243646566676869

الإحصائيات

سورة يوسف
ترتيب المصحف12ترتيب النزول53
التصنيفمكيّةعدد الصفحات13.50
عدد الآيات111عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول11تبدأ في الجزء12
تنتهي في الجزء13عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 6/29آلر: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (64) الى الآية رقم (66) عدد الآيات (3)

لمَّا طلبَ إخوةُ يوسفَ من أبيِهم إرسالَ أخيهم بنيامينَ معَهم، تذكَّرَ يعقوبُ يوسفَ عليهما السلام، فتعهَّدُوا وحلفُوا له باللهِ أن يرُدُّوه إليه، ولمَّا فتحُوا أوعيتَهم وجدُوا ثمنَ بضاعتِهم الذي دفعُوه قد رُدَّ إليهِم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (67) الى الآية رقم (69) عدد الآيات (3)

يعقوبُ عليه السلام يوصي أولادَه إذا دخلُوا مصرَ ألا يدخلُوا مِن بابٍ واحدٍ خوفًا عليهم من الحسدِ، ويوسفُ يُؤوي أخاه (بِنْيَامِينَ) ويُعْلِمُه أنه يوسفُ عليه السلام.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة يوسف

الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إلى هؤلاء وإلى كل مسلم نزلت سورة يوسف.:   نزلت تهمس في أذن كل مسلم في فترات الضيق أو البلاء؛ لتقول له: تعلَّم من يوسف عليه السلام الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف. وبالمقابل: تعلَّم منه كيف تواجه فترات الراحة والاطمئنان، وذلك بالتواضع والإخلاص لله عز وجل. فالسورة ترشدنا أن حياة الإنسان هي عبارة عن فترات رخاء وفترات شدة، فلا يوجد إنسان قط كانت حياته كلها فترات رخاء أو كلها فترات شدة، وهو في الحالتين: الرخاء والشدة، يُختبر.
  • • سورة يوسف أحسن القصص::   لأنها اشتملت على حاسد ومحسود، ومالك ومملوك، وشاهد ومشهود، وعاشق ومعشوق، وحبس وإطلاق، وخصب وإجداب، وذنب وعفو، وفراق ووصال، وسقم وصحة، وحل وترحال، وذل وعز. وعالجت مشاكل تربوية واجتماعية ونفسية وأخلاقية واقتصادية وسياسية.
  • • سورة يوسف أحسن القصص::   لأن في نهايتها حسن المآل وطيب العافية، فيعقوب عليه السلام رد إليه بصره وظفر بفلذة كبده، ويوسف عليه السلام آتاه الله الملك والحكمة، والأخوة تاب الله عليهم، ومنهم أو من ذريتهم اصطفى الله أسباط بني إسرائيل، وامرأة العزيز أقرت بذنبها وحسنت توبتها، وأهل مصر اجتازوا السبع الشداد حتى صار الناس يأتونهم من جميع الأقطار للمؤنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «‏يوسف».
  • • معنى الاسم ::   هو نبي الله يوسف بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن نبي الله إبراهيم عليهم السلام.
  • • سبب التسمية ::   لأنها ذكرت قصة ‏يوسف عليه السلام كاملة، ولم تذكر قصته في غيرها، بل لم يذكر اسمه إلا في سورة الأنعام آية (84) ، وغافر آية (34).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   الثقة بتدبير الله، والأمل، والصبر، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
  • • علمتني السورة ::   رعاية الله عز وجل لأوليائه ولطفه بهم في أوقات المحن.
  • • علمتني السورة ::   أن القصص فيها الحسن والسيِّئ، وأن قصص القرآن أحسن القصص: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾
  • • علمتني السورة ::   العفو والصفح ثم الإحسان بالدعاء من أخلاق الأنبياء: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «مَا حَفِظْتُ سُورَةَ يُوسُفَ وَسُورَةَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ عُمَرَ بنِ الخطابِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وكَانَ يَقْرَؤُهُمَا قِرَاءَةً بَطِيئَةً».
    • عَنِ الْفَرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَخَذْتُ سُورَةَ يُوسُفَ إِلاَّ مِنْ قِرَاءَةِ عُثْمَانَ إِيَّاهَا فِى الصُّبْحِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُرَدِّدُهَا».
    • عَن عَلْقَمَة بن وَقاص قَالَ: «كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ فِى الْعَتَمَةِ بِسُورَةِ يُوسُفَ، وَأَنَا فِى مُؤَخِّرِ الصُّفُوفِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ يُوسُفَ سَمِعْتُ نَشِيجَهُ فِى مُؤَخَّرِ الصَّفِّ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة يوسف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • انفردت السورة بذكر قصة يوسف عليه السلام كاملة من بدايتها إلى نهايتها، حيث لم تذكر في غيرها من السور، كما هي العادة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن الكريم.
    • قصة يوسف عليه السلام هي أطول قصة في القرآن، استغرقت معظم السورة (97 آية)، ولم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل ما ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة.
    • رغم أن سورة يوسف تزيد عن مئة آية فإنه ليس فيها ذكر جنة ولا نار.
    • أكثر ما اجتمع في القرآن من الحروف المتحركة المتوالية ثمانية حروف، جاءت في سورة يوسف في قوله تعالى: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾، وذلك فيما بين ياء (رَأَيْتُ) وواو (كَوْكَبًا).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نقتدي بيوسف عليه السلام في الصبر، والأمل، وعدم اليأس رغم كل الظروف.
    • أن ننزع اليأس من قلوبنا؛ مهما بلغ بنا الحال.
    • أن نهتم بدراسة اللغة العربية لنتمكن من تدبر وتعقل القرآن: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (2).
    • أن نطلب المشورة من أهل العقل والعلم، ونعرض عليهم ما يشكل علينا: ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ ...﴾ (4).
    • أن نتعاهد أولادنا، فالسورة بدأت برؤيا يوسف: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (4)، فقال له أباه: ﴿يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (5)، فمن هذا يؤخذ تعاهد الأب لأولاده بالتربية والرعاية والتدبير.
    • أن نعدل بين أولادنا قدر الإمكان؛ حتى لا ينزغ الشيطان بينهم: ﴿إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا﴾ (8).
    • أن نتيقظ لأسلوب الشيطان مع الصالحين: اعمل المعصية ثم تب: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ ... وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ﴾ (9).
    • ألا نَغْتر؛ فليس كل ما يلمع ذهبًا، ولا كل من يدمع صادقًا: ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ (16).
    • ألا نحزن إذا جهل الناس قدرنا؛ فيوسف عليه السلام ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ (20).
    • أن نستحضر عند الهم بالمعصية خوفنا من الله ونردد: ﴿معاذ الله﴾ (23).
    • ألا نسكت إذا سمعنا اتهامًا لأحد لم نعلم عنه سوءً: ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّـهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ﴾ (51).
    • أن ندقق فيما نقول، فيوسف عليه السلام لم يقل: (إلا من سرق)، بل قال: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّـهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ﴾ (79)؛ لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق.
    • أن نتفاءل ونحسن الظن بالله: ﴿عَسَى اللَّـهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا﴾ (83).
    • ألا نبث شكوانا إلا للقادر على كشف بلوانا: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ﴾ (86).
    • أن نعترف بالتقصير والخطأ، ولا نتكبر: ﴿قَالُوا تَاللَّـهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّـهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ (91).
    • أن نعفو عند المقدرة، ونطلب الأجر من الله تعالى: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّـهُ لَكُمْ﴾ (92).
    • أن نتواضع لله، فيوسف عليه السلام مع مكانته وهيبة قدره لم يقل: (ادخلوا مصر في حمايتي آمنين)، بل قال: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّـهُ آمِنِينَ﴾ (99).
    • أن نلتمس العذر للآخرين، فيوسف عليه السلام التمس العذر لإخوته رغم ما فعلوا به، ونحن لا نعذر أحدًا ولو لأتفه الأسباب: ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ (100).
    • أن نرد الفضل لله دائمًا، مهما ارتفعت منزلتنا وعظم قدرنا: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾ (101).
    • أن ندعو إلى الله تعالى على بصيرة: ﴿قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ﴾ (108).

تمرين حفظ الصفحة : 243

243

مدارسة الآية : [64] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ ..

التفسير :

[64] قال لهم أبوهم:كيف آمنكم على «بِنْيامين» وقد أمنتكم على أخيه يوسف من قبل، والتزمتم بحفظه فلم تفوا بذلك؟ فلا أثق بالتزامكم وحفظكم، ولكني أثق بحفظ الله، خير الحافظين وأرحم الراحمين، أرجو أن يرحمني فيحفظه ويردَّه عليَّ.

{ قَالَ} لهم يعقوب عليه السلام:{ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ} أي:تقدم منكم التزام، أكثر من هذا في حفظ يوسف، ومع هذا لم تفوا بما عقدتم من التأكيد، فلا أثق بالتزامكم وحفظكم، وإنما أثق بالله تعالى.

{ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} أي:يعلم حالي، وأرجو أن يرحمني، فيحفظه ويرده علي، وكأنه في هذا الكلام قد لان لإرساله معهم.

لذا نجده يرد عليهم في استنكار وألم بقوله: قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ....

أى: قال يعقوب لأولاده بعد أن طلبوا منه بإلحاح إرسال أخيهم معهم، وبعد أن تعهدوا بحفظه: أتريدون أن أأتمنكم على ابني «بنيامين» ، كما ائتمنتكم على شقيقه يوسف من قبل هذا الوقت، فكانت النتيجة التي تعرفونها جمعا، وهي فراق يوسف لي فراقا لا يعلم مداه إلا الله- تعالى-؟!! لا، إننى لا أثق بوعودكم بعد الذي حدث منكم معى في شأن يوسف. فالاستفهام في قوله «هل آمنكم ... » للإنكار والنفي.

وقوله فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ تفريع على استنكاره لطلبهم إرسال «بنيامين» معهم، وتصريح منه لهم بأن حفظ الله- تعالى- خير من حفظهم.

أى: إننى لا أثق بوعودكم لي بعد الذي حدث منكم بالنسبة ليوسف، وإنما أثق بحفظ الله ورعايته «فالله» - تعالى- «خير حافظا» لمن يشاء حفظه، فمن حفظه سلم، ومن لم يحفظه لم يسلم، كما لم يسلم أخوه يوسف من قبل حين ائتمنتكم عليه «وهو» - سبحانه- أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لخلقه، فأرجو أن يشملني برحمته، ولا يفجعنى في «بنيامين» ، كما فجعت في شقيقه يوسف من قبل.

ويبدو أن الأبناء قد اقتنعوا برد أبيهم عليهم، واشتموا من هذا الرد إمكان إرساله معهم، لذا لم يراجعوه مرة أخرى.

قال الآلوسى ما ملخصه: «وهذا- أى رد يعقوب عليهم- ميل منه- عليه السلام- إلى الإذن والإرسال لما رأى فيه من المصلحة، وفيه أيضا من التوكل على الله- تعالى- ما لا يخفى، ولذا روى أن الله- تعالى- قال: «وعزتي وجلالي لأردهما عليك إذ توكلت على ... » وقرأ أكثر السبعة فالله خير حفظا ... وقرأ حمزة والكسائي وحفص «حافِظاً ... » وعلى القراءتين فهو منصوب على أنه تمييز ... » .

ولهذا قال لهم : ( هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل ) أي : هل أنتم صانعون به إلا كما صنعتم بأخيه من قبل ، تغيبونه عني ، وتحولون بيني وبينه ؟ ( فالله خير حفظا ) وقرأ بعضهم : " حافظا " ( وهو أرحم الراحمين ) أي : هو أرحم الراحمين بي ، وسيرحم كبري وضعفي ووجدي بولدي ، وأرجو من الله أن يرده علي ، ويجمع شملي به ، إنه أرحم الراحمين .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (64)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال أبوهم يعقوب: هل آمنكم على أخيكم من أبيكم الذي تسألوني أن أرسله معكم إلا كما أمنتكم على أخيه يوسف من قبل؟ يقول: من قَبْلِه .

* * *

واختلفت القرأة في قراءة قوله: (فالله خير حافظا) .

فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض الكوفيين والبصريين: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حفِظًا ) ، بمعنى: والله خيركم حفظًا .

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين وبعض أهل مكة: ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ) بالألف على توجيه " الحافظ " إلى أنه تفسير للخير , كما يقال: " هو خير رجلا " , والمعنى: فالله خيركم حافظًا , ثم حذفت " الكاف والميم " .

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكل واحدة منهما أهل علمٍ بالقرآن، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . وذلك أن من وصف الله بأنه خيرهم حفظًا فقد وصفه بأنه خيرهم حافظًا , ومن وصفه بأنه خيرهم حافظًا، فقد وصفه بأنه خيرهم حفظًا

* * *

، (وهو أرحم الراحمين) ، يقول: والله أرحم راحمٍ بخلقه , يرحم ضعفي على كبر سنِّي , ووحدتي بفقد ولدي , فلا يضيعه , ولكنه يحفظه حتى يردَّه عليَّ لرحمته .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[63، 64] قالوا له: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، وقال لهم: ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ فضيعوه وحفظه الله، استحفظ ربك من تحب.
عمل
[63، 64] أحد عشر أخًا قالوا: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾فضيعوه! وقال الأب: ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ فحفظه، وأخرجه من البئر، ونجاه من الموت والكيد، وولاه خزائن الأرض؛ فوض أمرك وأمر أولادك إلى الله، وكن صادقًا يحفظكم ويرعاكم.
وقفة
[64] ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ﴾ بالرغم من السنين الطويلة إلا أن جرح يوسف لا يزال حي ينبض، وعصي على النسيان.
عمل
[64] ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ﴾ استعن بالله وابذل جهدك في سبيل بقاء تاريخك ناصعًا نظيفًا خاليًا مما يكدره، فيعقوب عليه السلام ذكّر أبناءه بوعدهم الذي لم يفوا به ففقد ثقته بهم، ولكنه وثق بالله أرحم الراحمين.
عمل
[64] ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ﴾ احذر: إذا فقد أحبتك ثقتهم فيك فمن الصعب جدًا أن تعود.
وقفة
[64] ﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ ۖ فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ سوء الظن مع وجود القرائن الدالة عليه غير ممنوع، ولا محرم.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ الذي يريد الأمان الحقيقي؛ فعليه أن يلوذ بجناب الله، فنفسك التي بين جنبيك أحيانًا كثيرة تخذلك وتوردك المهالك.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ كم من (شخص غافل) الله له (حافظ)!
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ ما زال النساء يَمِلْنَ إلى يوسف حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبة النبوة؛ فشغلتْ هيبته كل من رآه عن حُسنه.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ مهما أحاطت بك المخاوف، ما دمت تلوذ بربك وتتحصن بحصنه؛ فهو كفيل بحفظك وحمايتك ورعايتك سبحانه.
وقفة
[64] عندما قال: ﴿وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾ [13]؛ غاب عنه ابنه، ولما قال: ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾؛ عاد إليه ابناه.
وقفة
[64] قبل وبعد كل نعمة: ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾، من أعطاك النعمة يحفظك من شر كل حاسد.
عمل
[64] احفظ الله فيما تطيق يحفظك فيما لا تطيق ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ يقول: حفظه خير من حفظكم، وهو أرحم الراحمين.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ مهما بلغت بك درجة الورع فلا تركن إلى نفسك لأنها ستخذلك، فركن الله فقط هو حافظك.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ من القواعد التربوية المتعلقة باسم الله (الحفيظ): أ‌- احفظ الله يحفظك وهذا: أعظم بشارة. ب‌- وعلى قدر حفظك لله يكون حفظ الله لك، والله أكرم من عبده, فإن انتقص حفظ الله لك فلا تتهم نفسك.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ بركة صلاح الآباء تظهر على الأبناء، فلاتخف على أبنائك من بعدك إذا قمت بأمر الله.
وقفة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ آية تَبثُ السكينة والطمأنينة في القلب، في فتن تموج بنا وبذرياتنا، رددها دومًا بيقين.
عمل
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ كن على إيمان جازم ويقين تام، أن الله هو خير الحافظين، ولا تركنن إلى نفسك وأورادك، ولا للأسباب التي تبذلها مهما كبرت في عينك، وحده الله ينفعك بها.
لمسة
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ لم يقلها استسلامًا بل توكلًا! قال الإمام الرازي: «معناه: وثقت بكم في حفظ يوسف عليه السلام فكان ما كان، فالآن أتوكل على الله في حفظ بنيامين».
عمل
[64] ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ تلقفها يا أخي من لسان نبي، ورددها عند كل خوف أو قلق، لتستقر وتطمئن.
وقفة
[64] لما خاف يعقوب على ابنه الثاني لجأ إلى خير ملجأ: ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، وإنا نقولها وقلوبنا مع إخواننا.
عمل
[64] حافظ على الأذكار ﴿فَاللَّـهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، بعضهم يؤمن بأن العين حق أكثر من إيمانه بأن الله خير الحافظين.
وقفة
[64] ﴿وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ يشفي ويعافي ويجتبي ويختار، ويستر ويتولى، ويستر ويغفر، ويحلم ويتكرم.
وقفة
[64] ﴿وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ مهما قست حياتُنا ولم تُجبر خَواطرنا بمن حولنا فيكفينا أنَّ لنا ربًا رحيمًا يعلم حالنا!
وقفة
[64] من ألطاف الله الخفية، أن الله أحوج آل يعقوب ليجمعهم ويلم شملهم، ولو كان لديهم من الزاد والمتاع ما يغنيهم؛ لرفض يعقوب عليه السلام أن يرسل معهم بنيامين، ولما تحقق الشمل؛ بعض المنع عطاء.

الإعراب :

  • ﴿ قال هل:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. هل: حرف استفهام لا محل له من الإعراب.
  • ﴿ آمنكم عليه:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. عليه: جار ومجرور متعلق بآمنكم.
  • ﴿ إلّا كما أمنتكم:
  • إلّا: أداة حصر لا عمل لها ويجوز أن تكون أداة استثناء والمستثنى محذوفا بتقدير: هل آمنكم عليه إلّا ائتمانًا كائتمانكم على أخيه. الكاف: حرف جر للتشبيه. ما: مصدرية. آمنتكم: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور \"ما\" المصدرية وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق محذوف. التقدير: ائتمانًا كائتمانكم وجملة \"أمنتكم\" صلة \"ما\" المصدرية لا محل لها من الإعراب ويجوز أن تكون \"هل\" بمعنى \"قد\" والمعنى قد آمنكم عليه إلّا ائتمانًا كائتمانكم على أخيه.
  • ﴿ على أخيه من قبل:
  • جار ومجرور متعلق بأمنتكم وعلامة جر الاسم الياء لأنه من الأسماء الخمسة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. من: حرف جر. قبل: اسم مبني على الضم في محل جر بمن وبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة والجار والمجرور متعلق بأمنتكم.
  • ﴿ فالله خير حافظًا:
  • الفاء استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. حافظًا: تمييز منصوب بالفتحة ويجوز أن يكون حالًا كقوله: انّ هذه أمتكم أمة واحدة.
  • ﴿ وهو أرحم الراحمين:
  • الواو عاطفة هو ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع معطوف على لفظ الجلالة. أرحم: معطوف على \"خير\" مرفوع مثله. الراحمين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     وبعد أن طلبوا من أبيهم بإلحاح إرسال أخيهم معهم؛ أخبرهم يعقوب عليه السلام هنا أنه لا يثق بهم بعد الذي حدث مع يوسف، قال تعالى:
﴿ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

خير حافظا:
وقرئ:
1- خير حفظا.
2- خير حافظ، على الإضافة، وهى قراءة الأعمش.
3- خير الحافظين، وهى قراءة أبى هريرة.

مدارسة الآية : [65] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ ..

التفسير :

[65] ولما فتحوا أوعيتهم وجدوا ثمن بضاعتهم الذي دفعوه قد رُدَّ إليهم، قالوا:يا أبانا ماذا نطلب أكثر من هذا؟ هذا ثمن بضاعتنا ردَّه العزيز إلينا، فكن مطمئنّاً على أخينا، وأرسله معنا؛ لنجلب طعاماً وفيراً لأهلنا، ونحفظ أخانا، ونزداد حِمْلَ بعير له؛ فإن العزيز

ثم إنهم{ وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ} هذا دليل على أنه قد كان معلوما عندهم أن يوسف قد ردها عليهم بالقصد، وأنه أراد أن يملكهم إياها. فـ{ قَالُوا} لأبيهم - ترغيبا في إرسال أخيهم معهم -:{ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي} أي:أي شيء نطلب بعد هذا الإكرام الجميل، حيث وفَّى لنا الكيل، ورد علينا بضاعتنا على الوجه الحسن، المتضمن للإخلاص ومكارم الأخلاق؟

{ هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أي:إذا ذهبنا بأخينا صار سببا لكيله لنا، فمرنا أهلنا، وأتينا لهم، بما هم مضطرون إليه من القوت،{ وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} بإرساله معنا، فإنه يكيل لكل واحد حمل بعير،{ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} أي:سهل لا ينالك ضرر، لأن المدة لا تطول، والمصلحة قد تبينت.

ثم اتجه الأبناء بعد هذه المحاورة مع أبيهم إلى أمتعتهم ليفتحوها ويخرجوا ما بها من زاد حضروا به من مصر، فكانت المفاجأة التي حكاها القرآن في قوله:

وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ....

أى: وحين فتحوا أوعيتهم التي بداخلها الطعام الذي اشتروه من عزيز مصر. فوجئوا بوجود أثمان هذا الطعام قد رد إليهم معه، ولم يأخذها عزيز مصر، بل دسها داخل أوعيتهم دون أن يشعروا، فدهشوا وقالوا لأبيهم متعجبين:

يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا أى: يا أبانا ماذا نطلب من الإحسان والكرم أكثر من هذا الذي فعله معنا عزيز مصر؟ لقد أعطانا الطعام الذي نريده، ثم رد إلينا ثمنه الذي دفعناه له دون أن يخبرنا بذلك.

فما في قوله ما نَبْغِي استفهامية، والاستفهام للتعجب من كرم عزيز مصر، وهي مفعول نبغى، ونبغى من البغاء- بضم الباء- وهو الطلب.

والمراد ببضاعتهم: الثمن الذي دفعوه للعزيز في مقابل ما أخذوه منه من زاد.

وجملة هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا مستأنفة لتوضيح ما دل عليه الاستفهام من التعجب، بسبب ما فعله معهم عزيز مصر من مروءة وسخاء.

فكأنهم قالوا لأبيهم: كيف لا نعجب وندهش، وهذه بضاعتنا ردت إلينا من حيث لا ندري ومعها الأحمال التي اشتريناها من عزيز مصر لم ينقص منها شيء؟

وقوله وَنَمِيرُ أَهْلَنا معطوف على مقدر يفهم من الكلام، أى: «هذه بضاعتنا ردت إلينا» فننتفع بها في معاشنا، ونمير أهلنا، أى: نجلب لهم الميرة- بكسر الميم وسكون الياء- وهي الزاد الذي يؤتى به من مكان إلى آخر.

وَنَحْفَظُ أَخانا عند سفره معنا من أى مكروه.

وَنَزْدادُ بوجوده معنا عند الدخول على عزيز مصر.

كَيْلَ بَعِيرٍ أى: ويعطينا العزيز حمل بعير من الزاد، زيادة على هذه المرة نظرا لوجود أخينا معنا.

ولعل قولهم هذا كان سببه أن يوسف- عليه السلام- كان يعطى من الطعام على عدد الرءوس، حتى يستطيع أن يوفر القوت للجميع في تلك السنوات الشداد.

واسم الإشارة في قوله- سبحانه- ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ يعود إلى الزاد الذي أحضروه من مصر أى: ذلك الطعام الذي أعطانا إياه عزيز مصر طعام يسير، لا يكفينا إلا لمدة قليلة من الزمان، ويجب أن نعود إلى مصر لنأتى بطعام آخر.

وفي هذه الجمل المتعددة التي حكاها القرآن عنهم، تحريض واضح منهم لأبيهم على أن يسمح لهم باصطحاب «بنيامين» معهم في رحلتهم القادمة إلى مصر.

ومن مظاهر هذا التحريض: مدحهم لعزيز مصر الذي رد لهم أثمان مشترياتهم، وحاجتهم الملحة إلى استجلاب طعام جديد، وتعهدهم بحفظ أخيهم وازدياد الأطعمة بسبب وجوده معهم.

يقول تعالى : ولما فتح إخوة يوسف متاعهم ، وجدوا بضاعتهم ردت إليهم ، وهي التي كان أمر يوسف فتيانه بوضعها في رحالهم ، فلما وجدوها في متاعهم ( قالوا ياأبانا ما نبغي ) ؟ أي : ماذا نريد ؟ ( هذه بضاعتنا ردت إلينا ) كما قال قتادة . ما نبغي وراء هذا ؟ إن بضاعتنا ردت إلينا وقد أوفي لنا الكيل .

( ونمير أهلنا ) أي : إذا أرسلت أخانا معنا نأتي بالميرة إلى أهلنا ، ( ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ) وذلك أن يوسف ، عليه السلام ، كان يعطي كل رجل حمل بعير . وقال مجاهد : حمل حمار . وقد يسمى في بعض اللغات بعيرا ، كذا قال .

( ذلك كيل يسير ) هذا من تمام الكلام وتحسينه ، أي : إن هذا يسير في مقابلة أخذ أخيهم ما يعدل هذا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما فتح إخوة يوسف متاعَهم الذي حملوه من مصر من عند يوسف ، (وجدوا بضاعتهم) , وذلك ثمن الطعام الذي اكتالوه منه ، رُدّت إليهم، (قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا) يعني أنهم قالوا لأبيهم: ماذا نبغي؟ هذه بضاعتنا ردت إلينا ! تطييبًا منهم لنفسه بما صُنع بهم في ردِّ بضاعتهم إليهم . (1)

* * *

وإذا وُجِّه الكلام إلى هذا المعنى، كانت " ما " استفهامًا في موضع نصب بقوله: (نبغي) .

* * *

وإلى هذا التأويل كان يوجِّهه قتادة .

19476-حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد , قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (ما نبغي) يقول: ما نبغي وراء هذا , إن بضاعتنا ردت إلينا , وقد أوفى لنا الكيل.

* * *

وقوله: (ونمير أهلنا) ، يقول: ونطلب لأهلنا طعامًا فنشتريه لهم.

* * *

يقال منه: " مارَ فلانٌ أهلهَ يميرهم مَيْرًا " , ومنه قول الشاعر: (2)

بَعَثْتُــكَ مَــائِرًا فَمَكَــثْتَ حَـوْلا

مَتَــى يَــأْتِي غِيَـاثُكَ مَـنْ تُغِيـثُ

* * *

(ونحفظ أخانا) ، الذي ترسله معنا(ونـزداد كيل بعير) ، يقول: ونـزداد على أحمالنا [من] الطعام حمل بعير (3) يكال لنا ما حمل بعير آخر من إبلنا ، (ذلك كيل يسير) ، يقول: هذا حمل يسير . كما:-

19477-حدثني الحارث , قال: حدثنا القاسم , قال: حدثنا حجاج , عن ابن جريج: (ونـزداد كيل بعير) قال: كان لكل رجل منهم حمل بعير , فقالوا: أرسل معنا أخانا نـزداد حمل بعير ، وقال ابن جريج: قال مجاهد: (كيل بعير) حمل حمار . قال: وهي لغة ، قال القاسم: يعني مجاهد: أن " الحمار " يقال له في بعض اللغات: " بعير ".

19478- حدثنا بشر , قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (ونـزداد كيل بعير) ، يقول: حمل بعير.

19479- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق: (ونـزداد كيل بعير) نَعُدّ به بعيرًا مع إبلنا ، (ذلك كيل يسير).

----------------------

الهوامش:

(1) في المطبوعة :" ردت إليه" ، والجيد ما أثبت .

(2) لم أعرف قائله ، ولم أجد البيت في مكان ، وإن كنت أخالني أعرفه .

التدبر :

وقفة
[65] ﴿وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ﴾ تعجبوا من ذلك، وحسبوا أن في الأمر خطأ، أو أن العزيز ربما بدا له ألا يأخذ منهم ثمنًا للكيل الذي کاله لهم، انتظارًا لعودتهم إليه في المرة المقبلة، أو كرمًا منه وفضلًا.
وقفة
[65] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي﴾ وردت (يا أبانا) في ستة مواضع في سياق الأبناء الذين أخطأوا في حق والدهم، ووردت (يا أبت) في ثمانية مواضع في سياق الأبناء البررة، بين يديك العِبر.
وقفة
[65] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي﴾ ليس من البغي والعدوان -على الأشهر-؛ بل معناها: ماذا نطلب أكثر من هذا.
وقفة
[65] ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ۖ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ ماذا نريد يا أبانا بعد كل هذا الكرم المدهش؟! هذه بضاعتنا ردت إلينا، فلم ندفع شيئًا مقابل الطعام الذي جلبناه، فاستعملوا أربع وسائل في إقناع أبيهم باصطحاب أخيهم:أولًا: مدحهم لعزيز مصر الذي رد لهم أثمان مشترياتهم، ثانيًا: حاجتهم الملحة إلى الميرة وطعام جديد؛ لأن الكيل الحالي كيل يسير لايكفي إلا لمدة يسيرة، ويجب العودة إلى مصر لجلب طعام آخر، ثالثًا: تعهدهم لأبيهم بحفظ أخيهم، رابعًا: زيادة ما سيأخذون من أطعمة بسبب وجود أخيهم معهم.
وقفة
[65] لم يقولوا: ونأخذ أخانا، بل: ﴿وَنَحْفَظُ أَخَانَا﴾، وكأن أخذه شيء مفروغ منه وأمر واقع، لا مجال لمراجعة أبيهم لهم فيه، فسلم بهذا يا أبانا حكمًا إن لم تسلم به رأيًا.
وقفة
[65] ﴿ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ تسهيل المعاملات: حكومة الأنبياء.

الإعراب :

  • ﴿ ولما فتحوا متاعهم:
  • الواو استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. فتحوا: فعل ماضٍ مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. متاع: مفعول به منصوب بالفتحة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة وجملة \"فتحوا متاعهم\" في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف \"لما\".
  • ﴿ وجدوا بضاعتهم
  • الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وتعرب إعراب \"فتحوا متاعهم\".
  • ﴿ ردّت اليهم:
  • الجملة: في محل نصب حال. ردت: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هي. إليهم: جار ومجرور متعلق بردت و\"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بالى.
  • ﴿ قالوا يا أبانا:
  • قالوا: تعرب إعراب \"فتحوا\" يا: أداة نداء. أبا: منادى مضاف منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة بعدها: في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ ما نبغي:
  • ما: نافية لا عمل لها. أو اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم لنبغي أي بمعنى أي شيء نطلب وراء هذا؟ أو ماذا نريد أو نطلب بعد هذا. نبغي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن.
  • ﴿ هذه بضاعتنا:
  • الجملة: استئنافية موضحة لقوله: ما نبغي. أي هذه بضاعتنا تدل على ذلك هذه اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ بضاعة خبر \"هذه\" مرفوع بالضمة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ رُدّت إلينا:
  • أي قد ردت إلينا أو إذ ردت إلينا. ردت: أعربت. إلينا: جار ومجرور متعلق بردت.
  • ﴿ ونمير أهلنا:
  • الواو عاطفة. نمير: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن. أهل: مفعول به منصوب بالفتحة و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة وجملة \"نمير أهلنا\" بمعنى نجلب لهم الميرة وهي ما يؤكل .. الجملة معطوفة على محذوف بتقدير: إنّ بضاعتنا ردت الينا فنستظهر بها أي نقوى ونمير أهلنا في رجوعنا.
  • ﴿ ونحفظ أخانا ونزداد:
  • الجملتان: معطوفتان بواوي العطف وتعربان إعراب \"نمير أهلنا\" و \"أخا\" منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة.
  • ﴿ كيل بعير:
  • كيل: تمييز منصوب بالفتحة ويجوز أن يكون نائبًا عن المصدر من \"نزداد\". بعير. مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ ذلك كيل يسير:
  • ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف: حرف خطاب والإشارة بمعنى ذلك الذي نأتي به أو الذي جئنا به كيل: خبر \"ذلك\" مرفوع بالضمة. يسير: صفة -نعت- لكيل: مرفوع بالضمة '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [65] لما قبلها :     وبعد هذه المحاورة مع أبيهم؛ انتقلوا إلى أمتعتهم ليفتحوها ويخرجوا ما بها من طعام من مصر، فكانت المفاجأة: لقد أعطاهم عزيز مصر الطعام، ثم رد إليهم ثمنه الذي دفعوه له؛ فزاد إلحاحُهم على أبيهم ليسمح لهم باصطحاب بنيامين معهم في رحلتهم القادمة إلى مصر، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما نبغى:
وقرئ:
ما تبغى، بالتاء، على خطاب «يعقوب» ، وهى قراءة عبد الله، وأبى حيوة.
ونمير:
وقرئ:
بضم النون، وهى قراءة أبى عبد الرحمن السلمى.

مدارسة الآية : [66] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى ..

التفسير :

[66] قال لهم يعقوب عليه السلام:لن أتركه يذهب معكم حتى تتعهدوا وتحلفوا لي بالله أن تردوه إليَّ، إلا أن تُغْلبوا عليه فلا تستطيعوا تخليصه، فلما أعطَوْه عهد الله على ما طلب، قال يعقوب:الله على ما نقول وكيل، أي تكفينا شهادته علينا وحفظه لنا.

فـ{ قَالَ} لهم يعقوب:{ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ} أي:عهدا ثقيلا، وتحلفون بالله{ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} أي:إلا أن يأتيكم أمر لا قبل لكم به، ولا تقدرون دفعه،{ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} على ما قال وأراد{ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} أي:تكفينا شهادته علينا وحفظه وكفالته.

ولكن يعقوب- عليه السلام- مع كل هذا التحريض والإلحاح، لم يستجب لهم إلا على كره منه، واشترط لهذه الاستجابة ما حكاه القرآن في قوله:

قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ.

والموثق: العهد الموثق باليمين، وجمعه مواثيق.

أى: قال يعقوب- عليه السلام- لهم: والله لن أرسل معكم «بنيامين» إلى مصر، حتى تحلفوا لي بالله، بأن تقولوا: والله لنأتينك به عند عودتنا، ولن نتخلى عن ذلك، «إلا أن يحاط بنا» أى: إلا أن نهلك جميعا، أو أن نغلب عليه بما هو فوق طاقتنا.

يقولون: أحيط بفلان إذا هلك أو قارب الهلاك، وأصله من إحاطة العدو بالشخص، واستعمل في الهلاك، لأن من أحاط به العدو يهلك غالبا.

وسمى الحلف بالله- تعالى- موثقا، لأنه مما تؤكد به العهود وتقوى وقد أذن الله- تعالى- بذلك عند وجود ما يقتضى الحلف به- سبحانه-.

وقوله: «لتأتننى به» جواب لقسم محذوف والاستثناء في قوله «إلا أن يحاط بكم» مفرغ من أعم الأحوال، والتقدير: لن أرسله معكم حتى تحلفوا بالله وتقولوا: والله لنأتينك به معنا عند عودتنا، في جميع الأحوال والظروف إلا في حال هلاككم أو في حال عجزكم التام عن مدافعة أمر حال بينكم وبين الإتيان به معكم.

وقوله فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ أى: فلما أعطى الأبناء أباهم العهد الموثق باليمين بأن أقسموا له بأن يأتوا بأخيهم معهم عند عودتهم من مصر.

«قال» لهم على سبيل التأكيد والحض على وجوب الوفاء: الله- تعالى- على ما نقول أنا وأنتم وكيل، أى: مطلع ورقيب، وسيجازى الأوفياء خيرا، وسيجازى الناقضين لعهودهم بما يستحقون من عقاب.

قال ابن كثير: «وإنما فعل ذلك، لأنه لم يجد بدا من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها فبعثه معهم» .

( قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله ) أي : تحلفون بالعهود والمواثيق ، ( لتأتنني به إلا أن يحاط بكم ) إلا أن تغلبوا كلكم ولا تقدرون على تخليصه .

( فلما آتوه موثقهم ) أكده عليهم فقال : ( الله على ما نقول وكيل )

قال ابن إسحاق : وإنما فعل ذلك; لأنه لم يجد بدا من بعثهم لأجل الميرة ، التي لا غنى لهم عنها ، فبعثه معهم .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لبنيه: لن أرسل أخاكم معكم إلى ملك مصر ، (حتى تؤتون موثقًا من الله) ، يقول: حتى تعطون موثقًا من الله ، بمعنى " الميثاق " , وهو ما يوثق به من يمينٍ وعهد (4) (لتأتنني به) يقول لتأتنني بأخيكم ، (إلا أن يحاط بكم) ، يقول: إلا أن يُحيط بجميعكم ما لا تقدرون معه على أن تأتوني به . (5)

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19480- حدثني المثنى , قال: حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (فلما آتوه موثقهم) ، قال: عهدهم.

19481- حدثني المثنى قال: أخبرنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .

19482- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة , قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: (إلا أن يحاط بكم) : ، إلا أن تهلكوا جميعًا.

19483- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد ،

19484- قال، وحدثنا إسحاق , قال: أخبرنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19485- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق , قال: أخبرنا معمر , عن قتادة: (إلا أن يحاط بكم) ، قال: إلا أن تغلَبوا حتى لا تطيقوا ذلك.

19486- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قوله: (إلا أن يحاط بكم) : ، إلا أن يصيبكم أمرٌ يذهب بكم جميعًا , فيكون ذلك عذرًا لكم عندي.

* * *

وقوله: (فلما آتوه موثقهم) ، يقول: فلما أعطوه عهودهم ، " قال "، يعقوب: (الله على ما نقول) ، أنا وأنتم ، (وكيل) ، يقول: هو شهيد علينا بالوفاء بما نقول جميعًا . (6)

* * *

----------------------

الهوامش:

(3) الزيادة بين القوسين يقتضيها السياق .

(4) انظر تفسير" الميثاق" فيما سلف 14 : 82 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(5) انظر تفسير" الإحاطة" فيما سلف 15 : 462 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(6) انظر تفسير" الوكيل" فيما سلف 15 : 220 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

التدبر :

وقفة
[66] ﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ﴾ انتبه، واحرص أن لا تتزعزع ثقة الناس بك؛ فإنها إن ذهبت فصعب جدًا أن تعود.
لمسة
[66] ﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ في معنى الإحاطة قولان: قول مجاهد: إلا أن تموتوا كلكم فيكون ذلك عذرًا عندي، والعرب تقول:أحيط بفلان إذا اقترب هلاکه، قول قتادة: إلا أن تصيروا مغلوبين مقهورين، فلا تقدروا على الرجوع.
وقفة
[66] ﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّـهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ قال الإمام الرازي: «فإن قيل: لم بعثه معهم وقد شاهد ما شاهد؟! قلنا: لوجوه: أحدها: أنهم كبروا ومالوا إلى الخير والصلاح، وثانيها: أنه كان يشاهد أنه ليس بينهم وبين بنيامين من الحسد والحقد مثل ما كان بينهم وبين يوسف عليه السلام، وثالثها: أن ضرورة القحط أحوجته إلى ذلك، ورابعها: لعله تعالى أوحي إليه وضمن حفظه وإيصاله إليه».
لمسة
[66] ﴿حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّـهِ﴾ ما هذا الموثق؟! هو يمين الله وعهده، فطلب منهم أبوهم أن يجعلوا الله شاهدًا عليهم، بأن يقولوا مثلًا: لك منا ميثاق الله أو عهد الله، وقد جعله موثقًا؛ لأنه تُوثق به العهود وتؤكد
لمسة
[66] ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ شفقة النبوة ظهرت في هذا الاستثناء، فلا يريد يعقوب أن يحملهم ما لا يطيقون، بأن يأخذ عليهم عهدًا مطلقًا لا استثناء معه، فإن عجزوا عنه وقعوا في الإثم.
وقفة
[66] ﴿إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ تَلمس الأعذار، وورود ما هو في الحسبان من الوفاء بالعهد ومن الإيمان.
وقفة
[66] قد يصدق هنا المثل السائر: (البلاءُ موكَّلٌ بالمنطق)، فإن يعقوب عليه السلام قال هنا: ﴿إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾، فابتلي بذلك، وأحيط بهم وغلبوا عليه.

الإعراب :

  • ﴿ قال لن أرسله معكم:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره هو. أي أبوهم. لن: حرف نفي مؤكد ونصب واستقبال. أرسله: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. مع: ظرف مكان يدل على المصاحبة متعلق بأرسله .. وهو مضاف. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور والجملة بعد قال: في محل نصب مفعول به -مقول القول-.
  • ﴿ حتى تؤتون موثقًا من الله:
  • حرف غاية وجر. تؤتون: فعل مضارع بمعنى \"تعطون\" منصوب بأنْ مضمرة بعد حتى وعلامة نصبه حذف النون الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون: للوقاية والياء المحذوفة اختصارًا ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول والكسرة دالة على النون المحذوفة. موثقًا: أي عهدًا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بموثقًا و \"أن\" المضمرة وما تلاها: بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بأرسله وجملة \"تؤتون\" صلة \"أن\" المصدرية المضمرة لا محل لها من الإعراب بمعنى: حتى تعطوني ما أتوثق به من عند الله، أراد أن يحلفوا بالله تعالى.
  • ﴿ لتأتنني به:
  • اللام واقعة في جواب القسم المقدر لأن المعنى حتى تحلفوا لتأتنني به. تأتنني: فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون: اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل. النون لا محل لها والنون الثانية للوقاية والياء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. به: جار ومجرور متعلق بتأتنني. وجملة \"لتأتنني\" جواب القسم لا محل لها من الإعراب. إلّا أن يحاط بكم:
  • ﴿ ّا: أداة استثناء. أنْ: حرف مصدري ناصب. يحاط: فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأنْ وعلامة نصبه: الفتحة. بكم: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور و \"أن\" وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي للإحاطة بكم والجار والمجرور في موضع ن
  • فلما آتوه موثقهم:
  • ﴿ الفاء: استئنافية. لما: اسم شرط غير جازم بمعنى \"حين\" مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. آتوه: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضم
  • قال:
  • ﴿ فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. وجملة \"قال\" جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب
  • الله على ما نقول وكيل:
  • ﴿ الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول- الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع بالضمة على حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بوكيل: نقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن وكيل: خبر المبتدأ مرش

المتشابهات :

يوسف: 66﴿فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّـهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ
القصص: 28﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ۖ وَ اللَّـهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [66] لما قبلها :     ولَمَّا زاد إلحاحُهم على أبيهم؛ وافق هنا بشرط أن يتعهدوا ويحلفوا له بالله أن يردوه إليه، قال تعالى:
﴿ قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [67] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ ..

التفسير :

[67] وقال لهم أبوهم:يا أبنائي إذا دخلتم أرض «مصر» فلا تدخلوا مِن باب واحد، ولكن ادخلوها من أبواب متفرقة، حتى لا تصيبكم العينُ، وإني إذ أوصيكم بهذا لا أدفع عنكم شيئاً قضاه الله عليكم، فما الحكم إلا لله وحده، عليه اعتمدت ووثقت، وعليه وحده يعتمد المؤمنون.

ثم لما أرسله معهم وصاهم، إذا هم قدموا مصر، أن{ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} وذلك أنه خاف عليهم العين، لكثرتهم وبهاء منظرهم، لكونهم أبناء رجل واحد، وهذا سبب.

{ وَ} إلا فـ{ مَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} فالمقدر لا بد أن يكون،{ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} أي:القضاء قضاؤه، والأمر أمره، فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع،{ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} أي:اعتمدت على الله، لا على ما وصيتكم به من السبب،{ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} فإن بالتوكل يحصل كل مطلوب، ويندفع كل مرهوب.

ثم حكى- سبحانه- بعد ذلك ما وصى به يعقوب أبناءه عند سفرهم فقال وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ....

أى: وقال يعقوب- الأب العطوف- لأبنائه وهو يودعهم: يا بنى إذا وصلتم إلى مصر، فلا تدخلوا كلكم من باب واحد، وأنتم أحد عشر رجلا بل ادخلوا من أبوابها المتفرقة، بحيث يدخل كل اثنين أو ثلاثة من باب.

قالوا: وكانت أبواب مصر في ذلك الوقت أربعة أبواب.

وقد ذكر المفسرون أسبابا متعددة لوصية يعقوب هذه لأبنائه، وأحسن هذه الأسباب ما ذكره الآلوسى في قوله: نهاهم عن الدخول من باب واحد، حذرا من إصابة العين أى من الحسد، فإنهم كانوا ذوى جمال وشارة حسنة ... فكانوا مظنة لأن يعانوا- أى لأن يحسدوا- إذا ما دخلوا كوكبة واحدة ...

ثم قال: والعين حق، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح أيضا بزيادة «ولو كان شيء يسبق القدر سبقته العين» ...

وقد ورد أيضا: «إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر» .

وقيل: إن السبب في وصية يعقوب لأبنائه بهذه الوصية، خوفه عليهم من أن يسترعى عددهم حراس مدينة مصر إذا ما دخلوا من باب واحد، فيترامى في أذهانهم أنهم جواسيس أو ما شابه ذلك، فربما سجنوهم، أو حالوا بينهم وبين الوصول إلى يوسف- عليه السلام- ...

وقوله وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ اعتراف منه- عليه السلام- بأن دخولهم من الأبواب المتفرقة، لن يحول بينهم وبين ما قدره- تعالى- وأراده لهم، وإنما هو أمرهم بذلك من باب الأخذ بالأسباب المشروعة.

أى: وإنى بقولي هذا لكم، لا أدفع عنكم شيئا قدره الله عليكم، ولو كان هذا الشيء قليلا.

إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أى: ما الحكم في كل شيء إلا لله- تعالى- وحده لا ينازعه في ذلك منازع. ولا يدافعه مدافع.

«وعليه» وحده «توكلت» في كل أمورى.

«وعليه» وحده «فليتوكل المتوكلون» أى المريدون للتوكل الحق، والاعتماد الصدق الذي لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأمر بها.

إذ أن كلا من التوكل والأخذ بالأسباب مطلوب من العبد، إلا أن العاقل عند ما يأخذ في الأسباب يجزم بأن الحكم لله وحده في كل الأمور، وأن الأسباب ما هي إلا أمور عادية، يوجد الله- تعالى- معها ما يريد إيجاده، ويمنع ما يريد منعه، فهو الفعال لما يريد.

ويعقوب- عليه السلام- عند ما أوصى أبناءه بهذه الوصية، أراد بها تعليمهم الاعتماد على توفيق الله ولطفه، مع الأخذ بالأسباب المعتادة الظاهرة تأدبا مع الله- تعالى- واضع الأسباب ومشرعها ...

يقول تعالى ، إخبارا عن يعقوب ، عليه السلام : إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر ، ألا يدخلوا كلهم من باب واحد ، وليدخلوا من أبواب متفرقة ، فإنه كما قال ابن عباس ، ومحمد بن كعب ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي : إنه خشي عليهم العين ، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة ، ومنظر وبهاء ، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم; فإن العين حق ، تستنزل الفارس عن فرسه .

وروى ابن أبي حاتم ، عن إبراهيم النخعي في قوله : ( وادخلوا من أبواب متفرقة ) قال : علم أنه سيلقى إخوته في بعض الأبواب .

وقوله : ( وما أغني عنكم من الله من شيء ) أي : هذا الاحتراز لا يرد قدر الله وقضاءه ; فإن الله إذا أراد شيئا لا يخالف ولا يمانع ( إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون)

القول في تأويل قوله تعالى : وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لبنيه لما أرادُوا الخروج من عنده إلى مصر ليمتاروا الطعام: يا بني لا تدخلوا مصر من طريق واحد , وادخلوا من أبواب متفرقة.

* * *

وذكر أنه قال ذلك لهم , لأنهم كانوا رجالا لهم جمال وهيأة , (7) فخاف عليهم العينَ إذا دخلوا جماعة من طريق واحدٍ، وهم ولد رجل واحد , فأمرهم أن يفترقوا في الدخول إليها . كما:-

19487- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا يزيد الواسطي , عن جويبر , عن الضحاك: (لا تدخلوا من بابٍ واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) ، قال: خاف عليهم العينَ .

19488- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (يا بنيّ لا تدخلوا من باب واحد) خشي نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم العينَ على بنيه، كانوا ذوي صُورة وجَمال.

19489- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة: (وادخلوا من أبواب متفرقة) ، قال: كانوا قد أوتوا صورةً وجمالا فخشي عليهم أنفُسَ الناس.

19490- حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس , قوله: (وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) ، قال: رهب يعقوب عليه السلام عليهم العينَ.

19491- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان , قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (لا تدخلوا من باب واحد) ، خشي يعقوب على ولده العينَ.

19492- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن الحباب , عن أبي معشر , عن محمد بن كعب: (لا تدخلوا من باب واحد) ، قال: خشي عليهم العين.

19493- ... قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي قال: خاف يعقوب صلى الله عليه وسلم على بنيه العين , فقال: (يا بني لا تدخلوا من باب واحد) . فيقال: هؤلاء لرجل واحدٍ! ولكن ادخلوا من أبواب متفرقة.

19494- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال: لما أجمعوا الخروجَ ، يعني ولد يعقوب ، قال يعقوب: (يا بنيّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) ، خشي عليهم أعين الناس، لهيأتهم , وأنهم لرجل واحدٍ.

* * *

وقوله: (وما أغني عنكم من الله من شيء) ، يقول: وما أقدر أن أدفع عنكم من قضاء الله الذي قد قضاه عليكم من شيء صغير ولا كبير , لأن قضاءه نافذ في خلقه (8) ، (إن الحكم إلا لله) ، يقول: ما القضاء والحكم إلا لله دون ما سواه من الأشياء , فإنه يحكم في خلقه بما يشاء , فينفذ فيهم حكمه , ويقضي فيهم، ولا يُرَدّ قضاؤه ، (عليه توكلت) ، يقول: على الله توكلت فوثقت به فيكم وفي حفظكم عليّ، حتى يردكم إليّ وأنتم سالمون معافون , لا على دخولكم مصر إذا دخلتموها من أبواب متفرقة ، (وعليه فليتوكل المتوكلون) ، يقول: وإلى الله فليفوِّض أمورَهم المفوِّضون . (9)

----------------------

الهوامش:

(7) في المطبوعة :" وهيبة" ، لأنها في المخطوطة :" وهمة" ، غير منقوطة ، وستأتي كذلك بعد ، وسأصححها دون أن أشير هذا التصحيح في سائر المواضع .

(8) انظر تفسير" أغنى" فيما سلف 15 : 472 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(9) انظر تفسير" التوكل" فيما سلف 15 : 545 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾ العين حق، والحذر لا يرد القدر, ومع ذلك لابد من ملاحظة الأسباب.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾ مع ما فعلوه لأبيهم ولأخيهم من قبل إلا أن مشهد عطف الأب الحنون على أبناءه وشفقته عليهم لا يكاد يفارق السورة، فأين من يطرد أبناءه لأتفه الأسباب؟! وأين من يعيرهم ويتوعدهم بالحرمان حتى من الميراث؟!
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾ خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلًا، وكانوا أهل جَمال، وفي الآية دليل على التحرُّز من العين.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾ عجبًا للأبوة! طعنوا فؤادَه وما زال يحبّهم.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾ تربية ووعظ الأبناء على الأخذ بالأسباب، وأن يتبرأ الأب من حوله وقوته، ويوجههم للتوكل على الله وحده، فهو الحافظ سبحانه.
تفاعل
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ﴾ مدى رحمة الوالدين: يخاطبهم بلطف، ويخاف عليهم على الرغم من إساءتهم له، قل الآن: «اللهم اجز والدينا جناتك».
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ فيها دليل على التحرز من العين، والعين حق، وقد قال رسول الله ﷺ: «الْعَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ وَ تُدْخِلُ الجَمَلَ الْقِدْرَ» [أبو نعيم في الحلية 7/90، وحسنه الألباني]، وفي تعوذه ﷺ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَ هَامَّةٍ وَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» [البخاري 3371] ما يدل على ذلك.
عمل
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ قال القرطبي: «واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يبرك، فإنه إذا دعا بالبركة صُرف المحذور لا محالة، ألا ترى قوله عليه الصلاة والسلام لعامر: «أَلا بَرَّكْتَ؟»، فدل على أن العين لاتضر ولا تعدو إذا برك العائن (الحاسد)، وأنها إنما تعدو إذا لم يبرك، والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين! اللهم بارك فيه».
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ الغرباء يلفتون الأنظار أكثر من غيرهم؛ لذا كان عليهم التفرق لإخفاء كونهم جماعة واحدة، وفي هذا إرشادهم إلى الاستعانة على قضاء حوائجهم بالكتمان.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ ابتلي منهم ويخاف عليهم، هكذا قلوب الآباء تفاني بدون تعويض وتبادل.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ ما اللمسة البيانية في هذه الدعوة من يعقوب لأبنائه في عدم الدخول من باب واحد؟ قيل: هم عددهم كثير فلئلا تصيبهم العين، والعين الحق والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ الحسن والحسين بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة وكل عين لامّة.
وقفة
[67] توجيه الآباء لأبنائهم كما فعل يعقوب مع بنيه من أعظم وسائل الحفظ لهم، وذلك بالأخذ بالأسباب الشرعية: كالأوراد، وتحاشي ما قد يكون سببًا في شقائهم: ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾، وأن خير ما يسمعه الأبناء من آبائهم ما سمعه أبناء يعقوب من أبيهم: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132].
وقفة
[67] بعض طلبات والديك قد تميل للعاطفة والخوف عليك، لكن طاعتهم قد تدفع عنك من الشر ما لا تعلم ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ دلت الآية على أن المسلم يجب عليه أن يُحذِّرَ أخاه مما يخاف عليه، ويرشده إلى ما فيه طريق السلامة والنجاة، فإن الدين النصيحة، والمسلم أخو المسلم.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ الحذر من العين مطلوب ولا تضر إلا بإذن الله.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ العاقل يحذر من العين والحسد، ويعمل بالأسباب من غير مبالغة.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ وفيها التعلق بالله وتفويض الأمور إليه والتعلق به سبحانه،وفيها الاحتراز من العين والحسد وأن ذلك مطلوب، وأن الواجب علينا فعل الأسباب دون الاعتماد عليها.
عمل
[67] حافظ على الأذكار الشرعية كاملة بعد الصلوات؛ فهي وقاية من العين والسحر ﴿وَقَالَ يَٰبَنِىَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَٰحِدٍ وَٱدْخُلُوا مِنْ أَبْوَٰبٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِى عَنكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَىْءٍ﴾.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ لله القضاء وعليه التوكل، ولكن فعل السبب مطلوب، فهذا يعقوب يعلم أنه لا راد لقضاء الله، ولكنه خاف على أبنائه من العين.
وقفة
[67] ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ أراد بهذا تعليمهم الاعتماد على توفيق الله ولطفه، مع الأخذ بالأسباب المعتادة الظاهرة؛ تأدبًا مع واضع الأسباب ومقدّر الألطاف.
وقفة
[67] من وسائل حفظ الأبناء توجيههم وحثهم للأخذ بالأسباب الشرعية من أوراد كأذكار ونحوه، وأيضًا تجنب ما يكون سببًا في شقائهم، وخير ما يسمعه الآباء من الأبناء ما قاله يعقوب لأبنائه: ﴿فَلَاتَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132]، ﴿لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾.
وقفة
[67] ﴿وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ بذلُك للأسباب لا ينافي توكلك على الله، وإيمانك بقضائه.
وقفة
[67] ﴿وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ تعليم الأبناء التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.
عمل
[67] ﴿وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ قالها نبي الله يعقوب لبنيه؛ فأعلن عجزك لأولادك حتى يعتمدوا على ربهم وحده، ولا يتعلقوا بك.
عمل
[67] ﴿وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ أحيانًا تحتاج لأن تعلن عجزك أمام أولادك حتى يتعلقوا بالله وحده، ولا يعتمدوا عليك في كل شيء.
وقفة
[67] ﴿وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـه﴾ عليك أن تعلم أن لا أحد سيمنع عنك قدر الله مهما بلغت حيلته، فنحن خاضعون لأمر الله.
عمل
[67] ﴿وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ استنشق عبير التوكل، املأ به ضلوعك، افتتح به صباحك.
وقفة
[67] ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ حين نصحو تصحو الهموم معنا، لكن ما دام الحكم لله؛ ففوض الأمر له.
عمل
[67] ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ اجتهد في فعل الأسباب، ولا تتوكل عليها، وتوكل على الله؛ فبيده الأمر كله.

الإعراب :

  • ﴿ وقال يا بني:
  • الواو عاطفة. قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. أي وقال لهم أبوهم. يا: أداة نداء. بني: منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للإضافة وأدغمت الياء قبل النون بياء التكلم فحصل التشديد والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ لا تدخلوا من باب واحد:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به -مقول القول-. لا: ناهية جازمة. تدخلوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من باب: جار ومجرور متعلق بتدخلوا. واحد: صفة -نعت- لباب مجرورة مثله وعلامة الجر: الكسرة.
  • ﴿ وادخلوا من أبواب متفرقة:
  • الواو استئنافية. ادخلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من أبواب: جار ومجرور متعلق بادخلوا. متفرقة: صفة -نعت- لابواب مجرورة مثلها.
  • ﴿ وما أغني عنكم:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. أغني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنا. بمعنى وما أدفع. عنكم: جار ومجرور متعلق بأغني والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ من الله من شيء:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من \"شيء\". من: حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا لأنه مفعول به. بمعنى ما ادفع عنكم شيئًا من عذاب الله.
  • ﴿ إن الحكم إلّا لله:
  • إنْ: مخففة مهملة نافية بمعنى \"ما\" لا عمل لها وكسر آخرها لالتقاء الساكنين. الحكم: مبتدأ مرفوع بالضمة. إلّا: أداة حصر لا عمل لها. لله: جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.
  • ﴿ عليه توكلت:
  • جار ومجرور متعلق بتوكلت. توكلت: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ وعليه فليتوكل المتوكلون:
  • الواو عاطفة. عليه: جار ومجرور متعلق بيتوكل. الفاء زائدة. اللام لام الأمر. يتوكل: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه سكون آخره حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. المتوكلون: فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في الاسم المفرد. '

المتشابهات :

الأنعام: 57﴿مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ يَقُصُّ الْحَقَّ
يوسف: 40﴿أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ
يوسف: 67﴿وَمَآ أُغۡنِي عَنكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [67] لما قبلها :     ولَمَّا وافق يعقوب عليه السلام ؛ وصَّاهم هنا: إذا وصلتم إلى مصر، فلا تدخلوا كلكم من باب واحد، وادخلوا من أبواب متفرقة؛ خوفًا عليهم من الحسد، قال تعالى:
﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [68] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ ..

التفسير :

[68] ولما دخلوا من أبواب متفرقة كما أمرهم أبوهم، ما كان ذلك ليدفع قضاء الله عنهم، ولكن كان شفقة في نفس يعقوب عليهم أن تصيبهم العين، وإن يعقوب لصاحب علمٍ عظيم بأمر دينه علَّمه الله له وحْياً، ولكن أكثر الناس لا يعلمون عواقب الأمور ودقائق الأشياء، ولا ما يع

{ وَلَمَّا} ذهبوا و{ دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ} ذلك الفعل{ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} وهو موجب الشفقة والمحبة للأولاد، فحصل له في ذلك نوع طمأنينة، وقضاء لما في خاطره.

وليس هذا قصورا في علمه، فإنه من الرسل الكرام والعلماء الربانيين، ولهذا قال عنه:{ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ} أي:لصاحب علم عظيم{ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} أي:لتعليمنا إياه، لا بحوله وقوته أدركه، بل بفضل الله وتعليمه،{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} عواقب الأمور ودقائق الأشياء وكذلك أهل العلم منهم، يخفى عليهم من العلم وأحكامه ولوازمه شيء كثير.

ثم بين- سبحانه- أن الأبناء قد امتثلوا أمر أبيهم لهم فقال: وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ، ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها.

والمراد بالحاجة هنا: نصيحته لأبنائه بأن يدخلوا من أبواب متفرقة، خوفا عليهم من الحسد. ومعنى «قضاها» أظهرها ولم يستطع كتمانها يقال: قضى فلان حاجة لنفسه إذا أظهر ما أضمره فيها.

أى: وحين دخل أبناء يعقوب من الأبواب المتفرقة التي أمرهم أبوهم بالدخول منها.

«ما كان» هذا الدخول «يغنى عنهم» أى يدفع عنهم من قدر «الله من شيء» قدره عليهم، ولكن الذي حمل يعقوب على أمرهم بذلك، حاجة أى رغبة خطرت في نفسه «قضاها» أى: أظهرها ووصاهم بها ولم يستطع إخفاءها لشدة حبه لهم مع اعتقاده بأن كل شيء بقضاء الله وقدره.

وقوله- سبحانه- وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ ثناء من الله- تعالى- على يعقوب بالعلم وحسن التدبير.

أى: وإن يعقوب- عليه السلام- لذو علم عظيم، للشيء الذي علمناه إياه عن طريق وحينا، فهو لا ينسى منه شيئا إلا ما شاء الله.

وقوله وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أى: لا يعلمون ما يعلمه يعقوب- عليه السلام- من أن الأخذ بالأسباب لا يتنافى مع التوكل على الله- تعالى- أو: ولكن أكثر الناس لا يعلمون ما أعطاه الله- تعالى- لأنبيائه وأصفيائه من العلم والمعرفة وحسن التأني للأمور.

وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد فصلت الحديث عما دار بين إخوة يوسف وبين أبيهم في شأن سفر أخيهم معهم.. فماذا كان بعد ذلك؟

لقد كان بعد ذلك أن سافر إخوة يوسف إلى مصر، ومعهم «بنيامين» الشقيق الأصغر ليوسف، والتقوا هناك بيوسف، وتكشف هذا اللقاء عن أحداث مثيرة، زاخرة بالانفعالات والمفاجآت والمحاورات ... التي حكاها القرآن في قوله- تعالى-:

قالوا : هي دفع إصابة العين لهم ، ( وإنه لذو علم لما علمناه ) قال قتادة والثوري : لذو عمل بعلمه . وقال ابن جرير : لذو علم لتعليمنا إياه ، ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (68)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما دخل ولد يعقوب (من حيث أمرهم أبوهم، وذلك دخولهم مصر من أبواب متفرقة ، (ما كان يغني) ، دخولهم إياها كذلك ، (عنهم) من قضاء الله الذي قضاه فيهم فحتمه ,(من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، إلا أنهم قضوا وطرًا ليعقوب بدخولهم لا من طريق واحد خوفًا من العين عليهم , فاطمأنت نفسه أن يكونوا أوتوا من قبل ذلك أو نالهم من أجله مكروه . كما:-

19495- حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، خيفة العين على بنيه.

19496- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19497- ... قال: أخبرنا إسحاق قال: حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله .

19498- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا ابن نمير , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، قال: خشية العين عليهم.

19499- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قوله: (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) ، قال: ما تخوَّف على بنيه من أعين الناس لهيأتهم وعِدّتهم.

* * *

وقوله: (وإنه لذو علم لما علمناه) ، يقولُ تعالى ذكره: وإن يعقوب لذو علم لتعليمنا إياه .

* * *

وقيل: معناه وإنه لذو حفظٍ لما استودعنا صدره من العلم .

* * *

واختلف عن قتادة في ذلك:

19500- فحدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله: (وإنه لذو علم لما علمناه) : أي: مما علمناه.

19501- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير , عن سفيان , عن ابن أبي عروبة عن قتادة: (وإنه لذو علم لما علمناه) ، قال: إنه لعامل بما عَلم.

19502- ... قال: المثنى قال إسحاق قال عبد الله قال سفيان: (إنه لذو علم)، مما علمناه. وقال: من لا يعمل لا يكون عالمًا.

* * *

، (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ، يقول جل ثناؤه: ولكن كثيرًا من الناس غير يعقوب , لا يعلمون ما يعلمه , لأنَّا حَرَمناه ذلك فلم يعلمه .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[68] ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم﴾، ﴿حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ [80]، بررة بأبيهم، لكنهم كذبة.
وقفة
[68] ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ﴾ الحذر لا يغني من القدر، والذي كتبه الله عليك لو فررت منه سيصيبك.
عمل
[68] ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ أطع والديك، وشاورهما واستأذنهما؛ فالخير فيما يأمران به.
وقفة
[68] ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ وهو موجب الشفقة والمحبة للأولاد، فحصل له في ذلك نوع طمأنينة وقضاء لما في خاطره، وليس هذا قصورًا في علمه؛ فإنه من الرسل الكرام والعلماء الربانيين، ولهذا قال عنه: (وإنه لذو علم) أي: صاحب علم عظيم.
وقفة
[68] ﴿إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ من البر تلبية رغبة (الوالد) ولو لم تعرف وجهها؛ يكفي (أنها رغبته).
وقفة
[68] ﴿إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ قال مجاهد: «خيفة العين على بنيه».
وقفة
[68] ﴿إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ ما هي الحاجة التي في نفس يعقوب؟ أي قضية لم يُفصِّل فيها القرآن، ولم يرد فيها خبر صحيح عن رسول الله ﷺ؛ فالخوض فيها من التكلّف الذي لا يصل إلى نتيجة.
وقفة
[68] ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ﴾ يعني: كان يعمل ما يعمل عن علم لا عن جهل، ﴿لِّمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ أي: لتعليمنا إياه. وقيل: إنه لعامل بما علم، قال سفيان: «من لا يعمل بما يعلم لا يكون عالـمًا».
عمل
[68] ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ إن أعجبك رجاحة عقل أحدهم، وبريق كلماته التي تقطر علمًا فتذكر أن ذلك ليس فضلًا منه بل من فضل الله عليه.
وقفة
[68] ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أكثر الناس لا يعلمون ما علمه يعقوب من لزوم الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله.
وقفة
[68] تكرر في سورة يوسف قوله: ﴿وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ في 3 آيات: 21، 40، 68، ولم يتكرر ذلك في أي سور القرآن؛ لخفي تقدير الله وعجيب ألطافه.

الإعراب :

  • ﴿ ولما دخلوا من حيث:
  • تعرب إعراب \"ولما فتحوا\" في الآية الخامسة والستين. من حيث: جار ومجرور متعلق بدخلوا. حيث: اسم مبني على الضم في محل جر بمن.
  • ﴿ وأمرهم أبوهم:
  • الجملة: في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد \"حيث\". أمر: فعل ماضٍ مبني على الفتح و \"هم\" ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. أبو: فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة و \"هم\" ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ ما كان يغني عنهم من الله من شيء:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما: نافية لا عمل لها. كان: فعل ماضٍ ناقص مبني على الفتح واسمها محذوف اختصارًا تقديره ذلك. يغني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. وجملة \"يغني\" في محل نصب خبر \"كان\". عنهم: جار ومجرور متعلق بيغني و\"هم\" ضمير الغائبين في محل جر بعن. من الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بحال محذوفة من \"شيء\". من: حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًا لأنه مفعول \"يغني\" أي ما كان ذلك ليدفع عنهم شيئًا مما قضاه الله عليهم.
  • ﴿ إلّا حاجة:
  • إلّا: أداة: استثناء. حاجة: مستثنى بإلّا منصوب بالفتحة وهو استثناء منقطع على معنى: ولكن حاجة في نفس يعقوب قضاها وهي شفقته عليهم.
  • ﴿ في نفس يعقوب:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من حاجة. يعقوب: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف -التنوين- للعجمة والتعريف.
  • ﴿ قضاها:
  • الجملة: في محل نصب صفة -نعت- لحاجة. قضى: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و \"ها\" ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وإنه لذو علم:
  • الواو: استئنافية. إنه: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم \"ان\" لذو. اللام: ابتدائية -المزحلقة- ذو: خبر \"إنّ\" مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة. علم: مضاف إليه مجرور بالكسرة. أي علم بذلك
  • ﴿ لما علمناه:
  • اللام: حرف جر للتعليل. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام ويجوز أن تكون \"ما\" مصدرية والمعنى: بسبب ما علمناه بتوالي الوحي إليه أو بأمر دينه. علمناه: فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بنا و \"نا\" ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وجملة \"علمناه\" صلة الموصول أو صلة حرف مصدري لا محل لها.
  • ﴿ ولكنَّ أكثر الناس:
  • الواو: استدراكية. لكنَّ: حرف مشبه بالفعل. أكثر: اسم \" لكنَّ\" منصوب بالفتحة. الناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ لا يعلمون:
  • الجملة: في محل رفع خبر \"لكنَّ\". لا نافية لا عمل لها. يعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومعمولها محذوف بمعنى: لا يعلمون توالي الوحي إليه لتعليمه أمر دينه أي المقصود يعقوب. '

المتشابهات :

يوسف: 68﴿وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّـهِ مِن شَيْءٍ
يوسف: 69﴿وَ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ
يوسف: 88﴿فَـ لَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ
يوسف: 99﴿فَـ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [68] لما قبلها :     ولَمَّا وصاهم يعقوب عليه السلام أن يدخلوا من أبواب متفرقة؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أن الأبناء امتثلوا أمر أبيهم لهم، وما كان هذا ليدفع عنهم أذى كتبه الله عليهم، وإنما هي شفقة الأب على أبنائه، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [69] :يوسف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى ..

التفسير :

[69] ولما دخل إخوة يوسف عليه في منزل ضيافته ومعهم شقيقه «بِنْيامين»، ضم يوسف إليه شقيقه، وقال له سرّاً:إني أنا أخوك فلا تحزن، ولا تغتمَّ بما صنعوه بي فيما مضى. وأمره بكتمان ذلك عنهم.

أي:لما دخل إخوة يوسف على يوسف{ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ} أي:شقيقه وهو "بنيامين"الذي أمرهم بالإتيان به، [و] ضمه إليه، واختصه من بين إخوته، وأخبره بحقيقة الحال، و{ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ} أي:لا تحزن{ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فإن العاقبة خير لنا، ثم خبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.

وقوله- سبحانه- وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ ... شروع في بيان ما دار بين يوسف- عليه السلام- وبين شقيقه «بنيامين» بعد أن حضر مع إخوته.

وقوله آوى من الإيواء بمعنى الضم. يقال: آوى فلان فلانا إذا ضمه إلى نفسه، ويقال: تأوت الطير وتآوت، إذا تضامت وتجمعت.

وقوله فَلا تَبْتَئِسْ: افتعال من البؤس وهو الشدة والضر. يقال بئس- كسمع- فلان بؤسا وبئوسا، إذا اشتد حزنه وهمه.

والمعنى: وحين دخل إخوة يوسف عليه، ما كان منه إلا أن ضم إليه شقيقه وقال له مطمئنا ومواسيا: إنى أنا أخوك الشقيق. فلا تحزن بسبب ما فعله إخوتنا معنا من الحسد والأذى، فإن الله- تعالى- قد عوض صبرنا خيرا، وأعطانا الكثير من خيره وإحسانه.

قال الإمام ابن كثير: يخبر الله- تعالى- عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه «بنيامين» وأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته وأفاض عليهم الصلة والإحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له وقال: «لا تبتئس» أى: لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان هذا عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززا مكرما معظما.

يخبر تعالى عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه شقيقه بنيامين ، فأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته ، وأفاض عليهم الصلة والإلطاف والإحسان ، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه ، وما جرى له ، وعرفه أنه أخوه ، وقال له : " لا تبتئس " أي : لا تأسف على ما صنعوا بي ، وأمره بكتمان ذلك عنهم ، وألا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه ، وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده ، معززا مكرما معظما .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما دخل ولد يعقوب على يوسف ، (آوى إليه أخاه) ، يقول: ضم إليه أخاه لأبيه وأمه. (10)

* * *

وكان إيواؤه إياه، (11) كما:-

19503- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) ، قال: عرف أخاه , فأنـزلهم منـزلا وأجرى عليهم الطعام والشراب. فلما كان الليلُ جاءهم بِمُثُل، فقال: لينم كل أخوين منكم على مِثَال. (12) فلما بقي الغلام وحده، قال يوسف: هذا ينام معي على فراشي . فبات معه , فجعل يوسف يشمُّ ريحه , ويضمه إليه حتى أصبح , وجعل روبيل يقول: ما رأيْنا مثل هذا! أريحُونا منه!

19504- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق قال: لما دخلوا ، يعني ولد يعقوب ، على يوسف، قالوا: هذا أخونا الذي أمرتَنا أن نأتيك به , قد جئناك به. فذكر لي أنه قال لهم: قد أحسنتم وأصبتم , وستجدون ذلك عندي ، أو كما قال . ثم قال: إني أراكم رجالا وقد أردت أن أكرمكم. ودعا [صاحب] ضيافته. (13) فقال: أنـزل كل رجلين على حدة , ثم أكرمهما، وأحسن ضيافتهما. ثم قال: إني أرى هذا الرجل الذي جئتم به ليس معه ثانٍ، فسأضمه إليّ , فيكون منـزله معي . فأنـزلهم رجلين رجلين في منازل شتَّى , وأنـزل أخاه معه , فآواه إليه. فلما خلا به قال إني أنا أخوك، أنا يوسف، فلا تبتئس بشيء فعلوه بنا فيما مضى , فإن الله قد أحسن إلينا , ولا تعلمهم شيئًا مما أعلمتك . يقول الله: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون).

19505- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد , عن قتادة قوله: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) ، ضمه إليه، وأنـزله , وهو بنيامين.

19506- حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثني عبد الصمد بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يقول ، وسئل عن قول يوسف: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون) ، : كيف أصابه حين أخذ بالصُّواع , وقد كان أخبره [أنه] أخوه، (14) وأنتم تزعمون أنه لم يزل متنكرًا لهم يكايدهم حتى رجعوا؟ فقال: إنه لم يعترف له بالنسبة , ولكنه قال: (أنا أخوك) مكانَ أخيك الهالك ، (فلا تبتئس بما كانوا يعملون) ، يقول: لا يحزنك مكانهُ.

* * *

وقوله: (فلا تبتئس) ، يقول: فلا تستكِنْ ولا تحزن.

وهو: " فلا تفتعل " من " البؤس ", يقال منه: " ابتأس يبتئس ابتئاسًا " . (15)

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

*ذكر من قال ذلك:

19507- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد , عن قتادة: (فلا تبتئس) ، يقول: فلا تحزن ولا تيأس.

19508- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال، حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهب بن منبه يقول: (فلا تبتئس) ، يقول: لا يحزنك مكانه.

19509- حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي: (فلا تبتئس بما كانوا يعملون) ، يقول: لا تحزن على ما كانوا يعملون.

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذًا: فلا تحزن ولا تستكن لشيء سلف من إخوتك إليك في نفسك، وفي أخيك من أمك , وما كانوا يفعلون قبلَ اليوم بك .

----------------------

الهوامش:

(10) انظر تفسير" الإيواء" فيما سلف 15 : 422 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(11) كان الكلام في المطبوعة هكذا :" وكل أخوه لأبيه" ، فلم يحسن قراءة المخطوطة ، فجاء بكلام لا معنى له ، وكان فيها :" وكل إيواوه إياه" غير منقوطة ، وهذا صواب قراءته .

(12) " المثال" ( بكسر الميم ) ، وجمعه" مثل" ( بضمتين ) ، وهو الفراش ، وفي الحديث أنه دخل على سعد بن أبي وقاص ، وفي البيت متاع رث ومثال رث أي : فراش خلق بال . ويقال : هو النمط الذي يفترش من مفارش الصوف الملونة .

(13) في المطبوعة" ودعا ضافته" ، ولا أجد لها وجهًا . وفي المخطوطة كما أثبتها ، ولكنه لا يستقيم إلا بالذي زدته بين القوسين .

(14) في المطبوعة والمخطوطة :" كيف أجابه حين أخذ بالصواع ، وقد كان أخبره أخوه" ، ولعل الصواب ما أثبت ، مع هذه الزيادة بين القوسين .

(15) انظر تفسير" ابتأس" فيما سلف 15 : 306 ، 307

التدبر :

وقفة
[69] من لذائذ الحياة: حب الأشقاء وتعاونهم فيما بينهم ﴿ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه﴾.
وقفة
[69] ﴿ولَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إلَيْهِ (أخَاهُ) قَالَ إني أنَا (أخُوكَ) فلا تَبْتَئِس﴾ ليس كالأخ عندما تلم الملمات.
عمل
[69] اكتب صفات يوسف عليه السلام وخطواته في حل مشكلته مع إخوته، واستفد منها في حل مشكلةٍ من مشاكلك الكبيرة، ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّى أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
عمل
[69] انظر أخًا لك محتاجًا وساعده ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّى أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[69] ﴿آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ لم يختلِ به فحسب، بل ضمه إليه وآواه وآنسه، الأخ الصالح مأوًى مترف مهما بلغ شظف الحياة.
لمسة
[69] ﴿آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ (آوى) في معاجم اللغة تأتي بمعنى: أعاد، وضم، وأحاط، وأنزل عنده، وأشفق، ورحم، ورق، وتآوت الطير: إذا انضم بعضها إلى بعض، وتآوی الجرح: أي تقارب للبرء، فانظر بلاغة القرآن، کيف صورت كلمة واحدة حال يوسف عليه السلام عند لقائه بأخيه بعد الغياب الطويل.
وقفة
[69] ﴿آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ﴾ لا شيء يعادل الأخ المشفق العطوف؛ فهو يشعر بك دون أن تتكلم، ويعرف ما بك دون أن تشرح.
وقفة
[69] ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ﴾ لم يقل: (أنا يوسف)؛ بل قال: (أنا أخوك)؛ لأنها كلمة تحمل كل معاني الحب والأنس والمؤازرة، ولذلك قال: ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[69] ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ما أجمل الدنيا وفيها أخ يرق لك، ويحمل همك، ويشعر بما في نفسك، فيخفف عنك، ويتألم لأجلك!
وقفة
[69] ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ وجود الأخ يذهب البؤس ويعين على تحمل النوائب ويبرد حرارة القلب، هذا الأصل في الأخوة.
وقفة
[69] ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الصديق الصادق حين تخذلك قوى الأرض جميعًا يبقى كالجبل الأشم، يقاتل الدنيا من أجلك.
وقفة
[69] ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ تطييب خواطر الخائفين بكلمات الأمان هديٌ الأنبياء، هي ذاتها: ﴿لا تحزن إنّ الله معنا﴾ [التوبة: 40]، لكن في موقفٍ رهيب آخر.
وقفة
[69] ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، ﴿ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾ [طه: 31-34]، ما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا، فتجد فيها أخ عزيز أو صديق حميم يشاركك أحزانك، ويُواسيك في همومك، وأجمل من ذلك حين يُقاسمك الشراكة في العمل الصالح.
وقفة
[69] الأخ مصدر الأمان والراحة: ﴿قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ﴾ كلمة واحدة من يوسف أسكنت قلب بنيامين، مع أنه كان محاطًا بكل إخوته! ليس الشأن بكثرة من يحيط بك، بل بما لك في قلوبهم.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ﴾ كلمة واحدة من يوسف أسكنت قلب بنيامين، مع أنه كان محاطًا بكل إخوته! ليس الشأن بكثرة من يحيط بك، بل بما لك في قلوبهم.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ لم يقل: (لا تحزن)؛ بل: (لا تكن بائسًا منكسرًا)، يالجمال الأخ حين يقول: (سأكون هنا حتى تتحول عن بؤس قد أنشب أظفاره في قلبك).
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ لا يحزنُ ولا يبتئسُ من عندَه أخٌ رحيمٌ، ولا يضيقُ من عندَه صديقٌ كريمٌ، أخوكَ الذي إذا رأى منكَ عورةً نصحَكَ وستركَ، وإن نزلت بك نازلةٌ واساك وآزرك.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ إن أخًا لا يشاطر قلبك بؤس الحياة؛ ليس له من حظ الأخوة إلا اسمها.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ لا أملك أسبابًا أخرى، لكني أعدك أن يكون هذا السبب كافيًا لئلا تبتئس.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ الأصل في الأخوة أن يُذهب الأخ عن أخيه البؤس؛ ويبعث في نفسه الطمأنينة والاُنـس.
وقفة
[69] سلامًا على الذين إن خاننا التعبير لم يخنهم الفهم، وإن أفسدنا مفرداتنا أصلحوا نواياهم ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ﴾ [92]، ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ميثاق الأخوة القديم هو ميثاق طمأنينة لك، أني على العهد ولو جار الإخوان، ولو شطت الديار، ولو حاول الوقت محو العبير، فلا تبتأس إني أنا أخوك.
وقفة
[69] ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ الأصل في الأخوة أن يُذهب الأخ عن أخيه البؤس؛ ويبعث في نفسه الطمأنينة والاُنـس.
وقفة
[69] لما لقي يوسف أخاه همس له: ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، فيها نسيان الماضي والتركيز على الحاضر، فذلك أدعى للعمل والإنتاج.
وقفة
[69] لن يبقى منكوب على وجه الأرض إذا تمثلنا قول الله: ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[69] قد يبعث الله لك من يغنيك عنهم كلهم ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وقفة
[69] قال يوسف لأخيه: ﴿أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾؛ الأخ يرفع البأس.
وقفة
[69] قال يوسف عليه السلام لأخيه: ﴿فلا تبتئس﴾، وشعيب لموسى عليهم السلام: ‏﴿لا تخف﴾ [القصص: 25]، ومحمد صلى الله عليه وسلم لصاحبه: ‏﴿لَا تَحْزَنْ﴾ [التوبة: 40]؛ نشر الطمأنينة في النفوس منهج نبوي.
وقفة
[69] مهما كنت فستجد من لا يحبك؛ حتى الملائكة تكرهها الشياطين ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ ولما دخلوا على يوسف:
  • تعرب إعراب \"ولما فتحوا\" الواردة في الآية الخامسة والستين. على: حرف جر. يوسف: اسم مجرور بعلى وعلامة جره الفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف -لأنه اسم اعجمي غير ثلاثي والجار والمجرور متعلق بدخلوا. وقيل: هو اسم عربي منع من الصرف للعلمية.
  • ﴿ آوى إليه آخاه:
  • الجملة: جواب شرط غير جازم لا محل لها. آوى أي ضم: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. إليه: جار ومجرور متعلق بآوى. أخاه: مفعول به منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
  • ﴿ قال إني أنا أخوك:
  • قال: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو والجملة بعده. في محل نصب مفعول به -مقول القول-. إني: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل في محل نصب اسم \"إنّ\". أنا: ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل نصب توكيد للياء. أخوك: خبر \"إنّ\" مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. ويجوز أن تعرب \"أنا\" في محل رفع مبتدأ و \"أخوك\" خبرها. والجملة الاسمية \"أنا أخوك\" في محل رفع خبر \"إنّ\".
  • ﴿ فلا تبتئس:
  • الفاء: سببية. أو زائدة. لا: ناهية جازمة. تبتئس: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره أنت. أي فلا تحزن.
  • ﴿ بما كانوا:
  • جار ومجرور متعلق بتبتئس. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كانوا: فعل ماضٍ ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو. ضمير متصل في محل رفع اسم \"كان\" والألف فارقة. وجملة \"كانوا\" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ يعملون:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة \"يعملون\" في محل نصب خبر \"كان\" والعائد إلى الموصول ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: بما كانوا يعملونه بنا: ويجوز أن تكون \"ما\" مصدرية فتكون ما وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير: بأعمالهم. '

المتشابهات :

يوسف: 69﴿وَ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ
يوسف: 99﴿فَـ لَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [69] لما قبلها :     ولَمَّا أخبرَ اللهُ عز وجل عن دخولِهم إلى مصر؛ أخبرَ هنا عن دخولِهم على يوسف عليه السلام ، ثم ذكرَ اللهُ ما دار بين يوسف عليه السلام وبين شقيقه بنيامين، قال تعالى:
﴿ وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف