146138139140141142

الإحصائيات

سورة الأنعام
ترتيب المصحف6ترتيب النزول55
التصنيفمكيّةعدد الصفحات23.00
عدد الآيات165عدد الأجزاء1.17
عدد الأحزاب2.35عدد الأرباع9.40
ترتيب الطول5تبدأ في الجزء7
تنتهي في الجزء8عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 2/14الحمد لله: 2/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (138) الى الآية رقم (140) عدد الآيات (3)

= هنا أنَّهم قَسَّمُوا أنعامَهم وزروعَهم ثلاثةَ أقسامٍ: 1- أنعامٌ وأقواتٌ حِكْرٌ على آلهتِهم لا ينتفعُ بها أحدٌ سواهم، 2- أنعامٌ حَرَّمُوا ركوبَها، 3- أنعامٌ لا يذكرُونَ اسمَ اللهِ عليها عندَ الذبحِ، ثُمَّ حكمَ بخسارتِهم وسفاهتِهم.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (141) الى الآية رقم (142) عدد الآيات (2)

لَمَّا افتروا على اللهِ الكَذِبَ وأشْركُوا معه وحَلَّلُوا وحَرَّمُوا، دَلَّهم هنا على وحْدانِيَّتهِ بأنَّه خَالِقُ الأشْيَاءِ، وأنَّه جَعَل هذه الأشْيَاء أرْزَاقًا لهُمْ، =

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة الأنعام

التوحيد الخالص في الاعتقاد والسلوك/ مجادلة المشركين في إثبات التوحيد والرسالة والبعث/ قذائف الحق

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • إذًا كيف هذا؟ وما علاقة هذا بالأنعام؟:   الأنعام: هي المواشي من الإبل والبقر والغنم. والمشركون من العرب اعترفوا بوجود الله، وكانوا ينظرون للأنعام على أنها الثروة الأساسية وعصب الحياة، فهي الأكل والشرب والمواصلات والثروة. تعامل المشركون من العرب مع الأنعام على أنها تخصهم ولا علاقة لله تعالى بها بزعمهم، فأحلوا وحرموا بعضِ الزروعِ والأنعامِ، وجعلوا لله جزءًا مما خلق من الزروع والثمار والأنعام، يقدمونه للمساكين وللضيوف، وجعلوا قسمًا آخر من هذه الأشياء للأوثان والأنصاب، ومثل ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام: إذا ولدت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر، شقوا أذنها، وتركوها لآلهتهم وامتنعوا عن نحرها وركوبها، وسموها "بحيرة"، وسموا أخرى "سائبة" وأخرى "وصيلة".
  • • ما العلاقة بين الأنعام وبين سورة تتحدث عن توحيد الله؟:   الله هو الذي خلق الأنعام، وسخرها للإنسان؛ وبالتالي فهو وحده المشرع للأحكام المتعلقة بها.فالتوحيد ليس معناه أنْ يقول المرء في نفسه أنا أوحّد الله وواقع حياته لا يشهد بذلك. وكثير من الناس يوحّدون الله اعتقادًا؛ فهو يجزم بهذا الأمر، ولا مجال للنقاش أو الشك في توحيده لله عزّ وجلْ، ولكن إذا تأملنا واقع حياته، وهل يطبق شرع الله تعالى في كل تصرفاته؟؛ فإننا سنجد أنّ الأمر مختلف. توحيد الله تعالى لا يكون في الاعتقاد فحسبْ، بل لا بد من توحيده في كل تصرفاتنا وحياتنا اليومية.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الأنعام»
  • • معنى الاسم ::   النَّعَمُ: واحد الأنعام، والأنعام: هي المواشي من الإبل والبقر والغنم.
  • • سبب التسمية ::   لأنها عرضت لذكر الأنعام على تفصيل لم يرد في غيرها من السور، وتكرر فيها لفظ (الأنعام) 6 مرات، (أكثر سورة يتكرر فيها هذا اللفظ)، وجاءت بحديث طويل عنها استغرق 15 آية (من 136 إلى 150).
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سورة الحجة»، وتسمى الأنعام والأعراف: «الطُّولَيَيْن» (أي: أطول السور المكية).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن توحيد الله لا يكون في الاعتقاد فحسبْ، بل يجب أن يشمل الاعتقاد والسلوك.
  • • علمتني السورة ::   أن توحيد الله تعالى أجلى حقائق الكون وأوضحها، وأن المنكر لذلك معاند مكابر.
  • • علمتني السورة ::   أن الله أرحم بنا من أي أحد، ولذا عرفنا بنفسه، وأرسل لنا رسله، وأنزل علينا كتبه، ووعظنا بأحوال السابقين حتى لا نلقي مصيرهم.
  • • علمتني السورة ::   الأنعام أن الاستغفار من أسباب رفع البلاء وتخفيفه؛ لأن البلاء ينزل بالذنوب: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّـهُ بِذُنُوبِهِمْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة»، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الأنعام من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة. • عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «الْأَنْعَامُ مِنْ نَوَاجِبِ الْقُرْآنِ».
    • عَنْ كَعْب الأحبار قَالَ: «فَاتِحَةُ التَّوْرَاةِ: الْأَنْعَامُ، وَخَاتِمَتُهَا: هُودٌ».
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أول سورة مكية في ترتيب المصحف.
    • نزلت جملة واحدة.
    • تعتبر من أطول السور المكية بعد سورة الأعراف؛ لذا توصف الأنعام والأعراف بـ: (الطُّولَيَيْن).
    • هي أطول سورة في مُحَاجَّةِ المشركين لإثبات عقيدة التوحيد.
    • تكرر فيها لفظ (الأنعام) ست مرات، وهي أكثر سورة يتكرر فيها هذا اللفظ.
    • تكررت فيها كلمة (قل) 44 مرة، وهي أكثر سورة يتكرر فيها هذا اللفظ.
    • أنها أجمع سورة لأحوال العرب في الجاهلية.
    • تضمنت أكثر الآيات في مُحَاجَّةِ المشركين لإثبات عقيدة التوحيد.
    • ذكرت أسماء 18 رسولًا -من أصل 25 رسولًا ذكروا في القرآن- في أربع آيات (الآيات 83-86)، وهي بذلك تكون أكثر سورة ذُكِرَ فيها أسماء الأنبياء، تليها سورة الأنبياء حيث ذُكِرَ فيها أسماء 16 نبيًا.
    • اختصت بذكر (الوصايا العشر) التي نزلت في كل الكتب السابقة (الآيات 151- 153).
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: «البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل».
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نوحد الله في الاعتقاد والسلوك، ولا نكون كمشركي العرب في فعلهم في الأنعام.
    • أن نُكْثِر من حمد الله سبحانه، فإن حمد الله وشكره من أعظم العبادات التي تقرب إلى الله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ...﴾ (1).
    • أن نكثر من طاعات السر: ﴿يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾ (3).
    • أن نأخذ العظة والعبرة من الأمم السابقة: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (6).
    • ألا نحزن إذا استهزأ بنا أحد، ونتذكر الرسل من قبلنا: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ (10).
    • أن نردد عند الهم بمعصية: ﴿إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (15).
    • ألا نحزن إذا فاتنا شيء من أمور الدنيا، ونعلق همنا بالآخرة: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (32).
    • ألا نستغرب تكذيب الناس عندما ندعوهم إلى الخير؛ فإن الناس قد كذبت المرسلين: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا﴾ (34).
    • ألا نغتر بما يفتح الله به علينا، فليس كل عطية علامة على رضاه: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً﴾ (44)، فالفتح الوارد ذكره هنا ثمرة للعصيان، وهو استدراج؛ كما قال r: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ؛ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ»، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ r: «﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ...﴾».
    • أن نبين لمن حولنا حقيقة الكهان والعرافين والمنجمين: ﴿قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّـهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ (50).
    • أن نشكر الله دائمًا على نعمه علينا: ﴿اللَّـهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾ (53).
    • أن نسعى في الصلح بين شخصين أو فئتين متنازعتين: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ﴾ (65).
    • أن نتجنب الجلوس في مجالس أهل الباطل واللغو، ولا نعود لهم إلا في حال إقلاعهم عن ذلك: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ (68).
    • أن نسأل الله الثبات على دينه حتى نلقاه: ﴿كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ﴾ (71).
    • أن نقتدي بأبينا إبراهيم عليه السلام الذي واجه ضلال قومه بثبات ويقين: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (74).
    • أن نتنزّل مع الخصوم أثناء النقاش والحوار معهم: ﴿فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـٰذَا رَبِّي﴾ (77). • أن نقتدي بالأنبياء: ﴿أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّـهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ (90).
    • أن نلزم الوحي من الكتاب والسنة الصحيحة، ولا نستبدل بهما شيئًا آخر: ﴿اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ (106).
    • ألا نسب آلهة الذين كفروا حتى لا يسبوا الله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ فَيَسُبُّوا اللَّـهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (108).
    • احرص على إطابة مطعمك بأن تأكل المذبوحات التي ذُكِرَ عليها اسم الله، وتترك ما عدا ذلك: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ (121). • ادع الله تعالى أن يشرح صدرك للحق حيث كان: ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّـهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ (125).
    • أن نحترس من مجرد الاقتراب من المعاصي؛ فالاقتراب بداية الوقوع: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ﴾ (151)، ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ﴾ (152).
    • أن نقبل على كتاب الله متدبرين متعظين بما فيه؛ حتى ننال من بركته وخيره: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (155).

تمرين حفظ الصفحة : 146

146

مدارسة الآية : [138] :الأنعام     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ ..

التفسير :

[138] وقال المشركون:هذه إبل وزرع حرام، لا يأكلها إلا مَن يأذنون له -حسب ادعائهم- مِن سدنة الأوثان وغيرهم.وهذه إبل حُرِّمت ظهورها، فلا يحل ركوبها والحملُ عليها بحالٍ من الأحوال.وهذه إبل لا يَذكرون اسم الله تعالى عليها في أي شأن من شؤونها. فعلوا ذلك كذباً

ومن أنواع سفاهتهم أن الأنعام التي أحلها الله لهم عموما، وجعلها رزقا ورحمة، يتمتعون بها وينتفعون، قد اخترعوا فيها بِدعًا وأقوالا من تلقاء أنفسهم، فعندهم اصطلاح في بعض الأنعام [والحرث] أنهم يقولون فيها:{ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} أي:محرم{ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ} أي:لا يجوز أن يطعمه أحد، إلا من أردنا أن يطعمه، أو وصفناه بوصف -من عندهم-. وكل هذا بزعمهم لا مستند لهم ولا حجة إلا أهويتهم، وآراؤهم الفاسدة. وأنعام ليست محرمة من كل وجه، بل يحرمون ظهورها، أي:بالركوب والحمل عليها، ويحمون ظهرها، ويسمونها الحام، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها، بل يذكرون اسم أصنامهم وما كانوا يعبدون من دون الله عليها، وينسبون تلك الأفعال إلى الله، وهم كذبة فُجَّار في ذلك.{ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} على الله، من إحلال الشرك، وتحريم الحلال من الأكل، والمنافع.

ثم حكى القرآن رذيلة ثالثة من رذائلهم المتعددة، وهي أن أوهام الجاهلية وضلالاتها ساقتهم إلى عزل قسم من أموالهم لتكون حكرا على آلهتهم بحيث لا ينتفع بها أحد سوى سدنتها، ثم عمدوا إلى قسم من الأنعام فحرموا ركوبها وعمدوا إلى قسم آخر فحرموا أن يذكر اسم الله عليها عند ذبحها أو ركوبها إلى آخر تلك الأوهام المفتراة.

استمع إلى القرآن وهو يقص ذلك فيقول: وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ.

حجر: بمعنى المحجور أى: الممنوع من التصرف فيه، ومنه قيل للعقل حجر لكون الإنسان في منع منه مما تدعوه إليه نفسه من اثام.

أى: ومن بين أوهام المشركين وضلالاتهم أنهم يقتطعون بعض أنعامهم وأقواتهم من الحبوب وغيرها ويقولون: هذه الأنعام وتلك الزروع محجورة علينا أى: محرمة ممنوعة، لا يأكل منها إلا من نشاء، يعنون: خدم الأوثان والرجال دون النساء أى: لا يأكل منها إلا خدم الأوثان والرجال فقط.

وقوله: بِزَعْمِهِمْ متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل قالوا. أى: قالوا ذلك متلبسين بزعمهم الباطل من غير حجة.

وقوله: وَقالُوا هذِهِ الإشارة إلى ما جعلوه لآلهتم، والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله:

أَنْعامٌ وَحَرْثٌ وقوله حِجْرٌ صفة لأنعام وحرث، وقوله لا يَطْعَمُها صفة ثانية لأنعام وحرث.

هذا هو النوع الأول الذي ذكرته الآية من أنواع ضلالاتهم.

أما النوع الثاني فهو قوله- تعالى- وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها أى: وقالوا مشيرين إلى طائفة أخرى من أنعامهم: هذه أنعام حرمت ظهورها فلا تركب ولا يحمل عليها، يعنون بها البحائر والسوائب والوصائل والحوامي التي كانوا يزعمون أنها تعتق وتقصى لأجل الآلهة.

فقوله وَأَنْعامٌ خبر لمبتدأ محذوف والجملة معطوفة على قوله هذِهِ أَنْعامٌ.

وأما النوع الثالث من أنواع اختراعاتهم الذي ذكرته الآية فهو قوله: وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا.

أى: وقالوا أيضا هذه أنعام لا يذكر اسم الله عليها عند الذبح، وإنما يذكر عليها أسماء الأصنام لأنها ذبحت من أجلها.

وقد عقب- سبحانه- على تلك الأقسام الثلاثة الباطلة بقوله: افْتِراءً عَلَيْهِ أى فعلوا ما فعلوا من هذه الأباطيل وقالوا ما قالوا من تلك المزاعم من أجل الافتراء على الله وعلى دينه، فإنه- سبحانه- لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم.

ثم ختمت الآية بهذا التهديد الشديد حيث قال: - سبحانه- سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ أى: سيجزيهم الجزاء الشديد الأليم بسبب هذا الافتراء القبيح.

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " الحجر " : الحرام ، مما حرموا الوصيلة ، وتحريم ما حرموا .

وكذلك قال مجاهد ، والضحاك ، والسدي ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .

وقال قتادة : ( وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ) الآية : تحريم كان عليهم من الشياطين في أموالهم ، وتغليظ وتشديد ، وكان ذلك من الشياطين ، ولم يكن من الله تعالى .

وقال ابن زيد بن أسلم : ( حجر ) إنما احتجزوها لآلهتهم .

وقال السدي : ( لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ) يقولون : حرام أن نطعم إلا من شئنا .

وهذه الآية الكريمة كقوله تعالى : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون ) [ يونس : 59 ] ، وكقوله تعالى : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ) [ المائدة : 103 ] .

وقال السدي : أما ( وأنعام حرمت ظهورها ) فهي البحيرة والسائبة والحام ، وأما الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها قال : إذا أولدوها ، ولا إن نحروها .

وقال أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود قال لي أبو وائل : تدري ما في قوله : ( وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ) ؟ قلت : لا . قال : هي البحيرة ، كانوا لا يحجون عليها .

وقال مجاهد : كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها ولا في شيء من شأنها ، لا إن ركبوا ، ولا إن حلبوا ، ولا إن حملوا ، ولا إن سحبوا ولا إن عملوا شيئا .

( افتراء عليه ) أي : على الله ، وكذبا منهم في إسنادهم ذلك إلى دين الله وشرعه; فإنه لم يأذن لهم في ذلك ولا رضيه منهم ( سيجزيهم بما كانوا يفترون ) أي : عليه ، ويسندون إليه .

القول في تأويل قوله : وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ

قال أبو جعفر: وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء الجهلة من المشركين أنهم كانوا يحرمون ويحللون من قِبَل أنفسهم، من غير أن يكون الله أذن لهم بشيء من ذلك .

يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء العادلون بربهم من المشركين، جهلا منهم, لأنعام لهم وحرث: هذه أنعامٌ وهذا حرث حجر= يعني بـ" الأنعام " و " الحرث " ما كانوا جعلوه لله ولآلهتهم، التي قد مضى ذكرها في الآية قبل هذه .

* * *

وقيل: إن " الأنعام "، السائبة والوصيلة والبحيرة التي سمَّوا . (1)

13914- حدثني بذلك محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " الأنعام "، السائبة والبحيرة التي سمُّوا .

* * *

و " الحِجْر " في كلام العرب، الحرام. (2) يقال: " حَجَرت على فلان كذا "، أي حرَّمت عليه, ومنه قول الله: وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ، [سورة الفرقان: 22] ، ومنه قول المتلمس:

حَـنَّتْ إلَـى النَّخْلَةِ القُصْوَى فَقُلْتُ لَهَا:

حِجْــرٌ حَــرَامٌ, أَلا ثَـمَّ الدَّهَـارِيسُ (3)

وقول رؤبة، [العجاج]: (4)

* وَجَارَةُ البَيْتِ لَهَا حُجْرِيُّ * (5)

يعني المحرّمَ ، ومنه قول الآخر: (6)

فَبِــتُّ مُرْتَفِقًــا, والعَيْـنُ سَـاهِرَةٌ

كَـأَنَّ نَـوْمِي عَـلَيَّ اللَّيْـلَ مَحْجُـورُ (7)

أي حرام. يقال : " حِجْر " و " حُجْر ", بكسر الحاء وضمها .

* * *

وبضمها كان يقرأ، فيما ذُكر، الحسنُ وقتادة . (8)

13915- حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي [قال، حدثني عمي] قال، حدثني أبي, عن الحسين, عن قتادة أنه: كان يقرؤها: " وَحَرْثٌ حُجْرٌ"، يقول: حرام, مضمومة الحاء . (9)

* * *

وأما القرأة من الحجاز والعراق والشام، فعلى كسرها. وهي القراءة التي لا أستجيز خلافها، لإجماع الحجة من القرأة عليها, وأنها اللغة الجُودَى من لغات العرب . (10)

* * *

وروي عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: " وَحَرْثٌ حِرْجٌ"، بالراء قبل الجيم .

13916- حدثني بذلك الحارث قال، حدثني عبد العزيز قال، حدثنا ابن عيينة, عن عمرو, عن ابن عباس: أنه كان يقرؤها كذلك .

* * *

وهي لغة ثالثة، معناها ومعنى " الحجر " واحد. وهذا كما قالوا: " جذب " و " جبذ ", و " ناء " و " نأى ".

ففي" الحجر "، إذًا، لغات ثلاث: " حجر " بكسر الحاء، والجيم قبل الراء=" وحُجر " بضم الحاء، والجيم قبل الراء= و " حِرْج "، بكسر الحاء، والراء قبل الجيم .

* * *

وبنحو الذي قلنا في تأويل الحجر قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

13917- حدثني عمران بن موسى القزاز قال، حدثنا عبد الوارث, عن حميد, عن مجاهد وأبي عمرو: (وحرث حجر)، يقول: حرام .

13918- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (وحرث حجر)، فالحجر . ما حرّموا من الوصيلة, وتحريم ما حرموا .

13919- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (وحرث حجر)، قال: حرام .

13920- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (هذه أنعام وحرث حجر) الآية, تحريمٌ كان عليهم من الشياطين في أموالهم، وتغليظ وتشديد. وكان ذلك من الشياطين، ولم يكن من الله .

13921- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما قوله: (وقالوا هذه أنعام وحرث حجر)، فيقولون: حرام، أن نطعم إلا من شئنا .

13922- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (هذه أنعام وحرث حجر)، نحتجرها على مَنْ نريد وعمن نريد, لا يطعمها إلا مَنْ نشاء، بزعمهم. قال: إنما احتجروا ذلك لآلهتهم, وقالوا: لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم)، قالوا: نحتجرها عن النساء, ونجعلها للرجال .

13923- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (أنعام وحرث حجر)، أما " حجر ", يقول: محرَّم . وذلك أنهم كانوا يصنعون في الجاهلية أشياء لم يأمر الله بها, كانوا يحرّمون من أنعامهم أشياء لا يأكلونها, ويعزلون من حرثهم شيئًا معلومًا لآلهتهم, ويقولون: لا يحل لنا ما سمّينا لآلهتنا.

13924- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (أنعام وحرث حجر)، ما جعلوه لله ولشركائهم .

13925- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .

* * *

القول في تأويل قوله : وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وحرّم هؤلاء الجهلة من المشركين ظهورَ بعض أنعامهم, فلا يركبون ظهورها, وهم ينتفعون برِسْلِها ونِتَاجها وسائر الأشياء منها غير ظهورها للركوب . (11) وحرموا من أنعامهم أنعامًا أخر، فلا يحجُّون عليها، ولا يذكرون اسم الله عليها إن ركبوها بحالٍ، ولا إن حلبوها، ولا إن حمَلوا عليها .

* * *

وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

13926- حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو بكر بن عياش, عن عاصم قال: قال لي أبو وائل : أتدري ما " أنعام لا يذكرون اسم الله عليها "؟ قال: قلت: لا! قال: أنعام لا يحجون عليها .

13927- حدثنا محمد بن عباد بن موسى قال، حدثنا شاذان قال، حدثنا أبو بكر بن عياش, عن عاصم قال: قال لي أبو وائل: أتدري ما قوله: (حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها) ؟ قال: قلت: لا! قال: هي البحيرة، كانوا لا يحجون عليها . (12)

13928- حدثنا أحمد بن عمرو البصري قال، حدثنا محمد بن سعيد الشهيد قال، حدثنا أبو بكر بن عياش, عن عاصم, عن أبي وائل: (وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها)، قال: لا يحجون عليها . (13)

13929- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي أما: (أنعام حرمت ظهورها)، فهي البحيرة والسائبة والحام= وأما " الأنعام التي لا يذكرون اسم الله عليها ", قال: إذا أولدوها, (14) ولا إن نحروها .

13930- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله: (وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها)، قال: كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها ولا في شيء من شأنها، لا إن ركبوها, ولا إن حلبوا, ولا إن حملوا, ولا إن منحوا, ولا إن عملوا شيئًا .

13931- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (وأنعام حرمت ظهورها)، قال: لا يركبها أحد=(وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها) .

* * *

وأما قوله: (افتراء على الله), فإنه يقول: فعل هؤلاء المشركون ما فعلوا من تحريمهم ما حرموا, وقالوا ما قالوا من ذلك, كذبًا على الله, وتخرّصًا الباطلَ عليه; لأنهم أضافوا ما كانوا يحرّمون من ذلك، على ما وصفه عنهم جل ثناؤه في كتابه، إلى أنّ الله هو الذي حرّمه, فنفى الله ذلك عن نفسه, وأكذبهم, وأخبر نبيه والمؤمنين أنهم كذبة فيما يدّعون . (15)

* * *

ثم قال عز ذكره: (سيجزيهم)، يقول: سيثيبهم ربُّهم بما كانوا يفترونَ على الله الكذبَ ثوابَهم, ويجزيهم بذلك جزاءهم . (16)

-------------------

الهوامش :

(1) انظر تفسير (( الأنعام )) فيما سلف 6 : 257 / 9 : 457

= وتفسير (( الحرث )) فيما سلف 4 : 240 - 243 ، 397 /6 : 257 / 7 : 134 .

(2) المخطوطة ، ليس فيها (( الحرام )) ، وزيادتها في المطبوعة هي الصواب الموافق لما في مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 207 .

(3) ديوانه قصيدة 4 ، ومختارات ابن الشجري : 32 ، ومجاز القرآن 1 : 207 ، وسيأتي في التفسير 19 : 302 ( بولاق ) ، اللسان ( دهرس ) ، ومعجم ، استعجم : 1304 ، ومعكم ياقوت ( نخلة القصوى ، ونسبه لجرير وهو المتلمس ، جرير بن عبد المسيح ، من قصيدته التي قالها في مهربه إلى الشام من عمرو بن هند ، وقصة المتلمس وطرفة ، وعمرو بن هند ، مشهورة . وهكذا جاء هنا (( النخلة القصوى )) ، وهي رواية ، والرواية الأخرى (( نخلة القصوى )) بغير تعريف كما سيأتي براوية أبي جعفر في التفسير 19 : 302 ( بولاق ) . وقد ذكروا أن (( نخلة القصوى )) المذكورة هنا ، هي : (( نخلة اليمانية )) ، وهو واد ينصب من بطن قرن المنازل ، وهو طريق اليمن إلى مكة . وظاهر هذا الشعر ، فيما أداني إليه اجتهادي ، يدل على أن (( نخلة القصوى )) بأرض العراق ، مفضيًا إلى الحيرة ، ديار عمرو بن هند ، فإنه قال هذا الشعر ، وقد حرم عليه عمرو بن هند أرض العراق ، فحنت ناقته إلى ديارها بالعراق ، فقال لها :

أنِّـى طَـرِبْتِ وَلَمْ تُلْحَيْ عَلَى طَرَبٍ ،

ودُونَ إلْفِــكِ أَمْــرَاتٌ أَمَــا لِيسُ

يقول : كيف تشتاقين إلى أرض فيها هلاكي ؟ ثم عاد يقول : ولست ألومك على الشوق الذي أثار حنينك ، فإنه لا بد لمن حالت بينه وبين إلفه الفلوات ، أن يحن . ثم بين العلة في استنكاره حنينها فقال لها : وكأنه يخاطب نفسه ، ويعتذر إليها من ملامة هذه البائسة ! .

حَـنَّتْ إلَى النَّخْلَةِ القُصْوَى فَقُلْتُ لَهَا :

بَسْــلٌ عَلَيْـكِ ، أَلا تِلْـكَ الدَّهَـارِيسُ

(( بسل عليك )) : حرام عليك ، وهذه رواية أخرى . و(( الدهاريس )) ، الدواهي . يقول : ما ألومها على الحنين إلى إلفها ، ولكني ألومها على الحنين إلى الأرض فيها هلاكي . وقال لها : إن نخلة القصوى التي تحنين إليها ، حرام عليك ، فإن فيها الدواهي والغوائل . فتبين بهذا أنه يعني ديار عمرو بن هند الذي فر منه ، ثم قال لها بعد ذلك :

أُمِّــي شَـآمِيةً ، إِذْ لا عِـرَاقَ لَنَـا ،

قَوْمًــا نَــوَدُّهُمُ إذْ قَوْمُنَـا شُـوسُ

.

يقول : اقصدي نخلة الشآمية ، فإن العراق قد حرم علينا ، وفي الشام أحبابنا ، وأهل مودتنا ، وأما قومنا بالعراق فإنهم ينظرون إلينا بأعين شوس من البغضاء . فثبت بقوله : (( إذ لا عراق لنا )) أن (( نخلة القصوى )) من أرض العراق . وفي هذا كفاية في تحقيق الموضع إن شاء الله .

(4) هكذا نسبة هنا إلى (( رؤبة )) والصواب أنه (( العجاج )) أبوه ، بلا شك في ذلك ، ولذلك وضعته بين الأقواس ، وكأنه سهو من الناسخ ، أو من أبي جعفر .

(5) ديوان العجاج : 68 ، واللسان ( حجر ) من رجز له طويل مشهور ، ذكر فيه نفسه بالعفاف والصيانة فقال :

إِنّــي امْــرُؤٌ عَـنْ جَـارَتِي كَـفِىُّ

عَـــنِ الأذَى ، إنَّ الأذَى مَقْـــلِيُّ

وَعَـــنْ تَبغِّــي سِــرِّهَا غَنِــيُّ

ثم قال بعد أبيات :

وَجَــارَةُ البَيْــتِ لَهَــا حُجْــرِيُّ

ومَحْرُمَـــاتٌ هَتْكُهَـــا بُجْــرِيُّ

وفسره صاحب اللسان فقال : (( لها خاصة )) .

(6) ينسب إلى أعشى باهلة نسبه ابن بري في اللسان ( رفق ) ، ولم أجده في مكان آخر .

(7) اللسان ( رفق ) . (( مرتفقًا )) ، أي : متكئًا على مرفق يده .

(8) في المطبوعة والمخطوطة : (( الحسين )) ، وهو خطأ ، صوابه (( الحسن )) ، وهو البصري .

(9) الأثر : 13915 - هذا إسناد فيه إشكال .

(( عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث سعيد بن ذكوان التميمي العنبري )) ، مضى مرارًا ، وهو يروي عن أبيه : (( عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان )) وأبوه : (( عبد الصمد ابن عبد الوارث )) ، يروي عن أبيه : (( عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان )) ، و (( عبد الوارث بن سعيد ابن ذكوان )) ، يروي عن (( حسين المعلم )) ، وهو (( حسين بن ذكوان العوذي )) ، و (( حسين المعلم )) ، يروي عن (( قتادة )) ، فالأرجح إذن أن يكون الإسناد هكذا :

(( حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد ، قال حدثني أبي ، قال حدثني أبي ، عن الحسين ، عن قتادة )) بإسقاط (( قال حدثني عمي )) ، التي وضعتها بين قوسين ، وبذلك يكون الإسناد مستقيمًا ، فإني لم أجد (( عبد الصمد بن عبد الوارث )) يروي عن (( عمه )) ، ولم أجد له عما يروى عنه . وأيضًا فإن قوله : (( حدثني عمي )) يقتضي أن يكون (( سعيد بن ذكوان )) جدهم ، هو الراوي عن (( حسين المعلم )) ، ولم تذكر قط رواية عن (( سعيد بن ذكوان )) ، ولا له ذكر في كتب الرجال . فصح بذلك أن الصواب إسقاط ما وضعته بين القوسين ، هذا وأذكر أن هذا الإسناد قد مر قبل كما أثبته ، ولكني لم أستطع أن أعثر عليه بعد . والزيادة إن شاء الله خطأ من الناسخ ، واختلط عليه إسناد (( محمد بن سعد عن أبه ، عن عمه ... )) رقم : 305 . فعجل وزاد : (( قال حدثني عمي )) .

(10) (( الجودي )) ، تأنيث (( الأجود )) ، وهي قليلة الاستعمال فيما بعد طبعة أبي جعفر ، كما أسلفت في التعليق على أول استعمال لها فيما مضى 6 : 437 ، تعليق : 1 ، وهذه هي المرة الثانية التي استعملها فيها أبو جعفر .

(11) (( الرسل )) ( بكسر فسكون ) : اللبن . و (( النتاج )) ( بكسر النون ) : ما تضع من أولادها .

(12) الأثر : 13927 - (( محمد بن عباد بن موسى الختلي )) ، مضى برقم : 11318 ، ونقلت هناك عن ابن أبي حاتم 4 / 1 / 15 ، أنه روى عن هشام بن محمد الكلبي ، والوليد بن صالح ، وروى عنه أبو بكر بن أبي الدنيا . ثم توقفت في هذه الترجمة المختصرة التي ذكرها ابن أبي حاتم ، وشككت في صحة ما فيها ، فإن أبا بكر بن أبي الدنيا ، إنما يروي عن أبيه (( عباد بن موسى الختلي )) . ولا أدري أروى عن ولده (( محمد بن عباد )) أم لم يرو عنه ، فإنهم لم يذكروا ذلك في ترجمة أبي بكر ابن أبي الدنيا .

و (( شاذان )) هو : (( الأسود بن عامر )) ، ثقة صدوق . مترجم في التهذيب .

(13) الأثر : 13928 - (( أحمد بن عمرو البصري )) ، مضى ما قلت فيه برقم : 9875 . و(( محمد بن سعيد الشهيد )) ، لم أعرف من هو ، ولم أجد له ذكرًا .

(14) لعل الصواب : (( لا إن أولدوها )) .

(15) انظر تفسير (( الافتراء )) فيما سلف : ص : 136 ، تعليق : 4 ، والمراجع هناك .

(16) انظر تفسير (( الجزاء )) فيما سلف من فهارس اللغة ( جزى ) .

التدبر :

وقفة
[138] أنعام يمنعون الناس من أكل لحومها، وحبوب وثمار يمنعون أكلها، وأنعام يحرمون ركوب ظهورها، وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها، وهو كناية عن منع الحج عليها، أو لا يذكرون اسم الله عليها عند نحرها، بل يذكرون اسم: ما تربت إليه، زاعمين أن الله أمرهم بذلك؛ فلذا قال: (افتراء عليه)، إذ لا يعقل أن ينسب إلى الله تحریم ذكر اسمه على الأنعام التي تقرب لغيره.
وقفة
[138] النذور للأولياء والأضرحة هي من عمل المشركين؛ زين ذلك الشيطان لجهال المسلمين ﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَّا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَن نَّشَاءُ بِزَعْمِهِمْ ...﴾.
وقفة
[138] إذا قلت لعاملك: (إذا قصرت في العمل فسوف أخصم من مرتبك مائة درهم)، علم العقوبة وسوف تولد عنده رادعًا، ولكن إن قلت لمن ارتكب خطأ في عمله: (إن عدت لهذا التصرف مرة أخرى فسوف ترى)، فأنت لم تحدد نوع العقوبة، فهذا النوع أشد هولًا على القلب، وكذلك قوله تعالى هنا: ﴿سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾، فقد أبهم الله الجزاء؛ تهويلًا وتعظيمًا لتذهب النفوس كل مذهب ممكن في أنواع الجزاء على الإثم.
لمسة
[138] أبهم الله الجزاء فقال: ﴿سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ تهويلًا وتعظيمًا؛ لتذهب النفوس كل مذهب ممكن في أنواع الجزاء على الإثم، فعدم تحديد نوع العقوبة أشد هولًا على القلب.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو: عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به «مقول القول». هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. و «أَنْعامٌ» خبر «هذِهِ» مرفوع بالضمة. وحرث: معطوفة بالواو على «أَنْعامٌ» مرفوعة مثلها. حجر: صفة لحرث ومرفوعة بالضمة ايضا. وحرث حجر: بمعنى: حرام.
  • ﴿ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ:
  • الجملة: في محل رفع صفة- نعت- لأنعام. لا: نافية لا عمل لها. يطعم: فعل مضارع مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. إلّا: أداة حصر لا محل لها. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. نشاء: فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل: ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن. بزعم: جار ومجرور و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. وجملة «نَشاءُ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها:
  • وأنعام: معطوفة بالواو على «هذِهِ أَنْعامٌ» وتعرب مثلها بتقدير: وقالوا هذه أنعام أخرى. حرمت: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. والتاء: تاء التأنيث الساكنه. ظهورها: أي حرم ركوبها: نائب فاعل مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. وجملة «حُرِّمَتْ ظُهُورُها» في محل رفع صفة- نعت- لأنعام.
  • ﴿ وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ:
  • وأنعام: معطوفة بالواو على «أَنْعامٌ» الاولى وتعرب إعرابها بمعنى: وهذا قسم ثالث من الانعام. لا: نافية لا عمل لها. يذكرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «لا يذكرون وما بعدها» في محل رفع صفة- نعت- لأنعام.
  • ﴿ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا:
  • اسم: مفعول به منصوب بالفتحة. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة. عليها: جار ومجرور متعلق بيذكرون.
  • ﴿ افْتِراءً عَلَيْهِ:
  • افتراء: مفعول لأجله منصوب بالفتحة ويجوز أن تكون حالا أو مصدرا مؤكدا من افترى. افتراء عليه: جار ومجرور متعلق بافتراء بتقدير: هذا كله افتراء على الله سبحانه.
  • ﴿ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا:
  • السين: حرف تسويف- استقبال- للقريب. يجزي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بما: جار ومجرور متعلق بيجزي و «ما اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. وجملة «كانُوا يَفْتَرُونَ» صلة الموصول والضمير «هم» في «يجزيهم» للغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ يَفْتَرُونَ:
  • تعرب إعراب «يَذْكُرُونَ». وجملة «يَفْتَرُونَ» في محل نصب خبر «كان». '

المتشابهات :

الأنعام: 138﴿وَأَنْعَامٌ لَّا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
الأنعام: 139﴿وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِم وَصْفَهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [138] لما قبلها :     الصورةُ الثالثةُ: حَجْرُ التَّصرُّفِ في المواشي والزروع، حيث قَسَّمُوا أنعامَهم وزروعَهم ثلاثةَ أقسامٍ: 1- أنعامٌ وأقواتٌ حِكْرٌ على آلهتِهم لا ينتفعُ بها أحدٌ سواهم، 2- أنعامٌ حَرَّمُوا ركوبَها، 3- أنعامٌ لا يذكرُونَ اسمَ اللهِ عليها عندَ الذبحِ، قال تعالى:
﴿ وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ

القراءات :

أنعام:
وقرئ:
نعم، على الإفراد، وهى قراءة أبان بن عثمان.
حجر:
وقرئ:
1- بضم الحاء وسكون الجيم، وهى قراءة الحسن، وقتادة.
2- بفتح الحاء وسكون الجيم، ورويت أيضا عن الحسن، وقتادة.
3- بضم الحاء والجيم، وهى قراءة أبان بن عثمان.
4- بكسر الحاء وسكون الجيم، وهى قراءة باقى السبعة.
5- حرج، بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وسكونها، وهى قراءة أبى، وعبد الله، وابن عباس، وابن الزبير، وعكرمة، وعمرو بن دينار، والأعمش.

مدارسة الآية : [139] :الأنعام     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ ..

التفسير :

[139] وقال المشركون:ما في بطون الأنعام من أجنَّة مباح لرجالنا، ومحرم على نسائنا، إذا ولد حيّاً، ويشتركون فيه إذا ولد ميتاً. سيعاقبهم الله إذ شرَّعوا لأنفسهم من التحليل والتحريم مالم يأذن به الله. إنه تعالى حكيم في تدبير أمور خلقه، عليم بهم.

ومن آرائهم السخيفة أنهم يجعلون بعض الأنعام، ويعينونها –محرما ما في بطنها على الإناث دون الذكور، فيقولون:{ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا} أي:حلال لهم، لا يشاركهم فيها النساء،{ وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} أي:نسائنا، هذا إذا ولد حيا، وإن يكن ما [في] بطنها يولد ميتا، فهم فيه شركاء، أي:فهو حلال للذكور والإناث.{ سَيَجْزِيهِمْ} الله{ وَصْفَهُمْ} حين وصفوا ما أحله الله بأنه حرام، ووصفوا الحرام بالحلال، فناقضوا شرع الله وخالفوه، ونسبوا ذلك إلى الله.{ إِنَّهُ حَكِيمٌ} حيث أمهل لهم، ومكنهم مما هم فيه من الضلال.{ عَلِيمٌ} بهم، لا تخفى عليه خافية، وهو تعالى يعلم بهم وبما قالوه عليه وافتروه، وهو يعافيهم ويرزقهم جل جلاله.

ثم يحكى القرآن الرذيلة الرابعة من رذائلهم وملخصها: أنهم زعموا أن الأجنة التي في بطون هذه الأنعام المحرمة، ما ولد منها حيا فهو حلال للرجال ومحرم على النساء، وما ولد ميتا اشترك في أكله الرجال والنساء.

استمع إلى القرآن وهو يفضح زعمهم هذا فيقول: وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا، وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا، وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ ومرادهم بما في بطون هذه الأنعام أجنة البحائر والسوائب.

أى: ومن فنون كفرهم أنهم قالوا ما في بطون هذه الأنعام المحرمة إذا نزل منها حيا فأكله حلال للرجال دون والنساء، وإذا نزل ميتا فأكله حلال للرجال والنساء على السواء.

وفي رواية العوفى عن ابن عباس أن المراد بما في بطونها اللبن، فقد كانوا يحرمونه على إناثهم ويشربه ذكرانهم وكانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه، وكان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء.

قال بعضهم: «ومن مباحث اللفظ في الآية أن قوله «خالصة» فيه وجوه:

أحدها: أن التاء قيد للمبالغة في الوصف كراوية وداهية فلا يقال إنه غير مطابق للمبتدأ على القول بأنه خبر.

وثانيا: أن المبتدأ وهو ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ مذكر اللفظ مؤنث المعنى، لأن المراد به الأجنة فيجوز تذكير خبره باعتبار اللفظ وتأنيثه باعتبار المعنى.

وثالثها: أنه مصدر فتكون العبارة مثل قولهم: عطاؤك عافية والمطر رحمة والرخصة نعمة.

ورابعها: أنه مصدر مؤكد أو حال من المستكن في الظرف وخبر المبتدأ لِذُكُورِنا .

وقوله: سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ تهديد لهم أى: سيجزيهم بما هم أهله من العذاب المهين جزاء وصفهم أو بسبب وصفهم الكذب على الله في أمر التحليل والتحريم على سبيل التحكم والتهجم بالباطل على شرعه. إنه- سبحانه- حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه، عليم بأعمال عباده من خير أو شر وسيجازيهم عليها.

قال الآلوسى: ونصب وَصْفَهُمْ- على ما ذهب إليه الزجاج- لوقوعه موقع مصدر سَيَجْزِيهِمْ فالكلام على تقدير مضاف. أى: جزاء وصفهم. وقيل: التقدير. سيجزيهم العقاب بوصفهم أى: بسببه فلما سقطت الباء نصب وصفهم.

ثم قال: وهذا كما قال بعض المحققين من بليغ الكلام وبديعه، فإنهم يقولون، كلامه يصف الكذب إذا كذب، وعينه تصف السحر، أى ساحرة، وقد يصف الرشاقة، بمعنى رشيق. مبالغة، حتى كأن من سمعه أو رآه وصف له ذلك بما يشرحه له».

وإلى هنا تكون الآيات الأربعة التي بدأت بقوله- تعالى وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً.. إلخ. قد قصت علينا أربع رذائل من أفعال المشركين وأقوالهم.

وإن العاقل ليعجب وهو يستعرض هذه الضلالات- التي حكتها الآيات. يعجب لما تحملوه في سبيل ضلالاتهم من أعباء مادية وخسائر وتضحيات، يعجب للعقيدة الفاسدة وكيف تكلف أصحابها الكثير ومع ذلك فهم مصرون على اعتناقها، وعلى التقيد بأغلالها، وأوهامها، وتبعاتها.

لكأن القرآن وهو يحكى تلك الرذائل وما تحمله أصحابها في سبيلها يقول لأتباعه- من بين ما يقول- إذا كان أصحاب العقائد الفاسدة قد ضحوا حتى بفلذات أكبادهم إرضاء لشركائهم. فأولى بكم ثم أولى أن تضحوا في سبيل عقيدتكم الصحيحة، وملتكم الحنيفة السمحاء بالأنفس والأموال.

قال أبو إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن ابن عباس : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ) الآية ، قال : اللبن .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ) الآية : فهو اللبن ، كانوا يحرمونه على إناثهم ، ويشربه ذكرانهم . وكانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه ، وكان للرجال دون النساء . وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح ، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء . فنهى الله عن ذلك . وكذا قال السدي .

وقال الشعبي : " البحيرة " لا يأكل من لبنها إلا الرجال ، وإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء ، وكذا قال عكرمة ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .

وقال مجاهد في قوله : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ) قال : هي السائبة والبحيرة .

وقال أبو العالية ، ومجاهد ، وقتادة في قول ( سيجزيهم وصفهم ) أي : قولهم الكذب في ذلك ، يعني قوله تعالى : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع ) الآية [ النحل : 116 ، 117 ] .

( إنه حكيم ) أي : في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره ، ( عليم ) بأعمال عباده من خير وشر ، وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء .

القول في تأويل قوله : وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في المعنيِّ بقوله: (ما في بطون هذه الأنعام).

فقال بعضهم: عنى بذلك اللَّبن .

* ذكر من قال ذلك:

13932- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن عطية قال، حدثنا إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن عبد الله بن أبي الهذيل, عن ابن عباس: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا)، قال: اللبن . (17)

13933- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن ابن أبي الهذيل, عن ابن عباس، مثله .

13934- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا)، ألبان البحائر كانت للذكور دون النساء, وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكورهم وإناثهم .

13935- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا)، قال: ما في بطون البحائر، يعني ألبانها, كانوا يجعلونه للرجال، دون النساء .

13936- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا عيسى بن يونس, عن زكريا, عن عامر قال: " البحيرة " لا يأكل من لبنها إلا الرجال, وإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء .

13937- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس,قوله: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا) الآية, فهو اللبن، كانوا يحرمونه على إناثهم، ويشربه ذكرانهم. وكانت الشاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه، وكان للرجال دون النساء. وإن كانت أنثى تركب لم تذبح. وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء . فنهى الله عن ذلك .

* * *

وقال آخرون: بل عنى بذلك ما في بطون البحائر والسوائب من الأجنة .

* ذكر من قال ذلك:

13938- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء)، فهذه الأنعام، ما ولد منها من حيّ فهو خالص للرجال دون النساء. وأما ما ولد من ميت، فيأكله الرجال والنساء .

13939- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن ابن جريج, عن مجاهد: (ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا)، السائبة والبحيرة .

13940- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الكفرة أنهم قالوا في أنعام بأعيانها: " ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا دون إناثنا " ، واللبن ما في بطونها, وكذلك أجنتها. ولم يخصُص الله بالخبر عنهم أنهم قالوا: بعضُ ذلك حرام عليهن دون بعض .

وإذ كان ذلك كذلك, فالواجب أن يقال إنهم قالوا: ما في بطون تلك الأنعام من لبن وجنين حِلٌّ لذكورهم = خالصة دون إناثهم, وإنهم كانوا يؤثرون بذلك رجالهم, إلا أن يكون الذي في بطونها من الأجنة ميتًا، فيشترك حينئذ في أكله الرجال والنساء .

* * *

واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله أنثت " الخالصة ".

فقال بعض نحويي البصرة وبعض الكوفيين: أنثت لتحقيق " الخلوص ", كأنه لما حقق لهم الخلوص أشبه الكثرة, فجرى مجرى " راوية " و " نسابة " .

* * *

وقال بعض نحويي الكوفة: أنثت لتأنيث " الأنعام ", لأن " ما في بطونها "، مثلها, فأنثت لتأنيثها . ومن ذكّره فلتذكير " ما ". قال: وهي في قراءة عبد الله: " خَالِصٌ". قال: وقد تكون الخالصة في تأنيثها مصدرًا, كما تقول: " العافية " و " العاقبة ", وهو مثل قوله: إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ [سورة ص: 46] . (18)

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: أريد بذلك المبالغة في خلوص ما في بطون الأنعام التي كانوا حرَّموا ما في بطونها على أزواجهم, لذكورهم دون إناثهم, (19) كما فعل ذلك " بالراوية " و " النسابة " و " العلامة ", إذا أريد بها المبالغة في وصف من كان ذلك من صفته, كما يقال: " فلان خالصة فلان، وخُلصانه ". (20)

* * *

وأما قوله: (ومحرم على أزواجنا)، فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيِّ بـ" الأزواج ".

فقال بعضهم: عنى بها النساء .

* ذكر من قال ذلك:

13941- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: (ومحرم على أزواجنا)، قال: النساء .

* * *

وقال آخرون: بل عنى بالأزواج البنات .

* ذكر من قال ذلك:

13942- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (ومحرم على أزواجنا)، قال: " الأزواج "، البنات . وقالوا: ليس للبنات منه شيء .

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن هؤلاء المشركين أنهم كانوا يقولون لما في بطون هذه الأنعام= يعني أنعامهم= : " هذا محرم على أزواجنا " ، و " الأزواج "، إنما هي نساؤهم في كلامهم, وهن لا شك بنات من هن أولاده, وحلائل من هن أزواجه . (21)

وفي قول الله عز وجل: (ومحرم على أزواجنا)، الدليلُ الواضح على أن تأنيث " الخالصة "، كان لما وصفت من المبالغة في وصف ما في بطون الأنعام بالخلوصة للذكور, لأنه لو كان لتأنيث الأنعام لقيل: و " محرمة على أزواجنا ", ولكن لما كان التأنيث في" الخالصة " لما ذكرت, ثم لم يقصد في" المحرم " ما قصد في" الخالصة " من المبالغة, رجع فيها إلى تذكير " ما ", واستعمال ما هو أولى به من صفته .

* * *

وأما قوله: (وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء)، فاختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه يزيد بن القعقاع، وطلحة بن مصرِّف، في آخرين: " وَإنْ تَكُنْ مَيْتَةٌ" بالتاء في" تكن "، ورفع " ميتة ", غير أن يزيد كان يشدّد الياء من " مَيِّتَةٌ" ويخففها طلحة .

13943- حدثني بذلك المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا عيسى, عن طلحة بن مصرف .

13944- وحدثنا أحمد بن يوسف, عن القاسم, وإسماعيل بن جعفر, عن يزيد .

* * *

وقرأ ذلك بعض قَرَأة المدينة والكوفة والبصرة: ( وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً )، بالياء، و " ميتة "، بالنصب، وتخفيف الياء .

* * *

وكأنّ من قرأ: (وإن يكن)، بالياء (ميتة) بالنصب, أراد: وإن يكن ما في بطون تلك الأنعام= فذكر " يكن " لتذكير " ما " ونصب " الميتة "، لأنه خبر " يكن " .

وأما من قرأه : " وإن تكن ميتة "، فإنه إن شاء الله أراد: وإن تكن ما في بطونها ميتة, فأنث " تكن " لتأنيث " ميتة " .

* * *

وقوله: (فهم فيه شركاء)، فإنه يعني أن الرجال وأزواجهم شركاء في أكله، لا يحرمونه على أحد منهم, كما ذكرنا عمن ذكرنا ذلك عنه قبل من أهل التأويل .

* * *

وكان ابن زيد يقول في ذلك ما:-

13945- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء)، قال: تأكل النساء مع الرجال, إن كان الذي يخرج من بطونها ميتة، فهم فيه شركاء, وقالوا: إن شئنا جعلنا للبنات فيه نصيبًا، وإن شئنا لم نجعل .

* * *

قال أبو جعفر: وظاهر التلاوة بخلاف ما تأوَّله ابن زيد, لأن ظاهرها يدل على أنهم قالوا: " إن يكن ما في بطونها ميتة, فنحن فيه شركاء "= بغير شرط مشيئة . وقد زعم ابن زيد أنهم جعلوا ذلك إلى مشيئتهم .

* * *

القول في تأويل قوله : سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: " سيجزي"، أي: سيثيب ويكافئ هؤلاء المفترين عليه الكذب في تحريمهم ما لم يحرّمه الله, وتحليلهم ما لم يحلله الله, وإضافتهم كذبهم في ذلك إلى الله (22) = وقوله: (وصفهم)، يعني بـ" وصفهم "، الكذبَ على الله, وذلك كما قال جلَّ ثناؤه في موضع آخر من كتابه: وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ ، [سورة النحل: 62] . (23)

* * *

و " الوصف " و " الصفة " في كلام العرب واحد, وهما مصدران مثل " الوزن " و " الزنة " .

* * *

وبنحو الذي قلنا في معنى " الوصف " قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك:

13946- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: (سيجزيهم وصفهم)، قال: قولهم الكذب في ذلك .

13947- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .

13948- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية: (سيجزيهم وصفهم) قال: كذبهم .

13949- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: (سيجزيهم وصفهم) ، أي كذبهم .

وأما قوله: (إنه حكيم عليم)، فإنه يقول جل ثناؤه: إن الله في مجازاتهم على وصفهم الكذب وقيلهم الباطل عليه=" حكيم "، في سائر تدبيره في خلقه=" عليم "، بما يصلحهم، وبغير ذلك من أمورهم . (24)

-------------------

الهوامش :

(17) الأثر : 13932 - (( عبد الله بن أبي الهذيل العنزي )) ، (( أبو المغيرة )) ، تابعي ثقة . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 196 ، وفيه (( العنبري )) ، ولا أدري ما الصواب منهما .

(18) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 358 ، 359 .

(19) السياق : (( في خلوص ما في بطون الأنعام ... لذكورهم دون إناثهم )) .

(20) انظر تفسير (( الخالصة )) فيما سلف 2 : 365 ، 366 . انظر تمام حجة أبي جعفر في ذلك فيما سيلي بعد أسطر قليلة .

(21) انظر تفسير (( الزوج )) فيما سلف 1 : 514 /2 : 446 .

(22) انظر تفسير "الجزاء" فيما سلف ص 146 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك

(23) انظر تفسير (( الوصف )) فيما سلف صلى الله عليه وسلم : 10 ، 11 .

(24) انظر تفسير (( حكيم )) و (( عليم)) فيما سلف من فهارس اللغة ( حكم ) و ( علم ) .

التدبر :

وقفة
[139] في الآية دليل على أن العالم ينبغي له أن يتعلم قول من خالفه، وإن لم يأخذ به؛ حتى يعرف فساد قوله، ويعلم كيف يرد عليه؛ لأن الله تعالى أعلم النبي  وأصحابه قول من خالفهم من أهل زمانهم ليعرفوا فساد قولهم.
وقفة
[139] ومن آرائهم السخيفة: أنهم يجعلون بعض الأنعام ويعينونها محرمًا ما في بطنها على الإناث دون الذكور؛ فيقولون: ﴿مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا﴾ أي: حلال لهم، لا يشاركهم فيها النساء، ﴿وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا﴾ أي: نسائنا؛ هذا إذا ولد حيًّا، وإن يكن ما في بطنها يولد ميتًا فهم فيه شركاء؛ أي: فهو حلال للذكور والإناث.
وقفة
[139] ﴿خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا﴾ استدل بها العلماء على أنه لا يجوز للمرء وقف بعض أمواله لأولاده الذكور دون الإناث، وأن ذلك الوقف يفسخ ولو بعد الموت؛ لأنه من فعل الجاهلية.
وقفة
[139] ﴿خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا ۖ وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ﴾ من ألوان كفرهم أنهم قالوا: ما في بطون هذه الأنعام المحرمة، إذا نزل منها حيًا، فأكله حلال للرجال دون النساء، وإذا نزل ميتًا فأكله حلال للرجال والنساء على السواء.
وقفة
[139] ﴿إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ تعليل للوعد بالجزاء؛ فإن الحكيم العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذي هو من مقتضيات الحِكْمَة.

الإعراب :

  • ﴿ وَقالُوا:
  • الواو: عاطفة. قالوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا:
  • الجملة: في محل نصب مفعول به «مقول القول». ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. في بطون: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة بتقدير «استقر» أو «مستقر» وجملة «استقر في بطون» صلة الموصول لا محل لها. هذه: اسم اشارة مبني على الكسر في محل جر بالاضافة. الانعام: بدل من اسم الاشارة مجرور بالكسرة. خالصة: خبر المبتدأ «ما» بمعنى «حلال» مرفوع بالضمة. لذكورنا: جار ومجرور متعلق بخالصة. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة وأنّثت كلمة «خالِصَةٌ» حملا على المعنى. لان «ما» في معنى «الاجنّة» ويجوز أن تكون التاء للمبالغة كقولنا: فلان راوية الشعر أو تكون مصدرا وقع موقع الخالص. أي ذو خالصة
  • ﴿ وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا:
  • معطوفة بالواو على «خالِصَةٌ لِذُكُورِنا» وتعرب إعرابها. وذكر «مُحَرَّمٌ» حملا على اللفظ.
  • ﴿ وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً:
  • الواو: استئنافية. إن: حرف شرط جازم. يكن: فعل مضارع ناقص فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه. سكون آخره وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. واسمها: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بتقدير: وإن يكن ما في بطنها ميتة لان الميتة لكل ميت ذكر أو انثى. ميتة: خبر «يَكُنْ» منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ:
  • الفاء: رابطة لجواب الشرط. هم: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ فيه: جار ومجرور متعلق بشركاء وذكر الضمير لأن الميتة لكل ميت ذكر أو أنثى. فكأنه قيل: وإن يكن ميت فهم فيه شركاء. شركاء: خبر «هم» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن فعلاء. وجملة «فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.
  • ﴿ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ:
  • السين: حرف تسويف- استقبال- للقريب. يجزي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. وصفهم: مفعول به ثان منصوب بالفتحة أي جزاء وصفهم الكذب على الله في التحليل والتحريم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم إنّ. حكيم: خبرها مرفوع بالضمة. عليم: صفة- نعت- لحكيم أو خبر ثان لإن مرفوع بالضمة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [139] لما قبلها :     الصورةُ الرابعةُ: حكم ما في بطون الأنعام، أي ما في بطون الأنعام البحائر والسوائب من الأجنة، إذا نزل حيًّا جعلوه للذكور، أي: ذبحوه للرجال فقط، ولا يقربه النساء، وإن نزل ميتًا جعلوه للرجال والنساء معًا، قال تعالى:
﴿ وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ

القراءات :

خالصة:
قرئ:
1- خالص، بالرفع بغير تاء، وهى قراءة عبد الله، وابن جبير، وأبى العالية، والضحاك، وابن أبى عبلة.
2- خالصا، بالنصب بغير تاء، وانتصب على الحال من الضمير الذي تضمنته الصلة، وهى قراءة ابن جبير.
3- خالصة، بالنصب، وهى قراءة ابن عباس، والأعرج، وقتادة، وابن جبير.
4- خالصة، على الإضافة، وهى قراءة ابن عباس أيضا، وأبى رزين، وعكرمة، وابن يعمر، وأبى حيوة، والزهري.
5- خالصة، بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
يكن:
قرئ:
1- تكن، بتاء التأنيث، و «ميتة» بالنصب، وهى قراءة أبى بكر.
2- تكن، بتاء التأنيث، و «ميتة» بالرفع، وهى قراءة ابن عامر.
3- يكن، بالتذكير، «وميتة» بالرفع، على أن «كان» تامة، وهى قراءة ابن كثير.
4- يكن، بالتذكير، و «ميتة» بالنصب، وهى قراءة باقى السبعة.
ميتة:
وقرئ:
بالتشديد، وهى قراءة يزيد.
شركاء:
وقرئ:
سواء، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [140] :الأنعام     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ ..

التفسير :

[140] قد خسر وهلك الذين قتلوا أولادهم لضعف عقولهم وجهلهم، وحَرَّموا ما رزقهم الله كذباً على الله. قد بَعُدوا عن الحق، وما كانوا من أهل الهدى والرشاد. فالحلال ما أحلَّه الله، والحرام ما حَرَّمه الله، وليس لأحد مِن خَلْقه فرداً كان أو جماعة أن يشرع لعباده م

ثم بين خسرانهم وسفاهة عقولهم فقال:{ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي:خسروا دينهم وأولادهم وعقولهم، وصار وصْفُهم -بعد العقول الرزينة- السفه المردي، والضلال.{ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} أي:ما جعله رحمة لهم، وساقه رزقا لهم. فردوا كرامة ربهم، ولم يكتفوا بذلك، بل وصفوها بأنها حرام، وهي من أَحَلِّ الحلال. وكل هذا{ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ} أي:كذبا يكذب به كل معاند كَفَّار.{ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} أي:قد ضلوا ضلالا بعيدا، ولم يكونوا مهتدين في شيء من أمورهم.

هذا وقد عقب القرآن بعد إيراده لتلك الرذائل بقوله.

قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ.

قال الإمام ابن كثير: قد خسر الذين فعلوا هذه الأفاعيل في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فخسروا أولادهم بقتلهم، وضيقوا على أنفسهم في أموالهم، فحرموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم. وأما في الآخرة فيصيرون إلى أسوأ المنازل بكذبهم على الله وافترائهم» .

والتعبير بخسر بدون ذكر مفعول معين يقع عليه الفعل للإشارة إلى أن خسارتهم خسارة مطلقة من أى تحديد، فهي خسارة دينية وخسارة دنيوية- كما قال ابن كثير.

وقرأ ابن عامر قتلوا بالتشديد. أى: فعلوا ذلك كثيرا، إذ التضعيف يفيد التكثير.

وسَفَهاً منصوب على أنه علة لقتلوا أى: لخفة عقولهم وجهلهم قتلوا أولادهم. أو منصوب على أنه حال من الفاعل في قتلوا وهو ضمير الجماعة.

والسفه: خفة في النفس لنقصان العقل في أمور الدنيا أو الدين.

وقوله وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ أى من البحائر والسوائب ونحوهما، وهو معطوف على قَتَلُوا.

ثم بين- سبحانه- نتيجة ذلك القتل والتحريم فقال: قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ أى: قد ضلوا عن الصراط المستقيم بأقوالهم وأفعالهم القبيحة وما كانوا مهتدين إلى الحق والصواب.

قال الشهاب، وفي قوله وَما كانُوا مُهْتَدِينَ بعد قوله قَدْ ضَلُّوا مبالغة في نفى الهداية عنهم، لأن صيغة الفعل تقتضي حدوث الضلال بعد أن لم يكن. فلذا أردف بهذه الحال لبيان عراقتهم في الضلال، وإنما ضلالهم الحادث ظلمات بعضها فوق بعض».

روى البخاري عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ .

يقول تعالى : قد خسر الذين فعلوا هذه الأفعال في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فخسروا أولادهم بقتلهم ، وضيقوا عليهم في أموالهم ، فحرموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم ، وأما في الآخرة فيصيرون إلى شر المنازل بكذبهم على الله وافترائهم ، كما قال تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) [ يونس : 69 ، 70 ] .

وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن أيوب ، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما قال : إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام ، ( قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين ) .

وهكذا رواه البخاري منفردا في كتاب " مناقب قريش " من صحيحه ، عن أبي النعمان محمد بن الفضل عارم ، عن أبي عوانة - واسمه الوضاح بن عبد الله اليشكري - عن أبي بشر - واسمه جعفر بن أبي وحشية بن إياس ، به .

القول في تأويل قوله : قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (140)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قد هلك هؤلاء المفترون على ربهم الكذبَ, (25) العادلون به الأوثانَ والأصنام, الذين زين لهم شركاؤهم قتل أولادهم, وتحريم [ما أنعمت به] عليهم من أموالهم, (26) فقتلوا طاعة لها أولادهم, وحرّموا ما أحل الله لهم وجعله لهم رزقًا من أنعامهم =" سفها "، منهم. يقول: فعلوا ما فعلوا من ذلكَ جهالة منهم بما لهم وعليهم, ونقصَ عقول, وضعفَ أحلام منهم, وقلة فهم بعاجل ضرّه وآجل مكروهه، من عظيم عقاب الله عليه لهم (27) =(افتراء على الله)، يقول: تكذّبًا على الله وتخرصًا عليه الباطل (28) =(قد ضلوا)، يقول: قد تركوا محجة الحق في فعلهم ذلك, وزالوا عن سواء السبيل (29) =(وما كانوا مهتدين)، يقول: ولم يكن فاعلو ذلك على هدًى واستقامة في أفعالهم التي كانوا يفعلون قبل ذلك, ولا كانوا مهتدين للصواب فيها، ولا موفقين له . (30)

* * *

ونـزلت هذه الآية في الذين ذكر الله خبرهم في هذه الآيات من قوله: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا الذين كانوا يبحرون البحائر, ويسيِّبون السوائب, ويئدون البنات ، كما:-

13950- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال، قال عكرمة، قوله: (الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم)، قال: نـزلت فيمن يئد البنات من ربيعة ومُضَر, كان الرجل يشترط على امرأته أن تستحيي جارية وتئد أخرى. فإذا كانت الجارية التي تَئِد، غدا الرجل أو راح من عند امرأته، (31) وقال لها: " أنت علي كظهر أمِّي إن رجعت إليك ولم تئديها "، فتخُدُّ لها في الأرض خدًّا, (32) وترسل إلى نسائها فيجتمعن عندها, ثم يتداولنها, (33) حتى إذا أبصرته راجعًا دستها في حفرتها, ثم سوّت عليها التراب .

13951- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: ثم ذكر ما صنعوا في أولادهم وأموالهم فقال: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا ما رزقهم الله) .

13952- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم)، فقال: هذا صنيع أهل الجاهلية. كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السِّباء والفاقة، ويغذو كلبه = وقوله: (وحرموا ما رزقهم الله)، الآية, وهم أهل الجاهلية. جعلوا بحيرةً وسائبة ووصيلةً وحاميًا, تحكمًا من الشياطين في أموالهم .

13953- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، إذا سرَّك أن تعلم جهل العرب, فاقرأ ما بعد المائة من سورة الأنعام قوله: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم)، الآية .

* * *

وكان أبو رزين يتأوّل قوله: (قد ضلوا)، أنه معنيٌّ به: قد ضلوا قبل هؤلاء الأفعال = من قتل الأولاد، وتحريم الرزق الذي رزقهم الله = بأمور غير ذلك .

13954- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا سعيد, عن سفيان, عن الأعمش, عن أبى رزين في قوله: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم)، إلى قوله: (قد ضلوا)، قال: قد ضلوا قبل ذلك .

----------------------

الهوامش :

(25) انظر تفسير (( الخسار )) فيما سلف 11 : 324 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(26) في المخطوطة والمطبوعة : (( وتحريم ما حرمت عليهم من أموالهم )) ، وهو لا يطابق تفسير الآية بل يناقضه ، ورجحت الصواب ما أثبت بين القوسين .

(27) انظر تفسير (( السفه )) فيما سلف 1 : 293 - 295 / 3 : 90 ، 129 / 6 : 57

(28) انظر تفسير (( الافتراء )) فيما سلف : ص : 146 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك . وكان في المطبوعة : (( تكذيبًا )) ، والصواب ما في المخطوطة .

(29) انظر تفسير (( الضلال )) فيما سلف من فهارس اللغة (( ضلل ))

(30) انظر تفسير (( الاهتداء )) فيما سلف من فهارس اللغة ( هدي ) .

(31) في المطبوعة : (( فإذا كانت الجارية التي توأد غدا الرجل ... )) ، وفي المخطوطة : (( فإذا كانت الجارية التي تئيد عبد الرجل أو راح من عند امرأته )) ، والصواب ما أثبت . معنى ذلك : أنه إذا ولدت المرأة الجارية التي شرط عليها أن تئدها غدا أو راح وقال ...

(32) (( خد في الأرض خدا)) : شق في الأرض شقًا .

(33) هكذا في المطبوعة : (( ثم يتداولنها )) ، وهي في المخطوطة سيئة الكتابة ، وممكن أن تقرأ كما هي في المطبوعة .

التدبر :

وقفة
[140] ذَمَّ الله المشركين بسبع صفات هي: الخسران والسفاهة وعدم العلم وتحريم ما رزقهم الله والافتراء على الله والضلال وعدم الاهتداء؛ فهذه أمور سبعة، وكل واحد منها سبب تام في حصول الذم.
لمسة
[140] ﴿قَدْ خَسِرَ﴾ كثر في القرآن استعارة الخسران لعمل الذين يعملون طلبًا لمرضاة الله وثوابه فيقعون في غضبه وعقابه؛ لأنهم أتعبوا أنفسهم، فحصلوا عكس ما تعبوا لأجله.
وقفة
[140] ﴿قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَٰدَهُمْ ...﴾ قد خسر الذين فعلوا هذه الأفاعيل في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فخسروا أولادهم بقتلهم، وضيقوا على أنفسهم في أموالهم فحرموا أشياء ابتدعوها من تلقاء أنفسهم، وأما في الآخرة فيصيرون إلى أسوا المنازل بكذبهم على الله وافترائهم.
وقفة
[140] تحديد النسل من عمل الجاهلية؛ وهو من سوء الظن بالله سبحانه ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
تفاعل
[140] سل الله تعالى صلاح الأولاد، وأن يعينك على تربيتهم التربية الصالحة ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
وقفة
[140] المفترون على ﷲ الكذب أهل خسارة وضلالة محرومون من الهداية ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾.
لمسة
[140] التعبير بقوله: ﴿خَسِرَ﴾ دون ذكر مفعول معين؛ للإشارة إلى أن خسارتهم مطلقة من أي تحديد، فهي خسارة دينية أخروية وخسارة دنيوية.
لمسة
[140] ﴿وَمَا كانُوا مُهْتَدِينَ﴾ فائدتُه بعد قوله: ﴿قَدْ ضَلُّوا﴾ أنهم بعدما ضلُّوا، لم يهتدوا مرَّة أُخرى.
تفاعل
[140] ﴿قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ استعذ بالله أن تكون من هؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ:
  • قد: حرف تحقيق. خسر: فعل ماض مبني على الفتح. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. قتلوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. أولادهم: مفعول به منصوب بالفتحة. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ:
  • سفها: حال منصوب بالفتحة المنونة. بغير: جار ومجرور متعلق بحال ثانية بتقدير غير عالمين. علم: مضاف اليه مجرور بالكسرة المنونة لأنه اسم نكرة. ويجوز ان تكون «سَفَهاً» مفعولا لاجله.
  • ﴿ وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ:
  • وحرموا: معطوفة بالواو على «قَتَلُوا» وتعرب إعرابها. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. رزق: فعل ماض مبني على الفتح. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم وحرك بالضم لاشباع الميم. الله: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وجملة «رَزَقَهُمُ اللَّهُ» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ:
  • افتراء: مفعول لاجله منصوب الفتحة المنونة ويجوز أن تكون حالا أو مصدرا مؤكدا. على الله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بافتراء.
  • ﴿ قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا:
  • قد: حرف تحقيق. ضلوا: تعرب إعراب «قَتَلُوا» وما: الواو استئنافية أو عاطفة. ما: نافية لا عمل لها. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» والالف فارقة.
  • ﴿ مُهْتَدِينَ:
  • خبر «كان» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض عن تنوين المفرد. '

المتشابهات :

الأنعام: 31﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّـهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً
الأنعام: 140﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ
يونس: 45﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ كَأَن لَّمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيۡنَهُمۡۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّـهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [140] لما قبلها :     وبعد أن ذَكَرَ اللهُ عز وجل -فيما تقَدَّمَ- قَتْلَهم أولادَهم، وتحريمَهم ما رَزَقَهم اللهُ، حكم عليهم هنا بسبعة أمور، وهي: الخُسرانُ، والسَّفاهةُ، وعَدَمُ العِلْم، وتحريمُ ما رَزَقَهم اللهُ، والافتراءُ على اللهِ، والضَّلالُ، وعدمُ الاهتداءِ، قال تعالى:
﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ

القراءات :

قتلوا:
وقرئ:
قتلوا، بالتشديد، وهى قراءة الحسن، والسامي، وأهل مكة والشام ومنهم: ابن كثير، وابن عامر.
سفها:
وقرئ:
سفهاء، على الجمع، وهى قراءة اليماني.

مدارسة الآية : [141] :الأنعام     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ ..

التفسير :

[141] والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجد لكم بساتين:منها ما هو مرفوع عن الأرض كالأعناب، ومنها ما هو غير مرفوع، ولكنه قائم على سوقه كالنخل والزرع، متنوعاً طعمه، والزيتون والرُّمَّان متشابهاً منظره، ومختلفاً ثمره وطعمه. كلوا -أيها الناس- مِن ثمره إذا أثمر، و

لما ذكر تعالى تصرف المشركين في كثير مما أحله الله لهم من الحروث والأنعام، ذكر تبارك وتعالى نعمته عليهم بذلك، ووظيفتهم اللازمة عليهم في الحروث والأنعام فقال:{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ} أي:بساتين، فيها أنواع الأشجار المتنوعة، والنباتات المختلفة.{ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} أي:بعض تلك الجنات، مجعول لها عرش، تنتشر عليه الأشجار، ويعاونها في النهوض عن الأرض. وبعضها خال من العروش، تنبت على ساق، أو تنفرش في الأرض، وفي هذا تنبيه على كثرة منافعها، وخيراتها، وأنه تعالى، علم العباد كيف يعرشونها، وينمونها.{ وَ} أنشأ تعالى{ النخل وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ} أي:كله في محل واحد، ويشرب من ماء واحد، ويفضل الله بعضه على بعض في الأكل. وخص تعالى النخل والزرع على اختلاف أنواعه لكثرة منافعها، ولكونها هي القوت لأكثر الخلق.{ وَ} أنشأ تعالى{ الزيتون وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا} في شجره{ وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} في ثمره وطعمه. كأنه قيل:لأي شيء أنشأ الله هذه الجنات، وما عطف عليها؟ فأخبر أنه أنشأها لمنافع العباد فقال:{ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} أي:النخل والزرع{ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} أي:أعطوا حق الزرع، وهو الزكاة ذات الأنصباء المقدرة في الشرع، أمرهم أن يعطوها يوم حصادها، وذلك لأن حصاد الزرع بمنزلة حولان الحول، لأنه الوقت الذي تتشوف إليه نفوس الفقراء، ويسهل حينئذ إخراجه على أهل الزرع، ويكون الأمر فيها ظاهرا لمن أخرجها، حتى يتميز المخرج ممن لا يخرج. وقوله:{ وَلَا تُسْرِفُوا} يعم النهي عن الإسراف في الأكل، وهو مجاوزة الحد والعادة، وأن يأكل صاحب الزرع أكلا يضر بالزكاة، والإسراف في إخراج حق الزرع بحيث يخرج فوق الواجب عليه، ويضر نفسه أو عائلته أو غرماءه، فكل هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه، الذي لا يحبه الله بل يبغضه ويمقت عليه. وفي هذه الآية دليل على وجوب الزكاة في الثمار، وأنه لا حول لها، بل حولها حصادها في الزروع، وجذاذ النخيل، وأنه لا تتكرر فها الزكاة، لو مكثت عند العبد أحوالا كثيرة، إذا كانت لغير التجارة، لأن الله لم يأمر بالإخراج منه إلا وقت حصاده. وأنه لو أصابها آفة قبل ذلك بغير تفريط من صاحب الزرع والثمر، أنه لا يضمنها، وأنه يجوز الأكل من النخل والزرع قبل إخراج الزكاة منه، وأنه لا يحسب ذلك من الزكاة، بل يزكي المال الذي يبقى بعده. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يبعث خارصا، يخرص للناس ثمارهم، ويأمره أن يدع لأهلها الثلث، أو الربع، بحسب ما يعتريها من الأكل وغيره، من أهلها، وغيرهم.

قوله- تعالى- وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ.

أنشأ: أى أوجد وخلق. والجنات: البساتين والكروم الملتفة الأشجار.

ومعروشات: أصل العرش في اللغة شيء مسقف يجعل عليه الكرم وجمعه عروش، يقال عرشت الكرم أعرشه عرشا من بابى- ضرب ونصر-، وعرشته تعريشا إذا جعلته كهيئة السقف. فالمادة تدل على الرفع ومنها عرش الملك. قال ابن عباس: المعروشات. ما انبسط على الأرض وانبسط من الزروع مما يحتاج إلى أن يتخذ له عريش يحمل عليه، كالكرم والبطيخ والقرع ونحو ذلك. وغير المعروشات ما قام على ساق واستغنى باستوائه وقوة ساقه عن التعريش كالنخل والشجر.

وقيل المعروشات وغير المعروشات كلاهما في الكرم خاصة، لأن منه ما يعرش ومنه ما لا يعرش بل يبقى على وجه الأرض منبسطا.

وقيل المعروشات ما غرسه الناس في البساتين واهتموا به فعرشوه من كرم أو غيره، وغير المعروشات. هو ما أنبته الله في البراري والجبال من كرم وشجر.

أى: وهو- سبحانه- الذي أوجد لكم هذه البساتين المختلفة التي منها المرفوعات عن الأرض، ومنها غير المرفوعات عنها، فخصوه وحده بالعبادة والخضوع.

وقوله: وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ عطف على جنات، أى: أنشأ جنات، وأنشأ النخل والزرع، والمراد بالزرع جميع الحبوب التي يقتات بها.

وإنما أفردهما مع أنهما داخلان في الجنات لما فيهما من الفضيلة على سائر ما ينبت في الجنات.

ومُخْتَلِفاً أُكُلُهُ أى، ثمره وحبه في اللون والطعم والحجم والرائحة.

والضمير في أكله راجع إلى كل واحد منهما، أى: النخل والزرع والمراد بالأكل المأكول أى، مختلف المأكول في كل منهما في الهيئة والطعم.

قال الجمل: وجملة. مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ حال مقدرة، لأن النخل والزرع وقت خروجه لا أكل منه حتى يكون مختلفا أو متفقا، فهو مثل قولهم: مررت برجل معه صقر صائدا له غدا» .

وقوله: وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ أى: وأنشأ الزيتون والرمان متشابها في المنظر وغير متشابه في الطعم أو متشابها بعض أفرادهما في اللون أو الطعم أو الهيئة «وغير متشابه في بعضها.

قال القرطبي: وفيه أدلة ثلاثة.

أحدها: ما تقدم من قيام الدليل على أن المتغيرات لا بد لها من مغير.

الثاني: على المنة منه- سبحانه- علينا، فلو شاء إذ خلقنا ألا يخلق لنا غذاء، وإذا خلقه ألا يكون جميل المنظر طيب الطعم، وإذ خلقه كذلك ألا يكون سهل الجنى، فلم يكن عليه أن يفعل ذلك ابتداء، لأنه لا يجب عليه شيء.

الثالث: على القدرة في أن يكون الماء الذي من شأنه الرسوب يصعد بقدرة الله الواحد علام الغيوب من أسافل الشجرة إلى أعاليها، حتى إذا انتهى إلى آخرها نشأت فيها أوراق ليست من جنسها، وثمر خارج من صفته: الجرم الوافر، واللون الزاهر، والجنى الجديد، والطعم اللذيذ، فأين الطبائع وأجناسها وأين الفلاسفة وأسسها، هل هي في قدرة الطبيعة أن تتقن هذا الإتقان أو ترتب هذا الترتيب العجيب. كلا، لا يتم ذلك في العقول إلا لحى قادر عالم مريد، فسبحان من له في كل شيء آية ونهاية.

ووجه اتصال هذا بما قبله أن الكفار لما افتروا على الله الكذب. وأشركوا معه وحللوا وحرموا دلهم على وحدانيته بأنه خالق الأشياء، وأنه جعل هذه الأشياء أرزاقا لهم».

ثم ذكر- سبحانه- المقصود من خلق هذه الأشياء فقال: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ أى:

كلوا من ثمر تلك الزروع والأشجار التي أنشأناها لكم، شاكرين الله على ذلك. والأمر للإباحة. وفائدة التقييد بقوله إِذا أَثْمَرَ إباحة الأكل قبل النضوج والإدراك.

وقيل فائدته: الترخيص للمالك في الأكل من قبل أداء حق الله- تعالى- لأنه لما أوجب الحق فيه ربما يتبادر إلى الأذهان أنه يحرم على المالك تناول شيء منه لمكان شركة المساكين له فيه، فأباح الله له هذا الأكل.

ثم أمرهم- سبحانه- بأداء حقوق الفقراء والمحتاجين مما رزقهم فقال: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ أى: كلوا من ثمر ما أنشأنا لكم، وأدوا حق الله فيه للفقراء والمحتاجين يوم حصاده.

ويرى بعض العلماء أن المراد بهذا الحق الصدقة بوجه عام على المستحقين لها، بأن يوزع صاحب الزرع منه عند حصاده على المساكين والبائسين ما يسد حاجتهم بدون إسراف أو تقتير.

وأصحاب هذا الرأى فسروا هذا الحق بالصدقة الواجبة من غير تحديد للمقدار وليس بالزكاة المفروضة لأن الآية مكية والزكاة إنما فرضت بالمدينة.

وهم يرون أن هذا الحق لم ينسخ بالزكاة المفروضة، بل على صاحب الزرع أن يطعم منه المحتاجين عند حصاده.

ويرى بعض آخر من العلماء أن المراد بهذا الحق ما فصلته السنة النبوية من الزكاة المفروضة وهذه الآية مدنية وإن كانت السورة مكية.

ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح، لأنه لا دليل على أن هذه الآية مدنية ولأن فرضية الزكاة لا تمنع إعطاء الصدقات، وفي الأمر بإيتاء هذا الحق يوم الحصاد، مبالغة في العزم على المبادرة إليه.

والمعنى: اعزموا على إيتاء هذا الحق واقصدوه، واهتموا به يوم الحصاد حتى لا تؤخروه عن أول وقت يمكن فيه الإيتاء.

وقيل: إنما ذكر وقت الحصاد تخفيفا على أصحاب الزروع حتى لا يحسب عليهم ما أكل قبله.

ثم ختمت الآية بالنهى عن الإسراف فقالت: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. أى لا تسرفوا في أكلكم قبل الحصاد ولا في صدقاتكم ولا في أى شأن من شئونكم، لأنه- سبحانه- لا يحب المسرفين.

وقال ابن جريج، نزلت في ثابت بن قيس، قطع نخلا له فقال. لا يأتينى اليوم أحد إلا أطعمته، فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة، فنزلت هذه الآية.

وقال عطاء، نهوا عن السرف في كل شيء.

وقال إياس بن معاوية، ما جاوزت به أمر الله فهو سرف.

يقول تعالى بيانا لأنه الخالق لكل شيء من الزروع والثمار والأنعام التي تصرف فيها المشركون بآرائهم الفاسدة وقسموها وجزءوها ، فجعلوا منها حراما وحلالا فقال : ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ) .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( معروشات ) مسموكات . وفي رواية : " المعروشات " : معروشات ما عرش الناس ، ( وغير معروشات ) ما خرج في البر والجبال من الثمرات .

وقال عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : ( معروشات ) ما عرش من الكرم ( وغير معروشات ) ما لم يعرش من الكرم . وكذا قال السدي .

وقال ابن جريج : ( متشابها وغير متشابه ) قال : متشابها في المنظر ، وغير متشابه في الطعم .

وقال محمد بن كعب : ( كلوا من ثمره إذا أثمر ) قال : من رطبه وعنبه .

وقوله تعالى : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال ابن جرير : قال بعضهم : هي الزكاة المفروضة .

حدثنا عمرو ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا يزيد بن درهم قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : الزكاة المفروضة .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) يعني : الزكاة المفروضة ، يوم يكال ويعلم كيله . وكذا قال سعيد بن المسيب .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) وذلك أن الرجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده ، لم يخرج مما حصد شيئا فقال الله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) وذلك أن يعلم ما كيله وحقه ، من كل عشرة واحدا ، ما يلقط الناس من سنبله .

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، عن جابر بن عبد الله ; أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر ، بقنو يعلق في المسجد للمساكينوهذا إسناده جيد قوي .

وقال طاوس ، وأبو الشعثاء ، وقتادة ، والحسن ، والضحاك ، وابن جريج : هي الزكاة .

وقال الحسن البصري : هي الصدقة من الحب والثمار ، وكذا قال زيد بن أسلم .

وقال آخرون : هو حق آخر سوى الزكاة .

وقال أشعث ، عن محمد بن سيرين - ونافع ، عن ابن عمر في قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة . رواه ابن مردويه . وروى عبد الله بن المبارك وغيره . عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح في قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : يعطي من حضره يومئذ ما تيسر ، وليس بالزكاة .

وقال مجاهد : إذا حضرك المساكين ، طرحت لهم منه .

وقال عبد الرزاق ، عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : عند الزرع يعطي القبض ، وعند الصرام يعطي القبض ، ويتركهم فيتبعون آثار الصرام .

وقال الثوري ، عن حماد ، عن إبراهيم النخعي قال : يعطي مثل الضغث .

وقال ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : كان هذا قبل الزكاة : للمساكين ، القبضة الضغث لعلف دابته .

وفي حديث ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن سعيد مرفوعا : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : ما سقط من السنبل . رواه ابن مردويه .

وقال آخرون : هذا كله شيء كان واجبا ، ثم نسخه الله بالعشر ونصف العشر . حكاه ابن جرير عن ابن عباس ، ومحمد ابن الحنفية ، وإبراهيم النخعي ، والحسن ، والسدي ، وعطية العوفي . واختاره ابن جرير ، رحمه الله .

قلت : وفي تسمية هذا نسخا نظر; لأنه قد كان شيئا واجبا في الأصل ، ثم إنه فصل بيانه وبين مقدار المخرج وكميته . قالوا : وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة ، فالله أعلم .

وقد ذم الله سبحانه الذين يصومون ولا يتصدقون ، كما ذكر عن أصحاب الجنة في سورة " ن " : ( إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) أي : كالليل المدلهم سوداء محترقة ( فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد ) أي : قوة وجلد وهمة ( قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) [ القلم : 17 - 33 ] .

وقوله : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) قيل : معناه : ولا تسرفوا في الإعطاء ، فتعطوا فوق المعروف .

وقال أبو العالية : كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا ، ثم تباروا فيه وأسرفوا ، فأنزل الله : ( ولا تسرفوا ) .

وقال ابن جريج نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، جذ نخلا . فقال : لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته . فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة ، فأنزل الله : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) رواه ابن جرير ، عنه .

وقال ابن جريج ، عن عطاء : ينهى عن السرف في كل شيء .

وقال إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف .

وقال السدي في قوله : ( ولا تسرفوا ) قال : لا تعطوا أموالكم ، فتقعدوا فقراء .

وقال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب ، في قوله : ( ولا تسرفوا ) قال : لا تمنعوا الصدقة فتعصوا .

ثم اختار ابن جرير قول عطاء : إنه نهي عن الإسراف في كل شيء . ولا شك أنه صحيح ، لكن الظاهر - والله أعلم - من سياق الآية حيث قال تعالى : ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) أن يكون عائدا على الأكل ، أي : ولا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن ، كما قال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) [ الأعراف : 31 ] ، وفي صحيح البخاري تعليقا : " كلوا واشربوا ، والبسوا وتصدقوا ، في غير إسراف ولا مخيلة " وهذا من هذا ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله : وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ

قال أبو جعفر: وهذا إعلام من الله تعالى ذكره ما أنعم به عليهم من فضله, وتنبيهٌ منه لهم على موضع إحسانه, وتعريفٌ منه لهم ما أحلَّ وحرَّم وقسم في أموالهم من الحقوق لمن قسم له فيها حقًّا .

يقول تعالى ذكره: وربكم، أيها الناس =(أنشأ) ، أي أحدث وابتدع خلقًا, لا الآلهة والأصنام (34) =(جنات)، يعني: بساتين (35) =(معروشات)، وهي ما عَرَش الناس من الكروم=(وغير معروشات) ، غير مرفوعات مبنيَّات, لا ينبته الناس ولا يرفعونه, ولكن الله يرفعه وينبته وينمِّيه ، (36) كما:-

13955- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (معروشات)، يقول: مسموكات .

13956- وبه عن ابن عباس: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات)، فـ" المعروشات "، ما عرش الناس=" وغير معروشات "، ما خرج في البر والجبال من الثمرات .

13957- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما " جنات "، فالبساتين= وأما " المعروشات "، فما عرش كهيئة الكَرْم .

13958- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس قوله: (وهو الذي أنشأ جنات معروشات)، قال: ما يُعرَش من الكروم =(وغير معروشات)، قال: ما لا يعرش من الكرم .

* * *

القول في تأويل قوله : وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وأنشأ النخل والزرع مختلفا أكله= يعني بـ" الأكل "، (37) الثمر. يقول: وخلق النخل والزرع مختلفًا ما يخرج منه مما يؤكل من الثمر والحب =" والزيتون والرمان متشابهًا وغير متشابه "، في الطعم, (38) منه الحلو، والحامض، والمزّ، (39) كما:-

13959- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قوله: (متشابهًا وغير متشابه)، قال: " متشابهًا "، في المنظر=" وغير متشابه "، في الطعم .

* * *

وأما قوله: (كلوا من ثمره إذا أثمر)، فإنه يقول: كلوا من رطبه ما كان رطبًا ثمره ، كما:-

13960- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو همام الأهوازي قال، حدثنا موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب في قوله: (كلوا من ثمره إذا أثمر)، قال: من رطبه وعنبه .

13961- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا محمد بن الزبرقان قال، حدثنا موسى بن عبيدة في قوله: (كلوا من ثمره إذا أثمر)، قال: من رطبه وعنبه . (40)

* * *

القول في تأويل قوله : وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: هذا أمر من الله بإيتاء الصدقة المفروضة من الثمر والحبِّ .

* ذكر من قال ذلك:

13962- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا يونس, عن الحسن, في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الزكاة .

13963- حدثنا عمرو قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا يزيد بن درهم قال، سمعت أنس بن مالك يقول: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الزكاة المفروضة .

13964- حدثنا عمرو قال، حدثنا معلى بن أسد قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا الحجاج بن أرطاة, عن الحكم, عن مجاهد, عن ابن عباس في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: العشر ونصف العشر .

13965- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا هانئ بن سعيد, عن حجاج, عن محمد بن عبيد الله, عن عبد الله بن شداد, عن ابن عباس: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: العشر ونصف العشر . (41)

13966- حدثنا عمرو بن علي وابن وكيع وابن بشار قالوا، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إبراهيم بن نافع المكي, عن ابن عباس, عن أبيه, في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الزكاة . (42)

13967- حدثنا عمرو قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا أبو هلال, عن حيان الأعرج, عن جابر بن زيد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الزكاة . (43)

13968- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا يونس, عن الحسن في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: هي الصدقة = قال: ثم سئل عنها مرة أخرى فقال: هي الصدقة من الحبّ والثمار .

13969- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج قال، أخبرني أبو بكر بن عبد الله, عن عمرو بن سليمان وغيره, عن سعيد بن المسيب أنه قال: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الصدقة المفروضة .

13970- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن الحسن في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: هي الصدقة من الحب والثمار .

13971- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، يعني بحقه، زكاته المفروضة, يوم يُكال أو يُعلم كيله .

13972- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، وذلك أن الرجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده, وهو أن يعلم ما كيله وحقّه, فيخرج من كل عشرة واحدًا, وما يَلْقُط الناس من سنبله . (44)

13973- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، و " حقه يوم حصاده "، الصدقة المفروضة= ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم سَنَّ فيما سقت السماء أو العين السائحة, أو سقاه الطل = و " الطل "، الندى = أو كان بَعْلا العشرَ كاملا. (45) وإن سقي برشاء: نصفَ العشر = قال قتادة: وهذا فيما يكال من الثمرة. وكان هذا إذا بلغت الثمرة خمسةُ أوسقٍ, (46) وذلك ثلثمئة صاع, فقد حق فيها الزكاة. وكانوا يستحبون أن يعطوا مما لا يكال من الثمرة على قدر ذلك .

13974- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة وطاوس: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قالا هو الزكاة .

13975- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن الحجاج, عن سالم المكي, عن محمد بن الحنفية قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: يوم كيله, يعطي العشر أو نصف العشر . (47)

13976- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سالم المكي, عن محمد ابن الحنفية قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: العشر, ونصف العشر .

13977- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن معمر, عن ابن طاوس, عن أبيه, وعن قتادة: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قالا الزكاة .

13978- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو معاوية الضرير, عن الحجاج, عن الحكم, عن مقسم, عن ابن عباس: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: العشر ونصف العشر .

13979- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن شريك, عن الحكم بن عتيبة, عن ابن عباس, مثله .

13980- حدثت عن الحسين بن الفرج قال،سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، يعني: يوم كيله، ما كان من برّ أو تمر أو زبيب . و " حقه "، زكاته .

13981- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: كُلْ منه, وإذا حصدته فآت حقه ، و " حقه "، عشوره .

13982- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن يونس بن عبيد, عن الحسن أنه قال في هذه الآية: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الزكاة إذا كِلْتَه .

13983- حدثنا عمرو قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن أبي رجاء قال: سألت الحسن عن قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الزكاة .

13984- حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال، سألت ابن زيد بن أسلم عن قول الله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، فقلت له: هو العشور؟ قال: نعم! فقلت له: عن أبيك؟ قال: عن أبي وغيره .

* * *

وقال آخرون: بل ذلك حقٌّ أوجبه الله في أموال أهل الأموال, غيرُ الصدقة المفروضة .

* ذكر من قال ذلك:

13985- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا محمد بن جعفر, عن أبيه: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: شيئًا سوى الحق الواجب = قال: وكان في كتابه: " عن علي بن الحسين " .

13986- حدثنا عمرو قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا عبد الملك, عن عطاء في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: القبضة من الطعام .

13987- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج, عن عطاء: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: من النخل والعنب والحب كله .

13988- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت ما حصدتُ من الفواكه؟ قال: ومنها أيضًا تؤتي . وقال: من كل شيء حصدتَ تؤتي منه حقه يوم حصاده, من نخل أو عنب أو حب أو فواكه أو خضر أو قصب, من كل شيء من ذلك . قلت لعطاء: أواجب على الناس ذلك كله؟ قال: نعم! ثم تلا(وآتوا حقه يوم حصاده) . قال: قلت لعطاء: (وآتوا حقه يوم حصاده) ،هل في ذلك شيء مُؤَقّت معلوم؟ قال: لا .

13989- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن عبد الملك, عن عطاء في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: يعطي من حُضورِ يومئذ ما تيسر, (48) وليس بالزكاة .

13990- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عيسى بن يونس, عن عبد الملك, عن عطاء: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: ليس بالزكاة, ولكن يطعم من حضره ساعتئذٍ حَصِيده . (49)

13991- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن العلاء بن المسيب, عن حماد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: كانوا يعطون رُطبًا .

13992- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: إذا حضرك المساكين طرحت لهم منه, وإذا أنقيته وأخذت في كيله حَثَوْت لهم منه. (50) وإذا علمتَ كيله عزلتَ زكاته. وإذا أخذت في جَدَاد النخل طَرَحت لهم من الثفاريق. (51) وإذا أخذت في كيله حثَوْت لهم منه. وإذا علمت كيله عزلت زكاته .

13993- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير, عن ليث, عن مجاهد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: سوى الفريضة .

13994- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن مجاهد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: يلقي إلى السؤَّال عند الحصاد من السنبل, (52) فإذا طِينَ = أو طُيِّن، الشك من أبي جعفر (53) = ألقى إليهم . فإذا حمله فأراد أن يجعله كُدْسًا ألقى إليهم. (54) وإذا داس أطعمَ منه, وإذا فرغ وعلم كم كيله، عزل زكاته . وقال: في النخل عند الجَدَاد يطعم من الثمرة والشماريخ. (55) فإذا كان عند كيله أطعم من التمر. فإذا فرغ عزل زكاته .

13995- حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: إذا حصد الزرع ألقى من السنبل, وإذا جَدَّ النخل ألقى من الشماريخ. (56) فإذا كاله زكّاه .

13996- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: عند الحصاد, وعند الدِّياس, وعند الصِّرام، يقبض لهم منه, فإذا كاله عزل زكاته .

13997- وبه، عن سفيان, عن مجاهد مثله= إلا أنه قال: سوى الزكاة .

13998- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: شيء سوى الزكاة، في الحصاد والجَدَاد, إذا حَصَدوا وإذا حَزَرُوا. (57)

13999- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, في قول الله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: واجب، حين يصرم .

14000- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن منصور, عن مجاهد: أنه قال في هذه الآية: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: إذا حصد أطعم, وإذا أدخله البَيْدَر, (58) وإذا داسه أطعم منه .

14001- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن أشعث, عن ابن عمر, قال: يطعم المعترَّ، (59) سوى ما يعطي من العشر ونصف العشر .

14002- وبه، عن سفيان, عن منصور, عن مجاهد قال: قبضة عند الحصاد, وقبضة عند الجَدَاد .

14003- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص, عن أشعث, عن ابن سيرين, قال: كانوا يعطون مَنْ اعترَّ بهم الشيءَ .

14004- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن حماد, عن إبراهيم, قال: الضِّغث . (60)

14005- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى بن سعيد, عن سفيان, عن حماد, عن إبراهيم, قال: يعطي مثل الضِّغث .

14006- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا حماد, عن إبراهيم: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: مثل هذا من الضغث = ووضع يحيى إصبعه الإبهام على المفصل الثاني من السَّبّابة .

14007- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن حماد, عن إبراهيم, قال: نحو الضِّغث .

14008- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن جابر, عن أبي جعفر= وعن سفيان, عن حماد, عن إبراهيم, قالا يعطي ضغثًا . (61)

14009- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا كثير بن هشام قال، حدثنا جعفر بن برقان, عن يزيد بن الأصم قال، كان النخل إذا صُرِم يجيء الرجل بالعِذْق من نخله، فيعلِّقه في جانب المسجد, فيجيء المسكين فيضربُه بعصاه, فإذا تناثر أكلَ منه . فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حَسن أو حسين, فتناول تمرةً, فانتزعها من فيه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصَّدقة, ولا أهلُ بيته . فذلك قوله: (وآتوا حقَّه يوم حصاده) .

14010- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا خالد بن حيان, عن جعفر بن برقان, عن ميمون بن مهران, ويزيد بن الأصم قالا كان أهل المدينة إذا صرموا يجيئون بالعِذْق فيضعونه في المسجد, ثم يجيء السائل فيضربه بعصاه, فيسقط منه, وهو قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده) .

14011- حدثنا علي بن سهل قال، حدثنا زيد بن أبي الزرقاء, عن جعفر, عن يزيد وميمون، (62) في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قالا كان الرجل إذا جدَّ النخلَ يجيء بالعِذْق فيعلقه في جانب المسجد, فيأتيه المسكين فيضربه بعصاه, فيأكل ما يتناثر منه .

14012- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن أبي جعفر الرازي, عن الربيع بن أنس: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: لَقَطُ السُّنبل . (63)

14013- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن عبد الكريم الجزري, عن مجاهد قال: كانوا يعلقون العذق في المسجد عند الصِّرام, فيأكل منه الضعيف .

14014- وبه، عن معمر قال, قال مجاهد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، يطعم الشيءَ عند صِرَامه .

14015- حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك, عن سالم, عن سعيد بن جبير: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: الضغث، وما يقع من السنبل .

14016- وبه، عن سالم, عن سعيد: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: العلَف .

14017- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن شريك, عن سالم, عن سعيد في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: كان هذا قبل الزكاة، للمساكين, القبضةُ والضِّغث لعلف دابته .

14018- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا محمد بن رفاعة, عن محمد بن كعب في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: ما قلّ منه أو كثر . (64)

14019- حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة, عن ابن أبي نجيح: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: عند الزرع يعطي القبضَ, وعند الصِّرام يعطي القبض, (65) ويتركهم فيتتبعون آثار الصِّرام .

* * *

وقال آخرون: كان هذا شيئًا أمر الله به المؤمنين قبل أن تفرض عليهم الصدقة المؤقتة. ثم نسخته الصدقة المعلومة, فلا فرض في مال كائنًا ما كان زرعًا كان أو غرسًا, إلا الصدقة التي فرضها الله فيه .

* ذكر من قال ذلك:

14020- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية, عن حجاج, عن الحكم, عن مقسم, عن ابن عباس قال: نسخها العُشْر ونصف العشر .

14021- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص, عن الحجاج, عن الحكم, عن ابن عباس قال: نسخها العُشْر ونصف العشر .

14022- وبه، عن حجاج, عن سالم, عن ابن الحنفية قال: نسخها العُشْر, ونصف العشر .

14023- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم, عن شريك, عن سالم, عن سعيد بن جبير: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: هذا قبل الزكاة, فلما نـزلت الزكاة نسختها, فكانوا يعطون الضِّغْث .

14024- حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير, عن مغيرة, عن شباك, عن إبراهيم: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: كانوا يفعلون ذلك، حتى سُنَّ العُشر ونصف العشر. فلما سُنّ العشر ونصف العشر، تُرك . (66)

14025- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان, عن مغيرة, عن شباك, عن إبراهيم: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: هي منسوخة, نسختها العُشر ونصف العشر . (67)

14026- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى, عن سفيان, عن المغيرة, عن إبراهيم: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: نسختها العشر ونصف العشر .

14027- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان, عن سفيان, عن مغيرة, عن شباك, عن إبراهيم قال: نسختها العشر ونصف العشر .

14028- وبه، عن سفيان, عن يونس, عن الحسن قال: نسختها الزكاة .

14029- وبه، عن سفيان, عن السدى قال: نسختها الزكاة: (وآتوا حقه يوم حصاده) .

14030- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة, عن شباك, عن إبراهيم, في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: هذه السورة مكية، نسختها العشر ونصف العشر. قلت: عمّن؟ قال: عن العلماء .

14031- وبه، عن سفيان, عن مغيرة, عن شباك, عن إبراهيم قال: نسختها العشر ونصف العشر .

14032- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما(وآتوا حقه يوم حصاده)، فكانوا إذا مرّ بهم أحدٌ يوم الحصاد أو الجدَادِ، أطعموه منه, فنسخها الله عنهم بالزكاة, وكان فيما أنبتتِ الأرضُ، العشرُ ونصف العشر .

14033- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الأعلى, عن يونس, عن الحسن قال: كانوا يَرْضَخون لقرَابتهم من المشركين . (68)

14034- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس, عن أبيه, عن عطية: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: نسخه العشر ونصف العشر. كانوا يعطون إذا حصَدوا وإذا ذَرَّوا, فنسختها العشر ونصف العشر.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب, قولُ من قال: كان ذلك فرضًا فرضه الله على المؤمنين في طعامِهم وثمارهم التي تُخْرجها زروعهم وغرُوسهم, ثم نسخه الله بالصدقة المفروضة, والوظيفة المعلومةِ من العشر ونصف العشر. وذلك أن الجميع مجمعون لا خلاف بينهم: أنّ صدقة الحرث لا تؤخذ إلا بعد الدِّياس والتنقية والتذرية, وأن صدقة التمر لا تؤخذ إلا بعد الإجزاز. (69)

فإذا كان ذلك كذلك, وكان قوله جل ثناؤه: (وآتوا حقه يوم حصاده)، ينبئ عن أنه أمرٌ من الله جل ثناؤه بإيتاء حقه يوم حصاده, وكان يوم حصاده هو يوم جَدِّه وقطعه، والحبُّ لا شك أنه في ذلك اليوم في سنبله, والتَّمر وإن كان ثمر نخل أو كَرْم غيرُ مستحكم جُفوفه ويبسه, وكانت الصدقة من الحبِّ إنما تؤخذ بعد دِياسه وتذريته وتنقيته كيلا والتمر إنما تؤخذ صدقته بعد استحكام يبسه وجفوفه كَيْلا= علم أن ما يؤخذ صدقة بعد حين حَصْده، غير الذي يجب إيتاؤه المساكين يوم حَصاده .

* * *

فإن قال قائل: وما تنكر أن يكون ذلك إيجابًا من الله في المال حقًّا سوى الصدقة المفروضة؟

قيل: لأنه لا يخلو أن يكون ذلك فرضًا واجبًا، أو نَفْلا.

فإن يكن فرضًا واجبًا، فقد وجب أن يكون سبيلُه سبيلَ الصدقات المفروضات التي من فرَّط في أدائها إلى أهلها كان بربِّه آثمًا، ولأمره مخالفًا. (70) وفي قيام الحجة بأن لا فرض لله في المال بعد الزكاة يجبُ وجوبَ الزكاة سوى ما يجبُ من النفقة لمن يلزم المرءَ نفقته، ما ينبئ عن أنّ ذلك ليس كذلك .

=أو يكون ذلك نَفْلا. فإن يكن ذلك كذلك، فقد وجب أن يكون الخيارُ في إعطاء ذلك إلى ربّ الحرث والثمر. وفي إيجاب القائلين بوجوب ذلك، ما ينبئ عن أن ذلك ليسَ كذلك .

وإذا خرجت الآية من أن يكون مرادًا بها الندب, وكان غير جائز أن يكون لها مخرجٌ في وجوب الفرض بها في هذا الوقت, علم أنها منسوخة .

ومما يؤيد ما قلنا في ذلك من القول دليلا على صحته, أنه جل ثناؤه أتبع قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ، ومعلوم أنّ من حكم الله في عباده مذ فرض في أموالهم الصدقة المفروضة المؤقتة القدرِ, أنّ القائم بأخذ ذلك ساستهم ورُعاتهم . وإذا كان ذلك كذلك, فما وجه نهي ربّ المال عن الإسراف في إيتاء ذلك, والآخذ مُجْبِرٌ, وإنما يأخذ الحق الذي فرض لله فيه؟

* * *

فإن ظن ظانّ أن ذلك إنما هو نهي من الله القيِّمَ بأخذ ذلك من الرعاة عن التعدِّي في مال رب المال، والتجاوز إلى أخذ ما لم يُبَحْ له أخذه, فإن آخر الآية وهو قوله: وَلا تُسْرِفُوا ، معطوف على أوله، وهو قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده). فإن كان المنهيَّ عن الإسراف القيِّمُ بقبض ذلك, فقد يجب أن يكون المأمورُ بإيتائه، (71) المنهيَّ عن الإسراف فيه, وهو السلطان .

وذلك قول إن قاله قائل, كان خارجًا من قول جميع أهل التأويل، ومخالفًا المعهود من الخطاب, وكفى بذلك شاهدًا على خطئه .

* * *

فإن قال قائل: وما تنكر أن يكون معنى قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده) ، وآتوا حقه يوم كيله, لا يوم قصله وقطعه, (72) ولا يوم جداده وقطافه؟ فقد علمتَ مَنْ قال ذلك من أهل التأويل؟ وذلك ما:-

14035- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا جويبر, عن الضحاك في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: يوم كيله .

14036- وحدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن الحجاج, عن سالم المكي, عن محمد بن الحنفية قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، قال: يوم كيله، يعطي العشر ونصف العشر . (73)

* * *

= مع آخرين قد ذكرت الرواية فيما مضى عنهم بذلك؟ (74)

قيل: لأن يوم كيله غير يوم حصاده . ولن يخلو معنى قائلي هذا القول من أحد أمرين: إما أن يكونوا وجّهوا معنى " الحصاد "، إلى معنى " الكيل ", فذلك ما لا يعقل في كلام العرب، لأن " الحصاد " و " الحصد " في كلامهم: الجدّ والقطع, لا الكيل = أو يكونوا وجّهوا تأويل قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، إلى: وآتوا حقه بعد يوم حصاده إذا كلتموه ، فذلك خلاف ظاهر التنـزيل. وذلك أن الأمر في ظاهر التنـزيل بإيتاء الحقّ منه يوم حصاده، لا بعد يوم حصاده . ولا فرقَ بين قائلٍ: إنما عنى الله بقوله: (وآتوا حقه يوم حصاده)، بعد يوم حصاده= وآخرَ قال: عنى بذلك قبل يوم حصاده, لأنهما جميعًا قائلان قولا دليلُ ظاهر التنـزيل بخلافه .

* * *

القول في تأويل قوله : وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في" الإسراف "، الذي نهى الله عنه بهذه الآية, ومن المنهيّ عنه .

فقال بعضهم: المنهيّ عنه: ربّ النخل والزرع والثمر= و " السرف " الذي نهى الله عنه في هذه الآية, مجاوزة القدر في العطِيّة إلى ما يجحف برب المال . (75)

* ذكر من قال ذلك:

14037- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، حدثنا عاصم, عن أبي العالية في قوله: (وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا)، الآية, قال: كانوا يعطون شيئًا سوى الزكاة, ثم تسارفوا, (76) فأنـزل الله: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .

14038- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان, عن عاصم الأحول, عن أبي العالية: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ، قال: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا سوى الزكاة, ثم تبارَوْا فيه، أسرفوا, (77) فقال الله: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .

14039- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا معتمر بن سليمان, عن عاصم الأحول, عن أبي العالية: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ، قال: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا, ثم تسارفوا, فقال الله: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .

14040- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج قال: نـزلت في ثابت بن قيس بن شماس, جَدَّ نخلا فقال: لا يأتين اليوم أحدٌ إلا أطعمته ! فأطعم، حتى أمسى وليست له ثمرة, فقال الله: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .

14041- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: (ولا تسرفوا)، يقول: لا تسرفوا فيما يؤتى يوم الحصاد, أم في كل شيء؟ قال: بلى ! في كل شيء، ينهى عن السرف . (78) قال: ثم عاودته بعد حين, فقلت: ما قوله: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ؟ قال: ينهى عن السرف في كل شيء . ثم تلا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ، [سورة الفرقان: 67] .

14042- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا سفيان بن حسين, عن أبي بشر قال: أطاف الناس بإياس بن معاوية بالكوفة, فسألوه: ما السَّرَف؟ فقال: ما دون أمرِ الله فهو سَرَف . (79)

14043- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ولا تسرفوا)، لا تعطوا أموالكم فتغدوا فقراء .

* * *

وقال آخرون: " الإسراف " الذي نهى الله عنه في هذا الموضع: منع الصدقة والحقّ الذي أمر الله ربَّ المال بإيتائه أهلَه بقوله: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ .

* ذكر من قال ذلك:

14044- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر, عن ابن جريج قال، أخبرني أبو بكر بن عبد الله, عن عمرو بن سليم وغيره, عن سعيد بن المسيب في قوله: (ولا تسرفوا)، قال: لا تمنعوا الصدقة فتعصوا . (80)

14045- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا محمد بن الزبرقان قال، حدثنا موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، والسرف، أن لا يعطي في حق . (81)

* * *

وقال آخرون: إنما خوطب بهذا السلطان. نُهِى أن يأخذ من ربّ المال فوق الذي ألزم الله ماله .

* ذكر من قال ذلك .

14046- حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب, قال ابن زيد في قوله: (ولا تسرفوا)، قال: قال للسلطان: " لا تسرفوا ", لا تأخذوا بغير حق ، فكانت هذه الآية بين السلطان وبين الناس= يعني قوله: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ، الآية .

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى بقوله: (ولا تسرفوا)، عن جميع معاني" الإسراف ", ولم يخصص منها معنًى دون معنى .

وإذ كان ذلك كذلك, وكان " الإسراف " في كلام العرب: الإخطاء بإصابة الحق في العطية, إما بتجاوز حدّه في الزيادة، وإما بتقصير عن حدّه الواجب (82) = كان معلومًا أن المفرِّق مالَه مباراةً، والباذلَهُ للناس حتى أجحفت به عطيته, مسرفٌ بتجاوزه حدَّ الله إلى ما [ليس له]. (83) وكذلك المقصِّر في بذله فيما ألزمه الله بذله فيه, وذلك كمنعه ما ألزمه إيتاءه منه أهلَ سُهْمَان الصدقة إذا وجبت فيه, أو منعه من ألزمه الله نفقته من أهله وعياله ما ألزمه منها. وكذلك السلطان في أخذه من رعيته ما لم يأذن الله بأخذه . كل هؤلاء فيما فعلوا من ذلك مسرفون, داخلون في معنى مَنْ أتى ما نهى الله عنه من الإسراف بقوله: (ولا تسرفوا)، في عطيتكم من أموالكم ما يجحف بكم= إذ كان ما قبله من الكلام أمرًا من الله بإيتاء الواجب فيه أهله يوم حصاده. فإنّ الآية قد كانت تنـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب خاصّ من الأمور، والحكم بها على العامّ, بل عامّة آي القرآن كذلك. فكذلك قوله: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .

ومن الدليل على صحة ما قلنا من معنى " الإسراف " أنه على ما قلنا، قول الشاعر: (84)

أَعْطَــوا هُنَيْــدَةَ يَحْدُوهَـا ثَمَانِيَـةٌ

مَـا فِـي عَطَـائِهِمُ مَـنٌّ وَلا سَـرَفُ (85)

يعني بـ" السرف ": الخطأ في العطيّة . (86)

------------------------

الهوامش :

(34) انظر تفسير (( أنشأ )) فيما سلف ص : 128 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك .

(35) انظر تفسير ((الجنة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( جنن ) .

(36) انظر تفسير (( عرش )) فيما سلف 5 : 445 .

(37) انظر تفسير (( الأكل )) فيما سلف 5 : 538 .

(38) انظر تفسير (( متشابه )) فيما سلف 1 : 389 - 394 / 2 : 210 ، 211 / 6 : 173 / 11 : 578 .

(39) (( المز )) ( بضم الميم ) : ما كان طعمه بين الحلو والحامض ، يقال : (( شراب مز )) .

(40) الأثران : 13960 ، 13961 - (( أبو همام الأهوازي )) في الأثر الأول ، هو (( محمد بن الزبرقان )) ، في الأثر الثاني . ثقة . مضت ترجمته برقم : 877 .

(41) الأثر : 13965 - (( هانئ بن سعيد النخعي )) ، مضى برقم : 13159 . ((حجاج )) هو (( حجاج بن أرطأة )) ، مضى مرارًا . (( محمد بن عبيد الله بن سعيد )) هو (( أبو عون الثقفي )) ، مضى برقم : 7595 .

(42) الأثر : 13966 - (( إبراهيم بن نافع المكي المخزومي )) ، مضى برقم : 4305 . وأما (( ابن عباس ، عن أبيه )) ، فلا أدري ما هو ، وهو بلا شك ليس (( عبد الله بن عباس )) حبر الأمة .

وأخشى أن يكون الصواب : (( عن ابن طاوس ، عن أبيه )) .

(43) الأثر : 13967 - (( عبد الرحمن )) ، هو (( عبد الرحمن بن مهدي )) ، مضى مرارًا و (( أبو هلال )) هو : (( محمد بن سليم الراسبي البصري )) ، ثقة ، مضى برقم : 2996 ، 4681 . و (( حيان الأعرج )) الجوفي ، البصري . ثقة من أتباع التابعين . روى عن جابر بن زيد . روى عنه قتادة ، وابن جرجيج ، وسعيد بن أبي عروبة ، وغيرهم . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 246 .

(44) في المطبوعة : (( وما يلتقط )) ، وأثبت ما في المخطوطة .

(45) (( البعل )) ، من النبات ، ما شرب بعروقه من الأرض ، بغير سقي من سماء ولا غيرها .

(46) (( الأوسق )) جمع (( وسق )) ، وهو ستون صاعًا ، كما فسره بعد ، على اختلافهم في مقدار الصاع .

(47) الأثر : 13975 - (( سالم المكي )) ، هو (( سالم بن عبد الله الخياط )) ، مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 2 / 116 ، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 184 .

(48) في المطبوعة : (( يعطي من حصاده يومئذ )) ، وليس صوابًا ، وفي المخطوطة : (( يعطي من حصول يومئذ )) ، وصواب قراءتها ما أثبت ، وانظر الأثر التالي . ويعني : مَنْ حضره من الناس والمساكين .

(49) في المطبوعة : (( حصده )) ، وأثبت ما في المخطوطة . (( الحصاد )) و (( الحصيد )) ، (( الحصد )) ( بفتح الحاء والصاد ) ، هو من الزرع ، المحصود بعد ما يحصد .

(50) (( حثا له يحثو حثوا )) أعطاه شيئًا منه ملء الكف .

(51) في المطبوعة : (( جذاذ الأرض )) ( بالذال ) ، وهو خطأ محض . (( جداد النخل )) ( بفتح الجيم ، وبكسرها ) : أوان صرامه ، وهو قطع ثمره .

و (( الثفاريق )) جمع (( ثفروق )) ، وهو قمع البسرة والتمرة التي تلزق بها . ولم يرد هذا مجاهد ، بل أراد : العناقيد ، يخرط ما عليها ، فتبقى عليها الثمرة والثمرتان والثلاث ، يخطئها المخلب الذي تخرط به ، فتلقى للمساكين . فكني بالثفاريق عن القليل الباقي في عنقوده وشمراخه .

(52) (( السؤال )) جمع (( سائل )) مثل (( جاهل )) و (( جهال )) .

(53) في المخطوطة : (( فإذا طبن أو طبن )) ، غير منقوطة ، وفي المطبوعة : (( فإذا طبن ، أو طين )) الأولى لاباء ، والثانية بالياء ، ولا معنى لهما . وأخشى أن يكون الصواب ما أثبت ، يعني به ما يكون مع البر والقمح من الطين . ولا أدري ذلك . وفوق كل ذي علم عليم . ولم أجد الخبر في مكان آخر . وانظر رقم : 14000 ، وقوله : (( وإذا أدخله البيدر )) ، فكأنه يعني هذا .

(54) (( الكدس )) ( بضم فسكون ) ، هو كومة البر إذا جمع .

(55) في المطبوعة : (( الجذاذ )) بالذال ، وانظر التعليق السالف ص : 163 ، تعليق : 3 .

(56) (( جد النخل يجده جدادًا )) ، صرمه وقطعه . وهي في المطبوعة بالذال ، كما سلف في التعليق السالف . وسأصححه بعد بغير إشارة إلى الخطأ .

(57) في المطبوعة : (( وإذا جذوا )) ويعني (( وإذا جدوا )) ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صحيح المهنى . (( حزر الطعام والنخل وغيره )) : إذا قدره بالحدس ، والحازر ، هو الخارص أيضًا ، (( خرصه )) : قدره بالحدس .

(58) (( البيدر )) : الموضع الذي يداس فيه الطعام .

(59) (( المعتر )) : الذي يطيف بك يطلب ما عندك ، سألك أو سكت عن السؤال . (( عره يعره )) و (( اعتره )) و (( اعتر به )) ، أتاه يطلب معروفه .

(60) (( الضغث )) ( بكسر فسكون ) : ملء اليد من الحشيش المختلط ، وما أشبهه من البقول .

(61) كان هذا الإسناد في المطبوعة كما هو هنا إلا أنه كتب ... (( عن أبي جعفر ، عن سفيان )) بغير (( واو العطف )) . وكان فيها أيضًا (( قال )) بالإفراد وهو تغيير لما في المخطوطة . أما في المخطوطة ، فكان بعد قوله فيها الإسناد السالف (( الضعث )) ، بياض أمامه حرف ( ط ) دلالة على أن الخطأ ، ثم بعد البياض : (( قال حدثنا أبي ، عن إسرائيل )) وسائر الإسناد كما كان في المطبوعة ، بغير واو عطف قبل (( عن سفيان )) ، ولكن كان فيها (( قالا )) بالتثنية . وهذا إسناد مضطرب .

وزيادة (( حدثنا ابن وكيع )) مكان البياض ، صواب لا شك فيه ، كما كان في المطبوعة ، ولكن الخطأ في إسقاط الواو قبل (( عن سفيان )) . فهما إسنادان كما بينتهما .

و (( إسرائيل )) هو (( إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق )) ، يروي ، عن (( جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي )) ، و (( أبو جعفر )) هو (( أبو جعفر الباقر )) فيما أرجح .

أما الإسناد الثاني ، فهو من حديث ابن وكيع ، عن أبيه ، عن سفيان ...

وكأن هذا هو الصواب إن شاء الله .

(62) في المطبوعة والمخطوطة : (( عن زيد )) ، والصواب أنه (( يزيد بن الأصم )) المذكور في الإسنادين السالفين .

(63) (( اللقط )) ( بفتح اللام والقاف ) ، و (( لقاط السنبل )) ( بضم اللام ، وبفتحها ) : هو الذي تخطئه المناجل فيلتقطه الناس ، أهو نثارة السنبل .

(64) الأثر : 14018 - (( محمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي )) ، ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 1 / 1 / 82 ، وابن أبي حاتم 3 /2 / 254 .

(65) لعله (( يعطي القبضة )) ، فإنه هو الذي تدل عليه اللغة ، ولكن هكذا جاء في الموضعين ، وهو جائز على ضعف .

(66) الأثر : 14024 - 14025 - (( شباك الضبي )) الكوفي الأعمى . روى عن إبراهيم النخعي ، والشعبي ، وأبي الضحى . روى عنه مغيرة بن مقسم ، وفضيل بن غزوان ، ونهشل بن مجمع . قال أحمد : (( شيخ ثقة )) . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 2 / 270 ، وانظر أيضًا رقم : 14027 ، 14030 ، 14031 .

(67) الأثر : 14024 - 14025 - (( شباك الضبي )) الكوفي الأعمى . روى عن إبراهيم النخعي ، والشعبي ، وأبي الضحى . روى عنه مغيرة بن مقسم ، وفضيل بن غزوان ، ونهشل بن مجمع . قال أحمد : (( شيخ ثقة )) . مترجم في التهذيب ، والكبير 2 / 2 / 270 ، وانظر أيضًا رقم : 14027 ، 14030 ، 14031 .

(68) (( رضخ له من ماله رضيخة )) ، إذا أعطاه منه العطية المقاربة ، القليلة .

(69) في المطبوعة : (( إلا بعد الجفاف )) غير ما في المخطوطة كل التغيير ، وكان فيها : (( إلا بعد الأحرار)) غير منقوطة ، وهذا صواب قراءتها . يقال (( جز النخل والتمر )) و (( أجز النخل والتمر )) ، يبس تمره ، وحان أن يجز ، أي : أن يقطع ثمره ويصرم .

(70) انظر تفسير قوله : (( بربه آثمًا )) فيما سلف 4 : 530 ، تعليق : 3 / 6 : 92 ، تعليق : 2 / 11 : 180 ، تعليق 3 / 11 : 328 ، تعليق : 2 .

(71) في المطبوعة : (( بإتيانه )) ، وهو خطأ محض ، وهو في المخطوطة غير منقوط ، وذلك بيان لقوله : (( وآتوا حقه يوم حصاده )) .

(72) في المطبوعة والمخطوطة : (( يوم فصله )) بالفاء ، والصواب بالقاف . (( قصل النبات يقصله قصلا ، واقتصله )) ، قطعه وهو أخضر .

(73) الأثر : 14036 - انظر ما سلف رقم : 13975 .

(74) انظر الآثار السالفة من أول تفسير الآية .

(75) انظر تفسير (( الإسراف )) فيما سلف 7 : 272 ، 579 /10 ، 579 / 10 : 242 .

(76) (( تسارفوا )) ، أي بالغوا في الإسراف وتباروا فيه ، وهذا من اشتقاق اللغة الذي لا تكاد تجده في المعاجم ، فقيده في مكانه .

(77) في المطبوعة : (( وأسرفوا )) بواو العطف ، وأثبت ما في المخطوطة ، هو صواب جيد .

(78) (( بلى )) انظر استعمال (( بلى )) في غير حجد سبقها ، فيما سلف 10 : 253 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .

(79) في المطبوعة : (( ما تجاوز أمر الله فهو سرف )) ، وهو مخالف لما في المخطوطة ، وكان فيها : (( ما وزه أمر الله فهو سرف )) ، والهاء مشبوكة في الزاي ، وفوق الكلمة حرف ( ط ) دلالة على الخطأ والشك . والذي روى عن إياس بن معاوية هذا اللفظ أنه قال : (( الإسراف ما قصر به عن حق الله )) ( اللسان : سرف ) ، فصح عندي أن (( ما وزه )) هي (( ما دون أمر الله )) ، ليطابق ما نقل عن إياس اللفظ الآخر . وإن كان أبو حيان في تفسيره 4 : 238 ، قد كتب : (( كل ما جاوزت فيه أمر الله فهو سرف )) ، وكذلك القرطبي في تفسيره 7 : 110 . وروى هذا كما أثبته أو بمعناه ، عن معاوية رضي الله عنه .

(80) الأثر : 14044 - (( أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القرشي العامري )) القاضي الفقيه ، وهو متروك ، قال أحمد : (( كان يضع الحديث ويكذب )) . قال له ابن جريج : (( اكتب لي أحاديث من أحاديثك )) فكتب له . قال الواقدي : (( فرأيت ابن جريج قد أدخل منها في كتبه . وكان كثير الحديث ، وليس بحجة )) . مترجم في التهذيب ، وميزان الاعتدال 3 : 348 . و (( عمرو بن سليم بن خلدة الأنصاري الزرقي )) ، تابعي ثقة ، كان قليل الحديث . مترجم في التهذيب .

(81) الأثر : 14045 - (( موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي )) ، ضعيف لا يكتب حديثه . مضى مرارًا كثيرة آخرها : 11134 . وكان في الإسناد هنا : (( محمد بن عبيدة )) ، في المخطوطة والمطبوعة ، وهو خطأ لا شك فيه ، فإن الذي يروي عنه (( محمد بن الزبرقان )) ، ويروي هو عن (( محمد بن كعب القرظي )) ، وهو (( موسى بن عبيدة )) ، وهو الصواب المحض - وقد مر مرارًا كتابة الناسخ (( محمد )) مكان (( موسى )) في غير هذا من الأسماء .

(82) انظر تفسير (( الإسراف )) فيما سلف 7 : 272 ، 579 / 10 : 242

(83) في المطبوعة : (( بتجاوزه حد الله إلى ما كيفته له )) ، ومثلها في المخطوطة ، غير المنقوطة ، ولا معنى لهما ، فطرحت هذه العبارة ، وكتبت ما بين القوسين ما يستقيم به الكلام بعض الاستقامة .

(84) هو جرير .

(85) مضى البيت الأول وتخريجه وشرحه فيما سلف 7 : 579 .

(86) عند هذا الموضع ، انتهى الجزء التاسع من مخطوطتنا

التدبر :

وقفة
[141] ﴿وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات﴾ غير معروشات: ليس لها عريش يرفع العنب؛ من حفظ العنب المهمل بدون عريش فلن يضيعك.
وقفة
[141] ﴿مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ [99] المشتبه: من شدة التشابه لا يمكن التفريق بينهما، جاءت منسجمة مع قوله: ﴿نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا﴾ [99] لما كان مشتبهًا دعا للنظر: ﴿انظروا﴾ [99]، ﴿مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ﴾ المتشابه: يمكن التفريق فيما بينهما، لذا دعا للأكل منه: ﴿كلوا﴾.
وقفة
[141] ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾ التمتع بالطيبات مع عدم الإسراف ومجاوزة الحد في الأكل والإنفاق.
وقفة
[141] ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ أمرهم أن يعطوها يوم حصادها، وذلك لأنه الوقت الذي تتشوف إليه نفوس الفقراء, ويسهل حينئذ إخراجه على أهل الزروع, ويكون الأمر فيها ظاهرًا لمن أخرجها؛ حتى يتميز المخرج ممن لا يخرج.
وقفة
[141] ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ دليل على وجوب الزكاة في الزروع والثمار، وأنها تجب يوم الحصاد.
وقفة
[141] ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ وجوب الزكاة في الزروع والثمار عند حصادها، مع جواز الأكل منها قبل إخراج زكاتها، ولا يُحْسَب من الزكاة.
عمل
[141] اختر لحظة تشتد فيها حاجة الفقراء، وتصدق فيها بصدقة، لعله يتضاعف أجرك ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾.
وقفة
[141] ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ قال الزهري: «المعنى: لا تنفقوا في معصية الله تعالى».
وقفة
[141] ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ قال مجاهد: «لو كان أبو قبیس (جبل) ذهبًا فأنفقة رجل في طاعة الله تعالى لم يكن مسرفًا، ولو أنفق درهمًا في معصية الله تعالى كان مسرفًا».
وقفة
[141] ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ قيل لحاتم الطائي: «لا خير في السرف»، فأجابهم: «بل لا سرف في الخير».
وقفة
[141] ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ أي: لا تُسرِفُوا فِي الأكْلِ؛ لِمَا فيهِ مِن مَضَرَّةِ العقل والبدن؛ كقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: 31]، وفي الحديث: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ». [أحمد 2/181، وحسنه الألباني].
وقفة
[141] ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ كانوا يعطون يوم الحصاد شيئًا ثم تباروا فيه وأسرفوا، ويتبارى بعض من يفطرون الناس في الحرم فيفقدون لذة التفطير.
تفاعل
[141] ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ استعذ بالله أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[141] الإسراف صفة مذمومة يكرهها الله سبحانه وتعالى، فلا تكن من المسرفين ﴿وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، إنه لا يحب المسرفين في اللباس الغالي الفاحش الثمن.

الإعراب :

  • ﴿ وَهُوَ الَّذِي:
  • الواو: عاطفة. هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر.
  • ﴿ أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ:
  • الجملة: صلة الموصول لا محل لها. أنشأ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. جنات: مفعول به منصوب بالكسرة المنونة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. معروشات: صفة- نعت- لجنات منصوبة مثلها.
  • ﴿ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ:
  • الواو: عاطفة. غير: معطوفة على جنات منصوبة بالفتحة. معروشات: مضاف اليه مجرور بالكسرة المنونة.
  • ﴿ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً:
  • الاسمان: معطوفان بواوي العطف على «جَنَّاتٍ» منصوبان بالفتحة. مختلفا: حال مقدرة لأنه لم يكن وقت الانشاء كذلك. منصوبة بالفتحة المنونة.
  • ﴿ أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ:
  • أكل: فاعل لاسم الفاعل «مُخْتَلِفاً» مرفوع بالضمة. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والزيتون والرمان: يعربان إعراب. والنخل والزرع.
  • ﴿ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ:
  • متشابها: حال منصوب بالفتحة المنونة. وغير: معطوفة بالواو على «مُتَشابِهاً» منصوبة مثلها بالفتحة. متشابه: مضاف اليه مجرور بالكسرة المنونة.
  • ﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ:
  • كلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. من ثمره: جار ومجرور متعلق بكلوا. والهاء: ضمير متصل في محل جر بالاضافة. وحذف مفعول «كُلُوا» لان «مِنْ» التبعيضية دالة عليه.
  • ﴿ إِذا أَثْمَرَ:
  • إذا: ظرف زمان مبني على السكون أداة شرط غير جازمة خافض لشرطه منصوب بجوابه. أثمر: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. وجملة «أَثْمَرَ» في محل جر مضاف اليه لوقوعها بعد «إِذا» وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه والتقدير: إذا أثمر الثمر فكلوا منه.
  • ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ:
  • معطوفة بالواو على «كُلُوا» وتعرب إعرابها. حقه: مفعول به منصوب بالفتحة. والهاء: ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَوْمَ حَصادِهِ:
  • ظرف زمان متعلق بآتوا منصوب على الظرفية بالفتحة. حصاده: مضاف اليه مجرور بالكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَلا تُسْرِفُوا:
  • الواو: عاطفة. لا: ناهية جازمة. تسرفوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ إِنَّهُ لا يُحِبُّ:
  • إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». لا: نافية لا عمل لها. يحب: فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ الْمُسْرِفِينَ:
  • مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد. وجملة «لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» في محل رفع خبر «إن». '

المتشابهات :

الأنعام: 141﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
الأعراف: 31﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

أسباب النزول :

  • قوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا الآية أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة ثم تسارفوا ونزلت هذه الآية وأخرج عن ابن جريج أنها نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جد نخلة فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة '
  • المصدر أسباب النزول للواحدي

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [141] لما قبلها :     وبعد أن أخبر اللهُ عز وجل أن هؤلاء المشركين افتروا على اللهِ الكَذِبَ وأشْركُوا معه وحَلَّلُوا وحَرَّمُوا؛ دَلَّهم هنا على وحْدانِيَّتهِ، بأنَّه خَالِقُ الأشْيَاءِ، وأنَّه جَعَل هذه الأشْيَاء أرْزَاقًا لهُمْ فتصرَّفوا فيها بغيرِ إذْنِه، قال تعالى:
﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ

القراءات :

أكله:
وقرئ:
أكله، بالضم والسكون.
حصاده:
قرئ:
1- بفتح الحاء، وهى قراءة العربيين.
2- بكسرها، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [142] :الأنعام     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ ..

التفسير :

[142] وأوجد من الأنعام ما هو مهيَّأ للحمل عليه لكبره وارتفاعه كالإبل، ومنها ما هو مهيَّأ لغير الحمل لصغره وقربه من الأرض كالبقر والغنم، كلوا مما أباحه الله لكم وأعطاكموه من هذه الأنعام، ولا تحرموا ما أحلَّ الله منها اتباعاً لطرق الشيطان، كما فعل المشركون.

أي:{ و} خلق وأنشأ{ من الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} أي:بعضها تحملون عليه وتركبونه، وبعضها لا تصلح للحمل والركوب عليها لصغرها كالفصلان ونحوها، وهي الفرش، فهي من جهة الحمل والركوب، تنقسم إلى هذين القسمين. وأما من جهة الأكل وأنواع الانتفاع، فإنها كلها تؤكل وينتفع بها. ولهذا قال:{ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} أي:طرقه وأعماله التي من جملتها أن تحرموا بعض ما رزقكم الله.{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} فلا يأمركم إلا بما فيه مضرتكم وشقاؤكم الأبدي.

ثم بين- سبحانه- حال الأنعام. وأبطل ما تقولوه عليه في شأنها بالتحريم والتحليل فقال.

وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً.

الحمولة، هي الأنعام الكبار الصالحة للحمل. والفرش هي صغارها الدانية من الأرض، مثل الفرش المفروش عليها.

وقيل الحمولة كل ما حمل عليه من إبل وبقر وبغل وحمار. والفرش ما اتخذ من صوفه ووبره وشعره ما يفرش.

أى: وأنشأ لكم- سبحانه- من الأنعام حمولة وهي ما تحملون عليه أثقالكم، كما أنشأ لكم منها فرشا وهي صغارها التي تفرش للذبائح من الضأن والمعز والإبل والبقر.

والجملة معطوفة على جنات. والجهة الجامعة بينهما إباحة الانتفاع بهما.

وقوله كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ.

أى: كلوا مما رزقكم الله من هذه الثمار والزروع والأنعام وغيرها، وانتفعوا منها بسائر أنواع الانتفاع المشروعة، ولا تتبعوا وساوس الشيطان وطرقه في التحريم والتحليل كما اتبعها أهل الجاهلية، إذ حرموا ما رزقهم الله افتراء عليه، إن الشيطان عداوته، ظاهرة واضحة لكم، فهو يمنعكم مما يحفظ روحكم، ويطهر قلوبكم، فالجملة الكريمة إِنَّهُ لَكُمْ تعليل للنهى عن اتباع خطوات الشيطان.

وقوله : ( ومن الأنعام حمولة وفرشا ) أي : وأنشأ لكم من الأنعام ما هو حمولة وما هو فرش ، قيل : المراد بالحمولة ما يحمل عليه من الإبل ، والفرش الصغار منها . كما قال الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله في قوله : ( حمولة ) ما حمل عليه من الإبل ، ( وفرشا ) وقال : الصغار من الإبل .

رواه الحاكم ، وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

وقال ابن عباس : الحمولة : الكبار ، والفرش هي الصغار من الإبل . وكذا قال مجاهد .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ومن الأنعام حمولة وفرشا ) فأما الحمولة فالإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه ، وأما الفرش فالغنم .

واختاره ابن جرير ، قال : وأحسبه إنما سمي فرشا لدنوه من الأرض .

وقال الربيع بن أنس ، والحسن ، والضحاك ، وقتادة : الحمولة : الإبل والبقر ، والفرش : الغنم .

وقال السدي : أما الحمولة فالإبل ، وأما الفرش فالفصلان والعجاجيل والغنم ، وما حمل عليه فهو حمولة .

قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الحمولة ما تركبون ، والفرش ما تأكلون وتحلبون ، شاة لا تحمل ، تأكلون لحمها وتتخذون من صوفها لحافا وفرشا .

وهذا الذي قاله عبد الرحمن في تفسير هذه الآية الكريمة حسن يشهد له قوله تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) [ يس : 71 ، 72 ] ، وقال تعالى : ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب ) إلى أن قال : ( ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين ) [ النحل : 69 - 80 ] ، وقال تعالى : ( الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون ) [ غافر : 79 - 81 ] .

وقوله تعالى : ( كلوا مما رزقكم الله ) أي : من الثمار والزروع والأنعام ، فكلها خلقها الله تعالى وجعلها رزقا لكم ، ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) أي : طرائقه وأوامره ، كما اتبعها المشركون الذين حرموا ما رزقهم الله ، أي : من الثمار والزروع افتراء على الله ، ( إنه لكم ) أي : إن الشيطان - أيها الناس - لكم ( عدو مبين ) أي : بين ظاهر العداوة ، كما قال تعالى : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) [ فاطر : 6 ] ، وقال تعالى : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ) الآية ، [ الأعراف : 27 ] ، وقال تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] . والآيات في هذا كثيرة في القرآن .

القول في تأويل قوله : وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشًا, مع ما أنشأ من الجنات المعروشات وغير المعروشات .

* * *

و " الحمولة "، ما حمل عليه من الإبل وغيرها.

و " الفرش "، صغار الإبل التي لم تدرك أن يُحْمَل عليها .

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.

فقال بعضهم: " الحمولة "، ما حمل عليه من كبار الإبل ومسانّها= و " الفرش "، صغارها التي لا يحمل عليها لصغرها .

* ذكر من قال ذلك:

14047- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن عبد الله في قوله: (حمولة وفرشًا)، قال: " الحمولة "، الكبار من الإبل=" وفرشًا "، الصغار من الإبل .

14048- . . . . وقال، حدثنا أبي, عن أبي بكر الهذلي, عن عكرمة, عن ابن عباس: " الحمولة "، هي الكبار, و " الفرش "، الصغار من الإبل .

14049- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن إسرائيل, عن أبي يحيى, عن مجاهد قال: " الحمولة "، ما حمل من الإبل, و " الفرش "، ما لم يحمل .

14050- وبه عن إسرائيل, عن خصيف, عن مجاهد: " الحمولة "، ما حمل من الإبل, و " الفرش "، ما لم يحمل .

14051- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: (وفرشًا)، قال: صغار الإبل .

14052- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن عبد الله في قوله: (حمولة وفرشًا)، قال: " الحمولة "، الكبار, و " الفرش "، الصغار .

14053- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن ابن مسعود في قوله: (حمولة وفرشًا)،" الحمولة "، ما حمل من الإبل, و " الفرش "، هنّ الصغار .

14054- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص عن عبد الله: أنه قال في هذه الآية: (حمولة وفرشًا)، قال: " الحمولة "، ما حمل عليه من الإبل, و " الفرش "، الصغار = قال ابن المثنى, قال محمد, قال شعبة: إنما كان حدثني سفيان، عن أبي إسحاق .

14055- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه قال، قال الحسن: " الحمولة "، من الإبل والبقر .

* * *

وقال بعضهم: " الحمولة "، من الإبل, وما لم يكن من " الحمولة "، فهو " الفرش " .

14056- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن الحسن: (حمولة وفرشًا)، قال: " الحمولة "، ما حمل عليه, و " الفرش "، حواشيها, يعني صغارها .

14057- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (ومن الأنعام حمولة وفرشًا)، فـ" الحمولة "، ما حمل من الإبل, و " الفرش "، صغار الإبل, الفصيل وما دون ذلك مما لا يحمل .

* * *

ويقال: " الحمولة "، من البقر والإبل = و " الفرش "، الغنم .

* * *

وقال آخرون: " الحمولة "، ما حمل عليه من الإبل والخيل والبغال وغير ذلك, و " الفرش "، الغنم .

* ذكر من قال ذلك:

14058- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله: (ومن الأنعام حمولة وفرشًا)، فأما " الحمولة "، فالإبل والخيل والبغال والحمير, وكل شيء يحمل عليه، وأما " الفرش "، فالغنم .

14059- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس: " الحمولة "، من الإبل والبقر= و " فرشًا ". المعز والضأن .

14060- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (ومن الأنعام حمولة وفرشًا)، قال: أما " الحمولة "، فالإبل والبقر . قال: وأما " الفرش "، فالغنم .

14061- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة, كان غير الحسن يقول: " الحمولة "، الإبل والبقر, و " الفرش "، الغنم .

14062- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي: (ومن الأنعام حمولة وفرشًا)، أما " الحمولة "، فالإبل . وأما " الفرش "، فالفُصْلان والعَجَاجيل والغنم. (87) وما حمل عليه فهو " حمولة " .

14063- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (حمولة وفرشًا)،" الحمولة "، الإبل, و " الفرش ", الغنم .

14064- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبي بكر الهذلي, عن الحسن: (وفرشًا)، قال: " الفرش "، الغنم .

14065- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (حمولة وفرشًا) قال: " الحمولة "، ما تركبون, و " الفرش "، ما تأكلون وتحلبون, شاة لا تحمل, تأكلون لحمها, وتتخذون من أصوافها لحافًا وفرشًا .

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن " الحمولة "، هي ما حمل من الأنعام, لأن ذلك من صفتها إذا حملت, لا أنه اسم لها، كالإبل والخيل والبغال، فإذا كانت إنما سميت " حمولة " لأنها تحمل, فالواجب أن يكون كل ما حَمَل على ظهره من الأنعام فحمولة. وهي جمع لا واحد لها من لفظها, كالرَّكوبة، و " الجزورة " . وكذلك " الفرش "، إنما هو صفة لما لطف فقرب من الأرض جسمه, ويقال له: " الفرش " . وأحسبها سميت بذلك تمثيلا لها في استواء أسنانها ولطفها بالفَرْش من الأرض, وهي الأرض المستوية التي يتوطَّؤُها الناس .

فأما " الحمولة "، بضم " الحاء "، فإنها الأحمال, وهي" الحمول " أيضًا بضم الحاء .

* * *

القول في تأويل قوله : كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142)

قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: كلوا مما رزقكم الله، أيها المؤمنون, فأحلّ لكم ثمرات حروثكم وغروسكم، ولحوم أنعامكم, إذ حرّم بعض ذلك على أنفسهم المشركون بالله, فجعلوا لله ما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا وللشيطان مثله, فقالوا: هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا =(ولا تتبعوا خطوات الشيطان)، كما اتبعها باحرُو البحيرة، ومسيِّبو السوائب, فتحرموا على أنفسكم من طيب رزق الله الذي رزقكم ما حرموه, فتطيعوا بذلك الشيطان، وتعصوا به الرحمن ، كما:-

14066- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) ، لا تتبعوا طاعته، هي ذنوب لكم, وهي طاعة للخبيث .

* * *

= إن الشيطان لكم عدو يبغي هلاككم وصدكم عن سبيل ربكم=(مبين)، قد أبان لكم عدواته، (88) بمناصبته أباكم بالعداوة, حتى أخرجه من الجنة بكيده، وخدَعه حسدًا منه له، (89) وبغيًا عليه . (90)

--------------------

الهوامش :

(87) (( العجاجيل )) جمع (( عجول )) ( بكسر العين ، وتشديد الجيم وفتحها ، وسكون الواو ) وهو (( العجل )) ولد البقر .

(88) في المطبوعة والمخطوطة : (( أبان لكم عدوانه )) ، وصوابها ما أثبت .

(89) في المطبوعة : (( وحسدًا منه )) بالواو ، والصواب ما في المخطوطة .

(90) انظر تفسير (( خطوات الشيطان )) فيما سلف 2 : 300 - 302 / 4 : 258 .

التدبر :

وقفة
[142] ﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا﴾ الحمولة هي ما حُمِل عليه من الإبل وغيرها، والفرش صغار الإبل التي لم تدرك أن يُحْمَل عليها.
وقفة
[142] ﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا﴾ فرشًا قيل هي صغار الإبل أو الغنم، وليس المعنى من الفراش.
وقفة
[142] ﴿ومنَ الْأَنْعَامِ حَمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خُطُوَاتِ الشيطان إنه لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين﴾ كم هي طرق الشيطان وأهله كثيرة في إغواء الناس ودفعهم لأكل الحرام! ولو علموا يقينًا أن ما سيدركونه من رزق، فإنما هو من عند الله وبمشيئته؛ لما سعوا إليه بالحرام.
تفاعل
[142] ﴿كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ﴾ احمد الله تعالى عند الأكل والشرب.
وقفة
[142] أصعب الحرام أوله، ثم يسهل، ثم يستساغ، ثم يؤلف، ثم يحلو، ثم يطبع على القلب، ثم يبحث القلب عن حرام آخر، حتى يعاقب، فلا يجد له لذه، ولا هو يستطع تركه ‏﴿لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَان﴾.
تفاعل
[142] ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ استعذ بالله الآن من الشيطان الرجيم.

الإعراب :

  • ﴿ وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً:
  • معطوفة بالواو على «أَنْشَأَ جَنَّاتٍ» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها وعلامة النصب الفتحة.
  • ﴿ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ:
  • كلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. مما: جار ومجرور متعلق بكلوا وهو مكون من «من» حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بحرف الجر. رزق: فعل ماض مبني على الفتح. الكاف: ضمير متصل- ضمير المخاطبين- في محل نصب مفعول به مقدم. والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للاشباع وحذف مفعول «كُلُوا» لان «من» التبعيضية دالة عليه. الله: فاعل مرفوع بالضمة. وجملة «رَزَقَكُمُ اللَّهُ» صلة الموصول.
  • ﴿ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ:
  • الواو: عاطفة. لا: ناهية جازمة. تتبعوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. خطوات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. الشيطان: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد التعليل هنا. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان». لكم: جار ومجرور متعلق بعدو والميم علامة جمع الذكور. عدو: خبر «ان» مرفوع بالضمة. مبين: صفة- نعت- لعدو مرفوعة مثله بالضمة. '

المتشابهات :

البقرة: 168﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
البقرة: 208﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
الأنعام: 142﴿وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا ۚ كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
النور: 21﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [142] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ كيفيَّةَ إنعامِه على عبادِه بالمَنافِعِ النباتيَّة؛ أتبَعَها بذِكْرِ إنعامِه عليهم بالمنافِعِ الحيوانيَّة؛ قال تعالى:
﴿ وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف