبون. 2- أصحاب اليمين. 3- أصحاب الشمال.
  • • لذلك في بدايتها نرى هذا التقسيم::   ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَـٰثَةً * فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ * وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ﴾ (7-10). ثم تمضي السورة في الحديث عنهم (بالترتيب التنازلي) ، وعن مصير كل واحد منهم، وتختتم أيضًا بنفس الأصناف الثلاثة: ﴿فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّـٰتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ * فَسَلَـٰمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذّبِينَ ٱلضَّالّينَ * فَنُزُلٌ مّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ (88-94).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الواقعة».
  • • معنى الاسم ::   الواقعة: بمعنى الحادثة العظيمة، وهي اسم من أسماء يوم القيامة.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها به؛ ولأنها مملوءة بوقائع القيامة، وقد جاء لفظ الواقعة في سورة أخرى، وهي سورة الحاقة آية (15).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الناس ينقسمون يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام.
  • • علمتني السورة ::   أن من انخفض يوم القيامة لن يرتفع أبدًا، ومن ارتفع يومئذ لن ينخفض أبدًا: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن العمل الصالح سبب لنيل النعيم في الآخرة: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   سبب وقوع أهل الشمال في العذاب يوم القيامة: كانوا منغمسين في ملذات الحياة الدنيا، كانوا يصرون على الشرك بالله تعالى، وكانوا لا يؤمنون بيوم البعث: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ شِبْت»، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كَوِّرَتْ».
    • سورة الواقعة من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الواقعة مع سورة القلم، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الواقعة من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الواقعة من المفصل.
    • قَالَ مَسْرُوقٌ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ نَبَأَ الْأَوَّلِينَ، وَنَبَأَ الْآخِرِينَ، وَنَبَأَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَنَبَأَ أَهْلِ النَّارِ، وَنَبَأَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَنَبَأَ أَهْلِ الْآخِرَةِ فَلْيَقْرَأْ سُورَةَ الْوَاقِعَة».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • من السور الخمس التي شيبت النبي صلى الله عليه وسلم.
    • يوجد في القرآن الكريم 12 سورة سميت بأسماء يوم القيامة وأهوالها، هي: الدخان، الواقعة، التغابن، الحاقة، القيامة، النبأ، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الغاشية، الزلزلة، القارعة.
    • سورة الواقعة أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بالشرط، من أصل 7 سور افتتحت بأسلوب الشرط، وهي: الواقعة، المنافقون، التكوير، الانفطار، الانشقاق، الزلزلة، النصر، وكلها جاءت في قسم المفصل.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستعد ليوم القيامة بالإكثار من الأعمال الصالحة.
    • أن نسأل الله علو درجتنا في الآخرة: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ (3).
    • أن نسابق غيرنا إلى طاعة الله، كدخول المسجد للصلاة مثلًا: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ (10).
    • أن نتصدق على فقير بفـاكهة أو لحم لننال فـاكهة الجنة ولحمها: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ۞ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ (20، 21).
    • أن نحمد الله كلما شربنا الماء: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ (68).
    • أن نتذكَّر نارَ الآخرةِ كلَّما رأينا نارًا: ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ﴾ (73).
    • أن نتوضأ قبل أن نمس المصحف: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (79).

تمرين حفظ الصفحة : 534

534

مدارسة الآية : [70] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ

التفسير :

[70] في هذه الجنان الأربع زوجات طيبات الأخلاق حسان الوجوه.

{ فِيهِنَّ} أي:في الجنات كلها{ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} أي:خيرات الأخلاق حسان الأوجه، فجمعن بين جمال الظاهر والباطن، وحسن الخلق والخلق.

والضمير في قوله- تعالى-: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ يعود إلى الجنات الأربع:

الجنتين المذكورتين في قوله- تعالى-: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ والجنتين المذكورتين هنا في قوله- سبحانه-: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ.

ولفظ خَيْراتٌ صفة لموصوف محذوف. أى: نساء خيرات حسان.

أى: في هذه الجنات نساء فاضلات الأخلاق، حسان الخلق والخلق.

قال الجمل: قوله: خَيْراتٌ فيه وجهان: أحدهما: أنه جمع خيرة بزنة فعلة بسكون العين- يقال: امرأة خيرة، وأخرى شرة، والثاني. أنه جمع خيرة المخفف من خيرة بالتشديد، ويدل على ذلك قراءة خيرات- بتشديد الياء.. .

ثم قال : ( فيهن خيرات حسان ) قيل : المراد خيرات كثيرة حسنة في الجنة ، قاله قتادة . وقيل : خيرات جمع خيرة ، وهي المرأة الصالحة الحسنة الخلق الحسنة الوجه ، قاله الجمهور . وروي مرفوعا عن أم سلمة . وفي الحديث الآخر الذي سنورده في سورة " الواقعة " : أن الحور العين يغنين : نحن الخيرات الحسان ، خلقنا لأزواج كرام . ولهذا قرأ بعضهم : " فيهن خيرات " ، بالتشديد ( حسان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .

وقوله: ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) يقول تعالى ذكره: في هذه الجنان الأربع اللواتي اثنتان منهنّ لمن يخاف مقام ربه، والأخريان منهنّ من دونهما المدهامتان خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ )، يقول: في هذه الجنان خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: خيرات في الأخلاق، حسان في الوجوه.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: الخيرات الحسان: الحور العين.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوام، عن قتادة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي عبيد، عن مسروق، عن عبد الله ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: في كل خيمة زوجة.

حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: ثنا محمد بن الفرج الصّدَفيّ الدمياطي عن عمرو بن هاشم، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أمّ سلمة قالت " قلت: يا رسول الله أخبرني عن قوله: ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال: خَيْرَاتُ الأخْلاقِ، حِسانُ الوُجُوهِ".

التدبر :

وقفة
[70] ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ قدم طيب الأخلاق على جمال الوجوه، ما تزين أحد بمثل حسن الخلق!
وقفة
[70] ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ وإذا قال الله تعالى: «حِسَانٌ»، فمن ذا الذي يقدر أن يصف حسنهن؟!
وقفة
[70] ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ في باطنهن الخير، وفي ظاهرهن الحسن، فجمعن بين جمال الباطن والظاهر، وروعة الأخلاق والأشكال.
وقفة
[70] ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ لئن كان حسن الخلقة مطلبًا مرغوبًا؛ فإن العقلاء لا يقدمون علي حسن الخلق شيئًا؛ إذ جمال الأخلاق يأسر.

الإعراب :

  • ﴿ فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة السادسة والخمسين. وحسان: مرفوعة مثلها بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [70] لما قبلها :     ولَمَّا كان ما ذُكِرَ لا تَكمُلُ لذَّتُه إلَّا بالأنيسِ؛ قال تعالى:
﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خيرات:
وقرئ:
1- بشد الياء، وهى قراءة بكر بن حبيب، وأبى عثمان النهدي، وابن مقسم.
2- بفتحها، كأنه جمع «خايرة» ، ورويت عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [71] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[71] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

وقد ختمت كل آية من هذه الآيات السابقة بقوله - تعالى - : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) لأن عقاب العصاة المجرمين ، وإثابة الطائعين المتقين ، يدل على كمال عدله - سبحانه - ، وعلى فضله ونعمته على من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى .

قال الإمام ابن كثير : ولما كان معاقبة العصاة المجرمين ، وتنعيم المتقين ، ومن فضله . ورحمته ، وعدله ، ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم من عذابه وبأسه ، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصى وغير ذلك قال ممتنا بذلك على بريته ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

قوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول: فبأيّ نِعم ربكما التي أنعم عليكما -بما ذكر- تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[71] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[71] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قال ابن تيمية: «ليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد من كل خطاب».
تفاعل
[71] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
عمل
[71] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [71] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [72] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ

التفسير :

[72] حور مستورات مصونات في الخيام.

{ حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} أي:محبوسات في خيام اللؤلؤ، قد تهيأن وأعددن أنفسهن لأزواجهن، ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين ورياض الجنة، كما جرت العادة لبنات الملوك ونحوهن [المخدرات] الخفرات.

وقوله حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ بدل من خيرات. والحور: جمع حوراء، وهي المرأة ذات الحور، أى: ذات العين التي اشتد بياضها واشتد سوادها في جمال وحسن..

ومقصورات: جمع مقصورة أى: محتجبة في بيتها. قد قصرت نفسها على زوجها ... فهي لا تجرى في الطرقات.. بل هي ملازمة لبيتها، وتلك صفة النساء الفضليات اللاتي يزورهن من يريدهن، أما هن فكما قال الشاعر:

ويكرمها جاراتها فيزرنها ... وتعتل عن إتيانهن فتعذر

أى: في تلك الجنات نساء خيرات فضليات جميلات مخدرات. ملازمات لبيوتهن، لا يتطلعن إلى غير رجالهن..

ثم قال : ( حور مقصورات في الخيام ) ، وهناك قال : ( فيهن قاصرات الطرف ) ، ولا شك أن التي قد قصرت طرفها بنفسها أفضل ممن قصرت ، وإن كان الجميع مخدرات .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : إن لكل مسلم خيرة ، ولكل خيرة خيمة ، ولكل خيمة أربعة أبواب ، يدخل عليها كل يوم تحفة وكرامة وهدية لم تكن قبل ذلك ، لا مراحات ولا طماحات ، ولا بخرات ولا ذفرات ، حور عين ، كأنهن بيض مكنون .

وقوله : ( في الخيام ) ، قال البخاري :

حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة ، عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين ، يطوف عليهم المؤمنون " .

ورواه أيضا من حديث أبي عمران ، به . وقال : " ثلاثون ميلا " . وأخرجه مسلم من حديث أبي عمران ، به . ولفظه : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهل يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، أخبرني خليد العصري ، عن أبي الدرداء قال : الخيمة لؤلؤة واحدة ، فيها سبعون بابا من در .

وحدثنا أبي حدثنا عيسى بن أبي فاطمة ، حدثنا جرير ، عن هشام ، عن محمد بن المثنى ، عن ابن عباس في قوله : ( حور مقصورات في الخيام ) ، وقال : [ في ] خيام اللؤلؤ ، وفي الجنة خيمة واحدة من لؤلؤة ، أربعة فراسخ في أربعة فراسخ ، عليها أربعة آلاف مصراع من الذهب .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرنا عمرو أن دراجا أبا السمح حدثه ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم ، واثنتان وسبعون زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت ، كما بين الجابية وصنعاء " .

ورواه الترمذي من حديث عمرو بن الحارث ، به .

القول في تأويل قوله تعالى : حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء الخيرات الحسان ) حُورٌ ) يعني بقوله حور : بِيض، وهي جمع حوراء، والحوراء: البيضاء.

وقد بيَّنا معنى الحور فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد ( حُورٌ ) قال: بيض.

قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد ( حُورٌ ) قال: بيض.

قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، ( حُورٌ ) قال: النساء.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ ) الحوراء: العَيْناء الحسناء.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، الحور: سواد في بياض.

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله : (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الحور: البيض قلوبهم وأنفسهم وأبصارهم .

وأما قوله: ( مَقْصُورَاتٌ )، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم : تأويله؛ أنهنّ قُصِرْن على أزواجهنّ، فلا يبغين بهم بدلا ولا يرفعن أطرافهن إلى غيرهم من الرجال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا عبيد الله، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قُصِر طرفهنّ وأنفسهنّ على أزواجهنّ.

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( مَقْصُورَاتٌ )، قال: قُصر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قَصَرْن أنفسَهنّ وأبصارهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم.

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا عبيد الله وابن اليمان، عن أبي جعفر، عن الربيع (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قصرن طرفهنّ على أزواجهنّ.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قصرن أنفسهنّ وقلوبهن وأبصارهنّ على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: قصر طرفهنّ على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا جرير، عن منصور عن مجاهد، قوله: ( مَقْصُورَاتٌ ) قال: مقصورات على أزواجهنّ فلا يردن غيرهم.

وقال آخرون: عُنِي بذلك أنهنّ محبوسات في الحجال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: محبوسات في الخيام.

حدثنا جعفر بن محمد البزوري، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر، عن الربيع، بمثله.

حدثنا أبو هشام الرفاعيّ، قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن مجاهد، عن ابن عباس ( مَقْصُورَاتٌ ) قال: محبوسات.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: أخبرنا أبو معشر السندي، عن محمد بن كعب، قال: محبوسات في الحِجال.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: لا يبرحن الخيام.

حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا عثام بن عليّ، عن إسماعيل، عن أبي صالح، في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: عَذارى الجنة.

حدثنا أبو كُرَيب وأبو هشام قالا ثنا عثام بن عليّ، عن إسماعيل، عن أبي صالح، مثله.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( مَقْصُورَاتٌ ) قال: المحبوسات في الخيام لا يخرجن منها.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: محبوسات، ليس بطوّافات في الطرق.

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وصفهنّ بأنهن مقصورات في الخيام، والقصر: هو الحبس. ولم يخصص وصفهنّ بأنهنّ محبوسات على معنى من المعنيين اللذين ذكرنا دون الآخر، بل عمّ وصفهنّ بذلك. والصواب أن يعمّ الخبر عنهنّ بأنهنّ مقصورات في الخيام على أزواجهنّ، فلا يردن غيرهم، كما عمّ ذلك.

وقوله: ( فِي الخِيام ) يعني بالخيام : البيوت، وقد تسمي العرب هوادج النساء خياما؛ ومنه قول لبيد:

شـاقَتْكَ ظُعْـنُ الحَـي يَـوْم تَحَـمَّلُوا

فَتَكَنَّسُــوا قُطُنــا تَصِــرُّ خِيامُهـا (1)

وأما في هذه الآية فإنه عُنِيَ بها البيوت.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى، عن سعيد، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عبد الملك بن ميسرة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الدر المجوّف.

حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك عن أبي الأحوص، عن عبد الله، مثله.

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: ثنا فضيل بن عياش، عن هشام، عن محمد، عن ابن عباس في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الخيمة لؤلؤة أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا أبو نعيم، عن إسرائيل، عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عباس ( فِي الخِيامِ ) قال: بيوت اللؤلؤ.

حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا إدريس الأودي، عن شمر بن عطية، عن أبي الأحوص، قال، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أتدرون ما حور مقصورات في الخيام؟ الخيام : درّ مجوّف.

قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا مسعر، عن عبد الملك، عن أبي الأحوص في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: درّ مجوّف.

وبه عن أبي الأحوص قال: الخيمة: درّة مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب.

قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة،عن ابن عباس قال: الخيمة في الجنة من درّة مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع.

حدثني أحمد بن المقدام، قال: ثنا المعتمر، قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة، عن خليد العصريّ قال: لقد ذكر لي أن الخيمة لؤلؤة مجوّفة، لها سبعون مِصْراعا، كلّ ذلك من درّ.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جُبير أنه قال: الخيام: درّ مجوّف.

قال: ثنا يحيى، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: الخيام: درّ مجوّف.

حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا وكيع ويعلى عن منصور، عن مجاهد ( في الخيام )، قال: الدرّ المجوف.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فِي الخِيامِ ) قال: خيام: درّ مجوّف.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن حرب بن بشير، عن عمرو بن ميمون، قال: الخيام : الخيمة : درّة مجوّفة.

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا وكيع، عن سَلَمة بن نُبَيط، عن الضحاك، قال: الخيمة درّة مجوفة.

حدثنا أبو هشام، قال: ثنا ابن اليمان، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب ( فِي الخِيامِ ): في الحجال. قال: ثنا عبيد الله وابن اليمان، عن أبي جعفر، عن الربيع ( فِي الخِيامِ ) قال: في الحجال.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن مجاهد ( فِي الخِيامِ ) قال: خيام اللؤلؤ.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فِي الخِيامِ )، الخيام: اللؤلؤ والفضة، كما يقال والله أعلم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ )، ذُكر لنا أن ابن عباس كان يقول : الخيمة: درّة مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة الآف باب من ذهب.

وقال: قتادة: كان يقال: مسكن المؤمن في الجنة، يسير الراكب الجواد فيه ثلاث ليال، وأنهاره وجنانه وما أعدّ الله له من الكرامة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال، قال ابن عباس: الخيمة: درّه مجوّفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف باب من ذهب.

&; 23-82 &;

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ )، قال: يقال: خيامهم في الجنة من لؤلؤ.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: الخيام: الدرّ المجوّف.

حدثنا محمد بن المثنى قال: ثني حِرْميّ بن عمارة، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني عمارة، عن أبي مجلز " أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال في قول الله (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: درّ مُجَوَّفٌ".

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول كان ابن مسعود يحدّث عن نبي الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " هِيَ الدُّرّ المُجَوَّفُ " يعني الخيام في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ).

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) قال: في خيام اللؤلؤ.

التدبر :

وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ قال الرازي: «إشارة إلى معنى في غاية اللطف، وهو أن المؤمن في الجنة لا يحتاج إلى التحرك لشيء، وإنما الأشياء تتحرك إليه، فالمأكول والمشروب يصل إليه من غير حركة منه، ويطاف عليهم بما يشتهونه، فالحور يكُنْ في بيوت، وعند الانتقال إلى المؤمنين -في وقت إرادتهم- تسير بهن للارتحال إلى المؤمنين خيام، وللمؤمنين قصور تنزل الحور من الخيام إلى القصور».
وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ مقصورات: مستورات؛ مكوث المرأة في بيتها ستر حتى في الجنة.
وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ أشهد أن جو الأفراح يفوح من كل حرف في هذه الآية.
وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما عليها، أزياء الحوريات في الجنة، حوريتك مقصورة الطرف في الخيمة، وأنت تتلصص النظرات.
وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ المقصورات: المحجوبات؛ لأن النساء يُمدَحن بملازمة البيوت ويُذمَمن بكثرة الخروج.
وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ الحور: جمع الحَوراء، والمقصورات: المحجوبات؛ لأن النساء يمدحن بملازمة البيوت، ويذممن بكثرة الخروج.
وقفة
[72] ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ المؤمنات في الدنيا قاصرات أبصارهن علي أزواجهن, ومقصورات في بيوتهن, وهكذا هن في الجنة, وذلك من تمام نعيمهن والتنعم بهن.
وقفة
[72] ﴿حورٌ مَقصوراتٌ فِي الخِيامِ﴾ فى الدنيا تُفضل التى لا تخرج كثيرًا إلا لضرورة ﴿وَقَرنَ في بُيوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٣]، وكذلك فى الجنة تظل تلك الصفة المُميزة لها.
وقفة
[72] قال في الأوليين: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ [56]، وقال في الأخريين: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾، وبينها من التفاوت ما بينها.
وقفة
[72] الحجاب عفة، حتي ذكر الله ذلك عن نساء الجنة فقال: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾.
وقفة
[72] أُخيتي: لو عيروكي بعبائتك وحشمتك، وقالوا: خيامٌ سود؛ فذكريهم بقول الله: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة السادسة والخمسين. حور: بدل من «خيرات» او صفة-نعت-لها اي فيهن نساء حور مخدرات اي مصونات في خيامهن و «حور» جمع «حوراء» وهي المرأة البيضاء. و فِي الْخِيامِ» جار ومجرور متعلق بمقصورات أو بصفة ثانية لحور.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [72] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ الزوجات طيبات الأخلاق حسان الوجوه؛ بَيَّنَ هنا أنهن حور مستورات في الخيام؛ صونًا لهنَّ، قال تعالى:
﴿ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [73] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[73] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

وقد ختمت كل آية من هذه الآيات السابقة بقوله - تعالى - : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) لأن عقاب العصاة المجرمين ، وإثابة الطائعين المتقين ، يدل على كمال عدله - سبحانه - ، وعلى فضله ونعمته على من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى .

قال الإمام ابن كثير : ولما كان معاقبة العصاة المجرمين ، وتنعيم المتقين ، ومن فضله . ورحمته ، وعدله ، ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم من عذابه وبأسه ، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصى وغير ذلك قال ممتنا بذلك على بريته ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول : فبأيّ نعم ربكما التي أنعم عليكما -من الكرامة، بإثابة محسنكم هذه الكرامة- تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[73] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[73] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[73] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[73] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [73] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [74] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا ..

التفسير :

[74] لم يطأ هؤلاء الحور إنس قبل أزواجهن ولا جان.

{ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} أي:أصحاب هاتين الجنتين، متكأهم على الرفرف الأخضر، وهي الفرش التي فوقالمجالس العالية، التي قد زادت على مجالسهم، فصار لها رفرفة من وراء مجالسهم، لزيادة البهاء وحسن المنظر،{ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} العبقري:نسبة لكل منسوج نسجا حسنا فاخرا، ولهذا وصفها بالحسن الشامل، لحسن الصنعة وحسن المنظر، ونعومة الملمس، وهاتان الجنتان دون الجنتين الأوليين، كما نص الله على ذلك بقوله:{ وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} وكما وصف الأوليين بعدة أوصاف لم يصف بها الأخريين، فقال في الأوليين:{ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} وفي الأخريين:{ عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} ومن المعلوم الفرق بين الجارية والنضاخة.

وقال في الأوليين:{ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} ولم يقل ذلك في الأخريين. وقال في الأوليين:{ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} وفي الأخريين{ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} وقد علم ما بين الوصفين من التفاوت.

هؤلاء النساء لَمْ يَطْمِثْهُنَّ أى: لم يلمسهن ويباشرهن إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ.

أى: لم يجامعهن أحد لا من الإنس ولا من الجن قبل الرجال الذين خصصهن الله- تعالى- لهم..

وقوله : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) : [ قد ] تقدم مثله سواء ، إلا أنه زاد في وصف الأوائل بقوله : ( كأنهن الياقوت والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .

وقوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) يقول تعالى ذكره : لم يمسهنّ بنكاح فيدميهن إنس قبلهم ولا جانّ.

وقرأت قرّاء الأمصار ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ) بكسر الميم في هذا الموضع وفي الذي قبله. وكان الكسائيّ يكسر إحداهما. ويضمّ الأخرى.

والصواب من القراءة في ذلك ؛ ما عليه قرّاء الأمصار لأنها اللغة الفصيحة، والكلام المشهور من كلام العرب.

التدبر :

وقفة
[74] ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾ في الآية دليل للقائلين بدخول الجن الجنة، وهو قول الجمهور.

الإعراب :

  • ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ
  • اعربت في الآية الكريمة السادسة والخمسين.'

المتشابهات :

الرحمن: 56﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ
الرحمن: 74﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [74] لما قبلها :     ولَمَّا كانت أنفُسُ الأخيارِ، ذَوِي الهِمَمِ العاليةِ الكِبارِ، في الالتِفاتِ إلى الأبكارِ؛ تعالى:
﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يطمثهن:
1- بكسر الميم، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة طلحة، وعيسى، وأصحاب عبد الله، وعلى.
3- بفتحها، وهى قراءة الجحدري.

مدارسة الآية : [75] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[75] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

وقد ختمت كل آية من هذه الآيات السابقة بقوله - تعالى - : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) لأن عقاب العصاة المجرمين ، وإثابة الطائعين المتقين ، يدل على كمال عدله - سبحانه - ، وعلى فضله ونعمته على من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى .

قال الإمام ابن كثير : ولما كان معاقبة العصاة المجرمين ، وتنعيم المتقين ، ومن فضله . ورحمته ، وعدله ، ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم من عذابه وبأسه ، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصى وغير ذلك قال ممتنا بذلك على بريته ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول : فبأيّ نِعمَ ربكما التي أنعم عليكم بها -مما وصف - تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[75] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[75] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قال ابن تيمية: «ليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد من كل خطاب».
تفاعل
[75] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
عمل
[75] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [75] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [76] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ ..

التفسير :

[76] متكئين على وسائد ذوات أغطية خضر، وفرش بديعة فائقة الصُّنع في غاية الحُسْن.

قال في الأوليين:{ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} ولم يقل ذلك في الأخيرتين، بل قال:{ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}

وقال في الأوليين، في وصف نسائهم وأزواجهم:{ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان} وقال في الأخريين:{ حور مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} وقد علم التفاوت بين ذلك.

وقال في الأوليين{ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} فدل ذلك أن الأوليين جزاء المحسنين، ولم يقل ذلك في الأخريين.

ومجرد تقديم الأوليين على الأخريين، يدل على فضلهما.

فبهذه الأوجه يعرف فضل الأوليين على الأخريين، وأنهما معدتان للمقربين من الأنبياء، والصديقين، وخواص عباد الله الصالحين، وأن الأخريين معدتان لعموم المؤمنين، وفي كل من الجنات [المذكورات] ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفيهن ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وأهلها في غاية الراحة والرضا والطمأنينة وحسن المأوى، حتى إن كلامنهم لا يرى أحدا أحسن حالا منه، ولا أعلى من نعيمه [الذي هو فيه].

وقوله: مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ ... حال من قوله- تعالى-:

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ....

والرفرف: مأخوذ من الرّف بمعنى الارتفاع، وهو اسم جمع واحده رفرفة، أو اسم جنس جمعى وخُضْرٍ صفة له..

والعبقري: وصف لكل ما كان ممتازا في جنسه. نادر الوجود في صفاته والمراد به هنا الثوب الموشى بالذهب، والبالغ النهاية في الجودة والجمال..

قال القرطبي: العبقري: ثياب منقوشة تبسط.. قال القتيبي: كل ثوب وشى عند العرب فهو عبقري. وقال أبو عبيد: هو منسوب الى أرض يعمل فيها الوشي..

ويقال: عبقر قرية باليمن تنسج فيها بسط منقوشة. وقال ابن الأنبارى: إن الأصل فيه أن عبقر قرية يسكنها الجن ينسب إليها كل فائق جليل، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: في عمر ابن الخطاب: فلم أر عبقريا يفرى فريه.. .

أى: هؤلاء الذين خافوا مقام ربهم، قد أسكناهم بفضلنا الجنات العاليات حالة كونهم فيها على الفرش الجميلة المرتفعة. وعلى الأبسطة التي بلغت الغاية في حسنها وجودتها ودقة وشيها..

وقوله : ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الرفرف : المحابس . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهما : هي المحابس . وقال العلاء بن بدر الرفرف على السرير كهيئة المحابس المتدلي .

وقال عاصم الجحدري : ( متكئين على رفرف خضر ) يعني : الوسائد . وهو قول الحسن البصري في رواية عنه .

وقال أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( متكئين على رفرف خضر ) قال : الرفرف : رياض الجنة .

وقوله : ( وعبقري حسان ) : قال ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي : العبقري : الزرابي . وقال سعيد بن جبير : هي عتاق الزرابي ، يعني جيادها .

وقال مجاهد : العبقري : الديباج .

وسئل الحسن البصري عن قوله : ( وعبقري حسان ) فقال : هي بسط أهل الجنة - لا أبا لكم - فاطلبوها . وعن الحسن [ البصري ] رواية : أنها المرافق . وقال زيد بن أسلم : العبقري : أحمر وأصفر وأخضر . وسئل العلاء بن زيد عن العبقري ، فقال : البسط أسفل من ذلك . وقال أبو حزرة يعقوب بن مجاهد : العبقري : من ثياب أهل الجنة ، لا يعرفه أحد . وقال أبو العالية : العبقري : الطنافس المخملة ، إلى الرقة ما هي . وقال القتيبي : كل ثوب موشى عند العرب عبقري . وقال أبو عبيدة : هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي . وقال الخليل بن أحمد : كل شيء يسر من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقريا . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيعمر : " فلم أر عبقريا يفري فريه " .

وعلى كل تقدير فصفة مرافق أهل الجنتين الأوليين أرفع وأعلى من هذه الصفة ; فإنه قد قال هناك : ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق ) ، فنعت بطائن فرشهم وسكت عن ظهائرها ، اكتفاء بما مدح به البطائن بطريق الأولى والأحرى . وتمام الخاتمة أنه قال بعد الصفات المتقدمة : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) فوصف أهلها بالإحسان وهو أعلى المراتب والنهايات ، كما في حديث جبريل لما سأل عن الإسلام ، ثم الإيمان . فهذه وجوه عديدة في تفضيل الجنتين الأوليين على هاتين الأخريين ، ونسأل الله الكريم الوهاب أن يجعلنا من أهل الأوليين .

القول في تأويل قوله تعالى : مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)

يقول تعالى ذكره : ينعم هؤلاء الذين أكرمهم جلّ ثناؤه هذه الكرامة، التي وصفها في هذه الآيات، في الجنتين اللتين وصفهما(مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ).

واختلف أهل التأويل في معنى الرفرف، فقال بعضهم: هي رياض الجنة، واحدتها: رفرفة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير أنه قال فِي هذه الآية (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: رياض الجنة.

حدثنا عباس بن محمد، قال: ثنا أبو نوح، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، مثله.

حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا سعيد بن جُبير، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: الرفرف: رياض الجنة.

وقال آخرون: هي المحابس.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) يقول: المحابس.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي. قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ): قال: الرفرف فضول المحابس والبسط.

حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: هي البسط، أهل المدينة يقولون: هي البسط.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كُهيل الحضرميّ، عن رجل يقال له غزوان، (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: فضول المحابس.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن هارون، عن عنترة، عن أبيه، قال: فضول الفُرُش والمحابس.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن مروان، في قوله: (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: فضول المحابس.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: الرفرف الخضر: المحابس.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: محابس خضر.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: هي المحابس.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) قال: الرفرف: المحابس.

وقال آخرون : بل هي المرافق.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال، قال الحسن: الرفرف: مرافق خُضْر، وأما العبقريّ، فإنه الطنافس الثخان، وهي جماع واحدها :عبقرية .وقد ذُكر أن العرب تسمي كل شيء من البسط عبقريا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: الزرابيّ.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: العبقريّ: الزرابيّ الحسان.

حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبَير، في قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: العبقريّ: عتاق الزرابيّ.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: العبقريّ، الزرابيّ.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: الزرابيّ.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: زرابيّ.

حدثي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: العبقريّ: الطنافسي.

وقال آخرون : العبقريّ :الديباج.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهد (وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) قال: هو الديباج. والقرّاء في جميع الأمصار على قراءة ذلك (عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) بغير ألف في كلا الحرفين . وذُكر عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خبر غير محفوظ، ولا صحيح السند ( على رفَارِفَ خُضْرٍ وعَباقِِرِيّ ) بالألف والإجراء . وذُكر عن زُهير الفرقبي أنه كان يقرأ ( على رَفارِفَ خُضْرٍ )، بالألف وترك الإجراء، ( وَعَبَاقِرِيّ حِسانٍ ) بالألف أيضا، وبغير إجراء . وأما الرفارف في هذه القراءة، فإنها قد تحتمل وجه الصواب. وأما العباقريّ، فإنه لا وجه له في الصواب عند أهل العربية، لأن ألف الجماع لا يكون بعدها أربعة أحرف، ولا ثلاثة صحاح. وأما القراءة الأولى التي ذُكرت عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلو كانت صحيحة، لوجب أن تكون الكلمتان غير مجراتين.

التدبر :

وقفة
[76] ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ الاتكاء على الرفرف، وهي وسائد الجنة، هي خير ما يقابل ما قاسوه من تعب السنين، ليكافأوا عليه بالخلد في جنات النعيم.
وقفة
[76] ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ قال ابن القيم: «النعيم لا يُدرَك بالنعيم، وإن من آثر الرَّاحَة فَاتته الرَّاحَة، وإن بحَسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة، فَلا فرحة لمن لا همَّ له، وَلا لَذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، وَلا رَاحَة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العَبَد قَلِيلًا استراح طويلًا، وإذا تحمل مشقة الصَّبر ساعة قَادَهُ لحياة الأبد».
وقفة
[76] ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ عن تفاوت النعيم: أهلها في غاية الرضا، حتى إن كلا منهم لا يرى أحدًا أحسن حالًا منه، ولا أعلى من نعيمه الذي فيه.
وقفة
[76] ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ الأثاث من نعيم الدنيا التي تتوق إليه النفوس, فوعدها الله إياه في الآخرة؛ لئلا تنشغل به عن طاعته.
وقفة
[76] ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ [الكهف: 31]، ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا﴾ [ص: 51]، ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ [54]، ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ أيها الظهور المنتصبة بين يدي الله فى الليالى سيطول اتكاؤك وراحتك فى الجنة، اتعب هنا؛ لتتكئ هناك.
وقفة
[76] ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾ العبقري: وصفٌ لكل ما كان ممتازًا ونادر الوجود، والمراد به هنا الثوب المنقوش الموشَّى بالذهب، وإذا قال خالق النقوش: «إنها حسان»، فما ظنك بها؟!
وقفة
[76] سئل الحسن البصري عن قوله تعالى: ﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾، فقال: «هي بسط أهل الجنة، لا أبًا لكم، فاطلبوها».

الإعراب :

  • ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ
  • اعربت في الآية الكريمة الرابعة والخمسين. خضر: صفة-نعت-لرفرف مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة اي على وسائد خضر. ورفرف: لفظه مفرد وهو اسم للجمع فنعت بجمع مثل رهط‍ وقوم. و عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ» معطوفة بالواو على رَفْرَفٍ خُضْرٍ» وتعرب إعرابها و «عبقري» منسوب الى «عبقر» تزعم العرب انه بلد الجن فينسبون اليه كل شيء عجيب.'

المتشابهات :

الطور: 20﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ ۖ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
الرحمن: 54﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ
الرحمن: 76﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [76] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ نساءَهم؛ ذكرَ الوسائد، والفرش، قال تعالى:
﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رفرف:
1- وهى قراءة الجمهور، ووصف بالجمع، لأنه اسم «جنس» ، الواحد منه: رفرفة.
وقرئ:
2- رفارف، جمع لا ينصرف، وهى قراءة عثمان بن عفان، ونصر بن عاصم، والجحدري، ومالك بن دينار، وابن محيصن، وزهير الفرقى.
خضر:
1- بسكون الضاد، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة عثمان بن عفان، ونصر بن عاصم، والجحدري، ومالك بن دينار، وابن محيصن، وزهير الفرقبى، وابن هرمز.
وعبقرى:
وقرئ:
عباقرى، بكسر القاف، أو فتحها وشد الياء، وهى قراءة عثمان بن عفان، ونصر بن عاصم، والجحدري، ومالك بن دينار، وابن محيصن.

مدارسة الآية : [77] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[77] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

وقد ختمت كل آية من هذه الآيات السابقة بقوله - تعالى - : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) لأن عقاب العصاة المجرمين ، وإثابة الطائعين المتقين ، يدل على كمال عدله - سبحانه - ، وعلى فضله ونعمته على من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى .

قال الإمام ابن كثير : ولما كان معاقبة العصاة المجرمين ، وتنعيم المتقين ، ومن فضله . ورحمته ، وعدله ، ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم من عذابه وبأسه ، مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصى وغير ذلك قال ممتنا بذلك على بريته ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره : فبأيّ نِعم ربكما التي أنعم عليكم -من إكرامه أهل الطاعة منكم هذه الكرامة - تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[77] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[77] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[77] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[77] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [77] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [78] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ ..

التفسير :

[78] تكاثرت بركة اسم ربك وكثر خيره، ذي الجلال الباهر، والمجد الكامل، والإكرام لأوليائه.

ولما ذكر سعة فضله وإحسانه، قال:{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} أي:تعاظم وكثر خيره، الذي له الجلال الباهر، والمجد الكامل، والإكرام لأوليائه.

تم تفسير سورة الرحمن، ولله الحمد والشكر والثناء الحسن.

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بقوله: تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ.

أى: جل شأن الله- تعالى-، وارتفع اسمه الجليل عما لا يليق بشأنه العظيم، فهو- عز وجل- صاحب الجلال. أى: العظمة والاستغناء المطلق، والإكرام. أى: الفضل التام، والإحسان الذي لا يقاربه إحسان.

وبعد: فهذا تفسير لسورة «الرحمن» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

ثم قال : ( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) أي : هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يكرم فيعبد ، ويشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى .

وقال ابن عباس : ( ذي الجلال والإكرام ) ذي العظمة والكبرياء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن عمير بن هانئ ، عن أبي العذراء ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أجدوا الله يغفر لكم " .

وفي الحديث الآخر : " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، وذي السلطان ، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه " .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو يوسف الجيزي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " .

وكذا رواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن مؤمل بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، به . ثم قال : غلط المؤمل فيه ، وهو غريب وليس بمحفوظ ، وإنما يروى هذا عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن حسان المقدسي ، عن ربيعة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ألظوا بذي الجلال والإكرام " .

ورواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك ، به .

وقال الجوهري : ألظ فلان بفلان : إذا لزمه .

وقول ابن مسعود : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " أي : الزموا . ويقال : الإلظاظ هو الإلحاح .

قلت : وكلاهما قريب من الآخر - والله أعلم - وهو المداومة واللزوم والإلحاح . وفي صحيح مسلم والسنن الأربعة من حديث عبد الله بن الحارث ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لا يقعد - يعني : بعد الصلاة - إلا قدر ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام " .

آخر تفسير سورة الرحمن ، ولله الحمد [ والمنة ] .

وقوله (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ) يقول تعالى ذكره: تبارك ذكر ربك يا محمد، ( ذِي الجَلالِ ): يعني ذي العظمة، (والإكْرامِ ) يعني: ومن له الإكرام من جميع خلقه.

كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنى معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) يقول: ذو العظمة والكبرياء.

آخر تفسير سورة الرحمن عزّ و جلّ

التدبر :

وقفة
[78] ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ ذِكْر (اسْمُ رَبِّكَ) مع قوله: (تَبَارَكَ) إشارة إلى كثرة نعم الله تعالى وإفضاله بما لا تحيط به العبارة، فعبَّر عن ذلك بهذه المبالغة (اسْمُ رَبِّكَ)؛ إذ هي أقصى ما تسمح به اللغة في التعبير، ليعلم الناس أن عليهم واجبات تجاه ربهم لا يطيقون شكرها، وذلك لعظيم نعمه عليهم.
تفاعل
[78] ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ سَبِّح الله الآن.
وقفة
[78] ﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴾ الصحيح أن الجلال هو التعظيم، والإكرام هو الحب.
وقفة
[78] ﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴾ لا يجوز إسناد كلمة (تبارك) للمخلوق كقولهم: تبارك البيت أو تباركت السيارة، فالمخلوق لا يبارك نفسه ولا غيره، وإنما الذي يبارك هو الله عز وجل.
وقفة
[78] ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ يوم القيامة لا يبقي اسم أحد إلا اسم الله تعالي, به تدور الألسن, ولا يكون لأحد عند أحد حاجة ولا من أحد خوف, فإن تذاكروا تذاكروا باسم الله وحده.
وقفة
[78] ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ أتم النعيم وأكمل اللذات ذكر الله تعالي.
وقفة
[78] ﴿تَبارَكَ اسمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾ فتمام النعم كل النعم منه وحده ذو الجلال والإكرام.
وقفة
[78] ابتدأت السورة باسم الله ﴿الرحمن﴾ [1]، واختتمت بـ ﴿ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ سبحانه له الحمد والشكر على نعمه ومننه.

الإعراب :

  • ﴿ تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح. اسم: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. ربك: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ:
  • صفة-نعت-للرب مجرور ايضا وعلامة جره الياء لانه من الاسماء الخمسة وهو مضاف. الجلال: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والاكرام: معطوف بالواو على «الجلال» مجرور مثله بالكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [78] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ سَعةَ فَضلِه وإحسانِه؛ خُتِمَت السورةُ بالثناء على الله تعالى، فقد تكاثرت بركاته، وكثرت خيراته، قال تعالى:
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [1] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ

التفسير :

[1] إذا قامت القيامة،

يخبر تعالى بحال الواقعة التي لا بد من وقوعها، وهي القيامة التي

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الواقعة» هي السورة السادسة والخمسون في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول، فقد كان نزولها بعد سورة «طه» وقبل سورة «الشعراء» .

وقد عرفت بهذا الاسم منذ عهد النبوة، فعن ابن عباس قال: قال أبو بكر- رضى الله عنه- للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله قد شبت. قال: شيبتني هود والواقعة والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت.

وعن عبد الله بن مسعود- رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا ... » .

2- وعدد آياتها ست وتسعون آية عند الكوفيين. وسبع وتسعون عند البصريين، وتسع وتسعون عند الحجازيين والمدنيين.

3- وسورة «الواقعة» من السور المكية الخالصة، واستثنى بعضهم بعض آياتها، وعدها من الآيات المدنية، ومن ذلك قوله- تعالى-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.

وقوله- سبحانه-: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ... إلى قوله- تعالى-:

وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ.

والذي تطمئن إليه النفس أن السورة كلها مكية، وأن ما استثنى منها لم يقم دليل يعتد به على صحته.

4- وقد افتتحت سورة «الواقعة» بالحديث عن أهوال يوم القيامة، وعن أقسام الناس في هذا اليوم..

قال- تعالى-: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً، فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ، وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ....

5- وبعد أن فصل- سبحانه- الحديث عن كل قسم من هذه الأقسام، وبين ما أعد له من جزاء عادل ... أتبع ذلك بالحديث عن مظاهر قدرته، وسعة رحمته، وعظيم فضله، فقال- تعالى-: نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ. أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ....

أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ، أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ....

أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ.

أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ.

6- وكما افتتحت السورة الكريمة ببيان أهوال يوم القيامة، وبيان أنواع الناس في هذا اليوم.. اختتمت- أيضا- بالحديث عن أقسام الناس يوم الحساب، وعاقبة كل قسم، قال- تعالى-: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ. وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ، إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.

7- هذا والمتدبر في هذه السورة الكريمة، يراها قد ساقت بأسلوب بليغ مؤثر، ما يحمل الناس على حسن الاستعداد ليوم القيامة، عن طريق الإيمان العميق، والعمل الصالح، وما يبين لهم عن طريق المشاهدة مظاهر قدرة الله- تعالى- ووحدانيته، وما يكشف لهم النقاب عن أقسام الناس في يوم الحساب، وعن عاقبة كل قسم، وعن الأسباب التي وصلت بكل قسم منهم إلى ما وصل إليه من جنة أو نار..

وما يريهم عجزهم المطلق أمام قدرة الله- تعالى- وأمام قضائه وقدره.. فهم يرون بأعينهم أعز إنسان عندهم، تنتزع روحه من جسده.. ومع ذلك فهم عاجزون عن أن يفعلوا شيئا..

وصدق الله إذ يقول: فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ. فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ. تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ..

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من عباده المقربين.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

افتتحت سورة " الواقعة " بتقرير الحقيقة التى لا شك فيها ، وهى أن يوم القيامة حق وأن الحساب حق ، وأن الجزاء حق . . .

وقد اختير الافتتاح بالظرف المتضمن معنى الشرط ، لأنه ينبه الأذهان ويحرك النفوس لترقب الجواب .

والواقعة من أسماء القيامة كالقارعة ، والحاقة ، والآزفة . . . .

قال الجمل : وفى ( إِذَا ) هنا أوجه : أحدهما : أنها ظرف محض ، ليس فيها معنى الشرط ، والعامل فيها ليس ، من حيث ما فيها من معنى النفى ، كأنه قيل : ينتفى التكذيب بوقوعها إذا وقعت .

والثانى : أن العامل فيها اذكر مقدار ، الثالث : أنها شرطية وجوابها مقدر ، أى : إذا وقت الواقعة كان ، كيت وكيت ، وهو العامل فيها .

وقال بعض العلماء : والذى يظهر لى صوابه ، أن إذا هنا : هى الظرفية المتضمنة معنى الشرط ، وأن قوله الآنى : ( إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً ) بدل من قوله : ( وَقَعَتِ الواقعة ) وأن الجواب إذا هو قوله : ( فَأَصْحَابُ الميمنة . . ) .

وعليه فالمعنى : إذا قامت القيامة ، وحصلت هذه الأحوال العظيمة ، ظهرت منزلة أصحاب الميمنة ، وأصحاب المشأمة . . .

تفسير سورة الواقعة وهي مكية .

قال أبو إسحاق عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ، قد شبت ؟ قال : " شيبتني هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعم يتساءلون ، وإذا الشمس كورت " .

رواه الترمذي وقال : حسن غريب

وقال الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن مسعود بسنده إلى عمرو بن الربيع بن طارق المصري : حدثنا السري بن يحيى الشيباني ، عن أبي شجاع ، عن أبي ظبية قال : مرض عبد الله مرضه الذي توفي فيه ، فعاده عثمان بن عفان فقال : ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قال : فما تشتهي ؟ قال : رحمة ربي . قال ألا آمر لك بطبيب ؟ قال : الطبيب أمرضني . قال : ألا آمر لك بعطاء ؟ قال : لا حاجة لي فيه . قال : يكون لبناتك من بعدك ؟ قال : أتخشى على بناتي الفقر ؟ إني أمرت بناتي يقرأن كل ليلة سورة الواقعة ، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة ، لم تصبه فاقة أبدا " . .

ثم قال ابن عساكر : كذا قال والصواب : عن " شجاع " ، كما رواه عبد الله بن وهب عن السري . وقال عبد الله بن وهب : أخبرني السري بن يحيى أن شجاعا حدثه ، عن أبي ظبية ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا " . فكان أبو ظبية لا يدعها .

وكذا رواه أبو يعلى ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن محمد بن منيب ، عن السري بن يحيى ، عن شجاع ، عن أبي ظبية ، عن ابن مسعود ، به . ثم رواه عن إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن محمد بن منيب العدني ، عن السري بن يحيى ، عن أبي ظبية ، عن ابن مسعود ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة ، لم تصبه فاقة أبدا " . لم يذكر في سنده " شجاعا " . قال : وقد أمرت بناتي أن يقرأنها كل ليلة .

وقد رواه ابن عساكر أيضا من حديث حجاج بن نصير وعثمان بن اليمان ، عن السري بن يحيى ، عن شجاع ، عن أبي فاطمة قال : مرض عبد الله ، فأتاه عثمان بن عفان يعوده ، فذكر الحديث بطوله . قال عثمان بن اليمان : كان أبو فاطمة هذا مولى لعلي بن أبي طالب .

وقال [ الإمام ] أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا إسرائيل ، ويحيى بن آدم ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك بن حرب ; أنه سمع جابر بن سمرة يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم ، ولكنه كان يخفف . كانت صلاته أخف من صلاتكم ، وكان يقرأ في الفجر " الواقعة " ونحوها من السور .

الواقعة : من أسماء يوم القيامة ، سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها ، كما قال : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) [ الحاقة : 15 ]

القول في تأويل قوله تعالى : إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1)

يعني تعالى ذكره بقوله: ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) : إذا نـزلت صيحة القيامة، وذلك حين يُنفخ في الصور لقيام الساعة.

كما حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) يعني: الصيحة.

حدثنا عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) الواقعة والطامة والصاخة، ونحو هذا من أسماء القيامة، عظَّمه الله، وحذره عباده.

التدبر :

وقفة
[1] قال مسروق: «من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين، ونبأ أهل الجنة ونبأ أهل النار، ونبأ أهل الدنيا ونبأ أهل الآخرة؛ فليقرأ سورة الواقعة».
وقفة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ افتتاح بديع؛ لأنه يسترعي الألباب لترقب ما بعد هذا الشرط الزماني، مع ما في الاسم المسند إليه من التهويل بتوقع حدث عظيم يحدث.
وقفة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ سميت (واقعة)؛ لأنها كائنة لا محالة، أو لقرب وقوعها، أو لكثرة ما يقع فيها من الشدائد.
وقفة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ قال مسروق: «من أراد أن يعلم نبأ الأولين والآخرين، ونبأ أهل الجنة، ونبأ أهل النار، ونبأ أهل الدنيا، ونبأ أهل الآخرة، فليقرأ سورة الواقعة».
لمسة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ ابتدأ الله هذه السورة بجملة شرطية عن وقوع الساعة، حذف جوابها؛ ليذهب الذهن في تقديره كل مذهب، ويسلك في تفخيمه كل طريق.
وقفة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ هل تأملتَ كيف تحدَّثتْ سورة الواقعة عن ثواب المؤمنين وعقوبة أصحاب الشمال؟ ففي الحديث عن ثواب المؤمنين لم يذكر سبب الثواب، وحينما ذكر عذاب أصحاب الشمال بين سبب تعذيبهم، يقول الألوسي رحمه الله: «والحكمة في ذكر سبب عذابهم، مع أنه لم يذكر في أصحاب اليمين سبب ثوابهم، فلم يقل: إنهم كانوا قبل ذلك شاكرين مذعنين؛ التنبيه على أن ذلك الثواب منه تعالى فضل، لا تستوجبه طاعة مطيع، وشكر شاكر، وأن العقاب منه تعالى عدلٌ، فإذا لم يعلم سبب العقاب يظن أن هناك ظلمًا».
وقفة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شِبْت»، قَالَ ﷺ: «شَيَّبَتْنِي هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كَوِّرَتْ». [الترمذي 3279، وصححه الألباني].
وقفة
[1] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ علي المسلم أن يكون في استعداد دائم ليوم الحساب, فإنه آت لا محالة, وهو أشبه بشيء معلق فوق رؤوس الخلائق يوشك أن يقع.
وقفة
[1] ﴿إِذا وَقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ فهى واقعة لا محالة.
وقفة
[1] ﴿إِذا وَقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ سميت باسم الوقوع -الواقعة- لتأكيد ذلك لأهل الدنيا.
اسقاط
[1] ﴿إِذا وَقَعَتِ الواقِعَةُ﴾ فهل أنتم مستعدون لهذا الموقف العظيم؟
وقفة
[1، 2] ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ انقطاع تكذيب الكفار بمعاينة مشاهد القيامة.

الإعراب :

  • ﴿ إِذا:
  • ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط‍.
  • ﴿ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ:
  • الجملة الفعلية: في محل جر بالاضافة. وقعت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب.حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الواقعة: فاعل مرفوع بالضمة. والواقعة القيامة. وجواب «اذا» هو «ليس» الواردة في الآية التالية أو يكون محذوفا بمعنى: اذا وقعت كان كذا وكذا. أي لرأيت أمرا هائلا'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورة بالحديث عن وقوع القيامة، قال تعالى:
﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ

التفسير :

[2]ليس لقيامها أحد يكذِّب به،

{ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} أي:لا شك فيها، لأنها قد تظاهرت عليها الأدلة العقلية والسمعية، ودلت عليها حكمته تعالى.

وقوله- تعالى-: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ مؤكد لما قبله، من أن وقوع يوم القيامة حق لا ريب فيه.

وكاذبة: صفة لموصوف محذوف، وهي اسم فاعل بمعنى المصدر..

أى: عند ما تقع القيامة، لا تكذبها نفس من النفوس التي كانت تجحدها في الدنيا، بل كل نفس حينئذ تكون مصدقة لها.

قال القرطبي: قوله: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ. الكاذبة مصدر بمعنى الكذب، والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر، كقوله- تعالى-: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً أى:

لغو..

أى: ليس لقيام القيامة كذب ولا تخلف، بل هي واقعة يقينا..

أو الكاذبة صفة والموصوف محذوف، أى: ليس لوقعتها حال كاذبة أو نفس كاذبة..

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ.. .

وقوله- سبحانه-: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ

وقوله : ( ليس لوقعتها كاذبة ) أي : ليس لوقوعها إذا أراد الله كونها صارف يصرفها ، ولا دافع يدفعها ، كما قال : ( استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ) [ الشورى : 47 ] ، وقال : ( سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع ) [ المعارج : 1 ، 2 ] ، وقال تعالى : ( ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ) [ الأنعام : 73 ] .

ومعنى ) كاذبة ) - كما قال محمد بن كعب - : لا بد أن تكون . وقال قتادة : ليس فيها مثنوية ولا ارتداد ولا رجعة .

قال ابن جرير : والكاذبة : مصدر كالعاقبة والعافية .

وقوله: ( لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ) يقول تعالى: ليس لوقعة الواقعة تكذيب ولا مردودية ولا مثنوية، والكاذبة في هذا الموضع مصدر، مثل العاقبة والعافية.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ) : أي ليس لها مثنوية، ولا رجعة، ولا ارتداد.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر; عن قتادة، في قوله: ( لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ) قال: مثنوية.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ لا بد أن تكون، والإيمان بها أحد أركان الإيمان، ويوم القيامة لا تكذبها نفس ممن كانت تجحدها في الدنيا، بل كل نفس حينئذ تكون مصدقة لها.
وقفة
[2] ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ من أخبر عن القيامة كان قوله أصدق الأنباء على الإطلاق.
وقفة
[2] ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ لا مجال للتكذيب، فأين أولئك المكذبون؟ ها هي القيامة حقيقة قائمة.
وقفة
[2] ﴿لَيسَ لِوَقعَتِها كاذِبَةٌ﴾ البعض فى الحياة الدنيا ينكر بعض الأمور تعنتًا، ولكن تلك لن يستطيع أحد إنكارها.

الإعراب :

  • ﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِها:
  • فعل ماض ناقص مبني على الفتح وذكر الفعل لأن اسمه «كاذبة» مصدر كالعاقبة بمعنى التكذيب. لوقعة: جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.أي لا تكون حين تقع وتحدث. والجملة جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ كاذِبَةٌ:
  • اسم «ليس» مرفوع بالضمة وهو في الأصل صفة-نعت-لمنعوت مقدر أي نفس كاذبة حلت الصفة محله. أي تكذب على الله وتكذب في تكذيب الغيب. أي لم تكن لها رجعة ولا ارتداد. أي ليس في وقعتها نفس كاذبة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد ذكرِ القيامة؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه إذا قامت القيامة، فلن توجد نفسٌ تكذِّب بها كما كانت تكذِّب في الدنيا، قال تعالى:
﴿ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ

التفسير :

[3]هي خافضة لأعداء الله في النار، رافعة لأوليائه في الجنة.

{ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} أي:خافضة لأناس في أسفل سافلين، رافعة لأناس في أعلى عليين، أو خفضت بصوتها فأسمعت القريب، ورفعت فأسمعت البعيد.

ثم بين- سبحانه- ما يترتب على قيام الساعة من أحوال فقال: خافِضَةٌ رافِعَةٌ أى: هي خافضة للأشقياء إلى أسفل الدركات: وهي رافعة للسعداء إلى أعلى الدرجات.

والخفض والرفع يستعملان عند العرب في المكان والمكانة. وفي العز والإهانة.. ونسب- سبحانه- الخفض والرفع إلى القيامة على سبيل المجاز.

والمقصود بالآية الكريمة ترغيب الصالحين في الازدياد من العمل الصالح، لترفع منزلتهم يوم القيامة، وترهيب الفاسقين من سوء المصير الذي ينتظرهم، إذا ما استمروا في فسقهم وعصيانهم.

ويرى بعضهم أن المراد بالخفض والرفع في هذا اليوم، ما يترتب عليه من تناثر النجوم، ومن تبدل الأرض غير الأرض، ومن صيرورة الجبال كالعهن المنفوش..

وعلى هذا يكون المقصود بالآية: التهويل من شأن يوم القيامة، حتى يستعد الخلق لاستقباله، بالإيمان والعمل الصالح، حتى لا يصيبهم فيه ما يصيب العصاة المفسدين، من خزي وهوان..

والآية الكريمة تسع المعنيين، لأن في هذا اليوم يرتفع الأخيار وينخفض الأشرار، ولأن فيه- أيضا- تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ....

وقوله : ( خافضة رافعة ) أي : تحفض أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم ، وإن كانوا في الدنيا أعزاء . وترفع آخرين إلى أعلى عليين ، إلى النعيم المقيم ، وإن كانوا في الدنيا وضعاء . وهكذا قال الحسن وقتادة ، وغيرهما .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن أبيه ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( خافضة رافعة ) تخفض أناسا وترفع آخرين .

وقال عبيد الله العتكي ، عن عثمان بن سراقة ، ابن خالة عمر بن الخطاب : ( خافضة رافعة ) [ قال ] : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ، ورفعت أولياء الله إلى الجنة .

وقال محمد بن كعب : تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين ، وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين .

وقال السدي : خفضت المتكبرين ، ورفعت المتواضعين .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( خافضة رافعة ) أسمعت القريب والبعيد . وقال عكرمة : خفضت فأسمعت الأدنى ، ورفعت فأسمعت الأقصى . وكذا قال الضحاك ، وقتادة .

وقوله: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) يقول تعالى ذكره: الواقعة حينئذ خافضة، أقواما كانوا في الدنيا، أعزّاء إلى نار الله.

وقوله: ( رَافِعَةٌ ) يقول: رفعت أقواما كانوا في الدنيا وُضعَاء إلى رحمة الله وجنته. وقيل: خفضت فأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى.

* ذكر من قال في ذلك ما قلنا:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، يعني العَتَكِيّ، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) قال: الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) يقول: تخللت كلّ سهل وجبل، حتى أسمعت القريب والبعيد، ثم رفعت أقواما في كرامة الله، وخفضت أقواما في عذاب الله.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) وقال: أسمعت القريب والبعيد، خافضة أقواما إلى عذاب الله، ورافعة أقواما إلى كرامة الله.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قوله: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) قال: خفضت وأسمعت الأدنى، ورفعت فأسمعت الأقصى؛ قال: فكان القريب والبعيد من الله سواء.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) قال: سمَّعت القريب والبعيد.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) خفضت فأسمعت الأدنى ورفعت فأسمعت الأقصى، فكان فيها القريب والبعيد سواء.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ من انخفض يومئذ لن يرتفع أبدًا، ومن ارتفع يومئذ فلن ينخفض أبدًا.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ تخفض أقوامًا إلى النار، وترفع آخرين إلى الجنة.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قالَ: «تَخْفِضُ رِجالًا كانُوا في الدُّنْيا مُرْتَفِعِينَ، وتَرْفَعُ رِجالًا كانُوا في الدُّنْيا مُنْخَفِضِينَ».
عمل
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ لا تثق كثيرًا بتقويمك الشخصي للناس، يوم القيامة سيتفاجأ الخلائق بخطأ تقديراتهم.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ سيُخفض يوم القيامة أقوام، ويرتفع أقوام، وتغيب كل شعارات الدنيا ومناصبها.
عمل
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ تخفِضُ رجالًا كانوا في الدُّنيا مرتفعين، وترفعُ رجالًا كانوا في الدُّنيا مخفوضين؛ فلا يغرُّك رفعُ البشرِ أو خفضِهم.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ لا إله إلا الله، كم من رفيع في الدنيا سيوضع في الآخرة! وكم من وضيع في الدنيا سيرفع في الآخرة!
عمل
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ التفاوت الحقيقي بين الناس يكون يوم القيامة، فالرفيع حقًا من ارتفع ذلك اليوم، والوضيع من انخفض ذلك اليوم؛ فاحرص على ما يرفعك هناك.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ في ذلك اليوم سينخفض أقوام ويرتفع أقوام، ليس بسبب منصب أو جاه، وإنما من خفت موزينة انخفض، ومن ثقلت ارتفع.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ كم من ذليل لا يلتفت إليه سيكون له شأن عظيم ومنزلة رفيعة عند الله! وكذلك العكس.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ كم من محتقر في الدنيا سيكون له شأن رفيع ومنزلة عالية عند الله! ففي الجنات ينال العز الحقيقي.
عمل
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ لا تغتر بارتفاعك هنا وأنت على معصية، ولا تحزن لانخفاضك وأنت على طاعة، فهناك سيكون لكل مقامه.
وقفة
[3] ﴿خافِضَةٌ رافِعَةٌ﴾ يا من كنت عاليًا متعاليًا متكبرًا فى الدنيا: لن تضمن ذلك فى الآخرة.
تفاعل
[3] ﴿خافِضَةٌ رافِعَةٌ﴾ اللهم اجعلنا ممن ترفعهم حينئذ.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ في الآية تعظيم لشأن يوم القيامة، وترغيب وترهيب؛ ليخاف الناس في الدنيا من أسباب الخفض في الآخرة فيطيعوا الله، ويرغبوا في أسباب الرفع فيطيعوه أيضًا.
وقفة
[3] ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ معايير الدنيا الزائفة لا مكان لها في ميزان الحق الرباني؛ فمن تواضع لله رفع يوم القيامة, ومن تعالي كبرًا وبطرًا أذله وخفضه.
وقفة
[3] قال تعالى عن القيامة: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ يعني هي خافضة رافعة، فأهل العلم والإيمان هم الذين لهم الرفعة في الدنيا والآخرة، ومن سواهم فإنهم موضوعون بحسب بعدهم عن العلم والإيمان، وتخفض أهل الجهل والعصيان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه، معظم عند الناس، يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله؟!
وقفة
[3] عظم أهوال يوم القيامة ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾.
وقفة
[3] في قوله تعالى: ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾ تعظيم لشأن يوم القيامة، وترغيب وترهيب؛ ليخاف الناس في الدنيا من أسباب الخفض في الآخرة فيطيعوا الله، ويرغبوا في أسباب الرفع فيطيعوه أيضًا.
عمل
[3] سَل الله علو درجتك في الآخرة ﴿خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ خافِضَةٌ رافِعَةٌ:
  • خبران على التتابع: خبر بعد خبر لمبتدإ محذوف تقديره:هي خافضة رافعة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة. أي ترفع أقواما وتضع آخرين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     وبعد بيان أن القيامة حقٌّ؛ وصفها اللهُ بالآتي: ١- أنها تخفض الكفار الفجار بإدخالهم النَّار، وترفع المؤمنين المتقين بإدخالهم الجنة، قال تعالى:
﴿ خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خافضة رافعة:
1- برفعهما، وهى قراءة الجمهور.
وقرئا:
2- بنصبهما، وهى قراءة زيد بن على، والحسن، وعيسى، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة، وابن مقسم، والزعفراني، واليزيدي.

مدارسة الآية : [4] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا

التفسير :

[4] إذا حُرِّكت الأرض تحريكاً شديداً،

{ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} أي:حركت واضطربت.

والمراد بالرج في قوله- تعالى- بعد ذلك: إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا. وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ... التحريك الشديد، والاضطراب الواضح. يقال: رج فلان الشيء رجا، إذا حركه بعنف وزلزلة بقوة..

وقوله : ( إذا رجت الأرض رجا ) أي : حركت تحريكا فاهتزت واضطربت بطولها وعرضها . ولهذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغير واحد في قوله : ( إذا رجت الأرض رجا ) أي : زلزلت زلزالا [ شديدا ] .

وقال الربيع بن أنس : ترج بما فيها كرج الغربال بما فيه .

وهذه كقوله تعالى : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) [ الزلزلة : 1 ] ، وقال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) [ الحج : 1 ] .

وقوله: ( إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا ) يقول تعالى ذكره: إذا زلزلت الأرض فحرّكت تحريكا من قولهم السهم يرتجّ في الغرض، بمعنى: يهتزّ ويضطرب.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا ) يقول: زلزلها.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قول الله ( إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا ) قال: زلزلت.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا ) يقول: زلزلت زلزلة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( إِذَا رُجَّتِ الأرْضُ رَجًّا ) قال: زلزلت زلزالا.

التدبر :

وقفة
[4، 5] ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا﴾ إذا زُلزلت الأرض واهتزت اهتزازًا شديدًا، وفتتت الجبال تفتيتًا دقيقًا، فكيف حال العبد الضعيف؟!

الإعراب :

  • ﴿ إِذا:
  • بدل من «اذا» الأول. ويجوز أن ينتصب بخافضة رافعة: أي تخفض وترفع وقت رج الأرض ويجوز أن يكون الظرف «اذا» متعلقا بوقعت الواقعة أي اذا حدثت الواقعة في هذا الوقت. فتكون جملة رُجَّتِ الْأَرْضُ» على هذا المعنى جواب «اذا» الأول.
  • ﴿ رُجَّتِ الْأَرْضُ:
  • فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب حركت بالكسرة لالتقاء الساكنين.الأرض: نائب فاعل مرفوع بالضمة. أي اذا حركت الأرض، زلزلت.
  • ﴿ رَجًّا:
  • مفعول مطلق-منصوب وعلامة نصبه الفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ٢- الأرض تتحرك تحريكًا شديدًا، قال تعالى:
﴿ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا

التفسير :

[5] وفُتِّتت الجبال تفتيتاً دقيقاً،

{ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} أي:فتتت.

وقوله وَبُسَّتِ من البس بمعنى التفتيت والتكسير الدقيق، ومنه قولهم: بس فلان السويق، إذا فتته ولته وهيأه للأكل ...

أى: إذا رجت الأرض وزلزلت زلزالا شديدا، وفتت الجبال تفتيتا حتى صارت كالسويق الملتوت..

وقوله : ( وبست الجبال بسا ) أي : فتتت فتا . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، وغيرهم .

وقال ابن زيد : صارت الجبال كما قال [ الله ] تعالى : ( كثيبا مهيلا ) [ المزمل : 14 ] .

وقوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) يقول تعالى ذكره: فتتت الجبال فتا، فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول، كما قال جلّ ثناؤه: وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلا والبسيسة عند العرب: الدقيق والسويق تلتّ وتتخذ زادا.

وذُكر عن لصّ من غطفان أنه أراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق وأكله عجينا، وقال:

لا تَخْــبِزَا خَــبْزًا وبُسَّــا بَسَّــا

مَلْســـا بِــذَوْدِ الحَلَسِــيّ مَلْســا (2)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) يقول: فتتت فتا.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فتتت.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: كما يبس السويق.

حدثني أحمد بن عمرو البصري، قال: ثنا حفص بن عمر العدني، عن الحكم بن أبان، عن عكرِمة ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فُتَّتْ فتا.

حدثني إسماعيل بن موسى ابن بنت السديّ، قال: أخبرنا بشر بن الحكم الأحمسيّ، عن سعيد بن الصلت، عن إسماعيل السديّ وأبي صالح ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فُتِّتت فتا.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: كما يبس السويق.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: صارت كثيبا مهيلا كما قال الله.

حدثنا ابن حُميَد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) قال: فُتتت فتا.

------------------------

الهوامش:

(2) هذا الشاهد من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 174 - ب ) عند قوله تعالى : ( وبست الجبال بسا ) قال : مجازها كمجاز السويق المبسوس، أي المبلول والعجين . قال لص من غطفان وأراد أن يخبز، فخاف أن يعجل عن الخبز قبل الدقيق، فأكله عجينا، فقال: " لا تخبزا خبزا وبسا بسا ". ا هـ . وفي ( اللسان : ملس ) : والملس: السوق الشديد. وفي بس: وقال ثعلب : معنى: وبست الجبال بسا : خلطت بالتراب . وقال بعضهم :فتت، وقال بعضهم: سويت . ا هـ. ولم يورد أبو عبيدة البيت الثاني وأنشد صاحب اللسان البيت الأول، وجاء بعده ببيت آخر، وهو: * ولا تطيــلا بمنــاخ حيســا *

وأنشد في "ملس" البيت الثاني قال: والملس : السوق الشديد . يقال ملست بالإِبل أملس ( من باب قتل ) ملسا: إذا سقتها سوقا في خفية، قال الراجز : * ملســا يـذود الحلسـي ملسـا *

وقال ابن الأعرابي الملس : ضرب من السير الرقيق . والملس : اللين من كل شيء . ا هـ.

وأنشده الفراء في معاني القرآن البيتين كرواية المؤلف. وقال ( الورقة 322 ): " وبست الجبال بسا " : صارت كالدقيق،وذلك قوله " وسيرت الجبال " . وسمعت العرب تنشد : "لا تخبزا خبزا ... البيتين " . والبسيسة عندهم : الدقيق أو السويق، يليت ويتخذ زادا . ا هـ. وفي النوادر لأبي زيد ( بيروت 11 ) :

مَلْســا بِــذَوْدِ الحُمَسِــيَّ مَلْســا

مِــنْ غَنْـوَةٍ حـتى كَـانَّ الشَّمْسـا

*بالأُفُقِ الغَــرْبِيّ تُطْـلَى وَرْسَـا *

قال أبو زيد : الملس : السير الشديد . قال أبو حاتم : وأقول أنا لا عن أبي زيد: الملس السير السريع السهل . وقوله " تطلى ورسا قد اصفرت للغروب " . ا هـ .

التدبر :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الإعراب :

  • ﴿ وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. بمعنى: وفتت الجبال تفتيتا أو وسيقت الجبال مرتفعة في الهواء.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ٣- الجبال تتفتت، قال تعالى:
﴿ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [6] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا

التفسير :

[6]فصارت غباراً متطايراً في الجو قد ذَرَتْه الريح.

{ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} فأصبحت الأرض ليس عليها جبل ولا معلم، قاعا صفصفا، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.

فكانت تلك الجبال كالهباء المنبث أى: المتفرق الذي يلوح من خلال شعاع الشمس إذا ما دخل من نافذة..

إذا ما حدث كل ذلك، وجد كل إنسان جزاءه من خير أو شر، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.

فجواب الشرط ما ذكرته الآيات بعد ذلك من حسن عاقبة أصحاب الميمنة وسوء عاقبة أصحاب المشأمة.

ومن الآيات الكثيرة، التي وردت في معنى هذه الآيات قوله- تعالى-: يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا .

وقوله : ( فكانت هباء منبثا ) ، قال أبو إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، رضي الله عنه : ( هباء منبثا ) كرهج الغبار يسطع ثم يذهب ، فلا يبقى منه شيء .

وقال العوفي عن ابن عباس في قوله : ( فكانت هباء منبثا ) : الهباء الذي يطير من النار ، إذا اضطرمت يطير منه الشرر ، فإذا وقع لم يكن شيئا .

وقال عكرمة : المنبث : الذي ذرته الريح وبثته . وقال قتادة : ( هباء منبثا ) كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح .

وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة ، وذهابها وتسييرها ونسفها - أي قلعها - وصيرورتها كالعهن المنفوش .

وقوله: ( فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ) اختلف أهل التأويل في معنى الهباء، فقال بعضهم: هو شعاع الشمس، الذي يدخل من الكوة كهيئة الغبار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ) يقول: شعاع الشمس.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد ( هَبَاءً مُنْبَثًّا ) قال: شعاع الشمس حين يدخل من الكوّة.

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ) قال: شعاع الشمس يدخل من الكوّة، وليس بشيء.

وقال آخرون: هو رهج الدوابّ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ رضي الله عنه قال: رهج الدوابّ.

وقال آخرون: هو ما تطاير من شرر النار الذي لا عين له.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ) قال: الهباء: الذي يطير من النار إذا اضطرمت، يطير منه الشرر، فإذا وقع لم يكن شيئا.

وقال آخرون: هو يبيس الشجر الذي تذروه الرياح.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ( فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ) كيبيس الشجر، تذروه الرياح يمينا وشمالا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( هَبَاءً مُنْبَثًّا ) يقول: الهباء: ما تذروه الريح من حطام الشجر.

وقد بيَّنا معنى الهباء في غير هذا الموضع بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وأما قوله: ( مُنْبَثًّا ) فإنه يعني متفرّقا.

التدبر :

وقفة
[6] في يوم القيامة هبَاءان: للجبال: ﴿فَكانَت هَباءً مُنبَثًّا﴾، ولأعمال الكفار والمرائين: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا﴾ [الفرقان: 23]، يا للحسرة حينما تتفرق أعمال كنت تظنها حسنات، فإذا هي لا شيء!
اسقاط
[4-6] ﴿إِذا رُجَّتِ الأَرضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا * فَكانَت هَباءً مُنبَثًّا﴾ تقشعر الأبدان لمجرد القراءة من فرط هول الوصف؛ فماذا نحن فاعلون يومئذ؟

الإعراب :

  • ﴿ فَكانَتْ:
  • الفاء عاطفة. كانت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب. بمعنى فصارت واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي.
  • ﴿ هَباءً مُنْبَثًّا:
  • خبر «كان» منصوب بالفتحة. منبثا: صفة-نعت-لهباء منصوبة مثلها بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     وبعد أن تفُتِّتتِ الجبالُ تفتيتًا دقيقًا؛ تصير غبارًا متطايرًا في الجو، قال تعالى:
﴿ فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [7] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً

التفسير :

[7] وكنتم -أيها الخلق- أصنافاً ثلاثة:

{ وَكُنْتُمْ} أيها الخلق{ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} أي:انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة والسيئة.

والخطاب في قوله- تعالى-: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً للناس جميعا، وكان بمعنى صار، والأزواج بمعنى الأصناف والأنواع..

أى: وصرتم- أيها الناس- في هذا اليوم الهائل الشديد، أصنافا ثلاثة، على حسب أحوالكم في الدنيا..

وقوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) أي : ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف : قوم عن يمين العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذ بهم ذات اليمين . قال السدي : وهم جمهور أهل الجنة . وآخرون عن يسار العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ، ويؤتون كتبهم بشمائلهم ، ويؤخذ بهم ذات الشمال ، وهم عامة أهل النار - عياذا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم ، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء ، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين ;

القول في تأويل قوله تعالى : وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً (7)

يقول تعالى ذكره: وكنتم أيها الناس أنواعا ثلاثة وضروبا.

كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: منازل الناس يوم القيامة.

التدبر :

وقفة
[7] ﴿وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً﴾ تفاوت درجات أهل الجنة بتفاوت أعمالهم.

الإعراب :

  • ﴿ وَكُنْتُمْ:
  • الواو عاطفة. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. أي وصرتم.
  • ﴿ أَزْواجاً ثَلاثَةً:
  • خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ثلاثة: صفة -نعت-لأزواجا أي أصنافا منصوبة بالفتحة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ٤- الناس ينقسمون ثلاثة أقسام، قال تعالى:
﴿ وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [8] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ

التفسير :

[8] فأصحاب اليمين أهل المنزلة العالية، ما أعظم مكانتهم!

ثم فصل أحوال الأزواج الثلاثة، فقال:{ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} تعظيم لشأنهم، وتفخيم لأحوالهم.

ثم فصل- سبحانه- الحديث عن الأزواج الثلاثة فقال: فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ.

والمراد بأصحاب الميمنة، أولئك السعداء الذين يؤتون كتبهم يوم القيامة بأيمانهم، أو لأنهم يذهب بهم ذات اليمين إلى الجنة..

أو سموا بذلك، لأنهم ميامين، أى: أصحاب بركة على أنفسهم، لأنهم أطاعوا ربهم وخالفوا أهواءهم.. فكانت عاقبتهم الجنة.

ولهذا قال : ( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ) وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم ، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ) الآية [ فاطر : 32 ] ، وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه .

قال سفيان الثوري ، عن جابر الجعفي ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) قال : هي التي في سورة الملائكة : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ) .

وقال ابن جريج عن ابن عباس : هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة .

وقال يزيد الرقاشي : سألت ابن عباس عن قوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) قال : أصنافا ثلاثة .

وقال مجاهد : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) [ قال ] : يعني : فرقا ثلاثة . وقال ميمون بن مهران : أفواجا ثلاثة . وقال عبيد الله العتكي ، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) اثنان في الجنة ، وواحد في النار .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( وإذا النفوس زوجت ) [ التكوير : 7 ] قال : الضرباء ، كل رجل من قوم كانوا يعملون عمله ، وذلك بأن الله يقول : ( وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ) قال : هم الضرباء .

وقوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ )، وهذا بيان من الله عن الأزواج الثلاثة، يقول، جلّ ثناؤه: وكنتم أزواجًا ثلاثة: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، والسابقون، فجعل الخبر عنهم، مغنيا عن البيان عنهم، على الوجه الذي ذكرنا، لدلالة الكلام على معناه، فقال: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) يعجِّب نبيه محمدا منهم، وقال: (مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ) الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، أيّ شيء أصحاب اليمين.

التدبر :

وقفة
[8] ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ هم أصحاب اليمين الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم، ويؤخذون إلى الجنة، فما أحسن حالهم وصفتهم وأكمل سعادتهم!
وقفة
[8] ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ لتفخيم شأنهم وتعظيم أمرهم.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ:
  • الفاء استئنافية. أصحاب: مبتدأ مرفوع بالضمة.الميمنة: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ» ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أصحاب: خبر «ما» مرفوع بالضمة. الميمنة: أعربت أي جهة اليمن.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [8] لما قبلها :     ولَمَّا قَسَّمَهم إلى ثلاثةِ أقسامٍ؛ ذكرَهم هنا، وهم: القسمُ الأول: أصحابُ اليمينِ، قال تعالى:
﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [9] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ

التفسير :

[9]وأصحاب الشمال أهل المنزلة الدنيئة، ما أسوأ حالهم!

{ وَأَصْحَابُ الْمَشئَمَةِ} أي:الشمال،{ مَا أَصْحَابُ الْمَشئَمَة} تهويل لحالهم.

وسمى الآخرون بأصحاب المشأمة، لأنهم مشائيم، أى: أصحاب شؤم على أنفسهم، لأنهم طغوا وآثروا الحياة الدنيا، فكانت عاقبتهم النار.

أو سموا بذلك، لأنهم يؤتون كتبهم بشمائلهم. أو لأنهم يذهب بهم ذات الشمال إلى النار..

والعرب تسمى الشمال شؤما، كما تسمى اليمين يمنا.

والتعبير بقوله: ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ للتفخيم والإعلاء من شأنهم، كما أن التعبير بقوله- تعالى-: ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ للتحقير والتعجيب من حالهم.

وجملة: ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مكونة من مبتدأ- وهو ما الاستفهامية-، وخبر وهو ما بعدها، وهذه الجملة خبر لقوله فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ. ووضع فيها الاسم الظاهر موضع الضمير للتفخيم، بخلاف وضعه في أصحاب المشأمة، فهو للتشنيع عليهم.

وشبيه بهذا الأسلوب قوله- تعالى-: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ والْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ ولا يؤتى بمثل هذا التركيب إلا في مواضع التفخيم، أو التعجيب..

والمعنى: فأصحاب الميمنة، أى شيء هم في أحوالهم وصفاتهم الكريمة، وأصحاب المشأمة، أى شيء هم في أحوالهم وصفاتهم القبيحة؟.

وقد ترك هذا الاستفهام التعجيبى على إبهامه، لتذهب النفس فيه كل مذهب من الثواب أو العقاب..

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .

وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .

وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .

وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .

ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .

وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .

وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .

وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .

(وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ) يقول تعالى ذكره: وأصحاب الشمال الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، والعرب تسمي اليد اليسرى: الشؤمي؛ ومنه قول أعشى بني ثعلبة:

فـأنْحَى عـلى شُّـؤْمَي يَدَيـه فَذادَهـا

بأظْمــأَ مِـنْ فَـرْع الذُّوَابَـةِ أسْـحَما (3)

------------------------

الهوامش:

(3) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة 295 ) من قصيدة يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي. ورويت في مدح قيس ابن معد يكرب. وأنحى : اعتمد، يقال: أنحى البعير: اعتمد في سيره على أيسره. واليد الشؤمى: اليسرى . وأظمأ: أسمر ذابل.

والفرع: الشعر. والذؤابة: شعر الناصية. وأسحم: أسود. يصف ثورا اجتمعت عليه كلاب الصيد، فذادها عنه بقرنه الذابل المحدد، وهو أشد سوادا من خصلة الشعر. والشاهد في قوله شؤمى يديه أي يسراهما. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن عند قوله تعالى ( وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة ) : أصحاب الميسرة، ويقال لليد اليسرى: الشؤمى؛ ويقال هو الجانب الأيسر. وسميت اليمن لأنها عن يمين الكعبة، والشأم أنها عن شمال الكعبة . ا هـ .

التدبر :

وقفة
[9] ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ هم أصحاب الشمال الذين يتناولون كتبهم بشمائلهم، ويساقون إلى النار، فما أسوأ حالهم وأتعسهم!

الإعراب :

  • ﴿ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. وقوله تعالى: ما أصحاب الميمنة وما أصحاب المشأمة تعجيب. من حال الفريقين في السعادة والشقاوة والمعنى: أي شيء هم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [9] لما قبلها :     القسمُ الثاني: أصحابُ الشمالِ، قال تعالى:
﴿ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [10] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ

التفسير :

[10] والسابقون إلى الخيرات في الدنيا هم السابقون إلى الدرجات في الآخرة،

{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} أي:السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.

وقوله: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ هؤلاء هم الصنف الثالث، وهم الذين سبقوا غيرهم إلى كل قول أو فعل فيه طاعة لله- تعالى- وتقرب إلى جلاله.

والأظهر في إعراب مثل هذا التركيب، أنه مبتدأ وخبر، على عادة العرب في تكريرهم اللفظ، وجعلهم الثاني خبرا عن الأول، ويعنون بذلك أن اللفظ المخبر عنه، معروف خبره، ولا يحتاج إلى تعريفه، كما في قول الشاعر:

أنا أبو النجم، وشعري شعري

يعنى: أن شعري هو الذي أتاك خبره، وانتهى إليك وصفه..

والمعنى: والسابقون هم الذين اشتهرت أحوالهم. وعرفت منزلتهم، وبلغت من الرفعة مبلغا لا يفي به إلا الإخبار عنهم بهذا الوصف.

وحذف- سبحانه- المتعلق في الآية لإفادة العموم، أى: هم السابقون إلى كل فضل ومكرمة وطاعة..

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .

وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .

وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .

وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .

ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .

وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .

وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .

وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .

وقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) وهم الزوج الثالث وهم الذين سبقوا إلى الإيمان بالله ورسوله، وهم المهاجرون الأوّلون.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، يعني العتكي، عن عثمان بن عبد الله بن سُراقة، قوله: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: اثنان في الجنة وواحد في النار، يقول: الحور العين للسابقين، والعُرُب الأتراب لأصحاب اليمين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: منازل الناس يوم القيامة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) . . . إلى ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم سوى بين أصحاب اليمين من الأمم السابقة، وبين أصحاب اليمين من هذه الأمة، وكان السابقون من الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة ".

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) : أي ماذا لهم، وماذا أعد لهم (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ) : أي ماذا لهم وماذا أعد لهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) : أي من كل أمة.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول: وجدت الهوى ثلاثة أثلاث، فالمرء يجعل هواه علمه، فيديل هواه على علمه، ويقهر هواه علمه، حتى إن العلم مع الهوى قبيح ذليل، والعلم ذليل، الهوى غالب قاهر، فالذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه، فهذا من أزواج النار، وإذا كان ممن يريد الله به خيرا استفاق واستنبه، فإذا هو عون للعلم على الهوى حتى يديل الله العلم على الهوى، فإذا حسنت حال المؤمن، واستقامت طريقه كان الهوى ذليلا وكان العلم غالبا قاهرا، فإذا كان ممن يريد الله به خيرا، ختم عمله بإدالة العلم، فتوفاه حين توفاه، وعلمه هو القاهر، وهو العامل به، وهواه الذليل القبيح، ليس له في ذلك نصيب ولا فعل. والثالث: الذي قبح الله هواه بعلمه، فلا يطمع هواه أن يغلب العلم، ولا أن يكون معه نصف ولا نصيب، فهذا الثالث، وهو خيرهم كلهم، وهو الذي قال الله عزّ وجلّ في سورة الواقعة: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: فزوجان في الجنة، وزوج في النار، قال: والسابق الذي يكون العلم غالبا للهوى، والآخر: الذي ختم الله بإدالة العلم على الهوى، فهذان زوجان في الجنة، والآخر: هواه قاهر لعلمه، فهذا زوج النار.

واختلف أهل العربية في الرافع أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، فقال بعض نحويي البصرة: خبر قوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ) قال: ويقول زيد: ما زيد، يريد: زيد شديد. وقال غيره: قوله: (مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) لا تكون الجملة خبره، ولكن الثاني عائد على الأوّل، وهو تعجب، فكأنه قال: أصحاب الميمنة ما هم، والقارعة ما هي، والحاقة ما هي؟ فكان الثاني عائد على الأوّل، وكان تعجبا، والتعجب بمعنى الخبر، ولو كان استفهاما لم يجز أن يكون خبرا للابتداء، لأن الاستفهام لا يكون خبرا، والخبر لا يكون استفهاما، والتعجب يكون خبرا، فكان خبرا للابتداء. وقوله: زيد وما زيد، لا يكون إلا من كلامين، لأنه لا تدخل الواو في خبر الابتداء، كأنه قال: هذا زيد وما هو: أي ما أشدّه وما أعلمه.

واختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فقال بعضهم: هم الذين صلوا للقبلتين.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خارجة، عن قرة، عن ابن سيرين (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) الذين صلوا للقبلتين.

وقال آخرون في ذلك بما حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثنا عثمان بن أبي سودة، قال (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) أوّلهم رواحا إلى المساجد، وأسرعهم خفوقا في سبيل الله.

والرفع في السابقين من وجهين: أحدهما: أن يكون الأوّل مرفوعا بالثاني، ويكون معنى الكلام حينئذ والسابقون الأوّلون، كما يقال: السابق الأوّل، والثاني أن يكون مرفوعا بأولئك المقرّبون يقول جلّ ثناؤه: أولئك الذين يقرّبهم الله منه يوم القيامة إذا أدخلهم الجنة.

وقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) وهم الزوج الثالث وهم الذين سبقوا إلى الإيمان بالله ورسوله، وهم المهاجرون الأولون. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، يعني العتكي، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة، قوله: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: اثنان في الجنة وواحد في النار، يقول: الحور العين للسابقين، والعرب الأتراب لأصحاب اليمين.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: منازل الناس يوم القيامة.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: ( وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) . . . إلى (ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ ) فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " سَوَّى بَين أصَحاب اليمَين مِنَ الأمَمَ السَّابِقَةِ، وَبَيَنَ أصحَابِ اليَمِين مِنْ هَذِهِ الأمَّةِ، وكانَ السَّابِقُونَ مِنَ الأمَمِ أكْثَرَ مِنْ سابِقي هَذِهِ الأمَّةِ".

حدثنا بشر قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) : أي ماذا لهم، وماذا أعدّ لهم (وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ) : أي ماذا لهم وماذا أعدّ لهم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) : أي من كلّ أمة.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول: وجدت الهوى ثلاثة أثلاث، فالمرء يجعل هواه علمه، فيديل هواه على علمه، ويقهر هواه علمه، حتى إن العلم مع الهوى قبيح ذليل، والعلم ذليل، الهوى غالب قاهر، فالذي قد جعل الهوى والعلم في قلبه، فهذا من أزواج النار، وإذا كان ممن يريد الله به خيرا استفاق واستنبه، فإذا هو عون للعلم على الهوى حتى يديل الله العلم على الهوى، فإذا حسُنت حال المؤمن، واستقامت طريقته كان الهوى ذليلا وكان العلم غالبا قاهرا، فإذا كان ممن يريد الله به خيرا، ختم عمله بإدالة العلم، فتوفاه حين توفاه، وعلمه هو القاهر، وهو العامل به، وهواه الذليل القبيح، ليس له في ذلك نصيب ولا فعل. والثالث: الذي قبح الله هواه بعلمه، فلا يطمع هواه أن يغلب العلم، ولا أن يكون معه نصف ولا نصيب، فهذا الثالث، وهو خيرهم كلهم، وهو الذي قال الله عزّ وجلّ في سورة الواقعة (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ) قال: فزوجان في الجنة، وزوج في النار، قال: والسابق الذي يكون العلم غالبا للهوى، والآخر: الذي ختم الله بإدالة العلم على الهوى، فهذان زوجان في الجنة، والآخر: هواه قاهر لعلمه، فهذا زوج النار.

واختلف أهل العربية في الرافع أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، فقال بعض نحويي البصرة: خبر قوله: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ) قال: ويقول زيد: ما زيد، يريد: زيد شديد. وقال غيره: قوله: (مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) لا تكون الجملة خبره، ولكن الثاني عائد على الأول، وهو تعجب، فكأنه قال: أصحاب الميمنة ما هم، والقارعة ما هي؟ والحاقة ما هي؟ فكان الثاني عائد على الأوّل، وكان تعجبا، والتعجب بمعنى الخبر، ولو كان استفهاما لم يجز أن يكون خبرا للابتداء، لأن الاستفهام لا يكون خبرا، والخبر لا يكون استفهاما، والتعجب يكون خبرا، فكان خبرا للابتداء. وقوله: زيد وما زيد، لا يكون إلا من كلامين، لأنه لا تدخل الواو في خبر الابتداء، كأنه قال: هذا زيد وما هو: أي ما أشدّه وما أعلمه.

واختلف أهل التأويل في المعنيين بقوله: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فقال بعضهم: هم الذين صلوا للقبلتين.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن خارجة، عن قرة، عن ابن سيرين (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) الذين صلوا للقبلتين.

وقال آخرون في ذلك بما حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثنا عثمان بن أبي سودة، قال (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) أوّلهم رواحا إلى المساجد، وأسرعهم خفوقا في سبيل الله.

والرفع في السابقين من وجهين: أحدهما: أن يكون الأوّل مرفوعا بالثاني، ويكون معنى الكلام حينئذ والسابقون الأوّلون، كما يقال: السابق الأوّل، والثاني أن يكون مرفوعا بأولئك المقرّبون يقول جلّ ثناؤه: أولئك الذين يقرّبهم الله منه يوم القيامة إذا أدخلهم الجنة.

التدبر :

وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ من سابق في الدنيا وسبق إلى فعل الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة؛ فإن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان.
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ الحياة ميدان سباق إلى الله تعالى، السابق فيها مَن كان أكثر طاعة لله وطلبًا لمرضاته.
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ ﺃﻱ: ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ، ﻫﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺠﻨﺎﺕ.
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ تفاوت الدعاة بحسب سابقتهم الدعويَّة من معايير المفاضلة التي نبَّه إليها الشرع، وحِفْظُ حقِّ السابقة فضيلة.
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ السابقون في الدنيا إلى الصالحات هم السابقون غدًا إلى الجنات.
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّابِقُونَ فِي الدُّنْيَا إلَى الْجُمُعَاتِ هُمْ السَّابِقُونَ فِي يَوْمِ الْمَزِيدِ فِي الْآخِرَةِ.
تفاعل
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ قل: «اللهم اجعلنا من السابقين إلى الخيرات، الآمنين في الغرفات، مع الذين أنعمت عليهم».
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ فضيلة المسابقة لفعل الخير.
وقفة
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ الجزاء من جنس العمل.
عمل
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ كـن اليـومَ أوَّل من يدخـلُ المسجـدَ لإحدى الصلـواتِ الخـمسِ.
عمل
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ كن أول إخوانك تقبيلًا لرأس والديك لهذا اليوم.
عمل
[10] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ لا تؤثر في السباق إلى الله تعالى ورضوانه أحدًا أيًّا كان.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ لما كانت الجنة مراتب ودرجات؛ شرع الله التنافس والسباق بين العباد.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ أكثر الناس فوزًا من قضي حياته بشعور السباق الدائم إلي الله, سعيًا منه في بلوغ أعلي المراتب من مرضاته.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ الدنيا أشبه بمضمار سباق، تكون منازلنا في الآخر بحسب ما انقطع فيه من أشواط، في الطاعات والصالحات.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ تأنس النفوس بالقرب من الأحباب والخلان، وتزداد سعادة بالقرب من الرؤساء والأعيان، فما بالكم بالقرب من الملك الكريم الرحمن!
وقفة
[10، 11] لو كان السباق إلى الله بالأقدام لتصدر خفيف البدن، ولكن السباق إلى الله بالقلوب؛ فهنيئًا لخفي العمل ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾.
اسقاط
[10، 11] ﴿وَالسّابِقونَ السّابِقونَ * أُولئِكَ المُقَرَّبونَ﴾ هل نطمع أن نكون منهم؟
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ هنيئًا لهم تعبوا قليلًا في الدنيا الفانية فربحوا القرب والخلود والنعيم في الدار الباقية.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ تقرَّبوا إلى خالقِهـم؛ فقرّبَهُم.
عمل
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ أسرعكم سبقًا أقربكم قربًا، سابق واقترب، فإن في القرب جنة تسوقك لجنة الآخرة شوقًا إليه.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ ما أعظم أن يقربك الله ويوفقك لتبادر وتسبق!
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
عمل
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ أيُّ المنازل ترجو وتأمل؟ ها هو شهر الرحمة أقبل، فَسارع.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ المقربون من الله هم السابقون إلى مرضاته، المسارعون في طاعته، المستثمرون مواسم خيره وفضله.
وقفة
[10، 11] ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ أعظم نعيم في الجنة: القرب من الله، ربنا لا تحرمنا حلاوة قربك.
وقفة
[10، 11] على قدر همتك في تحصيل الخيرات؛ تكون منزلتك عند الله، تدبر: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَالسّابِقُونَ:
  • الواو: عاطفة. السابقون: مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. أي والسابقون الى الايمان أو والسابقون الى طاعة الله.
  • ﴿ السّابِقُونَ:
  • خبر المبتدأ «السابقون» مرفوعة مثلها أو تكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم السابقون والجملة الاسمية «هم السابقون» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «السابقون» بمعنى هم السابقون الى الجنة أو هم السابقون الى رحمة الله.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [10] لما قبلها :     القسمُ الثالثُ: السابقون، قال تعالى:
﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [11] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ

التفسير :

[11]أولئك هم المقربون عند الله،

[أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ]

وأخرهم- سبحانه- عن أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، لتشويق السامع إلى معرفة أحوالهم، وبيان ما أعد لهم من ثواب عظيم، فصله بعد ذلك في قوله- تعالى-: أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ... أى: والسابقون غيرهم إلى كل فضيلة وطاعة، أولئك هم المقربون عند الله- تعالى- وأولئك هم الذين مقرهم جنات النعيم.

فالجملة الكريمة مستأنفة استئنافا بيانيا، لأنها جواب يثيره في النفوس قوله- تعالى- وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ وأُولئِكَ مبتدأ، وخبره ما بعده. وما فيه من معنى البعد، مع قرب العهد بالمشار إليه، للإشعار يسمو منزلتهم عند الله- تعالى- ولفظ الْمُقَرَّبُونَ مأخوذ من القربة بمعنى الحظوة، وهو أبلغ من القريب، لدلالة صيغته على الاصطفاء والاجتباء..

أى: أولئك هم المقربون من ربهم- عز وجل- قربا لا يعرف أحد مقداره.

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .

وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .

وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .

وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .

ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .

وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .

وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .

وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

لمسة
[11] ﴿أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ ولم يقل: (المتقرّبون)؛ حتى يفهم أن ما هم فيه فضل من الله تعالى، وليس شيئًا حصلوا عليه بأنفسهم.
تفاعل
[11] ﴿أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
لمسة
[11، 12] ﴿أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ المقرَّبون في الآخرة من ملك الملوك، غير المقرَّبين من ملوك الدنيا، فيه إشارة إلى أن قربهم من الله محض لذة وراحة، لا أمر يرد عليهم ولا نهي، بعكس قرب خواص الملك القائمين بأشغاله، فإنهم غارقون في الأعباء وإجابة رغبات ملكهم؛ ولذا قيل: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ بدلًا من (جنات الخلود) ونحوه.

الإعراب :

  • ﴿ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ:
  • اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ.المقربون: تعرب إعراب «السابقون» الثانية في الآية الكريمة السابقة أي أولئك السابقون هم المقربون. والجملة الاسمية أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» في محل نصب حال من «السابقين» أو تكون في محل رفع بدلا من «السابقون» الثانية بتقدير: السابقون هم أولئك المقربون وجملة «هم المقربون» في محل رفع خبر «أولئك».والكاف حرف خطاب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [11] لما قبلها :     وبعد أن قَسَّمَهم إلى ثلاثةِ أقسامٍ؛ تحدث عنهم بالتفصيل، وبدأ بالقِسْمِ الثالثِ (السابقين)، ومدحهم، قال تعالى:
﴿ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [12] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

التفسير :

[12]يُدْخلهم ربهم في جنات النعيم.

أولئك الذين هذا وصفهم، المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها.

وقوله- سبحانه-: فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ بيان لمظهر من مظاهر آثار هذا التقرب.

قال الآلوسى: وقوله: فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ متعلق بقوله الْمُقَرَّبُونَ أو بمضمر هو حال من ضميره، أى كائنين في جنات النعيم.

وعلى الوجهين. فيه إشارة إلى أن قربهم محض لذة وراحة، لا كقرب خواص الملك القائمين بأشغاله عنده، بل كقرب جلسائه وندمائه الذين لا شغل لهم، ولا يرد عليهم أمر أو نهى، ولذا قيل جَنَّاتِ النَّعِيمِ دون جنات الخلود ونحوه.. .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : ( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال : " هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي " .

وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " .

وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد : ( والسابقون السابقون ) : هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي : هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( والسابقون السابقون ) ، قال : يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل " يس " ، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .

وقال ابن أبي حاتم : وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين : ( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .

ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .

وقال الحسن وقتادة : ( والسابقون السابقون ) أي : من كل أمة .

وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال : أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .

وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران : 133 ] ، وقال : ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد : 22 ] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى : ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال : قالت الملائكة : يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال : لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال : لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له : كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .

وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه : " الرد على الجهمية " ، ولفظه : فقال الله عز وجل : " لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " .

وقوله: (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) يقول: في بساتين النعيم الدائم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[12] ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ قل: يا رب ارزقنا الجنة.
وقفة
[8-12] ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ... فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ تأخر السابقون في الذكر عن أصحاب الميمنة وعن أصحاب المشأمة، لكن شرح وفصل حال السابقين قبل أن يفصل حال أصحاب اليمين، وقبل أن يفصل حال أصحاب الشمال، وهذا مما يسميه علماء البلاغة: اللف والنشر، فاللف والنشر فحواه: أن الذي يلف آخرًا عند فرده، ينشر أولًا، كأنك أتيت بشريط تلفه، فالذي لف في آخره، إذا أردت أن تفرده يخرج أولًا، وكمثال حسن له، قوله تعالى في سورة آل عمران: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ﴾ [آل عمران: 106]، فذكر أهل الوجوه السود بعد أهل الوجوه البيض، ثم لما ذكر الجزاء قدم أهل الوجوه السود في الذكر على قاعدة اللف والنشر كما هنا.
عمل
[8-12] لا يوجد خيار رابع تنضم له؛ فاختر صحبتك من الآن ولا تفارقها.
وقفة
[10-12] ﴿والسابقون السابقون* أولئك المقربون* في جنات النعيم﴾ ذكر منزلتهم قبل ذكر منزلهم، فالقرب من الله لا يعدله شيء.
اسقاط
[10-12] قال أحدهم: «عندما أسمع أو أقرأ هاتين الآيتين: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [الأنبياء: 90]، و﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ أتساءل: كم سبقنا إلي الرحمن من سابق، وتعب في مجاهدة نفسه، لكنه الآن صار من المقربين! فأعود إلي نفسي وأحتقرها إذا تذكرت شديد تقصيرها، وأقول: يا تري أين أنا؟!»

الإعراب :

  • ﴿ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ:
  • جار ومجرور متعلق بالمقربين. أو يكون في محل رفع خبرا ثانيا للسابقين الأولى. أي السابقون هم في جنات النعيم: مضاف اليه مجرور بالكسرة'

المتشابهات :

يونس: 9﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ يَهۡدِيهِمۡ رَبُّهُم بِإِيمَٰنِهِمۡۖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
الحج: 56﴿ٱلۡمُلۡكُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
الصافات: 43﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
الواقعة: 12﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [12] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ السَّابِقينَ، وبَيَّنَ أنَّهم المقرَّبونَ؛ بَيَّنَ هنا تَقريبَه لهم بقَولِه تعالى:
﴿ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جنات:
1- جمعا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- جنة، مفردا، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [13] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ

التفسير :

[13] يدخلها جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة، وغيرهم من الأمم الأخرى،

وهؤلاء المذكورون{ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ} أي:جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الأمة وغيرهم.

ثم قال- تعالى-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ والثلة: الجماعة الكثيرة من الناس، وأصلها: القطعة من الشيء.. وهي خبر لمبتدأ محذوف، وللمفسرين في المراد بالثلة من الأولين، وبالقليل من الآخرين، اتجاهان:

أولهما: يرى أصحابه أن المراد بقوله: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ: أولئك السابقون من الأمم الكثيرة السابقة على الأمة الإسلامية، وهم الذين صدقوا أنبياءهم وعزروهم ونصروهم.

يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء السابقين أنهم ) ثلة ) أي : جماعة ( من الأولين وقليل من الآخرين ) . وقد اختلفوا في المراد بقوله : ( الأولين ) ، و ) الآخرين ) . فقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية ، والآخرين : هذه الأمة . هذا رواية عن مجاهد ، والحسن البصري ، رواها عنهما ابن أبي حاتم . وهو اختيار ابن جرير ، واستأنس بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " . ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد .

ومما يستأنس به لهذا القول ، ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو : شطر أهل الجنة - وتقاسمونهم النصف الثاني " .

ورواه الإمام أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن شريك ، عن محمد ، بياع الملاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره . وقد روي من حديث جابر نحو هذا ، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمار : حدثنا عبد ربه بن صالح ، عن عروة بن رويم ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما نزلت : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) ، ذكر فيها ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، ألا وإن من آدم إلي ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " .

هكذا أورده في ترجمة " عروة بن رويم " ، إسنادا ومتنا ، ولكن في إسناده نظر . وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " الحديث بتمامه ، وهو مفرد في " صفة الجنة " ولله الحمد والمنة . وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر ، بل هو قول ضعيف ; لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن ، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها ، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة . والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم ، والله أعلم . فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح ، وهو أن يكون المراد بقوله : ( ثلة من الأولين ) أي : من صدر هذه الأمة ، ( وقليل من الآخرين ) أي : من هذه الأمة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الله بن بكر المزني ، سمعت الحسن : أتى على هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فقال : أما السابقون ، فقد مضوا ، ولكن اللهم اجعلنا من أهل اليمين .

ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا السري بن يحيى قال : قرأ الحسن : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين ) ثلة ممن مضى من هذه الأمة .

وحدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري ، حدثنا أبو هلال ، عن محمد بن سيرين ، أنه قال في هذه الآية : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) قال : كانوا يقولون ، أو يرجون ، أن يكونوا كلهم من هذه الأمة . فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة . ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها ، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها ; ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " الحديث بتمامه .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا زياد أبو عمر ، عن الحسن ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره " ، فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده ، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم ، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها ، والفضل للمتقدم . وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني ، ولكن العمدة الكبرى على الأول ، واحتياج الزرع إليه آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ، ولا تعلق أساسه فيها ; ولهذا قال عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة " . وفي لفظ : " حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم ، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة لشرف دينها وعظم نبيها . ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . وفي لفظ : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي آخر " مع كل واحد سبعون ألفا " .

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هشام بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد - هو ابن إسماعيل بن عياش - حدثني أبي ، حدثني ضمضم - يعني ابن زرعة - عن شريح - هو ابن عبيد - عن أبي مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما والذي نفسي بيده ، ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض ، تقول الملائكة : لما جاء مع محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما جاء مع الأنبياء ، عليهم السلام " .

وحسن أن يذكر هاهنا [ عند قوله : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ] الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " حيث قال : أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، حدثنا جعفر - [ هو ] ابن محمد بن المستفاض الفريابي - حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني ، حدثنا سليمان بن عطاء القرشي الحراني ، عن مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي ، عن ابن زمل الجهني - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح قال ، وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده . أستغفر الله ، إن الله كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : " سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة " . ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " قال ابن زمل : فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : " خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين . اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا يقطر ماؤه ، فيه من أنواع الكلأ قال : وكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا . قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين . ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث . ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا : ( هذا خير المنزل ) . كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا فلما رأيت ذلك ، لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة باذ كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم إكراما له . وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها . قال : فامتقع لون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سري عنه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب ، فذاك ما حملتم عليه من الهدى وأنتم عليه . وأما المرج الذي رأيت ، فالدنيا مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ، ولم تتعلق منا ، ولم نردها ولم تردنا . ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا على ذلك . ثم جاء عظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما أنت ، فمضيت على طريقة صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، أنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل ، فذلك موسى عليه السلام ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري الباز الربعة الكثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، فذلك عيسى ابن مريم ، نكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم ، كلنا نؤمه ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل ، فيحدثه بها متبرعا .

القول في تأويل قوله تعالى : ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ (13)

يقول تعالى ذكره: جماعة من الأمم الماضية.

التدبر :

وقفة
[13، 14] ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾ عجبًا لمن يتخذ سلف الأمة غرضًا وقد زكاهم ربهم من فوق سبع سماوات! وحسب أحدنا أن يتأسى بسيرهم، ويمضي على سنن صلاحهم وبرهم.
وقفة
[13، 14] ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾ الإحصاء يشهد لمذهب السلف.
وقفة
[13، 14] ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلينَ * وَقَليلٌ مِنَ الآخِرينَ﴾ الثلة أكثر عددًا.
وقفة
[13، 14] ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ﴾ أي: جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الأمة وغيرهم ﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾: وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها؛ لكون المقربين من الأولين أكثر من المتأخرين، والمقربون هم خواص الخلق.
وقفة
[13، 14] ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ﴾ أي من صدر هذه الأمة من صحابة رسول الله ﷺ، ﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾ قال القاسمي: «أي الذين جاءوا من بعدهم في الأزمنة التي حدثت فيها الغِيَر، وتبرَّجت الدنيا لخطابها، ونسي معها سر البعثة، وحكمة الدعوة؛ فما أقلَّ الماشين على قدم النبي ﷺ وأصحابه! لا جرم أنهم وقتئذٍ الغرباء، لقلتهم».

الإعراب :

  • ﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ:
  • خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم ثلة مرفوع بالضمة. من الأولين: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لثلة. والجملة الاسمية «هم ثلة من الأولين» في محل رفع خبر آخر للسابقين. بمعنى إن السابقين من الأولين هم أمة من الناس الكثيرة وهم الأمم من لدن آدم عليه السّلام الى الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وسلّم) وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

الواقعة: 13﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ
الواقعة: 39﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [13] لما قبلها :     ولَمَّا مدح السَّابِقينَ؛ فَصَّلَهم هنا بأنهم: ١- جماعة كثيرة من صدر هذه الأمة، وغيرهم من الأمم الأخرى، قال تعالى:
﴿ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [14] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ

التفسير :

[14]وقليل من آخر هذه الأمة

وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها، لكون المقربين من الأولين أكثر من المتأخرين.

والمقربون هم خواص الخلق،

والمراد بقوله: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ المؤمنون من هذه الأمة الإسلامية.

وعلى هذا المعنى سار صاحب الكشاف. فقد قال: الثلاثة، الأمة الكثيرة من الناس، قال الشاعر:

وجاءت إليهم ثلة خندقية ... بجيش كتيار من السيل مزبد

وقوله- عز وجل-: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ كفى به دليلا على الكثرة- أى في لفظ ثُلَّةٌ- وهو من الثل وهو الكسر-.. كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم.

والمعنى: أن السابقين من الأولين كثير، وهم الأمم من لدن آدم- عليه السلام- إلى محمد صلى الله عليه وسلم.. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

وأما الاتجاه الثاني فيرى أصحابه، أن الخطاب في قوله- تعالى-: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً للأمة الإسلامية خاصة، وأن المراد بقوله ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ صدر هذه الأمة الاسلامية.

وأن المراد بقوله- تعالى-: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ من أتى بعد صدر هذه الأمة إلى يوم القيامة.

وقد أفاض الإمام ابن كثير في ترجيح هذا القول، فقال ما ملخصه: وقد اختلفوا في المراد بقوله: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ فقيل: المراد بالأولين الأمم الماضية، وبالآخرين من هذه الأمة.. وهو اختيار ابن جرير.

وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر، بل هو قول ضعيف، لأن هذه الأمة، هي خير الأمم بنص القرآن، فيبعد أن يكون المقربون أكثر منها، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة ...

فالقول الراجح أن يكون المراد بقوله- تعالى- ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ أى: من صدر هذه الأمة.

والمراد بقوله: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ أى: من هذه الأمة..

وروى عن الحسن أنه قال: أما السابقون فقد مضوا، ولكن اللهم اجعلنا من أصحاب اليمين.

وقد رجح بعض العلماء القول الأول فقال ما ملخصه: وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذه الثلة من الأولين، وهذا القليل من الآخرين المذكورين هنا.

كما اختلفوا في الثلتين المذكورتين في قوله- تعالى- بعد ذلك: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.

وظاهر القرآن يفيد في هذا المقام: أن الأولين في الموضعين من الأمم الماضية.

والآخرين فيهما من هذه الأمة.

وأن قوله- تعالى-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ في السابقين خاصة.

وأن قوله- تعالى-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ في أصحاب اليمين خاصة.

وذلك لشمول الآيات لجميع الأمم، إذ قوله- تعالى-: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً خطاب لجميع أهل المحشر، فظهر أن السابقين وأصحاب اليمين. منهم من هو من الأمم السابقة، ومنهم من هو من هذه الأمة..

ولا غرابة في أن يكون السابقون من الأمم السابقة أكثر.. لأن الأمم الماضية أمم كثيرة..

وفيهم أنبياء كثيرون.

وأما أصحاب اليمين من هذه الأمة، فيحتمل أن يكونوا أكثر من أصحاب اليمين من جمع الأمم، لأن الثلة تتناول العدد الكثير وقد يكون أحد العددين.. الكثيرين، أكثر من الآخر، مع أنهما كلاهما كثير.

ولهذا تعلم أن ما دل عليه ظاهر القرآن واختاره ابن جرير. لا ينافي ما جاء من أن نصف أهل الجنة من هذه الأمة..

يقول تعالى مخبرا عن هؤلاء السابقين أنهم ) ثلة ) أي : جماعة ( من الأولين وقليل من الآخرين ) . وقد اختلفوا في المراد بقوله : ( الأولين ) ، و ) الآخرين ) . فقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية ، والآخرين : هذه الأمة . هذا رواية عن مجاهد ، والحسن البصري ، رواها عنهما ابن أبي حاتم . وهو اختيار ابن جرير ، واستأنس بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " . ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد .

ومما يستأنس به لهذا القول ، ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) شق ذلك على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو : شطر أهل الجنة - وتقاسمونهم النصف الثاني " .

ورواه الإمام أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن شريك ، عن محمد ، بياع الملاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره . وقد روي من حديث جابر نحو هذا ، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمار : حدثنا عبد ربه بن صالح ، عن عروة بن رويم ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما نزلت : ( فيومئذ وقعت الواقعة ) ، ذكر فيها ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) ، ألا وإن من آدم إلي ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " .

هكذا أورده في ترجمة " عروة بن رويم " ، إسنادا ومتنا ، ولكن في إسناده نظر . وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " الحديث بتمامه ، وهو مفرد في " صفة الجنة " ولله الحمد والمنة . وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا فيه نظر ، بل هو قول ضعيف ; لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن ، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها ، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة . والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم ، والله أعلم . فالقول الثاني في هذا المقام هو الراجح ، وهو أن يكون المراد بقوله : ( ثلة من الأولين ) أي : من صدر هذه الأمة ، ( وقليل من الآخرين ) أي : من هذه الأمة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الله بن بكر المزني ، سمعت الحسن : أتى على هذه الآية : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فقال : أما السابقون ، فقد مضوا ، ولكن اللهم اجعلنا من أهل اليمين .

ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا السري بن يحيى قال : قرأ الحسن : ( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين ) ثلة ممن مضى من هذه الأمة .

وحدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المنقري ، حدثنا أبو هلال ، عن محمد بن سيرين ، أنه قال في هذه الآية : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) قال : كانوا يقولون ، أو يرجون ، أن يكونوا كلهم من هذه الأمة . فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة . ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها ، فيحتمل أن يعم الأمر جميع الأمم كل أمة بحسبها ; ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها من غير وجه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " الحديث بتمامه .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا زياد أبو عمر ، عن الحسن ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره " ، فهذا الحديث بعد الحكم بصحة إسناده ، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم ، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها ، والفضل للمتقدم . وكذلك الزرع الذي يحتاج إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني ، ولكن العمدة الكبرى على الأول ، واحتياج الزرع إليه آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ، ولا تعلق أساسه فيها ; ولهذا قال عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم إلى قيام الساعة " . وفي لفظ : " حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم ، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة لشرف دينها وعظم نبيها . ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . وفي لفظ : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي آخر " مع كل واحد سبعون ألفا " .

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هشام بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد - هو ابن إسماعيل بن عياش - حدثني أبي ، حدثني ضمضم - يعني ابن زرعة - عن شريح - هو ابن عبيد - عن أبي مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما والذي نفسي بيده ، ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض ، تقول الملائكة : لما جاء مع محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر مما جاء مع الأنبياء ، عليهم السلام " .

وحسن أن يذكر هاهنا [ عند قوله : ( ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ) ] الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " حيث قال : أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، حدثنا جعفر - [ هو ] ابن محمد بن المستفاض الفريابي - حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني ، حدثنا سليمان بن عطاء القرشي الحراني ، عن مسلمة بن عبد الله الجهني ، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي ، عن ابن زمل الجهني - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح قال ، وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده . أستغفر الله ، إن الله كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : " سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة " . ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " قال ابن زمل : فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : " خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين . اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لاحب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا يقطر ماؤه ، فيه من أنواع الكلأ قال : وكأني بالرعلة الأولى حين أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا . قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين . ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث . ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا : ( هذا خير المنزل ) . كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا فلما رأيت ذلك ، لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة باذ كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم إكراما له . وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها . قال : فامتقع لون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ثم سري عنه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب ، فذاك ما حملتم عليه من الهدى وأنتم عليه . وأما المرج الذي رأيت ، فالدنيا مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ، ولم تتعلق منا ، ولم نردها ولم تردنا . ثم جاءت الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا على ذلك . ثم جاء عظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما أنت ، فمضيت على طريقة صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، أنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل ، فذلك موسى عليه السلام ، إذا تكلم يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري الباز الربعة الكثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، فذلك عيسى ابن مريم ، نكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم ، كلنا نؤمه ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل ، فيحدثه بها متبرعا .

وقليل من أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وهم الآخرون وقيل لهم الآخرون: لأنهم آخر الأمم.

التدبر :

تفاعل
[14] ﴿وَقَليلٌ مِنَ الآخِرينَ﴾ اللهم اجعلنا من عبادك القليل.

الإعراب :

  • ﴿ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ
  • معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. أي من الأمم الحديثة وهي أمة محمد (صلّى الله عليه وسلّم).'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     ٢- وقليل من آخر هذه الأمة، قال تعالى:
﴿ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ

التفسير :

[15] على سرر منسوجة بالذهب،

{ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} أي:مرمولة بالذهب والفضة، واللؤلؤ، والجوهر، وغير ذلك من [الحلي] الزينة، التي لا يعلمها إلا الله تعالى.

ثم بين - سبحانه - ما أعده هؤلاء السابقين بالخيرات من عطاء كريم ، فقال : ( على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ) .

والسرر : جمع سرير ، وهو ما يستعمله الإنسان لنومه أو الاتكاء عليه فى جلسته .

والموضونة : أى المنسوجة بالذهب نسجا محكما ، لراحة الجالس عليها ولتكريمه ، يقال : وضن فان الغزل يضنه ، إذا نسجه نسجا متقنا جميلا .

أى : مستقرين على سرر قد نسجت أطرافها بالذهب وبما يشبهه ، نسجا بديعا يشرح الصدر . فقوله : ( على سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ ) حال من المقربين .

وقوله : ( على سرر موضونة ) قال ابن عباس : أي مرمولة بالذهب ، يعني : منسوجة به . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وزيد بن أسلم ، وقتادة ، والضحاك ، وغيره .

وقال السدي : مرمولة بالذهب واللؤلؤ . وقال عكرمة : مشبكة بالدر والياقوت . وقال ابن جرير : ومنه سمي وضين الناقة الذي تحت بطنها ، وهو فعيل بمعنى مفعول ; لأنه مضفور ، وكذلك السرر في الجنة مضفورة بالذهب واللآلئ .

( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) يقول: فوق سُرر منسوجة، قد أدخل بعضها في بعض، كما يوضن حلق الدرع بعضها فوق بعض مضاعفة؛ ومنه قول الأعشى:

وَمِـــنْ نَسْــج دَاوُدَ مَوْضُونَــةً

تُســاقُ مَــعَ الحَـيّ عِـيرًا فعِـيْرًا (4)

ومنه وضين الناقة، وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا كالحلق حلق الدرع: وقيل: وضين، وإنما هو موضون، صرف من مفعول إلى فعيل، كما قيل: قتيل لمقتول: وحُكي سماعا من بعض العرب أزيار الآجرّ موضون بعضها على بعض، يراد مشرج صفيف.

وقيل: إنما قيل لها سُرر موضونة، لأنها مشبكة بالذهب والجوهر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) قال: مرمولة بالذهب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الحصين، عن مجاهد ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) قال: مرمولة بالذهب.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) قال: يعني الأسرة المرملة.

حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن مجاهد، قال: الموضونة: المرملة بالذهب.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين بن واقد، عن يزيد، عن عكرِمة قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) قال: مشبكة بالدّر والياقوت.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( مَوْضُونَةٍ ) قال: مرمولة بالذهب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) والموضونة: المرمولة، وهى أوثر السرر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان، قال: ثنا أبو هلال، في قوله: ( مَوْضُونَةٍ ) قال مرمولة.

حدثنا ابن عيد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، في قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) قال: مرملة مشبكة.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) الوضن: التشبيك والنسج، يقول: وسطها مشبك منسوج.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) الموضونة: المرمولة بالجلد ذاك الوضين منسوجة.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنها مصفوفة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) يقول: مصفوفة.

------------------------

الهوامش:

(4) وهذا البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة 99 ) من قصيدة يمدح بها هوذة بن على الحفني . وقبل البيت :

وأعْـــدَدْتَ للْحَــرْبِ أوْزَارَهــا

رِماحَــا طِــوَالا وَخَــيْلا ذُكُـورَا

وأوزار الحرب: عدتها، ودرع موضونة منسوج بعضها على بعض، وتساق مع الحي: تحمل . يقول: أعددت للحرب عدتها، من الرماح الطوال، والخيل الجياد والدروع الكثيفة التي نسجت نسجا مضاعفا، تحمل فوق الجمال، عيرا من ورائها عير . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 174 - ب ) عند قوله تعالى "على سرر موضونة" : بعضها على بعض، مداخلة كما توضن حلق الدرع بعضها في بعض مضاعفة. وقال الأعشى: " ومن نسج داود ... البيت ". والوضين: البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا، كالحلق حلق الدروع، فهو وضين، وضع في موضع موضون، كما يقولون قتيل في موضع مقتول قال:

*إليك تعــدو قلقــا وضينهــا *

التدبر :

وقفة
[15] ﴿عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ﴾ مجالسهم في الجنة على سُرُر جمع سرير، لكنها ليست أي سُرُر، بل سرر منسوجة بالذهب، ومشبكة باللؤلؤ والياقوت.
وقفة
[15] ﴿عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ﴾ سبقوا بالطاعات في الدنيا فأكرمهم الله بما لا مزيد عليه في الآخرة، حتى سررهم نسجت بخيوط الذهب، فيا له من تكريم!
وقفة
[15] ﴿عَلى سُرُرٍ مَوضونَةٍ﴾ إذا كانت الأسرة من الذهب، فكيف بملابس النساء!
وقفة
[15، 16] ﴿على سرر موضونة * متكئين عليها متقابلين﴾ تسابقوا هنا فطابت لهم الراحة والاتكاء هناك، اللهم اجعلنا منهم.

الإعراب :

  • ﴿ عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ
  • عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ: جار ومجرور متعلق بمضمر يفسره ما بعده أي جلسوا على أسرة وهي جمع «سرير» موضونة: صفة-نعت-لسرر مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة بمعنى: على أسرة منسوجة بالجواهر.'

المتشابهات :

الحجر: 47﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
الصافات: 44﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
الطور: 20﴿مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَة
الواقعة: 15﴿ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     وبعد أن فَصَّلَهم؛ بَيَّنَ ما أعده لهم من عطاء كريم، قال تعالى:
﴿ عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سرر:
1- بضم الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتحها، وهى لغة لبعض بنى تميم وكلب، وهى قراءة زيد بن على، وأبى السمال.

مدارسة الآية : [16] :الواقعة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ

التفسير :

[16]متكئين عليها يقابل بعضهم بعضاً.

{ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا} أي:على تلك السرر، جلوس تمكن وطمأنينة وراحة واستقرار.{ مُتَقَابِلِينَ} وجه كل منهم إلى وجه صاحبه، من صفاء قلوبهم، وحسن أدبهم، وتقابل قلوبهم.

ومثله قوله : ( مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ) أى : مضطجعين عليها اضطجاع الذى امتلأ قلبه بالراحة ، وفراغ البال من كل ما يشغله ، وقد قابل وجه كل واحد منهم وجه الآخر ، ليتم سرورهم ونعيمهم ، إذ تقابل وجوه الأحباب يزيد الأنس والبهجة .

وقال : ( متكئين عليها متقابلين ) أي : وجوه بعضهم إلى بعض ، ليس أحد وراء أحد .

وقوله: ( مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ) يقول تعالى ذكره متكئين على السُّرر الموضونة، متقابلين بوجوههم، لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض.

كما حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ قال: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه، وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله ( مُتَّكِئِينَ عَلَيْها ناعِمِينَ ).

حدثنا محمد بن المثنى ، قال: ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق، في قراءة عبد الله، يعني ابن مسعود ( مُتَّكِئِينَ عَلَيْها ناعِمِينَ ).

وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع، وذكرنا ما فيه من الرواية.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[16] ﴿مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ اقتضى تمام الأنس بين المتحابين في الله، أن يجلسوا في الجنة متقابلين يعاين كل منهم وجه أخيه ويسعد بالإقبال عليه.
وقفة
[16] ﴿مُتَّكِئينَ عَلَيها مُتَقابِلينَ﴾ الاتكاء يعنى الراحة والاسترخاء والسعادة والمتعة.
وقفة
[16] ﴿مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ وجه كل منهم إلى وجه صاحبه؛ من صفاء قلوبهم، وحسن أدبهم، وتقابل قلوبهم.
وقفة
[16] ﴿مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ يتكرر لفظ الاتكاء مع ذكر نعيم الجنة، إشارة إلى تعب أهلها في الدنيا وتكبدهم المشاق، فاليوم يستريحون راحة الأبد، وينعمون بالسعادة في دار الخلود.
وقفة
[16] ﴿مُتَقَابِلِينَ﴾ من ألوان النعيم: لقاء المحبين، وتبادل الحديث مع الأصحاب، والنظر في وجوه الفائزين المسرورين، وهذا من مُتع الجنة البصرية.
وقفة
[15، 16] ﴿عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ * مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ ولما كان الجمع إذا كثر كان ظهور بعض أهله إلى بعض، أعلم أن جموع أهل الجنة على غير ذلك فقال: (مُتَقَابِلِينَ)؛ فلا بعد ولا مدابرة؛ لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض, ولا يكره بعضهم بعضًا.

الإعراب :

  • ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ
  • مُتَّكِئِينَ: حال من الضمير في على سرر وهو العامل فيها: أي استقروا عليها متكئين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين الاسم المفرد.
  • ﴿ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بمتكئين. متقابلين: حال ثانية تعرب إعراب «متكئين».'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَر السُّرَرَ وبَيَّنَ عَظَمتَها؛ ذَكَر غايتَها، قال تعالى:
﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف