60212341234567123

الإحصائيات

سورة قريش
ترتيب المصحف106ترتيب النزول29
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.33
عدد الآيات4عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول110تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
التعليل: 1/1_
سورة الماعون
ترتيب المصحف107ترتيب النزول17
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.45
عدد الآيات7عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول102تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الاستفهام: 6/6_
سورة الكوثر
ترتيب المصحف108ترتيب النزول15
التصنيفمكيّةعدد الصفحات0.22
عدد الآيات3عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع0.00
ترتيب الطول114تبدأ في الجزء30
تنتهي في الجزء30عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 21/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (4) عدد الآيات (4)

تذكيرُ قريشٍ بنِعمِ اللَّهِ: رحلةٍ في الشِّتاءِ إلى اليمنِ ورحلةٍ في الصَّيفِ إلى الشَّامِ للتِّجارةِ، ونِعمةِ الرِّزقِ والأمنِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (7) عدد الآيات (7)

ذمُّ الكافرِ المُكذِّبِ بالجَزاءِ: يدفعُ اليتيمَ، ولا يحثُّ غيرَه على إطعامِ المسكينِ، ثُمَّ ذمُّ المنافقِ الذي يؤخِّرُ الصَّلاةَ عن وقتِها، ويُرائِي، ويمنعُ الماعونَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثالث

من الآية رقم (1) الى الآية رقم (3) عدد الآيات (3)

تسليةُ النَّبي ﷺ عمّا يُلاقيهِ من أذىً، وتبشيرُه بالخيرِ الكثيرِ ومنه نهرٌ في الجَنَّةِ، وسوءُ حالِ من يَبغضُه ﷺ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة قريش

التحذير من إلف النعمة ونسيان شكرها

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • رسالة السورة::   • سورة قريش تدور حول الامتنان على قريش وما يلزمهم تجاه ذلك. • سؤال: كيف حالك يا فلان؟ ما أخبارك؟ • الجواب: (بفتور) الحمد لله. • سورة قريش تناقش هذه القضية، قضية: (إلف النعمة). • نحن ننام ونستيقظ كل يوم، عندنا قوت يومنا بل وشهرنا، آمنين في بيوتنا. • وما الغريب في هذا؟! نحن مثل كل الناس. • الغريب والعجيب أنك لست مثل كل الناس، فهناك من يستيقظ في الصباح ولا يجد ما يأكله، وهناك من يعيش خائفًا في بيته ينتظر كل دقيقة من يقتحم عليه بابه.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «سورة قريش»، و«سُورَةُ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ».
  • • معنى الاسم ::   قريش أشهر قبائل الجزيرة العربية، والتي اختار الله منهم خاتم رسله وأنبيائه محمد.
  • • سبب التسمية ::   لِوُقُوعِ اسْمِ قُرَيْشٍ فِيهَا وَلَمْ يَقَعْ فِي غَيْرِهَا.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ لِإِيلَافِ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   خطورة إلف النعمة واعتيادها، ووجوب شكر النعم.
  • • علمتني السورة ::   أن من كمال فضل الله سبحانه أن يجعل ما شاء من النعم إلفًا يتعوّده العبد، فسبحانه من رب عظيم: ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن أصل شكر النعم شكره سبحانه بتوحيده، فمن أخل بالتوحيد أخل بشكر النعمة وإن نطق لسانه بالشكر: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن أعظم نعمتين هما الرزق والأمن، لذلك وقع الامتنان بهما في هذا المقام: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة قريش من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة قريش من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة قريش بينت فضل قبيلة قريش، حيث اختصها الله تعالى بسورة باسمها وتتحدث عنها، وهي إحدى الخصال السبع التي فضل اللهُ بها قريشًا على غيرها من القبائل، فعنِ الزُّبَيْرِ بنِ العوام قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَضَّلَ اللهُ قُرَيْشًا بِسَبْعِ خِصَالٍ: فَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُمْ عَبَدُوا الله عَشْرَ سِنِينَ لاَ يَعْبُدُ الله إلا قُرَيْشٌ، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُمْ نَصَرَهُمْ يَوْمَ الْفِيلِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِمْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ وَهِيَ ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّ فِيهِم النُّبُوَّةَ، وَالخِلاَفَةَ، والْحِجَابَةَ، والسِّقَايَةَ» .
    • سورة قريش هي السورة الوحيدة التي افتتحت بالتعليل، وهو آخر أنواع الكلام التي افتتحت به سور القرآن الكريم، البالغة 10 أنواع، وهي: الثناء على الله (14 سورة)، حروف التهجي أو المقطعة (29 سورة)، النداء (10 سور)، الجمل الخبرية (21 سورة)، القسم (17 سورة)، الشرط (7 سور)، الأمر (6سور)، الاستفهام (6 سور)، الدعاء (3 سور)، التعليل (سورة واحدة).
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نشكر الله على نعمه، بخاصة ما استدام منها، وأن نذكر أنفسنا على الدوام بأنها من الله لا باستحقاق منا، لأن العبد إذا تعود النعمة قد يغفل عن المنعم سبحانه: ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ (1، 2).
    • أن نعظم بيت الله الحرام ظاهرًا وباطنًا، وذلك بتعظيمه في نفوسنا ونعرف قدره، وأن نتجنب الذنوب والمعاصي في الحرم، ولا نحدث فيه حدثًا أو نأوي فيه محدثًا: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ (4).
    • أن نؤمن بأن الله وحده بيده أرزاق العباد وأمنهم، فنسألهما منه سبحانه ونبذل أسبابهما: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾ (3).
سورة الماعون

علامات المكذبين بالدين

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   • سورة الماعون تدور حول أخلاق المكذبين بالدين والآخرة، تحذيرًا للمؤمنين، وتشنيعًا على الكافرين. • بدأت السورة باستفهام إنكاري تعجبي ﴿أَرَأَيْتَ﴾ للتنبيه ولفت النظر لما يأتي بعده فهل تأملت ذلك؟ وحرصت ألا تتصف • بتلك الصفات الذميمة من التكذيب بالدين ودفع اليتيم وعدم حث النفس والغير على الخير وإطعام الفقير، ثم جاء الوعيد • لمن يؤخر الصلاة عن وقتها، فهل أنت من المحافظين على الصلاة في أوقاتها جماعة في المسجد؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الماعون».
  • • معنى الاسم ::   الماعون: ما لا تضر إعارته كالإبرة، والفأس، والآنية ونحوها.
  • • سبب التسمية ::   لِوُرُودِ لَفْظِ الْمَاعُونِ في خاتمتها، ولم يذكر في سورة أخرى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ أَرَأَيْتَ»، و«سُورَةُ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ»، و«سُورَةُ الدين»، و«سُورَةُ اليتيم»، و«سُورَةُ التكذيب».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن من صفات الذي يكذب بالبعث والجزاء: لا يرحم اليتيم، لا يتصدق على المساكين، منافق لا يحافظ على صلاته، مرائي، يمنع العارية: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ...﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الإيمان بلقاء الله من أعظم ما يعين العبد على أعمال الخير، ومن كذب بالبعث انسد عليه باب الخير: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الانشغال بجمع المال والتفاخر به مدعاة لبغي الإنسان وتطاوله على الناس: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الإيمان باليوم الآخر ليس اعتقادًا مجردًا، بل يحمل صاحبه على إطعام اليتيم والمسكين: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الماعون من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الماعون من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • سورة الماعون آخر السور -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بأسلوب الاستفهام، وهي 6 سور: الإنسان، النبأ، الغاشية، الشرح، الفيل، الماعون.
    • السور المسماة بأسماء الأشياء أو الأدوات: المائدة، الحديد، القلم، الماعون، المسد.
    • السورتان الكريمتان الوحيدتان اللتان ورد اسمهما في آخر آية منهما: الماعون والمسد.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نذكر أنفسنا دائمًا بلقاء الله؛ فإن ذلك دافع لنا إلى أعمال البر (1-7).
    • أن نؤدي حق الضعفاء من الأيتام والمساكين: ﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ (2، 3).
    • أن نحافظ على الصلاة في أوقاتها امتثالًا لأمر الله وأن لا نغفل عنها: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ (4، 5).
    • أن نحقق الإخلاص لله، فديننا ليس دين مظاهر وطقوس: ﴿ ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ ﴾ (6).
    • أن نحسن إلى الناس ببذل ما يحتاجونه، وبخاصة الأشياء التي تعارف الناس على بذلها: ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ (7).
سورة الكوثر

العطاء الرباني لنبيه ﷺ (عطاء وشكر)

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • نقاط السورة:   • سورة الكوثر تدور حول: منّة الله على نبيه ﷺ، وقطع سبيل المبغضين له. • امتنَّ الله على نبيه محمد ﷺ بالخير العميم، وخصه بالكثير من تلك العطايا ألا تكون كل ذلك داعية لك لحب هذا النبي • الكريم الذي أعطي الكوثر يسقي منه أمته يوم القيامة، يوم العطش الشديد، فهل تأملت ذلك، وعملت لتكون ممن يشرب • من حوض النبي الكريم ﷺشربة لا تظمأ بعدها أبدًا؟
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الكوثر».
  • • معنى الاسم ::   الكوثر: الخير الكثير، وهو مبالغة من الكثرة، وهو اسم نهر في الجنة.
  • • سبب التسمية ::   لافتتاحها بذكر الكوثر.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «سُورَةُ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ»، و«سُورَةُ النَّحْرِ».
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الله فضل نبيه محمدًا ﷺ وخصه بأمور دون سائر الأنبياء، ومن ذلك نهر الكوثر في الجنة
  • • علمتني السورة ::   علم الله حبه ﷺ لأمته فلم يعطه عطاء لا تنتفع به أمته في الآخرة؛ أعطاه الكوثر ليشربوا معه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾
  • • علمتني السورة ::   ليكن من دعائك: اللهم اسقنا من حوض نبيك شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾
  • • علمتني السورة ::   من أنعمَ اللهُ عليه بنعمةٍ؛ فليُكثِر من طاعةِ اللهِ بالصَّلاةِ والنَّحرِ والصَّدَقَةِ مع الإخلاصِ شكرًا للهِ عليها: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ۞ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: «أُنْزِلَتْ عَلَىَّ آنِفًا سُورَةٌ»، فَقَرَأَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾»، ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟»، فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ ...».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الكوثر من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الكوثر من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ مَكَّةَ أَتَوْهُ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَهْلُ السِّقَايةِ والسَّدَانَةَ، وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ يَثْرِبَ، فَنَحْنُ خَيْرٌ أَمْ هَذَا الصُّنَيْبير المُنْبَتِرُ مِنْ قَوْمِهِ، يَزْعُمُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَّا؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ خَيْرٌ مِنْهُ، فَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾».
    • سورة الكوثر أقصر سورة في القرآن الكريم في عدد الكلمات والحروف (10 كلمات، 42 حرفًا)، وأما في عدد الآيات فتتساوي مع العصر والنصر (كل سورة 3 آيات)، ولكن العصر (14 كلمة، 70 حرفًا)، والنصر (19 كلمة، 80 حرفًا).
    • سورة الكوثر آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- تفتتح بالجملة الخبرية، وعددها 21 سورة.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لنظفر بالورود على حوضه الذي يمد من الكوثر: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ (1).
    • أن نخلص في صلاتنا لله تعالى، وأن نذبح له، ونذكر اسمه عند الذبح: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (2).
    • أن نحقق محبة النبي صلى الله عليه وسلم باتباع سنته، فإن مبغضه مقطوع من كل خير: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ (3).

تمرين حفظ الصفحة : 602

602

مدارسة الآية : [1] :قريش     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ

التفسير :

[1] اعْجَبوا لإلف قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم

قال كثير من المفسرين:إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي:فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب.

تفسير سورة قريش

مقدمة وتمهيد

1- سورة «قريش» تسمى- أيضا- سورة «لإيلاف قريش» وهي من السور المكية عند جماهير العلماء، وقيل مدنية، والأول أصح لأنه المأثور عن ابن عباس وغيره، وعدد آياتها أربع آيات، وعند الحجازيين خمس آيات.

وكان نزولها بعد سورة «التين» وقبل سورة «القارعة» ، فهي السورة التاسعة والعشرون في ترتيب النزول.

2- ومن أهدافها: تذكير أهل مكة بجانب من نعم الله- تعالى- عليهم لعلهم عن طريق هذا التذكير يفيئون إلى رشدهم، ويخلصون العبادة لخالقهم وما نحهم تلك النعم العظيمة.

والإيلاف: مصدر آلفت الشيء إيلافا و «إلفا» إذا لزمته وتعودت عليه. وتقول: آلفت فلانا الشيء، إذا ألزمته إياه. والإيلاف- أيضا- اجتماع الشمل مع الالتئام، ومنه قوله- تعالى-: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً....

ولفظ «إيلاف» مضاف لمفعوله وهو قريش، والفاعل هو الله- تعالى-: و «قريش» هم ولد النضر بن كنانة- على الأرجح- وهو الجد الثالث عشر للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال القرطبي ما ملخصه: وأما قريش فهم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس، بن مضر، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي.

وسموا قريشا، لتجمعهم بعد التفرق، إذ التقرش: التجمع والالتئام ... أو سموا بذلك لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم، والتقرش: التكسب، ويقال: قرش فلان يقرش قرشا- كقتل-، إذا كسب المال وجمعه ... .

تفسير سورة لإيلاف قريش وهي مكية .

ذكر حديث غريب في فضلها : قال البيهقي في كتاب " الخلافيات " : حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو ، حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي ، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل ، حدثني عثمان بن عبد الله [ بن ] أبي عتيق ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة ، عن أبيه ، عن جدته أم هانئ بنت أبي طالب ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فضل الله قريشا بسبع خلال : أني منهم وأن النبوة فيهم ، والحجابة والسقاية فيهم ، وأن الله نصرهم على الفيل ، وأنهم عبدوا الله عز وجل عشر سنين لا يعبده غيرهم ، وأن الله أنزل فيهم سورة من القرآن " ثم تلاها رسول الله : بسم الله الرحمن الرحيم " لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " .

هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام ، كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ، وإن كانت متعلقة بما قبلها . كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ; لأن المعنى عندهما : حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله ( لإيلاف قريش ) أي : لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين .

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1)

اختلفت القرّاء في قراءة: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ ) , فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم, سوى أبي جعفر, فإنه وافق غيره في قوله ( لإيلافِ ) فقرأه بياء بعد همزة, واختلف عنه في قوله ( إِيلافِهِمْ ) فروي عنه أنه كان يقرؤه: " إلْفِهِمْ" (1) على أنه مصدر من ألف يألف إلفا, بغير ياء. وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه: " إلافِهِمْ" بغير ياء مقصورة الألف.

والصواب من القراءة في ذلك عندي: من قرأه: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ ) بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة, من آلفت الشيء أُولفه إيلافا, لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وللعرب في ذلك لغتان: آلفت, وألفت; فمن قال: آلفت بمدّ الألف قال: فأنا أؤالف إيلافا; ومن قال: ألفت بقصر الألف قال: فأنا آلف إلفا, وهو رجل آلف إلفا. وحكي عن عكرمة أنه كان يقرأ ذلك: " لتألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف ".

حدثني بذلك أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن أبي مكين, عن عكرِمة.

وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك, ما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن شهر بن حوشب, عن أسماء بنت يزيد, قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: " إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ" .

واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) , فكان بعض نحويي البصرة يقول: الجالب لها قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ فهي في قول هذا القائل صلة لقوله جعلهم, فالواجب على هذا القول, أن يكون معنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل, نعمة منا على أهل هذا البيت, وإحسانا منا إليهم, إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف, فتكون اللام في قوله ( لإيلافِ ) بمعنى إلى, كأنه قيل: نعمة لنعمة وإلى نعمة, لأن إلى موضع اللام, واللام موضع إلى.

وقد قال معنى هذا القول بعض أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( إيلافِهِم رِحْلَة الشتاءِ والصَّيْف ) قال: إيلافهم ذلك فلا يشقّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف.

حدثني إسماعيل بن موسى السديِّ, قال: أخبرنا شريك, عن إبراهيم بن المهاجر, عن مجاهد ( لإيلافِ قُريْشٍ ) قال: نعمتي على قريش.

حدثني محمد بن عبد الله الهلالي, قال: ثنا فروة بن أبي المَغْراء الكندي, قال: ثنا شريك, عن إبراهيم بن المهاجر, عن مجاهد, مثله.

حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني, قال: ثنا خطاب ابن جعفر بن أبي المغيرة قال: ثني أبي, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, في قوله: ( لإيلافِ قُريْشٍ ) قال: نعمتي على قريش.

وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قد قيل هذا القول, ويقال: إنه تبارك وتعالى عجَّب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: اعجب يا محمد لِنعَم الله على قريش, في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك يستدل بقوله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) .

وكان بعض أهل التأويل يوجِّه تأويل قوله: (لإيلافِ قُريْشٍ ) إلى أُلفة بعضهم بعضا.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قول الله: ( لإيلافِ قُريْشٍ ) فقرأ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ إلى آخر السورة, قال: هذا لإيلاف قريش, صنعتُ هذا بهم لألفة قريش, لئلا أفرّق أُلفتهم وجماعتهم, وإنما جاء صاحب الفيل ليستبيد حريمهم, فصنع الله ذلك.

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن هذه اللام بمعنى التعجب. وأن معنى الكلام: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف, وتركهم عبادة ربّ هذا البيت, الذي أطعهم من جوع, وآمنهم من خوف، فليعبدوا ربّ هذا البيت, الذي أطعمهم من جوع, وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام, فأدخلوها في الكلام للتعجب اكتفوا بها دليلا على التعجب من إظهار الفعل الذي يجلبها, كما قال الشاعر:

أغَــرَّكَ أنْ قَــالُوا لِقُـرَّةَ شـاعِرًا

فيالأبــاهُ مِــنْ عَــرِيفٍ وَشَـاعِرِ (2)

فاكتفى باللام دليلا على التعجب من إظهار الفعل، وإنما الكلام: أغرّك أن قالوا: اعجبوا لقرّة شاعرا، فكذلك قوله:

(لإيلافِ) .

وأما القول الذي قاله من حَكينا قوله, أنه من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ فإن ذلك لو كان كذلك, لوجب أن يكون " لإيلاف " بعض أَلَمْ تَرَ , وأن لا تكون سورة منفصلة من أَلَمْ تَرَ ، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان، كلّ واحدة منهما منصلة عن الأخرى ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك. ولو كان قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ لم تكن أَلَمْ تَرَ تامَّة حتى توصل بقوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) لأن الكلام لا يتمّ إلا بانقضاء الخبر الذي ذُكر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: (إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشتاءِ وَالصَّيْف) يقول: لزومهم.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبى, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) قال: نهاهم عن الرحلة, وأمرهم أن يعبدوا ربّ هذا البيت, وكفاهم المؤنة، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف, فلم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف, فأطعمهم بعد ذلك من جوع, وآمنهم من خوف, وألفوا الرحلة, فكانوا إذا شاءوا ارتحلوا, وإذا شاءوا أقاموا, فكان ذلك من نعمة الله عليهم.

حدثني محمد بن المثنى, قال: ثني ابن عبد الأعلى, قال: ثنا داود, عن عكرمة قال: كانت قريش قد ألفوا بصرى واليمن يختلفون إلى هذه في الشتاء, وإلى هذه في الصيف ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ) فأمرهم أن يقيموا بمكة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن إسماعيل, عن أبي صالح ( لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ ) قال: كانوا تجارا, فعلم الله حبهم للشام.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) قال: عادة قريش عادتهم رحلة الشتاء والصيف.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) كانوا ألفوا الارتحال في القيظ والشتاء.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ من تودد الله لعباده أن يتألفهم على الإسلام تأليفًا, مع غناه عنهم وفقرهم إليه, فكم يتألف الله قلوبنا ونحن لا نشعر!
وقفة
[1] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ ألف الله قريشًا بنعم شتى، فحبس عنهم الفيل، وعطف عليهم قلوب الناس، وفتح لهم التجارة، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، ومع ذلك لم يستجب أكثرهم أول الأمر، فلا يتعجب الداعية إذا أعرض الناس عن الله مع نعمه عليهم.
وقفة
[1] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ ما سر تقديم الله تعالى تأليفه قريشًا لرحلتي الشتاء والصيف؟ قال أهل العلم: إنما قدم للاهتمام به، إذ هو من أسباب أمرهم بعبادة الله، وشكره على نعمه الكثيرة عليهم.
لمسة
[1] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ اللام متعلِّقة بقوله: (فَلْيَعْبُدُوا)، أي: ليعبدوا الله، لأجل نعمته عليهم بالإيلاف أو اللام متعلِّقة بفعل تعجُّب محذوف، والتقدير: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.
وقفة
[1] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ ألف الله قريشًا بنعم شتَّى، فحبس عنهم الفيل، وعطف عليهم قلوب الناس، وفتح لهم التجارة، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، ومع ذلك لم يستجب أكثرهم أول الأمر؛ فلا يتعجب الداعية إذا أعرض الناس عن الله مع نعمه عليهم.
وقفة
[1] ﴿لِإيلافِ قُرَيشٍ﴾ قال ابن عباس: «أمروا أن يألفوا عبادة رب هذا البيت كإلفهم رحلة الشتاء والصيف»‏.‏
وقفة
[1] ﴿لِإيلافِ قُرَيشٍ﴾ عَنْ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَضَّلَ اللَّهُ قُرَيْشًا بِسَبْعِ خِصَالٍ: فَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُمْ عَبَدُوا اللَّهَ عَشْرَ سِنِينَ لَا يَعْبُدُهُ إِلَّا قُرَشِيٌّ، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُ نَصَرَهُمْ يَوْمَ الْفِيلِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ، وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِمْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ غَيْرُهُمْ -لإِيلافِ قُرَيْشٍ- وَفَضَّلَهُمْ بِأَنَّ فِيهِمُ النُّبُوَّةَ، وَالْخِلافَةَ، وَالْحِجَابَةَ، وَالسِّقَايَةَ» [الطبراني ٢٤/٢٠٩/٩٩٤، وحسنه الألباني].
وقفة
[1] إلف النعمة واعتيادها ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ تذكير بنعم الله، وواجب الشكر نحوها.
عمل
[1، 2] ﴿لِإيلافِ قُرَيشٍ * إيلافِهِم رِحلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيفِ﴾ احترس أن تألف النعم وتنشغل بها؛ فتلهيك عن عبادته جل شأنه.
وقفة
[1، 2] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ الإيلاف: من الإلف، وهو اعتيادُ الشيء، والتكرير تفخيمًا لأمر الإيلاف وتذكيرًا لعظيم فضل الله فيه، قال ابن عباس: «أُمروا أن يألَفوا عبادةَ رب هذا البيت، كإلفهم رحلةَ الشتاء والصيف».
وقفة
[1، 2] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ إذا كان ائتلاف مشركى قريش في رحتلي اليمن والشام نعمة من الله تستوجب الشكر؛ أفلسنا معشر المسلمين أولي بشكر الله علي كثير نعمائه؟
وقفة
[1، 2] ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ جعل الله لقريش المهابة والعزة بين العرب؛ لائتلافها علي أمر سواء من مصالح دنياها, وإن كل اجتماع وائتلاف يعقب خيرًا ونجاحًا.

الإعراب :

  • ﴿ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ:
  • جار ومجرور متعلق بقوله «فليعبدوا» امرهم ان يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين وقيل: المعنى عجبوا لايلاف قريش. والإيلاف مصدر «آلف» بمعنى «ألف» وقيل اللام لام السبب بمعنى «لأجل» او هي للتعليل او يكون التقدير «أي اعجبوا لإيلاف قريش» اي تكون اللام للتعجب. قريش: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿لِإيلافِ قُرَيْشٍ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. نَزَلَتْ في قُرَيْشٍ وذِكْرِ مِنَّةِ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِمْ.أخْبَرَنا القاضِي أبُو بَكْرٍ الحِيرِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إسْماعِيلَ الهاشِمِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا سَوادَةُ بْنُ عَلِيٍّ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ أبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا إبْراهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثابِتٍ، قالَ: حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ هانِئٍ بِنْتِ أبِي طالِبٍ قالَتْ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: ”إنَّ اللَّهَ فَضَّلَ قُرَيْشًا بِسَبْعِ خِصالٍ لَمْ يُعْطِها أحَدًا قَبْلَهم، ولا يُعْطِيها أحَدًا بَعْدَهم: إنَّ الخِلافَةَ فِيهِمْ، وإنَّ الحِجابَةَ فِيهِمْ، وإنَّ السِّقايَةَ فِيهِمْ، وإنَّ النُّبُوَّةَ فِيهِمْ، ونُصِرُوا عَلى الفِيلِ، وعَبَدُوا اللَّهَ سَبْعَ سِنِينَ لَمْ يَعْبُدْهُ أحَدٌ غَيْرُهم، ونَزَلَتْ فِيهِمْ سُورَةٌ لَمْ يُذْكَرْ فِيها أحَدٌ غَيْرُهم: ﴿لِإيلافِ قُرَيْشٍ﴾“ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بتذكير قريشٍ بنِعمِ اللَّهِ عليهم، قال تعالى:
﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لإيلاف:
1- مصدر «آلف» رباعيا، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- لإلف، وهى قراءة أبى جعفر، فيما حكى الزمخشري.

مدارسة الآية : [2] :قريش     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ

التفسير :

[2] وانتظام رحلتيهم في الشتاء إلى «اليمن»، وفي الصيف إلى «الشام»، وتيسير ذلك؛ لجلب ما يحتاجون إليه.

قال كثير من المفسرين:إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي:فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب.

وقوله: إِيلافِهِمْ بدل أو عطف بيان من قوله لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، وهو من أسلوب الإجمال فالتفصيل للعناية بالخبر، ليتمكن في ذهن السامع كما في قوله- تعالى-:

لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ، أَسْبابَ السَّماواتِ....

واللام في قوله- تعالى-: لِإِيلافِ ... للتعليل. والجار والمجرور متعلق بقوله- تعالى-: لْيَعْبُدُوا ...

. وتقدير الكلام: من الواجب على أهل مكة أن يخلصوا العبادة لله- تعالى- لأنه- سبحانه- هو الذي جمعهم بعد تفرق، وألف بينهم، وهيأ لهم رحلتين فيهما ما فيهما من النفع والأمن.

وزيدت الفاء في قوله- تعالى-: لْيَعْبُدُوا ...

لما في الكلام من معنى الشرط، فكأنه- سبحانه- يقول لهم: إن لم تعبدونى من أجل نعمى التي لا تحصى، فاعبدوني من أجل أنى جعلتكم تألفون هاتين الرحلتين النافعتين في أمان واطمئنان، وأنى جمعت شملكم، وألفت بينكم ...

قال صاحب الكشاف: «لإيلاف قريش» متعلق بقوله: لْيَعْبُدُوا

أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين.

فإن قلت: فلم دخلت الفاء؟ قلت: لما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى: إما لا فليعبدوه لإيلافهم. على معنى أن نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة.

وقيل المعنى: اعجبوا لإيلاف قريش. وقيل هو متعلق بما قبله- في السورة السابقة- أى: فجعلهم كعصف مأكول. لإيلاف قريش، وهذا بمنزلة التضمين في الشعر، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله ... .

وقوله- سبحانه-: رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ بيان لمظهر من مظاهر هذا الإيلاف الذي منحه- سبحانه- لهم، والرحلة هنا: اسم لارتحال القوم من مكان إلى آخر، ولفظ «رحلة» منصوب على أنه مفعول به لقوله إِيلافِهِمْ ...

والمراد بهذه الرحلة: ارتحالهم في الشتاء إلى بلاد اليمن، وفي الصيف إلى بلاد الشام، من أجل التجارة، واجتلاب الربح. واستدرار الرزق، والاستكثار من القوت واللباس وما يشبههما من مطالب الحياة.

وقيل: المراد برحلة الشتاء والصيف: رحلة الناس إليهم في الشتاء والصيف للحج والعمرة، فقد كان الناس يأتون إلى مكة في الشتاء والصيف لهذه الأغراض، فيجد أهل مكة من وراء ذلك الخير والنفع، كما قال- تعالى-: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ.

وقيل : المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك ، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم ; لعظمتهم عند الناس ، لكونهم سكان حرم الله ، فمن عرفهم احترمهم ، بل من صوفي إليهم وسار معهم أمن بهم . هذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم . وأما في حال إقامتهم في البلد ، فكما قال الله : ( أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ) [ العنكبوت : 67 ] ولهذا قال : ( لإيلاف قريش ) بدل من الأول ومفسر ولهذا قال : ( إيلافهم رحلة الشتاء والصيف )

وقال ابن جرير : الصواب أن " اللام " لام التعجب ، كأنه يقول : اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك . قال : وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان .

وقوله: ( إِيلافِهِمْ ) مخفوضة على الإبدال, كأنه قال: لإيلاف قريش لإيلافهم, رحلة الشتاء والصيف، وأما الرحلة فنُصبَت بقوله.( إِيلافِهِمْ ) , ووقوعه عليها.

وقوله: ( رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) يقول: رحلة قريش الرحلتين: إحداهما إلى الشام في الصيف, والأخرى إلى اليمن في الشتاء.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) قال: كانت لهم رحلتان: الصيف إلى الشام, والشتاء إلى اليمن في التجارة, إذا كان الشتاء امتنع الشأم منهم لمكان البرد, وكانت رحلتهم في الشتاء إلى اليمن.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) قال: كانوا تُجَّارا.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, ثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن الكلبيّ( رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) قال: كانت لهم رحلتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن, ورحلة في الصيف إلى الشأم.

حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني, قال: ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة قال: ثني أبي, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس ( إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) قال: كانوا يشْتون بمكة, ويَصِيفون بالطائف.

التدبر :

وقفة
‏[2] لم ترد كلمة الشتاء في القرآن الكريم سوى مرةً واحدة ﴿إيلافِهِم رِحلَةَ الشِّتاءِ والصَّيف﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِيلافِهِمْ:
  • بدل من «إيلاف» الاولى مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ:
  • مفعول به للمصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي ألفوا رحلة. الشتاء: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والصيف: معطوفة بالواو على «الشتاء» وتعرب اعرابها.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد الإجْمالِ؛ جاء التَّفْصِيلُ، قال تعالى:
﴿ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

رحلة:
1- بكسر الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة أبى السمال.

مدارسة الآية : [3] :قريش     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ

التفسير :

[3] فليشكروا، وليعبدوا رب هذا البيت الذي يعتزُّون به -وهو الكعبة- ، وبسببه نالوا الشرفَ والرِّفعة، وليوحدوه ويخلصوا له العبادة.

فأهلك الله من أرادهم بسوء، وعظم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، ولم يعترضوا لهم في أي:سفر أرادوا، ولهذا أمرهم الله بالشكر، فقال:{ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ} أي:ليوحدوه ويخلصوا له العبادة.

وبعد أن ذكرهم- سبحانه- بنعمه أمرهم بشكره، فقال: لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ ...أى: إن كان الأمر كما ذكرنا لهم، فليخلصوا العبادة لله- تعالى- الذي حمى لهم البيت الحرام، والكعبة المشرفة، ممن أرادهما بسوء..

ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال : ( فليعبدوا رب هذا البيت ) أي : فليوحدوه بالعبادة ، كما جعل لهم حرما آمنا وبيتا محرما ، كما قال تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين ) [ النمل : 91 ]

وقوله: ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ) يقول: فليقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة, وليعبدوا ربّ هذا البيت, يعني بالبيت: الكعبة.

كما حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا مُغيرة, عن إبراهيم, أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه, صلى المغرب بمكة, فقرأ: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) فلما انتهى إلى قوله: ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ) أشار بيده إلى البيت.

حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني, قال: ثنا خطاب ابن جعفر بن أبي المغيرة, قال: ثني أبي, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, في قوله ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ) قال الكعبة.

وقال بعضهم: أمروا أن يألفوا عبادة ربّ مكة كإلفهم الرحلتين.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآمُلِيّ, قال: ثنا مروان, عن عاصم الأحول, عن عكرِمة, عن ابن عباس, في قول الله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) قال: أُمروا أن يألفوا عبادة ربّ هذا البيت, كإلفهم رحلة الشتاء والصيف.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾ ذكر البيت؛ لأنهم شرفوا وطعموا وأمنوا بسبب جواره.
وقفة
[3] ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾ ولم يقل: (فليعبدوا الله)؛ لما يومئ إليه لفظ: ﴿رَبَّ﴾ من استحقاقه الإفراد بالعبادة دون شريك، وأضيف ﴿رَبَّ﴾ إلى ﴿هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾ دون أن يقال: (ربهم) للإيماء إلى أن البيت هو أصل نعمة الإيلاف بأن أمر إبراهيم ببناء البيت الحرام، فكان سببًا لرفعة شأنهم بين العرب.
وقفة
[3] قال تعالى في سورة النمل: ﴿رَبَّ هَـٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ﴾ [النمل:91]، وقال هنا: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾ لأن السياق هنا لبيان عظمة البيت، بينما في (النمل) المقام مقام بيان عموم ملكه؛ لئلا يدعي المشركون أنه رب البلدة فقط.
وقفة
[3] لما كان الإنعام لا بد وأن يقابل بالشكر والعبودية؛ لذا أتبع الله ذكر النعمة بطلب العبودية، فقال: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾.
وقفة
[3] أهلك الله من أرادهم بسوء، وعظَّم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب حتى احترموهم ولم يعترضوا لهم في أي سفر أرادوا؛ ولهذا أمرهم الله بالشكر فقال: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ﴾ أي: ليوحدوه ويخلصوا له العبادة.
وقفة
[3، 4] ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ امتن الله على قريش بالأمن ورغد العيش بعد الخوف والجوع، فالمحافظة على أمن الحرم والحج عبادةٌ عظمى، يتقرب بها المسلم إلى الله، ويتمكن بها الحجاج من أداء نسكهم بأمن وأمان ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم﴾ [الحج: 25].
وقفة
[3، 4] ﴿فليعبدوا﴾ رب هذا البيت الذي ﴿أطعمهم من جوع﴾، كل لقمة تذهب إلى فيك تناديك بأداء حق العبودية لربك.
وقفة
[3، 4] ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ الكريم يأسره المعروف، ويشكر الإحسان، ولذا قرن سبحانه الأمر بعبادته؛ بذكره لنعمه؛ لتنقاد لذلك نفوس عباده.
وقفة
[3، 4] العبادة والأمن متلازمان أبدًا.
وقفة
[3، 4] الخَالقُ الرَّازقُ هو المستحقُّ للعبادةِ.
وقفة
[3، 4] تأمل كيف ربط بين السبب والمسبب في قوله: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم﴾ وهذا ظاهر في أول الفاتحة: ﴿الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، والمعنى: أنه سبحانه مستحق للحمد؛ لأنه رب العالمين وخالقهم ورازقهم، وقرر هذا في أول نداء في المصحف: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾، ثم بيَّن السبب بقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكُمْ﴾ [البقرة: 21].
وقفة
[3، 4] الخالق الرازق هو المستحق للعبادة ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَلْيَعْبُدُوا:
  • الفاء واقعة في جواب شرط مقدر على المعنى اي ان نعم الله عليهم لا تحصى فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه النعمة الظاهرة واللام لام الامر. يعبدوا: فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ رَبَّ هذَا:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. هذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ الْبَيْتِ:
  • صفة- نعت- لاسم الاشارة او بدل منه مجرور وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا تقَرَّرَ أنَّ الإنعامَ لا بُدَّ أن يُقابَلَ بالشُّكرِ والعُبوديَّةِ؛ لا جَرَمَ أُتبِعَ ذِكرُ النِّعمةِ بطَلَبِ العُبوديَّةِ، قال تعالى:
﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [4] :قريش     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم ..

التفسير :

[4] الذي أطعمهم من جوع شديد، وآمنهم من فزع وخوف عظيم.

{ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} فرغد الرزق والأمن من المخاوف، من أكبر النعم الدنيوية، الموجبة لشكر الله تعالى.

فلك اللهم الحمد والشكر على نعمك الظاهرة والباطنة، وخص الله بالربوبية البيتلفضله وشرفه، وإلا فهو رب كل شيء..

الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ أى: الذي وسع لهم الرزق، ومهد لهم سبيله، عن طريق الوفود التي تأتى إليهم من مشارق الأرض ومغاربها.

وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ أى: والذي أوجد لهم الأمن بعد الخوف، والسعة بعد الضيق، ببركة هذا البيت الحرام.

وتنكير «جوع» و «خوف» للتعظيم، أى: أطعمهم بدلا من جوع شديد، وآمنهم بدلا من خوف عظيم، كانوا معرضين لهما، وذلك كله من فضله- سبحانه- عليهم، ومن رحمته بهم، حيث أتم عليهم نعمتين بهما تكمل السعادة، ويجتمع السرور.

ومن الآيات التي تشبه هذه الآية قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ....

وقوله- سبحانه-: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً ...

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( الذي أطعمهم من جوع ) أي : هو رب البيت ، وهو " الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " أي : تفضل عليهم بالأمن والرخص فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، ولا يعبدوا من دونه صنما ولا ندا ولا وثنا . ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة ، ومن عصاه سلبهما منه ، كما قال تعالى : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون ) [ النحل : 112 - 113 ]

وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن عمرو العدني ، حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل أمكم قريش ، لإيلاف قريش " ثم قال :

حدثنا أبي ، حدثنا المؤمل بن الفضل الحراني ، حدثنا عيسى - يعني ابن يونس - ، عن عبيد الله بن أبي زياد ، عن شهر بن حوشب ، عن أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . ويحكم يا معشر قريش ، اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف " .

هكذا رأيته عن أسامة بن زيد ، وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السكن ، أم سلمة الأنصارية ، رضي الله عنها ، فلعله وقع غلط في النسخة أو في أصل الرواية ، والله أعلم .

آخر تفسير سورة " لإيلاف قريش " .

وقوله: ( الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ) يقول: الذي أطعم قريشا من جوع.

كما حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: ( الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ) يعني: قريشا أهل مكة بدعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال: وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ .

( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: أنه آمنهم مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات والحروب والقتال, والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس، ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) حيث قال إبراهيم عليه السلام: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا .

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) قال: آمنهم من كلّ عدو في حرمهم.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ ) قال: كان أهل مكة تجارا يتعاورون ذلك شتاء وصيفا, آمنين في العرب, وكانت العرب يغير بعضها على بعض, لا يقدرون على ذلك, ولا يستطيعونه من الخوف, حتى إن كان الرجل منهم ليُصاب في حيّ من أحياء العرب, وإذا قيل حِرْمِيٌّ خُليَ عنه وعن ماله, تعظيما لذلك فيما أعطاهم الله من الأمن.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) قال: كانوا يقولون: نحن من حرم الله, فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية, يأمنون بذلك, وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أغير عليه.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) قال: كانت العرب يغير بعضها على بعض, ويسبي بعضها بعضا, فأمنوا من ذلك لمكان الحرم, وقرأ: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ .

وقال آخرون: عُنِي بذلك: وآمنهم من الجذام.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا قال: قال الضحاك: ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) قال: من خوفهم من الجذام.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) قال: من الجذام وغيره.

حدثنا أبو كُريب, قال: قال وكيع: سمعت أطعمهم من جوع, قال: الجوع ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) الخوف: الجذام.

حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني, قال: ثنا خطاب بن جعفر بن أبي المُغيرة, قال: ثني أبي, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) قال: الخوف: الجذام.

والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه ( آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) والعدو مخوف منه, والجذام مخوف منه, ولم يخصص الله الخبر عن أنه آمنهم من العدوّ دون الجذام, ولا من الجذام دون العدوّ, بل عمّ الخبر بذلك، فالصواب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه, فيقال: آمنهم من المعنيين كليهما.

آخر تفسير سورة قريش

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[4] الرزق قرين الأمن؛ قاعدة مضطردة في القرآن، يصدقها الواقع ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ الاقتصاد والأمن أساس أي دولة.
وقفة
[4] ﴿الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ﴾ ومن غيره سبحانه يوفر لك كل هذا؟! فلِمَ تلجأ لغيره!
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ إشارة عظيمة إلى قيمة الأمن والغذاء ودورها في استقرار حياة الإنسان.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ الإسلام دين تكافل اجتماعي، لا دين فردية وأنانية بغيضة، تعلي الأنا، وتقتل المسؤولية الاجتماعية.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ أغنى البشر هو من يملك الأمن والعافية، اللهم اكتب لنا الأمن والعافية طول العمر واجعلنا من الشاكرين.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ في الجمع بين إطعامهم من جوع وأمنهم من خوف نعمة عظمى؛ لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معًا؛ إذ لا عيش مع الجوع، ولا أمن مع الخوف، وتكمل النعمة باجتماعهما.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ هؤلاء وهم كفار قريش؛ فكيف بك أيها المؤمن الموحد؟!
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ أسباب الذهول والإنشغال عن العبادة أزالها عنهم؛ لكنهم لم يعبدوا رب هذا البيت.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ اللهم اسقهم، واطعمهم، واكسهم، وامنهم، واغفر لنا تقصيرنا بحقهم.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ فرغد الرزق والأمن من المخاوف من أكبر النعم الدنيوية الموجبة لشكر ﷲ ﷻ.
وقفة
[4] ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ قال ابن عباس: «وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال: ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [البقرة: 126]».
وقفة
[4] إبراهيم دعا ربه: ﴿رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله﴾ [البقرة: 126] وأجاب الله تعالى دعاءه: ﴿أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾.
وقفة
[4] نعمتان لا تقدران بثمن أن تكون آمنًا وشبعانَ ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾.
عمل
[4] احمد الله على توفر الطعام والشراب والأمن ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾.
وقفة
[4] ﴿وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ أهمية الأمن في الإسلام.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة- نعت- للرب والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. من جوع: جار ومجرور متعلق بأطعمهم اي اطعمهم بالرحلتين عن جوع شديد.
  • ﴿ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ:
  • معطوفة بالواو على «أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» وتعرب اعرابها. وقيل «من» بمعنى «عن» او بمعنى «البدل» اي بدل جوع وجاء تنكير «جوع» و «خوف» لشدتهما.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     وبعد أن أوجبَ اللهُ على سكان حرمه وسائر الخلق أن يعبدوه؛ امتن عليهم بنعمتين: ١- نعمة الطعام. ٢- نعمة الأمن، قال تعالى:
﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

من خوف:
1- بإظهار النون عند الخاء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإخفائها، وهى قراءة المسيبى، عن نافع

مدارسة الآية : [1] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ

التفسير :

[1] أرأيت حال ذلك الذي يكذِّب بالبعث والجزاء؟

يقول تعالى ذامًا لمن ترك حقوقه وحقوق عبادة:{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} أي:بالبعث والجزاء، فلا يؤمن بما جاءت به الرسل.

تفسير سورة الماعون

مقدمة وتمهيد

1- سورة «الماعون» تسمى- أيضا- سورة «أرأيت» وسورة «الدين» وسورة «التكذيب» وهي مكية في قول الجمهور، وقيل: هي مدنية ...

قال الآلوسى: هي مكية في قول الجمهور ... وروى عن قتادة والضحاك أنها مدنية، وقال هبة الله المفسر الضرير: نزل نصفها- الأول- بمكة في العاص بن وائل، ونصفها- الثاني- بالمدينة في عبد الله بن أبى المنافق.

وعدد آياتها سبع آيات في المصحف العراقي، وست في المصاحف الباقية ....

2- ومن أهدافها: التعجيب من حال المشركين، الذين كذبوا بالبعث، واعتدوا على اليتامى، وبخلوا بما آتاهم الله- تعالى- من فضله، وهجروا الصلاة، ومنعوا الزكاة.

فالاستفهام في قوله- سبحانه- أَرَأَيْتَ للتعجيب من حال هذا الإنسان الذي بلغ النهاية في الجهالة والجحود ... ولتشويق السامع إلى ما سيذكر بعد هذا الاستفهام.

والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم ولكل من يصلح له. أى: أخبرنى- أيها الرسول الكريم- أرأيت وعرفت أسوأ وأعجب من حال هذا الإنسان الذي يكذب بيوم الدين، أى: بيوم البعث والجزاء والحساب وينكر ما جئت به من عند ربك من حق وهداية.

مما لا شك فيه أن حال هذا الإنسان من أعجب الأحوال، وعاقبته من أسوأ العواقب ...

والرؤية في قوله أَرَأَيْتَ يحتمل أن تكون بصرية، فتتعدى لواحد هو الاسم الموصول، كأنه- تعالى- قال: أأبصرت أسوأ وأعجب من هذا المكذب بيوم الدين.

ويحتمل أن تكون علمية، فتتعدى لاثنين، أولهما: الاسم الموصول والثاني: محذوف، والتقدير: أعرفت الذي يكذب بالدين من هو؟ إننا نحن الذين نعرفك صفاته، وهي:

مكية

يقول تعالى : أرأيت - يا محمد - الذي يكذب بالدين ؟ وهو : المعاد والجزاء

القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)

يعني تعالى ذكره بقوله: (أرأيت الذي يكذب بالدين) أرأيت يا محمد الذي يكذّب بثواب الله وعقابه, فلا يطيعه في أمره ونهيه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ) قال: الذي يكذّب بحكم الله عز وجلّ.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن جُرَيج ( يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ) قال: بالحساب.

وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله: " أرأيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ الدِّينَ" فالباء في قراءته صلة, دخولها في الكلام وخروجها واحد.

التدبر :

وقفة
[1] ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ الإيمان باليوم الآخر ليس اعتقادًا مجردًا، بل يحمل صاحبه على إطعام اليتيم والمسكين، كمن قال الله فيهم: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8]، وماذا يرجون؟ ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا﴾ [الإنسان: 9-10].
وقفة
[1، 2] ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ هذا إيذان بأن الإيمان بالبعث والجزاء هو الوازع الحق الذي يغرس في النفس جذور الإقبال على الأعمال الصالحة، حتى يصير ذلك لها خلقًا إذا شبت عليه، فزكت وانساقت إلى الخير بدون كلفة ولا احتياج إلى آمر، ولا إلى مخافة ممن يقيم عليه العقوبات، حتى إذا اختلى بنفسهن وآمن الرقباء، جاء بالفحشاء والأعمال النكراء!
وقفة
[1، 2] ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ التكذيب بالدين وضعف الإيمان به؛ هو منشأ كل تعامل سيء.
عمل
[1، 2] ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ إذا أحسست بقسوة قلبك على اليتيم؛ فراجع إيمانك.

الإعراب :

  • ﴿ أَرَأَيْتَ:
  • الألف ألف تقرير وتنبيه في لفظ استفهام. رأيت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ الَّذِي يُكَذِّبُ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.يكذب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «يكذب» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ بِالدِّينِ:
  • جار ومجرور متعلق بيكذب اي هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو؟

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿أرَأيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ قالَ مُقاتِلٌ والكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ في العاصِ بْنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ. وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كانَ أبُو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ يَنْحَرُ كُلَّ أُسْبُوعٍ جَزُورَيْنِ، فَأتاهُ يَتِيمٌ فَسَألَهُ شَيْئًا فَقَرَعَهُ بِعَصًا، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿أرَأيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ﴾ . '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بالتعجب مِن حالِ المُكذِّبِ بالبَعثِ، قال تعالى:
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ

التفسير :

[2] فذلك الذي يدفع اليتيم الذي مات أبوه وهو صغير بعنف وشدة عن حقه؛ لقساوة قلبه.

{ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} أي:يدفعه بعنف وشدة، ولا يرحمه لقساوة قلبه، ولأنه لا يرجو ثوابًا، ولا يخشىعقابًا.

فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ أى: فذلك الذي يكذب بالبعث والحساب والجزاء، من أبرز صفاته القبيحة. أنه «يدع اليتيم» أى: يقسو عليه، ويزجره زجرا عنيفا، ويسد كل باب خير في وجهه، ويمنع كل حق له ...فقوله: يَدُعُّ من الدع وهو الدفع الشديد، والتعنيف الشنيع للغير ...

أي هو الذي يقهر اليتيم ويظلمه حقه ولا يطعمه ولا يحسن إليه.

وقوله: ( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) يقول: فهذا الذي يكذِّب بالدين, هو الذي يدفع اليتيم عن حقه, ويظلمه. يقال منه: دععت فلانًا عن حقه, فأنا أدعه دعًا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس,( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يدفع حقّ اليتيم.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يدفع اليتيم فلا يُطعمه.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) : أي يقهره ويظلمه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يقهره ويظلمه.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يقهره.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان في قوله: ( يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) قال: يدفعه.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ أي: يدفعه بعنف، فالدعُ هو الدفع بعنف، فإذا جاءه اليتيم يستجديه شيئًا، دفعه بشدة، وبلا رحمة.
وقفة
[2] ﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ هناك علاقة وثيقة بين الإيمان بالبعث والجزاء، وفعل الخيرات، وبذل العطاء، دون حاجة إلى آمر، ولا خوف من إقامة العقوبات.
عمل
[2] ﴿فَذلِكَ الَّذي يَدُعُّ اليَتيمَ﴾ كلمة (يدع) تستحق وقفات؛ فاحترس أن يكون هذا تصرفك حيال اليتيم.
وقفة
[2، 3] ﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ الله من على العباد بالأمن والطعام؛ فحذار من جحد النعم بمنع الماعون عن الضعفاء المساكين ودعّ اليتيم.
وقفة
[2، 3] ﴿فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ عجبًا لمن لا يكتفي بترك مواساة الضعفاء، حتي يحث غيره علي جفائهم وحرمانهم.

الإعراب :

  • ﴿ فَذلِكَ:
  • الفاء واقعة في جواب شرط مقدر على المعنى اي ان لم تعرف الذي يكذب بالجزاء فذلك .... او تكون «فذلك» معطوفة على الذي يكذب ويكون جواب «أرأيت» محذوفا لدلالة ما بعده عليه اي اخبرني وما تقول فيمن يكذب بالجزاء أنعم ما يصنع. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب.
  • ﴿ الَّذِي:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر «ذلك» والجملة الفعلية بعده صلته لا محل لها من الاعراب.
  • ﴿ يَدُعُّ الْيَتِيمَ:
  • فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اليتيم: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي يدفعه دفعا عنيفا بجفوة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     وبعد التعجب مِن حالِ المُكذِّبِ بالبَعثِ؛ ذكرَ هنا خمس صفات تنشأ عن التكذيب بالدين، وهي: ١- يدفع اليتيم بغلظةٍ عن حاجته، قال تعالى:
﴿ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يدع:
1- بضم الدال وشد العين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بفتح الدال وخف العين، وهى قراءة على، والحسن، وأبى رجاء، واليماني.

مدارسة الآية : [3] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ

التفسير :

[3] ولا يحضُّ غيره على إطعام المحتاج الذي لا يملك ما يكفيه ويسدُّ حاجته، فكيف له أن يطعمه بنفسه؟

{ وَلَا يَحُضُّ} غيره{ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} ومن باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين.

وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أى: أن من صفاته الذميمة- أيضا- أنه لا يحث أهله وغيرهم من الأغنياء على بذل الطعام للبائس المسكين، وذلك لشحه الشديد، واستيلاء الشيطان عليه، وانطماس بصيرته عن كل خير.

وفي هذه الآية والتي قبلها دلالة واضحة على أن هذا الإنسان المكذب بالدين قد بلغ النهاية في السوء والقبح، فهو لقسوة قلبه لا يعطف على يتيم، بل يحتقره ويمنع عنه كل خير، وهو لخبث نفسه لا يفعل الخير، ولا يحض غيره على فعله، بل يحض على الشرور والآثام.

ولما كانت هذه الصفات الذميمة، لا تؤدى إلى إخلاص أو خشوع لله- تعالى- وإنما تؤدى إلى الرياء وعدم المبالاة بأداء التكاليف التي أوجبها- سبحانه- على خلقه ...

لما كان الأمر كذلك، وصف- سبحانه- هؤلاء المكذبين بالبعث والجزاء بأوصاف أخرى، فقال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ.

يعني الفقير الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته.

وقوله: ( وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) يقول تعالى ذكره: ولا يحثّ غيره على إطعام المحتاج من الطعام.

التدبر :

وقفة
[3] ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ في إضافة الطعام للمسكين إشعار بأن له فيه حقًّا, ومن منعه فهو مستحق للذم.
وقفة
[3] ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ قال الرازي: «وإضافة طعام إلى المسكين تدل على أن ذلك حق المسكين، فكأنه -المكذب بالدين- منع المسكين مما هو حقه، وذلك يدل على نهاية بخله وقساوة قلبه وخساسة طبعه».
وقفة
[3] ﴿ولا يحض على طعام المسكين﴾ هذا في الذين سكتوا عن حث غيرهم على الإنفاق؛ فكيف بمن عرقلوا مشاريع الخير وصدوا عنها؟!
وقفة
[3] ﴿ولا يحض على طعام المسكين﴾ المسكين يحتاج اللباس والسكن والدواء، لكن أهم ضروراته: الطعام.
وقفة
[3] ﴿ولا يحض على طعام المسكين﴾ قد نعذر في عجزنا عن الإطعام لفقرنا، لكننا غير عاجزين عن حث الناس على الصدقات.
عمل
[3] انصح من حولك بإطعام المساكين ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.
عمل
[3] أعر مسلمًا ما يحتاجه مما تقدر عليه ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.
وقفة
[3] فائدة عجيبة: هذه الآية ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الحاقة: 34، الماعون: 3] تكررت نصًا مرتين في القرآن، وتكررت بمترادفاتها في مواضع أخرى، تأملها ستجد عجبًا.
وقفة
[1-3] ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ إذا ضاعت العقيدة؛ ساءت الأخلاق.
وقفة
[1-3] إذا فسدت العقيدة؛ فسدت التصرفات والأفعال.
وقفة
[1-3] من لا يفكر في الجزاء والعقاب ويهتم له؛ ساءت تصرفاته.
وقفة
[1-3] إذا لم يدفعك الإيمان لرعاية اليتيم والمسكين؛ فقد كذبت بالدين، ما أعظم منهج الإسلام! منهج تكافل اجتماعي.
وقفة
[1-3] التصديق بالدين ليس مجرد كلمة تقال وتذوب في أثير الهواء، بل شعور يدفع بالقلب نحو العطف على كل محتاج.
وقفة
[1-3] إن كذب بأساسيات الدين؛ فسيتراخى فى باقى العبادات بالطبع.
وقفة
[1-3] ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ انظر الذي كذب بالدين تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة والأعمال السيئة، وإنما ذلك لأن الدين يحمل صاحبه على فعل الحسنات وترك السيئات.
وقفة
[1-3] الحسنة تجر أختها: ﴿إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا﴾ [فاطر: 29]، والسيئة: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾.
وقفة
[1-3] ﴿أَرَأَيتَ الَّذي يُكَذِّبُ بِالدّينِ * فَذلِكَ الَّذي يَدُعُّ اليَتيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ المِسكينِ﴾ وفي ذلك كناية عن تحذير المسلمين من الاقتراب من إحدى هاتين الصفتين، بأنهما من صفات الذين لا يؤمنون بالجزاء.
وقفة
[1-3] فمن يكذِّب بالدين قلبه قاس على الإنسانية، نزعت الرحمة من قلبه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا يَحُضُّ:
  • معطوفة بالواو على «يدع» وتعرب اعرابها. و «لا» نافية للتأكيد اي ولا يحث.
  • ﴿ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ:
  • جار ومجرور متعلق بلا يحض. المسكين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.

المتشابهات :

الحاقة: 34﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ
الماعون: 3﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ٢- لا يحثُّ نفسَه، ولا يحثُّ غيرَه على إطعام الفقير، قال تعالى:
﴿ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يحض:
1- مضارع «حض» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- يحاض، مضارع «حاض» ، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [4] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ

التفسير :

[4] فعذاب شديد للمصلين

{ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} أي:الملتزمونلإقامة الصلاة، ولكنهم{ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}

والفاء في قوله: فَوَيْلٌ للتفريع والتسبب، والويل: الدعاء بالهلاك والعذاب الشديد.

وهو مبتدأ، وقوله لِلْمُصَلِّينَ خبره، والمراد بالسهو هنا: الغفلة والترك وعدم المبالاة ...

ثم قال : ( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) قال ابن عباس ، وغيره : يعني المنافقين ، الذين يصلون في العلانية ولا يصلون في السر .

ولهذا قال : ( للمصلين ) أي : الذين هم من أهل الصلاة وقد التزموا بها ، ثم هم عنها ساهون ، إما عن فعلها بالكلية ، كما قاله ابن عباس ، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعا ، فيخرجها عن وقتها بالكلية ، كما قاله مسروق وأبو الضحى .

وقوله: ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ)

يقول تعالى ذكره: فالوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم للمنافقين الذين يصلون, لا يريدون الله عز وجل بصلاتهم, وهم في صلاتهم ساهون إذا صلوها.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) فقال بعضهم: عُنِيَ بذلك أنهم يؤخِّرونها عن وقتها, فلا يصلونها إلا بعد خروج وقتها.

* ذكر من قال ذلك:

التدبر :

عمل
[4] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ الويل هُنا للسَّاهون، تأمل حالك مع صلاة الفجر بعد رمضان، ثمَّ احذر واستغفر وتب.
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أي: الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون؛ إما عن فعلها بالكلية، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعًا فيخرجها عن وقتها بالكلية.
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ سمَّاهم مضلين، لكنهم ساهون عن فعلها، أو عن وقتها، أو عن أدائها بأركانها وشروطها، أو عن الخشوع وتدبر معانيها، فاللفظ يشمل هذا كله، من اتصف بشيء من ذلك، فله قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك، فقد تم نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي.
تفاعل
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ استعذ بالله الآن أن تكون من هؤلاء.
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ قال ابن عباس: «يعني المنافقين الذين يصلون في العلانية، ولا يصلون في السر».
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ فإن قلت: كيف توعَّد اللهُ الساهي عن الصلاة، مع أنه غيرُ مؤاخذٍ بالسهوِ، لخبر «إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ» [ابن ماجه 2043، وصححه الألباني]؟ قلتُ: المرادُ بالسهْو هنا: التغافلُ والتكاسلُ عن أدائها، وقلَّةِ الالتفاتِ إليها، وذلك فعلُ المنافقين، أو الفسقة من المسلمين، لا ما يتَّفقُ فيها من السهو بالوسوسة، أو حديث النفس عمَّا لا صُنع للعبد فيه.
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ تأمَّلها: إذا كان هذا الوعيدُ لمَن يُصلي لكن يُؤخِّرُها عَن وقتِها، فكيف بمَن لا يصلي إطلَاقًا!
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ قال عطاء بن يسار: «الحمد لله الذي قال: ﴿هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ﴾ ولم يقل في صلاتهم».
وقفة
[4، 5] ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ الملتزمين لإقامة الصلاة ولكنهم مضيعون لها تاركون لوقتها ومخلون بأركانها. السعدي.
وقفة
[4، 5] مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها، فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه، ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ:
  • الفاء استئنافية. ويل: مبتدأ مرفوع بالضمة وقد سبق شرحه. للمصلين: جار ومجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.ويجوز ان تكون الفاء واقعة في جواب شرط مقدر على المعنى. اي فاذا كان الامر كذلك فويل للمصلين على معنى فويل لهم فوضعت صفتهم موضع ضميرهم الذي يعود على ضمير الذي يكذب وهو مفرد الا ان معناه الجمع لان المراد به الجنس.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [4] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ أوَّلًا عَمودَ الكفْرِ -وهو التَّكذيبُ بالدِّينِ-؛ ذَكَرَ ما يَترتَّبُ عليه ممَّا يَتعلَّقُ بالخالِقِ، وهو عِبادتُه بالصَّلاةِ، قال تعالى:
﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [5] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ

التفسير :

[5]الذين هم عن صلاتهم لاهون، لا يقيمونها على وجهها، ولا يؤدونها في وقتها.

أي:مضيعون لها، تاركون لوقتها، مفوتون لأركانهاوهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات وأفضل القربات، والسهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوموأما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلى الله عليه وسلم.

أى: فهلاك شديد، وعذاب عظيم، لمن جمع هذه الصفات الثلاث، بعد تكذيبه بيوم الدين، وقسوته على اليتيم، وامتناعه عن إطعام المسكين.

وهذه الصفات الثلاث أولها: الترك للصلاة، وعدم المبالاة بها، والإخلال بشروطها وأركانها وسننها وآدابها.

وثانيها: أداؤها رياء وخداعا لا عن إخلاص وطاعة لله رب العالمين كما قال- تعالى-:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ، وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى. يُراؤُنَ النَّاسَ، وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.

وثالثها: منع الماعون: أى منع الخير والمعروف والبر عن الناس. فالمراد بمنع الماعون:

منع كل فضل وخير عن سواهم. فلفظ «الماعون» أصله «معونة» والألف عوض من الهاء . والعون: هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته ... فالمراد بالماعون: ما يستعان به على قضاء الحوائج، من إناء أو فأس، أو نار، أو ما يشبه ذلك.

ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا: الزكاة، لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة.

قال الإمام ابن كثير: قوله: وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ أى: لا أحسنوا عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به، ويستعان به، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى ...

وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال: هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر ....

وقال عطاء بن دينار : والحمد لله الذي قال : ( عن صلاتهم ساهون ) ولم يقل : في صلاتهم ساهون .

وإما عن وقتها الأول فيؤخرونها إلى آخره دائما أو غالبا . وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به . وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها ، فاللفظ يشمل هذا كله ، ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية . ومن اتصف بجميع ذلك ، فقد تم نصيبه منها ، وكمل له النفاق العملي . كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، يجلس يرقب الشمس ، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا " فهذا آخر صلاة العصر التي هي الوسطى ، كما ثبت به النص إلى آخر وقتها ، وهو وقت كراهة ، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب ، لم يطمئن ولا خشع فيها أيضا ; ولهذا قال : " لا يذكر الله فيها إلا قليلا " . ولعله إنما حمله على القيام إليها مراءاة الناس ، لا ابتغاء وجه الله ، فهو إذا لم يصل بالكلية . قال تعالى : ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) [ النساء : 142 ] .

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا سكن بن نافع الباهلي, قال: ثنا شعبة, عن خلف بن حوشب, عن طلحة بن مُصَرّف, عن مصعب بن سعد, قال: قلت لأبي, أرأيت قول الله عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : أهي تركها؟ قال: لا ولكن تأخيرها عن وقتها.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَية, عن هشام الدستوائي, قال: ثنا عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد, قال: قلت لسعد: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : أهو ما يحدّث به أحدنا نفسه في صلاته؟ قال: لا ولكن السهو أن يؤخِّرها عن وقتها.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن عاصم, عن مصعب بن سعد ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: السهو: الترك عن الوقت.

حدثنا عمرو بن عليّ, قال: ثنا عمران بن تمام البناني, قال: ثنا أبو جمرة الضبعي نصر بن عمران, عن ابن عباس, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: الذين يؤخِّرونها عن وقتها.

وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب, عن جعفر, عن ابن أبزي ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: الذين يؤخِّرون الصلاة المكتوبة, حتى تخرج من الوقت أو عن وقتها.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن أبي الضحى عن مسروق ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: الترك لوقتها.

حدثني أبو السائب, قال: ثني أبو معاوية, عن الأعمش, عن مسلم, عن مسروق, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: تضييع ميقاتها.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن أبي الضحى ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: ترك المكتوبة لوقتها.

حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا يحيى بن أيوب, قال: أخبرني ابن زحر, عن الأعمش, عن مسلم بن صبيح ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الذين يضيعونها عن وقتها.

وقال آخرون: بل عني بذلك أنهم يتركونها فلا يصلونها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) فهم المنافقون كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا, ويتركونها إذا غابوا, ويمنعونهم العارية بغضا لهم, وهو الماعون.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: هم المنافقون يتركون الصلاة في السرّ, ويصلون في العلانية.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: الترك لها.

وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك أنهم يتهاونون بها, ويتغافلون عنها ويلهون.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: لاهون.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : غافلون.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: ساهٍ عنها, لا يبالي صلى أم لم يصلّ.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) يصلون, وليست الصلاة من شأنهم.

حدثني أبو السائب, قال: ثنا ابن فضيل, عن ليث, عن مجاهد, في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: يتهاونون.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله: (ساهُونَ) : لاهون يتغافلون عنها، وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها, تضييعها أحيانا, وتضييع وقتها أخرى، وإذا كان ذلك كذلك صح بذلك قول من قال: عُنِيَ بذلك ترك وقتها, وقول من قال: عُنِيَ به تركها لما ذكرتُ من أن في السهو عنها المعاني التي ذكرت.

وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك خبران يؤيدان صحة ما قلنا في ذلك:

أحدهما: ما حدثني به زكريا بن أبان المصري, قال: ثنا عمرو بن طارق, قال: ثنا عكرمة بن إبراهيم, قال: ثنا عبد الملك بن عمير, عن مصعب بن سعد, عن سعد بن أبي وقاص, قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم, عن ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: هم الذين يؤخِّرون الصلاة عن وقتها.

والآخر منهما: ما حدثني به أبو كُرَيب, قال: ثنا معاوية بن هشام, عن شيبان النحوي, عن جابر الجعفي, قال: ثني رجل, عن أبي برزة الأسلميّ, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما نـزلت هذه الآية: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) : الله أكبر هذه خير لكم من أن لو أعطي كلّ رجل منكم مثل جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته، وإن تركها لم يخف ربه ".

حدثني أبو عبد الرحيم البرقي, قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة, قال: سمعت عمر بن سليمان يحدّث عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد لله الذي قال: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) وكلا المعنيين اللذين ذكرت في الخبرين اللذين روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم محتمل عن معنى السهو عن الصلاة.

التدبر :

اسقاط
[5] احذر أن تكون من: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾.
وقفة
[5، 6] ﴿الَّذينَ هُم عَن صَلاتِهِم ساهونَ * الَّذينَ هُم يُراءونَ﴾ قال ابن عباس: «هم المنافقون يتركون الصلاة في السر، ويصلون في العلانية»‏.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة- نعت- للمصلين.والجملة الاسمية بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ:
  • ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. عن: حرف جر. صلاة: اسم مجرور بعن وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بخبر «هم».
  • ﴿ ساهُونَ:
  • خبر «هم» المبتدأ مرفوع الواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد والاصل «ساهيون» فحذفت الياء لسكونها وسكون الواو بعد حذف الضمة التي كانت على الياء للثقل اي غافلون غير ملتفتين اليها.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [5] لما قبلها :     ٣- الذين هم عن صلاتهم لاهون، لا يبالون بها حتى ينقضي وقتها، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [6] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ

التفسير :

[6] الذين هم يتظاهرون بأعمال الخير؛ مراءاة للناس.

ولهذا وصف الله هؤلاء بالرياء والقسوة وعدم الرحمة، فقال:{ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} أي يعملون الأعمال لأجل رئاء الناس.

أى: فهلاك شديد، وعذاب عظيم، لمن جمع هذه الصفات الثلاث، بعد تكذيبه بيوم الدين، وقسوته على اليتيم، وامتناعه عن إطعام المسكين.

وهذه الصفات الثلاث أولها: الترك للصلاة، وعدم المبالاة بها، والإخلال بشروطها وأركانها وسننها وآدابها.

وثانيها: أداؤها رياء وخداعا لا عن إخلاص وطاعة لله رب العالمين كما قال- تعالى-:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ، وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى. يُراؤُنَ النَّاسَ، وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.

وثالثها: منع الماعون: أى منع الخير والمعروف والبر عن الناس. فالمراد بمنع الماعون:

منع كل فضل وخير عن سواهم. فلفظ «الماعون» أصله «معونة» والألف عوض من الهاء . والعون: هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته ... فالمراد بالماعون: ما يستعان به على قضاء الحوائج، من إناء أو فأس، أو نار، أو ما يشبه ذلك.

ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا: الزكاة، لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة.

قال الإمام ابن كثير: قوله: وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ أى: لا أحسنوا عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به، ويستعان به، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى ...

وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال: هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر ....

وقال هاهنا : ( الذين هم يراءون )

وقال الطبراني : حدثنا يحيى بن عبد الله بن عبدويه البغدادي ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن يونس ، عن الحسن ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في جهنم لواديا تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعمائة مرة ، أعد ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد : لحامل كتاب الله ، وللمصدق في غير ذات الله ، وللحاج إلى بيت الله ، وللخارج في سبيل الله " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة قال : كنا جلوسا عند أبي عبيدة فذكروا الرياء ، فقال رجل يكنى بأبي يزيد : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سمع الناس بعمله ، سمع الله به سامع خلقه ، وحقره وصغره " .

ورواه أيضا عن غندر ، ويحيى القطان ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن رجل ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره .

ومما يتعلق بقوله تعالى : ( الذين هم يراءون ) أن من عمل عملا لله فاطلع عليه الناس ، فأعجبه ذلك ، أن هذا لا يعد رياء ، والدليل على ذلك ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا مخلد بن يزيد ، حدثنا سعيد بن بشير ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : كنت أصلي ، فدخل علي رجل ، فأعجبني ذلك ، فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " كتب لك أجران : أجر السر ، وأجر العلانية " .

قال أبو علي هارون بن معروف : بلغني أن ابن المبارك قال : نعم الحديث للمرائين .

وهذا حديث غريب من هذا الوجه وسعيد بن بشير متوسط ، وروايته عن الأعمش عزيزة ، وقد رواه غيره عنه .

قال أبو يعلى أيضا : حدثنا محمد بن المثنى بن موسى ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أبو سنان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله ، الرجل يعمل العمل يسره ، فإذا اطلع عليه أعجبه . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " له أجران : أجر السر وأجر العلانية " .

وقد رواه الترمذي ، عن محمد بن المثنى . وابن ماجه ، عن بندار ، كلاهما عن أبي داود الطيالسي ، عن أبي سنان الشيباني - واسمه : ضرار بن مرة . ثم قال الترمذي : غريب ، وقد رواه الأعمش وغيره . عن حبيب عن [ النبي صلى الله عليه وسلم ] مرسلا .

وقد قال أبو جعفر بن جرير : حدثني أبو كريب ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن شيبان النحوي ، عن جابر الجعفي ، حدثني رجل ، عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية : ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) قال : " الله أكبر ، هذا خير لكم من أن لو أعطي كل رجل منكم مثل جميع الدنيا ، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته ، وإن تركها لم يخف ربه " .

فيه جابر الجعفي ، وهو ضعيف ، وشيخه مبهم لم يسم ، والله أعلم .

وقال ابن جرير أيضا : حدثني زكريا بن أبان المصري ، حدثنا عمرو بن طارق ، حدثنا عكرمة بن إبراهيم ، حدثني عبد الملك بن عمير ، عن مصعب بن سعد عن سعد بن أبي وقاص قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن : ( الذين هم عن صلاتهم ساهون ) قال : " هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها " .

وتأخير الصلاة عن وقتها يحتمل تركها بالكلية ، أو صلاتها بعد وقتها شرعا ، أو تأخيرها عن أول الوقت [ سهوا حتى ضاع ] الوقت .

وكذا رواه الحافظ أبو يعلى ، عن شيبان بن فروخ ، عن عكرمة بن إبراهيم به . ثم رواه عن أبي الربيع ، عن جابر ، عن عاصم ، عن مصعب ، عن أبيه موقوفا ، وهذا أصح إسنادا ، وقد ضعف البيهقي رفعه ، وصحح وقفه ، وكذلك الحاكم .

وقوله: ( الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ) يقول: الذين هم يراءون الناس بصلاتهم إذا صلوا, لأنهم لا يصلون رغبة في ثواب, ولا رهبة من عقاب, وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنونهم منهم, فيكفون عن سفك دمائهم, وسبي ذراريهم, وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, يستبطنون الكفر, ويُظهرون الإسلام, كذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عامر ومؤمل, قالا ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) قال: هم المنافقون.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

حدثني يونس, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله: ( يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: يراءون بصلاتهم.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ) يعني المنافقين.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قال: هم المنافقون، كانوا يراءون الناس بصلاتهم إذا حضروا, ويتركونها إذا غابوا.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني ابن زيد: ويصلون- وليس الصلاة من شأنهم- رياءً.

التدبر :

وقفة
[5، 6] ﴿إذا مسَّه الشر جزوعًا * وإذا مسَّه الخير منوعًا * إلا المصلين﴾ [المعارج: 20-22]، ﴿عن صلاتهم ساهون ... ويمنعون الماعون﴾ تنضبط الأخلاق بانضباط الصلاة.
وقفة
[6] ﴿الَّذينَ هُم يُراءونَ﴾ جمع هؤلاء: تكذيبًا بالبعث، وانتقاصًا لحقول ضعفة الخلق، وتفريطًا في الصلاة، وشغفًا بالدنيا جعلتهم يتعلقون بحقير الأواني، وهم -مع هذا- يراءون، ولو فتشت لوجدت أن أقل الناس عملًا مثمرًا لهم نصيب وافر من هذه الصفات أو بعضها.
وقفة
[6] ﴿الَّذينَ هُم يُراءونَ﴾ الرياء أحد أمراض القلوب، وهو يبطل العمل.
وقفة
[6] ﴿الَّذينَ هُم يُراءونَ﴾ لا رياء في الفرائض، قال القرطبي: «ولا يكون الرجل مرائيًا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة، فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها».
وقفة
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ جمع هؤلاء: تكذيبًا بالبعث، وانتقاصًا لحقوق ضعفة الخلق، وتفريطًا في الصلاة، وشغفًا بالدنيا جعلتهم يتعلقون بحقير الأواني، وهم -مع هذا- يراءُون، ولو فتَّشت، لوجدت أنَّ أقل الناس عملًا مثمرًا لهم نصيب وافر من هذه الصفات أو بعضها.
وقفة
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ من عمي البصيرة وانتكاس الفطرة أن يصرف الرجل حق الله لسواه من البشر, ويمنع البشر حقهم من البر والرحمة.
وقفة
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ لا أحسنوا عبادة الله, ولا أحسنوا إلى خلق الله, حتى ولا بإعارة ما ينتفع به من المتاع وغيره.
وقفة
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ خلل العقيدة يتبعه خلل في الأخلاق.
وقفة
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ لا تجد مرائيًا إلا وهو بخيل في الحقيقة.
وقفة
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ حتي بإعارة ما ينتفع به ثم يرد إليهم من رخيص المتاع يبخلون, أفيرتجي منهم البذل لفقير أو محتاج؟! ما أصغرها من نفوس!
عمل
[6، 7] ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ* وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ لا تحتقر أي معروف مهما صغر، وعود نفسك البذل والعطاء, فإن منع الماعون من صفات المنافقين الأشقياء, فأربأ بنفسك أن تشابههم.

الإعراب :

  • ﴿ الَّذِينَ:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل جر لانه بدل من «الذين» الواردة في الآية السابقة.
  • ﴿ هُمْ يُراؤُنَ:
  • الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. هم:ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. يراءون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يراءون» في محل رفع خبر «هم».

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [6] لما قبلها :     ٤- الذين هم يراؤون بصلاتهم وأعمالهم، لا يخلصون العمل لله، قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يراءون:
1- مضارع «راءى» ، على وزن «فاعل» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مهموز، مقصورا مشددا، وهى قراءة الأشهب.
3- على القراءة السابقة، ولكن بغير شد الهمز، وهى قراءة ابن أبى إسحاق.

مدارسة الآية : [7] :الماعون     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ

التفسير :

[7] ويمنعون إعارة ما لا تضر إعارته من الآنية وغيرها، فلا هم أحسنوا عبادة ربهم، ولا هم أحسنوا إلى خلقه.

{ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} أي:يمنعون إعطاء الشيء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، والدلو، والفأس، ونحو ذلك، مما جرت العادة ببذلها والسماحة به.

فهؤلاء -لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه.

وفي هذه السورة، الحث على إكراماليتيم، والمساكين، والتحضيض على ذلك، ومراعاة الصلاة، والمحافظة عليها، وعلى الإخلاص [فيها و] في جميع الأعمال.

والحث على [فعل المعروف و] بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء والدلو والكتاب، ونحو ذلك، لأن الله ذم من لم يفعل ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.

أى: فهلاك شديد، وعذاب عظيم، لمن جمع هذه الصفات الثلاث، بعد تكذيبه بيوم الدين، وقسوته على اليتيم، وامتناعه عن إطعام المسكين.

وهذه الصفات الثلاث أولها: الترك للصلاة، وعدم المبالاة بها، والإخلال بشروطها وأركانها وسننها وآدابها.

وثانيها: أداؤها رياء وخداعا لا عن إخلاص وطاعة لله رب العالمين كما قال- تعالى-:

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ، وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى. يُراؤُنَ النَّاسَ، وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.

وثالثها: منع الماعون: أى منع الخير والمعروف والبر عن الناس. فالمراد بمنع الماعون:

منع كل فضل وخير عن سواهم. فلفظ «الماعون» أصله «معونة» والألف عوض من الهاء . والعون: هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته ... فالمراد بالماعون: ما يستعان به على قضاء الحوائج، من إناء أو فأس، أو نار، أو ما يشبه ذلك.

ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا: الزكاة، لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة.

قال الإمام ابن كثير: قوله: وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ أى: لا أحسنوا عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به، ويستعان به، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى ...

وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال: هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر ....

وهكذا نرى السورة الكريمة قد ذمت المكذبين بيوم الدين ذما شديدا حيث وصفتهم بأقبح الصفات وأشنعها.

نسأل الله- تعالى- أن يعيذنا من ذلك.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( ويمنعون الماعون ) أي : لا أحسنوا عبادة ربهم ، ولا أحسنوا إلى خلقه حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ويستعان به ، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم . فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى وأولى . وقد قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : قال علي : الماعون : الزكاة . وكذا رواه السدي ، عن أبي صالح ، عن علي . وكذا روي من غير وجه عن ابن عمر . وبه يقول محمد بن الحنفية ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد ، وعطاء ، وعطية العوفي ، والزهري ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد .

وقال الحسن البصري : إن صلى راءى ، وإن فاتته لم يأس عليها ، ويمنع زكاة ماله وفي لفظ : صدقة ماله .

وقال زيد بن أسلم : هم المنافقون ظهرت الصلاة فصلوها ، وضمنت الزكاة فمنعوها .

وقال الأعمش وشعبة ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار : أن أبا العبيدين سأل عبد الله بن مسعود عن الماعون ، فقال : هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقدر ، [ والدلو ] .

[ وقال المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين : أنه سئل ابن مسعود عن الماعون ، فقال : هو ما يتعاطاه الناس بينهم ، من الفأس والقدر ] والدلو ، وأشباه ذلك .

وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي العبيدين وسعد بن عياض ، عن عبد الله قال : كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن الماعون الدلو ، والفأس ، والقدر ، لا يستغنى عنهن .

وحدثنا خلاد بن أسلم ، أخبرنا النضر بن شميل ، أخبرنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت سعد بن عياض يحدث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

وقال الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الحارث بن سويد عن عبد الله أنه سئل عن الماعون ، فقال : ما يتعاوره الناس بينهم : الفأس والدلو وشبهه .

وقال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي الفلاس ، حدثنا أبو داود - هو الطيالسي - ، حدثنا أبو عوانة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نقول : الماعون : منع الدلو وأشباه ذلك .

وقد رواه أبو داود والنسائي ، عن قتيبة ، عن أبي عوانة بإسناده نحوه ، ولفظ النسائي عن عبد الله قال : كل معروف صدقة ، وكنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية الدلو والقدر .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله قال : الماعون : العواري : القدر ، والميزان ، والدلو .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد عن ابن عباس : ( ويمنعون الماعون ) يعني : متاع البيت . وكذا قال مجاهد وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وأبو مالك ، وغير واحد : إنها العارية للأمتعة .

وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد عن ابن عباس : ( ويمنعون الماعون ) قال : لم يجئ أهلها بعد .

وقال العوفي عن ابن عباس : ( ويمنعون الماعون ) قال : اختلف الناس في ذلك ، فمنهم من قال : يمنعون الزكاة . ومنهم من قال : يمنعون الطاعة . ومنهم من قال : يمنعون العارية . رواه ابن جرير . ثم روي عن يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن علية ، عن ليث بن أبي سليم ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي : الماعون : منع الناس الفأس ، والقدر ، والدلو .

وقال عكرمة : رأس الماعون زكاة المال ، وأدناه المنخل والدلو ، والإبرة . رواه ابن أبى حاتم .

وهذا الذي قاله عكرمة حسن ; فإنه يشمل الأقوال كلها ، وترجع كلها إلى شيء واحد . وهو ترك المعاونة بمال أو منفعة . ولهذا قال محمد بن كعب : ( ويمنعون الماعون ) قال : المعروف . ولهذا جاء في الحديث : " كل معروف صدقة " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ذئب عن الزهري : ( ويمنعون الماعون ) قال : بلسان قريش : المال .

وروى هاهنا حديثا غريبا عجيبا في إسناده ومتنه فقال :

حدثنا أبي وأبو زرعة ، قالا : حدثنا قيس بن حفص الدارمي ، حدثنا دلهم بن دهثم العجلي ، حدثنا عائذ بن ربيعة النميري ، حدثني قرة بن دعموص النميري : أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، ما تعهد إلينا ؟ قال : " لا تمنعون الماعون " . قالوا : يا رسول الله ، وما الماعون ؟ قال : " في الحجر ، وفي الحديدة ، وفي الماء " . قالوا : فأي حديدة ؟ قال : " قدوركم النحاس ، وحديد الفأس الذي تمتهنون به " . قالوا : وما الحجر ؟ قال : " قدوركم الحجارة " .

غريب جدا ، ورفعه منكر ، وفي إسناده من لا يعرف ، والله أعلم .

وقد ذكر ابن الأثير في الصحابة ترجمة " علي النميري " ، فقال : روى ابن قانع بسنده إلى عائذ بن ربيعة بن قيس النميري ، عن علي بن فلان النميري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " المسلم أخو المسلم . إذا لقيه حياه بالسلام ، ويرد عليه ما هو خير منه ، لا يمنع الماعون " . قلت : يا رسول الله ، ما الماعون ؟ قال : " الحجر ، والحديد ، وأشباه ذلك " .

آخر تفسير سورة " الماعون " .

وقوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) يقول: ويمنعون الناس منافع ما عندهم, وأصل الماعون من كلّ شيء منفعته، يقال للماء الذي ينـزل من السحاب ماعون، ومنه قول أعشى بني ثعلبة:

بِــــأَجْوَدَ مِنْـــه بِمَاعُونِـــهِ

إذا مـــا سَــماؤُهُمُ لَــمْ تَغِــمْ (3)

وقال آخر يصف سحابا:

يَمُجُّ صّبيرُهُ المَاعُونَ صَبًا (4)

وقال عبيد الراعي:

قَــوْمٌ عَـلى الإسْـلامِ لَمَّـا يَمْنَعُـوا

مـــاعُونَهُمْ وَيُضَيِّعُــوا التَّهْلِيــلا (5)

يعني بالماعون: الطاعة والزكاة.

واختلف أهل التأويل في الذي عُنِيَ به من معاني الماعون في هذا الموضع, فقال بعضهم: عُنِيَ به الزكاة المفروضة.

*ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال عليّ رضى الله عنه في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الزكاة.

حدثني ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن عبد الله بن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال عليّ رضى الله عنه: (المَاعُون) : الزكاة.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان، وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن السديّ, عن أبي صالح, عن عليّ رضى الله عنه قال: (المَاعُون) : الزكاة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عليّ رضى الله عنه ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: يمنعون زكاة أموالهم.

حدثني محمد بن عمارة وأحمد بن هشام قالا ثنا عبيد الله بن موسى, قال: أخبرنا إسرائيل, عن السديّ عن أبي صالح, عن عليّ رضى الله عنه ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الزكاة.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: (المَاعُون) قال: الزكاة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عليّ, مثله.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, أن عليا رضى الله عنه كان يقول (المَاعُون) : الصدقة المفروضة.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) أن عليا رضى الله عنه قال: هي الزكاة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن رجل, عن مجاهد, عن ابن عمر, قال: (المَاعُونَ) : الزكاة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن أبي المُغيرة, قال: سأل رجل ابن عمر، عن الماعون قال: هو المال الذي لا يؤدى حقه، قال: قلت: إن ابن أمّ عبد يقول: هو المتاع الذي يتعاطاه الناس بينهم, قال: هو ما أقول لك.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا وهب بن جرير, قال: ثنا شعبة, عن سلمة, قال: سمعت أبا المُغيرة قال: سألت ابن عمر, عن الماعون, فقال: هو منع الحقّ.

حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل, عن سلمة بن كهيل, قال: سُئل ابن عمر عن الماعون, فقال: هو الذي يسأل حق ماله ويمنعه, فقال: إن ابن مسعود يقول: هو القدر والدلو والفأس, قال: هو ما أقول لكم.

حدثني هارون بن إدريس الأصمّ, قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن سلمة بن كهيل, أن ابن عمر سُئل عن قول الله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الذي يُسأل مال الله فيمنعه, فقال الذي سأله, فإن ابن مسعود يقول: هو الفأس والقدر, قال ابن عمر: هو ما أقول لك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن إسماعيل بن أبي خالد, عن سلمة بن كهيل, قال: سأل رجل ابن عمر عن الماعون, فذكر مثله.

حدثني سليمان بن محمد بن معدي كرب الرعيني, قال: ثنا بقية بن الوليد, قال: ثنا شعبة, قال: ثني سلمة بن كهيل, قال: سمعت أبا المغيرة: رجلا من بني أسد, قال: سألت عبد الله بن عمر، عن الماعون, قال: هو منع الحقّ, قلت: إن ابن مسعود قال: هو منع الفأس والدلو قال: هو منع الحقّ.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن أبي المغيرة, عن ابن عمر قال: هي الزكاة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن السديّ, عن أبي صالح, عن عليّ, مثله.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا جابر بن زيد بن رفاعة, عن حسان بن مخارق, عن سعيد بن جُبير, قال: (المَاعُونَ) : الزكاة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة والحسن: الماعون: الزكاة المفروضة.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسماعيل, عن أبي عمر, عن ابن الحنفية رضى الله عنه قال: هي الزكاة.

حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الزكاة.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: هم المنافقون يمنعون زكاة أموالهم.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال: (المَاعُونَ) : الزكاة المفروضة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سعيد, عن قتادة, مثله.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا محمد بن عقبة, قال: سمعت الحسن يقول: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: منعوا صدقات أموالهم, فعاب الله عليهم.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن مبارك, عن الحسن ( الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) قال: هو المنافق الذي يمنع زكاة ماله, فإن صلى راءى, وإن فاتته لم يأس عليها.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سلمة, عن الضحاك, قال: هي الزكاة.

وقال آخرون: هو ما يتعاوره الناس بينهم من مثل الدلو والقدر ونحو ذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا ابن أبي إدريس, عن الأعمش, عن الحكم بن يحيى بن الجزار, عن أبي العبيدين, أنه قال لعبد الله: أخبرني عن &; 24-638 &; الماعون؟ قال: هو ما يتعاوره الناس بينهم.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن الحكم, قال: سمعت يحيى بن الجزار يحدّث عن أبي العبيدين: رجل من بني تميم ضرير البصر, وكان يسأل عبد الله بن مسعود, وكان ابن مسعود يعرف له ذلك، فسأل عبد الله عن الماعون, فقال عبد الله: إن من الماعون منع الفأس والقدر والدلو, خصلتان من هؤلاء الثلاث; قال شعبة: الفأس ليس فيه شكّ.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا الوليد, قال: ثنا شعبة, عن الحكم بن عتيبة, عن يحيى بن الجزار, عن أبي العبيدين, عن عبد الله, مثله.

حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن عُلَيه, قال: ثنا شعبة, عن الحكم بن عتيبة, عن يحيى بن الجزار, أن أبا العبيدين: رجلا من بني تميم, كان ضرير البصر, سأل ابن مسعود عن الماعون, فقال: هو منع الفأس والدلو, أو قال: منع الفأس والقدر.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن الحكم, عن يحيى بن الجزار, أن أبا العبيدين سأل ابن مسعود, عن الماعون, قال: هو ما يتعاوره الناس بينهم, الفأس والقدر والدلو.

حدثنا أحمد بن منصور الرمادي, قال: ثنا أبو الجوّاب, عن عمار بن رزيق, عن أبي إسحاق, عن حارثة بن مضرِّب, عن أبي العبيدين, عن عبد الله, قال : كنا أصحاب محمد نحدّث أن الماعون: القدر والفأس والدلو. قال أبو بكر: قال أبو الجوّاب, وخالفه زُهير بن معاوية فيما: حدثنا به الحسن الأشيب, قال: ثنا زُهَير, قال: ثنا أبو إسحاق, عن حارثة, عن أبي العبيدين, حدثني محمد بن عبيد, قال: ثنا أبو الأحوص, عن أبي إسحاق, عن حارثة, عن أبي العبيدين وسعيد بن عياض, عن عبد الله, قال: كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدّث أن الماعون: الدلو والفأس والقدر, لا يستغنى عنهنّ.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن ابن أبي إسحاق, عن سعيد بن عياض -قال أبو موسى: هكذا قال غندر- عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم , قالوا: إن من الماعون: الفأس والدلو والقدر.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان، وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبى إسحاق, عن سعيد بن عياض, يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.

قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا شعبة, عن أبي إسحاق, قال: سمعت سعيد بن عياض, يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم, مثله.

حدثنا خلاد, قال: أخبرنا النضر, قال: أخبرنا إسرائيل, قال: أخبرنا أبو إسحاق, عن حارثة بن مضرب, عن أبى العبيدين, قال: قال عبد الله: الماعون: القدر والفأس والدلو.

حدثنا خلاد, قال: أخبرنا النضر, قال: أخبرنا المسعودي, قال: أخبرنا سلمة بن كُهَيْلٍ, عن أبي العبيدين, وكانت به زمانة, وكان عبد الله يعرف له ذلك, فقال: يا أبا عبد الرحمن ما الماعون؟ قال: ما يتعاطى الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن سلمة بن كهيل, عن مسلم, عن أبي العبيدين, أنه سأل ابن مسعود, عن الماعون, فقال: ما يتعاطاه الناس بينهم.

قال: ثنا مهران, عن الحسن وسلمة بن كهيل, عن أبي العبيدين, عن ابن مسعود, قال: الفأس والدلو والقدر وأشباهه.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ, عن المسعوديّ, عن سلمة بن كهيل, عن أبي العبيدين, أنه سأل ابن مسعود, عن قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) فذكر نحوه.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن إبراهيم التيمي, عن الحارث بن سويد, عن ابن مسعود, قال: الفأس والقدر والدلو.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن الأعمش, عن إبراهيم التيميّ, عن الحارث بن سويد, عن عبد الله قال: (المَاعُونَ) منع الفأس والقدر والدلو.

حدثنا أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن الحارث بن سويد, عن عبد الله, أنه سُئل عن الماعون, قال: ما يتعاوره الناس بينهم: الفأس والدلو وشبهه.

&; 24-640 &;

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن الأعمش, عن مالك بن الحارث, عن ابن مسعود, قال: الدلو والفأس والقدر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن أبي إسحاق, عن سعيد بن عياض, عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم: قال: الماعون: الفأس والقدر والدلو.

حدثني أبو السائب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن إبراهيم, قال: سُئل عبد الله عن الماعون, قال: ما يتعاوره الناس بينهم, الفأس والقدر والدلو وشبهه.

حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا مغيرة, عن إبراهيم أنه قال هو عارية الناس: الفأس والقدر والدلو ونحو ذلك, يعني الماعون.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن إبراهيم, عن عبد الله, بمثله.

قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس مثله, قال: الفأس والدلو.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن حبيب بن أبي ثابت الأسدّي, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس قال: (المَاعُونَ) : العارية.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع; وحدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: هو العارية.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, نحوه.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, مثله.

حدثنا محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: (المَاعُونَ) قال: متاع البيت.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا إسماعيل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, أراه عن ابن عباس -" شك أبو كريب "-( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: المتاع.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال ابن عباس هو متاع البيت.

حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قال: يمنعونهم العارية, وهو الماعون.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: اختلف الناس في ذلك, فمنهم من قال: يمنعون الزكاة, ومنهم من قال: يمنعون الطاعة, ومنهم من قال: يمنعون العارية.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, عن ليث, عن مجاهد, عن ابن عباس, في قوله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: لم يجيء أهلها بعد.

حدثني ابن المثنى, قال: ثنا محمد, قال: ثنا شعبة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: قال ابن عباس: (المَاعُونَ) ما يتعاطى الناس بينهم.

حدثنا يعقوب بن إبراهيم, قال: أخبرنا ابن عُلَية, قال: ثنا ليث, عن أبي إسحاق, عن الحارث, قال: قال عليّ رضى الله عنه: (المَاعُونَ): منع الزكاة والفأس والدلو والقدر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم النبيل, قال: ثنا سفيان, عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جُبير قال: الماعون: العارية.

حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس, قال: ثنا عبثر, قال: ثنا حصين, عن أبي مالك, في قول الله: ( وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) قال: الدلو والقدر والفأس.

حدثنا عمرو بن علي, قال: ثنا أبو داود, قال: ثنا أبو عوانة, عن عاصم بن بهدلة, عن أبي وائل, عن عبد الله, قال: كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: الماعون: منع الدلو وأشباه ذلك.

وقال آخرون: الماعون: المعروف.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن إبراهيم السلمي, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا محمد بن رفاعة, قال: سمعت محمد بن كعب يقول: الماعون: المعروف.

وقال آخرون: الماعون: هو المال.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني أحمد بن حرب, قال: ثنا موسى بن إسماعيل, قال: ثنا إبراهيم بن سعد, عن ابن شهاب, عن سعيد بن المسيب, قال: الماعون, بلسان قريش: المال.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن ابن أبى ذئب, عن الزهريّ, قال: الماعون: بلسان قريش: المال.

وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب, إذ كان الماعون هو ما وصفنا قبل, وكان الله قد أخبر عن هؤلاء القوم, وأنهم يمنعونه الناس, خبرًا عاما, من غير أن يخص من ذلك شيئا أن يقال: إن الله وصفهم بأنهم يمنعون الناس ما يتعاونونه بينهم, ويمنعون أهل الحاجة والمسكنة ما أوجب الله لهم في أموالهم من الحقوق؛ لأن كل ذلك من المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض.

آخر تفسير سورة أرأيت

التدبر :

وقفة
[7] ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ يمنعون الناس منافع ما عندهم، من القليل والكثير، وإذا أريد بالماعون الإناء، فهم لما هو أعظم منه أشد منعًا.
وقفة
[1-7] دلت السورة الكريمة على أن من كذب بالدين أصبح فظًا غليظًا فأصبح: ﴿يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾، ﴿وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾، ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ ومن لطائف ذلك: أن السيئات يدعوا بعضها بعضًا وتتكاثر، وأعظمها: أنها تقسي القلب فتنزع منه الرحمة.
وقفة
[1-7] علمتني سورة الماعون: أن دينك وعبادتك لا ينفصلان البتة عن معاملاتك وتعاملاتك مع كل من حولك، فكلاهما يشكلان شخصية المسلم الحقة.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ
  • معطوفة بالواو على «يراءون» وتعرب اعرابها. الماعون: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة اي الزكاة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [7] لما قبلها :     ٥- يمنعون إعانة غيرهم بما لا ضرر في الإعانة به، قال تعالى :
﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [1] :الكوثر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ

التفسير :

[1] إنا أعطيناك -أيها النبي- الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومن ذلك نهر الكوثر في الجنة الذي حافَتاه خيام اللؤلؤ المجوَّف، وطينه المسك.

يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممتنا عليه:{ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} أي:الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، من النهر الذي يقال له{ الكوثر} ومن الحوض

طوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته كنجومالسماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.

تفسير سورة الكوثر

مقدمة وتمهيد

سورة «الكوثر» وتسمى- أيضا- سورة «النحر» ، تعتبر أقصر سورة في القرآن الكريم، وهي من السور المكية عند الجمهور، وقيل مدنية.

قال بعض العلماء: والأظهر أن هذه السورة مدنية، وعلى هذا سنسير في تفسير آياتها، وعلى القول بأنها مكية عددها الخامسة عشرة، في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة «العاديات» ، وقيل سورة «التكاثر» ، وعلى القول بأنها مدنية، فقد قيل إنها نزلت في الحديبية. وعدد آياتها ثلاث آيات بالاتفاق.

والسورة الكريمة بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله- تعالى- سيعطيه الخير الجزيل، والذكر الخالد.

والكوثر: فوعل من الكثرة، مثل النّوفل من النفل، ومعناه: الشيء البالغ في الكثرة حد الإفراط، والعرب تسمى كل شيء كثر عدده، وعظم شأنه: كوثرا، وقد قيل لأعرابية بعد رجوع ابنها من سفر: بم آب ابنك؟ قالت: آب بكوثر. أى: بشيء كثير.

قال الإمام القرطبي ما ملخصه: واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم على ستة عشر قولا: الأول: أنه نهر في الجنة، رواه البخاري عن أنس، ورواه الترمذي- أيضا- عن ابن عمر ... الثاني: أنه حوض للنبي صلى الله عليه وسلم في الموقف ...

الثالث: أنه النبوة والكتاب ... الرابع: أنه القرآن ... الخامس: الإسلام.

ثم قال- رحمه الله- قلت: أصح هذه الأقوال الأول والثاني، لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص في الكوثر ... وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه صلى الله عليه وسلم زيادة على حوضه ... » .

وافتتح- سبحانه- الكلام بحرف التأكيد، للاهتمام بالخبر، وللإشعار بأن المعطى شيء عظيم ... أى: إنا أعطيناك بفضلنا وإحساننا- أيها الرسول الكريم- الكوثر، أى: الخير الكثير الذي من جملته هذا النهر العظيم، والحوض المطهر ... فأبشر بذلك أنت وأمتك، ولا تلتفت إلى ما يقوله أعداؤك في شأنك.

تفسير سورة الكوثر وهي مدنية ، وقيل : مكية .

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك قال : أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة ، فرفع رأسه مبتسما ، إما قال لهم وإما قالوا له : لم ضحكت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه أنزلت علي آنفا سورة " . فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر ) حتى ختمها ، قال : " هل تدرون ما الكوثر ؟ " ، قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة ، عليه خير كثير ، ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد الكواكب ، يختلج العبد منهم فأقول : يا رب ، إنه من أمتي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " .

هكذا رواه الإمام أحمد بهذا الإسناد الثلاثي ، وهذا السياق .

وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنه يشخب فيه ميزابان من السماء عن نهر الكوثر ، وأن عليه آنية عدد نجوم السماء . وقد روى هذا الحديث مسلم وأبو داود والنسائي من طريق محمد بن فضيل وعلي بن مسهر ، كلاهما عن المختار بن فلفل ، عن أنس . ولفظ مسلم قال : " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد ، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما ، قلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : " أنزلت علي آنفا سورة " ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) ثم قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم ، فأقول : رب إنه من أمتي . فيقول : إنك لا تدري ما أحدث بعدك " .

وقد استدل به كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية ، وكثير من الفقهاء على أن البسملة من السورة ، وأنها منزلة معها .

فأما قوله تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر ) فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة . وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى ، عن أنس فقال : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، أخبرنا ثابت عن أنس أنه قرأ هذه الآية ( إنا أعطيناك الكوثر ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري ، ولم يشق شقا ، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ ، فضربت بيدي في تربته ، فإذا مسكه ذفرة ، وإذا حصاه اللؤلؤ "

وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت الجنة فإذا أنا بنهر ، حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء ، فإذا مسك أذفر . قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله عز وجل " .

ورواه البخاري في صحيحه ، ومسلم من حديث شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال : " أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر " . وهذا لفظ البخاري رحمه الله .

وقال ابن جرير : حدثنا الربيع ، أخبرنا ابن وهب ، عن سليمان بن هلال ، عن شريك بن أبي نمر ، قال : سمعت أنس بن مالك يحدثنا قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ، مضى به جبريل في السماء الدنيا ، فإذا هو بنهر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد ، فذهب يشم ترابه ، فإذا هو مسك . قال : " يا جبريل ، ما هذا النهر ؟ قال : هو الكوثر الذي خبأ لك ربك " .

وقد تقدم [ في ] حديث الإسراء في سورة " سبحان " ، من طريق شريك ، عن أنس [ عن النبي صلى الله عليه وسلم ] وهو مخرج في الصحيحين .

وقال سعيد ، عن قتادة ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بينا أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر ، حافتاه قباب اللؤلؤ مجوف ، فقال الملك الذي معه : أتدري ما هذا ؟ هذا الكوثر الذي أعطاك الله . وضرب بيده إلى أرضه ، فأخرج من طينه المسك " وكذا رواه سليمان بن طرخان ومعمر وهمام وغيرهم ، عن قتادة به .

وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن أبي سريج ، حدثنا أبو أيوب العباسي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، حدثني محمد بن عبد الله ، ابن أخي ابن شهاب ، عن أبيه ، عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فقال : " هو نهر أعطانيه الله في الجنة ، ترابه مسك ، [ ماؤه ] أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر " . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : " أكلها أنعم منها " .

وقال أحمد : حدثنا أبو سلمة الخزاعي ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن عبد الوهاب ، عن عبد الله بن مسلم بن شهاب ، عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله ، ما الكوثر ؟ قال : " نهر في الجنة أعطانيه ربي ، لهو أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر " . قال عمر : يا رسول الله ، إنها لناعمة ؟ قال : " أكلها أنعم منها يا عمر " .

رواه ابن جرير ، من حديث الزهري ، عن أخيه عبد الله ، عن أنس : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ، فذكر مثله سواء .

وقال البخاري : حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة ، عن عائشة قال : سألتها عن قوله تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر ) قالت : نهر [ عظيم ] أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم ، شاطئاه عليه در مجوف ، آنيته كعدد النجوم .

ثم قال البخاري : رواه زكريا وأبو الأحوص ومطرف ، عن أبي إسحاق .

ورواه أحمد والنسائي من طريق مطرف به .

وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سفيان وإسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة عن عائشة قالت : الكوثر نهر في الجنة ، شاطئاه در مجوف . وقال إسرائيل : نهر في الجنة عليه من الآنية عدد نجوم السماء .

وحدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن حفص بن حميد ، عن شمر بن عطية عن شقيق - أو مسروق - قال : قلت لعائشة : يا أم المؤمنين ، حدثيني عن الكوثر . قالت : نهر في بطنان الجنة . قلت : وما بطنان الجنة ؟ قالت : وسطها ، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت ، ترابه المسك ، وحصاؤه اللؤلؤ والياقوت .

وحدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن أبي جعفر الرازي ، عن ابن أبي نجيح عن عائشة قالت : من أحب أن يسمع خرير الكوثر ، فليجعل أصبعيه في أذنيه .

وهذا منقطع بين ابن أبي نجيح وعائشة وفي بعض الروايات : " عن رجل ، عنها " . ومعنى هذا أنه يسمع نظير ذلك ، لا أنه يسمعه نفسه ، والله أعلم .

قال السهيلي : ورواه الدارقطني مرفوعا ، من طريق مالك بن مغول ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ثم قال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .

ورواه أيضا من حديث هشيم ، عن أبي بشر وعطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر : الخير الكثير .

[ وقال الثوري ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر : الخير الكثير ] .

وهذا التفسير يعم النهر وغيره ; لأن الكوثر من الكثرة ، وهو الخير الكثير ، ومن ذلك النهر ، كما قال ابن عباس ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومحارب بن دثار ، والحسن بن أبي الحسن البصري . حتى قال مجاهد : هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة .

وقال عكرمة : هو النبوة والقرآن ، وثواب الآخرة .

وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضا ، فقال ابن جرير :

حدثنا أبو كريب ، حدثنا عمر بن عبيد ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الكوثر : نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل .

وروى العوفي ، عن ابن عباس نحو ذلك .

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر أنه قال : الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة ، يجري على الدر والياقوت ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل .

وكذا رواه الترمذي ، عن ابن حميد ، عن جرير ، عن عطاء بن السائب به مثله موقوفا . وقد روي مرفوعا فقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن حفص ، حدثنا ورقاء قال . . . وقال عطاء [ بن السائب ] ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ، والماء يجري على اللؤلؤ ، وماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " .

وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير ، من طريق محمد بن فضيل ، عن عطاء بن السائب به مرفوعا ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، أخبرنا عطاء بن السائب قال : قال لي محارب بن دثار : ما قال سعيد بن جبير في الكوثر ؟ قلت : حدثنا عن ابن عباس أنه قال : هو الخير الكثير . فقال : صدق والله إنه للخير الكثير . ولكن حدثنا ابن عمر قال : لما نزلت : ( إنا أعطيناك الكوثر ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، يجري على الدر والياقوت " .

وقال ابن جرير : حدثني ابن البرقي ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير ، أخبرني حرام بن عثمان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أسامة بن زيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده ، فسأل امرأته عنه - وكانت من بني النجار - فقالت : خرج يا نبي الله آنفا عامدا نحوك ، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار ، أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل ، فقدمت إليه حيسا ، فأكل منه ، فقالت : يا رسول الله ، هنيئا لك ومريئا ، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك ; أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر . فقال : " أجل ، وعرضه - يعني أرضه - ياقوت ومرجان ، وزبرجد ولؤلؤ " .

حرام بن عثمان ضعيف . ولكن هذا سياق حسن ، وقد صح أصل هذا ، بل قد تواتر من طريق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث ، وكذلك أحاديث الحوض [ ولنذكرها هاهنا ] .

وهكذا روي عن أنس وأبي العالية ومجاهد وغير واحد من السلف أن الكوثر نهر في الجنة . وقال عطاء : هو حوض في الجنة .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)

يقول تعالى ذكره: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ ) يا محمد ( الْكَوْثَرَ) واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر, فقال بعضهم: هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.

حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, عن محارب بن دثار, عن ابن عمر: أنه قال: " الكوثر: نهر في الجنة, حافتاه من ذهب وفضة, يجري على الدرّ والياقوت, ماؤه أشدّ بياضا من اللبن, وأحلى من العسل ".

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن عطاء, عن محارب بن دثار الباهلي, عن ابن عمر, في قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: " نهر في الجنة حافتاه الذهب, ومجراه على الدرّ والياقوت, وماؤه اشدّ بياضا من الثلج, وأشدّ حلاوة من العسل, وتربته أطيب من ريح المسك ".

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عمر بن عبيد, عن عطاء, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: " الكوثر: نهر في الجنة حافتاه من ذهب وفضة، يجري على الياقوت والدرّ, ماؤه أبيض من الثلج, وأحلى من العسل ".

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القُمِّي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, عن شقيق أو مسروق, قال: قلت لعائشة: يا أمّ المؤمنين, وما بُطْنان الجنة؟ قالت: " وسط الجنة: حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت, ترابه المسك, وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت ".

حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ, قال: ثنا أبو النضر وشبابة, قالا ثنا أبو جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن رجل, عن عائشة قالت: الكوثر: نهر في الجنة ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن أبي جعفر; وحدثنا ابن أبي سريج, قال: ثنا أبو نعيم, قال: أخبرنا أبو جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن أنس, قال: الكوثر: نهر في الجنة.

قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة قالت: الكوثر نهر في الجنة, درّ مجوّف.

حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة: " الكوثر: نهر في الجنة, عليه من الآنية عدد نجوم السماء ".

قال ثنا وكيع, عن أبي جعفر الرازيّ, عن ابن أبي نجيح, عن عائشة قالت: من أحبّ أن يسمع خرير الكوثر, فليجعل أصبعيه في أُذنيه.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة, قالت: نهر في الجنة, شاطئاه الدرّ المجوّف.

قال: ثنا مهران, عن أبي معاذ عيسى بن يزيد, عن أبي إسحاق, عن أبي عبيدة, عن عائشة قالت: " الكوثر: نهر في بطنان الجنة وسط الجنة, فيه نهر شاطئاه در مجوف, فيه من الآنية لأهل الجنة, مثل عدد نجوم السماء ".

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: نهر أعطاه الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الجنة.

حدثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا مسعدة, عن عبد الوهاب, عن مجاهد, قال: " الكَوْثر: نهر في الجنة, ترابه مسك أذفر, وماؤه الخمر ".

حدثنا ابن أبي سريج, قال: ثنا عبيد الله, قال: أخبرنا أبو جعفر, عن الربيع, عن أبي العالية, في قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: نهر في الجنة.

حدثنا الربيع, قال: أخبرنا ابن وهب, عن سليمان بن بلال, عن شريك بن أبي نمر, قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا, قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم, مضى به جبريل في السماء الدنيا, فإذا هو بنهر, عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد, فذهب يَشَمّ ترابه, فإذا هو مسك, فقال: " يا جبريل ما هذا النهر؟" قال: هو الكوثر الذي خبأ لك ربُّك .

وقال آخرون: عُنِي بالكوثر: الخير الكثير.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يعقوب, قال: ثني هشيم, قال: أخبرنا أبو بشر وعطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس أنه قال في الكوثر: هو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن جبير: فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة, قال: فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم, عن عطاء بن السائب, قال: قال محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قال: قلت: قال: قال ابن عباس: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس, قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد بن جعفر, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, قال: سألت سعيد بن جبير, عن الكوثر, فقال: هو الخير الكثير الذي آتاه الله, فقلت لسعيد: إنا كنا نسمع أنه نهر في الجنة, فقال: هو الخير الذي أعطاه الله إياه.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثني عبد الصمد, قال: ثنا شعبة, عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا محمد, قال: ثنا شعبة, عن عمارة بن أبى حفصة, عن عكرمة, قال: هو النبوّة, والخير الذي أعطاه الله إياه.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا حرمي بن عمارة, قال: ثنا شعبة, قال: أخبرني عمارة, عن عكرمة في قول الله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير, والقرآن والحكمة.

حدثني يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: ثنا عمارة بن أبي حفصة, عن عكرمة أنه قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, عن ابن عباس: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الكثير.

قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن هلال, قال: سألت سعيد بن جُبير ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: أكثر الله له من الخير, قلت: نهر في الجنة؟ قال: نهر وغيره.

حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: ثنا أبو عاصم, عن عيسى بن ميمون, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: الكوثر: الخير الكثير.

حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن مجاهد: الكوثر: قال: الخير كله.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قال: خير الدنيا والآخرة.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة في الكوثر, قال: هو الخير الكثير.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, قال: الكوثر: الخير الكثير.

قال: ثنا وكيع, عن بدر بن عثمان, سمع عكرمة يقول في الكوثر: قال: ما أُعطي النبّي من الخير والنبوّة والقرآن.

حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازيّ, قال: ثنا أبو داود, عن بدر, عن عكرمة, قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: الخير الذي أعطاه الله النبوّة والإسلام.

وقال آخرون: هو حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن مطر, عن عطاء ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: حوض في الجنة أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا أبو نعيم, قال: ثنا مطر, قال: سألت عطاء ونحن نطوف بالبيت عن قوله: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال: حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي, قول من قال: هو اسم النهر الذي أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, وصفه الله بالكثرة, لعِظَم قدره.

وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك, لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك.

* ذكر الأخبار الواردة بذلك:

حدثنا أحمد بن المقدام العجلي, قال: ثنا المعتمر, قال: سمعت أبي يحدّث عن قتادة, عن أنس قال: لما عُرج بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, أو كما قال, عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف, أو قال: المجوب, فضرب الملك الذي معه بيده فيه, فاستخرج مسكا, فقال محمد للملك الذي معه: " ما هَذَا؟" قال: " هذا الكوثر الذي أعطاك الله; قال: ورفعت له سدرة المنتهى, فأبصر عندها أثرا عظيما " أو كما قال.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: " بَيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ, إذْ عَرَض ليَ نَهْرٌ, حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّفِ, فقالَ المَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أتَدْرِي ما هَذَا؟ هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَ اللهُ إيَّاهُ, وَضَرَبَ بِيَدِهِ إلى أرْضِه, فأخْرَجَ مِنْ طِينِه المِسْكَ" .

حدثني ابن عوف, قال: ثنا آدم, قال: ثنا شيبان, عن قتادة, عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمَّا عُرِجَ بِي إلى السَّماء, أَتَيْتُ على نَهْرٍ حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّف, قُلتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَ رَبُّكَ, فأهْوَى المَلكُ بِيَدِهِ, فاسْتَخْرَجَ طِينَه مِسْكًا أذفَرَ" .

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبي عديّ, عن حميد, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّة, فإذَا أنا بِنَهْرٍ حافَتاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ, فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فِيهِ, فإذَا مِسْكٌ أذْفَرُ; قال: قُلْتُ: ما هَذَا يا جِبْرِيلُ؟ قال: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَهُ اللهُ" .

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الصمد, قال: ثنا همام, قال: ثنا قتادة, عن أنس, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فذكر نحو حديث يزيد, عن سعيد.

حدثنا بشر, قال: ثنا أحمد بن أبي سريج, قال: ثنا أبو أيوب العباس, قال: ثنا إبراهيم بن مسعدة, قال: ثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي ابن شهاب, عن أبيه, عن أنس, قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر, فقال: " هُوَ نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ في الجَنَّةِ, تُرَابُهُ مِسْكٌ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, تَرِدُهُ طَيْرٌ أعنَاقُهَا مِثْلُ أعناقِ الجُزُرِ", قال أبو بكر: يا رسول الله, إنها لناعمة؟ قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها " .

حدثنا خلاد بن أسلم, قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة بن أبي وقاص الليثي, عن كثير, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دَخَلْتُ الجَنَّةَ حِينَ عُرِجَ بِيَ, فَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ, فإذَا هُوَ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, عُضَادَتاهُ بُيُوتٌ مُجَوَّفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ" .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال: ثنا أبي وشعيب بن الليث, عن الليث, عن يزيد بن الهاد, عن عبد الله بن مسلم بن شهاب, عن أنس: أن رجلا جاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, ما الكوثر؟ قال: " نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ, لَهُوَ أشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ". قال عمر: يا رسول الله إنها لناعمة, قال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْها " .

حدثنا يونس, قال: ثنا يحيى بن عبد الله, قال: ثني الليث, عن ابن الهاد, عن عبد الوهاب عن عبد الله بن مسلم بن شهاب, عن أنس, أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فذكر مثله.

حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن الزهري، أن أخاه عبد الله, أخبره أن أنس بن مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: ما الكوثر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نَهْرٌ أعْطانِيهِ اللهُ فِي الجَنَّةِ, مَاؤهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ, وأحْلَى مِنَ العَسَلِ, فِيهِ طُيُورٌ أعْناقُهَا كأعْناقِ الجُزُرِ", فقال عمر: إنها لناعمة يا رسول الله, فقال: "آكِلُها أنْعَمُ مِنْهَا " .

فقال: عمر بن عثمان: قال ابن أبي أُوَيس; وحدثني أبي, عن ابن أخي الزهريّ, عن أبيه, عن أنس, عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكوثر, مثله.

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا ابن فضيل, قال: ثنا عطاء, عن محارب بن دثار, عن ابن عمر, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, حَافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ, وَمجْرَاهُ عَلى الْياقُوتِ والدُّرِّ, تُرْبَتُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ, ماؤُهُ أحْلَى مِنَ العَسَلِ, وأشَدُّ بَياضًا مِنَ الثَّلْجِ" .

حدثنا يعقوب, قال: ثنا ابن عُلَية, قال: أخبرنا عطاء بن السائب, قال: قال لي محارب بن دثار: ما قال سعيد بن جُبير في الكوثر؟ قلت: حدثنا عن ابن عباس, أنه قال: هو الخير الكثير, فقال: صدق والله, إنه للخير الكثير, ولكن حدثنا ابن عمر, قال: لما نـزلت: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ, حافَتاهُ مِنْ ذَهَبٍ, يَجْرِي على الدُّرِّ واليَاقُوتِ" .

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, عن أنس بن مالك, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ", قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " رَأَيْتُ نَهَرًا حَافَتاهُ اللُّؤْلُؤ, فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ ما هَذَا؟ قالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطَاكَهُ اللهُ" .

حدثنا ابن البرقي, قال: ثنا ابن أبي مريم, قال: ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير, قال: أخبرنا حزام بن عثمان, عن عبد الرحمن الأعرج, عن أُسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما, فلم يجده, فسأل امرأته عنه, وكانت من بني النجار, فقالت: خرج, بأبي أنت آنفا عامدا نحوك, فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار, أو لا تدخل يا رسول الله؟ فدخل, فقدمت إليه حيسا, فأكل منه, فقالت: يا رسول الله, هنيئا لك ومريئا, لقد جئت وإني لأريد أن آتيك فأهنيك وأمريك (6) أخبرني أبو عمارة أنك أُعطيت نهرا في الجنة يُدعى الكوثر, فقال: " أَجَلْ, وَعَرْضُهُ - يعني أرضه - يَاقُوتٌ وَمَرْجَانٌ وزَبَرْجَدٌ ولُؤْلُؤٌ" .

------------------------

الهوامش:

(6) تريد : أقول لك : هنأك الله وأمرأك ، بما أعطاك من الكوثر .

التدبر :

وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ كرامة النبي ﷺ على ربه، وحفظه له، وتشريفه له في الدنيا والآخرة.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ أبانت سورة الكوثر -مع اختصارها- عن حقيقة الخير الكثير الذي لا يتحقق إلا بأمرين: 1- تتابع العطاء. 2- دفع المنغصات. فالعاقل لا ينشغل في دينه أو دنياه بطلب الأول دون الثاني.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ لا يزهد في الدنيا شيء مثل تذكر نعيم الله تعالى، فأي شيء في الدنيا يُستعاض به عن الكوثر؟
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ دل على أنه أعطاه الخير كله كاملًا موفرًا، وإن نال منه بعض أمته شيئًا كان ذلك الذي ناله ببركة اتباعه والاقتداء به.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ، فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ» [مسلم 400، بَيْنَ أَظْهُرِنَا: أي بيننا، أَغْفَى إِغْفَاءَةً: أي نام نومة، آنِفًا: أي قريبًا، شَانِئَكَ: الشانئ المبغض، الأَبْتَرُ: المنقطع العقب، وقيل المنقطع عن كل خير، يُخْتَلَجُ: أي ينتزع ويقتطع].
تفاعل
[1] ﴿إِنّا أَعطَيناكَ الكَوثَرَ﴾ قل: «اللهم رشفة هنيئة مريئة من يد رسولك الكريم ﷺ لا نظمأ بعدها أبدًا».
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ هل جربت أن تقف عند ضمائر الجلال الإلهي: (أعطيناك، كفيناك، إنا، نحن) تلك الضمائر الباهرة التي لا تكاد تخلو منها آية تعود إلى رب العزة.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ إذا أعطاك الله؛ فلا تسأل بعده عن عطاء، وإن حرمك؛ فما بعد حرمانه من غنى!
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ إذا أعطاك الله فلا يضرك كره المبغضين.
وقفة
[1] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ إذا كانت المآدبُ على قدر الآدِب، فما ظنُّكم بهديَّة الربِّ الكريم ذي الفضل الواسع والعطاء الوافر لسيِّد أنبيائه وأحبِّ الخلق إليه؟
وقفة
[1، 2] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ النحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر، ولهذا أمر الله نبيه ﷺ أن يشكر نعمته عليه بإعطائه الكوثر، بالصلاة له والنحر، كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده، وافتدائه بذبح عظيم.
وقفة
[1، 2] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ من أنعمَ اللهُ عليه بنعمةٍ؛ فليُكثِر من طاعةِ اللهِ بالصَّلاةِ والنَّحرِ والصَّدَقَةِ مع الإخلاصِ شكرًا للهِ عليها.
وقفة
[1، 2] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ الكوثر: هو الخير العظيم، ومنه نهر الكوثر الذي أعطيه النبي ﷺ في القيامة.
وقفة
[1، 2] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ علم الله حبه لأمته فلم يعطه عطاء لا تنتفع به أمته في الآخرة؛ أعطاه الكوثر ليشربوا معه.
وقفة
[1، 2] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ أعطاه الحوض كما بين أيلة إلى صنعاء، ورضي منه الصلاة شكرًا، ما أعظم قدرها!
وقفة
[1، 2] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ إشارة إلى أنك لا تتأسف على شيء من الدنيا، وإشارة إلى ترك الالتفات إلى الناس.
وقفة
[1، 2] لما ذكر الله منَّته على نبيه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، أمره بشكرها، فقال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾، وهو دليل على أن من أعظم صور الشكر: العمل -عمل القلب وعمل الجوارح- ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: 13].
وقفة
[1، 2] الصلاة أعظم العبادات البدنية، والنحر من أجل العبادات المالية؛ ولذا جاء الجمع بينهما ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّا:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».
  • ﴿ أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «ان» أعطى: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول. الكوثر: مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أي نهرا في الجنة. وهو بصيغة «فوعل» من الكثرة وهو المفرط الكثرة. أو الخير الكثير وقيل: النبوة أو القرآن.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في العاصِ بْنِ وائِلٍ، وذَلِكَ أنَّهُ رَأى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ وهو يَدْخُلُ، فالتَقَيا عِنْدَ بابِ بَنِي سَهْمٍ وتَحَدَّثا وأُناسٌ مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ في المَسْجِدِ جُلُوسٌ، فَلَمّا دَخَلَ العاصُ قالُوا لَهُ: مَنِ الَّذِي كُنْتَ تُحَدِّثُ ؟ قالَ: ذاكَ الأبْتَرُ. يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . وكانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكانَ مِن خَدِيجَةَ، وكانُوا يُسَمُّونَ مَن لَيْسَ لَهُ ابْنٌ أبْتَرَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ السُّورَةَ.وأخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسى بْنِ الفَضْلِ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الجَبّارِ، قالَ: حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومانَ، قالَ: كانَ العاصُ بْنُ وائِلٍ السَّهْمِيُّ إذا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قالَ: دَعُوهُ فَإنَّما هو رَجُلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ لَهُ، لَوْ هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ واسْتَرَحْتُمْ مِنهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ.وقالَ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَ العاصُ بْنُ وائِلٍ يَمُرُّ بِمُحَمَّدٍ ﷺ ويَقُولُ: إنِّي لَأشْنَؤُكَ، وإنَّكَ لَأبْتَرُ مِنَ الرِّجالِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ شانِئَكَ﴾ . يَعْنِي العاصَ. ﴿هُوَ الأبْتَرُ﴾ . مِن خَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [1] لما قبلها :     بدأت السورةُ بتسلية النَّبي صلى الله عليه وسلم عمَّا يُلاقيهِ من أذىً، وتبشيرُه بالخيرِ الكثيرِ ومنه نهرٌ في الجَنَّةِ، قال تعالى:
﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [2] :الكوثر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ

التفسير :

[2] فأخلص لربك صلاتك كلَّها، واذبح ذبيحتك له وعلى اسمه وحده.

ولما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال:{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.

ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [في] القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.

والفاء في قوله- تعالى-: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ لترتيب ما بعدها على ما قبلها، والمراد بالصلاة: المداومة عليها.

أى: ما دمنا قد أعطيناك هذه النعم الجزيلة، فداوم على شكرك لنا، بأن تواظب على أداء الصلاة أداء تاما، وبأن تجعلها خالصة لربك وخالقك، وبأن تواظب- أيضا- على نحرك الإبل تقربا إلى ربك. كما قال- سبحانه- قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.

وقوله : ( فصل لربك وانحر ) أي : كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة ، ومن ذلك النهر الذي تقدم صفته - فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والنافلة ونحرك ، فاعبده وحده لا شريك له ، وانحر على اسمه وحده لا شريك له . كما قال تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) [ الأنعام : 162 ، 163 ] قال ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والحسن : يعني بذلك نحر البدن ونحوها . وكذا قال قتادة ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والربيع وعطاء الخراساني و الحكم وإسماعيل بن أبي خالد ، وغير واحد من السلف . وهذا بخلاف ما كان المشركون عليه من السجود لغير الله ، والذبح على غير اسمه ، كما قال تعالى : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ) الآية [ الأنعام : 121 ] .

وقيل : المراد بقوله : ( وانحر ) وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت النحر . يروى هذا عن علي ، ولا يصح . وعن الشعبي مثله .

وعن أبي جعفر الباقر : ( وانحر ) يعني : ارفع اليدين عند افتتاح الصلاة .

وقيل : ( وانحر ) أي : استقبل بنحرك القبلة . ذكر هذه الأقوال الثلاثة ابن جرير .

وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا منكرا جدا ، فقال : حدثنا وهب بن إبراهيم الفامي - سنة خمس وخمسين ومائتين - حدثنا إسرائيل بن حاتم المروزي ، حدثنا مقاتل بن حيان ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) قال رسول الله : " يا جبريل ، ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي ؟ " فقال : ليست بنحيرة ، ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة ، ارفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين في السموات السبع ، وإن لكل شيء زينة ، وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة .

وهكذا رواه الحاكم في المستدرك ، من حديث إسرائيل بن حاتم به .

وعن عطاء الخراساني : ( وانحر ) أي : ارفع صلبك بعد الركوع واعتدل ، وأبرز نحرك ، يعني به الاعتدال . رواه ابن أبي حاتم .

[ كل هذه الأقوال غريبة جدا ] والصحيح القول الأول ، أن المراد بالنحر ذبح المناسك ; ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول : " من صلى صلاتنا ، ونسك نسكنا ، فقد أصاب النسك . ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له " . فقام أبو بردة بن نيار فقال : يا رسول الله ، إني نسكت شاتي قبل الصلاة ، وعرفت أن اليوم يوم يشتهى فيه اللحم . قال : " شاتك شاة لحم " . قال : فإن عندي عناقا هي أحب إلي من شاتين ، أفتجزئ عني ؟ قال : " تجزئك ، ولا تجزئ أحدا بعدك " .

قال أبو جعفر بن جرير : والصواب قول من قال : معنى ذلك : فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة ، وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان ; شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير ، الذي لا كفاء له ، وخصك به .

وهذا الذي قاله في غاية الحسن ، وقد سبقه إلى هذا المعنى : محمدبن كعب القرظي وعطاء.

وقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )

اختلف أهل التأويل في الصلاة التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصليها بهذا الخطاب, ومعنى قوله: ( وَانْحَرْ) فقال بعضهم: حضه على المواظبة على الصلاة المكتوبة, وعلى الحفظ عليها في أوقاتها بقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) .

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عبد الرحمن بن الأسود الطفاوي, قال: ثنا محمد بن ربيعة, قال: ثني يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظهير, عن علي رضى الله عنه في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا حماد بن سلمة, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظبيان عن أبيه, عن علي رضى الله عنه ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليد على اليد في الصلاة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن حماد بن سلمة, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظهير, عن أبيه, عن علي رضى الله عنه ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى, ثم وضعهما على صدره.

قال: ثنا مهران, عن حماد بن سلمة, عن عاصم الأحول, عن الشعبي مثله.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن يزيد بن أبي زياد, عن عاصم الجحدري, عن عقبة بن ظهير, عن علي رضى الله عنه: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, يقال: ثنا عوف, عن أبي القُموص, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع اليد على اليد في الصلاة.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا أبو صالح الخراساني, قال: ثنا حماد, عن عاصم الجحدري, عن أبيه, عن عقبة بن ظبيان, أن علي بن أبي طالب رضى الله عنه قال في قول الله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: وضع يده اليمنى على وسط ساعده الأيسر, ثم وضعهما على صدره.

وقال آخرون: بل عُنِيَ بقوله ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) : الصلاة المكتوبة, وبقوله ( وَانْحَرْ) أن يرفع يديه إلى النحر عند افتتاح الصلاة والدخول فيها.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن إسرائيل, عن جابر, عن أبي جعفر ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) الصلاة, وانحر: برفع يديه أول ما يكبر في الافتتاح.

وقال آخرون: عني بقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) المكتوبة, وبقوله ( وَانْحَرْ) : نحر البُدن.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام بن سلم وهارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: الصلاة المكتوبة, ونحر البُدن.

حدثني يعقوب, قال: ثنا هشيم, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير وحجاج أنهما قالا في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الغداة بجمع, ونحر البُدن بمنًى.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن قطر, عن عطاء: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الفجر, وانحر البدن. حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: الصلاة المكتوبة, والنحر: النسك والذبح يوم الأضحى.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا جرير, عن منصور, عن الحكم, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الفجر.

وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك: صل يوم النحر صلاة العيد, وانحر نسكك.

*ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا هارون بن المغيرة, عن عنبسة, عن جابر, عن أنس بن مالك, قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر قبل أن يصلي, فأمر أن يصلي ثم ينحر .

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن جابر, عن عكرِمة: فصلّ الصلاة, وانحر النُّسُك.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن ثابت بن أبي صفية, عن أبي جعفر ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) قال: الصلاة; وقال عكرِمة: الصلاة ونحر النُّسُك.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: إذا صليت يوم الأضحى فانحر.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يحيى بن واضح, قال: ثنا قطر, قال: سألت عطاء, عن قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: تصلي وتنحر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عوف, عن الحسن ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: اذبح

قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا أبان بن خالد, قال: سمعت الحسن يقول ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: الذبح.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: نحر البُدن, والصلاة يوم النحر.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلاة الأضحى, والنحر: نحر البُدن.

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: مناحر البُدن بِمِنًى.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن رجل, عن عكرمة ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: نحر النسك.

حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) يقول: اذبح يوم النحر.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: نحر البُدن.

وقال آخرون: قيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, لأن قوما كانوا يصلون لغير الله, وينحرون لغيره فقيل له. اجعل صلاتك ونحرك لله, إذ كان من يكفر بالله يجعله لغيره.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني أبو صخر, عن محمد بن كعب القرظي, أنه كان يقول في هذه الآية: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) يقول: إن ناسا كانوا يصلون لغير الله, وينحرون لغير الله, فإذا أعطيناك الكوثر يا محمد, فلا تكن صلاتك ونحرك إلا لي.

وقال آخرون: بل أنـزلت هذه الآية يوم الحديبية, حين حصر النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وصُدّوا عن البيت, فأمره الله أن يصلي, وينحر البُدن, وينصرف, ففعل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني أبو صخر, قال: ثني أبو معاوية البجلي, عن سعيد بن جُبير أنه قال: كانت هذه الآية, يعني قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) يوم الحديبية, أتاه جبريل عليه السلام فقال: انحر وارجع, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فخطب خطبة الفطر والنحر (7) ثم ركع ركعتين, ثم انصرف إلى البُدن فنحرها, فذلك حين يقول: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) .

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فصل وادع ربك وسله.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن أبي سنان, عن ثابت, عن الضحاك ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال: صلّ لربك وسل.

وكان بعض أهل العربية يتأوّل قوله: ( وَانْحَرْ) واستقبل القبلة بنحرك. وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذكر أن بعض بني أسد أنشده:

أبــا حَـكَمٍ هَـلْ أنْـتَ عَـمُّ مُجَـالِدٍ

وَسَــيِّدُ أهْــلِ الأبْطَــحِ المُتَنَـاحِرِ (8)

أي ينحر بعضه بعضا.

وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة, وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان, شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له, وخصك به, من إعطائه إياك الكوثر.

وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك, لأن الله جلّ ثناؤه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما أكرمه به من عطيته وكرامته, وإنعامه عليه بالكوثر, ثم أتبع ذلك قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) , فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له, والنحر على الشكر له, على ما أعلمه من النعمة التي أنعمها عليه, بإعطائه إياه الكوثر, فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض, وبعض النحر دون بعض وجه, إذ كان حثا على الشكر على النِّعَم.

فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر, إنعاما منا عليك به, وتكرمة منا لك, فأخلص لربك العبادة, وأفرد له صلاتك ونسكك, خلافا لما يفعله من كفر به, وعبد غيره, ونحر للأوثان.

التدبر :

وقفة
[2] ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ ولم يقل: (فصل لنا)؛ لما في لفظ الرب من الإيماء إلى استحقاقه العبادة، لأجل ربوبيته فضلًا عن فرط إنعامه.
وقفة
[2] ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ أي: تقرب إليه بالنحر، والنحر يختص بالإبل، والذبح للبقر والغنم، لكنه ذكر النحر؛ لأن الإبل أنفع من غيرها بالنسبة للمساكين؛ ولهذا أهدى النبي ﷺ في حجته مائة بعير، ونحر منها 63 بيده، وأعطى علي بن أبي طالب الباقي فنحرها.
وقفة
[2] ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ إنما خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات، ولأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.
عمل
[2] ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَر﴾ تحر نوايا العمل دائمًا.
وقفة
[2] ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ عند النحر لله؛ تذكر أنها أفضل العبادات التي خصها سبحانه، فأخرج أحسن ما لديك.
وقفة
[2] لما قدَّم الله الصلاة على النحر في قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾، وقدَّم التزكي على الصلاة في قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ﴾ [الأعلى: 14، 15]، كانت السنة أن الصدقة قبل الصلاة في عيد الفطر، وأن الذبح بعد الصلاة في عيد النحر.
وقفة
[2] لما كانت الصلاة والنحر أكثر العبادات التي يصرفها المشركون لأوثانهم، خُصَّتا بالذكر في قوله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾، وأبرز مقصودهما وغايتهما: ﴿لِرَبِّكَ﴾، ولذا لم يقل: (فصل وانحر)؛ ليستقر المعنى وهو: (فصل لربك، وانحر لربك، وحده لا شريك له)، مراغمًا المشركين الذين جعلوا صلاتهم ونحرهم لغير الله.
وقفة
[2] ومن فوائد الالتفات -أي من ضمير الغيبة إلى ضمير الخطاب- في قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ أنها دالة على أن ربك مستحق لذلك، وأنت جدير بأن تعبده وتنحر له.
وقفة
[2] في مقابل المنع في سورة الماعون جود وسخاء وعطاء في سورة الكوثر ﴿فصل لربك وانحر﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَصَلِّ:
  • الفاء استئنافية. صل: فعل أمر مبني على حذف آخره- الياء- وهو حرف العلة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن تكون الفاء عاطفة للتسبيب.
  • ﴿ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ:
  • جار ومجرور متعلق بصل والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. وانحر: معطوفة بالواو على «صل» وتعرب اعرابها. وعلامة بناء الفعل السكون. وفي معنى هذه الكلمة اختلاف بين المفسرين ولها عدة معان جاء في كشاف الزمخشري: النحر: نحر البدن. وعن عطية هي صلاة الفجر بجمع والنحر بمنى، وقيل صلاة العيد والتضحية. وقيل: هي جنس الصلاة والنحر وضع اليمين على الشمال. أو وانحر لوجهه تعالى وباسمه سبحانه اذا نحرت مخالفا للذين يعبدون غير الله في النحر للأوثان.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في العاصِ بْنِ وائِلٍ، وذَلِكَ أنَّهُ رَأى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ وهو يَدْخُلُ، فالتَقَيا عِنْدَ بابِ بَنِي سَهْمٍ وتَحَدَّثا وأُناسٌ مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ في المَسْجِدِ جُلُوسٌ، فَلَمّا دَخَلَ العاصُ قالُوا لَهُ: مَنِ الَّذِي كُنْتَ تُحَدِّثُ ؟ قالَ: ذاكَ الأبْتَرُ. يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . وكانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكانَ مِن خَدِيجَةَ، وكانُوا يُسَمُّونَ مَن لَيْسَ لَهُ ابْنٌ أبْتَرَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ السُّورَةَ.وأخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسى بْنِ الفَضْلِ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الجَبّارِ، قالَ: حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومانَ، قالَ: كانَ العاصُ بْنُ وائِلٍ السَّهْمِيُّ إذا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قالَ: دَعُوهُ فَإنَّما هو رَجُلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ لَهُ، لَوْ هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ واسْتَرَحْتُمْ مِنهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ.وقالَ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَ العاصُ بْنُ وائِلٍ يَمُرُّ بِمُحَمَّدٍ ﷺ ويَقُولُ: إنِّي لَأشْنَؤُكَ، وإنَّكَ لَأبْتَرُ مِنَ الرِّجالِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ شانِئَكَ﴾ . يَعْنِي العاصَ. ﴿هُوَ الأبْتَرُ﴾ . مِن خَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [2] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ مِنَّتَه عليه؛ أمَرَه بشُكْرِها، قال تعالى:
﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [3] :الكوثر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ

التفسير :

[3] إن مبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى والنور، هو المنقطع أثره، المقطوع من كل خير.

{ إِنَّ شَانِئَكَ} أي:مبغضك وذامك ومنتقصك{ هُوَ الْأَبْتَرُ} أي:المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر.

وأما محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من رفع الذكر، وكثرة الأنصار، والأتباع صلى الله عليه وسلم.

ثم بشره- سبحانه- ببشارة أخرى فقال: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ والشانئ:

هو المبغض لغيره، يقال: شنأ فلان شنئا، إذا أبغضه وكرهه.

والأبتر في الأصل: هو الحيوان المقطوع الذنب، والمراد به هنا: الإنسان الذي لا يبقى له ذكر. ولا يدوم له أثر ...

شبه بقاء الذكر الحسن بذنب الحيوان، لأنه تابع له وهو زينته، وشبه الحرمان من ذلك ببتر الذيل وقطعه.

والمعنى: إن مبغضك وكارهك- أيها الرسول الكريم- هو المقطوع عن كل خير، والمحروم من كل ذكر حسن.

قال الإمام ابن كثير: «كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره، فأنزل الله- تعالى- هذه السورة.

وقال السدى: كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا: بتر، فلما مات أبناء النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: بتر محمد فأنزل الله هذه الآية.

وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر إذا مات انقطع ذكره، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره، وحاشا وكلا، بل أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد، مستمرا على دوام الآباد، إلى يوم الحشر والمعاد، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم التناد ...

نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا من أهل شفاعته يوم القيامة.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وقوله : ( إن شانئك هو الأبتر ) أي : إن مبغضك - يا محمد - ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين ، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة : نزلت في العاص بن وائل .

وقال محمد بن إسحاق : عن يزيد بن رومان قال : كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : دعوه ، فإنه رجل أبتر لا عقب له ، فإذا هلك انقطع ذكره . فأنزل الله هذه السورة .

وقال شمر بن عطية : نزلت في عقبة بن أبي معيط .

وقال ابن عباس أيضا وعكرمة : نزلت في كعب بن الأشرف وجماعة من كفار قريش .

وقال البزار : حدثنا زياد بن يحيى الحساني ، حدثنا بن أبي عدي ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قدم كعب بن الأشرف مكة فقالت له قريش : أنت سيدهم ، ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه ، يزعم أنه خير منا ، ونحن أهل الحجيج ، وأهل السدانة وأهل السقاية ؟ فقال : أنتم خير منه . قال : فنزلت : ( إن شانئك هو الأبتر )

هكذا رواه البزار ، وهو إسناد صحيح .

وعن عطاء : نزلت في أبي لهب ، وذلك حين مات ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب أبو لهب إلى المشركين وقال : بتر محمد الليلة . فأنزل الله في ذلك : ( إن شانئك هو الأبتر )

وعن ابن عباس : نزلت في أبي جهل . وعنه : ( إن شانئك ) يعني : عدوك . وهذا يعم جميع من اتصف بذلك ممن ذكر ، وغيرهم .

وقال عكرمة : الأبتر : الفرد . وقال السدي : كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا : بتر . فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : بتر محمد . فأنزل الله : ( إن شانئك هو الأبتر )

وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره ، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره ، وحاشا وكلا ، بل قد أبقى الله ذكره على رءوس الأشهاد ، وأوجب شرعه على رقاب العباد ، مستمرا على دوام الآباد ، إلى يوم الحشر والمعاد صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم التناد .

آخر تفسير سورة " الكوثر " ، ولله الحمد والمنة .

وقوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ )

يعني بقوله جل ثناؤه: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) إن مبغضك يا محمد وعدوك ( هُوَ الأبْتَرُ ) يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره, الذي لا عقب له.

واختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك, فقال بعضهم: عني به العاص بن وائل السهميّ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) يقول: عدوّك.

حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: هو العاص بن وائل.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن هلال بن خباب, قال: سمعت سعيد بن جُبير يقول: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: هو العاص بن وائل.

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن هلال, قال: سألت سعيد بن جُبير, عن قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: عدوّك العاص بن وائل انبتر من قومه.

حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: العاص بن وائل, قال: أنا شانئٌ محمدا, ومن شنأه الناس فهو الأبتر.

حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: هو العاص بن وائل, قال: أنا شانئٌ محمدا, وهو أبتر, ليس له عقب, قال الله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال قتادة: الأبتر: الحقير الدقيق الذليل.

حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) هذا العاص بن وائل, بلغنا أنه قال: أنا شانئُ محمد.

حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: الرجل يقول: إنما محمد أبتر, ليس له كما ترون عقب, قال الله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) .

وقال آخرون: بل عني بذلك: عقبة بن أبي معيط.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القُمِّي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية, قال: كان عقبة بن أبي معيط يقول: إنه لا يبقى للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولد, وهو أبتر, فأنـزل الله فيه هؤلاء الآيات: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) عقبة بن أبي معيط ( هُوَ الأبْتَرُ ) .

وقال آخرون: بل عني بذلك جماعة من قريش.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا عبد الوهاب, قال: ثنا داود, عن عكرمة, في هذه الآية: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا قال: نـزلت في كعب بن الأشرف, أتى مكة فقال لها أهلها: نحن خير أم هذا الصنبور (9) المنبتر من قومه, ونحن أهل الحجيج, وعندنا منحر البدن, قال: أنتم خير. فأنـزل الله فيه هذه الآية, وأنـزل في الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) .

حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن بدر بن عثمان, عن عكرمة ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) . قال: لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش: بَتِرَ محمد منا, فنـزلت: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: الذي رماك بالبتر هو الأبتر.

حدثنا ابن بشار, قال: ثنا ابن أبى عديّ, قال: أنبأنا داود بن أبي هند, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: لما قَدِم كعب بن الأشرف مكة أتَوْه, فقالوا له: نحن أهل السقاية والسدانة, وأنت سيد أهل المدينة, فنحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه, يزعم أنه خير منا؟ قال: بل أنتم خير منه, فنـزلت عليه: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) قال: وأنـزلت عليه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ... إلى قوله نَصِيرًا .

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقلّ الأذلّ, المنقطع عقبه, فذلك صفة كل من أبغضه من الناس, وإن كانت الآية نـزلت في شخص بعينه.

آخر تفسير سورة الكوثر

------------------------

الهوامش:

(7) لعله خطبة الفطر أو النحر ، فإنه اختلف في الخروج إلى عمرة الحديبية هل كان في رمضان أو ذي القعدة ؟ فيكون شكا من الراوي .

(8) البيت لبعض بني أسد، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن ( 377 ) قال : وقوله : { فصل لربك وانحر } فصل لربك يوم القيامة : انحر . وبإسناد إلى علي قال : فيها النحر : أخذك شمالك بيمينك في الصلاة . ويقال : فصل لربك وانحر : استقبل القبلة بنحرك . وسمعت بعض العرب يقول : منازلنا تناحر هذا : أي قبالته . وأنشدني بعض بني أسد : " أبا حكم ... " البيت فهذا من ذلك : ينحر بعضه بعضا . ا هـ . وفي ( اللسان : نحر ) والداران تتناحران : أي تتقابلان . وإذا استقبلت دار دارا ، قيل : هذه تنحر تلك . ثم نقل كلام الفراء والبيت .

(9) في ( اللسان : صنبر ) أصل الصنوبر : سعفة تنبت في جذع النخلة ، لا في الأرض ، أو النخلة تبقى منفردة . ومراد كفار قريش بقولهم صنبور ، أي : أنه إذا قلع انقطع ذكره ، كما يذهب أصل الصنبور ؛ لأنه لا عقب له .

التدبر :

وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ فوصفه بكونه شانئًا، كأنه تعالى يقول: هذا الذي يبغضك لا يقدر على شيء آخر سوى أنه يبغضك، والمبغض إذا عجز عن الإيذاء، فحينئذ يحترق قلبه غيظًا وحسدًا، فتصير تلك العداوة من أعظم أسباب حصول المحنة لذلك العدو.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ من شنآنه ﷺ بغض ما جاء به، وقد علق ابن تيمية على هذه الآية فقال: «الحذر الحذر أيها الرجل، من أن تكره شيئًا مما جاء به الرسول ﷺ، أو ترده لأجل هواك، أو انتصارًا لمذهبك، أو لشيخك، أو لأجل اشتغالك بالشهوات، أو بالدنيا، فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله».
لمسة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ ولم يقل: (إن شانتئك أبتر)؛ بل أبرز الضمير (هو) لإفادة الحصر، فكأنه لا مقطوع ولا مذموم سواه، وإذا كان شانئه ﷺ داخلًا في الآية دخولًا أوليًّا، فإن شانئ سنته وشانئ الداعين إليها له من ذلك نصيب بقدر بُغضه وكرهه.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ من أثر كلام الناس وعلومهم على القرآن والسنة، فلولا أنه شانئ لما جاء به الرسول ما فعل ذلك، حتى إن بعضهم لينسى القرآن بعد أن حفظه! ويشتغل بقول فلان وفلان.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ وكل جرم استحق فاعله عقوبة من الله إذا أظهر ذلك الجرم عندنا وجب أن نعاقبه، ونقيم عليه حد الله، فيجب أن نبتر من أظهر شنآنه، وأبدى عداوته.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ شنآن القلب يوجب البتر والقطع ومحق البركة؛ فكيف بالسب والشتم، اللهم اكفناهم بما شئت.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الأَبتَرُ﴾ ومن معجزات كتاب الله العزيز: ورود مفردات لم ترد فيه من قبل، رغم اقترابنا من خاتمته.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ كل من شنأه ﷺ وأبغضه وعاداه؛ فإن الله يقطع دابره، ويمحق عينَه وأثرَه.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ سنة الله تعالى في كل مبغض للنبي ﷺ أنه مقطوع الذكر مقطوع البركة في الدنيا والآخرة.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ ولقد صدق فيهم وعيد الله؛ فقد انقطع ذكرهم وانطوى، بينما امتد ذكر محمد ﷺ وعلا.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ كل من شنأه ﷺ وأبغضه وعاداه؛ فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ لا تكره الصالحين فيبتر الخير من حياتك، كلما أحببتهم منحك الله الذكر الحسن والبركة.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ أي: إن مبغضك هو الأقل الأذل المنقطع دابره, وجاءت بلفظ (الْأَبْتَرُ) لأن هذا اللفظ يشمل: القطع الحسي والمعنوي, كما يختص بالقطع الكلي، فكأن مبغض النبي ﷺ مقطوع البركة الحسية والمعنوية, وانقطاعه عن الخير انقطاعًا كليًّا لا جبران معه.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ رأي العاصي بن وائل السهمي رسول الله ﷺ في المسجد الحرام، فتحدّث معه، فلقيه عدد من صناديد قريش فقالوا: «من كنت تتحدث معه؟»، فقال لهم: «ذلك الأبتر»، وكان قد تُوفي ابنه عبد الله بعد أن مات ابنه القاسم قبل عبد الله، فانقطع بموت عبد الله الذكور من ولده يومئذ، وكانوا يصفون من ليس له ابن بالأبتر، فأنزل الله هذه السورة.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الأَبتَرُ﴾ هذا الذي يبغضك لا يقدر علي شئ آخر سوي البغض، والمبغض إذا عجز عن الإيذاء يحترق قلبه حسدًا وغيظًا فتصير تلك العداوة من أسباب حصول المحنة للعدو.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ قال ابن تيمية: «الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه، وسبّه، ومُظهر لدينه، ولكذب الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا ما حدَّثناه أعداد من المسلمين العدول، عما جرَّبوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر، وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه، حتى إذ تعرَّض أهله لسب رسول الله ﷺ، والوقيعة في عرضه، فعجلنا فتحة وتيسر، ولم يكد يتأخر إلا يومًا أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوا فيه».
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ جعل الكفار بقاء الذكر بكثرة الولد، فجعل الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس ذكرًا، وأسلم أبناؤهم واتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم، وتركوا آباءهم، فانقطع ذكرهم، وبقي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
عمل
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ لا تبغض الصالحين، فيقطع الله عنك الذكر الحسن، ويحرمك البركة.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ لا يمكن للحق والإيمان والتوحيد والإخلاص أن يكون أبتر، إنما الأبتر هو الكفر والضلال، مهما انتفش فمصيره مبتور.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ كما تكفل الله بإفاضة النعم علي سيد خلقه في أول السورة, تكفل أخيرًا بالدفع عنه والذب عن عرضه, فالله تعالي هو الأول والآخر, فلا تعلق قلبك إلا به.
وقفة
[3] ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ نزلت هذه الآية لما مات ابني الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش: «بُتِرَ محمد»، وإذا مات أبناء الشخص يقال له أبتر.
وقفة
[3] تدبر ترتيب سورة الكوثر، تجد التسلسل العجيب! إذا أعطاك الله خيرًا عظيمًا -وأعظمه هذا الدين- وسخرك لدعوة الناس إليه وتعليمهم إياه، فتفرغ لعبادة ربك العبادة الشاملة، ولا تلتفت إلى ما يكيده خصومك لك من أذى حسي ومعنوي، ولا تقلق بسبب ذلك، فعاقبتهم خسار وبوار ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.
وقفة
[3] أهل السنة يموتون ويحيى ذكرهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم؛ لأن أهل السنة أحيوا ما جاء به الرسول ﷺ فكان لهم نصيب من قوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح: 4]، وأهل البدعة شنأوا ما جاء به الرسول ﷺ فكان لهم نصيب من قوله: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.
وقفة
[3] لا يعرف التاريخ أحدًا أساء الأدب مع النبي ﷺ إلا أذله الله: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، مزق كسرى كتاب النبي ﷺ؛ فمزق الله ملكه.
وقفة
[3] كارهو نبينا ﷺ مقطوعون منبوذون، مهما بدا للحظةٍ تجبُّرهم، وإلا فأين أسلاف المعاصرين الذين ملأوا أحياء مكة تشويها وسخرية ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.
وقفة
[3] من ظن أن نبينا ﷺ أهانه أحد فقد أخطأ، لا أحد يملك ذلك، ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي لَعْنَ قُرَيْشٍ وَشَتْمَهُمْ، يَسُبُّونَ مُذَمَّمًا، وَأَنَا مُحَمَّدٌ» [أحمد 8459، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح]، محمد ﷺ في قلوبنا حبًا واتباعًا ﷺ.
وقفة
[3] خطورة بغض النبي ﷺ أو شيءٍ مما جاء به ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾.
وقفة
[3] وصفوا دعوة النبي ﷺ بالتخلف القديم، فقالوا: ﴿أساطير الأولين﴾ [الفرقان: 5]، وقالوا: ستموت دعوته بموته، ووصفوه بـ ﴿الأبتر﴾، فماتوا ومات دينهم، وبقي ذكر محمد ودينه.
عمل
[1-3] ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ برغم البشرى الكبيرة أمر بمواصلة المسيرة، كلما جدد لك فتحًا ضاعف له شكرًا.

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ شانِئَكَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. شانئك: اسم «ان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل- ضمير المخاطب- مبني على الفتح في محل جر بالاضافة أي ان مبغضك.
  • ﴿ هُوَ الْأَبْتَرُ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «ان» هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الأبتر: خبر «هو» مرفوع بالضمة. أي لا ولد له المقطوع الذكر والذنب الذليل لا ذكر يخلده. المنسي في الدنيا والآخرة.

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

  • قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: نَزَلَتْ في العاصِ بْنِ وائِلٍ، وذَلِكَ أنَّهُ رَأى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ وهو يَدْخُلُ، فالتَقَيا عِنْدَ بابِ بَنِي سَهْمٍ وتَحَدَّثا وأُناسٌ مِن صَنادِيدِ قُرَيْشٍ في المَسْجِدِ جُلُوسٌ، فَلَمّا دَخَلَ العاصُ قالُوا لَهُ: مَنِ الَّذِي كُنْتَ تُحَدِّثُ ؟ قالَ: ذاكَ الأبْتَرُ. يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ . وكانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وكانَ مِن خَدِيجَةَ، وكانُوا يُسَمُّونَ مَن لَيْسَ لَهُ ابْنٌ أبْتَرَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ السُّورَةَ.وأخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسى بْنِ الفَضْلِ، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قالَ: حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الجَبّارِ، قالَ: حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ، قالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومانَ، قالَ: كانَ العاصُ بْنُ وائِلٍ السَّهْمِيُّ إذا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قالَ: دَعُوهُ فَإنَّما هو رَجُلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ لَهُ، لَوْ هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ واسْتَرَحْتُمْ مِنهُ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ . إلى آخِرِ السُّورَةِ.وقالَ عَطاءٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: كانَ العاصُ بْنُ وائِلٍ يَمُرُّ بِمُحَمَّدٍ ﷺ ويَقُولُ: إنِّي لَأشْنَؤُكَ، وإنَّكَ لَأبْتَرُ مِنَ الرِّجالِ. فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ شانِئَكَ﴾ . يَعْنِي العاصَ. ﴿هُوَ الأبْتَرُ﴾ . مِن خَيْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ. '
  • المصدر

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [3] لما قبلها :     ولَمَّا بَشَّرَه اللهُ بالنِّعَمِ العظيمةِ، وعَلِمَ تعالى أنَّ النِّعمةَ لا تَهنَأُ إلَّا إذا صارَ العدوُّ مَقهورًا؛ لا جَرَمَ وَعَدَه بقَهرِ العَدوِّ، قال تعالى:
﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

شانئك:
1- بالألف، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بغير ألف، وهى قراءة ابن عباس.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف