ترتيب المصحف | 73 | ترتيب النزول | 3 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 1.50 |
عدد الآيات | 20 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 0.50 |
ترتيب الطول | 72 | تبدأ في الجزء | 29 |
تنتهي في الجزء | 29 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
النداء: 9/10 | يا أيها المزمل: 1/1 |
ترتيب المصحف | 74 | ترتيب النزول | 4 |
---|---|---|---|
التصنيف | مكيّة | عدد الصفحات | 1.80 |
عدد الآيات | 56 | عدد الأجزاء | 0.00 |
عدد الأحزاب | 0.00 | عدد الأرباع | 0.80 |
ترتيب الطول | 68 | تبدأ في الجزء | 29 |
تنتهي في الجزء | 29 | عدد السجدات | 0 |
فاتحتها | فاتحتها | ||
النداء: 10/10 | يا أيها المدثر: 1/1 |
تخفيفُ مقدارِ قيامِ الليلِ عن النَّبي ﷺ وأصحابِه لِمِا يطرَأُ لهم من مرضٍ ونحوَه، والاكتفاءُ بتلاوةِ ما تيسَّرَ من القرآنِ، وأداءِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، ومداومةِ الاستغفارِ.
قريبًا إن شاء الله
تكليفُ النَّبي ﷺ بالقيامِ بالدَّعوةِ إلى ربِّه، وإنذارِ الكُفَّارِ، والصَّبرِ على أذاهُم، ثُمَّ تهديدُهم بيومِ القيامةِ.
قريبًا إن شاء الله
بعد التَّهديدِ العَامِّ بيومِ القيامةِ؛ هدَّدَ اللهُ هنا الوليدَ بن المُغِيرةِ، وعدَّدَ نِعَمَه عليه.
قريبًا إن شاء الله
التفسير :
ذكر الله في أول هذه السورة أنه أمر رسوله بقيام نصف الليل أو ثلثه أو ثلثيه، والأصل أن أمته أسوة له في الأحكام، وذكر في هذا الموضع، أنه امتثل ذلك هو وطائفة معه من المؤمنين.
ولما كان تحرير الوقت المأمور به مشقة على الناس، أخبر أنه سهل عليهم في ذلك غاية التسهيل فقال:{ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} أي:يعلم مقاديرهما وما يمضي منهما ويبقى.
{ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} أي:[لن] تعرفوا مقداره من غير زيادة ولا نقص، لكون ذلك يستدعي انتباها وعناء زائدا أي:فخفف عنكم، وأمركم بما تيسر عليكم، سواء زاد على المقدر أو نقص،{ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} أي:مما تعرفون ومما لا يشق عليكم، ولهذا كان المصلي بالليل مأمورا بالصلاة ما دام نشيطا، فإذا فتر أو كسل أو نعس، فليسترح، ليأتي الصلاة بطمأنينة وراحة.
ثم ذكر بعض الأسباب المناسبة للتخفيف، فقال:{ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} يشق عليهم صلاة ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه، فليصل المريض المتسهل عليه، ولا يكون أيضا مأمورا بالصلاة قائما عند مشقة ذلك، بل لو شقت عليه الصلاة النافلة، فله تركها [وله أجر ما كان يعمل صحيحا].{ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} أي:وعلم أن منكم مسافرين يسافرون للتجارة، ليستغنوا عن الخلق، ويتكففوا عن الناسأي:فالمسافر، حاله تناسب التخفيف، ولهذا خفف عنه في صلاة الفرض، فأبيح له جمع الصلاتين في وقت واحد، وقصر الصلاة الرباعية.
وكذلك{ آخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} فذكر تعالى تخفيفين، تخفيفا للصحيح المقيم، يراعي فيه نشاطه، من غير أن يكلف عليه تحرير الوقت، بل يتحرى الصلاة الفاضلة، وهي ثلث الليل بعد نصفه الأول.
وتخفيفا للمريض أو المسافر، سواء كان سفره للتجارة، أو لعبادة، من قتال أو جهاد، أو حج، أو عمرة، ونحو ذلك، فإنه أيضا يراعي ما لا يكلفه، فلله الحمد والثناء، الذي ما جعل على الأمة في الدينمن حرج، بل سهل شرعه، وراعى أحوال عباده ومصالح دينهم وأبدانهم ودنياهم.
ثم أمر العباد بعبادتين، هما أم العبادات وعمادها:إقامة الصلاة، التي لا يستقيم الدين إلا بها، وإيتاء الزكاة التي هي برهان الإيمان، وبها تحصل المواساة للفقراء والمساكين، ولهذا قال:
{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} بأركانها، وشروطها، ومكملاتها،{ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} أي:خالصا لوجه الله، من نية صادقة، وتثبيت من النفس، ومال طيب، ويدخل في هذا، الصدقة الواجبة ؟ والمستحبة، ثم حث على عموم الخير وأفعاله فقال:{ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
وليعلم أن مثقال ذرة من الخير في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا، وما عليها في دار النعيم المقيم، من اللذات والشهوات، وأن الخير والبر في هذه الدنيا، مادة الخير والبر في دار القرار، وبذره وأصله وأساسه، فواأسفاه على أوقات مضت في الغفلات، وواحسرتاه على أزمان تقضت بغير الأعمال الصالحات، وواغوثاه من قلوب لم يؤثر فيها وعظ بارئها، ولم ينجع فيها تشويق من هو أرحم بها منها، فلك اللهم الحمد، وإليك المشتكى، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بك.
{ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وفي الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة والخير، فائدة كبيرة، وذلك أن العبد ما يخلو من التقصير فيما أمر به، إما أن لا يفعله أصلا أو يفعله على وجه ناقص، فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار، فإن العبد يذنب آناء الليل والنهار، فمتى لم يتغمده الله برحمته ومغفرته، فإنه هالك.
تم تفسير سورة المزمل
والمراد بالقيام في قوله- تعالى-: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ... التهجد بالليل عن طريق الصلاة تقربا إلى الله- تعالى-.
وقوله: أَدْنى بمعنى أقرب، من الدنو بمعنى القرب، تقول: رأيت فلانا أدنى إلى فعل الخير من فلان. أى: أقرب، واستعير هنا للأقل، لأن المسافة التي بين الشيء والشيء إذا قربت كانت قليلة، وهو منصوب على الظرفية بالفعل «تقوم» .
وقوله: وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ قرأه بعض القراء السبعة بالجر عطفا على ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وقرأه الجمهور بالنصب عطفا على أدنى.
والمعنى على قراءة الجمهور: إن ربك- أيها الرسول الكريم- يعلم أنك تقوم من الليل، مدة قد تصل تارة إلى ثلثى الليل، وقد تصل تارة أخرى إلى نصفه أو إلى ثلثه ... على حسب ما يتيسر لك، وعلى حسب أحوال الليل في الطول والقصر.
والمعنى على قراءة غير الجمهور: إن ربك يعلم أنك تقوم تارة أقل من ثلثى الليل وتارة أقل من نصفه، وتارة أقل من ثلثه.. وذلك لأنك لم تستطع ضبط المقدار الذي تقومه من الليل، ضبطا دقيقا، ولأن النوم تارة يزيد وقته وتارة ينقص، والله- تعالى- قد رفع عنك المؤاخذة بسبب عدم تعمدك القيام أقل من ثلث الليل..
فالآية الكريمة المقصود منها بيان رحمة الله- تعالى- بنبيه صلى الله عليه وسلم حيث قبل منه قيامه بالليل متهجدا، حتى ولو كان هذا القيام أقل من ثلث الليل..
وافتتاح الآية الكريمة بقوله- سبحانه- إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ.. يشعر بالثناء عليه صلى الله عليه وسلم. وبالتلطف معه في الخطاب، حيث إنه صلى الله عليه وسلم كان مواظبا على قيام الليل. على قدر استطاعته، بدون تقصير أو فتور.
وفي الحديث الشريف: أنه صلى الله عليه وسلم قام الليل حتى تورمت قدماه.
والتعبير بقوله- تعالى-: أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ يدل على أن قيامه صلى الله عليه وسلم كان متفاوتا في طوله وقصره، على حسب ما تيسر له صلى الله عليه وسلم، وعلى حسب طول الليل وقصره.
وقوله- سبحانه-: وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ معطوف على الضمير المستتر في قوله:
تَقُومُ.
أى: أنت أيها الرسول الكريم- تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه، وتقوم طائفة من أصحابك للصلاة معك، أما بقية أصحابك فقد يقومون للتهجد في منازلهم.
روى البخاري في صحيحه عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة في المسجد، فصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال: «قد رأيت الذي صنعتم، ولم يمنعني من الخروج إليكم، إلا أنى خشيت أن تفرض عليكم» .
قال بعض العلماء: قوله: وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ معطوف على الضمير المستكن في تَقُومُ.
وهو- وإن كان ضمير رفع متصل-، قد سوغ العطف عليه الفصل بينه وبين المعطوف.
والمعنى: أن الله يعلم أنه كان يقوم كذلك جماعة من الذين آمنوا بك، واتبعوا هداك..
وقد يقال: إن هذا يدل على أن قيام الليل لم يكن فرضا على جميع الأمة، وهو خلاف ما تقرر تفسيره في أول السورة، ويخالف- أيضا- ما دلت عليه الآثار المتقدمة هناك..
والجواب: أنه ليس في الآية ما يفيد أن الصحابة- رضوان الله عليهم- كانوا جميعا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة التهجد في جماعة واحدة، فلعل بعضهم كان يقيمها في بيته، فلا ينافي ذلك فرضية القيام على الجميع. .
وقوله- سبحانه-: وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ بيان لشمول علمه- تعالى- ولنفاذ إرادته. أى: والله- تعالى- وحده، هو الذي يعلم مقادير ساعات الليل والنهار، وهو الذي يحدد زمانهما- طولا وقصرا- على حسب ما تقتضيه مشيئته وحكمته.
والآية الكريمة تفيد الحصر والاختصاص، عن طريق سياق الكلام، ودلالة المقام.
وقوله- تعالى-: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ مؤكد لما قبله، وإحصاء الأشياء، عدها والإحاطة بها.
والضمير المنصوب في قوله: تُحْصُوهُ يعود على المصدر المفهوم من قوله: يُقَدِّرُ في الجملة السابقة.
والتوبة في قوله- سبحانه-: فَتابَ عَلَيْكُمْ يصح أن تكون بمعنى المغفرة، وعدم المؤاخذة، أو بمعنى قبولها منهم، والتيسير عليهم في الأحكام. وتخفيفها عنهم.
أى: والله- تعالى- هو الذي يقدر أجزاء الليل والنهار، وهو الذي يعلم- دون غيره- أنكم لن تستطيعوا تقدير ساعاته تقديرا دقيقا.. ولذلك خفف الله عنكم في أمر القيام، ورفع عنكم المقدار المحدد، وغفر لكم ما فرط منكم من تقصير غير مقصود، ورخص لكم أن تقوموا المقدار الذي تستطيعون قيامه من الليل، مصلين ومتهجدين..
فالجملة الكريمة تقرر جانبا من فضل الله- تعالى- على عباده، ومن رحمته بهم..
والفاء في قوله- تعالى-: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ للإفصاح، والمراد بالقراءة الصلاة، وعبر عنها بالقراءة، لأنها من أركانها.. أى: إذا كان الأمر كما وضحت لكم، فصلوا ما تيسر لكم من الليل.
قال الآلوسي: قوله: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ أى: فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل، وعبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها، وقيل: الكلام على حقيقته، من طلب قراءة القرآن بعينها وفيه بعد عن مقتضى السياق.
ومن ذهب إلى الأول قال: إن الله- تعالى- افترض قيام مقدار معين من الليل، لقوله:
قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ ... إلخ. ثم نسخ بقيام مقدار ما منه، في قوله: فَتابَ عَلَيْكُمْ. فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ... فالأمر في الموضعين للوجوب، إلا أن الواجب أولا كان معينا من معينات. وثانيا كان بعضا مطلقا، ثم نسخ وجوب القيام على الأمة مطلقا بالصلوات الخمس.
ومن قال بالثاني. ذهب إلى أن الله- تعالى- رخص لهم في ترك جميع القيام للصلاة، وأمر بقراءة شيء من القرآن ليلا، فكأنه قيل: فتاب عليكم ورخص لكم في الترك، فاقرءوا ما تيسر من القرآن، إن شق عليكم القيام.. .
وقال الإمام ابن كثير: وقوله: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ أى: من غير تحديد بوقت، أى: لكن قوموا من الليل ما تيسر، وعبر عن الصلاة بالقراءة، كما قال في آية أخرى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ أى: بقراءتك وَلا تُخافِتْ بِها.
وقد استدل الأحناف بهذه الآية على أنه لا يتعين قراءة الفاتحة في الصلاة، بل لو قرأ بها أو بغيرها من القرآن، ولو بآية. أجزأه واعتضدوا بحديث المسيء صلاته الذي في الصحيحين، وفيه: «ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن» .
وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصامت، وهو في الصحيحين- أيضا- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج.. غير تمام» وفي صحيح ابن خزيمة عن أبى هريرة مرفوعا: «لا تجزئ صلاة من لم يقرأ بفاتحة الكتاب» .
وقوله- سبحانه- بعد ذلك: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ... بدل اشتمال من جملة: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ ... ، أو هو كلام مستأنف لبيان الحكمة التي من أجلها خفف الله على المسلمين قيام الليل.
أى: صلوا من الليل على قدر استطاعتكم من غير تحديد بوقت، فالله- تعالى- يعلم أنكم لا تستطيعون ضبط ساعات الليل ولا أجزائه، فخفف عنكم لذلك، ولعلمه- أيضا- أن منكم المرضى الذين يعجزون عن قيام ثلثى الليل أو نصفه أو أقل من ذلك بقليل.
ومنكم- أيضا- الذين يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ أى: يسافرون فيها للتجارة وللحصول على مطالب الحياة، وهم في كل ذلك يبتغون ويطلبون الرزق من فضله- تعالى-. ومنكم- أيضا- الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة الله، ويجاهدون من أجل نشر دينه ومادام الأمر كذلك، فقد أبحت لكم- بفضلي وإحسانى- أن تصلوا من الليل ما تيسر لكم.
وقد جمع- سبحانه- بين السعى في الأرض لطلب الرزق، وبين الجهاد في سبيله، للإشعار بأن الأول لا يقل في فضله عن الثاني، متى توفرت فيه النية الطيبة، وعدم الانشغال به عن ذكر الله- تعالى-.
قال الإمام القرطبي: سوى الله- تعالى- في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال، للنفقة على النفس والعيال.. فكان هذا دليلا على أن كسب المال بمنزلة الجهاد في سبيل الله.
وفي الحديث الشريف: ما من جالب يجلب طعاما من بلد إلى بلد، فيبيعه بسعر يومه، إلا كانت منزلته عند الله كمنزلة الشهداء. ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية.. .
وأعيدت جملة فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ لتأكيد التيسير والتخفيف وتقريره، وليعطف عليه ما بعده من بقية الأوامر، وهي قوله- تعالى-: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أى: وأدوها كاملة الأركان والخشوع والسنن.. في وقتها بدون تأخير.
وَآتُوا الزَّكاةَ أى: قدموها لمستحقيها من الفقراء والمساكين وغيرهما.
قال ابن كثير: أى: أقيموا الصلاة الواجبة عليكم، وآتوا الزكاة المفروضة، وهذا يدل لمن قال: إن فرض الزكاة نزل بمكة، لكن مقادير النصاب لم تبين إلا بالمدينة...
وقوله: وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً. والقرض: ما قدمته لغيرك من مال، على أن يرده إليك بعد ذلك. والمراد من إقراض الله- تعالى-: إعطاء الفقراء والمساكين ما يحتاجونه على سبيل المعاونة والمساعدة.
وشبه- سبحانه- إعطاء الصدقة للمحتاج، بقرض يقدم له- تعالى-، للإشعار بأن ما سيعطى لهذا المحتاج، سيعود أضعافه على المعطى. لأن الله- تعالى- قد وعد أن يكافئ على الصدقة بعشر أمثالها، وهو- سبحانه- بعد ذلك يضاعف لمن يشاء الثواب والعطاء.
ووصف القرض بالحسن، لحض النفوس على الإخلاص وعلى البعد عن الرياء والأذى..
ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بقوله: وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ أى:
أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأقرضوا الله قرضا حسنا، وافعلوا ما تستطيعونه- بعد ذلك- من وجوه الخير، وما تقدموا لأنفسكم من هذا الخير الذي يحبه- سبحانه- تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ. أى: تجدوا ثوابه وجزاءه عند الله- تعالى-، ففي الكلام إيجاز بالحذف، وقد استغنى عن المحذوف بذكر الجزاء عليه. والهاء في قوله تَجِدُوهُ هو المفعول الأول.
والضمير المنفصل في قوله: هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً هو ضمير الفصل.. وخَيْراً هو المفعول الثاني. أى: كل فعل موصوف بأنه خير، تقدمونه عن إخلاص لغيركم، لن يضيع عند الله- تعالى- ثوابه، بل ستجدون جزاءه وثوابه مضاعفا عند الله- تعالى-.
وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أى: وواظبوا على الاستغفار وعلى التوبة النصوح، وعلى التضرع إلى الله- تعالى- أن يغفر لكم ما فرط منكم، فإنه- سبحانه- واسع المغفرة والرحمة، لمن تاب إليه وأناب..
وبعد: فهذا تفسير لسورة «المزمل» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.
ثم قال : ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ) أي : تارة هكذا ، وتارة هكذا ، وذلك كله من غير قصد منكم ، ولكن لا تقدرون على المواظبة على ما أمركم به من قيام الليل ; لأنه يشق عليكم ; ولهذا قال : ( والله يقدر الليل والنهار ) أي : تارة يعتدلان ، وتارة يأخذ هذا من هذا ، أو هذا من هذا . ( علم أن لن تحصوه ) أي : الفرض الذي أوجبه عليكم ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) أي : من غير تحديد بوقت ، أي : ولكن قوموا من الليل ما تيسر . وعبر عن الصلاة بالقراءة ، كما قال في سورة سبحان : ( ولا تجهر بصلاتك ) أي : بقراءتك ، ( ولا تخافت بها )
وقد استدل أصحاب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، بهذه الآية ، وهي قوله : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) على أنه لا يتعين قراءة الفاتحة في الصلاة ، بل لو قرأ بها أو بغيرها من القرآن ، ولو بآية ، أجزأه ; واعتضدوا بحديث المسيء صلاته الذي في الصحيحين : " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " .
وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصامت وهو في الصحيحين أيضا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج ، فهي خداج ، فهي خداج ، غير تمام " . وفي صحيح ابن خزيمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لا تجزئ صلاة من لم يقرأ بأم القرآن " .
وقوله : ( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله ) أي : علم أن سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار في ترك قيام الليل ، من مرضى لا يستطيعون ذلك ، ومسافرين في الأرض يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر ، وآخرين مشغولين بما هو الأهم في حقهم من الغزو في سبيل الله ، وهذه الآية - بل السورة كلها - مكية ، ولم يكن القتال شرع بعد ، فهي من أكبر دلائل النبوة ، لأنه من باب الإخبار بالمغيبات المستقبلة ؛ ولهذا قال : ( فاقرءوا ما تيسر منه ) أي : قوموا بما تيسر عليكم منه .
قال ابن جرير : حدثنا يعقوب ، حدثنا ابن علية عن أبي رجاء محمد ، قال : قلت للحسن : يا أبا سعيد ، ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه ، ولا يقوم به ، إنما يصلي المكتوبة ؟ قال : يتوسد القرآن ، لعن الله ذاك ، قال الله تعالى للعبد الصالح : ( وإنه لذو علم لما علمناه ) [ يوسف : 68 ] ( وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم [ الأنعام : 91 ] ) قلت : يا أبا سعيد ، قال الله : ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن ) ؟ قال : نعم ، ولو خمس آيات .
وهذا ظاهر من مذهب الحسن البصري : أنه كان يرى حقا واجبا على حملة القرآن أن يقوموا ولو بشيء منه في الليل ; ولهذا جاء في الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل نام حتى أصبح ، فقال : " ذاك رجل بال الشيطان في أذنه " . فقيل معناه : نام عن المكتوبة . وقيل : عن قيام الليل . وفي السنن : " أوتروا يا أهل القرآن " . وفي الحديث الآخر : " من لم يوتر فليس منا " .
وأغرب من هذا ما حكي عن أبي بكر عبد العزيز من الحنابلة ، من إيجابه قيام شهر رمضان ، فالله أعلم .
وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي ، حدثنا أبو [ حمة ] محمد بن يوسف الزبيدي ، حدثنا عبد الرحمن [ عن محمد بن عبد الله ] بن طاوس - من ولد طاوس - عن أبيه ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( فاقرءوا ما تيسر منه ) قال : " مائة آية " .
وهذا حديث غريب جدا لم أره إلا في معجم الطبراني ، رحمه الله .
وقوله : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) أي : أقيموا صلاتكم الواجبة عليكم ، وآتوا الزكاة المفروضة . وهذا يدل لمن قال : إن فرض الزكاة نزل بمكة ، لكن مقادير النصب والمخرج لم تبين إلا بالمدينة . والله أعلم .
وقد قال ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد من السلف : إن هذه الآية نسخت الذي كان الله قد أوجبه على المسلمين أولا من قيام الليل ، واختلفوا في المدة التي بينهما على أقوال كما تقدم . وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل : " خمس صلوات في اليوم والليلة " . قال : هل علي غيرها ؟ قال : " لا ، إلا أن تطوع " .
وقوله تعالى : ( وأقرضوا الله قرضا حسنا ) يعني : من الصدقات ، فإن الله يجازي على ذلك أحسن الجزاء وأوفره ، كما قال : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) [ البقرة : 245 ] .
وقوله : ( وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) أي : جميع ما تقدموه بين أيديكم فهو [ خير ] لكم حاصل ، وهو خير مما أبقيتموه لأنفسكم في الدنيا .
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الحارث بن سويد قال : قال عبد الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيكم ماله أحب إليه من مال وارثه؟ " . قالوا : يا رسول الله ، ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه . قال : " اعلموا ما تقولون " . قالوا : ما نعلم إلا ذلك يا رسول الله ؟ قال : " إنما مال أحدكم ما قدم ومال وارثه ما أخر " .
ورواه البخاري من حديث حفص بن غياث والنسائي من حديث أبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش به .
ثم قال تعالى : ( واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ) أي : أكثروا من ذكره واستغفاره في أموركم كلها ; فإنه غفور رحيم لمن استغفره .
آخر تفسير سورة " المزمل " ولله الحمد .
القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)
يعني تعالى ذكره بقوله: إن هذه الآيات التي ذكر فيها أمر القيامة وأهوالها، وما هو فاعل فيها بأهل الكفر تَذْكِرَةً يقول: عبرة وعظة لمن اعتبر بها واتعظ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا يقول: فمن شاء من الخلق اتخذ إلى ربه طريقًا بالإيمان به، والعمل بطاعته.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ يعني: القرآن فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا بطاعة الله.
وقوله: ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ) يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن ربك يا محمد يعلم أنك تقوم أقرب من ثلثي الليل مصليا، ونصفه وثلثه.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك: فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة بالخفض؛ ونصفه وثلثه بمعنى: وأدنى من نصفه وثلثه، إنكم لم تطيقوا العمل بما افترض عليكم من قيام الليل، فقوموا أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه وثلثه. وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة بالنصب، بمعنى: إنك تقوم أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفه وثلثه.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وقوله: ( وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ) يعني: من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا مؤمنين بالله حين فرض عليهم قيام الليل.
وقوله: ( وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) بالساعات والأوقات.
وقوله: ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) يقول: علم ربكم أيها القوم الذين فرض عليهم قيام الليل أن لن تطيقوا قيامه ( فَتَابَ عَلَيْكُمْ ) إذ عجزتم وضعفتم عنه، ورجع بكم إلى التخفيف عنكم.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله: ( أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا هشيم، عن عباد بن راشد، عن الحسن ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) أن لن تطيقوه.
حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرني به عباد بن راشد، قال: سمعت الحسن يقول في قوله: ( أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) قال: لن تطيقوه.
حدثنا عن ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) يقول: أن لن تطيقوه.
قال ثنا مهران، عن سفيان ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) قال: أن لن تطيقوه.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خَلتانِ لا يُحْصِيهُما رَجلٌ مُسْلمٌ إلا أدْخَلَتاهُ الجَنةَ، وَهُما يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلْ بِهما قَلِيلٌ، يُسَبِّحُ الله فِي دُبُرِ كُلّ صَلاةٍ عَشْرا، ويَحْمَدُهُ عَشرا، ويُكَبّرُهُ عَشْرا " قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، قال: " فَتِلكَ خَمْسُونَ وَمِئَةٍ باللِّسانِ، وألْفٌ وخَمْس مِئَةٍ فِي المِيزَانِ، وَإذَا أوَى إلى فِراشِهِ سَبحَ وحَمَد وكَبر مِئَة؛ قال: فَتِلكَ مِئَةٌ باللِّسانِ، وألْفٌ فِي المِيزَانِ، فأيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي اليَوْمِ الوَاحِدِ أَلْفَينِ وخَمْسَ مِئَةِ سَيِّئَةٍ ؟" قالوا: فكيف لا نحصيهما؟ قال: " يأتي أحَدَكُمُ الشيْطانُ وَهُوَ فِي صَلاتِهِ فَيَقُولُ: اذْكرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا حتى يَنْفَتلَ، وَلَعَلهُ لا يَعْقِل، ويأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ فَلا يَزَالُ يُنَوّمهُ حتى يَنامَ".
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نحوه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ) قيام الليل كتب عليكم ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ).
وقوله: ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) يقول: فاقرءوا من الليل ما تيسر لكم من القرآن في صلاتكم؛ وهذا تخفيف من الله عزّ وجلّ عن عباده فرضه الذي كان فرض عليهم بقوله: قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا .
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء محمد، قال. قلت للحسن: يا أبا سعيد ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه، فلا يقوم به، إنما يصلي المكتوبة، قال: يتوسد القرآن، لعن الله ذاك؛ قال الله للعبد الصالح: وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قلت: يا أبا سعيد قال الله: ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) قال: نعم، ولو خمسين آية.
حدثنا أبو كُريب، قال: ثنا وكيع، عن عشمان الهمداني، عن السديّ، في قوله: ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) قال: مئة آية.
قال: ثنا وكيع، عن ربيع، عن الحسن، قال: من قرأ مئة آية في ليلة لم يحاجه القرآن.
قال ثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن كعب، قال: من قرأ في ليلة مئة آية كُتب من العابدين.
وقوله: ( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: علم ربكم أيها المؤمنون أن سيكون منكم أهل مرض قد أضعفه المرض عن قيام الليل ( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ ) في سفر ( يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) في تجارة قد سافروا لطلب المعاش فأعجزهم، فأضعفهم أيضا عن قيام الليل ( وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يقول: وآخرون أيضا منكم يجاهدون العدوّ فيقاتلونهم في نُصرة دين الله، فرحمكم الله فخفف عنكم، ووضع عنكم فرض قيام الليل ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) يقول: فاقرءوا الآن إذ خفف ذلك عنكم من الليل في صلاتكم ما تيسَّر من القرآن. والهاء قي قوله " منه " من ذكر القرآن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثم أنبأ بخصال المؤمنين، فقال: ( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ) قال: افترض الله القيام في أوّل هذه السورة، فقام نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء، ثم أنـزل التخفيف في آخرها فصار قيام الليل تطوّعا بعد فريضة ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ) يقول: وأقيموا المفروضة وهي الصلوات الخمس في اليوم والليلة ( وَآتُوا الزَّكَاةَ ) يقول: وأعطوا الزكاة المفروضة في أموالكم أهلها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) فهما فريضتان واجبتان، لا رخصة لأحد فيهما، فأدّوهما إلى الله تعالى ذكره.
وقوله: ( وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) يقول: وأنفقوا في سبيل الله من أموالكم.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما حدثني به يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) قال: القرض: النوافل سوى الزكاة.
وقوله: ( وَمَا تُقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ) يقول: وما تقدّموا أيها المؤمنون لأنفسكم في دار الدنيا من صدقة أو نفقة تنفقونها في سبيل الله، أو غير ذلك من نفقة في وجوه الخير، أو عمل بطاعة الله من صلاة أو صيام أو حجّ، أو غير ذلك من أعمال الخير في طلب ما عند الله، تجدوه عند الله يوم القيامة في معادكم، هو خيرا لكم مما قدمتم في الدنيا، وأعظم منه ثوابا: أي ثوابه أعظم من ذلك الذي قدّمتموه لو لم تكونوا قدّمتموه ( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ) يقول تعالى ذكره: وسلوا الله غفران ذنوبكم يصفح لكم عنها( إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) يقول: إن الله ذو مغفرة لذنوب من تاب من عباده من ذنوبه، وذو رحمة أن يعاقبهم عليها من بعد توبتهم منها.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
النساء: 76 | ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ﴾ |
---|
التوبة: 111 | ﴿إِنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا﴾ |
---|
المزمل: 20 | ﴿وَآخَرُون يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ |
---|
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ثلثى:
1- بضم اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكانها، وهى قراءة الحسن، وشيبة، وأبى حيوة، وابن السميفع، وهشام، وابن مجاهد، عن قنبل.
ونصفه وثلثه:
قرئا:
1- بجرهما، عطفا على «ثلثى الليل» ، وهى قراءة العربيين، ونافع.
2- بنصبهما، عطفا على «أدنى» ، وهى قراءة باقى السبعة، وزيد بن على.
وثلثه:
1- بضم اللام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بإسكانها، وهى قراءة ابن كثير، فى رواية شبل.
خيرا وأعظم:
وقرئا:
برفعهما، على الابتداء والخبر، وهى قراءة أبى السمال، وابن السميفع.
التفسير :
تقدم أن المزمل والمدثر بمعنى واحد، وأن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، بالاجتهاد في عبادة الله القاصرة والمتعدية، فتقدم هناك الأمر له بالعبادات الفاضلة القاصرة، والصبر على أذى قومه،
تفسير سورة المدثر
مقدمة وتمهيد
1- سورة «المدثر» من أوائل السور التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ويغلب على الظن أن نزولها كان بعد نزول صدر سورة «اقرأ» .
ويشهد لذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة- رضى الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه الوحى وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال له: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ.
وروى الشيخان- أيضا- وغيرهما، عن يحيى بن أبى كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن؟ فقال: يا أيها المدثر. قلت: يقولون: اقرأ باسم ربك..
فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، فقال: يا أيها المدثر لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاورت بحراء، فلما قضيت جواري: هبطت الوادي، فنوديت عن يميني فلم أر شيئا، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا.. فرفعت رأسى، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرجعت على أهلى فقلت:
دثروني، دثروني. فنزلت يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ.
قال الآلوسى ما ملخصه: وظاهر هذا الحديث يقتضى نزول هذه السورة قبل سورة اقرأ، مع أن المروي في الصحيحين عن عائشة أن سورة «اقرأ» أول ما نزل على الإطلاق، وهو الذي ذهب إليه أكثر الأمة، حتى قال بعضهم وهو الصحيح.
وللجمع بين هذين الحديثين وجوه منها: أن مراد جابر بالأولية أولية مخصوصة، بما نزل بعد فترة الوحى، لا أولية مطلقة كما هو الحال بالنسبة لسورة اقرأ. أو أن السؤال في حديث جابر، كان عن نزول سورة كاملة، فبين أن سورة المدثر نزلت بكمالها. أو أن جابرا قد قال ذلك باجتهاده، ويقدم على هذا الاجتهاد ما ذكرته عائشة من أن أول ما نزل على الإطلاق، هو صدر سورة اقرأ.. .
أقول: وفي هذا الحديث ما يدل على أن الملك قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء قبل رؤيته في هذه المرة، وفي غار حراء بدأ الوحى ونزل قول الله تعالى: «اقرأ باسم ربك الذي خلق ... » وذلك يدل على أن «اقرأ» أول ما نزل على الإطلاق، وهو ما جاء في الصحيحين عن السيدة عائشة رضى الله عنها.
وعلى أية حال فسورة المدثر تعتبر من أوائل ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من قرآن، كما يرى ذلك من تدبر آياتها التي تحض الرسول صلى الله عليه وسلم على إنذار الناس بدعوته.
وعدد آياتها: ست وخمسون آية في المصحف الكوفي، وخمس وخمسون في البصري.
2- ومن أهم مقاصدها: تكريم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره بتبليغ ما أوحاه الله- تعالى- إليه الى الناس، وتسليته عما أصابه من أذى، وتهديد أعدائه بأشد ألوان العقاب، وبيان حسن عاقبة المؤمنين، وسوء عاقبة المكذبين، والرد عليهم بما يبطل دعاواهم..
قد افتتح الله- تعالى- سورة المدثر، بالملاطفة والمؤانسة في النداء والخطاب، كما افتتح سورة المزمل. والمدثر اسم فاعل من تدثر فلان، إذا لبس الدثار، وهو ما كان من الثياب فوق الشعار الذي يلي البدن، ومنه حديث: «الأنصار شعار والناس دثار» .
قال القرطبي: قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ملاطفة في الخطاب من الكريم إلى الحبيب، إذ ناداه بحاله، وعبر عنه بصفته، ولم يقل يا محمد ويا فلان، ليستشعر اللين والملاطفة من ربه، كما تقدم في سورة المزمل. ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلىّ إذ نام في المسجد «قم أبا تراب» .
وكان قد خرج مغاضبا لفاطمة- رضى الله عنها-، فسقط رداؤه وأصابه التراب. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان ليلة الخندق «قم يا نومان» .
تفسير سورة المدثر وهي مكية .
ثبت في صحيح البخاري [ من حديث يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ] عن جابر أنه كان يقول : أول شيء نزل من القرآن : ( يا أيها المدثر )
وخالفه الجمهور فذهبوا إلى أن أول القرآن نزولا قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) كما سيأتي [ بيان ] ذلك هناك .
قال البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا وكيع ، عن علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، قال : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن ، قال : ( يا أيها المدثر ) قلت : يقولون : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ؟ فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك ، وقلت له مثل ما قلت لي ، فقال جابر : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت أمامي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فرأيت شيئا ، فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء باردا . قال : فدثروني وصبوا علي ماء باردا قال : فنزلت ( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر )
هكذا ساقه من هذا الوجه . وقد رواه مسلم من طريق عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة قال : أخبرني جابر بن عبد الله : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي : " فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء ، فرفعت بصري قبل السماء ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجثثت منه حتى هويت إلى الأرض ، فجئت إلى أهلي ، فقلت : زملوني زملوني ، فزملوني ، فأنزل الله ( يا أيها المدثر قم فأنذر ) إلى : ( فاهجر ) - قال أبو سلمة : والرجز : الأوثان - ثم حمي الوحي وتتابع " .
هذا لفظ البخاري وهذا السياق هو المحفوظ ، وهو يقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا ، لقوله : " فإذا الملك الذي جاءني بحراء " ، وهو جبريل حين أتاه بقوله : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) ثم إنه حصل بعد هذا فترة ، ثم نزل الملك بعد هذا . ووجه الجمع أن أول شيء نزل بعد فترة الوحي هذه السورة ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا حجاج ، حدثنا ليث ، حدثنا عقيل ، عن ابن شهاب قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول : أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ثم فتر الوحي عني فترة ، فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء ، فرفعت بصري قبل السماء ، فإذا الملك الذي جاءني [ بحراء الآن ] قاعد على كرسي بين السماء والأرض ، فجثت منه فرقا ، حتى هويت إلى الأرض ، فجئت أهلي فقلت لهم : زملوني زملوني ، فزملوني ، فأنزل الله : ( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ) ثم حمي الوحي [ بعد ] وتتابع " . أخرجاه من حديث الزهري ، به .
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار ، حدثنا الحسن بن بشر البجلي ، حدثنا المعافى بن عمران ، عن إبراهيم بن يزيد ، سمعت ابن أبي مليكة يقول : سمعت ابن عباس يقول : إن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما ، فلما أكلوا . قال : ما تقولون في هذا الرجل ؟ فقال بعضهم : ساحر . وقال بعضهم ليس بساحر . وقال بعضهم : كاهن . وقال بعضهم : ليس بكاهن . وقال بعضهم : شاعر . وقال بعضهم ليس بشاعر . وقال بعضهم : [ بل ] سحر يؤثر ، فأجمع رأيهم على أنه سحر يؤثر ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحزن وقنع رأسه ، وتدثر ، فأنزل الله ( يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر ) .
يقول جلّ ثناؤه: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) يا أيها المتدثر بثيابه عند نومه.
وذُكر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قيل له ذلك، وهو متدثر بقطيفة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) قال: كان متدثرا في قطيفة.
وذُكر أن هذه الآية أول شيء نـزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قيل له: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) .
كما حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث عن فترة الوحي: " بَيْنا أنا أمْشِي سَمِعْت صَوْتا مِنَ السَّماءِ، فَرَفَعْتُ رأسِي، فإذَا المَلَك الَّذِي جاءَنِي بحرَاءَ جالِسٌ عَلى كُرْسِي بَينَ السَّماءِ والأرْضِ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فَجُثِثْتُ مِنْهُ فَرَقا (1) ، وجِئْتُ أهْلِي
فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فدَثَّرُونِي" فأنـزل الله ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ .. ) إلى قوله: ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قال: ثم تتابع الوحي.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا الأوزاعي، قال: ثني يحيى بن أبي كثير، قال: سألت أبا سلمة: أيّ القرآن أُنـزل أوّل، فقال: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) فقلت: يقولون اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أنـزل أوّل؟ فقال: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ )، فقلت: يقولون: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فقال: لا أخبرك إلا ما حدثنا النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: جاورت في حِراء ؛ فلما قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدّامي، فلم أر شيئا، فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض، فخشيت منه، هكذا قال عثمان بن عمرو، إنما هو: فجثثت منه، ولقيت خديجة، فقلت دثروني، فدثروني، وصبوا عليّ ماءً، فأنـزل الله عليّ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ) .
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عليّ بن مبارك، عن يحيى بن أبي كثير، قال سألت أبا سلمة عن أوّل ما نـزل من القرآن، قال: نـزلت ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) أوّل ؛ قال: قلت: إنهم يقولون اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، فقال: سألت جابر بن عبد الله، فقال: لا أحدّثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " جاوَرْتُ بِحِراء ؛ فلمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي فَلمْ أرَ شَيْئا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أرَ شَيْئا، فَرَفَعْتُ رأسي فرأيْتُ شَيْئا، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي وَصبُّوا عَليَّ ماء بارِدًا، فنـزلت ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) .
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ، قال: فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة، فحزن حزنًا، فجعل يعدو إلى شواهق رءوس الجبال ليتردّى منها، فكلما أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام فيقول: إنك نبيّ الله، فيسكن جأشه، وتسكن نفسه ، فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يحدث عن ذلك، قال: " بَيْنَما أنا أَمْشِي يَوْما إذ رأيْتُ المَلَكَ الَّذِي كان يأتِيني بِحرَاءَ على كُرْسِيّ بَينَ السَّماءِ والأرْضِ، فَجَثَثْتُ مِنْهُ رُعْبا، فَرَجَعْتُ إلى خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: " زَمِّلُونِي"، فزملناه: أي فدثرناه، فأنـزل الله: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّر ) قال الزهري: فكان أوّل شيء أنـزل عليه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ... حتى بلغ مَا لَمْ يَعْلَمْ .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ )، فقال بعضهم: معنى ذلك: يأيُّها النائم في ثيابه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) قال: يأيها النائم.
حدثنا بشر، ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) يقول: المتدثر في ثيابه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: يا أيُّها المتدثر النبوّة وأثقالها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: وسُئل داود عن هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) فحدثنا عن عكرِمة أنه قال: دثِّرت هذا الأمر فقم به.
------------------------
الهوامش:
(1) جثثت منه بالبناء للمجهول: فزعت وخفت.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
المدثر:
1- بشد الدال، وأصله: المتدثر، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- المتدثر، على الأصل، وكذا هى فى حرف أبى.
3- بتخفيف الدال، وهى قراءة عكرمة.
التفسير :
وأمره هنا بإعلان الدعوة، والصدع بالإنذار، فقال:{ قُمِ} [أي] بجد ونشاط{ فَأَنْذِرْ} الناس بالأقوال والأفعال، التي يحصل بها المقصود، وبيان حال المنذر عنه، ليكون ذلك أدعى لتركه،
والمراد بالقيام في قوله- تعالى-: قم فأنذر، المسارعة والمبادرة والتصميم على تنفيذ ما أمره- سبحانه- به، والإنذار هو الإخبار الذي يصاحبه التخويف.
أى: قم- أيها الرسول الكريم- وانهض من مضجعك، وبادر بعزيمة وتصميم، على إنذار الناس وتخويفهم من سوء عاقبتهم، إذا ما استمروا في كفرهم، وبلغ رسالة ربك إليهم دون أن تخشى أحدا منهم، ومرهم بأن يخلصوا له- تعالى- العبادة والطاعة.
والتعبير بالفاء في قوله: فَأَنْذِرْ للإشعار بوجوب الإسراع بهذا الإنذار بدون تردد.
وقال: فأنذر، دون فبشر، لأن الإنذار هو المناسب في ابتداء تبليغ الناس دعوة الحق حتى يرجعوا عما هم فيه من ضلال.
ومفعول أنذر محذوف. أى: قم فأنذر الناس، ومرهم بإخلاص العبادة لله.
فقوله ( قم فأنذر ) أي : شمر عن ساق العزم ، وأنذر الناس . وبهذا حصل الإرسال ، كما حصل بالأول النبوة .
وقوله: ( قُمْ فَأَنْذِرْ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قم من نومك فأنذر عذاب الله قومك الذين أشركوا بالله، وعبدوا غيره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( قُمْ فَأَنْذِرْ ): أي أنذر عذاب الله ووقائعه في الأمم، وشدّة نقمته.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} أي:عظمه بالتوحيد، واجعل قصدك في إنذارك وجه الله، وأن يعظمه العباد ويقوموا بعبادته.
وقوله: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أمر آخر له صلى الله عليه وسلم ولفظ وَرَبَّكَ منصوب على التعظيم لفعل فَكَبِّرْ قدم على عامله لإفادة التخصيص.
أى: يا أيها المدثر بثيابه لخوفه مما رآه من ملك الوحى، لا تخف، وقم فأنذر الناس من عذاب الله، إذا ما استمروا في شركهم، واجعل تكبيرك وتعظيمك وتبجيلك لربك وحده، دون أحد سواه، وصفه بما هو أهله من تنزيه وتقديس.
أي عظم.
وقوله: ( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) يقول تعالى ذكره: وربك يا محمد فعظم بعبادته، والرغبة إليه في حاجاتك دون غيره من الآلهة والأنداد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} يحتمل أن المراد بثيابه، أعماله كلها، وبتطهيرها تخليصها والنصح بها، وإيقاعها على أكمل الوجوه، وتنقيتها عن المبطلات والمفسدات، والمنقصات من شر ورياء، [ونفاق]، وعجب، وتكبر، وغفلة، وغير ذلك، مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته.
ويدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة، فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة، التي قال كثير من العلماء:إن إزالة النجاسة عنها شرط من شروط الصلاة.
ويحتمل أن المراد بثيابه، الثياب المعروفة، وأنه مأمور بتطهيرها عن [جميع] النجاسات، في جميع الأوقات، خصوصا في الدخول في الصلوات، وإذا كان مأمورا بتطهير الظاهر، فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن.
والمراد بتطهير الثياب في قوله- تعالى-: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ تطهيرها من النجاسات.
والمقصود بالثياب حقيقتها، وهي ما يلبسه الإنسان لستر جسده..
ومنهم من يرى أن المقصود بها ذاته ونفسه صلى الله عليه وسلم أى: ونفسك فطهرها من كل ما يتنافى مع مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم.
وقال صاحب الكشاف: قوله- تعالى-: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أمر بأن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات، لأن طهارة الثياب شرط في الصلاة، ولا تصح إلا بها. وهي الأولى والأحب في غير الصلاة. وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبثا.
وقيل: هو أمر بتطهير النفس مما يستقذر من الأفعال، ويستهجن من العادات. يقال:
فلان طاهر الثياب، وطاهر الجيب والذيل والأردان، إذا وصفوه بالنقاء من المعايب، ومدانس الأخلاق. ويقال: فلان دنس الثياب: للغادر- والفاجر-، وذلك لأن الثوب يلابس الإنسان، ويشتمل عليه...
وسواء أكان المراد بالثياب هنا معناها الحقيقي، أو معناها المجازى المكنى به عن النفس والذات، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مواظبا على الطهارة الحسية والمعنوية في كل شئونه وأحواله، فهو بالنسبة لثيابه كان يطهرها من كل دنس وقذر، وبالنسبة لذاته ونفسه، كان أبعد الناس عن كل سوء ومنكر من القول أو الفعل.
إلا أننا نميل إلى حمل اللفظ على حقيقته، لأنه لا يوجد ما يوجب حمله على غير ذلك.
وقوله : ( وثيابك فطهر ) قال الأجلح الكندي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية : ( وثيابك فطهر ) قال : لا تلبسها على معصية ولا على غدرة . ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي :
فإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
وقال ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس [ في هذه الآية ] ( وثيابك فطهر ) قال : في كلام العرب : نقي الثياب . وفي رواية بهذا الإسناد : فطهر من الذنوب . وكذا قال إبراهيم ، والشعبي ، وعطاء .
وقال الثوري ، عن رجل ، عن عطاء ، عن ابن عباس في هذه الآية : ( وثيابك فطهر ) قال : من الإثم . وكذا قال إبراهيم النخعي .
وقال مجاهد : ( وثيابك فطهر ) قال : نفسك ، ليس ثيابه . وفي رواية عنه : ( وثيابك فطهر ) عملك فأصلح ، وكذا قال أبو رزين . وقال في رواية أخرى : ( وثيابك فطهر ) أي : لست بكاهن ولا ساحر ، فأعرض عما قالوا .
وقال قتادة : ( وثيابك فطهر ) أي : طهرها من المعاصي ، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لمدنس الثياب ، وإذا وفى وأصلح : إنه لمطهر الثياب .
وقال عكرمة والضحاك : لا تلبسها على معصية .
وقال الشاعر
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل
وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وثيابك فطهر ) [ يعني ] لا تك ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب ، ويقال : لا تلبس ثيابك على معصية .
وقال محمد بن سيرين : ( وثيابك فطهر ) أي : اغسلها بالماء .
وقال ابن زيد : كان المشركون لا يتطهرون ، فأمره الله أن يتطهر ، وأن يطهر ثيابه .
وهذا القول اختاره ابن جرير ، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب ، فإن العرب تطلق الثياب عليه ، كما قال امرؤ القيس :
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقة فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
وقال سعيد بن جبير : ( وثيابك فطهر ) وقلبك ونيتك فطهر .
وقال محمد بن كعب القرظي والحسن البصري : وخلقك فحسن .
وقوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: لا تلبس ثيابك على معصية، ولا على غدرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: أما سمعت قول غَيلان بن سَلَمة:
وإنّي بِحَمْدِ اللهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍ
لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ (2)
حدثنا أبو كُريب: قال: ثنا مُصْعَب بن سلام، عن الأجلح، عن عكرِمة، عن ابن عباس، قال: أتاه رجل وأنا جالس فقال: أرأيت قول الله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: لا تلبسها على معصية ولا على غدرة، ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفيّ:
وإنّي بِحَمْدِ اللهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍ
لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ
حدثنا سعيد بن يحيى، قال: ثنا حفص بن غياث، عن الأجلح، عن عكرِمة، قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: لا تلبسها على غدرة، ولا على فجرة ثم تمثَّل بشعر غيلان بن سلمة هذا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، قال: ثنا سفيان، عن الأجلح بن عبد الله الكندي، عن عكرِمة ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: لا تلبس ثيابك على معصية، ألم تسمع قول غيلان بن سَلَمَة الثقفيّ:
وإنّي بِحَمْدِ اللهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍ
لَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حجاج، قال ابن جريج: أخبرني عطاء، أنه سمع ابن عباس يقول: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: من الإثم، ثم قال: نقيّ الثياب في كلام العرب.
حدثنا سعيد بن يحيى، قال: ثنا حفص بن غياث القاضي، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن ابن عباس، قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: في كلام العرب: نقيّ الثياب.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: من الذنوب.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: من الذنوب.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: هي كلمة من العربية كانت العرب تقولها: طهر ثيابك: أي من الذنوب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) يقول: طهرها من المعاصي، فكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد أنه دَنِسَ الثياب، وإذا وفى وأصلح قالوا: مطهَّر الثياب.
حدثنا ابن حميد، قال ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: من الإثم.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: من الإثم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) يقول: لا تلبس ثيابك على معصية.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جُريج، عن عطاء، عن ابن عباس ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: من الإثم.
قال ثنا وكيع، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: من الإثم.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن الأجلح، سمع عكرمة قال: لا تلبس ثيابك على معصية.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر وعطاء قالا من الخطايا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تلبس ثيابك من مكسب غير طيب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب، ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أصلح عملك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: عملك فأصلح.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن أبي رَزِين في قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: عملك فأصلحه، وكان الرجل إذا كان خبيث العمل، قالوا: فلان خبيث الثياب، وإذا كان حسن العمل قالوا: فلان طاهر الثياب.
وقال آخرون في ذلك ما حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: لست بكاهن ولا ساحر، فأعرض عما قالوا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اغسلها بالماء، وطهرها من النجاسة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عباس بن أبي طالب، قال: ثنا عليّ بن عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن موسى بن أبى مريم صاحب اللؤلؤ، قال: أخبرنا ابن عون، عن محمد بن سيرين ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: اغسلها بالماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) قال: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره أن يتطهر، ويطهِّر ثيابه.
وهذا القول الذي قاله ابن سيرين وابن زيد في ذلك أظهر معانيه، والذي قاله ابن عباس، وعكرمة وابن زكريا قول عليه أكثر السلف من أنه عُنِيَ به: جسمك فطهر من الذنوب، والله أعلم بمراده من ذلك.
------------------------
الهوامش:
(2) البيت لغيلان بن سلمة الثقفي، كما قال المؤلف: أنشده عند قوله تعالى: ( وثيابك فطهر ) قال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 246) وقوله: ( وثيابك فطهر ) يقول : لا تكن غادرا، فتدنس ثيابك، فإن الغادر دنس الثياب . ويقال: وثيابك فطهر، وعملك فأصلح. وقال بعضهم: ( وثيابك فطهر ) فقصر فإن تقصير الثياب طهر. ا هـ . وفي ( اللسان: ثوب ) وقوله عز وجل: ( وثيابك فطهر ) قال ابن عباس: يقول: لا تلبس ثيابك على معصية، ولا على فجور كُفْرٍ، واحتج بقول الشاعر: " إني بحمد الله لا ثوب... " البيت. وقال أبو العباس ( ثعلب ): الثياب: اللباس. ويقال للقلب. ا هـ . قال: وقيل: نفسك فطهر، والعرب تكني بالثياب عن النفس. وفلان دنس الثياب: إذا كان خبيث الفعل والمذهب، خبيث العرض. قال امرؤ القيس:
ثِيـابُ بَنِـي عَـوْف طَهـارَى نَقِيَّـةٌ
وأوْجُــهُهُمْ بِيـضُ المَسـافرِ غُـرَّانُ
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} يحتمل أن المراد بالرجز الأصنام والأوثان، التي عبدت مع الله، فأمره بتركها، والبراءة منها ومما نسب إليها من قول أو عمل. ويحتمل أن المراد بالرجز أعمال الشر كلها وأقواله، فيكون أمرا له بترك الذنوب، صغيرها وكبيرها، ظاهرها وباطنها، فيدخل في ذلك الشرك وما دونه.
ثم أمره- سبحانه- بأمر رابع فقال: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ والأصل في كلمة الرجز أنها تطلق على العذاب، قال- تعالى-: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ، إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ.
والمراد به هنا: الأصنام والأوثان، أو المعاصي والمآثم التي يؤدى اقترافها إلى العذاب.
أى: وداوم- أيها الرسول الكريم- على ما أنت عليه من ترك عبادة الأصنام والأوثان، ومن هجر المعاصي والآثام.
فالمقصود بهجر الرجز: المداومة على هجره وتركه، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يلتبس بشيء من ذلك.
وقوله : ( والرجز فاهجر ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( والرجز ) وهو الأصنام ، فاهجر . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، والزهري ، وابن زيد : إنها الأوثان . وقال إبراهيم والضحاك : ( والرجز فاهجر ) أي : اترك المعصية .
وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك ، كقوله : ( يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ) [ الأحزاب : 1 ] ( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) [ الأعراف : 142 ] .
( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة: ( والرِّجْزَ ) بكسر الراء، وقرأه بعض المكيين والمدنيين ( وَالرُّجْزَ ) بضم الراء، فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان، وقال: معنى الكلام: والأوثان فاهجر عبادتها، واترك خدمتها، ومن كسر الراء وجَّهه إلى العذاب، وقال: معناه: والعذاب فاهجر، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، والضمّ والكسر في ذلك لغتان بمعنى واحد، ولم نجد أحدًا من متقدّمي أهل التأويل فرّق بين تأويل ذلك، وإنما فرّق بين ذلك فيما بلغنا الكسائيّ.
واختلف أهل التأويل في معنى ( الرُّجْزُ ) في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو الأصنام.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) يقول: السخط وهو الأصنام.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قال: الأوثان.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل - قال أبو جعفر: أحسبه أنا - عن جابرٍ، عن مجاهد وعكرِمة ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قال: الأوثان.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) : إساف ونائلة، وهما صنمان كانا عند البيت يمسح وجوههما من أتى عليهما، فأمر الله نبيَّهُ صلى الله عليه وسلم أن يجتنبهما ويعتزلهما.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الزهريّ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قال: هي الأوثان.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قال: الرجز: آلهتهم التي كانوا يعبدون ؛ أمره أن يهجرها، فلا يأتيها، ولا يقربها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والمعصية والإثم فاهجر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قال: الإثم.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) يقول: اهجر المعصية. وقد بيَّنا معنى الرجز فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
والرجز:
1- بضم الراء، وهى قراءة الحسن، ومجاهد، والسلمى، وأبى جعفر، وأبى شيبة، وابن محيصن، وابن وثاب، وقتادة، والنخعي، وابن أبى إسحاق، والأعرج، وحفص.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى لغة قريش، وهى قراءة الجمهور.
التفسير :
{ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي:لا تمنن على الناس بما أسديت إليهم من النعم الدينية والدنيوية، فتتكثربتلك المنة، وترى لك [الفضل] عليهم بإحسانك المنة، بل أحسن إلى الناس مهما أمكنك، وانس [عندهم] إحسانك، ولا تطلب أجره إلا من الله تعالى واجعل من أحسنت إليه وغيره على حد سواء.
وقد قيل:إن معنى هذا، لا تعط أحدا شيئا، وأنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر منه، فيكون هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ثم نهاه- سبحانه- عن فعل، لا يتناسب مع خلقه الكريم صلى الله عليه وسلم فقال: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ والمن: أن يعطى الإنسان غيره شيئا، ثم يتباهى به عليه، والاستكثار: عد الشيء الذي يعطى كثيرا.
أى: عليك- أيها الرسول الكريم- أن تبذل الكثير من مالك وفضلك لغيرك، ولا تظن أن ما أعطيته لغيرك كثيرا- مهما عظم وجل- فإن ثواب الله وعطاءه أكثر وأجزل ...
ويصح أن يكون المعنى: ولا تعط غيرك شيئا، وأنت تتمنى أن يرد لك هذا الغير أكثر مما أعطيته، فيكون المقصود من الآية: النهى عن تمنى العوض.
قال ابن كثير: قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال ابن عباس: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها.
وقال الحسن البصري: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره، وعن مجاهد: لا تضعف أن تستكثر من الخير.
وقال ابن زيد: لا تمنن بالنبوة على الناس: تستكثرهم بها، تأخذ على ذلك عوضا من الدنيا.
فهذه أربعة أقوال، والأظهر القول الأول- المروي عن ابن عباس وغيره-.
وقوله : ( ولا تمنن تستكثر ) قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، وعطاء ، وطاوس ، وأبو الأحوص ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم .
وروي عن ابن مسعود أنه قرأ : " ولا تمنن أن تستكثر " .
وقال الحسن البصري : لا تمنن بعملك على ربك تستكثره . وكذا قال الربيع بن أنس ، واختاره ابن جرير . وقال خصيف ، عن مجاهد في قوله : ( ولا تمنن تستكثر ) قال : لا تضعف أن تستكثر من الخير ، قال : تمنن في كلام العرب : تضعف .
وقال ابن زيد : لا تمنن بالنبوة على الناس ، تستكثرهم بها ، تأخذ عليه عوضا من الدنيا .
فهذه أربعة أقوال ، والأظهر القول الأول ، والله أعلم .
وقوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولا تعط يا محمد عطية لتعطى أكثر منها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تُعط عطية تلتمس بها أفضل منها.
حدثنا أبو حميد الحمصي أحمد بن المُغيرة، قال: ثني أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرميّ، قال: ثني أرطاة عن ضمرة بن حبيب وأبي الأحوص في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط شيئا، لتُعْطَى أكثر منه.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن عكرِمة، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط شيئا لتُعْطَى أكثر منه.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرني من سمع عكرِمة يقول: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط العطية لتريد أن تأخذ أكثر منها.
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: ثنا فضيل، عن منصور، عن إبراهيم ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط كيما تَزداد.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن مُغيرة، عن إبراهيم، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سلمة، عن الضحاك ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعطِ لتُعْطَى أكثر منه.
قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعطِ لتُعْطَى أكثر منه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط شيئا لتزداد.
حدثنا أبو كُرَيْبٍ قال: ثنا وكيع، عن ابن أبي روّاد، عن الضحاك، قال: هو الربا الحلال، كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
حدثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا وكيع، عن أبي حجيرة، عن الضحاك، هما رِبَوان: حلال، وحرام ؛ فأما الحلال: فالهدايا، والحرام: فالربا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) يقول: لا تعطِ شيئا، إنما بك مجازاة الدنيا ومعارضها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط شيئا لتثاب أفضل منه، وقاله أيضا طاوس.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: تعطي مالا مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: لا تعط لتُعْطى أكثر منه.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تعط لتزداد.
قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن رجل، عن الضحاك بن مزاحم ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: هي للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة، وللناس عامَّة مُوَسَّع عليهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تمنن عملك على ربك تستكثر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سفيان بن حسين، عن الحسن، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تمنن عملك تستكثره على ربك.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تمنن تستكثر عملك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا يونس بن نافع أبو غانم، عن أبي سهل كثير بن زياد، عن الحسن ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) يقول: لا تمنن تستكثر عملك الصالح.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا يكثر عملك في عينك، فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تضعف أن تستكثر من الخير. ووجَّهوا معنى قوله: ( وَلا تَمْنُنْ ) أي لا تضعف، من قولهم: حبل منين: إذا كان ضعيفا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو حميد بن المغيرة الحمصي، قال: ثنا عبد الله بن عمرو، قال: ثنا محمد بن سلمة، عن خَصِيف عن مجاهد، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال: تمنن في كلام العرب: تضعف.
وقال آخرون في ذلك: لا تمنن بالنبوّة على الناس، تأخذ عليه منهم أجرًا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) قال: لا تمنن بالنبوّة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به، تأخذ عليه عوضا من الدنيا.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك قول من قال: معنى ذلك: ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح.
وإنما قلت ذلك أولى بالصواب، لأن ذلك في سياق آيات تقدم فيهنّ أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجدّ في الدعاء إليه، والصبر على ما يَلْقَى من الأذى فيه، فهذه بأن تكون من أنواع تلك، أشبه منها بأن تكون من غيرها. وذُكر عن عبد الله بن مسعود أن ذلك في قراءته ( ولا تمنن أن (3) تستكثر ).
------------------------
الهوامش:
(3) من الشاذ غير المشهور
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
ولا تمنن:
1- بفك الإدغام، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بشد النون، وهى قراءة الحسن، وأبى السمال.
تستكثر:
1- برفع الراء، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بجزم الراء، وهى قراءة الحسن، وابن أبى عبلة.
3- بنصبها، وهى قراءة الحسن أيضا، والأعمش.
التفسير :
{ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} أي:احتسب بصبرك، واقصد به وجه الله تعالى، فامتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ربه، وبادر إليه، فأنذر الناس، وأوضح لهم بالآيات البينات جميع المطالب الإلهية، وعظم الله تعالى، ودعا الخلق إلى تعظيمه، وطهر أعماله الظاهرة والباطنة من كل سوء، وهجر كل ما يبعد عن اللهمن الأصنام وأهلها، والشر وأهله، وله المنة على الناس -بعد منة الله- من غير أن يطلب منهم على ذلكجزاء ولا شكورا، وصبر لله أكمل صبر، فصبر على طاعة الله، وعن معاصي الله، وعلى أقدار الله المؤلمة، حتى فاق أولي العزم من المرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
وقوله- سبحانه-: وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ أى: وعليك- أيها الرسول الكريم- أن توطن نفسك على الصبر، على التكاليف التي كلفك بها ربك، وأن تتحمل الآلام والمشاق في سبيل دعوة الحق، بعزيمة صادقة، وصبر جميل، وثبات لا يخالطه تردد أو ضعف.
فهذه ست وصايا قد اشتملت على ما يرشد إلى التحلي بالعقيدة السليمة، والأخلاق الكريمة.
وقوله : ( ولربك فاصبر ) أي : اجعل صبرك على أذاهم لوجه ربك عز وجل ، قاله مجاهد . وقال إبراهيم النخعي : اصبر عطيتك لله تعالى .
وقوله: ( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) يقول تعالى ذكره: ولربك فاصبر على ما لقيت فيه من المكروه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل على اختلاف فيه بين أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) قال: على ما أوتيت.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) قال: حمل أمرًا عظيما محاربة العرب، ثم العجم من بعد العرب في الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولربك فاصبر على عطيتك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم ( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) قال: اصبر على عطيتك.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: اصبر على عطيتك لله.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: ( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) قال: عطيتك اصبر عليها.
يعني جل ثناؤه بقوله: ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ ) فذلك يومئذ يوم شديد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن فضيل وأسباط، عن مطرِّف، عن عطية العوفيِّ، عن ابن عباس، في قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَسْتَمعُ مَتَى يُؤْمَرُ يَنْفُخُ فِيهِ"، فقال أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نقول؟ فقال: تقولون: حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، عَلى اللهِ تَوَكَّلْنا ".
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
أي:فإذا نفخ في الصور للقيام من القبور، وجمع الخلقللبعث والنشور.
ثم ذكر- سبحانه- بعد ذلك جانبا من أهوال يوم القيامة فقال: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ.
والفاء في قوله: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ للسببية. والناقور- بزنة فاعول: من النقر، وهو اسم لما ينقر فيه، أى: لما ينادى فيه بصوت مرتفع. والمراد به هنا: الصور أو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله- تعالى- النفخة الثانية التي يكون بعدها الحساب والجزاء.
وقوله : ( فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، والشعبي ، وزيد بن أسلم ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، والسدي ، وابن زيد : ( الناقور ) الصور . قال مجاهد : وهو كهيئة القرن .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أسباط بن محمد ، عن مطرف ، عن عطية العوفي ، عن ابن عباس : ( فإذا نقر في الناقور ) فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته ، ينتظر متى يؤمر فينفخ؟ " فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا " .
وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن أسباط ، به ورواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن ابن فضيل وأسباط ، كلاهما عن مطرف ، به . ورواه من طريق أخرى ، عن العوفي ، عن ابن عباس ، به .
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا أبو رجاء، عن عكرِمة، في قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: إذا نُفخ في الصور.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء، عن عكرِمة، في قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) مثله.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن شريك، عن جابر، عن مجاهد ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: إذا نُفخ في الصور.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: في الصور، قال: هو شيء كهيئة البوق.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: هو يوم يُنفخ في الصور الذي ينفخ فيه ، قال ابن عباس: إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصحابه، فقال: " كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ بأُذُنِهِ يَسْتَمِعُ مَتى يُؤْمَرُ بالصَّيْحَة ؟ فاشتدّ ذلك على أصحابه، فأمرهم أن يقولوا: حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، على اللهِ تَوَكَّلْنا ".
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) يقول: الصور.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال الحسن: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: إذا نُفخ في الصُّور.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) والناقور: الصور، والصور: الخلق.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله:: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) يعني: الصُّور.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن أبي جعفر، عن الربيع، قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: الناقور: الصور.
حدثنا مهران، عن أبي جعفر، عن الربيع، مثله.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ) قال: الصور.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} لكثرة أهواله وشدائده.
والفاء في قوله: فَذلِكَ واقعة في جواب فَإِذا واسم الإشارة يعود إلى مدلول النقر وما يترتب عليه من حساب وجزاء. وقوله يَوْمَئِذٍ بدل من اسم الإشارة.
والتنوين فيه عوض عن جملة وقوله: عَسِيرٌ وغَيْرُ يَسِيرٍ صفتان لليوم.
أى: أنذر- أيها الرسول الكريم- الناس، وبلغهم رسالة ربك، واصبر على أذى المشركين، فإنه إذا نفخ إسرافيل بأمرنا النفخة الثانية، صار ذلك النفخ وما يترتب عليه من أهوال، وقتا وزمانا عسير أمره على الكافرين، وغير يسير وقعه عليهم.
ووصف اليوم بالعسير، باعتبار ما يقع فيه من أحداث يشيب من هولها الولدان.
أي شديد.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ) يقول: شديد.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} لأنهم قد أيسوا من كل خير، وأيقنوا بالهلاك والبوار. ومفهوم ذلك أنه على المؤمنين يسير، كما قال تعالى:{ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} .
وقوله: غَيْرُ يَسِيرٍ تأكيد لمعنى عَسِيرٌ كما يقال: هذا أمر عاجل غير آجل.
قال صاحب الكشاف فإن قلت: ما فائدة قوله: غَيْرُ يَسِيرٍ وقوله: عَسِيرٌ مغن عنه؟ قلت: لما قال عَلَى الْكافِرِينَ فقصر العسر عليهم قال: غَيْرُ يَسِيرٍ ليؤذن بأنه لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيرا هينا، ليجمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم، وبين بشارة المؤمنين وتسليتهم. ويجوز أن يراد أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا. كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا .
( على الكافرين غير يسير ) أي : غير سهل عليهم . كما قال تعالى ( يقول الكافرون هذا يوم عسر ) [ القمر : 8 ] .
وقد روينا عن زرارة بن أوفى - قاضي البصرة - : أنه صلى بهم الصبح ، فقرأ هذه السورة ، فلما وصل إلى قوله : ( فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ) شهق شهقة ، ثم خر ميتا ، رحمه الله .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال الله تعالى ذكره ( فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ) فبين الله على من يقع ( عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ).
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
هذه الآيات، نزلت في الوليد بن المغيرة، معاند الحق، والمبارز لله ولرسوله بالمحاربة والمشاقة، فذمه الله ذما لم يذمهغيره، وهذا جزاء كل من عاند الحق ونابذه، أن له الخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى، فقال:{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} أي:خلقته منفردا، بلا مال ولا أهل، ولا غيره، فلم أزل أنميه وأربيه
ثم ذكر- سبحانه- جانبا من قصة زعيم من زعماء المشركين. افترى الكذب على الله- تعالى- وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فكانت عاقبته العذاب المهين، فقال- تعالى-: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً. وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً. وَبَنِينَ شُهُوداً. وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً. ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ. كَلَّا....
وقد ذكر المفسرون أن هذه الآيات نزلت في شأن الوليد بن المغيرة المخزومي، وذكروا في ذلك روايات منها: أن المشركين عند ما اجتمعوا في دار الندوة، ليتشاوروا فيما يقولونه في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وفي شأن القرآن الكريم- قبل أن تقدم عليهم وفود العرب للحج. فقال بعضهم: هو شاعر، وقال آخرون بل هو كاهن.. أو مجنون.. وأخذ الوليد يفكر ويرد عليهم، ثم قال بعد أن فكر وقدر: ما هذا الذي يقوله محمد صلى الله عليه وسلم إلا سحر يؤثر، أما ترونه يفرق بين الرجل وامرأته، وبين الأخ وأخيه.. .
قال الآلوسى: نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة المخزومي، كما روى عن ابن عباس وغيره. بل قيل: كونها فيه متفق عليه.. وقوله: وَحِيداً حال من الياء في ذَرْنِي أى: ذرني وحدي معه فأنا أغنيك في الانتقام منه، أو من التاء في خلقت أى: خلقته وحدي، لم يشركني في خلقه أحد، فأنا أهلكه دون أن أحتاج إلى ناصر في إهلاكه، أو من الضمير المحذوف العائد على «من» أى: ذرني ومن خلقته وحيدا فريدا لا مال له ولا ولد.. وكان الوليد يلقب في قومه بالوحيد.. لتفرده بمزايا ليست في غيره- فتهكم الله- تعالى- به وبلقبه، أو صرف هذا اللقب من المدح إلى الذم .
أى: اصبر- أيها الرسول الكريم- على ما يقوله أعداؤك فيك من كذب وبهتان، واتركني وهذا الذي خلقته وحيدا فريدا لا مال له ولا ولد ثم أعطيته الكثير من النعم، فلم يشكرني على ذلك.
والتعبير بقوله ذَرْنِي للتهديد والوعيد، وهذا الفعل يأتى منه الأمر والمضارع فحسب، ولم يسمع منه فعل ماض.
يقول تعالى متوعدا لهذا الخبيث الذي أنعم الله عليه بنعم الدنيا ، فكفر بأنعم الله ، وبدلها كفرا ، وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها ، وجعلها من قول البشر . وقد عدد الله عليه نعمه حيث قال : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) أي : خرج من بطن أمه وحده لا مال له ولا ولد ، ثم رزقه الله ،
وقوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كِلْ يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيدًا، لا شيء له من مال ولا ولد إليّ.
وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا سفيان، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا يُونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، مولى زيد، عن سعيد بن جُبير أو عكرِمة، عن ابن عباس، قال: أنـزل الله في الوليد بن المغيرة قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) وقوله: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ... إلى آخرها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال: خلقته وحده ليس معه مال ولا ولد.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال: نـزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيدًا، لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ... ) إلى قوله: إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ... حتى بلغ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قال: هذه الآية أُنـزلت في الوليد بن المُغيرة.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) يعني الوليد بن المغيرة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا} أي:كثيرا
وقوله: وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً أى: وجعلت له مالا كثيرا واسعا، يمد بعضه بعضا،فقوله: مَمْدُوداً اسم مفعول من «مدّ» الذي بمعنى أطال بأن شبهت كثرة المال، بسعة مساحة الجسم.
أو من «مدّ» الذي هو بمعنى زاد في الشيء من مثله، ومنه قولهم: مد الوادي النهر، أى:
مده بالماء زيادة على ما فيه.
قالوا: وكان الوليد من أغنى أهل مكة، فقد كانت له أموال كثيرة من الإبل والغنم والعبيد والبساتين وغير ذلك من أنواع الأموال.
( مالا ممدودا ) أي : واسعا كثيرا ، قيل : ألف دينار . وقيل : مائة ألف دينار . وقيل : أرضا يستغلها . وقيل غير ذلك .
( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) اختلف أهل التأويل في هذا المال الذي ذكره الله، وأخبر أنه جعله للوحيد ما هو؟ وما مبلغه؟ فقال بعضهم: كان ذلك دنانير، ومبلغها ألف دينار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن مجاهد ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) قال: كان ماله ألف دينار.
حدثنا صالح بن مسمار المروزي، قال: ثنا الحارث بن عمران الكوفيّ، قال: ثنا محمد بن سوقة، عن سعيد بن جُبير، في قوله: ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) قال: ألف دينار.
وقال آخرون: كان ماله أربعة آلاف دينار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) قال: بلغني أنه أربعة آلاف دينار.
وقال آخرون: كان ماله أرضًا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثني وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، في قوله: ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) قال: الأرض.
حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، مثله.
وقال آخرون: كان ذلك غلة شهر بشهر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا حلبس، إمام مسجد ابن علية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عمر رضي الله عنه، في قوله: ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) قال: غلة شهر بشهر.
حدثني أبو حفص الحيري، قال: ثنا حلبس الضُّبَعي، عن ابن جريج، عن عطاء مثله، ولم يقل: عن عمر.
حدثنا أحمد بن الوليد الرملي، قال: ثنا غالب بن حلبس، قال: ثنا أبي، عن ابن جريج، عن عطاء مثله، ولم يقل: عن عمر.
حدثنا أحمد بن الوليد، قال: ثنا أبو بكر عياش، قال: ثنا حلبس بن محمد العجلي، عن ابن جريج عن عطاء، عن عمر، مثله.
والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: ( وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا ) وهو الكثير الممدود، عدده أو مساحته.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ و} جعلت له{ بنين} أي:ذكورا{ شُهُودًا} أي:دائما حاضرين عنده، [على الدوام] يتمتع بهم، ويقضي بهم حوائجه، ويستنصر بهم.
وَبَنِينَ شُهُوداً أى: وجعلت له- بجانب هذا المال الممدود- أولادا يشهدون مجالسه، لأنهم لا حاجة بهم إلى مفارقته في سفر أو تجارة، إذ هم في غنى عن ذلك بسبب وفرة المال في أيدى أبيهم.
فقوله: شُهُوداً جمع شاهد بمعنى حاضر، وهو كناية عن كثرة تنعمهم وائتناسه بهم.
قيل: كانوا عشرة، وقيل ثلاثة عشر، منهم: الوليد، وخالد، وعمارة، وهشام، والعاصي، وعبد شمس.
وقد أسلم منهم ثلاثة، وهم: خالد، وهشام، وعمارة.
وجعل له ( وبنين شهودا ) قال مجاهد : لا يغيبون ، أي : حضورا عنده لا يسافرون في التجارات ، بل مواليهم وأجراؤهم يتولون ذلك عنهم وهم قعود عند أبيهم ، يتمتع بهم ويتملى بهم . وكانوا - فيما ذكره السدي وأبو مالك وعاصم بن عمر بن قتادة - ثلاثة عشر . وقال ابن عباس ومجاهد : كانوا عشرة ، وهذا أبلغ في النعمة [ وهو إقامتهم عنده ] .
يقول تعالى ذكره: وجعلت له بنين شهودا، ذُكر أنهم كانوا عشرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن مجاهد ( وَبَنِينَ شُهُودًا ) قال: كان بنوه عشرة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا} أي:مكنته من الدنيا وأسبابها، حتى انقادت له مطالبه، وحصل علىما يشتهي ويريد،
وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً والتمهيد مصدر مهد، بمعنى سوى الشيء، وأزال منه ما يجعله مضطربا متنافرا، ومنه مهد الصبى. أى: المكان المعد لراحته. والمراد بالتمهيد هنا: تيسير الأمور، ونفاذ الكلمة، وجمع وسائل الرياسة له.
أى: جعلت له مالا كثيرا، وأولادا شهودا، وفضلا عن ذلك، فقد هيأت له وسائل الراحة والرياسة تهيئة حسنة، أغنته عن الأخذ والرد مع قومه، بل صار نافذ الكلمة فيهم بدون عناء أو تعب.
فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذكرت أن الله- تعالى- قد أعطى الوليد بن المغيرة، جماع ما يحتاجه الإنسان في هذه الحياة، فقد أعطاه المال الوفير، والبنين الشهود، والجاه التام الذي وصل إليه بدون جهد أو تعب.
( ومهدت له تمهيدا ) أي : مكنته من صنوف المال والأثاث وغير ذلك .
وقوله: ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) يقول تعالى ذكره: وبسطت له في العيش بسطًا.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) قال: بسط له.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) قال: من المال والولد.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ ثُمَّ} مع هذه النعم والإمدادات{ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} أي:يطمع أن ينال نعيم الآخرة كما نال نعيم الدنيا.
وقوله- سبحانه-: ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ بيان لما جبل عليه هذا الإنسان من طمع وشره.. أى: مع إمدادى له بكل هذه النعم، هو لا يشبع، بل يطلب المزيد منها لشدة حرصه وطمعه. و «ثم» هنا للاستبعاد والاستنكار والتأنيب، فهي للتراخي الرتبى، والجملة معطوفة على قوله- تعالى- قبل ذلك: «جعلت ومهدت ... » أى: أعطيته كل هذه النعم، ثم بعد ذلك هو شره لا يشبع، وإنما يطلب المزيد منها ثم المزيد.
وقوله: ( ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ) يقول تعالى ذكره: ثم يأمل ويرجو أن أزيده من المال والولد على ما أعطيته ( كَلا ) يقول: ليس ذلك كما يأمل ويرجو من أن أزيده مالا وولدا، وتمهيدا في الدنيا( إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) يقول: إن هذا الذي خلقته وحيدا كان لآياتنا - وهي حجج الله على خلقه من الكتب والرسل - عنيدا، يعني معاندا للحقّ مجانبا له، كالبعير العنود ؛ ومنه قول القائل:
إذَا نزلْتُ فاجْعَلانِي وَسَطا
إنّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنَّدا (4)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
------------------------
الهوامش:
(4) البيتان من شواهد أبي عبيدة، قال عند قوله تعالى: ( إنه كان لآياتنا عنيدا ) معاندا، كالبعير العنود. وقال الحادي: " إذا نزلت ... " البيتين. وفي ( اللسان عند ) العنيد: الجائر عن القصد، الذي يرد الحق مع العلم به. وتعاند الخصمان تجادلا. وَعَنِدَ عن الشيء والطريق يعند ويعند ( كينصر ويضرب ) عنودا فهو عنود. وناقة عنود: لا تخالط الإبل، تباعد عن الإبل، فترعى ناحية أبدا. والجمع: عند. وعاند، وعاندة، وجمعها جميعا عواند وعند. قال: " إذا رحلت ... " البيت يقال: هو يمشي وسطا لا عندا. وهذان البيتان من مشطور الرجز، وفيهما عيب نبه عليه صاحب اللسان، وهو الإكفاء؛ لأن قافية البيت الأول طاء، وقافية الثاني دال. وقد سبق الاستشهاد بالبيت الثاني في الجزء ( 12 : 62 ) فارجع إليه.
المعاني :
لم يذكر المصنف هنا شيء
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ كَلَّا} أي:ليس الأمر كما طمع، بل هو بخلاف مقصوده ومطلوبه، وذلك لأنه{ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا} أي:معاندا، عرفها ثم أنكرها، ودعته إلى الحق فلم ينقد لها ولم يكفه أنه أعرض وتولى عنها، بل جعل يحاربها ويسعى في إبطالها.
وقوله- تعالى-: كَلَّا زجر وردع وقطع لرجائه وطمعه، وحكم عليه بالخيبة والخسران. أى: كلا، لن أعطيه شيئا مما يطمع فيه، بل سأمحق هذه النعم من بين يديه، لأنه قابلها بالجحود والبطر، ومن لم يشكر النعم يعرضها للزوال، ومن شكرها زاده الله- تعالى- منها، كما قال- سبحانه-: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ.
وقوله: إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً تعليل للزجر والردع وقطع الرجاء. أى: كلا لن أمكنه مما يريده ويتمناه.. لأنه كان إنسانا شديد المعاندة والإبطال لآياتنا الدالة على وحدانيتنا، وعلى صدق رسولنا فيما يبلغه عنا. ومن مظاهر ذلك أنه وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم بأنه ساحر ...
قال مقاتل: ما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقص من ماله وولده حتى هلك.
أي معاندا وهو الكفر على نعمه بعد العلم.
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) قال: جحودا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) قال محمد بن عمرو: معاندا لها. وقال الحارث: معاندا عنها، مجانبا لها.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن مجاهد، قوله: ( عَنِيدًا ) قال: معاندا للحقّ مجانبا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) كفورا بآيات الله جحودا بها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) قال: مشاقا، وقيل: عنيدا، وهو من عاند معاندة فهو معاند، كما قيل: عام قابل، وإنما هو مقبل.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
ثم بين- سبحانه- ما أعده له من عذاب أليم فقال: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً. والإرهاق:
الإتعاب الشديد، وتحميل الإنسان ما لا يطيقه. يقال: فلان رهقه الأمر يرهقه، إذا حل به بقهر ومشقة لا قدرة له على دفعها. ومنه قوله- تعالى-: وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً.
وقوله- سبحانه-: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ، كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً....
والصعود: العقبة الشديدة، التي لا يصل الصاعد نحوها إلا بمشقة كبيرة، وتعب قد يؤدى إلى الهلاك والتلف. وهذه الكلمة صيغة مبالغة من الفعل صعد.
وهذه الآية الكريمة في مقابل قوله- تعالى- قبل ذلك: وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً أى: أن هذا الجاه الذي أتاه في الدنيا بدون تعب ...سيلقى في الآخرة ما هو نقيضه من تعب وإذلال..
قال صاحب الكشاف: قوله: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً أى: سأغشيه عقبة شاقة المصعد.
وهو مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعد الذي لا يطاق. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
«يكلف أن يصعد عقبة في النار، كلما وضع عليها يده ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله عليها ذابت، فإذا رفعها عادت» . وعنه صلى الله عليه وسلم: «الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى فيه كذلك أبدا»
قال الله : ( سأرهقه صعودا ) قال الإمام أحمد :
حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ويل : واد في جهنم ، يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره ، والصعود : جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ، ثم يهوي به كذلك فيه أبدا " .
وقد رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن الحسن بن موسى الأشيب ، به ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ، عن دراج . كذا قال . وقد رواه ابن جرير ، عن يونس ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دراج ، وفيه غرابة ونكارة .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة وعلي بن عبد الرحمن - المعروف بعلان المصري - قال : حدثنا منجاب ، أخبرنا شريك ، عن عمار الدهني ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( سأرهقه صعودا ) قال : " هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده ، فإذا وضع يده ذابت ، وإذا رفعها عادت ، فإذا وضع رجله ذابت ، وإذا رفعها عادت " .
ورواه البزار وابن جرير ، من حديث شريك ، به .
وقال قتادة ، عن ابن عباس : صعود : صخرة [ في جهنم ] عظيمة يسحب عليها الكافر على وجهه .
وقال السدي : صعودا : صخرة ملساء في جهنم ، يكلف أن يصعدها .
وقال مجاهد : ( سأرهقه صعودا ) أي : مشقة من العذاب . وقال قتادة : عذابا لا راحة فيه . واختاره ابن جرير .
وقوله: ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) يقول تعالى ذكره: سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له منها.
وقيل: إن الصعود جبل في النار يكلَّفُ أهل النار صعوده.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا محمد بن سعيد بن زائدة، قال: ثنا شريك، عن عمارة، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) قال: هو جبل في النار من نار، يكلَّفون أن يصعدوه، فإذا وضع يده ذابت، فإذا رفعها عادت، فإذا وضع رجله كذلك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عمرو بن الحارث، عن درّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدريّ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يُصْعَدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ثُمَّ يَهْوِي كَذلكَ مِنْهُ أبَدًا ".
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) قال: مشقة من العذاب.
حدثني الحارث، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) أي عذابا لا راحة منه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا سليمان قال: ثنا أبو هلال، عن قتادة ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) قال: مشقة من العذاب.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) قال: تعبا من العذاب.
يقول تعالى ذكره: إن هذا الذي خلقته وحيدا، فكَّر فيما أنـزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن، وقدّر فيما يقول فيه ( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) يقول: ثم لعن كيف قدّر النازل فيه ( ثُمَّ نَظَرَ ) يقول: ثم روّى في ذلك ( ثُمَّ عَبَسَ ) يقول: ثم قبض ما بين عينيه ( وَبَسَرَ ) يقول: كلح وجهه؛ ومنه قول توبة بن الحُمَيِّر:
وَقَــدْ رَابَنِـي مِنْهـا صُـدُودٌ رأيتُـهُ
وإعْراضُهـا عَـنْ حـاجَتِي وبُسُورُها (1)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاءت الأخبار عن الوحيد أنه فعل.
ذكر الرواية بذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر عن عباد بن منصور، عن عكرِمة، أن الوليد بن المُغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فقال: أي عمّ إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا قال: لِمَ؟ قال: يعطونكه فإنك أتيت محمدا تتعرّض لما قِبَله، قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالا قال: فقل فيه قولا يعلم قومك أنَّك مُنكر لما قال، وأنك كاره له؛ قال: فما أقول فيه، فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه مني، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجنّ، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله لحلاوة، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو ولا يعلى، قال: والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه؛ فلما فكَّر قال: هذا سحر يأثره عن غيره، فنـزلت ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا قال قتادة: خرج من بطن أمه وحيدا، فنـزلت هذه الآية حتى بلغ تسعة عشر.
حدثني محمد بن سعيد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ... ) إلى ( ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ) قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قُحافة رضي الله عنه، يسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة، فو الله ما هو بشعر، ولا بسحر، ولا بهذي من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبأنّ قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته، فقال للوليد: ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة قال: ألستُ أكثرهم مالا وولدا؟ فقال له أبو جهل: &; 24-25 &; يتحدّثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قُحافة لتصيب من طعامه، قال الوليد: أقد تحدثت به عشيرتي، فلا يقصر عن سائر بني قُصيّ، لا أقرب أبا بكر ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر، فأنـزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ... إلى لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ .
------------------------
الهوامش:
(1) أنشد المؤلف البيت شاهدا عند قوله تعالى: { ثم عبس وبسر }. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( الورقة 182 ): عبس وبسر: كره وجهه. وقال توبة ( ابن الحمير صاحب ليلى الأخيلية ): " وقد رابني ... " البيت. وقال الفراء في معاني القرآن ( الورقة 347) وقد ذكر موقف الوليد بن المغيرة المخزومي من الإسلام ورسوله: وقوله: { ثم نظر ثم عبس وبسر } ذكروا أنه مر على طائفة من المسلمين في المسجد الحرام، فقالوا: هل لك إلى الإسلام يا أبا المغيرة فقال: ما صاحبكم إلا ساحر، وما قوله إلا السحر، تعلمه من مسيلمة "الكذاب" ومن سحرة بابل، ثم قال: ولى عنهم مستكبرا، وقد عبس وجهه وبسر، وكلح مستكبرا عن الإيمان. فذلك قوله: { إن هذا إلا سحر يؤثر } عن أهل بابل، قال الله: { سأصليه سقر}، وهو اسم من أسماء جهنم، فلذلك لم يجر ( يصرف ) وكذلك لظى.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء
التفسير :
{ إِنَّهُ فَكَّرَ} [أي:] في نفسه{ وَقَدَّرَ} ما فكر فيه، ليقول قولا يبطل به القرآن.
ثم صور- سبحانه- حال هذا الشقي تصويرا بديعا يثير السخرية منه ومن تفكيره فقال: إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ أى: إن هذا الشقي ردد فكره وأداره في ذهنه، وقدّر وهيأ في نفسه كلاما شنيعا يقوله في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وفي حق القرآن الكريم.
يقال: قدّر فلان الشيء في نفسه، إذا هيأه وأعده..
والجملة الكريمة تعليل للوعيد والزجر، وتقرير لاستحقاقه له، أو بيان لمظاهر عناده..
وقوله : ( إنه فكر وقدر ) أي : إنما أرهقناه صعودا ، أي : قربناه من العذاب الشاق ; لبعده عن الإيمان ، لأنه فكر وقدر ، أي : تروى ماذا يقول في القرآن حين سئل عن القرآن ، ففكر ماذا يختلق من المقال ،
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ) ، زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال هذا الرجل، فإذا هو ليس له بشعر، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وَما يعلى، وما أشكّ أنه سحر، فأنـزل الله فيه: ( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ... ) الآية ( ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ) : قبض ما بين عينيه وكلح.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( فَكَّرَ وَقَدَّرَ ) قال: الوليد بن المغيرة يوم دار الندوة.
المعاني :
التدبر :
الإعراب :
المتشابهات :
لم يذكر المصنف هنا شيء
أسباب النزول :
لم يذكر المصنف هنا شيء
الترابط والتناسب :
القراءات :
جاري إعداد الملف الصوتي
لم يذكر المصنف هنا شيء