5321920212223242526272829303132333435363738394041

الإحصائيات

سورة الرحمن
ترتيب المصحف55ترتيب النزول97
التصنيفمدنيّةعدد الصفحات3.20
عدد الآيات78عدد الأجزاء0.00
عدد الأحزاب0.00عدد الأرباع1.00
ترتيب الطول50تبدأ في الجزء27
تنتهي في الجزء27عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الجمل الخبرية: 11/21_

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (17) الى الآية رقم (30) عدد الآيات (14)

بعدَ بيانِ نعمِ اللهِ في البَرِّ ذكرَ اللهُ هنا نعمَه في البَّحرِ، ثُمَّ أخبرَ أن كلَّ هذه النِّعمِ وجميعَ المخلوقاتِ فانيةٌ، والبقاءُ للهِ وحدَهُ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (31) الى الآية رقم (40) عدد الآيات (10)

بعدَ بيانِ فناءِ جميعِ المخلوقاتِ، أخبرَ اللهُ هنا عن مجازاةِ النَّاسِ وحسابِهم واستحالةِ الهَرَبِ منه، ثُمَّ ذكرَ ما يطرأُ على العالمِ من تغيرٍ وتبدُّلٍ يومَ القيامةِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الرحمن

تذكير العباد بنعم الله عليهم في الدنيا والآخرة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • هم إخوانكم في التكليف::   سورة الرحمن رحلة مع نعم الله الكثيرة على العباد: فذكرت آية: ﴿فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ﴾ 31 مرة، في كل مرة لها معنى يختلف عن غيره، حيث يراد بالآلاء فيها: النعمة التي ذُكرت قبلها، وهي تختلف في كل آية عن الأخرى • وتأتي في المقدمة: نعمة تعليم القرآن؛ لأن القرآن هو المنة الكبري التي امتن الله بها على الإنسان، ولذا تقدم ذكره على خَلْق الإنسان. • ثم تمضي السورة في تعداد نعمه العظيمة التي نعيش معها دون أن نستشعر قيمتها: الشمس والقمر والنجم والسماء وما فيها، والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب ورمان وريحان و... • ثم يأتي عرض لفئتين من الناس: أولهما هي الفئة التي كذبت بنعم الله: ﴿يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـٰهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِى وَٱلأَقْدَامِ﴾ (41)، ووصف عذابهم في النار.ثم يأتي ذكر الفئة المقابلة: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ﴾ (46)، ووصف نعيمهم في الجنة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الرحمن».
  • • معنى الاسم ::   اسم من أسماء الله الحسنى الدالة على صفة الرحمة.
  • • سبب التسمية ::   وَجْهُ تَسْمِيَةِ هَذِهِ السُّورَةِ بِسُورَةِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهَا ابْتُدِئَتْ بِاسْمِهِ تَعَالَى: الرَّحْمنُ؛ ولأنها مملؤة بذكر نعم الله وهي راجعة إلى هذا الاسم.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   «عَرُوسَ الْقُرْآنِ» (ورد في حديث ضعيف).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   التفكر في نعم الله، وحمده عليها.
  • • علمتني السورة ::   ابتداء الرحمن بذكر نعمه بالقرآن دلالة على شرف القرآن وعظم منته على الخلق به: ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾
  • • علمتني السورة ::   وجوب العدل في الوزن وتحريم البخس: ﴿أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾
  • • علمتني السورة ::   افتقار الخلق كلهم إلى الله: ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ جَابِرِ بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ، مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا، فَقَالَ: «لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، قَالُوا: لاَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
    • سورة الرحمن من سور القرائن أو النظائر، وهي 20 سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، كل سورتين في ركعة، والنظائر: السور المتشابهات والمتماثلات في الطول.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن سورة الرحمن مع سورة النجم، ويقرأهما في ركعة واحدة.
    عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ قَالَا: «أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّى أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِى رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ؟! لَكِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ: السُّورَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِى رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِى رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ وَنُونَ فِى رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِى رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِى رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِى رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِى رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلاَتِ فِى رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِى رَكْعَةٍ».
    وأصل الحديث في الصحيحين -ولكن دون سرد السور- وهو: عن عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «إِنِّى لأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِى كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اثْنَتَيْنِ فِى رَكْعَةٍ، عِشْرِينَ سُورَةً فِى عَشْرِ رَكَعَاتٍ».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ».
    وسورة الرحمن من المفصل الذي فُضِّل به النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء.
    • قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «...وإنَّ لكلّ شيءٍ لُبابًا، وإنَّ لُبابَ القُرآنِ المُفَصَّلُ».
    وسورة الرحمن من المفصل.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • استخدمت سورة الرحمن في غالبها أسلوب الترغيب؛ وذلك بتعداد نعمه تعالى على عباده، بينما نجد أن سورة القمر السابقة استخدمت أسلوب الترهيب؛ وذلك بذكر مصارع الأمم السابقة وتوعد الكفار وإنذارهم، وفي هذا تنوع لأساليب الدعوة إلى الله تعالى، وتربية الفرد والمجتمع.
    • احتوت سورة الرحمن على أكثر لازمة تكررت في القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكررت 31 مرة؛ لأن محور السورة هو تعداد نعم الله على الثقلين: الإنس والجن، فبعد كل نعمة أو نِعم يعددها الله تأتي هذه العبارة لتُذَكِّر الإنس والجن بنعم الله الجزيلة عليهم.
    • سورة الرحمن هي السورة الوحيدة التي جاء في وسطها آية تتكون من كلمة واحدة، وهي قوله تعالى: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ (64)، أما في فواتح السور فقد جاءت في عدة سور آيات تتكون من كلمة واحدة؛ كسورة البقرة، والفجر، والضحى، وغيرها.
    • السور التي سميت باسم من أسماء الله الحسنى أربع سور، وهي: فاطر، وغافر، والرحمن، والأعلى.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نتفكر في نعم الله، ونحمده عليها.
    • أن نحمد الله على أن علمنا القرآن: ﴿الرَّحْمَـٰنُ ۞ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ (1، 2).
    • أن نُعيد ترتيب اهتماماتنا قبل الرحيل: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۞ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ (26، 27).
    • أن نعترف دومًا بفقرنا إلى الله: ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (29).
    • ألا نقلق من الغد؛ فغدًا شأنٌ آخر: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ (29).
    • أن نذكر أنفسنا بأهوال يوم القيامة: ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ (37).
    • أن نستعيذ بالله من عذاب جهنّم: ﴿هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ (43).
    • أن نحدث الناس عن الجنة والنار: ﴿هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ (43).
    • أن نعمل أعمالًا تدل على خوفنا من الله: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ (46).
    • أن نحسن في عبادتنا مع الله، وأن نحسن إلى عباد الله: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ (60).

تمرين حفظ الصفحة : 532

532

مدارسة الآية : [19] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ

التفسير :

[19] خلط الله ماء البحرين -العذب والمِلْح- متلاقيين، لا فاصل بينهما في مرأى العين،

المراد بالبحرين:البحر العذب، والبحر المالح، فهما يلتقيان كلاهما، فيصب العذب في البحر المالح، ويختلطان ويمتزجان،

ثم قال- سبحانه-: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ. بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ. يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ.

وقوله: مَرَجَ من المرّج بمعنى الإرسال والتخلية، ومنه قولهم: مرج فلان دابته. إذا أرسلها إلى المرج، وهو المكان الذي ترعى فيه الدواب.

ويصح أن يكون من المرج بمعنى الخلط، ومنه قوله- تعالى-: فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ أى: مختلط، وقيل للمرعى: مرج لاختلاط الدواب فيه بعضها ببعض.

والمراد بالبحرين: البحر العذب، والبحر الملح.

وقوله : ( مرج البحرين يلتقيان ) قال ابن عباس : أي أرسلهما .

وقوله : ( يلتقيان ) قال ابن زيد : أي : منعهما أن يلتقيا ، بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما .

والمراد بقوله : ( البحرين ) الملح والحلو ، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس . وقد قدمنا الكلام على ذلك في سورة " الفرقان " عند قوله تعالى : ( وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ) [ الفرقان : 53 ] . وقد اختار ابن جرير هاهنا أن المراد بالبحرين : بحر السماء وبحر الأرض ، وهو مروي عن مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطية وابن أبزى .

قال ابن جرير : لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء ، وأصداف بحر الأرض . وهذا وإن كان هكذا ، ليس المراد [ بذلك ] ما ذهب إليه ، فإنه لا يساعده اللفظ

وقوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) يقول تعالى ذكره: مرج ربّ المشرقين وربّ المغربين البحرين يلتقيان، يعني بقوله: ( مَرَجَ ): أرسل وخلى، من قولهم: مرج فلان دابته: إذا خلاها وتركها.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) يقول: أرسل.

واختلف أهل العلم في البحرين اللذين ذكرهما الله جلّ ثناؤه في هذه الآية، أيّ البحرين هما؟ فقال: بعضهم: هما بحران: أحدهما في السماء، والآخر في الأرض.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: بحر في السماء، وبحر في الأرض.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر عن سعيد، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر في السماء، وبحر في الأرض.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر في السماء والأرض يلتقيان كل عام.

وقال آخرون : عني بذلك بحر فارس وبحر الروم.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن زياد مولى مصعب، عن الحسن ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر الروم، وبحر فارس واليمن.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) فالبحران: بحر فارس، وبحر الروم.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ) قال: بحر فارس وبحر الروم.

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُني به بحر السماء، وبحر الأرض، وذلك أن الله قال يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، واللؤلؤ والمرجان إنما يخرج من أصداف بحر الأرض عن قطَرْ ماء السماء، فمعلوم أن ذلك بحر الأرض وبحر السماء.

التدبر :

وقفة
[19] ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ الجمع بين البحر المالح والعَذْب دون أن يختلطا من مظاهر قدرة الله تعالى.
وقفة
[19] ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ لا تخش أيها المؤمن غير الله؛ فإن الذي فصل الماء عن الماء قادر علي حمايتك وحفظك من كل سوء وشر, ولو أحاط بك إحاطة.
وقفة
[19، 20] ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لّا يَبْغِيَانِ﴾ ما معنى البرزخ هنا؟ البرزخ يعني الحاجز يعني لا يبغي أحد على أحد بالممازجة، لا يمتزج، بينهما فاصل لا يبغي الماء المالح على الحلو، وإنما كل واحد على حدة، ويسمون حياة البرزخ؛ لأنه فاصل بين الآخرة والدنيا.
عمل
[19] ﴿مَرَجَ البَحرَينِ يَلتَقِيانِ * بَينَهُما بَرزَخٌ لا يَبغِيانِ﴾ أقم حاجزًا من التقوى بين ذنوبك وحسناتك، وبين الخير والشر بداخلك، وبين نفسك الأمارة بالسوء ونفسك الآمنة المطمئنة.

الإعراب :

  • ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. البحرين: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى: ارسلهما اي ارسل البحر الملح والبحر العذب.
  • ﴿ يَلْتَقِيانِ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من «البحرين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والالف ضمير متصل-ضمير الاثنين-مبني على السكون في محل رفع فاعل.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     النِّعمةُ الثانيةُ عشر: نعمةُ خَلْطِ الماء العذب بالماء المِلح، ولا يغيرُ أحدُهما طعمَ الآخر، قال تعالى :
﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ

التفسير :

[20]ومع ذلك بينهما حاجز، فلا يطغى أحدهما على الآخر، ويذهب بخصائصه، بل يبقى العذب عذباً، والمِلْح مِلْحاً مع تلاقيهما.

ولكن الله تعالى جعل بينهما برزخا من الأرض، حتى لا يبغي أحدهما على الآخر، ويحصل النفع بكل منهما، فالعذب منه يشربون وتشرب أشجارهم وزروعهم، والملح به يطيب الهواء ويتولد الحوت والسمك، واللؤلؤ والمرجان، ويكون مستقرا مسخرا للسفن والمراكب.

والبرزخ: الحاجز الذي يحجز بينهما، بقدرة الله- تعالى-.

والمعنى: خلق الله- تعالى- البحرين، وأرسلهما بقدرته في مجاريهما، بحيث يلتقيان ويتصل أحدهما بالآخر، ومع ذلك لم يختلطا، بل يبقى المالح على ملوحته. والعذب على عذوبته، لأن حكمة الله قد اقتضت أن يفصل بينهما، بحواجز من أجرام الأرض، أو بخواص في كل منهما، تمنعهما هذه الخواص وتلك الحواجز، من أن يختلطا، ولولا ذلك لاختلطا وامتزجا، وهذا من أكبر الأدلة على قدرة الله- تعالى-، ورحمته بعباده، إذ أبقى الله- تعالى- المالح على ملوحته، والعذب على عذوبته، لينتفع الناس بكل منهما في مجال الانتفاع به ...

فالماء العذب ينتفع به في الشراب للناس والدواب والنبات.. والماء الملح ينتفع به في أشياء أخرى، كاستخراج الملح منه، وفي غير ذلك من المنافع..

ومن بديع صنع الله في هذا الكون، أنك تشاهد البحار الهائلة على سطح الأرض، والأنهار الكثيرة، ومع ذلك فكل نوع منهما باق على خصائصه، مع أن كلا منهما قد يلتقى بالآخر.

قال بعض العلماء: والمقصود بالبحرين ما يعرفه العرب من هذين النوعين وهما نهر الفرات. وبحر العجم، المسمى اليوم بالخليج الفارسي. والتقاؤهما: انصباب ماء الفرات في الخليج الفارسي، في شاطئ البصرة، والبلاد التي على الشاطئ العربي من الخليج الفارسي تعرف عند العرب ببلاد البحرين لذلك.

والمراد بالبرزخ بينهما: الفاصل بين الماءين: الحلو والملح بحيث لا يغير أحد البحرين طعم الآخر بجواره وذلك بسبب ما في كل منهما من خصائص تدفع عنه اختلاط الآخر به وهذا من مسائل الثقل النوعي.

وذكر البرزخ تشبيه بليغ، أى: بينهما مثل البرزخ، ومعنى لا يبغيان: أى لا يبغى أحدهما على الآخر، أى: لا يغلب عليه فيفسد طعمه، فاستعير لهذه الغلبة لفظ البغي.. .

وقال صاحب الظلال- رحمه الله-: والبحران المشار إليهما هما البحر المالح، والبحر العذب، ويشمل الأول البحار والمحيطات، ويشمل الثاني الأنهار. ومرج البحرين: أرسلهما وتركهما يلتقيان. ولكنهما لا يبغيان، ولا يتجاوز كل منهما حده المقدر، ووظيفته المقسومة، وبينهما برزخ من طبيعتهما من صنع الله- تعالى-.

وتصب جميع الأنهار- تقريبا- في البحار، وهي التي تنقل إليها أملاح الأرض، فلا تغير طبيعة البحار ولا تبغى عليها، ومستوى سطوح الأنهار أعلى- في العادة- من مستوى سطح البحر، ومن ثم لا يبغى البحر على الأنهار التي تصب فيه. ولا يغمر مجاريها بمائه الملح..

وبينهما دائما هذا البرزخ من صنع الله، فلا يبغيان.

فلا عجب أن يذكر- سبحانه- البحرين، وما بينهما من برزخ، في مجال الآلاء والنعم.. .

فإنه تعالى قد قال : ( بينهما برزخ لا يبغيان ) أي : وجعل بينهما برزخا ، وهو الحاجز من الأرض ، لئلا يبغي هذا على هذا ، وهذا على هذا ، فيفسد كل واحد منهما الآخر ، ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه . وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخا وحجرا محجورا .

وقوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ )، يقول تعالى ذكره: بينهما حاجز وبعدٌ، لا يُفسد أحدهما صاحبه فيبغي بذلك عليه، وكل شيء كان بين شيئين فهو برزخ عند العرب، وما بين الدنيا والآخرة برزخ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن ابن أبزى ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ): لا يبغي أحدهما على صاحبه.

قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا فطر، عن مجاهد، قوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: بينهما حاجز من الله، لا يبغي أحدهما على الآخر.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) يقول: حاجز.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ )، والبرزخ : هذه الجزيرة، هذا اليبَس.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: البرزخ الذي بينهما: الأرض التي بينهما.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: حُجِز المالح عن العذب، والعذب عن المالح، والماء عن اليبس، واليبس عن الماء، فلا يبغي بعضه على بعض بقوتّه ولطفه وقُدرته.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ ) قال: منعهما أن يلتقيا بالبرزخ الذي جعل بينهما من الأرض. قال: والبرزخ بعد الأرض الذي جعل بينهما.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يبغي أحدهما على صاحبه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يعقوب، عَن جعفر، عن ابن أبزى ( لا يَبْغِيانِ ) : لا يبغي أحدهما على صاحبه.

قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا فطر، عن مجاهد، مثله.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة مثله.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: أنهما لا يختلطان.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن &; 23-32 &; أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) قال: لا يختلطان.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: لا يبغيان على اليَبَس.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( لا يَبْغِيانِ ): على اليبس، وما أخذ أحدهما من صاحبه فهو بغي، فحجز أحدهما عن صاحبه بقدرته ولطفه وجلاله تبارك وتعالى.

وقال آخرون : بل معناه: لا يبغيان أن يلتقيا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( لا يَبْغِيانِ ) قال: لا يبغي أحدهما أن يلتقي مع صاحبه.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء، بل عمّ الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يُعَمَّ كما عمّ جلّ ثناؤه، فيقال: إنهما لا يبغيان على شيء، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، ولا يتجاوزان حدّ الله الذي حدّه لهما.

التدبر :

وقفة
[20] ﴿بَينَهُما بَرزَخٌ لا يَبغِيانِ﴾ لابد أن تكون من المهارة بمكان فلا يطغى شر نفسك على خيرها، وهذا مستعينًا بالله وحده.

الإعراب :

  • ﴿ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ:
  • ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة و «ما» علامة التثنية.برزخ: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة اي حاجز.
  • ﴿ لا يَبْغِيانِ:
  • نافية لا عمل لها. يبغيان: تعرب إعراب «يلتقيان» الواردة في الآية الكريمة التاسعة عشرة. اي لا يتجاوزان حديهما ولا ينبغي ولا يبغي احدهما على الآخر بالممازجة والجملة الاسمية بَيْنَهُما بَرْزَخٌ» في محل نصب حال ثانية للبحرين.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     ولَمَّا خلطَ اللهُ ماء البحرين -العذب والمِلْح-؛ جعلَ بينهما حاجزًا، فلا يطغى أحدهما على الآخر، بل يبقى العذب عذبًا، والمِلْح مِلْحًا مع تلاقيهما، قال تعالى:
﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[21] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم الله ربكما معشر الجنّ والإنس تكذّبان من هذه النعم التي أنعم عليكم من مَرْجه البحرين، حتى جعل لكم بذلك حلية تلبسونها كذلك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[21] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[21] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة أعربت.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ

التفسير :

[22] يخرج من البحرين بقدرة الله اللؤلؤ والمَرْجان.

ثم يذكر- سبحانه- بعض نعمه المختبئة في البحرين فيقول: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ.

واللُّؤْلُؤُ- في أصله- حيوان، وهو أعجب ما في البحار، فهو يهبط إلى الأعماق، وهو داخل صدفة جيرية تقيه من الأخطار.. ويفرز مادة لزجة تتجمد مكونة «اللؤلؤ» .

والمرجان- أيضا- حيوان يعيش في البحار ... ويكون جزرا مرجانية ذات ألوان مختلفة:

صفراء برتقالية، أو حمراء قرنفلية، أو زرقاء زمردية .

ومن اللؤلؤ والمرجان تتخذ الحلي الغالية الثمن، العالية القيمة، التي تتحلى بها النساء..

والآية الكريمة صريحة في أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحرين- الملح والعذب- إلا أن كثيرا من المفسرين ساروا على أنه- أى: اللؤلؤ والمرجان- يخرج من أحدهما فحسب، وهو البحر الملح..

قال الآلوسى ما ملخصه: واللؤلؤ صغار الدر، والمرجان كباره.. وقيل: العكس..

والمشاهد أن خروج «اللؤلؤ والمرجان» من أحدهما وهو الملح.. لكن لما التقيا وصارا كالشىء الواحد جاز أن يقال: يخرجان منهما، كما يقال: يخرجان من البحر، ولا يخرجان من جميعه، ولكن من بعضه، كما تقول: خرجت من البلد، وإنما خرجت من محلة من محاله، بل من دار واحدة من دوره، وقد يسند إلى الإثنين ما هو لأحدهما، كما يسند إلى الجماعة ما صدر من واحد منهم.. .

والحق أن ما سار عليه الإمام الآلوسى وغيره: من أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من البحر الملح لا من البحر العذب، مخالف لما جاء صريحا في قوله- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ، هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ، وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها ... .

فإن هذه الآية صريحة في أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من كلا البحرين الملح والعذب، وقد أثبتت البحوث العلمية صحة ذلك، فقد عثر عليهما في بعض الأنهار العذبة، التي في ضواحي ويلز واسكتلاندا في بريطانيا.. .

وقوله : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) أي : من مجموعهما ، فإذا وجد ذلك لأحدهما كفى ، كما قال تعالى : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) [ الأنعام : 130 ] والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن ، وقد صح هذا الإطلاق . واللؤلؤ معروف ، وأما المرجان فقيل : هو صغار اللؤلؤ . قاله مجاهد ، وقتادة ، وأبو رزين ، والضحاك . وروي عن علي .

وقيل : كباره وجيده . حكاه ابن جرير عن بعض السلف . ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس ، وحكاه عن السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس . وروي مثله عن علي ، ومجاهد أيضا ، ومرة الهمداني .

وقيل : هو نوع من الجواهر أحمر اللون . قال السدي ، عن أبي مالك ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : المرجان : الخرز الأحمر . قال السدي وهو البسذ بالفارسية .

وأما قوله : ( ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها ) [ فاطر : 12 ] ، فاللحم من كل من الأجاج والعذب ، والحلية ، إنما هي من الملح دون العذب .

قال ابن عباس : ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر ، فوقعت في صدفة إلا صار منها لؤلؤة . وكذا قال عكرمة ، وزاد : فإذا لم تقع في صدفة نبتت بها عنبرة . وروي من غير وجه عن ابن عباس نحوه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : إذا أمطرت السماء ، فتحت الأصداف في البحر أفواهها ، فما وقع فيها - يعني : من قطر - فهو اللؤلؤ .

إسناده صحيح ، ولما كان اتخاذ هذه الحلية نعمة على أهل الأرض ، امتن بها عليهم فقال : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .

القول في تأويل قوله تعالى : يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)

يقول تعالى ذكره: يخرج من هذين البحرين اللذين مرجهما الله، وجعل بينهما برزخا اللؤلؤ والمرجان. واختلف أهل التأويل في صفة اللؤلؤ والمرجان، فقال بعضهم: اللؤلؤ : ما عظم من الدر، والمرجان : ما صغُر منه.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن مجاهد، عن ابن عباس ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) قال: اللؤلؤ : العظام.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ )، أما اللؤلؤ فعظامه، وأما المرجان فصغاره، وإن لله فيهما خزانة دلّ عليها عامة بني آدم، فأخرجوا متاعا ومنفعة وزينة، ويُبلغه إلى أجل.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) قال: اللؤلؤ الكبار من اللؤلؤ، والمرجان: الصغار منه.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ )، أما المرجان: فاللؤلؤ الصغار، وأما اللؤلؤ: فما عظُم منه.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ )، قال: اللؤلؤ: ما عظُم منه، والمرجان: اللؤلؤ والصغار.

وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: المرجان: هو اللؤلؤ الصغار.

وحدثنا عمرو بن سعيد بن بشار القرشي، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: ثنا عبد الله بن ميسرة الحراني، قال: ثني شيخ بمكة من أهل الشأم، أنه سمع &; 23-34 &; كعب الأحبار يُسأل عن المرجان، فقال: هو البسذ.

قال أبو جعفر: البسذ له شُعَب، وهو أحسن من اللؤلؤ.

وقال آخرون: المرجان من اللؤلؤ : الكبار، واللؤلؤ منها : الصغار.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، أو قيس بن وهب، عن مرّة، قال: المرجان: اللؤلؤ العظام.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: المرجان، قال: ما عظم من اللؤلؤ.

حدثني محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا الحسين بن الحسن الأشقر، قال: ثنا زُهير، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن عليّ وعن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: المرجان: عظيم اللؤلؤ.

وقال آخرون : المرجان: جيد اللؤلؤ.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا شريك، عن موسى بن أبي عائشة، قال: سألت مرّة عن اللؤلؤ والمرجان قال: المرجان: جيد اللؤلؤ.

وقال آخرون : المرجان: حجر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون الأودي عن ابن مسعود، ( اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ) قال: المرجان حجر.

والصواب من القول في اللؤلؤ، أنه هو الذي عرفه الناس مما يخرج من أصداف البحر من الحبّ، وأما المرجان، فإني رأيت أهل المعرفة بكلام العرب لا يتدافعونه أنه جمع مرجانة، وأنه الصغار من اللؤلؤ. قد ذكرنا ما فيه من الاختلاف بين متقدمي أهل العلم، والله أعلم بصواب ذلك.

وقد زعم بعض أهل العربية، أن اللؤلؤ والمرجان يخرج من أحد البحرين، ولكن قيل: يخرج منهما، كما يقال أكلت خبزا ولبنا، وكما قيل:

وَرأيْــتُ زَوْجَــكِ فِــي الـوَغَى

مُتَقَلِّــــدًا سَــــيْفا وَرُمْحـــا (1)

وليس ذلك كما ذهب إليه، بل ذلك كما وصفت من قبل من أن ذلك يخرج من أصداف البحر، عن قطر السماء، فلذلك قيل: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ ) يعني بهما: البحران.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن سفيان بن جبير، عن ابن عباس، قال: إن السماء إذا أمطرت، فتحت الأصداف أفواهها، فمنها اللؤلؤ.

حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: ثنا أبو يحيى الحماني، قال: ثنا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا نـزل القطر من السماء، تفتَّحت الأصداف فكان لؤلؤا.

حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي، قال: ثنا الفريابي، قال: ذكر سفيان، عن الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعيد بن جَبُيْر، عن ابن عباس، قال: إن السماء إذا أمطرت تفتحت لها الأصداف، فما وقع فيها من مطر فهو لؤلؤ.

حدثنا محمد بن إسماعيل الفزاري، قال: أخبرنا محمد بن سوار، قال: ثنا محمد بن سليمان الكرخي ابن أخي عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عبد الرحمن الأصبهاني، عن عكرِمة، قال: ما نـزلت قطرة من السماء في البحر إلا كانت بها لؤلؤة أو نبتت بها عنبرة. فيما يحسب الطبري.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ )، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة: ( يَخْرُجُ ) على وجه ما لم يسمّ فاعله . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين بفتح الياء.

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب، لتقارب معنييهما.

------------------------

الهوامش :

(1) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 323 ). وقد سبق استشهاد المؤلف به أكثر من مرة ،فارجع إليه في الأجزاء ( 3: 275 ،6 : 281 ، 7 : 294 ، 9 : 200 ،11 : 142 وشرحه مستوفي في الجزأين 3 ، 11 ) . وأنشده الفراء هنا عند قوله تعالى : ( وحور عين ) وقال :خفضها أصحاب عبد الله ( ابن مسعود ) وهو وجه العربية ، وإن كان أكثر القراء على الرفع ؛ لأنهم هابوا أن يجعلوا الحور العين يطاف بهن ، فرفعوا على قولك : ولهم حور عين ، أو عندهم حور عين . والخفض على أن يتبع آخر الكلام بأوله ، وإن لم يحسن في آخره ما حسن في أوله ، أنشدني بعض العرب :

إذا مــا الغانيــات بــرزن يومـا

وزججــن الحواجــب والعيونــا

فالعين لا تزجج ، إنما تكحل ، فردها على الحواجب ، لأن المعنى يعرف . وأنشدني آخر : " ولقيت زوجك في الوغى ... البيت " ، والرمح لا يتقلد ، فرده على السيف. ا هـ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ هل تعلم أن صدفة واحدة فقط من بين كل 20000 صدفة هي التي تحتوي على اللؤلؤ الطبيعي؟!
وقفة
[22] ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ أي بمجموعهما؛ لأن المعروف أنهما يخرج من الماء المالح.
وقفة
[22] ﴿يَخرُجُ مِنهُمَا اللُّؤلُؤُ وَالمَرجانُ﴾ كلما ارتقت نفسك عن الخطايا أخرجت دررًا.

الإعراب :

  • ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب حال من البحرين.يخرج: فعل مضارع مرفوع بالضمة. منهما: جار ومجرور متعلق بيخرج و «ما» علامة التثنية. اللؤلؤ: فاعل مرفوع بالضمة اي الدر. وقيل كبار الدر. وقيل «منهما» اي من احدهما.
  • ﴿ وَالْمَرْجانُ:
  • معطوفة بالواو على «اللؤلؤ» وتعرب إعرابها. اي الخرز الاحمر.وقيل صغار الدر.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     النِّعمةُ الثالثةُ عشر: نعمةُ خروجِ اللُّؤْلُؤِ والمَرْجَان من البحار، قال تعالى :
﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يخرج:
1- مبنيا للفاعل، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مبنيا للمفعول، وهى قراءة نافع، وأبى عمرو، وأهل المدينة.
3- بضم الياء وكسر الراء، و «اللؤلؤ والمرجان» نصب، أي: يخرج الله، ورويت عن أبى عمرو.
4- بالنون، و «اللؤلؤ والمرجان» نصب، ورويت عن الجعفي، وعن أبى عمرو، وعن ابن مقسم.
اللؤلؤ:
وقرئ:
بكسر اللام الثالثة، وهى قراءة طلحة.

مدارسة الآية : [23] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[23] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعم ربكما معشر الثقلين التي أنعم بها عليكم فيما أخرج لكم من منافع هذين البحرين تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[23] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[23] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[23] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[23] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ ذَلِكَ مِن جَلِيلِ النِّعَمِ؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ ..

التفسير :

[24] وله تعالى مِلْك تسخير السفنِ الضخمةِ التي تجري في البحر بمنافع الناس، رافعة سواريها وأشرعتها كالجبال.

أي:وسخر تعالى لعباده السفن الجواري، التي تمخر البحر وتشقه بإذن الله، التي ينشئها الآدميون، فتكون من كبرها وعظمها كالأعلام، وهي الجبال العظيمة، فيركبها الناس، ويحملون عليها أمتعتهم وأنواع تجاراتهم، وغير ذلك مما تدعو إليه حاجتهم وضرورتهم، وقد حفظها حافظ السماوات والأرض، وهذه من نعم الله الجليلة.

ثم بين- سبحانه- نعمة أخرى من نعمة التي مقرها البحار فقال: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

والجوار: أى السفن الجارية، فهي صفة لموصوف محذوف دل عليه متعلقه، وهو قوله- تعالى- فِي الْبَحْرِ.

والمنشآت: جمع منشأة- اسم مفعول- أى: مرفوعة الشراع، وهو ما يسمى بالقلع، من أنشأ فلان الشيء، إذا رفعه عن الأرض، وأنشأ في سيرة إذا أسرع ...

أى: وله- سبحانه- وحده لا لغيره، التصرف المطلق في السفن المرفوعة القلاع والتي تجرى في البحر، وهي تشبه: الجبال في ضخامتها وعظمتها.

والتعبير: بقوله- تعالى- وَلَهُ للإشعار بأن كونهم هم الذين صنعوها لا يخرجها عن ملكه- تعالى- وتصرفه، إذ هو الخالق الحقيقي لهم ولها، وهو الذي سخر تلك السفن لتشق ماء البحر بأمره.

ومن الآيات الكثيرة التي تشبه هذه الآية في دلالتها على قدرة الله- تعالى- وعلى مننه على عباده بهذه السفن التي تجرى في البحر بأمره. قوله- تعالى-: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ. إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ. أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ .

وبعد هذا الحديث المتنوع عن مظاهر قدرة الله- تعالى-، ونعمه على عباده ... جاء الحديث عن تفرده- تعالى- بالبقاء، بعد فناء جميع المخلوقات التي على ظهر الأرض، وعن افتقار الناس إليه وحده- سبحانه- وغناه عنهم فقال- تعالى-:

وقوله : ( وله الجوار المنشآت ) يعني : السفن التي تجري في البحر ، قال مجاهد : ما رفع قلعه من السفن فهي منشأة ، وما لم يرفع قلعه فليس بمنشأة ، وقال قتادة : ( المنشآت ) يعني المخلوقات . وقال غيره : المنشآت - بكسر الشين - يعني البادئات .

( كالأعلام ) أي : كالجبال في كبرها ، وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر ، وإقليم إلى إقليم ، مما فيه من صلاح للناس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع; ولهذا قال [ تعالى ] ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا العرار بن سويد ، عن عميرة بن سعد قال : كنت مع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - على شاطئ الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها ، فبسط على يديه ثم قال : يقول الله عز وجل : ( وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام ) . والذي أنشأها تجري في [ بحر من ] بحوره ما قتلت عثمان ، ولا مالأت على قتله .

وقوله: ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ )، يقول تعالى ذكره: ولربّ المشرقين والمغربين الجواري، وهي السفن الجارية في البحار.

وقوله: ( الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الكوفة ( المُنْشِئاتُ ) بكسر الشين، بمعنى: الظاهرات السير اللاتي يقبلن ويدبرن. وقرأ ذلك عامة قرّاء البصرة والمدينة وبعض الكوفيين ( المُنْشَئاتُ )، بفتح الشين، بمعنى المرفوعات القلاع اللاتي تقبل بهنّ وتدبر.

والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى متقاربتاه، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب.

* ذكر من قال في تأويل ذلك ما ذكرناه فيه:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ ) قال: ما رفع قلعه من السفن فهي منشئات، وإذا لم يرفع قلعها فليست بمنشأة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ) يعني: السفن.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ): يعني: السفن.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قَال ابن زيد، في قوله: ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ ) قال: السفن.

وقوله: ( كالأعْلام ) يقول : كالجبال، شبَّه السفن بالجبال، والعرب تسمي كل جبل طويل علما، ومنه قول جرير:

إذا قَطَعْنـــا عَلَمــا بَــدَا عَلَــمُ

................... (2)

-------------------

الهوامش :

(2) البيت من مقطوعة من الرجز لجرير الخطفي ( ديوانه 520 ) وتمامه: * حـتى تنـاهين بنـا إلـى الحكم *

يمدح الحكم بن أيوب الثقفي صهر الحجاج وابن عمه . يصف النوق التي حملته إليه ، ولذلك نرجح روايته " قطعن " بنون جمع النسوة على رواية " قطعنا " بضمير جماعة الذكور ، وإن كانت جائزة في المعنى . والأعلام : جمع علم : وهو الجبل الطويل ، سمي علما ، لأن المسافر يجعله علامة وأمارة على الطريق . وأنشده أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 173 - 1) وقال : كالأعلام : كالجبال ، قال جرير يصف الإبل : " إذ قطعن ... البيت " .

التدبر :

وقفة
[24] ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾ يمثل النقل البحري 90 % من حجم التجارة العالمية، ولولا أن الله سخَّر لنا السُّفُن؛ لتعطَّلت لنا مصالح كثيرة.
عمل
[24] ﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾ مهما صنع الإنسان من سفن عظيمة وأنشأ من مراكب ضخمة, فإنها جميعًا لن تخرج عن ملك الله وقبضة قدرته, فاحذر أن تستعملها فيما لا يرضيه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ
  • تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية والثلاثين من سورة «الشورى».المنشآت:صفة-نعت-ثانية للموصوف «السفن» بمعنى: وله السفن الجارية المنشأة في البحر اي المرفوعات الشرع.'

المتشابهات :

الشورى: 32﴿وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ
الرحمن: 24﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     النِّعمةُ الرابعةُ عشر: نعمةُ سيرِ السُّفُن في البحار، قال تعالى:
﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الجوار:
وقرئ:
بضم الراء، وهى قراءة عبد الله، والحسن، وعبد الوارث، عن أبى عمرو.
المنشآت:
1- بفتح الشين، اسم مفعول، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسر الشين، اسم فاعل، أي: الرافعات الشراع، وهى قراءة الأعمش، وحمزة، وزيد بن على، وطلحة، وأبى بكر، بخلاف عنه.

مدارسة الآية : [25] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[25] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره : فبأيّ نعم ربكما معشر الجنّ والإنس التي أنعمها عليكم، بإجرائه الجواري المنشئات في البحر جارية بمنافعكم- تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[25] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[25] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قال ابن تيمية: «ليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد من كل خطاب».
تفاعل
[25] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
عمل
[25] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا كان ما في الجواري مِن المنافِعِ هو بالتَّكَسُّبِ مِن البَحرِ بالصَّيدِ وغَيرِه، والتَّوصُّلِ إلى البِلادِ الشَّاسِعةِ للفوائِدِ الهائِلةِ؛ سَبَّبَ عن ذلك قولَه تعالى:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ

التفسير :

[26] كل مَن على وجه الأرض مِنَ الخلق هالك،

أي:كل من على الأرض، من إنس وجن، ودواب، وسائر المخلوقات، يفنى ويموت ويبيد

والضمير في عَلَيْها يعود إلى الأرض بقرينة المقام، والمراد بمن عليها: كل من يعيش فوقها، ويدخل فيهم دخولا أوليا بنو آدم، لأنهم هم المقصودون بالخطاب، ولذا جيء بمن الموصولة الخاصة بالعقلاء.

أى: كل من على الأرض من إنسان وحيوان وغيرهما سائر إلى الزوال والفناء

يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون ، وكذلك أهل السماوات إلا من شاء الله ، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم ; فإن الرب - تعالى وتقدس - لا يموت ، بل هو الحي الذي لا يموت أبدا .

قال قتادة : أنبأ بما خلق ، ثم أنبأ أن ذلك كله كان .

وفي الدعاء المأثور : يا حي ، يا قيوم ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا أنت ، برحمتك نستغيث ، أصلح لنا شأننا كله ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، ولا إلى أحد من خلقك .

وقال الشعبي : إذا قرأت ( كل من عليها فان ) ، فلا تسكت حتى تقرأ : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) .

وهذه الآية كقوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] ، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ( ذو الجلال والإكرام ) أي : هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يطاع فلا يخالف ، كقوله : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) [ الكهف : 28 ] ، وكقوله إخبارا عن المتصدقين : ( إنما نطعمكم لوجه الله ) [ الإنسان : 9 ]

قال ابن عباس : ( ذو الجلال والإكرام ) ذو العظمة والكبرياء .

ولما أخبر عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة ، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة ، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل

القول في تأويل قوله تعالى : كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26)

يقول تعالى ذكره: كلّ من على ظهر الأرض من جنّ وإنس فإنه هالك،

التدبر :

اسقاط
[26] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ كفى بالموت واعظًا! ماذا أعددنا للموت؟!
تفاعل
[26] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ قل: اللهم اختم لنا بخير، وقيض لنا حسنات تستمر بعد الممات.
اسقاط
[26] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ ممتلكاتك، مركزك، أحبابك الملتفون حولك، لن يبقى سوى عملك؛ فماذا عندك؟
وقفة
[26] عنوان الدنيا: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾، وعنوان الآخرة: ﴿خالِدينَ فيها أَبَدًا﴾ [النساء: 169]؛ فاختر أيهما تريد أن تعمّر وتستثمر وقتك في الدنيا أم الآخرة؟!
وقفة
[26] قرئ بين يدي ابن الجوزي يومًا: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾، فقال: «هذا والله توقيع بخراب البيوت».
وقفة
[26] ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ﴾ فى بضع كلمات قليلة عرفنا مرجعنا ومآلنا، حقًا الإعجاز فى الإيجاز.
عمل
[26] ليس في الدنيا ما يستحق أن نختلف عليه، ولا نكره بعضنا لأجله، فالدنيا: ﴿كل من عليها فان﴾، والآخرة: ﴿خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما﴾ [الفرقان: 76]؛ فاعمل الخير، واصفح، واعف، وتغافل، واستغفر كثيرًا.
وقفة
[26، 27] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ الوقوف على القبور عبرة وعظة، ولكن الأشد من ذلك التفكر في القبر الخالي الجاهز الذي لم يدفن فيه أحد بعد، فإن صاحبه ما زال حيًّا! فقد تكون أنت! ‏اللهم إني ارزقنا حسن الختام، وهوّن علينا سكرات الموت.
وقفة
[26، 27] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ كل من نتعلق بهم راحلون, وكثير منهم في حياتهم يبخلون, لكن الله باق بلا فناء؛ وجوده دائم بلا انقطاع, أفلا نعتصم بحبله؟!
وقفة
[26، 27] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ لما جاء أبو الدرداء الموت قال: «ألا رجل يعمل لمثل مصيري هذا؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟»، ثم قبض رحمه الله.
وقفة
[26، 27] قال أحدهم: «البلاد التي سكَنتُها وسكَنَتْني ثم غادرتها، الأشخاص الذين رافَقتُهم، أحبَبتُهم وأحبُّوني ثم افتَرقْنا، الأيام التي كانت جزءًا مني ولم يبقَ منها إلا الحنين، في كل تلك المرات كان الله يُعلّمني، كنتُ أرى فيها رأي العينِ قولَه ﷻ: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ﴾».
عمل
[26، 27] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ أيها العبـد، لا تحزن ولا تبتئس، فمهما عصفت بك المحن فإن مصيرها إلي فناء، ويبقـي لك منهـا أجـر الصبـر والإحتسـاب.
وقفة
[26، 27] قال ابن كثير: «قال الإمام الشعبي: إذا قرأت ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾، فلا تسكت حتى تقرأ: ﴿وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ۸۸]».
وقفة
[26، 27] أنا وأنت و﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، ويتعلق قلبك بالدنيا بعد ذلك.
وقفة
[26، 27] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ حريٌّ بهذه الآية أن تُعيد ترتيب اهتماماتنا قبل الرحيل.
عمل
[26، 27] كلما خطف الموت من حولك عزيزًا أو قريبًا تذكر قول الله: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، وأيقن أن ساعة الرحيل قد دنت، وسله حسن الختام.
عمل
[26، 27] تذكر آخر خمسة من أقاربك موتًا وادع لهم بالرحمة ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾.
وقفة
[26، 27] ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ ثبوت الفناء لجميع الخلائق، وبيان أن البقاء لله وحده حضٌّ للعباد على التعلق بالباقي سبحانه دون من سواه.

الإعراب :

  • ﴿ كُلُّ مَنْ:
  • مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. من: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ عَلَيْها فانٍ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل مضمر تقديره: كل من استقر او هو كائن عليها. وجملة «استقر عليها» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.و«ها» في «عليها» يعود على الارض وان لم يجر لها ذكر لانه عند الفناء ليس هناك حال القرار والتمكن. فإن بمعنى «هالك».وهو خبر «كل» مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين: سكون الياء لثقل الحركة عليها وسكون التنوين بعدها ولان الكلمة اسم منقوص نكرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     وبَعْدَ أن ذَكَرَ اللهُ النِّعَمَ الَّتي أنعَمَ بها على عِبادِه في البَرِّ والبَحرِ، في السَّماءِ والأرضِ؛ أتْبَعَه بالموعظةِ بأنَّ هذا لا يَحولُ بَيْن النَّاسِ وبَيْن ما قدَّره اللهُ لهم مِن الفَناءِ، على عادةِ القرآنِ في استثمار الفُرَصِ للموعظةِ والتَّذكيرِ، قال تعالى:
﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ ..

التفسير :

[27]ويبقى وجه ربك ذو العظمة والكبرياء والفضل والجود. وفي الآية إثبات صفة الوجه لله تعالى بما يليق به سبحانه، دون تشبيه ولا تكييف.

ويبقى الحي الذي لا يموت{ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} أي:ذو العظمة والكبرياء والمجد، الذي يعظم ويبجل ويجل لأجله، والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود، والداعي لأن يكرم أولياءه وخواص خلقه بأنواع الإكرام، الذي يكرمه أولياؤه ويجلونه، [ويعظمونه] ويحبونه، وينيبون إليه ويعبدونه،

وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ وذاته بقاء لا تغير معه ولا زوال، فهو- سبحانه- ذُو الْجَلالِ أى: ذو العظمة والاستغناء المطلق وَالْإِكْرامِ أى: والفضل التام، والإحسان الكامل..

وقال- سبحانه-: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ولم يقل ويبقى وجه ربكما. كما في قوله:

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما....

لأن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التكريم والتشريف، ويدخل تحته كل من يتأتى له الخطاب على سبيل التبع.

قال القرطبي: لما نزلت هذه الآية قالت الملائكة هلك أهل الأرض. فنزلت كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فأيقنت الملائكة بالهلاك.

وقوله: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ أى: ويبقى الله، فالوجه عبارة عن وجوده وذاته، قال الشاعر:

قضى على خلقه المنايا ... فكل شيء سواه زائل

وهذا الذي ارتضاه المحققون من علمائنا. .

يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون ، وكذلك أهل السماوات إلا من شاء الله ، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم ; فإن الرب - تعالى وتقدس - لا يموت ، بل هو الحي الذي لا يموت أبدا .

قال قتادة : أنبأ بما خلق ، ثم أنبأ أن ذلك كله كان .

وفي الدعاء المأثور : يا حي ، يا قيوم ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا أنت ، برحمتك نستغيث ، أصلح لنا شأننا كله ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، ولا إلى أحد من خلقك .

وقال الشعبي : إذا قرأت ( كل من عليها فان ) ، فلا تسكت حتى تقرأ : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) .

وهذه الآية كقوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] ، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ( ذو الجلال والإكرام ) أي : هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يطاع فلا يخالف ، كقوله : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) [ الكهف : 28 ] ، وكقوله إخبارا عن المتصدقين : ( إنما نطعمكم لوجه الله ) [ الإنسان : 9 ]

قال ابن عباس : ( ذو الجلال والإكرام ) ذو العظمة والكبرياء .

ولما أخبر عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة ، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة ، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل

ويبقى وجه ربك يا محمد ذو الجلال والإكرام; وذو الجلال والإكرام من نعت الوجه فلذلك رفع ذو. وقد ذُكر أنها في قراءة عبد الله بالياء، ( ذي الجَلال والإكْرام ) على أنه من نعت الربّ وصفته.

التدبر :

وقفة
[27] ﴿وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ من نتعلق بهم في الدينا يرحلون وفي مدة حياتهم يبخلون وربنا يبقى بلا فناء ويعطي بلا انقطاع.
وقفة
[27] ﴿وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ سلوى لكل من فقد أعز ما يملك أن لا بقاء إلا لوجهِ الله ﷻ.
وقفة
[27] ﴿وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ إثبات صفة الوجه لله على ما يليق به سبحانه دون تشبيه أو تمثيل.
وقفة
[27] ﴿وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ لا يدوم إلا الله، ولا يبقى إلا وجهه، هذا المعنى يريحك عند فقد شيء أيًا كان، بل يجعل القلب معلقًا بدار الدوام والبقاء.
وقفة
[27] ﴿وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ عند هذه الآية يتضمد جراح فراق الأحبة.

الإعراب :

  • ﴿ وَيَبْقى وَجْهُ:
  • الواو استئنافية. يبقى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الالف للتعذر. وجه: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
  • ﴿ رَبِّكَ ذُو:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. ذو: صفة-نعت-لوجه ربك مرفوع بالواو لانه من الاسماء الخمسة.
  • ﴿ الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ:
  • مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة.والاكرام: معطوف بالواو على «الجلال» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد أن قضى اللهُ على جميع الخلائق بالفناء؛ أثبت هنا البقاء له وحده، قال تعالى:
﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ذو:
1- بالواو، صفة ل «وجه» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالياء، صفة ل «رب» ، وهى قراءة عبد الله.

مدارسة الآية : [28] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[28] فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذبان؟

{ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعَم ربكما معشر الثقلين من هذه النعم تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[28] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[28] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[28] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[28] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     ولَمَّا كان المَوتُ نفْسُه فيه نِعَمٌ لا تُنكَرُ، وكان مَوتُ ناسٍ نعمةً على ناسٍ -معَ ما ختَم به الآيةَ مِن وصفِه بالإنعامِ-؛ تعالى:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [29] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ..

التفسير :

[29] يسأله مَن في السموات والأرض حاجاتهم، فلا غنى لأحد منهم عنه سبحانه. كل يوم هو في شأن:يُعِز ويُذِلُّ، ويعطي ويَمْنع

أي:هو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، وهو واسع الجود والكرم، فكل الخلق مفتقرون إليه، يسألونه جميع حوائجهم، بحالهم ومقالهم، ولا يستغنون عنه طرفة عين ولا أقل من ذلك، وهو تعالى{ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} يغني فقيرا، ويجبر كسيرا، ويعطي قوما، ويمنع آخرين، ويميت ويحيي، ويرفع ويخفض، لا يشغله شأن عن شأن، ولا تغلطه المسائل، ولا يبرمه إلحاح الملحين، ولا طول مسألة السائلين، فسبحان الكريم الوهاب، الذي عمت مواهبه أهل الأرض والسماوات، وعم لطفه جميع الخلق في كل الآنات واللحظات، وتعالى الذي لا يمنعه من الإعطاء معصية العاصين، ولا استغناء الفقراء الجاهلين به وبكرمه، وهذه الشئون التي أخبر أنه تعالى كل يوم هو في شأن، هي تقاديره وتدابيره التي قدرها في الأزل وقضاها، لا يزال تعالى يمضيها وينفذها في أوقاتها التي اقتضته حكمته، وهي أحكامه الدينية التي هي الأمر والنهي، والقدرية التي يجريها على عباده مدة مقامهم في هذه الدار، حتى إذا تمت [هذه] الخليقة وأفناهم الله تعالىوأراد تعالى أن ينفذ فيهم أحكام الجزاء، ويريهم من عدله وفضله وكثرة إحسانه، ما به يعرفونه ويوحدونه، نقل المكلفين من دار الابتلاء والامتحان إلى دار الحيوان.

وقوله- تعالى-: يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ بيان لغناه المطلق عن غيره، واحتياج غيره إليه.

والمراد باليوم هنا: مطلق الوقت مهما قل زمنه، والشأن: الأمر العظيم، والحدث الهام..

أى: أنه- سبحانه- يسأله من في السموات والأرض، سؤال المحتاج إلى رزقه، وفضله، وستره، وعافيته.. وهو- عز وجل- في كل وقت من الأوقات، وفي كل لحظة من اللحظات، في شأن عظيم. وأمر جليل، حيث يحدث ما يحدث من أحوال في هذا الكون، فيحيى ويميت، ويعز ويذل، ويغنى ويفقر، ويشفى ويمرض.. دون أن يشغله شأن عن شأن..

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ أى: كل وقت من الأوقات، هو في شأن من الشئون، التي من جملتها إعطاء ما سألوا. فإنه- تعالى- لا يزال ينشئ أشخاصا، ويفنى آخرين، ويأتى بأحوال، ويذهب بأحوال، حسبما تقتضيه إرادته المبنية على الحكم البالغة..

أخرج البخاري في تاريخه، وابن ماجة، وجماعة عن أبى الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية: «من شأنه: أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويرفع قوما، ويخفض آخرين» .

وسأل بعضهم أحد الحكماء، عن كيفية الجمع بين هذه الآية، وبين ما صح من أن القلم قد جف بما هو كائن إلى يوم القيامة، فقال: «شئون يبديها لا شئون يبتديها» ..

وانتصب «كل يوم» على الظرفية، والعامل فيه هو العامل في قوله- تعالى-: فِي شَأْنٍ وهو ثابت المحذوف، فكأنه قيل: هو ثابت في شأن كل يوم.. .

وقوله : ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) وهذا إخبار عن غناه عما سواه وافتقار الخلائق إليه في جميع الآنات ، وأنهم يسألونه بلسان حالهم وقالهم ، وأنه كل يوم هو في شأن .

قال الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير : ( كل يوم هو في شأن ) ، قال : من شأنه أن يجيب داعيا ، أو يعطي سائلا أو يفك عانيا ، أو يشفي سقيما .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : كل يوم هو يجيب داعيا ، ويكشف كربا ، ويجيب مضطرا ويغفر ذنبا .

وقال قتادة : لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض ، يحيي حيا ، ويميت ميتا ، ويربي صغيرا ، ويفك أسيرا ، وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ، ومنتهى شكواهم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان الحمصي ، حدثنا حريز بن عثمان ، عن سويد بن جبلة - هو الفزاري - قال : إن ربكم كل يوم هو في شأن ، فيعتق رقابا ، ويعطي رغابا ، ويقحم عقابا .

وقال ابن جرير : حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ، حدثني إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ، حدثني عمرو بن بكر السكسكي ، حدثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغساني ، عن أبيه ، عن منيب بن عبد الله بن منيب الأزدي ، عن أبيه قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( كل يوم هو في شأن ) ، فقلنا : يا رسول الله ، وما ذاك الشأن ؟ قال : " أن يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، ويرفع قوما ، ويضع آخرين " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، وسليمان بن أحمد الواسطي قالا : حدثنا الوزير بن صبيح الثقفي أبو روح الدمشقي - والسياق لهشام - قال : سمعت يونس بن ميسرة بن حلبس ، يحدث عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " قال الله عز وجل : ( كل يوم هو في شأن ) قال : " من شأنه أن يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، ويرفع قوما ، ويضع آخرين " .

وقد رواه ابن عساكر من طرق متعددة ، عن هشام بن عمار ، به . ثم ساقه من حديث أبي همام الوليد بن شجاع ، عن الوزير بن صبيح قال : ودلنا عليه الوليد بن مسلم ، عن مطرف ، عن الشعبي ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره . قال : والصحيح الأول . يعني إسناده الأول .

قلت : وقد روي موقوفا ، كما علقه البخاري بصيغة الجزم ، فجعله من كلام أبي الدرداء ، فالله أعلم .

وقال البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن الحارث ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني ، عن أبيه عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كل يوم هو في شأن ) ، قال : " يغفر ذنبا ، ويكشف كربا " .

ثم قال ابن جرير : وحدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء ، دفتاه ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، عرضه ما بين السماء والأرض ، ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ، يخلق في كل نظرة ، ويحيي ويميت ، ويعز ويذل ، ويفعل ما يشاء .

وقوله: ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول تعالى ذكره: إليه يَفْزع بمسألة الحاجات كلّ من في السموات والأرض، من مَلَك وإنس وجنّ وغيرهم، لا غنى بأحد منهم عنه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ )، لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض، يُحْيي حَيا، ويُمِيت ميتا، ويربي صغيرا، ويذلّ كبيرًا، وهو مَسْأل حاجات الصالحين، ومنتهى شكواهم، وصريخ الأخيار.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يعني مسألة عباده إياه الرزق والموت والحياة، كلّ يوم هو في ذلك.

وقوله ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ )، يقول تعالى ذكره: هو كلّ يوم في شأن خلقه، فيفرج كرب ذي كرب، ويرفع قوما، ويخفض آخرين، وغير ذلك من شئون خلقه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن يونس بن خباب، والأعمش عن مجاهد، عن عبيد بن عمير، ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يجيب داعيا، ويعطي سائلا أو يفكّ عانيا، أو يشفي سقيما.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير في قوله: ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يفكّ عانيا، ويشفي سقيما، ويجيب داعيا.

وحدثني إسماعيل بن إسرائيل اللآل، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، في قوله: ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: من شأنه أن يعطي سائلا ويفك عانيا، ويجيب داعيا، ويشفي سقيما.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: كلّ يوم هو يجيب داعيا، ويكشف كربا، ويجيب مضطرًا، ويغفر ذنبا.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) يجيب داعيا، ويعطي سائلا ويفك عانيا، ويتوب على قوم، ويغفر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) قال: يخلق مخلقا، ويميت ميتا، ويحدث أمرا.

حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي، قال: ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا عمرو بن بكر السكسكي، قال: ثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغساني، عن أبيه عبدة بن رباح، عن منيب بن عبد الله الأزدي، عن أبيه قال: تلا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم هذه الآية ( كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) فقلنا: يا رسول الله، وما ذلك الشأن؟ قال: " يَغْفِرُ ذَنْبَا، ويُفَرّجُ كَرْبا، ويَرْفَعُ أقْوَاما، وَيَضَعُ آخَرِينَ ."

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: إن الله خلق لوحا محفوظا من درّة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور، وكتابه نور، عرضه ما بين السماء والأرض، ينظر فيه كلّ يوم ثلاث مئة وستين نظرة، يخلق بكل نظرة، ويُحيي ويميت، ويُعزّ ويُذلّ، ويفعل ما يشاء.

التدبر :

عمل
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أفلا تسأله؟!
وقفة
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ كلهم يسألونه، إما بلسان حالهم أو مقالهم، وهذا إخبار عن غنى الله عما سواه، وافتقار كل الخلق إليه في جميع الأوقات.
وقفة
[29] في قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ من الإنس والجن والملائكة وكل المخلوقات ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾، وفي هذا حفاوة بالدعاء والسؤال، والتعرض لنفحات ذي الجلال، فإنها مظنة تعجيل التبديل والتغيير، فإذا سألوه وألحوا في سؤالهم، كان من شأنه أن يجيب سائلهم، ويغير أحوالهم من الهوان والتخلف، والجهل، والمرض، والفرقة، والضياع إلى الرفعة، والمجد، والعلم، والعافية، والاتحاد. وهذه مناسبة اتصال أول الآية بآخرها.
اسقاط
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ يسأله جبريلُ وله ستمائةُ جَناحٍ، وأنا الفقيرُ الحَائرُ كيف لا أسألُه؟!
عمل
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ لا تيأس، غدًا أجمل.
وقفة
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ يغفر ذنبًا، يكشف كربًا، يشفي مريضًا، يجيب داعيًا، يعطي سائلًا، ينصر مظلومًا، يرحم ميتًا، سبحانك ما أعظمك.
وقفة
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ كل المخلوقـات تسـأل رب السماء، ألا تسأله أنت وتتضرع في الدعاء، أبشر فإنه كريم ذو الجود والعطاء.
عمل
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ تتغير الأحوال والشؤون بالدعاء والأسئلة، قل: يا رب.
وقفة
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ تأمل حرف (في) هنا الله تعالى في أمر شأنك وحاجتك وهمك.
عمل
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ شؤون العالم تتغير بالسؤال والدعاء؛ غيَّر شؤونك، واسأل حاجاتك وقل: «يا رب».
وقفة
[29] ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ ملايين الأصوات في السماء والأرض عرفت الطريق إلي حوائجها؛ فيا لخيبة من ضل السبيل, وحرم سؤال المجيب الجليل!
وقفة
[29] في اللحظة الواحدة ولادة ووفاة، ونكاح وطلاق، وفرح وحزن، وتهنئة وتعزية، ذاك ينال منصبًا، وآخر ينزع منه ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾.
وقفة
[29] افتقار الخلق كلهم إلى الله تعالى ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾.
وقفة
[29] أهمية الخشية والخوف من الله سبحانه وتعالى ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾.
عمل
[29] تعرف على عظمة الله تعالى بقراءتك في معنى ﴿يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾.
عمل
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ لا تقلق من غدك، غدًا شأنٌ آخر.
عمل
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ ثق بأن حزن اليوم سينقضي، وهزيمة اليوم ستنقضي، ومجرم اليوم سيقصم ويُباد، فقط ثق بموعوده ونصره.
عمل
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ فحبات المطر المصحوبة بالدعاء قادرة بمشيئة منزلها أن تغير شؤونك؛ كن واثقًا.
وقفة
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ يكشف كربًا، ويغفر ذنبًا، ويعطي رزقًا، ويشفي مريضًا، ويعافي مبتلى، ويفك مأسورًا، ويجبر كسيرًا، للجنة من يرافقني.
وقفة
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ اللهم أصلحنا واجعلنا أهلًا لنصرك، وأسمعنا من أخبار الشام ما تسكن به قلوبنا، وتطمئن نفوسنا، ونكون عليه من الشاهدين.
وقفة
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ روى أبو الدرداء عن النبي ﷺ قال: مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا، وَيُفَرِّجَ كَرْبًا، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين.
وقفة
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ اليوم شأن، وغدًا شأن آخر.
عمل
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ لا تيأس من حال اليوم، غدًا أجمل.
وقفة
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ يغني فقيرًا، ويجبر كسيرًا، ويعطي قومًا ويمنع آخرين، ويميت ويحيي، ويرفع ويخفض، لا يشغله شأن عن شأن سبحانه.
وقفة
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ يغفر ذنبًا، ويُفرِّج همًّا، ويكشف كربًا، ويجبر كسيرًا، ويُغني فقيرًا، ويعلِّم جاهلاً، ويهدي ضالًّا، ويرشد حيرانًا، ويُغيث لهفانًا، ويفكُّ عانيًا، ويُشبع جائعًا، ويكسو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويُعافي مبتلى، ويَقبل تائبًا، ويجزي مُحسنًا، وينصر مظلومًا، ويَقصِم جبارًا، ويُقيل عثرة، ويستر عورة، ويُؤمِّن رَوعة، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين.
تفاعل
[29] ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ قال أبو الدرداء: «يغفر ذنبًا ويكشف كربًا ويجيب داعيًا»، قل: «ربِّ اغفر ذنوبنا ويسّر أمورنا واستجب لنا».
وقفة
[29] أمطار بلا موعد تخبرنا بأن الله قادر على تغيير الأحوال في طرفة عين، فـلا تيأس وإن طال هـمـك فـ ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾.
وقفة
[29] قال عبيد بن عمير: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ من شأنه أن يجيب داعيًا، أو يعطي سائلًا، أو يفك عانيًا، أو يشفي سقيمًا.
عمل
[29] إشراقة الشمس تذكر بانتظار فضل الله ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾، أحسن ظنك بربك، وأبشر.
وقفة
[29] كُل صباح يحتاج فألًا متجددًا مع الله، لأنَّه تعالى: ﴿كل يوم هو في شأن﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يَسْئَلُهُ مَنْ:
  • فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ فِي السَّماواتِ:
  • جار ومجرور متعلق بفعل مضمر تقديره استقر او وجد او هو كائن. وجملة «استقر في السماوات» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ وَالْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها. وحذف مفعول «يسأل» الثاني اختصارا لانه معلوم من السياق اي يسأله سبحانه الخلق جميعا قضاء حاجاتهم.
  • ﴿ كُلَّ يَوْمٍ:
  • مفعول فيه-ظرف زمان-منصوب على الظرفية وهو مضاف.يوم: مضاف اليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ هُوَ فِي شَأْنٍ:
  • ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. في شأن: جار ومجرور متعلق بخبر «هو» بمعنى: كل وقت وحين يحدث امورا ويجدد أحوالا اي هو كل يوم في شأن جديد'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     ولَمَّا كانَ ما ذُكِرَ يتضمنُ الافتقار والاحتِياجَ إليه تعالى؛ بَيَّنَ هنا أنَّ هذا الاحتِياجَ عامٌّ في أهلِ الأرضِ وأهلِ السَّماءِ، فالجَميعُ يَسألونَه، قال تعالى:
﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[30]فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نِعَم ربكما معشر الجنّ والإنس، التي أنعم عليكم من صرفه إياكم في مصالحكم، وما هو أعلم به منكم من تقليبه إياكم، فيما هو أنفع لكم تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[30] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[30] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قال ابن تيمية: «ليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد من كل خطاب».
تفاعل
[30] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
عمل
[30] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [31] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

التفسير :

[31]سنغرغ لحسابكم ومجازاتكم بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا، أيها الثقلان -الإنس والجن- فنعاقب أهل المعاصي، ونثيب أهل الطاعة.

{ سَنَفْرُغُ لكم أيها الثقلان فبأي آلاء ربكما تكذبان} أي:سنفرغ لحسابكم ومجازاتكم بأعمالكم التي عملتموها في دار الدنيا.

ثم هدد- سبحانه- الذين يخالفون عن أمره تحذيرا شديدا، فقال: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

وجيء بحرف التنفيس الدال على القرب وهو السين للإشعار بتحقق ما أخبر به- سبحانه-.

وقوله: سَنَفْرُغُ من الفراغ، وهو الخلو عما يشغل..

والمراد به هنا: القصد إلى الشيء والإقبال عليه، يقال: فلان فرغ لفلان وإليه، إذا قصد إليه لأمر ما ...

والثقلان: تثنية ثقل- بفتحتين-، وأصله كل شيء له وزن وثقل، والمراد بهما هنا:

الإنس والجن.

والمعنى: سنقصد يوم القيامة إلى محاسبتكم على أعمالكم، وسنجازيكم عليها بما تستحقون، وسيكون هذا شأننا- أيها الثقلان- في هذا اليوم العظيم.

قال صاحب الكشاف: قوله: سَنَفْرُغُ لَكُمْ مستعار من قول الرجل لمن يتهدده، سأفرغ لك، يريد سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنك، حتى لا يكون لي شغل سواه، والمراد: التوفر على النكاية فيه، والانتقام منه.

ويجوز أن يراد ستنتهى الدنيا وتبلغ آخرها، وتنتهي عند ذلك شئون الخلق التي أرادها بقوله- تعالى-: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ، فلا يبقى إلا شأن واحد، وهو جزاؤكم، فجعل ذلك فراغا لهم على طريق المثل ... .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( سنفرغ لكم أيها الثقلان ) ، قال : وعيد من الله للعباد ، وليس بالله شغل وهو فارغ . وكذا قال الضحاك : هذا وعيد . وقال قتادة : قد دنا من الله فراغ لخلقه . وقال ابن جريج : ( سنفرغ لكم ) أي : سنقضي لكم .

وقال البخاري : سنحاسبكم ، لا يشغله شيء عن شيء ، وهو معروف في كلام العرب ، يقال لأتفرغن لك " وما به شغل ، يقول : " لآخذنك على غرتك " .

وقوله : ( أيها الثقلان ) الثقلان : الإنس والجن ، كما جاء في الصحيح : " يسمعها كل شيء إلا الثقلين " وفي رواية : " إلا الجن والإنس " . وفي حديث الصور : " الثقلان الإنس والجن "

القول في تأويل قوله تعالى : سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ (31)

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض المكيين (سَنَفَرغُ لَكُمْ ) بالنون. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( سَيَفرغ لَكُمْ ) بالياء، وفتحها ردّا على قوله: يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، ولم يقل : يسألنا من في السموات، فأتبعوا الخبر الخبر.

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب.

وأما تأويله : فإنه وعيد من الله لعباده وتهدد، كقول القائل الذي يتهدّد غيره ويتوعده، ولا شغل له يشغله عن عقابه، لأتفرغنّ لك، وسأتفرّغ لك، بمعنى: سأجدّ في أمرك وأعاقبك، وقد يقول القائل للذي لا شغل له: قد فرغت لي، وقد فرغت لشتمي: أي أخذت فيه، وأقبلت عليه، وكذلك قوله جلّ ثناؤه: (سَنَفْرغُ لَكُمْ ): سنحاسبكم، ونأخذ في أمركم أيها الإنس والجنّ، فنعاقب أهل المعاصي، ونثيب أهل الطاعة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ )، قال: وَعيد من الله للعباد، وليس بالله شغل، وهو فارغ.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة أنه تلا( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ) قال: دنا من الله فراغ لخلقه.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن جُويبر، عن الضحاك ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ )، قال: وعيد، وقد يحتمل أن يوجه معنى ذلك إلى: سنفرغ لكم من وعدناكم ما وعدناكم من الثواب والعقاب.

التدبر :

وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ أي ننظر في أموركم يوم القيامة، لا أنه سبحانه وتعالى كان له شغل فيفرغ منه.
وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ ليس المراد منه الفراغ عن شغل؛ لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، ولكنه وعيد من الله تعالى للخلق بالمحاسبة.
وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ وسمى الجن والإنس ثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى غيرهما من حيوانات الأرض، وقيل: سموا بذلك لأنهم ثقل على الأرض أحياء وأمواتًا؛ كما في قوله: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: 2]، وقال جعفر الصادق: سميا ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب.
وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ آية تنخلع القلوب الواعية خوفًا ورهبة! وعيد من الخالق وتهديد للثقلين الضعيفين فهل نخاف وعيد؟!
وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ قال بعضهم: «لو توعدني خفير الحي لما بت تلك الليلة، فكيف بالله سبحانه!»، اللهم أجرنا من غضبك ونيرانك.
وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ إن الله سبحانه لا يشغله شئ عن شئ , فكيف إذا توعد عباده بأنه سيفرغ لحسابهم وجزائهم؟!
وقفة
[31] ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾ أي سنقصد لحسابكم، فهو وعيدٌ وتهديدٌ لهم، فالفراغ هنا بمعنى القصدُ للشيء، لا بمعنى الفراغ منه، إذ معنى الفراغ من الشيء، بذلُ المجهود فيه، وهذا لا يُقال في حقه تعالى.

الإعراب :

  • ﴿ سَنَفْرُغُ:
  • السين حرف تسويف-استقبال-.نفرغ: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن.
  • ﴿ لَكُمْ أَيُّهَ:
  • جار ومجرور متعلق بنفرغ والميم علامة جمع الذكور. اي: منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى لتضمنه معنى الخطاب مبني على الضم في محل نصب. و «ها» زائدة للتنبيه سقطت ألفها لالتقاء الساكنين.
  • ﴿ الثَّقَلانِ:
  • صفة-نعت-لاي لانها مشتقة وليست جامدة مرفوعة بالالف لانها مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى سنتجرد لحسابكما. وفي القول استعارة فيه معنى التهديد. و «الثقلان» هما الانس والجن. وجاءت الثقلان صفة للمنادى «أيّ» على لفظه لا محل له.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [31] لما قبلها :     وبعد بيانِ فناءِ جميعِ المخلوقاتِ؛ هَدَّدَ اللهُ الذين يخالفون عن أمرِه تحذيرًا شديدًا، قال تعالى:
﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

سنفرغ:
1- بالنون وضم الراء، من «فرغ» بفتح الراء، وهى لغة الحجاز، وبها قرأ الجمهور.
وقرئ:
2- بالنون وفتح الراء، مضارع «فرغ» بكسرها وهى تميمية، وهى قراءة قتادة، والأعرج.
3- بكسر النون وفتح الراء، وهى لغة سفلى مضر، وهى قراءة أبى السمال، وعيسى.
4- بفتح النون وكسر الراء، ورويت عن عيسى أيضا.
5- بياء الغيبة، مفتوحة وضم الراءة، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وأبى حيوة، وزيد بن على.
6- بضم الياء وفتح الراء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة الأعمش، وأبى حيوة، بخلاف عنهما، وابن أبى عبلة، والزعفراني.
7- بفتح الياء والراء، ورويت عن الأعرج أيضا، ويونس، والجعفي، وعبد الوارث، عن أبى عمرو.

مدارسة الآية : [32] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[32] فبأيِّ نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) : فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين التي أنعمها عليكم، من ثوابه أهل طاعته، وعقابه أهل معصيته تكذّبان؟.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[32] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[32] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[32] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[32] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [32] لما قبلها :     ولَمَّا كان ما تقدَّم مِن أجَلِّ النِّعَمِ الَّتي يَدورُ عليها العِبادُ، ويَصلُحُ بها البِلادُ؛ لأنَّ مُطلَقَ التَّهديدِ يَحصُلُ به انزِجارُ النَّفْسِ عَمَّا لها مِنَ الانتِشارِ فيما يَضُرُّ ولا يَنفَعُ، فكيف بالتَّهديدِ بيَومِ الفَصلِ؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [33] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ ..

التفسير :

[33] يا معشر الجن والإنس، إن قَدَرْتم على النفاذ من أمر الله وحكمه هاربين من أطراف السموات والأرض فافعلوا، ولستم قادرين على ذلك إلا بقوة وحجة، وأمر من الله تعالى، وأنَّى لكم ذلك، وأنتم لا تملكون لأنفسكم نفعاً ولا ضرّاً؟

أي:إذا جمعهم الله في موقف القيامة، أخبرهم بعجزهم وضعفهم، وكمال سلطانه، ونفوذ مشيئته وقدرته، فقال معجزا لهم:{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي:تجدون منفذا مسلكا تخرجون به عن ملك الله وسلطانه،{ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} أي:لا تخرجون عنه إلا بقوة وتسلط منكم، وكمال قدرة، وأنى لهم ذلك، وهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا؟! ففي ذلك الموقف لا يتكلم أحد إلا بإذنه، ولا تسمع إلا همسا، وفي ذلك الموقف يستوي الملوك والمماليك، والرؤساء والمرءوسون، والأغنياء والفقراء.

وقوله- سبحانه-: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا ... مقول لقول محذوف، دل عليه ما قبله.

والمعشر- برنة مفعل- اسم للجمع الكثير الذي يعد عشرة فعشرة.

وقوله: تَنْفُذُوا من النفاذ بمعنى الخروج من الشيء، والأمر منه وهو قوله:

فَانْفُذُوا مستعمل في التعجيز. والأقطار: جمع قطر- بضم القاف وسكون الطاء- وهو الناحية الواسعة..

والمعنى: سنقصد إلى محاسبتكم ومجازاتكم على أعمالكم يوم القيامة، وسنقول لكم على سبيل التعجيز والتحدي. يا معشر الجن والإنس، إن استطعتم أن تنفذوا وتخرجوا من جوانب السموات والأرض ومن نواحيهما المتعددة.. فانفذوا واخرجوا، وخلصوا أنفسكم من المحاسبة والمجازاة..

وجملة: لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ بيان للتعجيز المتمثل في قوله- تعالى- فَانْفُذُوا، والسلطان المراد به هنا: القدرة والقوة.

أى: لا تنفذون من هذا الموقف العصيب الذي أنتم فيه إلا بقدرة عظيمة، وقوة خارقة، تزيد على قوة خالقكم الذي جعلكم في هذا الموقف، وأنى لكم هذه القوة التي أنتم أبعد ما تكونون عنها؟.

فالمقصود بالآية الكريمة، تحذير الفاسقين والكافرين، من التمادي في فسقهم وكفرهم، وبيان أنهم سيكونون في قبضة الله- تعالى- وتحت سلطانه، وأنهم لن يستطيعوا الهروب من قبضته وقضائه فيهم بحكمه العادل.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ. وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ. كَلَّا لا وَزَرَ. إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ .

ثم قال : ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ) أي : لا تستطيعون هربا من أمر الله وقدره ، بل هو محيط بكم ، لا تقدرون على التخلص من حكمه ، ولا النفوذ عن حكمه فيكم ، أينما ذهبتم أحيط بكم ، وهذا في مقام المحشر ، الملائكة محدقة بالخلائق ، سبع صفوف من كل جانب ، فلا يقدر أحد على الذهاب ( إلا بسلطان ) أي : إلا بأمر الله ، ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ) [ القيامة : 10 - 12 ] . وقال تعالى : ( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [ يونس : 27 ] ; ولهذا قال :

وقوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا ): اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا )، فقال بعضهم: معنى ذلك : إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السموات والأرض، فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم؛ فجوزوا ذلك، فإنكم لا تجوزونه إلا بسلطان من ربكم. قالوا : وإنما هذا قول يقال لهم يوم القيامة. قالوا: ومعنى الكلام: سنفرغ لكم أيها الثقلان، فيقال لهم ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا ).

* ذكر من قال ذلك:

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، قال: " إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشقَّقت بأهلها، ونـزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها بالثانية، ثم بالثالثة، ثم بالرابعة، ثم بالخامسة، ثم بالسادسة، ثم بالسابعة، فصفوا صفا دون صف، ثم ينـزل الملك الأعلى على مجنبِّته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندوّا، فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ، وذلك قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ، وقوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ )، وذلك قوله: وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض، فانفذوا هاربين من الموت، فإن الموت مُدرككم، ولا ينفعكم هربكم منه.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ ) .... الآية، يعني بذلك أنه لا يجيرهم أحد من الموت، وأنهم ميتون لا يستطيعون فرارا منه، ولا محيصا، لو نفذوا أقطار السموات والأرض كانوا في سُلطان الله، ولأخذهم الله بالموت.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) يقول: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموه، لن تعلموه إلا بسلطان، يعني البينة من الله جلّ ثناؤه.

وقال آخرون : معنى قوله: ( لا تَنْفُذُونَ ): لا تخرجون من سلطاني.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ): يقول: لا تخرجون من سلطاني .

وأما الأقطار فهي جمع قُطْر، وهي: الأطراف.

كماحدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) قال: من أطرافها.

وقوله جلّ ثناؤه وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا يقول: من أطرافها.

وأما قوله: ( إلا بسُلْطانٍ )، فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم معناه : إلا ببينة وقد ذكرنا ذلك قبل.

وقال آخرون: معناه: إلا بحجة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل، عن عكرِمة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) قال: كلّ شيء في القرآن سلطان فهو حجة.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( بسُلْطانٍ ) قال: بحجة.

وقال آخرون : بل معنى ذلك: إلا بملك وليس لكم ملك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) قال: لا تنفذون إلا بملك، وليس لكم ملك.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ ) قال: إلا بسلطان من الله، إلا بملكة منه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ )، يقول: إلا بملكة من الله.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: إلا بحجة وبينة، لأن ذلك هو معنى السلطان في كلام العرب، وقد يدخل الملك في ذلك، لأن الملك حجة.

التدبر :

وقفة
[33] مواطن تقديم الجن على الإنس: جاء تقديم الجن في القرآن الكريم، وحيث قدم الجن فإن السياق يتحدث عن خصوصية لهم تميزوا بها أكثر من غيرهم، ومنه: ﴿يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا﴾ هذا الأمر الأقرب له الجن، للخوارق التي تميزوا بها؛ فقدمهم القرآن عناية بهم.
تفاعل
[33] ﴿يا مَعشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ استَطَعتُم أَن تَنفُذوا مِن أَقطارِ السَّماواتِ وَالأَرضِ فَانفُذوا لا تَنفُذونَ إِلّا بِسُلطانٍ﴾ قل الآن: «ليس معنا قوة ولا سلطان يا رب، نحن عباد ضعفاء لا نملك من أمرنا شيئًا؛ فاشملنا برحمتك وعفوك يا كريم».
وقفة
[33] ﴿فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾، ﴿لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ [الكهف: 109]، ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ [النحل: 96] الفرق بين (ينفذ) و(ينفد): ينفذ: يخترق، ينفد: ينتهي.
وقفة
[33] ﴿فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ هل نفهم من هذه الآية الكريمة امتناع قدرة الإنسان علي السفر عبر الفضاء؟ الجواب: استدل بها بعض المعاصرين على عكس ذلك، وفسروا السلطان بالعلم، والظاهر أنها لا تدل على الإمكان ولا على الامتناع، وسياق الآيات قبلها يدل على أن هذا التحدي يكون يوم القيامة؛ لأنه لامفر لهم، ثم أعقب ذلك بذكر الجزاء، والمفسرون ذكروا أنها للتهديد والتعجيز.
وقفة
[33] ﴿لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ أي لا تستطيعون هربًا من أمر الله وقدره، بل هو محيط بكم، لا تقدرون على التخلص من حكمه، ولا النفوذ عن حكمه فيكم، أينما ذهبتم أحيط بكم، وهذا في مقام الحشر، الملائكة محدقة بالخلائق سبعة صفوف من كل جانب، فلا يقدر أحد على الذهاب إلا بسلطان أي إلا بأمر الله.
وقفة
[33] ﴿لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾ وجميعكم لا يقدر على خلاف ما أراد الله، فلا مفر من القضاء، ولا مهرب من القدر.

الإعراب :

  • ﴿ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ:
  • بدل-ترجمة-أي تفسير لقوله تعالى-أيه الثقلان-.يا: اداة نداء. معشر: منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجن: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والانس:معطوفة بالواو على «الجن» مجرورة مثلها بالكسرة.
  • ﴿ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ:
  • حرف شرط‍ جازم كسر آخره لالتقاء الساكنين. استطعتم:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط‍ في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل-ضمير المخاطبين-مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
  • ﴿ أَنْ تَنْفُذُوا:
  • حرف مصدري ناصب. تنفذوا: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «تنفذوا» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الإعراب. و «ان» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به. التقدير: النفاذ بمعنى: ان استطعتم الخروج هاربين.
  • ﴿ مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ:
  • جار ومجرور متعلق بتنفذوا.السموات: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض: معطوفة بالواو على «السموات» مجرورة مثلها بالكسرة.
  • ﴿ فَانْفُذُوا:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن. والفاء واقعة في جواب الشرط‍ -جزائه-.انفذوا: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ لا تَنْفُذُونَ:
  • لا نافية لا عمل لها تفيد هنا الاستدراك. تنفذون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ولكنكم لا تستطيعون ان تنفذوا.
  • ﴿ إِلاّ بِسُلْطانٍ:
  • اداة حصر لا عمل لها. بسلطان: جار ومجرور متعلق بتنفذون اي الا بحجة وسلطان وقوة.'

المتشابهات :

الأنعام: 130﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي
الرحمن: 33﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [33] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَهم اللهُ بيومِ القيامةِ؛ ذَكَرَ هنا أنَّه لا مهرب في هذا اليوم من مجازاة كل عامل على عمله، قال تعالى:
﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

استطعتم:
1- على خطاب الجماعة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- استطعتما، على التثنية، وهى قراءة زيد بن على.

مدارسة الآية : [34] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[34]فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ )، يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما تكذّبان معشر الثقلين التي أنعمت عليكم -من التسوية بين جميعكم، لا يقدرون على خلاف أمر أراده بكم- تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[34] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[34] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قال ابن تيمية: «ليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد من كل خطاب».
تفاعل
[34] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
وقفة
[34] ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ كل مرة تأتى تلك الآية الكريمة بمعنىً موافق لما قبلها، فأى إعجاز هذا!
وقفة
[34] ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ كيف يجرؤون على الكذب والآئه ونعمه ملء السمع والبصر؟
عمل
[34] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [34] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [35] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ ..

التفسير :

[35] يُرْسَل عليكم لهب من نار، ونحاس مذاب يُصَبُّ على رؤوسكم، فلا ينصر بعضكم بعضاً يا معشر الجن والإنس.

ثم ذكر ما أعد لهم في ذلك الموقف العظيمفقال:{ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شواظ من نار [ونحاس فلا تنصران فبأي آلاء ربكما تكذبان} أي:يرسل عليكما] لهب صاف من النار.

{ ونحاس} وهو اللهب، الذي قد خالطه الدخان، والمعنى أن هذين الأمرين الفظيعين يرسلان عليكما يا معشر الجن والإنس، ويحيطان بكما فلا تنتصران، لا بناصر من أنفسكم، ولا بأحد ينصركم من دون الله.

وقوله- سبحانه-: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ استئناف في جواب سؤال مقدر عما سيصيبهم إذا ما حاولوا الفرار.

والشواظ: اللهب الذي لا يخالطه دخان، لأنه قد تم اشتعاله فصار أشد إحراقا.

والنحاس: المراد به هنا الدخان الذي لا لهب فيه، ويصح أن يراد به: الحديد المذاب.

أى: أنتم لا تستطيعون الهرب من قبضتنا بأى حال من الأحوال، وإذا حاولتم ذلك، أرسلنا عليكم وصببنا على رءوسكم لهبا خالصا فأحرقكم، ودخانا لا لهب معه فكتم أنفاسكم، وفي هذه الحالة لا تنتصران. ولا تبلغان ما تبغيانه، ولا تجدان من يدفع عنكم عذابنا وبأسنا.

هذا والمتأمل في تلك الآيات الكريمة. يراها قد صورت بأسلوب بديع تفرد الله- تعالى- بالملك والبقاء، وافتقار الخلائق جميعا إلى عطائه، وأنهم جميعا في قبضته، ولن يستطيعوا الهروب من حكمه فيهم..

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك جانبا من أهوال يوم القيامة، ومن العذاب الذي يحيط بالمجرمين، وينزل بهم، فقال- تعالى-:

( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الشواظ : هو لهب النار .

وقال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : الشواظ : الدخان .

وقال مجاهد : هو : اللهيب الأخضر المنقطع . وقال أبو صالح الشواظ هو اللهيب الذي فوق النار ودون الدخان . وقال الضحاك : ( شواظ من نار ) سيل من نار .

وقوله : ( ونحاس ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ونحاس ) دخان النار . وروي مثله عن أبي صالح ، وسعيد بن جبير ، وأبي سنان .

قال ابن جرير : والعرب تسمي الدخان نحاسا - بضم النون وكسرها - والقراء مجمعة على الضم ، ومن النحاس بمعنى الدخان قول نابغة جعدة :

يضيء كضوء سراج السلي ط لم يجعل الله فيه نحاسا

يعني : دخانا ، هكذا قال .

وقد روى الطبراني من طريق جويبر ، عن الضحاك ; أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن الشواظ فقال : هو اللهب الذي لا دخان معه . فسأله شاهدا على ذلك من اللغة ، فأنشده قول أمية بن أبي الصلت في حسان :

ألا من مبلغ حسان عني مغلغلة تدب إلى عكاظ

أليس أبوك فينا كان قينا لدى القينات فسلا في الحفاظ

يمانيا يظل يشد كيرا وينفخ دائبا لهب الشواظ

قال : صدقت ، فما النحاس ؟ قال : هو الدخان الذي لا لهب له . قال : فهل تعرفه العرب ؟ قال : نعم ، أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول

يضيء كضوء سراج السليط لم يجعل الله فيه نحاسا

وقال مجاهد : النحاس : الصفر ، يذاب فيصب على رءوسهم . وكذا قال قتادة . وقال الضحاك : ( ونحاس ) سيل من نحاس .

والمعنى على كل قول : لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار والنحاس المذاب عليكم لترجعوا ; ولهذا قال : ( فلا تنتصران)

القول في تأويل قوله تعالى : يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ (35)

يقول تعالى ذكره ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا ) أيها الثقلان يوم القيامة ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ )، وهو لهبها من حيث تشتعل وتؤجَّج بغير دخان كان فيه ومنه قول رُؤْبة بن العجَّاج:

إنَّ لَهُــمْ مِــنْ وَقْعِنــا أقْياظــا

ونــارُ حَــرْب تُسْــعِرُ الشُّـوَاظا (3)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ )، يقول: لَهَب النار.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) يقول: لهب النار.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: لهب النار.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد الزُّبيري، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: اللهب المتقطع. (4)

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشُّواظ: الأخضر المتقطع من النار.

قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد في قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشواظ : هذا اللهب الأخضر المتقطع من النار.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، في قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشواظ: اللهب الأخضر المتقطع من النار.

قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن الضحاك: ( الشُّوََاظُ ): اللهب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) : أي لهب من نار.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: لهب من نار.

وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ) قال: الشواظ: اللهب، وأما النحاس فالله أعلم بما أراد به.

ذكر من قال ذلك:

وقال آخرون : الشُّواظ : هو الدخان الذي يخرج من اللهب.

* ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ ): الدخان الذي يخرج من اللهب ليس بدخان الحطب.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( شُوَاظٌ ) ، فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والبصرة، غير ابن أبي إسحاق (شُوَاظٌ ) بضم الشين، وقرأ ذلك ابن أبي إسحاق، وعبد الله بن كثير ( شِوَاظٌ مِنْ نارٍ ) بكسر الشين، وهما لغتان، مثل الصوار من البقر، والصّوار بكسر الصاد وضمها. وأعجب القراءتين إليّ ضمّ الشين، لأنها اللغة المعروفة، وهي مع ذلك قراءة القرّاء من أهل الأمصار.

وأما قوله: ( ونُحاسٌ )، فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به، فقال بعضهم: عُنِي به الدخان.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا موسى بن عمير، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله: ( وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ ) قال: النحاس: الدخان.

حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: ( ونُحاسٌ ): دخان النار.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( ونُحاسٌ ): قال: دخان.

وقال آخرون : عني بالنحاس في هذا الموضع: الصُّفر.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( ونُحاسٌ ) قال: النحاس: الصفر يعذّبون به.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( ونُحاسٌ ) قال: يذاب الصفر من فوق رءوسهم.

قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد ( ونُحاسٌ ) قال: يذاب الصفر فيصبّ على رأسه.

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، ( ونُحاسٌ ): يذاب الصفر فيصبّ على رءوسهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، ( ونُحاسٌ ) قال: توعدهما بالصُّفر كما تسمعون أن يعذّبهما به.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ ) قال: يخوّفهم بالنار وبالنحاس.

وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: عُنِي بالنحاس: الدخان، وذلك أنه جلّ ثناؤه ذكر أنه يرسل على هذين الحيَّين شواظ من نار، وهو النار المحضة التي لا يخلطها دخان. والذي هو أولى بالكلام أنه توعدهم بنار هذه صفتها أن يُتبع ذلك الوعد بما هو خلافها من نوعها من العذاب، دون ما هو من غير جنسها، وذلك هو الدخان، والعرب تسمي الدخان نُحاسا بضم النون، ونحاسا بكسرها، والقرّاء مجمعة على ضمها، ومن النُّحاس بمعنى الدخان، قول نابغة بني ذُبيان:

يَضُــوءُ كَضَــوْء سِـرَاج السَّـلي

ط لْــم يجْــعَل اللــهُ فيـهِ نُحاسـا (5)

يعني : دخانا.

وقوله: ( فَلا تَنْتَصِرَانِ ) يقول تعالى ذكره: فلا تنتصران أيها الجنّ والإنس منه، إذا هو عاقبكما هذه العقوبة، ولا تُستنقذان منه.

كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( فَلا تَنْتَصِرَانِ ) قال: يعني الجنّ والإنس.

--------------------

الهوامش :

(3) البيتان في ديوان العجاج ( طبع ليبسج 81 )، وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة ( الورقة 173 ) ولم يظهر اسم الشاعر، قال عند قوله تعالى ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس ) : شواظ ( بضم أوله ) وشواظ ( بكسر أوله ) ( ضبط قلم ) : واحد .وهو النار التي تأجج لا دخان فيها .

قال : " إن لهم من وقعنا " ... البيتين، وفي ( اللسان : شوظ ) والشواظ والشوظ ( بضم الأول وكسر الثاني ) : اللهب الذي لا دخان فيه . وقال رؤبة: " إن لهم ... البيتين " . وفي التنزيل العزيز: ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس ) . قال الفراء : أكثر القراء قرءوا شواظ (بالضم) وكسر الحسن الشين ، كما قالوا لجماعة البقر صوار صوار . ا هـ .

(4) المتقطع : كذا في الأصل . وهو كذلك بالشوكاني ( 5 : 134 ) .

(5) البيت لنابغة بني جعدة مجاز القرآن ( الورقة 173 - ب ) وحرف الناسخ اسمه، فقال كنابغة بني ذبيان في تفسير المؤلف هذا . قال أبو عبيدة عند قوله تعالى : " ونحاس " : نحاس ونحاس ( بضم أوله وكسره، ضبط قلم ) والنحاس: الدخان، قال نابغة بني جعدة " تضيء كضوء .... البيت " وفي أوله : تضيء بالياء، لا بالواو، كما كتبه ناسخ التفسير . (وفي اللسان ضوأ) ضاء السراج يضوء، وأضاء يضيء. قال: واللغة الثانية هي المختارة . ا ه.

التدبر :

وقفة
[35] ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ﴾ تنويع عذاب الكافر.
وقفة
[35، 36] ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ أي: يرسل عليكما لهب صاف من النار، ونحاس، والمعنى: أن هذين الأمرين الفظيعين يرسلان عليكما يا معشر الجن والإنس، ويحيطان بكما فلا تنتصران؛ لا بناصر من أنفسكم، ولا بأحد ينصركم من دون الله، ولما كان تخويفه لعباده نعمة منه عليهم، وسوطًا يسوقهم به إلى أعلى المطالب وأشرف المواهب، امتن عليهم فقال: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ‍:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. عليكما: جار ومجرور متعلق بيرسل. و «ما» علامة التثنية.شواظ‍: نائب فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ:
  • جار ومجرور متعلق بصفة لشواظ‍ لان «من» حرف جر بياني. ونحاس: معطوفة بالواو على «شواظ‍» مرفوعة مثلها بالضمة. اي لهب خالص منبعث من نار ودخان
  • ﴿ فَلا تَنْتَصِرانِ:
  • الفاء سببية. لا: نافية لا عمل لها. تنتصران: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والالف ضمير متصل-ضمير الاثنين-مبني على السكون في محل رفع فاعل اي فلا تمتنعان.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [35] لما قبلها :     ولَمَّا هَدَّدَهم اللهُ بيومِ القيامةِ، وبَيَّنَ أنَّه لا مهرب في هذا اليوم؛ بَيَّنَ هنا ما أعد لهم في ذلك الموقف العظيم، قال تعالى:
﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يرسل:
وقرئ:
ترسل، بالنون، و «شواظا» بالنصب، وهى قراءة زيد بن على.
شواظ:
1- بضم الشين، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة عيسى، وابن كثير، وشبل.
3- شواظا، بالنصب، وهى قراءة زيد بن على، حيث قرأ «نرسل».
نحاس:
1- بالرفع، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بالجر، وهى قراءة ابن أبى إسحاق، والنخغى، وابن كثير، وأبى عمرو.
3- ونحاسا، عطفا على «وشواظا» ، وهى قراءة زيد بن على.
4- بكسر النون والسين، وهى قراءة الكلبي، وطلحة، ومجاهد.
5- ونحس، كما تقول: يوم نحس، وهى قراءة ابن جبير.
6- ونحس، مضارع «حسه» ، أي: قتله، وهى قراءة عبد الرحمن بن أبى بكر، وابن أبى إسحاق،.

مدارسة الآية : [36] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[36]فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

ولما كان تخويفه لعباده نعمة منه عليهم، وسوطا يسوقهم به إلى أعلى المطالب وأشرف المواهب، امتن عليهمفقال:{ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[36] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[36] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[36] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[36] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [36] لما قبلها :     ولَمَّا كان تخويفُه سُبحانَه لعِبادِه نِعمةً مِنه عليهم، وسَوطًا يَسوقُهم به إلى أعلى المَطالِبِ، وأشرَفِ المواهِبِ؛ امتَنَّ عليهم هنا، قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [37] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً ..

التفسير :

[37] فإذا انشقت السماء وتفطَّرت يوم القيامة، فكانت حمراء كلون الورد، وكالزيت المغلي والرصاص المذاب؛ من شدة الأمر وهول يوم القيامة.

{ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ} [أي] يوم القيامة من شدة الأهوال، وكثرة البلبال، وترادف الأوجال، فانخسفت شمسها وقمرها، وانتثرت نجومها،{ فَكَانَتْ} من شدة الخوف والانزعاج{ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} أي:كانت كالمهل والرصاص المذاب ونحوه

وجواب «إذا» في قوله- سبحانه-: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ محذوف لتهويل أمره..

وقوله- سبحانه-: فَكانَتْ وَرْدَةً تشبيه بليغ، أى: فكانت كالوردة في الحمرة.

والوردة جمعها ورود، وهي زهرة حمراء معروفة ذات أغصان شائكة. والدهان: ما يدهن به الشيء.. أى: فإذا انشقت السماء، فصارت حين انشقاقها وتصدعها، كالوردة الحمراء في لونها، وكالدهان الذي يدهن به الشيء في ذوبانها وسيلانها، رأيت ما يفزع القلوب، ويزلزل النفوس من شدة الهول.

وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا. الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً .

وقوله- سبحانه-: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ، وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ. وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ.. .

وقوله- عز وجل-: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ، وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ، وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً .

يقول [ تعالى ] : ( فإذا انشقت السماء ) يوم القيامة ، كما دلت عليه هذه الآية مع ما شاكلها من الآيات الواردة في معناها ، كقوله : ( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) [ الحاقة : 16 ] ، وقوله : ( ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ) [ الفرقان : 25 ] ، وقوله : ( إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت ) [ الانشقاق : 1 ، 2 ] .

وقوله : ( فكانت وردة كالدهان ) أي : تذوب كما يذوب الدردي والفضة في السبك ، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها ، فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء ، وذلك من شدة الأمر وهول يوم القيامة العظيم . وقد قال الإمام أحمد :

حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الصهباء ، حدثنا نافع أبو غالب الباهلي ، حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم " .

قال الجوهري : الطش : المطر الضعيف .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وردة كالدهان ) ، قال : هو الأديم الأحمر . وقال أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( فكانت وردة كالدهان ) : كالفرس الورد . وقال العوفي ، عن ابن عباس : تغير لونها . وقال أبو صالح : كالبرذون الورد ، ثم كانت بعد كالدهان .

وحكى البغوي وغيره : أن الفرس الورد تكون في الربيع صفراء ، وفي الشتاء حمراء ، فإذا اشتد البرد اغبر لونها .

وقال الحسن البصري : تكون ألوانا . وقال السدي . تكون كلون البغلة الوردة ، وتكون كالمهل كدردي الزيت . وقال مجاهد : ( كالدهان ) : كألوان الدهان . وقال عطاء الخراساني : كلون دهن الورد في الصفرة . وقال قتادة : هي اليوم خضراء ، ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان . وقال أبو الجوزاء : في صفاء الدهن . وقال [ أبو صالح ] ابن جريج : تصير السماء كالدهن الذائب ، وذلك حين يصيبها حر جهنم .

قال: وقوله: ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) يقول تعالى ذكره: فإذا انشقَّت السماء وتفطَّرت، وذلك يوم القيامة، فكان لونها لون البرذون الورد الأحمر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا محمد بن الصلت، قال: ثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: كالفرس الورد.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) يقول: تغير لونها.

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حيوية، قال: ثنا شهاب بن عباد، قال: ثنا إبراهيم بن حميد، عن إسماعيل ابن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: كلون البرذون الورد، ثم كانت بعد كالدهان.

حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) يقول: تتغير السماء فيصير لونها كلون الدابة الوردة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ): هي اليوم خضراء كما ترون، ولونها يوم القيامة لون آخر.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا ابن العوّام، عن قتادة، في قوله: ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: هي اليوم خضراء، ولونها يومئذ الحمرة.

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: إنها اليوم خضراء، وسيكون لها يومئذ لون آخر.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، فى قوله: ( فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ )، قال: مشرقة كالدهان.

واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( كالدّهانِ )، فقال بعضهم: معناه كالدهن صافية الحمرة مشرقة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) قال: كالدهن.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( كالدّهانِ ) يعني: خالصة.

وقال آخرون : عني بذلك: فكانت وردة كالأديم، وقالوا: الدهان: جماع، واحدها دهن.

وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عني به الدهن في إشراق لونه، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب.

التدبر :

وقفة
[37] ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ والدهان جمع دهن؛ كالزيت وشبهه؛ شبه السماء يوم القيامة به لأنها تذاب من شدَّة الهول، وقيل: يشبه لمعانها بلمعان الدهن، وقيل: إن الدهان هو الجلد الأحمر.
وقفة
[37] ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ تُبدَّل الأرض غير الأرض والسماوات، فتنشق السماء حتى تصير من كثرة شقوقها كأوراق الورد، ويتغير لونها الأزرق إلى اللون الأحمر للورد، وأما تماسكها، ففي ذوبانها وسيلانها تشبه الدهان.
وقفة
[37] ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ وصف الله السماء في يوم القيامة عند انشقاقها بوصفين: ١- حمرة لونها. 2- وأنها ذائبة ومائعة كالدهن.
عمل
[37] ذَكِّر نفسك بأهوال يوم القيامة ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَإِذَا:
  • الفاء استئنافية. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط‍ وجوابه في الآية الكريمة بعد التالية اي التاسعة والثلاثين.
  • ﴿ انْشَقَّتِ السَّماءُ:
  • الجملة الفعلية في محل جر بالاضافة. انشقت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. السماء: فاعل مرفوع بالضمة.
  • ﴿ فَكانَتْ وَرْدَةً:
  • الفاء عاطفة للتعقيب. كانت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. وردة: خبر «كان» منصوب بالفتحة اي وردة حمراء. اي صارت حمراء كالاديم في يوم القيامة.
  • ﴿ كَالدِّهانِ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة- نعت-لوردة وهو مضاف و «الدهان» مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة او تكون الكاف حرف جر للتشبيه. والجار والمجرور متعلقا بصفة لوردة بمعنى كدهن الزيت وهو دردي الزيت اي ما يبقى في اسفله. وهو جمع «دهن» بمعنى اذيبت السماء كالدهن.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [37] لما قبلها :     ولَمَّا عَدَّدَ اللهُ نَعماءَه على عِبادِه، ثمَّ أرشَدَهم إلى أنَّ هذه النِّعَمَ لا بقاءَ لها ولا ثباتَ، ثمَّ ذَكَر أنَّ النَّاسَ مُحاسَبونَ على أعمالِهم، وسيَلقَونَ الجَزاءَ عليها، ولا مَهرَبَ حينَئذٍ مِنها، ولا نَصيرَ لهم يُنقِذُهم مِمَّا سيَحُلُّ بهم مِنَ العذابِ؛ ذكَرَ هنا أنَّه إذا جاء ذلك اليَومُ اختَلَّ نِظامُ العالَمِ، قال تعالى:
﴿ فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وردة:
وقرئت:
بالرفع، بمعنى: سماء وردة، وهى قراءة عبيد بن عمير.

مدارسة الآية : [38] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[38] . فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ قدرة ربكما معشر الجنّ والإنس -على ما أخبركم بأنه فاعل بكم- تكذّبان.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[38] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
وقفة
[38] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قال ابن تيمية: «ليس في القرآن تكرار محض، بل لابد من فوائد من كل خطاب».
تفاعل
[38] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».
عمل
[38] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [38] لما قبلها :     ولَمَّا كان حِفظُ السَّماءِ عن مِثلِ ذلك بتأخيرِ إرسالِ هذا وغَيرِه مِنَ الأسبابِ، وجَعلُها محَلَّ الرُّوحِ والحياةِ والرِّزقِ مِن أعظَمِ الفواضِلِ؛ قال تعالى مُسَبِّبًا عنه:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [39] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ ..

التفسير :

[39] ففي ذلك اليوم لا تسأل الملائكة المجرمين من الإنس والجن عن ذنوبهم.

{ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} أي:سؤال استعلام بما وقع، لأنه تعالى عالم الغيب والشهادة والماضي والمستقبل، ويريد أن يجازي العباد بما علمه من أحوالهم، وقد جعل لأهل الخير والشر يوم القيامة علامات يعرفون بها، كما قال تعالى:{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}

ثم بين- سبحانه- ما يترتب على هذا الانشقاق والذوبان للسماء من أهوال فقال:

فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ. أى: ففي هذا اليوم العصيب، وهو يوم الحشر، لا يسأل عن ذنبه أحد، لا من الإنس ولا من الجن.

أى: أنهم لا يسألون عن ذنوبهم عند خروجهم من قبورهم، وإنما يسألون عن ذلك في موقف آخر، وهو موقف الحساب والجزاء، إذ في يوم القيامة مواقف متعددة.

وبذلك يجاب عن الآيات التي تنفى السؤال يوم القيامة، والآيات التي تثبته، كقوله- تعالى-: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ.

وبعضهم يرى أن السؤال المنفي في بعض الآيات هو سؤال الاستخبار والاستعلام، والسؤال المثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع.. عن الأسباب التي جعلتهم ينحرفون عن الطريق المستقيم، ويسيرون في طريق الفسوق والعصيان ...

وقوله : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ، وهذه كقوله : ( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) [ المرسلات : 35 ، 36 ] ، فهذا في حال ، وثم حال يسأل الخلائق فيها عن جميع أعمالهم ، قال الله تعالى : ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ] ; ولهذه قال قتادة : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ، قال : قد كانت مسألة ، ثم ختم على أفواه القوم ، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لا يسألهم : هل عملتم كذا وكذا ؟ لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا ؟ فهو قول ثان .

وقال مجاهد في هذه الآية : لا يسأل الملائكة عن المجرم ، يعرفون بسيماهم .

وهذا قول ثالث . وكأن هذا بعد ما يؤمر بهم إلى النار ، فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم ، بل يقادون إليها ويلقون فيها ،

قلت : وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء .

القول في تأويل قوله تعالى : فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39)

يقول تعالى ذكره : فيومئذ لا يسأل الملائكة المجرمين عن ذنوبهم، لأن الله قد حفظها عليهم، ولا يسأل بعضهم عن ذنوب بعض، ربهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) يقول تعالى ذكره: لا يسألهم عن أعمالهم، ولا يسأل بعضهم عن بعض وهو مثل قوله: وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ، ومثل قوله لمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ .

حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله: ( لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) قال: حفظ الله عزّ وجلّ عليهم أعمالهم.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ( لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ ) قال: كان مجاهد يقول: لا يسأل الملائكة عن المجرم يعرفون بسيماهم.

حدثنا محمد بن بشار، وقال: ثنا محمد بن مروان، قال: ثنا أبو العوّام عن قتادة ( فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) قال: قد كانت مسألة ثم ختم على ألسنة القوم، فتتكلم أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[39] ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ والجمع بين هذه الآية ومثل قوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: 92] أن ما هنا يكون في موقف، والسؤال في موقف آخر من مواقف القيامة، وقيل: إنهم لا يسألون هنا سؤال استفهام عن ذنوبهم؛ لأن الله سبحانه قد أحصى الأعمال وحفظها على العباد، ولكن يسألون سؤال توبيخ وتقريع.
عمل
[39] تذكر ذنبًا فعلته ثم تصدق بصدقة عسى الله أن يكفره بها ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ فَيَوْمَئِذٍ:
  • الفاء واقعة في جواب «اذا» الواردة في الآية الكريمة السابعة والثلاثين. يوم: ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بلا يسأل وهو مضاف و «اذ» اسم مبني على السكون الظاهر وحرك بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين: سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف اليه وهو مضاف ايضا والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر بالاضافة. التقدير: ويومئذ تنشق السماء لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان
  • ﴿ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ:
  • نافية لا عمل لها. يسأل: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. عن ذنبه: جار ومجرور متعلق بيسأل والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ:
  • نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة والواو عاطفة.لا: زائدة لتأكيد معنى النفي. بمعنى: بعض من الانس ولا جن أي ولا بعض من الجن فوضع الجان الذي هو أبو الجن موضع الجن. وانما وحد ضمير الانس في قوله تعالى عَنْ ذَنْبِهِ» لكونه في معنى البعض والمعنى: لا يسألون لانهم يعرفون بسيما المجرمين. وجان معطوفة على «إنس» وتعرب إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [39] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ انشقاق السماء؛ بَيَّنَ هنا ما يترتب على هذا الانشقاق والذوبان للسماء من أهوال، قال تعالى:
﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [40] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير :

[40] . فبأي نِعَم ربكما -أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تقدم تفسيرها

ثم ختم - سبحانه - هذه النعم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

والفاء للتفريع على النعم المتعددة التى سبق ذكرها ، والاستفهام للتعجيب ممن يكذب بهذه النعم ، والآلاء : جمع إِلْى - بكسر الهمزة وفتحها وسكون اللام - وهى النعمة ، والخطاب للمكلفين من الجن والإنس ، وقيل لأفراد الإنس مؤمنهم وكافرهم ، أى : فبأى واحدة من هذه النعم تكذبان ربكما ، أى : تجحدان فضله ومننه - يا معشر الجن والإنس - مع أن كل نعمة من هذه النعم تستحق منكم الطاعة لى ، والخضوع لعزتى والإخلاص فى عبادتى .

قال الجمل ما ملخصه : كررت هذه الآية هنا إحدى وثلاثين مرة تقريرا للنعمة ، وتأكيدا للتذكير بها ، وذلك كقول الرجل لمن أحسن إليه ، وهو ينكر هذا الإحسان : ألم تكن فقيرا فأغنيتك ، أفتنكر هذا؟ ألم تكن عريانا فكسوتك ، أفتنكر هذا . . . ؟

ومثل هذا الكلام شائع فى كلام العرب ، وذلك أن الله - تعالى - عدد على عباده نعمه ، ثم خاطبهم بقوله : ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .

وقد كرر - سبحانه - هذه الآية ثمانى مرات ، عقب آيات فيها تعداد عجائب خلقه ، ومبدأ هذا الخلق ونهايته ، ثم كررها سبع مرات عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها بعدد أبواب جهنم . . . ثم كررها - أيضا - ثمانى مرات فى وصف الجنتين وأهلهما ، بعدد أبواب الجنة ، وكررها كذلك ثمانى مرات فى الجنتين التين هما دون الجنتين السابقتين ، فمن اعتقد الثمانية الأولى ، وعمل بموجبها ، استحق هاتين الثمانيتين من الله - تعالى - ، ووقاه السبعة السابقة بفضله وكرمه . . .

أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟ قاله مجاهد وغير واحد ويدل عليه السياق بعده أي النعم ظاهرة عليكم وأنتم مغمورون بها لا تستطيعون إنكارها ولا جحودها فنحن نقول كما قالت الجن المؤمنون به اللهم ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد وكان ابن عباس يقول لا بأيها يا رب أي لا نكذب بشيء منها قال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يستمعون "فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقوله: ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) يقول تعالى ذكره: فبأيّ نعم ربكما معشر الثقلين، -التي أنعم عليكم من عدله فيكم، أنه لم يعاقب منكم إلا مجرما-. (6)

------------------------

الهوامش:

(6) لعله سقط من قلم الناسخ كلمة " تكذّبان " ، التي اعتاد المؤلف أن يختم بها مثل هذا التعبير فيما مضى منقول الله سبحانه ( فبأيّ آلاء ربكما تكذّبان ) ؟

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[40] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ نعم الله تقتضي منا العرفان بها وشكرها، لا التكذيب بها وكفرها.
عمل
[40] اشكر نعم الله تعالى المتعددة ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
وقفة
[40] لا يوجد تكرار محض في القرآن؛ ومثال ذلك: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، تكرارها من باب تقرير النعم والتذكير بها، فله فوائد مختلفة.
تفاعل
[40] ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ قل الآن: «لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ».

الإعراب :

  • ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ
  • هذه الآية الكريمة مكررة سبق إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [40] لما قبلها :     ولَمَّا كان في هذا مِنَ النِّعَمِ ما لا يُحصى؛ قال تعالى مُسَبِّبًا:
﴿ فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [41] :الرحمن     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي ..

التفسير :

[41] تَعرِف الملائكةُ المجرمين بعلاماتهم، فتأخذهم بمقدمة رؤوسهم وبأقدامهم، فترميهم في النار.

وقال هنا:{ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} أي:فيؤخذ بنواصي المجرمين وأقدامهم، فيلقون في النار ويسحبون فيها، وإنما يسألهم تعالى سؤال توبيخ وتقرير بما وقع منهم، وهو أعلم به منهم، ولكنه تعالى يريد أن تظهر للخلق حجته البالغة، وحكمته الجليلة.

ثم بين- سبحانه- ما يحل بالمجرمين في هذا اليوم من عذاب فقال: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ، فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ. هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ.

وقوله: بِسِيماهُمْ أى: بعلاماتهم التي تدل عليهم، وهي زرقة العيون. وسواد الوجوه، كما في قوله- تعالى-: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ... .

وكما في قوله- سبحانه-: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ... .

والنواصي: جمع ناصية، وهي مقدم الرأس. والأقدام: جمع قدم، وهو ظاهر الساق، و «أل» في هذين اللفظين عوض عن المضاف إليه.

أى: في هذا اليوم، وهو يوم الحساب والجزاء يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بسواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وبما تعلو أفئدتهم من غبرة ترهقها قترة. فتأخذ الملائكة بالشعر الذي في مقدمة رءوسهم، وبالأمكنة الظاهرة من سيقانهم، وتقذف بهم في النار، وتقول لهم على سبيل الإهانة والإذلال: هذه جهنم التي كنتم تكذبون بها في الدنيا أيها المجرمون، فترددوا بين مائها الحار، وبين سعيرها البالغ النهاية في الشدة.

وفي قوله: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ إشارة إلى التمكن منهم تمكنا شديدا، بحيث لا يستطيعون التفلت أو الهرب.

كما قال تعالى : ( يعرف المجرمون بسيماهم ) أي : بعلامات تظهر عليهم .

وقال الحسن وقتادة : يعرفونهم باسوداد الوجوه وزرقة العيون . وقوله : ( فيؤخذ بالنواصي والأقدام ) أي : تجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ، ويلقونه في النار كذلك .

وقال الأعمش عن ابن عباس : يؤخذ بناصيته وقدمه ، فيكسر كما يكسر الحطب في التنور .

وقال الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره .

وقال السدي : يجمع بين ناصية الكافر وقدميه ، فتربط ناصيته بقدمه ، ويفتل ظهره .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام - يعني جده - أخبرني عبد الرحمن ، حدثني رجل من كندة قال : أتيت عائشة فدخلت عليها ، وبيني وبينها حجاب ، فقلت : حدثك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يأتي عليه ساعة لا يملك لأحد فيها شفاعة ؟ قالت : نعم ، لقد سألته عن هذا وأنا وهو في شعار واحد ، قال : " نعم حين يوضع الصراط ، ولا أملك لأحد فيها شفاعة ، حتى أعلم أين يسلك بي ؟ ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، حتى أنظر ماذا يفعل بي - أو قال : يوحى - وعند الجسر حين يستحد ويستحر " فقالت : وما يستحد وما يستحر ؟ قال : " يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف ، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة ، فأما المؤمن فيجيزه لا يضره ، وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه خر من قدمه فيهوي بيده إلى قدميه ، فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه ، فتقذفه في جهنم ، فيهوي فيها مقدار خمسين عاما " . قلت : ما ثقل الرجل ؟ قالت : ثقل عشر خلفات سمان ، فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام .

هذا حديث غريب [ جدا ] ، وفيه ألفاظ منكر رفعها ، وفي الإسناد من لم يسم ، ومثله لا يحتج به ، والله أعلم .

القول في تأويل قوله تعالى : يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ (41)

وقوله: ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ) يقول تعالى ذكره تعرف الملائكة المجرمين بعلاماتهم وسيماهم التي يسوّمهم الله بها من اسوداد الوجوه، وازرقاق العيون.

كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور عن معمر، عن الحسن، في قوله: ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ) قال: يعرفون باسوداد الوجوه، وزُرقة العيون.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان قال: ثنا أبو العوّام، عن قتادة ( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ) قال: زرق العيون، سود الوجوه.

وقوله: ( فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ )، يقول تعالى ذكره: فتأخذهم الزبانية بنواصيهم وأقدامهم فتسحبهم إلى جهنم، وتقذفهم فيها

التدبر :

وقفة
[41] ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ المجرم يعرفه كل أحد يوم القيامة بسيماه، فلا يحتاج إلى تمييز أو تعريف.
وقفة
[41] ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ في الآخرة لا تسجل القضية ضد مجهول.
وقفة
[41] ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ بعلامات تظهر عليهم: كالزرقة: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا﴾ [طه: ١٠٢]، وسواد الوجه: ﴿وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ [آل عمران: ١٠٦].
وقفة
[41] ﴿يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام﴾ تُضم النواصي للأقدام، تصور هذا المشهد يثير الرهبة.
وقفة
[41] ﴿يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام﴾ نظام دقيق مُتقن، أيغفل سبحانه عن تدبير أمرك؟ وأنت عبده الذي اصطفاك لعبادته؟
وقفة
[41] ﴿يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام﴾ كما عرف المجرمون في الدنيا بسواد أعمالهم, وقبح أفعالهم, سيعرفون في الآخرة بسواد وجوههم, وظلام نفوسهم.
وقفة
[41] ﴿يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام﴾ في مشهد الحساب شتان ما بين المؤمنين والمجرمين؛ أما الأولون فيعرفون ببياض وجوههم, وإشراق نفوسهم, وأما الآخرون فيعرفون بسواد وجوههم وشدة حزنهم, فاللهم اجعلنا من الأولين, وجنبنا مصير الآخرين.
وقفة
[41] ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ قال ابن عباس: «تأخذ الزبانية بناصيته وقدميه ويجمع، فيكسر كما يكسر الحطب فى التنور».

الإعراب :

  • ﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ:
  • فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. المجرمون: نائب فاعل مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في الاسم المفرد.
  • ﴿ بِسِيماهُمْ:
  • جار ومجرور متعلق بيعرف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة اي بهيئتهم وعلامتهم وهي سواد الوجوه وزرقة العيون في اثناء خروجهم من القبور
  • ﴿ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي:
  • الفاء عاطفة. يؤخذ: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. بالنواصي: جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل اي فيؤخذون من نواصيهم اي من مقدم شعورهم.
  • ﴿ وَالْأَقْدامِ:
  • معطوفة بالواو على «النواصي» وتعرب إعرابها.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [41] لما قبلها :     وبعد أنْ ذَكَرَ اللهُ الحِسابَ، واستحالةَ الهرَبِ منه، بَيَّنَ هنا تميزَ المُجرمينَ عن غيرِهم بعلاماتٍ خاصةٍ، قال تعالى:
﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

بسيماهم:
1- وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بسيمائهم، وهى قراءة حماد بن أبى سليمان.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف