479212223242526272829

الإحصائيات

سورة فصلت
ترتيب المصحف41ترتيب النزول61
التصنيفمكيّةعدد الصفحات6.00
عدد الآيات54عدد الأجزاء0.33
عدد الأحزاب0.65عدد الأرباع2.60
ترتيب الطول36تبدأ في الجزء24
تنتهي في الجزء25عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 22/29الحواميم: 2/7

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (21) الى الآية رقم (24) عدد الآيات (4)

لومُ وتعجَّبُ الكفارِ من شهادةِ أعضائِهم عليهم، وبيانُ أنَّهم كانُوا يجاهرُونَ بالمعاصي لظنِهم أنَّ اللهَ لا يعلمُ ذلك، ثُمَّ التَّحذيرُ من سوءِ الظنِّ باللهِ، وبيانُ مصيرِهم الأليمِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (25) الى الآية رقم (29) عدد الآيات (5)

= ثُمَّ بَيَّنَ اللهُ هنا جانبًا من الأسبابِ التى أوقعَتهم فى هذا المصيرِ الأليمِ: قُرنَاءَ السُّوءِ من شياطينِ الإنسِ والجنِّ، ثُمَّ طلبُ الكفارِ الانتقامَ ممن أضلُّوهم من الجنِّ والإنسِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فصلت

حسن الاستقبال لأوامر الله/ التفصيل في بيان عظمة الله مُنزل الآيات القرآنية وخالق الآيات الكونية

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • بداية ونهاية السورة::   فرسالة السورة: أنتم يا أمة محمد ﷺ مسؤولون عن حمل أمانة القرآن الكريم للعالمين، فعليكم واجب توضيح الرسالة وتفصيلها وتيسيرها للناس، وخذوا العبرة من تاريخ بني إسرائيل.
  • • حسن استقبال الوحي وسوء الاستقبال::   • تبدأ السورة بتنزيل الكتاب، وأنَّه فُصِّلَ من الله للعباد: ﴿حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (1-3). • وأن آيات الله المنزلة في القرآن شاهدة بصدقه، شأنها شأن الآيات الكونية المبثوثة في السماء والأرض: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي ... وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ ... وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ... وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ...﴾ (9-12). • والآيات التاريخية الشاهدة على مصارع المكذبين وعرض لمصيرهم المخزي في الآخرة: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ...﴾ (13-24). • ثم ذم الذين يصدون الناس عن سماع القرآن: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ...﴾ (26). • ثم تنزيه القرآن عن الطعن فيه: ﴿... وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (41-42). • وختمت بذكر من أعرض عن الكتاب المفصَّل: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ (52).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «فُصلت».
  • • معنى الاسم ::   فُصلت: بمعنى بينّت، وآيات مفصلات: أي مبينات.
  • • سبب التسمية ::   لوقوع كلمة (فصلت) في أول السورة الآية (3)‏‏.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة السجدة»، و«سورة حم السجدة»؛ لأنها تميزت عن الحواميم الأخرى بأن فيها سجدة في الآية (37)، و«سجدة المؤمن»؛ لأنها السجدة التي جاءت بعد سورة المؤمن (غافر)، وسورة «المصابيح»، وسورة «الأقوات».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   حسن الاستقبال لأوامر الله.
  • • علمتني السورة ::   أهمية تعلّم اللغة العربية لكل مسلم يريد أن يفهم كلام الله: ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾
  • • علمتني السورة ::   التفكر في عظمة الله؛ فقد خلق الأرض في يومين: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾
  • • علمتني السورة ::   : قابل السيئة بالحسنة، وأحسن إلى من أساء إليك: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ...﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ تَلْقَوْنَ عَدُوَّكُمْ غَدًا، فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حَم لاَ يُنْصَرُونَ». قال القاضي عياض: «أي علامتُكُمُ التي تَعْرِفُونَ بها أصحابَكم هذا الكلامُ، والشِّعارُ في الأصلِ العلامةُ التي تُنْصَبُ لِيَعْرِفَ بها الرَّجُلُ رُفْقَتَهُ، و(حم لا ينصرون) معناهُ بفضلِ السُّورِ المفتتحةِ بِحم ومنزلَتِها من اللهِ لا يُنْصَرون»، و(سورة فصلت) من السور المفتتحة بـ (حم).
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة فصلت من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
    • عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: «الْحَوَامِيمَ دِيبَاجُ الْقُرْآنِ». وديباج القرآن: أي زينته، و(سورة فصلت) من الحواميم.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة فصلت هي السورة الثانية من الحواميم أو آل (حم)، وهي سبع سور متتالية، وهي: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وأطلق عليها بعض العلماء: عرائس القرآن، وكلها مكية.
    • احتوت السورة على السجدة الـ 12من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف- في الآية (38).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحمل أمانة القرآن الكريم للعالمين، فنقوم بتوضيح الرسالة وتفصيلها وتيسيرها للناس.
    • احذر الإعراض والتولي عن طاعة الله؛ فذلك سبب نزول العذاب: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ (13).
    • أن نستعذ باللهِ من الغرورِ والكِبرِ: ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا﴾ (15).
    • أن نراقب الله تعالى في السر والعلن: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ (19).
    • أن نحسِن الظنَّ باللهِ مخالفةً لظنِّ المشركين به: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ﴾ (23).
    • أن نحدد من يزين لنا فعل السوء، ونحذر من مجالسته: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ (25).
    • أن نجمع بين حسن القول وصالح العمل: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ (33).
    • أن نحذر أن يزين لنا الشيطان أعمالنا: ﴿وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ (37).
    • أن نسجد للتلاوة عند قراءة هذه الآية: ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ (38).
    • أن نعطي القرآن أعز أوقاتنا؛ لأنه عزيز يُعرض عمن أعرض عنه، ولا يُقبل إلا على من أقبل عليه: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾ (41).

تمرين حفظ الصفحة : 479

479

مدارسة الآية : [21] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ..

التفسير :

[21] وقال هؤلاء الذين يُحْشرون إلى النار من أعداء الله لجلودهم معاتبين:لِمَ شهدتم علينا؟ فأجابتهم جلودهم:أنطقَنا الله الذي أنطق كل شيء، وهو الذي خلقكم أول مرة ولم تكونوا شيئاً، وإليه مصيركم بعد الموت للحساب والجزاء.

فإذا شهدت عليهم عاتبوها،{ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ} هذا دليل عل أن الشهادة تقع من كل عضو كما ذكرنا:{ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا} ونحن ندافع عنكن؟{ قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} فليس في إمكاننا، الامتناع عن الشهادة حين أنطقنا الذي لا يستعصي عن مشيئته أحد.

{ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} فكما خلقكم بذواتكم، وأجسامكم، خلق أيضا صفاتكم، ومن ذلك، الإنطاق.{ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} في الآخرة، فيجزيكم بما عملتم، ويحتمل أن المراد بذلك، الاستدلال على البعث بالخلق الأول، كما هو طريقة القرآن.

ثم حكى- سبحانه- ما يقوله هؤلاء الكافرون لجوارحهم على سبيل التوبيخ والتعجيب فقال: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا ...

أى: وقال هؤلاء الكافرون لجلودهم التي تشمل جميع جوارحهم بتعجب وذهول: لماذا شهدتم علينا مع أننا ما دافعنا إلا عنكم. لكي ننقذكم من النار؟.

وهنا ترد عليهم جوارحهم بقولها- كما حكى سبحانه عنها- قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ...

أى: قالوا في الرد عليهم: أنطقنا الله- تعالى- الذي أنطق كل شيء بقدرته التي لا يعجزها شيء وَهُوَ- سبحانه- الذي خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ولم تكونوا شيئا مذكورا.

وَإِلَيْهِ وحده تُرْجَعُونَ فيحاسبكم على أعمالكم، ويحكم فيكم بحكمه العادل.

وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية عددا من الأحاديث، منها ما جاء عن أنس ابن مالك- رضى الله عنه- قال: ضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسم فقال: «ألا تسألون عن أى شيء ضحكت» ؟ قالوا: يا رسول الله، من أى شيء ضحكت؟ قال:

«عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول: أى ربي، أليس قد وعدتني أن لا تظلمني؟

قال: بلى. فيقول: فإنى لا أقبل على شاهدا إلا من نفسي. فيقول الله- تعالى-: أو ليس كفى بي شهيدا. وبالملائكة الكرام الكاتبين؟ قال: فيردد هذا الكلام مرارا قال: فيختم على فيه، وتتكلم أركانه بما كان يعمل. فيقول: بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أجادل» .

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ، وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ، بِما كانُوا يَكْسِبُونَ .

( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا ) أي : لاموا أعضاءهم وجلودهم حين شهدوا عليهم ، فعند ذلك أجابتهم الأعضاء : ( قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة ) أي : فهو لا يخالف ولا يمانع ، وإليه ترجعون .

قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا شريك ، عن عبيد المكتب ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وتبسم ، فقال : " ألا تسألوني عن أي شيء ضحكت ؟ " قالوا : يا رسول الله من أي شيء ضحكت ؟ قال : " عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول : أي ربي ، أليس وعدتني ألا تظلمني ؟ قال : بلى فيقول : فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي . فيقول الله تبارك وتعالى : أو ليس كفى بي شهيدا ، وبالملائكة الكرام الكاتبين ؟ ! قال : فيردد هذا الكلام مرارا " . قال : " فيختم على فيه ، وتتكلم أركانه بما كان يعمل ، فيقول : بعدا لكن وسحقا ، عنكن كنت أجادل " .

ثم رواه هو وابن أبي حاتم ، من حديث أبي عامر الأسدي ، عن الثوري ، عن عبيد المكتب ، عن فضيل بن عمرو ، عن الشعبي ثم قال : " لا نعلم رواه عن أنس غير الشعبي " . وقد أخرجه مسلم والنسائي جميعا عن أبي بكر بن أبي النضر ، عن أبي النضر ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي ، عن الثوري به . ثم قال النسائي : " لا أعلم أحدا رواه عن الثوري غير الأشجعي " . وليس كما قال كما رأيت ، والله أعلم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا إسماعيل ابن علية ، عن يونس بن عبيد ، عن حميد بن هلال قال : قال أبو بردة : قال أبو موسى : ويدعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض عليه ربه - عز وجل - عمله ، فيجحد ويقول : أي رب ، وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل ! فيقول له الملك : أما عملت كذا ، في يوم كذا ، في مكان كذا ؟ فيقول : لا وعزتك ، أي رب ما عملته . [ قال ] فإذا فعل ذلك ختم على فيه - قال الأشعري : فإني لأحسب أول ما ينطق منه فخذه اليمنى .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا زهير حدثنا حسن ، عن ابن لهيعة : قال دراج عن أبي الهيثم عن أبى سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله ، فجحد وخاصم ، فيقال : هؤلاء جيرانك ، يشهدون عليك ؟ فيقول : كذبوا . فيقول : أهلك [ و ] عشيرتك ؟ فيقول : كذبوا . فيقول : احلفوا فيحلفون ، ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم ألسنتهم ، ويدخلهم النار " .

وقال ابن أبي حاتم : وحدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث : سمعت أبي : حدثنا علي بن زيد ، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى ، عن ابن عباس : أنه قال لابن الأزرق : إن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم ، ثم يؤذن لهم فيختصمون ، فيجحد الجاحد بشركه بالله ، فيحلفون له كما يحلفون لكم ، فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهداء من أنفسهم ، جلودهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم ، ويختم على أفواههم ، ثم يفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح ، فتقول : ( أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) فتقر الألسنة بعد الجحود .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير الحضرمي ، عن رافع أبي الحسن - وصف رجلا جحد - قال : فيشير الله إلى لسانه ، فيربو في فمه حتى يملأه ، فلا يستطيع أن ينطق بكلمة ، ثم يقول لآرابه كلها : تكلمي واشهدي عليه . فيشهد عليه سمعه وبصره وجلده ، وفرجه ويداه ورجلاه : صنعنا ، عملنا ، فعلنا .

وقد تقدم أحاديث كثيرة ، وآثار عند قوله تعالى في سورة يس : ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) [ يس : 65 ] ، بما أغنى عن إعادته هاهنا .

وقال ابن أبي حاتم - رحمه الله - : حدثنا أبي ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي ، عن ابن خثيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : لما رجعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مهاجرة البحر قال : " ألا تحدثون بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة ؟ " فقال فتية منهم : بلى يا رسول الله ، بينا نحن جلوس إذ مرت علينا عجوز من عجائز رهابينهم ، تحمل على رأسها قلة من ماء ، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ، ثم دفعها فخرت على ركبتيها ، فانكسرت قلتها . فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت : سوف تعلم يا غدر ، إذا وضع الله الكرسي ، وجمع الأولين والآخرين ، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون ، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا ؟ قال : يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صدقت [ و ] صدقت ، كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم ؟ " .

هذا حديث غريب من هذا الوجه . ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا يحيى بن سليم ، به

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)

يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الذين يحشرون إلى النار من أعداء الله سبحانه لجلودهم إذ شهدت عليهم بما كانوا في الدنيا يعملون: لم شهدتم علينا بما كنا نعمل في الدنيا؟.

فأجابتهم جلودهم: ( أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) فنطقنا; وذكر أن هذه الجوارح تشهد على أهلها عند استشهاد الله إياها عليهم إذا هم أنكروا الأفعال التي كانوا فعلوها في الدنيا بما سخط الله, وبذلك جاء الخبر عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.

* ذكر الأخبار التي رُويت عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:

حدثنا أحمد بن حازم الغفاريّ, قال: أخبرنا عليّ بن قادم الفزاري, قال: أخبرنا شريك, عن عبيد المُكْتِب, عن الشعبيّ, عن أنس, قال: ضحك رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات يوم حتى بدت نواجذه, ثم قال: " ألا تَسْأَلُونِي ممَّ ضَحِكْتُ؟" قالوا: ممّ ضحكتَ يا رسول الله؟ قال: " عَجِبْتُ مِنْ مُجَادَلَةِ العَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ! قال: يقُولُ: يا رَبّ ألَيْسَ وَعَدْتَنِي أنْ لا تَظْلِمَنِي؟ قالَ: فإنَّ لكَ ذلكَ, قال: فإنّي لا أقْبَلُ عليَّ شاهدًا إلا مِنْ نَفْسِي, قالَ: أوَلَيْس كفَى بِي شَهِيدًا, وَبالمَلائِكَةِ الكرَام الكاتبين؟ قالَ فَيُخْتمُ عَلى فِيه, وَتَتَكَلَّمُ أرْكانُهُ بِمَا كانَ يَعْمَلُ, قالَ: فَيَقُولُ لَهُنَّ: بُعْدًا لَكُنَّ وسُحْقا, عَنْكُنَّ كُنْتُ أُجادِلُ".

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عبيد المكتب, عن فضيل بن عمرو, عن الشعبي, عن أنس, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بنحوه.

حدثني عباس بن أبي طالب, قال: ثنا يحيى بن أبي بكر, عن شبل, قال: سمعت أبا قزعة يحدّث عمرو بن دينار, عن حكيم بن معاوية, عن أبيه, عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال, وأشار بيده إلى الشأم, قال: " هاهُنا إلى هاهُنا تحْشَرُونَ رُكْبانا وَمُشاةً على وُجُوهِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ, على أفْوَاهِكُمْ الفِدامُ, تُوَقُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أنْتُمْ آخِرُها وأكْرَمُها على الله, وإن أوَّلَ ما يُعْرِبُ مِنْ أحَدِكُمْ فَخِذُهُ".

حدثنا مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: أخبرنا الحريري, عن حكيم بن معاوية, عن أبيه عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: وتَجِيئُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ على أفْوَاهِكُمْ الفِدامُ, وإنَّ أوَّلَ ما يَتَكَلَّمُ مِنَ الآدَمِيّ فَخِذُهُ وكَفُّهُ".

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن بهز بن حكيم, عن أبيه, عن جده, قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم " ما لي أُمْسكُ بحُجَزِكُمْ مِنَ النَّارِ؟ ألا إن رَبِّي داعيَّ وإنَّهُ سائِلي هَلْ بَلَّغْت عِبادَهُ؟ وإنّي قائِلٌ: رَبّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ, فَيُبَلِّغَ شاهدُكُمْ غائِبَكُمْ, ثُمَّ إنَّكُمْ مُدَّعُونَ مُفَدَّمَةً أفْوَاهُكُمْ بالفِدامِ, ثُمَّ إنَّ أوَّل ما يُبِينُ عَنْ أَحْدِكَمْ لفَخِذُهُ وكَفُّهُ".

حدثني محمد بن خلف, قال: ثنا الهيثم بن خارجة, عن إسماعيل بن عياش, عن ضمضم بن زُرْعة, عن شريح بن عبيد, عن عقبة, سمع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: " إنَّ أوَّل عَظْمٍ تَكَلَّمَ مِنَ الإنْسانِ يَوْمَ يخْتَمُ على الأفْوَاهِ فَخِذُه ُمِنَ الرِّجْل الشمال ".

وقوله: ( وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) يقول تعالى ذكره: والله خلقكم الخلق الأول ولم تكونوا شيئا. يقول: وإليه مصيركم من بعد مماتكم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾ اقتصروا في توجيه اللوم على جلودهم؛ لأنها حاوية لجميع الحواس الأخرى، وأيضًا لأن الجلود مواجهة لهم يرونها، فيتوجهون إليها بالملامة، بعكس السمع والبصر.
وقفة
[21] ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾ مشهد مخيف شهود العيان من ذات الإنسان، اللهم استرنا.
وقفة
[21] تحرك إبهامك للكتابة في مواقع التواصل، لكن يوم القيامة ستفقد السيطرة عليه ويشهد ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾.
وقفة
[21] ﴿وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شي﴾ هي جوارح ستنطق بالحق؛ فجهزها لتنطق بما يسرك عند ربك.
وقفة
[21] متحدِّث اليوم صامت غدٍ، وصامت اليوم متحدِّث غدٍ ﴿وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء﴾.
وقفة
[21] أقسي اللحظات أن يشهد كل جسمك عليك؛ فتلومه بلسان المتحسر الخسران ﴿لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا﴾.
وقفة
[21] أقصى عتاب حين تعاتب جوارحك يوم القيامة ﴿لم شهدتم علينا﴾ فيقولون: ﴿أنطقنا الله الذى انطق كل شئ﴾.
وقفة
[21] ﴿قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ قدرة الله فوق حدود العقل، وكل ما خطر ببالك فقدرة الله فوق ذلك.
وقفة
[21] ﴿قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ»، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِى مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ بَلَى، قَالَ فَيَقُولُ فَإِنِّى لاَ أُجِيزُ عَلَى نَفْسِى إِلاَّ شَاهِدًا مِنِّى، قَالَ فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِى، قَالَ فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلاَمِ، فَيَقُولُ بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ» [مسلم 2969].
وقفة
[21] ﴿قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّـهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ ولم لا؟ وقد تحررت الجوارح من أسر الإرادة، وجاء الوقت لتشتكيك إلى الله، وتنطق بكلمة الحق التى كتمتها تحت سطوة إرادتك وقهرك.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ لِجُلُودِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بقالوا. و «هم» ضمير الغائبين في محل بالإضافة
  • ﴿ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.لم:مؤلفة من اللام حرف الجر و «ما» الاستفهامية التي سقطت الفها لدخول حرف الجر عليها. اللام: حرف جر و «ما» اسم استفهام مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بشهدتم. شهد: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. علينا: جار ومجرور متعلق بشهدتم.
  • ﴿ قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ:
  • اعربت. انطق: فعل ماض مبني على الفتح. و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجملة أَنْطَقَنَا اللهُ» في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ الَّذِي أَنْطَقَ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة-نعت- للفظ‍ الجلالة. انطق: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة «انطق وما بعدها» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ كُلَّ شَيْءٍ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شيء: مضاف اليه مجرور بالإضافة علامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَهُوَ خَلَقَكُمْ:
  • الواو حالية والجملة الاسمية بعدها: في محل نصب حال.هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خلق: تعرب اعراب «انطق» الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وجملة «خلقكم» في محل رفع خبر «هو».
  • ﴿ أَوَّلَ مَرَّةٍ:
  • ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. مرة:تعرب اعراب «شيء» بمعنى بدءا من عدم.
  • ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ:
  • الواو عاطفة. إليه: جار ومجرور متعلق بترجعون ويجوز أن يتعلق بخبر مبتدأ محذوف تقديره وانتم إليه ترجعون. وجملة «ترجعون» في محل رفع خبر المبتدأ. ترجعون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. اي تردون للحساب.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا شهدت عليهم الجوارح؛ عاتبوها، قال تعالى:
﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم شهدتم:
وقرئ:
لم شهدتن، بضمير المؤنثات، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [22] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ ..

التفسير :

[22] وما كنتم تَسْتَخْفون عند ارتكابكم المعاصي؛ خوفاً من أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم يوم القيامة، ولكن ظننتم بارتكابكم المعاصيَ أن الله لا يعلم كثيراً من أعمالكم التي تعصون الله بها.

{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} أي:وما كنتم تختفون عن شهادة أعضائكم عليكم، ولا تحاذرون من ذلك.{ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ} بإقدامكم على المعاصي{ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} فلذلك صدر منكم ما صدر، وهذا الظن، صار سبب هلاكهم وشقائهم .

ثم حكى- سبحانه- ما يقال لهؤلاء الكافرين يوم القيامة من جهته- تعالى- أو من جهة جوارحهم التي شهدت عليهم فقال- تعالى-: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ، وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ.

وقوله: تَسْتَتِرُونَ من الاستتار بمعنى الاستخفاء، «وما» نافية. وقوله: أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ.. في موضع نصب على نزع الخافض أى: من أن يشهد عليكم.. أو مفعول لأجله.

أى: مخافة أو خشية أن يشهد عليكم سمعكم.

والمعنى: أن جوارحهم تقول لهم يوم القيامة على سبيل التبكيت: أنتم- أيها الكافرون- لم تكونوا في الدنيا تخفون أعمالكم السيئة، خوفا من أن نشهد عليكم ولكنكم كنتم تخفونها لاعتقادكم أن الله- تعالى- لا يعلم ما تخفونه من أعمالكم، ولكنه يعلم ما تظهرونه منها.

وما حملكم على هذا الاعتقاد الباطل إلا جهلكم بصفات الله- تعالى- وكفركم باليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء، واستبعادكم أننا سنشهد عليكم.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ...

يجوز أن يكون هذا من قول الجوارح لهم، ويجوز أن يكون من قول الله- تعالى- لهم، أو الملائكة.

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيان وثقفى، - أى شخص من قبيلة ثقيف- أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم.

فقال أحدهم: أترون الله- تعالى- يسمع ما نقول: فقال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا.

فأنزل الله- عز وجل-: وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ.

فالآية الكريمة تنعى على المشركين جهالاتهم الفاضحة، حيث ظنوا أن الله- تعالى- لا يعلم الكثير من أعمالهم، وتنبه المؤمنين إلى أن من الواجب عليهم أن يعلموا أن الله- تعالى- معهم، ولا يخفى عليه شيء من أقوالهم أو أفعالهم، وأنه- سبحانه- يعلم السر، وأخفى ورحم الله من قال:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت. ولكن قل: على رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما يخفى عليك، يغيب

وقوله : ( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) أي : تقول لهم الأعضاء والجلود حين يلومونها على الشهادة عليهم : ما كنتم تتكتمون منا الذي كنتم تفعلونه بل كنتم تجاهرون الله بالكفر والمعاصي ، ولا تبالون منه في زعمكم ; لأنكم كنتم لا تعتقدون أنه يعلم جميع أفعالكم ; ولهذا قال : ( ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ) أي : هذا الظن الفاسد - وهو اعتقادكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون - هو الذي أتلفكم وأرداكم عند ربكم ، ( فأصبحتم من الخاسرين ) أي : في مواقف القيامة خسرتم أنفسكم وأهليكم .

قال الإمام أحمد - رحمه الله - : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله قال : كنت مستترا بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر : قرشي ، وختناه ثقفيان - أو ثقفي وختناه قرشيان - كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم ، فتكلموا بكلام لم أسمعه ، فقال أحدهم : أترون أن الله يسمع كلامنا هذا ؟ فقال الآخر : إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه ، وإذا لم نرفعه لم يسمعه ، فقال الآخر : إن سمع منه شيئا سمعه كله . قال : فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عز وجل : ( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) إلى قوله : ( من الخاسرين )

وكذا رواه الترمذي عن هناد ، عن أبي معاوية ، بإسناده نحوه . وأخرجه أحمد ومسلم والترمذي أيضا ، من حديث سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن وهب بن ربيعة ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - بنحوه . ورواه البخاري ومسلم أيضا ، من حديث السفيانين ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود به .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ) قال : " إنكم تدعون مفدما على أفواهكم بالفدام ، فأول شيء يبين عن أحدكم فخذه وكفه " .

( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) في الدنيا( أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ ) يوم القيامة ( سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ).

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ), فقال بعضهم: معناه: وما كنتم تستخفون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) : أي تَسْتَخْفُونَ منها.

وقال آخرون: معناه: وما كنتم تتقون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) قال: تتقون.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وما كنتم تظنون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) يقول: وما كنتم تظنون ( أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ ) حتى بلغ ( كَثِيرًا مِمَّا ) كنتم ( تَعْمَلُونَ ), والله إن عليك يا ابن آدم لشهودا غير متهمة من بدنك, فراقبهم واتق الله في سر أمرك وعلانيتك, فإنه لا يخفي عليه خافية, الظلمة عنده ضوء, والسر عنده علانية, فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظنّ فليفعل, ولا قوّة إلا بالله.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: وما كنتم تَستَخْفُون, فتتركوا ركوب محارم الله في الدنيا حذرا أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم اليوم.

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب, لأن المعروف من معاني الاستتار الاستخفاء.

فإن قال قائل: وكيف يستخفي الإنسان عن نفسه مما يأتي؟ قيل: قد بيَّنا أن معنى ذلك إنما هو الأماني, وفي تركه إتيانه إخفاؤه عن نفسه.

وقوله: ( وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا ) كنتم ( تَعْمَلُونَ ) يقول جلّ ثناؤه: ولكن حسبتم حين ركبتم في الدنيا من معاصي الله أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون من أعمالكم الخبيثة, فلذلك لم تستتروا أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم وجلودكم, فتتركوا ركوب ما حرّم الله عليكم.

وذُكر أن هذه الآية نـزلت من أجل نفر تدارَءُوا بينهم في علم الله بما يقولونه ويتكلمون سرًا.

* ذكر الخبر بذلك.

حدثني ابن يحيى القطعي, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا قيس, عن منصور, عن مجاهد, عن أبي معمر الأزدي, عن عبد الله بن مسعود, قال: كنت مستترا بأستار الكعبة, فدخل ثلاثة نفر, ثَقَفيان وقُرشيّ, أو قُرشيان وثَقَفي, كثير شحوم بطونهما, قليل فقه قلوبهما, فتكلموا بكلام لم أفهمه, فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ فقال الرجلان: إذا رفعنا أصواتنا سمع, وإذا لم نرفع لم يسمع, فأتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فذكرت له ذلك, فنـزلت هذه الآية: ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ )... إلى آخر الآية.

حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا يحيى بن سعيد, قال: ثنا سفيان, قال: ثني الأعمش, عن عمارة بن عمير, عن وهب بن ربيعة, عن عبد الله بن مسعود, قال: إني لمستتر بأستار الكعبة, إذ دخل ثلاثة نفر, ثقفي وختناه قرشيان, قليل فقه قلوبهما, كثير شحوم بطونهما, فتحدثوا بينهم بحديث, فقال أحدهم: أترى الله يسمع ما قلنا؟ فقال الآخر: إنه يسمع إذا رفعنا, ولا يسمع إذا خفضنا. وقال الآخر: إذا كان يسمع منه شيئا فهو يسمعه كله, قال: فأتيت رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, فذكرت ذلك له, فنـزلت هذه الآية: ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ )... حتى بلغ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ .

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى, قال: ثنا سفيان, قال: ثني منصور, عن مجاهد, عن أبي معمر, عن عبد الله بنحوه.

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ في معناه وجهان: أحدهما: لم تقدروا أن تستتروا من سمعكم وأبصاركم وجلودكم؛ لأنها ملازمة لكم، فلم يمكنكم احتراس من ذلك، فشهدت عليكم والآخر: لم تتحفظوا من شهادة سمعكم وأبصاركم وجلودكم؛ لأنكم لم تبالوا بشهادتها، ولم تظنوا أنها تشهد عليكم.
وقفة
[22] ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ ورحم الله من قال: إذا ما خلوْتَ الدّهرَ يوْمًا فلا تَقُلْ ... خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ ساعة ... وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب
وقفة
[22] سبب النزول: عن عبد الله بن مسعود قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ، أَوْ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ، كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الْآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ﴾ الْآيَةَ. [البخاري 7521].
وقفة
[22] ﴿وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلا أَبصارُكُم وَلا جُلودُكُم وَلكِن ظَنَنتُم أَنَّ اللَّهَ لا يَعلَمُ كَثيرًا مِمّا تَعمَلونَ﴾ وقت الغفلة تتوه الحكمة، يا رب سلم.

الإعراب :

  • ﴿ وَما كُنْتُمْ:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. كنتم: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل -ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ تَسْتَتِرُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى لن تتمكنوا أيها الناس عند اقترافكم الآثام أن تستتروا عن أعضائكم.
  • ﴿ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ:
  • حرف مصدري ناصب. يشهد: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. عليكم: جار ومجرور متعلق بيشهد والميم علامة جمع الذكور. وجملة يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ» صلة «أن» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «أن» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب بنزع الخافض. اي من أن تشهد عليكم أعضاؤكم اي ظنا بأنها لن تشهد عليكم.
  • ﴿ سَمْعُكُمْ:
  • فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة الجمع.
  • ﴿ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ:
  • معطوفتان بواوي العطف على «سمعكم» وتعربان اعرابها. و «لا» زائدة للتأكيد.
  • ﴿ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ:
  • الواو: زائدة. لكن: حرف عطف للاستدراك مهملة لأنها مخففة. ظننتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-في محل رفع فاعل والميم علامة الجمع.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله: اسمها منصوب للتعظيم بالفتحة. لا: نافية لا عمل لها. يعلم: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة لا يَعْلَمُ وما بعدها» في محل رفع خبر «أن» وأن وما في حيزها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ظننتم».
  • ﴿ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. مما:اصلها: من: حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بكثيرا. تعملون: تعرب اعراب «تستترون» وجملة «تعملون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى مما كنتم تعملون. والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: مما تعملونه. اي ترتكبونه من المعاصي والآثام.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا الأُسْتاذُ أبُو مَنصُورٍ البَغْدادِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إبْراهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، قالَ: حَدَّثَنا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطامٍ، قالَ: حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قالَ: حَدَّثَنا رَوْحٌ، عَنِ القاسِمِ، عَنْ مَنصُورٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وما كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم ولا أبْصارُكُمْ﴾ . قالَ: كانَ رَجُلانِ مِن ثَقِيفٍ وخَتَنٌ لَهُما مِن قُرَيْشٍ - أوْ رَجُلانِ مِن قُرَيْشٍ وخَتَنٌ لَهُما مِن ثَقِيفٍ - في بَيْتٍ، فَقالَ بَعْضُهم: أتَرَوْنَ اللَّهَ يَسْمَعُ نَجْوانا أوْ حَدِيثَنا ؟ فَقالَ بَعْضُهم: قَدْ سَمِعَ بَعْضَهُ ولَمْ يَسْمَعْ بَعْضَهُ. قالُوا: لَئِنْ كانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ سَمِعَ كُلَّهُ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وما كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ﴾ .رَواهُ البُخارِيُّ عَنِ الحُمَيْدِيِّ، ورَواهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أبِي عَمْرٍو، كِلاهُما عَنْ سُفْيانَ بْنِ مَنصُورٍ.أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَقِيهُ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الحِيرِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المُثَنّى، قالَ: حَدَّثَنا أبُو خَيْثَمَةَ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ حازِمٍ، قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: كُنْتُ مُسْتَتِرًا بِأسْتارِ الكَعْبَةِ، فَجاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ كَثِيرٍ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلٍ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ: قُرَشِيٌّ وخَتَناهُ ثَقَفِيّانِ - أوْ ثَقَفِيٌّ وخَتَناهُ قُرَشِيّانِ - فَتَكَلَّمُوا بِكَلامٍ لَمْ أفْهَمْهُ، فَقالَ بَعْضُهم: أتَرَوْنَ أنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ كَلامَنا هَذا ؟ فَقالَ الآخَرُ: إذا رَفَعْنا أصْواتَنا سَمِعَ، وإذا لَمْ نَرْفَعْ لَمْ يَسْمَعْ. وقالَ الآخَرُ: إنْ سَمِعَ مِنهُ شَيْئًا سَمِعَهُ كُلَّهُ. قالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ: ﴿وما كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم ولا أبْصارُكم ولا جُلُودُكُمْ﴾ . إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأصْبَحْتُم مِّنَ الخاسِرِينَ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     وبعد أن شهدت عليهم الجوارح؛ وَبَّخَهم اللهُ هنا، قال تعالى:
﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [23] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ ..

التفسير :

[23] . وذلكم ظنكم السيِّئ الذي ظننتموه بربكم أهلككم، فأوردكم النار، فأصبحتم اليوم من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم.

{ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ} الظن السيئ، حيث ظننتم به، ما لا يليق بجلاله.{ أَرْدَاكُمْ} أي:أهلككم{ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} لأنفسهم وأهليهم وأديانهم بسبب الأعمال التي أوجبها لكم ظنكم القبيح بربكم، فحقت عليكم كلمة العقاب والشقاء، ووجب عليكم الخلود الدائم، في العذاب، الذي لا يفتر عنهم ساعة:

ثم بين- سبحانه- سوء عاقبة ظن هؤلاء الكافرين الجاهلين فقال: وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ.

وذلِكُمْ اسم إشارة يعود إلى ظنهم السابق، وهو مبتدأ، وقوله أَرْداكُمْ خبره.

أى: وذلكم الظن الذي ظننتموه بربكم، وهو أنه- سبحانه- لا يعلم كثيرا مما تعملونه سرا، هذا الظن أَرْداكُمْ أى: أهلككم، يقال ردى فلان- كصدى- إذا هلك فَأَصْبَحْتُمْ أيها الكافرون من الخاسرين لكل شيء في دنياكم.

قال معمر : وتلا الحسن : ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ) ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله أنا مع عبدي عند ظنه بي ، وأنا معه إذا دعاني " ثم افتر الحسن ينظر في هذا فقال : ألا إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم ، فأما المؤمن فأحسن الظن بربه فأحسن العمل ، وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل . ثم قال : قال الله تعالى : ( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ) إلى قوله : ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين )

وقال الإمام أحمد : حدثنا النضر بن إسماعيل القاص - وهو أبو المغيرة - حدثنا ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن بالله الظن ، فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله ، فقال الله تعالى : ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)

يقول تعالى ذكره: وهذا الذي كان منكم في الدنيا من ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون من قبائح أعمالكم ومساويها, هو ظنكم الذي ظننتم بربكم في الدنيا أرداكم, يعني أهلككم. يقال منه: أردى فلانا كذا وكذا: إذا أهلكه, وردي هو: إذا هلك, فهو يردى ردى; ومنه قول الأعشى:

أفِـي الطَّـوْفِ خِـفْتِ عَـليَّ الـرَّدَى

وكَــمْ مِــنْ ردًى أهْلَـهُ لَـمْ يَـرِمْ (1)

يعني: وكم من هالك أهله لم يرم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( أَرْدَاكُمْ ) قال: أهلككم.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, قال: تلا الحسن: ( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ ) فقال: إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم; فأما المؤمن فأحسن بالله الظن, فأحسن العمل; وأما الكافر والمنافق, فأساءا الظن فأساءا العمل, قال ربكم: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ ... حتى بلغ : ( الخاسرين ) . قال معمر: وحدثني رجل: أنه يؤمر برجل إلى النار, فيلتفت فيقول: يا ربّ ما كان هذا ظني بك, قال: وما كان ظنك بي؟ قال: كان ظني أن تغفر لي ولا تعذّبني, قال: فإني عند ظنك بي".

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: الظنّ ظنان, فظنّ منج, وظنّ مُرْدٍ قال: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ قال إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ , وهذا الظنّ المنجي ظنا يقينا, وقال ها هنا: ( وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ ) هذا ظنّ مُرْدٍ.

وقوله: وقال الكافرون إِنْ نَظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ وذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول ويروي ذلك عن ربه: " عَبْدِي عِنْدَ ظنِّه بِي, وأنا مَعَهُ إذَا دَعانِي". وموضع قوله: ( ذَلِكُمْ ) رفع بقوله ظنكم. وإذا كان ذلك كذلك, كان قوله: ( أَرْدَاكُمْ ) في موضع نصب بمعنى: مرديا لكم. وقد يُحتمل أن يكون في موضع رفع بالاستئناف, بمعنى: مردٍ لكم, كما قال: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً في قراءة من قرأه بالرفع. فمعنى الكلام: هذا الظنّ الذي ظننتم بربكم من أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون هو الذي أهلككم, لأنكم من أجل هذا الظنّ اجترأتم على محارم الله فقدمتم عليها, وركبتم ما نهاكم الله عنه, فأهلككم ذلك وأرداكم. يقول: فأصبحتم اليوم من الهالكين, قد غبنتم ببيعكم منازلكم من الجنة بمنازل أهل الجنة من النار.

------------------------

الهوامش:

(1) هذا البيت للأعشى يخاطب ابنته . وقد سبق القول فيه مفصلا في الجزء ( 23 : 62 ) وموضع الشاهد هنا هو ( الردى ) بمعنى الهلاك . وهو مصدر ردي ( كفرح ) يردى ردى . ومنه قوله تعالى :" وذلكم ظنكم الذي ظننتم الذي بربكم أرداكم" .

التدبر :

عمل
[23] ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ﴾ أحسِن الظنَّ باللهِ مخالفةً لظنِّ المشركين به.
وقفة
[23] ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ﴾ بقدر حسن ظن العبد بربه؛ يدعوه ذلك إلى حسن العمل.
عمل
[23] ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ أحسن ظنك بمولاك، فظنك يرفعك أو يُرديك.
وقفة
[23] ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ من أحسن الظن بالله هداه، ومن أساء الظن به أرداه.
وقفة
[23] ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ كانت حياتهم مليئة بالشرك والآثام، لكن أصل بلائهم وضلالهم وخسارتهم هو سوء الظن بربهم.
وقفة
[23] ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾ قال قتادة: «من استطاع منكم أن يموت، وهو حسن الظن بربه فليفعل، فإن الظن اثنان؟ ظن ينجي، وظن يُردي.
وقفة
[23] أسوأ الناس حالًا من صام نهار عرفة وأمسى بظنه السيء أن الله لا يغفر له ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾.
وقفة
[23] قال عمر بن الخطاب: «هؤلاء قوم كانوا يدمنون المعاصي ولا يتوبون منها، ويتكلمون على المغفرة، حتى خرجوا من الدنيا مفاليس، ثم قرأ: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾».
وقفة
[23] التشاؤم أشعة مقطعية تكشف مقدار الخلل في قلب المتشائم: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وقفة
[23] من أحسن الظن بالغرب فقد أساء الظن بربه، وكفى بذلك خسرانًا وإثمًا مبينًا ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وقفة
[23] سوء الظن بالله صفة من صفات الكفر ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وقفة
[23] لا يُردي الإنسان في سوء العاقبة مثل سوء ظنه بربه، فالله عند ظن عبده به ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وقفة
[23] قال الحسن البصري: «إن قومًا ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم من حسنة، ويقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي، وكذب؛ ولو أحسن الظن لأحسن العمل»، وتلا قول الله تعالى: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وقفة
[23] عندما يفقد الإنسان التفاؤل، سينطلق في تصرفاته من قاعدة التشاؤم، وهنا يكون قد أساء الظن بربه، وجلب على نفسه من المصائب ما لا تطيق، قف متدبرًا هذه الآية تدرك ماذا جنى المتشائمون عاجلًا وآجلًا: ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
وقفة
[23] ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرًا مما تعملون ﴿وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ أصل الردى والخسارة في عدم مراقبة الله.
وقفة
[23] ﴿فما ظنكم برب العالمين﴾ [الصافات: 87]، ﴿الذي ظننتم بربكم﴾ الله خلقك وأطعمك وكبرك وحفظك وشفاك وأغناك وأوصلك وسترك، ولا زالت تمر بك ظروف، ولا زلت تظن بالله ظنًّا لا يليق به، كمال الإيمان باليقين بالله.
تفاعل
[23] ﴿أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ وَذلِكُمْ:
  • الواو استئنافية. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام: للبعد. الكاف: للخطاب. الميم علامة الجمع.
  • ﴿ ظَنُّكُمُ:
  • خبر «ذلكم» مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ الَّذِي ظَنَنْتُمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة-نعت- لظنكم. ظننتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. وجملة «ظننتم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب والعائد-الراجع-الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير «ظننتموه» بمعنى: ظنكم السيئ الذي ظننتموه.
  • ﴿ بِرَبِّكُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بظننتم والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين- في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَرْداكُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «ذلكم» ويجوز أن تكون «ظنكم» في محل رفع بدلا من «ذلك» وجملة «ارداكم» في محل رفع خبره. وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدرة على الالف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بمعنى: أهلككم.
  • ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ:
  • الفاء سببية. أصبحتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع اسم «أصبح» والميم علامة الجمع.
  • ﴿ مِنَ الْخاسِرِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر «أصبحتم» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • أخْبَرَنا الأُسْتاذُ أبُو مَنصُورٍ البَغْدادِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا إسْماعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ إبْراهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ، قالَ: حَدَّثَنا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطامٍ، قالَ: حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قالَ: حَدَّثَنا رَوْحٌ، عَنِ القاسِمِ، عَنْ مَنصُورٍ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ أبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وما كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم ولا أبْصارُكُمْ﴾ . قالَ: كانَ رَجُلانِ مِن ثَقِيفٍ وخَتَنٌ لَهُما مِن قُرَيْشٍ - أوْ رَجُلانِ مِن قُرَيْشٍ وخَتَنٌ لَهُما مِن ثَقِيفٍ - في بَيْتٍ، فَقالَ بَعْضُهم: أتَرَوْنَ اللَّهَ يَسْمَعُ نَجْوانا أوْ حَدِيثَنا ؟ فَقالَ بَعْضُهم: قَدْ سَمِعَ بَعْضَهُ ولَمْ يَسْمَعْ بَعْضَهُ. قالُوا: لَئِنْ كانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ سَمِعَ كُلَّهُ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وما كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ﴾ .رَواهُ البُخارِيُّ عَنِ الحُمَيْدِيِّ، ورَواهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ أبِي عَمْرٍو، كِلاهُما عَنْ سُفْيانَ بْنِ مَنصُورٍ.أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَقِيهُ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الحِيرِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المُثَنّى، قالَ: حَدَّثَنا أبُو خَيْثَمَةَ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ حازِمٍ، قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: كُنْتُ مُسْتَتِرًا بِأسْتارِ الكَعْبَةِ، فَجاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ كَثِيرٍ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلٍ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ: قُرَشِيٌّ وخَتَناهُ ثَقَفِيّانِ - أوْ ثَقَفِيٌّ وخَتَناهُ قُرَشِيّانِ - فَتَكَلَّمُوا بِكَلامٍ لَمْ أفْهَمْهُ، فَقالَ بَعْضُهم: أتَرَوْنَ أنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ كَلامَنا هَذا ؟ فَقالَ الآخَرُ: إذا رَفَعْنا أصْواتَنا سَمِعَ، وإذا لَمْ نَرْفَعْ لَمْ يَسْمَعْ. وقالَ الآخَرُ: إنْ سَمِعَ مِنهُ شَيْئًا سَمِعَهُ كُلَّهُ. قالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ: ﴿وما كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أن يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم ولا أبْصارُكم ولا جُلُودُكُمْ﴾ . إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأصْبَحْتُم مِّنَ الخاسِرِينَ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد أن وَبَّخَهم اللهُ لأنهم عند ارتكاب الفواحش ظنوا أن اللهَ لا يعلم ذلك منهم؛ بَيَّنَ لهم هنا أن الذي أوردهم المهالك، وتسبب في دخولهم النار، هو ظنهم السيئ بربهم، قال تعالى:
﴿ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ..

التفسير :

[24] فإن يصبروا على العذاب فالنار مأواهم، وإن يسألوا الرجوع إلى الدنيا؛ ليستأنفوا العمل الصالح لا يُجابوا إلى ذلك، ولا تُقبل لهم أعذار.

{ فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} فلا جَلَدَ عليها، ولا صبر، وكل حالة قُدِّر إمكان الصبر عليها، فالنار لا يمكن الصبر عليها، وكيف الصبر على نار، قد اشتد حرها، وزادت على نار الدنيا، بسبعين ضعفًا، وعظم غليان حميمها، وزاد نتن صديدها، وتضاعف برد زمهريرها وعظمت سلاسلها وأغلالها، وكبرت مقامعها، وغلظ خُزَّانها، وزال ما في قلوبهم من رحمتهم، وختام ذلك سخط الجبار، وقوله لهم حين يدعونه ويستغيثون:{ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}

{ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا} أي:يطلبوا أن يزال عنهم العتب، ويرجعوا إلى الدنيا، ليستأنفوا العمل.{ فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} لأنه ذهب وقته، وعمروا، ما يعمر فيه من تذكر وجاءهم النذير وانقطعت حجتهم، مع أن استعتابهم، كذب منهم{ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}

فَإِنْ يَصْبِرُوا عن العذاب فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ أى: فالنار هي المكان المعد لثوائهم فيه، ولبقائهم به بقاء أبديا. يقال: ثوى فلان بالمكان إذا أقام به إقامة دائمة. وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ أى: وإن يطلبوا الرضا عنهم، فما هم من المرضى عنهم، وإنما هم من المغضوب عليهم، أو وإن يطلبوا منا الرجوع إلى ما يرضينا بأن نعيدهم إلى الدنيا، فما هم من المجابين إلى ذلك.

قال القرطبي: وأصل الكلمة من العتب- بفتح العين وسكون التاء- وهي الموجدة، يقال: عتب عليه يعتب- كضرب يضرب- إذا وجد عليه. فإذا فاوضه فيما عتب عليه فيه، قيل: عاتبه، فإذا رجع إلى مسرتك فقد أعتب. والاسم العتبى، وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يرى العاتب قال الشاعر:

فإن أك مظلوما فعبدا ظلمته ... وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب

وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة، قد بينت الأحوال السيئة التي يكون عليها الكافرون يوم القيامة، والمجادلات التي تدور بينهم وبين جوارحهم في هذا اليوم العسير عليهم.

ثم بين- سبحانه- جانبا من الأسباب التي أوقعتهم في هذا المصير الأليم، ومن الأقوال السيئة التي كانوا يتواصون بها فيما بينهم، وعن عاقبة هذا التواصي الأثيم فقال- تعالى-:

وقوله : ( فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ) أي : سواء عليهم أصبروا أم لم يصبروا هم في النار ، لا محيد لهم عنها ، ولا خروج لهم منها . وإن طلبوا أن يستعتبوا ويبدوا أعذارا فما لهم أعذار ، ولا تقال لهم عثرات .

قال ابن جرير : ومعنى قوله : ( وإن يستعتبوا ) أي : يسألوا الرجعة إلى الدنيا ، فلا جواب لهم - قال : وهذا كقوله تعالى إخبارا عنهم : ( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون ) [ المؤمنون : 106 - 108 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)

يقول تعالى ذكره: فإن يصبر هؤلاء الذين يحشرون إلى النار على النار, فالنار مسكن لهم ومنـزل. يقول: وإن يسألوا العُتبى, وهي الرجعة لهم إلى الذي يحبون بتخفيف العذاب عنهم. يقول: فليسوا بالقوم الذين يرجع بهم إلى الجنة, فيخفف عنهم ما هم فيه من العذاب, وذلك كقوله جلّ ثناؤه مخبرا عنهم: قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا ... إلى قوله وَلا تُكَلِّمُونِ وكقولهم لخزنة جهنم: ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ... إلى قوله: وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ .

التدبر :

تفاعل
[24] ﴿فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.
وقفة
[24] من الناس من يصبر في سبيل طاعة الله، ومن الناس من يصبر في سبيل معصية الله ﴿فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾.
وقفة
[24] ﴿فَإِنْ يَصْبِرُوا فالنَّارُ مَثْوَىً لَهُمْ﴾ فيه إضمارٌ تقديره: (فإن يصبروا أو لا يصبروا فالنارُ مثوىً لهم)، أو قيَّد ذلك لأنه جوابٌ لقولهم: ﴿أَنِ امْشُوا واصْبِرُوا على آلهتكُمْ﴾ [ص: 6]، فلا مفهوم له.
وقفة
[24] ﴿فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ۖ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ الصبر مفتاح الفرج في هذه الدار، وليس في النار!
وقفة
[24] ﴿فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ۖ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ يقال: ثوى فلان، إذا أقام به إقامة دائمة، فهؤلاء إن صبروا واستسلموا فهم باقون في النار، وإن يستعتبوا أي يطلبوا العتب والاعتذار لم ينفعهم، ولم يُقبَل منهم، فهم أيضًا باقون في النار.
وقفة
[24] ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ قال الضحاك: «المراد إن يعتذروا، فما هم من المعذورين».
وقفة
[24] ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ قال عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية لرجل: «يا أبا فلان، هل أتت عليك حال أنت فيها مستعد للموت؟» قال: «لا»، قال: «فهل أنت مجمع للتحول إلى حال ترضى بها؟» قال: «ما شخصت نفسي بذلك بعد»، قال: «فهل بعد الموت دار فيها مستعتب»، قال: «لا»، قال: «فهل أنت تأمن الموت أن يأتيك؟»، قال: «لا»، قال: «ما رأيتُ مثل هذه الحال رضي بها عاقل».
وقفة
[24] ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ﴾ ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِنْ يَصْبِرُوا:
  • الفاء استئنافية. إن: حرف شرط‍ جازم. يصبروا: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ فَالنّارُ مَثْوىً لَهُمْ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن. الفاء واقعة في جواب الشرط‍.النار: مبتدأ مرفوع بالضمة. مثوى:خبره مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها. ونونت الكلمة لأنها اسم مقصور نكرة مذكر. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بمثوى أو بصفة محذوفة لها.
  • ﴿ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب إعرابها. ما: نافية لا عمل لها. و «هم» ضمير الغائبين في محل رفع-ضمير منفصل-مبتدأ. من المعتبين: جار ومجرور متعلق بخبر «هم» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. بمعنى: وإن يطلبوا العتبى أي الاسترضاء من الله فليسوا هم من المرضي عنهم. أي لم ينالوا رضي الله سبحانه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ سببَ دخولهم النار؛ أخبرَ هنا عن حالِهم في النَّار، قال تعالى:
﴿ فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يستعتبوا:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة الحسن، وعمرو بن عبيد، وموسى الأسوارى.

مدارسة الآية : [25] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم ..

التفسير :

[25] وهيَّأْنا لهؤلاء الظالمين الجاحدين قرناء فاسدين من شياطين الإنس والجن، فزينوا لهم قبائح أعمالهم في الدنيا، ودعَوهم إلى لذاتها وشهواتها المحرمة، وزيَّنوا لهم ما خَلْفهم من أمور الآخرة، فأنسوهم ذِكرها، ودعَوهم إلى التكذيب بالمعاد، وبذلك استحقوا دخول ال

أي:وقضينا لهؤلاء الظالمين الجاحدين للحق{ قُرَنَاءَ} من الشياطين، كما قال تعالى:{ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} أي تزعجهم إلى المعاصي وتحثهم عليها، بسبب ما زينوا{ لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} فالدنيا زخرفوها بأعينهم، ودعوهم إلى لذاتها وشهواتها المحرمة حتى افتتنوا، فأقدموا على معاصي اللّه، وسلكوا ما شاءوا من محاربة اللّه ورسله والآخرة بَعّدُوها عليهم وأنسوهم ذكرها، وربما أوقعوا عليهم الشُّبه، بعدم وقوعها، فترحَّل خوفها من قلوبهم، فقادوهم إلى الكفر، والبدع، والمعاصي.

وهذا التسليط والتقييض من اللّه للمكذبين الشياطين، بسبب إعراضهم عن ذكر اللّه وآياته، وجحودهم الحق كما قال تعالى:{ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}

{ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أي:وجب عليهم، ونزل القضاء والقدر بعذابهم{ فِي} جملة{ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} لأديانهم وآخرتهم، ومن خسر، فلا بد أن يذل ويشقى ويعذب.

قال الجمل ما ملخصه: قوله: وَقَيَّضْنا ... أى: سببنا وهيأنا وبعثنا لهم قرناء يلازمونهم ويستولون عليهم استيلاء القيض على البيض. والقيض قشر البيض..

والتقييض- أيضا- التيسير والتهيئة، تقول قيضت لفلان الشيء، أى: هيأته ويسرته له.. .

والقرناء: جمع قرين، وهو الصديق الملازم للشخص الذي لا يكاد يفارقه، وله تأثير عليه والمراد بما بين أيديهم: شهوات الدنيا وسيئاتها. والمراد بما خلفهم: ما يتعلق بالآخرة من بعث وحساب وثواب وعقاب.

والمعنى: إن حكمتنا قد اقتضت أن نهيئ ونسبب لهؤلاء المشركين قرناء سوء، هؤلاء القرناء يزينون لهم القبيح من أعمال الدنيا التي يعيشون فيها، كما يزينون لهم إنكار ما يتعلق بما خلفهم من أمور الآخرة، كتكذيبهم بالبعث والحساب والجزاء.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ .

وقوله- تعالى-: وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ... بيان لما ترتب على استجابتهم لقرناء السوء، وانقيادهم لهم انقياد التابع للمتبوع.

أى: وثبت عليهم القول الذي قاله- سبحانه- لإبليس، وتحقق مقتضاه وهو قوله- تعالى-: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ .

وقوله: فِي أُمَمٍ في محل نصب على الحال من الضمير في عَلَيْهِمُ أى: وثبت عليهم العذاب. حالة كونهم داخلين في جملة أمم كافرة جاحدة، قد مضت من قبلهم، وهذه الأمم منها ما هو من الجن، ومنها ما هو من الإنس.

وجملة إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ تعليل لاستحقاقهم العذاب. والضمير لكفار قريش ولغيرهم من الأمم السابقة التي هلكت على الكفر.

يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين ، وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته ، وهو الحكيم في أفعاله ، بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن : ( فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم ) أي : حسنوا لهم أعمالهم في الماضي ، وبالنسبة إلى المستقبل فلم يروا أنفسهم إلا محسنين ، كما قال تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) [ الزخرف : 36 ، 37 ] .

وقوله تعالى : ( وحق عليهم القول ) أي : كلمة العذاب كما حق على أمم قد خلت من قبلهم ، ممن فعل كفعلهم ، من الجن والإنس ، ( إنهم كانوا خاسرين ) أي : استووا هم وإياهم في الخسار والدمار .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)

يعنى تعالى ذكره بقوله: ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ ) وبعثنا لهم نُظراء من الشياطين, فجعلناهم لهم قرناء قرنَّاهم بهم يزيِّنون لهم قبائح أعمالهم, فزينوا لهم ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ ) قال: الشيطان.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله: ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ ) قال: شياطين.

وقوله: ( فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول: فزين لهؤلاء الكفار قرناؤُهم من الشياطين ما بين أيديهم من أمر الدنيا. فحسنوا ذلك لهم وحبَّبوه إليهم حتى آثروه على أمر الآخرة ( وَمَا خَلْفَهُمْ ) يقول: وحسَّنوا لهم أيضا ما بعد مماتهم بأن دعوهم إلى التكذيب بالمعاد, وأن من هلك منهم, فلن يُبعث, وأن لا ثواب ولا عقاب حتى صدّقوهم على ذلك, وسهل عليهم فعل كلّ ما يشتهونه, وركوب كلّ ما يلتذونه من الفواحش باستحسانهم ذلك لأنفسهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) من أمر الدنيا( وَمَا خَلْفَهُمْ ) من أمر الآخرة.

وقوله: ( وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ) يقول تعالى ذكره: ووجب لهم العذاب بركوبهم ما ركبوا مما زين لهم قرناؤهم وهم من الشياطين.

كما حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ) قال: العذاب.( فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ), يقول تعالى ذكره: وحق على هؤلاء الذين قيضنا لهم قُرَناء من الشياطين, فزيَّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم العذاب في أمم قد مضت قبلهم من ضربائهم, حق عليهم من عذابنا مثل الذي حَقّ على هؤلاء بعضهم من الجن وبعضهم من الإنس.

( إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ) يقول: إن تلك الأمم الذين حق عليهم عذابنا من الجنّ والإنس, كانوا مغبونين ببيعهم رضا الله ورحمته بسخطه وعذابه.

التدبر :

عمل
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا﴾ ألحّ على اللهِ بالدُّعاءِ أن يرزقَكَ جَليسًا صالحًا، وأن يصرفَ عنك جُلساءَ السُّوءِ.
وقفة
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم﴾ معني تزيين الشياطين: تلقينهم الأدلة الباطلة التي تسوّغ شركهم وانحرافهم في ناحيتين: ﴿مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾: أمور الدنيا، فزيَّنت لهم الشياطين ما كانوا يقعون فيه من ألوان الفساد والعصيان، ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾: الأمور الغيبية مثل صفات الله، فنسبوا لله الولد، وأمور الآخرة كإنكار البعث والحساب، وظنهم أن الله يخفى عليه ما ستروا من أعمالهم.
وقفة
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي: هيأنا لهم شياطين، وقيل: سلطنا عليهم قرناء يزينون عندهم المعاصي، وهؤلاء القرناء من الجن والشياطين، ومن الإنس أيضًا.
وقفة
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ الكفر والمعاصي سبب تسليط الشياطين على الإنسان.
وقفة
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ سلط الله الشياطين على المجرمين، بسبب إعراضهم عن ذكر الله وآياته، وجحودهم الحق، فأضلهم الله لضلالهم، ونسيهم بما نسوه.
وقفة
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ إذا أراد الله بعبد خيرًا قيَّض له قرناء خير يعينونه على الطاعات، ويحملونه عليها، وإذا أراد به غير ذلك سلط عليه شياطين الإنس والجن يوسوسون إليه بالسيئات والمنكرات.
اسقاط
[25] ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ انظر إلي أصدقائك؛ تعلم مدى إيمانك.
عمل
[25] إذا رأيت الإنسان على باطل، ويتحدث عن ماضيه وحاضره بلغة المعجب والمفتخر، وكأنه محسن؛ فاعلم أنه ممن احتوشته الشياطين ﴿وَقَيَّضنا لَهُم قُرَناءَ فَزَيَّنوا لَهُم ما بَينَ أَيديهِم وَما خَلفَهُم﴾.
عمل
[25] ﴿وَقَيَّضنا لَهُم قُرَناءَ فَزَيَّنوا لَهُم ما بَينَ أَيديهِم وَما خَلفَهُم﴾ احترس من رفقة السوء وتبعاتها.
عمل
[25] حدد من يزين لك فعل السوء واحذر من مجالسته ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾.
وقفة
[25] ﴿وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ هذا أوضح دليل على تكليف الجن مع الإنس، فقد اعترفوا في الآخرة بأنهم كانوا كافرين، وشهدوا على أنفسهم بالكفر، مما يدل على تكليفهم وتوجه خطاب الشرع إليهم.
وقفة
[25] ﴿فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾ هذا أحد مواطن تقديم الجن على الإنس في القرآن؛ وذلك في سياق دخول النار، فأول الداخلين للنار هم الجن، قال تعالى: ﴿ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس﴾ [الأعراف: 179].
تفاعل
[25] ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من الخاسرين.

الإعراب :

  • ﴿ وَقَيَّضْنا:
  • الواو: عاطفة. قيض: فعل مبني على السكون لاتصاله بنا.و«نا» ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ لَهُمْ قُرَناءَ:
  • اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيضنا. قرناء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف على وزن-فعلاء-بمعنى وقدرنا لهم:يعني لمشركي مكة أصحابا أو وأتحنا لهم أو وجئنا لهم.
  • ﴿ فَزَيَّنُوا لَهُمْ:
  • الفاء عاطفة سببية. زين: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لهم:أعربت.
  • ﴿ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بصلة الموصول المحذوفة وهو مضاف. أيدي: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ وَما خَلْفَهُمْ:
  • الواو عاطفة. ما خلف: تعرب إعراب ما بَيْنَ» و «هم» أعربت. بمعنى ما تقدم من أعمالهم وما هم عازمون عليها أو ما بين أيديهم من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر العاقبة.
  • ﴿ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ:
  • الواو عاطفة. على حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بحق. القول: فاعل مرفوع بالضمة. بمعنى فوجبت عليهم كلمة العذاب.
  • ﴿ فِي أُمَمٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير في «عليهم» أحق عليهم القول كائنين في جملة أمم.
  • ﴿ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • الجملة الفعلية في محل جر صفة-نعت-لأمم.قد: حرف تحقيق. خلت: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة للتعذر وقد حذفت الألف لالتقاء الساكنين ولاتصال الفعل بتاء التأنيث الساكنة، والتاء تاء التأنيث لا محل لها من الإعراب والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي. من قبل: جار ومجرور متعلق بخلت. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. بمعنى: مع أمم أي مع جملة أمم قد مضت أي سبقتهم.
  • ﴿ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة لأمم لأن «من» حرف جر بياني. والإنس معطوفة بالواو على مِنَ الْجِنِّ» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ إِنَّهُمْ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل لاستحقاقهم العذاب.و«هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسمها.
  • ﴿ كانُوا خاسِرِينَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «إن».كانوا: فعل ماض ناقص مبنى على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. خاسرين: خبر كان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

الأعراف: 38﴿قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ
فصلت: 25﴿وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ
الأحقاف: 18﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     وبعد ذكرِ الوَعيدَ الشَّديدَ في الدُّنيا والآخِرةِ على كُفرِ أولئك الكُفَّارِ؛ بَيَّنَ اللهُ هنا جانبًا من الأسبابِ التى أوقعَتهم في هذا المصيرِ الأليمِ: قُرنَاءَ السُّوءِ من شياطينِ الإنسِ والجنِّ، قال تعالى:
﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا ..

التفسير :

[26] وقال الكافرون بعضهم لبعض متواصين فيما بينهم:لا تسمعوا لهذا القرآن، ولا تطيعوه، ولا تنقادوا لأوامره، وارفعوا أصواتكم بالصياح والصفير والتخليط على محمد إذا قرأ القرآن؛ لعلكم تغلبونه، فيترك القراءة، وننتصر عليه.

يخبر تعالى عن إعراض الكفار عن القرآن، وتواصيهم بذلك، فقال:{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ} أي:أعرضوا عنه بأسماعكم، وإياكم أن تلتفتوا، أو تصغوا إليه ولا إلى من جاء به، فإن اتفق أنكم سمعتموه، أو سمعتم الدعوة إلى أحكامه، فـ{ الْغَوْا فِيهِ} أي:تكلموا بالكلام الذي لا فائدة فيه، بل فيه المضرة، ولا تمكنوا -مع قدرتكم- أحدًا يملك عليكم الكلام به، وتلاوة ألفاظه ومعانيه، هذا لسان حالهم، ولسان مقالهم، في الإعراض عن هذا القرآن،{ لَعَلَّكُمْ} إن فعلتم ذلك{ تَغْلِبُونَ}]وهذه[شهادة من الأعداء، وأوضح الحق، ما شهدت به الأعداء، فإنهم لم يحكموا بغلبتهم لمن جاء بالحق إلا في حال الإعراض عنه والتواصي بذلك، ومفهوم كلامهم، أنهم إن لم يلغوا فيه، بل استمعوا إليه، وألقوا أذهانهم، أنهم لا يغلبون، فإن الحق، غالب غير مغلوب، يعرف هذا، أصحاب الحق وأعداؤه.

ثم حكى- سبحانه- ما تواصى به المشركون فيما بينهم فقال: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ.

وقوله: وَالْغَوْا فِيهِ من اللغو، وهو الكلام الساقط الذي لا فائدة فيه يقال: لغا فلان في كلامه يلغو، إذا نطق بكلام ساقط لا خير فيه.

ويبدو أن هذا الكلام قد قاله الزعماء من كفار مكة لأتباعهم، فقد ورد عن ابن عباس أنه قال: قال أبو جهل- لأتباعه-: إذا قرأ محمد فصيحوا في وجهه، حتى لا يدرى ما يقول.

أى: وقال زعماء الكفر لأتباعهم: لا تسمعوا لهذا القرآن الذي يقرأه محمد صلّى الله عليه وسلم وأصحابه، ولا تنصتوا إليه، بل ابتعدوا عن قارئيه، والغوا فيه أى: وأظهروا عند قراءته أصواتكم باللغو من القول، كالتشويش على القارئ، والتخليط عليه في قراءته بالتصفيق وبرفع الصوت بالخرافات والهذيان..

لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ أى: لعلكم بعملكم هذا تتغلبون على المسلمين، وتجعلونهم ينصرفون عن قراءة القرآن.

ولا شك أن قولهم هذا دليل واضح على خوفهم من تأثير القرآن في القلوب، هذا التأثير الذي حمل كثيرا منهم عند سماعه على الدخول في الإسلام ونبذ الكفر والكافرين.

كما يدل على أنهم لعجزهم عن معارضته، وعن الإتيان بسورة من مثله، لجئوا إلى تلك الأساليب السخيفة، لصرف الناس عن سماع القرآن الكريم.

وقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) أي : تواصوا فيما بينهم ألا يطيعوا للقرآن ، ولا ينقادوا لأوامره ، ( والغوا فيه ) أي : إذا تلي لا تسمعوا له . كما قال مجاهد : ( والغوا فيه ) يعني : بالمكاء والصفير والتخليط في المنطق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ القرآن ، قريش تفعله .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( والغوا فيه ) عيبوه .

وقال قتادة : اجحدوا به ، وأنكروه وعادوه .

( لعلكم تغلبون ) هذا حال هؤلاء الجهلة من الكفار ، ومن سلك مسلكهم عند سماع القرآن . وقد أمر الله - سبحانه - عباده المؤمنين بخلاف ذلك فقال : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) [ الأعراف : 204 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)

يقول تعالى ذكره: ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) بالله ورسوله من مشركي قريش: ( لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) يقول: قالوا للذين يطيعونهم من أوليائهم من المشركين: لا تسمعوا لقارئ هذا القرآن إذا قرأه, ولا تصغوا له, ولا تتبعوا ما فيه فتعملوا به.

كما حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) قال: هذا قول المشركين, قالوا: لا تتبعوا هذا القرآن والهوا عنه.

وقوله: ( وَالْغَوْا فِيهِ ) يقول: الغطوا بالباطل من القول إذا سمعتم قارئه يقرؤه كَيْما لا تسمعوه, ولا تفهموا ما فيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزّة, عن مجاهد, في قول الله: ( لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) قال: المكاء والتصفير, وتخليط من القول على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا قرأ, قريش تفعله.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَالْغَوْا فِيهِ ) قال: بالمكاء والتصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا قرأ القرآن, قريش تفعله.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ ) : أي اجحدوا به وأنكروه وعادوه, قال: هذا قول مشركي العرب.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, قال: قال بعضهم في قوله: ( وَالْغَوْا فِيهِ ) قال: تحدثوا وصيحوا كيما لا تسمعوه.

وقوله: ( لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) يقول: لعلكم بفعلكم ذلك تصدون من أراد استماعه عن استماعه, فلا يسمعه, وإذا لم يسمعه ولم يفهمه لم يتبعه, فتغلبون بذلك من فعلكم محمدا.

التدبر :

وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ فإذا كان القرآن قد أحيا أولئك الأقوام -مع شدة كراهتهم لهذا النوع من الحياة ومقاومتهم له بما علمنا من المقاومة، وكانوا منه في أمر مريج- فكيف لا يحيينا؟ ونحن لا نوقن بأنه كلام الله الذي ﴿تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [42].
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ من ينفر من سماع القرآن؛ فقد أسعد أعداء الله بتحقيق أهدافهم.
وقفة
[26] اشتهر عند مشركي العرب أن القرآن ما خالط قلبًا إلا وجذبه إلى الحنيفية، وقاده إلى جنة الإسلام بسلاسل الإقناع والبرهان، فحملهم الحرص على عقائدهم، وحب البقاء على تقاليدهم على مقاومته بما يمكنهم، فكان أمثل رأي ارتأوه في ذلك ما قصّه الله علينا بقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ فإذا كان القرآن قد أحيا أولئك الأقوام -مع شدة كراهتهم لهذا النوع من الحياة ومقاومتهم له بما علمنا من المقاومة، وكانوا منه في أمر مريج- فكيف لا يحيينا؟ ونحن نوقن بأنه كلام الله الذي ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [42].
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ التشويش على صوت الحق ممارسة جاهلية.
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ يتواصون بعدم سماعه والصخب عند تلاوته لمعرفتهم شدة تأثيره.
عمل
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ ستجد في رحلة السير إلى الله ومصحفك بيدك من يُزهِّد في المبادئ الكريمة التي يدعو لها القرآن؛ اثبت وارسخ فلن ينفعك أحدٌ إن تنكَّبت أو تزعزعت، القرآن حجَّة لك أو عليك.
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ وهذا من شأن دعاة الضلال والباطل: أن يُكَمِّموا أفواه الناطقين بالحق والحجة بما يستطيعون من تخويف وتسويل، وترهيب وترغيب، ولا يَدعوا الناس يتجادلون بالحجة، ويتراجعون بالأدلة؛ لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهَضُ، فهم يسترونها ويدافعونها لا بمثلها؛ ولكن بأساليب من البهتان والتضليل، فإذا أعيتهم الحِيَل، ورأوا بوارق الحق تخفق؛ خَشُوا أن يعُمَّ نورُها الناسَ الذين فيهم بقية من خير ورشد، عدلوا إلى لغو الكلام، ونفخوا في أبواق اللغو.
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ وهذه شهادة من الأعداء، وأوضح الحق ما شهدت به الأعداء؛ فإنهم لم يحكموا بغلبتهم لمن جاء بالحق إلا في حال الإعراض عنه والتواصي بذلك، ومفهوم كلامهم: أنهم إن لم يلغوا فيه، بل استمعوا إليه، وألقوا أذهانهم أنهم لا يَغلِبُون.
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ قال ابن عباس:«كان النبي ﷺ وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته، فكان أبو جهل وغيره يطردون الناس عنه، ويقولون لهم: لا تسمعوا له والغوا فيه، فكانوا يأتون بالمكاء والصفير والصيام وإنشاد الشعر والأراجيز، وما يحضرهم من الأقوال التي يصخبون بها».
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ قال الجمل: «وفي هذا تعريض بمن لا يكون عند سماعه لكلام الله خاضعًا خاشعًا متفكرًا متدبرًا، وتهديد ووعيد شديد لمن يصدر عنه عند سماعه ما يشوش على القارئ ويخلط عليه القراءة».
وقفة
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ التشويه والنكران سبيل العاجز أمام الحجة والبرهان.
وقفة
[26] ﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا لا تَسمَعوا لِهذَا القُرآنِ وَالغَوا فيهِ لَعَلَّكُم تَغلِبونَ﴾ رغم كفرهم يعلمون أنه حق، ويعلمون أن من سيستمع إليه سيعلم أنه حق.
اسقاط
[26] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ هل عرفت متى نُغلَب؟ وكيف نُغلَب؟
وقفة
[26] ﴿وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون﴾ مفهوم الآية أن من يستمع للقرآن وينصت له فهو الغالب.
اسقاط
[26] في سماع القرآن تأثير عجيب، وقوة لا تقهر، اعترف بها الكفار، وأعلنوا أن إمكانية غلبتهم مرهونة برد هذا التأثير بطريقتين: ١- عدم السماع. ٢- إشاعة اللغو ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾. فتأمل -يا مؤمن- كيف قالوا: لا تسمعوا، ولم يقولوا لا تستمعوا؟ لماذا؟ لأن في ذلك اعترافًا منهم بقوة تأثير أدنى درجات الاستماع، وهو (السماع)، فكيف بما فوقه؟ وقالوا: (وَالْغَوْا فِيهِ) فأشعر ذكرُ اللغو (وهو الصياح والصفير) وذكرُ حرف الجر (في) بأن المقصود تداخل ذلك مع أصوات القرآن حتى يكون في أثنائه وخلاله! فأين نحن من هذا المؤثر العظيم؟ ولِمَ لا نجاهدهم به جهادًا كبيرا؟
عمل
[26] استمع إلى أحد المشايخ المجيدين في قراءة القرآن متدبرًا الآيات ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾.
وقفة
[26] ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ اعتراف الكفار بقوة تأثير القرآن بمجرد السماع؛ فكيف بالإنصات؟!
وقفة
[26] مجاهدة المنافقين بالقرآن من أعظم الجهاد، وأشده نكاية بهم ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52]، لذا فمنهجهم: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ﴾.
وقفة
[26] في قول المشركين: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ كل هذه المحاصرة لصوت القرآن حتى لا يصل إلى قلوبهم ولا إلى قلوب غيرهم، وهو متضمن الاعتراف بأن هذا القرآن قادر على اقتحام قلوبهم، وأن ينتزعهم من أنفسهم، وأنه هو هذا الدين، وأن الإفلات منه إفلات من هذا الدين.
وقفة
[26] التآمر على الحق لإرباك قائله وسامعه بالصياح واللغو نهج جاهلي، له من يأمر به في كل عصر رجاء الغلبة المتوهمة ﴿والغوا فيه لعلكم تغلبون﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماض مبني على الفتح.الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «كفروا» لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول.
  • ﴿ لا تَسْمَعُوا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.لا: ناهية جازمة. تسمعوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون.الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ لِهذَا الْقُرْآنِ:
  • اللام حرف جر و «هذا» اسم إشارة مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بلا تسمعوا. بمعنى: لا تصغوا.القرآن: بدل من اسم الإشارة مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ وَالْغَوْا فِيهِ:
  • الواو عاطفة. ألغوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. فيه: جار ومجرور متعلق بالغوا أي شوشوا.
  • ﴿ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ:
  • حرف مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تغلبون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «تغلبون» خبر «لعل» في محل رفع وحذف مفعولها بمعنى لعلكم تمنعون تأثير قراءة القرآن في النفوس أو تغلبون محمدا على تشويشكم عليه.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللَّهُ إعراضَهم في أنْفُسِهمُ؛ ذكرَ هنا تَلقينَهم غيرهم أساليبَ الإعراضِ، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

والغوا:
1- بفتح الغين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة عبد الله بن بكسر السهمي، وقتادة، وأبى حيوة، والزعفراني، وابن أبى إسحاق، وعيسى، بخلاف عنهما.

مدارسة الآية : [27] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا ..

التفسير :

[27] فلنذيقن الذين قالوا هذا القول عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة، ولنجزينهم أسوأ ما كانوا يعملون من السيئات.

ولما كان هذا ظلمًا منهم وعنادًا، لم يبق فيهم مطمع للهداية، فلم يبق إلا عذابهم ونكالهم، ولهذا قال:{ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} وهو الكفر والمعاصي، فإنها أسوأ ما كانوا يعملون، لكونهم يعملون المعاصي وغيرها، فالجزاء بالعقوبة، إنما هو على عمل الشرك{ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}

وقد رد- سبحانه- على فعلهم هذا بما يناسبه من تهديد فقال: فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ.

أى: فو الله لنجعلن الذين كفروا بهذا القرآن والذين شوشوا على قارئيه بالصياح والاستهزاء، لنجعلنهم يذوقون العذاب الذي يهينهم، ويحسون به إحساسا أليما. ولنجزينهم في الآخرة الجزاء المناسب لقبح أعمالهم التي عملوها في الدنيا.

قال الآلوسى: قوله- تعالى-: وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أى: جزاء سيئات أعمالهم التي هي في أنفسها أسوأ، فأفعل للزيادة المطلقة وقيل: إنه- سبحانه- لا يجازيهم بمحاسن أعمالهم كإغاثة الملهوف، وصلة الأرحام. وإكرام الضيف ... لأن هذه الأعمال قد حبطت بسبب كفرهم.. .

وقال الجمل في حاشيته: وفي هذا تعريض بمن لا يكون عند سماعه لكلام الله خاضعا خاشعا متفكرا متدبرا. وتهديد ووعيد شديد لمن يصدر عنه عند سماعه ما يشوش على القارئ ويخلط عليه القراءة، فانظر إلى عظمة القرآن المجيد، وتأمل في هذا التغليظ والتشديد، واشهد لمن عظمه وأجل قدره، وألقى إليه السمع وهو شهيد، بالفوز العظيم.. .

ثم قال تعالى : منتصرا للقرآن ، ومنتقما ممن عاداه من أهل الكفران : ( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ) أي : في مقابلة ما اعتمدوه في القرآن وعند سماعه ، ( ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ) أي : بشر أعمالهم وسيئ أفعالهم

قال الله جل ثناؤه: ( فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) بالله من مشركي قريش الذين قالوا هذا القول عذابا شديدا في الآخرة ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ) يقول: ولنثيبنهم على فعلهم ذلك وغيره من أفعالهم بأقبح جزاء أعمالهم التي عملوها في الدنيا.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

تفاعل
[27] ﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا﴾ استعذ بالله الآن من عذابه.
وقفة
[27] ﴿فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وأسوأ الأعمال الشرك، وقيل: إنه سبحانه لا يجازيهم بمحاسن أعمالهم كإغاثة الملهوف، وصلة الأرحام، وإكرام الضيف؛ لأنها محبطة بالكفر.
وقفة
[27] ﴿فَلَنُذيقَنَّ الَّذينَ كَفَروا عَذابًا شَديدًا وَلَنَجزِيَنَّهُم أَسوَأَ الَّذي كانوا يَعمَلونَ﴾ هذا جزاء الصد عن سبيل الله.
وقفة
[27] ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ المرادُ سيِّئه، إذ لا يختصُّ جزاؤهم بأَسوأ عملهم.

الإعراب :

  • ﴿ فَلَنُذِيقَنَّ:
  • الفاء استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. نذيقن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. والنون لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول.كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ عَذاباً شَدِيداً:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شديدا:صفة لعذابا منصوبة مثلها بالفتحة.
  • ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب إعراب فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً» و «هم» مفعولها الأول.
  • ﴿ الَّذِي كانُوا:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
  • ﴿ يَعْمَلُونَ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب خبر «كانوا» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة كانُوا يَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. أي في الآخرة والعائد إلى الموصول محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: الذي كانوا يعملونه.'

المتشابهات :

آل عمران: 56﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا شَدِيدًا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ
الأعراف: 164﴿ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ
الإسراء: 58﴿أَوۡ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَسۡطُورٗا
النمل: 21﴿لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابًا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ
فصلت: 27﴿فَلَنُذِيقَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ
المجادلة: 15﴿أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ
الطلاق: 10﴿أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابًا شَدِيدًا فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد ذكرِ إعراضِ الكُفَّارِ عن القُرآنِ وتواصِيهم بذلك ظُلمًا منهم وعنادًا؛ رَدَّ اللَّهُ هنا على فعلِهم هذا بما يناسبه من تهديد، قال تعالى:
﴿ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [28] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ ..

التفسير :

[28] ذلك العذاب الشديد جزاءٌ عادل لأعداء الله، هو نار جهنم، لهم فيها دار الخلود الدائم؛ جزاء بما كانوا بحججنا وأدلتنا يجحدون في الدنيا. والآية دالة على عظم جريمة من صرف الناس عن القرآن العظيم، وصدَّهم عن تدبره وهدايته بأيِّ وسيلة كانت.

{ ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ} الذين حاربوه، وحاربوا أولياءه، بالكفر والتكذيب، والمجادلة والمجالدة.{ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} أي:الخلود الدائم، الذي لا يفتر عنهم العذاب ساعة، ولا هم ينصرون، وذلك{ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} فإنها آيات واضحة، وأدلة قاطعة مفيدة لليقين، فأعظم الظلم وأكبر العناد، جحدها، والكفر بها.

واسم الإشارة في قوله- تعالى-: ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ ... يعود إلى ما تقدم من العذاب الشديد المعد لهؤلاء الكافرين، وهو مبتدأ، وجملة جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ خبره.

وقوله النَّارُ بدل أو عطف بيان.

أى: ذلك العذاب الشديد الذي نذيقه للكافرين جزاء عادل لأعداء الله، وهذا العذاب الشديد يتمثل في النار التي أعدها- سبحانه- لهم.

وجملة: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ مؤكدة لما قبلها. أى: لهم في تلك النار الإقامة الدائمة الباقية المستمرة، فهي بمثابة الدار المهيأة لسكنهم الدائم.

وقوله- سبحانه-: جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ بيان لحكم الله العادل فيهم.

أى: نجازيهم جزاء أليما بسبب جحودهم لآياتنا الدالة على وحدانيتنا وعلى صدق رسلنا.

أي بشر أعمالهم وسيء أفعالهم.

القول في تأويل قوله تعالى : ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)

يقول تعالى ذكره: هذا الجزاء الذي يجزى به هؤلاء الذين كفروا من مشركي قريش جزاء أعداء الله; ثم ابتدأ جلّ ثناؤه الخبر عن صفة ذلك الجزاء, وما هو فقال: هو النار, فالنار بيان عن الجزاء, وترجمة عنه, وهي مرفوعة بالردّ عليه; ثم قال: ( لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ) يعني لهؤلاء المشركين بالله في النار دار الخلد يعني دار المكث واللبث, إلى غير نهاية ولا أمد; والدار التي أخبر جلّ ثناؤه أنها لهم في النار هي النار, وحسن ذلك لاختلاف اللفظين, كما يقال: لك من بلدتك دار صالحة, ومن الكوفة دار كريمة, والدار: هي الكوفة والبلدة, فيحسن ذلك لاختلاف الألفاظ, وقد ذكر لنا أنها في قراءة ابن مسعود: " ذَلكَ جَزَاءُ أعْدَاء اللهِ النَّارُ دَارُ الخُلْدِ" ففي ذلك تصحيح ما قلنا من التأويل في ذلك, وذلك أنه ترجم بالدار عن النار.

وقوله: ( جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) يقول: فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء من مجازاتنا إياهم النار على فعلهم جزاء منا بجحودهم في الدنيا بآياتنا التي احتججنا بها عليهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[28] ﴿ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ ربط العقوبة بالسبب أسلوب قرآني، يهدف إلى تعميم الانتفاع بالآية بدلًا من ربطها بحالة خاصة نزلت فيها هذه الآية.
تفاعل
[28] ﴿النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ﴾ استعذ بالله من عذاب النار.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. أي ذلك الجزاء الأسوأ.
  • ﴿ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ:
  • خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. أعداء: مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. الله: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ النّارُ:
  • عطف بيان للجزاء أو خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو النار.
  • ﴿ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ:
  • اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. فيها: جار ومجرور متعلق بالمبتدإ. دار: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الخلد: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى: الخلود. أو المعنى أن النار في نفسها دار الخلد.
  • ﴿ جَزاءً بِما:
  • مفعول له-لأجله-منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بما: الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء. والجملة بعده: صلته لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ:
  • أعربت في الآية الكريمة الخامسة عشرة. أي جزاء على ما كانوا يلغون فيها أو يكفرون.'

المتشابهات :

التوبة: 82﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
التوبة: 95﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ ۖ إِنَّهُمْ رِجْسٌ ۖ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
فصلت: 28﴿لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ ۖ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ العذابَ الشديدَ المعد لهؤلاء الكافرين؛ بَيَّنَ هنا أن هذا جزاء عادل على أعمالهم، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :فصلت     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا ..

التفسير :

[29] وقال الذين كفروا بالله ورسوله، وهم في النار:ربنا أرنا اللذَين أضلَّانا من خلقك من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا؛ ليكونا في الدرك الأسفل من النار.

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي:الأتباع منهم، بدليل ما بعده، على وجه الحنق، على من أضلهم:{ رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} أي:الصنفين اللذين، قادانا إلى الضلال والعذاب، من شياطين الجن، وشياطين الإنس، الدعاة إلى جهنم.

{ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} أي:الأذلين المهانين كما أضلونا، وفتنونا، وصاروا سببًا لنزولنا. ففي هذا، بيان حنق بعضهم على بعض، وتبرِّي بعضهم من بعض.

ثم صور- سبحانه- أحوالهم وهم يتقلبون في النار وحكى بعض أقوالهم التي يقولونها وهم في ذلك العذاب الأليم فقال: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا على من أضلوهم.

رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ... أى: قالوا يا ربنا أطلعنا على الفريقين اللذين زينوا لنا الكفر والفسوق والعصيان من أفراد الجن والإنس نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ أى: أرنا إياهم لننتقم منهم، بأن ندوسهما بأقدامنا احتقارا لهم، وغضبا عليهم، ليكونا بذلك في أسفل مكان من النار، وفي أحقره وأكثرهم سعيرا. وهكذا تتحول الصداقة التي كانت بين الزعماء والأتباع في الدنيا، إلى عداوة تجعل كل فريق يحتقر صاحبه، ويتمنى له أسوأ العذاب.

وكعادة القرآن في المقارنة بين عاقبة الأشرار وعاقبة الأخيار، جاء الحديث عن حسن عاقبة المؤمنين، بعد الحديث عن سوء مصير الكافرين، فقال- تعالى-:

قال سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مالك بن الحصين الفزاري ، عن أبيه ، عن علي ، رضي الله عنه ، في قوله : ( الذين أضلانا ) قال : إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه .

وهكذا روى حبة العرني عن علي ، مثل ذلك .

وقال السدي ، عن علي : فإبليس يدعو به كل صاحب شرك ، وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة ، فإبليس - لعنه الله - هو الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه ، وابن آدم الأول . كما ثبت في الحديث : " ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ; لأنه أول من سن القتل " .

وقوله ( نجعلهما تحت أقدامنا ) أي : أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذابا منا ; ولهذا قالوا : ( ليكونا من الأسفلين ) أي : في الدرك الأسفل من النار ، كما تقدم في " الأعراف " من سؤال الأتباع من الله أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم ، قال : ( لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) [ الأعراف : 38 ] أي : إنه تعالى قد أعطى كلا منهم ما يستحقه من العذاب والنكال ، بحسب عمله وإفساده ، كما قال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون ) [ النحل : 88 ] .

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ (29)

يقول تعالى ذكره: وقال الذين كفروا بالله ورسوله يوم القيامة بعد ما أدخلوا جهنم: يا ربنا أرنا اللذين أضلانا من خلقك من جنهم وإنسهم. وقيل: إن الذي هو من الجنّ إبليس, والذي هو من الإنس ابن آدم الذي قتل أخاه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ثابت الحداد, عن حبة العرنيّ (2) عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: ( أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) قال: إبليس الأبالسة وابن آدم الذي قتل أخاه.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن سلمة, عن مالك بن حصين, عن أبيه عن عليّ رضي الله عنه في قوله: ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) قال: إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثني وهب بن جرير, قال: ثنا شعبة, عن سلمة بن كهيل, عن أبي مالك وابن مالك, عن أبيه, عن علي رضي الله عنه ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) قال: ابن آدم الذي قتل أخاه, وإبليس الأبالسة.

حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه, في قوله: ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ )... الآية, فإنهما ابن آدم القاتل, وإبليس الأبالسة. فأما ابن آدم فيدعو به كلّ صاحب كبيرة دخل النار من أجل الدعوة. وأما إبليس فيدعو به كل صاحب شرك, يدعوانهما في النار.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, قال: ثنا معمر, عن قتادة ( رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) هو الشيطان, وابن آدم الذي قتل أخاه.

وقوله ( نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسْفَلِينَ ) يقول: نجعل هذين اللذين أضلانا تحت أقدامنا, لأن أبواب جهنم بعضها أسفل من بعض, وكل ما سفل منها فهو أشد على أهله, وعذاب أهله أغلظ, ولذلك سأل هؤلاء الكفار ربهم أن يريهم اللذين أضلاهم ليجعلوهما أسفل منهم ليكونا في أشد العذاب في الدرك الأسفل من النار.

------------------------

الهوامش:

(2) كذا في خلاصة الخزرجي ، حبة بن جوين العرني ، بضم المهملة الأولى ، أبو قدامة الكوفي ؛ عن علي ؛ وعنه سلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة . قال العجلي : ثقة ؛ وقال ابن سعد : مات سنة ست وسبعين . وفي الأصل : العوفي ، تحريف .

التدبر :

وقفة
[29] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾ من الجِن إبليس ومن الإنْس قابيل، فهُما سنَّا الكفر والقتل.
وقفة
[29] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ قال علي بن أبي طالب: «لا تصاحب الفاجر، فإنه يُزيِّن لك فعله، ويود لو أنك مثله».
وقفة
[29] ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ هذه نهاية الأضواء والإعجاب والقتنة بهم.
وقفة
[29] عندما يرى الكفار يوم القيامة عظيم ما حل بهم وسوء منقلبهم، تجول أفكارهم فيمن كان سبب غوايتهم وبادي ضلالتهم، فيعظم غيظهم وحنقهم عليه، ويودون أن يحصل لهم أشد عذاب، فحينئذ يقولون: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾.
وقفة
[29] تمنَّي الأتباع أن ينال متبوعوهم أشدَّ العذاب يوم القيامة ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾.
وقفة
[29] إذا خالفت أوامر المتبوعين أوامر الله هلكوا وأهلكوا من يتبعهم ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾.
وقفة
[29] مصير المضلين: ﴿وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين﴾.
وقفة
[29] ﴿ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس﴾ قدم جل شأنه الجن في هذه الآية؛ لأن الحديث عن الإضلال والغواية، وهذا الأمر تخصص الجن بالدرجة الأولى.
عمل
[29] ﴿نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ﴾ لا تغرَّنكم المودات بين الناس في الدنيا، فمن اجتمعوا في الدنيا على الفساد والضلال، يلعن بعضهم بعضًا في الآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا:
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة والعشرين.ربنا: أصلها يا ربنا. فحذفت اداة النداء اكتفاء بالمنادى اختصارا وتوقيرا.رب: منادى مضاف منصوب بأداة النداء المحذوفة وعلامة نصبه الفتحة. «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ أَرِنَا الَّذَيْنِ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب مفعول به-مقول القول- أرنا: فعل دعاء وتضرع بصيغة طلب مبني على حذف آخره حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. و «نا» ضمير متصل- ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. اللذين:اسم موصول منصوب لأنه مفعول به ثان وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى.والجملة بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ أَضَلاّنا:
  • فعل ماض مبني على الفتح والألف ضمير متصل-ضمير الغائبين- مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «نا» أعربت في «أرنا» أي الشياطين اللذين أضلانا من الجن والإنس لأن الشيطان على ضربين: جني وإنسي.وقيل: معناه: أعطنا اللذين أضلانا.
  • ﴿ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الموصول.و«من» حرف جر بياني. التقدير: في حالة كونهما من الجن والإنس.والإنس: معطوفة بالواو على مِنَ الْجِنِّ» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ نَجْعَلْهُما:
  • فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. و «ما» علامة التثنية.
  • ﴿ تَحْتَ أَقْدامِنا:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بمفعول «نجعل» الثاني وهو مضاف. أقدام: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وهو مضاف و «نا» ضمير متصل-ضمير المتكلمين-مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ:
  • اللام لام التعليل حرف جر. يكونا: فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون.والألف ضمير متصل-ضمير الغائبين-مبني على السكون في محل رفع اسم «يكون».من الأسفلين: جار ومجرور متعلق بخبرها. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد. وجملة «يكونا من الأسفلين» صلة «أن» المضمرة لا محل لها من الإعراب. و «أن» المضمرة وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بنجعلهما.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     وبعد بيان أن المشركين ماكثون في النار لا يبرحون؛ حكى هنا بعض أقوالهم التي يقولونها وهم في ذلك العذاب الأليم، وهم يطلبون الانتقام ممن أضلوهم من شياطين الإنس والجن، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف