38234235236237

الإحصائيات

سورة البقرة
ترتيب المصحف2ترتيب النزول87
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات48.00
عدد الآيات286عدد الأجزاء2.40
عدد الأحزاب4.80عدد الأرباع19.25
ترتيب الطول1تبدأ في الجزء1
تنتهي في الجزء3عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 1/29آلم: 1/6

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (234) الى الآية رقم (235) عدد الآيات (2)

بعدَ بيانِ أحكامِ الطلاقِ والرجعةِ والإرضاعِ ذكرَ اللهُ عدَّةَ المُتوفَّى عنها زوجُها: أربعةَ أشهرٍ وعشرةَ أيامٍ، فتمتنعُ عن الزواجِ في هذه المدةِ، وجوازَ التعريضِ لها بالخطبةِ، دون التَّصريحِ.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (236) الى الآية رقم (237) عدد الآيات (2)

لمَّا بَيَّنَ اللهُ حكمَ المطلقاتِ المدخولِ بهنّ، والمُتوفَّى عنهنّ أزواجهُنّ، بَيَّنَ هنا حقوقَ المطلقةِ قبلَ الدخولِ بها (نصفُ المهرِ الذي سمَّاه، فإن لم يسمِّ فيعطيها متعةً بحسبِ حالِه).

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة البقرة

استخلاف الإنسان في الأرض/ العبادة/ الإسلام لله تعالى

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • فلماذا سميت السورة بالبقرة؟:   قد يتساءل البعض لماذا سميت هذه السورة بسورة البقرة؟ قد يجيب البعض بأنها سميت كذلك لأنّ قصة البقرة جاءت في هذه السورة. فنقول: إنَّ هذه السورة قد جاء بها قصص كثيرة، فلماذا سميت السورة باسم هذه القصة دون غيرها؟ العناوين دلالة الاهتمام، فهذه إشارة إلى أهمية هذه القصة، أو أن أهم موضوع في السورة هو قصة البقرة.
  • • ليست مجرد قصة::   لم تكن قصة (بقرة بني إسرائيل) مجرد قصة من قصص بني إسرائيل، ولكنها تجسيد لحال بني إسرائيل مع أوامر الله، تلكأ في تنفيذ أوامر الله، تعنت، وتشدد، وتحايل، ومماطلة، وجدال، وجحود، وعناد. وهذا في غاية المناسبة لسورة البقرة التي تضمنت تربية المؤمنين على الاستجابة ﻷوامر الله، فقد تضمنت الكثير من التشريعات والأحكام، فكأن الاسم شعار للمؤمنين ليحذروا من التشبه بأصحاب البقرة، لكي يتذكر المسلم المسؤول عن الأرض هذه الأخطاء ويتجنبها. ولهذا خُتمت السورة بقوله تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ (285).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة البقرة»، وتسمى مع سورة آل عمران بـ«الزَّهراوَين».
  • • معنى الاسم ::   البقرة: حيوان معروف، لحمه يؤكل ولبنه يشرب، والزهراوان: المُنيرتان المُضيئتان، واحدتها زهراء.
  • • سبب التسمية ::   سميت سورة البقرة؛ لأنها انفردت بذكر قصة البقرة التي أمر الله بني إسرائيل بذبحها، ولم ترد أي إشارة إلى هذه القصة في أي سورة غيرها، وتسمى مع سورة آل عمران بـ«الزَّهراوَين»؛ لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   وتسمى أيضًا «سَنام القرآن» وسنام كل شيء أعلاه، فسميت بذلك تعظيمًا لشأنها، و«فُسطاط القرآن» والفسطاط هو المدينة الجامعة، لما جمع فيها من الأحكام التي لم تذكر في غيرها.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   وجوب الاستجابة لأوامر لله، والاستسلام الكامل لأحكامه، والانقياد والإذعان لها.
  • • علمتني السورة ::   أن هذا الكتاب العزيز لا شك فيه بأي وجه من الوجوه، لا شك في نزوله، ولا في أخباره، ولا أحكامه، ولاهدايته: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾
  • • علمتني السورة ::   تكريم الله للإنسان بسجود الملائكة له، وتعليمه أسماء جميع الأشياء، وإسكانه الجنة، واستخلافه في الأرض: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من لا يعرف من القرآن إلا تلاوته دون فهم يشابه طائفة من اليهود لم يعلموا من التوراة إلا التلاوة: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْرَاوَيْنِ، الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافٍّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ».
    • عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ، كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا». ففي حرَّ يوم القيامة الشديد، عندما تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق، تأتي سورة البقرة لتظلل على صاحبها.تأمل كيف أنّ سورتي البقرة وآل عمران تحاجان -أي تدافعان- عن صاحبهما.
    • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، وَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ الْبَقَرَةُ لاَ يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ».
    • عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:« يَا أَبَا الْمُنْذِرِ! أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟» قَالَ: قُلْتُ:" اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ" قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: «وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعَلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ». زَادَ أَحْمَد: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيِدَهِ! إِنَّ لَهَا لِسَانًا وَشَفَتَينِ، تُقَدِّس الْمَلِكَ عَنْدِ سَاقِ الْعَرشِ».
    • عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِي فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَة لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ».
    • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنهُ مَلَكٌ»، فَقَالَ: «هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ، لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ»، فَسَلَّمَ وَقَالَ: «أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيْتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ».
    • عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ».
    • عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اسْمُ اللَّهِ الأَعْظَمُ فِي ثَلاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ: الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَطه».
    • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة»، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».وسورة البقرة من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • هي أطول سورة في القرآن الكريم على الإطلاق
    • أول سورة نزلت في المدينة.
    • أول سورة مدنية بحسب ترتيب المصحف.
    • أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتح بالحروف المقطعة من أصل 29 سورة افتتحت بذلك.
    • أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتح بالحروف المقطعة ﴿الم﴾ من أصل 6 سور افتتحت بذلك.
    • هي السورة الوحيدة التي ذكرت قصة البقرة، ولم يذكر لفظ (البقرة) مفردًا بغير هذه السورة.
    • تحتوي على أعظم آية (آية الكرسي)، وأطول آية (آية الدين).
    • تحتوي على آخر آية نزلت -على الراجح- وهي: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ (281).
    • كثرة أحكامها، قال ابن العربي: سمعت بعض أشياخي يقول: «فيها ألف أمر، وألف نهي، وألف حكم، وألف خبر».
    • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: «البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل».
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نستقبل أوامر الله بـ "سمعنا وأطعنا"، وأن نحذر من: "سمعنا وعصينا".
    • أن نرتبط بكتاب الله علمًا وتدبرًا وعملًا؛ لنصل إلى الهداية ونبتعد عن طريق الغواية: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ (2).
    • أن نتحلى بصفات المتقين، ومنها: الإيمان بالغيب، إقامة الصلاة، الإنفاق، الإيمان بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وبما أنزل على الأنبياء من قبله، الإيمان باليوم الِآخر: ﴿... هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ...﴾ (2-5).
    • أن نحذر من صفات المنافقين، ومنها: لا يعترفون بأخطائهم، يصرون على الذنوب، يمثلون أمام الناس أنهم مصلحون وهم المفسدون، يخادعون أنفسهم (8-20).
    • أن نبتعد عن الكبر؛ فالكبر هو معصية إبليس: ﴿... فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ ...﴾ (34).
    • أن نمتثل أوامر الله تعالى ونحذر من وساوس الشيطان: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ ... فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ...﴾ (35، 36).
    • أن نحذر الذنوب، فبذنبٍ واحد خرج أبونا من الجنة: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ (36).
    • أن نسارع بالتوبة كما فعل أبونا آدم عليه السلام (37).
    • أن نتجنب الأخطاء التي وقعت من بني إسرائيل، ولا نفعل مثل ما فعلوا (40-123).
    • أن نذكِّر الناس ونرشدهم إلى الخير؛ ولا ننسى أنفسنا من ذلك: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ﴾ (44). • أن نختار كلماتنا بعناية شديدة: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ (83).
    • أن نسارع بالاستجابة لأوامر الله كما فعل إبراهيم عليه السلام : ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (131)، وأن نحذر عناد بني إسرائيل وجدالهم.
    • أن نكثر من ذكر الله تعالى وشكره حتى نكون من الذاكرين: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ (152).
    • أن نقول: «إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» عند المصيبة: ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (156).
    • أن نكثر التأمل والتفكر في خلق الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (164).
    • أن نأتي كل أمر من أمورنا من الطريق السهل القريب: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾ (189).
    • أن نبادر في قضاء فريضة الحج، ونحرص على عدم الرفث والفسوق والجدال: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ...﴾ (197).
    • أن نحذر من خطوات الشيطان ووساوسه: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ (208).
    • أن نحسن الظن بالله وبما قدَّره لنا في حياتنا، حتى لو أننا كرهناه فهو بالتأكيد خير لنا، فكل أقداره عز وجل خير: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ...﴾ (216).
    • أن نبتعد عن الخمر والميسر: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ ...﴾ (219).
    • أن نحافظ على الصلاة تحت أي ظرف: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ﴾ (238).
    • ألا نَمُن على أحد أنفقنا عليه، ولا نؤذيه، ولا ننتظر الأجر إلا من الله: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ...﴾ (262).
    • أن نحذر الربا، ونبتعد عنه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا ...﴾ (275-279).
    • أن نصبر على المعسر الذي لم يستطع القضاء، أو نسقط عنه الدين كله أو بعضه: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (280).
    • أن نقول لكل ما جاء به الرسول عن ربنا: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ (285)، ‏بلا جدال، ولا نقاش، ولا تكاسل.

تمرين حفظ الصفحة : 38

38

مدارسة الآية : [234] :البقرة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ..

التفسير :

[234] والذين يموتون منكم، ويتركون زوجات بعدهم، يجب عليهن الانتظار بأنفسهن مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، لا يخرجن من منزل الزوجية، ولا يتزيَّنَّ، ولا يتزوجن، فإذا انتهت المدة المذكورة فلا إثم عليكم يا أولياء النساء فيما يفعلن في أنفسهن من الخروج، والتزين، وال

أي:إذا توفي الزوج, مكثت زوجته, متربصة أربعة أشهر وعشرة أيام وجوبا، والحكمة في ذلك, ليتبين الحمل في مدة الأربعة, ويتحرك في ابتدائه في الشهر الخامس، وهذا العام مخصوص بالحوامل, فإن عدتهن بوضع الحمل، وكذلك الأمة, عدتها على النصف من عدة الحرة, شهران وخمسة أيام. وقوله:{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي:انقضت عدتهن{ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} أي:من مراجعتها للزينة والطيب،{ بِالْمَعْرُوفِ} أي:على وجه غير محرم ولا مكروه. وفي هذا وجوب الإحداد مدة العدة, على المتوفى عنها زوجها, دون غيرها من المطلقات والمفارقات, وهو مجمع عليه بين العلماء.{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي:عالم بأعمالكم, ظاهرها وباطنها, جليلها وخفيها, فمجازيكم عليها. وفي خطابه للأولياء بقوله:{ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} دليل على أن الولي ينظر على المرأة, ويمنعها مما لا يجوز فعله ويجبرها على ما يجب, وأنه مخاطب بذلك, واجب عليه.

وقوله: يُتَوَفَّوْنَ- بالبناء للمجهول- أى تقبض أرواحهم فإن التوفي هو القبض.

يقال: توفيت مالي من فلان واستوفيته منه أى قبضته وأخذته. قال- تعالى-: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها أى يقبض الأنفس ويأخذها إليه بالموت حين انتهاء آجالها.

والمعنى: والذين يتوفاهم الله- تعالى- منكم- أيها المسلمون- ويتركون من خلفهم أزواجا. فعلى هؤلاء الأزواج اللائي ارتبطن برجالهم ارتباطا قويا متينا ثم فرق الموت بينهم وبينهن، عليهن أن يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً أى: عليهن أن ينتظرن انقضاء عدتهن فيحبسن أنفسهن عن الزواج وعن التزين وعن التعرض للخطاب مدة أربعة أشهر وعشر ليال، وفاء لحق الزوج المتوفى، واستبراء للرحم.

قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: هذا أمر من الله- تعالى- للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال. وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بالإجماع، ومستند هذا الإجماع في غير المدخول بها عموم الآية الكريمة، وهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها فقال: أقول فيها برأيى فإن يك صوابا فمن الله، وإن يك خطأ فمنى ومن الشيطان. والله- تعالى- ورسوله بريئان منه: لها الصداق كاملا.

وفي لفظ: لها صداق مثلها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث. فقام معقل بن يسار فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قضى به في بروع بنت واشق. ففرح عبد الله بذلك فرحا شديدا. ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها وهي حامل فإن عدتها بوضع الحمل لعموم قوله- تعالى-: وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وكان ابن عباس يرى أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع أو أربعة أشهر وعشرة أيام للجمع بين الآيتين» .

وقوله: وَالَّذِينَ اسم موصول مبتدأ. ويُتَوَفَّوْنَ صلته، ومِنْكُمْ في موضع النصب على الحال من الواو في يُتَوَفَّوْنَ ويَتَرَبَّصْنَ وما بعده خبر عن الذين والرابط محذوف والتقدير: يتربصن بعدهم أربعة أشهر وعشرا.

والتعبير بقوله: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ تعبير دقيق حكيم أى: عليهن أن يمنعن أنفسهن عن النكاح وعن التزين وعن الخروج من منزل الزوجية- إلا إذا كانت هناك ضرورة لهذا الخروج- مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، وذلك لأن المرأة المؤمنة الوفية يأبى عليها دينها ووفاؤها لزوجها المتوفى عنها، أن تعرض نفسها على غيره بعد فترة قصيرة من وفاته، فإن هذا أمر مستهجن في شرع الله وفي عرف العقلاء من الناس. إذ هذه المدة التي جاءت في الآية التي حددها الله- تعالى- لمعرفة براءة الرحم من الحمل، وهي التي تخف فيها مرارة الفراق بين زوجين ربط الله بينهما برابطة المودة والرحمة.

ولقد ألغى الإسلام بهذا التشريع عادات جاهلية ظالمة للمرأة فقد كانت المرأة في الجاهلية إذا توفى عنها زوجها تغلق على نفسها مكانا ضيقا في بيتها وتقضى فيه عاما كاملا حدادا على زوجها فأبطل الإسلام ذلك، ومن الأحاديث التي وردت في هذا المعنى ما ثبت في الصحيحين عن أم حبيبة وزينب بنت جحش- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» .

والإحداد هو ترك الزينة، وعدم التعرض للخطاب، وعدم الخروج من منزل الزوجية إلا لضرورة. وفي الصحيحين أيضا عن أم سلمة أن امرأة قالت يا رسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكتحل؟ فقال: لا- مرتين أو ثلاثا- ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة» .

قال ابن كثير بعد أن ساق هذين الحديثين: قالت زينب بنت أم سلمة: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا- أى مكانا ضيقا من البيت- ولبست شر ثيابها ولم تمس طبيا ولا شيئا حتى تمر سنة» .

وقال بعض العلماء: وقد حد الشارع للمتوفى عنها زوجها عدة هي في جملتها أكثر من عدة المطلقات، لأن تلك ثلاثة قروء تجيء عادة في نحو ثلاثة أشهر. وهنا يرد سؤالان:

أولهما: لماذا كانت العدة في المتوفى عنها زوجها بالأشهر دون الحيض فلم تجعل أربع حيضات بدل ثلاث؟ ولماذا كانت الزيادة؟ ولم نجد أحدا تصدى لبيان الحكمة في جعلها بالأشهر، ويبدو لنا أن الحكمة التي تدركها عقولنا- وإن كانت الحكمة السامية قد تعلو على مدار كنا-: هي أن عدة الوفاة تكون للمدخول بها وغير المدخول بها وللصغيرة والكبيرة، والأساس فيها هو الحداد على الزواج السابق الذي انتهى بوفاة أحد ركنيه، فلزم أن يكون بأمر يشترك فيه الجميع مادام السبب واحدا في الجميع. وفوق ذلك أن العدة في الوفاة لو قدرت بالحيض وهو أمر لا يعلم إلا من جهة المرأة، فربما تدفعها الرغبة في الزواج إلى الكذب فتدعيه وهو لم يقع، وفي المطلقات العدة حق للمطلق فيستطيع أن ينكر عليها أما في حال الوفاة فصاحب الحق الأول قد مات وصار الحق لله خالصا. فحد ذلك الحق بالأشهر والأيام حتى لا يكون مساغا للكذب وادعاء ما لم يحصل، لأن الأيام والأشهر تعرف بالكتاب والحساب وليست أمرا يعرف من جهتها فقط.

أما الجواب عن الأمر الثاني وهو لماذا كانت العدة بالوفاة أكثر في الجملة من العدة الناشئة عن الطلاق؟ فيبدو بادى الرأى من الفرق بين حال الطلاق وحال الوفاة أن الطلاق نتيجة شقاق.

فالحداد على الزوج الذي ينشئه ليس قويا، ومعنى براءة الرحم وإعطاء الزوج فرصة للرجعة يكون أوضح في معنى العدة، ويكفى لذلك نحو ثلاثة أشهر. أما حال الموت فمرارة الفراق فيها أوضح وأشد، ومعنى الحداد فيها يغلب معنى براءة الرحم، ولذا تجب على المدخول بها وغير المدخول بها، وإن الشارع قد جعلها لذلك أطول من عدة الطلاق.

وقد يرد سؤال ثالث وهو: لماذا حددت العدة بأربعة أشهر وعشر؟ وإن تقدير الأعداد كما يقرر الفقهاء أمر توقيفى خالص لا يجرى فيه القياس ولكن ليس معنى ذلك أنه لا حكمة فيه، وأن الحكمة يقررها العلماء في أمرين:

أولهما: أن الأشهر الأربعة هي التي يظهر فيها الحمل ويستبين، وقد جعلت العشر بعدها للاحتياط.

وثانيهما: أن مدة أربعة الأشهر هي المدة التي قررها الشارع أقصى مدة للحرمان من الرجال. ولذلك جعل الإيلاء مدته أربعة أشهر.. فكان من التنسيق بين الأحكام الشرعية أن تجعل مدة الإحداد على الزواج في حدود هذه المدة ومقاربة لها في الجملة»

.

وقوله: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ بيان لما يترتب على انتهاء المدة التي حددها الشرع للمرأة التي مات عنها زوجها. أى: فإذا انتهت المدة التي حددها الشرع للمرأة التي مات عنها زوجها لتتجنب فيها التزين والتعرض للنكاح. فلا حرج عليكم بعد ذلك أيها المسلمون أو أيها الأولياء- في ترك هؤلاء الزوجات الأرامل يفعلن في أنفسهن ما تفعله المرأة الراغبة في الزواج من التزين والتجمل ولكن بالطريقة التي يقرها الشرع، وترضاها العقول السليمة، والأخلاق المستقيمة.

وقوله: بِالْمَعْرُوفِ متعلق بفعلن، أو حال من النون أى حالة كونهن متلبسات بالمعروف.

ومفهومه أنهن لو خرجن عن المعروف شرعا بأن تبرجن وأظهرن ما أمر الله بستره فإنه في هذه الحالة يجب على أوليائهن أن يمنعوهن من ذلك.

ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أى أنه محيط بدقائق أعمالكم لا يخفى عليه منها شيء فإذا وقفتم أنتم ونساؤكم عند حدوده أسعدكم في الدنيا وأجزل مثوبتكم في الآخرة، وإن تجاورتم حدوده عاقبكم بما تستحقون يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

وبذلك نرى الآية الكريمة قد رسمت للناس أفضل وسائل الحياة الشريفة، فأرشدت المرأة التي مات عنها زوجها إلى ما يحفظ لها كرامتها، ويدفع عنها ما يتنافى مع العفة والشرف والوفاء.

ثم بين- سبحانه- حكم الخطية للنساء المعتدات بيانا يقوم على أدب النفس، وأدب الاجتماع، ورعاية المشاعر والعواطف مع رعاية المصالح والضرورات فقال- تعالى-:

هذا أمر من الله للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن : أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بهن بالإجماع ، ومستنده في غير المدخول بها عموم الآية الكريمة ، وهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي : أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة فمات ولم يدخل بها ، ولم يفرض لها ؟ فترددوا إليه مرارا في ذلك فقال : أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه : [ أرى ] لها الصداق كاملا . وفي لفظ : لها صداق مثلها ، لا وكس ، ولا شطط ، وعليها العدة ، ولها الميراث . فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق . ففرح عبد الله بذلك فرحا شديدا . وفي رواية : فقام رجال من أشجع ، فقالوا : نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق .

ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها ، وهي حامل ، فإن عدتها بوضع الحمل ، ولو لم تمكث بعده سوى لحظة ; لعموم قوله : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) [ الطلاق : 4 ] . وكان ابن عباس يرى : أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع ، أو أربعة أشهر وعشر ، للجمع بين الآيتين ، وهذا مأخذ جيد ومسلك قوي ، لولا ما ثبتت به السنة في حديث سبيعة الأسلمية ، المخرج في الصحيحين من غير وجه : أنه توفي عنها زوجها سعد بن خولة ، وهي حامل ، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته ، وفي رواية : فوضعت حملها بعده بليال ، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك ، فقال لها : ما لي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين النكاح . والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعشرا . قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألته عن ذلك ، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت ، وأمرني بالتزويج إن بدا لي .

قال أبو عمر بن عبد البر : وقد روي أن ابن عباس رجع إلى حديث سبيعة ، يعني لما احتج عليه به . قال : ويصحح ذلك عنه : أن أصحابه أفتوا بحديث سبيعة ، كما هو قول أهل العلم قاطبة .

وكذلك يستثنى من ذلك الزوجة إذا كانت أمة ، فإن عدتها على النصف من عدة الحرة ، شهران وخمس ليال ، على قول الجمهور ; لأنها لما كانت على النصف من الحرة في الحد ، فكذلك فلتكن على النصف منها في العدة . ومن العلماء كمحمد بن سيرين وبعض الظاهرية من يسوي بين الزوجات الحرائر والإماء في هذا المقام ; لعموم الآية ، ولأن العدة من باب الأمور الجبلية التي تستوي فيها الخليقة . وقد ذكر سعيد بن المسيب ، وأبو العالية وغيرهما : أن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا ; لاحتمال اشتمال الرحم على حمل ، فإذا انتظر به هذه المدة ظهر إن كان موجودا ، كما جاء في حديث ابن مسعود الذي في الصحيحين وغيرهما : " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح " . فهذه ثلاث أربعينات بأربعة أشهر ، والاحتياط بعشر بعدها لما قد ينقص بعض الشهور ، ثم لظهور الحركة بعد نفخ الروح فيه ، والله أعلم .

قال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة : سألت سعيد بن المسيب : ما بال العشرة ؟ قال : فيه ينفخ الروح . وقال الربيع بن أنس : قلت لأبي العالية : لم صارت هذه العشر مع الأشهر الأربعة ؟ قال : لأنه ينفخ فيها الروح . رواهما ابن جرير . ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد ، في رواية عنه ، إلى أن عدة أم الولد عدة الحرة هاهنا ; لأنها صارت فراشا كالحرائر ، وللحديث الذي رواه الإمام أحمد ، عن يزيد بن هارون ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن رجاء بن حيوة ، عن قبيصة بن ذؤيب ، عن عمرو بن العاص أنه قال : لا تلبسوا علينا سنة نبينا ، عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر ورواه أبو داود ، عن قتيبة ، عن غندر وعن ابن المثنى ، عن عبد الأعلى . وابن ماجه ، عن علي بن محمد ، عن وكيع ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة ، عن مطر الوراق ، عن رجاء بن حيوة ، عن قبيصة ، عن عمرو بن العاص ، فذكره .

وقد روي عن الإمام أحمد أنه أنكر هذا الحديث ، وقيل : إن قبيصة لم يسمع عمرا ، وقد ذهب إلى القول بهذا الحديث طائفة من السلف ، منهم : سعيد بن المسيب ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين ، وأبو عياض ، والزهري ، وعمر بن عبد العزيز . وبه كان يأمر يزيد بن عبد الملك بن مروان ، وهو أمير المؤمنين . وبه يقول الأوزاعي ، وإسحاق ابن راهويه ، وأحمد بن حنبل ، في رواية عنه . وقال طاوس وقتادة : عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها نصف عدة الحرة : شهران وخمس ليال . وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والحسن بن صالح بن حي : تعتد بثلاث حيض . وهو قول علي ، وابن مسعود ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي . وقال مالك ، والشافعي ، وأحمد في المشهور عنه : عدتها حيضة . وبه يقول ابن عمر ، والشعبي ، ومكحول ، والليث ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، والجمهور .

قال الليث : ولو مات وهي حائض أجزأتها . وقال مالك : فلو كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر . وقال الشافعي والجمهور : شهر ، وثلاثة أحب إلي . والله أعلم .

وقوله : ( فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ) يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها ، لما ثبت في الصحيحين ، من غير وجه ، عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أمي المؤمنين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " . وفي الصحيحين أيضا ، عن أم سلمة : أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينها ، أفنكحلها ؟ فقال : " لا " . كل ذلك يقول : " لا " مرتين أو ثلاثا . ثم قال : " إنما هي أربعة أشهر وعشر ، وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة " . قالت زينب بنت أم سلمة : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ، ولبست شر ثيابها ، ولم تمس طيبا ولا شيئا ، حتى تمر بها سنة ، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات .

ومن هاهنا ذهب كثير من العلماء إلى أن هذه الآية ناسخة للآية التي بعدها ، وهي قوله : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) [ البقرة : 240 ] ، كما قاله ابن عباس وغيره ، وفي هذا نظر كما سيأتي تقريره .

والغرض أن الإحداد هو عبارة عن ترك الزينة من الطيب ، ولبس ما يدعوها إلى الأزواج من ثياب وحلي وغير ذلك وهو واجب في عدة الوفاة قولا واحدا ، ولا يجب في عدة الرجعية قولا واحدا ، وهل يجب في عدة البائن ؟ فيه قولان .

ويجب الإحداد على جميع الزوجات المتوفى عنهن أزواجهن ، سواء في ذلك الصغيرة والآيسة والحرة والأمة ، والمسلمة والكافرة ، لعموم الآية . وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه : لا إحداد على الكافرة . وبه يقول أشهب ، وابن نافع من أصحاب مالك . وحجة قائل هذه المقالة قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " : قالوا : فجعله تعبدا . وألحق أبو حنيفة وأصحابه والثوري الصغيرة بها ، لعدم التكليف . وألحق أبو حنيفة وأصحابه الأمة المسلمة لنقصها . ومحل تقرير ذلك كله في كتب الأحكام والفروع ، والله الموفق للصواب .

وقوله : ( فإذا بلغن أجلهن ) أي : انقضت عدتهن . قاله الضحاك والربيع بن أنس ، ( فلا جناح عليكم ) قال الزهري : أي : على أوليائها ( فيما فعلن ) يعني : النساء اللاتي انقضت عدتهن . قال العوفي عن ابن عباس : إذا طلقت المرأة أو مات عنها زوجها ، فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج ، فذلك المعروف . روي عن مقاتل بن حيان نحوه ، وقال ابن جريج عن مجاهد : ( فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ) قال : هو النكاح الحلال الطيب . وروي عن الحسن ، والزهري ، والسدي نحو ذلك .

القول في تأويل قوله تعالى : وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: والذين يتوفون منكم، من الرجال، أيها الناس, فيموتون، ويذرون أزواجا، يتربص أزواجهن بأنفسهن. (1)

* * *

فإن قال قائل: فأين الخبر عن " الذين يتوفون "؟

قيل: متروك، لأنه لم يقصد قصد الخبر عنهم, وإنما قصد قصد الخبر عن الواجب على المعتدات من العدة في وفاة أزواجهن, فصرف الخبر عن الذين ابتدأ بذكرهم من الأموات، إلى الخبر عن أزواجهم والواجب عليهن من العدة, إذ كان معروفا مفهوما معنى ما أريد بالكلام. وهو نظير قول القائل في الكلام: (2) " بعض جبتك متخرقة "، (3) في ترك الخبر عما ابتدئ به الكلام، إلى الخبر عن بعض أسبابه. وكذلك الأزواج اللواتي عليهن التربص، لما كان إنما ألزمهن التربص بأسباب أزواجهن، صرف الكلام عن خبر من ابتدئ بذكره، إلى الخبر عمن قصد قصد الخبر عنه, كما قال الشاعر: (4)

لعـلي إن مـالت بـي الـرٌيح ميلـة

عــلى ابـن أبـي ذبـان أن يتندمـا (5)

&; 5-78 &;

فقال " لعلي", ثم قال: " أن يتندما ", لأن معنى الكلام: لعل ابن أبي ذبان أن يتندم، (6) إن مالت بي الريح ميلة عليه= فرجع بالخبر إلى الذي أراد به, وإن كان قد ابتدأ بذكر غيره. ومنه قول الشاعر:

ألــم تعلمــوا أن ابـن قيس وقتلـه

بغـــير دم, دار المذلــة حــلت (7)

فألغى " ابن قيس " وقد ابتدأ بذكره، وأخبر عن قتله أنه ذل. (8)

* * *

وقد زعم بعض أهل العربية أن خبر " الذين يتوفون " متروك, وأن معنى الكلام: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا، ينبغي لهن أن يتربصن بعد موتهم. وزعم أنه لم يذكر " موتهم "، كما يحذف بعض الكلام- وأن " يتربصن " رفع، إذ وقع موقع " ينبغي", و " ينبغي" رفع. وقد دللنا على فساد قول من قال في رفع " يتربصن " &; 5-79 &; بوقوعه موقع " ينبغي" فيما مضى, فأغنى عن إعادته. (9)

* * *

وقال آخر منهم: (10) إنما لم يذكر " الذين " بشيء, لأنه صار الذين في خبرهم مثل تأويل الجزاء: " من يلقك منا تصب خيرا "= الذي يلقاك منا تصيب خيرا. (11) قال: ولا يجوز هذا إلا على معنى الجزاء.

* * *

قال أبو جعفر: وفي البيتين اللذين ذكرناهما الدلالة الواضحة على القول في ذلك بخلاف ما قالا. (12)

* * *

قال أبوجعفر: وأما قوله: " يتربصن بأنفسهن "، فإنه يعني به: يحتبسن بأنفسهن (13) معتدات عن الأزواج، والطيب، والزينة، والنقلة عن المسكن الذي كن يسكنه في حياة أزواجهن- أربعة أشهر وعشرا، إلا أن يكن حوامل, فيكون عليهن من التربص كذلك إلى حين وضع حملهن. فإذا وضعن حملهن، انقضت عددهن حينئذ.

* * *

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك:

فقال بعضهم مثل ما قلنا فيه:

5071- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، فهذه عدة المتوفى عنها زوجها، إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها.

&; 5-80 &;

5072- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل, عن ابن شهاب في قول الله: (14) " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، قال ابن شهاب: جعل الله هذه العدة للمتوفى عنها زوجها, فإن كانت حاملا فيحلها من عدتها أن تضع حملها, وإن استأخر فوق الأربعة الأشهر والعشرة فما استأخر, لا يحلها إلا أن تضع حملها.

* * *

قال أبو جعفر: وإنما قلنا: عنى ب " التربص " ما وصفنا، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بما: -

5073- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع وأبو أسامة, عن شعبة= وحدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر, عن شعبة= ، عن حميد بن نافع قال: سمعت زينب ابنة أم سلمة تحدث= قال أبو كريب: قال أبو أسامة: عن أم سلمة= أن امرأة توفى عنها زوجها واشتكت عينها, فأتت النبي صلي الله عليه وسلم تستفتيه في الكحل, فقال: لقد كانت إحداكن تكون في الجاهلية في شر أحلاسها، (15) فتمكث في بيتها حولا إذا توفي عنها زوجها, فيمر عليها الكلب فترميه بالبعرة! أفلا أربعة أشهر وعشرا "! (16)

&; 5-81 &;

5074- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، سمعت يحيى بن سعيد قال، سمعت نافعا, عن صفية ابنة أبي عبيد: أنها سمعت حفصة ابنة عمر زوج النبي صلي الله عليه وسلم تحدث، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث، إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا "= قال يحيى: والإحداد عندنا أن لا تطيب ولا تلبس ثوبا مصبوغا بورس ولا زعفران، (17) ولا تكتحل، ولا تزين. (18)

&; 5-82 &;

5075- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد قال، أخبرنا يحيى, عن نافع, عن صفية ابنة أبي عبيد, عن حفصة ابنة عمر: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج.

5076- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، سمعت يحيى بن سعيد يقول، أخبرني حميد بن نافع: أن زينب ابنة أم سلمة أخبرته، عن أم سلمة -أو أم حبيبة- زوج النبي صلي الله عليه وسلم: أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم, فذكرت أن ابنتها توفي عنها زوجها, وأنها قد خافت على عينها= فزعم حميد عن زينب: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول, وإنما هي أربعة أشهر وعشر. (19) .

&; 5-83 &;

5077- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا يحيى بن سعيد , عن حميد بن نافع: أنه سمع زينب ابنة أم سلمة، تحدث عن أم حبيبة أو أم سلمة أنها ذكرت: أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم قد توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، وهي تريد أن تكحل عينها, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة بعد الحول, وإنما هي أربعة أشهر وعشر= قال ابن بشار، قال يزيد, قال يحيى: فسألت حميدا عن رميها بالبعرة، قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها، عمدت إلى شر بيتها فقعدت فيه حولا فإذا مرت بها سنة ألقت بعرة وراءها. (20)

5078- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا شعبة, عن يحيى, عن حميد بن نافع بهذا الإسناد مثله (21)

&; 5-84 &;

5079- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا ابن عيينة, عن أيوب بن موسى ويحيى بن سعيد, عن حميد بن نافع, عن زينب ابنة أم سلمة, عن أم سلمة: أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: إن ابنتي مات زوجها فاشتكت عينها, أفتكتحل؟ (22) فقال، قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول, وإنما هي الآن أربعة أشهر وعشر! = قال، قلت: وما " ترمي بالبعرة على رأس الحول "؟ قال: كان نساء الجاهلية إذا مات زوج إحداهن، لبست أطمار ثيابها، (23) وجلست في أخس بيوتها, فإذا حال عليها الحول أخذت بعرة فدحرجتها على ظهر حمار وقالت: قد حللت! (24)

5080- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أحمد بن يونس قال، حدثنا زهير بن معاوية قال، حدثنا يحيى بن سعيد, عن حميد بن نافع، عن زينب ابنة أم سلمة, عن أمها أم سلمة وأم حبيبة زوجي النبي صلي الله عليه وسلم: أن امرأة من قريش جاءت إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها, وقد خفت على عينها, وهي تريد الكحل؟ قال: قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول! وإنما هي أربعة أشهر وعشر! = قال حميد: فقلت لزينب: وما رأس الحول؟ قالت زينب: كانت المرأة في الجاهلية إذا هلك زوجها، عمدت إلى أشر بيت لها &; 5-85 &; فجلست فيه، (25) حتى إذا مرت بها سنة خرجت, ثم رمت ببعرة وراءها. (26)

5081- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا ابن المبارك, عن معمر, عن الزهري, عن عروة عن عائشة: أنها كانت تفتي المتوفى عنها زوجها، أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها, ولا تلبس ثوبا مصبوغا ولا معصفرا, ولا تكتحل بالإثمد, ولا بكحل فيه طيب وإن وجعت عينها, ولكن تكتحل بالصبر وما بدا لها من الأكحال سوى الإثمد مما ليس فيه طيب, ولا تلبس حليا، وتلبس البياض ولا تلبس السواد. (27)

5082- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان, عن موسى بن عقبة, عن نافع, عن ابن عمر في المتوفى عنها زوجها: لا تكتحل, ولا تطيب, ولا تبيت عن بيتها, ولا تلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب تجلبب به. (28)

&; 5-86 &;

5083- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا ابن جريج, عن عطاء قال: بلغني عن ابن عباس قال: تنهى المتوفى عنها زوجها أن تزين وتطيب.

5084- حدثنا نصر بن علي قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا عبيد الله, عن نافع, عن ابن عمر قال: إن المتوفى عنها زوجها لا تلبس ثوبا مصبوغا, ولا تمس طيبا, ولا تكتحل, ولا تمتشط= وكان لا يرى بأسا أن تلبس البرد.

* * *

وقال آخرون: إنما أمرت المتوفى عنها زوجها أن تربص بنفسها عن الأزواج خاصة, فأما عن الطيب والزينة والمبيت عن المنـزل، فلم تنه عن ذلك, ولم تؤمر بالتربص بنفسها عنه.

* ذكر من قال ذلك:

5085- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن يونس, عن الحسن: أنه كان يرخص في التزين والتصنع, ولا يرى الإحداد شيئا. (29)

5086- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا سفيان, عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، لم يقل تعتد في بيتها, تعتد حيث شاءت.

5087- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا إسماعيل قال، حدثنا ابن جريج, عن عطاء قال، قال ابن عباس: إنما قال الله: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، ولم يقل تعتد في بيتها, فلتعتد حيث شاءت.

* * *

واعتل قائلو هذه المقالة بأن الله تعالى ذكره، إنما أمر المتوفى عنها بالتربص عن النكاح، وجعلوا حكم الآية على الخصوص= وبما: -

&; 5-87 &;

5088- حدثني به محمد بن إبراهيم السلمي قال، حدثنا أبو عاصم, وحدثني محمد بن معمر البحراني قال، حدثنا أبو عامر = قالا جميعا، حدثنا محمد بن طلحة, عن الحكم بن عتيبة, عن عبد الله بن شداد بن الهاد, عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: تسلبي ثلاثا، ثم اصنعي ما شئت. (30)

&; 5-88 &;

5089- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو نعيم وابن الصلت, عن محمد بن طلحة, عن الحكم بن عتيبة, عن عبد الله بن شداد, عن أسماء عن النبي صلي الله عليه وسلم بمثله.

* * *

قالوا: فقد بين هذا الخبر عن النبي صلي الله عليه وسلم: أن لا إحداد على المتوفى عنها زوحها, وأن القول في تأويل قوله: " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، إنما هو يتربصن بأنفسهن عن الأزواج دون غيره.

* * *

قال أبو جعفر: وأما الذين أوجبوا الإحداد على المتوفى عنها زوجها, وترك النقلة عن منـزلها الذي كانت تسكنه يوم توفي عنها زوجها, فإنهم اعتلوا بظاهر &; 5-89 &; التنـزيل، وقالوا: أمر الله المتوفى عنها أن تربص بنفسها أربعة أشهر وعشرا, فلم يأمرها بالتربص بشيء مسمى في التنـزيل بعينه, بل عم بذلك معاني التربص. قالوا: فالواجب عليها أن تربص بنفسها عن كل شيء, إلا ما أطلقته لها حجة يجب التسليم لها. قالوا: فالتربص عن الطيب والزينة والنقلة، مما هو داخل في عموم الآية، كما التربص عن الأزواج داخل فيها. قالوا: وقد صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم الخبر بالذي قلنا في الزينة والطيب، أما في النقلة فإن: -

5090- أبا كريب حدثنا قال، حدثنا يونس بن محمد, عن فليح بن سليمان, عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته، عن الفريعة ابنة مالك، أخت أبي سعيد الخدري، قالت: قتل زوجي وأنا في دار, فاستأذنت رسول الله صلي الله عليه وسلم في النقلة, فأذن لي. ثم ناداني بعد أن توليت, فرجعت إليه, فقال: يا فريعة، حتى يبلغ الكتاب أجله. (31)

* * *

&; 5-90 &;

قالوا: فبين رسول الله صلي الله عليه وسلم صحة ما قلنا في معنى تربص المتوفى عنها زوجها، [وبطل] ما خالفه. (32) قالوا: وأما ما روي عن ابن عباس: فإنه لا معنى له، بخروجه عن ظاهر التنـزيل والثابت من الخبر عن الرسول صلي الله عليه وسلم.

قالوا: وأما الخبر الذي روي عن أسماء ابنة عميس، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من أمره إياها بالتسلب ثلاثا, ثم أن تصنع ما بدا لها - فإنه غير دال &; 5-91 &; على أن لا حداد على المرأة، (33) بل إنما دل على أمر النبي صلي الله عليه وسلم إياها بالتسلب ثلاثا, ثم العمل بما بدا لها من لبس ما شاءت من الثياب مما يجوز للمعتدة لبسه، مما لم يكن زينة ولا مطيبا، (34) لأنه قد يكون من الثياب ما ليس بزينة ولا ثياب تسلب، وذلك كالذي أذن صلي الله عليه وسلم للمتوفى عنها أن تلبس من ثياب العصب وبرود اليمن, فإن ذلك لا من ثياب زينة ولا من ثياب تسلب. وكذلك كل ثوب لم يدخل عليه صبغ بعد نسجه مما يصبغه الناس لتزيينه, فإن لها لبسه, لأنها تلبسه غير متزينة الزينة التي يعرفها الناس.

* * *

قال أبوجعفر: فإن قال لنا قائل: وكيف قيل: " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، ولم يقل: وعشرة؟ وإذ كان التنـزيل كذلك: أفبالليالي تعتد المتوفى عنها العشر، أم بالأيام؟

قيل: بل تعتد بالأيام بلياليها.

فإن قال: فإذ كان ذلك كذلك، فكيف قيل: " وعشرا "؟ ولم يقل: وعشرة؟ والعشر بغير " الهاء " من عدد الليالي دون الأيام؟ فإن أجاز ذلك المعنى فيه ما قلت، (35) فهل تجيز: " عندي عشر "، وأنت تريد عشرة من رجال ونساء؟

قلت: ذلك جائز في عدد الليالي والأيام, وغير جائز مثله في عدد بني آدم من الرجال النساء. وذلك أن العرب في الأيام والليالي خاصة، إذا أبهمت العدد، غلبت فيه الليالي, حتى إنهم فيما روي لنا عنهم ليقولون: " صمنا عشرا من شهر رمضان "، لتغليبهم الليالي على الأيام. وذلك أن العدد عندهم قد جرى في ذلك بالليالي دون الأيام. فإذا أظهروا مع العدد مفسره، (36)

أسقطوا من عدد المؤنث " الهاء ", &; 5-92 &; وأثبتوها في عدد المذكر, كما قال تعالى ذكره: سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا [سورة الحاقة: 7]، فأسقط" الهاء " من " سبع " وأثبتها في" الثمانية ".

وأما بنو آدم, فإن من شأن العرب إذا اجتمعت الرجال والنساء، ثم أبهمت عددها: أن تخرجه على عدد الذكران دون الإناث. وذلك أن الذكران من بني آدم موسوم واحدهم وجمعه بغير سمة إناثهم, وليس كذلك سائر الأشياء غيرهم. وذلك أن الذكور من غيرهم ربما وسم بسمة الأنثى, كما قيل للذكر والأنثى " شاة ", وقيل للذكور والإناث من البقر: " بقر ", وليس كذلك في بني آدم. (37)

* * *

فإن قال: فما معنى زيادة هذه العشرة الأيام على الأشهر؟

قيل: قد قيل في ذلك، فيما: -

5091- حدثنا به ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية في قوله: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا "، قال: قلت: لم صارت هذه العشر مع الأشهر الأربعة؟ قال: لأنه ينفخ فيه الروح في العشر.

5092- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني أبو عاصم, عن سعيد, عن قتادة قال: سألت سعيد بن المسيب: ما بال العشر؟ قال: فيه ينفخ الروح.

* * *

&; 5-93 &;

القول في تأويل قوله تعالى : فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: (38) فإذا بلغن الأجل الذي أبيح لهن فيه ما كان حظر عليهن في عددهن من وفاة أزواجهن- وذلك بعد انقضاء عددهن , ومضي الأشهر الأربعة والأيام العشرة=" فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "، يقول: فلا حرج عليكم أيها الأولياء -أولياء المرأة- فيما فعل المتوفى عنهن حينئذ في أنفسهن، من تطيب وتزين ونقله من المسكن الذي كن يعتددن فيه، ونكاح من يجوز لهن نكاحه=" بالمعروف "، يعني بذلك: على ما أذن الله لهن فيه وأباحه لهن. (39) .

* * *

وقد قيل: إنما عنى بذلك النكاح خاصة. وقيل إن معنى قوله: " بالمعروف " إنما هو النكاح الحلال.

* ذكر من قال ذلك:

5093- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "، قال: الحلال الطيب.

5094- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد: " فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "، قال: المعروف النكاح الحلال الطيب.

5095- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، قال ابن &; 5-94 &; جريج, قال مجاهد: قوله: " فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "، قال: هو النكاح الحلال الطيب.

5096- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: هو النكاح.

5097- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل, عن ابن شهاب: " فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف "، قال: في نكاح من هويته، إذا كان معروفا. (40)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: " والله بما تعملون "، أيها الأولياء، في أمر من أنتم وليه من نسائكم، من عضلهن وإنكاحهن ممن أردن نكاحه بالمعروف, ولغير ذلك من أموركم وأمورهم, =" خبير "، يعني ذو خبرة وعلم, لا يخفى عليه منه شيء. (41)

-------------------

الهوامش:

(1) في المخطوطة والمطبوعة : "يتربصن" ، وهو في المخطوطة غير منقوط ، والذي أثبته هو الصواب .

(2) في المخطوطة والمطبوعة : "هو نظير" بإسقاط الواو ، والواجب إثباتها .

(3) يعني أن حق الكلام كان أن يقول : "بعض جبنك متخرق" ، بالتذكير خبرا عن"بعض" ، فصرفه إلى"جبتك" .

(4) هو ثابت قطنة العتكي ، واسمه" ثابت بن كعب" . . ذهبت عينه في الحرب ، فكان يحشوها بقطنة ، وهو شاعر فارسي من شعراء خراسان في عهد الدولة الأموية ، قال فيه حاجب الفيل :

لا يعـرف النـاس منـه غـير قطنته

ومـا سـواها مـن الأنسـاب مجهول

(5) تاريخ الطبري 8 : 160 ، ومعاني القرآن للفراء 1 : 150 ، والصاحبي : 185 ، وهو من قصيدة له يرثى بها يزيد بن المهلب ، لما قتل في سنة 102 في خروجه على يزيد بن عبد الملك بن مروان ، وهو"ابن أبي ذبان" . و"أبو ذبان" كنية أبيه عبد الملك بن مروان ، لأنهم زعموا أنه كان أبخر ، فإذا دنت الذبان من فيه ، ماتت لشدة بخره . ورواية الطبري في التاريخ : "فعلى" ، ويقول قبله :

أرقـت ولـم تـأرق معـي أم خـالـد

وقـد أرقـت عينـاي حـولا مجرمـا

عــلى هـالك هـد العشـيرة فقـده,

دعتــه المنايــا فاسـتجاب وسـلما

عـلى ملـك, يـا صاح, بالعقر جبنـت

كتائبــه, واسـتورد المـوت معلمـا

أصيـب ولـم أشـهد, ولو كنت شاهدا

تسـليت أن لـم يجـمع الحـي مأتمـا

وفـي غـير الأيـام يـا هند, فاعلمي,

لطــالب وتــر نظــرة إن تلومـا

فعلي, إن مالت . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكان في المطبوعة والمخطوطة : "ابن أبي زبان" وهو خطأ كما ترى .

(6) في والمخطوطة والمطبوعة : "ابن أبي زبان" وهو خطأ .

(7) لم أعرف قائله ، والبيت في معاني القرآن للفراء 1 : 150 ، والصاحبي : 185 ، وروايتهما بني أسد إن ابن قيس وقتله

(8) هذا الذي سلف أكثره نص الفراء في معاني القرآن 1 : 150-151 ، وفي معاني القرآن"فألقى ابن قيس" ، والصواب ما في الطبري .

(9) انظر ما سلف في الجزء 5 : 47 ، 48 .

(10) في المطبوعة : "وقال آخرون منهم" ، والصواب ما في المخطوطة .

(11) في المطبوعة : "من يلقك منا يصيب خيرا" ، ثم"يصيب خيرا" ، والصواب ما أثبته"تصب" في الجملة الأولى مجزومة ، وبالتاء في أوله ، ثم"تصيب" بالتاء في الثانية .

(12) في المطبوعة : "الدلالة الواضحة" وأثبت ما في المخطوطة .

(13) انظر فيما سلف تفسير"التربص" 4 : 456 ، 515 .

(14) في المخطوطة والمطبوعة : "عن قول الله" ، والصواب ما أثبته .

(15) الأحلاس جمع حلس : وهو كساء رقيق يكون تحت البرذعة ، وكل ما يبسط تحت حر المتاع ليقيه فهو حلس . وعنى به هنا : المرذول من ثيابها .

(16) الحديث 5073-"حميد بن نافع الأنصاري المدني" : تابعي ثقة . روى عن أبي أيوب ، وعبد الله بن عمر ، وروى عن زينب بنت أم سلمة . وهو والد"أفلح بن حميد" . ويقال له"حميد صفيراء" . ففرق البخاري في الكبير 1 / 2 / 345 بين"حميد صفيراء ، والد أفلح" ، الراوي عن أبي أيوب وابن عمر ، وبين"حميد" الراوي عن زينب ، جعلهما اثنين تبعا لشيخه علي بن المديني ، وروى هو عن شعبة أنهما واحد . وهو الصحيح الذي جزم به الإمام أحمد . فقد روى في المسند 6 : 325 - 326 (حلبي) حديث حميد بن نافع ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أم حبيبة أم المؤمنين ، ثم قال عقب الحديث"حميد بن نافع : أبو أفلح ، وهو حميد صفيراء" ، وهو الذي اقتصر عليه ابن سعد 5 : 224 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 229-230 . و"صفيراء" : لقب حميد . وهكذا رسم على الصواب في المسند ، والتهذيب في ترجمة"أفلح" ، والبخاري في ترجمة"حميد" . ورسم في التهذيب في ترجمة"حميد" : "صفير" ، وهو تصحيف . ووقع في التهذيب أيضًا في ترجمة"حميد" أنه يروي عن"عبد الله بن عمرو" -وهو خطأ ، صوابه - كما قلنا-"عبد الله بن عمر" . والحديث سيأتي : 5079 ، بإسناد آخر ، من حديث أم سلمة وحدها . وسيأتي بأسانيد أخر، في بعضها: "عن أم سلمة وأم حبيبة" وفي سائرها: "عن أم سلمة أو أم حبيبة" 5076- 5078 ، 5080 . وسنذكرها في مواضعها ، إن شاء الله . أما من الوجه الذي هنا -رواية شعبة عن حميد- : فرواه الطيالسي : 1596 ، عن شعبة ، بهذا الإسناد ، نحوه . وكذلك رواه أحمد في المسند 6 : 291-292 (حلبي) ، عن يحيى بن سعيد -وهو القطان- ثم رواه 6 : 311 ، عن محمد بن جعفر ، وعن حجاج -وهو ابن محمد المصيصي- ثلاثتهم عن شعبة ، به ، نحوه . ورواه البخاري 9 : 432 ، و 10 : 131 ، مطولا ومختصرا ، من طريقين عن شعبة . وكذلك رواه مسلم 1 : 434 ، من طريق محمد بن جعفر ، عن شعبة . وكذلك رواه ابن الجارود في المنتقى ، ص : 353-354 ، من طريق يحيى وهو القطان ، عن شعبة . وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى 7 : 439 ، من طريق الطيالسي ويحيى بن أبي بكير - كلاهما عن شعبة . ورواه مالك في الموطأ ، ص : 596 - 598 ، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن حميد بن نافع ، عن زينب بنت أم سلمة ، عن أمها -ثالث احاديث ثلاثة حدثت زينب بها حميد بن نافع- بمعناه ومن طريق مالك هذه ، رواه الأئمة : فرواه عبد الرزاق في المصنف 4 : 66-67 (مخطوط مصور) والبخاري 9 : 427-428 ، ومسلم 1 : 433 - 434 ، وأبو داود : 2299 ، والترمذي 2 : 220 ، والنسائي 2 : 114 ، وابن حبان في صحيحه (2 : 91-92 مخطوطة التقاسيم ، و 6 : 457-458 مخطوطة الإحسان) . وهو في المنتقى للمجد بن تيمية ، برقم : 3811 .

(17) الورس : نبت أصفر ، يتخذ منه صبغ أصفر تصبغ به الثياب ، ومنه ما يكون للزينة ، كالزعفران .

(18) الحديثان : 5074 ، 5075 - هما حديث واحد ، مطول ومختصر ، بإسنادين . عبد الوهاب في الإسناد الأول : هو ابن عبد المجيد الثقفي . ويزيد -في الإسناد الثاني : هو ابن هرون . يحيى بن سعيد- في الإسنادين : هو الأنصاري . ونافع : هو مولى ابن عمر . صفية بنت أبي عبيد بن مسعود ، الثقفية : وهي تابعية ثقة ، من فضليات النساء ، وذكرها بعضهم في الصحابة ، ولا يصح ، وهي زوج عبد الله بن عمر . وهي أخت المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب . وشتان بين الأخوين . ووقع في ترجمتها في التهذيب 12 : 430 أنه يروي عنها"نافع مولى ابن عباس" . وهو سهو أو خطأ ناسخ . بل الذي يروي عنها هو"نافع مولى ابن عمر" . ولها ترجمة في ابن سعد 8 : 346 - 347 ، والإصابة 8 : 131 . والحديث رواه مسلم 1 : 435 ، من طريق عبد الوهاب ، عن يحيى . وهو الطريق الأول هنا . ولم يذكر لفظه كله . وكذلك رواه البيهقي 7 : 438 ، من طريق عبد الوهاب ، وذكر لفظه . ورواه أحمد في المسند 6 : 286 ، عن يزيد بن هارون ، وهو الطريق الثاني هنا .

(19) الحديث : 5076- هو الحديث الماضي : 5073 ، إلا أنه هنا"عن أم سلمة أو أم حبيبة" ، على الشك . وكذلك في الإسناد بعده : 5077 ، وسيأتي في الإسناد : 5080 ، أنه"عن أم سلمة وأم حبيبة" معا ، دون شك فيه .

أما روايته بالشك ، بحرف"أو" - فلم أجدها قط . وأخشى أن يكون تحريفا من الناسخين . نعم روى الدارمي 2 : 167 ، قصة أخرى لأم حبيبة ، في آخرها حديث"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة . . . " إلخ - رواه عن هاشم بن القاسم ، عن شعبة ، عن حميد بن نافع ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم حبيبة . ثم رواه عقبه ، بالإسناد نفسه إلى زينب"تحدث عن أمها ، أو امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه" . ولكنه حديث آخر غير هذا الحديث ، ولعل زينب شكت أيضًا في الرواية التي هنا ، كما شكت في الرواية التي عند الدارمي .

وكذلك رواه مسلم 1 : 434 ، عن ابن المثنى ، عن ابن جعفر ، عن شعبة ، - في قصة أم حبيبة فقط ، ثم قال حميد : "وحدثتنيه زينب عن أمها ، وعن زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أو عن امرأة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم" .

ثم روي عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ، عن شعبة : "عن حميد بن نافع بالحديثين جميعا ، حديث أم سلمة في الكحل ، وحديث أم سلمة وأخرى من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . غير أنه لم تسمها زينب - نحو حديث محمد بن جعفر" . وأيا ما كان ، فإن هذا الشك لا يؤثر في صحة الحديث . والروايات الثابتة تدل على أنها روته عن أمها وأم حبيبة ، كما سيأتي .

(20) الحديث : 5077- هو الحديث السابق أيضًا ، بإسناد آخر . ووقع في المطبوعة هنا"أو أم سلمة" على الشك ، كالرواية السابقة . ولكني أوقن -هنا- أنه خطأ من ابن بشار ، شيخ الطبري .

فالحديث رواه مسلم 1 : 434 ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد -كلاهما عن يزيد بن هارون . بهذا الإسناد . وفيه : "أنه سمع زينب بنت أبي سلمة تحدث عن أم سلمة وأم حبيبة ، تذكران : أن امرأة . . . "- إلخ . فهذا صريح في الرواية عنهما معا ، لا رواية عن إحداهما . وكذلك رواه ابن ماجه : 2084 ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يزيد بن هارون ، نحو رواية مسلم . ويؤيده : أن النسائي رواه 2 : 115 ، من طريق حماد ، عن يحيى الأنصاري ، عن حميد ، عن زينب : "أن امرأة سألت أم سلمة وأم حبيبة . . . فقالتا : أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم . . "

(21) الحديث : 5078- هو تكرار للحديث قبله ، لم يذكر لفظه ، وهو من رواية يزيد بن هارون ، عن شعبة ، عن يحيى الأنصاري ، عن حميد .

وأنا أخشى أن يكون في الإسناد تحريف من الناسخين ، وأن يكون صوابه : "حدثنا شعبة ، ويحيى" . لأن الإسناد قبله ، هو من رواية يزيد بن هارون عن يحيى مباشرة . فقد تكون الفائدة في تكرار هذا الإسناد : أن يكون ابن بشار سمعه من يزيد مرتين : مرة عن يحيى وحده ، ومرة عن يحيى وشعبة . وإذا كان ما ثبت في المطبوعة صحيحا ، كان ابن بشار سمعه هكذا ، ويكون من المزيد في متصل الأسانيد .

(22) في المخطوطة : "أفتكحل" .

(23) الأطمار جمع طمر (بكسر فسكون) : وهو الثوب الخلق ، والكساء البالي .

(24) الحديث : 5079- أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص : قرشي مكي ثقة حافظ فقيه . مذكور في نسب قريس للمصعب ، ص : 183 .

وهذا الحديث تكرار للحديث : 5073 ، بأنه عن أم سلمة وحدها - كما قلنا هناك .

وقد رواه النسائي 2 : 115 - من طريق الليث بن سعد ، عن أيوب بن موسى . ثم من طريق سفيان ابن عيينة ، عن يحيى الأنصاري ، به ، نحوه ، مطولا ، ومختصرا .

(25) قوله : "أشر" على وزن"أفعل" ، هكذا جاء هنا . وقال أهل اللغة : إنه لغة قليلة أو رديئة . وقد جاء في كثير من أمثالهم وكلامهم"أشر" و"شرى" ، كأفضل وفضلى . ومنه قول امرأة من العرب : "أعيذك بالله من نفس حرى ، وعين شرى" أي خبيثة ، وفي المثل : "شراهن مراهن" . وفي خبر العبادي قيل له : "أي حماريك أشر؟" قال : "هذا ثم هذا" .

(26) الحديث : 5080- أحمد بن يونس : هو أحمد بن عبد الله بن يونس ، مضى في : 2144 . وهذا الحديث تكرار -في المعنى- للحديث : 5073 ، وللأحاديث : 5076-5079 . وقد رواه هنا أحمد بن يونس عن زهير بن معاوية عن يحيى الأنصاري ، وذكر فيه أنه"عن أم سلمة وأم حبيبة" معا .

ولكن رواه النسائي 2 : 115 -بنحوه- من طريق ابن أعين ، وهو الحسن بن محمد بن أعين ، عن زهير بن معاوية ، بهذا الإسناد ، من حديث"أم سلمة" ، ولم يذكر فيه أم حبيبة .

(27) الخبر : 5081- هذا أثر من فتوى عائشة وكلامها . ولكن تدل على صحة فتواها الأحاديث الصحاح . وهذا إسناده إليها صحيح . ولم أجده في شيء من المراجع غير هذا الموضع .

المعصفر : هو الثوب المصبوغ بالعصفر . والإثمد : هو الكحل ، أو حجر يتخذ منه الكحل ، وهو أسود إلى الحمرة . والصبر (بفتح الصاد وكسر الباء) : عصارة شجر ، وهو مر ، يتخذ منه الدواء .

(28) قوله : "تبيت عن بيتها" أي تبيت بعيدة عن بيتها وتنتقل إلى غيره . والعصب : برود من اليمن ، يعصب غزلها -أي يجمع ويشد- ثم يصبغ وينسج ، فيأتي موشيا ، لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ . تجلببت المرأة : لبست جلبابها ، وهو ملاءتها التي تشتمل بها .

(29) تصنعت المرأة تصنعا : تزينت وتجملت وعالجت وجهها وغيره حتى يحسن .

(30) الحديث : 5088- محمد بن إبراهيم بن صدران الأزدي السلمي : ثقة ، وثقه أبو داود وغيره . وقد ينسب إلى جده ، ولذلك ترجمه ابن أبي حاتم 3 / 2 / 190 في اسم"محمد بن صدران" . "السلمي" : هكذا ثبت هنا ، وكذلك في التقريب ، وضبطه بفتح السين ، وكذلك ثبت في نسخة بهامش التهذيب ، وفي التهذيب والخلاصة"السليمي" ، ونص صاحب الخلاصة على أنه بإثبات الياء . ولكني لا أطمئن إلى ضبطه .

وشيخه أبو عاصم : هو النبيل ، الضحاك بن مخلد .

وأبو عامر -في الإسناد الثاني : هو العقدي ، عبد الملك بن عمرو .

محمد بن طلحة بن مصرف -بفتح الصاد وتشديد الراء المكسورة- اليامي : ثقة ، أخرج له الشيخان . وبعضهم تكلم فيه بما لا يجرحه .

عبد الله بن شداد بن الهاد : نسب أبوه إلى جده ، فهو"شداد بن أسامة بن عمرو" ، و"عمرو" : هو الهاد . قال ابن سعد : "وإنما سمي الهادي ، لأنه كان توقد ناره ليلا للأضياف ، ولمن سلك الطريق" . وعبد الله بن شداد : من كبار التابعين القدماء الثقات ، ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى ذكره بعضهم في الصحابة . وله ترجمتان في ابن سعد 5 : 43-44 ، و 6 : 86-87, وفي الإصابة 5 : 60-61 ، 145 . وأمه"سلمى بنت عميس" ، أخت أسماء بنت عميس ، فهو يروي هذا الحديث عن خالته .

وأسماء بنت عميس : صحابية جليلة . وهي أخت ميمونة بنت الحارث -أم المؤمنين- لأمها . تزوجت أسماء جعفر بن أبي طالب ، فقتل عنها ، ثم تزوجت أبا بكر الصديق ، ثم علي بن أبي طالب . وولدت لهم جميعا . وهي أم محمد بن أبي بكر الصديق .

والحديث رواه ابن سعد في الطبقات 8 : 206 ، في ترجمة أسماء -رواه عن عفان بن مسلم ، وإسحاق بن منصور ، كلاهما عن محمد بن طلحة . ووقع فيه "تسلمى" بالميم بدل الباء . وأنا أرجح أنه خطأ من الناسخين لا من الرواة ، وسيأتي أن هذا الخطأ وقع لابن حبان ، لكن من الرواة .

ورواه أحمد في المسند ، بمعناه ، 6 : 369 ، 438 ، عن يزيد بن هارون ، عن أبي كامل ويزيد بن هارون وعفان - ثلاثتهم عن محمد بن طلحة .

ورواه الطحاوي في معاني الآثار 2 : 44 بخمسة أسانيد إلى محمد بن طلحة .

ورواه البيهقي 7 : 438 ، من طريق مالك بن إسماعيل ، عن محمد بن طلحة ، بهذا الإسناد . ثم قال : "لم يثبت سماع عبد الله من أسماء ، وقد قيل فيه : عن أسماء . فهو مرسل . ومحمد بن طلحة ليس بالقوى"!! وهو تعليل ضئيل متهافت . تعقبه فيه ابن التركماني في الجوهر النقي .

ورواه ابن حزم في المحلى 10 : 280 ، من وجهين آخرين ، عن عبد الله بن شداد ، مرسلا ، ورده بعلة الإرسال . ولكن ثبت وصله عن غير روايته .

وذكره المجد في المنتقى : 3819 ، 3820 ، من روايتي المسند . ولم ينسبه إلى غيره .

ولم يرو في واحد من الكتب الستة ، على اليقين من ذلك . فهو من الزوائد عليها . ولكني لم أجده في مجمع الزوائد ، بعد طول البحث ، في أقرب المظان من أبوابه وأبعدها .

وذكره الحافظ في الفتح 9 : 429 ، ووصفه بأنه"قوي الإسناد" . وقال : "أخرجه أحمد ، وصححه ابن حبان" . ونسبه أيضًا للطحاوي . ثم قال : "قال شيخنا في شرح الترمذي : ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث ، لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق ، وهي والدة أولاده : عبد الله ، ومحمد ، وعون ، وغيرهم . قال : بل ظاهر النهي أن الإحداد لا يجوز" . وأجاب بأن هذا الحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة ، وقد أجمعوا على خلافه ، ثم ذهب يجمع بينه وبين الأحاديث التي يعارضها ، بآراء بعضها قد يقبل ، وبعضها فيه تكلف غير مستساغ . وأجود ما قال العلماء في ذلك -عندنا- ما ذهب إليه الطبري هنا في الفقرة الثالثة بعد الحديث : 5090 . وقريب منه ما قال المجد بن تيمية في المنتقى : "وهو متأول على المبالغة في الإحداد والجلوس للتعزية" .

وقال الحافظ ، في آخر كلامه ، في شأن رواية ابن حبان : "وأغرب ابن حبان ، فساق الحديث بلفظ : تسملي ، بالميم بدل الموحدة! وفسره بأنه أمرها بالتسليم لأمر الله !! ولا مفهوم لتقييدها بالثلاث ، بل الحكمة فيه كون القلق يكون في ابتداء الأمر أشد ، فلذلك قيدها بالثلاث! هذا معنى كلامه ، فصحف الكلمة وتكلف لتأويلها! وقد وقع في رواية البيهقي وغيره : فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتسلب ثلاثا . فتبين خطؤه" .

تسلبت المرأة : لبست السلاب (بكسر السين) : وهي ثياب الحداد السود ، تلبسها في المأتم .

(31) الحديث 5090- يونس بن محمد بن مسلم ، الحافظ البغدادي المؤدب : ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة .

فليح -بالتصغير- بن سليمان بن أبي المغيرة المدني : ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة . تكلم فيه ابن معين وغيره . والراجح توثيقه . وقال الحاكم : "اتفاق الشيخين عليه يقوي أمره" . و"فليح" لقب غلب عليه ، واسمه"عبد الملك" .

سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة : ثقة لا يختلف فيه ، كما قال ابن عبد البر . وهو تابعي روى عن أنس بن مالك .

وتكلم فيه ابن حزم في المحلى بما لا يضره ، زعم أنه"غير مشهور الحال" ، ومرة أنه"مضطرب في اسمه ، غير مشهور الحال" ، ومرة أنه"غير مشهور العدالة"! انظر المحلى 3 : 273 ، و 4 : 138 ، و 10 : 302 .

وفي المطبوعة هنا"سعيد" بدل"سعد" . وهو خطأ قديم ، وقع في الموطأ ، ص : 591 . وليس اختلاف رواية ، ولا خطأ من مالك . إنما هو من يحيى بن يحيى راوي الموطأ ، ومن رواة آخرين تبعوه . قال ابن عبد البر في التقصي ، رقم : 123 هكذا قال يحيى : سعيد بن إسحاق ، وتابعه بعضهم . وأكثر الرواة يقولون فيه : سعد بن إسحاق . وهو الأشهر ، وكذا قال شعبة وغيره" .

وعلى الصواب"سعد"- رواه الشافعي في الرسالة والأم عن مالك . وكذلك رواه عنه سويد بن سعد ، في روايته الموطأ . وكذلك رواه عنه محمد بن الحسن في الموطأ .

عمة سعد بن إسحاق : هي"زينب بنت كعب بن عجرة الأنصارية" ، وهي تابعية ثقة . بل ذكرها بعضهم في الصحابة . انظر الإصابة 8 : 97-98 ، وابن سعد 8 : 352 .

ووقع هنا في المطبوعة"عن عمته الفريعة" ، بحذف"عن" بعد كلمة"عمته" . وهو خطأ ناسخ أو طابع . فإن زينب عمة سعد هي زوجة أبي سعيد الخدري ، وأما الفريعة فإنها أخت أبي سعيد ، كما في نص الحديث .

و"الفريعة بنت مالك بن سنان" : صحابية قديمة معروفة ، شهدت بيعة الرضوان . رضي الله عنها . وهذا الحديث هنا مختصر . وقد جاء بأسانيد صحاح ، من رواية سعد بن إسحاق ، عن عمته ، عن الفريعة -مختصرا ومطولا . ويكفي أن نذكر مواضع روايته ، فيما وصل إلينا :

فرواه مالك في الموطأ ، مطولا ، ص : 591 ، عن"سعد بن إسحاق" . وذكر فيه خطأ باسم"سعيد" ، كما بينا من قبل .

ورواه الشافعي في الرسالة : 1214 (بتحقيقنا) ، وفي الأم 5 : 208-209 ، ومحمد بن الحسن في موطئه ، ص : 268 ، وسويد بن سعيد في موطئه ، ص : 123-124 (مخطوط مصور)- كلهم عن مالك ، عن سعد بن إسحاق .

ورواه الدارمي 2 : 168 ، وابن سعد 8 : 268 ، وأبو داود : 2300 ، والترمذي 2 : 224-225 ، والبيهقي 7 : 434 ، وابن حبان في صحيحه 6 : 447-448 (من مخطوطة الإحسان) ، وابن حزم في المحلى 10 : 301- كلهم من طريق مالك ، به .

ورواه الطيالسي : 1664 ، وعبد الرزاق في المصنف 4 : 60-61 (مخطوط مصور) ، وأحمد في المسند 6 : 370 ، 420-421 (حلبي) ، وابن سعد 8 : 267-268 ، والترمذي 2 : 225 ، والنسائي 2 : 113 ، وابن ماجه : 2031 ، وابن الجارود ، ص : 349-350 ، وابن حبان 6 : 449 ، والحاكم 2 : 208 ، والبيهقي 7 : 434-435 ، بأسانيد كثيرة ، مطولا ومختصرا ، من طريق سعد بن إسحاق ، عن عمته ، عن الفريعة . وصححه الترمذي ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، فيما حكاه عنه الحاكم ، والذهبي . وذكره السيوطي 1 : 289-290 نسبه إلى كثير ممن أشرنا إليهم .

(32) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام . والمطبوعة والمخطوطة سواء في نصهما هنا .

(33) في المطبوعة : "أن لا إحداد" ، وهما سواء . "حدت المرأة تحد حدا وحدادا" و"أحدت تحد إحدادا" . لبست الحداد (بكسر الحاء) ، وهو ثياب المأتم السود . "الحداد" اسم ومصدر .

(34) في المطبوعة : "ولا تطيبا" . والصواب ما أثبته من المخطوطة .

(35) في المطبوعة : "فإن أجاز ذلك المغني" ، والصواب ما أثبت من المخطوطة .

(36) المفسر : هو المميز . والتفسير : التمييز ، انظر ما سلف 2 : 338 تعليق : 1 / م 3 : 90 تعليق : 1

(37) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 151-152 ، فهذا من كلامه بغير لفظه .

(38) في المطبوعة والمخطوطة : "يعني تعالى ذكره بقوله" ، والسياق يقتضي ما أثبت .

(39) انظر ما سلف في تفسير"المعروف" 5 : 76 والمراجع هناك في التعليق .

(40) في المطبوعة"هويته" بالجمع والنون ، وأثبت ما في المخطوطة .

(41) انظر ما سلف في معنى"خيبر" في فهارس اللغة ، ومباحث العربية .

* * *

وقد انتهى هنا التقسيم القديم للنسخة التي نقلت عنها مخطوطتنا ، وفيها ما نصه :

"وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم كثيرا

على الأصل بلغت القراءة والسماع من أوله بقراءة محمد بن أحمد بن عيسى السعدي ، لأخيه علي وأحمد بن عمر الجهاري (؟ ؟) ونصر بن الحسين الطبري ، على القاضي أبي الحسن الخصيبي ، عن أبي محمد الفرغاني ، عن أبي جعفر الطبري ، وقابل به بكتاب القاضي الخصيبي ، فصحت ، وذلك في شعبان سنة ثمان وأربعمائة" .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[234] مشروعية العِدة على من توفي عنها زوجها بأن تمتنع عن الزينة والزواج مدة أربعة أشهر وعشرة أيام.
وقفة
[234] ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ وجبت العدة عليها وإن لم يدخل بها زوجها؛ وفاء للزوج المتوفى ومراعاة لحقه.
وقفة
[234] ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ الإحداد: ترك المرأة الزينة كلها من: اللباس، والطيب، والحلي، والكحل، والخضاب بالحناء؛ ما دامت في عدتها؛ لأن الزينة داعية إلى الأزواج، فنهيت عن ذلك؛ قطعًا للذرائع، وحماية لحرمات الله تعالى أن تنتهك.
وقفة
[234] ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ دليل على أن الولي يمنع المرأة مما لا يجوز فعله، ويجبرها على ما يجب، وأنه مخاطب بذلك، واجب عليه.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ:
  • الواو: استئنافية. الذين: إسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف اليه على تقدير وأزواج الذين. يتوفون: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. منكم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول «الَّذِينَ» والميم علامة جمع الذكور وجملة «يُتَوَفَّوْنَ» صلة الموصول.
  • ﴿ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ:
  • الواو: حرف عطف. يذرون: بمعنى «يتركون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. ازواجا: مفعول به منصوب بالفتحة. يتربصن: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. ونون النسوة: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل وجملة «يَتَرَبَّصْنَ» أي ينتظرن في محل رفع خبر المبتدأ المقدر «أزواج الذين».
  • ﴿ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً:
  • بأنفسهنّ: جار ومجرور متعلق بيتربصن و «هن» ضمير الاناث الغائبات مبني على الفتح في محل جرّ مضاف اليه. أربعة: مفعول به منصوب بالفتحة ويجوز اعرابه: ظرف زمان على تقدير مدة. الواو: حرف عطف. عشرا: معطوف على «أَرْبَعَةَ» منصوب مثله بالفتحة وقد ذكر العدد لذهاب السياق الى الليالي والأيام داخلة معها وأشهر: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ:
  • الفاء: استئنافية. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه منصوب بجوابه. بلغن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. ونون النسوة: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى فإذا شارفن انقضاء العدّة والجملة في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «إذا» الظرفية. أجلهنّ: مفعول به منصوب بالفتحة و «هن» أعربت في «أنفسهن».
  • ﴿ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ:
  • الفاء: واقعة في جواب الشرط. لا: نافية للجنس تعمل عمل «إن» جناح اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. عليكم: جار ومجرور والميم: علامة جمع الذكور والجار والمجرور: متعلق بخبر «لا» المحذوف وجوبا .. وتقديره: كائن. وجملة «لا جناح عليكم» جواب شرط غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ فِيما فَعَلْنَ:
  • في: حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي. فعلن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. ونون النسوة: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل وجملة «فَعَلْنَ» صلة الموصول.
  • ﴿ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِما:
  • جاران ومجروران متعلقان بفعلن و «هن» ضمير الاناث الغائبات في محل جرّ بالاضافة. الواو: استئنافية. الله لفظ الجلالة: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. بما: تعرب إعراب «فِيما».
  • ﴿ تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ:
  • تعرب اعراب «يَذَرُونَ» وهي صلة الموصول لا محل لها. خبير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير: بما تعملونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون هي وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبير. '

المتشابهات :

البقرة: 234﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
البقرة: 240﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [234] لما قبلها :     وبعدَ الحديث عن الطلاقِ وما يترتب عليه: العدةِ والرجعةِ والإرضاعِ؛ ذكرَ اللهُ عز وجل هنا عدَّةَ المُتوفَّى عنها زوجُها؛ حتى لا يتوهم أحد أن عدة الوفاة مثل عدة الطلاق، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

القراءات :

يتوفون:
وقرئ:
1- بضم الياء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الجمهور.
2- بفتح الياء مبنيا للفاعل، وهى قراءة على، والمفضل عن عاصم أي: يستوفون آجالهم.

مدارسة الآية : [235] :البقرة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم ..

التفسير :

[235] ولا إثم عليكم -أيها الرجال- فيما تُلَمِّحون به مِن طلب الزواج بالنساء المتوفَّى عنهنَّ أزواجهن، أو المطلقات طلاقاً بائناً في أثناء عدتهن، ولا ذنب عليكم أيضاً فيما أضمرتموه في أنفسكم من نية الزواج بهن بعد انتهاء عدتهن. علم الله أنكم ستذكرون النساء ال

هذا حكم المعتدة من وفاة, أو المبانة في الحياة، فيحرم على غير مبينها أن يصرح لها في الخطبة, وهو المراد بقوله:{ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} وأما التعريض, فقد أسقط تعالى فيه الجناح. والفرق بينهما:أن التصريح, لا يحتمل غير النكاح, فلهذا حرم, خوفا من استعجالها, وكذبها في انقضاء عدتها, رغبة في النكاح، ففيه دلالة على منع وسائل المحرم, وقضاء لحق زوجها الأول, بعدم مواعدتها لغيره مدة عدتها. وأما التعريض, وهو الذي يحتمل النكاح وغيره, فهو جائز للبائن كأن يقول لها:إني أريد التزوج, وإني أحب أن تشاوريني عند انقضاء عدتك, ونحو ذلك, فهذا جائز لأنه ليس بمنزلة الصريح, وفي النفوس داع قوي إليه. وكذلك إضمار الإنسان في نفسه أن يتزوج من هي في عدتها, إذا انقضت، ولهذا قال:{ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} هذا التفصيل كله في مقدمات العقد. وأما عقد النكاح فلا يحل{ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} أي:تنقضي العدة.{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} أي:فانووا الخير, ولا تنووا الشر, خوفا من عقابه ورجاء لثوابه.{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لمن صدرت منه الذنوب, فتاب منها, ورجع إلى ربه{ حَلِيمٌ} حيث لم يعاجل العاصين على معاصيهم, مع قدرته عليهم.

وقوله- تعالى-: فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ أى: لو حتم وأشرتم به. من التعريض الذي هو ضد التصريح ومعناه أن يضمن كلامه ما يصلح للدلالة على مقصوده، ويصلح للدلالة على غير مقصوده، إلا أن إشعاره بجانب المقصود أتم وأرجح وأصله من عرض الشيء- بضم العين- أى جانبه ومن أمثلته أن يقول الفقير المحتاج للمحتاج إليه: جئتك لأسلّم عليك.. وهو يقصد عطاءه.

وخِطْبَةِ النِّساءِ مخاطبة المرأة أو أوليائها في أمر زواجها. والخطبة- بكسر الخاء كالجلسة- مأخوذة من الخطب أى الشأن لأنها شأن من الشئون وقيل من الخطاب لأنها نوع- مخاطبة تجرى بين جانب الرجل وجانب المرأة. والمراد خطبة النساء اللائي فارقهن أزواجهن.

وأَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ أخفيتم وأسررتم من الإكنان وهو الإضمار من غير إعلان.

والمعنى: ولا حرج ولا إثم عليكم أيها الرجال المبتغون للزواج في التعريض بخطبة المرأة أثناء عدتها لتتزوجوهن بعد انقضائها، كما أنه لا إثم عليكم كذلك في الرغبة في الزواج بهن، مع إخفاء ذلك وستره من غير كشف وإعلان لأن التصريح بالخطبة أثناء العدة عمل يتنافى مع آداب الإسلام، ومع تعاليم شريعته، ومع الأخلاق الكريمة، والعقول السليمة، والنفوس الشريفة.

قال القرطبي: قال ابن عطية: أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزوجها وتنبيه عليه لا يجوز، وكذلك أجمعت على أن الكلام معها بما هو رفث وذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز وكذلك ما أشبهه وجوز ما عدا ذلك. ولا يجوز التعريض لخطبة المطلقة

طلاقا رجعيا إجماعا لأنها كالزوجة. وأما من كانت في عدة البينونة فالصحيح جواز التعريض لخطبتها» .

والتعريض في خطبة النساء أساليبه مختلفة، ومما ذكره العلماء في هذا الشأن أن يقول الرجل للمرأة: إنى راغب في الزواج أو أن يقول لوليها: لا تسبقني بها إلى غيرى.

ومن أساليب التعريض ما فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم مع السيدة أم سلمة، فقد دخل عليها وهي متأيمة من زوجها أبى سلمة فقال لها: «لقد علمت أنى رسول الله وخيرته وموضعي في قومي» فكان كلامه خطبة لها بأسلوب التعريض.

ومنها ما ذكره صاحب الكشاف عن عبد الله بن سليمان عن خالته- سكينة بنت حنظلة- قالت: دخل على أبو جعفر محمد بن على وأنا في عدتي فقال: قد علمت قرابتي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقرابتي من جدي على بن أبى طالب، وموضعي في العرب، وقدمي في الإسلام.

قالت: فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر! أتخطبني في عدتي وأنت يؤخذ عنك؟ فقال: أو قد فعلت إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وموضعي».

وقوله- تعالى-: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ. إلخ معطوف على ما قبله في الآية السابقة لأن الكلام في الآيتين في الأحكام المتعلقة بعدة النساء.

وما في قوله: فِيما عَرَّضْتُمْ موصولة. ومِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ بيان لما، وأل في النساء للعهد والمعهودات هن الزوجات اللائي سبق الحديث عنهن في الآيات التي قبل هذه.

وأَوْ في قوله: أَوْ أَكْنَنْتُمْ للإباحة أو التخيير، ومفعول أكن محذوف يعود إلى ما الموصولة في قوله: فِيما عَرَّضْتُمْ والتقدير: أو أكننتموه. وفِي أَنْفُسِكُمْ متعلق بأكننتم.

وقوله- تعالى-: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً كالتعليل لما قبله وهو قوله: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ إلخ. ونهى عما يردى ويفسد، وإباحة لما لا ضرر فيه.

أى: علم الله أنكم يا معشر الرجال ستذكرون هؤلاء النسوة المعتدات بما لهن من جمال ومن حسن عشرة ومن غير ذلك من شئونهن وأن تفكروا فيهن وتهفوا إليهن نفوسكم، والله- تعالى- فضلا منه وكرما قد أباح لكم أن تذكروهن ولكنه ينهاكم عن أن تواعدوهن وعدا سريا بأن تقولوا لهم في السر ما تستحيون من قوله في العلن لقبحه ومنافاته للشرع.

وقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً استثناء مما يدل عليه النهى لا تواعدوهن مواعدة ما إلا مواعدة معروفة غير منكرة شرعا، وهي ما تكون بطريق التلويح والتعريض.

وفي قوله سبحانه: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ بيان لما جبلت عليه النفس البشرية من ميل فطري بين الرجال والنساء، والإسلام لا ينكر هذا الميل وإنما يهذبه ويقومه ويصقله بآدابه الحميدة، وتعاليمه السامية.

وقوله: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا استدراك على محذوف دل عليه سَتَذْكُرُونَهُنَّ أى:

فاذكروهن وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا.

قال القرطبي ما ملخصه: واختلف العلماء في المراد بالسر في قوله- تعالى-: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا فقيل معناه نكاحا، أى لا يقل الرجل لهذه المعتدة تزوجيني بل يعرض إن أراد، ولا يأخذ ميثاقها وعهدها ألا تنكح غيره في استسرار وخفية. هذا قول جمهور أهل العلم.

و «سرّا» على هذا التأويل نصب على الحال أى مسرين- وسمى النكاح سرّا لأن مسببه الذي هو الوطء مما يسر- وقيل السر الزنا، أى لا يكونن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزوج بعدها. أى لا تواعدوهن زنا. واختاره الطبري. ومنه قول الأعشى:

فلا تقربن جارة إن سرها ... عليك حرام فانكحن أو تأبدا

أى: «فتزوجها أو ابتعد عنها. وقيل السر الجماع».

والذي تطمئن إليه النفس أن كلمة (سرا) صفة لموصوف محذوف أى لا تواعدهن وعدا سريا، وأن النهى هنا منصب على كل مواعدة سرية، يقال فيها كل ما ينهى عنه أو يستحيا منه في العلن، لقبحه أو لأن أوانه لم يحن بعد، إذ السرية أو الخلوة بين الرجل والمرأة لا تؤمن مزالقها. وفي الحديث الشريف أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» «2» وأن المراد بقوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً هو التعريض بالخطبة، وإظهار المودة بطريقة لا تفضى إلى محرم.

قال صاحب الكشاف في قوله: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا.

فإن قلت بم يتعلق حرف الاستثناء؟ قلت: بلا تواعدوهن. أى لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة: أى لا تواعدوهن إلا بالتعريض .

ثم قال- تعالى-: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ.

العزم: القطع والتصميم، يقال عزم على الشيء إذا صمم وعقد القلب على فعله، وهو يتعدى بعلى وبنفسه فيقال: عزم الشيء وعزم عليه.

وعقدة النكاح: الارتباط الموثق به. وأصل العقد الشد، والعهود والأنكحة تسمى عقودا لأنها تعقد وتوثق كما يوثق بالحبل.

والمراد بالكتاب هنا الأمر المكتوب المفروض وهو العدة التي حدد الله لها وقتا معينا.

والأجل: هو نهاية المدة التي قررها الشرع للعدة.

والمعنى: لا يسوغ لكم يا معشر الرجال الراغبين في الزواج من النساء اللائي فارقهن أزواجهن أن تعقدوا العزم نهائيا في أثناء العدة على أن تتموا الزواج بعدها، بأن تحول الخطبة من التعريض إلى التصريح، أو تبتوا في أمر الزواج بتا قاطعا بمواعدة أو نحوها، إذ العاقل لا يستعجل أمرا قبل حلول وقته، وإنما الذي يسوغ لكم أن تتموا عقد الزواج بعد انتهاء العدة وبعد أن يكون جو الأحزان قد فتر وجفت حدته.

والنهى عن العزم على عقد النكاح نهى بالأولى عن إبرامه وتنفيذه، لأن العزم على الفعل يتقدمه، فإذا نهى عنه كان الفعل أنهى، فهو كالنهى عن الاقتراب من حدود الله في قوله:

تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها.

وبذلك نرى أن الآية الكريمة قد أباحت شيئين، ونهت عن شيئين: أباحت التعريض بالخطبة للمرأة أثناء عدتها، كما أباحت إخفاء هذه الرغبة في الأنفس وحديثها بها. ويشهد لذلك قوله- تعالى-: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ونهت عن المواعدة سرا إلا أن يقولوا قولا معروفا عن طريق التعريض، أو أن يسار الرجل المرأة بالقول المعروف الذي أباحه الشرع وارتضته العقول السليمة، والأخلاق الفاضلة، بأن يعدها في السر بالإحسان إليها والاهتمام بشأنها والتكفل بمصالحها حتى يصير ذكر هذه الأشياء الجميلة مؤكدا لذلك التعريض. أما الشيء الثاني الذي نهت عنه فهو العزم على عقدة النكاح قبل انقضاء العدة. ويشهد لهذا قوله- تعالى-: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً، وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ.

وبعد هذه الأوامر والنواهي ختم الله- تعالى- الآية بقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ.

أى: اعلموا أيها الناس أن الله- تعالى- يعلم ما يجول في نفوسكم من خير أو شر، وما تهجس به خطرات قلوبكم من مقاصد واتجاهات، فاحذروا أن تقصدوا ما هو شر، أو تفعلوا ما هو منكر، واعلموا أنه- تعالى- غفور لمن تاب وعمل صالحا، حليم لا يعاجل الناس بالعقوبة، ولا يؤاخذهم إلا بما كسبوا.

فالجملة الكريمة تحذير وتبشير، وترغيب وترهيب، لكي لا يتجاسر الناس على ارتكاب ما نهى الله عنه، ولا ييأسوا من رحمته متى تابوا وأنابوا.

هذا، وقد أجمع العلماء على تحريم نكاح المرأة في عدتها، وإذا حدث مثل هذا النكاح ودخل بها فرق بينهما وفسخ النكاح.

ويرى جمهور العلماء أنها تصير محرمة عليه تحريما مؤبدا، ولا يحل له نكاحها ركلك لأنه استحل ما لا يحل فعوقب بحرمانه، كالقاتل يعاقب بحرمانه من ميراث المقتول. وقيل: يفسخ النكاح ويفرق بينهما فإذا انتهت العدة حلت له ولم يتأبد التحريم. ولكل فريق أدلته المبسوطة في كتب الفقه.

وبذلك تكون الآية الكريمة قد أرشدت الناس إلى ما يقره الشرع، ويرتضيه الخلق الكريم، ونهتهم عما يتنافى مع تعاليم الإسلام بأسلوب حكيم جمع بين الشدة واللين، والخوف والرجاء، حتى يثوب المخطئون إلى رشدهم ويقلعوا عن خطئهم.

ثم بين- سبحانه- في آيتين كريمتين بعض الأحكام التي تتعلق بالمطلقة قبل الدخول بها، سواء أذكر لها المهر أم لم يذكر، فقال- تعالى-:

يقول تعالى : ( ولا جناح عليكم ) أن تعرضوا بخطبة النساء في عدتهن من وفاة أزواجهن من غير تصريح . قال الثوري وشعبة وجرير وغيرهم ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ) قال : التعريض أن تقول : إني أريد التزويج ، وإني أحب امرأة من أمرها ومن أمرها يعرض لها بالقول بالمعروف وفي رواية : وددت أن الله رزقني امرأة ونحو هذا . ولا ينصب للخطبة . وفي رواية : إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله ، ولوددت أني وجدت امرأة صالحة ، ولا ينصب لها ما دامت في عدتها . ورواه البخاري تعليقا ، فقال : قال لي طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ) هو أن يقول : إني أريد التزويج ، وإن النساء لمن حاجتي ، ولوددت أنه تيسر لي امرأة صالحة .

وهكذا قال مجاهد ، وطاوس ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النخعي ، والشعبي ، والحسن ، وقتادة ، والزهري ، ويزيد بن قسيط ، ومقاتل بن حيان ، والقاسم بن محمد ، وغير واحد من السلف والأئمة في التعريض : أنه يجوز للمتوفى عنها زوجها من غير تصريح لها بالخطبة . وهكذا حكم المطلقة المبتوتة يجوز التعريض لها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس ، حين طلقها زوجها أبو عمرو بن حفص : آخر ثلاث تطليقات . فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، وقال لها : " فإذا حللت فآذنيني " . فلما حلت خطب عليها أسامة بن زيد مولاه ، فزوجها إياه .

فأما المطلقة الرجعية : فلا خلاف في أنه لا يجوز لغير زوجها التصريح بخطبتها ولا التعريض لها ، والله أعلم .

وقوله : ( أو أكننتم في أنفسكم ) أي : أضمرتم في أنفسكم خطبتهن وهذا كقوله تعالى : ( وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ) [ القصص : 69 ] وكقوله : ( وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) [ الممتحنة : 1 ] ولهذا قال : ( علم الله أنكم ستذكرونهن ) أي : في أنفسكم ، فرفع الحرج عنكم في ذلك ، ثم قال : ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) قال أبو مجلز ، وأبو الشعثاء جابر بن زيد والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي وقتادة ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، وسليمان التيمي ، ومقاتل بن حيان ، والسدي : يعني الزنا . وهو معنى رواية العوفي عن ابن عباس ، واختاره ابن جرير .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) لا تقل لها : إني عاشق ، وعاهديني ألا تتزوجي غيري ، ونحو هذا . وكذا روي عن سعيد بن جبير ، والشعبي ، وعكرمة ، وأبي الضحى ، والضحاك ، والزهري ، ومجاهد ، والثوري : هو أن يأخذ ميثاقها ألا تتزوج غيره ، وعن مجاهد : هو قول الرجل للمرأة : لا تفوتيني بنفسك ، فإني ناكحك .

وقال قتادة : هو أن يأخذ عهد المرأة ، وهي في عدتها ألا تنكح غيره ، فنهى الله عن ذلك وقدم فيه ، وأحل الخطبة والقول بالمعروف .

وقال ابن زيد : ( ولكن لا تواعدوهن سرا ) هو أن يتزوجها في العدة سرا ، فإذا حلت أظهر ذلك .

وقد يحتمل أن تكون الآية عامة في جميع ذلك ; ولهذا قال : ( إلا أن تقولوا قولا معروفا ) قال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جبير ، والسدي ، والثوري ، وابن زيد : يعني به : ما تقدم من إباحة التعريض . كقوله : إني فيك لراغب . ونحو ذلك .

وقال محمد بن سيرين : قلت لعبيدة : ما معنى قوله : ( إلا أن تقولوا قولا معروفا ) ؟ قال : يقول لوليها : لا تسبقني بها ، يعني : لا تزوجها حتى تعلمني . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) يعني : ولا تعقدوا العقد بالنكاح حتى تنقضي العدة . قال ابن عباس ، ومجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وأبو مالك ، وزيد بن أسلم ، ومقاتل بن حيان ، والزهري ، وعطاء الخراساني ، والسدي ، والثوري ، والضحاك : ( حتى يبلغ الكتاب أجله ) يعني : حتى تنقضي العدة .

وقد أجمع العلماء على أنه لا يصح العقد في مدة العدة . واختلفوا فيمن تزوج امرأة في عدتها فدخل بها ، فإنه يفرق بينهما ، وهل تحرم عليه أبدا ؟ على قولين : الجمهور على أنها لا تحرم عليه ، بل له أن يخطبها إذا انقضت عدتها . وذهب الإمام مالك إلى أنها تحرم عليه على التأبيد . واحتج في ذلك بما رواه عن ابن شهاب ، وسليمان بن يسار : أن عمر ، رضي الله عنه ، قال : أيما امرأة نكحت في عدتها ، فإن زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها ، فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ، ثم كان الآخر خاطبا من الخطاب ، وإن كان دخل بها فرق بينهما ، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ، ثم لم ينكحها أبدا .

قالوا : ومأخذ هذا : أن الزوج لما استعجل ما أجل الله ، عوقب بنقيض قصده ، فحرمت عليه على التأبيد ، كالقاتل يحرم الميراث . وقد روى الشافعي هذا الأثر عن مالك . قال البيهقي : وذهب إليه في القديم ورجع عنه في الجديد ، لقول علي : إنها تحل له .

قلت : ثم هو منقطع عن عمر . وقد روى الثوري ، عن أشعث ، عن الشعبي ، عن مسروق : أن عمر رجع عن ذلك وجعل لها مهرها ، وجعلهما يجتمعان .

وقوله : ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) توعدهم على ما يقع في ضمائرهم من أمور النساء ، وأرشدهم إلى إضمار الخير دون الشر ، ثم لم يؤيسهم من رحمته ، ولم يقنطهم من عائدته ، فقال : ( واعلموا أن الله غفور حليم ) .

(42)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ولا جناح عليكم، أيها الرجال، فيما عرضتم به من خطبة النساء، للنساء المعتدات من وفاة أزواجهن في عددهن, ولم تصرحوا بعقد نكاح.

والتعريض الذي أبيح في ذلك, هو ما: -

5098- حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن مجاهد، عن ابن عباس قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: التعريض أن يقول: " إني أريد التزويج ", و " إني لأحب امرأة من أمرها وأمرها ", يعرض لها بالقول بالمعروف.

5099- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس: " لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: " إني أريد أن أتزوج ".

5100- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة, عن منصور, عن مجاهد: عن ابن عباس قال: التعريض ما لم ينصب للخطبة، (43) &; 5-96 &; = قال مجاهد: قال رجل لامرأة في جنازة زوجها: لا تسبقيني بنفسك! قالت: قد سبقت!

5101- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس قال: في هذه الآية: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: التعريض، ما لم ينصب للخطبة.

5102- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس: " فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: التعريض أن يقول للمرأة في عدتها: " إني لا أريد أن أتزوج غيرك إن شاء الله ", و " لوددت أني وجدت امرأة صالحة ", ولا ينصب لها ما دامت في عدتها.

5103- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، يقول: يعرض لها في عدتها, يقول لها: " إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك, ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك "، ونحو هذا من الكلام، فلا حرج.

5104- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة, عن منصور, عن مجاهد, عن ابن عباس في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: هو أن يقول لها في عدتها: " إني أريد التزويج, ووددت أن الله رزقني امرأة "، ونحو هذا, ولا ينصب للخطبة.

5105- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن ابن عون , عن محمد, عن عبيدة في هذه الآية, قال: يذكرها إلى وليها، يقول: " لا تسبقني بها ".

5106- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن ليث, عن مجاهد &; 5-97 &; في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: يقول: " إنك لجميلة, وإنك لنافقة, وإنك إلى خير ".

5107- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان , عن ليث, عن مجاهد أنه كره أن يقول: " لا تسبقيني بنفسك ".

5108- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قل: هو قول الرجل للمرأة: " إنك لجميلة، وإنك لنافقة، وإنك إلى خير ".

5109- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: يعرض للمرأة في عدتها فيقول: والله إنك لجميلة, وإن النساء لمن حاجتي, وإنك إلى خير إن شاء الله ".

5110- حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا شعبة, عن سلمة بن كهيل, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير قال: هو قول الرجل: " إني أريد أن أتزوج, وإني إن تزوجت أحسنت إلى امرأتي", هذا التعريض.

5111- حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا شعبة, عن سلمة بن كهيل, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: يقول: " لأعطينك, لأحسنن إليك, لأفعلن بك كذا وكذا. (44)

5012- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، سمعت يحيى بن سعيد قال، أخبرني عبد الرحمن بن القاسم في قوله: " فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: قول الرجل للمرأة في عدتها يعرض بالخطبة: " والله إني فيك &; 5-98 &; لراغب, وإني عليك لحريص ", ونحو هذا.

5113- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم بن محمد يقول: " فيما عرضتم به من خطبة النساء "، هو قول الرجل للمرأة: " إنك لجميلة, وإنك لنافقة, وإنك إلى خير ".

5114- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: كيف يقول الخاطب؟ قال: يعرض تعريضا، ولا يبوح بشيء. يقول: " إن لي حاجة، وأبشري, وأنت بحمد الله نافقة ", ولا يبوح بشيء. قال عطاء: وتقول هي: " قد أسمع ما تقول "، ولا تعده شيئا, ولا تقول: " لعل ذاك ".

5115- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك, عن يحيى بن سعيد قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم يقول في المرأة يتوفى عنها زوجها, والرجل يريد خطبتها ويريد كلامها، ما الذي يجمل به من القول؟ قال يقول: " إني فيك لراغب, وإني عليك لحريص, وإني بك لمعجب ", وأشباه هذا من القول.

5116- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن مغيرة, عن حماد, عن إبراهيم في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: لا بأس بالهدية في تعريض النكاح.

5117- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة قال: كان إبراهيم لا يرى بأسا أن يهدي لها في العدة، إذا كانت من شأنه. (45)

5118- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن جابر, &; 5-99 &; عن عامر في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال يقول: " إنك لنافقة, وإنك لمعجبة, وإنك لجميلة " (46) وإن قضى الله شيئا كان ".

5119- حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: كان إبراهيم النخعي يقول: " إنك لمعجبة, وإني فيك لراغب ".

5120- حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، وأخبرني - يعني شبيبا- عن سعيد, عن شعبة, عن منصور, عن الشعبي أنه قال في هذه الآية: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: لا تأخذ ميثاقها ألا تنكح غيرك. (47)

5121- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: كان أبي يقول: كل شيء كان، دون أن يعزما عقدة النكاح, فهو كما قال الله تعالى ذكره: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ".

5122- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران= وحدثني علي قال حدثنا زيد =جميعا, عن سفيان قوله: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، والتعريض فيما سمعنا أن يقول الرجل وهي في عدتها: " إنك لجميلة, إنك إلى خير, إنك لنافقة, إنك لتعجبيني", ونحو هذا, فهذا التعريض.

5123- حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن عبد الرحمن بن سليمان, عن خالته سكينة ابنة حنظلة بن عبد الله بن حنظلة قالت: دخل علي أبو جعفر محمد بن علي وأنا في عدتي, فقال: يا ابنة حنظلة، &; 5-100 &; أنا من علمت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحق جدي علي، وقدمي في الإسلام. فقلت: غفر الله لك يا أبا جعفر، أتخطبني في عدتي, وأنت يؤخذ عنك! فقال: أو قد فعلت! إنما أخبرك بقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي! قد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، وكانت عند ابن عمها أبي سلمة, فتوفي عنها, فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر لها منـزلته من الله وهو متحامل على يده، حتى أثر الحصير في يده من شده تحامله على يده, فما كانت تلك خطبة. (48)

5124- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني عقيل, عن ابن شهاب: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء "، قال: لا جناح على من عرض لهن بالخطبة قبل أن يحللن، إذا كنوا في أنفسهن من ذلك. (49)

5125- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك, عن عبد الرحمن بن القاسم, عن أييه أنه كان يقول في قول الله تعالى ذكره: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء " : أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدة من وفاة زوجها: " إنك علي لكريمة, وإني فيك لراغب, وإن الله سائق إليك خيرا ورزقا ", ونحو هذا من الكلام.

* * *

&; 5-101 &;

قال أبو جعفر: واختلف أهل العربية في معنى " الخطبة ".

فقال بعضهم: " الخطبة " الذكر, و " الخطبة ": التشهد. (50)

وكأن قائل هذا القول، تأول الكلام: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من ذكر النساء عندهن. (51) وقد زعم صاحب هذا القول أنه قال: لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا , لأنه لما قال: " ولا جناح عليكم ", كأنه قال: اذكروهن, ولكن لا تواعدوهن سرا.

* * *

وقال آخرون منهم: " خطبه، خطبة وخطبا ". (52) قال: وقول الله تعالى ذكره: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ [سورة طه: 95]، يقال إنه من هذا. قال: وأما " الخطبة " فهو المخطوب [به]، من قولهم: (53) " خطب على المنبر واختطب ".

* * *

قال أبو جعفر: " والخطبة " عندي هي" الفعلة " من قول القائل: " خطبت فلانة " ك " الجلسة "، من قوله: " جلس " أو " القعدة " من قوله " قعد ". (54)

&; 5-102 &;

ومعنى قولهم: " خطب فلان فلانة "، سألها خطبه إليها في نفسها, وذلك حاجته, من قولهم: " ما خطبك "؟ بمعنى: ما حاجتك، وما أمرك؟

* * *

وأما " التعريض "، فهو ما كان من لحن الكلام الذي يفهم به السامع الفهم ما يفهم بصريحه. (55)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أو أكننتم في أنفسكم "، أو أخفيتم في أنفسكم, فأسررتموه، من خطبتهن، وعزم نكاحهن وهن في عددهن, فلا جناح عليكم أيضا في ذلك، إذا لم تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله.

* * *

يقال منه: " أكن فلان هذا الأمر في نفسه, فهو يكنه إكنانا "، و " كنه "، إذا ستره،" يكنه كنا وكنونا ", و " جلس في الكن " ولم يسمع " كننته في نفسي"، (56) وإنما يقال: " كننته في البيت أو في الأرض "، إذا خبأته فيه, ومنه قوله تعالى ذكره: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ [سورة الصافات: 49]، أي مخبوء, ومنه قول الشاعر: (57)

ثــلاث مــن ثــلاث قداميــات

مــن اللائـي تكـن مـن الصقيـع (58)

&; 5-103 &;

و " تكن " بالتاء، وهو أجود، و " يكن ". (59) ويقال: " أكنته ثيابه من البرد "" وأكنه البيت من الريح ".

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

5126- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " أو أكننتم في أنفسكم "، قال: الإكنان: ذكر خطبتها في نفسه، لا يبديه لها. هذا كله حل معروف.

5127- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين, حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد مثله.

5128- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله: " أو أكننتم في أنفسكم "، قال: أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء، ولا يتكلم بشيء.

5129- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال، سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرني عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم بن محمد يقول, فذكر نحوه.

5130- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " أو أكننتم في أنفسكم "، قال: جعلت في نفسك نكاحها وأضمرت ذلك.

&; 5-104 &;

5131- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران= وحدثني علي قال، حدثنا زيد= جميعا, عن سفيان: " أو أكننتم في أنفسكم "، أن يسر في نفسه أن يتزوجها.

5132- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا هوذة قال، حدثنا عوف, عن الحسن في قوله: " أو أكننتم في أنفسكم "، قال: أسررتم.

* * *

قال أبو جعفر: وفي إباحة الله تعالى ذكره ما أباح من التعريض بنكاح المعتدة لها في حال عدتها وحظره التصريح، (60) ما أبان عن افتراق حكم التعريض في كل معاني الكلام وحكم التصريح، منه. وإذا كان ذلك كذلك، تبين أن التعريض بالقذف غير التصريح به, وأن الحد بالتعريض بالقذف لو كان واجبا وجوبه بالتصريح به، لوجب من الجناح بالتعريض بالخطبة في العدة، نظير الذي يجب بعزم عقدة النكاح فيها. وفي تفريق الله تعالى ذكره بين حكميها في ذلك، الدلالة الواضحة على افتراق أحكام ذلك في القذف.

* * *

القول في تأويل قوله : عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: علم الله أنكم ستذكرون المعتدات في عددهن بالخطبة في أنفسكم وبألسنتكم، كما: -

5133- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن يزيد بن إبراهيم, عن الحسن: " علم الله أنكم ستذكرونهن "، قال: الخطبة.

&; 5-105 &;

5134- حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال، حدثنا ابن إدريس, عن ليث, عن مجاهد في قوله: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ ، قال: ذكرك إياها في نفسك. قال: فهو قول الله: " علم الله أنكم ستذكرونهن ".

5135- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن يزيد بن إبراهيم, عن الحسن في قوله: " علم الله أنكم ستذكرونهن "، قال: هي الخطبة.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى " السر " الذي نهى الله تعالى عباده عن مواعدة المعتدات به.

فقال بعضهم: هو الزنا.

* ذكر من قال ذلك:

5136- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا همام, عن صالح الدهان, عن جابر بن زيد: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: الزنا. (61)

5137- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه, عن أبي مجلز قوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال: الزنا.

5138- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سليمان التيمي, عن أبي مجلز مثله.

5139- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, &; 5-106 &; عن سليمان التيمي, عن أبي مجلز مثله.

5140- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان, عن أبي مجلز: " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال: الزنا= قيل لسفيان التيمي: ذكره؟ قال: نعم.

5141- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر, عن أبيه, عن رجل, عن الحسن في المواعدة مثل قولة أبي مجلز.

5142- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا يزيد بن إبراهيم, عن الحسن قال: الزنا.

5143- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا أشعث وعمران, عن الحسن مثله.

5144- حدثنا ابن بشار قال حدثنا، عبد الرحمن ويحيى قالا حدثنا سفيان, عن السدي قال: سمعت إبراهيم يقول: " لا تواعدوهن سرا " قال: الزنا.

5145- حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان, عن السدي, عن إبراهيم مثله.

5146- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد, عن قتادة في قوله: " لا تواعدوهن سرا " قال: الزنا.

5147- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن يزيد بن إبراهيم, عن الحسن: " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال: الزنا.

5148- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن معمر, عن قتادة, عن الحسن في قوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا " قال: الفاحشة.

5149- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك= وحدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا جويبر عن الضحاك: " لا تواعدوهن سرا "، قال: السر: الزنا.

&; 5-107 &;

5150- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " لا تواعدوهن سرا "، قال: فذلك السر: الريبة. (62) كان الرجل يدخل من أجل الريبة وهو يعرض بالنكاح, فنهى الله عن ذلك إلا من قال معروفا.

5151- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا منصور, عن الحسن وجويبر, عن الضحاك وسليمان التيمي, عن أبي مجلز أنهم قالوا: الزنا.

5152- حدثنا عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، للفحش والخضع من القول. (63)

5153- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة, عن الحسن: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: هو الفاحشة.

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك لا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عددهن أن لا ينكحن غيركم.

* ذكر من قال ذلك:

5154- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس: " لا تواعدوهن سرا "، يقول: لا تقل لها: " إني عاشق, وعاهديني أن لا تتزوجي غيري", ونحو هذا.

5155- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير في قوله: " لا تواعدوهن سرا "، قال: &; 5-108 &; لا يقاضها على كذا وكذا أن لا تتزوج غيره. (64)

5156- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل, عن جابر، عن عامر. ومجاهد وعكرمة قالوا: لا يأخذ ميثاقها في عدتها، أن لا تتزوج غيره.

5157- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن منصور قال: ذكر في عن الشعبي أنه قال في هذه الآية: " لا تواعدوهن سرا "، قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك.

5158- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عمرو, عن منصور, عن الشعبي: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: لا يأخذ ميثاقها في أن لا تتزوج غيره.

5159- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن الشعبي قال: سمعته يقول في قوله: " لا تواعدوهن سرا "، قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك, ولا يوجب العقدة حتى تنقضي العدة. (65)

5160- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن منصور, عن الشعبي: " لا تواعدوهن سرا "، قال: لا يأخذ عليها ميثاقا أن لا تتزوج غيره.

5161- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " ولكن لا تواعدهن سرا "، يقول: " أمسكي علي نفسك, فأنا أتزوج "= ويأخذ عليها عهدا=" لا تنكحي غيري". (66)

&; 5-109 &;

5162- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: هذا في الرجل يأخذ عهد المرأة وهي في عدتها أن لا تتزوج غيره, فنهى الله عن ذلك وقدم فيه، وأحل الخطبة والقول بالمعروف, ونهى عن الفاحشة والخضع من القول. (67)

5163- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران, وحدثني علي قال، حدثنا زيد= جميعا, عن سفيان: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: إن تواعدها سرا على كذا وكذا،" على أن لا تنكحي غيري".

5164- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: " لا تواعدوهن سرا "، قال: موعدة السر أن يأخذ عليها عهدا وميثاقا أن تحبس نفسها عليه, ولا تنكح غيره.

5165- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه.

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يقول لها الرجل: " لا تسبقيني بنفسك ".

* ذكر من قال ذلك:

5166 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن أبن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: قول الرجل للمرأة: " لا تفوتيني بنفسك, فإني ناكحك "، هذا لا يحل.

5167- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن أبن أبي نجيح, عن مجاهد قال: هو قول الرجل للمرأة: " لا تفوتيني".

5168- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير, عن ليث, عن مجاهد: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، قال: المواعدة أن يقول: " لا تفوتيني بنفسك ".

&; 5-110 &;

5169- حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، أن يقول: " لا تفوتيني بنفسك ".

* * *

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تنكحوهن في عدتهن سرا.

* ذكر من قال ذلك:

5170- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا " يقول: لا تنكحوهن سرا, ثم تمسكها، حتى إذا حلت أظهرت ذلك وأدخلتها.

5171- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " ولكن تواعدوهن سرا "، قال: كان أبي يقول: لا تواعدوهن سرا, ثم تمسكها, وقد ملكت عقدة نكاحها, فإذا حلت أظهرت ذلك وأدخلتها.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك, تأويل من قال: " السر "، في هذا الموضع، الزنا. وذلك أن العرب تسمي الجماع وغشيان الرجل المرأة " سرا ", لأن ذلك مما يكون بين الرجال والنساء في خفاء غير ظاهر مطلع عليه, فيسمى لخفائه " سرا "، من ذلك قوله رؤبة بن العجاج:

فعـف عـن أسـرارها بعـد العسـق

ولــم يضعهـا بيـن فـرك وعشـق (68)

يعني بذلك: عف عن غشيانها بعد طول ملازمته ذلك، ومنه قول الحطيئة:

&; 5-111 &;

ويحــرم ســر جــارتهم عليهـم

ويــأكل جــارهم أنـف القصـاع (69)

وكذلك يقال لكل ما أخفاه المرء في نفسه: " سرا ". ويقال: " هو في سر قومه ", يعني: في خيارهم وشرفهم.

فلما كان " السر " إنما يوجه في كلامها إلى أحد هذه الأوجه الثلاثة, وكان معلوما أن أحدهن غير معني به قوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا "، وهو السر الذي هو معنى الخيار والشرف= فلم يبق إلا الوجهان الآخران، وهو " السر " الذي بمعنى ما أخفته نفس المواعد بين المتواعدين، (70) " والسر " الذي بمعنى الغشيان والجماع.

فلما لم يبق غيرهما, وكانت الدلالة واضحة على أن أحدهما غير معني به، صح أن الآخر هو المعني به.

* * *

فإن قال [قائل]: (71) فما الدلالة على أن مواعدة القول سرا، غير معني به= على ما قال من قال إن معنى ذلك: أخذ الرجل ميثاق المرأة أن لا تنكح غيره, أو على ما قال من قال: قول الرجل لها: " لا تسبقيني بنفسك "؟

قيل: لأن " السر " إذا كان بالمعنى الذي تأوله قائلو ذلك, فلن يخلو ذلك " السر " من أن يكون هو مواعدة الرجل المرأة ومسألته إياها أن لا تنكح غيره= أو &; 5-112 &; يكون هو النكاح الذي سألها أن تجيبه إليه، بعد انقضاء عدتها، وبعد عقده له، دون الناس غيره. فإن كان " السر " الذي نهى الله الرجل أن يواعد المعتدات، هو أخذ العهد عليهن أن لا ينكحن غيره, فقد بطل أن يكون " السر " معناه: ما أخفى من الأمور في النفوس, أو نطق به فلم يطلع عليه, وصارت العلانية من الأمر سرا. وذلك خلاف المعقول في لغة من نـزل القرآن بلسانه.

إلا أن يقول قائل هذه المقالة: إنما نهى الله الرجال عن مواعدتهن ذلك سرا بينهم وبينهن, لا أن نفس الكلام بذلك - وإن كان قد أعلن- سر.

فيقال له إن قال ذلك: فقد يجب أن تكون جائزة مواعدتهن النكاح والخطبة صريحا علانية, إذ كان المنهي عنه من المواعدة، إنما هو ما كان منها سرا.

فإن قال: إن ذلك كذلك، خرج من قول جميع الأمة. على أن ذلك ليس من قيل أحد ممن تأول الآية أن " السر " ها هنا بمعنى المعاهدة أن لا تنكح غير المعاهد.

وإن قال: ذلك غير جائز.

قيل له: فقد بطل أن يكون معنى ذلك: إسرار الرجل إلى المرأة بالمواعدة. لأن معنى ذلك، لو كان كذلك، لم يحرم عليه مواعدتها مجاهرة وعلانية. وفي كون ذلك عليه محرما سرا وعلانية، ما أبان أن معنى " السر " في هذا الموضع، غير معنى إسرار الرجل إلى المرأة بالمعاهدة أن لا تنكح غيره إذا انقضت عدتها= أو يكون، إذا بطل هذا الوجه، معنى ذلك: الخطبة والنكاح الذي وعدت المرأة الرجل أن لا تعدوه إلى غيره. فذلك إذا كان, فإنما يكون بولي وشهود علانية غير سر. وكيف يجوز أن يسمى سرا، وهو علانية لا يجوز إسراره؟

وفي بطول هذه الأوجه أن يكون تأويلا لقوله: " ولكن لا تواعدوهن سرا " بما عليه دللنا من الأدلة، وضوح صحة تأويل ذلك أنه بمعنى الغشيان والجماع.

وإذ كان ذلك صحيحا, فتأويل الآية: ولا جناح عليكم، أيها الناس، فيما &; 5-113 &; عرضتم به للمعتدات من وفاة أزوجهن، من خطبة النساء، وذلك حاجتكم إليهن, فلم تصرحوا لهن بالنكاح والحاجة إليهن، إذا أكننتم في أنفسكم, فأسررتم حاجتكم إليهن وخطبتكم إياهن في أنفسكم، ما دمن في عددهن؛ علم الله أنكم ستذكرون خطبتهن وهن في عددهن، فأباح لكم التعريض بذلك لهن, وأسقط الحرج عما أضمرته نفوسكم -حكم منه (72) ولكن حرم عليكم أن تواعدوهن جماعا في عددهن, بأن يقول أحدكم لإحداهن في عدتها: " قد تزوجتك في نفسي, وإنما أنتظر انقضاء عدتك ", فيسألها بذلك القول إمكانه من نفسها الجماع والمباضعة, فحرم الله تعالى ذكره ذلك.

* * *

القول في تأويل قوله : إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا

قال أبو جعفر: ثم قال تعالى ذكره: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، فاستثنى القول المعروف مما نهى عنه, من مواعدة الرجل المرأة السر, وهو من غير جنسه، ولكنه من الاستثناء الذي قد ذكرت قبل: أن يأتي بمعنى خلاف الذي قبله في الصفة خاصة, وتكون " إلا " فيه بمعنى " لكن "، (73) فقوله: " إلا أن تقولوا قولا معروفا " منه- ومعناه: ولكن قولوا قولا معروفا. فأباح الله تعالى ذكره أن يقول لها المعروف من القول في عدتها، وذلك هو ما أذن له بقوله: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ ، كما: -

5172- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن مسلم البطين, عن سعيد بن جبير: " إلا أن تقولوا &; 5-114 &; قولا معروفا "، قال: يقول: إني فيك لراغب, وإني لأرجو أن نجتمع.

5173- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح, عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال: هو قوله: " إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك ".

5174- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال: يعني التعريض.

5175- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال: يعني التعريض.

5176- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ إلى حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ، قال: هو الرجل يدخل على المرأة وهي في عدتها فيقول: " والله إنكم لأكفاء كرام, وإنكم لرغبة، (74) وإنك لتعجبيني, وإن يقدر شيء يكن ". فهذا القول المعروف.

5177- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران, وحدثني علي قال، حدثنا زيد- قالا جميعا، قال سفيان: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال يقول: " إني فيك لراغب, وإني أرجو إن شاء الله أن نجتمع ".

5178- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال يقول: " إن لك عندي كذا, ولك عندي كذا, وأنا معطيك كذا وكذا ". قال: هذا كله وما كان قبل أن يعقد عقدة النكاح, &; 5-115 &; فهذا كله نسخه قوله: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ .

5179- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا جويبر, عن الضحاك: " إلا أن تقولوا قولا معروفا "، قال: المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها, فيأتيها الرجل فيقول: " احبسي علي نفسك, فإن لي بك رغبة, فتقول: " وأنا مثل ذلك "، فتتوق نفسه لها. (75) فذلك القول المعروف.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ولا تعزموا عقدة النكاح "، ولا تصححوا عقدة النكاح في عدة المرأة المعتدة, فتوجبوها بينكم وبينهن, وتعقدوها قبل انقضاء العدة =" حتى يبلغ الكتاب أجله "، يعني: يبلغن أجل الكتاب الذي بينه الله تعالى ذكره بقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، فجعل بلوغ الأجل للكتاب، والمعنى للمتناكحين، أن لا ينكح الرجل المرأة المعتدة، فيعزم عقدة النكاح عليها حتى تنقضي عدتها, فيبلغ الأجل الذي أجله الله في كتابه لانقضائها، كما: -

5180- حدثنا محمد بن بشار وعمرو بن علي قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, وحدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق, عن الثوري, عن ليث, عن مجاهد: " حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: حتى تنقضي العدة.

5181- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن &; 5-116 &; السدي قوله: " حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: حتى تنقضي أربعة أشهر وعشر.

5182- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: " حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: حتى تنقضي العدة.

5183- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.

5184- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: تنقضي العدة.

5185- حدثني القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قوله: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: حتى تنقضي العدة.

5186- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك قوله: " حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: لا يتزوجها حتى يخلو أجلها. (76)

5187- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا يونس بن أبي إسحاق, عن الشعبي في قوله: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: مخافة أن تتزوج المرأة قبل انقضاء العدة. (77)

5188- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله "، حتى تنقضي العدة.

5189- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا مهران= وحدثني علي قال، حدثنا زيد= جميعا, عن سفيان قوله: " حتى يبلغ الكتاب أجله "، قال: حتى تنقضي العدة.

* * *

&; 5-117 &;

القول في تأويل قوله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: واعلموا، أيها الناس، أن الله يعلم ما في أنفسكم من هواهن ونكاحهن وغير ذلك من أموركم، فاحذروه. يقول: فاحذروا الله واتقوه في أنفسكم أن تأتوا شيئا مما نهاكم عنه، من عزم عقدة نكاحهن، أو مواعدتهن السر في عددهن, وغير ذلك مما نهاكم عنه في شأنهن في حال ما هن معتدات, وفي غير ذلك=" واعلموا أن الله غفور "، (78) يعني أنه ذو ستر لذنوب عباده وتغطية عليها، فيما تكنه نفوس الرجال من خطبة المعتدات، وذكرهم إياهن في حال عددهن, وفي غير ذلك من خطاياهم= وقوله: " حليم "، يعني أنه ذو أناة لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم.

----------------

الهوامش:

(42) هذا نص أول التقسيم القديم :

"بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر" .

(43) نصب الشيء ينصب نصبا : إذا قصده وتجرد له .

(44) في المخطوطة والمطبوعة"لأحسن إليك" ، والصواب ما أثبت .

(45) قوله : "من شأنه" ، أي من حاجته وإرادته وقصده . يقال : شأن شأنه ، أي قصد قصده .

(46) في المخطوطة : "وإنك لمعجبة ، لجميلة" ، وهما سواء .

(47) في المطبوعة : "لا يأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيره" ، وأثبت ما في المخطوطة .

(48) الأثر : 5123- عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة بن أبي عامر الراهب" يعرف بابن الغسيل ، وهو جد أبيه ، حنظلة الذي غسلته الملائكة يوم أحد . وقال ابن معين : "ليس به بأس" ، كان يخطئ ويهم ، قال أحمد : صالح . مات سنة 171 . مترجم في التهذيب . و"أبو جعفر محمد بن علي" هو محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابنه جعفر الصادق ، وكان من فقهاء المدينة ، وسيد بني هاشم في زمانه ، جمع العلم والفقه والشرف والديانة والثقة والسؤدد وكان يصلح للخلافة ، وهو أحد الاثنى عشر الذين تعتقد الرافضة عصمتهم - ولا عصمة إلا لنبي! توفى سنة 114 . مترجم في التهذيب ، وتاريخ الإسلام للذهبي 4 : 299 . ولم أجد هذا الخبر إلا في البغوي بهامش تفسير ابن كثير 1 : 567 .

(49) كن الشيء في صدره وأكنه واكتنه : أخفاه وستره .

(50) هذا قول الأخفش ، وانظر تفسير البغوي 1 : 567 .

(51) في المخطوطة والمطبوعة : "عندهم" وهو لا يستقيم ، والصواب ما أثبت ، وانظر أيضًا تفسير البغوي 1 : 567 .

(52) في المطبوعة : "وقال آخرون منهم : الخطبة أخطب خطبه وخطبا" ، وهو كلام فاسد التركيب ، فيه زيادة من ناسخ . وفي المخطوطة : "وقال آخرون منهم : "الخطبة وخطبه وخطبا" ، وهو فاسد أيضًا ، والصواب ما أثبت . فإن يكن في كلام الطبري نقص أو خرم ، فهو تفسير هذه الكلمة ، وقد أبان عنها صاحب أساس البلاغة فقال : "فلان يخطب عمل كذا : يطلبه . وقد أخطبك الصيد فارمه - أي أكثبك وأمكنك . وأخطبك الأمر ، وهو أمر مخطب : ومعناه : أطلبك- من"طلبت إليه حاجة فأطلبني" . وما خطبك : ما شأنك الذي تخطبه . ومنه : هذا خطب يسير ، وخطب جليل . وهو يقاسي خطوب الدهر" . فقد أبان ما نقلته عن الزمخشري أنه أراد أن يقول : خطب الأمر يخطبه خطبة وخطبا ، أي طلبه . ولم يستوف أبو جعفر تفسير هذه الكلمة في"سورة طه" الآية : 95 ، فأثبت تفسيره هنالك .

(53) هذه الزيادة بين القوسين لا بد منها ، يعني : الكلام المخطوب به .

(54) يعني أنه مصدر ، وانظر ما سلف في وزن"فعلة" في فهارس مباحث العربية في الأجزاء السالفة ، وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 152 ، وتفسير أبي حيان 2 : 221 .

(55) لحن الكلام : هو الإيماء في الكلام دون التصريح ، وعبارة الطبري في تفسير هذه الكلمة ، عبارة جيدة . ليس لها شبيه في كتب اللغة في شرح هذا الحرف .

(56) ذكر أصحاب اللغة أن ذلك قيل ، واستشهدوا بقول أبي قطيفة :

قـد يكـتم النـاس أسـرارا فأعلمهـا

ومـا ينـالون حـتى المـوت مكنوني

(57) لم أستطع أن أعرف قائله .

(58) معاني الفراء 1 : 152 ، واللسان (كنن) . قداميات جمع قدامى ، والقدامى واحد . وجمع ، وهو هنا واحد . والقدامى والقوادم في الطير : عشر ريشات في كل جناح . وقوله : "ثلاث من ثلاث قداميات" ، كأنه يريد أنه اختار من قوادم ثلاث من الطير ، ثلاث ريشات من ريشه ، وكأنه يريد ذلك لأسهمه ، يريش الأسهم بها . والصقيع : الذي يسقط بالليل ، شبيه بالثلج .

(59) في المطبوعة : "بالتاء هو أجود" ، وزيادة الواو من المخطوطة . هذه الجملة غير بينة المعنى عندي ، وكأن صوابها"وتكن بالتاء المضمومة ، وهو أجود وتكن" . ويعني أن الأول من"أكن يكن" ، وأن الأخرى من"كن يكن" . كما هو ظاهر من استدلاله هذا . وقد عقب الفراء على هذا البيت بقوله : "وبعضهم يرويه"تكن" من"أكننت" . فهذا يرجح ما ذهبت إليه .

(60) قوله : "لها" متعلق بقوله : "التعريض" ، أي : التعريض لها ، وسياق هذه الجملة والتي تليها : "وفي إباحة الله تعالى ذكره . . . ما أبان عن افتراق حكم التعريض" . وقوله : "منه" في الجملة التالية ، أي : افتراق حكم التعريض من حكم التصريح .

(61) الأثر : 5136-"صالح الدهان" ، هو صالح بن إبراهيم الدهان الجهني ، أبو نوح . وهو ثقة . ترجم في الجرح والتعديل 2 / 1 / 393 ، وانظر التهذيب 4 : 388 . وجابر بن زيد الأزدي أبو الشعثاء . مترجم في التهذيب ، وروي عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير . مات سنة 93 .

(62) في المطبوعة : "الزنية" في هذا الموضع والذي يليه ، والصواب من المخطوطة . والريبة (بكسر الراء) : الشك والظنة والتهمة ، وهو كناية عن كل أمر قبيح يرتاب فيه وفي صاحبه .

(63) الخضع (بفتح فسكون) مصدر خضع الرجل : ألان الكلام للمرأة : وقد ضبط في المخطوطة بضم الخاء ، ولم أجده . و"خضع" من باب"نفع" ، نص على ذلك صاحب معيار اللغة . وفي حديث عمر أن رجلا في زمانه مر برجل وامرأة قد خضعا بينهما حديثا فضربه حتى شجه ، فرفع إلى عمر فأهدره" أي : لينا بينهما الحديث ، وتكلما بما يطمع كلا منهما في الآخر . وسيأتي"خضع القول" أيضًا في تفسيره 22 : 3 (بولاق) ، وسيأتي أيضًا في الأثر رقم : 5162 .

(64) في المطبوعة : "لا يقاصها" ، وهو كذلك في المخطوطة غير منقوط ، وصواب قراءته ما أثبت . قاضاه على الأمر : فصل فيه وأبرمه وحتمه وفرغ منه . وفي كتاب صلح الحديبية : "هذا ما قاضى عليه محمد . . . " وهو شبيه بالمعاهدة .

(65) في المطبوعة : "ويأخذ عليها عهدا أن لا تنكحي" . . . "بزيادة"أن" ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو الصواب الجيد .

(66) في المطبوعة : "ويأخذ عليها عهدا أن لا تنكحي" . . . . "بزيادة"أن" ، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو الصواب الجيد .

(67) انظر التعليق على الأثر السالف : 5152 .

(68) ديوانه : 104 ، واللسان (عسق) (عشق) (فرك) (سرر) ، وفي اللسان في بعض مواده"إسرارها" بالكسر ، وهو خطأ ، وفي بعضها"الغسق" ، وهو خطأ أيضًا . والأسرار جمع سر . والعسق ، مصدر"عسق به يعسق" : لزمه وأولع به . والفرك (بكسر الفاء وسكون الراء) بغضة الرجل امرأته ، أو بغضة امرأته له . وامرأة فارك وفروك ، تكره زوجها . ورجل مفرك (بتشديد الراء) . لا يحظى عند النساء . والعشق (بكسر فسكون) والعشق (بفتحتين) مصدر"عشق يعشق" . والضمير في قوله : "فعف" ، عائد إلى حمار الوحش الذي يصفه ويصف أتنه . والضمير في"أسرارها" عائد إلى الأتن .

(69) ديوانه : 93 ، واللسان (أنف) يمدح بني رياح وبني كليب من بني يربوع . أنف كل شيء : طرفه وأوله . والقصاع جمع قصعة : وهي الجفنة الضخمة . يذكر عفتهم وحفاظهم وامتناعهم من انتهاك حرمة الجارة ، واقتراف الإثم في حقها ، ويصف كرمهم وإيثارهم جارهم بالطعام على أنفسهم ، فلا يتقدمونه إلى الطعام حتى يأخذ منه ما يشتهي وما يكفيه . وقبل البيت :

فليس الجــار جــار بنـي ريـاح

بمقصــى فـي المحـل ولا مضـاع

هــم صنعــوا لجـارهم, وليسـت

يـد الخرقــاء مثـل يـد الصنـاع

(70) في المطبوعة : "نفس المواعدين المتواعدين" ، والصواب من المخطوطة .

(71) هذه الزيادة استظهرتها من مئات أشباهها مضت .

(72) في المطبوعة : "حلما منه" وأثبت صوب ما في المخطوطة .

(73) انظر ما سلف 2 : 263-265 / ثم 3 : 204 - 206 .

(74) في المطبوعة والمخطوطة : "لرعة" ، وهي في المخطوطة غير منقوطة ، وقرأتها كذلك - لأنه أوفق ، ولأني لم أجد لقوله"رعة" معنى . وسمى المرأة"رغبة" ، كما يسميها"هوى" بالمصدر ، أي : يرغب فيك . ومنه الرغيبة : وهو الشيء المرغوب فيه .

(75) في المخطوطة : "فتؤتي نفسه لها" ، ولم أجدها في مكان آخر ، والذي في المطبوعة لا بأس به ، وهو قريب الدلالة على المعنى .

(76) خلا الشيء يخلو خلوا : مضى وانقضى .

(77) الأثر : 5187-"أبو قتيبة" ، هو : سلم بن قتيبة الشعيري ، أبو قتيبة الخراساني . "ثقة ، لي

التدبر :

وقفة
[235] مشروعية الخطبة، وإباحة التعريض بها في عدة الوفاة، وتحريم التصريح فيها.
وقفة
[235] ﴿وَلَـٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾ الآية تنهي الرجال عن مواعدة النساء في فترة العدة, وأن يقولوا لهم في السر ما يستحي من قوله في العلن لمنافاته للشرع, ولا يقول رجل لهذه المعتدة: تزوجيني, بل يعرض بالخطبة إن أراد, ولا يأخذ منها الميثاق والعهد ألا تنكح غيره.
وقفة
[235] ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ إشارة إلى حرمة عقدة النكاح على المعتدة في حالة العدة, وفساد هذا العقد إذا تم ووجوب فسخه, وإذا عقد عليها وبنى بها فسخ النكاح.
وقفة
[235] ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوه﴾ معرفة المؤمن باطلاع الله عليه تَحْمِلُه على الحذر منه تعالى والوقوف عند حدوده.
وقفة
[235] ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوه﴾ جاء هذا التهديد المروع فيمن يريد خطبة المعتدة، فكيف بمن يعلم الله من قلبه إرادة فتنة المؤمنات المؤمنات.
اسقاط
[235] الاستسلام لخواطر الشر بداية المعصية؛ فادفعها عنك قدر الإمكان ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوه﴾.
وقفة
[235]‏ لا مجال للمراوغة أو الخداع ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوه﴾، الصدق منجاة.
عمل
[235] درب نفسك هذا اليوم في خلواتك ومخالطتك أن لا تفكر إلا في خير ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوه﴾.
عمل
[235] تب إلى الله تعالى من ذنب من ذنوب السر ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ:
  • الواو: عاطفة. لا: نافية للجنس تعمل عمل «إن». جناح: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. عليكم: جار ومجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف وجوبا وتقديره كائن. والميم: علامة جمع الذكور والجملة معطوفة على مثيلتها في الآية الكريمة السابقة.
  • ﴿ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ:
  • في: حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بجناح أو بخبر «لا». عرضتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. والميم: علامة الذكور بمعنى «فيما لوّحتم». وجملة «عَرَّضْتُمْ» صلة الموصول لا محل لها. به: جار ومجرور متعلق بعرضتم.
  • ﴿ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول «ما» و «مِنْ» حرف جر بياني. النساء: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ:
  • أو أكننتم: معطوفة بأو على «عَرَّضْتُمْ» وتعرب اعرابها بمعنى: أو أخفيتم ذلك. في انفسكم: جار ومجرور متعلق بأكننتم. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم: علامة جمع الذكور.
  • ﴿ عَلِمَ اللَّهُ:
  • علم: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ:
  • أنّ: حرف توكيد ونصب مشبه بالفعل. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «أن». والميم: علامة جمع الذكور. السين: حرف تسويف «استقبال» للقريب. تذكرونهنّ: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هن» ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «سَتَذْكُرُونَهُنَّ» في محل رفع خبر «أن» و «أنّ وما بعدها» بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «عَلِمَ».
  • ﴿ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا:
  • الواو: استئنافية. لكن: حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف. لا: ناهية جازمة. تواعدوهّن: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه: حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. هنّ: ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به سرا: حال منصوب بالفتحة المنونة أو مفعول به ثان متعد بجار أي على سرّ.
  • ﴿ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا:
  • إلّا: أداة استثناء متعلقة بلا تواعدوهنّ إلّا مواعدة معروفة أو لا تواعدوهنّ إلا بأن تقولوا. أن: حرف مصدري ونصب. تقولوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه: حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف: فارقة و «أَنْ المصدرية وما تلاها» بتأويل مصدر في محل جر بالباء المقدرة وجملة «تَقُولُوا» صلة «أَنْ» المصدرية لا محل لها أو بتأويل مصدر في محل نصب على الاستثناء.
  • ﴿ قَوْلًا مَعْرُوفاً:
  • مفعول به أو مصدر سدّ مسدّ المفعول منصوب بالفتحة أو مصدر بمعنى التوكيد. معروفا: صفة لقولا منصوبة مثله.
  • ﴿ وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ:
  • الواو: حرف عطف. لا: ناهية جازمة. تعزموا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى لا تبرموا عقد الزواج. عقدة: مفعول به منصوب بالفتحة. النكاح: مضاف اليه أو بمعنى على العقدة وحذف الجار.
  • ﴿ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ:
  • حتى: حرف غاية وجر. يبلغ: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حَتَّى». الكتاب: فاعل مرفوع بالضمة و «أن المضمرة وما بعدها» بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بتعزموا.
  • ﴿ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا:
  • أجله: مفعول به منصوب بالفتحة. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. الواو: استئنافية. اعلموا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ:
  • أنّ: حرف توكيد ونصب مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة: اسم «أَنْ» منصوب للتعظيم بالفتحة الظاهرة. يعلم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل: ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يَعْلَمُ» في محل رفع خبر «أَنْ» و «أَنْ وما تلاها» بتأويل مصدر سد مسّد مفعولي «اعْلَمُوا».
  • ﴿ ما فِي أَنْفُسِكُمْ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به للفعل «يَعْلَمُ». في أنفسكم: جار ومجرور متعلق بجملة الصلة المحذوفة والتقدير: ما يعتمل في أنفسكم. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ فَاحْذَرُوهُ:
  • الفاء: استئنافية. احذروا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ:
  • واعلموا أن الله: سبق إعرابها. غفور: خبر «أَنْ» مرفوع بالضمة. حليم: خبر ثان لها ويجوز اعرابه: صفة لغفور مرفوعة مثله بالضمة و «أَنْ وما بعدها» بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «اعْلَمُوا». '

المتشابهات :

البقرة: 225﴿لَّا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتۡ قُلُوبُكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
البقرة: 235﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُۚ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
آل عمران: 155﴿ٱسۡتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُواْۖ وَلَقَدۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ
المائدة: 101﴿تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
فاطر: 30﴿لِيُوَفِّيَهُمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ غَفُورٌ شَكُورٌ
فاطر: 34﴿وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَـ غَفُورٌ شَكُورٌ
الشورى: 23﴿وَمَن يَقۡتَرِفۡ حَسَنَةٗ نَّزِدۡ لَهُۥ فِيهَا حُسۡنًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [235] لما قبلها :     وبعد المنع من الزواج بالنساء المتوفَّى عنهنَّ أزواجهن، أو المطلقات طلاقًا بائنًا في أثناء عدتهن؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أن التعريض بالخطبة ليس داخلًا في المنع، أي: أباح التلميح دون التصريح، قال تعالى:
﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ

القراءات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [236] :البقرة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ..

التفسير :

[236] لا إثم عليكم -أيها الأزواج- إن طلقتم النساء بعد العقد عليهن، وقبل أن تجامعوهن، أو تحددوا مهراً لهن، ومتِّعوهن بشيء ينتفعن به جبراً لهن، ودفعاً لوحشة الطلاق، وإزالة للأحقاد. وهذه المتعة تجب بحسب حال الرجل المطلِّق:على الغني قَدْر سَعَة رزقه، وعلى ال

أي:ليس عليكم يا معشر الأزواج جناح وإثم, بتطليق النساء قبل المسيس, وفرض المهر, وإن كان في ذلك كسر لها, فإنه ينجبر بالمتعة، فعليكم أن تمتعوهن بأن تعطوهن شيئا من المال, جبرا لخواطرهن.{ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ} أي:المعسر{ قَدَرُهُ} وهذا يرجع إلى العرف, وأنه يختلف باختلاف الأحوال ولهذا قال:{ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} فهذا حق واجب{ عَلَى الْمُحْسِنِينَ} ليس لهم أن يبخسوهن. فكما تسببوا لتشوفهن واشتياقهن, وتعلق قلوبهن, ثم لم يعطوهن ما رغبن فيه, فعليهم في مقابلة ذلك المتعة. فلله ما أحسن هذا الحكم الإلهي, وأدله على حكمة شارعه ورحمته"ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟"فهذا حكم المطلقات قبل المسيس وقبل فرض المهر.

قوله- تعالى-: ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أى ما لم تجامعوهن ولم تدخلوا بهن والمس في أصل معناه: اللمس، ويقال فيما معه إدراك بحاسة اللمس، ثم أطلق على سبيل الكناية على ما يكون بين المرء وزوجه من جماع ومباشرة وعلى غير ذلك مما يكون فيه إصابة حسية أو معنوية.

وهذه الكناية من ألطف الكنايات التي تربى في الإنسان حسن الأدب، وسلامة التعبير، وتجنبه النطق بالألفاظ الفاحشة. وقد تكرر هذا التعبير المهذب في القرآن الكريم ومن ذلك قوله- تعالى- حكاية عن مريم: قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ.. .

والمراد بالفريضة هنا المهر الذي يفرضه الرجل على نفسه للمرأة قبل الدخول بها.

والمعنى: لا إثم عليكم أيها الرجال إذا طلقتم النساء لأسباب مشروعة، وبطريقة مرضية، قبل الدخول بهن، وقبل أن تقدروا لهن مهرا معينا.

ثم بين- سبحانه- ما للمرأة على الرجل في هذه الحالة فقال: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ، مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ..

قوله- تعالى-: وَمَتِّعُوهُنَّ أى ملكوهن ما ينتفعن به، ويدخل التسلية والسرور على نفوسهن. وأصل المتعة والمتاع ما ينتفع به الإنسان من مال أو كسوة أو غير ذلك، ثم أطلقت المتعة على ما يعطيه الرجل للمرأة من مال أو غيره عند طلاقها منه لتنتفع به، جبرا لخاطرها، وتعويضا لما نالها بسبب هذا الفراق.

والْمُوسِعِ هو الغنى الذي يكون في سعة من غناه. يقال: أوسع الرجل إذ كثر ماله، واتسعت حاله. والْمُقْتِرِ هو الفقير الذي يكون في ضيق من فقره. أقتر الرجل أى افتقر وقل ما في يده.

والمعنى: لا حرج عليكم في طلاقكم للنساء قبل أن تدخلوا بهن وقبل أن تقدروا لهن مهرا معينا، وليس من حقهن عليكم في هذه الحالة أن يطالبنكم بالصداق، وإنما من حقهن عليكم أن تمتعوهن بأن تدفعوا لهن ما ينتفعن به كل على حسب حاله وطاقته، فالأغنياء يدفعون ما يناسب غناهم وسعتهم، والفقراء يدفعون ما يناسب حالهم.

وقوله: مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ أى أعطوهن ما يتمتعن وينتفعن به بالقدر المتعارف عليه بين العقلاء، فلا يعطى الغنى ما لا يتناسب مع غناه ولا مع حال المرأة التي طلقها، ولا يعطى الفقير شيئا تافها لا يسمى في عرف العقلاء متاعا كما أنه لا يكلف فوق استطاعته، لأن المتاع ما سمى بهذا الاسم إلا لأنه يتمتع به وينتفع به لفترة من الزمان.

وقوله: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ تأكيد لهذا التمتيع الذي هو من حق المرأة على الرجل الذي طلقها قبل أن يدخل بها وقيل أن يسمى لها مهرا.

أى: هذا التمتيع حق ثابت على المحسنين الذين يحسنون إلى أنفسهم بامتثالهم لأوامر الله، وبترضيتهم لنفوس هؤلاء المطلقات اللاتي تأثرن بسبب هذا الفراق. فالآية الكريمة ترفع الإثم عن الرجال الذين يطلقون النساء قبل الدخول بهن وقبل تسمية المهر لهن، متى كانت المصلحة تستدعى ذلك، وتبين الحقوق التي للمرأة على الرجل في هذه الحالة.

قال القرطبي: قوله- تعالى-: لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ. إلخ هذا أيضا من أحكام المطلقات، وهو ابتداء إخبار برفع الحرج عن المطلق قبل البناء والجماع، فرض مهرا أو لم يفرض. ولما نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن التزوج لمعنى الذوق وقضاء الشهوة، وأمر بالتزوج لطلب العصمة والتماس ثواب الله صلّى الله عليه وسلّم وقصد دوام الصحبة وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءا من هذا المكروه، فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن» .

وقوله: أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً معطوف على تَمَسُّوهُنَّ المنفي، أى لا حرج عليكم في تطليقكم النساء في حالة عدم الدخول بهن وعدم تقدير مهر معين لهن.

وقوله: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ إلخ تشريع حكيم وتوجيه سديد، لأن فراق المرأة قبل الدخول بها وقبل تقدير مهر لها ينشئ جفوة ممضة بين المرأة وبين مطلقها، وقد يسيء هذا الفراق إليها وإلى أسرتها، فكان هذا الحق الذي جعله الله للمرأة على الرجل هو التمتيع، تسرية لنفسها، وتعويضا عما أصابها بسبب هذا الفراق، وتلطيفا لجو الطلاق وما يصاحبه من جفاء وبغضاء، واستبقاء للمودة الإنسانية بين الطرفين، وإزالة لما عسى أن يقوله البعض من أنه ما طلقها من طلقها إلا لشيء.

ولا شك أن إنهاء الحياة الزوجية قبل الدخول فيها، لضرورات اقتضاها هذا الإنهاء، أخف وأيسر من إنهائها بعد الدخول فيها.

قال الجمل ما ملخصه: وقوله: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ جملة من مبتدأ وخبر وفيها قولان:

أحدهما: أنها لا محل لها من الإعراب بل هي استئنافية بينت حال المطلق بالنسبة إلى يساره وإقتاره.

والثاني: في محل نصب على الحال وصاحب الحال فاعل متعوهن. والرابط بين جملة الحال وصاحبها محذوف والتقدير: على الموسع منكم. ومَتاعاً منصوب على المصدر.

وبِالْمَعْرُوفِ جار ومجرور صفة له. وحَقًّا صفة ثانية لقوله: مَتاعاً أو مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله. وعامله محذوف وجوبا والتقدير: حق ذلك حقا».

هذا، ويرى بعض العلماء أن المتعة واجبة للمرأة على الرجل في حال مفارقتها قبل الدخول بها وقبل تسمية المهر، لأن الآية الكريمة قد أكدت ذلك وجعلته حقا ثابتا لا يجوز التحلل منه قال- تعالى-: مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ.

ويرى بعضهم أنها مستحبة، لأن التعبير بالمحسنين يدل على أن المتعة غير واجبة وقد رجح المحققون من العلماء الرأى الأول وقالوا: إن الإحسان لا ينافي الوجوب الذي دل عليه الأمر يؤيد هذا قوله: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ، فقد جعل الله المتعة على الفريقين كل فريق على حسب طاقته وقدرته.

والمتعة تختلف باختلاف الأحوال من يسار وإعسار، يقدرها القاضي على الرجل على حسب حالته كما يقدر النفقة.

والصالحون من الناس هم الذين يبذلون المتعة للمطلقة بسخاء ومودة، ولقد أثر عن الحسن بن على- رضي الله عنهما- أنه متع امرأة طلقها بعشرة آلاف درهم، فلما تسلمت هذا المال الوفير قالت: «متاع قليل من حبيب مفارق» .

أباح تبارك وتعالى طلاق المرأة بعد العقد عليها وقبل الدخول بها . قال ابن عباس ، وطاوس ، وإبراهيم ، والحسن البصري : المس : النكاح . بل ويجوز أن يطلقها قبل الدخول بها ، والفرض لها إن كانت مفوضة ، وإن كان في هذا انكسار لقلبها ; ولهذا أمر تعالى بإمتاعها ، وهو تعويضها عما فاتها بشيء تعطاه من زوجها بحسب حاله ، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره .

وقال سفيان الثوري ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : متعة الطلاق أعلاه الخادم ، ودون ذلك الورق ، ودون ذلك الكسوة .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : إن كان موسرا متعها بخادم ، أو شبه ذلك ، وإن كان معسرا أمتعها بثلاثة أثواب .

وقال الشعبي : أوسط ذلك : درع وخمار وملحفة وجلباب . قال : وكان شريح يمتع بخمسمائة . وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين قال : كان يمتع بالخادم ، أو بالنفقة ، أو بالكسوة ، قال : ومتع الحسن بن علي بعشرة آلاف ويروى أن المرأة قالت :

متاع قليل من حبيب مفارق

وذهب أبو حنيفة ، رحمه الله ، إلى أنه متى تنازع الزوجان في مقدار المتعة وجب لها عليه نصف مهر مثلها . وقال الشافعي في الجديد : لا يجبر الزوج على قدر معلوم ، إلا على أقل ما يقع عليه اسم المتعة ، وأحب ذلك إلي أن يكون أقله ما تجزئ فيه الصلاة . وقال في القديم : لا أعرف في المتعة قدرا إلا أني أستحسن ثلاثين درهما ; لما روي عن ابن عمر ، رضي الله عنهما .

وقد اختلف العلماء أيضا : هل تجب المتعة لكل مطلقة ، أو إنما تجب المتعة لغير المدخول بها التي لم يفرض لها ؟ على أقوال :

أحدها : أنه تجب المتعة لكل مطلقة ، لعموم قوله تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) [ البقرة : 241 ] ولقوله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) [ الأحزاب : 28 ] وقد كن مفروضا لهن ومدخولا بهن ، وهذا قول سعيد بن جبير ، وأبي العالية ، والحسن البصري . وهو أحد قولي الشافعي ، ومنهم من جعله الجديد الصحيح ، فالله أعلم .

والقول الثاني : أنها تجب للمطلقة إذا طلقت قبل المسيس ، وإن كانت مفروضا لها لقوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ) [ الأحزاب : 49 ] قال شعبة وغيره ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب قال : نسخت هذه الآية التي في الأحزاب الآية التي في البقرة .

وقد روى البخاري في صحيحه ، عن سهل بن سعد ، وأبي أسيد أنهما قالا تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل ، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها فكأنما كرهت ذلك ، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين .

والقول الثالث : أن المتعة إنما تجب للمطلقة إذا لم يدخل بها ، ولم يفرض لها ، فإن كان قد دخل بها وجب لها مهر مثلها إذا كانت مفوضة ، وإن كان قد فرض لها وطلقها قبل الدخول ، وجب لها عليه شطره ، فإن دخل بها استقر الجميع ، وكان ذلك عوضا لها عن المتعة ، وإنما المصابة التي لم يفرض لها ولم يدخل بها فهذه التي دلت هذه الآية الكريمة على وجوب متعتها . وهذا قول ابن عمر ، ومجاهد . ومن العلماء : من استحبها لكل مطلقة ممن عدا المفوضة المفارقة قبل الدخول : وهذا ليس بمنكور وعليه تحمل آية التخيير في الأحزاب ; ولهذا قال تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) [ البقرة : 241 ] .

ومن العلماء من يقول : إنها مستحبة مطلقا . قال ابن أبي حاتم : حدثنا كثير بن شهاب القزويني ، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق ، حدثنا عمرو يعني ابن أبي قيس عن أبي إسحاق ، عن الشعبي قال : ذكروا له المتعة ، أيحبس فيها ؟ فقرأ : ( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) قال الشعبي : والله ما رأيت أحدا حبس فيها ، والله لو كانت واجبة لحبس فيها القضاة .

القول في تأويل قوله : لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " لا جناح عليكم "، لا حرج عليكم إن طلقتم النساء. (79)

يقول: لا حرج عليكم في طلاقكم نساءكم وأزواجكم، &; 5-118 &; =" ما لم تماسوهن "، (80) يعني بذلك: ما لم تجامعوهن.

* * *

" والمماسة "، في هذا الموضع، كناية عن اسم الجماع، كما: -

5190- حدثنا حميد بن مسعدة قال، حدثنا يزيد بن زريع= وحدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر= قالا جميعا، حدثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير قال، قال ابن عباس: المس الجماع, ولكن الله يكني ما يشاء بما شاء. (81)

5191- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: المس: النكاح.

* * *

قال أبو جعفر: وقد اختلف القرأة في قراءة ذلك. (82) فقرأته عامة قرأة أهل الحجاز والبصرة: " ما لم تمسوهن "، بفتح " التاء " من " تمسوهن ", بغير " ألف "، من قولك: مسسته أمسه مسا ومسيسا ومسيسى " مقصور مشدد غير مجرى. وكأنهم اختاروا قراءة ذلك، إلحاقا منهم له بالقراءة المجتمع عليها في قوله: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ [سورة آل عمران: 47، سورة مريم: 20].

* * *

وقرأ ذلك آخرون: " ما لم تماسوهن "، بضم " التاء والألف " بعد " الميم "، إلحاقا منهم ذلك بالقراءة المجمع عليها في قوله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [سورة المجادلة: 3]، وجعلوا ذلك بمعنى فعل كل واحد من الرجل والمرأة بصاحبه من قولك: " ماسست الشيء أماسه مماسة ومساسا. (83)

&; 5-119 &;

* * *

قال أبو جعفر: والذي نرى في ذلك، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، متفقتا التأويل, وإن كان في إحداهما زيادة معنى، غير موجبة اختلافا في الحكم والمفهوم.

وذلك أنه لا يجهل ذو فهم إذا قيل له: " مسست زوجتي"، أن الممسوسة قد لاقى من بدنها بدن الماس، ما لاقاه مثله من بدن الماس. فكل واحد منهما = وإن أفرد الخبر عنه بأنه الذي ماس صاحبه= (84) معقول بذلك الخبر نفسه أن صاحبه المسوس قد ماسه. (85) فلا وجه للحكم لإحدى القراءتين= مع اتفاق معانيهما, وكثرة القرأة بكل واحدة منهما= (86) بأنها أولى بالصواب من الأخرى, بل الواجب أن يكون القارئ، بأيتهما قرأ، مصيب الحق في قراءته.

* * *

قال أبو جعفر: وإنما عنى الله تعالى ذكره بقوله: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن "، المطلقات قبل الإفضاء إليهن في نكاح قد سمي لهن فيه الصداق. وإنما قلنا أن ذلك كذلك, لأن كل منكوحة فإنما هي إحدى اثنتين: إما مسمى لها الصداق, أو غير مسمى لها ذلك. فعلمنا بالذي يتلو ذلك من قوله تعالى ذكره، أن المعنية بقوله: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن "، إنما هي المسمى لها. لأن المعنية بذلك، لو كانت غير المفروض لها الصداق، لما كان لقوله: أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، معنى معقول. إذ كان لا معنى لقول قائل: " لا جناح عليكم إذا طلقتم النساء ما لم تفرضوا لهن فريضة في نكاح لم تماسوهن فيه، أو ما لم تفرضوا لهن فريضة ". فإذا كان لا معنى لذلك, فمعلوم أن الصحيح من التأويل في ذلك: لا جناح عليكم إن طلقتم المفروض لهن من نسائكم الصداق قبل أن تماسوهن, وغير المفروض لهن قبل الفرض.

* * *

&; 5-120 &;

القول في تأويل قوله تعالى : أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " أو تفرضوا لهن "، أو توجبوا لهن. وبقوله: " فريضة "، صداقا واجبا. كما: -

5192- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: " أو تفرضوا لهن فريضة "، قال: الفريضة: الصداق.

* * *

وأصل " الفرض ": الواجب, (87) كما قال الشاعر:

كــانت فريضــة مـا أتيـت كمـا

كــان الزنــاء فريضــة الرجـم (88)

يعني: كما كان الرجم الواجب من حد الزنا. ولذلك قيل: " فرض السلطان لفلان ألفين ", (89) يعني بذلك: أوجب له ذلك، ورزقه من الديوان. (90)

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: " ومتعوهن "، وأعطوهن ما يتمتعن به من أموالكم، (91) على أقداركم ومنازلكم من الغنى والإقتار.

* * *

&; 5-121 &;

ثم اختلف أهل التأويل في مبلغ ما أمر الله به الرجال من ذلك.

فقال بعضهم: أعلاه الخادم, ودون ذلك الورق, (92) ودونه الكسوة.

* ذكر من قال ذلك:

5193- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان, عن إسماعيل, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: متعة الطلاق أعلاه الخادم, ودون ذلك الورق, ودون ذلك الكسوة.

5194- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا سفيان, عن إسماعيل بن أمية, عن عكرمة, عن ابن عباس بنحوه.

5195- حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان, عن داود, عن الشعبي قوله: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "، قلت له: ما أوسط متعة المطلقة؟ قال: خمارها ودرعها وجلبابها وملحفتها.

5196- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين "، فهذا الرجل يتزوج المرأة ولم يسم لها صداقا، ثم يطلقها من قبل أن ينكحها, فأمر الله سبحانه أن يمتعها على قدر عسره ويسره. فإن كان موسرا متعها بخادم أو شبه ذلك, وإن كان معسرا متعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك.

5197- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن داود, عن الشعبي في قوله: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "، قال: قلت للشعبي: ما وسط ذلك؟ قال: كسوتها في بيتها، ودرعها وخمارها وملحفتها وجلبابها.

قال الشعبي: فكان شريح يمتع بخمسمئة.

&; 5-122 &;

5198- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود, عن عامر: أن شريحا كان يمتع بخمسمئة، قلت لعامر: ما وسط ذلك؟ قال: ثيابها في بيتها، درع وخمار وملحفة وجلباب.

5199- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي, عن داود, عن عمار الشعبي أنه قال: وسط من المتعة ثياب المرأة في بيتها، درع وخمار وملحفة وجلباب.

5200- حدثنا عمران بن موسى قال، حدثنا عبد الوارث قال، حدثنا داود, عن الشعبي: أن شريحا متع بخمسمئة. وقال الشعبي: وسط من المتعة، درع وخمار وجلباب وملحفة.

5201- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع بن أنس في قوله: " لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ"، قال: هو الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا, ثم يطلقها قبل أن يدخل بها, فلها متاع بالمعروف ولا صداق لها. قال: أدنى ذلك ثلاثة أثواب، درع وخمار، وجلباب وإزار.

5202- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ حتى بلغ: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ، فهذا في الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا, ثم يطلقها قبل أن يدخل بها, فلها متاع بالمعروف, ولا فريضة لها. وكان يقال: إذا كان واجدا فلا بد من مئزر وجلباب ودرع وخمار. (93)

5203- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن أبي زائدة, عن صالح بن صالح، قال: سئل عامر: بكم يمتع الرجل امرأته؟ قال: على قدر ماله.

&; 5-123 &;

5204- حدثني علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا شعبة, عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يحدث عن أمه قالت: كأني أنظر إلى جارية سوداء، حممها عبد الرحمن أم أبي سلمة حين طلقها. (94)

قيل لشعبة: ما " حممها "؟ قال. متعها. (95)

5205- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن سعد بن إبراهيم, عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أمه، بنحوه, عن عبد الرحمن بن عوف.

5206- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن أيوب, عن ابن سيرين قال، كان يمتع بالخادم، أو بالنفقة أو الكسوة. قال: ومتع الحسن بن علي - أحسبه قال: بعشرة آلاف.

5207- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن أيوب, عن سعد بن إبراهيم: أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته فمتعها بالخادم.

5208- حدثت عن عبد الله بن يزيد المقري, عن سعيد بن أبي أيوب قال، حدثني عقيل, عن ابن شهاب: أنه كان يقول في متعة المطلقة: أعلاه الخادم، وأدناه الكسوة والنفقة. ويرى أن ذلك على ما قال الله تعالى ذكره: &; 5-124 &; " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "

* * *

وقال آخرون: مبلغ ذلك - إذا اختلف الزوج والمرأة فيه - قدر نصف صداق مثل تلك المرأة المنكوحة بغير صداق مسمى في عقده. وذلك قول أبي حنيفة وأصحابه.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قال ابن عباس ومن قال بقوله: من أن الواجب من ذلك للمرأة المطلقة على الرجل على قدر عسره ويسره, كما قال الله تعالى ذكره: " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "، لا على قدر المرأة. ولو كان ذلك واجبا للمرأة على قدر صداق مثلها إلى قدر نصفه، لم يكن لقيله تعالى ذكره: " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره "، معنى مفهوم= ولكان الكلام: ومتعوهن على قدرهن وقدر نصف صداق أمثالهن.

وفي إعلام الله تعالى ذكره عباده أن ذلك على قدر الرجل في عسره ويسره, لا على قدرها وقدر نصف صداق مثلها، ما يبين عن صحة ما قلنا، وفساد ما خالفه. وذلك أن المرأة قد يكون صداق مثلها المال العظيم, والرجل في حال طلاقه إياها مقتر لا يملك شيئا, فإن قضي عليه بقدر نصف صداق مثلها، ألزم ما يعجز عنه بعض من قد وسع عليه, فكيف المقدور عليه؟ (96) وإذا فعل ذلك به, كان الحاكم بذلك عليه قد تعدى حكم قول الله تعالى ذكره: " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " -ولكن ذلك على قدر عسر الرجل ويسره, لا يجاوز بذلك خادم أو قيمتها, إن كان الزوج موسعا. وإن كان مقترا، فأطاق أدنى ما يكون كسوه لها, وذلك ثلاثة أثواب ونحو ذلك, قضي عليه بذلك. وإن كان عاجزا عن ذلك، فعلى قدر طاقته. وذلك على قدر اجتهاد الإمام العادل عند الخصومة إليه فيه.

* * *

&; 5-125 &;

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله." ومتعوهن "، هل هو على الوجوب, أو على الندب؟

فقال بعضهم: هو على الوجوب، يقضى بالمتعة في مال المطلق, كما يقضى عليه بسائر الديون الواجبة عليه لغيره. وقالوا: ذلك واجب عليه لكل مطلقة، كائنة من كانت من نسائه.

* ذكر من قال ذلك:

5209- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كان الحسن وأبو العالية يقولان: لكل مطلقة متاع, دخل بها أو لم يدخل بها، وإن كان قد فرض لها.

5210- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية, عن يونس: أن الحسن كان يقول: لكل مطلقة متاع, وللتي طلقها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها.

5211- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب, عن سعيد عن جبير في هذه الآية: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [سورة البقرة: 241]، قال: كل مطلقة متاع بالمعروف حقا على المتقين.

5212- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن أيوب قال، سمعت سعيد بن جبير يقول: لكل مطلقة متاع.

5213- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قال: كان أبو العالية يقول: لكل مطلقة متعة. وكان الحسن يقول: لكل مطلقة متعة.

5214- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عامر قال، حدثنا قرة قال، سئل الحسن, عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، وقد فرض لها: هل لها متاع؟ قال الحسن: نعم والله! فقيل للسائل= وهو أبو بكر الهذلي= أو ما تقرأ &; 5-126 &; هذه الآية: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ؟ قال: نعم والله!

* * *

وقال آخرون: المتعة للمطلقة على زوجها المطلقها واجبة, ولكنها واجبة لكل مطلقة سوى المطلقة المفروض لها الصداق. فأما المطلقة المفروض لها الصداق إذا طلقت قبل الدخول بها, فإنها لا متعة لها, وإنما لها نصف الصداق المسمى.

* ذكر من قال ذلك:

5215- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا عبيد الله, عن نافع: أن ابن عمر كان يقول: لكل مطلقة متعة, إلا التي طلقها ولم يدخل بها، وقد فرض لها, فلها نصف الصداق، ولا متعة لها.

5216- حدثنا تميم بن المنتصر قال، أخبرنا عبد الله بن نمير, عن عبيد الله, عن نافع, عن ابن عمر بنحوه.

5217- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب- في الذي يطلق امرأته وقد فرض لها- أنه قال في المتاع: قد كان لها المتاع في الآية التي في" الأحزاب "، (97) فلما نـزلت الآية التي في" البقرة ", جعل لها النصف من صداقها إذا سمى, ولا متاع لها, وإذا لم يسم فلها المتاع.

5218- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى, عن سعيد, عن قتادة, عن سعيد نحوه.

5219- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال: كان سعيد بن المسيب يقول: إذا لم يدخل بها جعل لها في" سورة &; 5-127 &; الأحزاب " المتاع, ثم أنـزلت الآية التي في" سورة البقرة ": وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، إذا كان لم يدخل بها، وكان قد سمى لها صداقا, فجعل لها النصف ولا متاع لها.

5220- حدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن قتادة, عن سعيد بن المسيب قال: نسخت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ [سورة الأحزاب: 49] الآية التي في" البقرة ".

5221- حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن حميد, عن مجاهد قال: لكل مطلقة متعة, إلا التي فارقها وقد فرض لها من قبل أن يدخل بها.

5222- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد- في التي يفارقها زوجها قبل أن يدخل بها، وقد فرض لها, قال: ليس لها متعة.

5223- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أيوب, عن نافع قال: إذا تزوج الرجل المرأة وقد فرض لها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها, فلها نصف الصداق، ولا متاع لها. وإذا لم يفرض لها، فإنما لها المتاع.

5224- حدثنا يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، سئل ابن أبي نجيح وأنا أسمع: عن الرجل يتزاوج ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، وقد فرض لها, هل لها متاع؟ قال: كان عطاء يقول: لا متاع لها.

&; 5-128 &;

5225- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن أيوب, عن نافع, عن ابن عمر- في التي فرض لها ولم يدخل بها, قال: إن طلقت، فلها نصف الصداق ولا متعة لها.

5226- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن الحكم, عن إبراهيم: أن شريحا كان يقول -في الرجل إذا طلق امرأته قبل أن يدخل بها، وقد سمى لها صداقا- قال: لها في النصف متاع.

5227- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا عبد الرحمن, عن شعبة, عن الحكم, عن إبراهيم, عن شريح قال: لها في النصف متاع.

* * *

وقال آخرون: المتعة حق لكل مطلقة, غير أن منها ما يقضى به على المطلق, ومنها ما لا يقضى به عليه, ويلزمه فيما بينه وبين الله إعطاؤه.

* ذكر من قال ذلك:

5228- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرازق قال، أخبرنا معمر, عن الزهري قال: متعتان، إحداهما يقضى بها السلطان, والأخرى حق على المتقين: من طلق قبل أن يفرض ويدخل، فإنه يؤخذ بالمتعة، فإنه لا صداق عليه. ومن طلق بعد ما يدخل أو يفرض، فالمتعة حق.

5229- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني الليث, عن يونس, عن ابن شهاب، قال الله: " لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ"، فإذا تزوج الرجل المرأة ولم يفرض لها, ثم طلقها من قبل أن يمسها وقبل أن يفرض لها, فليس عليه إلا متاع بالمعروف، يفرض لها السلطان بقدر, وليس عليها عدة. وقال الله تعالى ذكره: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ، فإذا طلق الرجل المرأة &; 5-129 &; وقد فرض لها ولم يمسسها, فلها نصف صداقها, ولا عدة عليها.

5230- حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال، أخبرنا زهير, عن معمر, عن الزهري أنه قال: متعتان يقضى بإحداهما السلطان، ولا يقضى بالأخرى: فالمتعة التي يقضي بها السلطان حقا على المحسنين, والمتعة التي لا يقضي بها السلطان حقا على المتقين. (98)

* * *

وقال آخرون: لا يقضي الحاكم ولا السلطان بشيء من ذلك على المطلق, وإنما ذلك من الله تعالى ذكره ندب وإرشاد إلى أن تمتع المطلقة.

* ذكر من قال ذلك:

5231- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة, عن الحكم: أن رجلا طلق امرأته, فخاصمته إلى شريح, فقرأ الآية: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [سورة البقرة: 241]، قال: إن كنت من المتقين، فعليك المتعة. ولم يقض لها. قال شعبة: وجدته مكتوبا عندي عن أبي الضحى.

5223- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن أيوب, عن محمد قال: كان شريح يقول في متاع المطلقة، لا تأب أن تكون من المحسنين, لا تأب أن تكون من المتقين.

5233- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق أن شريحا قال للذي قد دخل بها: إن كنت من المتقين فمتع.

* * *

قال أبو جعفر: وكأن قائلي هذا القول ذهبوا في تركهم إيجاب المتعة فرضا &; 5-130 &; للمطلقات، إلى أن قول الله تعالى ذكره: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ، وقوله: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ، دلالة على أنها لو كانت واجبة وجوب الحقوق اللازمة الأموال بكل حال، لم يخصص المتقون والمحسنون بأنها حق عليهم دون غيرهم, بل كان يكون ذلك معموما به كل أحد من الناس.

وأما موجبوها على كل أحد سوى المطلقة المفروض لها الصداق, فإنهم اعتلوا بأن الله تعالى ذكره لما قال: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ، كان ذلك دليلا على أن لكل مطلقة متاعا سوى من استثناه الله تعالى ذكره في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. فلما قال: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ، كان في ذلك دليل عندهم على أن حقها النصف مما فرض لها, لأن المتعة جعلها الله في الآية التي قبلها عندهم، لغير المفروض لها. فكان معلوما عندهم بخصوص الله بالمتعة غير المفروض لها، أن حكمها غير حكم التي لم يفرض لها إذا طلقها قبل المسيس، (99) فيما لها على الزوج من الحقوق.

* * *

قال أبو جعفر: والذي هو أولى بالصواب من القول في ذلك عندي، قول من قال: " لكل مطلقة متعة "، لأن الله تعالى ذكره قال: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ، فجعل الله تعالى ذكره ذلك لكل مطلقة، ولم يخصص منهن بعضا دون بعض. فليس لأحد إحالة ظاهر تنـزيل عام، إلى باطن خاص، إلا بحجة يجب التسليم لها. (100)

* * *

فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد خص المطلقة قبل المسيس، إذا كان &; 5-131 &; مفروضا لها، بقوله: (101) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ، إذ لم يجعل لها غير النصف من الفريضة؟ (102)

قيل: إن الله تعالى ذكره إذا دل على وجوب شيء في بعض تنـزيله, ففي دلالته على وجوبه في الموضع الذي دل عليه، الكفاية عن تكريره, حتى يدل على بطول فرضه. وقد دل بقوله، وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، على وجوب المتعة لكل مطلقة, فلا حاجة بالعباد إلى تكرير ذلك في كل آية وسورة. وليس في دلالته على أن للمطلقة قبل المسيس المفروض لها الصداق نصف ما فرض لها، دلالة على بطول المتعة عنه. لأنه غير مستحيل في الكلام لو قيل: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ (103) وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ والمتعة. (104) فلما لم يكن ذلك محالا في الكلام، كان معلوما أن نصف الفريضة إذا وجب لها، لم يكن في وجوبه لها نفي عن حقها من المتعة, ولما لم يكن اجتماعهما للمطلقة محالا.= وكان الله تعالى ذكره قد دل على وجوب ذلك لها, وإن كانت الدلالة على وجوب أحدهما في آية غير الآية التي فيها الدلالة على وجوب الأخرى = ثبت وصح وجوبهما لها.

هذا، إذا لم يكن على أن للمطلقة المفروض لها الصداق إذا طلقت قبل &; 5-132 &; المسيس، (105) دلالة غير قول الله تعالى ذكره: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، فكيف وفي قول الله تعالى ذكره: " لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ"، الدلالة الواضحة على أن المفروض لها إذا طلقت قبل المسيس، لها من المتعة مثل الذي لغير المفروض لها منها؟ وذلك أن الله تعالى ذكره لما قال: لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً كان معلوما بذلك أنه قد دل به على حكم طلاق صنفين من طلاق النساء: أحدهما المفروض له, والآخر غير المفروض له. وذلك أنه لما قال: أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، علم أن الصنف الآخر هو المفروض له، وأنها المطلقة المفروض لها قبل المسيس. لأنه قال: لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ثم قال تعالى ذكره: " ومتعوهن "، فأوجب المتعة للصنفين منهن جميعا، المفروض لهن, وغير المفروض لهن. فمن ادعى أن ذلك لأحد الصنفين, سئل البرهان على دعواه من أصل أو نظير, ثم عكس عليه القول في ذلك. فلن يقول في شيء منه قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

* * *

قال أبو جعفر: وأرى أن المتعة للمرأة حق واجب، إذا طلقت، على زوجها المطلقها، على ما بينا آنفا - يؤخذ بها الزوج كما يؤخذ بصداقها, لا يبرئه منها إلا أداؤه إليها أو إلى من يقوم مقامها في قبضها منه, أو ببراءة تكون منها له. وأرى أن سبيلها سبيل صداقها وسائر ديونها قبله، يحبس بها إن طلقها فيها، (106) إذا لم يكن له شيء ظاهر يباع عليه، إذا امتنع من إعطائها ذلك.

وإنما قلنا ذلك, لأن الله تعالى ذكره قال: " ومتعوهن ،" فأمر الرجال أن يمتعوهن, وأمره فرض، إلا أن يبين تعالى ذكره أنه عنى به الندب والإرشاد، لما &; 5-133 &; قد بينا في كتابنا المسمى (بلطيف البيان عن أصول الأحكام), لقوله: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ . ولا خلاف بين جميع أهل التأويل أن معنى ذلك: وللمطلقات على أزواجهن متاع بالمعروف. وإذا كان ذلك كذلك, فلن يبرأ الزوج مما لها عليه إلا بما وصفنا قبل، من أداء أو إبراء على ما قد بينا.

* * *

فإن ظن ذو غباء أن الله تعالى ذكره إذ قال: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ و حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ، أنها غير واجبة، لأنها لو كانت واجبة لكانت على المحسن وغير المحسن, والمتقي وغير المتقي= فإن الله تعالى ذكره قد أمر جميع خلقه بأن يكونوا من المحسنين ومن المتقين, وما وجب من حق على أهل الإحسان والتقى, فهو على غيرهم أوجب, ولهم ألزم.

وبعد, فإن في إجماع الحجة على أن المتعة للمطلقة غير المفروض لها قبل المسيس واجبة بقوله: " ومتعوهن "، وجوب نصف الصداق للمطلقة المفروض لها قبل المسيس بقول الله تعالى ذكره (107) فيما أوجب لهما من &; 5-134 &; ذلك = (108) الدليل الواضح أن ذلك حق واجب لكل مطلقة بقوله: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وإن كان قال: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ .

ومن أنكر ما قلنا في ذلك, سئل عن المتعة للمطلقة غير المفروض لها قبل المسيس. فإن أنكر وجوب ذلك خرج من قول جميع الحجة، (109) ونوظر مناظرتنا المنكرين في عشرين دينارا زكاة, والدافعين زكاة العروض إذا كانت للتجارة, وما أشبه ذلك. (110) فإن أوجب ذلك لها, سئل الفرق بين وجوب ذلك لها, والوجوب لكل مطلقة, وقد شرط فيما جعل لها من ذلك بأنه حق على المحسنين, كما شرط فيما جعل للآخر بأنه حق على المتقين. فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

* * *

قال أبو جعفر: واجمع الجميع على أن المطلقة غير المفروض لها قبل المسيس, لا شيء لها على زوجها المطلقها غير المتعة.

* ذكر بعض من قال ذلك من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم:

5234- حدثنا أبو كريب ويونس بن عبد الأعلى قالا حدثنا ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن عطاء, عن ابن عباس قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يفرض لها وقبل أن يدخل بها, فليس لها إلا المتاع.

5235- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية, عن يونس قال، قال الحسن: إن طلق الرجل امرأته ولم يدخل بها ولم يفرض لها, فليس لها إلا المتاع.

&; 5-135 &;

5236- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب, عن نافع قال: إذا تزوج الرجل المرأة ثم طلقها ولم يفرض لها, فإنما لها المتاع.

5237- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث, عن يونس, عن ابن شهاب قال: إذا تزوج الرجل المرأة ولم يفرض لها, ثم طلقها قبل أن يمسها وقبل أن يفرض لها, فليس لها عليه إلا المتاع بالمعروف.

5238- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قول الله: لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً قال: ليس لها صداق إلا متاع بالمعروف.

5239- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه- إلا أنه قال: ولا متاع إلا بالمعروف.

5240- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ إلى: " ومتعوهن " قال: هذا الرجل توهب له فيطلقها قبل أن يدخل بها, فإنما عليه المتعة.

5241- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قال في هذه الآية: هو الرجل يتزوج المرأة ولا يسمي لها صداقا, ثم يطلقها قبل أن يدخل بها, فلها متاع بالمعروف, ولا فريضة لها.

5242- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع مثله.

5243- حدثنا عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، [حدثنا عبيد بن سليمان قال]، سمعت الضحاك يقول في قوله: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، هذا رجل وهبت له امرأته، فطلقها من قبل أن يمسها, فلها المتعة ولا فريضة لها, وليست عليها عدة.

* * *

&; 5-136 &;

قال أبو جعفر: وأما " الموسع ", فهو الذي قد صار من عيشه إلى سعة وغنى, يقال منه: " أوسع فلان فهو يوسع إيساعا وهو موسع ".

* * *

وأما " المقتر "، فهو المقل من المال, يقال: " قد أقتر فهو يقتر إقتارا, وهو مقتر ".

* * *

واختلف القرأة في قراءة " القدر ". (111)

فقرأه بعضهم: " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ". بتحريك " الدال " إلى الفتح من " القدر ", توجيها منهم ذلك إلى الاسم من " التقدير ", الذي هو من قول القائل: " قدر فلان هذا الأمر ".

* * *

وقرأ آخرون بتسكين " الدال " منه, توجيها منهم ذلك إلى المصدر من ذلك, كما قال الشاعر. (112)

ومـا صـب رجـلي في حديد مجاشع

مـع القـدر, إلا حاجـة لـي أريدهـا (113)

* * *

والقول في ذلك عندي أنهما جميعا قراءتان قد جاءت بهما الأمة, ولا تحيل القراءة بإحداهما معنى في الأخرى, بل هما متفقتا المعنى. فبأي- القراءتين قرأ القارئ ذلك, فهو للصواب مصيب.

وإنما يجوز اختيار بعض القراءات على بعض لبينونة المختارة على غيرها بزيادة &; 5-137 &; معنى أوجبت لها الصحة دون غيرها. وأما إذا كانت المعاني في جميعها متفقة, فلا وجه للحكم لبعضها بأنه أولى أن يكون مقروءا به من غيره.

* * *

قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذا: لا حرج عليكم، أيها الناس، لأن طلقتم النساء وقد فرضتم لهن ما لم تماسوهن، (114) وإن طلقتموهن ما لم تماسوهن قبل أن تفرضوا لهن, ومتعوهن جميعا على ذي السعة والغنى منكم من متاعهن حينئذ بقدر غناه وسعته, وعلى ذي الإقتار والفاقة منكم منه بقدر طاقته وإقتاره.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى : مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ومتعوهن متاعا. وقد يجوز أن يكون " متاعا " منصوبا قطعا من " القدر ". (115) لأن " المتاع " نكرة, و " القدر " معرفة.

* * *

ويعني بقوله: " بالمعروف "، بما أمركم الله به من إعطائكم إياهن ذلك، (116) بغير ظلم, ولا مدافعة منكم لهن به. (117)

ويعني بقوله: " حقا على المحسنين "، متاعا بالمعروف الحق على المحسنين. فلما دل إدخال " الألف واللام " على " الحق ", وهو من نعت " المعروف ", و " المعروف " معرفة, و " الحق " نكرة، نصب على القطع منه، (118) كما يقال: " أتاني الرجل راكبا ".

&; 5-138 &;

وجائز أن يكون نصب على المصدر من جملة الكلام الذي قبله, كقول القائل: " عبد الله عالم حقا ", ف " الحق " منصوب من نية كلام المخبر، كأنه قال: أخبركم بذلك حقا. (119)

والتأويل الأول هو وجه الكلام, لأن معنى الكلام: فمتعوهن متاعا بمعروف حق على كل من كان منكم محسنا.

* * *

وقد زعم بعضهم أن ذلك منصوب بمعنى: أحق ذلك حقا. والذي قاله من ذلك، بخلاف ما دل عليه ظاهر التلاوة. لأن الله تعالى ذكره جعل المتاع للمطلقات حقا لهن على أزواجهن , فزعم قائل هذا القول أن معنى ذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن نفسه أنه يحق أن ذلك على المحسنين. فتأويل الكلام إذا- إذ كان الأمر كذلك-: ومتعوهن على الموسع قدره, وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف الواجب على المحسنين.

* * *

ويعني بقوله: " المحسنين "، الذين يحسنون إلى أنفسهم في المسارعة إلى طاعة الله فيما ألزمهم به, وأدائهم ما كلفهم من فرائضه.

* * *

قال أبو جعفر: فإن قال قائل: إنك قد ذكرت أن " الجناح " هو الحرج، (120) وقد قال الله تعالى ذكره: لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ، فهل علينا من جناح لو طلقناهن بعد المسيس, فيوضع عنا بطلاقنا إياهن قبل المسيس؟ قيل: قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات ". (121)

&; 5-139 &;

5244- حدثنا بذلك ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى, عن سعيد, عن قتادة, عن شهر بن حوشب, عن النبي صلى الله عليه وسلم. (122)

* * *

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما بال أقوام يلعبون بحدود الله, يقولون: قد طلقتك، قد راجعتك، قد طلقتك ".

5245- حدثنا بذلك ابن بشار قال، حدثنا مؤمل قال، حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي بردة, عن أبيه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (123)

* * *

فجائز أن يكون " الجناح " الذي وضع عن الناس في طلاقهم نساءهم قبل المسيس, هو الذي كان يلحقهم منه بعد ذوقهم إياهن, كما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

* * *

&; 5-140 &;

وقد كان بعضهم يقول: معنى قوله في هذا الموضع: لا جُنَاحَ ، لا سبيل عليكم للنساء- إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن, ولم تكونوا فرضتم لهن فريضة -في إتباعكم بصداق ولا نفقة. وذلك مذهب، لولا ما قد وصفت من أن المعني بالطلاق قبل المسيس في هذه الآية صنفان من النساء: أحدهما المفروض لها, والآخر غير المفروض لها. فإذ كان ذلك كذلك, فلا وجه لأن يقال: لا سبيل لهن عليكم في صداق، إذا كان الأمر على ما وصفنا.

* * *

وقد يحتمل ذلك أيضا وجها آخر: وهو أن يكون معناه: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تماسوهن, في أي وقت شئتم طلاقهن. لأنه لا سنة في طلاقهن, فللرجل أن يطلقهن إذا لم يكن مسهن حائضا وطاهرا في كل وقت أحب. وليس ذلك كذلك في المدخول بها التي قد مست، لأنه ليس لزوجها طلاقها إن كانت من أهل الأقراء- إلا للعدة طاهرا في طهر لم يجامع فيه. فيكون " الجناح " الذي أسقط عن مطلق التي لم يمسها في حال حيضها، (124) هو " الجناح " الذي كان به مأخوذا المطلق بعد الدخول بها في حال حيضها، أو في طهر قد جامعها فيه.

---------------

الهوامش:

(79) انظر تفسير"الجناح" فيما سلف 3 : 230 ، 231 / ثم 4 : 162 ، 566 / ثم 5 : 71

(80) في المطبوعة والمخطوطة ، نص الآية"تمسوهن" ، وفي التفسير"تماسوهن" ، وهذا دليل على أنها كانت قراءة الطبري في أصله ، أما قراءة كاتب النسخة المخطوطة ، وقراءتنا في مصحفنا هذا ، فهي"تمسوهن" ، وسيذكر الطبري القراءتين .

(81) في المطبوعة : "ما يشاء بما شاء" ، وأثبت ما في المخطوطة .

(82) في المطبوعة : "وقد اختلفت القراء" ، وأثبت ما في المخطوطة . والقَرَأَة (بفتحات) جمع قارئ .

(83) ليس في المطبوعة : "أماسه" وزدتها في المخطوطة .

(84) في المخطوطة والمطبوعة : "ماس صاحبه" ، والأجود أن يقول : "مس صاحبه" .

(85) في المخطوطة : "فذلك الخبر نفسه" ، وفي المطبوعة : "كذلك الخبر . . . " ، وكلتاهما فاسدة مسلوبة المعنى .

(86) في المطبوعة : "وكثرة القراءة" ، وهو فاسد ، والقَرَأَة جمع قارئ كما سلف .

(87) انظر معنى"الفرض" فيما سلف 4 : 121

(88) البيت للنابغة الجعدي ، وقد سلف تخريجه وتفسيره في الجزء 3 : 311 ، 312 / وفي الجزء 4 : 287 .

(89) في المطبوعة : " . . . لفلان ألفين" بإسقاط"في" ، والصواب من المخطوطة .

(90) رزق الأمير جنده : أعطاهم الرزق ، وهو العطاء الذي فرضه لهم . والديوان : الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء ، وأول من دون الدواوين عمر رضي الله عنه

(91) انظر معنى"المتاع" فيما سلف 1 : 539 ، 540 / 3 : 53 -55 .

(92) الورق (بفتح فكسر) : الدراهم المضروبة . والورق (بفتحتين) : المال الناطق من الإبل والغنم .

(93) الواجد : القادر ، الذي يجد ما يقضي به دينه أو ما شابه ذلك .

(94) في المطبوعة : "عبد الرحمن بن أم سلمة" وهو خلط فاحش ، والصواب ما أثبته من المخطوطة . وأبو سلمة هو عبد الله الأصغر بن عبد الرحمن بن عوف ، وأمه تماضر ابنة الأصبغ بن عمرو الكلبية ، وهي أول كلبية نكحها قرشي . وإخوة أبي سلمة لأمه تماضر : أحيح وخالد ومريم ، بنو خالد بن عقبة بن أبي معيط ، خلف عليها بعد عبد الرحمن بن عوف.

وكانت العرب تسمي المتعة : التحميم. وعدي "حممها" إلى مفعولين؛ لأنه في معنى أعطاها إياها .

(95) الأثر : 5204- سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ، رأى ابن عمر ، وروى عن أبيه وعميه حميد وأبي سلمة . مات سنة 127 ، مترجم في التهذيب . وأم حميد بن عبد الرحمن هي : أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية أخت عثمان بن عفان لأمه ، أسلمت قديما ، وبايعت ، وحبست عن الهجرة إلى أن هاجرت سنة سبع في الهدنة . ولدت لعبد الرحمن بن عوف حميد بن عبد الرحمن وإبراهيم بن عبد الرحمن ، ورويا عنها . مترجمة في التهذيب وغيره .

(96) المقدور عليه : المضيق عليه رزقه . قدر عليه رزقه (بالبناء للمجهول) : ضيق .

(97) ستأتي آية"سورة الأحزاب" بعد قليل في الأثر رقم 5220 .

(98) الأثر : 5230- عمرو بن أبي سلمة التنيسي أبو حفص الدمشقي ، مترجم في التهذيب و"زهير" ، هو : زهير بن محمد التميمي ، مترجم في التهذيب . قال أحمد في عمرو بن أبي سلمة : "روى عن زهير أحاديث بواطيل ، كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله ، فغلظ فقلبها عن زهير" . وكلاهما متكلم فيه .

(99) المسيس : المس ، مصدر"مس" ، كما سلف آنفًا ص : 118 .

(100) عند هذا الموضع ، انتهى التقسيم القديم الذي نقلت عنه مخطوطتنا ، وفيها بعد هذا ما نصه :

"وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم كثيرا"

ثم يبدأ بعده .

"بسم الله الرحمن الرحيم" .

(101) في المطبوعة : "قد خصص المطلقة . . . " وأثبت الصواب من المخطوطة .

(102) في المخطوطة والمطبوعة : "غير النصف الفريضة" ، والصواب زيادة"من" ، أو تكون"غير نصف الفريضة" ، بحذف الألف واللام من"النصف" .

(103) في المخطوطة : "تماسوهن" ، وقد أشرنا آنفًا ص : 118 ، تعليق : 1 إلى أنها هي قراءة أبي جعفر ، وأنها كانت مثبتة هكذا في أصله .

(104) يعني : بعطف"والمتعة" على قوله : "فنصف ما فرضتم" .

(105) في المطبوعة : "للمطلقة المفروض الصداق" بإسقاط"لها" ، والصواب من المخطوطة .

(106) في المطبوعة : "يحبس لها" ، وأثبت ما في المخطوطة .

(107) في المطبوعة والمخطوطة : "وجوب نصف الصداق للمطلقة المفروض لها قبل المسيس ، قال الله تعالى ذكره فيما أوجب لها من ذلك . . . " . وقد وقفت طويلا على هذه العبارة ، فلم يخلص لها معنى عندي ، ولم أستحل أن أدعها بغير بيان فسادها ، وإثبات صحة ما رأيته . ومراد الطبري في سياق هذا الاحتجاج الأخير الذي بدأه في هذه الفقرة ، أن يتمم حجته في رد قول من ظن أن المتعة غير واجبة ، لقوله تعالى : "حقا على المحسنين" و"حقا على المتقين" ، فقال : إن قول الله تعالى"ومتعوهن" قد أوجبت المتعة للمطلقة غير المفروض لها قبل المسيس ، -كما أوجب قوله تعالى"فنصف ما فرضتم" ، نصف الصداق للمطلقة المفروض لها قبل المسيس- وهي الآية التي لم يذكر فيها : "حقا على المحسنين" ولا"حقا على المتقين" . ففي إجماع الحجة على وجوب ذلك لهما ، الدليل الواضح على أن قوله تعالى : "وللمطلقات متاع بالمعروف" ، يوجب المتعة لكل مطلقة-"وإن كان قال : حقا على المتقين" بعقب هذه الآية . ثم بين هذه الحجة في الفقرة التالية بيانا شافيا ، فقال إن إجماعهم على إيجاب المتعة للمطلقة غير المفروض لها بقوله : "ومتعوهن" مع تعقيب ذلك بقوله في الآية : "حقا على المحسنين" دليل على أن ذلك كذلك في قوله : "وللمطلقات متاع بالمعروف" ، مع تعقيب ذلك بقوله : "حقا على المتقين" ، فالمتعة واجبة لكل مطلقة ، كما وجبت في الآية الأخرى . من أجل هذا السياق الذي بينته ، رأيت أن نص المخطوطة والمطبوعة فاسد غير دال على معنى ، فاقتضى ذلك أن أجعل"قال الله تعالى ذكره" -"بقول الله تعالى ذكره" ، وأن أزيد بعدها : "فنصف ما فرضتم" ، وأن أجعل"فيما أوجب لها"-"فيما أوجب لهما" على

التدبر :

وقفة
[236] أباح تبارك وتعالى طلاق المرأة بعد العقد عليها وقبل الدخول بها، وإن كان في هذا انكسار لقلبها، ولهذا أمر تعالى بإمتاعها؛ وهو تعويضها عما فاتها، بشيء تعطاه من زوجها بحسب حاله؛ على الموسع قدره، وعلى المقتر قدره.
لمسة
[236] ﴿لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ تعلموا أدب القرآن! كناية من ألطف الكنايات التي تربي الإنسان على حسن الأدب وعفة التعبير، وتجنب الألفاظ الفاحشة في ما يتعلق بالعلاقة الزوجية.
وقفة
[236] ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ﴾ هذه الآية تُسمَّى آية المتعة، كما جاء على لسان بعض الفقهاء، وهي تشريع حكيم لأن فراق المرأة قبل الدخول بها ينشئ جفوة بينها وبين مطلقها، فجاءت المتعة تسرية لنفسها، وتعويضًا لها عما أصابها، وتلطيفًا لجو الطلاق وما يصاحبه من جفاء وشحناء، واستبقاءً للمودة بين الطرفين.
وقفة
[236] ‏متعة المطلقة -وهي ما يدفعه المطلق لطليقته جبرًا لكسر خاطرها- قيده الله بقيدين: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾، ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [241]؛ لأنه ثقيل على النفس إلا لهؤلاء.

الإعراب :

  • ﴿ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ:
  • لا: نافية للجنس تعمل عمل «إن». جناح: إسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. عليكم: جار ومجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف وتقديره: كائن أو موجود.
  • ﴿ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ:
  • إن: أداة شرط جازمة. طلقتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك في محل جزم فعل الشرط. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل. والميم: علامة جمع الذكور. النساء: مفعول به منصوب بالفتحة وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه والتقدير: إن طلقتم النساء فلا جناح عليكم.
  • ﴿ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ:
  • ما: نافية. لا عمل لها. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تمسوهنّ: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه: حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هن» ضمير الغائبات مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أو تكون بمعنى «من قبل أن تمسوهم».
  • ﴿ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ:
  • حرف عطف بمعنى «حتى». أو أن تفرضوا: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «أَوْ» وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف: فارقة واللام حرف جر و «هن» ضمير الاناث الغائبات مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتفرضوا. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق أو تكون بمعنى ومن قبل ان تفرضوا لهن مهرا. ويجوز أن تكون «أَوْ تَفْرِضُوا» معطوفة على «ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ».
  • ﴿ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ:
  • أي مهرا: مفعول به منصوب بالفتحة المنونة. الواو: استئنافية. متعوهن: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هن» ضمير متصل- ضمير الأناث الغائبات- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ:
  • أي على الغني: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. قدره: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ:
  • أي وعلى الفقير: والجملة الاسمية معطوفة بالواو على «عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ:
  • متاعا: بمعنى تمتيعا: مفعول مطلق منصوب بالفتح المنون وهو تأكيد لمتعوهن. بالمعروف: جار ومجرور متعلق بمتاعا أو بفعله
  • ﴿ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ:
  • حقا: صفة لمتاعا منصوبة مثله بالفتح النون ويجوز ان تكون مفعولا مطلقا لفعل محذوف تقديره: حق ذلك. على المحسنين: جار ومجرور متعلق بحقا أو بفعله وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن التنوين والحركة في المفرد. '

المتشابهات :

البقرة: 236﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ
البقرة: 180﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ
البقرة: 241﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [236] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ عز وجل حكمَ المطلقاتِ المدخولِ بهنّ، والمُتوفَّى عنهنَّ أزواجهُنَّ، بَيَّنَ هنا حكمَ المطلقةِ قبلَ الدخولِ بها، فذكر لها حالتين: الحالة الأولى: المطلقة قبل الدخول وقبل تسمية المهر: لها المتعة، قال تعالى:
﴿ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

تمسوهن:
قرئ:
1- تماسوهن، مضارع «ماس» ، وهى قراءة حمزة، والكسائي.
2- تمسوهن، مضارع «مس» ، وهى قراءة باقى السبعة.
الموسع:
قرئ:
1- الموسع، اسم فاعل من «أوسع» ، وهى قراءة الجمهور.
2- الموسع، بفتح الواو والسين وتشديدها، اسم مفعول من «وسع» ، وهى قراءة أبى حيوة.
قدره:
قرئ:
1- بسكون الدال، وهى قراءة ابن كثير، ونافع، وأبى بكر، وأبى عمرو.
2- بفتح الدال، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وابن عامر، وحفص، ويزيد، وروح.
3- بفتح الدال، والراء، انتصب على المعنى، أو على إضمار فعل.

مدارسة الآية : [237] :البقرة     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن ..

التفسير :

[237] وإن طلَّقتم النساء بعد العقد عليهن، ولم تجامعوهن، ولكنكم ألزمتم أنفسكم بمهر محدد لهن، فيجب عليكم أن تعطوهن نصف المهر المتفق عليه، إلا أنْ تُسامِح المطلقات، فيتركن نصف المهر المستحق لهن، أو يسمح الزوج بأن يترك للمطلقة المهر كله، وتسامحكم أيها الرجال

أي:إذا طلقتم النساء قبل المسيس, وبعد فرض المهر, فللمطلقات من المهر المفروض نصفه, ولكم نصفه. هذا هو الواجب ما لم يدخله عفو ومسامحة, بأن تعفو عن نصفها لزوجها, إذا كان يصح عفوها,{ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} وهو الزوج على الصحيح لأنه الذي بيده حل عقدته؛ ولأن الولي لا يصح أن يعفو عن ما وجب للمرأة, لكونه غير مالك ولا وكيل. ثم رغب في العفو, وأن من عفا, كان أقرب لتقواه, لكونه إحسانا موجبا لشرح الصدر, ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف, وينسى الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة, لأن معاملة الناس فيما بينهم على درجتين:إما عدل وإنصاف واجب, وهو:أخذ الواجب, وإعطاء الواجب. وإما فضل وإحسان, وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق, والغض مما في النفس، فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة, ولو في بعض الأوقات, وخصوصا لمن بينك وبينه معاملة, أو مخالطة, فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم، ولهذا قال:{ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

ثم بين- سبحانه- حق المرأة فيما لو طلقت قبل الدخول بها وبعد تسمية مهر لها فقال- تعالى-: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً، فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ.

أى: وإن طلقتم يا معشر الرجال النساء من قبل أن تدخلوا بهن وتباشروهن، ومن بعد أن قدرتم لهن صداقا معلوما، فالواجب عليكم في هذه الحالة أن تدفعوا لهن نصف ما قدرتم لهن من صداق، إلا أن تتنازل المرأة عن حقها فتتركه لمطلقها بسماحة نفس، بأن تكون هي الراغبة في الطلاق، أو يتنازل الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج عن حقه بأن يدفع لها المهر كاملا أو ما هو أكثر من النصف لأنه هو الراغب في الطلاق. وجملة وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً في موضع نصب على الحال من فاعل طَلَّقْتُمُوهُنَّ أو من مفعوله. أى وإن طلقتموهن حالة كونكم فارضين لهن المهر أو حالة كونهن مفروضا لهن المهر.

والفاء في قوله: فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ واقعة في جواب الشرط، والجملة في مجل جزم جواب الشرط، و «نصف» مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى فالواجب نصف، أو هو مبتدأ محذوف الخبر أى فلهن نصف، وقد صرحت الآية الكريمة بوجوب النصف، ولم تصرح بوجوب دفعه، لأنه قد يكون قدم لها المهر كله أو بعضه، فكان التعبير بالوجوب بيانا للحكم حتى يسترد المطلق ما دفعه زيادة عن النصف إن أراد ذلك، أو يكمل لها النصف إن كان قد دفع أقل منه.

وقوله: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ استثناء مفرغ من عموم الأحوال.

ويَعْفُونَ فعل مضارع الواو فيه لام الفعل، ونونه ضمير جماعة الإناث فهو هنا مبنى على السكون في محل نصب بأن. ووزنه يفعلن أى: فلهن نصف المهر الذي فرضتموه لهن في كل حال إلا في حال عفو المطلقات أى إبرائهن لكم وتنازلهن عن هذا الحق، أو في حال عفو الذي بيده عقدة النكاح، وهو الزوج المطلق- عند الأحناف والشافعية- لأنه هو المالك لعقد النكاح وحله، والمراد بعفوه أن يزيد على نصف المهر المقرر.

ويرى المالكية أن الذي بيده عقدة النكاح هو ولى المرأة، لأنه هو الذي بيده عقدة النكاح ثابتة، وأما الزوج فله ذلك حالة العقد المتقدم فقط.

وبكون المعنى على هذا الرأى: عليكم يا معشر الرجال أن تدفعوا للنساء نصف المهر إذا طلقتموهن بعد أن قدرتم لهن مهرا وقبل أن تمسوهن إلا أن يتنازل النساء عن هذا الحق، إذا كن يملكن ذلك، أو يتنازل أولياؤهن إن كن لا يملكن حق التنازل، كأن تكون البنت صغيرة، أو غير جائزة التصرف.

وقد دل كل فريق على مذهبه بما هو مبسوط في كتب الفقه.

ثم حبب- سبحانه- إلى الناس التسامح والتعاطف فقال: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

أى: من حق المرأة المطلقة على مطلقها أن يدفع لها نصف المهر إذا كان الطلاق قبل المباشرة وبعد تحديد المهر، وإذا تنازل أحد الطرفين عن جزء من حقه لصاحبه كان هذا التنازل حسنا.

لأن هذا التنازل والتسامح يضفى على جو الطلاق لونا من المودة والتقارب بين النفوس التي آلمها الفراق بتلك الصورة، فاحرصوا- أيها الناس- على هذا العفو بأن يتنازل كل فريق منكم لصاحبه عن شيء من حقه، ويتسامح معه، فإن ذلك أقرب إلى تقوى القلوب، وصفاء النفوس، ولا تتركوا أن يتفضل بعضكم على بعض بالإحسان، وحب الخير، وجميل الذكر، فالله- تعالى- بصير بأعمالكم وسيحاسبكم عليها، وسيجازى كل نفس بما عملت.

فالجملة الكريمة توجيه حكيم للناس إلى ما يدفع عنهم التشاحن والتباغض والتخاصم خصوصا في حالات الطلاق التي هي من أشد الأحوال دفعا إلى هذه الرذائل.

ولقد حفظ لنا التاريخ الإسلامى صورا مشرقة لهذا العفو والفضل من ذلك ما ذكره الإمام الزمخشري من أن جبير بن مطعم دخل على سعد بن أبى وقاص فعرض عليه بنتا له فتزوجها.

ثم طلقها قبل أن يدخل بها وبعث لها المهر كاملا. فقال له: لم تزوجتها؟ فقال: عرضها على فكرهت رده. فقيل له: فلم بعثت بالصداق كاملا؟ قال: فأين الفضل.

وروى أن أحد الصحابة تزوج امرأة وطلقها قبل الدخول بها فأعطاها الصداق كاملا، فقيل له في ذلك فقال: أنا أحق بالعفو منها .

وهكذا نرى مبلغ استجابة السلف الصالح لتوجيهات القرآن ووصاياه، فأين المسلمون اليوم من هذه الوصايا والأحكام؟

وبعد هذا الحديث المستفيض الذي لم ينته بعد عن الطلاق وأحكامه وآدابه، أورد القرآن آيتين كريمتين تأمران بالمحافظة على الصلاة وبالمداومة على طاعة الله، وبالملازمة لذكره- عز وجل- فقال- تعالى-:

وهذه الآية الكريمة مما يدل على اختصاص المتعة بما دلت عليه الآية الأولى حيث إنما أوجب في هذه الآية نصف المهر المفروض ، وإذا طلق الزوج قبل الدخول ، فإنه لو كان ثم واجب آخر من متعة لبينها لا سيما وقد قرنها بما قبلها من اختصاص المتعة بتلك الحالة والله أعلم .

وتشطير الصداق والحالة هذه أمر مجمع عليه بين العلماء ، لا خلاف بينهم في ذلك ، فإنه متى كان قد سمى لها صداقا ثم فارقها قبل دخوله بها ، فإنه يجب لها نصف ما سمى من الصداق ، إلا أن عند الثلاثة أنه يجب جميع الصداق إذا خلا بها الزوج ، وإن لم يدخل بها ، وهو مذهب الشافعي في القديم ، وبه حكم الخلفاء الراشدون ، لكن قال الشافعي : أخبرنا مسلم بن خالد ، أخبرنا ابن جريج ، عن ليث بن أبي سليم ، عن طاوس ، عن ابن عباس أنه قال : في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها ليس لها إلا نصف الصداق ; لأن الله يقول : ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) قال الشافعي : هذا أقوى وهو ظاهر الكتاب .

قال البيهقي : وليث بن أبي سليم وإن كان غير محتج به ، فقد رويناه من حديث ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس فهو يقوله .

وقوله : ( إلا أن يعفون ) أي : النساء عما وجب لها على زوجها من النصف ، فلا يجب لها عليه شيء .

قال السدي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : ( إلا أن يعفون ) قال : إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها . قال الإمام أبو محمد بن أبي حاتم ، رحمه الله : وروي عن شريح ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، ومجاهد ، والشعبي ، والحسن ، ونافع ، وقتادة ، وجابر بن زيد ، وعطاء الخراساني ، والضحاك ، والزهري ، ومقاتل بن حيان ، وابن سيرين ، والربيع بن أنس ، والسدي ، نحو ذلك . قال : وخالفهم محمد بن كعب القرظي فقال : ( إلا أن يعفون ) يعني : الرجال ، وهو قول شاذ لم يتابع عليه . انتهى كلامه .

وقوله : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) قال ابن أبي حاتم : ذكر عن ابن لهيعة ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال ] : " ولي عقدة النكاح الزوج " .

وهكذا أسنده ابن مردويه من حديث عبد الله بن لهيعة ، به . وقد أسنده ابن جرير ، عن ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره ولم يقل : عن أبيه ، عن جده ، فالله أعلم .

ثم قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : وحدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا جرير ، يعني ابن حازم ، عن عيسى يعني ابن عاصم قال : سمعت شريحا يقول : سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح . فقلت له : هو ولي المرأة . فقال علي : لا بل هو الزوج .

ثم قال : وفي إحدى الروايات عن ابن عباس ، وجبير بن مطعم ، وسعيد بن المسيب ، وشريح في أحد قوليه وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وعكرمة ، ونافع ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، ومحمد بن كعب القرظي ، وجابر بن زيد ، وأبي مجلز ، والربيع بن أنس ، وإياس بن معاوية ، ومكحول ، ومقاتل بن حيان : أنه الزوج .

قلت : وهذا هو الجديد من قولي الشافعي ، ومذهب أبي حنيفة . وأصحابه ، والثوري ، وابن شبرمة ، والأوزاعي ، واختاره ابن جرير . ومأخذ هذا القول : أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة الزوج ، فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها ، وكما أنه لا يجوز للولي أن يهب شيئا من مال المولية للغير ، فكذلك في الصداق .

قال : والوجه الثاني : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا محمد بن مسلم ، حدثنا عمرو بن دينار ، عن ابن عباس في الذي ذكر الله بيده عقدة النكاح قال : ذلك أبوها أو أخوها ، أو من لا تنكح إلا بإذنه ، وروي عن علقمة ، والحسن ، وعطاء ، وطاوس ، والزهري ، وربيعة ، وزيد بن أسلم ، وإبراهيم النخعي ، وعكرمة في أحد قوليه ، ومحمد بن سيرين في أحد قوليه : أنه الولي . وهذا مذهب مالك ، وقول الشافعي في القديم ; ومأخذه أن الولي هو الذي أكسبها إياه ، فله التصرف فيه بخلاف سائر مالها .

وقال ابن جرير : حدثنا سعيد بن الربيع الرازي ، حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال : أذن الله في العفو وأمر به ، فأي امرأة عفت جاز عفوها ، فإن شحت وضنت عفا وليها وجاز عفوه .

وهذا يقتضي صحة عفو الولي ، وإن كانت رشيدة ، وهو مروي عن شريح . لكن أنكر عليه الشعبي ، فرجع عن ذلك ، وصار إلى أنه الزوج وكان يباهل عليه .

وقوله : ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ) قال ابن جرير : قال بعضهم : خوطب به الرجال ، والنساء . حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، سمعت ابن جريج يحدث عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس : ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ) قال : أقربهما للتقوى الذي يعفو .

وكذا روي عن الشعبي وغيره ، وقال مجاهد ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس ، والثوري : الفضل هاهنا أن تعفو المرأة عن شطرها ، أو إتمام الرجل الصداق لها . ولهذا قال : ( ولا تنسوا الفضل [ بينكم ] ) أي : الإحسان ، قاله سعيد . وقال الضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وأبو وائل : المعروف ، يعني : لا تهملوه بل استعملوه بينكم .

وقد قال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن إسحاق ، حدثنا عقبة بن مكرم ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي ، عن عبد الله بن عبيد ، عن علي بن أبي طالب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان عضوض ، يعض المؤمن على ما في يديه وينسى الفضل ، وقد قال الله تعالى : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) شرار يبايعون كل مضطر ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر ، وعن بيع الغرر ، فإن كان عندك خير فعد به على أخيك ، ولا تزده هلاكا إلى هلاكه ، فإن المسلم أخو المسلم لا يحزنه ولا يحرمه " .

وقال سفيان ، عن أبي هارون قال : رأيت عون بن عبد الله في مجلس القرظي ، فكان عون يحدثنا ولحيته ترش من البكاء ويقول : صحبت الأغنياء فكنت من أكثرهم هما ، حين رأيتهم أحسن ثيابا ، وأطيب ريحا ، وأحسن مركبا [ مني ] . وجالست الفقراء فاسترحت بهم ، وقال : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) إذا أتاه السائل وليس عنده شيء فليدع له : رواه ابن أبي حاتم .

( إن الله بما تعملون بصير ) أي : لا يخفى عليه شيء من أموركم وأحوالكم ، وسيجزي كل عامل بعمله .

وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم

القول في تأويل قوله تعالى : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } وهذا الحكم من الله تعالى ذكره إبانة عن قوله : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة } وتأويل ذلك : لا جناح عليكم أيها الناس إن طلقتم النساء ما لم تماسوهن وقد فرضتم لهن فريضة , فلهن عليكم نصف ما كنتم فرضتم لهن من قبل طلاقكم إياهن , يعني بذلك : فلهن عليكم نصف ما أصدقتموهن . وإنما قلنا : إن تأويل ذلك كذلك لما قد قدمنا البيان عنه من أن قوله : { أو تفرضوا لهن فريضة } بيان من الله تعالى ذكره لعباده حكم غير المفروض لهن إذا طلقهن قبل المسيس , فكان معلوما بذلك أن حكم اللواتي عطف عليهن بأو غير حكم المعطوف بهن بها . وإنما كرر تعالى ذكره قوله : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة } وقد مضى ذكرهن في قوله : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن } ليزول الشك عن سامعيه واللبس عليهم من أن يظنوا أن التي حكمها الحكم الذي وصفه في هذه الآية هي غير التي ابتدأ بذكرها وذكر حكمها في الآية التي قبلها .إلا أن يعفون

وأما قوله : { إلا أن يعفون } فإنه يعني : إلا أن يعفو اللواتي وجب لهن عليكم نصف تلك الفريضة فيتركنه لكم , ويصفحن لكم عنه , تفضلا منهن بذلك عليكم , إن كن ممن يجوز حكمه في ماله , وهن بوالغ رشيدات , فيجوز عفوهن حينئذ عما عفون عنكم من ذلك , فيسقط عنكم ما كن عفون لكم عنه منه . وذلك النصف الذي كان وجب لهن من الفريضة بعد الطلاق وقيل العفو إن عفت عنه , أو ما عفت عنه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قاله أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 4126 - حدثني المثنى . قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } فهذا الرجل يتزوج المرأة وقد سمي لها صداقا , ثم يطلقها من قبل أن يمسها , فلها نصف صداقها , ليس لها أكثر من ذلك . 4127 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : إن طلق الرجل امرأته وقد فرض لها فنصف ما فرض , إلا أن يعفون . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 4128 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { وإذ طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } فنسخت هذه الآية ما كان قبلها إذا كان لم يدخل بها وقد كان سمى لها صداقا , فجعل لها النصف , ولا متاع لها . 4129 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } قال : هو الرجل يتزوج المرأة وقد فرض لها صداقا , ثم طلقها قبل أن يدخل بها , فلها نصف ما فرض لها , ولها المتاع , ولا عدة عليها . 4130 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثنا الليث عن يونس , عن ابن شهاب : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } قال : إذا طلق الرجل المرأة وقد فرض لها ولم يمسها , فلها نصف صداقها , ولا عدة عليها . ذكر من قال في قوله : { إلا أن يعفون } القول الذي ذكرناه من التأويل : 4131 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول : إذا طلقها قبل أن يمسها وقد فرض لها , فنصف الفريضة لها عليه , إلا أن تعفو عنه فتتركه . 4132 - حدثنا عن الحسين , قال : سمعت أبا معاذ , قال : أخبرنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك , يقول في قوله : { إلا أن يعفون } قال : المرأة تترك الذي لها . 4133 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : { إلا إذ يعفون } هي المرأة الثيب أو البكر يزوجها غير أبيها , فجعل الله العفو إليهن إن شئن عفون فتركن , وإن شئن أخذن نصف الصداق . 4134 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { إلا إذ ينفون } تترك المرأة شطر صداقها , وهو الذي لها كله . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 4135 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { إلا إذ ينفون } قال : المرأة تدع لزوجها النصف . 4136 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : ثني عبد الله بن عون , عن محمد بن سيرين , عن شريح : { إلا أن يعفون } قال : إن شاءت المرأة عفت , فتركت الصداق . * حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا عبد الله بن عون , عن محمد بن سيرين , عن شريح , مثله . 4137 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا عبيد الله , عن نافع قوله : { إلا أن يعفون } هي المرأة يطلقها زوجها قبل أن يدخل بها , فتعفو عن النصف لزوجها . 4138 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { إلا أن يعفون } أما " أن يعفون " فالثيب أن تدع من صداقها أو تدعه كله . 4139 - حدثنا المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني الليث , عن يونس , عن ابن شهاب : { إلا أن يعفون } قال : العفو إليهن إذا كانت المرأة ثيبا , فهي أولى بذلك , ولا يملك ذلك عليها ولي ; لأنها قد ملكت أمرها , فإن أرادت أن تعفو فتضع له نصفها الذي عليه من حقها جاز ذلك , وإن أرادت أخذه فهي أملك بذلك . 4140 - حدثني المثنى , قال . ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا معمر , وقال : وحدثني ابن شهاب : { إلا أن يعفون } قال : النساء . 4141 - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا عبيد الله , عن إسرائيل , عن السدي , عن أبي صالح : { إلا أن يعفون } قال : الثيب تدع صداقها . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو أسامة حماد بن زيد بن أسامة , قال : ثنا إسماعيل , عن الشعبي , عن شريح : { إلا أن يعفون } قال : قال : تعفو المرأة عن الذي لها كله . قال أبو جعفر : ما سمعت أحدا يقول حماد بن زيد بن أسامة إلا أبا هشام . 4142 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا عبدة , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , قال : إن شاءت عفت عن صداقها , يعني في قوله : { إلا أن يعفون } * حدثنا ابن هشام , قالا : ثنا عبيد الله , عن إسرائيل , عن أبي حصين , عن شريح , قال : تعفو المرأة وتدع نصف الصداق . 4143 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا ابن علية , عن ابن جريج , قال : قال الزهري : { إلا أن يعفون } الثيبات . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن جريج , قال : قال مجاهد : { إلا أن يعفون } قال : تترك المرأة شطرها . 4144 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { إلا أن يعفون } يعني النساء . 4145 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { إلا أن يعفون } إن كانت ثيبا عفت . 4146 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري قوله : { إلا أن يعفون } يعني المرأة . 4147 - حدثني علي بن سهل , قال : ثنا زيد , وحدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران جميعا , عن سفيان : { إلا أن يعفون } قال : المرأة إذا لم يدخل بها أن تترك له المهر , فلا تأخذ منه شيئا .أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح

القول في تأويل قوله تعالى : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله تعالى ذكره بقوله : { الذي بيده عقدة النكاح } فقال بعضهم : هو ولي البكر , وقالوا : ومعنى الآية : أو يترك الذي يلي على المرأة عقد نكاحها من أوليائها للزوج النصف الذي وجب للمطلقة عليه قبل مسيسه , فيصفح له عنه إن كانت الجارية ممن لا يجوز لها أمر في مالها . ذكر من قال ذلك : 4148 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن جريج , عن عمرو بن دينار , عن عكرمة , قال : قال ابن عباس رضي الله عنه : أذن الله في العفو وأمر به , فإن عفت فكما عفت , وإن ضنت وعفا وليها جاز وإن أبت . 4149 - حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } وهو أبو الجارية البكر , جعل الله سبحانه العفو إليه , ليس لها معه أمر إذا طلقت ما كانت في حجره . 4150 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة : { الذي بيده عقدة النكاح } الولي . * حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم , قال : قال علقمة : هو الولي . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة أنه قال : هو الولي . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا معمر , عن حجاج , عن النخعي , عن علقمة , قال : هو الوفي . 4151 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا عبيد الله , عن بيان النحوي , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة , وأصحاب عبد الله , قالوا : هو الولي . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا وكيع , عن سفيان , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة أنه قال : هو الولي . 4152 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا معمر , عن حجاج , أن الأسود بن زيد , قال : هو الولي . 4153 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو خالد , عن شعبة , عن أبي بشر , قال : قال طاوس ومجاهد : هو الولي ثم رجعا فقالا : هو الزوج . * حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا أبو بشر , قال : قال مجاهد وطاوس : هو الولي ثم رجعا فقالا : هو الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن فضيل , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن علقمة , قال : هو الولي . 4154 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن الشعبي , قال : زوج رجل أخته , فطلقها زوجها قبل أن يدخل بها , فعفا أخوها عن المهر , فأجازه شريح , ثم قال : أنا أعفو عن نساء بني مرة . فقال عامر : لا والله ما قضى قضاء قط أحق منه أن يجيز عفو الأخ في قوله : { إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } فقال فيها شريح بعد : هو الزوج إن عفا عن الصداق كله فسلمه إليها كله , أو عفت هي عن النصف الذي سمي لها , وإن تشاحا كلاهما أخذت نصف صداقها , قال : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } 4155 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا جرير بن حازم , عن عيسى بن عاصم الأسدي : أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح ؟ فقال : هو الولي . 4156 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا هشيم , قال : مغيرة : أخبرنا عن الشعبي , عن شريح أنه كان يقول : الذي بيده عقدة النكاح : هو الولي . ثم ترك ذلك , فقال : هو الزوج . * حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا سيار , عن الشعبي : أن رجلا تزوج امرأة , فوجدها دميمة , فطلقها قبل أن يدخل بها , فعفا وليها عن نصف الصداق . قال : فخاصمته إلى شريح , فقال لها شريح : قد عفا وليك . قال : ثم إنه رجع بعد ذلك , فجعل الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . 4157 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى , قالا : ثنا عبد الأعلى , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , عن الحسن , في الذي بيده عقدة النكاح , قال : الولي . * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا هشيم , عن منصور أو غيره , عن الحسن , قال : هو الولي . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن إدريس , عن هشام , عن الحسن , قال : هو الولي . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أبي رجاء , قال : سئل الحسن , عن الذي بيده عقدة النكاح ؟ قال : هو الولي . 4158 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا وكيع , عن يزيد بن إبراهيم , عن الحسن , قال : هو الذي أنكحها . 4159 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال : الذي بيده عقدة النكاح , هو الولي . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا وكيع وابن مهدي , عن سفيان , عن منصور , عن إبراهيم , قال : هو الولي . 4160 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن مهدي , عن أبي عوانة , عن مغيرة , عن إبراهيم والشعبي , قالا : هو الولي . 4161 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : أخبرنا ابن جريج , عن عطاء , قال : هو الولي . 4162 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا عبيد الله , عن إسرائيل , عن السدي , عن أبي صالح : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : ولي العذراء . 4163 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن جريج , قال : قال لي الزهري : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } ولي البكر . 4164 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } هو الولي . 4165 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , قال : أخبرنا ابن طاوس , عن أبيه , وعن رجل , عن عكرمة , قال معمر وقاله الحسن أيضا , قالوا : الذي بيده عقدة النكاح : الولي . 4166 - حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن الزهري , قال : الذي بيده عقدة النكاح : الأب . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن منصور , عن إبراهيم عن علقمة , قال : هو الولي . 4167 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحماني , قال : ثنا شريك , عن سالم , عن مجاهد , قال : هو الولي . 4168 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { الذي بيده عقدة النكاح } هو ولي البكر . 4169 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في الذي بيده عقدة النكاح : الوالد . ذكره ابن زيد , عن أبيه . 4170 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , عن مالك , عن زيد وربيعة : { الذي بيده عقدة النكاح } الأب في ابنته البكر , والسيد في أمته . 4171 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال مالك : وذلك إذا طلقت قبل الدخول بها , فله أن يعفو عن نصف الصداق الذي وجب لها عليه ما لم يقع طلاق . 4172 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني الليث , عن يونس , عن ابن شهاب , قال : { الذي بيده عقدة النكاح } هي البكر التي يعفو وليها , فيجوز ذلك , ولا يجوز عفوها هي . 4173 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول : { إلا أن يعفون } أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه , فإن هي شحت إلا أن تأخذه فلها ولوليها الذي أنكحها الرجل , عم أو أخ أو أب , أن يعفو عن النصف , فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة . * حدثنا سعيد بن الربيع المرادي , قال : ثنا سفيان , عن عمرو بن دينار , عن عكرمة , قال : أذن الله في العفو وأمر به , فإن امرأة عفت جاز عفوها , وإن شحت وضنت عفا وليها , وجاز عفوه . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , عن إبراهيم قال : الذي بيده عقدة النكاح : الولي . وقال آخرون : بل الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . قالوا : ومعنى ذلك : أو يعفو الذي بيده نكاح المرأة فيعطيها الصداق كاملا . ذكر من قال ذلك : 4174 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا أبو شحمة , قال : ثنا حبيب , عن الليث , عن قتادة , عن خلاس بن عمرو , عن علي , قال : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج 4175 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , قال : ثنا جرير بن حازم , عن عيسى بن عاصم الأسدي , أن عليا سأل شريحا عن الذي بيده عقدة النكاح , فقال : هو الولي . فقال علي : لا , ولكنه الزوج . * حدثنا ابن حميد , قال : ثنا إبراهيم , قال : ثنا جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم , قال : سمعت شريحا قال : قال لي علي : من الذي بيده عقدة النكاح ؟ قلت : ولي المرأة . قال : لا , بل هو الزوج . 4176 - حدثنا أبو هشام الرفاعي , قال : ثنا ابن مهدي , قال : ثنا حماد بن سلمة , عن عمار بن أبي عمار , عن ابن عباس , قال : هو الزوج . * حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : قلت لحماد بن سلمة , من الذي بيده عقده النكاح ؟ فذكر عن علي بن زيد , عن عمار بن أبي عمار , عن ابن عباس , قال : الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا عبيد الله , قال : أخبرنا إسرائيل , عن خصيف , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : هو الزوج . 4177 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن فضيل , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن ابن عباس وشريح , قالا : هو الزوج . 4178 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن مهدي , عن عبد الله بن جعفر , عن واصل بن أبي سعيد , عن محمد بن جبير بن مطعم : أن أباه تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها , فأرسل بالصداق وقال : أنا أحق بالعفو . 4179 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن صالح بن كيسان أن جبير بن مطعم تزوج امرأة , فطلقها قبل أن يبني بها وأكمل لها الصداق , وتأول : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } 4180 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن إدريس , عن محمد بن عمرو , عن نافع , عن جبير : أنه طلق امرأته قبل أن يدخل بها , فأتم لها الصداق وقال : أنا أحق بالعفو . 4181 - حدثنا حميد بن مسعدة , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال : حدثني عبد الله بن عون , عن محمد بن سيرين , عن شريح : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : إن شاء الزوج أعطاها الصداق كاملا . * حدثنا حميد , قال : ثنا بشر بن المفضل , قال : ثنا عبد الله بن عون , عن محمد بن سيرين , بنحوه . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الرحمن , قال : ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن شريح , قال : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . * حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا داود , عن عامر , أن شريحا قال : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . فرد ذلك عليه . * حدثني أبو السائب , قال : ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم , عن شريح , قال : الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج . قال : وقال إبراهيم : وما يدري شريحا * حدثنا أبو كريب , قال : ثنا معمر , قال : ثنا حجاج , عن شريح , قال : هو الزوج . * حدثنا أبو كريب , قال : أخبرنا الأعمش , عن إبراهيم , عن شريح , قال : هو الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو أسامة حماد بن زيد بن أسامة , قال : ثنا إسماعيل , عن الشعبي , عن شريح : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } وهو الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا عبيد الله , عن إسرائيل , عن أبي حصين , عن شريح , قال : { الذي بيده عقدة النكاح } قال : الزوج يتم لها الصداق . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو معاوية , عن إسماعيل , عن الشعبي , وعن الحجاج , عن الحكم , عن شريح , وعن الأعمش , عن إبراهيم , عن شريح , قال : هو الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا وكيع , قال : ثنا إسماعيل , عن الشعبي , عن شريح , قال : هو الزوج إن شاء أتم لها الصداق , وإن شاءت عفت عن الذي لها . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن أيوب , عن محمد , قال : قال شريح : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن أيوب , عن ابن سيرين , عن شريح : { أن يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : إن شاء الزوج عفا فكمل الصداق . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا الثوري , عن منصور , عن إبراهيم , عن شريح , قال : هو الزوج . 4182 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى , قالا : ثنا ابن أبي عدي , عن عبد الأعلى , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , قال : الذي بيده عقدة النكاح : قال : هو الزوج . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبدة , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : هو الزوج . 4183 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا ابن مهدي , عن حماد بن سلمة , عن قيس بن سعد , عن مجاهد , قال : هو الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا وكيع , قال : ثنا سفيان , عن ليث , عن مجاهد , قال : الزوج . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , وحدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل جميعا , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } زوجها أن يتم لها الصداق كاملا . * حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , وعن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , وعن أيوب , وعن ابن سيرين , عن شريح , قالوا : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . * حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن جريج , قال : قال مجاهد : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج , { أن يعفو الذي بيده عقدة النكاح } إتمام الزوج الصداق كله . 4184 - حدثني يعقوب , قال : ثنا ابن علية , عن ابن جريج , عن عبد الله بن أبي مليكة , قال : قال سعيد بن جبير : { الذي بيده عقدة النكاح } الزوج . 4185 - حدثني يعقوب , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا أبو بشر , عن سعيد بن جبير , قال : الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج . قال : وقال مجاهد وطاوس : هو الولي . قال : قلت لسعيد : فإن مجاهدا وطاوسا يقولان : هو الولي ؟ قال سعيد : فما تأمرني إذا ؟ قال : أرأيت لو أن الولي عفا وأبت المرأة أكان يجوز ذلك ؟ فرجعت إليهما فحدثتهما , فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدا . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا حميد , عن الحسن بن صالح , عن سالم الأفطس , عن سعيد , قال : هو الزوج . * حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو خالد الأحمر , عن شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد , قال : هو الزوج , وقال طاوس ومجاهد : هو الولي , فكلمتهما في ذلك حتى تابعا سعيدا . * حدثنا ابن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , عن سعيد بن جبير وطاوس ومجاهد , بنحوه . 4186 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو الحسين , يعني زيد بن الحباب , عن أفلح بن سعيد , قال : سمعت محمد بن كعب القرظي , قال : هو الزوج أعطى ما عنده عفوا . 4187 - حدثنا أبو هشام , قال : ثنا أبو داود الطيالسي , عن زهير , عن أبي إسحاق , عن الشعبي , قال : هو الزوج . 4188 - حدثنا محمد بن المثنى , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا عبد الله , عن نافع , قال : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج , { إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : أما قوله : { إلا أن يعفون } فهي المرأة التي يطلقها زوجها قبل أن يدخل بها , فإما أن تعفو عن النصف لزوجها , وإما أن يعفو الزوج فيكمل لها صداقها . 4189 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { الذي بيده عقدة النكاح } الزوج . 4190 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن المسعودي , عن القاسم , قال : كان شريح يجاثيهم على الركب ويقول : هو الزوج . 4191 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا محمد بن حرب , قال : حدثنا ابن لهيعة , عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الذي بيده عقدة النكاح الزوج , يعفو , أو تعفو " . 4192 - حدثنا عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد , قال : أخبرنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } قال : الزوج . وهذا في المرأة يطلقها زوجها ولم يدخل بها , وقد فرض لها , فلها نصف المهر , فإن شاءت تركت الذي لها وهو النصف , وإن شاءت قبضته . 4193 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , وحدثني علي , قال : ثنا زيد جميعا , عن سفيان : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } الزوج . 4194 - حدثني يحيى بن أبي طالب , قال : ثنا يزيد بن هارون , قالا : أخبرنا جويبر , عن الضحاك , قال : الذي بيده عقدة النكاح : الزوج . 4195 - حدثنا ابن البرقي , قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة , عن سعيد بن عبد العزيز , قال : سمعت تفسير هذه الآية : { إلا أن يعفون } النساء , فلا يأخذن شيئا , { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } الزوج , فيترك ذلك فلا يطلب شيئا . * ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن منصور , قال : قال شريح في قوله : { إلا أن يعفون } قال : يعفو النساء , { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } الزوج . وأولى القولين في ذلك بالصواب , قول من قال : المعني بقوله : { الذي بيده عقدة النكاح } : الزوج , وذلك لإجماع الجميع على أن ولي جارية بكر أو ثيب , صبية صغيرة كانت أو مدركة كبيرة , لو أبرأ زوجها من مهرها قبل طلاقه إياها , أو وهبه له , أو عفا له عنه , أن إبراءه ذلك , وعفوه له عنه باطل , وإن صداقها عليه ثابت ثبوته قبل إبرائه إياه منه , فكان سبيل ما أبرأه من ذلك بعد طلاقه إياها سبيل ما أبرأه منه قبل طلاقه إياها . وأخرى أن الجميع مجمعون على أن ولي امرأة محجور عليها أو غير محجور عليها , لو وهب لزوجها المطلقها بعد بينونتها منه درهما من مالها على غير وجه العفو منه عما وجب لها من صداقها قبله أن وهبته ما وهب من ذلك مردودة باطلة , وهم مع ذلك مجمعون على أن صداقها مال من مالها , فحكمه حكم سائر أموالها . وأخرى أن الجميع مجمعون على أن بني أعمام المرأة البكر وبني إخوتها من أبيها وأمها من أوليائها , وإن بعضهم لو عفا عن مالها , أو بعد دخوله بها , إن عفوه ذلك عما عفا له عنه منه باطل , وإن حق المرأة ثابت عليه بحاله , فكذلك سبيل عفو كل ولي لها كائنا من كان من الأولياء , والدا كان أو جدا أو أخا , لأن الله تعالى ذكره لم يخصص بعض الذين بأيديهم عقد النكاح دون بعض في جواز عفوه , إذا كانوا ممن يجوز حكمه في نفسه وماله . ويقال لمن أبى ما قلنا ممن زعم أن الذي بيده عقدة النكاح ولي المرأة , هل يخلو القول في ذلك من أحد أمرين , إذ كان الذي بيده عقدة النكاح هو الولي عندك إما أن يكون ذلك كل ولي جاز له تزويج وليته , أو يكون ذلك بعضهم دون بعض ؟ فلن يجد إلى الخروج من أحد هذين القسمين سبيلا . فإن قال : إن ذلك كذلك , قيل له : فأي ذلك عني به ؟ فإن قال : لكل ولي جاز له تزويج وليته . قيل له : أفجائز للمعتق أمة تزويج مولاته بإذنها بعد عتقه إياها ؟ فإن قال نعم , قيل له : أفجائز عفوه إن عفا عن صداقها لزوجها بعد طلاقه إياها قبل المسيس , فإن قال نعم خرج من قول الجميع . وإن قال لا قيل له : ولم وما الذي حظر ذلك عليه , وهو وليها الذي بيده عقدة نكاحها , ثم يعكس القول عليه في ذلك , ويسأل الفرق بينه , وبين عفو سائر الأولياء غيره . وإن قال لبعض دون بعض , سئل البرهان على خصوص ذلك , وقد عمه الله تعالى ذكره فلم يخصص بعضا دون بعض , ويقال له : من المعني به إن كان المراد بذلك بعض الأولياء دون بعض ؟ فإن أومأ في ذلك إلى بعض منهم , سئل البرهان عليه , وعكس القول فيه وعورض في قوله ذلك , بخلاف دعواه , ثم لن يقول في ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله . فإن ظن ظان أن المرأة إذا فارقها زوجها , فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها , والله تعالى ذكره إنما أجاز عفو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة فكان معلوما بذلك أن الزوج غير معني به وأن المعني به هو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة بعد بينونتها من زوجها . وفي بطول ذلك أن يكون حينئذ بيد الزوج , صحة القول أنه بيد الولي الذي إليه عقد النكاح إليها . وإذا كان ذلك كذلك صح القول بأن الذي بيده عقدة النكاح , هو الولي , فقد غفل وظن خطأ . وذلك أن معنى ذلك : أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحه , وإنما أدخلت الألف واللام في النكاح بدلا من الإضافة إلى الهاء التي كان " النكاح " لو لم يكونا فيه مضافا إليها , كما قال الله تعالى ذكره : { فإن الجنة هي المأوى } بمعنى : فإن الجنة مأواه , وكما قال نابغة بني ذبيان : لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم من الناس فالأحلام غير عوازب بمعنى : فأحلامهم غير عوازب . والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى . فتأويل الكلام : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح , وهو الزوج الذي بيده عقدة نكاح نفسه في كل حال , قبل الطلاق وبعده , لأن معناه : أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن . فيكون تأويل الكلام ما ظنه القائلون أنه الولي : ولي المرأة , لا أن ولي المرأة لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها إلا في حال طفولتها , وتلك حال لا يملك العقد عليها إلا بعض أوليائها في قول أكثر من رأى أن الذي بيده عقدة النكاح الولي , ولم يخصص الله تعالى ذكره بقوله . { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } بعضا منهم , فيجوز توجيه التأويل إلى ما تأولوه , لو كان لما قالوا في ذلك وجه . وبعد , فإن الله تعالى ذكره إنما كنى بقوله : { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون } عن ذكر النساء اللاتي قد جرى ذكرهن في الآية قبلها , وذلك قوله : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن } والصبايا لا يسمين نساء وإنما يسمين صبيا أو جواري , وإنما النساء في كلام العرب : جمع اسم المرأة , ولا تقول العرب للطفلة والصبية والصغيرة امرأة , كما لا تقول للصبي الصغير رجل . وإذ كان ذلك كذلك , وكان قوله : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } عند الزاعمين أنه الولي , إنما هو : { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } عما وجب لوليته التي تستحق أن يولي عليها مالها , إما لصغر , وإما لسفه , والله تعالى ذكره إنما اختص في الآيتين قصص النساء المطلقات , لعموم الذكر دون خصوصه , وجعل لهن العفو بقوله : { إلا أن يعفون } كان معلوما بقوله : { إلا أن يعفون } أن المعنيات منهن بالآيتين اللتين ذكرهن فيهما جميعهن دون بعض , إذ كان معلوما أن عفو من تولى عليه ماله منهن باطل . وإذ كان ذلك كذلك , فبين أن التأويل في قوله : أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحهن , يوجب أن يكون لأولياء الثيبات الرشد البوالغ من العفو عما وهب لهن من الصداق بالطلاق قبل المسيس , مثل الذي لأولياء الأطفال الصغار المولى عليهن أموالهن السفه . وفي إنكار المائلين إن الذي بيده عقدة النكاح الولي , عفو أولياء الثيبات الرشد البوالغ على ما وصفنا , وتفريقهم بين أحكامهم وأحكام أولياء الأخر , ما أبان عن فساد تأويلهم الذي تأولوه في ذلك . ويسأل القائلون بقولهم في ذلك الفرق بين ذلك من أصل أو نظير , فلن يقولوا في شيء من ذلك قولا إلا ألزموا في خلافه مثله .وأن تعفوا أقرب للتقوى

القول في تأويل قوله تعالى : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } اختلف أهل التأويل فيمن خوطب بقوله : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } ; فقال بعضهم : خوطب بذلك الرجال والنساء . ذكر من قال ذلك : 4196 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : سمعت ابن جريج يحدث عن عطاء بن أبي رباح , عن ابن عباس : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } قال : أمر بهما للتقوى الذي يعفو . 4197 - حدثنا ابن البرقي , قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة , عن سعيد بن عبد العزيز , قال : سمعت تفسير هذه الآية : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } قال : يعفون جميعا . فتأويل الآية على هذا القول : وأن تعفوا أيها الناس بعضكم عما وجب له قبل صاحبه من الصداق قبل الافتراق عند الطلاق , أقرب له إلى تقوى الله . وقال آخرون : بل الذي خوطبوا بذلك أزواج المطلقات . ذكر من قال ذلك . 4198 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن الشعبي . { وأن تعفوا أقرب للتقوى } : وأن يعفو هو أقرب للتقوى . فتأويل ذلك على هذا القول : وأن تعفوا أيها المفارقون أزواجهم , فتتركوا لهن ما وجب لكم الرجوع به عليهن من الصداق الذي سقتموه إليهن , أو . . . لهن , بإعطائكم إياهن الصداق الذي كنتم سميتم لهن في عقدة النكاح , إن لم تكونوا سقتموه إليهن ; أقرب لكم إلى تقوى الله . والذي هو أولى القولين بتأويل الآية عندي في ذلك : ما قاله ابن عباس , وهو أن معنى ذلك : وأن يعفو بعضكم لبعض أيها الأزواج والزوجات بعد فراق بعضكم بعضا عما وجب لبعضكم قبل بعض , فيتركه له إن كان قد بقي له قبله , وإن لم يكن بقي له , فبأن يوفيه بتمامه أقرب لكم إلى تقوى الله . فإن قال قائل : وما في الصفح عن ذلك من القرب من تقوى الله , فيقال للصافح العافي عما وجب له قبل صاحبه : فعلك ما فعلت أقرب لك إلى تقوى الله ؟ قيل له : الذي في ذلك من قربه من تقوى الله مسارعته في عفوه ذلك إلى ما ندبه الله إليه , ودعاه وحضه عليه , فكان فعله ذلك إذا فعله ابتغاء مرضاة الله , وإيثار ما ندبه إليه على هوى نفسه , معلوما به , إذ كان مؤثرا فعل ما ندبه إليه مما لم يفرضه عليه على هوى نفسه , أنه لما فرضه عليه وأوجبه أشد إيثارا , ولما نهاه أشد تجنبا , وذلك هو قربه من التقوى .ولا تنسوا الفضل بينكم

القول في تأويل قوله تعالى : { ولا تنسوا الفضل بينكم } يقول تعالى ذكره : ولا تغفلوا أيها الناس الأخذ بالفضل بعضكم على بعض فتتركوه , ولكن ليتفضل الرجل المطلق زوجته قبل مسيسها , فيكمل لها تمام صداقها إن كان لم يعطها جميعه وإن كان قد ساق إليها جميع ما كان فرض لها , فليتفضل عليها بالعفو عما يجب له , ويجوز له الرجوع به عليها , وذلك نصفه . فإن شح الرجل بذلك , وأبى إلا الرجوع بنصفه عليها , فالتتفضل المرأة المطلقة عليه برد جميعه عليه إن كانت قد قبضته منه , وإن لم تكن قبضته فتعفو عن جميعه , فإن هما لم يفعلا ذلك وشحا وتركا ما ندبهما الله إليه من أخذ أحدهما على صاحبه بالفضل , فلها نصف ما كان فرض لها في عقد النكاح , وله نصفه . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 4199 - حدثنا أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا ابن أبي ذئب , عن سعيد بن جبير بن مطعم , عن أبيه جبير : أنه دخل على سعد بن أبي وقاص , فعرض عليه ابنة له فتزوجها , فلما خرج طلقها , وبعث إليها بالصداق . قال : قيل له : فلم تزوجتها ؟ قال : عرضها علي , فكرهت ردها . قيل : فلم تبعث بالصداق ؟ قال : فأين الفضل ؟ 4200 - حدثنا أبو كريب , قال : ثنا ابن أبي زائدة , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : إتمام الزوج الصداق , أو ترك المرأة الشطر . * حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : إتمام الصداق , أو ترك المرأة شطره . * حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 4201 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثنا أبي , عن سفيان , عن ليث , عن مجاهد : { ولا تنسوا الفضل بينكم } في هذا وفي غيره . 4202 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : يقول ليتعاطفا . 4203 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , قال . ثنا سعيد , عن قتادة : { ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير } يرغبكم الله في المعروف , ويحثكم على الفضل . 4204 - حدثنا يحيى بن أبي طالب , قال : ثنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : المرأة يطلقها زوجها وقد فرض لها ولم يدخل بها , فلها نصف الصداق , فأمر الله أن يترك لها نصيبها , وإن شاء أن يتم المهر كاملا ; وهو الذي ذكر الله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } 4205 - حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { ولا تنسوا الفضل بينكم } حض كل واحد على الصلة , يعني الزوج والمرأة على الصلة . 4206 - حدثني المثنى , قال : ثنا حبان بن موسى , قال : أخبرنا ابن المبارك , قال : أخبرنا يحيى بن بشر أنه سمع عكرمة يقول في قول الله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } وذلك الفضل هو النصف من الصداق , وأن تعفو عنه المرأة للزوج , أو يعفو عنه وليها . 4207 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : يعفى عن نصف الصداق أو بعضه . 4208 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , وحدثني علي , قال . ثنا زيد جميعا , عن سفيان : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : حث بعضهم على بعض في هذا وفي غيره , حتى في عفو المرأة عن الصداق والزوج بالإتمام . 4209 - حدثني يحيى بن أبي طالب , قال : أخبرنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك : { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : المعروف . - حدثنا ابن البرقي , قال : ثنا عمرو , عن سعيد , قال : سمعت تفسير هذه الآية { ولا تنسوا الفضل بينكم } قال : لا تنسوا الإحسان .إن الله بما تعملون بصير

القول في تأويل قوله تعالى : { إن الله بما تعملون بصير } يعني تعالى ذكره بذلك : إن الله بما تعملون أيها الناس مما ندبكم إليه , وحضكم عليه من عفو بعضكم لبعض عما وجب له قبله من حق , بسبب النكاح الذي كان بينكم وبين أزواجكم , وتفضل بعضكم على بعض في ذلك وبغيره مما تأتون وتذرون من أموركم في أنفسكم وغيركم , مما حثكم الله عليه , وأمركم به , أو نهاكم عنه , { بصير } يعني بذلك : ذو بصر لا يخفى عليه منه شيء من ذلك , بل هو يحصيه عليكم , ويحفظه , حتى يجازي ذا الإحسان منكم على إحسانه , وذا الإساءة منكم على إساءته .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[237] ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ ولي عقدة النكاح: الزوج.
وقفة
[237] ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾، ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ [المائدة: 8] من أبرز صفات المتقين: العفو والعدل، اللهم اجعلنا منهم.
وقفة
[237] ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ الحث على المعاملة بالمعروف بين الأزواج والأقارب، وأن يكون العفو والمسامحة أساس تعاملهم فيما بينهم.
عمل
[237] تذكر أحدًا أخطأ عليك، واعف عنه محتسبًا على ربك أن يعوضك التقوى في قلبك، ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾.
وقفة
[237] ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ العفو شفاء لقلبك من غيظ قد تتقوض به حياتك ويجنبك ظلم من تتمنى أذاه وتسلك به طريق التقوى.
عمل
[237] أكثر الناس عفوًا وصفحًا أشدهم تقوى لله، وأقلهم عفوًا أقساهم قلبًا وأضعفهم إيمانًا ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾.
عمل
[237] تذكر أحدًا أخطأ عليك، واعف عنه محتسبًا على ربك أن يعوضك التقوى في قلبك ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾.
وقفة
[237] ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب؛ وهو: أخذ الواجب، وإعطاء الواجب، وإما فضل وإحسان؛ وهو: إعطاء ما ليس بواجب، والتسامح في الحقوق، والغض مما في النفس؛ فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة، ولو في بعض الأوقات.
وقفة
[237] ﴿وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ حفظ الجميل أدعى للعفو.
عمل
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ لا تجعل ساعة الخصومة تهدم سنواتِ المودَّة!
عمل
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ لا تجعل ساعةَ غضبٍ تهدمُ لحظاتٍ جميلةٍ، اللهم أدم الود في قلوبنا.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ تذكر (الفضل والعشرة والصحبة) يخفف العداوة.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ إذا كانت هذه الوصية في حال طلاق قبل دخول وليس بينهما عشرة، فكيف بمن عاش مع زوجته السنين الطوال؟ !
عمل
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ بعد الطلاق! فكيف بالمتزوجين؟! كن وفيًّا، يا رفيق الدرب إنى أذكر الفضل وأثني، إنهـا لحظة شكر وامتنان لك مني.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ قال ابن تيمية: «فيجب على كل من الزوجين أن يؤدي إلى الآخر حقوقه بطيب نفس وانشراح صدر».
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ ما أروعها من وصية! وهو إرشاد للأزواج إلى ترك تقصي الحقوق على بعضهم، والمسامحة فيما بينهم.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ تمام المروءة أن تراعي ورثة من كنت تراعيه، وتخلفه بزيادة على ما كنت تراعيهم حال حياته؛ لتكون الزيادة بإزاء إرعائه، ولا توهمهم أن المنزلة سقطت بموت كاسبهم، ووفر الإكرام على الأيتام؛ لتشوب مرارة يتمهم حلاوة التحنن.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ قاعدة ربانية تجمع بين السمو والوفاء لكل شخص ربطتك به علاقة ودٍّ فى يوم ما.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ فى العلاقات إذا حصل (الخطأ) بين المحبين فأيهما أولى بالمسح؟ الخطأ أم المحبة؟ فالذى يختار المحبة فليريح نفسه لأنه يبدو أنها لم تكن موجودة أصلًا، فإن يكن الفعل الذى أساء واحدًا فأفعاله الذى سررن ألوف.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ فى العلاقات أكثر ما يهدم علاقاتنا مع الآخرين هو انتظار من سيسأل أولًا.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ فى المعاملات فى بداية أى علاقة تظهر المشاعر، وفى نهايتها تظهر الأخلاق.
اسقاط
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ أخوك الذي ولدته أمك تخاصمت معه بسبب تافه، وقد كنتم تتقاسمون اللقمة سويًّا، أين فضل الأخوة؟ !
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ هذه وصيَّة الله للأزواج في الزوجة التي طُلِّقت قبل الدُّخول بها، ولم يَعِش معها يومًا، فيا تُرى كيف يكون الواجبُ في عِشرة زوجته أمِّ أولاده التي تعيش معه منذ سنين عددًا؟
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ تذكر أيام الحب والوفاء مع الزوج يخفف كثيرًا من الاحتقان.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ في حمأة المشكلات وحتي بعد الفراق ينبغي تذكر الايجابيات وحفظ العهد وهذا من صفات أهل المروءات والإحسان.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ فيجب على كل من الزوجين أن يؤدي إلى الآخر حقوقه بطيب نفس وانشراح صدر.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ كتم الأسرار الزوجية مروءة ودين، سئل أحد الصالحين عن مشاكله مع زوجته، قال: «هي زوجتي لا أبوح بما بيننا للناس»، ثم طلقها بعد ذلك، فسئل عما كان بينهما، فقال: «صارت امرأة أجنبية لا يحل لي الكلام عنها »، ما أجمل عفة اللسان للزوجين أو للطليقين!
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ المسلم -وإن كان يحب النفع للناس كافة- فهو لنفع أصدقائه أحب، ولما يصلهم من خير أفرح، ولا بأس إن وجد فضلًا أن يذكر منه أصحابه.
عمل
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ اجعل معاملتك للناس قائمة على الفضل والإحسان إليهم.
اسقاط
[237] ينبغي للإنسان ألا ينسى الفضل مع إخوانه في معاملته؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.
وقفة
[237] كل علاقة تصل فيها إلى طريق مسدود فتنقطع تذكر قوله تعالى :﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ الفضل بمعنى الإحسان؛ أي: لا تنسوا الإحسان الكائن بينكم من قبل، وليكن منكم على ذكر؛ حتى يرغب كلٌّ في العفو مقابلة لإحسان صاحبه عليه.
وقفة
[237] ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ من حق الزوج الذي له فضل الرجولة أن يكون هو العافـي، وأن لا يؤاخذ النساء بالعفو, ولذلك لم يأت في الخطاب أمر لهن ولا تحريض, فمن أقبح ما يكون حمل الرجل على المرأة في استرجاع ما آتاها، فينبغي أن لا تنسوا ذلك الفضل.
وقفة
[237] وصى الإسلام بحفظ الجميل والفضل؛ فذلك أدعى للعفو عن الناس ﴿وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ:
  • الواو: عاطفة. إن: حرف مصدري ونصب. طلقتموهن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع «المخاطبين» المتحرك في محل جزم فعل الشرط. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل الميم: علامة جمع الذكور والواو: للاشباع و «هن» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ:
  • جار ومجرور متعلق بطلقتموهن. أن: حرف مصدري ونصب. تمسوهنّ: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه: حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هن» ضمير متصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وجملة «تَمَسُّوهُنَّ» صلة «إِنْ» المصدرية لا محل لها و «إِنْ وما تلاها» بتأويل مصدر في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً:
  • الواو: حالية. قد: حرف تحقيق. فرضتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. اللام حرف جرّ و «هن» ضمير الاناث الغائبات في محل جر باللام. فريضة: مفعول به منصوب بالفتحة وجملة «قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً» في محل نصب حال والجار والمجرور «لَهُنَّ» متعلق بفرضتم.
  • ﴿ فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ:
  • الفاء: واقعة في جواب الشرط. نصف: مبتدأ مرفوع بالضمة وخبره: محذوف تقديره واجب. ما: اسم موصول بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل جر بالاضافة. فرضتم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور وجملة «فَرَضْتُمْ» صلة الموصول لا محل لها والعائد الى الموصول ضمير محذوف ومنصوب المحل لأنه مفعول به التقدير ما بفرضتم وجملة «فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.
  • ﴿ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ:
  • إلّا: أداة استثناء متعلقة بنصف ما فرضتم إلّا بأن يعفون. أن: حرف مصدرية ونصب. يعفون: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب بأن. ونون النسوة: ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «إِنْ المصدرية وما تلاها» بتأويل مصدر في محل جر بحرف الجر «الباء» المقدر ويجوز ان تكون «نصف» مبتدأ مؤخرا والخبر محذوفا أي فعليكم نصف.
  • ﴿ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي:
  • أو: حرف عطف. يعفو: فعل مضارع منصوب معطوف على «يَعْفُونَ» وعلامة نصبه الفتحة. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل «يَعْفُوَا».
  • ﴿ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ:
  • بيده: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والهاء: ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالاضافة. عقدة: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. النكاح: مضاف اليه مجرور بالكسرة والجملة صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا:
  • الواو: استئنافية. أن: حرف مصدري ونصب. تعفوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة الواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف: فارقة و «إِنْ المصدرية وما بعدها» بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ التقدير: والعفو.
  • ﴿ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى:
  • أقرب: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. للتقوى: جار ومجرور متعلق بأقرب وعلامة جر الاسم: الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. وأفعل التفضيل «أَقْرَبُ» عدّي بالحرف الذي يتعدى به فعله.
  • ﴿ وَلا تَنْسَوُا:
  • الواو: استئنافية. لا: ناهية جازمة. تنسوا: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
  • ﴿ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ:
  • الفضل: مفعول به منصوب بالفتحة. بينكم: ظرف مكان منصوب بالفتحة وهو مضاف. الكاف: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. والميم: علامة جمع الذكور.
  • ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِما:
  • إنّ: حرف توكيد ونصب مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة: اسم «إِنْ» منصوب للتعظيم بالفتحة. بما: الباء: حرف جر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق ببصير.
  • ﴿ تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ:
  • فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بصير: خبر «إِنْ» مرفوع بالضمة وجمله «تَعْمَلُونَ» صلة الموصول لا محل لها والعائد الى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير: ما تعملونه أو تكون «ما» مصدرية التأويل بعملكم. '

المتشابهات :

البقرة: 237﴿وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ
الأحزاب: 49﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [237] لما قبلها :     الحالة الثانية: المطلقة قبل الدخول وبعد تسمية المهر: لها نصف الصداق، قال تعالى:
﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

القراءات :

فنصف:
قرئ:
1- بكسر النون وضم الفاء، وهى قراءة الجمهور، على تقدير: فعليكم نصف ما فرضتم، أو فلهن نصف ما فرضتم.
2- بكسر النون وفتح الفاء، على تقدير: فادفعوا نصف ما فرضتم.
3- بضم النون والفاء، وهى قراءة السلمى، وعلى، والأصمعى عن أبى عمرو.
إلا أن يعفون:
وقرئ:
1- إلا أن يعفونه، وهى قراءة الحسن، والهاء ضمير «النصف» ، والأصل: يعفون عنه أي: عن النصف. وقيل: الهاء، للاستراحة، كما تأول ذلك بعضهم فى قول الشاعر:
هم الفاعلون الخير والآمرونه ... على مدد الأيام ما فعل البر.
2- إلا أن تعفون، بالتاء المثناة الفوقية، على الالتفات، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.
أو يعفو:
وقرئ:
بتسكين الواو، وهى قراءة الحسن، فتسقط فى الوصل لالتقائها ساكنة مع الساكن بعدها، وهى تثبت مع الوقف.
وأن تعفو:
وقرئ:
بالياء المثناة التحتية، وهى قراءة الشعبي، جعله غائبا وجمع، على معنى «الذي بيده عقدة النكاح» ، لأنه للجنس، لا يراد به واحد.
ولا تنسوا الفضل:
وقرئ:
1- ولا تناسوا الفضل، وهى قراءة على، ومجاهد، وأبى حيوة، وابن أبى عبلة.
2- ولا تنسوا الفضل، بكسر الواو، على أصل التقاء الساكنين، وهى قراءة يحيى بن يعمر.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف