3038485868788899091929394959697

الإحصائيات

سورة الكهف
ترتيب المصحف18ترتيب النزول69
التصنيفمكيّةعدد الصفحات11.50
عدد الآيات110عدد الأجزاء0.60
عدد الأحزاب1.20عدد الأرباع4.90
ترتيب الطول13تبدأ في الجزء15
تنتهي في الجزء16عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 4/14الحمد لله: 3/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (84) الى الآية رقم (88) عدد الآيات (5)

مكّنَ اللهُ لذِي القرنَيْنِ وأعطاهُ من الأسبابِ ما ملَكَ به الأرضَ، وسَارَ حتى بَلَغَ مغربَ الشمسِ، فوجد قومًا كافرينَ وخيَّرَهُ اللهُ بينَ أمرينِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (89) الى الآية رقم (97) عدد الآيات (9)

بعدَ ذلك سارَ حتى بلغَ مطلعَ الشمسِ، ثُمَّ سارَ حتى بلغَ بينَ السَدَّيْنِ، فبنى حاجزًا يحولُ بينهم وبينَ يأجوجَ ومأجوجَ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الكهف

العصمة من الفتن/ الزينة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • والآن مع تفصيل أوسع قليلًا::   • قصة أصحاب الكهف (فتنة الدين). • قصة صاحب الجنتين (فتنة المال). • قصة موسى مع الخضر (فتنة العلم). • قصة ذي القرنين (فتنة السلطة).
  • • ما علاقة سورة الكهف بالعصمة من الفتن؟:   • القصة الأولى (أصحاب الكهف): هي قصة شباب آمنوا بالله، لكن القرية التي عاشوا فيها كانت محكومة من ملك ظالم غير مؤمن، فعرضوا إسلامهم على الناس ورفض الناس دعوتهم، وبدأوا بالدعوة إلى الله فكُذِّبوا واضطهدوا، فأوحى الله إليهم أن يأووا إلى الكهف، وأيدهم الله بمعجزات عظيمة فهم قد ناموا في الكهف، ثم استيقظوا بعد 309 سنين، ووجدوا أن الناس جميعًا قد آمنوا وأنهم أصبحوا في مجتمع جديد كله إيمان. • القصة الثانية (صاحب الجنتين): قصة رجل أنعم الله عليه، فنسي واهب النعمة فطغى وتجرأ على ثوابت الإيمان بالطعن والشك. • القصة الثالثة (موسى مع الخضر): عندما سأل بنو إسرائيل موسى عليه السلام: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يكل العلم إليه تعالى، فأوحى الله إليه بأن هناك من هو أعلم منه، فارتحل حتى التقي بالخضر، وهناك حدثت 3 مواقف:  السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام، وكان سبب ذلك وجود ملك ظالم يسلب كل سفينة صالحة يراها.  الغلام الذي قتله الخضر، وكان سبب ذلك أنه كان سيرهق أبويه المؤمنين لعصيانه وعقوقه.  الجدار الذي أقامه الخضر لغلامين يتيمين، وكان تحته كنز مدفون لهما ولو لم يقم الجدار لما حفظ لهما كنزهما.  والرسالة في هذه المواقف: أن يتعلم المؤمن أن الله تعالى يقدر أمورًا قد لا نعلم الحكمة منها والخير المقدر فيها. • القصة الرابعة (ذي القرنين): الملك العادل الذي ينشر الحق والعدل والخير في الأرض، ويملك كل الأسباب المادية التي تسهل له التمكين والنجاح في الحياة.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الكهف»، و«سورة أصحاب ‏الكهف».
  • • معنى الاسم ::   الكهف: كالمغارة في الجبل، إلا أنه أوسع منها، فإذا صغر فهو غار.
  • • سبب التسمية ::   لورود ‏قصة ‏أصحاب ‏الكهف فيها، ولم يرد هذا اللفظ إلا في هذه السورة.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   كيفية التعامل مع الفتن.
  • • علمتني السورة ::   خطورة الكلمة، فالبعض يطلق الكلام على عواهنه دون النظر في عواقب كلامه: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾
  • • علمتني السورة ::   شدة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ليؤمنوا؛ حتى يكاد أن يهلك نفسه لذلك: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الجليس الصالح خير من الوحدة، لكن الوحدة خير من الجليس السوء: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ﴾
رابعًا : فضل السورة :
  • • عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».
    • عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ».
    • عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ فَقَالَ: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ؛ فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ».
    • عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَن نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَن قَرَأَ سُورَةَ اَلْكَهْفِ كَمَا أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لَهُ نُورًا مِنْ مُقَامِهِ إَلَى مَكَّة، وَمَنْ قَرَأَ بِعَشْر آياتٍ منْ آخِرِهَا فَخَرَجَ الدَّجُّالُ لَم يُسَلُّطْ عَلَيْهِ».
    • عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ».
    • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالْأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي»، قال ابن حجر: «وَمُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّهُنَّ مِنْ أَوَّل مَا تُعُلِّمَ مِنْ الْقُرْآن، وَأَنَّ لَهُنَّ فَضْلًا لِمَا فِيهِنَّ مِنْ الْقَصَص وَأَخْبَار الْأَنْبِيَاء وَالْأُمَم».
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الكهف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • يستحب قراءتها يوم الجمعة لحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
    • الآيات العشر الأولى من السورة عاصمة لمن حفظها من فتنة المسيح الدجال لحديث أَبِى الدَّرْدَاءِ.
    • انتصفت عدد كلمات القرآن في هذه السورة، فالكلمة التي تقع في وسط القرآن على مذهب الجمهور هي كلمة ﴿وَلْيَتَلَطَّفْ﴾ في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ ( 19).
    • هي إحدى سور خمس بُدِئت بـ «الحمد لله» وهذه السور هي: الفاتحة، والأنعام، والكهف، وسبأ، وفاطر.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نحذر الفتن، ونحصن أنفسنا منها.
    • أن ننتبه لأقوالنا، فرب كلمة تخرج من الفم ترجح كفة السيئات: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ (5).
    • ألا نصرف مشاعرنا وحزننا لمن لا يستحق: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (6).
    • أن نحسن العمل، فالله قال: ﴿لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (7)، ولم يقل سُبحانه أكثر وأدوم! بل أحسن، أي: إخلاص النية واتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
    • أن نلجأ إلى الله ونسأله الرحمة والرشاد دائمًا: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (10).
    • ألا نغتر كثيرًا بصلاح حالنا، وشدة استقامتنا! فالقلوب تتقلب، والقلوب تتفلت، والقلوب تزيغ، والمثبت هو الله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ﴾ (14).
    • ألا نخوض فيما لا طائل وراءه، فوقت المسلم ثمين، فماذا يزيدنا لو عرفنا عدد الفتية؟ أو أسماءهم؟ أو أعمارهم؟: ﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ﴾ (22)، إنما الفائدة المرجوة في أفعالهم وثباتهم على المبدأ، وفرارهم بدينهم يحافظون عليه، وحذرهم في تصرفاتهم.
    • أن نرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله؛ لأن النسيان منشأه من الشيطان، وذكر الله تعالى يطرد الشيطان، فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان؛ فذكر الله سبب للذكر: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَدًا﴾ (24).
    • ألا نستعجل؛ فقد يحتاج التغيير بالكامل إلى ٣٠٩ سنة!: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا﴾ (25).
    • أن نلزم كل تقي نقي: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ (28).
    • أن نستعيذ بالله من أن نتكبر بسبب ما وهبنا الله من النعم, ونسأل الله أن يجعلها عونًا لنا على عبادته: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ (34).
    • أن نحذر الكبر والخيلاء، وكلما تعالينا واستكبرنا على خلق الله نتذكر: ﴿أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ (37).
    • ألا نجعل المال والبنين مشغلة لنا عن عمل الصالحات: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (46).
    • أن ننتبه لكلماتنا، ونراقب حركاتنا؛ فهناك كتاب: ﴿لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ (49).
    • أن نستخدم الترغيب والترهيب في دعوتنا إلى الله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ (56).
    • أن نحمل الزاد والطعام في السفر كما فعل موسى وتلميذه يوشع بن نون عليهما الصلاة والسلام: ﴿قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ (62).
    • أن نربط بين خطئنا وعذرنا؛ لأنه أرفق بصحبتنا: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ (63). • ألا نغتر بعلمنا: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ﴾ (66).
    • أن ننكر المنكر كما أنكر موسى أفعال الخضر عليهما السلام، وظن أنها منكر: ﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ (71)، ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ (74).
    • ألا نعاندْ، إذا أخطَأنا اعتذرنا: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ (73)، فثقافةُ الاعتذارِ لا يعرفُ قيمتَهَا إلَّا الكبارُ.
    • أن نعمل أعمالًا صالحة يصل نفعها إلى الآخرين: ﴿يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾ (77).
    • أن نجتهد في دفع الظلــم عن المظلومين أو الضعفاء: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ (79).
    • ألا نحزن على فوات شيء من الدنيا، فقد أعطاها الله ذا القرنين، وحرمها كثيرًا من الأنبياء وهم أفضل منه: ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ (84).

تمرين حفظ الصفحة : 303

303

مدارسة الآية : [84] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ..

التفسير :

[84] إنا مكَّنَّا له في الأرض، وآتيناه من كل شيء أسباباً وطرقاً، يتوصل بها إلى ما يريد مِن فَتْح المدائن وقهر الأعداء وغير ذلك.

تفسير الآيتين 84 و 85:ـ

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْ} أي:ملكه الله تعالى، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له.{ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ْ} أي:أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها، أي:استعملها على وجهها، فليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، ولا كل أحد يكون قادرا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به، حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل.

ثم بين- سبحانه- ما أعطاه الله لذي القرنين من نعم فقال: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً. فَأَتْبَعَ سَبَباً.

وقوله: «مكنا» من التمكين بمعنى إعطائه الوسائل التي جعلته صاحب نفوذ وسلطان في أقطار الأرض المختلفة. والمفعول محذوف، أى: إنا مكنا له أمره من التصرف فيها كيف يشاء. بأن أعطيناه سلطانا وطيد الدعائم، وآتيناه من كل شيء أراده في دنياه لتقوية ملكه «سببا» أى سبيلا وطريقا يوصله إلى مقصوده، كآلات السير، وكثرة الجند، ووسائل البناء والعمران.

وهذه الأسباب التي أعطاها الله إياه، لم يرد حديث صحيح بتفصيلها، فعلينا أن نؤمن بأن الله- تعالى- قد أعطاه وسائل عظيمة لتدعيم، ملكه، دون أن نلتفت إلى ما ذكره هنا بعض المفسرين من إسرائيليات لا قيمة لها.

وقوله ( إنا مكنا له في الأرض ) أي : أعطيناه ملكا عظيما متمكنا ، فيه له من جميع ما يؤتى الملوك ، من التمكين والجنود ، وآلات الحرب والحصارات ؛ ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ، ودانت له البلاد ، وخضعت له ملوك العباد ، وخدمته الأمم ، من العرب والعجم ؛ ولهذا ذكر بعضهم أنه إنما سمي ذا القرنين ؛ لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها .

وقوله : ( وآتيناه من كل شيء سببا ) : قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم : يعني علما .

وقال قتادة أيضا في قوله : ( وآتيناه من كل شيء سببا ) قال : منازل الأرض وأعلامها .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : ( وآتيناه من كل شيء سببا ) قال : تعليم الألسنة ، كان لا يغزو قوما إلا كلمهم بلسانهم .

وقال ابن لهيعة : حدثني سالم بن غيلان ، عن سعيد بن أبي هلال ؛ أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار : أنت تقول : إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا ؟ فقال له كعب : إن كنت قلت ذلك ، فإن الله تعالى قال : ( وآتيناه من كل شيء سببا ) .

وهذا الذي أنكره معاوية ، رضي الله عنه ، على كعب الأحبار هو الصواب ، والحق مع معاوية في الإنكار ؛ فإن معاوية كان يقول عن كعب : " إن كنا لنبلو عليه الكذب " يعني : فيما ينقله ، لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحيفته ، ولكن الشأن في صحيفته ، أنها من الإسرائيليات التي غالبها مبدل مصحف محرف مختلق ولا حاجة لنا مع خبر الله ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى شيء منها بالكلية ، فإنه دخل منها على الناس شر كثير وفساد عريض . وتأويل كعب قول الله : ( وآتيناه من كل شيء سببا ) واستشهاده في ذلك على ما يجده في صحيفته من أنه كان يربط خيله بالثريا غير صحيح ولا مطابق ؛ فإنه لا سبيل للبشر إلى شيء من ذلك ، ولا إلى الترقي في أسباب السماوات . وقد قال الله في حق بلقيس : ( وأوتيت من كل شيء ) [ النمل : 23 ] أي : مما يؤتى مثلها من الملوك ، وهكذا ذو القرنين يسر الله له الأسباب ، أي : الطرق والوسائل إلى فتح الأقاليم والرساتيق والبلاد والأراضي وكسر الأعداء ، وكبت ملوك الأرض ، وإذلال أهل الشرك . قد أوتي من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سببا ، والله أعلم .

وفي " المختارة " للحافظ الضياء المقدسي ، من طريق قتيبة ، عن أبي عوانة عن سماك بن حرب ، عن حبيب بن حماز قال : كنت عند علي ، رضي الله عنه ، وسأله رجل عن ذي القرنين : كيف بلغ المشارق والمغارب ؟ فقال سبحان الله سخر له السحاب ، وقدر له الأسباب ، وبسط له اليد .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُل ّشَيْء سَبَبًا (84)

وقوله: ( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) يقول: إنا وطأنا له في الأرض، ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) يقول وآتيناه من كل شيء، يعني ما يتسبب إليه وهو العلم به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) يقول: علما.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) أي علما.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال : قال ابن زيد ، في قوله ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) قال: من كلّ شيء علما..

- حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) قال: علم كلّ شيء.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) علما.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ) يقول: علما.

التدبر :

وقفة
[84] ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ أعظم ملك في الدنيا حدود ملكه لا يتجاوز الأرض، فدعك من ملوك الأرض، وانصرف لملك السماوات والأرض وما بينهما.
عمل
[84] ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ لا تحزن على فوات شيء من الدنيا، فقد أعطاها الله ذا القرنين، وحرمها كثيرًا من الأنبياء، وهم أفضل منه.
وقفة
[84] ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ التمكين منحة إلهية وعطية ربانية، وقد مكن الله لذي القرنين کما مكن لبعض أنبيائه ورسله مثل: سليمان وداود، ولم يمكن لبعض رسله کعيسی ويحی وزكريا، وذلك لحكمة بالغة؛ أن الأمر كله بيد الله، لا بيد أحد من الخلق .
وقفة
[84] ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾ أن ذا القرنين أحد الملوك المؤمنين الذين ملكوا الدنيا وسيطروا على أهلها، فقد آتاه الله ملكًا واسعًا، ومنحه حكمة وهيبة وعلمًا نافعًا.
وقفة
[84] ﴿وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾ فسرها السلف: بالعلم، الآية عامة في كل سبب لكن السلف أدركوا أن مرجع تحصيل كل الأسباب يكمن في العلم.
وقفة
[84] ﴿وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾ وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها لم يخبرنا الله ولا رسوله بها، ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم، فلهذا لا يسعنا غير السكوت عنها.
وقفة
[84] ﴿وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾ أي: استعملها على وجهها؛ فليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، ولا كل أحد يكون قادرًا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل.
وقفة
[84] أعظم ما يفقده الكثير ممن يُحسن التخطيط والإدارة هو التأييد الإلهي ﴿وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا﴾ إذا جاء التأييد جرَّت النتائج ذيولها على أحسن هيئة.
وقفة
[84، 85] إذا مكنك الله في أمر فسيمنحك أسبابه، فابذل جهدك كله في تطلب الأسباب واتباعها ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾.
عمل
[84، 85] ﴿وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ آتاك الله قدرات؛ فأتبعها بمبادرات لتحقق بها نجاحات.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا مَكَّنّا لَهُ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم ان. مكن: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. له: جار ومجرور متعلق بمكن. وجملة مَكَّنّا لَهُ» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ:
  • جار ومجرور متعلق بمكنا. وآتينا: معطوفة بالواو على «مكنا» وتعرب اعرابها. والهاء ضمير الغائب مبني على الضم في محل نصب مفعول به اول بمعنى: انا جعلنا له في الارض مكانا مكينا ومنحناه من كل شيء وسيلة يتوصل بها إليه.
  • ﴿ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً:
  • جار ومجرور متعلق بآتيناه. شيء: مضاف إليه مجرور بالكسرة اي ومنحناه من اسباب كل شيء فحذف المضاف المجرور «اسباب» وحل المضاف إليه «كل» محله. سببا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [84] لما قبلها :     وبعد السؤال عن ذِي القرنَيْنِ؛ جاء هنا تفصيل خبره، وبيان ما أعطاه اللهُ من نعم، قال تعالى:
﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [85] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا

التفسير :

[85] فأخذ بتلك الأسباب والطرق بجد واجتهاد.

تفسير الآيتين 84 و 85:ـ

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْ} أي:ملكه الله تعالى، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له.{ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ْ} أي:أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها، أي:استعملها على وجهها، فليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، ولا كل أحد يكون قادرا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به، حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل.

والفاء فى قوله ( فأتبع سببا ) فصيحة . أى : فأراد أن يزيد فى تدعيم ملكه ، فسلك طريقا لكى يوصله إلى المكان الذى تغرب فيه الشمس .

قال ابن عباس : ( فأتبع سببا ) يعني : بالسبب المنزل ] . وقال مجاهد : ( فأتبع سببا ) : منزلا وطريقا ما بين المشرق والمغرب .

وفي رواية عن مجاهد : ( سببا ) قال : طريقا في الأرض .

وقال قتادة : أي أتبع منازل الأرض ومعالمها .

وقال الضحاك : ( فأتبع سببا ) أي المنازل .

وقال سعيد بن جبير في قوله : ( فأتبع سببا ) قال : علما . وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى ، والسدي .

وقال مطر : معالم وآثار كانت قبل ذلك .

القول في تأويل قوله : ( فَأَتْبَعَ سَبَبًا ) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ، فاتبع بوصل الألف، وتشديد التاء، بمعنى: سلك وسار، من قول القائل: اتَّبعت أثر فلان: إذا قفوته ؛ وسرت وراءه. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( فَأَتْبَعَ) بهمز الألف، وتخفيف التاء، بمعنى لحق.

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب: قراءة من قرأه ( فَاتَّبَعَ) بوصل الألف، وتشديد التاء، لأن ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن مسير ذي القرنين في الأرض التي مكن له فيها، لا عن لحاقه السبب، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَاتَّبَعَ سَبَبا ) يعني بالسبب ، المنـزل.

حدثنا محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (سَبَبا) قال: منـزلا وطريقا ما بين المشرق والمغرب.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد، نحوه.

حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال: طريقا في الأرض.

حدثنا بشر، قال: يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( فاتَّبَعَ سَبَبا ): اتبع منازل الأرض ومعالمها.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال: هذه الآن سبب الطرق (1) كما قال فرعون يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ قال: طرق السماوات.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال: منازل الأرض.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال: المنازل.

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(1) عبارة الدر : هذه الآن الطرق ، ثم قال : والشيء يكون اسمه واحدا ، وهو متفرق في المعنى .

التدبر :

اسقاط
[85] ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ ذو القرنين استفاد من الأسباب حوله، ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ [89، 92] حين أهملها غيره، فكم ضيعنا أسبابًا حولنا تبلغنا مغرب الشمس ومطلعها! والتقنية خير مثال, فما أحوج هذه الأمة وقد هيأ الله لها أسباب الريادة أن تأخذ بها لتنال غيرها!
وقفة
[85] ﴿فَأَتْبَعَ سَبَبًا﴾ خذ بما أعطاك الله من وسائل وطرق ممكنة؛ للتوصل إلى مطلوبك في مرضاته.

الإعراب :

  • ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَباً:
  • الفاء عاطفة. اتبع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. سببا: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى: فاتبع سببا من تلك الاسباب يبلغه بلاد المغرب. '

المتشابهات :

الكهف: 85﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا
الكهف: 89﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا
الكهف: 92﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [85] لما قبلها :     ولَمَّا أعطى اللهُ عز و جل ذا القرنَينِ من كل شيءٍ أسبابًا وطرقًا؛ أخذ ذو القرنَينِ بتلك الأسباب والطرق، قال تعالى:
﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فأتبع:
قرئ:
1- بالتخفيف، وهى قراءة زيد بن على، والزهري، والأعمش، وطلحة، وابن أبى ليلى، والكوفيين، وابن عامر.
2- بالتشديد، وهى قراءة باقي السبعة.

مدارسة الآية : [86] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ ..

التفسير :

[86] حتى إذا وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس، وجدها في مرأى العين كأنها تغرب في عين حارة ذات طين أسودَ، ووجد عند مغربها قوماً. قلنا:يا ذا القرنين إما أن تعذبهم بالقتل أو غيره إن لم يقروا بتوحيد الله، وإما أن تحسن إليهم فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد.

تفسير الآيات من 86 حتى 88:ـ

وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها، لم يخبرنا الله ولا رسوله بها، ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم، فلهذا، لا يسعنا غير السكوت عنها، وعدم الالتفات لما يذكره النقلة للإسرائيليات ونحوها، ولكننا نعلم بالجملة أنها أسباب قوية كثيرة، داخلية وخارجية، بها صار له جند عظيم، ذو عدد وعدد ونظام، وبه تمكن من قهر الأعداء، ومن تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأنحائها، فأعطاه الله، ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين، كأنها تغرب في عين حمئة، أي:سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء، رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع، ووجد عندها، أي:عند مغربها قوما.{ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ْ} أي:إما أن تعذبهم بقتل، أو ضرب، أو أسر ونحوه، وإما أن تحسن إليهم، فخير بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم كفار أو فساق، أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق، لم يرخص في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء، لتوفيق الله له لذلك، فقال:سأجعلهم قسمين:{ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ْ} بالكفر{ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ْ} أي:تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا، وعقوبة الآخرة.

{ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ْ} أي:فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة،{ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ْ} أي:وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد، بما يليق بحاله.

حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ أى حتى إذا وصل إلى منتهى الأرض المعمورة في زمنه من جهة المغرب.

وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ أى: رآها في نظره عند غروبها، كأنها تغرب في عين مظلمة، وإن لم تكن هي في الحقيقة كذلك.

وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس ماء فإنه يراها كأنها تشرق منه وتغرب فيه، كما أن الذي يكون في أرض ملساء واسعة، يراها كأنها تطلع من الأرض وتغيب فيها.

وحمئة: أى: ذات حمأة وهي الطين الأسود. يقال: حمأت البئر تحمأ حمأ، إذا صارت فيها الحمأة وهي الطينة السوداء.

وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: «وجدها نغرب في عين حامية» أى: حارة. اسم فاعل من حمى يحمى حميا.

وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً أى: ووجد عند تلك العين على ساحل البحر قوما.

الظاهر أن هؤلاء القوم كانوا من أهل الفترة، فدعاهم ذو القرنين إلى عبادة الله- تعالى- وحده، فيهم من آمن وفيهم من كفر، فخيره الله- تعالى- فيهم فقال: قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً.

أى: قال الله- تعالى- له عن طريق الإلهام، أو على لسان ملك أخبره بذلك: يا ذا القرنين إما أن تعذب هؤلاء القوم الكافرين أو الفاسقين بالقتل أو غيره، وإما أن تتخذ فيهم أمرا ذا حسن، أو أمرا حسنا، تقتضيه المصلحة والسياسة الشرعية.

وقوله : ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس ) أي : فسلك طريقا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب ، وهو مغرب الأرض . وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر ، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له . وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب ، واختلاق زنادقتهم وكذبهم

وقوله : ( وجدها تغرب في عين حمئة ) أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه ، وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه .

والحمئة مشتقة على إحدى القراءتين من " الحمأة " وهو الطين ، كما قال تعالى : ( إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون ) [ الحجر : 28 ] أي طين أملس . وقد تقدم بيانه .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب حدثني نافع بن أبي نعيم ، سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول : كان ابن عباس يقول ( في عين حمئة ) ثم فسرها : ذات حمأة . قال نافع : وسئل عنها كعب الأحبار فقال : أنتم أعلم بالقرآن مني ، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء .

وكذا روى غير واحد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد وغير واحد .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا محمد بن دينار ، عن سعد بن أوس ، عن مصدع ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه ( حمئة )

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : " وجدها تغرب في عين حامية " يعني حارة . وكذا قال الحسن البصري .

وقال ابن جرير : والصواب أنهما قراءتان مشهورتان وأيهما قرأ القارئ فهو مصيب .

قلت : ولا منافاة بين معنييهما ؛ إذ قد تكون حارة لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها ، وملاقاتها الشعاع بلا حائل و ( حمئة ) في ماء وطين أسود ، كما قال كعب الأحبار وغيره .

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا العوام ، حدثني مولى لعبد الله بن عمرو ، عن عبد الله قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت ، فقال : " في نار الله الحامية [ في نار الله الحامية ] ، لولا ما يزعها من أمر الله ، لأحرقت ما على الأرض " .

قلت : ورواه الإمام أحمد ، عن يزيد بن هارون . وفي صحة رفع هذا الحديث نظر ، ولعله من كلام عبد الله بن عمرو ، من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك ، والله أعلم .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا حجاج بن حمزة ، حدثنا محمد - يعني ابن بشر - حدثنا عمرو بن ميمون ، أنبأنا ابن حاضر ، أن ابن عباس ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة الكهف " تغرب في عين حامية " قال ابن عباس لمعاوية ما نقرؤها إلا ( حمئة ) فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف تقرؤها : فقال عبد الله : كما قرأتها . قال ابن عباس : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن ؟ فأرسل إلى كعب فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ [ فقال له كعب : سل أهل العربية ، فإنهم أعلم بها ، وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة ] في ماء وطين . وأشار بيده إلى المغرب . قال ابن حاضر : لو أني عندكما أفدتك بكلام تزداد فيه بصيرة في حمئة . قال ابن عباس : وإذا ما هو ؟ قلت : فيما يؤثر من قول تبع ، فيما ذكر به ذا القرنين في تخلقه بالعلم واتباعه إياه :

بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها

في عين ذي خلب وثأط حرمد

قال ابن عباس : ما الخلب ؟ قلت : الطين بكلامهم . [ يعني بكلام حمير ] . قال : ما الثاط ؟ قلت : الحمأة . قال : فما الحرمد ؟ قلت : الأسود . قال : فدعا ابن عباس رجلا أو غلاما فقال : اكتب ما يقول هذا الرجل .

وقال سعيد بن جبير : بينا ابن عباس يقرأ سورة الكهف فقرأ : ( وجدها تغرب في عين حمئة ) فقال كعب : والذي نفس كعب بيده ما سمعت أحدا يقرؤها كما أنزلت في التوراة غير ابن عباس ، فإنا نجدها في التوراة : تغرب في مدرة سوداء .

وقال أبو يعلى الموصلي : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا هشام بن يوسف قال : في تفسير ابن جريج ( ووجد عندها قوما ) قال : مدينة لها اثنا عشر ألف باب ، لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب .

وقوله : ( ووجد عندها قوما ) أي أمة من الأمم ، ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم .

وقوله : ( قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا ) معنى هذا : أن الله تعالى مكنه منهم وحكمه فيهم ، وأظفره بهم وخيره : إن شاء قتل وسبى ، وإن شاء من أو فدى . فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه

القول في تأويل قوله تعالى : حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)

* يقول تعالى ذكره: ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ ) ذو القرنين ( مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) ، فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء المدينة والبصرة ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) بمعنى: أنها تغرب في عين ماء ذات حمأة، وقرأته جماعة من قراء المدينة، وعامَّة قرّاء الكوفة (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ) يعني أنها تغرب في عين ماء حارّة.

واختلف أهل التأويل في تأويلهم ذلك على نحو اختلاف القرّاء في قراءته.

ذكر من قال ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ): حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبى عديّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال: ذات حمأة.

حدثنا الحسين بن الجنيد، قال: ثنا سعيد بن سلمة، قال: ثنا إسماعيل بن علية، عن عثمان بن حاضر، قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: قرأ معاوية هذه الآية، فقال : ( عَيْنٌ حامِيَةٌ ) فقال ابن عباس: إنها عين حمئة، قال: فجعلا كعبا بينهما، قال: فأرسلا إلى كعب الأحبار، فسألاه، فقال كعب: أما الشمس فإنها تغيب في ثأط، فكانت على ما قال ابن عباس، والثأط: الطين.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني نافع بن أبي نعيم، قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول: كان ابن عباس يقول ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ثم فسرها. ذات حمأة، قال نافع: وسئل عنها كعب، فقال: أنتم أعلم بالقرآن مني، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال: هي الحمأة.

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال : ثأط.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد في قول الله عزّ ذكره ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال: ثأطة.

قال: وأخبرني عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: قرأت ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) وقرأ عمرو بن العاص (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ) فأرسلنا إلى كعب. فقال: إنها تغرب في حمأة طينة سوداء.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) والحمئة: الحمأة السوداء.

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن ورقاء، قال: سمعت سعيد بن جبير، قال: كان ابن عباس يقرأ هذا الحرف ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) ويقول: حمأة سوداء تغرب فيها الشمس.

وقال آخرون: بل هي تغيب في عين حارّة.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ ) يقول: في عين حارّة.

حدثنا يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سمعت الحسن يقول (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ ) قال: حارّة.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر ، عن الحسن، في قوله ( فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ) قال: حارّة، وكذلك قرأها الحسن.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولكل واحدة منهما وجه صحيح ومعنى مفهوم، وكلا وجهيه غير مفسد أحدهما صاحبه، وذلك أنه جائز أن تكون الشمس تغرب في عين حارّة ذات حمأة وطين، فيكون القارئ في عين حامية بصفتها التي هي لها، وهي الحرارة، ويكون القارئ في عين حمئة واصفها بصفتها التي هي بها وهي أنها ذات حمأة وطين. وقد رُوي بكلا صيغتيها اللتين إنهما من صفتيها أخبار.

حدثنا محمد بن المثنى ، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العوّام، قال: ثني مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله، قال: " نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت، فقال: فِي نارِ اللهِ الحامِيَةِ، فِي نَارِ اللهِ الحَامِيَةِ، لَوْلا ما يَزَعُها مِنْ أمْرِ اللهِ لأحْرَقَتْ ما عَلى الأرْضِ".

حدثني الفضل بن داود الواسطي، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا محمد بن دينار، عن سعد بن أوس، عن مصدع، عن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه: (حَمِئةٍ).

وقوله: ( وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ) ذكر أن أولئك القوم يقال لهم: ناسك.

وقوله: ( قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ) يقول: إما أن تقتلهم إن هم لم يدخلوا في الإقرار بتوحيد الله، ويذعنوا لك بما تدعوهم إليه من طاعة ربهم ( وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ) يقول: وإما أن تأسرهم فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد.

التدبر :

وقفة
[86] ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾ ذو القرنين فتح الأرض كلها, فملك أرضها وأموالها وأهلها وديارها وكنوزها ونساءها, ولم تفتنه دنياه عن جهاده، وهذا هو: الزهد السلفي الأصيل.
وقفة
[86] ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾ أي وقت غروبها في المكان الذي هو فيه، وإلا فهي لا تغرب أبدًا كما هو معروف من حال شروق الشمس وغروبها.
وقفة
[86] ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ الظاهر أن هؤلاء كانوا من أهل الفترة، فألهم الله ذا القرنين أن يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فإما أن تعذب هؤلاء الكافرين بالقتل أو غيره، أو تتخذ فيهم أمرًا حسنًا، والأمر الحسن هو دعوتهم إلى الإيمان.
وقفة
[86] ذو القرنين يحدد للداعية حدود الدعوة الإسلام: ﴿مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾، و﴿مَطْلِعَ الشَّمْسِ﴾ [90]، و﴿بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ [93]؛ اﻷرض كلها.
وقفة
[86] ﴿قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ دليل على أنه ملك مؤمن يتبع نبيًّا يوحى إليه من أنبياء بني إسرائيل في عصره.
وقفة
[86] ﴿قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾ معنى هذا: أن الله تعالى مكنه منهم، وحكَّمه فيهم، وأظفره بهم، وخيَّره: إن شاء قتل وسبى، وإن شاء مَنَّ أو فدى، فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه.
وقفة
[86] في الحرب والسياسة يكون الإحسان! ﴿قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾.
وقفة
[86] ﴿يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ﴾ لقد مَلك العالم ونادوه باسمه لتواضعه بلا لقب! الألقاب لا تُضيف لنا شيئًا.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا بَلَغَ:
  • حتى: حرف غاية وابتداء لا عمل له. اذا: ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه وهو اداة شرط‍ غير جازمة. بلغ: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «بلغ» في محل جر بالاضافة
  • ﴿ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها:
  • مغرب: مفعول به منصوب بالفتحة.الشمس: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وجد: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به. وجملة «وجدها» جواب شرط‍ غير جازم لا محل لها.
  • ﴿ تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ:
  • تغرب: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. وجملة «تغرب» في محل نصب حال من ضمير «وجدها».في عين: جار ومجرور متعلق بتغرب. حمئة: صفة- نعت-لعين مجرورة مثلها بالكسرة بمعنى ذات طين مبلول اسود.
  • ﴿ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً:
  • الواو عاطفة. وجد: اعربت: عند: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بوجد وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. قوما: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ قُلْنا:
  • فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة بعده: في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ يا ذَا الْقَرْنَيْنِ:
  • يا: اداة نداء. ذا: منادى بحرف النداء منصوب بالالف لانه من الاسماء الخمسة وهو مضاف. القرنين: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لانه مثنى. والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ:
  • اما: حرف تفصيل لا عمل لها. وهي هنا للتخيير لا التفصيل ولها عدة معان منها الشك والابهام ولكن في الاعراب لا تسمى في كل مرة بحسب معناها بل يكتفى بأحد معانيها وهو التفصيل. ان: حرف مصدرية ونصب. تعذب: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت. والمفعول محذوف بتقدير: اما ان تعذب هؤلاء الكفرة. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ والخبر محذوف تقديره: كائن: وجملة «تعذب» صلة الموصول الحرفي لا محل لها.
  • ﴿ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً:
  • معطوفة بالواو على إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ» وتعرب اعرابها. فيهم: جار ومجرور متعلق بتتخذ و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بفي. حسنا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 86﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا
الكهف: 93﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [86] لما قبلها :     ولَمَّا عمل ذو القرنَينِ بتلك الأسباب التي أعطاه الله له؛ وصل إلى منتهى الأرض المعمورة في زمنه من جهة المغرب، ووجد هناك قومًا كفارًا، فخيَّرَهُ اللهُ بينَ أمرينِ، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

حمئة:
قرئ:
1- حامية، بالياء، وهى قراءة عبد الله، وطلحة بن عبد الله، وعمرو بن العاصي، وابن عمر، وعبد الله ابن عمرو، ومعاوية، والحسن، وزيد بن على، وابن عامر، وحمزة، والكسائي.
2- حمئة، بهمزة مفتوحة وهى قراءة ابن عباس، وباقى السبعة، وشيبة، وحميد، وابن أبى ليلى، ويعقوب، وأبى حاتم، وابن جبير الأنطاكى.
3- بتليين الهمزة، وهى قراءة الزهري.

مدارسة الآية : [87] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ ..

التفسير :

[87] قال ذو القرنين:أمَّا مَن ظلم نفسه منهم فكفر بربه، فسوف نعذبه في الدنيا، ثم يرجع إلى ربه، فيعذبه عذاباً عظيماً في نار جهنم.

تفسير الآيات من 86 حتى 88:ـ

وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها، لم يخبرنا الله ولا رسوله بها، ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم، فلهذا، لا يسعنا غير السكوت عنها، وعدم الالتفات لما يذكره النقلة للإسرائيليات ونحوها، ولكننا نعلم بالجملة أنها أسباب قوية كثيرة، داخلية وخارجية، بها صار له جند عظيم، ذو عدد وعدد ونظام، وبه تمكن من قهر الأعداء، ومن تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأنحائها، فأعطاه الله، ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين، كأنها تغرب في عين حمئة، أي:سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء، رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع، ووجد عندها، أي:عند مغربها قوما.{ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ْ} أي:إما أن تعذبهم بقتل، أو ضرب، أو أسر ونحوه، وإما أن تحسن إليهم، فخير بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم كفار أو فساق، أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق، لم يرخص في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء، لتوفيق الله له لذلك، فقال:سأجعلهم قسمين:{ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ْ} بالكفر{ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ْ} أي:تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا، وعقوبة الآخرة.

{ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ْ} أي:فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة،{ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ْ} أي:وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد، بما يليق بحاله.

ثم حكى الله- تعالى- عنه في الجواب ما يدل على سلامة تفكيره، فقال: قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ.. أى: قال ذو القرنين في الرد على تخيير ربه له في شأن هؤلاء القوم، يا رب: أما من ظلم نفسه بالإصرار على الكفر والفسوق والعصيان «فسوف نعذبه» في هذه الدنيا بالقتل وما يشبهه. ثم يرد هذا الظالم نفسه إلى ربه- سبحانه- فيعذبه في الآخرة عذابا «نكرا» أى: عذابا فظيعا عظيما منكرا وهو عذاب جهنم.

في قوله : ( أما من ظلم ) أي : من استمر على كفره وشركه بربه ( فسوف نعذبه ) قال قتادة : بالقتل : وقال السدي : كان يحمي لهم بقر النحاس ويضعهم فيها حتى يذوبوا . وقال وهب بن منبه : كان يسلط الظلمة ، فتدخل أفواههم وبيوتهم ، وتغشاهم من جميع جهاتهم والله أعلم .

وقوله : ( ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا ) أي : شديدا بليغا وجيعا أليما . وفيه إثبات المعاد والجزاء .

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)

يقول جلّ ثناؤه ( قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ) يقول: أما من كفر فسوف نقتله.

كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: ( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ) قال: هو القتل.

وقوله ( ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ) يقول: ثم يرجع إلى الله تعالى بعد قتله، فيعذبه عذابا عظيما، وهو النكر، وذلك عذاب جهنم.

التدبر :

وقفة
[87] ﴿قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا﴾ ربط العذاب الدنيوي البشري بعذاب الآخرة الأشد يشكِّل عبرة لهؤلاء الظالمين، وهو أسلوب يخاطب كل مؤمن بأن الدنيا ليست نهاية المطاف، وأن المحكمة ستنعقد للظالمين مرة أخرى في الآخرة.
تفاعل
[87] ﴿أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.
وقفة
[87] ﴿أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ﴾ الملك الصالح عاقب الظالم ليردعه،وباقي العذاب عند ربه،كم يخنس الأشرار من مثل هذا.
وقفة
[87، 88] تأمل في قول ذي القرنين: ﴿قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ إذ لما ذكر المشرك بدأ بتعذيبه، ثم ثنى بتعذيب الله، ولما ذكر المؤمن بدأ بثواب الله أولًا، ثم بمعاملته باليسر ثانيًا؛ لأن مقصود المؤمن الوصول إلى الجنة، بخلاف الكافر فعذاب الدنيا سابق على عذاب الآخرة.
وقفة
[87، 88] ﴿أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ﴾ أي: فيجتمع عليه عذاب الدنيا والآخرة، وبدأ بعذاب الدنيا؛ لأنه أزجر عند الكافر، ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ فبدأ بالأهم وهو ثواب الآخرة، وعطف عليه الإحسان منه إليه، وهذا هو العدل والعلم والإيمان.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ أَمّا مَنْ:
  • قال: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اما: حرف شرط‍ وتفصيل لا عمل له. من: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية «من مع خبرها» في محل نصب مفعول به مقول القول وهو قول الله سبحانه للقوم في الآية السابقة.
  • ﴿ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ:
  • الفاء واقعة في جواب «أمّا».سوف: حرف تسويف-استقبال-و «ظلم» فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «ظلم» صلة الموصول لا محل لها.ومفعولها محذوف بتقدير؛ ظلم نفسه بالكفر والاصرار عليه. نعذبه: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ» في محل رفع خبر من.
  • ﴿ ثُمَّ يُرَدُّ:
  • ثم حرف عطف. يرد: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ:
  • جار ومجرور متعلق بيرد والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى ثم يرد إلى ربه في الآخرة. الفاء عاطفة. يعذبه: فعل مضارع مرفوع بالضمة. الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ عَذاباً نُكْراً:
  • مفعول مطلق منصوب بالفتحة لان «عذابا» بمعنى تعذيبا».نكرا: أي منكرا: صفة-نعت-لعذابا منصوبة مثلها بالفتحة المنونة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [87] لما قبلها :     ولَمَّا خيَّرَ اللهُ عز و جل ذا القرنَينِ بينَ أمرينِ؛ ذكرَ ذو القرنين هنا أن مَن ظلم نفسه وأصر على الكفر؛ فسوف تحصل له العقوبتان: القتل في الدنيا وعذاب الآخرة، قال تعالى:
﴿ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [88] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ..

التفسير :

[88] وأما مَن آمن منهم بربه فصدَّق به ووحَّده وعمل بطاعته فله الجنة ثواباً من الله، وسنحسن إليه، ونلين له في القول ونيسِّر له المعاملة.

تفسير الآيات من 86 حتى 88:ـ

وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها، لم يخبرنا الله ولا رسوله بها، ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم، فلهذا، لا يسعنا غير السكوت عنها، وعدم الالتفات لما يذكره النقلة للإسرائيليات ونحوها، ولكننا نعلم بالجملة أنها أسباب قوية كثيرة، داخلية وخارجية، بها صار له جند عظيم، ذو عدد وعدد ونظام، وبه تمكن من قهر الأعداء، ومن تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأنحائها، فأعطاه الله، ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين، كأنها تغرب في عين حمئة، أي:سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء، رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع، ووجد عندها، أي:عند مغربها قوما.{ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ْ} أي:إما أن تعذبهم بقتل، أو ضرب، أو أسر ونحوه، وإما أن تحسن إليهم، فخير بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم كفار أو فساق، أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق، لم يرخص في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء، لتوفيق الله له لذلك، فقال:سأجعلهم قسمين:{ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ْ} بالكفر{ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ْ} أي:تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا، وعقوبة الآخرة.

{ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ْ} أي:فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة،{ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ْ} أي:وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد، بما يليق بحاله.

«وأما من آمن وعمل عملا صالحا» يقتضيه إيمانه «فله» في الدارين «جزاء الحسنى» أى: فله المثوبة الحسنى، أو الفعلة الحسنى وهي الجنة.

«وسنقول له» أى لمن آمن وعمل صالحا «من أمرنا» أى مما نأمره به قولا «يسرا» لا صعوبة فيه ولا مشقة ولا عسر.

فأنت ترى أن ذا القرنين قد رد بما يدل على أنه قد اتبع في حكمه الطريق القويم، والأسلوب الحكيم، الذي يدل على قوة الإيمان، وصدق اليقين، وطهارة النفس.

إنه بالنسبة للظالمين، يعذب، ويقتص، ويرهب النفوس المنحرفة، حتى تعود إلى رشدها، وتقف عند حدودها.

وبالنسبة للمؤمنين الصالحين، يقابل إحسانهم بإحسان وصلاحهم بصلاح واستقامتهم بالتكريم والقول الطيب، والجزاء الحسن.

وهكذا الحاكم الصالح في كل زمان ومكان: الظالمون والمعتدون.. يجدون منه كل شدة تردعهم وتزجرهم وتوقفهم عند حدودهم.

والمؤمنون والمصلحون يجدون منه كل تكريم وإحسان واحترام وقول طيب.

وقوله : ( وأما من آمن ) أي : تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ( فله جزاء الحسنى ) أي : في الدار الآخرة عند الله - عز وجل - ( وسنقول له من أمرنا يسرا ) قال مجاهد : معروفا .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)

يقول: وأما من صدق الله منهم ووحَّده، وعمل بطاعته ، فله عند الله الحسنى، وهي الجنة، جزاء يعني ثوابا على إيمانه، وطاعته ربه.

وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء أهل المدينة وبعض أهل البصرة والكوفة (فَلَهُ جَزَاءُ الحُسْنَى) برفع الجزاء وإضافته إلى الحسنى.

وإذا قرئ ذلك كذلك، فله وجهان من التأويل:

أحدهما: أن يجعل الحسنى مرادا بها إيمانه وأعماله الصالحة، فيكون معنى الكلام إذا أريد بها ذلك: وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاؤها، يعني جزاء هذه الأفعال الحسنة.

والوجه الثاني: أن يكون معنيا بالحسنى: الجنة، وأضيف الجزاء إليها، كما قيل وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ والدار: هي الآخرة، وكما قال: وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ والدين: هو القيم.

وقرأ آخرون: ( فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ) بمعنى: فله الجنة جزاء فيكون الجزاء منصوبا على المصدر. بمعنى: يجازيهم جزاء الجنة.

وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي قراءة من قرأه: ( فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ) بنصب الجزاء وتنوينه على المعنى الذي وصفت، من أن لهم الجنة جزاء. فيكون الجزاء نصبا على التفسير.

وقوله: ( وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ) يقول: وسنعلمه نحن في الدنيا ما تيسر لنا تعليمه ما يقرّبه إلى الله ويلين له من القول. وكان مجاهد يقول نحوا مما قلنا في ذلك.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " ، وحدثتي الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ) قال معروفا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

التدبر :

وقفة
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ ذو القرنين مع قوته وتمكنه وانتصاره (يقول يسرًا)، القول اليسر من علامات النصر.
وقفة
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ﴾ أي: فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة، ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ أي: وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين، الأولياء العادلين العالمين؛ حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد بما يليق بحاله.
وقفة
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ وهنا يظهر أهمية مبدأ الثواب والعقاب، وما أجمَل أنْ نرصُدَ المكافآت التشجيعية والجوائز، ونقيم حفلات التكريم للمتميزين! فذلك مما يشعل روح التنافس، شريطةَ أنْ يقومَ ميزان الاختيار على الحق والعدل.
وقفة
[88] كيف ييسر الله أمرك ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾.
وقفة
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ رسالة في الأدب والتعليم والتربية والتوجيه ... إلخ، الكلام الحسن الطيب تأثيره أبقى وأفيد وأفضل وأعلى.
وقفة
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ أيها الأب، المعلم: الكلام الحسن والثناء الطيب واجب لمن أحسن، وأثره فعال.
وقفة
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ أي: كلامًا جميلًا فالإشادة بالعمل الناجح مطلب شرعي وتعزيز معنوي.
تفاعل
[88] ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[88] ﴿فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ﴾ التحفيز مطلب لكل مجتهد، وهو سر من أسرار التفوق.
وقفة
[88] ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾ اللين والتيسير ليست ضد قوة الضبط والإدارة، بل فيها تشجيع واعانة لمن يستحقها.

الإعراب :

  • ﴿ وَأَمّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً:
  • معطوفة بالواو على أَمّا مَنْ ظَلَمَ» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب اعرابها. وعمل: معطوفة بالواو على «آمن» وتعرب اعرابها. صالحا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى:
  • الفاء واقعة في جواب «ما» والجملة الاسمية بعدها في محل رفع خبر المبتدأ «من».له جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. جزاء:تمييز منصوب بالفتحة. وبما ان الكلمة مصدر فيجوز اعرابها حالا على المصدر. الحسنى: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر اي المثوبة الحسنى فحذف المبتدأ الموصوف «المثوبة» وحلت الصفة «الحسنى» محله. والكلمة مؤنث «الأحسن».
  • ﴿ وَسَنَقُولُ لَهُ:
  • الواو استئنافية. السين: حرف تسويف-استقبال- للقريب: نقول: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. له: جار ومجرور متعلق بنقول.
  • ﴿ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً:
  • جار ومجرور متعلق بنقول. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة. يسرا: مفعول به لنقول منصوب بالفتحة او منصوبة على المصدر بمعنى: وسنأمر بما ييسر عليه امرنا يسرا. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [88] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ ذو القرنين جزاء من كفر؛ بَيَّنَ هنا جزاء من آمن، قال تعالى:
﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

جزاء:
قرئ:
1- بالنصب والتنوين، وهى قراءة حمزة، والكسائي، وحفص، وأبى بحرية، والأعمش، وطلحة، وابن مناذر، ويعقوب، وأبى عبيد، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهانى، وابن جبير الانطاكى، ومحمد بن جرير.
2- بالرفع والإضافة وهى قراءة باقى السبعة.
3- بالرفع، على أنه مبتدأ، و «له» الخبر، و «الحسنى» بدل، من «جزاء» ، وهى قراءة عبد الله ابن أبى إسحاق.
4- بالنصب من غير تنوين والإضافة، وهى قراءة ابن عباس، ومسروق.
يسرا:
وقرئ:
بضم السين، وهى قراءة أبى جعفر.

مدارسة الآية : [89] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

التفسير :

[89] ثم رجع ذو القرنين إلى المشرق متبعاً الأسباب التي أعطاه الله إياها.

أي لما وصل إلى مغرب الشمس كر راجعا، قاصدا مطلعها، متبعا للأسباب، التي أعطاه الله، فوصل إلى مطلع الشمس فـ{ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ْ} أي:وجدها تطلع على أناس ليس لهم ستر من الشمس، إما لعدم استعدادهم في المساكن، وذلك لزيادة همجيتهم وتوحشهم، وعدم تمدنهم، وإما لكون الشمس دائمة عندهم، لا تغرب عنهم غروبا يذكر، كما يوجد ذلك في شرقي أفريقيا الجنوبي، فوصل إلى موضع انقطع عنه علم أهل الأرض، فضلا عن وصولهم إليه إياه بأبدانهم، ومع هذا، فكل هذا بتقدير الله له، وعلمه به ولهذا قال{ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبَرًا ْ} أي:أحطنا بما عنده من الخير والأسباب العظيمة وعلمنا معه، حيثما توجه وسار.

وقوله : ( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ) بيان لما فعله بعد أن بلغ مغرب الشمس .

أى : وبعد أن بلغ مغرب الشمس ، ونال مقصده ، كر راجعا من جهة غروب الشمس إلى جهة شروقها .

يقول تعالى ثم سلك طريقًا فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها وكان كلما مر بأمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله عز وجل فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم آنافهم واستباح أموالهم وأمتعتهم واستخدم من كل أمة ما تستعين به جيوشه على قتال الإقليم المتاخم لهم.

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)

يقول تعالى ذكره: ثم سار وسلك ذو القرنين طرقا ومنازل.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) يعني منـزلا.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا) منازل الأرض ومعالمها

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[89] ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ إيجابية في التعامل مع هذه المشاكل، واستعانة بالسنن.
وقفة
[89] ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ لا بد من المداومة ومواصلة الرحلة لتحقيق الهدف، حيث لا راحة في الدنيا، والناس محتاجون لهداية هذا الدين وتعاليم رب العالمين.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً:
  • ثم عاطفة. اتبع: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو اي ذو القرنين. سببا: اي طريقا او وسيلة: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 85﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا
الكهف: 89﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا
الكهف: 92﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [89] لما قبلها :     وبعد أن بلغَ مغربَ الشمس ونالَ مقصدَه؛ كَرَّ راجعًا متبعًا الأسباب التي أعطاها اللهُ له، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أتبع:
انظر (الآية: 85 من هذه السورة ص: 645) .

مدارسة الآية : [90] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ..

التفسير :

[90] حتى إذا وصل إلى مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ليس لهم بناء يسترهم، ولا شجر يظلهم من الشمس.

أي لما وصل إلى مغرب الشمس كر راجعا، قاصدا مطلعها، متبعا للأسباب، التي أعطاه الله، فوصل إلى مطلع الشمس فـ{ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ْ} أي:وجدها تطلع على أناس ليس لهم ستر من الشمس، إما لعدم استعدادهم في المساكن، وذلك لزيادة همجيتهم وتوحشهم، وعدم تمدنهم، وإما لكون الشمس دائمة عندهم، لا تغرب عنهم غروبا يذكر، كما يوجد ذلك في شرقي أفريقيا الجنوبي، فوصل إلى موضع انقطع عنه علم أهل الأرض، فضلا عن وصولهم إليه إياه بأبدانهم، ومع هذا، فكل هذا بتقدير الله له، وعلمه به ولهذا قال

حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ أى: حتى إذا كر راجعا وبلغ منتهى الأرض المعمورة في زمنه من جهة المشرق.

وَجَدَها أى الشمس تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً أى: لم نجعل لهم من دون الشمس ما يستترون به من البناء أو اللباس، فهم قوم عراة يسكنون الأسراب والكهوف في نهاية المعمورة من جهة المشرق.

وذكر في أخبار بني إسرائيل أنه عاش ألفا وستمائة سنة يجوب الأرض طولها والعرض حتى بلغ المشارق والمغارب . ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال الله تعالى : ( وجدها تطلع على قوم ) أي أمة ( لم نجعل لهم من دونها سترا ) أي : ليس لهم بناء يكنهم ، ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس .

قال سعيد بن جبير : كانوا حمرا قصارا ، مساكنهم الغيران ، أكثر معيشتهم من السمك .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا سهل بن أبي الصلت ، سمعت الحسن وسئل عن قوله تعالى : ( لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال : إن أرضهم لا تحمل البناء فإذا طلعت الشمس تغوروا في المياه ، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم . قال الحسن : هذا حديث سمرة .

وقال قتادة : ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئا ، فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب ، حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم .

وعن سلمة بن كهيل أنه قال : ليس لهم أكنان ، إذا طلعت الشمس طلعت عليهم ، فلأحدهم أذنان يفترش إحداهما ويلبس الأخرى .

قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال : هم الزنج .

وقال ابن جريج في قوله : ( وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال : لم يبنوا فيها بناء قط ، ولم يبن عليهم فيها بناء قط ، كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس ، أو دخلوا البحر ، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل ، جاءهم جيش مرة فقال لهم أهلها : لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها . قالوا : لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام ؟ قالوا : هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس هاهنا فماتوا . قال : فذهبوا هاربين في الأرض .

القول في تأويل قوله تعالى (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا)

يقول تعالى ذكره: ووجد ذو القرنين الشمس تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا، وذلك أن أرضهم لا جبل فيها ولا شجر، ولا تحتمل بناء ، فيسكنوا البيوت، وإنما يغورون في المياه، أو يسربون في الأسراب...

كما حدثني إبراهيم ين المستمر، قال: ثنا سليمان بن داود وأبو داود، قال: ثنا سهل بن أبي الصلت السراج، عن الحسن (تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) قال: كانت أرضا لا تحتمل البناء، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس تغور في الماء، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم، قال: ثم قال الحسن: هذا حديث سمرة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) ذكر لنا أنهم كانوا في مكان لا يستقرّ عليه البناء، وإنما يكونون في أسراب لهم، حتى إذا زالت عنهم الشمس خرجوا إلى معايشهم وحروثهم،

التدبر :

وقفة
[90] ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ﴾ فإذا كان ذو القرنين بهذا القدر العظيم والقدرة الهائلة والعلم والحكمة والملك والسلطان، فكيف بمالك الملك الذي أحاط به سبحانه! فالله أجل وأعظم من كل عظيم وأعلم من كل عليم.
وقفة
[90] الحديث عن الشمس: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا﴾ [86]، ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ﴾، يؤكد أن رحلة ذي القرنين أول رحلة علمية استكشافية للأرض، عرف ذو القرنين في رحلته الاستكشافية بما آتاه الله من سلطة وقوة وعلم جغرافيا الأرض وطرقها غربًا وشرقًا وحياة شعوبها وأحوالهم والظواهر الفلكية.
وقفة
[90] ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾ لم تذكر سورة الكهف ما عمل ذو القرنين مع القوم الذين لم يكن لهم من دون الشمس سترًا ما يرجح أنهم أمم بدائية لا تسعفهم البيئة لبناء حضارة ومدنية.
وقفة
[90] بعد أن امتد سلطان ذي القرنين غربًا وبسط في شعوبه العدل اتجه لشمال الشرق ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾.
وقفة
[90] ﴿تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ﴾ لم يتكلم عنهم، ويبدو أنهم الذين لا تغيب عنهم الشمس ثلاثة أشهر أو أكثر، ممن هم في شمال الأرض.
وقفة
[90] وصل ذو القرنين بلاد الشرق فوجدها ﴿تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾، فقر وقلة الخدمات وتخلف وضعف، الداعية يجد الجمال في دعوته وليس في اﻷرض.
وقفة
[90] ﴿لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾ كانوا عراة, ما أرقى اللفظ القرآني وما أسمى دﻻلته!
وقفة
[90] وجد ذو القرنين في أقصى الشمال الشرقي حيث تطلع الشمس دائمًا شعوبًا بدائية تعيش في العراء ﴿لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾، فهم بلا ليل يسترهم منها.
وقفة
[90] الشعوب الشرقية مبتلاة بالجهل والفقر منذ القدم، فذو القرنيين لما بلغ مطلع الشمس وجد قومًا ﴿لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾ فعوراتهم بادية، وجهلهم فاشٍ، حتي أنهم لم يحرصوا على سترها, وهذه إحدي عواقب الوثنية المقيتة.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً
  • هذه الآية الكريمة اعربت في الآية الكريمة السادسة والثمانين. و مَطْلِعَ الشَّمْسِ» مكان مطلع الشمس اي كما بلغ مغربها لم نجعل لهم من دونها سترا الجملة الفعلية في محل جر صفة-نعت-لقوم. لم: حرف نفي وجزم وقلب. نجعل: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. لهم: جار ومجرور متعلق بنجعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام. من دونها: جار ومجرور متعلق بنجعل او بحال محذوفة من «سترا» و «ها» ضمير متصل في محل جر بالاضافة. سترا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

الكهف: 86﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا
الكهف: 90﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا
الكهف: 93﴿ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا
الأحقاف: 15﴿ۖ وَحَمۡلُهُۥ وَفِصَٰلُهُۥ ثَلَٰثُونَ شَهۡرًاۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [90] لما قبلها :     ولَمَّا أتبع الأسباب؛ بلغ منتهى الأرض المعمورة في زمنه من جهة المشرق، ووجد هناك قومًا ليس لهم ما يسترهم من الشمس، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مطلع:
قرئ:
1- بفتح اللام، وهى قراءة الحسن، وعيسى، وابن محيصن، ورويت عن ابن كثير، وأهل مكة، وهو القياس.
2- بكسرها، وهو سماع فى أحرف معدودة، وهى قراءة الجمهور.

مدارسة الآية : [91] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ ..

التفسير :

[91] كذلك وقد أحاط عِلْمُنا بما عنده من الخير والأسباب العظيمة، حيثما توجَّه وسار.

( كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ) أي:أحطنا بما عنده من الخير والأسباب العظيمة وعلمنا معه، حيثما توجه وسار.

وقوله: كَذلِكَ خبر لمبتدأ محذوف، أى: أمر ذي القرنين كذلك من حيث إنه آتاه الله من كل شيء سببا، فبلغ ملك مشارق الأرض ومغاربها.

وقوله وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً بيان لشمول علم الله- تعالى- بأحوال ذي القرنين الظاهرة والباطنة ولأحوال غيره.

أى: كذلك كان شأن ذي القرنين. وقد أحطنا إحاطة تامة وعلمنا علما لا يعزب عنه شيء، بما كان لدى ذي القرنين من جنود وقوة وآلات ... وغير ذلك من أسباب الملك والسلطان.

وقوله : ( كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ) قال مجاهد ، والسدي : علما ، أي : نحن مطلعون على جميع أحواله وأحوال جيشه ، لا يخفى علينا منها شيء ، وإن تفرقت أممهم وتقطعت بهم الأرض ، فإنه تعالى : ( لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) [ آل عمران : 5 ]

القول في تأويل قوله تعالى: ( كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ).

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج في قوله (وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) قال: لم يبنوا فيها بناء قط، ولم يبن عليهم فيها بناء قط، وكانوا إذا طلعت عليهم الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس، أو دخلوا البحر، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل، وجاءهم جيش مرّة، فقال لهم أهلها: لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها، فقالوا: لا نبرح حتى تطلع الشمس، ما هذه العظام؟ قالوا: هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس ها هنا فماتوا، قال: فذهبوا هاربين في الأرض.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله: (تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) قال: بلغنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليهم بناء، فكانوا يدخلون في أسراب لهم إذا طلعت الشمس، حتى تزول عنهم، ثم يخرجون إلى معايشهم.

وقال آخرون: هم الزنج.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا) قال: يقال: هم الزنج.

وأما قوله: (كَذَلِكَ) فإن معناه: ثم أتبع سببا كذلك، حتى إذا بلغ مطلع الشمس ؛ وكذلك: من صلة أتبع، وإنما معنى الكلام: ثم أتبع سببا، حتى بلغ مطلع الشمس ، كما أتبع سببا حتى بلغ مغربها.

وقوله ( وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ) يقول: وقد أحطنا بما عند مطلع الشمس علما لا يخفى علينا ما هنالك من الخلق وأحوالهم وأسبابهم، ولا من غيرهم شيء.

وبالذي قلنا في معنى الخبر، قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (خُبْرًا) قال: علما.

حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ) قال: علما.

التدبر :

وقفة
[91] ﴿كَذَلِكَ﴾: إشارة إلى أمر ذي القرنين، ﴿وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ أي: كذلك أمْر صاحب القرنين، وقد أحاط علمنا بتفاصيل ما لديه من القوة والسلطان.

الإعراب :

  • ﴿ كَذلِكَ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف بتقدير: امر ذي القرنين كذلك اللام للبعد والكاف حرف خطاب.ويجوز ان تكون الكاف في محل نصب نائبة عن مفعول مطلق-مصدر-من الفعل «تطلع» بتقدير: تطلع على قوم طلوعا مثل ذلك بمعنى: كما وصفناه -اي ذا القرنين-تعظيما لامره في علو المنزلة وسعة الملك.
  • ﴿ وَقَدْ أَحَطْنا:
  • الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. قد: حرف تحقيق. احطنا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
  • ﴿ بِما لَدَيْهِ خُبْراً:
  • جار ومجرور متعلق بأحاط‍.ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. لديه: بمعنى «عنده» وهو ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره «استقر» وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. خبرا: اي علما:تمييز منصوب بالفتحة. وجملة «استقر لديه» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب بمعنى: بما استقر لديه من وسائل التسلط‍. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [91] لما قبلها :     : وبعد ذكر ما سبق عن ذي القرنين؛ بَيَّنَ اللهُ عز و جل هنا أنه أحاط عِلمًا بما عند ذي القرنين من الخير والأسباب العظيمة، قال تعالى:
﴿ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [92] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

التفسير :

[92] ثم سار ذو القرنين آخذاً بالطرق والأسباب التي منحناها إياه.

تفسير الآيتين 92 و 93:ـ

{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ْ} قال المفسرون:ذهب متوجها من المشرق، قاصدا للشمال، فوصل إلى ما بين السدين، وهما سدان، كانا سلاسل جبال معروفين في ذلك الزمان، سدا بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وجد من دون السدين قوما، لا يكادون يفقهون قولا، لعجمة ألسنتهم، واستعجام أذهانهم وقلوبهم، وقد أعطى الله ذا القرنين من الأسباب العلمية، ما فقه به ألسنة أولئك القوم وفقههم، وراجعهم، وراجعوه، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من بني آدم

وقوله - سبحانه - : ( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ) بيان لما فعله بعد أن بلغ مغرب الشمس ومشرقها .

قول تعالى مخبرا عن ذي القرنين : ( ثم أتبع سببا ) أي : ثم سلك طريقا من مشارق الأرض .

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92)

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[92] ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ إيجابية في التعامل مع هذه المشاكل، واستعانة بالسنن.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً
  • أعربت في الآية الكريمة التاسعة والثمانين. بمعنى: ثم اتبع طريقا ثالثا. '

المتشابهات :

الكهف: 85﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا
الكهف: 89﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا
الكهف: 92﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [92] لما قبلها :     وبعد أن بلغَ مطلعَ الشمس ونالَ مقصدَه؛ كَرَّ قاصدًا جهة الشمال، متبعًا الأسباب التي أعطاها اللهُ له، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

أتبع:
انظر (الآية: 85 من هذه السورة ص: 645) .

مدارسة الآية : [93] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ..

التفسير :

[93] حتى إذا وصل إلى ما بين الجبلين الحاجزين لما وراءهما، وجد من دونهما قوماً لا يكادون يعرفون كلام غيرهم.

تفسير الآيتين 92 و 93:ـ

{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ْ} قال المفسرون:ذهب متوجها من المشرق، قاصدا للشمال، فوصل إلى ما بين السدين، وهما سدان، كانا سلاسل جبال معروفين في ذلك الزمان، سدا بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، وجد من دون السدين قوما، لا يكادون يفقهون قولا، لعجمة ألسنتهم، واستعجام أذهانهم وقلوبهم، وقد أعطى الله ذا القرنين من الأسباب العلمية، ما فقه به ألسنة أولئك القوم وفقههم، وراجعهم، وراجعوه، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من بني آدم

أى: ثم بعد أن بلغ مغرب الشمس ومشرقها ... سار في طريق ثالث معترض بين المشرق والمغرب، آخذا فيه حَتَّى إِذا بَلَغَ في مسيره ذلك بَيْنَ السَّدَّيْنِ أى: الجبلين، وسمى الجبل سدا، لأنه سد فجا من الأرض.

قالوا: والسدان هما جبلان من جهة أرمينية وأذربيجان، وقيل هما في نهاية أرض الترك مما يلي المشرق:

وَجَدَ مِنْ دُونِهِما أى: من دون السدين ومن ورائهما قَوْماً أى: أمة من الناس لغتهم لا تكاد تعرف لبعدهم عن بقية الناس، ولذا قال- سبحانه-.

لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا أى: لا يكاد هؤلاء القوم يفهمون أو يقرءون ما يقوله الناس لهم، لغرابة لغتهم وقلة فطنتهم، ولا يعرف الناس- أيضا- ما يقوله هؤلاء القوم لهم، لشدة عجمتهم.

( حتى إذا بلغ بين السدين ) وهما جبلان متناوحان بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فيهم فسادا ، ويهلكون الحرث والنسل ، ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم ، عليه السلام ، كما ثبت في الصحيحين : " إن الله تعالى يقول : يا آدم . فيقول : لبيك وسعديك . فيقول : ابعث بعث النار . فيقول : وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة ؟ فحينئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فيقال : إن فيكم أمتين ، ما كانتا في شيء إلا كثرتاه : يأجوج ومأجوج " .

وقد حكى النووي ، رحمه الله ، في شرح " مسلم " عن بعض الناس : أن يأجوج ومأجوج خلقوا من مني خرج من آدم فاختلط بالتراب ، فخلقوا من ذلك فعلى هذا يكونون مخلوقين من آدم ، وليسوا من حواء . وهذا قول غريب جدا ، [ ثم ] لا دليل عليه لا من عقل ولا [ من ] نقل ، ولا يجوز الاعتماد هاهنا على ما يحكيه بعض أهل الكتاب ؛ لما عندهم من الأحاديث المفتعلة ، والله أعلم .

وفي مسند الإمام أحمد ، عن سمرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ولد نوح ثلاثة : سام أبو العرب ، وحام أبو السودان ، ويافث أبو الترك " . قال بعض العلماء : هؤلاء من نسل يافث أبي الترك ، قال : [ إنما سموا هؤلاء تركا ؛ لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة ، وإلا فهم أقرباء أولئك ، ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة . وقد ذكر ابن جرير هاهنا عن وهب بن منبه أثرا طويلا عجيبا في سير ذي القرنين ، وبنائه السد ، وكيفية ما جرى له ، وفيه طول وغرابة ونكارة في أشكالهم وصفاتهم ، [ وطولهم ] وقصر بعضهم ، وآذانهم . وروى ابن أبي حاتم أحاديث غريبة في ذلك لا تصح أسانيدها ، والله أعلم .

وقوله : ( وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا ) [ أي ] : لاستعجام كلامهم وبعدهم عن الناس .

القول في تأويل قوله تعالى : حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا (93)

يقول تعالى ذكره: ثم سار طرقا ومنازل، وسلك سبلا(حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) بضمّ السين وكذلك جميع ما في القرآن من ذلك بضم السين. وكان بعض قرّاء المكيين يقرؤنه بفتح ذلك كله. وكان أبو عمرو بن العلاء يفتح السين في هذه السورة، ويضمّ السين في يس، ويقول: السَّدُّ بالفتح: هو الحاجز بينك وبين الشيء ؛ والسُّدُّ بالضم: ما كان من غشاوة في العين. وأما الكوفيون فإن قراءة عامتهم في جميع القرآن بفتح السين غير قوله: &; (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) فإنهم ضموا السين في ذلك خاصة.

ورُوي عن عكرمة في ذلك، ما حدثنا به أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن أيوب، عن عكرمة قال: ما كان من صنعة بني آدم فهو السَّدُّ ، يعني بالفتح، وما كان من صنع الله فهو السدّ.

وكان الكسائي يقول : هما لغتان بمعنى واحد.

والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولغتان متفقتا المعنى غير مختلفة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، ولا معنى للفرق الذي ذكر عن أبي عمرو بن العلاء، وعكرمة بين السُّد والسَّد، لأنا لم نجد لذلك شاهدا يبين عن فرق ما بين ذلك على ما حكي عنهما. وما يبين ذلك أن جميع أهل التأويل الذي رُوي لنا عنهم في ذلك قول - لم يحك لنا عن أحد منهم تفصيل بين فتح ذلك وضمه، ولو كانا مختلفي المعنى لنقل الفصل مع التأويل إن شاء الله. ولكن معنى ذلك كان عندهم غير مفترق ، فيفسر الحرف بغير تفصيل منهم بين ذلك. وأما ما ذُكر عن عكرِمة في ذلك، فإن الذي نقل ذلك عن أيوب وهارون، وفي نقله نظر، ولا نعرف ذلك عن أيوب من رواية ثقات أصحابه. والسَّد والسُّد جميعا: الحاجز بين الشيئين، وهما ها هنا فيما ذُكر جبلان سدّ ما بينهما، فردم ذو القرنين حاجزا بين يأجوج ومأجوج ومن وراءهم، ليقطع مادّ غوائلهم وعبثهم عنهم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) قال: الجبلين الردم الذي بين يأجوج ومأجوج، أمتين من وراء ردم ذي القرنين: قال: الجبلان: أرمينية وأذربيجان.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) وهما جبلان.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (بَيْنَ السَّدَّيْنِ) يعني بين جبلين.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (بَيْنَ السَّدَّيْنِ) قال: هما جبلان.

وقوله (وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا) يقول عزّ ذكره: وجد من دون السدّين قوما لا يكادون يفقهون قول قائل سوى كلامهم.

وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله (يَفْقَهُونَ) فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة (يَفْقَهُونَ قَوْلا) بفتح القاف والياء، من فقَه الرجل يفقَه فقها: وقرأ ذلك عامَّة قرّاء أهل الكوفة (يُفْقِهُونَ قَوْلا) بضمّ الياء وكسر القاف: من أفقهت فلانا كذا أفقهه إفقاها: إذا فهمته ذلك.

والصواب عندي من القول في ذلك، إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، غير دافعة إحداهما الأخرى ، وذلك أن القوم الذين أخبر الله عنهم هذا الخبر جائز أن يكونوا لا يكادون يفقهون قولا لغيرهم عنهم، فيكون صوابا القراءة بذلك. وجائز أن يكونوا مع كونهم كذلك كانوا لا يكادون أن يفقهوا غيرهم لعلل: إما بألسنتهم، وإما بمنطقهم، فتكون القراءة بذلك أيضا صوابا.

التدبر :

وقفة
[93] رجع ذو القرنين من أقصى شمال الشرق ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾، أي جبلين في سلسلة جبال أرمينيا بين بحر قزوين والبحر الأسود.
وقفة
[93] ذو القرنين يحدد للداعية حدود الدعوة الإسلام: ﴿مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾ [86]، و﴿مَطْلِعَ الشَّمْسِ﴾ [90]، و﴿بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾؛ اﻷرض كلها.
وقفة
[93] وصل ذو القرنين لجبلين كانا يشكلان سدًا وحاجزًا طبيعيًا ﴿وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾، لتخلفهم عن أسباب العلم والحضارة لبدائيتهم.
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ جزى الله هؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون قولًا على اقتراحهم الجميل، فقد أراحوا البشرية من يأجوج ومأجوج آلاف السنين، وبعض من يحسن القول جر علينا الويلات.
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ عدم قدرتهم على الفهم والخطاب الواضح لا يعني أنه ليس لهم قضية عادلة.
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ في مملكة العدل: يسمع صوتك، ويحتفى بمطالبك، ولو تعثرت لغتك، وتلعثمت كلماتك.
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ أي أنهم لا يقتربون حتى من الفهم، فهم لا يُفهمون أصلًا، وقد تفاهم معهم بأن احتال لذلك من حركاتهم وإشاراتهم، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الداعية للخير أن يحتال ويتجاوز العقبات التي تواجهه، ليوصل للناس الخير الذي معه.
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ لبعدهم عن الناس وندرة لغتهم وصعوبة الوصول لهم، ما أكثر هذه المجتمعات اليوم وما أحوجهم لورثة (ذِي الْقَرْنَيْنِ)!
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ لا ندري ماذا فعل ذو القرنين حتى يفهم من القوم الذين لا يفقهون قولًا، المهم أننا فهمنا: أن المسؤول يجب أن يفهم.
وقفة
[93] ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ لبعدهم عن الناس وندرة لغتهم وصعوبة الوصول إليهم, ما أكثر هذه المجتمعات اليوم، وما أحوجهم لورثة ذي القرنيين! فنعوذ بالله من كسل أصاب الأمة المحمدية.
وقفة
[93] ﴿لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ الظلم يجعل المظلوم يحسن أن يعبر عما في نفسه، حتى وإن كان أعجميًا.
وقفة
[93] من الأسباب التي اتخذها ذو القرنيين في فتح البلاد: الترجمة فما بين السدين ﴿قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ ومع هذا طلبوا بناء السد وتفاهموا معه, فلأجل أن تفتح الأمة اليوم مشارق الأرض ومغاربها فليكن بين يديها مشاريع ترجمة للدين الإسلامي الصحيح.
وقفة
[93] جزا الله هؤلاء القوم الذين ﴿لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ على اقتراحهم الجميل، فقد أراحوا البشرية من يأجوج ومأجوج آلاف السنين، وبعض من يحسن القول: جر علينا الويلات.
وقفة
[93] نوعية من الناس تتكرر ﴿لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾؛ إما أن القوم لا يفهمون لغة غيرهم، وإما أن الكلام لا ينفع معهم لجفاء وغلظة أو غفلة وسذاجة.

الإعراب :

  • ﴿ حَتّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ:
  • تعرب اعراب «حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجد» الواردة في الآية الكريمة السادسة والثمانين. وانتصب «بين» على المفعولية لانه من الظروف التي تستعمل اسماء وظروفا وهو مضاف.السدين: مضاف إليه مجرور بالياء لانه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِما قَوْماً:
  • جار ومجرور متعلق بوجد والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. الميم: عماد. والالف علامة التثنية. قوما: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً:
  • الجملة الفعلية في محل نصب-نعت-لقوما.لا: نافية لا عمل لها. يكادون: فعل مضارع ناقص مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «يكاد» ,يفقهون: اي «يفهمون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. قولا:مفعول به منصوب بالفتحة. والجملة الفعلية يَفْقَهُونَ قَوْلاً» في محل نصب خبر «يكادون».'

المتشابهات :

النساء: 78﴿فَمَالِ هَـٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا
الكهف: 93﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [93] لما قبلها :     ولَمَّا أتبع الأسباب؛ سلكَ ذو القرنين طريقًا ثالثًا معترضًا بين المشرق والمغرب حتى بلغَ بينَ السَدَّيْنِ، ووجد هناك قومًا لا يكادون يعرفون كلام غيرهم، قال تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

السدين:
قرئ:
1- بفتح السين، وهى قراءة مجاهد، وعكرمة، والنخعي، وحفض، وابن كثير، وأبى عمرو.
2- بضمها، وهى قراءة باقى السبعة.
قال الكسائي: هما لغتان بمعنى واحد.
يفقهون:
وقرئ:
بضم الياء وكسر القاف، أي: يفقهون السامع كلامهم، وهى قراءة الأعمش، وابن أبى ليلى، وخلف، وابن عيسى الأصبهانى، وحمزة، والكسائي.

مدارسة الآية : [94] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ ..

التفسير :

[94] قالوا يا ذا القرنين:إنَّ يأجوج ومأجوج -وهما أمَّتان عظيمتان من بني آدم- مفسدون في الأرض بإهلاك الحرث والنسل، فهل نجعل لك أجراً، ونجمع لك مالاً، على أن تجعل بيننا وبينهم حاجزاً يحول بيننا وبينهم؟

{ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ْ} بالقتل وأخذ الأموال وغير ذلك.{ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ْ} أي جعلا{ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ْ} ودل ذلك على عدم اقتدارهم بأنفسهم على بنيان السد، وعرفوا اقتدار ذي القرنين عليه، فبذلوا له أجرة، ليفعل ذلك، وذكروا له السبب الداعي، وهو:إفسادهم في الأرض، فلم يكن ذو القرنين ذا طمع، ولا رغبة في الدنيا، ولا تاركا لإصلاح أحوال الرعية، بل كان قصده الإصلاح، فلذلك أجاب طلبتهم لما فيها من المصلحة، ولم يأخذ منهم أجرة، وشكر ربه على تمكينه واقتداره

قالُوا أى: هؤلاء القوم لذي القرنين: يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ.

ويأجوج ومأجوج اسمان أعجميان، قيل: مأخوذان من الأوجة وهي الاختلاط أو شدة الحر: وقيل: من الأوج وهو سرعة الجري.

واختلف في نسبهم، فقيل: هم من ولد يافث بن نوح والترك منهم. وقيل: يأجوج من الترك، ومأجوج من الديلم.

أى: قال هؤلاء القوم- الذين لا يكادون يفقهون قولا- لذي القرنين، بعد أن توسموا فيه القوة والصلاح.. يا ذا القرنين إن قبيلة يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض بشتى أنواع الفساد والنهب والسلب.

وفي الصحيحين من حديث زينب بنت جحش- رضى الله عنها- قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق- بين أصابعه- قلت:

يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث» .

وقوله- تعالى- فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا حكاية لما عرضه هؤلاء القوم على ذي القرنين من عروض تدل على ثقتهم فيه وحسن أدبهم معه، حيث خاطبوه بصيغة الاستفهام الدالة على أنهم يفوضون الأمر إليه.

والخرج: اسم لما يخرجه الإنسان من ماله لغيره. وقرأ حمزة والكسائي خراجا: وهما بمعنى واحد، وقيل الخرجة: الجزية. والخراج: اسم لما يخرجه عن الأرض.

أى: فهل نجعل لك مقدارا كبيرا من أموالنا على سبيل الأجر، لكي تقيم بيننا وبين قبيلة يأجوج ومأجوج سدا يمنعهم من الوصول إلينا. ويحول بيننا وبينهم؟

( قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا ) قال ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عباس : أجرا عظيما ، يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالا يعطونه إياه ، حتى يجعل بينهم وبينهم سدا .

القول في تأويل قوله ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ) اختلفت القرّاء في قراءة قوله ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ) فقرأت القرّاء من أهل الحجاز والعراق وغيرهم ( إنَّ ياجُوجَ وماجُوجَ ) بغير همز على فاعول من يججت ومججت، وجعلوا الألفين فيهما زائدتين ، غير عاصم بن أبي النجود والأعرج، فإنه ذكر أنهما قرآ ذلك بالهمز فيهما جميعا، وجعلا الهمز فيهما من أصل الكلام، وكأنهما جعلا يأجوج: يفعول من أججت، ومأجوج: مفعول.

والقراءة التي هي القراءة الصحيحة عندنا، أن (ياجُوحَ وماجُوجَ) بألف بغير همز لإجماع الحجة من القرّاء عليه، وأنه الكلام المعروف على ألسن العرب ؛ ومنه قول رؤبة بن العجاج.

لــو أنَّ يــاجُوجَ ومـاجُوجَ مَعـا

وعــادَ عــادُوا واسْتَجاشُـوا تُبَّعـا (2)

وهم أمتان من وراء السدّ.

وقوله: ( مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ) اختلف أهل التأويل في معنى الإفساد الذي وصف الله به هاتين الأمتين، فقال بعضهم: كانوا يأكلون الناس.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا إبراهيم بن أيوب الخوزاني، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت سعيد بن عبد العزيز يقول في قوله ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ) قال : كانوا يأكلون الناس.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يأجوج ومأجوح سيفسدون في الأرض، لا أنهم كانوا يومئذ يفسدون.

* ذكر من قال ذلك، وذكر صفة اتباع ذي القرنين الأسباب التي ذكرها الله في هذه الآية، وذكر سبب بنائه للردم: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا محمد بن اسحاق، قال: ثني بعض من يسوق أحاديث الأعاجم من أهل الكتاب، ممن قد أسلم، مما توارثوا من علم ذي القرنين، أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبا بن مردبة اليوناني، من ولد يونن بن يافث بن نوح.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان الكلاعي، وكان خالد رجلا قد أدرك الناس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذى القرنين فقال مَلِكٌ مَسَحَ الأرْضَ مِنْ تَحْتِها بالأسْبابِ" قال خالد: وسمع عمر بن الخطاب رجلا يقول: يا ذا القرنين، فقال: اللهمّ غفرا، أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء، حتى تسموا بأسماء الملائكة؟ فإن كان رسول الله قال ذلك، فالحق ما قال، والباطل ما خالفه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، قال: فحدثني من لا أتهم عن وهب بن منبه اليماني، وكان له علم بالأحاديث الأول ، أنه كان يقول: ذو القرنين رجل من الروم، ابن عجوز من عجائزهم، ليس لها ولد غيره، وكان اسمه الإسكندر. وإنما سمي ذا القرنين أن صفحتي رأسه كانتا من نحاس ؛ فلما بلغ وكان عبدا صالحا، قال الله عزّ وجل له: يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض، وهي أمم مختلفة ألسنتهم، وهم جميع أهل الأرض ، ومنهم أمتان بينهما طول الأرض كله ؛ ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كله، وأم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج. فأما الأمتان اللتان بينهما طول الأرض: فأمة عند مغرب الشمس، يقال لها: ناسك. وأما الأخرى: فعند مطلعها يقال لها: منسك. وأما اللتان بينهما عرض الأرض، فأمة في قطر الأرض الأيمن، يقال لها: هاويل. وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر ، فأمة يقال لها: تاويل ؛ فلما قال الله له ذلك، قال له ذو القرنين: إلهي إنك قد ندبتني لأمر عظيم لا يَقدر قدره إلا أنت، فأخبرني عن هذه الأمم التي بعثني إليها، بأيّ قوة أكابدهم، وبأيّ جمع أكاثرهم، وبأيّ حيلة أكايدهم، وبأيّ صبر أقاسيهم، وبأيّ لسان أناطقهم، وكيف لي بأن أفقه لغاتهم، وبأىّ سمْع أعي قولهم، وبأيّ بصر أنفذهم، وبأيّ حجة أخاصمهم، وبأيّ قلب أعقل عنهم، وبأيّ حكمة أدبر أمرهم، وبأيّ قسط أعدل بينهم، وبأيّ حلم أصابرهم، وبأيّ معرفة أفصل بينهم، وبأيّ علم أتقن أمورهم، وبأيّ يد أسطو عليهم، وبأيّ رجل أطؤهم، وبأيّ طاقة أخصمهم، وبأيّ جند أقاتلهم، وبأيّ رفق أستألفهم، فإنه ليس عندي يا إلهي شيء مما ذكرت يقوم لهم، ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم. وأنت الربّ الرحيم. الذي لا يكلِّف نفسا إلا وسعها، ولا يحملها إلا طاقتها، ولا يعنتها ولا يفدحها، بل أنت ترأفها (3) وترحمها.

قال الله عزّ وجلّ: إني سأطوّقك ما حمَّلتك، أشرح لك صدرك، فيسع كلّ شيء وأشرح لك فهمك فتفقه كلّ شيء، وأبسط لك لسانك، فتنطق بكلّ شيء، وأفتح لك سمعك فتعي كلّ شيء، وأمدّ لك بصرك، فتنفذ كلّ شيء، وأدبر أمرك فتتقن كلّ شيء، وأحصي لك فلا يفوتك شيء، وأحفظ عليك فلا يعزب عنك شيء، وأشدّ لك ظهرك، فلا يهدّك شيء، وأشدّ لك ركنك فلا يغلبك شيء، وأشدّ لك قلبك فلا يروعك شيء، وأسخر لك النور والظلمة، فأجعلهما جندا من جنودك، يهديك النور أمامك، وتحوطك الظلمة من ورائك، وأشدّ لك عقلك فلا يهولك شيء، وأبسط لك من بين يديك، فتسطو فوق كلّ شيء، وأشدّ لك وطأتك، فتهدّ كل شيء، وألبسك الهيبة فلا يرومك شيء.

ولما قيل له ذلك، انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس، فلما بلغهم، وجد جمعا وعددا لا يحصيه إلا الله، وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله، وألسنة مختلفة وأهواء متشتتة، وقلوبا متفرّقة ، فلما رأى ذلك كاثرهم بالظلمة، فضرب حولهم ثلاثة عساكر منها، فأحاطتهم من كلّ مكان، وحاشتهم حتى جمعتهم في مكان واحد، ثم أخذ عليهم بالنور، فدعاهم إلى الله وإلى عبادته، فمنهم من آمن له، ومنهم من صدّ، فعمد إلى الذين تولوا عنه. فأدخل عليهم الظلمة .فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم، ودخلت في بيوتهم ودورهم، وغشيتهم من فوقهم، ومن تحتهم ومن كلّ جانب منهم، فماجوا فيها وتحيروا ، فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه بصوت واحد، فكشفها عنهم وأخذهم عنوة، فدخلوا في دعوته، فجنَّد من أهل المغرب أمما عظيمة، فجعلهم جندا واحدا، ثم انطلق بهم يقودهم، والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم، والنور أمامهم يقودهم ويدلهم، وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى، وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل. وسخر الله له يده وقلبه ورأيه وعقله ونظره وائتماره، فلا يخطئ إذا ائتمر، وإذا عمل عملا أتقنه. فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه، فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال النعال، فنظمها في ساعة، ثم جعل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود، فإذا قطع الأنهار والبحار فتقها، ثم دفع إلى كلّ إنسان لوحا فلا يكرثه حمله، فلم يزل كذلك دأبه حتى انتهى إلى هاويل، فعمل فيها كعمله في ناسك. فلما فرغ منها مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس، فعمل فيها وجند منها جنودا، كفعله في الأمتين اللتين قبلها، ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى، وهو يريد تاويل وهي الأمة التي بحيال هاويل، وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كله ؛ فلما بلغها عمل فيها، وجند منها كفعله فيما قبلها ، فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي وسط الأرض من الجن وسائر الناس، ويأجوج ومأجوج ، فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع الترك نحو المشرق، قالت له أمة من الإنس صالحة: يا ذا القرنين، إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله، وكثير منهم مشابه للإنس (4) ، وهم أشباه البهائم، يأكلون العشب، ويفترسون الدوابّ والوحوش كما تفترسها السباع، ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب، وكلّ ذي روح مما خلق الله في الأرض، وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد، ولا يزداد كزيادتهم، ولا يكثر ككثرتهم، فإن كانت لهم مدّة على ما نرى من نمائهم وزيادتهم، فلا شكّ أنهم سيملئون الأرض، ويجلون أهلها عنها ويظهرون عليها فيفسدون فيها، وليست تمرّ بنا سنة منذ جاورناهم إلا ونحن نتوقعهم، وننتظر أن يطلع علينا أوائلهم من بين هذين الجبلين فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا أعدوا إليّ الصخور والحديد والنحاس حتى أرتاد بلادهم، وأعلم علمهم، وأقيس ما بين جبليهم.

ثم انطلق يؤمهم حتى دفع إليهم وتوسط بلادهم، فوجدهم على مقدار واحد، ذكرهم وأنثاهم، مبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا، لهم مخالب في موضع الأظفار من أيدينا، وأضراس وأنياب كأضراس السباع وأنيابها. وأحناك كأحناك الإبل ، قوّة تسمع لها حركة إذا أكلوا كحركة الجرّة من الإبل، أو كقضم الفحل المسنّ، أو الفرس القويّ، وهم هلب، عليهم من الشعر في أجسادهم ما يواريهم، وما يتقون به الحرّ والبرد إذا أصابهم ، ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان: إحداهما وبرة ظهرها وبطنها، والأخرى زغبة ظهرها وبطنها، تَسعانه إذا لبسهما، يلتحف إحداهما، ويفترش الأخرى، ويصيف في إحداهما، ويشتي في الأخرى، وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا وقد عرف أجله الذى يموت فيه، ومنقطع عمره، وذلك أنه لا يموت ميت من ذكورهم حتى يخرج من صلبه ألف ولد، ولا تموت الأنثى حتى يخرج من رحمها ألف ولد، فإذا كان ذلك أيقن بالموت، وهم يرزقون التنين أيام الربيع، ويستمطرونه إذا تحينوه كما نستمطر الغيث لحينه، فيقذفون منه كلّ سنة بواحد، فيأكلونه عامهم كله إلى مثله من العام القابل، فيغنيهم على كثرتهم ونمائهم، فإذا أمطروا وأخصبوا وعاشوا وسمنوا، ورؤي أثره عليهم، فدرّت عليهم الإناث، وشَبِقت منهم الرجال الذكور، وإذا أخطأهم هَزَلوا وأجدبوا، وجفرت الذكور، وحالت الإناث، وتبين أثر ذلك عليهم، وهم يتداعَون تداعي الحَمام، ويعوُون عُواء الكلاب، ويتسافدون حيث التقَوا تسافد البهائم.

فلما عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصَّدَفين، فقاس ما بينهما وهو في منقطع أرض الترك مما يلي مشرق الشمس، فوجد بُعد ما بينهما مئة فرسخ ؛ فلما أنشأ في عمله، حفر له أساسا حتى بلغ الماء، ثم جعل عرضه خمسين فرسخا، وجعل حشوه الصخور، وطينه النحاس، يذاب ثم يُصبّ عليه، فصار كأنه عِرْق من جبل تحت الأرض، ثم علاه وشَرّفه بزُبَر الحديد والنحاس المذاب، وجعل خلاله عِرْقا من نحاس أصفر، فصار كأنه بُرد محبر من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد ، فلما فرغ منه وأحكمه ، انطلق عامدا إلى جماعة الإنس والجن ، فبينا هو يسير، دفع إلى أمة صالحة يهدون بالحقّ وبه يعدلون، فوجد أمة مقسطة مقتصدة، يقسمون بالسوية، ويحكمون بالعدل، ويتآسون ويتراحمون، حالهم واحدة، وكلمتهم واحدة، وأخلاقهم مشتبهة، وطريقتهم مستقيمة ، وقلوبهم متألفة، وسيرتهم حسنة، وقبورهم بأبواب بيوتهم، وليس على بيوتهم أبواب، وليس عليهم أمراء، وليس بينهم قضاة، وليس بينهم أغنياء، ولا ملوك، ولا أشراف، ولا يتفاوتون، ولا يتفاضلون، ولا يختلفون، ولا يتنازعون، ولا يستبُّون، ولا يقتتلون ، ولا يَقْحَطون، ولا يحردون، ولا تصيبهم الآفات التي تصيب الناس، وهم أطول الناس أعمارا وليس فيهم مسكين، ولا فقير، ولا فظّ، ولا غليظ ، فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم، عجب منه! وقال: أخبروني، أيها القوم خبركم، فإني قد أحصيت الأرض كلها برّها وبحرها، وشرقها وغربها، ونورها وظلمتها، فلم أجد مثلكم، فأخبروني خبركم ؛ قالوا: نعم، فسلنا عما تريد، قال: أخبروني، ما بال قبور موتاكم على أبواب بيوتكم؟ قالوا: عمدا فعلنا ذلك لئلا ننسى الموت، ولا يخرج ذكره من قلوبنا ، قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا: ليس فينا متهم، وليس منا إلا أمين مؤتمن ؛ قال: فما لكم ليس عليكم أمراء؟ قالوا: لا نتظالم ، قال : فما بالكم ليس فيكم حكام؟ قالوا: لا نختصم ، قال: فما بالكم ليس فيكم أغنياء؟ قالوا: لا نتكاثر ؛ قال: فما بالكم ليس فيكم ملوك؟ قالوا: لا نتكابر ، قال: فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون؟ قالوا: من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا ؛ قال: فما بالكم لا تستبون ولا تقتتلون؟ قالوا: من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم، وسسنا أنفسنا بالأحلام ، قال: فما بالكم كلمتكم واحدة، وطريقتكم مستقيمة مستوية؟ قالوا: من قبل أنا لا نتكاذب، ولا نتخادع، ولا يغتاب بعضنا بعضا ؛ قال: فأخبروني من أين تشابهت قلوبكم، واعتدلت سيرتكم؟ قالوا: صحّت صدورنا، فنـزع بذلك الغلّ والحسد من قلوبنا ؛ قال: فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير؟ قالوا: من قبل أنا نقتسم بالسوية ؛ قال: فما بالكم ليس فيكم فظّ ولا غليظ؟ قالوا: من قبل الذّل والتواضع ؛ قال: فما جعلكم أطول الناس أعمارا؟ قالوا: من قبل أنا نتعاطى الحقّ ونحكم بالعدل ؛ قال : فما بالكم لا تُقْحَطون؟ قالوا: لا نغفل عن الاستغفار ، قال: فما بالكم لا تَحْرَدون؟ قالوا: من قبل أنا وطأنا أنفسنا للبلاء منذ كنا ، وأحببناه وحرصنا عليه، فعرينا منه ، قال: فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب الناس؟ قالوا: لا نتوكل على غير الله، ولا نعمل بالأنواء والنجوم ، قال: حدِّثوني أهكذا وجدتم آباءكم يفعلون؟ قالوا: نعم وجدنا آباءنا يرحمون مساكينهم، ويُواسون فقراءهم، ويَعفون عمن ظلمهم، ويُحسنون إلى من أساء إليهم، ويحلُمون عمن جهل عليهم، ويستغفرون لمن سبهم، ويصلون أرحامهم، ويؤدّون آماناتهم، ويحفظون وقتهم لصلاتهم، ويُوَفُّون بعهودهم، ويصدُقون في مواعيدهم، ولا يرغبون عن أكفائهم، ولا يستنكفون عن أقاربهم، فأصلح الله لهم بذلك أمرهم، وحفظهم ما كانوا أحياء، وكان حقا على الله أن يحفطهم في تركتهم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : إنَّ يأجُوجَ ومأْجُوجَ يَحْفُرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ، حتى إذَا كادُوا يَرَونَ شُعاعَ الشَّمْسِ قال الَّذِي عَلَيْهِمْ ارْجِعُوا فَتَحْفُرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللهُ وَهُوَ كَهَيْئتِهِ يَوْمَ تَرَكُوهُ، حتى إذَا جاءَ الوَقْتُ قالَ: إنْ شاءَ اللهُ، فَيَحْفُرُونَهُ ويخْرُجُونَ على النَّاسِ ، فَينْشِفُونَ الميَاهَ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ فِي حُصُونِهِمْ، فَيرْمُونَ بِسِهامِهِمْ إلى السَّماءِ، فَيرجِعُ فيها كَهَيْئَةِ الدِّماءِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنا أَهْلَ الأرضِ، وَعَلَوْنا أهْلَ السَّماءِ، فَيَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمْ نَغْفا في أقْفائِهمْ فَتَقْتُلُهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّ دَوَابَّ الأرْضِ لَتَسْمَنُ وتَشْكرُ مِنْ لُحُومِهِمْ".

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ثم الظفري، عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل، وعن أبي سعيد الخدريّ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يُفْتَحُ يَأْجُوجُ ومأْجُوجَ فَيَخْرُجُونَ على النَّاسِ كمَا قال الله عز وجل وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَغْشَوْنَ الأرْضَ، ويَنْحازُ المُسْلِمُونَ عَنْهُمْ إلى مَدَائِنِهمْ وحُصونِهِمْ، وَيَضُمَّونَ إلَيْهِمْ مَوَاشِيهِمْ، فَيَشْرَبُونَ مِياهَ الأرْضِ، حتى إنَّ بَعْضَهُم لَيَمُرُّ بالنَّهْرِ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهِ، حتى يَتْركُوه يَابِسًا، حتى إنَّ مَنْ بَعْدَهُم لَيَمُرُّ بذلكَ النَّهْرِ، فَيَقُولُ: لَقَدْ كانَ هَا هُنا ماءٌ مَرَّةً، حتى لمْ يَبْقَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إلا انحازَ إلى حِصْنٍ أوْ مَدِينَةٍ، قالَ قائِلُهُم: هَؤْلاء أهْلُ الأرْضِ قَدْ فَرَغْنا مِنْهُمْ، بَقِيَ أهْلُ السَّماءِ، قالَ: ثُمَّ يَهُزُّ أحَدُهُمْ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ يَرْمي بها إلى السَّماءِ، فَتَرْجِعُ إلَيْهِ مُخَضبَةً دَما للبلاء والفِتْنَةِ ، فَبَيْنَا هُمْ على ذلكَ، بَعَثَ اللهُ عَلَيْهِمْ دُودًا في أعناقِهِمْ كالنَّغَفِ، فَتَخْرُجُ فِي أعْناقِهِمْ فيُصْبِحُون مَوْتَى، لا يُسْمَعُ لَهُمْ حِسٌّ، فَيَقُولُ المُسْلِمُونَ: ألا رَجُلٌ يَشْرِي لنَا نَفْسَهُ، فَيَنْظُرُ ما فعل العدوّ، قال: فَيَتَجَرَّدُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لذلكَ مُحْتَسِبا لِنَفْسِهِ، قَدْ وَطَّنَها على أنَّهُ مَقْتُولٌ، فَيَنـزلُ فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى، بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ، فَيُنادِي: يا مَعْشَرَ المُسْلِمينَ، ألا أبشرُوا، فإنَّ اللهَ قَدْ كَفاكُمْ عَدُوَّكُمْ، فيَخْرُجونَ مِنْ مَدَائنهم وَحُصُونِهِمْ، وَيُسَرّحُونَ مَوَاشِيَهُمْ، فَمَا يَكُونُ لَهَا رَعْيٌ إلا لُحُومُهُمْ، فَتشْكرُ عَنْهُمْ أحْسَنَ ما شَكَرَتْ عَنْ شَيْءٍ مِنَ النَّباتِ أصَابَتْ قَطّ".

حدثني بحر بن نصر، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني معاوية، عن أبي الزاهرية وشريح بن عبيد: أن يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف: صنف طولهم كطول الأرز، وصنف طوله وعرضه سواء، وصنف يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى فتغطي سائر جسده.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ) قال: كان أبو سعيد الخدريّ: يقول: إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنْهُمْ حتى يُولَدَ لِصُلْبِهِ ألْفُ رَجُل " . قال: وكان عبد الله بن مسعود يعجب من كثرتهم ويقول: لا يموت من يأجوج ومأجوج أحد حتى يولد له ألف رجل من صلبه.

فالخبر الذي ذكرناه عن وهب بن منبه في قصة يأجوج ومأجوج، يدلّ على أن الذين قالوا لذي القرنين ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ) إنما أعلموه خوفَهم ما يحدُث منهم من الإفساد في الأرض، لا أنهم شَكَوا منهم فسادا كان منهم فيهم أو في غيرهم. والأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم سيكون منهم الإفساد في الأرض، ولا دلالة فيها أنهم قد كان منهم قبل إحداث ذي القرنين السدّ الذي أحدثه بينهم وبين من دونهم من الناس في الناس غيرهم إفساد.

فإذا كان ذلك كذلك بالذي بيَّنا، فالصحيح من تأويل قوله ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ ) إن يأجوج ومأجوج سيفسدون في الأرض.

وقوله ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا) كأنهم نَحَوا به نَحو المصدر من خَرْج للرأس ، وذلك جعله ، وقرأته عامَّة قرّاء الكوفيين (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرَاجا) بالألف، وكأنهم نحوا به نحو الاسم. وعنوا به أجرة على بنائك لنا سدّا بيننا وبين هؤلاء القوم.

وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب قراءة من قرأه (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرَاجا) بالألف، لأن القوم فيما ذُكر عنهم، إنما عرضوا على ذي القرنين أن يعطوه من أموالهم ما يستعين به على بناء السدِّ، وقد بين ذلك بقوله: (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا) ولم يعرضوا عليه جزية رؤوسهم. والخراج عند العرب: هو الغلة.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عباس ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرَاجًا ) قال: أجرا(عَلَى أن تجعل بيننا وبينهم سدا)

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَك خَرَاجا) قال: أجرا.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قوله ( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرَاجا ) قال: أجرا.

وقوله: ( عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) يقول: قالوا له: هل نجعل لك خراجا حتى أن تجعل بيننا وبين يأجوج ومأجوح حاجزا يحجز بيننا وبينهم، ويمنعهم من الخروج إلينا. وهو السدّ.

--------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

(2) البيت لرؤبة بن العجاج ( ديوانه طبعة ليبسج 1903 ص 92 ) قال : " يأجوج ومأجوج ، لا ينصرفان . وبعضهم يهمز ألفيهما ، وبعضهم لا يهمزها ؛ قال رؤبة : " لو أن يأجوج ومأجوج معا " فلم يصرفهما . ( وفي اللسان : أجج ) . ويأجوج ومأجوج : قبيلتان من خلق الله ، جاءت القراءة فيهما بهمز وغير همز . قال : وجاء في الحديث : " إن الخلق عشرة أجزاء ، تسعة منها يأجوج ومأجوج . وهما اسمان أعجميان ، واشتقاق مثلهما من كلام العرب ، يخرج من أجت النار ، ومن الماء الأجاج ، وهو الشديد الملوحة ، المحرق من ملوحته . قال : ويكون التقدير في يأجوج : " يفعول " . وكذلك مأجوج . قال : وهذا لو كان الاسمان عربيان ، لكان هذا اشتقاقهما ؛ فأما الأعجمية فلا تشتق من العربية . ومن لا يهمز وجعل الألفين زائدتين ، يقول : ياجوج : من يججت ، وماجوج : من مججت وهما غير مصروفين ؛ قال رؤبة :

لــو أن يــاجوج ومـاجوج معـا

وعــاد عــادوا واستجاشـوا تبعـا

. أ هـ .

(3) يقال : رأف به يرأف : إذا رحمه ، وهو بوزن فتح وكرم وفرح ، ويعدى بالباء ، كما في اللسان ، ولعل هنا مضمن معنى رئمه ، فعدى بنفسه ، أو محرف عن ترأمها .

(4) في ( عرائس المجالس للثعلبي المفسر ، طبعة : الحلبي ص 365 ) ليس فيهم مشابهة من الإنس ، وهو أليق بالمقام .

التدبر :

وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ على الحاكم المسلم أن يتواصل مع رعيته، ولا يقيم بينه وبينهم حواجز وسدودًا، فإن فعل أحبوه وساندوه في تحقق مهامه.
وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ﴾ لعل هذا من أدلة حجية الإجماع! فلما أجمعوا لم يحتج أن يتبين من المتهم.
عمل
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ إذا رأيت شرًّا أو فسادًا فأَدِّ واجبَ النصيحةِ.
وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ الملوك الصالحون خير منقذ -بعد الله- للمستضعفين من عدوان المفسدين.
وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ ذو القرنين ويأجوج ومأجوج صراع بين الصلاح والفساد.
عمل
[94] استخرج ثلاث فوائد وعِبر من خلال قراءتك لقصة ذي القرنين ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾.
وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ وهي أمم في الشمال الشرقي ﴿مُفْسِدُونَ﴾ بالحروب ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أي على الأرض فهم من البشر.
وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ ما الأسباب التي جعلت أهل السدين يطلبون من الجيش المحتل بلادهم أن يحميهم من جيرانهم يأجوج ومأجوج؟! هو شئ محدد: الأخلاق وأهمها العدل, إنها أخلاق الفاتحين الصادقين أتباع الأنبياء.
وقفة
[94] ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ من أرد أن يعرف حقيقية الفتوحات الإسلامية في الأرض كلها فليقرأ سيرة ذي القرنيين, إذ أصبح أنفع للبلاد من أهلها, وبناء السد مثال على ذلك, لأن الجهاد الشرعي واضح الهدف والغاية وهو: تعبيد الناس لربهم لا غير.
تفاعل
[94] استعذ بالله من فتنة يأجوج ومأجوج ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾.
وقفة
[94] ﴿يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ﴾ لقد مَلك العالم ونادوه باسمه لتواضعه بلا لقب ! الألقاب لا تُضيف لنا شيئًا.
وقفة
[94] ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ﴾ الموضوع الغيبي في شأن يأجوج ومأجوج هو وقت خروجهم على الأمم ليفسدوا في الأرض كعادتهم ويدمروا الحضارة الإنسانية كما هو شأنهم طول تاريخهم.
وقفة
[94] ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ﴾ حديث القرآن عن ذي القرنين والأمم الضعيفة والأمم الهمجية المفسدة في الأرض يؤكد أن يأجوج ومأجوج بشر يعيشون على الأرض وليسوا قضية غيبية كما يظن.
وقفة
[94] ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ قد يكون الفساد فساد شعب برمته.
وقفة
[94] ما الأسباب التي جعلت أهل السدين يطلبون من الجيش المحتل بلادهم أن يحميهم من جيرانهم ﴿يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ أغير العدل والأخلاق شيئ؟ أخلاق الفاتحين.
وقفة
[94] وصف يأجوج ومأجوج بأنهم ﴿مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ يؤكد بأن الإفساد طبيعة أصيلة في سلوكهم لوحشيتهم، ولهذا قال ذو القرنين عن الردم: ﴿قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي﴾ [98].
وقفة
[94] طلبت الشعوب الضعيفة من ذي القرنين أن يبني بينهم وبين شعوب يأجوج ومأجوج سدًا ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾، يمنع من عدوانهم.
وقفة
[94] ﴿عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ قال القرطبي: «فيها دلالة على اتخاذ السجون وحبس أهل الفساد فيها ومنعهم من التصرف لما يريدونه».
وقفة
[94] في قوله تعالى: ﴿عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾ دليل على اتخاذ السجون، وحبس أهل الفساد فيها، ومنعهم من التصرف لما يريدونه، ولا يتركون على ما هم عليه، بل يحبسون حتى يعلم انكفاف شرهم، ثم يطلقون كما فعل عمر t.
وقفة
[94، 95] عندهم مال بدليل قولهم: ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا﴾ وعندهم قوة بدليل قوله: ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ ولم ينقذوا أنفسهم من يأجوج ومأجوج؛ لأن من اعتمد على ماله وقوته دون إيمانه وعلمه ضل وخسر.
وقفة
[94، 95] ﴿تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾، ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ الردم أكبر من السد وأوثق، فلمروءته وعدهم فوق ما طلبوه ورجوه منه، ووفى بوعده.
عمل
[94، 95] ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَامَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِيبِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ ‏لم يبخل بجهد؛ ‏إن قدرك الله على المنح لا تبخل‏، إن أكرمك الله بقدرة على عون ‏الخلق لا تتكاسل.

الإعراب :

  • ﴿ قالُوا:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ يا ذَا الْقَرْنَيْنِ:
  • يا: اداة نداء. ذا: اسم منادى منصوب وهو مضاف وعلامة نصبه الالف لانه من الاسماء الخمسة او الستة. القرنين: مضاف إليه مجرور بالياء لانه مثنى والنون عوض من التنوين في المفرد.
  • ﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ:
  • الجملة في محل نصب مفعول به-مقول القول-.ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. يأجوج: اسم «ان» منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على العجمة ولانه يعود الى اسم قبيلة. ومأجوج: معطوف بالواو على «يأجوج» ويعرب اعرابه. وقيل هما عربيان اذا كانا مهموزين.
  • ﴿ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ:
  • مفسدون: خبر «ان» مرفوع بالواو لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين في المفرد. في الارض: جار ومجرور متعلق بمفسدون او بفعله.
  • ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ:
  • الفاء استئنافية. هل: حرف استفهام لا محل له.نجعل: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. لك: جار ومجرور متعلق بنجعل.
  • ﴿ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ:
  • خرجا: مفعول به منصوب بالفتحة. على حرف جر. ان: حرف مصدرية ونصب. تجعل: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: انت. و «ان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخرجا, وجملة «نجعل» صلة «ان» المصدرية لا محل لها.
  • ﴿ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا:
  • بين: ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بتجعل وهو مضاف. و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. وبينهم: معطوفة بالواو على «بيننا» وتعرب اعرابها و «هم» ضمير الغائبين. سدا: مفعول به منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [94] لما قبلها :     ولَمَّا بلغَ ذو القرنين بينَ السَدَّيْنِ؛ اشتكوا إليه ضررَ يأجوج ومأجوج، قال تعالى:
﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يأجوج ومأجوج:
قرئا:
1- بالهمز، وهى لغة بنى أسد، وبها قرأ عاصم، والأعمش، ويعقوب فى رواية.
2- بألف غير مهموزة، وهى لغة كل العرب غير بنى أسد، وبها قرأ باقى السبعة.
خرجا:
وقرئ:
1- خراجا بالألف، وهى قراءة الحسن، والأعمش، وطلحة، وخلف، وابن سعدان، وابن عيسى الأصبهانى، وابن جبير الأنطاكى ومن السبعة: حمزة، والكسائي.
2- خرجا، بسكون الراء، وهى قراءة باقى السبعة.
سدا:
قرئ:
1- بضم السين، وهى قراءة نافع، وابن عامر، وأبى بكر.
2- بفتحها، وهى قراءة ابن محيصن، وحميد، والزهري، والأعمش، وطلحة، ويعقوب فى رواية، وابن عيسى الأصبهانى، وابن جرير.

مدارسة الآية : [95] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي ..

التفسير :

[95] قال ذو القرنين:ما أعطانيه ربي من الملك والتمكين خير لي مِن مالكم، فأعينوني بقوة منكم أجعل بينكم وبينهم سداً.

فقال لهم:{ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ْ} أي:مما تبذلون لي وتعطوني، وإنما أطلب منكم أن تعينوني بقوة منكم بأيديكم{ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ْ} أي:مانعا من عبورهم عليكم.

وهنا يرد عليهم ذو القرنين- كما حكى القرآن عنه بما يدل على قوة إيمانه وحرصه على إحقاق الحق وإبطال الباطل. فيقول قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ....

أى: قال ذو القرنين لهؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا: إن ما بسطه الله- تعالى- لي من الرزق والمال والقوة.. خير من خرجكم ومالكم الذي تريدون أن تجعلوه لي في إقامة السد بينكم وبين يأجوج ومأجوج، فوفروا عليكم أموالكم، وقفو إلى جانبي فَأَعِينُونِي بسواعدكم وبآلات البناء بِقُوَّةٍ أى: بكل ما أتقوى به على المقصود وهو بناء السد، لكي أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وبين يأجوج ومأجوج «ردما» .

أى: حاجزا حصينا. وجدارا متينا، يحول بينكم وبينهم.

والردم: الشيء الذي يوضع بعضه فوق بعض حتى يتصل ويتلاصق. يقال: ثوب مردم، أى: فيه رقاع فوق رقاع. وسحاب مردم، أى: متكاتف بعضه فوق بعض. ويقال: ردمت الحفرة، إذا وضعت فيها من الحجارة والتراب وغيرهما ما يسويها بالأرض.

قال ابن عباس: الردم أشد الحجاب.

وجملة أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً جواب الأمر في قوله: فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ.

فقال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير : ( ما مكني فيه ربي خير ) أي : إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه ، كما قال سليمان عليه السلام : ( أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ) [ النمل : 36 ] وهكذا قال ذو القرنين : الذي أنا فيه خير من الذي تبذلونه ، ولكن ساعدوني ) بقوة ) أي : بعملكم وآلات البناء ،

القول في تأويل قوله تعالى : قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)

يقول تعالى ذكره: قال ذو القرنين: الذي مكنني في عمل ما سألتموني من السدّ بينكم وبين هؤلاء القوم ربي، ووطأه لي، وقوّانى عليه، خير من جُعلكم، والأجرة التي تعرضونها عليّ لبناء ذلك، وأكثر وأطيب، ولكن أعينوني منكم بقوة، أعينوني بفَعَلة وصناع يُحسنون البناء والعمل.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ) قال: برجال ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ) وقال ما مكني، فأدغم إحدى النونين في الأخرى، وإنما هو ما مكنني فيه. وقوله: ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ) يقول: أجعل بينكم وبين يأجوج ومأجوج ردما. والردم: حاجز الحائط والسدّ، إلا أنه أمنع منه وأشدّ، يقال منه: قد ردم فلان موضع كذا يَردِمه رَدْما ورُدَاما (5) ويقال أيضا: رَدَّم ثوبه يردمه، وهو ثوب مُرَدّم: إذا كان كثير الرقاع ، ومنه قول عنترة:

هَـلْ غَـادَرَ الشُّـعَرَاءُ مِـنْ مُـتَرَدَّمِ

أَمْ هَـلْ عَـرَفْتَ الـدَّارَ بَعْـدَ تَـوَهْمِ (6)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال : ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ) قال: هو كأشد الحجاب.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: " ذكر لنا أن رجلا قال: يا نبي الله قد رأيت سدّ يأجوج ومأجوج، قال انْعَتْهُ لي قال: كأنه البرد المحبَّر، طريقة سوداء، وطريقة حمراء، قالَ قَدْ رأيتَهُ".

------------------------

الهوامش:

(5) الردام : مصدر ردم يردم ( بالضم في المضارع ) رداما : ضراط . ( عن اللسان ) .

(6) البيت لعنترة بن عمرو بن شداد العبسي ، من معلقته المشهورة ( انظره في شرح الزوزني للمعلقات السبع ، وشرح التبريزي للقصائد العشر ، ومختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا ، طبعة الحلبي ص 369 ) قال شارحه : متردم : موضع يسترقع ويستفلح لوهنه ووهيه ، من قولهم : ردمت الشيء إذا أصلحته ، وقويت ما وهي منه . ويروى : مترنم ، من الترنم ، وهو ترجيع الصوت مع تحزين . يقول : هل ترك الشعراء موضعا مسترقعا إلا وقد أصلحوه ، أو هل تركت الشعراء شيئًا إلا رجعوا نغماته بإنشاء الشعر في وصفه ؟ والمعنى : لم يترك الأول للآخر شيئا . ثم أضرب عن ذلك ، وسأل نفسه : هل عرفت دار عشيقتك ، بعد شكك فيها ؟ وفي ( اللسان : ردم ) : والمتردم الموضع الذي يرقع . ويقال : تردم الرجل ثوبه : أي رقعه يتعدى ، ولا يتعدى . ابن سيده : ثوب مردم ، ومرتدم ، ومتردم ، وملوم : خلق مرقع ؛ قال عنترة : * هـل غـادر الشعراء من متردم *

. . . البيت " . معناه أي مستصلح . قال ابن سيده : أي من كلام يلصق بعضه ويلبق : أي قد سبقونا إلى القلم فلم يدعوا مقالا لقائل .

التدبر :

وقفة
[95] في هذه الآية دليل على أن الملك فرض عليه أن يقوم بحماية الخلق في حفظ بيضتهم، وسد فرجتهم، وإصلاح ثغورهم من أموالهم التي تفيء عليهم، وحقوقهم التي تجمعها خزانتهم تحت يده ونظره، حتى لو أكلتها الحقوق وأنفذتها المؤن لكان عليهم جبر ذلك من أموالهم، وعليه حسن النظر لهم؛ وذلك بثلاثة شروط: الأول: ألا يستأثر عليهم بشيء، الثاني: أن يبدأ بأهل الحاجة؛ فيعينهم، الثالث: أن يسوي في العطاء بينهم على قدر منازلهم.
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ إذا أعطاك الله نعمة فثق أنه لا أصلح لحالك منها، فلا تمدن عينيك لإنعام الله لغيرك.
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾كم من الخير فيما وهبك الله ينتظر منك (التفات واستغلال)!
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ إذا أعطاك الله نعمة؛ فثق أنه لا أصلح لحالك منها؛ فلا تمدن عينيك لنعمة وهبها الله لغيرك.
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ أيها المسؤول استثمر ما مكنك الله فيه خدمة لعباده، وما تقوم به هو من فضل الله عليك.
وقفة
[95] ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ في العلاقات: ‏ستظل تتفاجأ بردات الفعل التي لم تكن تتخيلها، ‏ثُم ستصل إلى يقين تام بأن كُل شيء مُمكن أن يحدث، ومن أي شخص، وأن الله هو الأمان الوحيد في فوضى هذه الأرض ‏﴿أَلَيسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبدَهُ﴾ [الزمر: 36].
وقفة
[95] هل يعرف التاريخ جيشًا فاتحًا غير جيش أهل الإسلام تعرض عليه الأمول من المحتل فيقول: ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾؛ لأنه يرى أن فتحه البلاد من رسالته.
عمل
[95] اعترف دائمًا بفضل الله تعالى عليك مهما بلغ عزك ومالك وجاهك ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾.
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ أهل الصلاح والإخلاص يحرصون على إنجاز الأعمال ابتغاء وجه الله.
اسقاط
[95] إذا مكنك الله في أمر فإن من أعظم الأسباب لتحقيق أمرك استعانتك بعد الله بأهل الرأي والتخصص ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾.
وقفة
[95] رفض ذو القرنين أن يأخذ من الشعوب الضعيفة مالًا مقابل بناء السد ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾، وهو العلم ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ فأراد منهم الأيدي العاملة.
وقفة
[95] ﴿قالَ ما مَكَّنّي فيهِ رَبّي خَيرٌ﴾ ما رزقك الله من نعم استغله فيما ينفع من حولك، سواء كان مالًا أو علمًا أو سلطانًا، فخير الناس أنفعهم للناس.
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ من واجب الملك أو الحاكم أن يقوم بحماية الخلق في حفظ ديارهم، وإصلاح ثغورهم من أموالهم.
وقفة
[95] ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ المعنى: قال لهم ذو القرنين: ما بسطه الله تعالى لي من القدرة والملك خير من خرجكم وأموالكم.
عمل
[95] ساعد اليوم أحد الضعفاء والمحتاجين ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾.
وقفة
[95] ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ تأمل عفة نفسه، واستغنائه عما بين أيديهم، مع أنهم الذين عرضوا عليه الأموال بطيبة نفس، ومصلحة العمل لهم، ثم مع ما هو فيه من خير فقد طلب الإعانة البدنية، ما يبين مكانة العمل الجماعي وأثره في نجاح المشاريع الكبيرة مهما كانت إمكانات الفرد الذاتية.
وقفة
[95] هل يعرف التاريخ جيشًا فاتحًا غير جيش أهل الإسلام تعرض على الأمول من المحتل فيقول: ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ أي: خير مما تعرضون علي؛ وسبب ذلك: أن الجهاد الشرعي يري أن فتح البلاد وتعبيد الناس لربهم وتلبية متطلباتهم من العبودية لله سبحانه وتعالي.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ حتى ذو القرنين يطلب المساعدة مهما كانت مهاراتك وقدراتك أيها المسؤول بدون دعم فريق العمل لن تنجح.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ عندما تساعد الآخرين أتح لهم المجال ليساعدوا أنفسهم، ليسدوا حاجاتهم، لا تصنع من مساعدتك لهم خورًا في أنفسهم.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ حين يتواضع الملك، يلتحم مع الرعية، وإلا فالموضع موضع أمر لاطلب إعانة.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ هكذا ينبغي أن يكون القائد المسلم يربي من حوله وينهض بهم، ويعلمهم كيفية النهوض على أقدامهم لا للاعتماد على الغير.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ يستطيع حمايتهم لكن لم يأت بجيشه بل طلب منهم أن يعينوه ليساعدهم على حماية أنفسهم فهو يزرع فيهم الثقة ويربيهم على فنون الحماية.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ لم يكن موقفه من المستضعفين حمايتهم فقط، وإنما توريثهم أسباب القوة حتى يستطيعوا هم القيام على أقدامهم أمام المفسدين.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ تلاحم القائد مع الجنود، ومشاركته لهم من أسباب بث الحماسة في صفوفهم وتقديمهم أفضل ما لديهم.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ أعطى ذو القرنين دروسًا حضارية رائعة باقية إلى يوم القيامة، ومنها: أنه إذا صلح الرأس صلح الجسد.
وقفة
[95] ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ القيادة الربانية هي التي تفجر الطاقات لتحقيق غاية حميدة للجميع، فمنه التخطيط العقلي، ومنهم الجهد الجسدي.
وقفة
[95] ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ دولة العدل تحمي الشعوب من الفساد.
وقفة
[95] ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ ليس كل المفسدين تعالج ثقافتهم بالفسح والحوار.
وقفة
[95] ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ منع ثقافة الفساد ممكن ولو كانوا يأجوج ومأجوج.
وقفة
[95] ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ بناء (ذو القرنيين) السد لحجز فساد المفسدين دليل على أن من علاجات الفساد محاصرته في بقعة معينة حين يتعذر إنهاؤها؛ لأن ذلك أقل الضررين، وهذا من فقة المجاهد العالم.
وقفة
[95] قام ذو القرنين ببناء ردم لا بناء سد كما طلبوا ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾، لا تؤثر فيه الزلازل ولا السيول كما يحدث للسدود فردم الصخور فوق بعضها.
وقفة
[95، 96] ﴿مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾، ‏﴿فأعينوني بقوة﴾، ‏﴿آتوني زبر الحديد﴾‏ لم يكتفِ بتكليفهم فقط، ‏أو بناء السدِّ لهم، ‏بل أشركهم وشاركهم في العمل وحفزهم.
وقفة
[95، 96] ﴿فَأَعِينُونِى ... ءَاتُونِى ...﴾ الأمورُ الكبارُ تواجَهُ بالتَّعَاونِ بين الجميعِ: هذا برأيِه، وهذا بمالِه، وهذا بجهدِه.

الإعراب :

  • ﴿ قالَ:
  • فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.والجملة الاسمية بعده: في محل نصب مفعول به-مقول القول-.
  • ﴿ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ:
  • ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مكني: فعل ماض مبني على الفتح حرك بالسكون لادغام نون الفعل الاصلية مع نون الوقاية فحصل التشديد والياء ضمير المتكلم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. ربي: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة.والياء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. وجملة «مكني» صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: ما جعلني الله مكينا فيه من الملك والسلطان. وفيه: جار ومجرور متعلق بمكني. خير: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة واصله:أخير وحذف الالف أفصح بمعنى: خير مما تبذلونه لي.
  • ﴿ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ:
  • الفاء للتعليل. اعينوني: فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون للوقاية والياء ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به. بقوة: جار ومجرور متعلق بأعينوا اي بقوة من الفعلة. ويجوز ان يتعلق الجار والمجرور بمصدر محذوف بتقدير فأعينوني اعانة بقوة.
  • ﴿ أَجْعَلْ:
  • فعل مضارع مجزوم لانه جواب الطلب-الامر-وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا.
  • ﴿ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً:
  • اعربت في الآية الكريمة السابقة. و «ردما» بمعنى: حاجزا حصينا. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [95] لما قبلها :     ولَمَّا اشتكوا إلى ذي القرنين ضررَ يأجوج ومأجوج؛ رَدَّ عليهم هنا بما يدل على قوة إيمانه وحرصه على إحقاق الحق وإبطال الباطل، قال تعالى:
﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

ما مكننى:
1- بنونين متحركتين، وهى قراءة ابن كثير، وحميد.
وقرئ:
2- بإدغام نون «مكن» ونون الوقاية، وهى قراءة باقى السبعة.

مدارسة الآية : [96] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا ..

التفسير :

[96] أعطوني قطع الحديد، حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي الجبلين، قال للعمال:أجِّجوا النار، حتى إذا صار الحديد كله ناراً، قال:أعطوني نحاساً أُفرغه عليه.

{ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ْ} أي:قطع الحديد، فأعطوه ذلك.

{ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ْ} أي:الجبلين اللذين بني بينهما السد{ قَالَ انْفُخُوا ْ} النار أي:أوقدوها إيقادا عظيما، واستعملوا لها المنافيخ لتشتد، فتذيب النحاس، فلما ذاب النحاس، الذي يريد أن يلصقه بين زبر الحديد{ قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ْ} أي:نحاسا مذابا، فأفرغ عليه القطر، فاستحكم السد استحكاما هائلا، وامتنع من وراءه من الناس، من ضرر يأجوج ومأجوج.

ثم شرع في تنفيذ ما راموه منه من عون فقال لهم: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ...

والزبر- كالغرف- جمع زبره- كغرفة- وهي القطعة الكبيرة من الحديد وأصل الزبر.

الاجتماع ومنه زبرة الأسد لما اجتمع من الشعر على كاهله. ويقال: زبرت الكتاب أى كتبته وجمعت حروفه.

أى: أحضروا لي الكثير من قطع الحديد الكبيرة، فأحضروا له ما أراد حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أى بين جانبي الجبلين. وسمى كل واحد من الجانبين صدفا. لكونه مصادفا ومقابلا ومحاذيا للآخر، مأخوذ من قولهم صادفت الرجل: أى: قابلته ولاقيته، ولذا لا يقال للمفرد صدف حتى يصادفه الآخر، فهو من الأسماء المتضايفة كالشفع والزوج.

وقوله: قالَ انْفُخُوا أى النار على هذه القطع الكبيرة من الحديد الموضوع بين الصدفين.

وقوله: حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً أى: حتى إذا صارت قطع الحديد الكبيرة كالنار في احمرارها وشدة توهجها قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً أى: نحاسا أو رصاصا مذابا، وسمى بذلك لأنه إذا أذيب صار يقطر كما يقطر الماء.

أى: قال لهم أحضروا لي قطع الحديد الكبيرة، فلما أحضروها له، أخذ يبنى شيئا فشيئا حتى إذا ساوى بين جانبي الجبلين بقطع الحديد، قال لهم: أوقدوا النار وانفخوا فيها بالكيران وما يشبهها لتسخين هذه القطع من الحديد وتليينها، ففعلوا ما أمرهم به، حتى صارت تلك القطع تشبه النار في حرارتها وهيئتها، قال أحضروا لي نحاسا مذابا، لكي أفرغه على تلك القطع من الحديد لتزداد صلابة ومتانة وقوة.

وبذلك يكون ذو القرنين قد لبى دعوة أولئك القوم في بناء السد. وبناه لهم بطريقة محكمة سليمة، اهتدى بها العقلاء في تقوية الحديد والمبانى في العصر الحديث.

وكان الداعي له لهذا العمل الضخم، الحيلولة بين هؤلاء القوم، وبين يأجوج ومأجوج الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

( أجعل بينكم وبينهم ردما آتوني زبر الحديد ) والزبر : جمع زبرة ، وهي القطعة منه ؛ قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . وهي كاللبنة ، يقال : كل لبنة [ زنة ] قنطار بالدمشقي ، أو تزيد عليه .

( حتى إذا ساوى بين الصدفين ) أي : وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رءوس الجبلين طولا وعرضا . واختلفوا في مساحة عرضه وطوله على أقوال . ( قال انفخوا ) أي : أجج عليه النار حتى صار كله نارا ، ( قال آتوني أفرغ عليه قطرا ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي : هو النحاس . وزاد بعضهم : المذاب . ويستشهد بقوله تعالى : ( وأسلنا له عين القطر ) [ سبإ : 12 ] ولهذا يشبه بالبرد المحبر .

قال ابن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا قال : يا رسول الله ، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج ، قال : " انعته لي " قال : كالبرد المحبر ، طريقة سوداء . وطريقة حمراء . قال : " قد رأيته " . هذا حديث مرسل .

وقد بعث الخليفة الواثق في دولته بعض أمرائه ، ووجه معه جيشا سرية ، لينظروا إلى السد ويعاينوه وينعتوه له إذا رجعوا . فتوصلوا من بلاد إلى بلاد ، ومن ملك إلى ملك ، حتى وصلوا إليه ، ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس ، وذكروا أنهم رأوا فيه بابا عظيما ، وعليه أقفال عظيمة ، ورأوا بقية اللبن والعمل في برج هناك . وأن عنده حرسا من الملوك المتاخمة له ، وأنه منيف عال ، شاهق ، لا يستطاع ولا ما حوله من الجبال . ثم رجعوا إلى بلادهم ، وكانت غيبتهم أكثر من سنتين ، وشاهدوا أهوالا وعجائب .

ثم قال الله تعالى :

القول في تأويل قوله تعالى : آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)

يقول عزّ ذكره: قال ذو القرنين للذين سألوه أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سداّ(آتُونِي) أي جيئوني بِزُبَرِ الحديد، وهي جمع زُبْرة ، والزُّبْرة: القطعة من الحديد.

كما حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (زُبَرَ الْحَدِيدِ) يقول: قطع الحديد.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) قال: قطع الحديد.

حدثني إسماعيل بن سيف، قال: ثنا عليّ بن مسهر، عن إسماعيل، عن أبي صالح، قوله: (زُبَرَ الْحَدِيدِ) قال: قطع الحديد.

حدثني محمد بن عمارة الأسديّ، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى عن مجاهد، قوله (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) قال: قطع الحديد.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) أي فَلَق الحديد.

حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) قال: قطع الحديد.

حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس : (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) قال: قطع الحديد.

وقوله (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) يقول عزّ ذكره: فآتو زُبَر الحديد، فجعلها بين الصدفين حتى إذا ساوى بين الجبلين بما جعل بينهما من زُبر الحديد، ويقال: سوّى.

والصدفان: ما بين ناحيتي الجبلين ورؤوسهما ، ومنه قوله الراجز:

قـدْ أخَـذَتْ مـا بينَ عَرْضِ الصُّدُفَيْنِ

ناحِيَتَيْهـــا وأعـــالي الــرُّكْنَيْن (7)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) يقول: بين الجبلين.

حدثني محمد، بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ قال: هو سدّ كان بين صَدَفين، والصدفان: الجبلان.

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى " ح " ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (الصَّدَفَيْنِ) رؤوس الجبلين.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) يعني الجبلين، وهما من قبل أرمينية وأذربيجان.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) وهما الجبلان.

حدثني أحمد بن يوسف، قال: أخبرنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم أنه قرأها(بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) منصوبة الصاد والدال، وقال: بين الجبلين، وللعرب في الصدفين: لغات ثلاث، وقد قرأ بكلّ واحدة منها جماعة من القرّاء:

الفتح في الصاد والدال، وذلك قراءة عامة قرّاء أهل المدينة والكوفة ، والضمّ فيهما ، وهي قراءة أهل البصرة ، والضم في الصاد وتسكين الدال، وذلك قراءة بعض أهل مكة والكوفة ، والفتح في الصاد والدال أشهر هذه اللغات، والقراءة بها أعجب إليّ، وأن كنت مستجيزا القراءة بجميعها ، لإتفاق معانيها. وإنما اخترت الفتح فيهما لما ذكرت من العلة.

وقوله قَالَ انْفُخُوا ) يقول عزّ ذكره، قال للفعلة: انفخوا النار على هذه الزبر من الحديد.

وقوله: (حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا) وفي الكلام متروك، وهو فنفخوا، حتى إذا جعل ما بين الصدفين من الحديد نارا(قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة (قَالَ آتُونِي) بمد الألف من (آتُونِي) بمعنى: أعطوني قطرا أفرغ عليه. وقرأه بعض قرّاء الكوفة، قال ( ائْتُونِي ) بوصل الألف، بمعنى: جيئوني قِطْرا أفرغ عليه، كما يقال : أخذت الخطام، وأخذت بالخطام، وجئتك زيدا، وجئتك بزيد. وقد يتوجه معنى ذلك إذا قرئ كذلك إلى معنى أعطوني، فيكون كأن قارئه أراد مد الألف من آتوني، فترك الهمزة الأولى من آتوني، وإذا سقطت الأولى همز الثانية.

وقوله: (أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) يقول: أصبّ عليه قِطرا، والقِطْر: النحاس.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) قال: القطر: النحاس.

حدثني محمد بن عمرو ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا مُعاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) يعني النحاس.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) أي النحاس ليلزمه به.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) قال: نحاسا.

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: القِطر: الحديد المذاب، ويستشهد لقوله ذلك بقول الشاعر:

حُسـاما كَلَـوْنِ المِلْـحِ صَـافٍ حَديدُه

جُـزَارًا مِـنْ أقْطـارِ الحَـديدِ المُنَعَّتِ (8)

التدبر :

وقفة
[96] ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ مع علمه ببعض أخبار الغيب إلا أنه لم يتخذ الأقدار تكأة لتبرير القعود، بنى السد مع علمه بأن له أجلًا إذا جاء وعد ربي جعله دكًا.
وقفة
[96] ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ هو ملك معه جيش عظيم، وآلات يستطيع أن يقيم لهم السد بما معه من قوة، لكنه أراد منهم مشاركتهم معه بهذا الفعل.
وقفة
[96] ساوى ذو القرنين بين حافتي الجبل بالصخور المردومة وأذاب بينها الحديد المصهور ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾، ثم سبكه بالنحاس المذاب ﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾.
وقفة
[96] ﴿آتوني زُبَرَ الحَديدِ حَتّى إِذا ساوى بَينَ الصَّدَفَينِ قالَ انفُخوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ نارًا قالَ آتوني أُفرِغ عَلَيهِ قِطرًا﴾ كل عمل ذو القرنين كان عملًا متقنًا كما فى قوله: (ساوى)، وأيضًا عمل بيده وبنفسه، وهذا ليكون قدوة فى العمل والإتقان معًا.
وقفة
[96] ﴿حَتّى إِذا ساوى بَينَ الصَّدَفَينِ﴾ من صفات المسلم: إتقان العمل.
وقفة
[96] ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ الأعمال الناقصة والمنتجات الرديئة ليست من سيماء الصالحين، أراد ذو القرنين أن يكون الردم للطريق بين الجبلين مانعًا من عبور قبائل يأجوج ومأجوجللجنوب.

الإعراب :

  • ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ:
  • فعل امر مبني على حذف النون لأنّ مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون: نون الوقاية والياء ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به اول. زبر: مفعول به ثان منصوب بالفتحة وهو مضاف. الحديد: مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الكسرة. اي: قطع الحديد مفردها: زبرة.
  • ﴿ حَتّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ:
  • اعربت في الآية الكريمة السادسة والثمانين. و «ساوى» بمعنى «سوى».بين: ظرف مكان متعلق بساوى منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف. الصدفين: اي جانبي السدين بمعنى جانبي الجبلين بما وضعه منها بينهما: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لانه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد.
  • ﴿ انْفُخُوا:
  • الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به-مقول القول-بمعنى: قال للعملة انفخوا في الاكوار والحديد. وهي فعل امر مبني على حذف النون لان مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ حَتّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ:
  • اعربت في الآية الكريمة السادسة والثمانين.والهاء في «جعله» ضمير متصل في محل نصب مفعول به اول. نارا: مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة.
  • ﴿ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً:
  • ذآتوني: اعربت. افرغ: فعل مضارع مجزوم لانه جواب الطلب-الامر-وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انا. ومفعول «آتوني» محذوف يفسره ما بعده لدلالة الثاني عليه. اي آتوني قطرا افرغ عليه قطرا بمعنى: آتوني نحاسا مذابا افرغه عليه. عليه: جار ومجرور متعلق بافرغ قطرا مفعول به منصوب بأفرغ. وفي هذه الآية الكريمة تنازع عاملان معمولا واحدا لان «اتوني» يحتاج الى مفعول ثان و «افرغ» يحتاج الى مفعول. وتأخر عنهما «قطرا» وكل منهما طالب له. والاختلاف في الاعمال هو ان الكوفيين يختارون اعمال الاول لسبقه والبصريين يختارون اعمال الاخير لقربه من المعمول لان آخر العوامل واقع بجوار المعمول. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [96] لما قبلها :     ولَمَّا طلب منهم الإعانة؛ فَسَّرَها هنا، فقال:
﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

زبر:
1- بفتح الباء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بضمها، وهى قراءة الحسن.
الصدفين:
قرئ:
1- بضم الصاد والدال، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، وابن عامر، والزهري، ومجاهد، والحسن.
2- بضم الصاد وإسكان الدال، وهى قراءة أبى بكر، وابن محيصن، وأبى رجاء، وأبى عبد الرحمن.
3- بفتحهما، وهى قراءة باقى السبعة، وأبى جعفر، وشيبة، وحميد، وطلحة، وابن أبى ليلى، وجماعة عن يعقوب، وخلف فى أخباره، وأبى عبيد، وابن سعدان.
4- بالفتح وإسكان الدال، وهى قراءة ابن جندب، ورويت عن قتادة.
5- بالفتح وضم الدال، وهى قراءة الماجشون.
6- بضم الصاد وفتح الدال، وهى قراءة قتادة، وأبان عن عاصم.
آتوني:
1- آتوني أي: أعطونى، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- ائتوني أي: جيئونى، وهى قراءة الأعمش، وطلحة وأبى بكر، بخلاف عنه.

مدارسة الآية : [97] :الكهف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ..

التفسير :

[97] فما استطاعت يأجوج ومأجوج أن تصعد فوق السد؛ لارتفاعه وملاسته، وما استطاعوا أن ينقبوه من أسفله لبعد عرضه وقوته.

{ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ْ} أي:فما لهم استطاعة، ولا قدرة على الصعود عليه لارتفاعه، ولا على نقبه لإحكامه وقوته.

ولقد أخبر القرآن الكريم بأن ذا القرنين بهذا العمل جعل يأجوج ومأجوج يقفون عاجزين أمام هذا السد الضخم المحكم فقال: فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ، وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً.

أى: فما استطاع قوم يأجوج ومأجوج أن يرتفعوا على ظهر السد، أو يرقوا فوقه لملاسته وارتفاعه، وما استطاعوا- أيضا- أن يحدثوا فيه نقبا أو خرقا لصلابته ومتانته وثخانته.

يقول تعالى مخبرا عن يأجوج ومأجوج أنهم ما قدروا على أن يصعدوا فوق هذا السد ولا قدروا على نقبه من أسفله . ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلا بما يناسبه فقال : ( فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ) وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه ، ولا على شيء منه .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد :

حدثنا روح ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، حدثنا أبو رافع ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا فيعودون إليه كأشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس [ حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ] قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله . ويستثني ، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ويخرجون على الناس ، فينشفون المياه ، ويتحصن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء ، [ فترجع وعليها هيئة الدم ، فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ] . فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم ، فيقتلهم بها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إن دواب الأرض لتسمن ، وتشكر شكرا من لحومهم ودمائهم " .

ورواه أحمد أيضا عن حسن - هو ابن موسى الأشيب - عن سفيان ، عن قتادة ، به . وكذا رواه ابن ماجه ، عن أزهر بن مروان ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قال : حدث رافع . وأخرجه الترمذي ، من حديث أبي عوانة ، عن قتادة . ثم قال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

وهذا إسناده قوي ، ولكن في رفعه نكارة ؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه ، لإحكام بنائه وصلابته وشدته . ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار : أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل ، فيقولون : غدا نفتحه . فيأتون من الغد وقد عاد كما كان ، فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل ، فيقولون كذلك ، ويصبحون وهو كما كان ، فيلحسونه ويقولون : غدا نفتحه . ويلهمون أن يقولوا : " إن شاء الله " ، فيصبحون وهو كما فارقوه ، فيفتحونه . وهذا متجه ، ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب . فإنه كثيرا ما كان يجالسه ويحدثه ، فحدث به أبو هريرة ، فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع ، فرفعه ، والله أعلم .

ويؤكد ما قلناه - من أنهم لم يتمكنوا من نقبه ولا نقب شيء منه ، ومن نكارة هذا المرفوع - قول الإمام أحمد :

حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن [ زينب بنت أبي سلمة ، عن حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان ، عن أمها أم حبيبة ، عن ] زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم - قال سفيان أربع نسوة - قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من نومه . وهو محمر وجهه ، وهو يقول : " لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب ! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا " . وحلق . قلت : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " .

هذا حديث صحيح ، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه ، من حديث الزهري ، ولكن سقط في رواية البخاري ذكر حبيبة ، وأثبتها مسلم . وفيه أشياء عزيزة نادرة قليلة الوقوع في صناعة الإسناد ، منها رواية الزهري عن عروة ، وهما تابعيان ومنها اجتماع أربع نسوة في سنده ، كلهن يروي بعضهن عن بعض . ثم كل منهن صحابية ، ثم ثنتان ربيبتان وثنتان زوجتان ، رضي الله عنهن .

وقد روي نحو هذا عن أبي هريرة أيضا ، فقال البزار : حدثنا محمد بن مرزوق ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا وهيب ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا " وعقد التسعين . وأخرجه البخاري ومسلم من حديث وهيب ، به .

القول في تأويل قوله : (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) يقول عزّ ذكره:

فما اسطاع يأجوج ومأجوج أن يعلوا الردم الذي جعله ذو القرنين حاجزا بينهم، وبين من دونهم من الناس، فيصيروا فوقه وينـزلوا منه إلى الناس.

يقال منه: ظهر فلان فوق البيت: إذا علاه ، ومنه قول الناس: ظهر فلان على فلان: إذا قهره وعلاه وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) يقول: ولم يستطيعوا أن ينقبوه من أسفله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) من قوله ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) أي من أسفله.

حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) قال : ما استطاعوا أن ينـزعوه.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين ، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) قال: أن يرتقوه ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، ( فما استطاعوا أن يظهروه ) قال: أن يرتقُوه ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ( فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ) قال: يعلوه ( وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) أي ينقبوه من أسفله.

واختلف أهل العربية في وجه حذف التاء من قوله: (فَمَا اسْطَاعُوا ) فقال بعض نحويي البصرة: فعل ذلك لأن لغة العرب أن تقول: اسطاع يسطيع، يريدون بها: استطاع يستطيع، ولكن حذفوا التاء إذا جُمعت مع الطاء ومخرجهما واحد. قال: وقال بعضهم: استاع، فحذف الطاء لذلك. وقال بعضهم: أسطاع يسطيع، فجعلها من القطع كأنها أطاع يطيع، فجعل السين عوضًا من إسكان الواو . (9) وقال بعض نحوييّ الكوفة: هذا حرف استعمل فكثر حتى حذف.

------------------------

الهوامش:

(7) البيتان من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن 1 : 414 ) قال : " بين الصدفين " : فبعضهم يضمها ، وبعضهم يفتحها ( الصاد المشددة ) يحرك الدال . ومجازهما : ما بين الناحيتين من الجبلين . وقال : " قد أخذت . . . البيتين " . ولم ينسبهما وفي ( اللسان : صدف ) : والصدفان ( التحدريك ) والصدفان بضمهما : جبلان متلاقيان بيننا وبين يأجوج ومأجوج . وفي التنزيل العزيز : ( حتى إذا ساوى بين الصدفين ) : قرئ الصدفين ( بالتحريك ) والصدفين وبضمهما ، والصدفين ( بضم الأول وفتح الثاني ) .وفي هامش اللسان " وبقيت رابعة : الصدّفين كعضوين كما في القاموس " . ( ثم قال في اللسان وفي الحديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مر بصدف أو هدف مائل أسرع المشي " . ابن الأثير : هو بفتحتين وضمتين . قال أبو عبيدة : الصدف والهدف : واحد ، وهو كل بناء مرتفع عظيم . قال الأزهري : وهو مثل صدف الجبل ، شبه به ، وهو ما قابلك من جانبه . أه .

(8) البيت من شواهد أبي عبيدة في ( مجاز القرآن 1 : 415 ) عند تفسير قوله تعالى : ( أفرغ عليه قطرا ) قال : أي أصب عليه حديدًا ذائبا ، قال : " حساما . . . البيت " جمع قطر ، وجعله بعضهم الرصاص النقرة أه . وفي ( اللسان : قطر ) والقطر بالكسر : النحاس الذائب، وقيل ضرب منه أه . وفي ( اللسان : جرز ) : وسيف جراز : قاطع : ويقال : سيف جراز : إذا كان مستأصلا . والجراز من السيوف : الماضي النافذ أه .

(9) أي عوضا من ذهاب حركة الواو ، كما في اللسان .

التدبر :

وقفة
[97] ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ يأجوج ومأجوج ينتظرون ثقبًا صغيرًا.
وقفة
[97] ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ وهنا تبرز قيمة إتقان العمل، وتحقيق الجودة المطلوبة بنسبة 100%، فما استطاع يأجوج ومأجوج أن يرتفعوا على ظهر السد أو يرقوا فوقه لملاسته وارتفاعه، وما استطاعوا كذلك أن يُحِدثوا فيه نقبًا أو خرقًا لصلابته وثخانته.
وقفة
[97] ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ أراد يأجوج ومأجوج أن يصعدوا السد صعودًا فما (اسطاعوا)، وأما حين أرادوا أن يحدثوا فيه نقبًا فما (استطاعوا)، ومعالجة النقب أشد صعوبة من محاولة التسلق، ولذا جاءت زيادة المبني إشارة لزيادة المعنى.
وقفة
[97] ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ الأعمال الناقصة والمنتجات الرديئة ليست من سيماء الصالحين.

الإعراب :

  • ﴿ فَمَا اسْطاعُوا:
  • الفاء استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. اسطاعوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. اي فما استطاعوا وحذفت التاء لخفتها لانها قريبة المخرج من الطاء. وقرئ فما اصطاعوا بقلب السين صادا. اي فما استطاع يأجوج ومأجوج.
  • ﴿ أَنْ يَظْهَرُوهُ:
  • بمعنى: ان يعلوه بالصعود. ان: حرف مصدرية ونصب, يظهروه: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.وجملة «يظهروه» صلة «ان» المصدرية لا محل لها من الاعراب. و «ان» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لاسطاعوا بمعنى: فما اطاقوا صعوده. اذا جعل الفعل «اسطاع» متعديا. اما اذا جعل لازما فيكون المصدر المؤول في محل جر بتقدير: فما اسطاعوا اي فما قووا على ان يظهروه
  • ﴿ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً:
  • الواو عاطفة. ما استطاعوا: اعربت. له:جار ومجرور متعلق باستطاع. نقبا: اي طريقا: تمييز منصوب بالفتحة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [97] لما قبلها :     ولَمَّا اكتمل بناء السد؛ ما استطاع قوم يأجوج ومأجوج أن يصعدوا فوقه لارتفاعه، ولا استطاعوا نقبه لصلابته، قال تعالى:
﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

فما اسطاعوا:
1- بحذف التاء تخفيفا، لقربها من الطاء وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإدغامها، فى الطاء، وهو إدغام على غير حده، وهى قراءة حمزة، وطلحة.
وقال أبو على: هى غير جائزة.
3- فما اصطاعوا، بالإبدال من السين صادا، لأجل الطاء، وهى قراءة الأعمش، عن أبى بكر.
4- فما استطاعوا، بالتاء من غير حذف، وهى قراءة الأعمش.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف