171160161162163

الإحصائيات

سورة الأعراف
ترتيب المصحف7ترتيب النزول39
التصنيفمكيّةعدد الصفحات26.00
عدد الآيات206عدد الأجزاء1.25
عدد الأحزاب2.50عدد الأرباع10.00
ترتيب الطول4تبدأ في الجزء8
تنتهي في الجزء9عدد السجدات1
فاتحتهافاتحتها
حروف التهجي: 3/29آلمص: 1/1

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (160) الى الآية رقم (160) عدد الآيات (1)

بعدَ بيانِ أنهم لم يكونُوا جميعًا ضالينَ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه قسَّمَ بني إسرائيلَ إلى 12 قبيلةً (كلُ قبيلةٍ من واحدٍ من أبناءِ يعقوبَ عليه السلام)، ثُمَّ بَيَّنَ نعمَه عليهم في صحراءِ التيهِ.

فيديو المقطع


المقطع الثاني

من الآية رقم (161) الى الآية رقم (163) عدد الآيات (3)

لَمَّا ذكرَ إنعامَه عليهم في صحراءِ التِّيهِ وبَيَّنَ ظلمَهم، ذكرَ هنا إنعامَه عليهم عندَ الوُصولِ إلى بيتِ المقدسِ وبَيَّنَ ظلمَهم أيضًا، ثُمَّ قصَّة أصحابِ السبتِ الذينَ نُهوا عن الصيدِ فيه، فاحتالُوا =

فيديو المقطع


مدارسة السورة

سورة الأعراف

الصراع بين الحق والباطل/ احسم موقفك ولا تكن سلبيًّا

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • بدأت السورة ::   بالصراع بين آدم وإبليس، وأتبعته بالحوار بين أهل الجنة وأهل النار. وكأنها تنادينا: هذه هي بداية الصراع، أو أول صراع: (آدم وإبليس)، وهذه هي النتيجة: (فريق في الجنة وفريق في النار).
  • • ثم عرضت السورة ::   الصراع في تاريخ البشرية بين كل نبي وقومه، ويظهر أن نهاية الصراع دائمًا هي هلاك الظالمين بسبب فسادهم، ونجاة المؤمنين بسبب إيمانهم.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي ::   «الأعراف».
  • • معنى الاسم ::   الأعراف: جمع عُرْفٍ، وعُرْف الجبل ونحوه: أعلاه، ويطلق على السور ونحوه، وقيل لعرف الديك: عُرف، لارتفاعه على ما سواه من جسده، والأعراف: هو ‏السور ‏الذي ‏بين ‏الجنة ‏والنار يحول بين أهليهما. وأهل الأعراف: من تساوت حسناتهم وسيئاتهم يوم القيامة، إذ يوقفون على أعالي سور بين الجنة والنار، ثم يدخلهم الله الجنة بفضله ورحمته.
  • • سبب التسمية ::   لورود لفظ "‏الأعراف" ‏فيها، ولم يذكر في غيرها من السور.
  • • أسماء أخرى اجتهادية ::   ‏‏«سورة الميقات»، و«سورة الميثاق»، «أَطْوَلُ الطُّولَيَيْنِ» (الطُّولَيَيْن: الأنعام والأعراف، فهما أطول السور المكية).
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة ::   أن الصراع دائم ومستمر بين الحق والباطل، من بداية خلق آدم إلى نهاية الخلق، مرورًا بنوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام، وفي قصص هؤلاء الأنبياء ظهر لنا كيف أن الله ينجي أولياءه ويهلك أعداءه.
  • • علمتني السورة ::   وجوب اتباع الوحي، وحرمة اتباع ما يدعو إليه أصحاب الأهواء والمبتدعة: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن الوزن يوم القيامة لأعمال العباد يكون بالعدل والقسط: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾
  • • علمتني السورة ::   أن من أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع إذا صدرت منه الذنوب اجتباه ربه وهداه‏، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب، فإنه لن يزداد من اللّه إلا بعدًا‏.
رابعًا : فضل السورة :
  • • عن مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: «مَا لِى أَرَاكَ تَقْرَأُ فِى الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ السُّوَرِ؟ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِيهَا بِأَطْوَلِ الطُّولَيَيْنِ»، قُلْتُ (القائل ابن أَبِي مُلَيْكَة): «يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا أَطْوَلُ الطُّولَيَيْنِ؟»، قَالَ: «الأَعْرَافُ».
    • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ سُورَةَ الأَعْرَافِ فِى صَلاَةِ الْمَغْرِبِ، فَرَّقَهَا فِى رَكْعَتَيْنِ».
    • عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَذَ السَّبْعَ الأُوَل مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَبْرٌ». السبعُ الأُوَل هي: «البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والتوبة»، وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية.
    • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الأعراف من السبع الطِّوَال التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان التوراة.
خامسًا : خصائص السورة :
  • • أطول سورة مكية (وكما سبق فهي أَطْوَلُ الطُّولَيَيْنِ (الأنعام والأعراف)، فهما أطول السور المكية).
    • أول سورة -بحسب ترتيب المصحف- عرضت بالتفصيل قصص الأنبياء: آدم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى.
    • بها أول سجدة تلاوة -بحسب ترتيب المصحف-، ويبلغ عدد سجدات التلاوة في القرآن الكريم 15 سجدة.
    • اشتملت على 4 نداءات متتالية لبني آدم من أصل 5 نداءات ذُكرت في القرآن الكريم، وهذه النداءات الأربعة ذُكرت في الآيات (26، 27، 31، 35)، وكلها بعد سرد قصة آدم في بداية السورة، والنداء الخامس ذُكِرَ في الآية (60) من سورة يس.
سادسًا : العمل بالسورة :
  • • أن نبذل قصارى جهدنا في دعوة النَّاس إلى الله كما فعل الأنبياء الكرام.
    • أن نحسم موقفنا من الصراع بين الحق والباطل، فأصحاب الأعراف كانوا يعرفون الحق والباطل لكنهم لم يحسموا أمرهم فحبسوا بين الجنة والنار حتى يقضي الله فيهم.
    • ألا يكون طموحنا أدني المنازل في الجنان؛ حتى لا نكن ممن سيقفون على الأعراف ينتظرون وغيرهم سبق وفاز، ولا نرضى في العبادة أدناها.
    • ألا نتحرج في تبليغ هذا الدين وأداء فرائضه فهو الدين الحق: ﴿كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (2).
    • ألا نتكبر على عباد الله؛ فالكبر سبب معصية إبليس: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ (12).
    • أن نلبس الحسن من الثياب إذا ذهبنا إلى المساجد، ولا نسرف في الأكل والشرب: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (31).
    • أن نجتنب هذه الأمور التي حرمها الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (33).
    • أن نُذَكِّر أنفسنا ومن حولنا بأهمية سلامة القلب، وأنه من صفات أهل الجنة: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾ (43).
    • ألا نغتر بالحياة الدنيا؛ فهي دار لهو ولعب: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ...﴾ (51).
    • أن نُذَكِّر بعض البائعين -بأسلوب طيب- بأهمية العدل في الميزان: ﴿فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ (85).
    • أن نجمع في الدنيا بين الخوف والرجاء: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّـهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّـهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (99).
    • أن نحافظ على الصلاة مع الجماعة؛ فهي من العهد الذي بينك وبين الله: ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ﴾ (102).
    • أن نضمّ أسماء أحبابِنا في الدُّعاء: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي﴾ (151).
    • أن نتذكر سنة كنا غافلين عنها من سنن النبي ﷺ، ونطبقها: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ (157).
    • ألا نتهاون في الأخذِ بنصيحةِ من يعظنا ويذكِّرنا بالله: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ (165).
    • أن نطلب دومًا الثبات على الصراط المستقيم، ونتعوذ من نزغات الشياطين والكفر بعد الإيمان: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ...﴾ (175).
    • أن نسأل الله تعالى صلاح قلوبنا، وأن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا في طاعته: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ (179).
    • أن نحذر من مكر الله فيما أنعم به علينا: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (182).
    • أن نتيقن ويستقر في قلوبنا أنه لن ينفعنا أو يضرنا أحد إلا بإذن الله: ﴿قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ...﴾ (188).
    • أن نقابل وسوسة الشيطان بالاستعاذة بالله منه: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ ...﴾ (200).
    • أن نستمع وننصت أثناء قراءة القرآن: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (204).
    • أن نداوم على أذكار الصباح والمساء، ونُذَكِّر بهـا غيرنا: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ ... وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ﴾ (205).

تمرين حفظ الصفحة : 171

171

مدارسة الآية : [160] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ..

التفسير :

[160] وفرَّقنا قومَ موسى مِن بني إسرائيل اثنتي عشرة قبيلة بعدد الأسباط -وهم أبناء يعقوب- كل قبيلة معروفة من جهة نقيبها. وأوحينا إلى موسى إذ طلب منه قومه السقيا حين عطشوا في التِّيْه:أن اضرب بعصاك الحجر، فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً من الماء، قد علم

وَقَطَّعْنَاهُمُ أي:قسمناهم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا أي:اثنتي عشرة قبيلة متعارفة متوالفة، كل بني رجل من أولاد يعقوب قبيلة. وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أي:طلبوا منه أن يدعو اللّه تعالى، أن يسقيهم ماء يشربون منه وتشرب منه مواشيهم، وذلك لأنهم - واللّه أعلم - في محل قليل الماء. فأوحى اللّه لموسى إجابة لطلبتهم أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ يحتمل أنه حجر معين، ويحتمل أنه اسم جنس، يشمل أي حجر كان، فضربه فَانْبَجَسَتْ أي:انفجرت من ذلك الحجر اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا جارية سارحة. قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ أي:قد قسم على كل قبيلة من تلك القبائل الاثنتي عشرة، وجعل لكل منهم عينا، فعلموها، واطمأنوا، واستراحوا من التعب والمزاحمة، والمخاصمة، وهذا من تمام نعمة اللّه عليهم. وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فكان يسترهم من حر الشمس وَأَنـزلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وهو الحلوى، وَالسَّلْوَى وهو لحم طير من أنواع الطيور وألذها، فجمع اللّه لهم بين الظلال، والشراب، والطعام الطيب، من الحلوى واللحوم، على وجه الراحة والطمأنينة. وقيل لهم:كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا حين لم يشكروا اللّه، ولم يقوموا بما أوجب اللّه عليهم. وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث فوتوها كل خير، وعرضوها للشر والنقمة، وهذا كان مدة لبثهم في التيه.

قوله وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً أى: فرقنا قوم موسى وصيرناهم اثنتي عشرة أمة تتميز كل أمة عن الأخرى.

والأسباط في بنى إسرائيل كالقبائل في العرب. والسبط: ولد الولد فهو كالحفيد. وقد يطلق السبط على الولد.

وكان بنو إسرائيل اثنتي عشرة قبيلة من اثنى عشر ولدا هم أولاد يعقوب- عليه السلام- قالوا: والظاهر أن قطعناهم متعد لواحد لأنه لم يضمن معنى ما يتعدى لاثنين، فعلى هذا يكون اثنتي عشرة حالا من مفعول قَطَّعْناهُمُ وهو ضمير الغائبين «هم» .

ويرى الزمخشري وغيره أن «قطعناهم» بمعنى صيرناهم وأن اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مفعول ثان، وتمييز اثنتي محذوف لفهم المعنى والتقدير وقطعناهم اثنتي عشرة فرقة.

وأَسْباطاً بدل من ذلك التمييز، وأُمَماً بدل بعد بدل من اثنتي عشرة.

والجملة الكريمة معطوفة على ما قبلها من أخبار بنى إسرائيل، لمشاركتها لها في كل ما يقصد به من العظات والعبر.

وقوله: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً.

الاستسقاء: طلب السقيا عند عدم الماء أو حبس المطر. وذلك عن طريق الدعاء لله- تعالى- في خشوع واستكانة، وقد سأل موسى- عليه السلام- ربه أن يسقى بنى إسرائيل الماء بعد أن استبد بهم العطش بعد ما كانوا في التيه.

فعن ابن عباس أنه قال: كان ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار منه اثنتا عشرة عينا من ماء لكل سبط منهم عين يشربون منها» .

وقيل: كان الاستسقاء في البرية ولكن الآثار التي تدل على أنه كان في التيه أصح وأكثر.

والمعنى: وأوحينا إلى موسى حين طلب منه قومه الماء أن اضرب بعصاك الحجر فضربه فخرج منه الماء من اثنتي عشرة عينا ليروا بأعينهم مظاهر قدرتنا، وليشاهدوا دليلا من الأدلة المتعددة التي تؤيد موسى في أنه صادق فيما يبلغه عن ربه- عز وجل.

وقوله إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ يفيد أن الذي سأل ربه السقيا هو موسى وحده، لتظهر كرامته لدى ربه عند قومه، وليشاهدوا بأعينهم كيف أن الله- تعالى- قد أكرمه حيث أجاب دعاءه ففجر لهم الماء من الحجر.

وال في الْحَجَرَ لتعريف الجنس، أى: اضرب أى حجر شئت بدون تعيين، وقيل للعهد، ويكون المراد حجرا معينا معروفا لموسى- عليه السلام- بوحي من الله- تعالى- وقد أورد بعض المفسرين في ذلك آثارا حكم عليها المحققون من العلماء بالضعف، ولذا لم نعتد بها.

والذي نرجحه أن «أل» هنا لتعريف الجنس، لأن انفجار الماء من أى حجر بعد ضربه أظهر في إقامة البرهان على صدق موسى- عليه السلام- وأدعى لإيمان بنى إسرائيل وانصياعهم للحق بعد وضوحه، وأبعد عن التشكيك في إكرام الله لنبيه موسى، إذ لو كان انفجار الماء من حجر معين لأمكن أن يقولوا إن انفجار الماء منه لمعنى خاص بهذا الحجر، وليس لكرامة موسى عند ربه- عز وجل-.

والفاء في قوله فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً معطوفة على محذوف والتقدير: فضرب فانبجست..

قال بعضهم: والانبجاس والانفجار واحد. يقال بجست الماء أبجسه فانبجس، بمعنى فجرته فانفجر.

وقيل: إن الانبجاس خروج الماء من مكان ضيق بقلة، والانفجار خروجه بكثرة.

ولا تنافى بين قوله- تعالى- في سورة البقرة فَانْفَجَرَتْ وبين قوله هنا فَانْبَجَسَتْ لأنه انبجس أولا ثم انفجر ثانيا. وكذا العيون يظهر الماء منها قليلا ثم يكثر لدوام خروجه.

وكانت العيون اثنتي عشرة عينا بحسب عدد أسباط بنى إسرائيل إتماما للنعمة عليهم حتى لا يقع بينهم تنازع أو تشاجر.

وقوله قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ إرشاد وتنبيه إلى حكمة الانقسام إلى اثنتي عشرة عينا.

أى: قد عرف كل سبط من أسباط بنى إسرائيل مكان شربه فلا يتعداه إلى غيره، وفي ذلك ما فيه من استقرار أمورهم، واطمئنان نفوسهم، وعدم تعدى بعضهم على بعض.

ثم ذكر- سبحانه- نعما أخرى مما أنعم به عليهم فقال: وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ.

الغمام: جمع غمامة وهي السحابة: وخصه بعض علماء اللغة بالسحاب الأبيض.

أى: وسخرنا لبنى إسرائيل الغمام بحيث يلقى عليهم ظله ليقيهم من حر الشمس.

وقوله وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى معطوف على ما قبله.

والمن: اسم جنس لا واحد له من لفظه، وهو- على أرجح الأقوال- مادة صمغية تسقط من الشجر تشبه حلاوته حلاوة العسل.

والسلوى: اسم جنس جمعى واحدته سلواة، وهو طائر برى لذيذ اللحم، سهل الصيد يسمى بالسمانى، كانت تسوقه لهم ريح الجنوب كل مساء فيمسكونه قبضا بدون تعب.

وتظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى عليهم كان في مدة تيههم بين مصر والشام المشار إليه بقوله- تعالى-: قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ.

أين الطعام؟ فأنزل الله عليهم المن فكان ينزل على شجر الزنجبيل والسلوى وهو طائر يشبه السمانى فكان يأتى أحدهم فينظر إلى الطير فإن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله، فإذا سمن أتاه، فقالوا: هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر الله موسى أن يضرب بعصاه الحجر فضربه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فشرب كل سبط من عين. فقالوا: هذا الشراب فأين الظل! فظلل الله عليهم بالغمام فقالوا: هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ولا يتمزق لهم ثوب فذلك قوله- تعالى- وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى.

وقوله كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ أى: وقلنا لهم كلوا من طيبات ما رزقناكم، واشكروا ربكم على هذه النعم لكي يزيدكم منها.

وقوله: وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ معطوف على محذوف أى: فعصوا أمر ربهم وكفروا بهذه لنعم الجليلة وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

ويرى البعض أنه لا حاجة إلى هذا التقدير، وأن جملة وَما ظَلَمُونا معطوفة على ما قبلها لأنها مثلها في أنها من أحوال بنى إسرائيل.

والتعبير عن ظلمهم لأنفسهم بكلمة «كانوا» والفعل المضارع «يظلمون» يدل على أن ظلمهم لأنفسهم كان يتكرر منهم، لأنك لا تقول في ذم إنسان «كان يسيء إلى الناس» إلا إذا كانت الإساءة تصدر منه المرة تلو الأخرى.

قال ابن جرير عند تفسيره لهذه الجملة الكريمة ما ملخصه: «هذا من الذي استغنى بدلالة ظاهره على ما ترك منه وذلك أن معنى الكلام: كلوا من طيبات ما رزقناكم فخالفوا ما أمرناهم به، وعصوا ربهم، ثم رسولنا إليهم وما ظلمونا» فاكتفى بما ظهر عما ترك. وقوله:

وَما ظَلَمُونا أى: ما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها. فان الله- تعالى- لا تضره معصية عاص، ولا يتحيف خزائنه ظلم ظالم ولا تنفعه طاعة مطيع، ولا يزيد في ملكه عدل عادل، لنفسه يظلم الظالم، وحظها يبخس العاصي، وإياها ينفع المطيع، وحظها يصيب العادل» .

يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى عليه السلام حين استسقاني لكم وتيسيري لكم الماء وإخراجه لكم من حجر يحمل معكم وتفجيري الماء لكم منه من ثنتي عشرة عينا كل سبط من أسباطكم عين قد عرفوها فكلو من المن والسلوى واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولا كد واعبدوا الذي سخر لكم ذلك "ولا تعثوا في الأرض مفسدين" ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتسلبوها.

وقد بسطه المفسرون في كلامهم كما قال: ابن عباس رضي الله عنه وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع وأمر موسى عليه السلام فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية منه ثلاث عيون وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها لا يرتحلون من منقلة إلا وجدوا ذلك معهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول وهذا قطعة من الحديث الذي رواه النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وهو حديث الفتون الطويل.

وقال: عطية العوفي وجعل لهم حجرا مثل رأس الثور يحمل على ثور فإذا نزلوا منزلا وضعوه فضربه موسى عليه السلام بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فإذا ساروا حملوه على ثور فاستمسك الماء وقال: عثمان ابن عطاء الخراساني عن أبيه كان لبني إسرائيل حجر فكان يضعه هارون ويضربه موسى بالعصا وقال قتادة كان حجرا طوريا من الطور يحملونه معهم حتى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه وقال: الزمخشري وقيل كان من رخام وكان ذراعا في ذراع وقيل مثل رأس الإنسان وقيل كان من الجنة طوله عشرة أذرع على طول موسى وله شعبتان يتقدان في الظلمة وكان يحمل على حمار قال وقيل أهبطه آدم من الجنة فتوارثوه حتى وقع إلى شعيب فدفعه إليه مع العصا وقيل هو الحجر الذي وضع عليه ثوبه حين اغتسل فقال: له جبريل ارفع هذا الحجر فإن فيه قدرة ولك فيه معجزة فحمله في مخلاته قال الزمخشري محتمل أن تكون اللام للجنس لا للعهد أي اضرب الشيء الذي يقال له الحجر وعن الحسن لم يأمره أن يضرب حجرا بعينه قال وهذا أظهر في المعجزة وأبين في القدرة فكان يضرب الحجر بعصاه فينفجر ثم يضربه فييبس فقالوا إن فقد موسى هذا الحجر عطشنا فأوحى الله إليه أن يكلم الحجارة فتنفجر ولا يمسها بالعصا لعلهم يقرون والله أعلم وقال يحيى بن النضر: قلت لجويبر كيف علم كل أناس مشربهم؟ قال: كان موسى يضع الحجر ويقوم من كل سبط رجل ويضرب موسى الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا فينضح من كل عين على رجل فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى تلك العين وقال الضحاك: قال ابن عباس لما كان بنو إسرائيل في التيه شق لهم من الحجر أنهارا وقال الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس: قال ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار منه اثنتي عشرة عينا من ماء لكل سبط منهم عين يشربون منها وقال مجاهد نحو قول ابن عباس وأخبر هنا بقوله "فانبجست منه اثنتا عشرة عينا" وهو أول الانفجار وأخبر ههنا بما آل إليه الحال آخرا وهو الانفجار فناسب ذكر الانفجار ههنا والله أعلم.

لما ذكر تعالى ما دفعه عنهم من النقم شرع يذكرهم أيضا بما أسبغ عليهم من النعم فقال وظللنا عليكم الغمام وهو جمع غمامة سمي بذلك لأنه يغم السماء أي يواريها ويسترها وهو السحاب الأبيض ظللوا به في التيه ليقيهم حر الشمس كما رواه النسائي وغيره عن ابن عباس في حديث الفتون قال: ثم ظلل عليهم في التيه بالغمام قال ابن أبي حاتم وروى عن ابن عمر والربيع بن أنس وأبي مجلز والضحاك والسدي نحو قول ابن عباس وقال الحسن وقتادة "وظللنا عليكم الغمام" كان هذا في البرية ظلل عليهم الغمام من الشمس وقال: ابن جرير قال: آخرون وهو غمام أبرد من هذا وأطيب.

وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو حذيفة حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد "وظللنا عليكم الغمام" قال ليس بالسحاب هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ولم يكن إلا لهم.

وهكذا رواه ابن جرير عن المثنى بن إبراهيم عن أبي حذيفة وكذا رواه الثوري وغيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وكأنه يريد والله أعلم أنه ليس من زي هذا السحاب بل أحسن منه وأطيب وأبهى منظرا كما قال سنيد في تفسيره عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: قال ابن عباس "وظللنا عليكم الغمام" قال غمام أبرد من هذا وأطيب وهو الذي يأتي الله فيه في قوله "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة" وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر.

قال ابن عباس وكان معهم في التيه: وقوله تعالى "وأنزلنا عليكم المن" اختلفت عبارات المفسرين في المن ما هو؟ فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كان المن ينزل عليهم على الأشجار فيغدون إليه فيأكلون منه ما شاءوا.

وقال مجاهد المن صمغة وقال: عكرمة المن شيء أنزله الله عليهم مثل الظل شبه الرب الغليظ وقال: السدي قالوا يا موسى كيف لنا بما ههنا أين الطعام فأنزل الله عليهم المن فكان يسقط على شجرة الزنجبيل وقال: قتادة كان المن ينزل عليهم في محلهم سقوط الثلج أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يسقط عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يأخذ الرجل منهم قدر ما يكفيه يومه ذلك فإذا تعدى ذلك فسد ولم يبق حتى إذا كان يوم سادسه يوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه لأنه كان يوم عيد لا يشخص فيه لأمر معيشته ولا يطلبه لشيء وهذا كله في البرية وقال: الربيع بن أنس المن شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه.

وقال وهب بن منبه وسئل عن المن فقال خبز رقاق مثل الذرة أو مثل النقي وقال أبو جعفر بن جرير حدثني محمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد حدثنا إسرائيل عن جابر عن عامر وهو الشعبي قال: عسلكم هذا جزء من سبعين جزءا من المن وكذا قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه العسل وقع في شعر أمية بن أبي الصلت حيث قال: فرأى الله أنهم بمضيع لا بذي مزرع ولا مثمورا فسناها عليهم غاديات ويرى مزنهم خلايا وخورا عسلا ناطفا وماء فراتا وحليبا ذا بهجة مزمورا فالناطف هو السائل والحليب المزمور الصافي منه والغرض أن عبارات المفسرين متقاربة في شرح المن فمنهم من فسره بالطعام ومنهم من فسره بالشراب والظاهر والله أعلم أنه كل ما امتن الله به عليهم من طعام وشراب وغير ذلك مما ليس لهم فيه عمل ولا كذا فالمن المشهور أن أكل وحده كان طعاما وحلاوة وإن مزج مع الماء صار شرابا طيبا وإن ركب مع غيره صار نوع آخر ولكن ليس هو المراد من الآية وحده والدليل على ذلك قول البخاري حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن عبدالملك بن عمير بن حريث عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال النبي " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " وهذا الحديث رواه الإمام أحمد عن سفيان بن عيينة عن عبدالملك وهو ابن عمير به وأخرجه الجماعة في كتبهم إلا أبا داود من طرق عن عبدالملك وهو ابن عمير به وقال الترمذي حسن صحيح ورواه البخاري ومسلم من رواية الحسن العرني عن عمرو بن حريث به وقال: الترمذي حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر ومحمود بن عيلان قالا: حدثنا سعيد بن عامر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " تفرد بإخراجه الترمذي ثم قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن محمد بن عمرو ولا من حديث سعيد بن عامر عنه وفي الباب عن سعيد بن زيد وأبي سعيد وجابر كذا قال- وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من طريق آخر عن أبي هريرة فقال: حدثنا أحمد بن الحسن بن أحمد البصري حدثنا أسلم بن سهل حدثنا القاسم بن عيسى حدثنا طلحة بن عبدالرحمن عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " وهذا حديث غريب من هذا الوجه وطلحة بن عبدالرحمن هذا السلمي الواسطي يكنى بأبي محمد وقيل أبو سليمان المؤدب قال فيه الحافظ أبو أحمد بن عدي: روى عن قتادة أشياء لا يتابع عليها.

ثم قال الترمذي حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا الكمأة جدري الأرض فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم " وهذا الحديث قد رواه النسائي عن محمد بن بشار به وعنه عن غندر عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة به وعن محمد بن بشار عن عبدالأعلى عن خالد الحذاء عن شهر بن حوشب بقصة الكمأة فقط.

وروى النسائي أيضا وابن ماجه من حديث محمد بن بشار عن أبي عبدالصمد بن عبدالعزيز بن عبدالصمد عن مطر الوراق عن شهر بقصة العجوة عند النسائي وبالقصتين عند ابن ماجه وهذه الطريق منقطعة بين شهر بن حوشب وأبي هريرة فإنه لم يسمع منه بدليل ما رواه النسائي في الوليمة من سننه عن علي بن الحسين الدرهمي عن عبدالأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبدالرحمن بن غنم عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يذكرون الكمأة وبعضهم يقول جدري الأرض فقال " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " وروى عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد وجابر كما قال الإمام أحمد حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الأعمش عن جعفر بن إياس عن شهر بن حوشب عن جابر بن عبدالله وأبي سعيد الخدري قالا قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم " وقال النسائي في الوليمة أيضا حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بشـر جعفر بن إياس عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد وجابر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " ثم رواه أيضا ابن ماجه من طرق عن الأعمش عن أبي بشر عن شهر عنهما به وقد رويا - أعني النسائي من حديث جرير وابن ماجه من حديث سعيد بن أبي سلمة - كلاهما عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد رواه النسائي وحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " ورواه ابن مردويه عن أحمد بن عثمان عن عباس الدوري عن لاحق بن صواب عن عمار بن رزيق عن الأعمش كابن ماجه وقال: ابن مردويه أيضا حدثنا أحمد بن عثمان حدثنا عباس الدوري حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأعمش عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن أبي سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كمآت فقال " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " وأخرجه النسائي عن عمرو بن منصور عن الحسن بن الربيع به ثم ابن مردويه رواه أيضا عن عبدالله بن إسحاق عن الحسن بن سلام عن عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش به وكذا رواه النسائي عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن عبيد الله بن موسى وقد روى من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه كما قال ابن مردويه حدثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم حدثنا حمدون بن أحمد حدثنا جويرة بن أشرس حدثنا حماد عن شعيب بن الحجاب عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تداروا في الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار فقال بعضهم نحسبه الكمأة فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " الكمأة من المن وماؤها شفاء العين والعجوة من الجنة وفيها شفاء من السم " وهذا الحديث محفوظ أصله من رواية حماد بن سلمة وقد روى الترمذي والنسائي من طريقه شيئا من هذا والله أعلم: وروى عن شهر عن ابن عباس كما رواه النسائي أيضا في الوليمة عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد عن عبدالله بن عون الخراز عن أبي عبيدة الحداد عن عبد الجليل بن عطية عن عبدالله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " فقد اختلف كما ترى فيه على شهر بن حوشب ويحتمل عندي أنه حفظه ورواه من هذه الطرق كلها وقد سمعه من بعض الصحابة وبلغه عن بعضهم فإن الأسانيد إليه جيدة وهو لا يتعمد الكذب وأصل الحديث محفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم من رواية سعيد بن زيد رضي الله عنه.

وأما السلوى فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس السلوى طائر يشبه بالسمانى كانوا يأكلون منه.

وقال السدي في خبره ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة السلوى طائر يشبه السمانى وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا عبدالصمد بن عبد الوارث حدثنا قوة بن خالد عن جهضم عن ابن عباس قال السلوى هو السمانى وكذا قال: مجاهد والشعبي والضحاك والحسن وعكرمة والربيع بن أنس رحمهم الله تعالى وعن عكرمة أما السلوى فطير كطير يكون بالجنة أكبر من العصفور أو نحو ذلك.

وقال قتادة: السلوى كان من طير إلى الحمرة تحشرها عليهم الريح الجنوب وكان الرجل يذبح منها قدر ما يكفيه يومه ذلك فإذا تغذى فسد ولم يبق عنده حتى إذا كان يوم سادسه ليوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه لأنه كان يوم عبادة لا يشخص فيه لشيء ولا يطلبه وقال: وهب بن منبه: السلوى طير سمين مثل الحمامة كان يأتيهم فيأخذون منه من سبت إلى سبت وفي رواية عن وهب وقال: سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام لحما فقال الله لأطعمنهم من أقل لحم يعلم في الأرض فأرسل عليهم ريح فأذرت عند مساكنهم السلوى وهو السماني مثل ميل في ميل قيد رمح في السماء فخباءوا للغد فنتن اللحم وخنز الخبر وقال السدي لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى عليه السلام كيف لنا بما ههنا أين الطعام فأنزل الله عليهم المن فكان ينزل على شجر الزنجبيل والسلوى وهو طائر يشبه السماني أكبر منه فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير فإن كان سمينا ذبحه وإلا أرسله فإذا سمن أتاه فقالوا هذا الطعام فأين الشراب؟ فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عين فشرب كل سبط من عين فقالوا هذا الشراب فأين الظل؟ فظلل عليهم الغمام فقالوا هذا الظل فأين اللباس؟ فكانت ثيابهم تطول معهم كما يطول الصبيان ولا يتخرق لهم ثوب فذلك قوله تعالى "وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى" وقوله "وإذا ستسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين" وروي عن وهب بن منبه وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم نحو ما قاله السدي وقال: سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس خلق لهم في التيه ثياب لا تخرق ولا تدرن قال ابن جريج: فكان الرجل إذا أخذ من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد إلا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت فلا يصبح فاسدا قال: ابن عطية السلوى طير بإجماع المفسرين وقد غلط الهذلي في قوله إنه العسل وأنشد في ذلك مستشهدا: وقاسمها بالله جهدا لأنتم ألذ من السلوى إذا ما أشورها قال فظن أن السلوى عسلا قال القرطبي: دعوى الإجماع لا يصح لأن المؤرخ أحد علماء اللغة والتفسير قال إنه العسل واستدل ببيت الهذلي هذا وذكر أنه كذلك فى لغة كنانة لأنه يسلي به ومنه عين سلوان وقال الجوهري: السلوى العسل واستشهد ببيت الهذلي أيضا والسلوانة بالضم خرزة كانوا يقولون إذا صب عليها ماء المطر فشربها العاشق سلا قال الشاعر: شربت على سلوانة ماء مزنة فلا وجديد العيش يامي ما أسلو واسم ذلك الماء السلوان وقال بعضهم السلوان دواء يشفي الحزين فيسلو والأطباء يسمونه مفرج قالوا والسلوى جمع بلفظ الواحد أيضا كما يقال سماني للمفرد والجمع وويلي كذلك وقال الخليل واحده سلواة وأنشد: وإني لتعروني لذكـراك هزة كما انتفض السلواة من بلل القطر وقال الكسائي: السلوى واحدة وجمعه سلاوى نقله كله القرطبي وقوله تعالى "كلوا من طيبات ما رزقناكم" أمر إباحة وإرشاد وامتنان وقوله تعالى "وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" أي أمرناهم بالأكل مما رزقناهم وأن يعبدوا كما قال "كلوا من رزق ربكم واشكروا له" فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم هذا مع ما شاهدوه من الآيات البينات والمعجزات القاطعات وخوارق العادات ومن ههنا متبين فضيلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و رضى عنهم على سائر أصحاب الأنبياء في صبرهم وثباتهم وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته منها عام تبوك في ذلك القيظ والحر الشديد والجهد لم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر مع أن ذلك كان سهلا على النبي ولكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم فجمعوا ما معهم فجاء قدر مبرك الشاة فدعا الله فيه وأمرهم فملؤا كل وعاء معهم وكذا لما احتاجوا إلى الماء سأل الله تعالى فجاءتهم سحابة فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملؤا أسقيتهم ثم نظروا فإذا هي لم تجاوز العسكر.

فهذا هو الأكمل في اتباع الشيء مع قدر الله مع متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

القول في تأويل قوله : وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فرقناهم= يعني قوم موسى من بني إسرائيل, فرقهم الله فجعلهم قبائل شتى, اثنتي عشرة قبيلة.

* * *

وقد بينا معنى " الأسباط"، فيما مضى، ومن هم. (1)

* * *

واختلف أهل العربية في وجه تأنيث " الاثنتي عشرة "، و " الأسباط" جمع مذكر. فقال بعض نحويي البصرة: أراد اثنتي عشرة فرقة, ثم أخبر أن الفرق " أسباط", ولم يجعل العدد على " أسباط".

* * *

وكان بعضهم يستخِلُّ هذا التأويل ويقول (2) لا يخرج العدد على غير التالي, (3) ولكن " الفرق " قبل " الاثنتي عشرة "، حتى تكون " الاثنتا عشرة " مؤنثة على ما قبلها, ويكون الكلام: وقطعناهم فرقًا اثنتي عشرة أسباطًا= فيصحّ التأنيث لما تقدَّم.

* * *

وقال بعض نحويي الكوفة: إنما قال " الاثنتي عشرة " بالتأنيث، و " السبط" مذكر, لأن الكلام ذهب إلى " الأمم "، فغُلّب التأنيث، وإن كان " السبط" ذكرًا, وهو مثل قول الشاعر: (4) وَإِنَّ كِلابًــا هَــذِهِ عَشْــرُ أَبْطُـنٍ

وَأَنْـتَ بَـرِيءٌ مِـنْ قَبَائِلِهَـا الْعَشْـرِ (5)

ذهب ب " البطن " إلى القبيلة والفصيلة, فلذلك جمع " البطن " بالتأنيث.

* * *

وكان آخرون من نحويي الكوفة يقولون: إنما أنّثت " الاثنتا عشرة "، و " السبط" ذكر, لذكر " الأمم ". (6)

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أنّ " الاثنتي عشرة " أنثت لتأنيث " القطعة "، ومعنى الكلام: وقطعناهم قِطَعًا اثنتي عشرة ثم ترجم عن " القِطَع " ب " الأسباط"، وغير جائز أن تكون " الأسباط" مفسرة عن " الاثنتي عشرة " وهي جمع, لأن التفسير فيما فوق " العشر " إلى " العشرين " بالتوحيد لا بالجمع, (7) و " الأسباط" جمع لا واحد, وذلك كقولهم: " عندي اثنتا عشرة امرأة ". ولا يقال: " عندي اثنتا عشرة نسوة "، فبيَّن ذلك أن " الأسباط" ليست بتفسير للاثنتي عشرة, (8) وأن القول في ذلك على ما قلنا.

* * *

وأما " الأمم "، فالجماعات= و " السبط" في بني إسرائيل نحو " القَرْن ". (9)

* * *

وقيل: إنما فرّقوا أسباطًا لاختلافهم في دينهم.

* * *

القول في تأويل قوله : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " وأوحينا إلى موسى "، إذ فرّقنا بني إسرائيل قومه اثنتي عشرة فرقة, وتيَّهناهم في التيه، فاستسقوا موسى من العَطش وغَوْر الماء= " أن اضرب بعصَاك الحجر ".

* * *

وقد بينا السبب الذي كان قومه استسقوه وبينا معنى الوحي بشواهده. (10)

* * *

= " فانبجست "، فانصّبت وانفجرت من الحجر اثنتَا عشرة عينًا من الماء, " قد علم كل أناس "، يعني: كل أناس من الأسباط الاثنتي عشرة " مشربهم "، لا يدخل سبط على غيره في شربه= " وظللنا عليهم الغمام "، يكنُّهم من حرّ الشمس وأذاها.

* * *

وقد بينا معنى " الغمام " فيما مضى قبل, وكذلك: " المن والسلوى ". (11)

* * *

= " وأنـزلنا عليهم المن والسلوى "، طعامًا لهم= " كلوا من طيبات ما رزقناكم "، يقول: وقلنا لهم: كلوا من حَلال ما رَزقْناكم، أيها الناس، وطيّبناه لكم= " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "، وفي الكلام محذوف، ترك ذكره استغناءً بما ظهَر عما ترك, وهو: " فأجِمُوا ذلك، (12) وقالوا: لن نصبر على طعام واحد, فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير "= " وما ظلمونا "، يقول: وما أدخلوا علينا نقصًا في ملكنا وسلطاننا بمسألتهم ما سألوا, وفعلهم ما فعلوا= " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "، أي: ينقصونها حظوظَها باستبدالهم الأدنى بالخير، والأرذل بالأفضل.

-------------------

الهوامش :

(1) (2) انظر تفسير (( الأسباط )) فيما سلف 2 : 121 ، الخبر رقم 1047 / 3 : 109 - 113 ، 122 / 6 : 569 .

(2) (3) في المخطوطة : (( يستحكى هذا التأويل )) ، وفي المطبوعة : (( يستحكى على هذا التأويل )) ، زاد (( على )) ، لأن وجد الكلام لا معنى له . والصواب عندي ما أثبت (( يستخل )) من (( الخلل )) وهو الوهن و الفساد ، وقالوا : (( أمر مختل )) أي فاسد واهن . فاستخرج أبو جعفر أو غيره قياساً من (( الخلل )) (( استخل الشيء )) ، أي استوهنه واستضعفه ، ووجد فيه خللاً . وهو قياس جيد في العربية . وهو صواب المعنى فيه إن شاء الله.

(3) (1) في المخطوطة : (( على غير الثاني )) ، وغيرها في المطبوعة إلى : (( على عين الثاني )) ، وكلتاهما فاسدة المعنى ، والصواب ما أثبت . يعنى : ما يتلو العدد ، وهو (( أسباط )) ، وهو الظاهر في الكلام ، وتقديره : (( اثنى عشرة فرقة أسباطاً )) ثم حذف (( فرقة )) وإضمارها ، يوجب أن يجرى العدد على ما يتلوه ، فصح بهذا ما أثبت من قراءة النص .

(4) (2) النواح الكلابي، رجل من بنى كلاب .

(5) (3) سيبويه 2 : 174 ، معاني القرآن للفراء 1 : 126 ، الإنصاف : 323 ، العينى ( هامش الخزانة ) 4 : 484 ، واللسان ( بطن ) ، وغيرها . ولم أجد تتمة الشعر .

(6) (4) هو الفراء في معاني القرآن 1 : 397 .

(7) (1) (( التفسير )) ، هو (( التمييز )) ، فقوله : (( مفسرة )) أي تمييزاً في الإعراب .

(8) (2) في المطبوعة والمخطوطة : (( ففي ذلك أن الأسباط )) ، وهو تركيب واه ضعيف ، ورجحت أن ما أثبت أشبه بالصواب .

(9) (3) انظر تفسير (( الأمة ) فيما سلف ص : 172 ، تعليق : 1 والمراجع هناك وتفسير السبط فيما سلف ص 174 تعليق 2 والمراجع هناك .

(10) (1) انظر ما سلف 2: 119 - 122 . = وتفسير (( الوحي )) فيما سلف من فهارس اللغة ( وحي ) .

(11) (2) انظر تفسير (( تظليل الغمام )) فيما سلف 2 : 90 ، 91 . = وتفسير (( المن )) و (( والسلوى )) فيما سلف 2 : 91 - 101 . = وتفسير سائر الآية ، وهي نظيرتها فيما سلف 2 : 101 ، 102 .

(12) (3) في المطبوعة : (( فأجمعوا ذلك )) ، ظن ما في المخطوطة خطأ ، فأصلحه ، يعنى فأفسده ! ! يقال : (( أجم الطعام يأجمه أجما )) ، إذا كرهه ومله من طول المداومة عليه .

التدبر :

وقفة
[160] ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا﴾ الأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب، وكان بنو إسرائيل اثنتي عشرة قبيلة من اثني عشر ولدًا هم أولاد يعقوب عليه السلام.
عمل
[160] تدرب على الترتيب، وضع جدولًا أسبوعيًا لأعمالك واحتياجاتك ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا﴾.
لمسة
[160] في سورة البقرة ﴿فانفجرت﴾ [البقرة: 60]، وفي الأعراف ﴿فانبجست﴾ فما الفرق؟ الجواب: الانبجاس: أول خروج الماء من مكان ضيق، والانفجار: خروج الماء بكثرة، فعبر بكل فعل في موضعه في الأعراف والبقرة.
عمل
[160] استبدل بالطعام المشتبه به طعامًا حلالًا؛ فللطعام أثر على العبادة، والتفكير، والسلوك ﴿كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.
وقفة
[160] ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾ حين لم يشكروا الله، ولم يقوموا بما أوجب الله عليهم، ﴿وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ حيث فوتوها كل خير، وعرضوها للشر والنقمة.
وقفة
[160] ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ قال ابن جرير: «ما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها، فإن الله تعالى لا تضره معصية عاص، ولا يتحيف خزائنه ظلم ظالم، ولا تنفعه طاعة مطيع، ولا يزيد في ملکه عدل عادل، بل نفسه يظلم الظالم، وحظها يبخس العاصي، وإياها ينفع المطيع، وحظها يصيب العادل».

الإعراب :

  • ﴿ وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ:
  • الواو: استئنافية. قطعنا: بمعنى قسّمنا:فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. اثنتي عشرة: عدد مركّب مبني على فتح الجزءين في محل نصب حال. والجزء الأول من هذا العدد معرب منصوب بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للاضافة و «عَشْرَةَ» في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ أَسْباطاً أُمَماً:
  • أسباطا: تمييز منصوب بالفتحة وقد أنث العدد المركب لأن المعدود «أَسْباطاً» يعني قبيلة. وكل قبيلة أسباط لا سبط فوضع «أسباط» موضع قبيلة. أمما. بدل من «اثْنَتَيْ عَشْرَةَ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى: وقطعناهم أمما أو صفة- نعت- لها والأسباط: أولاد الأولاد
  • ﴿ وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى:
  • الواو: عاطفة. أوحينا: تعرب إعراب «قطعنا».إلى موسى: جار ومجرور متعلق بأوحينا وعلامة جر الاسم الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف على العجمة والعلمية.
  • ﴿ إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ:
  • إذ: ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون متعلق بأوحينا وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. استسقى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. قوم: فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. وجملة «اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد الظرف «إِذِ».
  • ﴿ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ:
  • أن: حرف مصدري وكسرت نونه لالتقاء الساكنين. اضرب: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بعصاك: جار ومجرور متعلق باضرب وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالاضافة. الحجر: مفعول به منصوب بالفتحة وأن المصدرية وما بعدها: بتأويل مصدر في محل جر بالباء المقدرة والجار والمجرور متعلق بالفعل «أوحى» وجملة «اضْرِبْ» صلة «أَنِ» لا محل لها من الإعراب.
  • ﴿ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ:
  • الفاء: سببية. انبجست: أي تفجرت فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. منه: جار ومجرور متعلق بانبجست.
  • ﴿ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ:
  • عدد مركب مبني على فتح الجزئين في محل رفع فاعل. عينا: تمييز منصوب بالفتحة. قد: حرف تحقيق.
  • ﴿ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ:
  • علم: أي عرف: فعل ماض مبني على الفتح. كل:فاعل مرفوع بالضمة. أناس: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
  • ﴿ مَشْرَبَهُمْ:
  • مفعول به منصوب بالفتحة وهو اسم مكان أي «مكان شربهم» و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ:
  • الواو عاطفة. ظللنا: تعرب إعراب «قطعنا» عليهم: جار ومجرور متعلق بظللنا. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى وحرك آخره بالضم للاشباع. الغمام: أي السحاب ليقيهم حر الشمس: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى:
  • معطوفة بالواو على «ظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ» وتعرب إعرابها والسلوى معطوفة بالواو على «الْمَنَّ» منصوبة مثلها بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
  • ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ:
  • الجملة على ارادة القول في محل نصب مفعول به- مقول القول- بتقدير: وقلنا لهم كلوا .. كلوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من طيبات: جار ومجرور متعلق بكلوا ويجوز أن تكون «مِنْ» للتبعيض. وحذف مفعول «كُلُوا» لأن» «مِنْ» دالة عليه. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. رزقنا:تعرب اعراب «قطعنا» الكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور وجملة «رَزَقْناكُمْ» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَما ظَلَمُونا:
  • الواو: استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. ظلموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به اي وما ظلمونا بعصيانهم.
  • ﴿ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ:
  • الواو: زائدة. لكن: حرف استدراك مهمل لا عمل له مخفف. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. أنفس: مفعول به منصوب بالفتحة بفعل مضمر يفسره المذكور و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ يَظْلِمُونَ:
  • الجملة: في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لتجرده عن الناصب والجازم. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. '

المتشابهات :

البقرة: 60﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا .
الأعراف: 160﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَة عينا قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۚ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [160] لما قبلها :     وبعدَ بيانِ أن بني إسرائيل لم يكونُوا جميعًا ضالينَ؛ بَيَّنَ اللهُ عز وجل هنا أنه قسَّمَ بني إسرائيلَ إلى 12 قبيلةً (كلُ قبيلةٍ من واحدٍ من أبناءِ يعقوبَ عليه السلام )، ثُمَّ بَيَّنَ نعمَه عليهم في صحراءِ التيهِ، قال تعالى:
﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وقطعناهم:
وقرئ:
وقطعناهم، بالتخفيف، قرأ بها أبان بن تغلب، عن عاصم.
عشرة:
قرئت:
1- عشرة، بكسر الشين، وهى قراءة ابن وثاب، والأعمش، وطلحة بن سليمان، وهى لغة تميم.
2- عشرة، بإسكان الشين، وهى قراءة الجمهور، وهى لغة الحجاز.

مدارسة الآية : [161] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ ..

التفسير :

[161] واذكر -أيها الرسول- عصيان بني إسرائيل لربهم سبحانه وتعالى ولنبيهم موسى عليه السلام، وتبديلَهم القول الذي أمروا أن يقولوه حين قال الله لهم:اسكنوا قرية «بيت المقدس»، وكلوا من ثمارها وحبوبها ونباتها أين شئتم ومتى شئتم، وقولوا:حُطَّ عنا ذنوبنا، وادخلو

وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ أي:ادخلوها لتكون وطنا لكم ومسكنا، وهي (إيلياء) وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ أي:قرية كانت كثيرة الأشجار، غزيرة الثمار، رغيدة العيش، فلذلك أمرهم اللّه أن يأكلوا منها حيث شاءوا. وَقُولُوا حين تدخلون الباب:حِطَّةٌ أي:احطط عنا خطايانا، واعف عنا. وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا أي:خاضعين لربكم مستكينين لعزته، شاكرين لنعمته، فأمرهم بالخضوع، وسؤال المغفرة، ووعدهم على ذلك مغفرة ذنوبهم والثواب العاجل والآجل فقال:نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنـزيدُ الْمُحْسِنِينَ من خير الدنيا والآخرة

وقوله- تعالى- وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ... إلخ. تذكير لهم بصفة جليلة مكنوا منها فما أحسنوا قبولها، وما رعوها حق رعايتها، وهي نعمة تمكينهم من دخول بيت المقدس ونكولهم عن ذلك.

قال الآلوسى: وقوله وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ معمول لفعل محذوف تقديره: اذكر. وإيراد الفعل هنا مبينا للمفعول جريا على سنن الكبرياء «مع الإيذان بأن الفاعل غنى عن التصريح. أى:

أذكر لهم وقت قولنا لأسلافهم» .

والقرية هي البلدة المشتملة على مساكن، والمراد بها هنا بيت المقدس- على الراجح- وقيل المراد بها أريحاء.

والحطة: كجلسة: اسم للهيئة، من الحط بمعنى الوضع والإنزال، وأصله إنزال الشيء من علو. يقال: استحطه وزره: سأله أن يحطه عنه وينزله.

وهي خبر مبتدأ محذوف أى: مسألتنا حطة، والأصل فيها النصب بمعنى: حط عنا ذنوبنا حطة، وإنما رفعت لتعطى معنى الثبات.

والمعنى: واذكروا أيها المعاصرون للعهد النبوي من بنى إسرائيل وقت أن قيل لأسلافكم اسكنوا قرية بيت المقدس بعد خروجهم من التيه، وقيل لهم كذلك كلوا من خيراتها أكلا واسعا، واسألوا الله أن يحط عنكم ذنوبكم، وادخلوا من بابها خاضعين خاشعين شكرا لله على نعمه، فإنكم إن فعلتم ذلك غفرنا لكم خطيئاتكم.

وقوله- تعالى- وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ فيه إشعار بكمال النعمة عليهم واتساعها وكثرتها، حيث أذن لهم في التمتع بثمرات القرية وأطعمتها من أى مكان شاءوا.

وقوله: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً إرشاد لهم إلى ما يجب عليهم عمله نحو خالقهم، وتوجههم إلى ما يعينهم على بلوغ غاياتهم بأيسر الطرق وأسهل السبل لأن كل ما كلفهم الله- تعالى- به أن يضرعوا إليه بأن يحط عنهم خطيئاتهم، وأن يدخلوا من باب المدينة التي فتحها الله عليهم مخبتين.

وقوله نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ مجزوم في جواب الأمر.

وهذه الجملة الكريمة بيان للثمرة التي تترتب على طاعتهم وخضوعهم لخالقهم وإغراء لهم على الامتثال والشكر- ولو كانوا يعقلون- لأن غاية ما يتمناه العقلاء هو غفران الذنوب.

وقوله- تعالى- سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ وعد بالزيادة من خيرى الدنيا والآخرة لمن أسلم وجهه لله وهو محسن.

وقد أمر الله- تعالى- أن يفعلوا ذلك، وأن يقولوا هذا القول، لأن تغلبهم على أعدائهم نعمة من أجل النعم التي تستدعى منهم الشكر الجزيل لله- تعالى-. ولهذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يظهر أقصى درجات الخضوع، وأسمى ألوان الشكر عند النصر والظفر وبلوغ المطلوب، فعند ما تم له فتح مكة دخل إليها من الثنية العليا وهو خاضع لربه، حتى إن رأسه الشريف ليكاد يمس عنق ناقته شكرا لله على نعمة الفتح، وبعد دخوله مكة اغتسل وصل ثماني ركعات سماها بعض الفقهاء صلاة الفتح.

ومن هنا استحب العلماء للفاتحين من المسلمين إذا فتحوا بلدة أن يصلوا فيها ثماني ركعات عند أول دخولها شكرا لله، وقد فعل ذلك سعد بن أبى وقاص عند ما دخل إيوان كسرى. فقد ثبت أنه صلى بداخله ثماني ركعات.

ولكن ماذا كان من بنى إسرائيل بعد أن أتم الله لهم نعمة الفتح.

يقول تعالى لائما لهم على نكولهم عن الجهاد ودخولهم الأرض المقدسة لما قدموا من برد مصر صحبة موسى عليه السلام فأمروا بدخول الأرض المقدسة التي هي ميراث لهم عن أبيهم إسرائيل وقتال من فيها من العماليق الكفرة فنكلوا عن قتالهم وضعفوا واستحسروا فرماهم الله في التيه عقوبة لهم كما ذكره تعالى في سورة المائدة ولهذا كان أصح القولين أن هذه البلدة هي بيت المقدس كما نص على ذلك السدي والربيع بن أنس وقتادة وأبو مسلم الأصفهاني وغير واحد وقد قال الله تعالى حاكيا عن موسى "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا" الآيات.

وقال: آخرون هي أريحا ويحكى عن ابن عباس وعبدالرحمن بن زيد وهذا بعيد لأنها ليست على طريقهم وهم قاصدون بيت المقدس لا أريحا وأبعد من ذلك قول من ذهب إلى أنها مصر حكاه الرازي في تفسيره والصحيح الأول أن بيت المقدس وهذا كان لما خرجوا من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه السلام وفتحها الله عليهم عشية جمعة وقد حبست لهم الشمس يومئذ قليلا حتى أمكن الفتح ولما فتحوها أقروا أن يدخلوا الباب باب البلد "سجدا" أي شكر الله تعالى على ما أنعم به عليهم من الفتح والنصر ورد بلدهم عليهم وإنقاذهم من التيه والضلال قال العوفي في تفسيره عن ابن عباس إنه كان يقول في قوله تعالى "وادخلوا الباب سجدا" أي ركعا وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله "وادخلوا الباب سجدا" قال ركعا من باب صغير رواه الحاكم من حديث سفيان به ورواه ابن أبي حاتم من حديث سفيان وهو الثوري به وزاد فدخلوا من قبل استاهم وقال الحسن البصري أمروا أن يسجدوا على وجوههم حال دخولهم واستبعده الرازي وحكى عن بعضهم أن المراد ههنا في السجود الخضوع لتعذر حمله على حقيقته وقال الخصيف: قال عكرمة قال ابن عباس كان الباب قبل القبلة وقال ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة والضحاك هو باب الحطة من باب إيلياء ببيت المقدس وحكى الرازي عن بعضهم أنه عنى بالباب جهة من جهات القبلة وقال خصيف قال عكرمة قال: ابن عباس فدخلوا على شق وقال السدي عن أبي سعيد الأزدي عن أبي الكنود عن عبدالله بن مسعود قيل لهم ادخلوا الباب سجدا فدخلوا مقنعي رؤسهم أي رافعي رؤسهم خلاف ما أمروا وقوله تعالى "وقولوا حطة" قال الثوري عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "وقولوا حطة" قال مغفرة استغفروا وروى عن عطاء والحسن وقتادة والربيع بن أنس نحوه وقال الضحاك عن ابن عباس "وقولوا حطة" قال قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم وقال عكرمة قولوا "لا إله إلا الله" وقال الأوزاعي.

كتب ابن عباس إلى رجل قد سماه فسأله عن قوله تعالى "وقولوا حطة" فكتب إليه أن أقروا بالذنب وقال: الحسن وقتادة أي احطط عنا خطايانا "نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين" وقال هذا جواب الأمر أي إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضعفنا لكم الحسنات وحاصل الأمر أنهم أمروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وأن يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها والشكر على النعمة عندها والمبادرة إلى ذلك من المحبوب عند الله تعالى "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا" فسره بعض الصحابة بكثرة الذكر والاستغفار عند الفتح والنصر وفسره ابن عباس بأنه نعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أجله فيها وأقره على ذلك عمر رضي الله عنه ولا منافاة بين أن يكون قد أمر بذلك عند ذلك ونعي إليه روحه الكريمة أيضا ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يظهر عليه الخضوع جدا عند النصر كما روي أنه كان يوم الفتح فتح مكة داخلا إليها من الثنية العليا وإنه لخاضع لربه حتى أن عثنونه ليمس مورك رحله شكرا لله على ذلك ثم لما دخل البلد اغتسل وصلى ثماني ركعات وذلك ضحى وقال: بعضهم هذه صلاة الضحى وقال: آخرون بل هي صلاة الفتح فاستحبوا للإمام وللأمير إذا فتح بلدا أن يصلي فيه ثماني ركعات عند أول دخوله كما فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما دخل إيوان كسرى صلى فيه ثماني ركعات والصحيح أنه يفصل بين كل ركعتي بتسليم وقيل يصليها كلها بتسليم واحد والله أعلم.

القول في تأويل قوله : وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَـزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر أيضًا، يا محمد، من خطأ فعل هؤلاء القوم، وخلافهِم على ربهم، وعصيانهم نبيَّهم موسى عليه السلام، وتبديلهم القولَ الذي أمروا أن يقولوه حين قال الله لهم: " اسكنوا هذه القرية "، وهي قرية بيت المقدس (13) = " وكلوا منها " وكلوا : من ثمارها وحبوبها ونباتها= " حيث شئتم "، منها، يقول: أنّى شئتم منها= " وقولوا حطة "، يقول: وقولوا: هذه الفعلة " حِطّةٌ"، تحطُّ ذنوبنا (14) = " نغفر لكم "، يتغمد لكم ربكم= " ذنوبكم "، التي سلفت منكم, فيعفو لكم عنها, فلا يؤاخذكم بها. (15) = " سنـزيد المحسنين "، منكم, وهم المطيعون لله, (16) على ما وعدتكم من غفران الخطايا.

* * *

وقد ذكرنا الروايات في كل ذلك باختلاف المختلفين، والصحيح من القول لدينا فيه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (17)

------------------

الهوامش :

(13) (1) انظر تفسير (( القرية )) فيما سلف 2 : 102 ، 103 .

(14) (2) انظر تفسير (( الحطة )) فيما سلف 2 : 105 - 109 .

(15) (3) انظر تفسير (( المغفرة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) .

(16) (4) انظر تفسير (( الإحسان )) فيما سلف من فهارس اللغة ( حسن ) .

(17) (5) انظر ما سلف في تفسير نظيرة هذه الآية 2 : 102 - 112 .

التدبر :

وقفة
[161] ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾ عن أَبي هُرَيْرَةَ t قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾، فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ. [البخاري 3403، حطة: وفي رواية حنطة، شعرة: واحد الشعر، وفي رواية شعيرة: وهو نبات عشبي دون القمح في الغذاء، قالوا ذلك استهزاء بالأمر الذي قيل لهم].
تفاعل
[161] ﴿نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ﴾ ادعُ الله الآن أن يغفر لك.
وقفة
[161] وعد ﷻ بالزيادة في الخير ثلاثًا: المهتدين: ﴿وَيَزِيدُ اللَّـهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ [مريم: 76]، والشاكرين: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]، والمحسنين: ﴿سنزيد المحسنين﴾.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
  • هذه الآية الكريمة سبق إعرابها في الآية الكريمة الثامنة والخمسين من سورة البقرة. وجملة «اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ» في محل رفع نائب فاعل للفعل «قِيلَ» سنزيد: وردت في سورة البقرة «وسَنَزِيدُ» وقد طرحت الواو لأن الكلام استئناف مرتب على تقدير قول القائل: وماذا بعد الغفران؟ فقيل جوابا له: سنزيد المحسنين. '

المتشابهات :

البقرة: 58﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
الأعراف: 161﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزَيِدُ الْمُحْسِنِينَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [161] لما قبلها :     وبعد أن ذكرَ اللهُ عز وجل إنعامَه على بني إسرائيل في صحراءِ التِّيهِ؛ ذكرَ اللهُ هنا إنعامَه عليهم عندَ الوُصولِ إلى بيتِ المقدسِ، قال تعالى:
﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

نغفر لكم خطيئاتكم:
قرئت:
1- نغفر، بالنون، و «خطيئاتكم» جمع سلامة، وهى قراءة الكوفيين، وابن كثير، والأعمش.
2- نغفر بالنون، وتخفيف همزة «خطيئاتكم» ، وإدغام الياء فى الياء، وهى قراءة الحسن.
3- نغفر لكم خطاياكم، وهى قراءة أبى عمرو.
4- تغفر، بالتاء مبنيا للمفعول، و «خطيئاتكم» ، جمع سلامة، وهى قراءة نافع، ومحبوب.
5- تغفر، بتاء مضمومة مبنيا للمفعول، وخطيئتكم، على التوحيد وهى قراءة ابن عامر.
6- تغفر، بتاء مفتوحة، على أن «الحطة» تغفر، إذ هى سبب الغفران، وهى قراءة ابن هرمز.

مدارسة الآية : [162] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً ..

التفسير :

[162] فغيَّر الذين كفروا بالله منهم ما أمرهم الله به من القول، ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم، وقالوا:حبة في شعرة، فأرسلنا عليهم عذاباً من السماء، أهلكناهم به؛ بسبب ظلمهم وعصيانهم.

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ أي:عصوا اللّه واستهانوا بأمره قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فقالوا بدل طلب المغفرة، وقولهم:حِطَّة (حبة في شعيرة)، وإذا بدلوا القول - مع يسره وسهولته - فتبديلهم للفعل من باب أولى، ولهذا دخلوا وهم يزحفون على أستاههم. فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ حين خالفوا أمر اللّه وعصوه رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ أي:عذابا شديدا، إما الطاعون وإما غيره من العقوبات السماوية. وما ظلمهم اللّه بعقابه وإنما كان ذلك بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ أي:يخرجون من طاعة الله إلى معصيته، من غير ضرورة ألجأتهم ولا داع دعاهم سوى الخبث والشر الذي كان كامنا في نفوسهم.

لقد حكى القرآن ما كان منهم من جحود وبطر فقال: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ.

قال صاحب الكشاف: «أى وضعوا مكان حطة قولا غيرها، يعنى أنهم أمروا بقول معناه التوبة والاستغفار فخالفوه إلى قول ليس معناه معنى ما أمروا به، ولم يمتثلوا أمر الله، وليس الغرض أنهم أمروا بلفظ بعينه وهو لفظ الحطة فجاءوا بلفظ آخر، لأنهم لو جاءوا بلفظ آخر مستقل بمعنى ما أمروا به لم يؤخذوا به، كما لو قالوا مكان حطة نستغفرك ونتوب إليك، أو اللهم اعف هنا وما أشبه ذلك» .

وقال الإمام ابن كثير: «وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل. فقد أمروا أن يدخلوا الباب سجدا فدخلوا يزحفون على أستاههم رافعي رؤوسهم. وأمروا أن يقولوا حطة- أى احطط عنا ذنوبنا- فاستهزأوا وقالوا حنطة في شعيرة. وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وخروجهم عن طاعته» .

وأخرج البخاري عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «قيل لبنى إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فبدلوا ودخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا. حبة في شعيرة» .

والعبرة التي تؤخذ من هذه الجملة الكريمة أن من أمره الله- تعالى بقول أو فعل فتركه وأتى بآخر لم يأذن به الله دخل في زمرة الظالمين، وعرض نفسه لسوء المصير.

وقوله- تعالى- فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ تصريح بأن ما أصابهم من عذاب كان نتيجة عصيانهم وتمردهم وجحودهم لنعم الله.

والرجز: هو العذاب، سواء أكان بالأمراض المختلفة أو بغيرها.

وفي النص على أن الرجز قد أتاهم من السماء إشعار بأنه عذاب لا يمكن دفعه، وأنه لم يكن له سبب أرضى من عدوى أو نحوها، بل رمتهم به الملائكة من جهة السماء فأصيب به الذين ظلموا دون غيرهم.

هذا وقد وردت في سورة البقرة آيتان تشبهان في ألفاظهما هاتين الآيتين اللتين معنا هنا في سورة الأعراف، أما آيتا سورة البقرة فهما قوله- تعالى-:

وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ، نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ. فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ.

وقد عقد الإمام الرازي مقارنة بين أسلوب الآيتين في كل من السورتين فقال ما ملخصه:

إن ألفاظ الآيتين في سورة الأعراف تخالف ألفاظ آيتي سورة البقرة من وجوه:

الأول: أنه قال- سبحانه- في سورة البقرة: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وهنا قال:

وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية.

الثاني: أنه قال في سورة البقرة: فَكُلُوا بالفاء، وقال هنا وَكُلُوا بالواو.

الثالث: أنه قال في سورة البقرة: رَغَداً وهذه الكلمة غير مذكورة هنا.

الرابع: أنه قال في سورة البقرة: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ وقال هنا على التقديم والتأخير.

الخامس: أنه قال في سورة البقرة: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وقال هاهنا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ.

السادس: أنه قال في سورة البقرة: وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ وهاهنا حذف حرف الواو.

السابع: أنه قال في سورة البقرة: فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وقال هاهنا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ.

الثامن: أنه قال في سورة البقرة: بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وقال هاهنا بِما كانُوا يَظْلِمُونَ.

واعلم أن هذه الألفاظ متقاربة ولا منافاة بينها البتة، ويمكن ذكر فوائد هذه الألفاظ المختلفة من وجوه.

الأول: وهو أنه قال في سورة البقرة ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وقال هاهنا اسكنوا، فالفرق أنه لا بد من دخول القرية أولا ثم سكناها ثانيا.

الثاني: أنه هناك قال فَكُلُوا بالفاء وهنا بالواو. والفرق أن الدخول حالة مخصوصة، فإنه إنما يكون داخلا في أول دخوله، وأما ما بعد ذلك فيكون سكونا لا دخولا، إذا ثبت هذا فنقول: الدخول حالة منقضية زائلة وليس لها استمرار فلا جرم أن يحسن ذكر فاء التعقيب بعده، فلهذا قال: ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا وأما السكون فحالة مستمرة باقية فيكون الأكل حاصلا معه لا عقيبه، فظهر الفرق.

وأما الثالث: وأنه ذكر هناك رَغَداً ولم يذكره هنا، فالفرق أن الأكل عقيب دخول القرية يكون ألذ، لأن الحاجة إلى ذلك الأكل كانت أكمل وأتم، ولما كان الأمر كذلك ذكر كلمة «رغدا» وأما الأكل حال سكون القرية فالظاهر أنه لا يكون في محل الحاجة الشديدة ولم تكن اللذة فيه متكاملة. فلا جرم ترك قوله رَغَداً فيه.

وأما الرابع: وهو قوله هناك وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ وهنا على العكس،فالمراد التنبيه على أنه لا منافاة في ذلك، لأن المقصود هو تعظيم أمر الله وإظهار الخضوع والخشوع له، فلم يتفاوت الحال بحسب التقديم والتأخير.

وأما الخامس: وهو أنه قال هناك خَطاياكُمْ وقال هنا خَطِيئاتِكُمْ فهو إشارة إلى أن هذه الذنوب سواء كانت قليلة أو كثيرة فهي مغفورة عند الإتيان بهذا التضرع والدعاء.

وأما السادس: وهو قوله هناك وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ بالواو، وقال هنا سَنَزِيدُ بحذفها، فالفائدة في حذف الواو أنه تعالى وعد بشيئين: بالغفران وبالزيادة للمحسنين من الثواب وإسقاط الواو لا يخل بذلك لأنه استئناف مرتب على تقدير قول القائل ماذا بعد الغفران فقيل:

إنه سيزيد المحسنين.

وأما السابع: وهو الفرق بين أنزلنا وبين أرسلنا، فلأن الإنزال لا يشعر بالكثرة والإرسال يشعر بها. فكأنه- سبحانه- بدأ بإنزال العذاب القليل ثم جعله كثيرا.

وأما الثامن: فهو الفرق بين قوله هناك يَفْسُقُونَ وقوله هنا يَظْلِمُونَ فذلك لأنهم موصوفون بكونهم ظالمين لأجل أنهم ظلموا أنفسهم، وبكونهم فاسقين لأجل أنهم خرجوا عن طاعة الله. فالفائدة في ذكر هذين الوصفين التنبيه على حصول هذين الأمرين منهم.

ثم قال: فهذا ما خطر بالبال في ذكر فوائد هذه الألفاظ المختلفة، وتمام العلم بها عند الله- تعالى-» .

وبذلك تكون الآيات الكريمة قد بينت أن بنى إسرائيل مكنوا من النعمة فنفروا منها، وفتحت لهم أبواب الخير فأبوا دخولها، فكانت عاقبتهم أن محقت النعم من بين أيديهم، وسلط الله عليهم عذابا شديدا من عنده بسبب ظلمهم وفسوقهم عن أمره.

وفي ذلك إثارة لحسرة اليهود المعاصرين للعهد النبوي على ما ضاع من أسلافهم بسبب انتهاكهم لحرمات الله وتحذير لهم من سلوك طريق آبائهم حتى لا يصيبهم ما أصابهم من عذاب أليم.

ثم تحدث القرآن بعد ذلك عن رذيلة أخرى من رذائل بنى إسرائيل الكثيرة، وهي تحايلهم على استحلال محارم الله بسبب جهلهم وجشعهم وضعف إرادتهم.

وذلك أن الله- تعالى- أخذ عليهم عهدا بأن يتفرغوا لعبادته في يوم السبت، وحرم عليهم الاصطياد فيه دون سائر الأيام، واختبارا منه- سبحانه- لإيمانهم ووفائهم بعهودهم أرسل إليهم الحيتان في يوم السبت دون غيره، فكانت تتراءى لهم على الساحل في ذلك اليوم، قريبة المأخذ، سهلة الاصطياد.

وهنا سال لعاب شهواتهم ومطامعهم وفكروا في حيلة لاصطياد هذه الحيتان في يوم السبت فقالوا: لا مانع من أن نحفر إلى جانب ذلك البحر الذي يزخر بالأسماك في يوم السبت أحواضا تناسب إليها المياه ومعها الأسماك، ثم نترك هذه الأسماك محبوسة في الأحواض في يوم السبت- لأنها لا تستطيع الرجوع إلى البحر لضآلة الماء الذي في الأحواض. ثم نصطادها بعد ذلك في غير يوم السبت، وبذلك نجمع بين احترام ما عهد إلينا في يوم السبت وبين ما تشتهيه أنفسنا من الحصول على تلك الأسماك.

ولقد نصحهم الناصحون بأن عملهم هذا هو احتيال على محارم الله، وأن حبس الحيتان في الأحواض هو صيد لها في المعنى، وهو فسوق عن أمر الله ونقض لعهوده.

ولكنهم لجهلهم واستيلاء المطامع على نفوسهم لم يعبئوا بنصح الناصحين بل نفذوا حيلتهم الشيطانية، فغضب الله عليهم ومسخهم قردة، وجعلهم عبرة لمن عاصرهم ولمن أتى بعدهم وموعظة للمتقين.

واستمع إلى سورة الأعراف وهي تحكى لنا هذه القصة بأسلوبها البليغ فتقول:

وقوله تعالى فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم قال: البخاري حدثني محمد حدثنا عبدالرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "قيل لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة - فدخلوا يزحفون على استاهم فبدلوا وقالوا حبة في شعرة" ورواه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عبدالرحمن به موقوفا وعن محمد بن عبيد بن محمد عن ابن المبارك ببعضه مسندا في قوله تعالى "حطة" قال فبدلوا وقالوا حبة وقال عبدالرزاق أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لبني إسرائيل "ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم" فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على استاهم فقالوا حبة في شعرة" وهذا حديث صحيح رواه البخاري عن إسحاق بن نصر ومسلم عن محمد بن رافع والترمذي عن عبدالرحمن بن حميد كلهم عن عبدالرزاق به وقال الترمذي حسن صحيح وقال محمد بن إسحاق كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وعمن لا أتهم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدا - يزحفون على استاهم وهم يقولون حنطة في شعيرة" وقال أبو داود حدثنا أحمد بن صالح وحدثنا سليمان بن داود حدثنا عبدالله بن وهب حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم" قال الله لبني إسرائيل "ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم" ثم قال أبو داود حدثنا أحمد بن مسافر حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بمثله هكذا رواه منفردا به في كتاب الحروف مختصرا وقال: ابن مردويه حدثنا عبدالله بن جعفر حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا أحمد بن محمد بن المنذر القزاز حدثنا محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل أجزنا فى ثنية يقال لها ذات الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل "ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم" وقال: سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن البراء "سيقول السفهاء من الناس" قال: اليهود قيل لهم ادخلوا الباب سجدا قال: ركعا وقولوا حطة أي مغفرة فدخلوا على أستاههم وجعلوا يقولون حنطة حمراء فيها شعيرة فذلك قول الله تعالى "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وقال الثوري عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن أبي الكنود عن ابن مسعود وقولوا حطة فقالوا حنطة حبة حمراء فيها شعيرة فأنزل الله "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وقال أسباط عن السدي عن مرة عن ابن مسعود أنه قال إنهم قالوا هطا سمعانا أزبة مزبا فهي بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء فذلك قوله تعالى" فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وقال الثورى عن الأعمش عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس في قوله تعالى" ادخلوا الباب سجدا" قال ركعا من باب صغير فدخلوا من قبل استاهم وقالوا حنطة فذلك قوله تعالى "فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم" وهكذا روى عن عطاء ومجاهد وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس ويحيى بن رافع.

وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل فأمروا أن يدخلوا سجدا فدخلوا يزحفون على استاهم من قبل استاهم رافعي رؤسهم وأمروا أن يقولوا حطة أي احطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزءوا فقالوا حنطة في شعيرة وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته.

ولهذا قال "فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون" وقال الضحاك عن ابن عباس كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به العذاب وهكذا روى عن مجاهد وأبي مالك والسدي والحسن وقتادة أنه العذاب وقال أبو العالية الرجز الغضب وقال الشعبي الرجز إما الطاعون وإما البرد وقال سعيد بن جبير هو الطاعون وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد يعني ابن أبي وقاص عن سعد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت رضي الله عنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الطاعون رجز عذاب عذب به من كان قبلكم" وهكذا رواه النسائي من حديث سفيان الثوري به وأصل الحديث في الصحيحين من حديث حبيب بن أبي ثابت "إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخولها" الحديث قال ابن جرير أخبرني يونس بن عبدالأعلى عن ابن وهب عن يونس عن الزهري قال: أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن هذا الوجع والسقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم" وهذا الحديث أصله مخرج في الصحيحين من حديث الزهري ومن حديث مالك عن محمد ابن المنكدر وسالم بن أبي النضر عن عامر بن سعد بنحوه.

القول في تأويل قوله : فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فغيَّر الذين كفروا بالله منهم ما أمرهم الله به من القول, فقالوا= وقد قيل لهم: قولوا: هذه حطة=: " حنطة في شعيرة ". وقولهم ذلك كذلك، هو غير القول الذي قيل لهم قولوه. يقول الله تعالى: " فأرسلنا عليهم رجزًا من السماءِ"، بَعثنا عليهم عذابًا، أهلكناهم بما كانوا يغيِّرون ما يؤمرون به, فيفعلون خلاف ما أمرهم الله بفعله، ويقولون غير الذي أمرهم الله بفعله. (18)

* * *

وقد بينا معنى الرجز فيما مضى. (19)

-------------------

الهوامش :

(18) (1) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 2 : 112 - 119 .

(19) (2) انظر تفسير ((الرجز )) فيما سلف 2 : 117 ، 118 / 12 : 521 / 13 : 72 .

التدبر :

وقفة
[162] في هذه الآية: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾، ولم يقع لفظ: (مِنْهُمْ) في سورة البقرة آية [59]، ووجه زيادتها هنا: التصريح بأن تبديل القول لم يصدر من جميعهم، وأجمل ذلك في سورة البقرة؛ لأن آية البقرة لما سيقت مساق التوبيخ ناسب إرهابهم بما يوهم أن الذين فعلوا ذلك هم جميع القوم؛ لأن تبعات بعض القبيلة تحمل على جماعتها.
وقفة
[162] ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾ وإذا بَدَّلُوا القول مع يسره وسهولته؛ فتبديلهم للفعل من باب أولى.
وقفة
[162] ﴿فَبَدَّلَ ... فَأَرْسَلْنَا﴾ إذا أنعمَ اللهُ على عبدٍ نعمةً ولم يشكرْها سُلِبَتْ منه.
وقفة
[162] ﴿فَبَدَّلَ ... فَأَرْسَلْنَا﴾ الجحود والكفران سبب في الحرمان من النعم.
وقفة
[162] ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾ الرجز هو العذاب، سواء أكان بالأمراض أو غيرها، وقد أتاهم من السماء إشعارًا بأنه عذاب لا يمكن دفعه، ولم يكن له سبب أرضيٌّ من عدوى أو غيرها، بل رمتهم به الملائكة من جهة السماء، فأصيب به الذين ظلموا تحديدًا دون غيرهم.
تفاعل
[162] ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ:
  • الفاء: استئنافية. بدل: فعل ماض مبني على الفتح. الذين:اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة بعده صلته لا محل لها.
  • ﴿ ظَلَمُوا مِنْهُمْ:
  • فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة أو مبني على الفتح المقدر على آخره منع من ظهوره حركة المناسبة المأتيّ بها لأجل الواو.والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. منهم: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الموصول «الَّذِينَ» و «من» بيانية. وحذف مفعول «ظَلَمُوا» اختصارا وتقديره: ظلموا أنفسهم. والجملة صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي:
  • قولا: مفعول به منصوب بالفتحة. غير: صفة لقولا منصوبة مثله بالفتحة. الذي: اسم موصول في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ قِيلَ لَهُمْ:
  • قيل: فعل ماض مبني على الفتح مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو. لهم: جار ومجرور متعلق بقيل.
  • ﴿ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً:
  • الفاء: استئنافية. أرسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليهم: جار ومجرور متعلق بأرسلنا. وجملة «قِيلَ لَهُمْ» صلة الموصول. رجزا: مفعول به منصوب بالفتحة.
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا:
  • جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رِجْزاً».بما: جار ومجرور متعلق بأرسلنا أو تكون. ما: مصدرية. كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة أو مبني على فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها حركة المناسبة المأتي بها لأجل الواو.والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف. فارقة و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بمن. أي بتقدير بكونهم ظالمين أي سبب ظلمهم. ويجوز أن تتعلق الباء بمحذوف كأنه قيل بسبب ظلمهم أنفسهم أرسلنا عليهم رجزا: أي عذابا. وجملة «كانُوا يَظْلِمُونَ» صلة «ما» لا محل لها.
  • ﴿ يَظْلِمُونَ:
  • فعل مضارع مرفوع للتجرد بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة. في محل نصب خبر «كان». '

المتشابهات :

البقرة: 59﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
الأعراف: 162﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [162] لما قبلها :     ولَمَّا ذكر اللهُ عز وجل ثواب الممتثِلين من بني إسرائيل؛ ذكر هنا جزاء المبدِّلِين، قال تعالى:
﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [163] :الأعراف     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ ..

التفسير :

[163] واسأل -أيها الرسول- هؤلاء اليهود عن خبر أهل القرية التي كانت بقرب البحر ، إذ يعتدي أهلها في يوم السبت على حرمات الله، حيث أمرهم أن يعظموا يوم السبت ولا يصيدوا فيه سمكاً، فابتلاهم الله وامتحنهم؛ فكانت حيتانهم تأتيهم يوم السبت كثيرة ظاهرة على وجه البح

وَاسْأَلْهُمْ أي:اسأل بني إسرائيل عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ أي:على ساحله في حال تعديهم وعقاب اللّه إياهم. إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ وكان اللّه تعالى قد أمرهم أن يعظموه ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدا، فابتلاهم اللّه وامتحنهم، فكانت الحيتان تأتيهم يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا أي:كثيرة طافية على وجه البحر. وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ أي:إذا ذهب يوم السبت لا تَأْتِيهِمْ أي:تذهب في البحر فلا يرون منها شيئا كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ففسقهم هو الذي أوجب أن يبتليهم اللّه، وأن تكون لهم هذه المحنة، وإلا فلو لم يفسقوا، لعافاهم اللّه، ولما عرضهم للبلاء والشر، فتحيلوا على الصيد، فكانوا يحفرون لها حفرا، وينصبون لها الشباك، فإذا جاء يوم السبت ووقعت في تلك الحفر والشباك، لم يأخذوها في ذلك اليوم، فإذا جاء يوم الأحد أخذوها، وكثر فيهم ذلك، وانقسموا ثلاث فرق

قوله- تعالى- وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ ... إلخ. معطوف على اذكر المقدر في قوله- تعالى-: وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم وضمير الغيبة للمعاصرين له من اليهود.

أى: سل يا محمد هؤلاء اليهود المعاصرين لك كيف كان حال أسلافهم الذين تحايلوا على استحلال محارم الله فإنهم يجدون أخبارهم في كتبهم ولا يستطيعون كتمانها.

والمقصود من سؤالهم تقريعهم على عصيانهم، لعلهم أن يتوبوا ويرجعوا إلى الحق، ولا يعرضوا أنفسهم لعقوبات كالتي نزلت بسابقيهم، وتعريفهم بأن هذه القصة من علومهم المعروفة لهم والتي لا يستطيعون إنكارها، والتي لا تعلم إلا بكتاب أو وحى، فإذا أخبرهم بها النبي الأمى الذي لم يقرأ كتابهم كان ذلك معجزة له. ودليلا على أنه نبي صادق موحى إليه بها.

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره للآية الكريمة: (أى واسأل- يا محمد- هؤلاء اليهود الذين بحضرتكم عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ففاجأتهم نقمته على اعتدائهم واحتيالهم في المخالفة، وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم «لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم وهذه القرية هي «أيلة» وهي على شاطئ بحر القلزم، أى- البحر الأحمر-) .

وقال الإمام القرطبي: وهذا سؤال تقرير وتوبيخ، وكان ذلك علامة لصدق النبي صلّى الله عليه وسلّم إذ أطلعه الله على تلك الأمور من غير تعلم وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، لأنا من سبط إسرائيل. ومن سبط موسى كليم الله، ومن سبط ولده عزير فنحن أولادهم، فقال الله- عز وجل- لنبيه سلهم- يا محمد- عن القرية. أما عذبتهم بذنوبهم، وذلك بتغيير فرع من فروع الشريعة .

وجمهور المفسرين على أن المراد بهذه القرية. قرية (أيلة) التي تقع بين مدين والطور، وقيل هي قرية طبرية، وقيل هي مدين.

ومعنى كونها حاضِرَةَ الْبَحْرِ: قريبة منه، مشرفة على شاطئه، تقول كنت بحضرة الدار أى قريبا منها.

وقوله إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ أى يظلمون ويتجاوزون حدود الله- تعالى- بالصيد في يوم السبت ويعدون بمعنى يعتدون، يقال: عدا فلان الأمر واعتدى إذا تجاوز حده.

وقوله تعالى إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً، وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ بيان لموضع الاختبار والامتحان.

وإِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ ظرف ليعدون. وحيتان جمع حوت وهو السمك الكبير. وشرعا:

أى: شارعة ظاهرة على وجه الماء. جمع شارع، من شرع عليه إذا دنا وأشرف وكل شيء دنا من شيء فهو شارع، وقوله: شرعا حال من الحيتان.

والمعنى: إذ تأتيهم حيتانهم في وقت تعظيمهم ليوم السبت ظاهرة على وجه الماء دانية من القرية بحيث يمكنهم صيدها بسهولة، فإذا مر يوم السبت وانتهى لا تأتيهم كما كانت تأتيهم فيه، ابتلاء من الله- تعالى- لهم.

قال ابن عباس: (اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به، وهو يوم الجمعة، فتركوه واختاروا السبت فابتلاهم الله- تعالى- به، وحرم عليهم الصيد فيه، وأمرهم بتعظيمه، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر، فإذا انقضى السبت ذهبت وما تعود إلا في السبت المقبل، وذلك بلاء ابتلاهم الله به، فذلك معنى قوله تعالى وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ .

وقال الإمام القرطبي: (وروى في قصص هذه الآية أنها كانت في زمن داود- عليه السلام- وأن إبليس أوحى إليهم فقال إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت، فاتخذوا الحياض، فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم السبت فتبقى فيها، فلا يمكنها الخروج منها لقلة الماء.

فيأخذونها يوم الأحد) .

وقوله تعالى كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ معناه: بمثل هذا الابتلاء، وهو ظهور السمك لهم في يوم السبت، واختفائه في غيره نبتليهم ونعاملهم معاملة من يختبرهم، لينالوا ما يستحقونه من عقوبة بسبب فسقهم وتعديهم حدود ربهم، وتحايلهم القبيح على شريعتهم، فقد جرت سنة الله بأن من أطاعه سهل له أمور دنياه، وأجل له ثواب أخراه، ومن عصاه أخذه أخذ عزيز مقتدر.

هذا السياق هو بسط لقوله تعالى : ( ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) [ البقرة : 65 ] يقول [ الله ] تعالى ، لنبيه صلوات الله وسلامه عليه : ( واسألهم ) أي : واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ، ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة ، وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم ; لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم . وهذه القرية هي " أيلة " وهي على شاطئ بحر القلزم .

قال محمد بن إسحاق : عن داود بن الحصين ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ) قال : هي قرية يقال لها " أيلة " بين مدين والطور . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي .

وقال عبد الله بن كثير القارئ ، سمعنا أنها أيلة . وقيل : هي مدين ، وهو رواية عن ابن عباس وقال ابن زيد : هي قرية يقال لها . " مقنا " بين مدين وعيدوني .

وقوله : ( إذ يعدون في السبت ) أي : يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك . ( إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ) قال الضحاك ، عن ابن عباس : أي ظاهرة على الماء .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( شرعا ) من كل مكان .

قال ابن جرير : وقوله : ( ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم ) أي : نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده ، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل لهم صيده ( كذلك نبلوهم ) نختبرهم ( بما كانوا يفسقون ) يقول : بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها .

وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك محارم الله ، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام .

وقد قال الفقيه الإمام أبو عبد الله بن بطة ، رحمه الله : حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم ، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل "

وهذا إسناد جيد ، فإن أحمد بن محمد بن مسلم هذا ذكره الخطيب في تاريخه ووثقه ، وباقي رجاله مشهورون ثقات ، ويصحح الترمذي بمثل هذا الإسناد كثيرا .

القول في تأويل قوله : وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واسأل، يا محمد، هؤلاء اليهود، وهم مجاوروك, عن أمر " القرية التي كانت حاضرة البحر ", يقول: كانت بحضرة البحر، أي بقرب البحر وعلى شاطئه.

* * *

واختلف أهل التأويل فيها.

فقال بعضهم: هي " أيلة ".

* ذكر من قال ذلك:

15252- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس, عن محمد بن إسحاق, عن داود بن حصين, عن عكرمة, عن ابن عباس: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: هي قرية يقال لها " أيلة ", بين مَدْين والطور.

15253- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن عبد الله بن كثير في قوله: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر " قال: سمعنا أنها أيلة.

15254- حدثني سلام بن سالم الخزاعي قال، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال، حدثنا ابن جريج, عن عكرمة قال: دخلتُ على ابن عباس والمصحف في حجره وهو يبكي, فقلت: ما يبكيك، جعلني الله فداك؟ فقال: ويلك, وتعرِف القرية التي كانت حاضرة البحر؟ فقلت: تلك أيلة! (20)

15255- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن أبي بكر الهذلي, عن عكرمة, عن ابن عباس: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: هي أيلة.

15256- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قال: هي قرية على شاطئ البحر، بين مصر والمدينة، يقال لها: " أيلة ".

15257- حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي قال: هم أهل أيلة, القرية التي كانت حاضرة البحر.

15258- حدثني الحارث قال، حدثنا أبو سعد, عن مجاهد في قوله: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: أيلة.

* * *

وقال آخرون: معناه: ساحلُ مدين.

15259- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر " الآية, ذكر لنا أنها كانت قرية على ساحل البحر، يقال لها أيلة.

* * *

وقال آخرون: هي مَقْنا.

* ذكر من قال ذلك:

15260- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: هي قرية يقال لها " مقنا "، بين مدين وعَيْنُوني. (21)

* * *

وقال آخرون: هي مدين.

* ذكر من قال ذلك:

15261- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق, عن داود بن الحصين, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: هي قرية بين أيلة والطور، يقال لها " مَدْين ".

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هي قرية حاضرة البحر= وجائز أن تكون أيلة= وجائز أن تكون مدين= وجائز أن تكون مقنا= لأن كل ذلك حاضرة البحر، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع العذر بأيِّ ذلك من أيٍّ, (22) والاختلاف فيه على ما وصفت. ولا يوصل إلى علم ما قد كان فمضى مما لم نعاينه, إلا بخبر يوجب العلم. ولا خبر كذلك في ذلك.

* * *

وقوله: " إذ يعدون في السبت "، يعني به أهله، إذ يعتدون في السبت أمرَ الله, ويتجاوزونه إلى ما حرمه الله عليهم.

* * *

يقال منه: " عدا فلان أمري" و " اعتدى "، إذا تجاوزه. (23)

* * *

وكان اعتداؤهم في السبت: أن الله كان حرَّم عليهم السبت, فكانوا يصطادون فيه السمك. (24)

* * *

= " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعًا "، يقول: إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم الذي نهوا فيه العمل= " شرَّعًا ", يقول: شارعة ظاهرةً على الماء من كل طريق وناحية، كشوارع الطرق، كالذي: -

15262- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة, عن أبي روق, عن الضحاك، عن ابن عباس: " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعًا "، يقول: ظاهرة على الماء. (25)

15263- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: " شرعًا "، يقول: من كلّ مكان.

* * *

وقوله: " ويوم لا يسبتون "، يقول: ويوم لا يعظمونه تعظيمهم السَّبت, وذلك سائر الأيام غير يوم السبت= " لا تأتيهم "، الحيتان= " كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون "، يقول: كما وصفنا لكم من الاختبار والابتلاء الذي ذكرنا، بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده, وإخفائه عنهم في اليوم المحلل صيده (26) = " كذلك نبلوهم "، ونختبرهم (27) = " بما كانوا يفسقون "، يقول: بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها. (28)

* * *

واختلفت القرأة في قراءة قوله: " ويوم لا يسبتون ".

فقرئ بفتح " الياء " من (يَسْبِتُونَ) =من قول القائل: " سبت فلان يسبت سَبْتًا وسُبُوتًا "، إذا عظَّم " السبت ".

* * *

وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه: (وَيَوْمَ لا يُسْبَتُونَ) بضم الياء. =من " أسبت القوم يسبتون "، إذا دخلوا في " السبت ", كما يقال: " أجمعنا "، مرّت بنا جمعة, و " أشهرنا " مرّ بنا شهر, و " أسبتنا "، مرّ بنا سبت.

* * *

ونصب " يوم " من قوله: " ويوم لا يسبتون "، بقوله: " لا تأتيهم "، لأن معنى الكلام: لا تأتيهم يوم لا يسبتون.

* * *

---------------------

الهوامش :

(20) (1) الأثر : 15254 - (( سلام بن سالم الخزاعى )) ، شيخ الطبري ، مضى برقم : 252 ، 6529 . و (( يحيى بن سليم الطائفي )) ، مضى برقم : 4894 ، 7831 . وانظر هذا الخبر وتمامه فيما سيأتي رقم 15271 .

(21) (1) (( عينونى )) ، وتكتب أيضاً ( عينونا )) ، و (( عينون )) ، ذكرها ياقوت في معجمه في الباب ، وذكرها البكرى في معجم ما استعجم في (( حبرى )) ، ولم يفرد لها باباً . قال ياقوت : (( من قرى باب المقدس . وقيل : قرية من وراء البثنية من دون القلزم ، في طرف الشام ، ذكرها كثير : إِذْ هُـنَّ فِـي غَلَـسِ الظَّـلامِ قـوارِبٌ

أَعْــدَادَ عَيْــنٍ مـن عُيُـونِ أُثَـالِ

يَجْــتَزْنَ أَوْدِيَـةَ البُضَيْـعِ جَوَازِعًـا

أجْــوَازَ عَيْنُونَــا، فَنَعْــفَ قِبَـالِ

وقال يعقوب : سمعت من يقول : عين أنا ... وقال البكرى : هي قرية يطؤها طريق المصريين إذا حجوا . وأنا ، واد )) . وفي الخبر ( ابن سعد 1/2/21 ، 22 ) : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب لنعيم ابن أوس ، أخي تميم الدارى ، أن له (( حيرى )) ، و (( عينون )) بالشام ، قريتها كلها ، سهلها وجبلها وماءها وأنباطها وبقرها ، ولعقبة من بعده ، لا يحاقه فيها أحد ، ولا يلجه عليهم بظلم ، ومن ظلمهم وأخذ منهم شيئاً فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وكتب على )) . قال البكرى في معجم ما استعجم (420 ) : (( وكان سليمان بن عبد الملك إذا مر بها لم يعرج ويقول : أخاف أن تمسنى دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) .

(22) (1) في المطبوعة : (( بأن ذلك من أي )) ، ظن أنه يصحح ما في المخطوطة ، فخلط خلطاً لا مخرج منه . وهذا تعبير مضى مرارًا ، وأشرت إليه 1 : 520 س : 16 / 2 : 517 س : 15 / 3 : 64 س : 7 / 6 : 291 س : 6 / 8 : 85 ، 86 تعليق : 1 ، فراجعه هناك ٍ ، فقد غيره الناشر في كل هذه المواضع .

(23) (2) انظر تفسير : (( عدا )) و (( اعتدى )) فيما سلف 12 : 36 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .

(24) (1) انظر معنى (( السبت )) واعتداؤهم فيه فيما سلف 2 : 166 - 182 / 9 : 361 ، 362 .

(25) (2) الأثر : 15262 - (( عثمان بن سعيد الزيات الأحول )) ، لا بأس به ، مضى برقم : 137 . وكان في المطبوعة والمخطوطة : (( عثمان بن سعد )) ، وهو خطأ محض . و (( بشر بن عمارة الخثعمي )) ، ضعيف ، مضى أيضاً برقم : 137 . وهذا الخبر جزء من خبر طويل مضى قديماً برقم : 1138 ( 2 : 168 ) .

(26) (3) في المطبوعة والمخطوطة : (( وإخفائها )) ، والسياق يقتضى ما أثبت .

(27) (4) انظر تفسير (( الابتلاء )) فيما سلف من فهارس اللغة ( بلا ) .

(28) (1) انظر تفسير ((الفسق ) فيما سلف من فهارس اللغة ( فسق ) .

التدبر :

وقفة
[163] في هذه الآية مَزْجَرة عظيمة للمتعاطين الحيل على المناهي الشرعية ممن يتلبس بعلم الفقه وليس بفقيه؛ إذ إن الفقيه من يخشى الله تعالى في الربويات، والتحليل باستعارة المحلل للمطلقات، والخلع لحل ما لزم من المطلقات المعلقات، إلى غير ذلك من عظائم ومصائب؛ لو اعتمد بعضها مخلوق في حق مخلوق لكان في نهاية القبح، فكيف في حق من يعلم السر وأخفى؟!
وقفة
[163] ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾ أسلوب الخبر تغير من الطلب إلى الإخبار ففي هذا التعبير إيماء إلى أن هذه القصة ليست كما كتبت في توراة اليهود، لأن كتب أنبيائهم حرّفت وغُيّرت، ولكن أحبارهم يعلمون حقيقة ما جرى مع أسلافهم، ولذلك افتتحت بسؤالهم بصيغة الأمر: (واَسْأَلْهُمْ)؛ لإشعار يهود العصر النبوي بأن الله أطلع نبيه ﷺ، وهم كانوا يكتمونها، فعلمه الله من أحوالهم ما فيه معجزة لأسلافهم.
وقفة
[163] ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ﴾ وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه؛ لأننا من سبط خليله إبراهيم، ومن سبط إسرائيل وهو بكر الله، ومن سبط موسى كليم الله، ومن سبط ولده عزير، فنحن من أولادهم، فقال الله عز وجل لنبيه: سلهم يا محمد عن القرية: أما عذبتهم بذنوبهم؟ وذلك بتغيير فرع من فروع الشريعة.
وقفة
[163] سئل الحسين بن الفضل عن المثل: «الحلال لا يأتيك إلا قوتًا، والحرام يأتيك جزافًا» هل يوجد في كتاب الله تعالى؟ فقال: نعم، في قوله تعالى: ﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ﴾.
لمسة
[163] ﴿شُرَّعًا﴾ حقيقة الشروع إنما تطلق لإتيان الإبل والنعم نحو الماء لتشرب، وفي هذه الكلمة تمثيل حالة الحيتان في كثرتها بحال الإبل إذا شرعها الرعاة، تسابقت إلى الماء فاكتظت وتراكضت، وهذا شأن الحيتان هنا، فهي لا تأتي إلى الشط وحسب، بل وتتسابق في الاجتماع حتى تملأ المكان، وتغري الصَّيَّادِين بأخذها.
وقفة
[163] ﴿كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ إذا وجَدْتَ البلاءَ نزلَ بكَ، فتذكَّرْ معصيةً فعلتَها ثمَّ أكثِرْ من الاستغفارِ منها.
وقفة
[163] ﴿كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ من أسباب حلول العقاب ونزول العذاب التحايل على الشرع؛ لأنه ظلم وتجاوز لحدود الله.
وقفة
[163] ﴿كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ فأخبر أنه بلاهم بفسقهم؛ حيث أتى بالحيتان يوم التحريم، ومنعها يوم الإباحة؛ كما يؤتى المحرم المبتلى بالصيد يوم إحرامه، ولا يؤتى به يوم حله، أو يؤتى بمن يعامله ربا، ولا يؤتى بمن يعامله بيعًا.
وقفة
[163] ﴿كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ دلالة الفسق في تعبير القرآن الكريم: الفسق: هو الخروج عن الطاعة ومعصية الأمر، وقد يكون خروجًا عن الدين: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: 67]، وقد يكون خروجًا عن الفطرة كحال قوم لوط: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾ [الأنبياء: 74]، وقد يكون خروجًا عن الأمر: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: 50]، وقد يكون معصية: ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾ [البقرة: 197].
وقفة
[163] الفسق والمعاصي سببٌ لحصول ابتلاءاتٍ قد لا يستطيع الإنسان الثبات فيها ﴿كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾.
عمل
[163] اقرأ قصة أصحاب السبت، وتعلّم منها خطورة التحايل على شرع الله.

الإعراب :

  • ﴿ وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ:
  • الواو: استئنافية. اسأل: فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به. عن القرية: جار ومجرور متعلق باسأل ومعنى السؤال: التقرير والتقريع بتجاوزهم حدود الله. وعن القرية:أي عن أهل القرية فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه.
  • ﴿ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ:
  • التي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة للقرية. كانت: فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هي حاضرة: خبر «كان» منصوب بالفتحة. البحر: مضاف إليه مجرور بالكسرة وجملة «كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ» صلة الموصول. لا محل لها بمعنى قريبة من البحر.
  • ﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ:
  • إذ: اسم مبني على السكون في محل جر بدل من «الْقَرْيَةِ» وهو مضاف وهو بدل اشتمال بتقدير: واسألهم عن أهل القرية وقت عدوانهم في السبت ويجوز أن تكون «إِذْ» في محل نصب بالفعل «كانَتْ» أو باسم الفاعل «حاضِرَةَ». يعدون: بمعنى «يعتدون» حدود الله في يوم السبت. حذفت التاء تخفيفا وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون.والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «يَعْدُونَ» في محل جر بالاضافة لوقوعها بعد «إِذْ». في السبت: جار ومجرور متعلق بيعدون.
  • ﴿ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ:
  • إذ: اسم مبني على السكون في محل نصب بيعدون ويجوز أن يكون في محل جر بدلا بعد بدل وهو مضاف. تأتي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. حيتان: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالاضافة. وجملة «تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ» في محل جر مضاف إليه.
  • ﴿ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً:
  • يوم: ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية بالفتحة متعلق بيأتيهم. سبت: مضاف إليه مجرور بالكسرة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالاضافة. شرعا: حال منصوب بالفتحة. بمعنى: طافية أي رافعة رؤوسها أو ظاهرة على وجه الماء.
  • ﴿ وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ:
  • الواو: عاطفة. يوم: أعربت. لا: نافية لا عمل لها. يسبتون: تعرب إعراب «يَعْدُونَ» وجملة «لا يَسْبِتُونَ» في محل جر مضاف اليه.
  • ﴿ لا تَأْتِيهِمْ:
  • لا: نافية لا عمل لها. تأتيهم: أعربت. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي أي الحيتان.
  • ﴿ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ:
  • الكاف: اسم بمعنى: مثل مبني على الفتح في محل نصب نائب مفعول مطلق والتقدير: مثل ذلك البلاء أو المحنة بلوناهم أو نبلوهم بلاء مثل ذلك. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة.اللام: للبعد والكاف: حرف خطاب. نبلو: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: نحن و «هم» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ:
  • تعرب إعراب «بِما كانُوا يَظْلِمُونَ» الواردة في الآية الكريمة السابقة. '

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [163] لما قبلها :     وبعد الحديث عن قبائح بني إسرائيل أيام موسى عليه السلام ؛ ذكر اللهُ عز وجل هنا مثالًا آخر لقبائحهم بعده بمدة: قصَّة أصحابِ السبتِ الذينَ نُهوا عن الصيدِ في يوم السبتِ، فاحتالُوا بأن نصبُوا شبَاكَهم وحفرُوا حفرَهم، فكانتْ الأسماكُ تقعُ فيها يومَ السبتِ، فإذا كانَ يومُ الأحدِ أخذُوها وأكلُوها، قال تعالى:
﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يعدون:
وقرئ:
1- يعدون، من الأعداد، وإن كانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت.
2- يعدون، بفتح العين وتشديد الدال، وأصله: يعتدون، وهى قراءة شهر بن حوشب، وأبى نهيك.
سبتهم:
قرئ:
يوم أسباتهم، وهى قراءة عمر بن عبد العزيز.
لا يسبتون:
وقرئ:
1- بكسر الباء، وهى قراءة الجمهور.
2- بضمها، وهى قراءة عيسى بن عمر.
3- بضم ياء المضارعة على البناء للفاعل، من «أسبت» ، وهى قراءة على، وعاصم.
4- بضم ياء المضارعة، على البناء للمفعول، من «أسبت» ، وهى قراءة الحسن.

فهرس المصحف

البحث بالسورة

البحث بالصفحة

البحث في المصحف