339565758596061626364

الإحصائيات

سورة الحج
ترتيب المصحف22ترتيب النزول103
التصنيفمكيّةعدد الصفحات10.00
عدد الآيات78عدد الأجزاء0.50
عدد الأحزاب1.00عدد الأرباع4.00
ترتيب الطول20تبدأ في الجزء17
تنتهي في الجزء17عدد السجدات2
فاتحتهافاتحتها
النداء: 3/10يا أيها الناس: 2/2

الروابط الموضوعية

المقطع الأول

من الآية رقم (56) الى الآية رقم (59) عدد الآيات (4)

بعدَ ذكرِ القيامةِ بَيَّنَ هنا أن المُلكَ في هذا اليومِ للهِ وحدَهُ يحكمُ بينَ الذينَ آمنُوا والذينَ كفرُوا، معَ بيانِ مصيرِ كلِّ فريقٍ، ثُمَّ بَيَّنَ ثوابَ الذينَ هاجرُوا.

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


المقطع الثاني

من الآية رقم (60) الى الآية رقم (64) عدد الآيات (5)

لمَّا ذَكَرَ ثوابَ المهاجرينَ في الآخرةِ، وَعَدَ هنا ألا يدعَ نصرتَهم في الدُّنيا على من بغى عليهم، ثُمَّ أتى ببعضِ الأدلَّةِ على قدرتِه على تحقيقِ هذا الوعدِ: إيلاجِ الَّليلِ في النَّهارِ والعكسِ، وإنزالِ المطرِ لإنباتِ النباتِ، =

فيديو المقطع

قريبًا إن شاء الله


مدارسة السورة

سورة الحج

الحج أبرز مظهر للتوحيد في الأرض وأشبهها بالبعث

أولاً : التمهيد للسورة :
  • • لماذا يتوجه الناس جميعًا إلى الله وحده بالعبادة؟: ومع بدايتها تذكرك السورة بأن حياتك رحلة سفر تمر بمحطات متعددة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ...﴾ (5). • العمر رحلة، كما هو الحج رحلة. • سورة الحج رسالة لك: أن حياتك رحلة سفر، كما أن الحج رحلة سفر. • سورة الحج رسالة إلى الناس جميعًا أن يتوجهوا إلى الله وحده لا شريك له بالعبادة كلها. • سورة الحج رسالة إلى الناس جميعًا أن يحجوا إلى الله بقلوبهم وبأبدانهم (وليس فقط حج البدن إلى مكة).
  • • بين سورة الحج وسورة الأنبياء:: والسورة تجيب: لأنه وحده هو الذي خلق، ووحده هو الذي ملك، ووحده هو الذي أحيا، ووحده هو الذي يميت، ووحده هو الذي يرزق، ووحده هو الذي يبعث الناس يوم القيامة. هل عندكم من شركاء بهذه الصفات أو ببعضها؟ لا أحد، إذًا فتبارك الله أحسن الخالقين، وتبارك الله رب العالمين.
ثانيا : أسماء السورة :
  • • الاسم التوقيفي :: «الحج».
  • • معنى الاسم :: الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام.
  • • سبب التسمية :: لأنها اشتملت على الدعوة إلى الحج على لسان ‏إبراهيم ‏عليه ‏السلام.
  • • أسماء أخرى اجتهادية :: لا أعرف لها اسمًا غيره.
ثالثا : علمتني السورة :
  • • علمتني السورة :: أن الحج أبرز مظهر للتوحيد في الأرض، وأشبهها بالبعث.
  • • علمتني السورة :: تذكر يوم القيامة والاستعداد له: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾
  • • علمتني السورة :: أن هناك ارتباطًا عكسيًا بين العلمِ والجَدَلِ، كلَّما قلَّ العلمُ زادَ الجدالُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾
  • • علمتني السورة :: ألا أكون أقل خلق الله في التسبيح والسجود له سبحانه: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ﴾

مدارسة الآية : [56] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ..

التفسير :

[56] المُلْك والسلطان في هذا اليوم لله وحده، وهو سبحانه يقضي بين المؤمنين والكافرين. فالذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحة، لهم النعيم الدائم في الجنات.

{ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ} أي:يوم القيامة{ لِلَّهِ} تعالى، لا لغيره،{ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} بحكمه العدل، وقضائه الفصل،{ فَالَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسله، وما جاءوا به{ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ليصدقوا بذلك إيمانهم{ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} نعيم القلب والروح والبدن، مما لا يصفه الواصفون، ولا تدركه العقول.

ثم بين- سبحانه- مظاهر قدرته، وشمول قهره لغيره فقال: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ.. والتنوين في قوله يَوْمَئِذٍ عوض عن جملة.

أى: السلطان القاهر، والتصرف الكامل، يوم تأتيهم الساعة بغتة، أو يوم يأتيهم عذابها يكون لله- تعالى- وحده، كما أن الحكم بين الناس جميعا يكون له وحده- سبحانه- فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الأعمال الصَّالِحاتِ يكونون في هذا اليوم فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

( الملك يومئذ لله يحكم بينهم ) ، كقوله ( مالك يوم الدين ) [ الفاتحة : 4 ] وقوله : ( الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا ) [ الفرقان : 26 ] .

( فالذين آمنوا وعملوا الصالحات ) ، أي : آمنت قلوبهم ، وصدقوا بالله ورسوله ، وعملوا بمقتضى ما علموا ، وتوافق قلوبهم وأقوالهم وأعمالهم .

( في جنات النعيم ) . أي : لهم النعيم المقيم ، الذي لا يحول ولا يزول ولا يبيد .

يقول تعالى ذكره: السلطان والمُلك إذا جاءت الساعة لله وحده لا شريك له ولا ينازعه يومئذ منازع, وقد كان في الدنيا ملوك يُدعون بهذا الاسم ولا أحد يومئذ يدعى ملكا سواه ( يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ) يقول: يفصل بين خلقه المشركين به والمؤمنين؛ فالذين آمنوا بهذا القرآن, وبمن أنـزله, ومن جاء به, وعملوا بما فيه من حلاله وحرامه وحدوده وفرائضه في جنات النعيم يومئذ.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[5٦] ﴿المُلكُ يَومَئِذٍ لِلَّهِ﴾ هى بشارة للمؤمن، وتحذير للكافر.
وقفة
[56] ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ لا يختص ملك الله سبحانه بيوم، لكن كل لدعاوى يوم القيامة تنقطع، فلا ينازع الله في مُلكه كاذب، ولا يزعم مشاركته مُدَّعٍ.
عمل
[56] ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ هناك يسقط كل حُكمٍ إلا حكمُه، وكل مُلك إلا ملكُه، ويتجلى هذا المظهر في الحج؛ فعليك استحضار هذه الآية ليرق قلبك وتعظِّم ربك.
تفاعل
[56] ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ سَل الله الجنة الآن.

الإعراب :

  • ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ:
  • الملك: مبتدأ مرفوع بالضمة. يوم: ظرف زمان منصوب بالفتحة وهو مضاف. إذ: اسم مبني على السكون الذي حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين: سكونه وسكون التنوين في محل جر بالاضافة. وقد نونت كلمة «إذ» لمزيتها حيث إن الاسماء لا تضاف الى الحروف. أو لأن التنوين ينوب عن جملة بتقدير: يوم يؤمنون أو يوم تزول مريتهم لقوله في الآية الكريمة السابقة وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ أي يوم القيامة. لله: جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ.
  • ﴿ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب حال. يحكم: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بين: ظرف مكان متعلق بيحكم منصوب على الظرفية بالفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة. أي يحكم بين الناس.
  • ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا:
  • الفاء: استئنافية. الذين: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ مضمن معنى الشرط‍ بدليل الآية الكريمة التالية المبتدئة باسم موصول معطوف مقترن جوابه بالفاء. آمنوا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة فعل الشرط‍ في محل جزم. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وجملة «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:
  • معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات: مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. بمعنى: وعملوا الأعمال الصالحات.
  • ﴿ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ:
  • جار ومجرور متعلق بخبر مبتدأ محذوف تقديره: فهم: والجملة الاسمية «فهم في جنات النعيم» جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم باسم شرط‍ «الذين».والجملة الشرطية من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» و «النعيم» مضاف اليه مجرور بالكسرة.'

المتشابهات :

الحج: 56﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّـهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ
الفرقان: 26﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [56] لما قبلها :     وبعد أن بَيَّنَ اللهُ حالَ الفريقينِ في الدُّنيا؛ بَيَّنَ هنا حالَهم في الآخرةِ، قال تعالى:
﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [57] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ ..

التفسير :

[57] .والذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله وأنكروا آيات القرآن، فأولئك لهم عذاب يخزيهم ويهينهم في جهنم.

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا} بالله ورسله وكذبوا بآياته الهادية للحق والصواب فأعرضوا عنها، أو عاندوها،{ فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} لهم، من شدته، وألمه، وبلوغه للأفئدة كما استهانوا برسله وآياته، أهانهم الله بالعذاب.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا التي جاءتهم بها رسلنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أى: لهم عذاب ينالون بسببه ما ينالون من هوان وذل.

( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ) أي : كفرت قلوبهم بالحق ، وجحدوا به وكذبوا به ، وخالفوا الرسل ، واستكبروا عن اتباعهم ( فأولئك لهم عذاب مهين ) أي : مقابلة استكبارهم وإعراضهم عن الحق ، كقوله تعالى : ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] أي : صاغرين .

والذين كفروا بالله ورسوله, وكذبوا بآيات كتابه وتنـزيله, وقالوا: ليس ذلك من عند الله, إنما هو إفك افتراه محمد وأعانه عليه قوم آخرون، ( فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) يقول: فالذين هذه صفتهم لهم عند الله يوم القيامة عذاب مهين, يعني عذاب مذلّ في جهنم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[57] ﴿فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ (مُّهِينٌ) لهم من شدته، وألمه، وبلوغه للأفئدة؛ كما استهانوا برسله وآياته أهانهم الله بالعذاب.
تفاعل
[57] ﴿فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ استعذ بالله الآن من عذاب الدنيا والآخرة.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ
  • هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. بآيات: جار ومجرور متعلق بكذبوا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالاضافة.
  • ﴿ فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ:
  • الجملة الاسمية جواب شرط‍ جازم مقترن بالفاء في محل جزم لأن اسم الموصول «الذين» مضمن معنى «من» الفاء: واقعة في جواب الشرط‍.أولاء: اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب.، لهم: جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. عذاب: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. مهين: صفة-نعت-لعذاب مرفوعة مثلها بالضمة. والجملة الاسمية لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ» في محل رفع خبر «أولئك».'

المتشابهات :

البقرة: 39﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
التغابن: 10﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
المائدة: 10﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
المائدة: 86﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
الحديد: 19﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ
الحج: 57﴿وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
الروم: 16﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَـٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [57] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ ثوابَ المُؤمِنينَ؛ ذكرَ هنا عقابَ الكافرين، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [58] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ..

التفسير :

[58] والذين خرجوا من ديارهم طلباً لرضا الله، ونصرة لدينه، مَن قُتل منهم وهو يجاهد الكفار، ومن مات منهم مِن غير قتال، لَيرزقَنَّهم الله الجنة ونعيمها الذي لا ينقطع ولا يزول، وإن الله سبحانه وتعالى لهو خير الرازقين.

هذه بشارة كبرى، لمن هاجر في سبيل الله، فخرج من داره ووطنه وأولاده وماله، ابتغاء وجه الله، ونصرة لدين الله، فهذا قد وجب أجره على الله، سواء مات على فراشه، أو قتل مجاهدا في سبيل الله،{ لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا} في البرزخ، وفي يوم القيامة بدخول الجنة الجامعة للروح والريحان، والحسن والإحسان، ونعيم القلب والبدن، ويحتمل أن المعنى أن المهاجر في سبيل الله، قد تكفل برزقه في الدنيا، رزقا واسعا حسنا، سواء علم الله منه أنه يموت على فراشه، أو يقتل شهيدا، فكلهم مضمون له الرزق، فلا يتوهم أنه إذا خرج من دياره وأمواله، سيفتقر ويحتاج، فإن رازقه هو خير الرازقين، وقد وقع كما أخبر، فإن المهاجرين السابقين، تركوا ديارهم وأبناءهم وأموالهم، نصرة لدين الله، فلم يلبثوا إلا يسيرا، حتى فتح الله عليهم البلاد، ومكنهم من العباد فاجتبوا من أموالها، ما كانوا به من أغنى الناس

وَالَّذِينَ هاجَرُوا من ديارهم فِي سَبِيلِ إعلاء كلمة الله ونصرة دينه ثُمَّ قُتِلُوا أى: قتلهم الكفار في الجهاد أَوْ ماتُوا أى: على فراشهم.

هؤلاء وهؤلاء لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ- تعالى- بفضله وكرمه رِزْقاً حَسَناً يرضيهم ويسرهم يوم يلقونه. حيث يبوئهم جنته.

قال- تعالى-: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.. .

وقال- سبحانه- وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .

وقوله- عز وجل-: وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ تذييل قصد به بيان أن عطاءه- سبحانه- فوق كل عطاء، لأنه يرزق من يشاء بغير حساب، ويعطى من يشاء دون أن ينازعه منازع، أو يعارضه معارض، أو ينقص مما عنده شيء.

يخبر تعالى عمن خرج مهاجرا في سبيل الله ابتغاء مرضاته ، وطلبا لما عنده ، وترك الأوطان والأهلين والخلان ، وفارق بلاده في الله ورسوله ، ونصرة لدين الله ) ثم قتلوا ) أي : في الجهاد ) أو ماتوا ) أي : حتف أنفهم ، أي : من غير قتال على فرشهم ، فقد حصلوا على الأجر الجزيل ، والثناء الجميل ، كما قال تعالى ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) [ النساء : 100 ] .

وقوله : ( ليرزقنهم الله رزقا حسنا ) أي : ليجرين عليهم من فضله ورزقه من الجنة ما تقر به أعينهم ، ( وإن الله لهو خير الرازقين)

يقول تعالى ذكره: والذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم فتركوا ذلك في رضا الله وطاعته وجهاد أعدائه ثم قتلوا أو ماتوا وهم كذلك, ليرزقنهم الله يوم القيامة في جناته رزقا حسنا. يعني بالحسن: الكريم وإنما يعني بالرزق الحسن: الثواب الجزيل ( وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) يقول: وإن الله لهو خير من بسط فضله على أهل طاعته وأكرمهم. وذكر أن هذه الآية نـزلت في قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في حكم من مات في سبيل الله, فقال بعضهم: سواء المقتول منهم والميت.

وقال آخرون: المقتول أفضل. فأنـزل الله هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وسلم, يعلمهم استواء أمر الميت في سبيله والمقتول فيها في الثواب عنده.

وقد:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرني عبد الرحمن بن شريح, عن سلامان بن عامر قال: كان فضالة برودس أميرا على الأرباع, فخرج بجنازتي رجلين, أحدهما قتيل والآخر متوفى; فرأى ميل الناس مع جنازة القتيل إلى حفرته, فقال: أراكم أيها الناس تميلون مع القتيل وتفضلونه على أخيه المتوفى؟ فقالوا: هذا القتيل في سبيل الله. فقال فوالذي نفسي بيده ما أبالي من أي حفرتيهما بُعثت! اقرءوا قول الله تعالى: ( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا )... إلى قوله: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

عمل
[58] ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ﴾ اهجرْ رفقاءَ السُّوءِ، وأماكنَ المعصيةِ؛ محتسبًا ذلك من أبوابِ الهجرةِ إلى اللهِ سبحانَه.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ خص بالذكر منهم الذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا تنويهًا بشأن الهجرة.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ مكانة الهجرة في الإِسلام، وبيان فضلها.
عمل
[58] تذكر أن الله تعالى لا يخذل عبده إذا ظُلم وأوذي في سبيله ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ والذين فارقوا أوطانهم وعشائرهم، فتركوا ذلك في رضا الله، وطاعته، وجهاد أعدائه، ثم قتلوا، أو ماتوا وهم كذلك؛ ليرزقنهم الله يوم القيامة في جناته رزقًا حسنًا؛ يعني بالحسن: الكريم.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ الآية بشارة عظيمة لكل من هاجر في سبيل الله، فخرج من وطنه وولده وماله، فرارًا بدينه أو نصرة لدينه، فقد وجب أجره على الله، سواء مات على فراشه، أو قتل في سبيل الله.
وقفة
[58] ﴿وَالَّذينَ هاجَروا في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلوا أَو ماتوا لَيَرزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيرُ الرّازِقينَ﴾ قد تضيق الدنيا عليك؛ فلا تحزن، فالعاقبة خير والرزق الجنة.
وقفة
[58] ثناء الله تعالى على من هاجر وترك أرضه وداره في سبيل الله دليل على خطورة الإقامة في دار الكفر ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾.
تفاعل
[58] ﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ سَل الله من فضله الآن.
لمسة
[58] ﴿وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ لم سمَّى الله نفسه خير الرازقين؟ الجواب: 1- لأن الله سبحانه خير من رزق، وأفضل من أعطى. 2- ولأن رزق الله باعتبار إفادته للعبد وشدة احتياج العبد له هو خير الأرزاق على الإطلاق. 3- ولأن الله يرزق من آمن به وعبده، ومن كفر به وجحده، ويعطي من سأله، ومن لم يسأله. 4- ولأن ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ هو من ينفق من خزائن لا تفني مهما أنفق منها. 5- ولأن ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ وحده من يخرج الرزق من العدم، وأما غيره فما هم إلا وسطاء في توصيل رزقه. 6- ولأن ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ يعطي عطاء لا يدخله عد، ولا يحويه حد. 7- ولأن ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ يعلم ما يصلح كل عبد من رزق وما يفسده، فيعطيه ما يعلم أنه يناسبه. 8- ولأن ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ يسخط ومع ذلك لا يقطع رزقه بعكس المخلوق. 9- ولأن ﴿خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ يرزق الخلق بأصول الرزق من تربة وماء وهواء، ولو حرمهم أصول رزقه، لما وصل إليهم من أرزاقهم شيء.

الإعراب :

  • ﴿ وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ:
  • معطوفة بالواو على فَالَّذِينَ آمَنُوا» الواردة في الآية الكريمة السادسة والخمسين وتعرب إعرابها. في سبيل: جار ومجرور متعلق بهاجروا. الله: مضاف اليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
  • ﴿ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا:
  • الجملتان معطوفتان بحرفي عطف. قتلوا: على «هاجروا» و «ماتوا» على «قتلوا» بمعنى: قتلوا وهم يجاهدون العدو. قتلوا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. أو: حرف عطف للتخيير. ماتوا: تعرب إعراب هاجروا» بمعنى: أو ماتوا بأجلهم المحتوم.«
  • ﴿ لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ:
  • اللام: واقعة في جواب قسم مقدر. والجملة: جواب القسم لا محل لها. وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم. يرزقن: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. والنون لا محل لها و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ رِزْقاً حَسَناً:
  • بمعنى: الجنة الموعودة. رزقا: مفعول مطلق-مصدر- منصوب بالفتحة وهو في الحقيقة اسم لأن مصدر «رزق» يكون مفتوح الراء فوضع الاسم موضع المصدر. حسنا: صفة-نعت-لرزقا منصوب مثله بالفتحة.
  • ﴿ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ:
  • الواو: عاطفة. انّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل بمعنى التعليل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم: إن: منصوب للتعظيم بالفتحة. لهو: اللام: لام الابتداء-المزحلقة-للتوكيد. هو: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية لَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ» في محل رفع خبر «إنّ».
  • ﴿ خَيْرُ الرّازِقِينَ:
  • خبر «هو» مرفوع بالضمة. الرازقين: مضاف اليه مجرور بالاضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.'

المتشابهات :

النحل: 41﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّـهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
الحج: 58﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّـهُ رِزْقًا حَسَنًا

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [58] لما قبلها :     ولَمَّا ذكَرَ اللهُ أنه يُدخِلُ المُؤمِنينَ الجَنَّاتِ؛ ذكرَ هنا وَعْدَه الكريمَ للمُهاجِرينَ، مُفرِدًا لهم بالذِّكرِ، قال تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [59] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ ..

التفسير :

[59] ليُدخلنَّهم الله المُدْخل الذي يحبونه وهو الجنة. وإن الله لَعليم بمن يخرج في سبيله، ومن يخرج طلباً للدنيا، حليم عمن عصاه، فلا يعاجلهم بالعقوبة.

{ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} إما ما يفتحه الله عليهم من البلدان، خصوصا فتح مكة المشرفة، فإنهم دخلوها في حالة الرضا والسرور، وإما المراد به رزق الآخرة، وأن ذلك دخول الجنة، فتكون الآية جمعت بين الرزقين، رزق الدنيا، ورزق الآخرة، واللفظ صالح لذلك كله، والمعنى صحيح، فلا مانع من إرادة الجميع{ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ} بالأمور، ظاهرها، وباطنها، متقدمها، ومتأخرها،{ حَلِيمٌ} يعصيه الخلائق، ويبارزونه بالعظائم، وهو لا يعاجلهم بالعقوبة مع كمال اقتداره، بل يواصل لهم رزقه، ويسدي إليهم فضله.

وقوله- تعالى-: لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ.. استئناف مقرر لما قبله.

و «مدخلا» أى: إدخالا، من أدخل يدخل- بضم الياء- وهو مصدر ميمى للفعل الذي قبله، والمفعول محذوف.

أى: ليدخلنهم الجنة إدخالا يرضونه.

وقرأ نافع مُدْخَلًا- بفتح الميم- على أنه اسم مكان أريد به الجنة، أى: ليدخلنهم مكانا يرضونه وهو الجنة.

وَإِنَّ اللَّهَ- تعالى- لَعَلِيمٌ بالذي يرضيهم، وبالذي يستحقه كل إنسان من خير أو شر حَلِيمٌ فلا يعاجل بالعقوبة، بل يستر ويعفو عن كثير.

ثم بشر- سبحانه- عباده الذين يقع عليهم العدوان بالنصر على من ظلمهم، فقال- تعالى-:

أي : الجنة . كما قال تعالى : ( فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم ) [ الواقعة : 88 ، 89 ] فأخبر أنه يحصل له الراحة والرزق وجنة نعيم ، كما قال هاهنا : ( ليرزقنهم الله رزقا حسنا ) ، ثم قال : ( ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم ) أي : بمن يهاجر ويجاهد في سبيله ، وبمن يستحق ذلك ، ( حليم ) أي : يحلم ويصفح ويغفر لهم الذنوب ويكفرها عنهم بهجرتهم إليه ، وتوكلهم عليه . فأما من قتل في سبيل الله من مهاجر أو غير مهاجر ، فإنه حي عند ربه يرزق ، كما قال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) [ آل عمران : 169 ] ، والأحاديث في هذا كثيرة ، كما تقدم وأما من توفي في سبيل الله من مهاجر أو غير مهاجر ، فقد تضمنت هذه الآية الكريمة مع الأحاديث الصحيحة إجراء الرزق عليه ، وعظيم إحسان الله إليه . قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا المسيب بن واضح ، حدثنا ابن المبارك ، عن عبد الرحمن بن شريح ، عن ابن الحارث يعني : عبد الكريم عن ابن عقبة يعني : أبا عبيدة بن عقبة قال : حدثنا شرحبيل بن السمط : طال رباطنا وإقامتنا على حصن بأرض الروم ، فمر بي سلمان يعني : الفارسي رضي الله عنه ، فقال : إني سمعت رسول الله يقول : " من مات مرابطا ، أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر ، وأجرى عليه الرزق ، وأمن من الفتانين " واقرءوا إن شئتم : ( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم )

وقال أيضا : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا زيد بن بشر ، أخبرني همام ، أنه سمع أبا قبيل وربيعة بن سيف المعافري يقولان : كنا برودس ، ومعنا فضالة بن عبيد الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بجنازتين ، إحداهما قتيل والأخرى متوفى ، فمال الناس على القتيل ، فقال فضالة : ما لي أرى الناس مالوا مع هذا ، وتركوا هذا؟! فقالوا : هذا قتيل في سبيل الله تعالى . فقال : والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ، اسمعوا كتاب الله : ( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا [ ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ] )

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، أنبأنا ابن المبارك ، أنبأنا ابن لهيعة ، حدثنا سلامان بن عامر الشعباني ، أن عبد الرحمن بن جحدم الخولاني حدثه : أنه حضر فضالة بن عبيد في البحر مع جنازتين ، أحدهما أصيب بمنجنيق والآخر توفي ، فجلس فضالة بن عبيد عند قبر المتوفى ، فقيل له : تركت الشهيد فلم تجلس عنده؟ فقال : ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ، إن الله يقول : ( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا [ ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين . ليدخلنهم مدخلا ] يرضونه ) فما تبتغي أيها العبد إذا أدخلت مدخلا ترضاه ورزقت رزقا حسنا ، والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت .

ورواه ابن جرير ، عن يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، أخبرني عبد الرحمن بن شريح ، عن سلامان بن عامر قال : كان فضالة برودس أميرا على الأرباع ، فخرج بجنازتي رجلين ، أحدهما قتيل والآخر متوفى . . . فذكر نحو ما تقدم .

يقول تعالى ذكره: ليدخلنّ الله المقتول في سبيله من المهاجرين والميت منهم ( مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ ) وذلك المُدخل هو الجنة (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ ) بمن يهاجر في سبيله ممن يخرج من داره طلب الغنيمة أو عرض من عروض الدنيا.

(حَلِيمٌ) عن عصاة خلقه, بتركه معاجلتهم بالعقوبة والعذاب.

المعاني :

مُّدْخَلًا :       وَهُوَ الجَنَّةُ السراج
مُدخلا :       الجنة أو درجات رفيعة فيها معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[59] ﴿لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ﴾ ليدخلن الله المقتول في سبيله من المهاجرين والميت منهم مدخلًا يرضونه، وهل هناك مدخل أحسن من الجنة؟!
وقفة
[59] ﴿لَيُدخِلَنَّهُم مُدخَلًا يَرضَونَهُ﴾ تجتهد دائمًا لترضى من تحب، فما بالك إن كان من يحبك هو الله عز وجل! ماذا سيعُد لك لترضى.؟! ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وقفة
[59] ﴿وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ عليم بمن هاجر في سبيله ممن خرج طلبًا للغنيمة أو لعرض من الدنيا، وحليم لا يعجل بالعقوبة لمن يقدم على معصيته، بل يمهله ليتوب.
وقفة
[59] ﴿وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ هو الحليم لا يعجل العقوبة على عباده بذنوبهم، ولا يحبس إنعامه بخطيئاتهم، يعصونه ويرزقهم، يذنبون ويمهلهم، يجاهرون ويستر عليهم.
وقفة
[59] إثبات الصفات العُلَا لله بما يليق بجلاله؛ كالعلم: ﴿وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾، والسمع والبصر: ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [61]، والعلو: ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [62].

الإعراب :

  • ﴿ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً:
  • تعرب إعراب «ليرزقهم رزقا» في الآية الكريمة السابقة لأنه بدل منها بمعنى ليدخلنهم في الجنةإدخالا. و «مدخلا» بمعنى «الإدخال» أي مصدر «يدخلنهم» ومفعول «أدخل» أيضا بضم الميم. ولهذا أعربت إعراب «رزقا».
  • ﴿ يَرْضَوْنَهُ:
  • الجملة الفعلية: في محل نصب صفة-نعت-لمدخلا. يرضونه: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • ﴿ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ:
  • الواو عاطفة. إنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. لعليم:اللام لام التوكيد-المزحلقة-عليم: خبر «إن» مرفوع بالضمة. حليم:صفة-نعت-لعليم. أو خبر ثان مرفوع بالضمة.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [59] لما قبلها :     ولَمَّا ذكرَ اللهُ الرِّزقَ؛ ذكرَ هنا المسكنَ، قال تعالى:
﴿ لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [60] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا ..

التفسير :

[60] ذلك الأمرُ الذي قصصنا عليك من إدخال المهاجرين الجنة، ومن اعتُدِي عليه وظُلم فقد أُذِن له أن يقابل الجاني بمثل فعلته، ولا حرج عليه، فإذا عاد الجاني إلى إيذائه وبغى، فإن الله ينصر المظلوم المعتدى عليه؛ إذ لا يجوز أن يُعْتَدى عليه بسبب انتصافه لنفسه. إن

ذلك بأن من جني عليه وظلم، فإنه يجوز له مقابلة الجاني بمثل جنايته، فإن فعل ذلك، فليس عليه سبيل، وليس بملوم، فإن بغي عليه بعد هذا، فإن الله ينصره، لأنه مظلوم، فلا يجوز أن يبغي عليه، بسبب أنه استوفى حقه، وإذا كان المجازي غيره، بإساءته إذا ظلم بعد ذلك، نصره الله، فالذي بالأصل لم يعاقب أحدا إذا ظلم وجني عليه، فالنصر إليه أقرب.

{ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} أي:يعفو عن المذنبين، فلا يعاجلهم بالعقوبة، ويغفر ذنوبهم فيزيلها، ويزيل آثارها عنهم، فالله هذا وصفه المستقر اللازم الذاتي، ومعاملته لعباده في جميع الأوقات بالعفو والمغفرة، فينبغي لكم أيها المظلومون المجني عليهم، أن تعفوا وتصفحوا وتغفروا ليعاملكم الله كما تعاملون عباده{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}

واسم الإشارة ذلك، في قوله- تعالى- ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ.

يعود إلى ما ذكره- سبحانه- قبل ذلك من أن الملك له يوم القيامة، ومن الرزق الحسن الذي منحه للمهاجرين في سبيله ثم قتلوا أو ماتوا.

والعقاب: مأخوذ من التعاقب، وهو مجيء الشيء بعد غيره. والمراد به هنا: مجازاة الظالم بمثل ظلمه.

قال القرطبي: قال مقاتل: نزلت هذه الآية في قوم من مشركي مكة. لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم: فقالوا: إن أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام. فأبى المشركون إلا القتال، فحملوا عليهم فثبت المسلمون ونصرهم الله على المشركين، وحصل في أنفس المسلمين شيء من القتال في الشهر الحرام، فأنزل الله الآية.

فمعنى مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ أى: من جازى الظالم بمثل ما ظلمه، فسمى جزاء العقوبة عقوبة لاستواء الفعلين في الصورة فهي مثل: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها .

وقوله ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ أى: أن الظالم المبتدئ بالظلم عاد مرة أخرى فبغى على المظلوم وآذاه.

وقوله لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ وعد مؤكد منه- سبحانه- بنصرة المظلوم، والجملة جواب قسم محذوف. أى والله لينصرن- سبحانه- المظلوم على الظالم في الحال أو المآل.

قوله: إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ تعليل للنصرة، وبيان بأن المظلوم عند ما ترك العفو عن الظالم، لا يؤاخذه- سبحانه- على ذلك، مادام لم يتجاوز في رد العدوان الحدود المشروعة، وهي الانتصار على القصاص بالمثل.

أى: إن الله- تعالى- لكثير العفو عن عباده، وكثير المغفرة لذنوبهم وخطاياهم.

وقوله : ( ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله ) ، ذكر مقاتل بن حيان وابن جريج أنها نزلت في سرية من الصحابة ، لقوا جمعا من المشركين في شهر محرم ، فناشدهم المسلمون لئلا يقاتلوهم في الشهر الحرام ، فأبى المشركون إلا قتالهم وبغوا عليهم ، فقاتلهم المسلمون ، فنصرهم الله عليهم ، [ و ] ) إن الله لعفو غفور )

يعني تعالى ذكره بقوله: (ذلكَ) لهذا لهؤلاء الذين هاجروا في سبيل الله, ثم قُتلوا أو ماتوا, ولهم مع ذلك أيضا أن الله يعدهم النصر على المشركين الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم.

كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج: ( ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ) قال: هم المشركون بغَوْا على النبي صلى الله عليه وسلم, فوعده الله أن ينصره, وقال في القصاص أيضا. وكان بعضهم يزعم أن هذه الآية نـزلت في قوم من المشركين لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرّم, وكان المسلمون يكرهون القتال يومئذ في الأشهر الحرم, فسأل المسلمون المشركين أن يكفوا عن قتالهم من أجل حرمة الشهر, فأبى المشركون ذلك, وقاتلوهم فبغَوْا عليهم, وثبت المسلمون لهم فنُصروا عليهم, فأنـزل الله هذه الآية: ( ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ) بأن بدئ بالقتال وهو له كاره,( لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ ).

وقوله: ( إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) يقول تعالى ذكره: إن الله لذو عفو وصفح لمن انتصر ممن ظلمه من بعد ما ظلمه الظالم بحقّ, غفور لما فعل ببادئه بالظلم مثل الذي فعل به غير معاقبه عليه.

المعاني :

بُغِيَ عَلَيْهِ :       اُعْتُدِىَ عَلَيْهِ السراج
ثم بُغي عليه :       ظلم بمعاودة العقاب معاني القرآن

التدبر :

وقفة
[60] ﴿ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾ جواز العقاب بالمثل.
وقفة
[60] ﴿ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ فالله هذا وصفه المستقر اللازم الذاتي، ومعاملته لعباده في جميع الأوقات بالعفو والمغفرة، فينبغي لكم أيها المظلومون المجني عليهم أن تعفوا وتصفحوا وتغفروا؛ ليعاملكم الله كما تعاملون عباده؛ ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40].
وقفة
[60] ﴿ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ سبب النزول: قال مقاتل: «نزلت هذه الآية في قوم من مشركي مكة، لقوا قومًا من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم، فقالوا: إن أصحاب محمدٍ يكرهون القتال في الشهر الحرام، فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون ألا يقاتلوهم في الشهر الحرام، فأبی المشركون إلا القتال، فحملوا عليهم، فثبت المسلمون ونصرهم الله على المشركين، وحصل في أنفس المسلمين شيء من القتال في الشهر الحرام، فأنزل الله هذه الآية».
وقفة
[60] ﴿ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾ نصر الله للمُعْتَدَى عليه يكون في الدنيا أو الآخرة.
وقفة
[60] ﴿ذلِكَ وَمَن عاقَبَ بِمِثلِ ما عوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفورٌ﴾ تعريض بالحث على العفو والمغفرة، فإن الله تعالى مع كمال قدرته فإنه يعفو ويغفر، والاستعداد للحج يتطلب تفقد القلب وتطهيره من التعلق بغير الله، ومن الأحقاد والضغائن والعجب والكبر وسائر الأمراض.
وقفة
[60] ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ﴾ ليطمَئنَّ كلُّ مظلومٍ أخذَ النَّاسُ حقَّه واستضعفُوه ولم يجدْ له ناصرًا، فإنَّ اللهَ ناصرُه ولو بعدَ حينٍ.
وقفة
[60] ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾: إن قيل: ما مناسبة هذين الوصفين للمعاقبة؟ فالجواب من وجهين: أحدهما: أن في ذكر هذين الوصفين إشعارًا بأن العفو أفضل من العقوبة؛ فكأنه حض على العفو، والثاني: أن في ذكرهما إعلامًا بعفو الله عن المعاقِب حين عاقب.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف تقديره:ذلك أمر الله. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
  • ﴿ وَمَنْ عاقَبَ:
  • الواو استئنافية. من: اسم شرط‍ جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عاقب: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط‍ في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة من فعل الشرط‍ وجوابه في محل رفع خبر «من» وجملة «عاقب» صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: ومن اقتص من جان.
  • ﴿ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ:
  • جار ومجرور متعلق بعاقب. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالاضافة. عوقب: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.به: جار ومجرور متعلق بعوقب وجملة عُوقِبَ بِهِ» صلة الموصول لا محل لها. بمعنى: ما جني عليه.
  • ﴿ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ:
  • ثم حرف عطف. بغي: تعرب إعراب «عوقب» عليه:جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل. بمعنى: ثم وقع عليه بغي أي عدوان. أي ثم جني عليه مرة أخرى.
  • ﴿ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ:
  • الجملة: جواب قسم مقدر لا محل لها من الاعراب.وجواب الشرط‍ محذوف دل عليه جواب القسم ويجوز أن تكون اللام لام التوكيد. ينصرنه: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بمن لأنه جواب الشرط‍ -جزاؤه-النون لا محل لها.والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ‍ الجلالة: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ:
  • تعرب إعراب إِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ» الواردة في الآية الكريمة السابقة ولعفو غفور: من صيغ المبالغة .. بمعنى لكثير العفو كثير الغفران.'

المتشابهات :

الحج: 60﴿ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
المجادلة: 2﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَ إِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [60] لما قبلها :     ولَمَّا ذَكَرَ اللهُ ثوابَ المهاجرينَ في الآخرةِ؛ وَعَدَ هنا ألا يدعَ نصرتَهم في الدُّنيا على من بغى عليهم، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [61] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ ..

التفسير :

[61] ذلك الذي شرع لكم تلك الأحكام العادلة هو الحق، وهو القادر على ما يشاء، ومِن قدرته أنه يدخل ما ينقص من ساعات الليل في ساعات النهار، ويدخل ما انتقص من ساعات النهار في ساعات الليل، وأن الله سميع لكل صوت، بصير بكل فعل، لا يخفى عليه شيء.

ذلك الذي شرع لكم تلك الأحكام الحسنة العادلة، هو حسن التصرف، في تقديره وتدبيره، الذي{ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} أي:يدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، فيأتي بالليل بعد النهار، وبالنهار بعد الليل، ويزيد في أحدهما ما ينقصه في الآخر، ثم بالعكس، فيترتب على ذلك، قيام الفصول، ومصالح الليل والنهار، والشمس والقمر، التي هي من أجل نعمه على العباد، وهي من الضروريات لهم.{ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} يسمع ضجيج الأصوات، باختلاف، اللغات، على تفنن الحاجات،{ بَصِيرٌ} يرى دبيب النملة السوداء، تحت الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء{ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}

ثم بين- سبحانه- أن نصره للمظلوم مرجعه إلى شمول قدرته على كل شيء، فقال- تعالى-: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ.

ومعنى: يولج: يدخل. يقال: ولج فلان منزله، إذا دخله.

أى: ذلك الذين فعلناه من نصرة المبغى عليه على الباغي، كائن بسبب أن قدرتنا لا يعجزها شيء، ومن مظاهر ذلك أننا ندخل جزءا من الليل في النهار فيقصر الليل ويزيد النهار، وندخل جزءا من النهار في الليل فيحصل العكس. وأنتم ترون ذلك بأعينكم، وتشاهدون كيف يسيران بهذا النظام البديع.

وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ أى: وأن الله- تعالى- سميع لكل المسموعات، بصير بكل المبصرات، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

يقول تعالى منبها على أنه الخالق المتصرف في خلقه بما يشاء ، كما قال : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير . تولج الليل في النهار [ وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ] ) [ آل عمران : 26 ، 27 ] ومعنى إيلاجه الليل في النهار ، والنهار في الليل : إدخاله من هذا في هذا ، ومن هذا في هذا ، فتارة يطول الليل ويقصر النهار ، كما في الشتاء ، وتارة يطول النهار ويقصر الليل ، كما في الصيف .

وقوله : ( وأن الله سميع بصير ) أي : سميع بأقوال عباده ، بصير بهم ، لا يخفى عليه منهم خافية في أحوالهم وحركاتهم وسكناتهم .

يعني تعالى ذكره بقوله: (ذلكَ) هذا النصر الذي أنصره على من بغى عليه على الباغي, لأني القادر على ما أشاء. فمن قُدرته أن الله يولج الليل في النهار يقول: يدخل ما ينقص من ساعات الليل في ساعات النهار, فما نقص من هذا زاد في هذا.( وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) ويدخل ما انتقص من ساعات النهار في ساعات الليل, فما نقص من طول هذا زاد في طول هذا, وبالقُدرة التي تفعل ذلك ينصر محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم وأموالهم ( وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) يقول: وفعل ذلك أيضا بأنه ذو سمع لما يقولون من قول; لا يخفى عليه منه شيء, بصير بما يعملون, لا يغيب عنه منه شيء, كل ذلك معه بمرأى ومسمع, وهو الحافظ لكل ذلك, حتى يجازي جميعهم على ما قالوا وعملوا من قول وعمل جزاءه.

المعاني :

يُولِجُ :       يُدْخِلُ السراج

التدبر :

عمل
[61] تأمل بعد صلاة الفجر قدرة الله في دخول النهار في الليل ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾.
لمسة
[61] ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ حقيقة الإيلاج الإدخال، وقد صوَّر الله سبحانه اختفاء الليل عند ظهور النهار بأنه يلِج بالنهار، وصوَّر النهار بأنه يلِج في الليل وكأنهما جسمان يدخل أحدهما بالآخر؛ فإيلاج الليل انقضاؤه، فأشبه ذلك إيلاج شيء في شيء، إذ يبدو داخلًا فيه شيئًا فشيئًا، والكلام كله مسوقٌ إيماء إلى تقلُّب أحوال الزمان، فقد يصير المغلوب غالبًا والعكس، وفيه إدماج التنبيه بأن العذاب الذي استبطأه المشركون منوطٌ بحلول الأجل، وما الأجل إلا إيلاج ليل في نهار ونهار في ليل، وفيه إدماج تشبيه الكفر بالليل والإسلام بالنهار.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ:
  • اسم اشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. أي ذلك النصر. وخبره محذوف تعلق به جار ومجرور بتقدير: حاصل بسبب أنّ الله يولج الليل .. ويجوز أن يكون ذلك في محل نصب على المصدر-المفعول المطلق-بتقدير: نصرهم الله ذلك النصر بسبب أن الله يولج.
  • ﴿ بِأَنَّ اللهَ:
  • الباء حرف جر. أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «أن» منصوب للتعظيم بالفتحة بمعنى: بسبب أن الله بحذف المجرور المضاف «سبب» وحلول المصدر المؤول من «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها محله.
  • ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ:
  • الجملة الفعلية: في محل رفع خبر «أن» يولج:بمعنى: «يدخل» فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. الليل: مفعول به منصوب بالفتحة. في النهار: جار ومجرور.
  • ﴿ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ:
  • معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب إعرابها.بمعنى: يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا.
  • ﴿ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ:
  • الواو عاطفة. أنّ الله: تعرب اعراب «بأن الله» بمعنى: بسبب أنّ الله. سميع: خبر «أن» مرفوع بالضمة. أي سميع لما يقولون. بصير: صفة-نعت-لسميع أو خبر ثان لأن أي بصير بما يفعلون. والجاران والمجروران فِي النَّهارِ» و فِي اللَّيْلِ» متعلقان بيولج.'

المتشابهات :

آل عمران: 27﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ
الحج: 61﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٞ
لقمان: 29﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
فاطر: 13﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى
الحديد: 6﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۚ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [61] لما قبلها :     ولَمَّا وعدَ اللهُ بنصرة عباده المؤمنين؛ ذكرَ هنا بعضَ الأدلَّةِ على وحدانيتِه وقدرتِه على تحقيقِ هذا الوعدِ: 1- إدخال كل من الَّليلِ والنَّهارِ في الآخر، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [62] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ..

التفسير :

[62] ذلك بأن الله هو الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلَّا له، وأن ما يعبده المشركون من دونه من الأصنام والأنداد هو الباطل الذي لا ينفع ولا يضرُّ، وأن الله هو العليُّ على خلقه ذاتاً وقَدْراً وقهراً، المتعالي عن الأشباه والأنداد، الكبير في ذاته، وأسمائه،

{ ذَلِكَ} صاحب الحكم والأحكام{ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} أي:الثابت، الذي لا يزال ولا يزول، الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء، كامل الأسماء والصفات، صادق الوعد، الذي وعده حق ولقاؤه حق، ودينه حق، وعبادته هي الحق، النافعة الباقية على الدوام.

{ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} من الأصنام والأنداد، من الحيوانات والجمادات،{ هُوَ الْبَاطِلُ} الذي، هو باطل في نفسه، وعبادته باطلة، لأنها متعلقة بمضمحل فان، فتبطل تبعا لغايتها ومقصودها،{ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} العلي في ذاته، فهو عال على جميع المخلوقات وفي قدره، فهو كامل الصفات، وفي قهره لجميع المخلوقات، الكبير في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه، أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، ومن كبريائه، أن كرسيه وسع السماوات والأرض، ومن عظمته وكبريائه، أن نواصي العباد بيده، فلا يتصرفون إلا بمشيئته، ولا يتحركون ويسكنون إلا بإرادته.

وحقيقة الكبرياء التي لا يعلمها إلا هو، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، أنها كل صفة كمال وجلال وكبرياء وعظمة، فهي ثابتة له، وله من تلك الصفة أجلها وأكملها، ومن كبريائه، أن العبادات كلها، الصادرة من أهل السماوات والأرض، كلها المقصود منها، تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعارا للعبادات الكبار، كالصلاة وغيرها.

وقوله- سبحانه-: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ..

بيان لحقيته- عز وجل- للعبادة والطاعة والخضوع التام.

واسم الإشارة يعود إلى ما وصف به نفسه قبل ذلك من صفات القدرة الباهرة والعلم التام.

أى: ذلك الذي تراه- أيها العاقل- في هذا الكون من مخلوقات، ومن نصر للمظلوم، ومن إدخال الليل في النهار وإدخال النهار في الليل، سببه أن الله- تعالى- هو الإله الحق الذي يجب أن تعنو له الوجوه. وأن ما عداه من معبودات آلهة باطلة ما أنزل الله بها من سلطان.

وَأَنَّ اللَّهَ- تعالى- وحده هُوَ الْعَلِيُّ أى: العالي على جميع الكائنات بقدرته، وكل شيء دونه الْكَبِيرُ أى: العظيم الذي لا يدانيه في عظمته أحد.

فأنت ترى أن هذه الآيات الكريمة، قد وصفت الله- تعالى- بما هو أهل له من صفات الجلال والكمال.

ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك ما يدل على سعة فضله ورحمته بعباده فقال:

ولما بين أنه المتصرف في الوجود ، الحاكم الذي لا معقب لحكمه ، قال : ( ذلك بأن الله هو الحق ) أي : الإله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له; لأنه ذو السلطان العظيم ، الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وكل شيء فقير إليه ، ذليل لديه ، ( وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ) أي : من الأصنام والأنداد والأوثان ، وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل; لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا .

وقوله : ( وأن الله هو العلي الكبير ) ، كما قال : ( وهو العلي العظيم ) [ البقرة : 255 ] ، وقال : ( الكبير المتعال ) [ الرعد : 9 ] فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته ، لا إله إلا هو ، ولا رب سواه; لأنه العظيم الذي لا أعظم منه ، العلي الذي لا أعلى منه ، الكبير الذي لا أكبر منه ، تعالى وتقدس وتنزه ، وعز وجل عما يقول الظالمون [ المعتدون ] علوا كبيرا .

يعني تعالى ذكره بقوله (ذلكَ) هذا الفعل الذي فعلت من إيلاجي الليل في النهار، وإيلاجي النهار في الليل، لأني أنا الحقّ الذي لا مثل لي ولا شريك ولا ندّ, وأن الذي يدعوه هؤلاء المشركون إلها من دونه هو الباطل الذي لا يقدر على صنعة شيء, بل هو المصنوع، يقول لهم تعالى ذكره: أفتتركون أيها الجهال عبادة من منه النفع وبيده الضر وهو القادر على كل شيء وكلّ شيء دونه, وتعبدون الباطل الذي لا تنفعكم عبادته. وقوله: ( وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) يعني بقوله: (العَلِي) ذو العلو على كل شيء, هو فوق كل شيء وكل شيء دونه.(الكَبِيرُ) يعني العظيم, الذي كل شيء دونه ولا شيء أعظم منه.

وكان ابن جُرَيج يقول في قوله: ( وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) ما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, قال: قال ابن جُرَيج, في قوله: ( وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) قال: الشيطان.

واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ) فقرأته عامة قرّاء العراق والحجاز: " تَدْعُون " بالتاء على وجه الخطاب; وقرأته عامة قرّاء العراق غير عاصم بالياء على وجه الخبر, والياء أعجب القراءتين إليّ, لأن ابتداء الخبر على وجه الخطاب.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[62] كل دعوة تقام لجمع الكلمة وهي على غير منهج الله فهي باطلة ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾.
وقفة
[62] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ﴾ من العلي؟! قال ابن القيم: «العلي الذي علا عن كل عيب وسوء ونقص».
وقفة
[62] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ﴾ أوجز ابن القيم اسم العلي بمعانيه الثلاثة: «من لوازم اسم العلي: العلو المطلق بكل اعتبار، فله العلي المطلق من جميع الوجوه: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات».
وقفة
[62] ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ ومن كبريائه: أن العبادات كلها الصادرة من أهل السماوات والأرض؛ كلها المقصود منها تكبيره وتعظيمه وإجلاله وإكرامه؛ ولهذا كان التكبير شعارًا للعبادات الكبار؛ كالصلاة وغيرها.

الإعراب :

  • ﴿ ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ:
  • تعرب اعراب ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ» الواردة في الآية الكريمة السابقة. هو: ضمير فصل أو عماد لا محل له. الحق: خبر «أنّ» مرفوع بالضمة. ويجوز أن يكون «هو» ضمير رفع منفصلا في محل رفع مبتدأ. و «الحق» خبره. والجملة الاسمية هُوَ الْحَقُّ» في محل رفع خبر أنّ.
  • ﴿ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ:
  • الواو: عاطفة. أنّ: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «أنّ» يدعون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يدعون» صلة الموصول لا محل لها من الاعراب. والعائد ضمير منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير: ما يدعونه. أي ما يعبدونه.
  • ﴿ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ:
  • جار ومجرور متعلق بيدعون أو بحال محذوفة من «ما» والهاء ضمير متصل في محل جر بالاضافة. هو الباطل: أعربت.
  • ﴿ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ:
  • تعرب إعراب «أن الله هو الحق» الكبير: صفة-نعت-للعلي. أو خبر ثان لأنّ مرفوع مثله بالضمة.'

المتشابهات :

الحج: 6﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
الحج: 62﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ
لقمان: 30﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [62] لما قبلها :     ولَمَّا وصَفَ اللهُ نفْسَه بما ليس لغيرِه؛ دلَّ ذلك على أنه هو الإله الحق، قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

وأن ما:
1- بفتح الهمزة، وهى قراءة الجمهور.
وقرئ:
2- بكسرها، وهى قراءة الحسن.
يدعون:
1- بياء الغيبة، مبنيا للفاعل، وهى قراءة أبى عمرو، وحفص.
وقرئ:
2- بتاء الخطاب، مبنيا للفاعل، وهى قراءة باقى السبعة.
3- يدعون، بالياء، مبنيا للمفعول، وهى قراءة مجاهد، وموسى.

مدارسة الآية : [63] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ ..

التفسير :

[63] ألم ترَ -أيها الرسول- أن الله أنزل من السماء مطراً، فتصبح الأرض مخضرة بما ينبت فيها من النبات؟ إن الله لطيف بعباده باستخراج النبات من الأرض بذلك الماء، خبير بمصالحهم.

هذا حث منه تعالى، وترغيب في النظر بآياته الدالات على وحدانيته، وكماله فقال:{ أَلَمْ تَرَ} أي:ألم تشاهد ببصرك وبصيرتك{ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} وهو:المطر، فينزل على أرض خاشعة مجدبة، قد أغبرت أرجاؤها، ويبس ما فيها، من شجر ونبات، فتصبح مخضرة قد اكتست من كل زوج كريم، وصار لها بذلك منظر بهيج، إن الذي أحياها بعد موتها وهمودها لمحيي الموتى بعد أن كانوا رميما.

{ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} اللطيف الذي يدرك بواطن الأشياء، وخفياتها، وسرائرها، الذي يسوق إلى عبده الخير، ويدفع عنه الشر بطرق لطيفة تخفى على العباد، ومن لطفه، أنه يري عبده، عزته في انتقامه وكمال اقتداره، ثم يظهر لطفه بعد أن أشرف العبد على الهلاك، ومن لطفه، أنه يعلم مواقع القطر من الأرض، وبذور الأرض في باطنها، فيسوق ذلك الماء إلى ذلك البذر، الذي خفي على علم الخلائق فينبت منه أنواع النبات،{ خَبِيرٌ} بسرائر الأمور، وخبايا الصدور، وخفايا الأمور.

والاستفهام في قوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً..

للتقرير.

وقوله: مُخْضَرَّةً أى: ذات خضرة بسبب النبات الذي ينبته الله فيها بعد نزول المطر عليها.

والمعنى: لقد رأيت ببصرك وعلمت ببصيرتك أيها المخاطب أن الله- تعالى- قد أنزل من السماء ماء، فتصير الأرض بسببه ذات خضرة، وفي ذلك أعظم الأدلة على كمال قدرته، وعظيم رحمته بعباده.

وقال- سبحانه- فَتُصْبِحُ بصيغة المضارع، لاستحضار صورة الاخضرار، الذي اتصفت به الأرض بعد نزول المطر عليها، وصيغة الماضي لا تفيد دوام استحضارها، لأن الفعل الماضي يفيد انقطاع الشيء.

ولم ينصب هذا الفعل المضارع في جواب الاستفهام، لأن الاستفهام تقريرى فهو في معنى الخبر، والخبر لا جواب له، فكأنه قيل: لقد رأيت، ولأن السببية هنا غير متحققة، إذ الرؤية لا يتسبب عنها اخضرار الأرض، وإنما اخضرارها يكون بسبب نزول المطر.

وقد أشار صاحب الكشاف إلى ذلك فقال: فإن قلت: هلا قيل: فأصبحت؟ ولم صرف إلى لفظ المضارع؟.

قلت: لنكتة فيه وهي إفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان، كما تقول: أنعم علىّ فلان عام كذا، فأروح وأغدو شاكرا له. ولو قلت: فرحت وغدوت لم يقع ذلك الموقع. فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابا للاستفهام؟.

قلت: لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض، لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفى الاخضرار. مثاله أن تقول لصاحبك ألم تر أنى أنعمت عليك فتشكر. إن نصبته فأنت ناف لشكره. شاك تفريطه فيه، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإعراب وتوقير أهله. .

وقال بعض العلماء ما ملخصه: فإن قيل: كيف قال فتصبح مع أن اخضرار الأرض قد يتأخر عن صبيحة المطر.

فالجواب: أن تصبح هنا بمعنى تصير، والعرب تقول: فلان أصبح غنيا، أى: صار غنيا، أو أن الفاء للتعقيب، وتعقيب كل شيء بحسبه، كقوله- تعالى-: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً ... مع أن بين كل شيئين أربعين يوما، كما جاء في الحديث الصحيح.. .

ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ أى: إن الله- تعالى- لطيف بعباده.

ومن مظاهر لطفه بهم، إنزاله المطر على الأرض للانتفاع بما تنبته من كل زوج بهيج، وهو- تعالى- خبير بأحوال عباده، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة من هذه الأحوال.

وهذا أيضا من الدلالة على قدرته وعظيم سلطانه ، فإنه يرسل الرياح ، فتثير سحابا ، فيمطر على الأرض الجرز التي لا نبات فيها ، وهي هامدة يابسة سوداء قحلة ، ( فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ) [ الحج : 5 ] .

وقوله : ( فتصبح الأرض مخضرة ) ، الفاء هاهنا للتعقيب ، وتعقيب كل شيء بحسبه ، كما قال : ( خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما ) [ المؤمنون : 14 ] ، وقد ثبت في الصحيحين : " أن بين كل شيئين أربعين يوما " ومع هذا هو معقب بالفاء ، وهكذا هاهنا قال : ( فتصبح الأرض مخضرة ) أي : خضراء بعد يبسها ومحولها .

وقد ذكر عن بعض أهل الحجاز : أنها تصبح عقب المطر خضراء ، فالله أعلم .

وقوله : ( إن الله لطيف خبير ) أي : عليم بما في أرجاء الأرض وأقطارها وأجزائها من الحب وإن صغر ، لا يخفى عليه خافية ، فيوصل إلى كل منه قسطه من الماء فينبته به ، كما قال لقمان : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ) [ لقمان : 16 ] ، وقال : ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ) [ النمل : 25 ] ، وقال تعالى : ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) [ الأنعام : 59 ] ، وقال ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ) الآية [ يونس : 61 ] ; ولهذا قال أمية بن [ أبي ] الصلت أو : زيد بن عمرو بن نفيل في قصيدته :

وقولا له : من ينبت الحب في الثرى فيصبح منه البقل يهتز رابيا؟ ويخرج منه حبه في رءوسه

ففي ذاك آيات لمن كان واعيا

يقول تعالى ذكره: ( أَلَمْ تَرَ ) يا محمد ( أَنَّ اللَّهَ أَنـزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) يعني مطرا( فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً ) بما ينبت فيها من النبات ( إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ ) باستخراج النبات من الأرض بذلك الماء وغير ذلك من ابتداع ما شاء أن يبتدعه (خَبِيرٌ) بما يحدث عن ذلك النبت من الحبّ، وبه قال: ( فَتُصْبِحُ الأرْضُ ) فرفع, وقد تقدمه قوله: ( أَلَمْ تَرَ ) وإنما قيل ذلك كذلك لأن معنى الكلام الخبر, كأنه قيل: اعلم يا محمد أن الله ينـزل من السماء ماء فتصبح الأرض; ونظير ذلك قول الشاعر:

أَلَــمْ تَسْـأَلِ الـرّبْعَ القَـدِيمَ فيَنْطِـقُ

وهـلْ تُخْـبِرَنْكَ اليـوْمَ بَيْـداءُ سَمْلَقُ (1)

لأن معناه: قد سألته فنطق.

------------------------

الهوامش:

(1) البيت مطلع قصيدة لجميل بن معمر العذري ( خزانة الأدب الكبرى للبغدادي 3 : 602 ) وهو شاهد عند النحاة ، على أن ما بعد الفاء قد يبقى على رفعه قليلا ، وهو مستأنف . قال : وأنشد سيبويه هذا البيت وقال : لم يجعل الأول سبب الآخر ، ولكنه جعله ينطلق على كل حال ، كأنه قال : وهو مما ينطق . وقال أبو جعفر النحاس : عن أبي إسحاق ، قال : إنه تقرير ، معناه إنك سألته ، فيقبح النصب . قلت : أي لأن الاستفهام قبله ليس محضا ، وإنما هو للتقرير ، فيشبه الخبر ، وهو نحو ما قال المؤلف : معناه : قد سألته فنطق . ورواية البيت في الخزانة : " القواء " في موضع القديم ، وهو الذي خلا ممن يسكنه . ورفع الفعل ينطق نظير الفعل تصبح في قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ) .

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

اسقاط
[63] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ ألا تفتح عينك؟ ألا تقلب ناظريك؟ هذه دلائل القدرة حاضرة بين يديك، فمتى الرجوع إلى رحاب ربك هاتفًا: «لبيك لبيك»؟!
وقفة
[63] ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ الاستفهام للتقرير كما قاله الخليل وسيبويه، قال الخليل: «المعنى ألم تعلم أنه أنزل من السماء مطرًا فكان كذا وكذا».
لمسة
[63] ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ سيق خبر الإنزال بالماضي؛ لأن الإنزال هو أمر متقرر ماضي لا يدعى جهله ولا يتبدل ولا يتغير.
وقفة
[63] ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ بقدرة الله: ريشة بلا لون تلون مساحات هائلة من جغرافية الكون.
وقفة
[63] ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ ماء السماء يحيي الأرض بعد موتها، وماء الوحي يحيي القلوب بعد موتها، فمن أحيا الأرض المجدبة، فلا تستبعد أن يحيي القلوب الميتة.
وقفة
[63] ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ كذلك أنزل القرآن حياة القلوب، فمن أحسن تهيئة قلبه؛ أخرج منه حدائق ذات بهجة.
وقفة
[63] ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ وكذلك أثر القرآن على القلب يصاحبه صلاح للأعمال.
لمسة
[63] ﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ عبَّر عن مصير الأرض بالمضارع؛ لأنه قصد بذلك استحضار تلك الصورة العجيبة الحسنة، ولإفادة بقاء أثر إنزال المطر زمانًا بعد زمان.
وقفة
[63] ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ مخاوفك تبددها هذه الآية.

الإعراب :

  • ﴿ أَلَمْ تَرَ:
  • الألف ألف تقرير وتنبيه بلفظ‍ استفهام. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره حرف العلة. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب. وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا جوازا تقديره: هو. ومعنى الاستفهام التقريري: اعلم والجملة المؤولة بهذا المعنى على الحكاية والرواية في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف بتقدير: القول اعلم أن الله ينزل الماء من السماء.
  • ﴿ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ:
  • أنّ: وما بعدها: بتأويل مصدر سدّ مسدّ مفعولي «تر» أنّ:حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «أنّ» منصوب للتعظيم بالفتحة. أنزل: فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وجملة «أنزل» في محل رفع خبر «أنّ».
  • ﴿ مِنَ السَّماءِ ماءً:
  • جار ومجرور متعلق بأنزل. ماء: مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى ينزل من السماء ماء.
  • ﴿ فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً:
  • الفاء عاطفة والفعل المضارع بعدها معطوف على «أنزل» الذي بمعنى «ينزل» أو تكون الفاء استئنافية. والجملة الفعلية بعدها في محل رفع خبر مبتدأ محذوف بتقدير فنتيجة ذلك تصبح الأرض مخضرة. تصبح: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة. الأرض: اسمها مرفوع بالضمة الظاهرة. مخضرة: خبر «تصبح» منصوب بالفتحة.بمعنى: مخضرة بالنبات. ولم يقل فأصبحت لمسألة دقيقة وهي افادة اثبات الاخضرار نتيجة بقاء أثر المطر حينا بعد حين.
  • ﴿ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ:
  • أعربت. لطيف خبير: خبران بالتتابع لأنّ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة'

المتشابهات :

الحج: 63﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
فاطر: 27﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا
الزمر: 21﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [63] لما قبلها :     2- نزول المطَرِ وإنبات الأرضِ، قال تعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

مدارسة الآية : [64] :الحج     المصدر: موسوعة الحفظ الميسر

﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا ..

التفسير :

[64] لله سبحانه وتعالى ما في السموات والأرض خلقاً وملكاً وعبودية، كلٌّ محتاج إلى تدبيره وإفضاله. وإن الله لهو الغني الذي لا يحتاج إلى شيء، المحمود في كل حال.

{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وما في الْأَرْضِ} خلقا وعبيدا، يتصرف فيهم بملكه وحكمته وكمال اقتداره، ليس لأحد غيره من الأمر شيء.

{ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ} بذاته الذي له الغنى المطلق التام، من جميع الوجوه، ومن غناه، أنه لا يحتاج إلى أحد من خلقه، ولا يواليهم من ذلة، ولا يتكثر بهم من قلة، ومن غناه، أنه ما اتخذ صاحبة ولا ولدا، ومن غناه، أنه صمد، لا يأكل ولا يشرب، ولا يحتاج إلى ما يحتاج إليه الخلق بوجه من الوجوه، فهو يطعم ولا يطعم، ومن غناه، أن الخلق كلهم مفتقرون إليه، في إيجادهم، وإعدادهم وإمدادهم، وفي دينهم ودنياهم، ومن غناه، أنه لو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض، الأحياء منهم والأموات، في صعيد واحد، فسأل كل منهم ما بلغت أمنيته، فأعطاهم فوق أمانيهم، ما نقص ذلك من ملكه شيء، ومن غناه، أن يده سحاء بالخير والبركات، الليل والنهار، لم يزل إفضاله على الأنفاس، ومن غناه وكرمه، ما أودعه في دار كرامته، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.{ الْحَمِيدِ} أي:المحمود في ذاته، وفي أسمائه، لكونها حسنى، وفي صفاته، لكونها كلها صفات كمال، وفي أفعاله، لكونها دائرة بين العدل والإحسان والرحمة والحكمة وفي شرعه، لكونه لا يأمر إلا بما فيه مصلحة خالصة أو راجحة، ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة خالصة أو راجحة، الذي له الحمد، الذي يملأ ما في السماوات والأرض، وما بينهما، وما شاء بعدها، الذي لا يحصي العباد ثناء على حمده، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده، وهو المحمود على توفيق من يوفقه، وخذلان من يخذله، وهو الغني في حمده، الحميد في غناه.

فإنه- سبحانه- لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ خلقا وملكا وتصرفا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ عن كل ما سواه الْحَمِيدُ أى: المستوجب للحمد من كل خلقه.

وقوله " له ما في السموات وما في الأرض " أي ملكه جميع الأشياء وهو غني عما سواه وكل شيء فقير إليه عبد لديه.

يقول تعالى ذكره: له مُلك ما في السموات وما في الأرض من شيء هم عبيده ومماليكه وخلقه, لا شريك له في ذلك، ولا في شيء منه, وإن الله هو الغنيّ عن كل ما في السموات وما في الأرض من خلقه وهم المحتاجون إليه, الحميد عند عباده في إفضاله عليهم وأياديه عندهم.

المعاني :

لم يذكر المصنف هنا شيء

التدبر :

وقفة
[64] ﴿الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ الحميد: هو المحمود عند غيره ، فهو محمود لأن غناه عائد على خلقه، وهذا بخلاف الغني الذي يقتصر غناه على نفسه، ولا ينتفع منه الناس، فهذا غنيٌّ مكروهٌ من الناس.
وقفة
[64] ﴿الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ أحب ربي الحميد، وفي الحديث: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنِى هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِى هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [أبو داود 4023، وحسنه الألباني].
لمسة
[64] ﴿الْحَمِيدُ﴾ هو المحمود في غِناه، فأحيانًا يكون الشخص محمودًا في فقره ولا يُحمَد في غناه، لأنه قد يتغير، وكثير من الناس تغيروا لما صاروا أصحاب أموال، أما الله سبحانه وتعالى فهو المحمود في غناه وفي كل شيء، ولذلك كثيرًا ما يجمع الغني والحميد في القرآن.
عمل
[62-64] تعبّد لله بأسمائه الحسنى الواردة في هذا الوجه: ﴿وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير﴾، ﴿وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.

الإعراب :

  • ﴿ لَهُ ما فِي السَّماواتِ:
  • له: جار ومجرور للتعظيم في محل رفع خبر مقدم. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات: جار ومجرور متعلق بمضمر تقديره: ما استقر أو ما هو مستقر في السموات. وجملة «ما استقر في السماوات» صلة الموصول لا محل لها.
  • ﴿ وَما فِي الْأَرْضِ:
  • معطوفة بالواو على ما فِي السَّماواتِ» وتعرب إعرابها.
  • ﴿ وَإِنَّ اللهَ:
  • الواو استئنافية. ان: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ‍ الجلالة: اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة.
  • ﴿ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ:
  • الجملة الاسمية: في محل رفع خبر «إنّ» اللام: لام التوكيد-المزحلقة-هو: ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. الغني: خبر «هو» مرفوع بالضمة. الحميد: صفة-نعت-للغني أو خبر ثان لأنّ مرفوع بالضمة أيضا.'

المتشابهات :

لم يذكر المصنف هنا شيء

أسباب النزول :

لم يذكر المصنف هنا شيء

الترابط والتناسب :

مُناسبة الآية [64] لما قبلها :     3- له ما في السماوات وما في الأرض خلقًا ومِلكًا وتصرفًا، قال تعالى:
﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

القراءات :

جاري إعداد الملف الصوتي

لم يذكر المصنف هنا شيء

البحث بالسورة

البحث في المصحف