3871415161718192021

الإحصائيات

سورة القصص
ترتيب المصحف28ترتيب النزول49
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.00
عدد الآيات88عدد الأجزاء0.56
عدد الأحزاب1.12عدد الأرباع4.50
ترتيب الطول14تبدأ في الجزء20
تنتهي في الجزء20عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 14/29طسم: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (14) الى الآية رقم (17) عدد الآيات (4)

بلوغُ موسى عليه السلام سنِّ الرشدِ، ولمَّا مرَ برجلَينِ يَقْتَتِلان أحدِهما من بنى إسرائيلَ، والآخرِ من القِبْطِ قومِ فرعونَ، فضربَ موسى القِبطيّ فقتلَه من غيرِ قصدٍ، ثُمَّ ندِمَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (18) الى الآية رقم (21) عدد الآيات (4)

خافَ موسى عليه السلام لمَّا قتلَ القِبطيَّ، ثُمَّ وجدَ الإسرائيليَّ الذي استغاثَ به بالأمسِ يستغيثُ به ثانيةً على قبطيٍّ آخرَ، فنهرَه موسى، ثُمَّ خرجَ من مصرَ إلى مَدْيَنَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة القصص

الدعوة إلى التوحيد، وبيان أن إرادة الله وحده هي النافذة/ الثقة بوعد الله/ عاقبة الطغيان والفساد

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • عن أي شيء تتحدث سورة القصص؟:   المحور الأساسي في سورة القصص هو قصة موسى عليه السلام. هل ذكرت السورة كل جوانب قصة موسى عليه السلام؟ الجواب: لا، بل ركزت على جوانب محددة من قصته: مولده، رميه في البحر، نشأته في قصر فرعون، خروجه من مصر إلى مدين وزواجه، ثم عودته إلى بلده بعد عشر سنين، وانتصاره على فرعون. سورة القصص هي السورة الوحيدة في القرآن التي ركّزت على مولد موسى ونشأته وخروجه إلى مدين، بينما لم تركز على بني إسرائيل ومشاكلهم مع موسى كما في باقي السور، فلماذا؟ تعالوا نتعرف على وقت نزول السورة لعلنا نجد الجواب. وقت نزول السورة: نزلت السورة وقت هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وخروجه من مكة إلى المدينة حزينًا لفراق بلده، فأراد الله أن يطمئن قلبه بأنه سيرده إلي مكة مرة أخرى؛ فقص عليه قصة موسى عليه السلام، منذ مولده وفراقه لأمه، ثم عودته إليها. نزلت السورة تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إنك ستعود إلي مكة يا رسول الله منتصرًا بعد أن خرجت منها متخفيًا.
  • • في أول السورة وعد، وفي آخرها وعد::   فتأمل العلاقة بينهما: 1- الأول: وعد الله لأم موسى في أول السورة: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ﴾ (7). 2- الثاني: وعد الله للنبي صلى الله عليه وسلم في آخر السورة: ﴿إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾ (85). عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ قَالَ: إِلَى مَكَّةَ. (البخاري 4773). ونلاحظ استعمال نفس الكلمة في الوعدين: (راد). وكأن المعنى: يا محمد إن الذي صدق وعده مع موسى وأمه، سيعيدك إلى مكة فاتحًا منتصرًا. فهدف سورة القصص هو الثقة بوعد الله، واليقين بأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «القصص».
  • • معنى الاسم ::   قصَّ علىَّ خبرَه: أورده، والقصَص: الخبر المقصوص، والقِصص: جمع قِصَّة.
  • • سبب التسمية ::   لورود هذا اللفظ (القصص) في الآية (25)؛ ولأن ‏الله ‏ذكر ‏فيها ‏قصة ‏موسى ‏مفصلة ‏موضحة ‏من ‏حين ‏ولادته ‏إلى ‏حين ‏رسالته.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة طسم» تسمية للسورة بما افتتحت به، و«سورة موسى»؛ لذكر ‏قصته ‏فيها ‏مفصلة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الثقة بوعد الله، وأنه متحقق لا محالة، مهما طالت المدة أو صعبت الظروف.
  • • علمتني السورة ::   أن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم ومستمر.
  • • علمتني السورة ::   أن العاقبة للحق وأهله، وأن إرادة الله وحده هي النافذة.
  • • علمتني السورة ::   اليقين في الله: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ ، أم تخاف على ابنها من فرعون تلقي به في البحر؟!
رابعًا : فضل السورة :
  • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة القصص من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة القصص من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور نزلت متتالية، ووضعت في المصحف متتالية أيضًا، وهي: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك؛ لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل)، ويكاد يكون منهاجها واحدًا، في سلوك مسلك العظة والعبرة، عن طريق قصص الغابرين، وجميعها افتتحت بذكر قصة موسى عليه السلام، وكذلك جميعها اختتم بالتهديد والوعيد للمعاندين والمخالفين.
    • قصة موسى عليه السلام ذكرت في كثير من سور القرآن (تكرر اسم موسى 136 مرة في 34 سورة، وأكثر السور التي ذكرت قصته بالتفصيل: الأعراف، طه، القصص)، ولكن نجد أنها في سورة القصص ركزت على قصة سيدنا موسى من مولده إلى بعثته، وذكرت تفاصيل لم تذكر في سواها: كقتله المصري، وخروجه إلى مدين، وزواجه من بنت الرجل الصالح، وفصلت أكثر في محنة ميلاده ونشأته في قصر فرعون.
    • احتوت سورة القصص على آية تدل على فصيح القرآن الكريم وإعجازه، وهي: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (7)؛ لأنها اشتملت على: أَمرْين ونهيين وخبرين وبشارتين؛ أما الأمران فهما: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾، و﴿فَأَلْقِيهِ﴾، وأما النهيان فهما: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾، و﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾، وأما الخبران فهما: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ﴾، و﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾، وأما البشارتان فهما: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾، و﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن تمتلأ قلوبنا بهذا العمل القلبي العظيم: اليقين والثقة في الله.
    • ألا نخاف علو الظالم وقوته؛ فلله إرادة سيمليها على كونه إملاءًا، وسينتهي الفساد، وسيعلو الحق، وسيأتي التمكين: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ... وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ (4-6).
    • ألا نستعجل النصر؛ قال الله عن بني إسرائيل: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواَ﴾ (5)، ولم يأتِ النصر إلا بعد أربعين سنة.
    • أن نستخدم الحيلة المشروعة للتخلص من ظلم الظالم: ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ (12).
    • أن نصلح بين اثنين متخاصمين: ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ...﴾ (15).
    • أن نلجأ إلى الله دومًا: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (21).
    • أن نفعل الخير ونمضي؛ لا ننتظر الجزاء من الناس: ﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ﴾ (24).
    • أن نكافئ شخصًا أحسن إلينا؛ فإن هذا من دأب الصالحين: ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ (25).
    • أن نستعن بمن يعيننا على القيام بدعوتنا ممن يملك المواصفات المناسبة: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ (34).
    • أن نحذر من اتباع الهوى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ﴾ (50).
    • أن نعرض عن اللغو: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾ (55).
    • أن نحذر الظلم؛ فإنه من أسباب هلاك الأمم السابقة: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ (59).
    • ألا يشغلنا طعام ولا لباس ولا مسكن في الدنيا عن الآخرة: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾ (60).
    • أن نحسن سريرتنا؛ فإن الله يعلم ما في الصدور: ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ (69).
    • أن نرضى بما قسم الله لنا: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ (82).

تمرين حفظ الصفحة : 387

387

مدارسة الآية : [14] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ ..

التفسير :

[14] ولما بلغ موسى أشد قوته وتكامل عقله، آتيناه حكماً وعلماً يعرف بهما الأحكام الشرعية، وكما جزينا موسى على طاعته وإحسانه نجزي مَن أحسن مِن عبادنا.

{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} من القوة والعقل واللب، وذلك نحو أربعين سنة في الغالب،{ وَاسْتَوَى} كملت فيه تلك الأمور{ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} أي:حكما يعرف به الأحكام الشرعية، ويحكم به بين الناس، وعلما كثيرا.

{ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} في عبادة اللّه المحسنين لخلق اللّه، نعطيهم علما وحكما بحسب إحسانهم، ودل هذا على كمال إحسان موسى عليه السلام.

وقوله- سبحانه- وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى بيان لجانب من النعم التي أنعم الله- تعالى- بها على موسى في تلك المرحلة من حياته.

ولَمَّا ظرف بمعنى حين. والأشد: قوة الإنسان، واشتعال حرارته من الشدة بمعنى القوة والارتفاع يقال: شد النهار إذا ارتفع. وهو مفرد جاء بصيغة الجمع ولا واحد له من لفظه.

وقوله: وَاسْتَوى من الاستواء بمعنى الاكتمال وبلوغ الغاية والنهاية.

أى- وحين بلغ موسى- عليه السلام- منتهى شدته وقوته، واكتمال عقله، قالوا:

وهي السن التي كان فيها بين الثلاثين والأربعين.

آتَيْناهُ بفضلنا وقدرتنا حُكْماً أى: حكمة وهي الإصابة في القول والفعل، وقيل: النبوة.

وَعِلْماً أى: فقها في الدين، وفهما سليما للأمور، وإدراكا قويما لشئون الحياة.

وقوله- سبحانه-: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ بيان لسنة من سننه- تعالى- التي لا تتخلف.

أى: ومثل هذا الجزاء الحسن، والعطاء الكريم، الذي أكرمنا به موسى وأمه نعطى ونجازي المحسنين، الذين يحسنون أداء ما كلفهم الله- تعالى- به. فكل من أحسن في أقواله وأعماله، أحسن الله- تعالى- جزاءه، وأعطاه الكثير من آلائه.

لما ذكر تعالى مبدأ أمر موسى ، عليه السلام ، ذكر أنه لما بلغ أشده واستوى ، آتاه الله حكما وعلما - قال مجاهد : يعني النبوة ( وكذلك نجزي المحسنين ) .

ثم ذكر تعالى سبب وصوله إلى ما كان تعالى قدر له من النبوة والتكليم : قضية قتله ذلك القبطي ، الذي كان سبب خروجه من الديار المصرية إلى بلاد مدين ،

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)

يقول تعالى ذكره: ( وَلَمَّا بَلَغَ) مُوسَى (أشده ) , يعني حان شدة بدنه وقواه, وانتهى ذلك منه، وقد بيَّنا معنى الأشدّ فيما مضى بشواهده, فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.

وقوله: ( واستوى ) يقول: تناهي شبابه, وتمّ خلقه واستحكم. وقد اختلف في مبلغ عدد سني الاستواء, فقال بعضهم: يكون ذلك في أربعين سنة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد, في قوله: ( واستوى ) قال: أربعين سنة.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) قال: ثلاثا وثلاثين سنة.

قوله: ( واستوى ) قال: بلغ أربعين سنة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, عن ابن عباس ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) قال: بضعا وثلاثين سنة.

قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ) قال: ثلاثا وثلاثين سنة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة ( أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) قال: أربعين سنة, وأشدّه: ثلاثا وثلاثين سنة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) قال: كان أبي يقول: الأشدّ: الجلَد, والاستواء: أربعون سنة.

وقال بعضهم: يكون ذلك في ثلاثين سنة.

وقوله: ( آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) يعني بالحكم: الفهم بالدين والمعرفة.

كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) قال: الفقه والعقل والعمل قبل النبوّة.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) قال: الفقه والعمل قبل النبوة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ) آتاه الله حكما وعلما: وفقها في دينه ودين آبائه, وعلما بما في دينه وشرائعه وحدوده.

وقوله: ( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول تعالى ذكره: كما جزينا موسى على طاعته إيانا وإحسانه بصبره على أمرنا, كذلك نجزي كلّ من أحسن من رسلنا وعبادنا, فصبر على أمرنا وأطاعنا, وانتهى عما نهيناه عنه.

التدبر :

وقفة
[14] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ﴾ اختلفوا في معنى بلوغ الأشد والاستواء، قال الألوسي: «والذي أرى أنه الراجح، بأن البلوغ الأشد عبارة عن بلوغ القدر الذي يتقوى فيه بدنه وقوته الجسمانية، وينتهي فيه نموه المعتد به، والاستواء: اعتدال عقله وكماله، ولا ينبغي تعين وقت (أي سن) لذلك في حق موسى عليه السلام إلا بخبر يعول عليه».
وقفة
[14] ﴿وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاستَوى آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا﴾ فى الآية استفادة بضرورة السعى لنيل العلم والفهم، فالعمر هذا مناسب لذلك.
عمل
[14] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ العطايا والهبات الربانية لا تأتيك فى الوقت الذى تختاره أنت، بل فى الوقت الذى يكون نفعها لك أعظم؛ فاصبر وثق بالله.
عمل
[14] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ قد تتأخر الهِبات والعطايا؛ فلا تحزن، ولا تيأس.
وقفة
[14] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ أي مرتبة تريد الوصول إليها؛ يجب أن تكون مهيأ لها.
وقفة
[14] العلم: هو صفة أصيلة ملازمة للقائد والقدوة والمربي الناجح، قال سبحانه عن النبي القدوة موسى عليه السلام ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ ، وقال سبحانه عن القائدَين المَلِكَين النبيين داود وسليمان عليهما السلام ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا﴾ [النمل: 15].
وقفة
[14] الأنبياء يستوون ثم يوحي إليهم ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾، فمن قدم نفسه قبل استوائها ظهر النقص في زكائها.
وقفة
[14] ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ قال الرازي: «ويروى أنه لم يبعث نبي إلا على رأس أربعين سنة، والحكمة فيه ظاهرة؛ لأن الإنسان يكون إلى رأس الأربعين قواه الجسمانية من الشهوة والغضب والحس قوية مستكملة، فيكون الإنسان منجذبًا إليها، فإذا انتهى إلى الأربعين أخذت القوى الجسمانية في الانتقاص، والقوة العقلية في الازدياد، فهناك يكون الرجل أكمل ما يكون، فلهذا السر اختار الله تعالى هذه السن للوحی».
وقفة
[14] من أحسن عبادة الله في شبيبته أعطاه الله الحكمة عند كبر سنه، وذلك قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[14] الحفاظ على شبابك سبب لإيتاء العلم لك حين تبلغ أَشُدَّك ﴿ولما بلغ أشدَّه آتيناه حكما وعلما، وكذلك نجزي المحسنين﴾ وعد جاء مرتين.
عمل
[14] أحسن في عبادتك يعطك الله حكمة وعلمًا ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وقفة
[14] ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ العلم والحكمة شرف رفيع ومنزلة عالية لا يمنحان إلا لنفس شريفة، تعرف كيف تصونه.
وقفة
[14] ﴿وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾: في عبادة الله، المحسنين لخلق الله نعطيهم علمًا وحكمًا بحسب إحسانهم، ودلَّ هذا على كمال إحسان موسى عليه السلام.
وقفة
[14] ﴿وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ﴾ خاتمة مبهرة للآية الكريمة، فمن الجزاء الطيب لاستوائك على الحق أن يرزقك الله حكمًا وعلمًا.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاِسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة أعربت في سورة يوسف في الآية الكريمة الثانية والعشرين.
  • ﴿ وَاسْتَوى:
  • معطوفة بالواو على بَلَغَ» وتعرب إعرابها والفعل مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. بمعنى واعتدل وتم استحكامه وبلغ المبلغ الذي لا يزاد عليه وهو أربعون سنة.'

المتشابهات :

يوسف: 22﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
القصص: 14﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [14] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ ما أنعم به على موسى عليه السلام في الصغر من إنجائه من الهلاك بعد وضعه في التابوت وإلقائه في النيل، وإنجائه من الذبح الذي عمَّ أبناء بني إسرائيل؛ ذكرَ هنا ما أنعم به عليه في كبرِه من إيتائِه العلم والحكمة، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [15] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ ..

التفسير :

[15] ودخل موسى المدينة مستخفياً وقت غفلة أهلها، فوجد فيها رجلين يقتتلان:أحدهما من قوم موسى من بني إسرائيل، والآخر من قوم فرعون، فطلب الذي من قوم موسى النصر على الذي من عدوه، فضربه موسى بجُمْع كفِّه فمات، قال موسى حين قتله:هذا من نزغ الشيطان، بأن هيَّج غ

{ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا} إما وقت القائلة، أو غير ذلك من الأوقات التي بها يغفلون عن الانتشار.{ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ} أي:يتخاصمان ويتضاربان{ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ} أي:من بني إسرائيل{ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} القبط.

{ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} لأنه قد اشتهر، وعلم الناس أنه من بني إسرائيل، واستغاثته لموسى، دليل على أنه بلغ موسى عليه السلام مبلغا يخاف منه، ويرجى من بيت المملكة والسلطان.

{ فَوَكَزَهُ مُوسَى} أي:وكز الذي من عدوه، استجابة لاستغاثة الإسرائيلي،{ فَقَضَى عَلَيْهِ} أي:أماته من تلك الوكزة، لشدتها وقوة موسى.

فندم موسى عليه السلام على ما جرى منه، و{ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} أي:من تزيينه ووسوسته،{ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} فلذلك أجريت ما أجريت بسبب عداوته البينة، وحرصه على الإضلال.

ثم حكى- سبحانه- بعض الأحداث التي تعرض لها موسى- عليه السلام- في تلك الحقبة من عمره فقال: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها.

والمراد بالمدينة: مصر، وقيل: ضاحية من ضواحيها، كعين شمس، أو منف.

وجملة عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها حال من الفاعل. أى: دخلها مستخفيا.

قيل: والسبب في دخوله على هذه الحالة، أنه بدت منه مجاهرة لفرعون وقومه بما يكرهون، فخافهم وخافوه. فاختفى وغاب، فدخلها متنكرا .

أى: وفي يوم من الأيام، وبعد أن بلغ موسى سن القوة والرشد، دخل المدينة التي يسكنها فرعون وقومه: عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها أى: دخلها مستخفيا في وقت كان أهلها غافلين عما يجرى في مدينتهم من أحداث، بسبب راحتهم في بيوتهم في وقت القيلولة، أو ما يشبه ذلك.

فَوَجَدَ موسى فِيها أى في المدينة رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ أى: يتخاصمان ويتنازعان في أمر من الأمور.

هذا مِنْ شِيعَتِهِ أى: أحد الرجلين كان من طائفته وقبيلته. أى: من بنى إسرائيل:

وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ أى: والرجل الثاني كان من أعدائه وهم القبط الذين كانوا يسيمون بنى إسرائيل سوء العذاب.

فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ أى: فطلب الرجل الإسرائيلى من موسى، أن ينصره على الرجل القبطي.

والاستغاثة: طلب الغوث والنصرة، ولتضمنه معنى النصرة عدى بعلى.

فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ والفاء هنا فصيحة. والوكز: الضرب بجميع الكف.

قال القرطبي: والوكز واللكز واللهز بمعنى واحد، وهو الضرب بجميع الكف .

أى: فاستجاب موسى لمن استنصر به، فوكز القبطي، أى: فضربه بيده مضمومة أصابعها في صدره، فَقَضى عَلَيْهِ أى: فقتله. وهو لا يريد قتله، وإنما كان يريد دفعه ومنعه من ظلم الرجل الإسرائيلى.

والتعبير بقوله- تعالى-: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ يشير إلى أن موسى- عليه السلام- كان على جانب عظيم من قوة البدن، كما يشير- أيضا- إلى ما كان عليه من مروءة عالية. حملته على الانتصار للمظلوم بدون تقاعس أو تردد.

ولكن موسى- عليه السلام- بعد أن رأى القبطي جثة هامدة، استرجع وندم، وقال:

هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ أى: قال موسى: هذا الذي فعلته وهو قتل القبطي، من عمل الشيطان ومن وسوسته. ومن تزيينه.

إِنَّهُ أى: الشيطان عَدُوٌّ للإنسان مُضِلٌّ له عن طريق الحق مُبِينٌ أى: ظاهر العداوة والإضلال.

فقال تعالى : ( ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها ) قال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : وذلك بين المغرب والعشاء .

وقال ابن المنكدر ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس : كان ذلك نصف النهار . وكذلك قال سعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، وقتادة .

( فوجد فيها رجلين يقتتلان ) أي : يتضاربان ويتنازعان ، ( هذا من شيعته ) أي : من بني إسرائيل ، ( وهذا من عدوه ) أي : قبطي ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق . فاستغاث الإسرائيلي بموسى ، عليه السلام ، ووجد موسى فرصة ، وهي غفلة الناس ، فعمد إلى القبطي ( فوكزه موسى فقضى عليه ) .

قال مجاهد : وكزه ، أي : طعنه بجمع كفه . وقال قتادة : وكزه بعصا كانت معه .

( فقضى عليه ) أي : كان فيها حتفه فمات ، قال موسى : ( هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين )

القول في تأويل قوله تعالى : وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15)

يقول تعالى ذكره: (وَدَخَلَ) موسى (الْمَدِينَةَ) مدينة منف من مصر ( عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ) وذلك عند القائلة، نصف النهار.

واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله دخل موسى هذه المدينة في هذا الوقت, فقال بعضهم: دخلها متبعا أثر فرعون, لأن فرعون ركب وموسى غير شاهد; فلما حضر علم بركوبه فركب واتبع أثره, وأدركه المقيل في هذه المدينة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال: كان موسى حين كبر يركب مراكب فرعون, ويلبس مثل ما يلبس , وكان إنما يُدعى موسى بن فرعون, ثم إن فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى; فلما جاء موسى قيل له: إن فرعون قد ركب, فركب في أثره فأدركه المقيل بأرض يقال لها منف, فدخلها نصف النهار, وقد تغلقت أسواقها, وليس في طرقها أحد, وهي التي يقول الله: ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ).

وقال آخرون: بل دخلها مستخفيا من فرعون وقومه, لأنه كان قد خالفهم في دينهم, وعاب ما كانوا عليه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: لَمَّا بلغ موسى أشده واستوى, آتاه الله حكما وعلما, فكانت له من بني إسرائيل شيعة يسمعون منه ويطيعونه ويجتمعون إليه, فلما استد (1) رأيه, وعرف ما هو عليه من الحقّ, رأى فراق فرعون وقومه على ما هم عليه حقا في دينه, فتكلم وعادى وأنكر, حتى ذكر منه, وحتى أخافوه وخافهم, حتى كان لا يدخل قرية فرعون إلا خائفا مستخفيا, فدخلها يوما على حين غفلة من أهلها.

وقال آخرون: بل كان فرعون قد أمر بإخراجه من مدينته حين علاه بالعصا, فلم يدخلها إلا بعد أن كبر وبلع أشدّه. قالوا: ومعنى الكلام: ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها لذكر موسى: أي من بعد نسيانهم خبره وأمره.

* ذكر من قال ذلك:

- حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ) قال: ليس غفلة من ساعة, ولكن غفلة من ذكر موسى وأمره. وقال فرعون لامرأته: أخرجيه عني, حين ضرب رأسه بالعصا, هذا الذي قُتِلتْ فيه &; 19-538 &; بنو إسرائيل, فقالت: هو صغير, وهو كذا, هات جمرا, فأتي بجمر, فأخذ جمرة فطرحها في فيه فصارت عقدة في لسانه, فكانت تلك العقدة التي قال الله وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي قال: أخرجيه عني, فأخرج, فلم يدخل عليهم حتى كبر, فدخل على حين غفلة من ذكره.

وأولى الأقوال في الصحة بذلك أن يقال كما قال الله جلّ ثناؤه: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ... وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا .

واختلفوا في الوقت الذي عُني بقوله: ( عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ) فقال بعضهم: ذلك نصف النهار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنى حجاج, عن ابن جُرَيج, عن محمد بن المنكدر, عن عطاء بن يسار, عن ابن عباس, قوله: ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ ) قال: نصف النهار. قال ابن جُرَيج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس, قال: يقولون في القائلة, قال: وبين المغرب والعشاء.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله: ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ) قال: دخلها بعد ما بلغ أشده عند القائلة نصف النهار.

حدثني موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال: دخل نصف النهار.

وقوله: ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ) يقول: هذا من أهل دين موسى من بني إسرائيل ( وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ) من القبط من قوم فرعون ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ ) يقول: فاستغاثه الذي هو من أهل دين موسى على الذي من عدوّه من القبط ( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ) يقول: فلكزه ولهزه في صدره بجمع كفه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا حفص, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر, قال: أساء موسى من حيث أساء, وهو شديد الغضب شديد القوّة, فمرّ برجل من القبط قد تسخر رجلا من المسلمين , قال: فلما رأى موسى استغاث به, قال: يا موسى, &; 19-539 &; فقال موسى: خلّ سبيله, فقال: قد هممت أن أحمله عليك ( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ) قال: حتى إذا كان الغد نصف النهار خرج ينظر الخبر، قال: فإذا ذاك الرجل قد أخذه آخر في مثل حده; قال: فقال: يا موسى, قال: فاشتدّ غضب موسى, قال: فأهوى, قال: فخاف أن يكون إياه يريد, قال: فقال: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ ؟ قال: فقال الرجل: ألا أراك يا موسى أنت الذي قتلت!

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عثام بن عليّ, قال: ثنا الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر: ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ ) قال: رجل من بني إسرائيل يقاتل جبارا لفرعون ( فَاسْتَغَاثَهُ ... فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ) فلما كان من الغد, استصرخ به فوجده يقاتل آخر, فأغاثه, فقال: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ فعرفوا أنه موسى, فخرج منها خائفا يترقب, قال عثام: أو نحو هذا.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ) أما الذي من شيعته فمن بني إسرائيل, وأما الذي من عدوه فقبطي من آل فرعون.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ) يقول: من القبط ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ).

حدثنا العباس بن الوليد, قال: أخبرنا يزيد, قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد, قال: ثنا القاسم بن أبي أيوب, قال: ثني سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال: لما بلغ موسى أشدّه, وكان من الرجال, لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم ولا سخرة, حتى امتنعوا كلّ الامتناع, فبينا هو يمشي ذات يوم في ناحية المدينة, إذا هو برجلين يقتتلان: أحدهما من بني إسرائيل, والآخر من آل فرعون, فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني, فغضب موسى واشتد غضبه, لأنه تناوله وهو يعلم منـزلة موسى من بني إسرائيل, وحفظه لهم, ولا يعلم الناس إلا أنما ذلك من قبل الرضاعة من أم موسى إلا أن يكون الله اطلع موسى من ذلك على علم ما لم يطلع عليه غيره, فوكز موسى الفرعوني فقتله, ولم يرهما أحد إلا الله والإسرائيلي, ف (قَالَ) موسى حين قتل الرجل ( هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )... الآية.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ) مسلم, وهذا من أهل دين فرعون كافر ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) وكان موسى قد أوتي بسطة في الخلق, وشدّة في البطش فغضب بعدوّهما فنازعه ( فَوَكَزَهُ مُوسَى ) وكزة قتله منها وهو لا يريد قتله, ف ( قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ).

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ) قال: من قومه من بني إسرائيل, وكان فرعون من فارس من اصطخر.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, بنحوه.

قال: ثني حجاج , عن أبي بكر بن عبد الله, عن أصحابه ( هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ ) إسرائيلي ( وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ) قبطي ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ).

وبنحو الذي قلنا أيضا قالوا في معنى قوله: ( فَوَكَزَهُ مُوسَى ).

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَوَكَزَهُ مُوسَى ) قال: بجمع كفه.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج , عن ابن جُرَيج , عن مجاهد, مثله.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَوَكَزَهُ مُوسَى ) نبي الله, ولم يتعمد قتله.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: قتله وهو لا يريد قتله.

وقوله: ( فَقَضَى عَلَيْهِ ) يقول: ففرغ من قتله. وقد بيَّنت فيما مضى أن معنى القضاء: الفراغ بما أغنى عن إعادته ههنا.

ذكر أنه قتله ثم دفنه في الرمل.

كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن أبي بكر بن عبد الله, عن أصحابه (فوكزه موسى فقضى عليه) ثم دفنه في الرمل.

وقوله: ( قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) يقول تعالى ذكره: قال موسى حين قتل القتيل: هذا القتل من تسبب الشيطان لي بأن هيَّج غضبي حتى ضربت هذا فهلك من ضربتي، ( إِنَّهُ عَدُوٌّ ) يقول: إن الشيطان عدو لابن آدم (مُضِلٌّ) له عن سبيل الرشاد بتزيينه له القبيح من الأعمال, وتحسينه ذلك له (مُبِينٌ) يعني أنه يبين عداوته لهم قديما, وإضلاله إياهم.

------------------------

الهوامش:

(1) ‌استد رأيه: من السداد! أي أحكم عقله، وقويت تجاربه.

التدبر :

وقفة
[15] ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا﴾ ما أمر الإضطهاد! وما أصعبه على النفس! فالذي من حقك لا تقدر على التصرف به لتسلط الغير عليك.
وقفة
[15] ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا﴾ العظماء قد يدخلون البلد من غير استقبال ولا احتفاء.
وقفة
[15] ﴿عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا﴾ وقت القيلولة، ولم يدخلها ليلًا؛ ليتبين له الطريق، وكان ممنوعًا عليهم دخول مدن بني إسرائيل.
عمل
[15] ﴿فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ﴾ أصلح بين اثنين متخاصمين.
وقفة
[15] ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ﴾ عشر سنين راعيًا فى مدين من أجل نصرة مظلوم واحد، التضحيات الباهظة من أجل العدالة.
وقفة
[15] ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ عندما ترى من يخصك يعاني من أشد الظلم فيجب أن تكون معه قلبًا وقالبًا، ولا تخذله تحت أي ظرف.
عمل
[15] ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ کن ذا مروءة وأغث من استغاث بك، مقتديًا بموسى عليه السلام.
وقفة
[15] ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾ وصف عمله فورًا بأنه من عمل الشيطان، وهي صفة المؤمن الأوآب يرجع للحق ويعترف بالذنب.
وقفة
[15] ﴿فَقَضَىٰ عَلَيْهِ﴾ معناه: قتله مجهزًا، وكان موسى عليه السلام لم يرد قتل القبطي، لكن وافقت وكزته الأجل وكان عنها موته فندم، ورأى أن ذلك من نزغ الشيطان في يده، وأن الغضب الذي اقترنت به تلك الوكزة كان من الشيطان ومن همزه، ونص هو عليه السلام على ذلك، وبهذا الوجه جعله من عمله، وكان فضل قوة موسى ربما أفرط في وقت غضبه بأكثر مما يقصد.
عمل
[15] ﴿قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾ احذر الشيطان؛ فإنه عدوٌّ لبني آدم، مُضِلٌّ لهم.
وقفة
[15] ﴿قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾ في هذا دليل على أن الأصل في النفس الإنسانية هو الخير، وأنه الفطرة، وأن الانحراف عنها يحتاج إلى سبب غير فطري؛ وهو تخلل نزغ الشيطان في النفس.
وقفة
[15] ﴿هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ حتى دفاعك عن المظلوم قد يكون من عمل الشيطان إن تضمّن ظلمًا في ذاته.
تفاعل
[15] ﴿هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.

الإعراب :

  • ﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ:
  • الواو استئنافية. دخل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. المدينة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي الى المدينة فحذف الجار وأوصل الفعل.
  • ﴿ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ:
  • جار ومجرور متعلق بحال من ضمير دَخَلَ» غفلة: مضاف اليه مجرور بالكسرة بمعنى مغافلا.
  • ﴿ مِنْ أَهْلِها:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من المدينة. أي وأهلها غافلون. و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ:
  • معطوفة بالفاء على دَخَلَ» وتعرب إعرابها. فيها: جار ومجرور متعلق بوجد. رجلين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ يَقْتَتِلانِ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل-ضمير الأثنين-مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة يَقْتَتِلانِ» في محل نصب صفة-نعت-لرجلين.
  • ﴿ هذا مِنْ شِيعَتِهِ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. من شيعته: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. أي هذا رجل ممن شايعه على دينه من بني إسرائيل. وقيل هو السامري.
  • ﴿ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ:
  • معطوفة بالواو على هذا مِنْ شِيعَتِهِ» وتعرب إعرابها. أي وهذا من مخالفه من القبط‍ أي من قوم فرعون قيل اسمه: فاتون.
  • ﴿ فَاسْتَغاثَهُ:
  • الفاء عاطفة. استغاثه: فعل ماض مبني على الفتح أي فاستنجد به الأول على خصمه والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى فاستغاث به فحذف الجار وأوصل الفعل.
  • ﴿ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. من شيعته: جار ومجرور متعلق بمضمر تقديره: هو من شيعته. وجملة «هو من شيعته» صلة الموصول لا محل لها والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ:
  • جار ومجرور متعلق باستغاث. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى. من عدوه: تعرب اعراب من شيعته بمعنى هو من أعدائه. كما قال: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين.
  • ﴿ فَوَكَزَهُ مُوسى:
  • الفاء سببية. وكزه: فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. موسى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى: فدفعه بأطراف أصابعه وقيل لكمه بجمع الكف.
  • ﴿ فَقَضى عَلَيْهِ:
  • الفاء سببية عاطفة. قضى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليه: جار ومجرور متعلق بقضى. أي فقتله.
  • ﴿ قالَ هذا:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية من المبتدأ والخبر في محل نصب مفعول به-مقول قول-.
  • ﴿ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. الشيطان: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.
  • ﴿ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «ان» عدو: خبر «ان» مرفوع بالضمة. مضل مبين: نعتان لعدو مرفوعان بالضمة بمعنى ظاهر بيّن العداوة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [15] لما قبلها :     ولَمَّا بلغَ موسى عليه السلام أشد قوته وتكامل عقله؛ مرَّ برجلَينِ يَقْتَتِلان أحدِهما من بنى إسرائيلَ، والآخرِ من القِبْطِ قومِ فرعونَ، فضربَ موسى القِبطيّ فقتلَه من غيرِ قصدٍ، ثُمَّ ندِمَ، قال تعالى:
﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حين:
وقرئ:
بنصب النون، على إجراء المصدر مجرى الفعل، كأنه قال: على حين غفل، وهى قراءة أبى طالب.
يقتتلان:
وقرئ:
يقتلان، بإدغام فى التاء، وهى قراءة نعيم بن ميسرة.
فاستغاثه:
1- بالغين والتاء، أي: طلب غوثه ونصره، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- فاستعانه، بالعين المهملة والنون، أي: طلب منه الإعانة، وهى قراءة سيبويه، وابن مقسم والزعفراني.
فوكزه:
وقرئ:
1- فلكزه، باللام، وهى قراءة عبد الله.
2- فنكزه، بالنون، ورويت عن عبد الله أيضا.

مدارسة الآية : [16] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ..

التفسير :

[16] قال موسى:ربِّ إني ظلمت نفسي بقتل النفس التي لم تأمرني بقتلها فاغفر لي ذلك الذنب، فغفر الله له. إن الله غفور لذنوب عباده، رحيم بهم.

ثم استغفر ربه{ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} خصوصا للمخبتين، المبادرين للإنابة والتوبة، كما جرى من موسى عليه السلام.

ثم أضاف إلى هذا الندم والاسترجاع، ندما واستغفارا آخر فقال: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ.

أى: قال موسى- عليه السلام- بعد قتله القبطي بدون قصد- مكررا الندم والاستغفار: يا رب إنى ظلمت نفسي، بتلك الضربة التي ترتب عليها الموت، فاغفر لي ذنبي، فَغَفَرَ الله- تعالى- لَهُ ذنبه، إِنَّهُ- سبحانه- هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

فقال تعالى : ( ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها ) قال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : وذلك بين المغرب والعشاء .

وقال ابن المنكدر ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس : كان ذلك نصف النهار . وكذلك قال سعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، وقتادة .

( فوجد فيها رجلين يقتتلان ) أي : يتضاربان ويتنازعان ، ( هذا من شيعته ) أي : من بني إسرائيل ، ( وهذا من عدوه ) أي : قبطي ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق . فاستغاث الإسرائيلي بموسى ، عليه السلام ، ووجد موسى فرصة ، وهي غفلة الناس ، فعمد إلى القبطي ( فوكزه موسى فقضى عليه ) .

قال مجاهد : وكزه ، أي : طعنه بجمع كفه . وقال قتادة : وكزه بعصا كانت معه .

( فقضى عليه ) أي : كان فيها حتفه فمات ، قال موسى : ( هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين . قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم )

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16)

يقول تعالى ذكره مخبرا عن ندم موسى على ما كان من قتله النفس التي قتلها, وتوبته إليه منه ومسألته غفرانه من ذلك ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ) بقتل النفس التي لم تأمرني بقتلها, فاعف عن ذنبي ذلك, واستره عليّ , ولا تؤاخذني به فتعاقبني عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, في قوله: ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ) قال: بقتلي من أجل أنه لا ينبغي لنبيّ أن يقتل حتى يؤمر, ولم يُؤمر.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قال: عرف المخرج, فقال: ( ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ).

وقوله: (فَغَفَرَ لَهُ) يقول تعالى ذكره: فعفا الله لموسى عن ذنبه ولم يعاقبه به، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يقول: إن الله هو الساتر على المنيبين إليه من ذنوبهم على ذنوبهم, المتفضل عليهم بالعفو عنها, الرحيم للناس أن يعاقبهم على ذنوبهم بعد ما تابوا منها.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ لا تجعل الخطأ يتبعه خطأ آخر، بل اشعر بالندم، وتزلف لربك ليمحوه عنك، فوزر الذنوب عظيم لا تطيقه.
وقفة
[16] لما قتل موسي عليه السلام القبطي تاب فاستغفر ربه ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾، لكن لم تزل حرقة الذنب في قلبه حتي بعد البعث, فيقول في موقف العرض: إن الله غضب اليوم وإني قتلت نفسًا.
اسقاط
[16] موسى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾، وإبراهيم قال: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي﴾ [الشعراء: 82]، الأنبياء العظام يستغفرون ربهم، فكيف لا نستغفره؟!
اسقاط
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى﴾ نبي على جلالة قدره يعترف بالحق، ومن دونه يكابر ويجادل بالباطل.
وقفة
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ يا من تُكابِر على ظُلمك لنفسك وغيرُك، دون اعتراف وتوبة عن هَذا الظلم، فهذا هو مُوسى عليه السلَام نبي مِن أنبياء الله يعترِف ويَطلب العفوَ من ربِّه.
تفاعل
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفِّر عنَّا سيِّئاتنا، وتوفَّنا مع الأبرار.
وقفة
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ لم ينس موسى عليه السلام ذنب قتله نفسًا بغير حق رغم أن الله غفر له؛ فإذا جاءه أهل الموقف يطلبون شفاعته اعتذر، وقال: «إِنِّي قَتَلْتُ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ» [أحمد 1/296، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح].
تفاعل
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ ادعُ الله الآن أن يغفر لك.
وقفة
[16] قتل موسى نفسًا ثم ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾، هذه هي التوبة ليس إلا.
وقفة
[16] لا يكفي لتكفير الذنب الاعتراف به دون استغفار، ومن استغفر لذنبه فقد جمع بين الاعتراف بالذنب وطلب مغفرته ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾.
وقفة
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ فاعترف بظلمه نفسه فيما كان من جناية على غيره لم يؤمر بها.
وقفة
[16] ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ثم اعترف واستغفر؛ فغفر الله له. فإن قيل: كيف استغفر من القتل وكان المقتول كافرًا؟ فالجواب: أنه لم يؤذن له في قتله، ولذلك يقول يوم القيامة: إني قتلت نفسًا لم أومر بقتلها.
وقفة
[16] لما قتل موسى القبطي قال: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، قال ابن عطية: «إن ندم موسى حمله على الخضوع لربه والاستغفار عن ذنب باء به عنده تعالى، فغفر الله خطأه ذلك»، قال قتادة: «عرف -والله- المخرج فاستغفر».
عمل
[16] تذكر ذنبًا فعلته، واستغفر الله، وقل: رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.
وقفة
[16] خُلُق الأنبياء: سرعة التوبة ﴿قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي﴾، وعظيم كرم الله: سرعة القبول ﴿فغفر له إنه هو الغفور الرحيم﴾.
وقفة
[16] قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾؛ أولى خطوات التغيير الاعتراف بالتقصير، لم يمنعه مقام النبوَّة من أن يعترف بتقصيره، الله كريم يعفو عنك حينما تأتيه.
وقفة
[16] قال موسى: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾، الاعتراف بالذنب من آداب الدعاء.
وقفة
[16] ﴿إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ الاعتراف بالخطأ من شِيمِ الكِرام، فلم يتكبَّرْ وهو نبيٌّ عن الاعترافِ بتقصيرِه.
وقفة
[16] ندم موسى عليه السلام على ذلك الوكز الذي كان فيه ذهاب النفس، فحمله ندمه على الخضوع لربه، والاستغفار من ذنبه، قال قتادة: عرف والله المخرج؛ فاستغفر، ثم لم يزل ﷺ يعدد ذلك على نفسه مع علمه بأنه قد غفر له، حتى أنه في القيامة يقول: إني قتلت نفسًا لم أؤمر بقتلها، وإنما عدده على نفسه ذنبًا، وقال: ﴿ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وأيضًا فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم.
وقفة
[16] كان موسى دائم الدعاء: قتل نفسًا فقال: ﴿فَاغْفِرْ لِي﴾، وخرج مسافرًا فقال: ﴿عَسَىٰ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾، وورد الماء فقال: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [24].
وقفة
[16] ﴿فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾ ما أقربَ اللهَ لعبدِه إذا اعترفَ بذنبِه وطلبَ العفوَ منه!
وقفة
[16] بين قول موسى: ﴿فَاغْفِرْ لِي﴾، وقول الله: ﴿فَغَفَرَ لَهُ﴾، زمن يسير مليء بالخضوع والمسكنة.
وقفة
‏[16] موسى ﷺ قتل القبطي، ثم دعا ربه فقال: ﴿فاغفر لي﴾، فجاء الجواب مباشرة: ﴿فغفر له﴾، وأنت لم تقتل أحدًا؛ فقل بعد ذنبك بصدق (اغفر لي) تأتيك (فغفر له).
وقفة
[16] ﴿فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (غفر له) ليس لأن المستغفر موسى عليه السلام، بل لأنه سبحانه الغفور الرحيم.
وقفة
[16] ﴿إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ما من أحد طرق باب الله معتذرًا فرده خائبًا، فاعترافك بالذنب وانكسارك لله يرفعك درجات، فربك غفور رحيم يتجاوز.
وقفة
[16] ﴿إنه هو الغفور الرحيم﴾ ثلاث آيات ليس لهنَّ رابعة بهذا اللفظ، جاءت في سياق عظائم الذنوب: في يوسف عقوق لأبيهم، في القصص قتل للنفس، في الزمر إسراف للذنوب.
وقفة
[16، 17] قال موسى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ﴾، ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ اعتراف، فتوبة، فشُكر، فبراءة من الظالمين.
وقفة
[16، 17] ﴿فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ أعظم نعم الله على العبد أن يُبدّد ظلمات ذنوبه بنور التوبة.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ربّ: منادى بأداة نداء محذوفة التقدير: يا ربّ: منصوب وعلامة نصبه الفتحة والمقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا. والياء المحذوفة اكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير المتكلم في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي:
  • الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به-مقول القول- ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم- في محل نصب اسم «ان» ظلمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل-ضمير المتكلم-مبني على الضم في محل رفع فاعل. نفسي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها الحركة المأتي بها من أجل الياء والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل جر بالاضافة. وجملة ظَلَمْتُ نَفْسِي» في محل رفع خبر «إن» أي ظلمتها بعملي هذا.
  • ﴿ فَاغْفِرْ لِي:
  • الفاء استئنافية. اغفر: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي: جار ومجرور متعلق باغفر.
  • ﴿ فَغَفَرَ لَهُ:
  • الفاء سببية أو استئنافية جواب الدعاء. غفر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. له: جار ومجرور متعلق بغفر.
  • ﴿ إِنَّهُ هُوَ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل بمعنى التعليل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان» هو: ضمير فصل أو عماد لا محل له من الاعراب ويجوز أن يكون في محل رفع مبتدأ وما بعده خبرا له والجملة الاسمية من هُوَ» وخبره في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ:
  • خبرا «ان» مرفوعان بالضمة ويجوز أن يكون الرَّحِيمُ» صفة للغفور.'

المتشابهات :

النمل: 44﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
القصص: 16﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [16] لما قبلها :     ولَمَّا ندم موسى عليه السلام على قتله نفسًا لم يؤمر بقتلها؛ اعترفَ هنا أنه ظلمَ نفسَه، ثم طلبَ من اللهِ أن يغفرَ له، فغفرَ له، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [17] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ..

التفسير :

[17] قال موسى:ربِّ بما أنعمت عليَّ بالتوبة والمغفرة والنعم الكثيرة، فلن أكون معيناً لأحد على معصيته وإجرامه.

فـ{ قَالَ} موسى{ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} بالتوبة والمغفرة، والنعم الكثيرة،{ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا} أي:معينا ومساعدا{ لِلْمُجْرِمِينَ} أي:لا أعين أحدا على معصية، وهذا وعد من موسى عليه السلام، بسبب منة اللّه عليه، أن لا يعين مجرما، كما فعل في قتل القبطي. وهذا يفيد أن النعم تقتضي من العبد فعل الخير، وترك الشر.

ثم أكد موسى عليه السلام- للمرة الثالثة، توبته إلى ربه، وشكره إياه على نعمه، فقال: رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ.

والظهير: المعين لغيره والناصر له. يقال: ظاهر فلان فلانا إذا أعانه. ويطلق على الواحد والجمع. ومنه قوله- تعالى: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ.

قال صاحب الكشاف: قوله بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ يجوز أن يكون قسما جوابه محذوف، تقديره: أقسم بإنعامك على بالمغفرة لأتوبن فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ وأن يكون استعطافا، كأنه قال: رب اعصمني بحق ما أنعمت على من المغفرة فلن أكون- إن عصمتني- ظهيرا للمجرمين.

وأراد بمظاهرة المجرمين إما صحبة فرعون وانتظامه في جملته، وتكثيره سواده، حيث كان يركب بركوبه، كالولد مع الوالد. وكان يسمى ابن فرعون. وإما مظاهرة من أدت مظاهرته إلى الجرم والإثم، كمظاهرة الإسرائيلى المؤدية إلى القتل الذي لم يحل له.. .

وهذه الضراعة المتكررة إلى الله- تعالى- من موسى- عليه السلام-، تدل على نقاء روحه، وشدة صلته بربه، وخوفه منه، ومراقبته له- سبحانه-، فإن من شأن الأخيار في كل زمان ومكان، أنهم لا يعينون الظالمين، ولا يقفون إلى جانبهم.

قال القرطبي: ويروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: من مشى مع مظلوم ليعينه على مظلمته، ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة، يوم تزل الأقدام، ومن مشى مع ظالم ليعينه على ظلمه، أزل الله قدميه على الصراط يوم تدحض فيه الأقدام .

أي : بما جعلت لي من الجاه والعزة والمنعة ( فلن أكون ظهيرا ) أي : معينا ( للمجرمين ) أي : الكافرين بك ، المخالفين لأمرك .

وقوله: ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) يقول تعالى ذكره: قال موسى ربّ بإنعامك عليّ بعفوك عن قتل هذه النفس ( فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ) يعني المشركين, كأنه أقسم بذلك.

وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " فَلا تَجْعَلْنِي ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ" كأنه على هذه القراءة دعا ربه, فقال: اللهمّ لن أكون ظهيرا ولم يستثن عليه السلام حين قال ( فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ) فابتلي.

وكان قَتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ) يقول: فلن أعين بعدها ظالما على فُجره, قال: وقلما قالها رجل إلا ابتُلي, قال: فابتلي كما تسمعون.

التدبر :

وقفة
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ الظهير: المعين، والباء سببية، والمعنى: بسبب إنعامك عليَّ لا أكون ظهيرًا للمجرمين؛ فهي معاهدة عاهد موسى عليها ربه.
وقفة
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ النفوس التقية الزكية أكثر بعدًا عن الذنوب؛ لأنها تخجل أن تستعمل نعم الله بمعصيته.
وقفة
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ النعمة تزول إذا نصرت الظالم والمجرم.
وقفة
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ من أنعم الله عليه بنعمه وخصه بفضله فلا يليق به أن يكون ظهيرًا للمجرمين.
وقفة
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ الشكر المحمود هو ما يحمل العبد على طاعة ربه، والبعد عن معصيته.
وقفة
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ من أعظم الشكر: ألا تستعمل نعمة الله عليك بما يغضب الله، فلا تعن مجرمًا ولا ظالمًا بما حباك الله به من النعم.
تفاعل
[17] ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ اللهم إنا نعوذ بك أن نستعمل نعمك في مظاهرة أعدائك.
وقفة
[17] بعض الناس كلما أراد أن يتقدم في حياته تذكر بعض زملائه في الماضي، فتراجع، وهذا خطأ، فالعبرة بكمال النهاية، انظروا إلى موسى عليه السلام قتل نفسًا لم يؤمر بقتلها، ولم يمنعه هذا من التصحيح، بل قال: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾، ونال شرف الرسالة وقام بأعبائها، فإياكم واليأس.
وقفة
[17] أعظم مثبتات النعم عدم مظاهرة المجرمين، قال موسى لربه: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾، وأعظم أسباب زوالها طلب تثبيتها من غير واهبها.
وقفة
[17] من مقتضيات العلم ألا يكون ذو العلم عونًا لذي ظلم وإجرام، فقد قال موسى لربه لما وهبه المعرفة والحكمة: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾.
عمل
[17] جدير بمن أنعم الله عليه بنعمة مال أو قوة أو سلطان أو علم ألا يجعلها في خدمة المجرمين ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[17] عندما غفر الله ﷻ لموسى عليه السلام قال إتمامًا لشكر الله على هذه النعمة: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾، احذر أن تدافع عن الظالم.
وقفة
[17] من كُفر النعمة أن تكون عونًا للظلمة على المظلومين، قال موسى عليه السلام: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[17] عزف موسى عليه السلام عن أبهة القصر، وعاهد الله على البعد عنها وقال: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾.
وقفة
[17] عاهد موسى ربه ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾، ونهى الله نبيه ﷺ ﴿فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ﴾ [القصص: 86]، فلما ظاهرهم المسلمون ولي أمرهم المجرمون.
وقفة
[17] التقوِّي بنعم رب العالمين على مظاهرة المُجرِمين من أقبح الكفر والجحود ﴿قالَ رَبِّ بِما أَنعَمتَ عَلَيَّ فَلَن أَكونَ ظَهيرًا لِلمُجرِمينَ﴾.
وقفة
[15-17] رغم أن قتل موسى عليه السلام للرجل كان خطئًا إلا أنه استدعى الأمر أن يعترف لنفسه: ﴿هذا مِن عَمَلِ الشَّيطانِ﴾، وأيضًا يعترف أنه ظلم نفسه بما فعل ويطلب المغفرة: ﴿قالَ رَبِّ إِنّي ظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي﴾، ويندم ويتعهد: ﴿فَلَن أَكونَ ظَهيرًا لِلمُجرِمينَ﴾، بينما من الناس من يرتكب الإثم عامدًا متعمدًا ولا يهتز له رمش.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ رَبِّ بِما:
  • أعربت في الآية الكريمة السابقة. بما: الباء حرف جر و «ما» مصدرية.
  • ﴿ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ:
  • الجملة الفعلية صلة «ما» المصدرية لا محل لها. أنعمت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل -ضمير المخاطب سبحانه-مبني على الفتح في محل رفع فاعل. علي: جار ومجرور متعلق بأنعمت. و «ما» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء التقدير: بإنعامك علي والجار والمجرور يجوز أن يكون متعلقا بفعل القسم المضمر بتقدير: أقسم بانعامك علي بالمغفرة وجواب القسم محذوفا تقديره: لأتوبن فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ» أو يكون دعاء بتقدير: اعصمني بسبب أو بحق ما أنعمت علي بالمغفرة فلن أكون ظهيرا للمجرمين.
  • ﴿ فَلَنْ أَكُونَ:
  • الفاء سببية. لن: حرف نفي ونصب واستقبال. أكون: فعل مضارع منصوب بلن وهو فعل ناقص وعلامة نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا.
  • ﴿ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ:
  • خبر أَكُونَ» منصوب بالفتحة. للمجرمين: جار ومجرور متعلق بأكون أو بصفة محذوفة من ظَهِيراً» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد، أي معينا للمجرمين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [17] لما قبلها :     ولَمَّا أجابَ اللهُ سؤالَه، وغفرَ له؛ عاهدَ موسى عليه السلام ربَّه ألا يكون معينًا للمجرمين، قال تعالى:
﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [18] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ..

التفسير :

[18] فأصبح موسى في مدينة فرعون خائفاً يترقب الأخبار مما يتحدث به الناس في أمره وأمر قتيله، فرأى صاحبَه بالأمس يقاتل قبطياً آخر، ويطلب منه النصر، قال له موسى:إنك لكثير الغَواية ظاهر الضلال.

{ فـ} لما جرى منه قتل الذي هو من عدوه{ أَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} هل يشعر به آل فرعون، أم لا؟ وإنما خاف، لأنه قد علم، أنه لا يتجرأ أحد على مثل هذه الحال سوى موسى من بني إسرائيل.

فبينما هو على تلك الحال{ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ} على عدوه{ يَسْتَصْرِخُهُ} على قبطي آخر.{ قَالَ لَهُ مُوسَى} موبخا له على حاله{ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} أي:بين الغواية، ظاهر الجراءة.

ثم بين- سبحانه- ما كان من أمر موسى بعد هذه الحادثة فقال: فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ.

أى: واستمر موسى- عليه السلام- بعد قتله للقبطي، يساوره القلق، فأصبح يسير في طرقات المدينة التي حدث فيها القتل، خائِفاً من وقوع مكروه به يَتَرَقَّبُ ما سيسفر عنه هذا القتل من اتهامات وعقوبات ومساءلات.

والتعبير بقوله خائِفاً يَتَرَقَّبُ يشعر بشدة القلق النفسي الذي أصاب موسى- عليه السلام- في أعقاب هذا الحادث، كما يشعر- أيضا- بأنه- عليه السلام- لم يكن في هذا الوقت على صلة بفرعون وحاشيته، لأنه لو كان على صلة بهم، ربما دافعوا عنه، أو خففوا المسألة عليه.

وفَإِذَا في قوله- تعالى- فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ فجائية.

ويستصرخه: أى: يستغيث به، مأخوذ من الصراخ وهو رفع الصوت، لأن من عادة المستغيث بغيره أن يرفع صوته طالبا النجدة والعون.

أى: وبينما موسى على هذه الحالة من الخوف والترقب، فإذا بالشخص الإسرائيلى الذي نصره موسى بالأمس، يستغيث به مرة أخرى من قبطى آخر ويطلب منه أن يعينه عليه.

وهنا قال موسى- عليه السلام- لذلك الإسرائيلى المشاكس: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ.

والغوى: فعيل من أغوى يغوى، وهو بمعنى مغو، كالوجيع والأليم بمعنى: الموجع والمؤلم.

والمراد به هنا: الجاهل أو الخائب أو الضال عن الصواب.

أى: قال له موسى بحدة وغضب: إنك لضال بين الضلال ولجاهل واضح الجهالة، لأنك تسببت في قتلى لرجل بالأمس، وتريد أن تحملني اليوم على أن أفعل ما فعلته بالأمس، ولأنك لجهلك تنازع من لا قدرة لك على منازعته أو مخاصمته.

يقول تعالى مخبرا عن موسى ، عليه السلام ، لما قتل ذلك القبطي : إنه أصبح ( في المدينة خائفا ) أي : من معرة ما فعل ، ( يترقب ) أي : يتلفت ويتوقع ما يكون من هذا الأمر ، فمر في بعض الطرق ، فإذا ذاك الذي استنصره بالأمس على ذلك القبطي يقاتل آخر ، فلما مر موسى ، استصرخه على الآخر ، فقال له موسى : ( إنك لغوي مبين ) أي : ظاهر الغواية كثير الشر . ثم عزم على البطش بذلك القبطي ، فاعتقد الإسرائيلي لخوره وضعفه وذلته أن موسى إنما يريد قصده لما سمعه يقول ذلك ،

القول في تأويل قوله تعالى : فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18)

يقول تعالى ذكره: فأصبح موسى في مدينة فرعون خائفا من جنايته التي جناها, وقتله النفس التي قتلها أن يُؤخذ فيقتل بها(يَتَرَقَّبُ) يقول: يترقب الأخبار: أي ينتظر ما الذي يتحدّث به الناس, مما هم صانعون في أمره وأمر قتيله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني العباس بن الوليد, قال: أخبرنا يزيد, قال: أخبرنا أصبغ بن زيد, قال: ثنا القاسم عن أبي أيوب, قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس: ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) قال: خائفا من قتله النفس, يترقب أن يؤخذ.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي: ( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) قال: خائفا أن يُؤخذ.

وقوله: ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) يقول تعالى ذكره: فرأى موسى لما دخل المدينة على خوف مترقبا الأخبار عن أمره وأمر القتيل, فإذا الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس على الفرعونيّ يقاتله فرعونيّ آخر, فرآه الإسرائيلي فاستصرخه على الفرعونيّ. يقول: فاستغاثه أيضا على الفرعوني, وأصله من الصُّراخ, كما يقال: قال بنو فلان: يا صباحاه, قال له موسى: ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) يقول جل ثناؤه: قال موسى للإسرائيلي الذي استصرخه, وقد صادف موسى نادما على ما سلف منه من قتله بالأمس القتيل, وهو يستصرخه اليوم على آخر: إنك أيها المستصرخ لغويّ: يقول: إنك لذو غواية, مبين. يقول: قد تبينت غوايتك بقتالك أمس رجلا واليوم آخر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك, قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني العباس, قال: أخبرنا يزيد, قال: أخبرنا أصبغ بن زيد, قال: ثنا القاسم, قال: ثنا سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال: أتي فرعون, فقيل له: إن بني إسرائيل قد قتلوا رجلا من آل فرعون, فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم في ذلك, قال: ابغوني (2) قاتله ومن يشهد عليه, لا يستقيم أن نقضي بغير بينة ولا ثَبَت (3) فاطلبوا ذلك, فبينما هم يطوفون لا يجدون شيئا, إذ مرّ موسى من الغد, فرأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا, فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعونيّ, فصادف موسى وقد ندم على ما كان منه بالأمس, وكره الذي رأى, فغضب موسى, فمد يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني, فقال للإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) , فنظر الإسرائيلي إلى موسى بعد ما قال هذا, فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس إذ قتل فيه الفرعوني, فخاف أن يكون بعد ما قال له: ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) إياه أراد, ولم يكن أراده, إنما أراد الفرعوني, فخاف الإسرائيلي فحاجّه, فقال يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ ؟ وإنما قال ذلك مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله, فتتاركا.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد عن قَتادة: ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) قال: الاستنصار والاستصراخ واحد.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي: ( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) يقول: يستغيثه.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: لما قتل موسى القتيل, خرج فلحق بمنـزله من مصر, وتحدّث الناس بشأنه, وقيل: قتل موسى رجلا حتى انتهى ذلك إلى فرعون, فأصبح موسى غاديا الغَد, وإذا صاحبه بالأمس معانق رجلا آخر من عدوّه , فقال له موسى: ( إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) أمس رجلا واليوم آخر؟.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا حفص, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر والشيباني, عن عكرمة, قال: الذي استنصره: هو الذي استصرخه.

------------------------

الهوامش:

(2) ابغوني قاتله: هاتوا لي قاتله.

(3) في (اللسان: ثبت) الثبت: بالتحريك: الحجة والبينة.

التدبر :

وقفة
[18] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ بعض المدن والدول تزرع الخوف بإتقان في قلوب الداخلين فيها والخارجين منها.
وقفة
[18] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ مخاوفك وآلامك ربما تسوقك إلى حيث تفتح لك أبواب السعادة، أمن وزواج ثم كلمه ربه.
وقفة
[18] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ رغم كل تضحياته من أجل بني إسرائيل خرج وحيدًا لم يرافقه ولو واحد منه، اعمل لربك ولا تعول على الرفاق.
وقفة
[18] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ لقد أذنب بالأمس، ولكنه نهض يواصل كفاحه من أجل المستضعفين، ما أعظم تلك النفوس التي تأخذ من الخطأ وقودًا الحياة!
وقفة
[18] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ إنه الخوف الطبيعيُّ من الجموع الغالبة والكثيرة، فلا لومَ فيه، إلا إذا أضعف يقين القلب بالله.
وقفة
[18] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ نعم يخاف ويترقب؛ بشر مثلنا، لا نخرج أهل الفضل والعلماء من بشريتهم.
وقفة
[18] هل خطر على قلبه حين خرج من المدينة ﴿خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾، أن الله جل وعلا سيكلمه بعد عشر سنين: ﴿يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [30].
وقفة
[18] ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾ الحياة ستمدُّك بأناس يحبون المشاكل؛ ابتعد عنهم.
وقفة
[18] من كانت المشاكل مع الناس ديدنه فهو صاحب غواية لا هداية، بل بلغ في غوايته غاية ﴿فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين﴾!
وقفة
[18] لم أجد وصفًا للحياة إلا أنها تجارب، إن لم تتعلم من الضربة الأولى فأنت تستحق الثانية ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىإِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ﴾.
وقفة
[18] ‏عندما كان موسى مستضعفًا خائفًا في بلدته وحاول ذلك الإسرائيلي الذي من شيعته إدخاله في معركة جانبية ليرضي هواه صرخ فيه موسى: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ:
  • الفاء استئنافية. اصبح: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. في المدينة: جار ومجرور متعلق بأصبح.
  • ﴿ خائِفاً يَتَرَقَّبُ:
  • خبر «أصبح» منصوب بالفتحة، يترقب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة يَتَرَقَّبُ» في محل نصب حال حذف مفعولها لأنه معلوم بمعنى: ينتظر المكروه أو يترصد وقوع القصاص. أو ينتظره.
  • ﴿ فَإِذَا الَّذِي:
  • الفاء: استئنافية. اذا: حرف فجاءة لا محل له من الاعراب. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية من الَّذِي» وخبره استئنافية لا محل لها.
  • ﴿ اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ:
  • الجملة الفعلية: صلة الموصول لا محل لها. استنصره: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. أي طلب نصرته. بالأمس: جار ومجرور متعلق باستنصره.
  • ﴿ يَسْتَصْرِخُهُ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والجملة في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى: يستغيثه ويجوز أن تكون الجملة في محل نصب حالا من ضمير اِسْتَنْصَرَهُ» فتكون جملة قالَ لَهُ مُوسى» في محل رفع خبر المبتدأ.
  • ﴿ قالَ لَهُ مُوسى:
  • فعل ماض مبني على الفتح. له: جار ومجرور متعلق بقال. موسى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف للعجمة.
  • ﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ:
  • الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به-مقول القول- انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان» اللام لام التوكيد المزحلقة. غوي: خبر «ان» مرفوع بالضمة. مبين: صفة-نعت-لغوي مرفوعة مثلها بالضمة. بمعنى: انك لضال بيّن الضلالة. وصفه بالغي لأنه كان سبب قتل الرجل وهو يقاتل الآن رجلا آخر.'

المتشابهات :

القصص: 18﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ
القصص: 21﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [18] لما قبلها :     وبعد قتلِ القِبطي؛ خافَ موسى عليه السلام من أن يَظهَرَ أنَّه هو القاتلُ، فخرج يُراقِبُ الأخبارَ، وينتَظِرُ ما يتحدَّثُ به النَّاسُ في شأنِه، فوجدَ الإسرائيليَّ الذي استغاثَ به بالأمسِ يستغيثُ به ثانيةً على قبطيٍّ آخرَ، فنهرَه موسى عليه السلام، قال تعالى:
﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [19] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ ..

التفسير :

[19] فلما أن أراد موسى أن يبطش بالقبطي، قال:يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس؟ ما تريد إلا أن تكون طاغية في الأرض، وما تريد أن تكون من الذين يصلحون بين الناس.

{ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ} موسى{ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا} أي:له وللمخاصم المستصرخ، أي:لم يزل اللجاج بين القبطي والإسرائيلي، وهو يستغيث بموسى، فأخذته الحمية، حتى هم أن يبطش بالقبطي،{ قَالَ} له القبطي زاجرا له عن قتله:{ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ} لأن من أعظم آثار الجبار في الأرض، قتل النفس بغير حق.

{ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} وإلا، فلو أردت الإصلاح لحلت بيني وبينه من غير قتل أحد، فانكف موسى عن قتله، وارعوى لوعظه وزجره، وشاع الخبر بما جرى من موسى في هاتين القضيتين، حتى تراود ملأ فرعون، وفرعون على قتله، وتشاوروا على ذلك.

ومع أن موسى- عليه السلام- قد قال للإسرائيلى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ إلا أن همته العالية، وكراهيته للظلم، وطبيعته التي تأبى التخلي عن المظلومين كل ذلك دفعه إلى إعداد نفسه لتأديب القبطي، ويحكى القرآن ذلك فيقول: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما ...

والبطش: هو الأخذ بقوة وسطوة. يقال: بطش فلان بفلان إذا ضربه بعنف وقسوة.

أى: فحين هيأ موسى- عليه السلام- نفسه للبطش بالقبطي الذي هو عدو لموسى وللإسرائيلى، حيث لم يكن على دينهما.

قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ، إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ، وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ.

ويرى بعض المفسرين، أن القائل لموسى هذا القول، هو الإسرائيلى، الذي طلب من موسى النصرة والعون، وسبب قوله هذا: أنه توهم أن موسى يريد أن يبطش به دون القبطي، عند ما قال له: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ.

فيكون المعنى: قال الإسرائيلي لموسى بخوف وفزع: يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا- هي نفس القبطي- بالأمس، وما تريد بفعلك هذا إلا أن تكون جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ أى: ظالما قتالا للناس في الأرض، وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ الذين يصلحون، بين الناس، فتدفع التخاصم بالتي هي أحسن.

ويرى بعضهم أن القائل لموسى هذا القول هو القبطي، لأنه فهم من قول موسى للإسرائيلى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أنه- أى: موسى- هو الذي قتل القبطي بالأمس.

وقد رجح الإمام الرازي هذا الوجه الثاني فقال: والظاهر هذا الوجه، لأنه- تعالى- قال: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى فهذا القول إذن منه- أى من القبطي- لا من غيره- وأيضا قوله: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ لا يليق إلا بأن يكون قولا من كافر- وهو القبطي-.

وما رجحه الإمام الرازي هو الذي نميل إليه، وإن كان أكثر المفسرين قد رجحوا الرأى الأول، وسبب ميلنا إلى الرأى الثاني، أن السورة الكريمة قد حكت ما كان عليه فرعون وملؤه من علو وظلم واضطهاد لبنى إسرائيل، ومن شأن الظالمين أنهم يستكثرون الدفاع عن المظلومين، بل ويتهمون من يدافع عنهم بأنه جبار في الأرض، لذا نرى أن القائل هذا القول لموسى، هو القبطي، وليس الإسرائيلى- والله أعلم بمراده-.

فقال يدفع عن نفسه : ( يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) وذلك لأنه لم يعلم به إلا هو وموسى ، عليه السلام ، فلما سمعها ذلك القبطي لقفها من فمه ، ثم ذهب بها إلى باب فرعون فألقاها عنده ، فعلم بذلك ، فاشتد حنقه ، وعزم على قتل موسى ، فطلبوه فبعثوا وراءه ليحضروه لذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19)

يقول تعالى ذكره: فلما أراد موسى أن يبطش بالفرعونيّ الذي هو عدو له وللإسرائيلي, قال الإسرائيلي لموسى وظنّ أنه إياه يريد ( أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ ).

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ ): خافه الذي من شيعته حين قال له موسى: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ .

حدثنا موسى , قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال موسى للإسرائيليّ: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ثم أقبل لينصره, فلما نظر إلى موسى قد أقبل نحوه ليبطش بالرجل الذي يقاتل الإسرائيلي,(قَاَلَ) الإسرائيلي, وفَرِق من موسى أن يبطش به من أجل أنه أغلظ له الكلام: ( يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) فتركه موسى.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن أبي بكر بن عبد الله, عن أصحابه, قال: ندم بعد أن قتل القتيل, فقال: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ قال: ثم استنصره بعد ذلك الإسرائيلي على قبطي آخر, فقال له موسى: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فلما أراد أن يبطش بالقبطي, ظن الإسرائيلي أنه إياه يريد, فقال: يا موسى ( أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ ) ؟.

قال: وقال ابن جُرَيج, أو ابن أبي نجيح " الطبري يشكّ" وهو في الكتاب ابن أبي نجيح -أن موسى لما أصبح, أصبح نادما تائبا, يودّ أن لم يبطش بواحد منهما, وقد قال للإسرائيلي: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فعلم الإسرائيلي أن موسى غير ناصره; فلما أراد الإسرائيلي أن يبطش بالقبطي نهاه موسى, فَفَرِق الإسرائيلي من موسى, فقال: ( أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ ) فسعى بها القبطيّ.

وقوله: ( إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الإسرائيلي لموسى: إن تريد ما تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض، وكان من فعل الجبابرة: قتل النفوس ظلما, بغير حقّ. وقيل: إنما قال ذلك لموسى الإسرائيليّ؛ لأنه كان عندهم من قتل نفسين: من الجبابرة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا مجاهد بن موسى, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا هشيم بن بشير, عن إسماعيل بن سالم, عن الشعبي قال: من قتل رجلين فهو جبار; قال: ثم قرأ ( أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ).

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ ) إن الجبابرة هكذا, تقتل النفس بغير النفس.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج,( إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ ) قال: تلك سيرة الجبابرة أن تقتل النفس بغير النفس.

وقوله: ( وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) يقول: ما تريد أن تكون ممن يعمل في الأرض بما فيه صلاح أهلها, من طاعة الله. وذكر عن ابن إسحاق أنه قال في ذلك ما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق: ( وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) أي ما هكذا يكون الإصلاح.

التدبر :

وقفة
[19] قال أبو حيان: «وشأن الجبار أن يقتل بغير حق»، وقال الشعبي: «من قتل رجلين فهو جبار»، يعني بغير حق، ولما أثبت لموسى الجبروتية نفى عنه الصلاح.
عمل
[19] أراد موسى نصرته فخاف، وقال: ﴿يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس﴾، الجبان يُفزِع نفسه ويفضح صديقه؛ لا تعول على الجبان.
وقفة
[19] ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ﴾ لم ينس موسى عليه السلام ذنب قتله نفسًا بغير حق رغم أن الله غفر له؛ فإذا جاءه أهل الموقف يطلبون شفاعته اعتذر، وقال: «وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا» [البخاري 4712].
وقفة
[19] ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ﴾ ربما يومًا ما يتهمك من أردت به خيرًا.
وقفة
[19] أراد موسى أن ينصر الرجل لكنه قال: ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ﴾، مع سلامة نيتك ستجد من يتهمك.
وقفة
[19] ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ﴾ قال أبو عمران الجوني: «آية الجبابرة القتل بغير حق».
وقفة
[19] ﴿أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ﴾ قال أبو عمران الجوني: «آية الجبابرة: القتل بغير حق».

الإعراب :

  • ﴿ فَلَمّا أَنْ:
  • الفاء استئنافية. لما: اسم شرط‍ غير جازم مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية بمعنى «حين» متعلق بالجواب ان: زائدة للتأكيد.
  • ﴿ أَرادَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة أَرادَ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَنْ يَبْطِشَ:
  • أن: حرف مصدرية ونصب. يبطش: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة يَبْطِشَ» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها. و أَنْ» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لأراد.
  • ﴿ بِالَّذِي:
  • جار ومجرور متعلق بيبطش. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجملة الاسمية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ هُوَ عَدُوٌّ لَهُما:
  • ضمير منفصل-ضمير الغائب-مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. عدو: خبر هُوَ» مرفوع بالضمة. لهما: جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من عَدُوٌّ» الميم عماد والألف حرف دال على التثنية بمعنى فلما أراد نصرته بالبطش بخصمه-القبطي-.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة قالَ» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ يا مُوسى:
  • يا: أداة نداء. موسى: اسم منادى مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب.
  • ﴿ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي:
  • الهمزة همزة إنكار بلفظ‍ استفهام. تريد: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ان: حرف مصدري ناصب. تقتلني: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت النون للوقاية والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به. وجملة تَقْتُلَنِي» صلة أَنْ» المصدرية لا محل لها. و أَنْ» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل تُرِيدُ».
  • ﴿ كَما قَتَلْتَ:
  • الكاف للتشبيه حرف جر. ما: مصدرية. قتلت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل- ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل رفع فاعل وجملة قَتَلْتَ» صلة فَلَمّا» المصدرية لا محل لها. و فَلَمّا» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق محذوف. التقدير: تقتلني قتلا كقتلك نفسا بالأمس ويجوز أن تكون الكاف اسما لا حرفا فيكون ما بعدها في محل جر بالاضافة. فتعرب الكاف نائبة عن المصدر أيضا وهي بمعنى مثل.
  • ﴿ نَفْساً بِالْأَمْسِ:
  • مفعول به منصوب بقتلت وعلامة نصبه الفتحة. بالأمس: جار ومجرور متعلق بقتلت.
  • ﴿ إِنْ تُرِيدُ إِلاّ:
  • ان: مخففة مهملة بمعنى فَلَمّا» نافية لا عمل لها. تريد: أعربت. الاّ: أداة حصر لا عمل لها.
  • ﴿ أَنْ تَكُونَ جَبّاراً:
  • أن: حرف مصدري ناصب. تكون: فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. جبارا: خبرها منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره. وجملة تَكُونَ جَبّاراً» صلة الحرف المصدري لا محل لها. و أَنْ» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لتريد.
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ:
  • جار ومجرور متعلق باسم الفاعل جَبّاراً» وما بعده معطوف بالواو على إِنْ تُرِيدُ إِلاّ أَنْ تَكُونَ» ويعرب مثلها.
  • ﴿ مِنَ الْمُصْلِحِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر تَكُونَ» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد أن نَهَرَ موسى عليه السلام الإسرائيلي؛ أخذته الرأفة به؛ فمد يده ليدفع عنه القبطي، قال تعالى:
﴿ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ..

التفسير :

[20] وجاء رجل من آخر المدينة يسعى، قال يا موسى:إن أشراف قوم فرعون يتآمرون على قتلك ويتشاورون، فاخرج من هذه المدينة، إني لك من الناصحين المشفقين عليك.

وقيض اللّه ذلك الرجل الناصح، وبادرهم إلى الإخبار لموسى بما اجتمع عليه رَأْيُ ملئهم. فقال:{ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} أي:ركضا على قدميه من نصحه لموسى، وخوفه أن يوقعوا به، قبل أن يشعر، فـ{ قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُون} أي:يتشاورون فيك{ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ} عن المدينة{ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} فامتثل نصحه.

وقوله- سبحانه-: وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى.. معطوف على كلام محذوف يرشد إليه السياق.

والتقدير: وانتشر خبر قتل موسى للقبطي بالمدينة، فأخذ فرعون وقومه في البحث عنه لينتقموا منه.. وجاء رجل- قيل هو مؤمن من آل فرعون- من أقصى المدينة، أى: من أطرافها وأبعد مكان فيها يَسْعى أى: يسير سيرا سريعا نحو موسى، فلما وصل إليه قال له: يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ وهم زعماء قوم فرعون.

يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ أى: يتشاورون في أمرك ليقتلوك، أو يأمر بعضهم بعضا بقتلك، وسمى التشاور بين الناس ائتمارا، لأن كلا من المتشاورين يأمر الآخر، ويأتمر بأمره.

ومنه قوله- تعالى-: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ أى: وتشاوروا بينكم بمعروف.

وقوله: فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ أى: قال الرجل لموسى: مادام الأمر كذلك يا موسى فاخرج من هذه المدينة، ولا تعرض نفسك للخطر، إنى لك من الناصحين بذلك، قبل أن يظفروا بك ليقتلوك.

قال تعالى : ( وجاء رجل ) وصفه بالرجولية لأنه خالف الطريق ، فسلك طريقا أقرب من طريق الذين بعثوا وراءه ، فسبق إلى موسى ، فقال له : يا موسى ( إن الملأ يأتمرون بك ) أي : يتشاورون فيك ( ليقتلوك فاخرج ) أي : من البلد ( إني لك من الناصحين ) .

القول في تأويل قوله تعالى : وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20)

ذُكِرَ أن قول الإسرائيلي سمعه سامع فأفشاه, وأعلم به أهل القتيل, فحينئذ طلب فرعون موسى, وأمر بقتله; فلما أمر بقتله, جاء موسى مخبر وخبره بما قد أمر به فرعون في أمره, وأشار عليه بالخروج من مصر, بلد فرعون وقومه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني العباس, قال: أخبرنا يزيد, قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد, قال: ثنا القاسم بن أبي أيوب, قال: ثني سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال: انطلق الفرعوني الذي كان يقاتل الإسرائيلي إلى قومه, فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ فأرسل فرعون الذباحين لقتل موسى, فأخذوا الطريق الأعظم, وهم لا يخافون أن يفوتهم, وكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة, فاختصر طريقا قريبا, حتى سبقهم إلى موسى, فأخبره الخبر.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة, قال: أعلمهم القبطي الذي هو عدو لهما, فأتمر الملأ ليقتلوه, فجاء رجل من أقصى المدينة, وقرأ (إنَّ ... ) إلى آخر الآية, قال: كنا نحدّث أنه مؤمن آل فرعون.

حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال: ذهب القبطي, يعني الذي كان يقاتل الإسرائيلي, فأفشى عليه أن موسى هو الذي قتل الرجل, فطلبه فرعون وقال: خذوه فإنه صاحبنا, وقال للذين يطلبونه: اطلبوه في بنيات (4) الطريق, فإن موسى غلام لا يهتدي الطريق, وأخذ موسى في بنيات الطريق, وقد جاءه الرجل فأخبره ( إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن أبي بكر بن عبد الله, عن أصحابه, قالوا: لما سمع القبطي قول الإسرائيلي لموسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ سعى بها إلى أهل المقتول فقال: إن موسى هو قتل صاحبكم, ولو لم يسمعه من الإسرائيلي لم يعلمه أحد; فلما علم موسى أنهم قد علموا خرج هاربا, فطلبه القوم فسبقهم; قال: وقال ابن أبي نجيح: سعى القبطي.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, قال قال الإسرائيلي لموسى: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ وقبطي قريب منهما يسمع, فأفشى عليهما.

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: سمع ذلك عدوّ, فأفشى عليهما.

وقوله: ( وَجَاءَ رَجُلٌ ) ذُكر أنه مؤمن آل فرعون, وكان اسمه فيما قيل: سمعان.

وقال بعضهم: بل كان اسمه شمعون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, أخبرني وهب بن سليمان, عن شعيب الجبئّي, قال: اسمه شمعون الذي قال لموسى: ( إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ).

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: أصبح الملأ من قوم فرعون قد أجمعوا لقتل موسى فيما بلغهم عنه, فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى يقال له سمعان, فقال: ( يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة, قال: ( وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى ) إِلَى مُوسَى ( قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ).

وقوله: ( مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ) يقول: من آخر مدينة فرعون (يَسْعَى) يقول: يعجل.

كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: ( وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى ) قال: يعجل, ليس بالشدّ.

وقوله: ( قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ) يقول جل ثناؤه: قال الرجل الذي جاءه من أقصى المدينة يسعى لموسى: يا موسى إن أشراف قوم فرعون ورؤساءهم يتآمرون بقتلك, ويتشاورون ويرتئون فيك; ومنه قول الشاعر:

مَـــا تَـــأْتَمِرْ فِينـــا فـــأمْ

ركَ فِـــي يَمِينِـــكَ أو شِــمالكْ (5)

يعني: ما ترتئي, وتهمّ به; ومنه قول النمر بن تولب:

أَرَى النَّــاسَ قَــدْ أَحْـدَثُوا شِـيمَةً

وَفِـــي كُــلِّ حَادِثَــةٍ يُؤْتَمَــرْ (6)

أي: يُتشَاوَرُ وَيُرْتَأَى فِيها.

وقوله: ( فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) يقول: فاخرج من هذه المدينة, إني لك في إشارتي عليك بالخروج منها من الناصحين.

------------------------

الهوامش:

(4) بنيات الطريق: تصغير بنات الطريق، وهي الطرق الصغار، تتشعب من الطرق الكبار.

(5) في (اللسان: أمر): وفي التنزيل: (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) قال أبو عبيدة:أي يتشاورون عليك ليقتلوك. وجعل منه المؤلف قول الشاعر "ما تأتمر فينا". يريد أن ما تشاور فيه أهل الرأي في أمرنا، فهو أمر نافذ لا معترض عليه.لكن تفسير المؤلف البيت بقوله: "يعني ما ترتئي، وتهم به" يجعل المعنى ليس من الائتمار، بمعنى المشاورة، ولكن من الائتمار بمعنى الاستبداد بالرأي، دون مشورة أحد غير نفسه قال الأزهري: ائتمر فلان رأيه: إذا شاور عقله في الصواب الذي يأتيه، وقد يصيب الذي يأتمر رأيه مرة، ويخطئ أخرى.

(6) البيت من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 187: 1). والشيمة: الخلق، يريد:أحدثوا أخلاقًا لم تعرف من قبل. يشير الشاعر إلى ما حدث من إثارة الشكوك والجدل في مسائل السياسة كالخلافة، أو العقائد كالقول في القدر أو نحو ذلك. فهذه هي الأخلاق التي أحدثها الناس في الصدر الأول من حياة المسلمين بعد حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والنمر بن تولب شاعر مخضرم. والشاهد في قوله: "يؤتمر" أي يحدث التشاور وتداول الآراء والجدل. ولعل الشاعر رأى مقدمات الخلاف، وأمارات الفرقة تلوح من خلال الحوادث، فأنذر بها.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ﴾ رجل خُلِّدَ عملُه، ولم يُذكر اسمُه! ليس المهم من أنت، المهمُّ ماذا قدَّمتَ.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ استدل به القرطبي وغيره على جواز النميمة لمصلحة.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ مشوار واحد يصنع التاريخ.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ وسط صخب المفكرين وعلية القوم، قد يكون الحق والصواب مع شخص مغمور.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ يسعى لإنقاذ مصلح، رسالة إلى كل من يسعى في تشويه صورة المصلحين.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ ليس للأسماء والألقاب مكان حينما تكون الأفعال خالصة لوجه الله.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ من اﻷعمال الجليلة أن تدل الناس على دعاة الخير، وتحثهم على متابعتهم.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ ليست الحكمة دائمًا البطء والتأخر.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ من هو هذا الرجل؟ ما اسمه؟ من أين هو؟ لا أحد يعرف، لكن الله يعرفه؛ وهذا يكفي.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ لا أهمية لذكر اسمك، الأهم أن يكون العمل خالصًا لوجه الله.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ الناصح مبادر ومسرع لا يتباطأ عن تقديم الخير، وأول الخير المبادرة إليه.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ حتمًا سعي القلوب إلى الله سيظهر على الجوارح؛ فتسعى مع القلب!
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ لم يمنعه بعد المسافة ومشقة الطريق من السعي في الخير، فهنيئًا لمن غبَّر قدمه ساعة في طريق الخير.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ وصف القرآن همة الداعي، ومكانه، وطريقة مشيه مبهمًا اسمه؛ لأن الأشخاص يزولون، ويبقى منهجهم.
وقفة
[20] ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾ وقد يتجلي لطف الله في هيئة شخص يخبرك أنك لست في المكان الصحيح.
وقفة
[20] ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾ من هو؟! سيذهب اسمك، ويخلد سعيك وعملك.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ جاء مشفقًا ناصحًا يسعى على قدميه، مع أن من جاء من أقصى المدينة يحتاج للركوب عادة؛ اركض في الحق بما لديك من وسائل، لا تنتظر.
وقفة
[20] بعد المسافة ليس مبررًا للسكوت عن الصدع بالحق ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾.
وقفة
[20] أقاصي المدن وأطرافها أكثر تدينًا غالبًا؛ تأمل: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾، أين أهل المدينة من نصرة رسلهم؟!
وقفة
[20] حاز شرف مراتب الشرف العالية بإيصاله الكلمة الطيبة رغم الصعاب ﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ﴾ جنود الله تركض من أجلك، ولو لم تبعثها أنت.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ خطوات أنقذت حياة نبي بإذن الله؛ اركض، ربَّ مشوارٍ تُولد فيه الحياة.
وقفة
[20] ﴿وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج﴾ المحب الصادق يأتي لك مسرعًا، ويخبرك بالمشكلة، ويعطيك الحل.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ انظر كيف جمعت هذه الآية صفات الدعاة الناصحين: حرص على مصلحة الناس، ودفع ما يضرهم، ويتحملون التعب والمشقة من أجلهم، ويقترحون الحلول المناسبة لحل المشاكل.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ فيه دليل على جواز النميمة لمصلحة دينية وغيره.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ ﴿فَخَرَجَ﴾ التوكل لا يعني إهمال التهديدات الحقيقية.
وقفة
[20] ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ كل خطوة تخطوها لحياة هذه الأمة سيسطرها لك التاريخ.
عمل
[20] دافع عن أحد الصالحين بالذب عنه فيما يكتب في الصحف أو الإنترنت, أو الرسائل ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾.
وقفة
[20] من الإحسان: المبادرة في تقديم الخير للناس، وبذل النصيحة لهم ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾.
عمل
[20] ﴿مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ﴾ غبِّر قدميك في مرضاة الله.
وقفة
[20] ﴿قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ المؤامرة ليست مجرد عقيدة.
وقفة
[20] ﴿يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ الشخص الذي تثار حوله ردود الأفعال والكلام هو شخص رقم صعب، أما خامل الذكر فلا يكترث به أحد.
وقفة
[20] ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ يقوم بتطهير عرقي لشعب كامل، وشاور ملأه في قتل فرد! وذلك أنَّ قتل شخص واحد قد يكون أصعب من قتل شعب؛ لمكانة هذا الفرد ومنزلته.
وقفة
[20] ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ أهمية المبادرة إلى النصح خاصة إذا ترتب عليه إنقاذ مؤمن من الهلاك.
وقفة
[20] ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ مسكين أنت يا تاريخ البشرية! لقد ملأك الطغاة بالمؤامرات.
عمل
[20] ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ رجل مغمور أنقذ الله به الرسالة, لا تستصغر أي كلمة ربما تولد منها الحياة.
وقفة
[20] ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾ في ساعات الطوارئ تختصر الكلمات ويصبح الخطاب مباشرًا حتى العظماء.
عمل
[20] ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾ لا تتوقف عند التحذير وعرض المشكلة؛ اقتراح الحلول.
وقفة
[20] عطف الناس مع المظلوم ﻻ يقضي عليه قوة وﻻ هيمنة، فإن فرعون علا وبطش وتأله، فلم يرهب ذلك أحدهم أن يقول لموسى: ﴿إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾.
وقفة
[20] ﴿فَاخْرُجْ﴾ ليس كل الطغيان يجاهد بالصمود، هناك طغيان يجاهد بالهجر والخروج والانسحاب.
وقفة
[20] ﴿فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ ما أجملَ المبادرةَ في تقديمِ الخيرِ للنَّاسِ، وبذلَ النَّصيحةِ لهم!
وقفة
[20] ﴿الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين﴾ حذَّر، اقترَح حلًّا، أظهر الحرص، والنتيجة: قَبِل موسى النصيحة؛ وصفة قبول النصيحة.
وقفة
[20] ﴿الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين﴾ (فخرج) إذا ظهرت شفقة الناصح وحرصه قُبلت النصيحة غالبًا.
وقفة
[20] كل أنبياء الله تعالى هددوا بالقتل أو الإخراج أو السجن: ﴿لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ﴾، ﴿أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ﴾ [الأنفال: 30]، ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ﴾ [الشعراء: 88]، ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ﴾ [الشعراء: 167]، ﴿لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ [الشعراء: 29]، ﴿لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [يوسف: 32]، ﴿لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا﴾ [إبراهيم: 13]، ﴿أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ﴾ [الأعراف: 82]، ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ [النمل: 49]؛ الحق والباطل لا يجتمعان.
وقفة
[20] ﴿فاخرج إني لك من الناصحين﴾ (فخرج) مع أن موسى عليه السلام نبي يوحى إليه، ومع ذلك قِبل النصيحة من هذا الرجل الناصح المجهول، فخرج مباشرة واتخذ الأسباب التي تنجيه، ولم يقل: «أنا متوكل على ربي»، وجلس.
وقفة
[20] ﴿فاخرج إني﴾، ﴿الذين أخرجوا من ديارهم﴾ [الحج: 40]، ﴿وقد أخرجنا من ديارنا﴾ [البقرة: 246] هكذا حال عباد الله وقد واساهم ربهم: ﴿إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون﴾ [العنكبوت: 56].

الإعراب :

  • ﴿ وَجاءَ رَجُلٌ:
  • الواو استئنافية. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. رجل: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ:
  • جار ومجرور متعلق بجاء أو بصفة محذوفة من رَجُلٌ» وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على آخره للتعذر. المدينة: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى: قادما من أبعد جهات المدينة.
  • ﴿ يَسْعى:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة يَسْعى» بمعنى «يسرع» في محل رفع صفة-ثانية-لرجل. أو في محل نصب حال من رَجُلٌ» لأنه في مقام المعرف بعد وصفه بمن أقصى المدينة، فتخصص. وفي حالة اعراب الجملة يَسْعى» حالا يكون الجار والمجرور مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ» متعلقا بصفة-نعت- لرجل. وإذا جعل الجار والمجرور صلة للفعل جاءَ» تكون جملة يَسْعى» صفة-نعتا-لرجل. فقط‍ بمعنى «مسرعا» في الحالتين.
  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة قالَ» في محل رفع صفة لرجل.
  • ﴿ يا مُوسى:
  • يا: أداة نداء. موسى: منادى مبني على الضم المقدر على الألف للتعذر في محل نصب.
  • ﴿ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الملأ: اسم إِنَّ» منصوب بالفتحة. يأتمرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بك: جار ومجرور متعلق بيأتمرون. والجملة الفعلية يَأْتَمِرُونَ بِكَ» في محل رفع خبر إِنَّ» بمعنى: انّ القوم يتشاورون بسببك. وإنّ وما بعدها من اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به.-مقول القول-.
  • ﴿ لِيَقْتُلُوكَ:
  • اللام حرف جر للتعليل. يقتلوك: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. وجملة «يقتلوك» صلة إِنَّ» المضمرة لا محل لها و إِنَّ» وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بيأتمرون.
  • ﴿ فَاخْرُجْ:
  • الفاء استئنافية. اخرج: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
  • ﴿ إِنِّي لَكَ:
  • انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والياء ضمير متصل -ضمير المتكلم-في محل نصب اسم إِنَّ» لك: جار ومجرور متعلق باسم الفاعل النّاصِحِينَ».
  • ﴿ مِنَ النّاصِحِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر إِنَّ» وعلامة جر الاسم: الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

القصص: 20﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
يس: 20﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا انتشرَ خبرُ قتل موسى للقبطى بالمدينة؛ قررَ فرعونُ وقومُه قتل موسى عليه السلام؛ فجاء مؤمن آل فرعون مسرعًا، فأخبر موسى عليه السلام بقرار القتل، ونصحه بالخروج من المدينة، قال تعالى:
﴿ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :القصص     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ ..

التفسير :

[21] فخرج موسى من مدينة فرعون خائفاً ينتظر الطلب أن يدركه فيأخذه، فدعا الله أن ينقذه من القوم الظالمين.

{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} أن يوقع به القتل، ودعا اللّه، و{ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} فإنه قد تاب من ذنبه وفعله غضبا من غير قصد منه للقتل، فَتَوعُّدُهُمْ له ظلم منهم وجراءة.

واستجاب موسى لنصح هذا الرجل فَخَرَجَ مِنْها أى: من المدينة، حالة كونه خائِفاً من الظالمين يَتَرَقَّبُ التعرض له منهم، ويعد نفسه للتخفى عن أنظارهم.

وجعل يتضرع إلى ربه قائلا: رَبِّ نَجِّنِي بقدرتك وفضلك مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ بأن تخلصني من كيدهم، وتحول بينهم وبيني، فأنا ما قصدت بما فعلت، إلا دفع ظلمهم وبغيهم.

وإلى هنا تكون السورة الكريمة، قد قصت علينا هذا الجانب من حياة موسى، بعد أن بلغ أشده واستوى، وبعد أن دفع بهمته الوثابة ظلم الظالمين، وخرج من مدينتهم خائفا يترقب، ملتمسا من خالقه- عز وجل- النجاة من مكرهم.

ثم حكت لنا السورة الكريمة بعد ذلك، ما كان منه عند ما توجه إلى جهة مدين، وما حصل له في تلك الجهة من أحداث، فقال- تعالى-:

لما أخبره ذلك الرجل بما تمالأ عليه فرعون ودولته في أمره ، خرج من مصر وحده ، ولم يألف ذلك قلبه ، بل كان في رفاهية ونعمة ورئاسة ، ( فخرج منها خائفا يترقب ) أي : يتلفت ( قال رب نجني من القوم الظالمين ) أي : من فرعون وملئه . فذكروا أن الله ، سبحانه وتعالى ، بعث له ملكا على فرس ، فأرشده إلى الطريق ، فالله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)

يقول تعالى ذكره: فخرج موسى من مدينة فرعون خائفا من قتله النفس أن يقتل به (يَتَرَقَّبُ) يقول: ينتظر الطلب أن يدركه فيأخذه. كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة: ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) خائفًا من قتله النفس يترقب الطلب ( قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).

حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) قال: خائفا من قتل النفس, يترقب أن يأخذه الطلب.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: ذُكر لي أنه خرج على وجهه خائفا يترقب ما يدري أي وجه يسلك, وهو يقول: ( رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ).

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) قال: يترقب مخافة الطلب.

وقوله: ( قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) يقول تعالى ذكره: قال موسى وهو شاخص عن مدينة فرعون خائفا: ربّ نجني من هؤلاء القوم الكافرين, الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ مخاوفك والآمك ربما تسوقك للسعادة، وتفتح لك جميع أبواب الخـير والزيادة.
وقفة
[21] ﴿فخرج منها خائفاً يترقَّب﴾ رغم كل تضحياته من أجل بني إسرائيل خرج وحيدًا، لم يرافقه ولو واحد منهم؛ اعمل لربك، ولا تعول على الرفاق.
وقفة
[21] ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ [18]، ﴿فخرج منها خائفاً يترقَّب﴾ بعض المدن والدول تزرع الخوف بإتقان في قلوب الداخلين فيها والخارجين منها.
وقفة
[21] قوة المؤمن بإيمانه وحسن ظنه بالله، فهذا موسى عليه السلام في البداية: ﴿خرج منها خائفا يترقب﴾، وفي النهاية قال بكل ثقة: ﴿كلا إن معي ربي سيهدين﴾ [الشعراء: 62].
وقفة
[21] ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ وجوب اتخاذ أسباب النجاة، والالتجاء إلى الله بالدعاء.
وقفة
[21] ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ الخوف الفطري من الظالم لا شيء فيه، فموسی بن عمران خاف، لكنه استعان على خوفه بربه فدعاه، فنجاه.
عمل
[21] ﴿قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ الظالم يستحق أن تقرع أبواب السماء بالدعوات ليكتفى من شره، فمن لا يخاف الله بأفعاله فاحذر منه.

الإعراب :

  • ﴿ فَخَرَجَ مِنْها:
  • الفاء سببية. خرج: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. منها: جار ومجرور متعلق بخرج. أي من المدينة. أي من مصر.
  • ﴿ خائِفاً يَتَرَقَّبُ:
  • خائفا: حال من ضمير «خرج» منصوب بالفتحة. يترقب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة يَتَرَقَّبُ» في محل نصب حال ثان من ضمير «خرج» بمعنى: يتلفت أو يترصد التعرض له في الطريق خشية أن يلحقه أحد.
  • ﴿ قالَ رَبِّ نَجِّنِي:
  • أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة. نجني: فعل دعاء وتوسل بصيغة طلب مبني على حذف آخره حرف العلة-الياء- والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت النون: للوقاية. والياء ضمير متصل-ضمير المتكلم-في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ:
  • جار ومجرور متعلق بنجني. الظالمين: صفة-نعت- للقوم مجرورة مثلها وعلامة الجر الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.'

المتشابهات :

القصص: 18﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ
القصص: 21﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا نصحه بالخروج من المدينة؛ استجاب موسى عليه السلام للنصيحة، قال تعالى:
﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف