437192021222324252627282930

الإحصائيات

سورة فاطر
ترتيب المصحف35ترتيب النزول43
التصنيفمكيّةعدد الصفحات5.70
عدد الآيات45عدد الأجزاء0.25
عدد الأحزاب0.50عدد الأرباع2.00
ترتيب الطول37تبدأ في الجزء22
تنتهي في الجزء22عدد السجدات0
فاتحتهافاتحتها
الثناء على الله: 7/14الحمد لله: 5/5

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (19) الى الآية رقم (26) عدد الآيات (8)

بعدَ بيانِ أدلَّةِ الوحدانيةِ وإبطالِ الشِّركِ، ضَرَبَ اللهُ هنا مثلًا للمؤمنِ والمشركِ بالبصيرِ والأعمى، ثُمَّ بيانُ مهمَّةِ الرَّسولِ ﷺ، وتسليتُه بذكرِ تكذيبِ الأممِ السابقةِ لأنبيائِهم.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (27) الى الآية رقم (30) عدد الآيات (4)

بعد ذكرِ اختلافِ النَّاسِ في قَبولِ الإيمانِ أو رفضِه، بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّ الاختِلافَ والتَّفاوتَ موجودٌ في جميعِ المخلوقاتِ من النَّباتِ والجَمادِ والحيوانِ، ثُمَّ بَيَّنَ ثوابَ تِلاوةِ القرآنِ.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة فاطر

التذكير بنعم الله وعظمته/ الاستسلام لله سبيل العزّة

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • سورة فاطر تشبه سورة النحل:: سورة فاطر تشبه سورة النحل في إحصاء عدد كثير من النعم، وبيان فضل الله على خلقه، وقد خاطبت السورة الناس بصفة عامة 3 مرات: 1- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ (3). 2- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ (5). 3- ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (15). • ففي النداء الأول تسأل السورة عن مصدر النعم، وفي النداء الثالث تبين فقر الناس إلى ربهم وغناه عنهم.
  • • ومن نعم الله التي ذكرتها السورة:: 1- نعمة خلق السماوات والأرض: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (1). 2- نعمة إرسال الملائكة بالخير: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ...﴾ (1) 3- نعمة خلق الإنسان: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ...﴾ (3). 4- نعمة الرزق: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...﴾ (3). 5- نعمة الهداية: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ...﴾ (8) 6- نعمة الإنذار والإعذار: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (24). 7- نعمة إهلاك الظالمين: ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ (26). 8- نعمة القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ...﴾ (29). 9- نعمة الفوز بالجنان والنجاة من النار: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ...﴾ (33). 10- نعمة الاستخلاف في الأرض: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ...﴾ (39). 11- نعمة الآثار المبثوثة والعبر الناطقة: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ (44). 12- نعمة الإمهال والحلم: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (45).
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «فاطر».
  • • معنى الاسم :: فاطر: خالق ومبدع على غير مثال سبق، والفطرة: الابتداء والاختراع.
  • • سبب التسمية :: لافتتاحها بهذا الوصف لله تعالى.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة الملائكة»؛ لأنه وقع في أولها وصف للملائكة.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الاستسلام لله هو سبيل العزّة.
  • • علمتني السورة :: التذلل لله تعالى والخضوع له؛ فهو الغني ونحن الفقراء إليه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾
  • • علمتني السورة :: لأأن المسلم له ثلاثة أحوال: ظالم لنفسه: يرتكب المعاصي، مقتصد: مقتصر على ما يجب عليه متجنب المعاصي، سابق بالخيرات: يؤدي ما فرض الله عليه متجنب للمعاصي ويكثر من النوافل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾
  • • علمتني السورة :: رحمة الله بعباده وإمهالهم؛ فإذا ارتكبت معصية فبادر بالتوبة والعمل الصالح: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾

مدارسة الآية : [19] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ

التفسير :

[19] وما يستوي الأعمى عن دين الله، والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه،

يخبر تعالى أنه لا يتساوى الأضداد في حكمة اللّه، وفيما أودعه في فطر عباده.{ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى} فاقد البصر{ وَالْبَصِيرُ{

ثم ساق- سبحانه- أمثلة، لبيان الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر، وبين الحق والباطل، وبين العلم والجهل.. فقال- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ. وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ ...

والحرور: هو الريح الحارة التي تلفح الوجوه من شدة حرها، فهو فعول من الحر.

أى: وكما أنه لا يستوي في عرف أى عاقل الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن، وكما لا تصلح المساواة بين الظلمات والنور، كذلك لا تصلح المساواة بين الكفر والإيمان، وكما لا يتساوى المكان الظليل مع المكان الشديد الحرارة، كذلك لا يستوي أصحاب الجنة وأصحاب النار.

فأنت ترى أن الآيات الكريمة قد مثلت الكافر في عدم اهتدائه بالأعمى، والمؤمن بالبصير، كما مثلت الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، والجنة بالظل الظليل، والنار بالريح الحارة التي تشبه السموم.

وكرر- سبحانه- لفظ لَا أكثر من مرة، لتأكيد نفى الاستواء، بأية صورة من الصور.

يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : 122 ] ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ) [ هود : 24 ] فالمؤمن سميع بصير في نور يمشي ، على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى أصم ، في ظلمات يمشي ، لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، ( وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) [ الواقعة : 43 ، 44 ] . وقوله : ( إن الله يسمع من يشاء ) أي : يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها ( وما أنت بمسمع من في القبور ) أي : كما لا [ يسمع و ] ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم ، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم .

القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19)

يقول تعالى ذكره: (وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى) عن دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَالْبَصِيرُ) الذي قد أبصر فيه رشده؛ فاتبع محمدًا وصدقه، وقبل عن الله ما ابتعثه به .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[19] نفي التساوي بين الحق وأهله من جهة، وبين الباطل وأهله من جهة أخرى ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ﴾.
وقفة
[19، 20] ﴿وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور﴾ إن الإيمان نور، نور في القلب، ونور في الجوارح، ونور في الحواس.

الإعراب :

  • ﴿ وَما يَسْتَوِي:
  • الواو استئنافية. ما: نافية لا عمل لها. يستوي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.
  • ﴿ الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ:
  • فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر.والبصير: معطوفة بالواو على «الاعمى» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة الظاهرة. مثل للكافر والمؤمن'

المتشابهات :

فاطر: 19﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ
غافر: 58﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [19] لما قبلها :     وبعد تهديد المشركين وطمأنة المؤمنين؛ ذكرَ اللهُ هنا أربعة أمثلة لبيان الفرق الشاسع بين الكفر والإيمان: المثال الأول: لا يستوي الأعمى عن الحق والبصير الذي سلك طريق الهداية، قال تعالى:
﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [20] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ

التفسير :

[20] وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان،

}وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} فكما أنه من المتقرر عندكم، الذي لا يقبل الشك، أن هذه المذكورات لا تتساوى، فكذلك فلتعلموا أن عدم تساوي المتضادات المعنوية أولى وأولى.

فلا يستوي المؤمن والكافر، ولا المهتدي والضال، ولا العالم والجاهل، ولا أصحاب الجنة وأصحاب النار، ولا أحياء القلوب وأمواتها، فبين هذه الأشياء من التفاوت والفرق ما لا يعلمه إلا اللّه تعالى، فإذا علمت المراتب، وميزت الأشياء، وبان الذي ينبغي أن يتنافس في تحصيله من ضده، فليختر الحازم لنفسه، ما هو أولى به وأحقها بالإيثار.

ثم ساق- سبحانه- أمثلة، لبيان الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر، وبين الحق والباطل، وبين العلم والجهل.. فقال- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ. وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ ...

والحرور: هو الريح الحارة التي تلفح الوجوه من شدة حرها، فهو فعول من الحر.

أى: وكما أنه لا يستوي في عرف أى عاقل الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن، وكما لا تصلح المساواة بين الظلمات والنور، كذلك لا تصلح المساواة بين الكفر والإيمان، وكما لا يتساوى المكان الظليل مع المكان الشديد الحرارة، كذلك لا يستوي أصحاب الجنة وأصحاب النار.

فأنت ترى أن الآيات الكريمة قد مثلت الكافر في عدم اهتدائه بالأعمى، والمؤمن بالبصير، كما مثلت الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، والجنة بالظل الظليل، والنار بالريح الحارة التي تشبه السموم.

وكرر- سبحانه- لفظ لَا أكثر من مرة، لتأكيد نفى الاستواء، بأية صورة من الصور.

يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : 122 ] ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ) [ هود : 24 ] فالمؤمن سميع بصير في نور يمشي ، على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى أصم ، في ظلمات يمشي ، لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، ( وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) [ الواقعة : 43 ، 44 ] . وقوله : ( إن الله يسمع من يشاء ) أي : يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها ( وما أنت بمسمع من في القبور ) أي : كما لا [ يسمع و ] ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم ، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم .

(وَلا الظُّلُمَاتُ) يقول: وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[20] ﴿وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ﴾ الإيمان نور والمؤمن بصير لا يخفى عليه النور، والكفر ظلمة، والكافر أعمى غارق في الظلمات.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية السابقة بمعنى: ولا تستوي الظلمات والنور. اي الحق والباطل. و «لا» زائدة لتأكيد النفي. وتعرب اعراب الآية الكريمة السابقة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [20] لما قبلها :     المثال الثاني: لا تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان، قال تعالى:
﴿ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [21] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ

التفسير :

[21]ولا الظل ولا الريح الحارة،

}وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} فكما أنه من المتقرر عندكم، الذي لا يقبل الشك، أن هذه المذكورات لا تتساوى، فكذلك فلتعلموا أن عدم تساوي المتضادات المعنوية أولى وأولى.

فلا يستوي المؤمن والكافر، ولا المهتدي والضال، ولا العالم والجاهل، ولا أصحاب الجنة وأصحاب النار، ولا أحياء القلوب وأمواتها، فبين هذه الأشياء من التفاوت والفرق ما لا يعلمه إلا اللّه تعالى، فإذا علمت المراتب، وميزت الأشياء، وبان الذي ينبغي أن يتنافس في تحصيله من ضده، فليختر الحازم لنفسه، ما هو أولى به وأحقها بالإيثار.

ثم ساق- سبحانه- أمثلة، لبيان الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر، وبين الحق والباطل، وبين العلم والجهل.. فقال- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ. وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ ...

والحرور: هو الريح الحارة التي تلفح الوجوه من شدة حرها، فهو فعول من الحر.

أى: وكما أنه لا يستوي في عرف أى عاقل الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن، وكما لا تصلح المساواة بين الظلمات والنور، كذلك لا تصلح المساواة بين الكفر والإيمان، وكما لا يتساوى المكان الظليل مع المكان الشديد الحرارة، كذلك لا يستوي أصحاب الجنة وأصحاب النار.

فأنت ترى أن الآيات الكريمة قد مثلت الكافر في عدم اهتدائه بالأعمى، والمؤمن بالبصير، كما مثلت الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، والجنة بالظل الظليل، والنار بالريح الحارة التي تشبه السموم.

وكرر- سبحانه- لفظ لَا أكثر من مرة، لتأكيد نفى الاستواء، بأية صورة من الصور.

يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : 122 ] ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ) [ هود : 24 ] فالمؤمن سميع بصير في نور يمشي ، على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى أصم ، في ظلمات يمشي ، لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، ( وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) [ الواقعة : 43 ، 44 ] . وقوله : ( إن الله يسمع من يشاء ) أي : يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها ( وما أنت بمسمع من في القبور ) أي : كما لا [ يسمع و ] ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم ، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم .

(وَلا الظِّلُّ) قيل: ولا الجنة (وَلا الْحَرُورُ) قيل: النار، كأن معناه عندهم: وما تستوي الجنة والنار، والحرور بمنـزلة السموم، وهي الرياح الحارة. وذكر أَبو عبيدة معمر بن المثنى، عن رؤبة بن العجاج، أنه كان يقول: الحرور بالليل والسموم بالنهار. وأما أَبو عبيدة فإنه قال: الحرور في هذا الموضع والنهار مع الشمس، وأما الفراء فإنه كان يقول: الحرور يكون بالليل والنهار، والسموم لا يكون بالليل إنما يكون بالنهار.

والقول في ذلك عندى: أن الحرور يكون بالليل والنهار، غير أنه في هذا الموضع بأن يكون كما قال أَبو عبيدة: أشبه مع الشمس لأن الظل إنما يكون في يوم شمس، فذلك يدل على أنه أريد بالحرور: الذي يوجد في حال وجود الظل.

المعاني :

الْحَرُورُ :       الرِّيحُ الحَارَّةُ السراج
الحَرُور :       شدّة الحرّ ليلا كالسّموم معاني القرآن

التدبر :

لمسة
[21] ﴿وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ﴾ قدَّم الظل على الحرور؛ لأن رحمته سبقت غضبه، وعفوه سبق عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ
  • هذه الآية الكريمة تعرب اعراب الآية الكريمة السابقة-الآية العشرين-وهما ايضا مثلان للحق والباطل. و «الحرور» ريح السموم.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [21] لما قبلها :     المثال الثالث: لا يستوي الظل البارد والريح المحرقة، قال تعالى:
﴿ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [22] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ ..

التفسير :

[22]وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان وأموات القلوب بالكفر. إن الله يسمع مَن يشاء سماع فَهْم وقَبول، وما أنت -أيها الرسول- بمسمع مَن في القبور، فكما لا تُسمع الموتى في قبورهم فكذلك لا تُسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم،

{ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} سماع فهم وقبول، لأنه تعالى هو الهادي الموفق{ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} أي:أموات القلوب، أو كما أن دعاءك لا يفيد سكان القبور شيئا، كذلك لا يفيد المعرض المعاند شيئا، ولكن وظيفتك النذارة، وإبلاغ ما أرسلت به، قبل منك أم لا.

وقوله: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ تمثيل آخر للمؤمنين الذين استجابوا للحق، وللكافرين الذين أصروا على باطلهم. أو هو تمثيل للعلماء والجهلاء قال الإمام ابن كثير: يقول- تعالى- كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة، كالأعمى والبصير لا يستويان، بل بينهما فرق وبون كثير، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، كذلك لا يستوي الأحياء ولا الأموات. وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين الأحياء، وللكافرين وهم الأموات، كقوله- تعالى-: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ، كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ...

وقال- تعالى-: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ، هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا فالمؤمن سميع بصير في نور يمشى.. والكافر أعمى أصم، في ظلمات يمشى، ولا خروج له منها، حتى يفضى به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم..» .

وقوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ بيان لنفاذ قدرة الله- تعالى-، ومشيئته.

أى: إن الله- تعالى- يسمع من يشاء أن يسمعه، ويجعله مدركا للحق، ومستجيبا له أما أنت- أيها الرسول الكريم- فليس في استطاعتك أن تسمع هؤلاء الكافرين المصرين على كفرهم وباطلهم، والذين هم أشبه ما يكونون بالموتى في فقدان الحس، وفي عدم السماع لما تدعوهم إليه.

فالجملة الكريمة تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما أصابه من هؤلاء الجاحدين.

يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ) [ الأنعام : 122 ] ، وقال تعالى : ( مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا ) [ هود : 24 ] فالمؤمن سميع بصير في نور يمشي ، على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى أصم ، في ظلمات يمشي ، لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، ( وظل من يحموم لا بارد ولا كريم ) [ الواقعة : 43 ، 44 ] . وقوله : ( إن الله يسمع من يشاء ) أي : يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها ( وما أنت بمسمع من في القبور ) أي : كما لا [ يسمع و ] ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم ، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم .

وقوله ( وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ ) يقول: وما يستوي الأحياء القلوب بالإيمان بالله ورسوله، ومعرفة تنـزيل الله، والأموات القلوب لغلبة الكفر عليها، حتى صارت لا تعقل عن الله أمره ونهيه، ولا تعرف الهدى من الضلال، وكل هذه أمثال ضربها الله للمؤمن والإيمان والكافر والكفر.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني &; 20-458 &; أَبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله ( وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ ...) الآية، قال: هو مثل ضربه الله لأهل الطاعة وأهل المعصية؛ يقول: وما يستوي الأعمى والظلمات والحرور ولا الأموات، فهو مثل أهل المعصية، ولا يستوي البصير ولا النور ولا الظل والأحياء، فهو مثل أهل الطاعة.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى ...) الآية، خلقًا فضل بعضه على بعض؛ فأما المؤمن فعبد حي الأثر، حي البصر، حي النية، حي العمل، وأما الكافر فعبد ميت؛ ميت البصر، ميت القلب، ميت العمل.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله ( وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ ) قال: هذا مثل ضربه الله؛ فالمؤمن بصير في دين الله، والكافر أعمى، كما لا يستوي الظل ولا الحرور ولا الأحياء ولا الأموات، فكذلك لا يستوي هذا المؤمن الذي يبصر دينه ولا هذا الأعمى، وقرأ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ قال: الهدى الذي هداه الله به ونور له، هذا مثل ضربه الله لهذا المؤمن الذي يبصر دينه، وهذا الكافر الأعمى فجعل المؤمن حيًّا وجعل الكافر ميتًا ميت القلب أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ قال: هديناه إلى الإسلام كمن مثله في الظلمات أعمى القلب وهو في الظلمات، أهذا وهذا سواء؟.

واختلف أهل العربية في وجه دخول " لا " مع حرف العطف في قوله ( وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ ) فقال بعض نحويي البصرة: قال: ولا الظل ولا الحرور، فيشبه أن تكون " لا " زائدة، لأنك لو قلت: لا يستوي عمرو ولا زيد في هذا المعنى لم يجز إلا أن تكون " لا " زائدة، وكان غيره يقول: إذا لم تدخل " لا " مع الواو، فإنما لم تدخل اكتفاء بدخولها في أول الكلام، فإذا أدخلت فإنه يراد بالكلام أن كل واحد منهما لا يساوي صاحبه، &; 20-459 &; فكان معنى الكلام إذا أعيدت " لا " مع الواو عند صاحب هذا القول لا يساوي الأعمى البصير ولا يساوي البصير الأعمى، فكل واحد منهما لا يساوي صاحبه.

وقوله ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) يقول تعالى ذكره: كما لا يقدر أن يسمع من في القبور كتاب الله فيهديهم به إلى سبيل الرشاد، فكذلك لا يقدر أن ينفع بمواعظ الله وبيان حججه من كان ميت القلب من أحياء عباده، عن معرفة الله، وفهم كتابه وتنـزيله، وواضح حججه.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) كذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما يسمع.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[22] ﴿وَمَا يَسْتَوِى ٱلْأَحْيَآءُ وَلَا ٱلْأَمْوَٰتُ﴾ من لم ينتفع بالقرآن؛ فقد سُلبت منه حياة العلم والروح.
وقفة
[22] ﴿ومَا يَسْتَوي الأَحْيَاءُ ولا الأمْوَاتُ إنَّ الله يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ﴾ ‏ليس الميت من خرجت روحه من جنبيه، وإنما الميت من لا يفقه ماذا لربه من الحقوق عليه؟!
وقفة
[22] ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ﴾ تمثيل لمن آمن؛ فهو كالحي، ومن لم يؤمن فهو كالميت، ﴿إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ﴾: عبارة عن هداية الله لمن يشاء، ﴿وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ﴾: عبارة عن عدم سماع الكفار للبراهين والمواعظ، فشبههم بالموتى في عدم إحساسهم.
وقفة
[22] ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ﴾ أعظم حرمان نشأ عن الكفر هو حرمان الانتفاع بأبلغ كلام وأصدقه، وهو القرآن.
لمسة
[22] ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ﴾ شبه سبحانه من لا يستجيب لرسوله بأصحاب القبور، وهذا من أحسن التشبيه، فإن أبدانهم قبور قلوبهم، فقد ماتت قلوبهم وقبرت في أبدانهم.
لمسة
‏[19-22] ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ﴾ ما فائدة تكثير الأمثلة هنا؟ حيث ذكر الأعمى والبصير، والظلمة والنور، والظل والحرور، والأحياء والأموات؟! المثل الأول: مثل للمؤمن والكافر، فالمؤمن بصير، والكافر أعمي. المثل الثاني: لكن البصير لا يبصر إن لم يكن هناك ضوء؛ لذا ذكر مثلًا للكفر والإيمان بالظلمة والنور، فالإيمان نور والمؤمن بصير لا يخفى عليه النور، والكفر ظلمة، والكافر أعمى غارق في الظلات. المثل الثالث: ذكر مثلًا لمصير المؤمن والكافر، فالمؤمن في ظل ونعيم، والكافر في حر وجحيم. المثل الرابع: مثل آخر للمؤمن والكافر، فالإيمان حياة تنفع صاحبها، والكفر موت لا ينتفع صاحبه بشيء مما يراه. وقدم الظل على الحرور؛ لأن رحمته سبقت غضبه، وعفوه سبق عقابه.

الإعراب :

  • ﴿ وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ:
  • تعرب اعراب الآية الكريمة العشرين. مثل سبحانه حال الذين دخلوا في الاسلام بالاحياء. والذين لم يدخلوا فيه واصروا على الكفر بالاموات
  • ﴿ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة. يسمع: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ مَنْ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ يَشاءُ:
  • تعرب اعراب «يسمع».وجملة «يشاء» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب وحذف مفعولها. المعنى: من يشاء اسماعه. او من يشاء ان يسمعهم فيهديهم.
  • ﴿ وَما أَنْتَ:
  • الواو عاطفة. ما: نافية بمنزلة «ليس» في لغة الحجازيين. ونافية لا عمل لها في لغة بني تميم. انت: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما» على اللغة الاولى ومبتدأ على الثانية.
  • ﴿ بِمُسْمِعٍ:
  • الباء حرف جر زائد للتأكيد. مسمع: اسم مجرور لفظا منصوب محلا لانه خبر «ما» ومرفوع محلا لانه خبر المبتدأ «انت» وعلامة نصبه او رفعه فتحة او ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
  • ﴿ مَنْ فِي الْقُبُورِ:
  • اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل «مسمع».في القبور: جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة لا محل لها من الاعراب. التقدير: من سكن في القبور'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [22] لما قبلها :     المثال الرابع: لا يستوي من أحيا اللهُ قلبَه بالإيمان والذي مات قلبُه بالكفر، قال تعالى:
﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

يستوى:
1- بالياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتاء التأنيث، وهى قراءة زاذان، عن الكسائي.
يسمع:
1- بالتنوين، وهي قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- على الإضافة، وهى قراءة الأشهب، والحسن.

مدارسة الآية : [23] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ

التفسير :

[23]إن أنت إلا نذير لهم غضبَ الله وعقابَه.

ثم حدد الله- تعالى- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم وظيفته فقال: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ.

أى: ما أنت- أيها الرسول الكريم- إلا منذر للناس من حلول عذاب الله- تعالى- بهم، إذا ما استمروا على كفرهم، أما الهداية والضلال فهما بيد الله- تعالى- وحده.

"إن أنت إلا نذير" أي إنما عليك البلاغ والإنذار والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء.

وقوله (إِنْ أَنْتَ إِلا نَذِيرٌ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ما أنت إلا نذير تنذر هؤلاء المشركين بالله الذين طبع الله على قلوبهم، ولم يرسلك ربك إليهم إلا لتبلغهم رسالته، ولم يكلفك من الأمر ما لا سبيل لك إليه، فأما اهتداؤهم وقبولهم منك ما جئتهم به فإن ذلك بيد الله لا بيدك ولا بيد غيرك من الناس؛ فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن هم لم يستجيبوا لك.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[23] ﴿إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾ ليكن شعار كل داعٍ إلى الخير: أنت لا تملك قلوب العباد، وإنما تبلغ كلماتك الآذان، فتنال أجرك على البلاغ والبيان.

الإعراب :

  • ﴿ إِنْ أَنْتَ:
  • مخففة مهملة بمعنى «ما».انت: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
  • ﴿ إِلاّ نَذِيرٌ:
  • اداة حصر لا عمل لها. نذير: خبر «انت» مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [23] لما قبلها :     وبعد بيان الفرق الشاسع بين الكفر والإيمان، وكان النبي صلي الله عليه وسلم حريصًا على إيمان هؤلاء الكافرين؛ ذَكَّرَه اللهُ هنا أن مهمته مقصورة على إنذارهم، قال تعالى:
﴿ إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [24] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ..

التفسير :

[24]إنا أرسلناك بالحق، وهو الإيمان بالله وشرائع الدين، مبشراً بالجنة مَن صدَّقك وعمل بهديك، ومحذراً مَن كذَّبك وعصاك النار. وما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها.

{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ} أي:مجرد إرسالنا إياك بالحق، لأن اللّه تعالى بعثك على حين فترة من الرسل، وطموس من السبل، واندراس من العلم، وضرورة عظيمة إلى بعثك، فبعثك اللّه رحمة للعالمين.

وكذلك ما بعثناك به من الدين القويم، والصراط المستقيم، حق لا باطل، وكذلك ما أرسلناك به، من هذا القرآن العظيم، وما اشتمل عليه من الذكر الحكيم، حق وصدق.{ بَشِيرًا} لمن أطاعك، بثواب اللّه العاجل والآجل،{ وَنَذِيرًا} لمن عصاك، بعقاب اللّه العاجل والآجل، ولست ببدع من الرسل.

فما{ مِنْ أُمَّةٍ} من الأمم الماضية والقرون الخالية{ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} يقيم عليهم حجة اللّه{ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}

إِنَّا أَرْسَلْناكَ- أيها الرسول الكريم- إرسالا ملتبسا بِالْحَقِّ الذي لا يحوم حوله الباطل بَشِيراً وَنَذِيراً أى: أرسلناك بالحق مبشرا المؤمنين بحسن الثواب، ومنذرا الكافرين بأشد ألوان العقاب.

وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ أى: وما من أمة من الأمم الماضية، إلا وجاءها نذير ينذرها من سوء عاقبة الكفر، ويدعوها إلى إخلاص العبادة لله- تعالى-.

فمن أفراد هذه الأمة من أطاعوا هذا النذير فسعدوا وفازوا، ومنهم من استحب العمى على الهدى، والكفر على الإيمان فشقوا وخابوا.

( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ) أي : بشيرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين ، ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) أي : وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث الله إليهم النذر ، وأزاح عنهم العلل ، كما قال تعالى : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) [ الرعد : 7 ] ، وكما قال تعالى : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) الآية [ النحل : 136 ] ، والآيات في هذا كثيرة .

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ (24)

يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ) يا محمد &; 20-460 &; (بِالْحَقِّ) وهو الإيمان بالله وشرائع الدين التي افترضها على عباده (بَشِيرًا) يقول: مبشرًا بالجنة من صدقك وقبل منك ما جئت به من عند الله من النصيحة (وَنَذِيرًا) تنذر الناس مَن كذبك ورد عليك ما جئت به من عند الله من النصيحة ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) يقول: وما من أمة من الأمم الدائنة بملة إلا خلا فيها من قبلك نذير ينذرهم بأسنا على كفرهم بالله.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) كل أمة كان لها رسول.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[24] ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ صوت الدعوة لم ينقطع يومًا، فهنيئًا لمن كان من ورثة الأنبياء، ودعا إلى الله في زمن اختلط فيه الحلال بالحرام، وكثر المنافقون والأدعياء.
وقفة
[24] كثرة عدد الرسل عليهم السلام قبل رسولنا صلى الله عليه وسلم دليل على رحمة الله وعناد الخلق ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ إِنّا أَرْسَلْناكَ:
  • ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».ارسل: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «ارسلناك» في محل رفع خبر «ان».
  • ﴿ بِالْحَقِّ:
  • جار ومجرور في محل نصب حال من ضمير «نا» بتقدير: محقين. او من ضمير المخاطب الكاف في «ارسلناك» بتقدير: محقا. او متعلق بصفة محذوفة من مصدر محذوف التقدير ارسلناك ارسالامصحوبا بالحق. او متعلق بصلة لبشير ونذير. التقدير: بشيرا بالوعد الحق او نذيرا بالوعيد الحق. لان الكلمتين «بشير» و «نذير» من صيغ المبالغة اي فعيل بمعنى فاعل اي بمعنى: مبشرا للمؤمنين ومنذرا للكافرين.
  • ﴿ بَشِيراً وَنَذِيراً:
  • حال منصوب بالفتحة. ونذيرا: معطوف بالواو على «بشيرا» ويعرب اعرابه.
  • ﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ:
  • الواو استئنافية. ان: مخففة مهملة بمعنى «ما».من:حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. امة: اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على انه فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده بمعنى: وما خلت من امة بمعنى: وما مضت من امة. والاصح ان تكون «امة» اسما مجرورا لفظا مرفوعا محلا لأنه مبتدأ. وجاز الابتداء بالنكرة لان فيها التخصيص.
  • ﴿ إِلاّ خَلا:
  • اداة حصر لا عمل لها. خلا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الالف للتعذر بمعنى: مضى
  • ﴿ فِيها نَذِيرٌ:
  • جار ومجرور متعلق بالفعل «خلا».نذير: فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية خَلا فِيها نَذِيرٌ» في محل رفع خبر المبتدأ «امة» اي:إلا مضى او ارسل فيها نذير.'

المتشابهات :

البقرة: 119﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۖ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ
فاطر: 24﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [24] لما قبلها :     ولَمَّا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نبيَّ الرَّحمةِ، وكان الاقتِصارُ على وَصفِ النِّذارةِ رُبَّما أوهَمَ غيرَ ذلك؛ أتبَعَه ببيان أن حقيقةَ الرسالة تجمعُ بين البِشارة والنِذارة، فالبِشارة لمن آمن، والنِذارة لمن أعرض عن الإيمان، قال تعالى:
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [25] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ ..

التفسير :

[25] وإن يكذبك هؤلاء المشركون فقد كذَّب الذين مِن قبلهم رسلهم الذين جاؤوهم بالمعجزات الواضحات الدالة على نبوتهم، وجاؤوهم بالكتب المجموع فيها كثير من الأحكام، وبالكتاب المنير الموضح لطريق الخير والشر.

أي:وإن يكذبك أيها الرسول، هؤلاء المشركون، فلست أول رسول كذب،{ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الدالات على الحق، وعلى صدقهم فيما أخبروهم به،{ وَبالزُّبُرِ} أي:الكتب المكتوبة، المجموع فيها كثير من الأحكام،{ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} أي:المضيء في أخباره الصادقة، وأحكامه العادلة، فلم يكن تكذيبهم إياهم ناشئا عن اشتباه، أو قصور بما جاءتهم به الرسل، بل بسبب ظلمهم وعنادهم.

ثم أضاف- سبحانه- إلى تسليته لرسوله صلّى الله عليه وسلّم تسلية أخرى فقال: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ، فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ....

أى: وإن يكذبك قومك يا محمد فلا تحزن، فإن الأقوام السابقين قد كذبوا إخوانك الذين أرسلناهم إليهم، كما كذبك قومك.

وإن هؤلاء السابقين قد جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ أى: بالمعجزات الواضحات وَبِالزُّبُرِ أى: وبالكتب المنزلة من عند الله- تعالى- جمع زبور وهو المكتوب، كصحف إبراهيم وموسى.

وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ أى: وبالكتاب الساطع في براهينه وحججه، كالتوراة التي أنزلناها على موسى، والإنجيل الذي أنزلناه على عيسى.

قال الشوكانى: قيل: الكتاب المنير داخل تحت الزبر، وتحت البينات، والعطف لتغير المفهومات، وإن كانت متحدة في الصدق. والأولى تخصيص البينات بالمعجزات. والزبر بالكتب التي فيها مواعظ، والكتاب بما فيه شرائع وأحكام» .

وقوله تبارك وتعالى : ( وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات ) وهي : المعجزات الباهرات ، والأدلة القاطعات ، ( وبالزبر ) وهي الكتب ، ( وبالكتاب المنير ) أي : الواضح البين .

وقوله ( وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول تعالى ذكره مسليًا نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما يلقى من مشركي قومه من التكذيب: وإن يكذبك يا محمد مشركو قومك فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم الذين جاءتهم رسلهم بالبينات، يقول: بحجج من الله واضحة، وبالزبر يقول: وجاءتهم بالكتب من عند الله.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ) أي: الكتب.

وقوله (وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) يقول: وجاءهم من الله الكتاب المنير لمن تأمله وتدبره أنه الحق.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) يضعف الشيء وهو واحد.

المعاني :

وَبِالزُّبُرِ :       الكُتُبِ المَجْمُوعِ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الأَحْكَامِ السراج
بالزّبر :       بالكتب المكتوبة كصحف إبراهيم و موسى عليهما السلام معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[25] ﴿جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ قال الإمام الشوكاني: «والأولى تخصيص البينات بالمعجزات، والزبر بالكتب التي فيها مواعظ، والكتاب بما فيه شرائع وأحكام».
وقفة
[25، 26] ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ * ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ كما أن سُنَّة الأولين الماضية هي الإعراض والتكذيب؛ فإن سُنَّة الله الجارية هي الخزي والتعذيب.

الإعراب :

  • ﴿ وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف شرط‍ جازم. يكذبوك: فعل مضارع فعل الشرط‍ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل-ضمير المخاطب-مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والمخاطب هو الرسول الكريم.
  • ﴿ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ:
  • الجملة جواب شرط‍ جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم والفاء واقعة في جواب الشرط‍.قد: حرف تحقيق. كذب:فعل ماض مبني على الفتح. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
  • ﴿ مِنْ قَبْلِهِمْ:
  • جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وحذف مفعول «كذب» اختصارا لان ما قبله يدل عليه. المعنى: كذب الذين كانوا من قبلهم رسلهم.
  • ﴿ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ:
  • الجملة تعليلية لا محل لها من الاعراب او هي في محل نصب حال من المفعول المحذوف «رسلهم» او تكون لا محل لها من الاعراب بدلا من صلة الموصول. جاءت: فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الاعراب. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. رسل: فاعل مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة وقد أنث الفعل على المعنى. اي بمعنى جماعة الرسل.
  • ﴿ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ:
  • جار ومجرور متعلق بجاءتهم. اي بالآيات البينات.بمعنى: بالبراهين والحجج الواضحة فحذف المجرور الموصوف واقيمت الصفة مقامه. وبالزبر: معطوفة بالواو على «بالبينات» وتعرب مثلها.والباء للتوكيد. ويجوز ان يكون التقدير: وجاءتهم بالزبر وحذف الفعل لان ما قبله يدل عليه. و «الزبر» جمع «زبور».بمعنى كتاب.
  • ﴿ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ:
  • تعرب اعراب «وبالزبر».المنير: صفة-نعت-للكتاب مجرور بالكسرة. بمعنى: بالصحف والكتب النيرة.'

المتشابهات :

فاطر: 25﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ
آل عمران: 184﴿فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ
النحل: 44﴿ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [25] لما قبلها :     ولَمَّا كان صلى الله عليه وسلم بشيرًا ونذيرًا، وكان حزينًا على كفر من كفر، ويخاف أن يكون ذلك لتقصيرٍ منه؛ سلَّى اللهُ نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على تَكذيبِ قَومِه، وبَيَّنَ له أنَّ تلك سُنَّةُ الرُّسُلِ معَ أُمَمِهم، قال تعالى:
﴿ وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [26] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ ..

التفسير :

[26] ثم أخَذْت الذين كفروا بأنواع العذاب، فانظر كيف كان إنكاري لعملهم وحلولُ عقوبتي بهم؟

{ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا} بأنواع العقوبات{ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} عليهم؟ كان أشد النكير وأعظم التنكيل، فإياكم وتكذيب هذا الرسول الكريم، فيصيبكم كما أصاب أولئك، من العذاب الأليم والخزي الوخيم.

ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا بالعذاب الشديد، بسبب إصرارهم على كفرهم، وتكذيبهم لرسلهم.

ووضع الظاهر موضع ضميرهم، لذمهم وللأشعار بعلة الأخذ.

والاستفهام في قوله- تعالى- فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ للتهويل. أى: فانظر- أيها العاقل- كيف كان إنكارى عليهم، لقد كان إنكارا مصحوبا بالعذاب الأليم الذي دمرهم تدميرا، واستأصلهم عن آخرهم.

( ثم أخذت الذين كفروا ) أي : ومع هذا كله كذب أولئك رسلهم فيما جاءوهم به ، فأخذتهم ، أي : بالعقاب والنكال ، ( فكيف كان نكير ) أي : فكيف رأيت إنكاري عليهم عظيما شديدا بليغا ؟

وقوله ( ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) يقول تعالى ذكره: ثم أهلكنا الذين جحدوا رسالة رسلنا، وحقيقة ما دعوهم إليه من آياتنا وأصروا على جحودهم (فَكَيْفَ كَانَ نَكِير) يقول: فانظر يا محمد كيف كان تغييري بهم وحلول عقوبتي بهم.

المعاني :

نَكِيرِ :       إِنْكَارِي عَلَيْهِمْ، وَعُقُوبَتِي لَهُمْ السراج
كان نكير :       إنكاري عليهم بالتدمير معاني القرآن

التدبر :

تفاعل
[26] ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ استعذ بالله الآن من عقابه.
وقفة
[26] ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ إهلاك المكذبين سُنَّة إلهية.
وقفة
[26] ﴿ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ ليس من رأى كمن سمع! هنا استفهام يفيد التعجب من أحوال الهالكين، فقد أنكر الله عليهم كفرهم، فعاقبهم وأخذهم أخذًا عجيبًا أدهش العقول، وهذا يستلزم أن يكون حال هؤلاء الهالكين معلومًا لهم، وقد رأوه حاضرًا حولهم في آثار عاد وثمود التي كانوا يمرون عليها في تجاراتهم وسفرهم.

الإعراب :

  • ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ:
  • عاطفة للتراخي. اخذت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل.
  • ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا:
  • اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.كفروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. وجملة «كفروا» صلة الموصول لا محل لها بمعنى: اهلكتهم.
  • ﴿ فَكَيْفَ كانَ:
  • الفاء استئنافية. كيف: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» مقدم. كان: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
  • ﴿ نَكِيرِ:
  • اسم «كان» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة لاشتغال المحل بحركة الياء وحذفت الياء خطا واختصارا واتباعا لرءوس الآي الشريف. وبقيت الكسرة دالة عليها والياء المحذوفة ضمير متصل في محل جر بالاضافة بمعنى: انكاري عليهم وعقابي لهم'

المتشابهات :

الحج: 44﴿فَأَمۡلَيۡتُ لِلۡكَٰفِرِينَ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
سبإ: 45﴿فَكَذَّبُواْ رُسُلِيۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
فاطر: 26﴿ثُمَّ أَخَذۡتُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
الملك: 18﴿وَلَقَدۡ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [26] لما قبلها :     ولَمَّا سلَّى اللهُ نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ هدَّد هنا مَن خالَفَه وعصاه، بما فعَلَ في تِلك الأمَمِ، قال تعالى:
﴿ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [27] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ ..

التفسير :

[27] ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء، فسقينا به أشجاراً في الأرض، فأخرجنا من تلك الأشجار ثمرات مختلفاً ألوانها، منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر وغير ذلك؟ وخلقنا من الجبال طرائق بيضاً وحمراً مختلفاً ألوانها، وخَلَقْنا من الجبال جبالاً شديدة السواد.

يذكر تعالى خلقه للأشياء المتضادات، التي أصلها واحد، ومادتها واحدة، وفيها من التفاوت والفرق ما هو مشاهد معروف، ليدل العباد على كمال قدرته وبديع حكمته.

فمن ذلك:أن اللّه تعالى أنزل من السماء ماء، فأخرج به من الثمرات المختلفات، والنباتات المتنوعات، ما هو مشاهد للناظرين، والماء واحد، والأرض واحدة.

ومن ذلك:الجبال التي جعلها اللّه أوتادا للأرض، تجدها جبالا مشتبكة، بل جبلا واحدا، وفيها ألوان متعددة، فيها جدد بيض، أي:طرائق بيض، وفيها طرائق صفر وحمر، وفيها غرابيب سود، أي:شديدة السواد جدا.

ثم ذكر- سبحانه- بعد ذلك أدلة أخرى على عظيم قدرته. وبين من هم أولى الناس بخشيته، ومدح الذين يكثرون من تلاوة كتابه، ويحافظون على أداء فرائضه، ووعدهم على ذلك بالأجر الجزيل فقال- تعالى-:

والاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً..

لتقرير ما قبله، من أن اختلاف الناس في عقائدهم وأحوالهم أمر مطرد، وأن هذا الاختلاف موجود حتى في الحيوان والحجارة والنبات..

قال الآلوسى ما ملخصه: قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ.. هذه الكلمة قد تذكر لمن تقدم علمه فتكون للتعجب، وقد تذكر لمن لا يكون كذلك، فتكون لتعريفه وتعجيبه، وقد اشتهرت في ذلك حتى أجريت مجرى المثل في هذا الباب، بأن شبه من لم ير الشيء، بحال من رآه. في أنه لا ينبغي أن يخفى عليه، ثم أجرى الكلام معه. كما يجرى مع من رأى، قصدا إلى المبالغة في شهرته..».

والخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلم، أو لكل من يتأتى له الخطاب، بتقرير دليل من أدلة القدرة الباهرة.

والمعنى: لقد علمت- أيها العاقل- علما لا يخالطه شك، أن الله- تعالى- أنزل من السماء ماء كثيرا، فأخرج بسببه من الأرض، ثمرات مختلفا ألوانها. فبعضها أحمر، وبعضها أصفر، وبعضها أخضر.. وبعضها حلو المذاق، وبعضها ليس كذلك، مع أنها جميعا تسقى بماء واحد، كما قال- تعالى-: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ، وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ، صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ، وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ .

وجاء قوله فَأَخْرَجْنا.. على أسلوب الالتفات من الغيبة إلى التكلم، لإظهار كمال الاعتناء بالفعل لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة، ولأن المنة بالإخراج أبلغ من إنزال الماء.

وقوله مُخْتَلِفاً صفة لثمرات، وقوله أَلْوانُها فاعل به.

وقوله- تعالى-: وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ معطوف على ما قبله، لبيان مظهر آخر من مظاهر قدرته- عز وجل-.

قال القرطبي ما ملخصه: «الجدد جمع جدّة- بضم الجيم- وهي الطرائق المختلفة الألوان» .. والجدّة: الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه. والجدة: الطريقة والجمع جدد..

أى: طرائق تخالف لون الجبل، ومنه قولهم: ركب فلان جدّة من الأمر، إذا رأى فيه رأيا».

وغرابيب: جمع غربيب، وهو الشيء الشديد السواد، والعرب تقول للشيء الشديد السواد، أسود غربيب.

وقوله: سُودٌ بدل من غَرابِيبُ.

أى: أنزلنا من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها، وجعلنا بقدرتنا من الجبال قطعا ذات ألوان مختلفة، فمنها الأبيض، ومنها الأحمر، ومنها ما هو شديد السواد، ومنها ما ليس كذلك، مما يدل على عظيم قدرتنا. وبديع صنعنا..

يقول تعالى منبها على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد ، وهو الماء الذي ينزله من السماء ، يخرج به ثمرات مختلفا ألوانها ، من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض ، إلى غير ذلك من ألوان الثمار ، كما هو المشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) [ الرعد : 4 ] .

وقوله تبارك وتعالى : ( ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها ) أي : وخلق الجبال كذلك مختلفة الألوان ، كما هو المشاهد أيضا من بيض وحمر ، وفي بعضها طرائق - وهي : الجدد ، جمع جدة - مختلفة الألوان أيضا .

قال ابن عباس ، رضي الله عنهما : الجدد : الطرائق . وكذا قال أبو مالك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي .

ومنها ( وغرابيب سود ) ، قال عكرمة : الغرابيب : الجبال الطوال السود . وكذا قال أبو مالك ، وعطاء الخراساني وقتادة .

وقال ابن جرير : والعرب إذا وصفوا الأسود بكثرة السواد ، قالوا : أسود غربيب .

ولهذا قال بعض المفسرين في هذه الآية : هذا من المقدم والمؤخر في قوله تعالى : ( وغرابيب سود ) أي : سود غرابيب . وفيما قاله نظر .

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ &; 20-461 &; مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)

يقول تعالى ذكره: ألم تر يا محمد أن الله أنـزل من السماء غيثًا فأخرجنا به ثمرات مختلفًا ألوانها: يقول: فسقيناه أشجارًا في الأرض فأخرجنا به من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها؛ منها الأحمر ومنها الأسود والأصفر، وغير ذلك من ألوانها( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ ) يقول تعالى ذكره: ومن الجبال طرائق، وهي الجدد، وهي الخطط تكون في الجبال بيض وحمر وسود، كالطرق واحدتها جدة، ومنه قول امرىء القيس في صفة حمار:

كـــأنَّ سَــرَاتَهُ وَجُــدَّةَ مَتْنِــهِ

كَنَــائِنُ يَجْــرِي فَـوْقَهُنَّ دَلِيـصُ (1)

يعني بالجدة: الخطة السوداء تكون في متن الحمار.

وقوله (مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا) يعني: مختلف ألوان الجدد (وَغَرَابِيبُ سُودٌ) وذلك من المقدم الذي هو بمعنى التأخير، وذلك أن العرب تقول: هو أسود غربيب، إذا وصفوه بشدة السواد، وجعل السواد ها هنا صفة للغرابيب.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت لامرئ القيس (مختار الشعر الجاهلي، بشرح مصطفى السقا، طبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ص 127) وفيه "ظهره" في موضع "متنه". و"بينهن" في موضع "فوقهن". قال شارحه: سراته: ظهره. والجدة: الخط الذي وسط الظهر. والكنائن: جعاب السهام، من جلد أو خشب، والدليص: ماء الذهب. شبه الخط الذي على ظهر الحمار في بريقه ولونه، بجعاب مذهبه، مع بريق جلدها وإملاسه. ا . هـ. واستشهد به مؤلف عند قوله تعالى: (ومن جبال جدد بيض وحمر) على أن معنى الجدد: الخطط تكون في الجبال: بيض وحمر وسود وحمر كالطرق، واحدها جدة، وأنشد بيت امرئ القيس كرواية المؤلف. ثم قال: والجدة: الخطة السوداء في متن الحمار. وقال الفراء: يقال: أدلصت الشيء ودلصته: إذا برق. فكل شيء يبرق نحو المرآة والذهب والفضة، فهو دليص.

المعاني :

جُدَدٌ :       ذَاتُ طَرَائِقَ وَخُطُوطٍ مُخْتَلِفَةِ الأَلْوَانِ السراج
وَغَرَابِيبُ سُودٌ :       شَدِيدَةُ السَّوَادِ؛ كَالأَغْرِبَةِ السراج
غرابيب سود :       متناهية في السّواد كالأغربة معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[27] ﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخرَجنا بِهِ ثَمَراتٍ مُختَلِفًا أَلوانُها﴾ وجاء قوله: (فَأَخْرَجْنا) على أسلوب الالتفات من الغيبة إلى التكلم؛ لإظهار كمال الاعتناء بالفعل، لما فيه من الصنع البديع المنبئ عن كمال القدرة والحكمة، ولأن المنة بالإخراج أبلغ من إنزال الماء.
وقفة
[27] ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا﴾ جُدَد: جمع جادة، طُرق تكون في الجبل، وليس معناها جديدة وحديثة .
وقفة
[27] ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ﴾ الأصل المطَّرد أنَّ توكيد الألوان لا يتقدَّم، فتقول: أحمر قانٍ، وأسود غربيب، ولا تقول: قانٍ أحمر، وغربيبٌ أسود، لكنَّه هنا قال، وهذا لائتلاف الألفاظ للألفاظ، قال الزركشي: «وبِذكر السُّودِ وقع الالتـئمام، واتسق نسقُ النظام، وجاء اللفظ والمعنى في درجة التمام، وهذا لعمر الله من العجائب التي تكلُّ دونها العقول، وتعيا بها الألسن لا تدري ما تقول».
وقفة
[27] ﴿وَمِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بيضٌ وَحُمرٌ مُختَلِفٌ أَلوانُها وَغَرابيبُ سودٌ﴾ أمرنا الله عز وجل بالسير فى الارض لنتأمل بديع خلقه.
وقفة
[27] ﴿فَأَخْرَجْنَا﴾ الله سبحانه وتعالى إذا ذكر شيئًا من مخلوقاته مما لعبيده يدٌ فيها، فإنه سبحانه يذكرهم فيها، إنصافًا منه سبحانه لعبيده، في عملهم من البذر والسقي وغيرها، والله تعالى إنما يريد بذلك أنه كما أنصف عباده فيما لهم، فإنه يريد منهم أن ينصفوه في صفاته وأفعاله.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • بمعنى: ألم تعلم. الالف الف تقرير وتعجيب بلفظ‍ الاستفهام.لم: حرف نفي وجزم وقلب. تر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره انت.ويجوز ان يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لان هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب. وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره هو.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ:
  • ان وما بعدها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ترى».ان:حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة. انزل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على لفظ‍ الجلالة. وجملة «انزل» مع مفعولها في محل رفع خبر «أن».
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ ماءً:
  • جار ومجرور متعلق بأنزل. ماء: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
  • ﴿ فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ:
  • الفاء عاطفة. اخرج: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا معطوف على «انزل» وجيء بالفعل «اخرجنا» معدولا به عن لفظ‍ الغيبة الى ما هو ادخل في الاختصاص وادل عليه. وهو المتكلم. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. به ثمرات: تعرب اعراب مِنَ السَّماءِ ماءً» وعلامة نصب المفعول الكسرة بدلا من الفتحة لانه ملحق بجمع المذكر السالم. والجار والمجرور منه متعلق بأخرج
  • ﴿ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها:
  • صفة-نعت-لثمرات منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. الوان: فاعل لاسم الفاعل «مختلفا» بتأويل: يختلف الوانها مرفوع بالضمة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ:
  • الواو استئنافية. من الجبال: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. جدد: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى: ومن الجبال مخطط‍ ذو جدد اي خطط‍ وطرائق ومنها ما هو على لون واحد. وقد حذف المضاف. ولا بد من تقديره في قوله تعالى- وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ -بمعنى: ومن الجبال ذو جدد حتى يتفق مع قوله تعالى- ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْاانُها -مع التقدير في ومن الجبال ذو جدد: اي: ومن الجبال مختلف الوانه.
  • ﴿ بِيضٌ وَحُمْرٌ:
  • تعرب اعراب «جدد».وحمر: معطوفة بالواو على «بيض» مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة بمعنى: ومن الجبال ما هو على لون واحد. اي ومنها بيض وحمر. او تكون «بيض» صفة للموصوف «جدد» وهذا الوجه من الاعراب هو الاصح.
  • ﴿ مُخْتَلِفٌ أَلواانُها:
  • صفة-نعت-لحمر مرفوعة مثلها بالضمة. الوانها:اعربت.
  • ﴿ وَغَرابِيبُ سُودٌ:
  • معطوفة بالواو على «بيض» او على «جدد» مرفوعة بالضمة. ولم تنون لانها ممنوعة من الصرف على وزن «مفاعيل» او لانها نهاية الجموع ثالث حروفه الف وبعد الالف ثلاثة احرف. سود: مؤكد مؤخر مرفوع بالضمة لان كلمة «غرابيب» توكيد للموكد «سود» وجاء التوكيد متقدما وهو يصح لغة على خلاف القياس. لاننا نقول: اسود غربيب. اي حالك السواد او هو الذي ابعد في السواد واغرب فيه ومنه الغراب، وبما ان التاكيد من حقه ان يتبع المؤكد كقولنا أصفر فاقع فان تفسير ذلك او تقديره ان يضمر المؤكد قبله ويكون الذي بعده تفسيرا لما اضمر وذلك لزيادة التوكيد حيث يدل على المعنى الواحد من طريقي الاظهار والاضمار جميعا.'

المتشابهات :

الحج: 63﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
فاطر: 27﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا
الزمر: 21﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [27] لما قبلها :     وبعد ذكرِ اختلافِ النَّاسِ في قَبولِ الإيمانِ أو رفضِه؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنَّ الاختِلافَ والتَّفاوتَ موجودٌ في جميعِ المخلوقاتِ من النَّباتِ والجَمادِ والحيوانِ، وبدأ بألوان الثمار، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

مختلفا ألوانها:
1- على حد: اختلف ألوانها، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- مختلفة ألوانها، على حد: اختلفت ألوانها، وهى قراءة زيد بن على.
جدد:
1- بضم الجيم وفتح الدال، جمع «جدة» ، وهى قراءة الجمهور، وكذا قرأ الزهري.
وقرئ:
2- بضم الجيم والدال، جمع «جديدة» ، ورويت عن الزهري أيضا.
3- بفتح الجيم والدال، ورويت عن الزهري أيضا.
ولم يجزها أبو حاتم.

مدارسة الآية : [28] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ ..

التفسير :

[28] وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك، فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف ألوان الثمار والجبال. إنما يخشى اللهَ ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماءُ به سبحانه، وبصفاته، وبشرعه، وقدرته على كل شيء، ومنه

ومن ذلك:الناس والدواب، والأنعام، فيها من اختلاف الألوان والأوصاف والأصوات والهيئات، ما هو مرئي بالأبصار، مشهود للنظار، والكل من أصل واحد ومادة واحدة.

فتفاوتها دليل عقلي على مشيئة اللّه تعالى، التي خصصت ما خصصت منها، بلونه، ووصفه، وقدرة اللّه تعالى حيث أوجدها كذلك، وحكمته ورحمته، حيث كان ذلك الاختلاف، وذلك التفاوت، فيه من المصالح والمنافع، ومعرفة الطرق، ومعرفة الناس بعضهم بعضا، ما هو معلوم.

وذلك أيضا، دليل على سعة علم اللّه تعالى، وأنه يبعث من في القبور، ولكن الغافل ينظر في هذه الأشياء وغيرها نظر غفلة لا تحدث له التذكر، وإنما ينتفع بها من يخشى اللّه تعالى، ويعلم بفكره الصائب وجه الحكمة فيها.

ولهذا قال:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فكل من كان باللّه أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية اللّه، الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء من يخشاه، وهذا دليل على فضيلة العلم، فإنه داع إلى خشية اللّه، وأهل خشيته هم أهل كرامته، كما قال تعالى:{ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}

{ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} كامل العزة، ومن عزته خلق هذه المخلوقات المتضادات.

{ غَفُورٌ} لذنوب التائبين.

ثم بين- سبحانه- أن هذا الاختلاف ليس مقصورا على الجبال فقال: وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ ...

وقوله: مُخْتَلِفٌ صفة لموصوف محذوف. وقوله كَذلِكَ صفة- أيضا- لمصدر محذوف، معمول لمختلف.

أى: ليس اختلاف الألوان مقصورا على قطع الجبال وطرقها وأجزائها، بل- أيضا- من الناس والدواب والأنعام، أصناف وأنواع مختلف ألوانها اختلافا، كذلك الاختلاف الكائن في قطع الجبال، وفي أنواع الثمار.

وإنما ذكر- سبحانه- هنا اختلاف الألوان في هذه الأشياء، لأن هذا الاختلاف من أعظم الأدلة على قدرة الله- تعالى- وعلى بديع صنعه.

ثم بين- سبحانه- أولى الناس بخشيته فقال: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ أى: إنما يخاف الله- تعالى- ويخشاه، العالمون بما يليق بذاته وصفاته، من تقديس وطاعة وإخلاص في العبادة، أما الجاهلون بذاته وصفاته- تعالى-، فلا يخشونه ولا يخافون عقابه، لانطماس بصائرهم، واستحواذ الشيطان عليهم، وكفى بهذه الجملة الكريمة مدحا للعلماء، حيث قصر- سبحانه- خشيته عليهم.

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هل يختلف المعنى إذا قدم المفعول في هذا الكلام أو أخر؟ قلت: لا بد من ذلك، فإنك إذا قدمت اسم الله، وأخرت العلماء، كان المعنى. إن الذين يخشون الله من عباده هم العلماء دون غيرهم، وإذا عملت على العكس انقلب المعنى إلى أنهم لا يخشون إلا الله، كقوله- تعالى-: وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وهما معنيان مختلفان.

فإن قلت: ما وجه اتصال هذا الكلام بما قبله؟

قلت: لما قال أَلَمْ تَرَ بمعنى ألم تعلم أن الله أنزل من السماء ماء، وعدد آيات الله، وأعلام قدرته، وآثار صنعته.. أتبع ذلك بقوله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ كأنه قال: إنما يخشاه مثلك ومن على صفتك ممن عرفه حق معرفته، وعلمه كنه علمه.

وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أنا أرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم به» .

وقوله: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ تعليل لوجوب الخشية، لدلالته على أنه يعاقب على المعصية، ويغفر الذنوب لمن تاب من عباده توبة نصوحا.

وقوله تعالى : ( ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ) أي : [ و ] كذلك الحيوانات من الأناسي والدواب - وهو : كل ما دب على قوائم - والأنعام ، من باب عطف الخاص على العام . كذلك هي مختلفة أيضا ، فالناس منهم بربر وحبوش وطماطم في غاية السواد ، وصقالبة وروم في غاية البياض ، والعرب بين ذلك ، والهنود دون ذلك; ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى : ( واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين ) [ الروم : 22 ] . وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان ، حتى في الجنس الواحد ، بل النوع الواحد منهن مختلف الألوان ، بل الحيوان الواحد يكون أبلق ، فيه من هذا اللون وهذا اللون ، فتبارك الله أحسن الخالقين .

وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا الفضل بن سهل ، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح ، حدثنا زياد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أيصبغ ربك ؟ قال : " نعم صبغا لا ينفض ، أحمر وأصفر وأبيض " . وروي مرسلا وموقوفا ، والله أعلم .

ولهذا قال تعالى بعد هذا : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) أي : إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به; لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى - كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل ، كانت الخشية له أعظم وأكثر .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير .

وقال ابن لهيعة ، عن ابن أبي عمرة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : العالم بالرحمن من لم يشرك به شيئا ، وأحل حلاله ، وحرم حرامه ، وحفظ وصيته ، وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله .

وقال سعيد بن جبير : الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل .

وقال الحسن البصري : العالم من خشي الرحمن بالغيب ، ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الحسن : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ) .

وعن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه قال : ليس العلم عن كثرة الحديث ، ولكن العلم عن كثرة الخشية .

وقال أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب ، عن مالك قال : إن العلم ليس بكثرة الرواية ، وإنما العلم نور يجعله الله في القلب .

قال أحمد بن صالح المصري : معناه : أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية ، وأما العلم الذي فرض الله ، عز وجل ، أن يتبع فإنما هو الكتاب والسنة ، وما جاء عن الصحابة ، رضي الله عنهم ، ومن بعدهم من أئمة المسلمين ، فهذا لا يدرك إلا بالرواية ويكون تأويل قوله : " نور " يريد به فهم العلم ، ومعرفة معانيه .

وقال سفيان الثوري ، عن أبي حيان [ التميمي ] ، عن رجل قال : كان يقال : العلماء ثلاثة : عالم بالله عالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله . فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض . والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض . والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ، ولا يخشى الله عز وجل .

وقوله ( وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ) كما من الثمرات والجبال مختلف ألوانه بالحمرة والبياض والسواد والصفرة، وغير ذلك.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنـزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ) أحمر وأخضر وأصفر ( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ) أي: طرائق بيض ( وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ) أي: جبال حمر وبيض (وَغَرَابِيبُ سُودٌ) هو الأسود يعني لونه كما اختلف ألوان هذه اختلف ألوان الناس والدواب والأنعام كذلك.

حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ) طرائق بيض وحمر وسود، وكذلك الناس مختلف ألوانهم.

حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي، قال: ثنا مروان، عن جويبر عن الضحاك قوله ( وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ ) قال: هي طرائق حمر وسود.

وقوله ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) يقول تعالى ذكره: إنما يخاف الله فيتقي عقابه بطاعته العلماء، بقدرته على ما يشاء من شيء، وأنه يفعل ما يريد، لأن من علم ذلك أيقن بعقابه على معصيته؛ فخافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني علي قال: ثنا عبد الله قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) قال: الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) قال: كان يقال: كفى بالرهبة علمًا.

وقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) يقول تعالى ذكره: إن الله عزيز في انتقامه ممن كفر به غفور لذنوب من آمن به وأطاعه.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ إذا أراد الإنسان أن يعرف أن علمه نافع، فلينظر إلى كسر هذا العلم لقلبه لله، فإن وجد أنه يزداد خشية لله ومعرفة به، ويذهب عنه طفرة الغرور، فقد انتفع بعلمه.
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال ابن مسعود: «ليس العلم عن كثرة الحديث، ولكن العلم عن كثرة الخشية».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ من عرف الله اشتد حياؤه منه وخوفه له وحبُّه له، وكلما ازداد معرفةً ازداد حياءً وخوفًا وحبًا.
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال ابن مسعود: «كفى بخشية الله علمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلًا».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال مجاهد: «العالِم من خشيَ الله ﷻ».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال ابن كثير: «كلما كانت المعرفة بالله أتمَّ والعلم به أكمل؛ كانت الخشية له أعظم وأكثر».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال أبو الدرداء: «لا تكون تقيًّا حتى تكون عالمًا، ولا تكون بالعلم جميلًا حتى تكون به عاملًا».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال الحسن: «العالم: الذي وافق علمه عمله، ومن خالف علمه عمله فذلك راوية حديث، سمع شيئًا فقاله»، وقال رحمه الله: «الذي يفوق الناس في العلم جدير أن يفوقهم في العمل».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ فالذي لم تقم بقلبه خشية باعثة على تعظيم حرمات الله؛ فليس عالمًا وإمامًا، ولو أتقن الفنون وحفظ المتون.
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ تعرف العالم الصادق بمقدار خشيته المبنية على علم؛ فيفعل الأوامر ويجتنب المعاصي تعظيمًا لله.
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ كلما ازددت بالله علمًا كلما ازددت له خشية.
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ كلما ازددت معرفة بالجليل عظمت التنزيل، والتزمت منهج الحق والدين، وكان خوفك سببًا لأمنك.
وقفة
[28] لن تخشى ربك بحق إلا إذا علمت عظمته: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾، ولن تزهد في الدنيا إلا بمعرفة اﻵخرة: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّـهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [الأنفال: 67].
وقفة
[28] قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾، وقال: ﴿أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ إلى قوله: ﴿ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ [البينة: 7، 8]، العلماء هم الذين يخشون الله تعالى، وأن الذين يخشون الله تعالى هم خير البرية؛ فتبين بهذا: أن العلماء هم خير البرية.
وقفة
[28] نردد كثيرًا وصية: يجب الرجوع إلى العلماء الكبار، فمن هم الكبار؟ وهل يحددهم متعالم صغير؟ كلا، فقد بين الله الكبار: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.
وقفة
[28] كلما زاد علم الإنسان زادت خشيته، وفي كتاب الله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.
وقفة
[28] العلم يورث الخشية، والخشية تورث التذكُّر والاعتبار، ولن يعتبر من لا يخشى، ولن يخشى من لا يعلم ﴿إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء﴾، ﴿سيذكر من يخشى﴾ [الأعلى: 10].
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ قال الربيع بن أنس: «من لم يخش الله تعالى فليس بعالم»، وعن مجاهد قال: «إنما الفقيه من يخاف الله عز وجل».
وقفة
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ والمراد بالعلماء: العلماء بالله وبالشريعة، وعلى حسب مقدار العلم في ذلك تقْوَى الخشية؛ فأما العلماء بعلوم لا تتعلق بمعرفة الله وثوابه وعقابه معرفة على وجهها؛ فليست علومهم بمقربة لهم من خشية الله.
عمل
[28] ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ حقق خشية الله تعالى في حياتك؛ تكن من أهل العلم حقيقة.

الإعراب :

  • ﴿ وَمِنَ النّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ:
  • الواو عاطفة. من الناس: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والدواب والانعام: معطوفتان بواوي العطف على «الناس» وتعربان اعرابها. وحذف المبتدأ لانه معلوم من السياق.
  • ﴿ مُخْتَلِفٌ أَلْاانُهُ:
  • مختلف: صفة-نعت-للموصوف المبتدأ المؤخر المحذوف. التقدير: خلق مختلف الوانه او صنف مختلف الوانه فحذف الموصوف وحلت الصفة محله. الوانه: فاعل لاسم الفاعل «مختلف» مرفوع وعلامة رفعه الضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة في تأويل يختلف الوانه. اي ان اسم الفاعل عمل عمل فعله.
  • ﴿ كَذلِكَ:
  • الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة-نعت- لمصدر-مفعول مطلق-محذوف بتقدير: يختلف الوانه اختلافا مثل اختلاف الثمرات والجبال. ذا: اسم اشارة مبني على السكون في محل جر بالاضافة واللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ إِنَّما يَخْشَى اللهَ:
  • كافة ومكفوفة. او تكون مكونة من «ان» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «ان».يخشى: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الالف للتعذر.الله لفظ‍ الجلالة: مفعول به منصوب للتعظيم اي مفعول مقدم وعلامة النصب الفتحة. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الاعراب
  • ﴿ مِنْ عِبادِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من-العلماء-لان «من» حرف جر بياني والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. التقدير: حالة كونهم من بين عباده.
  • ﴿ الْعُلَماءُ:
  • خبر «ان» مرفوع بالضمة. ويكون فاعل «يخشى» ضميرا مستترا جوازا تقديره هو. اما اذا اعربت «انما» كافة ومكفوفة فتكون كلمة «العلماء» فاعل «يخشى» وكتبت «العلماء» بواو قبل الهمزة على لفظ‍ او لغة من يفخم الالف قبل الهمزة فيميلها الى الواو.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل لوجوب الخشية لدلالته على عقوبة العصاة واثابة اهل الطاعة والعفو عنهم. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «ان» منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ عَزِيزٌ غَفُورٌ:
  • خبران لأن مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة. ويجوز ان يكون «غفور» صفة-نعتا-لعزيز.'

المتشابهات :

فاطر: 28﴿إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
البقرة: 220﴿وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَعۡنَتَكُمۡۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الأنفال: 49﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَـ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
الأنفال: 10﴿وَمَا ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
التوبة: 71﴿أُوْلَٰٓئِكَ سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
لقمان: 27﴿مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
البقرة: 209﴿فَٱعۡلَمُوٓاْ أنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
البقرة: 260﴿وَٱعۡلَمۡ أنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [28] لما قبلها :     وبعد ذكرِ ألوان الثمار والجبال؛ جاء هنا ذكرُ ألوان الناس والدواب والأنعام، قال تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

الدواب:
1- مشدد الياء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بتخفيفها، وهى قراءة الزهري.
الله ... العلماء:
1- بنصب لفظ الجلالة، ورفع «العلماء» ، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- برفع لفظ الجلالة، ونصب «العلماء» ، ورويت عن عمر بن عبد العزيز، وأبى حنيفة.

مدارسة الآية : [29] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ..

التفسير :

[29] إن الذين يقرؤون القرآن ويعملون به، وداوموا على الصلاة في أوقاتها، وأنفقوا مما رزقناهم من أنواع النفقات الواجبة والمستحبة سرّاً وجهراً، هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسُد ولن تهلك، ألا وهي رضا ربهم، والفوز بجزيل ثوابه؛

{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ} أي:يتبعونه في أوامره فيمتثلونها، وفي نواهيه فيتركونها، وفي أخباره، فيصدقونها ويعتقدونها، ولا يقدمون عليه ما خالفه من الأقوال، ويتلون أيضا ألفاظه، بدراسته، ومعانيه، بتتبعها واستخراجها.

ثم خص من التلاوة بعد ما عم، الصلاة التي هي عماد الدين، ونور المسلمين، وميزان الإيمان، وعلامة صدق الإسلام، والنفقة على الأقارب والمساكين واليتامى وغيرهم، من الزكاة والكفارات والنذور والصدقات.{ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} في جميع الأوقات.

{ يَرْجُونَ} [بذلك]{ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} أي:لن تكسد وتفسد، بل تجارة، هي أجل التجارات وأعلاها وأفضلها، ألا وهي رضا ربهم، والفوز بجزيل ثوابه، والنجاة من سخطه وعقابه، وهذا فيه أنهم يخلصونبأعمالهم، وأنهم لا يرجون بها من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئا.

ثم مدح- سبحانه- المكثرين من تلاوة كتابه، المحافظين على أداء فرائضه فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ....

أى: إن الذين يداومون على قراءة القرآن الكريم بتدبر لمعانيه، وعمل بتوجيهاته، وَأَقامُوا الصَّلاةَ بأن أدوها في مواقيتها بخشوع وإخلاص.

وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً أى: وبذلوا مما رزقناهم من خيرات، تارة في السر وتارة في العلانية.

وجملة يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ في محل رفع خبر إن. والمراد بالتجارة: ثواب الله- تعالى- ومغفرته.

وقوله: تَبُورَ بمعنى تكسد وتهلك. يقال: بار الشيء يبور بورا وبوارا، إذا هلك وكسد.

أى: هؤلاء الذين يكثرون من قراءة القرآن الكريم، ويؤدون ما أوجبه الله- تعالى- عليهم، يرجون من الله- تعالى- الثواب الجزيل، والربح الدائم، لأنهم جمعوا في طاعتهم له- تعالى- بين الإكثار من ذكره، وبين العبادات البدنية والمالية.

يخبر تعالى عن عباده المؤمنين الذين يتلون كتابه ويؤمنون به ويعملون بما فيه ، من إقام الصلاة ، والإنفاق مما رزقهم الله في الأوقات المشروعة ليلا ونهارا ، سرا وعلانية ، ( يرجون تجارة لن تبور ) أي : يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله . كما قدمنا في أول التفسير عند فضائل القرآن أنه يقول لصاحبه : " إن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة " ; ولهذا قال تعالى :

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29)

يقول تعالى ذكره: إن الذين يقرءون كتاب الله الذي أنـزله على محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) يقول: وأدوا الصلاة المفروضة لمواقيتها بحدودها، وقال: وأقاموا الصلاة بمعنى: ويقيموا الصلاة.

وقوله ( وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) يقول: وتصدقوا بما أعطيناهم من الأموال سرًّا في خفاء وعلانية جهارًا، وإنما معنى ذلك أنهم يؤدون الزكاة المفروضة، ويتطوعون أيضًا بالصدقة منه بعد أداء الفرض الواجب عليهم فيه.

وقوله (يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) يقول تعالى ذكره: يرجون بفعلهم ذلك تجارة لن تبور: لن تكسد ولن تهلك، من قولهم: بارت السوق إذا كسدت وبار الطعام. وقوله (تِجَارَةً) جواب لأول الكلام.

المعاني :

لَّن تَبُورَ :       لَنْ تَكْسُدَ، وَتَهْلِكَ السراج
لن تبور :       لم تكسُدَ و تفسُدَ ، أوَ لن تهلِك معاني القرآن

التدبر :

اسقاط
[29] ﴿إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم﴾ تلاوة القرآن تدفع للعمل، راجع نفسك إن لم تجد للتلاوة أثرًا.
وقفة
[29] الحسنة تجر أختها: ﴿إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم﴾، والسيئة: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الماعون: 1-3].
وقفة
[29] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ في الآية ما يشمل ثواب قُرَّاء القرآن؛ فإنهم يصدق عنهم أنهم من الذين يتلون كتاب الله، ويقيمون الصلاة، ولو لم يصاحبهم التدبر في القرآن؛ فإن للتلاوة حظها من الثواب والتنوُّر بأنوار كلام الله.
وقفة
[29] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ وهذا فيه أنهم يخلصون بأعمالهم، وأنهم لا يرجون بها من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئًا.
وقفة
[29] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾: ثلاث تجارات لا تعرف الخسارة: قراءة القرآن، إقامة الصلاة، الصدقة في السر والعلانية.
تفاعل
[29] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ قل: اللهم اجعلنا ممن يتلون كتابك حق تلاوته، ويقيمون الصلاة، وينفقون في سبيل الله.
عمل
[29] أكثر من تلاوة القرآن معتبرًا متفكرًا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾.
عمل
[29] تذكر دائمًا أن التجارة التي لا تبور هي التجارة مع الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾.
وقفة
[29] فضَّل الله عز وجل أهل التلاوة للقرآن بتلاوته، وأخبر أنهم يقومون بأمره فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾، يخبرهم أن تجارتهم في الآخرة هي الرابحة، وأنها لا تكسد عنده، حتى يوفيهم أجورهم من الجنة.
وقفة
[29] الأعمال الصالحات لها درجات، وقد أرشدنا سبحانه وتعالى إلى أعظمها، فتلاوة القرآن جاءت بفعل المضارع: ﴿يَتْلُونَ﴾، وهي دلالة على الاستمرارية والتجدد، لما في ذلك نيل بركات القرآن والنور الذي فيه، ثم إن إقامة الصلاة بما تعنيه كلمة (الإقامة) بحركاتها البدنية، والخشوع القلبي، والتي تفتح على المؤمن فتوحات ربَّانية وعلوم لا يجدها في كتاب ولا مدارسة، هي من أعظم النعم التي يمكن أن يحصل عليها المؤمن، فعليه أن يجتهد فيها اجتهادًا أشد من اجتهاده في طلب الدنيا وقضاياها المختلفة، ثم إن قضية الإنفاق في السرّ والعلن تعني تخلِّي الإنسان عن حب الدنيا، وإيثاره الدار الآخرة وثواب الله الدائم الباقي، فهذه الصفات الثلاثة إن اجتمعت في المؤمن وحرص عليها حرصًا شديدًا لا يفتر ولا يتغيّر فهو الذي يرجو تجارة لن تبور.
عمل
[29] تصدق من مالك بصدقة لا يعلم عنها أحد إلا الله، وتصدق بصدقة أخرى علانية لعله يقتدِي بك غيرُك ﴿وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾.
عمل
[29] ﴿يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ﴾ من اليومِ خصِّص وقتًا ولو قصيرًا تقرأُ فيه القرآنَ.
عمل
[29] أدِّ الصلاة جماعة مع إدراك التكبيرة الأولى ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾.
وقفة
[29] ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ كل تجارة تتاجرها مع الناس, إن لم يلحقك من بعضها الغبن فإن خسارتك أمر وارد, إلا رب الناس فتجارتك معه رابحة.
وقفة
[29] ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ صفات الإيمان تجارة رابحة، وصفات الكفر تجارة خاسرة.
وقفة
[29] ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ من هؤلاء؟ الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته، ويقيمون الصلاة، وينفقون في سبيل الله سرًّا وجهرًا، فاعرف رأس مالك، وقدر الجواهر التي أعطاك الله، ولا تضيعها فترد الآخرة صفر اليدين ومن المفاليس.
وقفة
[29] ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ كل تجارة تحتمل الربح والخسارة؛ إلا التجارة مع الله، فهي لن تبور.
وقفة
[29] ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ كل تجارة قد يصادفك فيها الربح، وقد تتعرض للخسارة؛ إلا تجارتك مع الله، هي الوحيدة الخالية من الندم أو الخسارة، لأنك تتعامل مع كريم، إن قدمت خيرًا عوضك أضعافه، وإن مشيت بدرب الفلاح سهل لك أسبابه، الله يريدك أن تكون رابحًا معه.
وقفة
[29، 30] تجارة لا يمكن سرقتها، تأمل قوله جل وعلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾، يرجون تجارة لا يسطو عليها لص ولا سارق، ولا يخاف عليها من كساد، إنما هي رابحة لن تبور ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ﴾، فهي تجارة رابحة -أيها الإخوان- فأين المشترون؟

الإعراب :

  • ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «ان».يتلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ كِتابَ اللهِ:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ‍ الجلالة:مضاف اليه مجرور للتعظيم بالاضافة وعلامة الجر الكسرة الظاهرة.
  • ﴿ وَأَقامُوا:
  • الواو عاطفة والفعل بعدها معطوف على «يتلون» على المعنى اي بمعنى ان الذين تلوا كتاب الله واقاموا. او تكون الواو حالية بمعنى وقد اقاموا. ويجوز ان تكون استئنافية. اقاموا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.
  • ﴿ الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا:
  • مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وانفقوا:معطوفة بالواو على «اقاموا» وتعرب اعرابها.
  • ﴿ مِمّا رَزَقْناهُمْ:
  • اصلها: من: حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. رزق: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به. وجملة «رزقناهم» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. او تكون «ما» مصدرية. وجملة «رزقناهم» صلتها لا محل لها من الاعراب. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن.والجار والمجرور متعلق بأنفقوا. التقدير: وانفقوا من رزقنا اياهم على الفقراء والمساكين. و «من» في «مما» للتبعيض. وقد حذف مفعول «انفقوا» لدلالة «من» التبعيضية عليه.
  • ﴿ سِرًّا وَعَلانِيَةً:
  • حالان من ضمير «انفقوا» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة لان وَعَلانِيَةً» معطوفة بالواو على «سرا» وتعرب اعرابها بمعنى: ذوي سر وعلانية اي مسرين ومعلنين او منصوبتان على الظرفية. اي وقتي سر وعلانية او جاء نصبهما على النيابة المصدرية بمعنى: انفقوا انفاق سر وانفاق علانية.
  • ﴿ يَرْجُونَ تِجارَةً:
  • تعرب اعراب يَتْلُونَ كِتابَ» وجملة يَرْجُونَ تِجارَةً» في محل رفع خبر «ان» الواردة في صدر الآية الكريمة.
  • ﴿ لَنْ تَبُورَ:
  • الجملة الفعلية في محل نصب صفة-نعت-لتجارة. لن: حرف نفي ونصب واستقبال. تبور: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.'

المتشابهات :

الرعد: 22﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ
فاطر: 29﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [29] لما قبلها :     ولَمَّا بَيَّنَ اللهُ أن العلماء هم الذين يخشون الله ويخافون عقابه؛ بَيَّنَ هنا حالَ العالمين بكتاب الله العاملين بما فرض فيه من أحكام، كإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة في السر والعلم، قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [30] :فاطر     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ..

التفسير :

[30]ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملاً غير منقوص، ويضاعفَ لهم الحسنات من فضله، إن الله غفور لسيئاتهم، شكور لحسناتهم، يثيبهم عليها الجزيل من الثواب.

وذكر أنهم حصل لهم ما رجوه فقال:{ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} أي:أجور أعمالهم، على حسب قلتها وكثرتها، وحسنها وعدمه،{ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} زيادة عن أجورهم.{ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} غفر لهم السيئات، وقبل منهم القليل من الحسنات.

واللام في قوله: لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ.. متعلقة بقوله لَنْ تَبُورَ على معنى، يرجون تجارة لن تكسد لأجل أن يوفيهم أجورهم التي وعدهم بها، ويزيدهم في الدنيا والآخرة من فضله ونعمه وعطائه.

أو متعلقة بمحذوف، والتقدير: فعلوا ما فعلوا ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إِنَّهُ- سبحانه- غَفُورٌ أى: واسع المغفرة شَكُورٌ أى: كثير العطاء لمن يطيعه ويؤدى ما كلفه به.

( ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ) أي : ليوفيهم ثواب ما فعلوه ويضاعفه لهم بزيادات لم تخطر لهم ، ( إنه غفور ) أي : لذنوبهم ، ( شكور ) للقليل من أعمالهم .

قال قتادة : كان مطرف رحمه الله إذا قرأ هذه الآية يقول : هذه آية القراء .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن ، حدثنا حيوة ، حدثنا سالم بن غيلان أنه سمع دراجا أبا السمح يحدث عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله تعالى إذا رضي عن العبد أثنى عليه سبعة أصناف من الخير لم يعمله ، وإذا سخط على العبد أثنى عليه سبعة أصناف من الشر لم يعمله ، غريب جدا .

وقوله (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) يقول: ويوفيهم الله على فعلهم ذلك ثواب أعمالهم التى عملوها في الدنيا(وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) يقول: وكي يزيدهم على الوفاء من فضله ما هو له أهل، وكان مطرف بن عبد الله يقول: هذه آية القراء.

حدثنا محمد بن بشار قال: ثنا عمرو بن عاصم قال: ثنا معتمر عن أبيه، عن قتادة قال: كان مطرف إذا مر بهذه الآية ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ) يقول: هذه آية القراء.

حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة، عن يزيد، عن مطرف بن عبد الله أنه قال في هذه الآية ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ ...) إلى آخر الآية، قال: هذه آية القراء.

حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: كان مطرف بن عبد الله يقول: هذه آية القراء (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ).

وقوله (إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) يقول: إن الله غفور لذنوب هؤلاء القوم الذين هذه صفتهم شكور لحسناتهم.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) إنه غفور لذنوبهم، شكور لحسناتهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[30] ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ دقِّق: (من فضلِه) فوق الأجورِ التي يستحقُّونها، أخذتَ الثَّمنَ وزيادَة.
وقفة
[30] ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ وليسرح خيالك في قوله: ﴿مِّن فَضْلِهِ﴾، ففضله على قدر عظمته، وعقلك لن يحيط بعظمته؛ ولذا لن يحيط أبدا بفضل الله!
تفاعل
[30] ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ ادعُ الله الآن أن يجعلك من هؤلاء.
وقفة
[30] ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ لا تتوقف عن الطاعة لأنك تراها صغيرة؛ إنها فعلًا كذلك، ولكن ربك شكور!
وقفة
[30] ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ شكور سبحانه، يشكر القليل من العمل والعطاء؛ فيعطي عليه عظيم الأجر، ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف مضاعفة.
وقفة
[30] ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ شكور لعباده الذين تصدقوا بأموالهم على عباده الفقراء، فهو يشكر لهم هذا الفعلز

الإعراب :

  • ﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ:
  • اللام حرف جر للتعليل. يوفي: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به اول.
  • ﴿ أُجُورَهُمْ:
  • مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. وجملة «يوفيهم اجورهم» صلة «ان» المضمرة لا محل لها من الاعراب. و «ان» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بلن تبور. بمعنى: تجارة ينتفي عنها الكساد وتنفق عند الله ليوفيهم بانفاقها عنده اجورهم.
  • ﴿ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ:
  • معطوفة بالواو على «يوفيهم» وتعرب اعرابها. من فضله: جار ومجرور متعلق بيزيدهم والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ:
  • حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «ان».غفور شكور: خبران لان مرفوعان بالضمة. وهما من صيغ المبالغة. فعول بمعنى فاعل اي كثير الغفران كثير الشكر بمعنى غفور لهم شكور لاعمالهم'

المتشابهات :

آل عمران: 57﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فـ يُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
النساء: 173﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فـ يُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا
فاطر: 30﴿لِـ يُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [30] لما قبلها :     وبعد ذكرِ أعمالهم؛ بَيَّنَ اللهُ هنا أنه يوفيهم ثواب أعمالهم كاملًا غير منقوص، ويزيدهم فوق أجورهم التي يستحقون، قال تعالى:
﴿ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف